اذهب إلى المحتوى

أحمد الخطيب

الأعضاء
  • المساهمات

    24
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

  • عدد الأيام التي تصدر بها

    6

كل منشورات العضو أحمد الخطيب

  1. يبدو أنَّ واحدة من بين كل ثلاث شركات ناشئة تستخدم الآن نموذج العمل المجَّاني جزئيًا «Freemium»؛ إذ يكون مستوى الخدمة الأدنى مجانيًّا، ويكون المشروع مُصمَّمًا ليجذب أولئك المستخدمين لكي ينتقلوا بعد ذلك إلى خطة استخدام مدفوعة. يمكن أن تنجح على نحوٍ رائع بالطبع، ولكنَّها عادةً ما يُحطِّم هذا الأمر الشركات ويُدمِّرها، ليس فقط لأنّها تُكلِّف أكثر من المُتوقَّع، ولكن لأنَّ المؤسِّسين لم يُدرِكوا أنّ نموذج العمل نفسه يجعلهم يتَّخِذون قرارات خاطئة. نقاط ضعف نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا لنتخلَّص من بعض الأفكار الخاطئة عمَّا يُقدِّمه لك نموذج العمل المجّاني جزئيًّا فعلًا وكَم يُكلِّف. 1- نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا لا يسمح لك بالتّعرف على الزّبائن الذين يجب استهدافهم تخيَّل فقط كَم ستتعلَّم عندما يكون لديك ألف مستخدم حقيقي نَشِط لمنتجك؛ كل شيء بدءًا من الإحصاءات السلوكيَّة (ما السِمات التي تُستَخدَم فعلًا؟) إلى التطوير الديمقراطي للمُنتَج (التصويت على السِمات التي قد يُحبّ المستخدِمون أن يجدوها بعد ذلك). المُشكِلة أنَّ مستخدمي نموذج العمل المجَّاني جزئيًا هؤلاء ليسوا كأولئك الَّذين سيدفعون لك فعلًا. فالسِمات التي يريدها العُملاء الدافعون لا تظهر كثيرًا على رادار المُستخدمين المجّانيين. فكِّر في الأمر، لن ينتقل أيٌ من المُستخدمين المجَّانيين حتى إلى أرخص الاشتراكات لديك. إذا بدأتَ فجأة في تقاضي دولار واحد فقط شهريًا مقابل خدمتك فلن يستجيب معظمهم. لماذا؟ لأن حاجة المستخدِم النهائي ومستوى اهتمامه والقيمة التي يحصل عليها ليست مُلحِّة بما يكفي لدفع مبلغٍ ولو كان صغيرًا. أمَّا أولئك الذين يدفعون 10 دولارات شهريًا أو 100 دولار فستجد بأن لديهم احتياجات فعلية. مشكلتك أنَّ عدد المستخدمين المجَّانيين يفوق العُملاء دافعي المال بنسبة 100 إلى 1، وهكذا تغرق أصوات أولئك الّذين يهمُّونك في منتديات التغذية الراجعة. 2- معدل التحويل من نموذج العمل المجَّاني جزئيًا يرفع تكلفة التّسويق بشكل كبير إنَّ 4% معدلٌ جيدٌ جدًا للتحويل من المجَّاني إلى المدفوع، كما حدث مع Dropbox، وهو أمرٌ رائع بالنسبة إليهم، ولكن المُعدَّلات التي تعرفها أغلب الشّركات هي 1% تقريبًا، وهذا في حالة ما إذا كان المستخدِمون نشطاء إلى حدٍ معقول. أجريتُ مَسحًا لبعضٍ من الشركات الناشئة الصغيرة التي لا تستخدم نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا، ووجدت بأنها تعرف في المتوسّط مُعدَّل تحوُّل 1% من زيارات الموقع الإلكتروني إلى عمليات شراء (حقيقيّة وليست مجَّانيّة). [لدى Andy Brice المزيد من البيانات التي تؤيِّد هذا الافتراض البسيط]. وحتى ولو افترضت حصولك على نسبة تحويل أعلى على موقعك (يعني ستحصل على نسبة أعلى من 1 بالمئة من الزيارات التي سينتج عنها تسجيل حساب fremium على موقعك)، فإن نسبة قليلة منهم فقط ستقوم بالانتقال إلى اشتراكات مدفوعة؛ ممَّا يعني أن مُعدَّل تحويل زوَّار الموقع الإلكتروني إلى مالٍ فعليٍ أسوأ من بقية الشركات الناشئة بعشرين إلى مائة ضعف. ممَّا يعني أنَّها تُكلِّف أكثر بعشرين إلى مائة ضِعف للإنفاق على الحملات التسويقيِّة لتحقيق نفس العوائد. وعليه فإنه لا يُمكنك بأي حال الاعتماد على الإعلانات المدفوعة وكل أشكال التسويق الأخرى تقريبًا لدفع النمو في مشروع يعتمد على Fremium، إلَّا إذا كنتَ مستعِدَّا لتحمُّل خسائر كبيرة لدفع عجلة المشروع. كما يعني بالضرورة أنَّ عليكَ أن تصنع مُنتَجًا ينتشر بشكل فيروسي لأنَّك لا تستطيع تحمُّل تكاليف التّسويق له. من الصعب جدًا بناء مُنتج ينتشر انتشارًا فيروسيا (معظم الشركات التي تحاول فعل ذلك ستفشل) وحتَّى إن فعلتَ فسيكون عليك القيام بالأمر منذ البداية، فستواجه مشكلة تكاليف التسويق. كما حصلت الشركات القليلة التي استفادت من الأمور بوضوح على تمويلات بالملايين لتخطِّي هذه المرحلة الصعبة جزئيًّا. 3- الدعم الفني بنموذج العمل المجَّاني جزئيًّا مُكلِّف من السهل أن تقول «سنُوجِّه الجميع إلى منتديات الدّعم الفنّي» ولكن عندما يرسل الناس بريدًا إلكترونيًا لقسم الدعم الفنّي، فهم يرغبون في تلقِّي رد. من السهل أن تقول «لن نُقدِّم دعمًا فنّيًا للمستوى المجَّاني، سيتفهَّمون الأمر بما أنَّه مجَّانيٌ» ولكن إذا تجاهلتَهم بالفعل ستكون تجربتهم مع أداتك أقل نجاحًا، ممَّا يعني وجود فرصةٍ أقل كثيرًا لتحويلهم، ولنشر مُنتَجك بين أصدقائهم وزملائهم. من السهل أن تقول «سنُقدِّم درجةً أقل من الدعم للمستوى المجَّاني» ولكن يعني ذلك أنَّه يجب إضافة كل رسالة بريدية لقسم الدعم الفني، وكل محادثة، وكل مكالمة هاتفيَّة إلى أحد الحسابات، وهكذا تُهدِر وقتك في معرفة أي مستوى من الدعم «يستحقه» ذلك الشخص. هل أنت مستعدٌ للتعامل مع من يقولون «إذا ساعدتَني في هذا الأمر ونجحتَ سأدفع لك»؟ هل أنت قويٌ بما يكفي لغلق الباب في وجوههم حتى عند معرفتك بأنَّهم في الحقيقة لن يدفعوا على الأرجح؟ إذا كنتَ مُهتمًّا بالدعم الجيِّد -أحد المزايا التنافسيّة الحقيقيّة القليلة التي يمكن لشركةٍ ناشئة صغيرة التمتُّع بها- هل يمكنك الفصل حقًّا بين مّن يُعامَلون مُعامَلةً جيِّدةً ومَن يُعامَلون بجفاء؟ هل ستُدير ظهرك حقًّا للفوائد التي يحقِّقها الدعم الفنّي الرائع؟ هل سيساعد ذلك على تحويل الحسابات المجَّانية إلى حسابات مدفوعة؟ هل سيفيد ذلك سمعة شركتك؟ مزايا نموذج العمل المجّاني جزئيًّا من الواضح أن نموذج العمل المجَّاني جزئيًّا له فوائد هامة لا يمكن إنكارها مثل: 1- سهولة الارتقاء بالصّفقة upsell إنّهم يستخدمون مُنتَجَك بالفعل، فهناك العديد من الطرق ليبدأ الشخص بدفع المال، سواء من خلال عرض خاص، أو تغيير نظام الدفع، أو تجاوز المُستخدِم لحدود مستوى خدمته. وهذا أمرٌ لا يستطيع توفيره سوى القليل من نماذج العمل الأخرى. 2- إحصاءات للمبيعات إذا استطعتَ أن تقول «انضمَّ إلى 1000 مستخدم سعيد» على الصفحة الرئيسية سيكون ذلك تسويقًا مذهلًا، فهو دليل اجتماعي، تمامًا كعدَّاد RSS في جانبٍ من المُدوَّنة الَّذي يقول ضمنيًا «إذا كان هناك 40 ألف شخص آخر يعتقدون أنَّها تستحقُّ الوقت الذي يمضونه في قراءتها كل أسبوع، فربَّما تستحقّ وقتكَ أيضًا». كما أنّها مفيدة عند محاولة الحصول على عُملاء أكثر لأنَّها تُثبت أنَّ نظامك قابل للتوسُّع، من حيث التكنولوجيا وتدريب المستخدمين الجُدُد بأقلِّ مجهود. 3- سهولة البدء إنَّ «التجربة المجَّانية لثلاثين يومًا» أو «ضمان استرداد الأموال» حاجزٌ أكبر كثيرًا من «مجَّانًا». فجَعل زائر الموقع الإلكتروني يتوقَّف عن البحث ويبدأ في استخدام المُنتَج خطوة حاسمة في أي عملية اكتساب عُملاء؛ إذ تكون كذلك قد خفَّضتَ هذا الحاجز بقدر الإمكان. 4- عدم استخدام البرامج المُنافسة قد يظلُّ هناك منافسون، ولكنَّك، على الأقلَّ، ستمتلك حصانًا مُشارِكًا في السباق. فكلَّما ازداد مستخدموكَ واحدًا، قَلَّ مستخدموهم. إذًا ففي مواجهة تلك الإيجابيَّات والسلبيّات، كيف تُقرِّر ما إذا كان هذا النموذج مناسبًا لك أم لا، وإذا كان مناسبًا، فكيف تحصد الفوائد بينما تحد من التكاليف؟ إسناد إدارة الجوانب المُتعلقة بـ fremium لقسم التسويق يتضِّح أمر في نقاط المزايا السابقة؛ وهو أنَّ الأمر كلُّه يتعلَّق بالتسويق؛ من جذب للعملاء المُحتَمَلين، وتقليل الحواجز أمام التحويل، والميزة التنافٌسية. أعِد ترتيب توقُّعاتك من نموذج العمل المجّاني جُزئيًّا؛ فهو أداة تسويقية. إنَّه أكثر تكلفةً ممَّا تعتقد، ولكنَّه قد يكون أفضل استراتيجيّة تسويقيّة مُتاحة. إذًا كيف تُقرِّر ما إذا كانت تلك التكاليف تستحقّ الفوائد الناتجة أم لا؟ الأسلوب الذي أعتمده هو «إسناد الأمر إلى قسم التسويق» تمامًا مثلما هو عليه الحال مع حملات AdWords أو أي حملة أخرى لجذب العُملاء المُحتَمَلين؛ بقياس التكلفة الإجمالية لاكتساب عُملاء جُدُد دافِعين. الاستنتاج: لديكَ نظريةً تقول بأنّك بإنفاق الأموال من أجل دعم هؤلاء المُستَخدِمين المجّانيين، فأنت في الحقيقة تبني مسارًا فعَّالًا نحو الحصول على عُملاء دافعين حقيقيِّين. يمكن تحقيق هذا الهدف -العوائد- بطرقٍ أخرى: مثل AdWords أو التّسويق بالمُحتوى أو أي تقنية تسويقيّة أخرى. فيجب على قسم التسويق، كأيِّ حملة تسويقيَّة أخرى، أن يدفع، ويقيس النتائج، ويقارن عوائد الاستثمار في مقابل الطُرُق الأخرى. (والتأكُّد من أنّ التكلفة أقل كثيرًا من العوائد الإجمالية، وهي المعادلة التي تفشل معظم الشركات الناشئة في تحقيقها؛ لأنَّهم لا يفكِّرون بصدقٍ في التكلفة الإجمالية للحصول على عميل واحد). كيف تُقرِّر كَم سيدفع قسم التسويق؟ فلنفترض أنَّك تتقاضى حقًا مالًا من أولئك العُملاء، ولكنَّك ترغب فقط في استرداد التكاليف وليس جني الأرباح. قيمة هذه التّكاليف (ناقص الأرباح) هو ما يجب أن يدفع ثمنه أولئك المستخدمون ، إذًا فهذا هو القَدْر الذي يحتاج إليه قسم التسويق أن "يدفعه”. ليس لديك عُذر لعدم قياس التكلفة للمستخدِم الواحد، فيجب عليك أن تدير هذا البرنامج المجَّاني جزئيًا وأنت تعرف التكاليف على نحوٍ دقيق ومقارنتها بأشكال أخرى للتسويق. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Reframing the problems with “Freemium” by charging the marketing department لصاحبه Jason Cohen حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ freepik
  2. فيما يلي مقتطف من كتاب لـ Noam Wasserman، الأستاذ بكلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، بعنوان The Founder's Dilemmas: Anticipating and Avoiding the Pitfalls That Can Sink a Startup. وهو واحد من سلالة نادرة من أساتذة إدارة الأعمال؛ فهو يدرس ريادة الأعمال باستخدام منهج تجريبي شديد الدقة. يستغل الكتاب تحليل Noam لبيانات 10,000 مؤسس، بالإضافة إلى القصص الشخصية لـEvan Williams أحد مؤسّسي تويتر، وTim Westergren مؤسّس راديو Pandora، وأكثر من عشرين مؤسّس آخرين. ألقِ نظرة على هذا المخطط، وهو أحد المفضلين لدي في الكتاب، لترى مثالا عن المعرفة التي تتيحها تلك البيانات: يطلق Noam على هذا المخطط المفاضلة بين أن يكون المرء غنيا أو يكون ملكا؛ وهو اكتشاف بارز. يجني المؤسسون الذين يحتفظون بسلطة أكبر على شركاتهم قدرا أقل من المال في المتوسط. تثير هذه النتائج أسئلة أكثر مما تجيب، مثل أي نتيجة مستندة إلى بيانات؛ فمعظم رواد الأعمال يعرفون على سبيل المثال أن أكثر رواد الأعمال نجاحا -من بيل جيتس إلى جيف بيزوس- أحكموا قبضتهم على شركاتهم، ونحن بالتالي نسعى إلى محاكاة منهجهم، ولكن بما يضرنا؛ لأننا غالبا ما نحاكي الأشياء الخاطئة. سيساعدنا امتلاك الحقائق الفعلية على طرح أسئلة أفضل، ليس من المفترض أن نسأل: «ما مقدار السلطة التي سعى بيل جيتس للحصول عليها؟» ولكن علينا بدلا من ذلك أن نسأل: «ما الأمر الاستثنائي في قراراته الذي أتاح له الهروب من المصير الأكثر شيوعا؟» كان من حُسن حظي أن تسنى لي قراءة نسخة من الكتاب حين كان مسودة؛ وأنا متحمس الآن لمشاركتكم جزء منه بعد أن صدرت النسخة النهائية. طُلب مني حينها كتابة تعليق رسمي على الكتاب، وكان هذا ما قلت: فيما يلي مستخلص حصري عما يعد خطرا شائعا فيما يتعلق بتقسيم حقوق المساهمين. وفقا لمجموعة بيانات Noam، يقسم 73% من الفرق المؤسسة حقوق المساهمين خلال شهر من التأسيس؛ وهو رقم مدهش بالنظر إلى الأمور المبهمة الكبيرة في بداية عمر أي شركة ناشئة. ويجعل معظمهم حقوق المساهمين ثابتة لا تقبل التغيير، إذ يفشلون في السماح بتعديلات مستقبلية على أسهم الملكية إذا حدثت تغييرات كبيرة داخل الفريق أو الشركة الناشئة. يحدد الكتاب بعد هذا المستخلص حلولا معينة تساعد المؤسسين على تجنب هذا الخطر. إن تقسيم حقوق المساهمين مبكرا أحد أكبر الأخطاء التي يمكن للمؤسسين ارتكابها. يميل المؤسسون المشاركون إلى التخطيط لأفضل ما يمكن أن يحدث، بسبب ثقتهم في شركتهم الناشئة وفي أنفسهم، وشغفهم بعملهم وبمهمتهم، ورغبتهم في عدم إفساد الديناميكية الهشة الموجودة في الفريق المؤسس الوليد. يفترضون أن معدلاتهم العالية المبكرة من الالتزام ستدوم طويلا في المستقبل، بدلا من أن تتضاءل عندما تبدأ تحديات التأسيس في إرهاق شغفهم بالفكرة وببعضهم البعض؛ ويفترضون أن الأحداث المعاكسة لن تغير من تركيب فريقهم. كما تتسم نظرتهم بقصر الأمد في العوامل التي يجب أن تكون مؤثرة في تقسيم حقوق المساهمين، يفترضون أن المهام التي يؤدونها خلال المرحلة الأولى من تنمية الشركة الناشئة هي ذاتها المهام التي ستؤدى خلال المراحل التالية، والتي تكون مختلفة للغاية. يفترضون أن مهاراتهم ستظل ذات قيمة للشركة الناشئة كما هي الآن؛ ويبالغون في تقدير القيمة التي سيبنونها في الأشهر الأولى مقارنة بالقيمة التي يأملون بناءها على مدار السنوات اللاحقة، ومن ثم يولون أهمية أكبر لإسهاماتهم الماضية مقارنة بالإسهامات المستقبلية المتطلبة منهم. يعطي كل مؤسس قيمة لإسهاماته الخاصة أكبر مما يعطيها لإسهامات المؤسسين المشاركين الآخرين، إذ يعرف تكلفة جهوده الخاصة ومداها بينما لا يمكنه أن يعرف تكلفة جهود الآخرين ومداها. ولكن مثل هذا المنهج -الذي يعد أفضل احتمالية- خطير؛ فالاحتمالات المبهمة تتزايد. يعرف المؤسسون على مستوى الشركة العيوب في خططهم الأولية ويعدلون إستراتيجية الشركة الناشئة وخطة العمل ونموذج العمل. يقول الأستاذ Scott Shane إن «حوالي نصف مؤسسي الشركات الجديدة (49,6%) أشاروا إلى أن أفكارهم عن العمل قد تغيرت منذ الوقت الذي حددوها فيه لأول مرة وحتى الوقت الذي سئلوا فيه عنها في مسح». يمكن لمثل هذه التعديلات إحداث تغييرات كبيرة في العقبات التي تواجهها الشركة الناشئة والمهارات اللازمة للتعامل مع تلك العقبات، ومن ثم في الأدوار التي سيضطر كل مؤسس (أو ربما مؤسس جديد أو شخص من غير المؤسسين) إلى لعبها في بناء الشركة الناشئة. أما على المستوى الفردي، فمع تغير الاستراتيجية ونموذج العمل، ستصبح مهارات بعض المؤسسين أكثر أهمية من مهارات البعض الآخر وستتغير الأدوار غالبا. ومع معرفة كل مؤسس لمتطلبات بناء شركة ناشئة، ويتأمل في دوافعه، ويرى مدى معالجة قدراته لاحتياجات الشركة الناشئة، ربما يتغير التزامه نحو الشركة الناشئة. كما يستطيع المؤسسون فهم قدرات بعضهم البعض والتزامهم على مستوى أعمق كثيرا مما كان ممكنا في البداية. ومع ذلك يميل المؤسسون إلى المبالغة في تقدير مقدار القيمة التي سيبنونها خلال تلك الأيام الأولى، مما قد يتسبب في مشاكل أكبر عندما تتضاءل إسهامات أحد المؤسسين المشاركين فيما بعد. كذلك قد تؤثر حياة المؤسس الشخصية على التزامه وإسهاماته. كان كل المؤسسين في شركة أوكام للتكنولوجيا على وعي باقتراب ولادة طفل كين -المسؤول عن الأفكار- الأول، ولكن حتى كين لم يكن متأكدا من كيفية تأثير ذلك على رغبته في الاستقالة من عمله الأساسي والتركيز على بناء أوكام. يمكن أن تفاجئ الجميع مشاكل صحية قاسية وغير متوقعة، فعندما كانت شركة مايكروسوفت ما تزال شركة خاصة على سبيل المثال، علم المؤسس المشارك Paul Allen بإصابته بـ ورم هودجكن الليمفاوي، الذي تسبب في تركه للشركة؛ مما جعل بيل جيتس المؤسس النشط الوحيد خلال السنوات الثلاث الحاسمة قبل أن تصبح شركة عامة. وهكذا يمكن لأكثر نظم تقسيم حقوق المساهمين ملاءمة أن لا تبقى صالحة، فعندما أسست Robin Chase وشريكتها Αntje شركة Zipcar لمشاركة ركوب السيارات، اتفقتا على تقسيم حقوق الملكية بنسبة 50:50، اعتقد الفريق بالفعل أنه قد تجنب النزاع المدمر حول تقسيم حقوق المساهمين ومن ثم يمكنه التركيز على بناء الشركة الناشئة. تقول Robin: «تصافحنا بالأيدي على الطاولة على نسبة 50:50، وفكرت أن هذا رائع». كانت Robin قد سمعت عن فرق أخرى تعثرت بسبب المفاوضات الصعبة حول تقسيم حقوق المساهمين، وتنهدت في ارتياح لأنها و Antje قد تجنبتا مثل تلك المشاكل. بذلت Robin في الشركة الناشئة قصارى جهدها، وأسهمت إسهامات كبيرة في نموه، وكانت تتوقع تماما من Antje أن تفعل الأمر ذاته، ولكن Antje استمرت في وظيفتها الأساسية، وكانت تنتظر مولودها الثاني بحلول الصيف. تساءلت Robin متى ستتمكن شريكتها من الانخراط أكثر في العمل، ولكن لم تنضم Antje في النهاية للمشروع بدوام كامل. أنهكت Robin معرفتها بأن Antje ما تزال تمتلك نفس النسبة التي تمتلكها هي، وفكرت Robin بعد ذلك: «كانت هذه مصافحة غبية حقا، لأن من يعلم ما مجموعة المهارات وما العلامات البارزة وما الإنجازات التي ستكون ذات قيمة مع تقدمك للأمام. تسببت تلك المصافحة الأولى في قدر كبير من الفزع على مدار السنة ونصف السنة التي تلتها». تركت Antje الشركة بأكملها في النهاية مع استمرارها بوصفها حاملة أسهم. قد تكون تكلفة إصلاح تلك المشاكل كبيرة للغاية، تتنوع بين فزع Robin Chase وبين التكاليف المالية الملموسة. ففي شركة govWorks.com كان هناك مؤسس مشارك لـ Kaleil وTom، وهو Chieh، الذي أسهم بـ 19,000 دولارا، وعمل في ساعات ما بعد الدوام لخمسة أشهر (إذ كان قد احتفظ بوظيفته النهارية بدلا من الانضمام إلى govWorks بدوام كامل) ثم انسحب. عندما أوشك المؤسسون الآخرون على إنهاء دورتهم التمويلية الأولى، لم يرغب ممولهم المحتمل في الإنهاء قبل أن يشتري Kaleil وTom حصة Chieh ويستردا أسهم ملكيته. كانت شركات الاستثمار المغامرة مستعدة لعقد صفقة بـ 410,000 دولارا لتسهيل عملية الشراء، ولكن Chieh أراد 800,000 دولارا، ووسط الضغط من أجل إنهاء الدورة انتهى الأمر بأن يتفق كل من Kaleil وTom مع Chieh على دفع 700,000 دولارا، ودفعا 290,000 دولارا من أموالهما الخاصة، وشعر Kaleil أنه يتعرض للابتزاز. وعلى الرغم من أن هذا النوع من النتائج حقيقي، إلا أن المؤسسين غالبا ما يفشلون في التعامل معها بصورة استباقية. أهملت نصف الفرق في مجموعة البيانات التي جمعتها تضمين أي عناصر ديناميكية (مثل التفويض وشروط الشراء وغيرها) في اتفاقية أسهم الملكية الخاصة بهم، فيعرضون بذلك أنفسهم إلى نفس المخاطر التي واجهتها Ζipcar وgovWorks.com. كيف على المؤسسين أن يتعاملوا مع مثل تلك التطورات؟ باختصار، عليهم أن يفترضوا أن الأمور ستتغير عندما يقومون بالتقسيم الأولي، حتى إذا لم يكن من الممكن التنبؤ ببعض التغييرات المحددة، وهكذا يهيكلون تقسيما ديناميكيا لحقوق المساهمين بدلا من التقسيم الإستاتيكي المستخدم في Zipcar وgovWorks والعديد من الشركات الناشئة الأخرى. من الهام أن يكون التقسيم الأولي لحقوق المساهمين صحيحا، من خلال موافقته بدرجة كبيرة لإسهامات المؤسسين الماضية وتكاليف الفرص والإسهامات المستقبلية والدوافع. ومن الهام بالقدر ذاته أن يظل التقسيم صحيحا، أي أن يمكن تعديله مع تغير الظروف. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Founder's Dilemmas: Equity Splits لصاحبه Eric Ries. صورة غلاف الكتاب مقتبسة من صفحته على موقع Amazon. حقوق الصورة البارزة: Business vector designed by Freepik.
  3. لقد كنت محظوظًا بما يكفي في الفترة الأخيرة بلقائي بعضًا من أكثر روَّاد الأعمال المبتدئين (first-time entrepreneurs) تميزًا. في كل مرةٍ تقريبًا أشعر بشغفهم وإصرارهم على النجاح؛ وأعلم أنَّهم سيحققونه في النهاية إذا استمروا فيما يقومون به. كان محور الحديث في عدد من لقاءاتنا موضوعٌ مثيرٌ للاهتمام، ألا وهو التوقيت المناسب لبدء جمع تمويل لأول مشروعٍ تؤسِّسه. قابلت بعض روَّاد الأعمال الذين كانوا يخبرونني إنهم يريدون الحصول على استثمار لمشاريعهم وهم لا يملكون سوى فكرةٍ أو نموذج أوليٍ دون نجاحٍ فعلي في السوق. لقد أنهينا في Buffer جولة جمع تمويل بذري (seed funding) بقيمة 450 ألف دولار أمريكي بنهاية عام 2011؛ وبمحاولة فهم ما حدث، يمكنني الآن تحديد عدة أمورٍ مكَّنتنا مجتمعةً من الحصول على هذا الاستثمار. الأوقات التي يمكنك فيها الحصول على استثمار لشركتك الناشئةتعلَّمت من الحديث مع بعضٍ من أنجح روَّاد الأعمال التسلسليين serial entrepreneurs وأكثرهم خبرةً ممن يحظون باحترام كبير في مجال ريادة الأعمال أن ثمَّة وقتين جيدين فقط للحصول على استثمار: الأول هو حين يكون كل ما لديك هو فكرة لم تبدأ في تنفيذها بعد؛ والثاني هو حين يكون لديك منتجٌ أثبت نجاحًا في السوق / نموًا يمكنك عرضه أمام المستثمرين. إذا اخترت الحصول على استثمار حين لا يكون لديك سوى فكرة فيجب أن تعلم أنَّك تفقد بطاقة «النمو». وكما يقولون: «النمو يدفع كل شيء إلى الأمام». إذًا فحين تسعى إلى جمع تمويل لمشروعك دون أن تستخدم النمو في السوق داعمًا لأنشطتك فإنَّه لا يبقى لديك الكثير لتستخدمه. في كل الحالات التي مررت بها تقريبًا رأيتُ مؤسسيين يحصلون على استثمار استنادًا إلى فكرة يملكونها، وسجلٍ جيدٍ للغاية إضافة إلى بيعهم لشركة أو شركتين من قبل. هذا هو كل ما تحتاجه إذا قرَّرت عدم استخدام بطاقة النمو حين تقدم عرض مشروعك. ولسوء حظنا – الذين يؤسسون شركاتهم الناشئة الأولى – لا نملك ذلك السجل الذي نكون في أمسِّ الحاجة إليه للحصول على تمويلٍ دون نموٍ في السوق. وحتَّى إذا ما تمكنَّا من الحصول عليه استنادًا إلى فكرةٍ نملكها، وخبراتنا، وشغفنا، فستضطر إلى التضحية بقيمة شركتك النّاشئة وبالمستثمرين الجيِّدين لإتمام التمويل. الطريق الأمثل للحصول على تمويلٍ لشركتك الأولىنصيحتي إذًا لمن يؤسسون أول شركةٍ في حياتهم ويرغبون في الحصول على تمويلٍ لها هو أن يقاوموا هذه الفكرة حتى تُحقق شركاتهم نموًا في السوق. يمكنك بدلًا من ذلك أن تُركز على إيجاد نقطة التوافق بين المنتج والسوق product/market fit. وحين تُحقق نموًا يصبح الحصول على التمويل أسهل بكثير. الأمر الآخر الذي يجب أن تضعه في حسبانك هو كمُّ الوقت والجهد المطلوب للحصول على التمويل. إذا كانت شركتك الناشئة مكوَّنة من شخصين فقط هما المؤسسان فسيتعيَّن عليكما غالبًا أن تتشاركا معًا في مسألة التمويل. المشكلة هنا هي أن الحصول على التمويل يستغرق أشهرًا كاملةً؛ هو مهمةٌ تستهلك عمل شخصين بدوامٍ كامل. إذا تفرَّغت لهذه المهمّة فسيتاثَّر منتجك بالسلب، وستكون قد ضحيت بالنمو الذي هو كل ما تملك لتحصل على تمويل. لا يمكنك تحقيق نموٍ وأنت تجري وراء التمويل، ولن تتمكَّن من الحصول على تمويلٍ دون نمو. ملاحظةٌ بشأن حاضنات الشّركات النّاشئةتتميز برامج احتضان الشّركات النّاشئة (incubation) وتسريعها (acceleration) بكونها تُمثل حاجزًا أصغر أمام الدخول إلى السوق مقارنة مع الحصول على تمويل بذري (seed round). يُشجعك الكثيرون على التقدُّم إلى هذه البرامج وأنت لا تحمل سوى فكرة. يمكن لهذه البرامج أن تكون انطلاقة رائعة، وعادةً ما تنتهي بيوم تجريبي يُعطيك أفضل سيناريو يساعدك في الحصول على تمويل بذري. وعلى أيَّة حال، تواصل مع حاضنات الأعمال بحذر؛ فالمشاكل نفسها التي قد تواجهك مع المستثمرين يمكن أن تحدث في تلك البرامج. تتكوَّن برامج حاضنات الأعمال من 10 أسابيع، تُخصَّص الثلاثة أو الأربعة الأخيرة منها لعملية الحصول على التمويل عن طريق العمل على تقديم عرض مشروعك لتصبح مستعدًا للسعي إلى جمع التمويل. يعني ذلك أنَّ لديك ستَّة أسابيع لبناء منتجٍ، وتجريبه، وتحقيق نموٍ في السوق. يمكنني القول إن ستَّة أسابيع لا تكفي لتحقيق كل ذلك إلى الحد الذي قد يدفع المستثمرين إلى ضخ أموالهم في مشروعك. تُمثِّل حاضنات الشّركات النّاشئة فرصةً رائعةً لتسريع عجلة تأسيس مشروعك بطرق عديدة في مناخٍ مُحفّز. لكن ينبغي القول إن هيكل برامج الاحتضان و«اليوم التجريبي» - بالرغم من روعته – لا يضمن لك النجاح في الحصول على تمويل بذري. كيف نجحنا في Buffer؟بالنظر إلى الطريق الذي سرنا فيه في Buffer، أعتقد أنَّه من المفيد مشاركة خبراتنا، بكل ما فيها من عثراتٍ وأخطاء ارتكبناها فكلَّفتنا وقتًا مهدرًا، لكننا تمكنَّا في نهاية الأمر من جمع تمويل بذري بقيمة 450 ألف دولار أمريكي. والأفكار التي عرضتها أعلاه ما هي إلا حصيلة الخبرات التي اكتسبناها في هذه الرحلة. قضينا صيف علم 2011 في حاضنة AngelPad التي تديرها مجموعةٌ على قدرٍ هائلٍ من الذكاء في سان فرانسيسكو. كان معظم أفراد دفعتنا في مرحلةٍ مبكرةٍ في شركاتهم الناشئة، لكننا كنا محظوظين بتحقيقنا نموًا في السوق؛ والسبب في ذلك هو أنَّنا بدأنا العمل على Buffer قبل 10 أشهر تقريبًا من بداية البرنامج. بدأنا برنامج AngelPad وفي جعبتنا 30 ألف مستخدمٍ مُحققين أربعة آلاف دولارٍ شهريًا. كنا نتمتَّع أيضًا بمعدل نموٍ شهري يبلغ 40 بالمئة. تمكنَّا من قضاء الأسابيع الستَّة الأولى من AngelPad في تعزيز ذلك النمو، ومضاعفة قاعدة مستخدمينا، ومضاعفة عائدنا الشهري مرَّتين. وبحلول وقت اليوم التجريبي كنَّا قد وصلنا إلى 60 ألف مستخدمٍ وعائدٍ سنويٍ مستمرٍ بقيمة 150 ألف دولار أمريكي، بالإضافة إلى 120 ألفًا أخرى التي أخذناها من AngelPad تمويلًا مبدئيًا. وبالعودة إلى تلك الفترة، من الواضح أنَّ هذا الأمر كان العامل الأبرز في تقديم عروض مشروعنا للمستثمرين، ممَّا أتاح لنا جمع 450 ألف دولارٍ وإشراك عددٍ من أفضل المستثمرين والمستشارين في مشروعنا. هل تُفكِّر في جمع تمويل لمشروعك؟ ما هي استراتيجيتك؟ شاركنا خبراتك وأفكارك في التعليقات. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Raising funding as a first-time founder لصاحبه Joel Gascoigne مؤسّس Buffer.
  4. خضتُ عددًا من التجارب المثيرة في الأعوام القليلة الماضية التي شهدت تأسيسي لمنصة Buffer. واحدٌ من الأمور التي تثير تفكيري هو سؤال: هل يجب أن تتوقّف عن الدّراسة/ تترك الجامعة لتعمل على تأسيس شركتك الناشئة؟ لم أترُك الجامعة، لكن «ليو»، شريكي المؤسس، قد تركها بعد النجاحات التي حقَّقناها في Buffer؛ وقد تحدَّثت معه كثيرًا عن الأمر. أتحدَّث أيضًا مع العديد من مؤسسي الشركات الناشئة من طلبة الجامعات الذين يُفكِّرون في ترك الجامعة. لذا كان لزامًا عليَّ أن أخرج بإجابة عن السؤال. الجامعة ميزة قويةيقول مارك زوكربيرغ، مؤسس «فيس بوك» ومديره التنفيذي: أحد الأمور التي أدركتها بالنظر إلى الماضي هو قدر الفائدة التي تعود عليك من الالتحاق بالجامعة إذا أردت أن تؤسس شركة ناشئة. كان لديَّ العديد من المشاريع الجانبية في أثناء دراستي بجامعة «وارويك» البريطانية؛ ودرست أيضًا مادتين قمت فيهما بمشاريع يُمكنني وصفها الآن بأنها شركات ناشئة. لا ضغوطتُحررك الدراسة من كافة الضغوط التي قد تقع على كاهلك حين تُخطط لتأسيس شركة ناشئة. ونتيجة لذلك، يمكنك تجربة الكثير من الأمور المختلفة؛ يمكنك تعلَّم لغات جديدة؛ ويمكنك أن تُجرب مفاهيم مختلفة للشركات الناشئة مثل تنمية العميل أو الشركات الناشئة الليّنة lean startup. يمكنك الخروج إلى الطريق والتحدُّث إلى الناس عن المشاكل التي تواجههم، ثم تحاول حلَّها. يمكنك محاولة الحصول على أموالٍ نظير شيء صنعته دون ضغوطٍ تفرض عليك الحصول على مبلغٍ مُعيَّن من المال لتكسب قوت يومك. كل شيءٍ مُرتَّب سلفًا؛ لتتمكَّن من الاسترخاء والتجريب بُحريَّة. العقول المتشابهةمن السهل نسبيًا أن تعثر على أشخاصٍ متشابهين في التفكير في الجامعة. ثمَّة عدد هائل من الطُلَّاب في أي جامعةٍ يضمن لك أن تجد أناسًا يشبهونك طالما توفَّرت لديك الرغبة في السعي إلى مقابلتهم والعمل معهم. أعلم أن عددًا لا يُحصى من الشراكات في تأسيس الشركات الناشئة قد بدأت في الجامعة. وهذا هو ما حدث مع Buffer؛ فأنا و«ليو» قد تقابلنا للمرة الأولى في جامعة «وارويك» في أثناء تنظيم حدثٍ لريادة الأعمال. فحاول أن تكون منفتحًا على مجتمع الجامعة واستفِد من وجودك في بيئة كهذه. لا تخشَ التجاربحين تكون طالبًا في الجامعة تراودك الكثير من الأفكار التي يُمكنك تجربتها في وقت فراغك. كل تلك الأفكار قد تصبح يومًا شركة ناشئة رائعة؛ ويمكنك حينها الإفادة من مفهوم التجربة بما أنَّك تكون متحررًا من الضغوط. أعتقد أنَّ المؤسس الشريك لشركة Yipit ومديرها التنفيذي Vinicius Vacanti قد قدَّم أفضل صياغة لهذه الفكرة: يمكنك حقًا الإفادة من منهج «التجربة» هذا خلال دراستك الجامعية لتتعلَّم الكثير عن الشركات الناشئة في وقت قليل. فترات وقت الفراغبين كل الطلبة الجامعيين شيءٌ مشتركٌ: إنهم يتمتعون بفترات مختلفة من وقت الفراغ على مدار العام، حين يقِل ضغط الفروض الجامعية. في تلك الأوقات يكون لديك فرصةٌ كبيرةٌ للعمل على مشروعٍ قد يُصبح يومًا قصة نجاح كبرى. ليس ثمَّة مثال على ذلك أفضل من «فيس بوك» حين كان في بداياته: «كتبت النسخة الأولى من فيس بوك في يناير من عام 2004 وأطلقتُها في فبراير من العام نفسه. السبب الذي مكَّنني من إنهائها في يناير هو أن جامعة هارفارد كانت في عُطلة.» نصيحتي لطُلاب الجامعة هو استغلال هذه الفترات بحكمة. ابدأ مشروعًا جديدًا في كلٍ منها؛ واستخدم دروسها المستفادة في العمل على مشاريع جديدة. ترك الجامعة عادةً لا يكون مفاجئًااستنادًا إلى قناعاتي، والمواقف التي مررت بها مع شريكي «ليو» في الفترة التي ترك فيها الدراسة الجامعية، أقول إنَّ حدسك سيتكفَّل بإخبارك بالوقت المناسب لترك الجامعة لصالحِ شركتك الناشئة. لذا، أعتقد أن أحد أكبر الأوهام هو أنَّه يجب عليك قطع كل صلةٍ تربطك بالجامعة فجأةً. إليك الطريقة التي رأيت الأمر يحدث بها: يعمل المرء في كثيرٍ من المشاريع الجانبية في أثناء الدراسة الجامعية، وحين يبدأ واحد منها في إحراز بعض النجاح، يتعلَّم الكثير وتتطوَّر خبراته في فترة قليلة للغاية من الزمن. يرتبط هذا بشدةٍ بالمفهوم الذي طوَّره «بول جراهام» (Paul Graham) عن «ضغط حياتك»: هذا هو ما يحدث بالضبط حين تبدأ واحدة من أفكار مشاريعك الناشئة في تحقيق النجاح. ثمَّة طريقة أخرى رائعة لوصف الأمر، بعبارات Marc Andreessen حين وصف نقطة الوصول إلى ملائمة المنتج للسوق: أعتقد أنَّك حين تصل إلى هذه النقطة فستشعر أنَّ ترك الدراسة الجامعية قد يكون أكثر جدوى. المثير في الأمر أنَّه لا يتعيَّن عليك ترك الدراسة بطريقة مفاجئة حتى حين تصل إلى تلك النقطة؛ فيمكنك مثلًا أن تقطع الدراسة لفصلٍ أو عامٍ دراسي. لقد وصلنا الآن إلى نسبة عائدات متدفقة تقترب من مليون دولار أمريكي سنويًا في Buffer؛ ووصلنا إلى 370 ألف مستخدمٍ بفريقٍ مكوَّن من 7 أفراد؛ لكن «ليو» ما يزال طالبًا جامعيًا، نظريًا على الأقل. لم يترك «ليو» الجامعة رسميًا حتى الآن؛ ولا يجب عليك القيام بذلك على عجل. أعجبني وصف «مارك زوكربيرغ» تجربته بطريقة مشابهة: «لدى هارفارد سياسة تُمكنك من الانقطاع عن الدراسة لأيَّة مدة تريد. فلِمَ لا ننقطع عن الجامعة لفصلٍ دراسيٍ ثم نحاول موازنة الأمر، وبناء الأدوات (tooling)، حتى نتمكَّن من العودة في الفصل الدراسي الثاني وتسيير العمل بشكلٍ أكثر استقلالية. أتى الفصل الدراسي الثاني ولم نكُن قد أنهينا بناء الأدوات أو الأتمتة/ التشغيل الآلي (automation) بعد؛ لذا دعنا ننقطع عن الجامعة لفصلٍ دراسيٍ إضافي. ثم جاءت اللحظة التي قرَّرنا فيها أن نترك الجامعة، لكننا كُنَّا قد وصلنا إلى ملايين المستخدمين بحلول ذلك الوقت. استمر في الدراسة. استمر في البناء.بكُل أسف، تسيير أعمال شركة ناشئة ليس بالأمر الهين. لقد جرَّبت ذلك بنفسي؛ فمررت بأعوام شاقة منذ قرَّرت أنّي أريد تأسيس شركتي الناشئة حتى تنتقل إلى أرض الواقع. مررت أيضًا بعدة تجارب فاشلة في الجامعة، لكنها كانت فرصًا للتعلُّم أكثر ممَّا كانت فشلًا؛ وكوني لا زلت طالبًا حينها كان يعني أنَّ الفشل لا يُهم إطلاقًا. ثم عملت بعد تخرُّجي على تأسيس شركة ناشئة أخرى خلال عملي في وظيفة مطور ويب بالقطعة. يمكنني أن أؤكد لكم أن الالتزام بمحاولة إنجاح مشروع ناشئ يكون أصعب كثيرًا بمجرَّد تركك الدراسة الجامعية. أعتقد أنَّ الكثيرين لا ينجحون في تخطّي هذه النقلة نظرًا لصعوبتها. إن الحصول على وظيفة عادية براتب شهري ثابت أسهل كثيرًا من تأسيس شركة ناشئة. ونتيجةً لذلك، فإن نصيحتي لكل من يُفكِّر في ترك الدراسة الجامعية هي أن يستمر في الدراسة، وأن ينتهز كل فرصةٍ لبناء مشاريع وشركات ناشئة بجانب الدراسة. وحين يُحقق أحدها نجاحًا، ستشعر بما شعر به من سبقوك؛ وستعرف متى يتوجَّب عليك الاستمرار في البناء وتحويل فكرتك إلى واقعٍ ملموس. وحتَّى يحدث ذلك، استمر في الدراسة واستمر في البناء. وحين يحدث ذلك، اترك الدراسة الجامعية تدريجيًا. هل توازن بين قرار الاستمرار في الدراسة الجامعية وبين تركها للسعي إلى تأسيس شركتك الناشئة؟ هل تركت الجامعة؟ شاركنا أفكارك وتجربتك. ترجمة -وبتصرّف- للمقال: Thoughts on dropping out to do a startup لصاحبه Joel Gascoigne مؤسّس Buffer.
  5. باعتباري رجلَ أعمالٍ مبتدئٍ في خضم تأسيس شركة ناشئة صاعدة، أحاول قراءة الكثير عن هذا الموضوع. كنت منخرطًا بعمقٍ في ثقافة الشركات الناشئة لنحو عامين؛ وغالبًا ما أتأمَّل ما تعلَّمت؛ وأحاول ربطه بما قرأته من قبل. حدث هذا الأمر معي مرةً أخرى في تناولي لموضوع اتخاذ القرارات بناءً على معلومات غير كاملة. معلومات غير كاملة Incomplete informationسمعتُ للمرة الأولى بعبارة «العمل بمعلومات غير كاملة» في تدوينة كتبها رائد الأعمال والمستثمر الأمريكي مارك سوستر (Mark Suster) منذ أكثر من عام بعنوان: «ما الذي يجعلك رائد أعمال؟ أربعة حروف: JFDI». تناول مارك في تلك التدوينة أهمية الاستمرار في العمل حين يتعذَّر عليك الحصول على معلومات كاملة: يتَّخذ روَّاد الأعمال قرارات سريعة؛ ويمضون قُدُمًا وهم يعلمون أن 70 بالمئة على الأكثر من قراراتهم ستكون صحيحة. إنهم يتقدَّمون إلى الأمام في عملهم كل يوم؛ ويتعيَّن عليهم اكتشاف أخطائهم وتصويبها سريعًا. لقد أدركت مؤخرًا فقط أهمية هذا المفهوم، وما يعنيه فعلًا في الواقع. إنه واحدٌ من تلك الأمور التي قرأت عنها وظننت أنَّني قد استوعبتها، لكن الأمر يكون مختلفًا تمامًا حين تمُر به بالفعل. ماذا عن الشركات الناشئة اللّيّنة lean startup؟أنا أفكِّر بطريقة علمية؛ لذا فقد تحمَّست للفكرة كثيرًا حين سمعت للمرة الأولى عن مفاهيم الشركات الناشئة اللّيّنة التي ابتكرها «إريك ريس». إنها مفاهيم رائعة؛ والطريقة التي يشرحها بها «إريك ريس» مفيدةٌ جدًا لكل من يحاول تأسيس شركة ناشئة. لقد اعتمدت عليها في عملي وأثبتت نجاحها. ومع ذلك، فإن أوصاف الشركة الناشئة اللّيّنة -مثل الوصف الموجود أدناه- قد تجعلك تظن أنَّه يتعيَّن عليك اتخاذ القرارات اعتمادًا على الحقائق فقط، لا اعتمادًا على الآراء أو المعلومات الناقصة. ما أدركته بمرور الوقت أن بعض جوانب الشركة الناشئة الليّنة تكون أكثر فائدة من غيرها في أوقات بعينها. على سبيل المثال، حين تكون في بداياتك ولا يجتذب موقعك الإلكتروني الكثير من حركة الإنترنت (traffic)، فلن تتمكَّن حقًا من الحصول على البيانات التي تحتاجها لعمل اختبارات A/B. في الأيام الأولى، يكون التحدُّث إلى العملاء والحصول على معلومات موثَّقة واحدًا من أكثر الأمور فائدةً لشركتك، لكن ليس بمقدورك أن تكون متأكدًا بنسبة مئة بالمئة من أي شيءٍ، حتى إذا حصلت من العملاء على كمٍ ضخمٍ من التغذية الراجعة. يتعيَّن عليك إذًا أن تخاطر قليلًا. كان مارك سوستر على حقٍ حين قال إن روَّاد الأعمال يحتاجون دائمًا إلى اتخاذ قرارات دون أن يكونوا متأكدين من نتيجتها. لقد ذكرتُ أنَّني بطبيعتي أُفكِّر في الأمور بطريقة منطقية؛ لذا فإن «العمل دون معلومات كاملة» هو أحد الأمور التي واجهت صعوبة كبيرةً في استيعابها في مجال تأسيس الشركات الناشئة. توقَّف عن الخوف من العمل دون معلومات كاملةأدركتُ بمرور الوقت أن ثمَّة أفكار تساعدني كثيرًا في العمل دون معلومات كاملة بطريقة أفضل. هذه بعض الأمور التي أثبتت نجاحها بالنسبة إليَّ: اجعل خوفك من عدم إنهاء المهام لا من إنهائهايبدأ المرء في الخوف من عواقب قراراته عند إنهاء العمل حين يُفكِّر أكثر من اللازم في أنَّه قد اضطر إلى المخاطرة بالعمل دون معلومات كاملة. بالطبع ثمَّة الكثير من الأمور التي قد تجري على نحوٍ سيء. كنت أخشى إنهاء المهام في السابق، لكني بدأت في التفكير في أسوأ شيءٍ يُمكن أن يحدث إذا أنهيتها؛ فنجحت في أن أجعل خوفي من عدم إنهاء المهام بدلًا من الخوف من إنهائها. اعلَم أن الجميع بحاجةٍ إلى العمل دون معلومات كاملةسيفيدك كثيرًا أن تُذكِّر نفسك أنَّ التاريخ له بعض الأنماط التي يُمكن توقُّعها، لكنه لا يُعيد نفسه قط. حتَّى أفضل روَّاد الأعمال وأكثرهم خبرةً يتعيَّن عليهم تقييم الأمور بعقلية جديدة حين يشرعون في تأسيس مشروع جديد. بل يُمكن القول إن قلة الخبرة تكون في بعض الأحيان ميزةً لا عيبًا. ومهما كان مستوى خبرتك، تذكَّر أن كل ما تفعله جديدٌ بدرجةٍ ما؛ مما يجعل وضعك الآن مختلفًا عمَّا كان عليه في أي وقتٍ مضى. تذكَّر أن الفشل هو أفضل طريقة للتعلُّمتتسامح بعض الثقافات مع الفشل أكثر من غيرها. أنا أعيش في المملكة المتحدة؛ والسائد هنا - خصوصًا في مجال الأعمال التجارية - أنَّ الفشل لمرةً واحدةً يعني أنَّه يجب عليك التوقُّف تمامًا عن المحاولة. لقد أدركتُ بمرور الوقت أن الفشل ليس في الحقيقة أمرًا ثنائيًا (بمعنى، إما أنك ناجح/فاشل أو لست كذلك، ولا مكان ما بين الضّدّين)؛ لذا فإنه ليس سيئًا كما تظن. أدركتُ أيضًا أن «الفشل» أو أن «شيئًا ما لا يسير بالطريقة المرجوَّة» هي واحدةٌ من أفضل الطرق لتعلُّم أي شيء. هل تعمل دون معلومات كاملة؟ هل تعتقد أنَّه يتعيَّن عليك العمل بهذه الطريقة أكثر ممَّا تفعل الآن؟ شاركنا أفكارك وتجاربك. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Acting with incomplete information in a startup لصاحبه Joel Gascoigne (مؤسّس Buffer).
  6. يقولون إنَّ كل شيء في مواقع التواصل الاجتماعي إمَّا مجَّانيٌ أو شبه مجَّاني؛ فالتدوين، و"تويتر"، و"فيس بوك" والندوات الإلكترونيَّة، والأفلام سريعة الانتشار رخيصة للغاية، ولكنَّهم مع ذلك قيِّمون للغاية. أو هكذا يقولون. أختلفُ معهم تمامًا؛ فمواقع التواصل الاجتماعي مُكلِفة. إنَّها في الحقيقة أكثر تكلفةً من الإعلام التقليدي، ولكنَّ تكلفتها تأتي في هيئة إهدار الوقت بدلًا من إنفاق المال. ينتشر الادِّعاء برُخصِها في كل مكان؛ إذ يقترح Seth Godin على سبيل المثال أن يصنع مستشارو المعسكرات الصيفية فيديوهات، قائلًا: يبدو الأمر بسيطًا، سبع دقائق يوميًا، لا شيء. كل ما تحتاج إليه حامل مكتبي وكاميرا فيديو بجودة عالية، وكلاهما يُمكن الحصول عليهما بمبلغٍ غير مُكلِّف يُدفَع مرةً واحدة. النتيجة ستكون شخصيةً ومُميَّزة وتعطي الآباء سببًا عظيمًا لإرسال أبنائهم إلى مُعسكَرك. لا أعرف ما قد يرى الآخرون، ولكنَّ كتابة خطابٍ من ثلاث صفحات عن كل طفل، كل يوم، ستستغرق وقتًا طويلًا. ثم سيكون عليَّ قراءته أمام الكاميرا، ممَّا يعني أنَّ عليَّ غسل وجهي وإخفاء بُثُوره. كلا، لن تستغرق هذه المهمة سبع دقائق، ستستغرق ساعة على الأقل. لا أقول إنَّ الأمر عديم القيمة، وإنَّما أقول إنَّه من غير المنطقي الاعتقاد بأنَّه سيستغرق سبع دقائق فقط يوميًا. ثمَّة مثال آخر من مدونة Hubspot: كان عليك أن تدفع الكثير من المال لكي تصل إعلاناتك إلى التليفزيون والصحف. أمَّا على الإنترنت فيمكنك نشر مُدوَّنتك، وصورك، والفيديوهات الخاصة بك، وغيرهم بتكلفةٍ منخفضة للغاية. وهذا دليلٌ آخر على أنَّ التسويق الداخلي Inbound Marketing هو المرحلة المستقبلية من التسويق. ولكن مهلًا، عندما كنتُ أدفع الكثير من المال لأظهر في التليفزيون والصُحُف، كانت رسالتي تصل إلى الناس، أمَّا إذا نشرتُ مُدوَّنةً؛ فلن يهتم أحدٌ. إلَّا إذا لجأتُ إلى تحسين مُحرِّكات البحث SEO وشاركتُ في المُنتَديات ونشرتُ تدوينات ضيف على مُدوَّنات أخرى واستضفتُ فعاليات... إلخ. ولكن أتعلم ماذا؟ يستغرق ذلك كُلّه الكثير من الوقت! لنسأل عمَّا إذا كانت مُدوَّنة Hubspot نفسها تفعل ذلك "بتكلفةٍ منخفضةٍ للغاية" لقد بَنَت مُدوَّنةً جيدةً بها 8000 مُشتَرِك، وتُوجِّه العُملاء (وأنا أحدهم!) إلى برنامجها الخاص. وكل ذلك "بتكلفةٍ منخفضةٍ للغاية"، أليس كذلك؟ حسنًا، لقد حصَلَت على 17 مليون دولار ويعمل بها أكثر من 70 مُوظَّفًا؛ أكثر من 20 منهم خبراء تسويق وظيفتهم العمل على تحسين مُحرِّكات البحث SEO بكل طاقتهم، والتدوين، ونشر الحوارات وصنع التقارير والفيديوهات والنشرات الصوتية وإدارة الندوات الإلكترونية وحتى رسم الصور الكاريكاتورية. ومع ذلك ما تزال المُدوَّنة تدفع لتضع إعلانات. وللعلم، المُدوَّنة تُبلي جيدًا في هذا الأمر؛ فهي رائعة والمُنتَج مفيد. وهي تفي بوعودها، فنلاحظ أنَّها تظهر كأولى نتائج البحث بصورةٍ تلقائيَّةٍ. ولكن هل الأمر «رخيص»؟ هذا مستحيل. هل تريد أن تكون ناجحًا مثل Hubspot؟ كل ما تحتاج إليه هو ملايين الدولارات وأكثر من عشرين خبيرًا يتقاضون رواتب أعلى من المتوسط. لا أقول إنَّ الأمر عديم القيمة، وإنَّما أقول إنَّه من الهراء الادعاء بأنَّه سيتحقَّق "بتكلفةٍ منخفضةٍ للغاية". الأمر بالطبع ذو قيمة، وهو يُمثِّل المُستقبَل بكل تأكيد، وسيتخلَّف عن الرَكب بالطبع مَن يتجاهل الإعلام الجديد. ولكن التدوين بصورةٍ صحيحة في حد ذاته وظيفة بدوامٍ كامل (على الرغم من وجود بعض الاستثناءات الجديرة بالمُلاحَظة)، وستكون الوظيفة بدوامٍ كامل مُكلِّفةً، سواء كنتَ تدفع لشخصٍ آخر لتأديتها أو تقضي وقتك في تأديتها بنفسك. إذا كنتَ تُمارِس التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي على نحوٍ صحيح، فسيكون على الأرجح أكثر وسائلك التسويقية تكلفةً. فلنتوقَّف عن ادِّعاء إمكانية فعله بتكلفةٍ ضئيلةٍ. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Please stop saying social media marketing is free.
  7. إذا كنتَ تقرأ تدوينات عن التسويق للشركات الصغيرة، ستغمُرك النصائح المُتعلِّقة بشبكات التواصل الاجتماعي حول سبب حاجتك إلى مُدوَّنةٍ، وحسابٍ على موقع "تويتر"، وكل المواقع الأخرى. حتى جدتي التي تبلغ من العمر 90 عامًا والتي لا تمتلك جهاز حاسوب وتقرأ مدوّنة زوجتي الخاصة بالطهي الصِحِّي مطبوعةً تسألني "ما هو تويتر؟" لأنَّها قرَأَت عنه في صحيفة "نيويورك تايمز". ومع ذلك ما يزال معظم الناس ومعظم الأعمال التجارية يعتقدون أنَّهم ليسوا بحاجةٍ إلى مُدوَّنة. أودُّ أن أقنعك في الدقائق الخمسة التالية أنَّ عليك أن تقفز إلى عالم التدوين و"تويتر" و"فيس بوك". قديمًا في أواخر التسعينات. (ألا تقشعر عندما تسمع عبارة "قديمًا في أواخر التسعينات"؟ تليها دائمًا قصةٌ عن الأمل وخيبة الأمل، وعن التحوُّلات في المفاهيم وعن التجارة الإلكترونية، وعن الدروس التي تعلَّمناها والتاريخ الذي لا يجب علينا تكراره. آسف، ولكن عليَّ قول ذلك). على أيَّة حال، قديمًا في أواخر التسعينيات، في أحد الأيام (لنقُل أنَّه 19 من أكتوبر 1997) قرَّرت كل الشركات في العالم الغربي فجأةً أنَّها بحاجة إلى موقعٍ إلكتروني. لم يكن أحدٌ يعرف استخدام الموقع الإلكتروني، هل هو دليل؟ أم واجهة متجر؟ أم لوحة إعلانات؟ يقول المهووسون أنَّه "طريقةٌ جديدةٌ لإنجاز العمل". ماذا يعني ذلك؟ كان ما أذهل الجميع أنَّه بحلول يوم 19 من أكتوبر أصبح مَن لا يمتلك موقعًا إلكترونيًا غير مرئي. لم يُصبح الوصول إليه صعبًا فحسب، بل أصبح غير مرئي. بالطبع سيكون لديه إعلانات، وعلاقات عامة، ويمكنه إيصال رسالةً للناس، ولكن ماذا بعد؟ هل سيذهبون إلى متجرك؟ هل سيتصلون بك ويطلبون الحصول على المزيد من المعلومات؟ ليس منذ ذلك اليوم، أصبحوا يريدون رابطًا، وإن لم يحصلوا عليه ستنتهي علاقتهم بك. وللعلم لم تكُن لدى معظم الشركات أي فكرة عن استخدامات المواقع الإلكترونية ولكنَّهم أدركوا أنَّه لم يكُن أمامهم خيار؛ فقد تقرَّر بصورةٍ جماعية أنَّ "هذا هو الشكل الكبير المُستَقبَلي للإعلام، وأنَّ مَن يفهمه سيفوز". كيف "تفوز" بالإنترنت؟ لا أحد يعلم، وحتى أولئك المهووسون الذين أقنعوا العالم بصورةٍ غير مباشرة بأن يحيا على الإنترنت لم يتنبؤوا بأثره الضخم. لم يكُن الإنترنت في حقيقة الأمر مُجرَّد "شكلٍ آخر للإعلام"، بل خلق فُرَصًا لأن تكون Amazon أكبر من Barnes & Noble بأربعةٍ وثلاثين ضِعفًا، ولأن يُحطِّم NetFlix خدمة Blockbuster، ولأن يساوي سكايب 2,6 مليار دولار بينما تتساقط شركات الاتصالات كالذباب. ليس الإنترنت مُجرَّد شكلٍ جديدًا للإعلام؛ إنَّه عالمٌ مختلفٌ تمامًا، وتغيَّرت نماذج الأعمال للأبد. لنَعُد إلى الحاضر، سنجد أنَّ النمط نفسه يظهر ثانيةً، ولكن في ثوبٍ آخر. أصبحت اليوم المواقع الإلكترونية الجديدة غير مرئيةفلننظُر إلى مشروعي المُمتِع الصغير LinksFor.Us (المُترجم: الموقع توقّف بعد نشر الكاتب لمقاله) على سبيل المثال. إنَّه أداة تُعلِم المُدوِّنين بمَن ينشر روابط منشوراتهم ويتحدَّث عنها. لستُ مُهتَمًّا بجني المال من هذا المشروع حمدًا لله، ولكن لنفترض أنَّني كنتُ مُهتَمًّا بذلك. موقع LinksFor.Us غير مرئي، إذ كيف ستجده؟ هل تبحث عن كلمة "مُدوَّنات" في مُحرِّك جوجل؟ لن تفلح كل وسائل تحسين مُحرِّكات البحث وAdWords في العالم في وضع موقعٍ جديدٍ في أعلى نتائج بحث جوجل عن جملة "روابط للمُدوَّنات". إذًا ماذا عليَّ أن أفعل؟ هل أنشر إعلانات في المجلَّات التي يقرأها المُدوِّنون؟ لا يقرأ المُدوِّنون المطبوعات. حسنًا، سأُعلِن في مُدوَّنات حقيقية، ولكن المُدوِّنون يقرأون المُدوَّنات من خلال برامج قراءة RSS التي لا تُظهِر (عادةً) الإعلانات. إنَّ موقع LinksFor.Us غير مرئي، أعتقد أنَّه من الممكن جعل أي شيء ملحوظًا إذا توفَّر ما يكفي من المال، ولكن لن يحدث ذلك عمليًا، خاصةً إذا أردتُ تأسيس شركة صغيرة بنفسي. ولَّت أيام "امتلك موقعًا وأعلِن عنه". من المُكلِّف للغاية أن تكون ملحوظًا على الإنترنت الذي أصبح مزدحمًا بالفعل. الطريقة الوحيدة التي يُمكن لموقع LinksFor.Us أن يتمتَّع بالنمو Traction هي وسائل التواصل الاجتماعي. إذا تحدَّث عنه Darren Rowse أو Brian Clark عنه، سيُصبِح مرئيًّا. إذا ظهر على الصفحة الأولى لموقع Digg، سيُصبِح مرئيًّا. وبمُجرَّد أن يُصبِح مرئيًّا، بمُجرَّد أن تكون لديك روابط خارجية incoming links والكثير من الزوَّار الدائمين، ستكون لديك الفرصة في استخدام تقنيات تحسين مُحرِّكات البحث التقليدية لكي تظل مرئيًّا. تُغيِّر وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل قواعد السوق، كما فعل الإنترنت منذ عِقدٍ. ما زال الأمر في بدايته بالطبع، ولا أحد -حتى الخُبراء- يعلم إلى أين سينتهي، ولكن من الواضح أنَّ الزمن يتغيَّر ثانيةً؛ ومَن لا يسارع إلى المشاركة سيكون مصيره مثل مصير الإعلام المطبوع. هل تريد أمثلةً؟Rubbermaid في اختبارٍ أجرته شبكة BazaarVoice، اكتشفت شركة Rubbermaid أنَّ إضافة مساحةٍ لتقييمات العُملاء في موقعها الإلكتروني زاد من مبيعات مُنتَجاتها وقلَّل من المُرتَجعات. قال المُتشكِّكون إن مبيعات المُنتَجات ذات التقييم المُنخفض ستهبط بقسوة، ولكن ما حدث في الحقيقة أنَّ مبيعات المُنتَجات ذات التقييم المُنخفض قد ازدادت. عندما سُئِل المُشتَرون، أوضحوا أنَّهم عند قراءة سبب التقييم السّيّء للمُنتَج من قِبَل شخص آخر، كانوا يختلفون معه غالبًا أو لا يهتمَّون بالمشكلة المذكورة. إذا كان السعر مُناسبًا، فالمُنتَج يستحق الشراء. Fog Creek يجني برنامج Fog Creek ملايين الدولارات من نظام FogBugz لتتبُّع العلل البرمجية Bugs. هناك المئات من أنظمة تتبُّع العلل البرمجية، منها المجَّاني، والرخيص، والمُكلِّف، ومفتوح المصدر، والتجاري، ومع ذلك فإنَّ Fog Creek مرئيٌ للغاية دون أيَّة إعلانات، كيف ذلك؟ لأنَّ المؤسِّس، Joel Spolsky، قد أنشأ مُدوَّنةً شهيرة جدًا عن البامجة. كان سابقًا لعصره؛ فكان يكتب مقالات ويُعلِمك عند نشر مقال جديد عبر البريد الإلكتروني قبل ظهور RSS. من المُتَّفق عليه على نطاقٍ واسع أنَّ Fog Creek كانت لتظل شركة استشارية مغمورة مكافحة تمتلك بضعة مُنتَجات، إذا لم تكُن قد قامت بالتدوين قبل أن يُطلَق عليه تدوينًا. Nike أتاحت شركة Nike للناس طلب أحذية مصنوعة خصيصًا وفقًا لتصميماتهم على الموقع الإلكتروني. قال المُتشكِّكون إنَّ التصنيع حسب طلب العميل مُكلِّفٌ للغاية، ومشاركة التصميمات مُعقَّدٌ للغاية، وإنَّ الناس يحتاجون إلى تجربة الأحذية أولًا. كان ذلك خاطئًا؛ فبمُجرَّد انطلاق الموقع أنشأت الشركة متاجر مادية يمكن للناس فيها فعل الأمر ذاته. قال Joaquin Hidalgo؛ نائب رئيس قسم التسويق الدولي بشركة Nike، أنَّ تلك المتاجر «تُمثِّل الآن 25% من أرباحنا». Zappos بمناسبة الأحذية، تبيع شركة Zappos أيضًا الأحذية عبر الإنترنت. يؤمن Tony Hsieh، المدير التنفيذي، تمامًا بأنَّ وجود الشركة الأسطوري على "تويتر" يولِّد المبيعات، حتى أنَّه ألَّف دليلًا للمبتدئين في استخدام تويتر. يُصرُّ أنَّ "تويتر" وغيره من أشكال التواصل المفتوح ضروريون لإنتاج خدمة عُملاء ممتازة، ويتلقَّى الموظَّفون تدريبًا على استخدام "تويتر". ارتفعت أرباح Zappos العام الماضي لتصل إلى مليار دولارٍ، حتى خلال الكساد، فهم يفعلون أمرًا ما على نحوٍ صحيح. Marketing.fm في السّابق كان يزور موقع Marketing.fm ذا الاسم الغريب ضِعفُ عدد مَن يزورون موقع Marketing.com. كان لدى أحد المَوقَعين مُدوَّنةً بها محتوى مفيد، على عكس الآخر. يمكنك تخمين أيُّهما الأول وأيُّهما الثاني. في السنوات العشرة التالية ستكون هناك المزيد من هذه القصص وليس أقل. هل ستنجح كل تلك المواقع والشبكات الاجتماعية؟ لا. هل نفهم كيف نستخدمهم بأكثر الطرق فعاليةً؟ لا. هل سيكون هناك شيئًا جديدًا آخر يومًا ما؟ بالتأكيد. ولكن في الوقت الحاضر والمُستقبَل القريب، هذا هو العالم؛ عليكَ أن تسارع بالاشتراك فيه حتى إذا لم تكُن تفهمه بعد. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Why you have to engage in social media, even if you don’t want to.
  8. في كثير من الأحيان تستحوذ الشركات الناشئة على اهتمام الإعلام، وتوصَف عادةً بأنها قد حقَّقت "نجاحًا بين عشية وضحاها"، باعتبار أنَّها وصلت إلى إنجازٍ لا يُصدَّق في عامٍ أو اثنين. انتابني شعورٌ لبعض الوقت أنَّنا إذا دقَّقنا النظر فيمن أسَّسوا "تجارب النجاح بين عشيةٍ وضحاها" تلك؛ سيتضح لنا أن تلك الإنجازات ليست من قبيل المصادفة. لذا سأحاول هنا أن أُقدِّم نظرة أعمق حول الكيفية التي بدأ بها هؤلاء المؤسسين تجاربهم الناجحة. كيفن سيستروم (Kevin Systrom) هو المؤسس الشّريك والرئيس التنفيذي لـ"Instagram"، تطبيق مشاركة الصور لأجهزة آيفون وأندرويد، الذي يُمكِّنك من إضافة "المُرشّحات" إلى الصور، ومشاركتها على التطبيق نفسه أو على الشبكات الاجتماعية الأخرى. إنستغرام هي واحدة من أكبر النجاحات التي تحقَّقت مؤخرًا؛ فقد استحوذ عليها "فيس بوك" بملياري دولار أمريكي قبل مرور سنتين على إطلاق التطبيق؛ وتجاوزت للتوِّ حاجز الخمسين مليون مستخدم (المُترجم: للتوّ هنا ترجع على تاريخ كتابة المقال الأصلي)؛ ما جعلها واحدةً من أسرع الخدمات نموًا على الإطلاق. إذًا كيف بدأ كيفن رحلته نحو تأسيس شركته الناشئة وتحقيق هذا النجاح؟ دعونا نلقي نظرة. البداياتنشأ كيفن في بلدة صغيرة في ولاية ماساتشوستس الأمريكية.دخل أول جهاز حاسوب إلى منزله في سن 12؛ وعندما كان يلعب Doom II، بدأ في تعديل مستويات اللعبة، قائلًا: "هذه هي الطريقة التي بدأت فيها الأمور حقيقةً. سأبقى مُمتنًا لـ Doom II في كل شيء.".مارس كيفن هواية البرمجة أولًا مع البرمجة بلغة كيو بيسك (QBasic).حين حصل على AOL، طوَّر كيفن برامج باستخدام لغة Visual Basic للإقلاع دون اتصال بالشبكة.في المدرسة الثانوية، حضر كيفن دروس علوم الحاسب بدلًا من علم الأحياء.أيام "ستانفورد"مارس كيفن البرمجة نشاطًا جانبيًا طوال الوقت الذي أمضاه في جامعة ستانفورد.طوَّر كيفن موقعًا منافسًا لكريغسليست (Craigslist)، يستهدف الحرم الجامعي في "ستانفورد"؛ واستخدم الخدمة 8000 شخص في الجامعة. كانت هذه واحدة من أولى تجارب كيفن في تأسيس الشركات الناشئة. سجَّل كيفن اسمه في صف علوم الحاسب في جامعة ستانفورد. يتذكَّر كيفن أنَّه وجد الصف صعبًا للغاية؛ ولم يحصل على علامات رائعة. ومع ذلك، فإنه يتذكَّر العديد من زملائه، الذين يعمل واحدٌ منهم في إنستغرام في واقع الأمر.وقع الاختيار على كيفن ليكون ضمن برنامج زمالة مايفيلد (Mayfield Fellows)؛ وهو برنامج عمل يهدف إلى التعرُّف إلى شركات التكنولوجيا الصاعدة. يقتصر الانتساب إلى البرنامج على القليل من الطلبة المُميَّزين في "ستانفورد" أو الطلبة الذين يدرسون درجة الماجستير جنبًا إلى جنبٍ مع البكالوريوس.خلال الفترة التي قضاها كيفن في جامعة ستانفورد، التقى شون باركر، ومارك زوكربيرغ، وآدم دانجيلو وغيرهم، من خلال نشاطاته وفترة التدريب في شركة Odeo.التدريب في Odeoضمن كيفن لنفسه فرصة تدريبٍ في Odeo (شركة ناشئة تنتج البودكاست). وكما يعرف البعض، ستصبح Odeo في وقت لاحق "تويتر". كان كيفن في Odeo قبل أن تصبح تويتر، ولكن مؤسس تويتر الشريك جاك دورسي (Jack Dorsey) كان أحد أوائل المستثمرين في إنستغرام بعد عدة سنوات. وسعيًا للحصول على التدريب، وجد كيفن بريد "إيفان ويليامز" الإلكتروني عن طريق إجراء بحث عن اسم نطاق Odeo عبر خدمة whois. لم يتلقَ كيفن ردًا في المرة الأولى التي أرسل فيها بريدًا إلكترونيًا، ولكن بعد رسالتين آخرتين وافق "إيفان" على مقابلة كيفن. يتطلَّب الأمر الكثير من العمل الشاق؛ والتدريب هو وسيلة رائعة لتعلُّم ذلك.في عام 2005، وخلال فترة تدريبه في Odeo، اجتمع كيفن بشون باركر، ومارك زوكربيرغ، وأتيحت له الفرصة للعمل لصالح "فيس بوك".العمل في جوجلبعد ستانفورد، تولَّى كيفن وظيفة في مجال التسويق للمنتجات في جوجل.كانت لدى كيفن خبرةً تسويقيةً نتيجةً لتدريبه في عدد من وكالات التسويق.عمل كيفن على Gmail وتقويم جوجل (Google Calendar)، وتطبيق Docs (المستندات) وSpreadsheets (جداول البيانات) خلال عمله في جوجل.تعلَّم كيفن في جوجل "كيفية التحدُّث عن المنتجات".انتقل كيفن إلى فريق تطوير الشركات الذي يقوم على أمر الاستحواذ على الشركات الناشئة، الأمر الذي أطلق شرارة رغبته في أن يكون جزءًا من شركة ناشئة هو نفسه.Nesxtstopيقول كيفن عن الفترة التي عمل فيها في فريق تطوير الشركات في جوجل: "رأيت الكثير من روَّاد الأعمال يستمتعون للغاية بتأسيس الشركات الناشئة حتَّى لقد انضممت إلى شركة أسَّسها بعض موظفي جوجل.".انضم كيفن إلى Nextstop، الشركة التي أسَّسها زملاؤه في جوجل.بدأ كيفن في التسويق، ولكن تحوَّل بعد ذلك إلى الهندسة. يقول: "فقط في وظيفتي التالية في Nextstop أمكنني القول إنَّني تحوَّلت من كوني هاويًا لأن أصبح قادرًا على كتابة برامج تصلح للخروج إلى النور.".بعد أن ترك كيفن شركة Nextstop استحوذت "فيس بوك" عليها في نهاية الأمر.Burbnبعد عامٍ قضاه في Nextstop، قرَّر كيفن أن يؤسس شركته الناشئة باسم Burbn.عمل كيفن على تأسيس Burbn بنفسه.كان Burbn تطبيقًا لتسجيل الحضور عبر الهاتف المحمول (check-in) مبنيٌ بالكامل على لغة HTML5.حين تُسجِّل حضورك إلى مكان ما عبر Burbn، يمكنك إضافة مقطع فيديو أو صورة.التقى كيفن "أندرسون ستيف" من شركة Baseline للاستثمار. وخلال الاجتماع، كان كيفن سيتقبل رسائل نصية تبلغه بأن مُستخدمين جُدد كانوا ينضمون إلى Burbn. كان ستيف يعرف بعضهم؛ مما دفعه إلى اتخاذ قراره بأن ثمَّة أمرٍ ما مهم يحدث أمام عينيه. أمَّن كيفن في هذا الاجتماع أوَّل استثمار لـ Burbn بقيمة 50 ألف دولار.أحد زملاء كيفن السابقين في جوجل قدَّمه إلى المستثمر مارك آندرسن الذي كتب له شيكا بمبلغ 250 ألف دولار من 500 ألف دولار حصل عليها كيفن.استطاع كيفن جذب عددٍ كافٍ من الناس لمشروعه Burbn؛ فجمع 500 ألف دولارٍ تمويلًا مبدئيًا.كان "مايك كريغر" واحدًا من أوائل مستخدمي Burbn، بالإضافة إلى كونه زميلًا في برنامج Mayfield Fellows. أصبح مايك مؤسسًا شريكًا لكيفن وأحد أعمدة إنستغرام.إنستغرامجلس كيفن مع مايك وقرَّرا أن تطبيقهما لم يكُن مميزًا بما فيه الكفاية في مجال تطبيقات تسجيل الحضور (check-in)؛ وأدركا أن الصور كانت شيئًا يستمتع به مستخدمو Burbn؛ فقرَّرا أن يركزا تمامًا على الصور. هكذا وُلد إنستغرام.بُنيَ إنستغرام حول 3 مشاكل حقيقية: لم يكُن باستطاعة المستخدمين التقاط صور جميلة بهواتفهم، وكان من الصعب نشر الصور على شبكات متعددة، وكان تحميل الصور عبر التطبيقات الأخرى بطيئًا جدًا.حين أُطلق إنستغرام وواجها مشاكل تتعلَّق بتوسيع نطاق العمل، أصبح "آدم دانجيلو" مُنقذهما؛ فتابع معهما خطوات الحصول على خطة بديلة. كان آدم دانجيلو أيضًا أحد أوائل المستثمرين في إنستغرام.سلسلة من الخطواتقد أكون مخطئًا ولكن بالنظر إلى كل الأمور المختلفة التي فعلها كيفن قبل إنستغرام وفي العمل على إنستغرام نفسه، يبدو واضحًا بالنسبة إليَّ أنه كان يبني على ما سبق في كل شيء فعله. لم يكُن من المُرجَّح أن يجِد كيفن شغفًا في العمل على مشاريع جانبية دون أن يلعب Doom II ويستمتع بتعديل المستويات. بغير هذا الشغف، ربَّما لم يكُن ليبني موقعًا منافسًا لـCraigslist في ستانفورد، الأمر الذي من المرجَّح أنه قد لعب دورًا كبيرًا في حصوله على التدريب في Odeo. نتيجةً للتدريب في Odeo والمشاريع الجانبية العديدة التي نفَّذها، كان كيفن في وضعٍ قوي يؤهله لتكتشفه "فيس بوك"؛ ومكَّنه ذلك من مقابلة مارك زوكربيرغ والمرور إلى آدم دانجيلو، أوَّل مدير تقني CTO في "فيس بوك"، حين كان يواجه مشكلة في توسيع أعمال إنستغرام. يبدو أنَّ كل هذه الأمور السابقة ساهمت في حصوله على وظيفة في شركة جوجل. وخلال فترة وجوده هناك، انتقل للفريق الذي كان يُركّز على عمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة. أعطاه ذلك خلفيةً جيدةً عن الأمر؛ وساعده على أخذ زمام المبادرة للانضمام إلى Nextstop. وخلال الفترة التي قضاها في Nextstop، انتقل من عمله بالتسويق إلى مهندس متفرغ للبرمجة بشكل كامل. كان كيفن مُسوِّقًا بارعًا ومهندسًا مُتمكِّنًا في الوقت الذي أسَّس فيه Burbn وإنستغرام عبر كل تجاربه السابقة. كانت لدى كيفن أيضًا صلاتٌ بعددٍ كبيرٍ من الناس الذين قدَّموا له المساعدة في كافة جوانب تأسيس الشركات الناشئة. ماذا عنك؟هل تفعل في كل يومٍ أمورًا صغيرةً تتراكم لتبني خبراتٍ فوق بعضها البعض؟ أنا بعيدٌ تمامًا من تحقيق أي شيء على مستوى ما حقَّقه كيفن سيستروم. لكن بالنظر إلى رحلتي إلى الآن أرى بوضوحٍ أن مشاريعي الجانبية قبل وفي أثناء الجامعة، وشركتي الناشئة السابقة التي فشلت قد أثَّرا تأثيرًا كبيرًا في النجاح الذي أحرزه Buffer إلى الآن. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Achieving overnight success: Kevin Systrom لصاحبه: Joel Gascoigne.
  9. تحدَّث كلٌ من ساشا وجارود عن تجربتيهما مع التّسعير؛ إذ أوضحَ الأول فوائد بيع العديد من النُسَخ من كتابه الإلكتروني بسعرٍ منخفض، بينما أشار الثاني إلى مزايا الأسعار المرتفعة التي تجلب المزيد من العوائد مقابل سدد عدد الوحدات المُباعة. دار النقاش حول حسنات بيع المزيد من الوحدات (أي مضاعفة الانتشار) في مقابل بيع وحدات أغلى (أي مضاعفة الربحيَّة لكل وحدة). على كل مؤسِّس شركة ناشئة مواجهة هذا الخيار؛ لذا أودُّ التعمُّق فيه. لكي نوضِّح النقاش، لنستخدم نموذجًا أبسط: تبيع كلٌ من الشركتين (أ) و(ب) مُنتَجات ذات عوائد شهرية دورية، وحقَّقت كلٌ منهما الشهر الماضي عوائد قدرها 10 آلاف دولار. لدى الشركة (أ) 1000 عميلٍ يدفع كلٌ منهم 10 دولارات شهريًا. لدى الشركة (ب) 10 عملاء يدفع كلٌ منهم 1000 دولارٍ شهريًا. أيُّهما أفضل؟ إنَّه السؤالٌ الخطأ. لِمَ لا نقول: أي شركة منهما تُفضِّل أن تملك؟ أو: أي مشكلة أساسية يجب أن تعمل كل شركة على حلِّها؟ أو: تحت أي ظرف تكون كلٌ من هاتين الشركتين مثيرةً للاهتمام؟ أو: أي شركة منهما يمكنها الحصول على تمويلٍ أسهل؟ لنُركِّز على سؤالٍ واحدٍ فقط: أي شركة سيكون من الأسهل عليها الحصول على تمويل؟ قد أجد مَن يقول لي: مهلًا! هذا سؤال سيّء! لِمَ الهوس بالحصول على التمويل؟ ماذا لو لَم تكُن تريد بناء شركة ضخمة، أو ماذا لو أردتَ الاعتماد على نفسك في تمويل شركتك bootstrap. ألا تعلم أن الحصول على التمويل ليس مقياسًا للصواب أو للنجاح... إلخ. أتِّفق مع ذلك، ولكن على الجميع أيضًا أن يتَّخذ قرارًا بشأن ما إذا كان يريد الحصول على تمويلٍ أم لا، ويتَّضح أن استكشاف ذلك السؤال سيؤدِّي إلى الإجابة على كافة الأسئلة الأخرى. حجم السوقلنفترض أن السوق الإجمالية التي يمكن توجيه المُنتَج لها صغيرة؛ في هذه الحالة لن تستمر الشركة (أ) في النُمُوِّ للأبد، لذا فإنَّ عوائدها محدودة، وهو وضعٌ سيءٌ. أمَّا الشركة (ب) فيمكنها الحصول على المزيد من المال من مجموعتها المحدودة من العُملاء، فهذا أفضل. إلَّا أنَّ المُستَثمرين بالطبع لا يُحِبُّون الأسواق الصغيرة. لا تكون الشركة (ب) في سوقٍ كبيرةٍ بالضرورة سيئة، ولكن يكون للشركة (أ) المزيد من الإمكانيات. تُصبِح الشركات ذات نقاط السعر الصغيرة مع الوقت قادرةً على زيادة الأسعار والحصول على المال بطُرُقٍ أخرى من قطاعات متنوِّعة من المُستَهلِكين، ممَّا يعني أنَّ الشركة (أ) ستكون لها إمكانيات تحقيق عوائد أكبر. الأمر الأهم على الأرجح أن الشركة (أ) تُثبت أنّ هناك سوقًا كبيرةً، فإذا كانت قد وجَدَت 1000 عميلٍ، فهناك 10 آلاف عميل، وربما 100 ألف عميل؛ أمَّا إذا كانت قد وجَدَت 10 عملاء فقط، ربما يكون هناك 10 آلاف عميل، ولكن لن يكون لديها دليل على ذلك؛ فسيُمثِّل الأمر مُخاطرةً أكبر. مخاطر السوقتموت شركات عادة لأنَّها لا تستطيع العثور على ما يكفي من العُملاء ليدفعوا لها، وتموت شركات بتلك الطريقة أكثر من تلك التي تموت بسبب سوء المُنتَج، أو عدم تمتُّعها بما يكفي من المميزات، أو عدم وجود مُصمِّم ضمن فريق العمل. ثمَّة مليون عامل مُتغيِّر هنا، مثل: هل يمكنك تحديد مواقع عُملائك المُحتَملين؟ هل يمكنك جلبهم إلى موقعك الإلكترونيّ؟ هل يمكنك حَملهم على القراءة والنقر؟ هل يمكنك حَملهم على الاشتراك؟ هل يمكنك حَملهم على الموافقة على سعرك؟ يعني وجود مليون عامل مُتغيِّر أنَّ القيام بالأمر على نحوٍ صحيحٍ صعبٌ. ولذا ينبهر المُستَثمر دائمًا بمثيلات الشركة (أ) التي حقَّقت تطوُّرًا لا يقبل الجدال في هذه الجبهة بعينها. من المفيد أن يكون لديك 1000 شخصٍ يدفع لك أي قَدْرٍ من المال مهما كان. إنَّ الحصول على 1000 عميلٍ دافعٍ أصعب كثيرًا من إضافة ثلاث مميزات جديدة، لأن الثانية مسألة وقتٍ ومال ، بينما الأولى خارجة عن سيطرتك. ليس حَمل 10 أشخاص على أن يدفعوا لك -وإن كان مبلغًا كبيرًا- في الحقيقة بهذه الصعوبة. إذا كان لدى أحد المؤسِّسين قائمة بها بيانات العاملين في المجال -وهو أمر شائع للغاية- فسيكون من الصعب عدم العثور على 10 أشخاص. لا يُثبت ذلك أنَّ لديك طريقةً قابلة للتوسُّع والتكرار للعثور على عُملاء، ولا أنَّ هناك المزيد والمزيد من العُملاء المُحتَملين. مخاطرة السوق هي المخاطرة الأكبر أمام معظم الشركات الناشئة. من الطرق المثيرة للاهتمام لتقليل تلك المخاطرة بناء شركةٍ مثل الشركة (ب)؛ إذ لا تحتاج لبيع الكثير لكي تُحقِّق أهدافك. إن هذا أمرٌ رائع لأن المخاطرة ستكون قليلة عندما يكون السقف منخفضًا. لا يُقصد بهذا أيَّة إهانة؛ في الحقيقة أعتقدُ أنَّ على المزيد من الشركات اتِّباع ذلك الأسلوب. يداوي الوقت العديد من الجروح (ولكن ليس جميعها)يمكنك أن تُعوِّل على نزعات trends مُحدَّدة على المقياس الزمني للسنين. فمتوسط تكلفة مُشتريات العميل تتراجع على سبيل المثال، لماذا؟ لأنَّك تُصبِح مُنظَّمًا وفقًا لمقاييس التسويق، لأنَّ حملاتك تتحسَّن، لأنَّ صفحات الهبوط Landing pages وحملات التسويق بالتقطير Drip Campaigns الخاصة بك تصبح أقوى، لأنَّ التسويق الشفهي تنتج عنه مبيعات «مجَّانية» وهكذا. هناك نزعة أخرى وهي زيادة متوسط العوائد لكل عميل، لماذا؟ لأنَّ طبقات الأسعار الجديدة تُقسِّم العُملاء على نحوٍ أفضل، فالأسعار ترتفع كلَّما نَمَت السُمعة الجيِّدة؛ فيمكنك أن تُوفّر خدمات ومُنتَجات مُلحَقة، وتُحقِّق عوائد جديدة من خلال التطور التُجاري، وهكذا. من الخطأ الاعتقاد بأنَّك ستجد دائمًا عوامل جديدة تستعين بها للنمو. تعلَق شركات عدة عند مُعدَّلٍ مُعيَّنٍ للنمو، وعلى الرغم من أنه نمو إيجابي إلَّا أنَّه يلتهم الكثير من المال أثناء زحفه البطيء نحو مرحلة إيجابية التدفُّق النقدي، ولا يُولِّد أرباحًا مثيرة للاهتمام بعد ذلك. بُمجرَّد أن يُصبح ذلك النوع من الشركات على الأقل مُربِحًا، يوفِّر الوظائف ويمكنه العثور على أحد العوامل الدافِعة للنمو يومًا ما، ولكن المُستَثمر بالطبع لن يكون مُهتمًّا بتلك النتيجة. لنَعُد إذًا إلى شركتينا، أثبَتَت الشركة (أ) أنَّ النمو مُمكِن، وبالرّغم من وجود 1000 عميلٍ بميزانيةٍ محدودةٍ، سيكون هناك على الأرجح عوامل عديدة أخرى دافعة للنمو، وأحدها مُتاحٌ على أيَّة حال، وهو أكثر مما يمكنك أن تقوله عن الشركة (ب). إذًا، فالشركة (أ) تفوز في أحد الأبعاد التي لا تتحسَّن آليًا مع الوقت. لذا، حتى إذا لم تكُن الشركة (أ) تُبلي حسنًا في بقية النواحي، لن يكون ذلك هامًا بذات القَدْر. لنفترض أنَّك تقول إن 10 دولارات شهريًا ليست مبلغًا مثيرًا للاهتمام. ربما تكون مُحقًّا، ولكن متوسط العوائد يزداد، فهذه لن تكون إذًا مشكلةً طويلة الأمد. لنفترض أنَّك اكتشفتَ أنَّ اكتساب عميلٍ جديد يدفع 10 دولارات شهريًا سيُكلِّفك 60 دولارًا، وهو مبلغ كبير قد لا يمكنك الاستمرار في دفعه، ولكنّ تلك التكلفة تتراجع مع الوقت، فهذه لن تكون إذًا مشكلةً طويلة الأمد. يهتم المُستَثمِرون بالطبع بوضعك بعد عامين أكثر ممَّا يهتمون بوضعك الحالي، فهم يقلقون أكثر بشأن المشاكل التي لا تُحَلَّ تلقائيًّا مع الوقت. القابلية للتغيير المِحوَري Pivotabilityهناك إجماع حاليًا على أنَّه من الطبيعي، بل ومن الصحي، للشركات الناشئة في مراحلها المُبكِّرة أن تترقَّب تغييرًا محوريًا ذكيًا Pivot. عليها في الحقيقة أن تفعل ما هو أكثر من «الترقُّب»، عليها أن تسبِر السوق بنشاطٍ، ممَّا يعني إجراء محاورات مع العُملاء وغير العُملاء على حدٍ سواء، وحضور الفعاليات الخاصة بالمجال لإجراء محادثات حقيقيَّة (وليس تبادل الحديث بمزاحٍ على تويتر)، واستكشاف مقاييس موقعك الإلكتروني وتسويقك وخصائص مُنتَجَك وهكذا. من أشهر الإجابات على سؤال «ما الذي جعلكم ناجحين؟» إجابة «قرَّرنا التوقُّف عن س والشّروع في العمل على ص». ومن ثَم فإن جمع البيانات عمَّا يحدث حقًّا، وعمَّا قد يدفع العُملاء من أجل الحصول عليه، وعن الثّغرات القيِّمة غير المُكتشفة بعد في السوق هو أفضل الأشياء التي يمكنك فعلها؛ والشركة التي تفعل ذلك جيدًا تزيد من فرصها في النجاح. من الواضح أنَّ لدى الشركة (أ) المزيد من البيانات حول السوق؛ إذ تملك مئة ضِعف من العُملاء ممن يُمكن محاورتهم وتحليلهم. كما لديها على الأرجح عددًا كبيرًا من الزّيارات على موقعها، فيمكنها تقسيما إلى أقسامٍ فرعية وتجربة أربع أفكار في وقتٍ واحد. من بين المبادئ التي نجدها في منهجية Lean Startup أنّ السرعة التي يمكن اختبار التجارب بها تتناسب طرديًا مع ما مقدار ما يُمكن تعلّمه، وستكون للشركة التي تستطيع فعل ذلك بشكل أسرع وأدّق أفضلية بالغة. أفترضُ أنَّ ذلك صحيح بغض النظر عمَّا إذا كانت الشركة ستحصل على استثمارٍ أم لا. سلسلة من الحُجج المؤيِّدة للشركة (ب)إذًا من الواضح أنَّ المُستَثمر سيُفضِّل بصورةٍ عامةٍ الشركة (أ) على الشركة (ب)، ولكن الشركة (ب) أفضل في عدة حالات، فلنُستعرضها. إذا كانت تكلفة الدعم عالية، ستقضي الشركة (أ) على ربحيَّتها وتفوز الشركة (ب). إذا كانت تكلفة اكتساب العملاء customer acquisition عشرة أضعاف العوائد الشهرية أو كانت العوائد الشهرية 100/1 ممَّا يُفتَرض أن تكون لاستمرار عمليات الشركة، لن تكون حُجة «أن الوضع سيتحسّن مع مرور الوقت» صالحة، لأنَّه على الرغم من تحسُّن الوضع على نحوٍ متزايد، إلَّا أنَّه من الصعب تفسير القِيَم الأُسِّية للتحسُّن. إذا كانت التكلفة البشرية للتوسُّع في الشركة (أ) أعلى منها في الشركة (ب) ربما تكون الشركة (ب) في الحقيقة أكثر ربحيَّةً. إذا كنتَ ستُبقِي على حجم الشركة صغيرًا، فسيكون دائمًا من الأرخص والأكثر متعةً أن تديرها مثل الشركة (ب)، ستُنفق مالًا أقل على التسويق والإعلانات واكتساب العُملاء، وتمضي وقتًا أقل في تدريب العُملاء، وسيكون لديك المزيد من الوقت لجعل العُملاء يحبُّونك للأبد، ومن ثَم سيكون هناك عمل أقلّ وحياة أكثر سعادةً في المُطلق. ستكون وظيفتك المُبهجة في تطوير المنتج هي مساعدة أشخاص قليلين لديهم احتياجات متشابهة بدلًا من محاولة إرضاء الاحتياجات المتفاوتة لآلاف الأشخاص الذين لا يمكنهم الاتِّفاق على أي شيء. كل شيء تقريبًا في الشركة (ب) أفضل. إذا كانت السوق صغيرة، فسيكون من الصعب الحصول على أكثر من بضعة عُملاء، لذا ستكون بحاجةٍ إلى نموذج عمل يستخلص أكبر كمٍّ من المال من المجموعة المحدودة المُتاحة مثل الشركة (ب). نموذج فريميوم Freemium لا يصلح للشركة (أ)غالبًا ما أرى مؤسِّسين ومُستثمرين على حدٍ سواء يستخدمون العديد من الحُجج السابق ذكرها للتدليل على سبب كَون شركة لها 100 ألف مستخدمٍ أكثر قيمةً من شركةٍ لها 1000 عميلٍ دافعٍ، وأختلفُ معهم. بينما قد يكون صحيحًا أنَّ للشركة ذات الأعداد الشاسعة من المُستخدِمين المجَّانيين إمكانيَّات، إلَّا أنَّ هناك الكثير جدًا من الأمثلة على شركات ناشئة ذات مُنتَجات رائعة، وتسويقٍ رائع، ونُمُوٍ ضخم، وقواعد عُملاء كبيرة، لم تستطِع تحويل ما يكفي من المُستخدِمين المجَّانيين إلى دافعين، وحتى بعد التحوُّل لم يدفعوا ما يكفي من المال. بالطبع إذا كان ثمَّة مُعدَّل تحويل، يمكنك البدء بتطبيق المنطِق السابق ذكره من جديد، مثل أنَّ مُعدَّلات التحويل تزداد مع الوقت.. إلخ. إذًا فطالما كان العدد الكامل للدافعين مُهمّا ومُعدَّل النُمُوِّ كبيرًا، سيكون وضعك جيِّدًا، بل أفضل من جيِّد في حقيقة الأمر، إذ سيكون لديك المزيد من الأدوات التي يمكنك استخدامها لزيادة مُعدَّل التحوُّل وتقديم مُنتَجات مختلفة والتغيير المِحوَري.. إلخ. أيُّهما يلائمك أكثر؟أتمنَّى أن تجد التفاصيل المذكورة سابقًا كافيةً لتتَّخِذ قرارًا بشأن ما يلائمك. إذا كان بإمكاني اختصار الأمر في جملةٍ واحدةٍ ستكون: «إذا أردتَ الحصول على السعادة من شركةٍ صغيرة، اسعَ إلى تأسيس الشركة (ب). إذا أردتَ مضاعفة النُمُوِّ والتأثير والقيمة المالية، فاسعَ إلى تأسيس الشركة (أ)». ترجمة -وبتصرّف- للمقال Which is better: Many customers at low price-point or few at high price? لصاحبه جيسون كوهين
  10. يسألني أحد المتابعين قائلًا: «أنا مستعدٌ لإنفاق الألف الأولى من الدولارات على شيءٍ آخر غير Google AdWords. هناك الكثير من الخيارات المُتاحة ولا أعرف من أين أبدأ؛ فكيف أختار؟» بما أنَّه لم يذكر المجال الذي يعمل فيه، فقد يبدو للوهلة الأولى بأنَّني لا أستطيع الإجابة، لكنَّني في حقيقة الأمر أملك إجابة على سؤاله. ثمَّة ألف مكان ومكان يُمكنك الإعلان فيه وهناك مائة طريقة وطريقة للوصول إلى العملاء المُحتَمَلين منها الحصول على أكوامٍ من ملفات معلومات التواصل بالأشخاص «المُحدَّدة أهليتهم مُسبقًا» “pre-qualified” people، كما يُطلق عليهم، والذين اضطرّوا لتزويدك بعناوينهم الإلكترونية لتحميل كُتيّب أو دراسة قمت بإعدادها. أيُّها أفضل؟ هل أيٌ منها فعَّالٌ حقًّا في توليد المبيعات؟ جرَّبتُ في شركة Smart Bear –حرفيًّا- مائة حملة: بين الحملات الإعلانية على مُحرّكات البحث paid search، والمعارض التجارية، والبطاقات البريدية، ورعاية النشرات البريدية، وإعلانات المجلَّات (أجل، المطبوعة!). بنيتُ في نهاية الأمر نظامًا يمكنه قياس فعالية الحملة بدقَّةٍ متناهيةٍ، حتى مع مختلف وسائل الإعلام التقليدية مثل المطبوعة. إليك ما تعلَّمتُه:لا شيء؛ تعلّمت أنّه لا يمكنني الثقة بقُدرتي على توقُّع أيٍ من الحملاتٍ ستُثمِر. كانت الطّريقة الوحيدة للمعرفة هي التّأكّد من أن نظام المُتابعة والقياس يعمل بشكل جيّد وتجربته للتّحقّق من ذلك، ومن ثمّ الحصول على تخفيضات وأسعار مُنخفضة جدّا لدى تجربة نظام إعلانات مُعيّن للمرّة الأولى. أي أنّك لمّا تُجرّب نظام إعلانات جديد أو ترغب في الإعلان على موقع لم يسبق لك أن أعلنت عليه، فحاول أن تحصل على تخفيضات بغرض التّجربة أوّلًا. أمر آخر تعلّمته وهو أن أداء الحملة سيتغير مع مرور الوقت. عندما بدأتُ مع مجلة Dr. Dobbs كانت المساحة المُخصَّصة لإعلاني هي ربع الصفحة الأخيرة. نجح الإعلان جدًا؛ وحقَّق إعلانٌ بحجم صفحة كاملة نجاحًا أكثر منه، ولكن مع مرور السنين أصبح أقل وأقل فاعلية، وظللتُ أطالب بسعرٍ أقل في كل مرّة. كان مندوب مبيعات الإعلانات يُشير ا إلى إحصاءات BPA الخاصة بهم (شركة تدقيق حسابات تؤكِّد دائمًا على النُمو القوي والقُرَّاء الأثرياء): ويقول لي «ولكن القُرَّاء يتزايدون، إلى جانب أنَّك ستفقِد مِصداقيّتك إذا توقَّفتَ عن الإعلان، إذ سيتساءل الناس عمَّا إذا كُنتَ قد اختفيتَ». بعد بضعة أشهر، توقَّفَت المجلّة عن الإصدار. ولكن تذكَّر أنّ؛ المجلّة قبل أن تتوقَّف بثلاث سنوات، كانت واحدة من أكبر مصادر العُملاء المُحتَمَلين. تتغيَّر الأمور، ولا يُمكِن التنبُّؤ بها. إذًا يمكنك، من بين عشرات الخيارات المُتاحة أمامك، اختيار ما يُحقِّق المواصفات التّالية بأقصى قدر، ويُفضّل أن تختار منها حسب هذا الترتيب،: 1. قابل للقياس: عليكَ أن تعرف بموضوعية إذا ما كانت قيمة الشركة أكبر من قيمة المال المُنفَق عليها. إن قياس ما هو إلكترونيٌ أسهل من قياس ما ليس كذلك، ولكن لا ينطبق ذلك على أمور مثل المسابقات، أو العروض الخاصة، أو صفحات الهبوط Landing Pages السرِّية. 2. أسرع من حيث الوقت اللازم لاكتشاف نجاحه، يعني التعلُّمُ السريع التوصُّلَ إلى نموذج ناجح للإعلانات في وقتٍ أسرع. 3. أرخص: في هذه المرحلة من شركتك فإنّ أهم شيء بالنّسبة إليك هو معرفة أي استراتيجيّة وأي حملة إعلانية/موقع أنجع، وليس السّعي لمحاولة مضاعفة العوائد الإجمالية منذ البداية. بمجرد أن تفهم الطريقة التي تسمح لك بجني فوائد كبيرة فسيكون ضخ المال عليها بأسرع ما يمكن خيارًا منطقيًّا. 4. مُريحًا: أن يكون شيئًا يُعجبك مثل موقع إخباري تقرأه باستمرار أو مُغرِّد يُجري المسابقات على موقع تويتر بطريقة ذكيّة وعلى نحو خاص. بما أن حدسك ليس مفيدًا للغاية، فيمكنك كذلك اختيار شيءٍ يُعجبك، وخاصةً إذا كنتَ تفهمه وتُعجبك "ثقافته" بالفعل، ومن ثم يمكنك صياغة إعلان مثالي لذلك الجمهور. كنتُ على سبيل المثال ناجحًا في Smart Bear بصورةٍ خاصة في موقع Stack Overflow الذي كنتُ أحد أوَّل مُستخدميه، وفي موقع Coding Horror الذي كنتُ قارئًا له لفترةٍ طويلةٍ. لذا لا تُهدِر الوقت في القلق بشأن اختيار الحملة «الصحيحة»؛ إذ لا يمكنك ذلك. تأكَّد فقط من توافر تلك النقاط الرئيسة ثم ابدأ. ترجمة -وبتصرّف- للمقال How do I know where to advertise? لصاحبه Jason Cohen
  11. كاتب هذا المقال Jarrod Drysdale؛ وهو مُصمِّم حقَّق مؤخَّرًا مبيعات بمئات الآلاف من كتابه الإلكتروني الذي يُعلِّم الأشخاص الذين يُطلقون مُنتجاتهم بتمويلهم الخاص bootstrapper مبادئ واستراتيجيات في التصميم يُمكنهم القيام بها بأنفسهم. لقد عمل لصالح شركات ناشئة، وشركات مالية، واستوديوهات لتصوير أفلام، وعلامات تجارية استهلاكية، وعملًا حُرًّا ولصالح وكالات. يُحلِّل Jarrod هنا سبب تحقيق استراتيجيته في التسعير حسب القيمة المزيد من المال الناتج عن مبيعات أقل من استراتيجية التسعير المذكورة في المقال السابق. كتبَ ساشا سابقًا عن استراتيجية التسعير الخاصة به، وقال إنَّه قد جنى 6663 دولارًا من بيع 1476 نسخة في 48 ساعة. في نفس الفترة الزمنية تقريبًا، جنيتُ 8753 دولارًا من بيع 242 نسخة. تُمثِّل مصادفة إصدار كل من ساشا Greif وإيَّاي كتابينا الإلكترونيَين عن التصميم (Step-By-Step UI Design وBootstrapping Design، على التوالي) فُرصةً فريدةً لعمل دراسة حالة. لقد حدَّد كلٌ منا سعرًا مختلفًا بدرجةٍ كبيرةٍ؛ فعند إطلاق كتابي كانت تكلفته 39 دولارًا، بينما كانت تكلفة كتاب ساشا عند إطلاقه تتراوح ما بين 3 إلى 6 دولارات. الفرق بين الرقمين صاعقٌ. لقد حقَّق ساشا مبيعات أكثر مني بستة أضعاف، ومع ذلك جنى مالًا أقل. كانت استراتيجيَّاتنا مختلفةً جدًا؛ ألَّف ساشا كتابًا وحدَّد سعره بالنسبة لتكلفة الكُتُب الأخرى، وهي الاستراتيجيَّة التي يتبعها الجميع تقريبًا. أمَّا أنا فألَّفتُ كتابًا وحدَّدتُ سعره وفقًا للقيمة التي يُقدِّمها بدلًا من ذلك. إنَّ اختيار استراتيجية تسعير بناءً على المنافسة منهجٌ طبيعيّ، لكنَّه مَعيبٌ. يشير تنافسُ الأسعار إلى النُدرة؛ أي ينطوي على قوى السوق الأساسية: العرض والطلب. ليست هناك نُدرة في الكتب الإلكترونية؛ لأن الملفات الرقمية تُنسَخ مجَّانًا. لنواجه الأمر، عندما نحاول أن نعرف عن موضوعٍ ما، غالبًا ما نشتري أكثر من كتابٍ واحدٍ عنه، فقد جاءتني تعليقاتٌ من عدَّة عُملاء اشتروا كتابي وكتاب ساشا. لذا فربما لا تهم قوى السوق الآن عندما يتعلق الأمر بتسعير كتابٍ إلكتروني. كما يُوحي التنافس على الأسعار بأنَّ محتوى كتابك الإلكتروني لا يهم. ووفقًا لهذا الافتراض المَعيب، قد يُفضِّل العُملاء شراء أرخص كتاب لأنَّهم لا يريدون التعامل مع ما بداخله ولا يهتمُّون به. وهذا ليس صحيحًا؛ فالمهنيون يسعون لتحصيل المعرفة (عن التصميم في هذه الحالة)، وليس للحصول على أرخص كتاب مُتاح. يحتوي كل كتاب على فوائد وأفكار مختلفة. ستكون قد خسرتَ الكثير بالفعل إذا بدأتَ عملك التجاري بالتفكير في السعر. لا يشتري العُملاء من أجل السعر، بل من أجل القيمة التي يتلقُّونها؛ وبدون قيمة تكون المعادلة غير صحيحة. إذًا يجب أن يكون السعر مُترتِّبًا على القيمة بدلًا من ذلك. عند صنع مُنتَجٍ، علينا التركيز أولًا على العميل وما يحتاجه، وكيف يمكننا تقديم قيمة. ثم علينا معرفة ما قيمة الحل الذي نقدِّمه له ونُحدِّد سعرًا وفقًا لذلك. كتب ساشا في مقاله «نميل بداهةً إلى النظر إلى الأسعار باعتبارها نتيجةً مُترتِّبة على القيمة المُتأصِّلة في المُنتَج، ويريد المُسوِّقون في كل مكان أن يبقى الوضع على ما هو عليه.» يسيء ساشا فهم القيمة. يمكنني القول إن البشر غير قادرين تمامًا على فهم القيمة المُتأصِّلة، فنحن نفهم القيمة حسب السياق. جارِني قليلًا، لنَقُل أنَّ لدي ورقتين أرغب في بيعهما لك: رسمتُ في الأولى خريطةً إلى المكان الذي دفنتُ فيه 1000 دولارً نقدًا في ميدان خالٍ، وفي الثانية كتبتُ وصفةً لعمل بسكويت برقائق الشوكولاتة. ما المبلغ الذي ستكون مُستعِدًّا لدفعه مقابل كلٍ منهما؟ أي ورقة ستدفع ثمنًا أكبر لتحصل عليها؟ بالطبع ستدفع في مقابل الورقة الأولى أي مبلغ لا يقل عن 1000 دولار لأنه سيُمثِّل ربحًا صافيًا (إلَّا أن مبلغ 999 دولارًا قد لا يستحقُّ الوقت الذي ستستغرقه في الحَفر)، أمَّا في مقابل الثانية فلن تدفع على الأرجح أي شيء، وأعلم أن السبب ليس عدم حُبَّك للبسكويت. نحن نفهم قيمة المنتج الواحد بطرقٍ متعددة، ولكن لا يتعلَّق أي من تلك الطرق بجوهر المُنتج نفسه. ربما نرى مُنتَجًا قيِّمًا إذا كان يوفِّر لنا آلاف الدولارات، وقد نراه قيِّما بنفس القَدْر إذا كان يساعدنا على تجنُّب القيام ببعض المهام التي لا نُحبُّها. نحكُم على قيمة المُنتَج في كل حالةٍ بناءً على ما يُقدِّمه لنا وليس بناءً على ماهيته. يتضمَّن مقال ساشا نقطةً أخرى؛ وهي أنَّ الأسعار المنخفضة تعني دائمًا المزيد من المبيعات، وبالعكس تعني الأسعار المرتفعة دائمًا مبيعات أقل. هل هذا حقيقيٌ فعلًا؟ هذا الادِّعاء مَعيب لأنَّ التسعير ليس العامل الوحيد الذي يؤثِّر على قرارات الشراء؛ فعملية اتِّخاذ القرار مُعقَّدة بشِدّة وتختلف من مُنتَجٍ لآخر ومن مُستهلِكٍ لآخر. يُفكِّر المُستَهلِكون في عوامل كثيرة غير السعر، مثل القيمة، والتوفير، والجودة، والذوق، والاحتياجات. أحيانًا تكون إحدى الخصائص سببًا في اتِّخاذ القرار، وأحيانًا لا يلائم شكل المُنتَج ذوقَك. حتى أن ساشا قد ذَكَر في مقاله مثالًا كانت فيه الأسعار المرتفعة تعني المزيد من المبيعات، ولكنَّه لم يُفسِّر لِمَ لَم ينطبق ذلك على مُنتَجه. إذًا عندما تُفكِّر في سعر مُنتَجَك، لا تفترض أن السعر المرتفع سيعيق المبيعات تلقائيًّا. ولكن لنفترض حتى أنَّ العكس -أنَّ الأسعار المنخفضة تُحقِّق المزيد من المبيعات- صحيحٌ. هل هذه حقًّا ميزة؟ أراد ساشا تكوين قاعدة أكبر من العملاء ليبيعهم مُنتَجات إضافية وجديدة. ولكن هؤلاء العُملاء مُبرمَجون بالفعل على نطاق محدَّد للأسعار؛ فمن غير المحتمل على الأرجح إمكانية بيع مُنتَجات ذات أسعار أعلى كثيرًا لهم، بالإضافة إلى أن البدء بسعرٍ مرتفع لن يمنعك من تحقيق مبيعات المُنتَجات الإضافية والجديدة. فقد سألني عدة عُملاء بالفعل على سبيل المثال عن موعد إصدار كتابي الإلكتروني التالي. قد أقول إنَّ عدد مبيعاتي القليل لا يرجع للسعر، وإنَّما لعدم معرفة الكثير من الناس بي؛ فلدَيَّ الآن 566 مُتابعًا على موقع «تويتر» بينما لدى «ساشا» 3824 مُتابعًا، برغم كَون العلاقة غير مباشرة نوعًا ما. كان أمامي مجال أضيق وقاعدة عُملاء أوَّلية أصغر؛ فحقَّقتُ مبيعات أقلّ. إذا كان أمامك مجال ضيق -مثلي- يصبح السعر المرتفع أكثر منطقيةً، إذ يُعوِّض الربح الأعلى الكمِّية الأقلّ. هل تتخيل تحقيق هامش ربح منخفض من كمِّية مبيعات منخفضة؟ يبدو الأمر صعبًا. كما أنَّ الأمر سيكون مثيرًا إذا استَمرَّت الأرباح الأعلى في الزيادة. يكتب ساشا أيضًا «الناس الآن معتادون على دفع مبالغ ضئيلة (أقل مِمَّا يُكلِّفه كوبٌ من القهوة في ستاربَكس) بفضل متاجر التطبيقات. ولكنَّني كنتُ أعرف أيضًا أنَّ أي شيء يزيد عن 10 دولارات سيُؤثّر على آليّات نفسية مختلف.» يشير إلى أنَّ الأثر النفسي لتخطِّي عتبة 10 دولارات سلبيٌ. سأقول إن السعر المرتفع يصفِّي قاعدة عُملائك ليتبقَّى العُملاء الجادُّون، الذين يصبحون مُعجَبين ومُخلِصين. الناس الذين يُقدِّرون حقًّا ما ستقول وسيخبرون الآخرين عنه. أُفَضِّل أن أحظى بعميلٍ واحدٍ من هؤلاء قد دفع 39 دولارًا، على أن يكون لدي 13 عميلًا أقلّ حماسًا يشعرون أن مُنتَجي يمكن التخلُّص منه مثل كوبٍ من القهوة المحروقة؛ فهذا العميل الواحد سيفعل أكثر كثيرًا من الآخرين للمساعدة في بناء عملي الجديد. هل تريد حقًّا عملًا يتوقَّف على «الاندفاع في الشراء»؟ أُفضِّل في عملي أن أفهم سبب شراء العُملاء لمُنتَجي. كتابي الإلكتروني مُوجَّه للمُحتَرِفين الجادِّين في عملهم؛ فهم يفهمون القيمة التي أُقدِّمها ويملكون مالًا يدفعونه للحصول عليها، ليس للاندفاع علاقة بالأمر. لماذا يمكنني بيع كتاب إلكتروني مقابل 39 دولارًا؟ لأنَّني لا أبيع كتابًا إلكترونيًّا، وإنَّما أُقدِّم حلًّا قَيِّمًا لمُشكلةٍ صعبةٍ. قد يبدو مبلغ 39 دولارًا كبيرًا عند مقارنة كتابي الإلكتروني بالكُتُب الأخرى، ولكن ليس لتلك الكُتب الأخرى علاقة بالمُشكلة التي يحلُّها كتابي؛ فالمُقارنة هنا ليست في محلِّها. يُعلِّم كتابي Bootstrapping Design مؤسِّسي الشركات الناشئة التصميم بأنفسهم، وهو بديل عن توظيف مُصمِّمٍ أو شراء نماذج وشعارات وتصميمات جاهزة أخرى. أُقارِن على الإنترنت بين إنفاق آلاف الدولارات وتوظيف مُصمِّم وبين شراء كتابٍ إلكتروني، إذا كان الكتاب يُحقِّق فعلًا تلك القيمة، كم يجب أن يكون سعره؟ أي مُنتَج يوفِّر لك مئات أو آلاف الدولارات يستحق ببساطة 39 دولارًا. ليس السعر بحاجة إلى التفكير فيه لأن كتابي يقضي على الكثير من المشاكل المؤلمة، ويمكنه الدفع نحو خلق هامشٍ واسعٍ من المُدخرات. توفير المال هو توفير المال، لا يهم إن كان ثمَّة مُنتَج منفصل يُكلِّف مالًا أقلّ. تعلَّمتُ كل ما أعرف عن التسعير تقريبًا من Amy Hoy في دورة تكوينيّة لها بعنوان 30×500 حول إطلاق الأعمال التجارية. كتَبَت في تدوينة ممتازة عن الأسعار المنخفضة قرأتُها عدة مرات: «حدِّد سعرًا مرتفعًا لمُنتجك واجنِ المزيد من عُملاءٍ أقل، واخدم هؤلاء العُملاء بمصادرك المحدودة، مثل وقتك، على نحوٍ أفضل. اسعَ نحو هوامش الربح وليس نحو الإفلاس. كُن كشركة آبل، إذ تحصل على حوالي 50% من أرباح سوق الهواتف المحمولة بامتلاك 4% فقط منه. هذا مكان رائع قد ترغب في الوصول إليه.» (زادت أرقام شركة آبل إلى 75% من الأرباح وحصة 9% من السوق بعد تدوينة Amy، مما يؤيِّد فكرتها). تُتيح لك الأرباح المرتفعة حقًّا خدمة عُملائك على نحوٍ أفضل، اسأل عُملائي. فأنا لديَّ الوقت اللازم للردّ بصورةٍ شخصيةٍ على الرسائل الإلكترونية من كل عميل، ومنحه نصائح عن التصميم بحُريّة. وزِرّ الرَدّ الموجود في نشرتي البريدية يُرسِل الرسائل مُباشرةً إلى صندوق الوارد الخاص بي. عليَّ أن أُحقِّق مبيعات أقلّ بكثيرٍ لكي أجني ما يجنيه ساشا من مالٍ. لقد تعلَّمتُ أن القيمة التي يُقدِّمُها كتابي الإلكتروني تستحقُّ ذلك السعر في رأي العديد من الناس، والعُملاء الذين اشتروا الكتاب الذين يبلغ عددهم 242 مُجرَّد جُزءٌ صغيرٌ جدًا من جمهوري؛ فهناك 2500 مُشترِكًا في نشرتي البريدية، وحتى ذلك العدد يُشكِّل جُزءًا صغيرًا جدًا من جمهوري. لا يمكنني بهذه الأرقام التنافس على الأسعار، والمردود إيجابيٌ بصورةٍ مُدوِّيةٍ، وعُملائي سُعداء بالقيمة التي يحصلون عليها من كتابي الإلكتروني. أمَّا عن السعر، فلم يذكُره أحدٌ تقريبًا. ترجمة -وبتصرّف- للمقال: Perfect Pricing Part Deux — More money from fewer sales
  12. كاتب هذا المقال هو ساشا جريف Sacha Greif؛ المُصمِّم ورائد الأعمال الذي باع مؤخَّرًا آلاف النُسَخ من كتابه الإلكتروني المنشور بالجهود الذاتية الذي يوضِّح كيفية تصميم واجهة مُستخدِم بالخطوات. لقد عمل مع شركات ناشئة مُتعدِّدة وهو كذلك مؤسِّس خدمة Folyo التي تساعد الشركات في العثور على مُصمِّمين يعملون لحسابهم الخاص. يشرح ساشا هنا كيف حدَّد سِعرًا لكتابه الإلكتروني، الأمر الذي لعب دورًا أساسيّا في نجاحه. وبَّخَني أبي مؤخَّرًا لشراء خبزٍ بُنِّي رخيص. وبما أنَّه قد كان لدينا أيضًا خُبزًا دنماركيًّا مستوردًا فاخرًا؛ تحدَّيته أن يخضع لاختبار تذوُّقٍ دون أن ينظر إلى نوع الخبز الذي يتناوله. بالطبع لم يستطِع معرفة الفرق بينهما، رغم أنَّ تكلفة أحدهما تبلغ ضِعف تكلفة الآخر. نميل بداهةً إلى النظر إلى الأسعار باعتبارها نتيجةً مُترتِّبة على القيمة المُتأصِّلة في المُنتَج؛ ويريد المُسوِّقون في كل مكان أن يبقى الوضع على ما هو عليه. ولكن يعرف علماء النَفس أنَّ للأسعار قوَّةً أكبر من ذلك بكثير؛ فقد يؤثِّر السعر المناسب تأثيرًا عظيمًا على القيمة المُدرَكة للمُنتَج، بل ويخلقها من العدم (هل سمعتَ عن الألماس من قبل؟). لطالما أذهلَتني قوّة الأسعار، كما تُوضِّحها قصصٌ مثل بائعة المجوهرات التي ضاعَفَت مبيعاتها بزيادة أسعارها ثلاث مرَّات. لذا عندما ألَّفتُ مؤخَّرًا كتابًا إلكترونيًّا يوضِّح للناس كيفية تصميم واجهات المُستَخدِم، كنتُ أعرف مدى أهميَّة تحديد السعر المناسب. لماذا تتقاضى ثمنًا من الأساس؟ألا تكفيك الشُهرة، والمَجد، وعدد المُشتَركين في خلاصات RSS الخاصة بك؟ إلى جانب الإجابة البديهيَّة (جَني المال)، أعتقد أنَّ الأشياء المجَّانية تجتاح الإنترنت بالفعل. فأنا أحمِّلُ بنفسي عشرات الخطوط، والأيقونات، والكُتُب، والفيديوهات المجَّانية كل أسبوع ولا أستخدم أيًا منهم بسبب ضيق الوقت. إذًا فأنا بِتَقاضِي نقودًا ملموسة مقابل مُنتَجي، كنتُ أُحقق أمرين: كنتُ أرسِل إشارةً مفادها أنَّه أفضل من المحتوى الذي يمكن للمستخدم الحصول عليه مجَّانًا؛ وكنتُ أزيد من فُرَص قراءة الناس للكتاب بالفعل بعد تحميله، بما أنَّهم قد دفعوا مالًا ليحصلوا عليه (ومن ثَمَّ أستخدم مغالطة التكلفة الغارقة sunk costs fallacy لصالحي). كانت الخطوة الأولى هي القيام ببعض أبحاث السوق الأساسية لمعرفة كَم من المال سيكون الناس مُستعدِّين لدفعه. سألتُ الناس على موقع تويتر وجاءتني الإجابات تتراوح ما بين 5 إلى 10 دولارات. كما بحثتُ عن الأسئلة الموجودة بالفعل على موقع Quora، وسألتُ إذا ما كان من الأفضل البدء بأسعارٍ منخفضة ثم زيادتها أم البدء بأسعار عالية ثم تخفيضها. (الإجابة المُختَصَرة: الأمر نسبي). كما وضعتُ في الاعتبار حقيقة أنَّ الناس الآن معتادون على دفع مبالغ ضئيلة (أقل مِمَّا يُكلِّفه كوبٌ من القهوة في ستاربَكس) بفضل متاجر التطبيقات. ولكنَّني كنتُ أعرف أيضًا أنَّ أي شيء يزيد عن 10 دولارات سيُؤثّر على آليّات نفسية مختلفة. (سترى خلال دقيقة إثباتًا أو دحضًا لهذه الفرضية). بما أنَّ هدفي كان تحقيق أعلى المبيعات الممكنة لخلق قاعدة من القُرَّاء، وربما لتمهيد الطريق أمام كتبي المُستقبَليّة، قرَّرتُ البقاء داخل إطار الأسعار التي تتراوح بين دولارٍ واحد وعشرة دولارات. بعد اتخاذ قرارٍ بشأن السعر التقريبي، كانت الخطوة التّالية التركيز على تجزئة السوق. شعرتُ بالتنوير نوعًا ما بعد قراءة هذا المقال الذي كتبه Joel Spolsky عن التجزئة (قد يكون هذا المقال على الأرجح واحدًا من أفضل عشر مقالات عن المبيعات على الإنترنت)؛ وأدركتُ أن هذا المصطلح الذي يبدو مُعقَّدًا ينطوي في الحقيقة على مفهومٍ مألوفٍ للغاية. لتبسيط الأمور، تعني تجزئة السوق أن تُسعّر لكل شخصٍ بأقصى ما يرغب في دفعه. هذا بالتحديد ما يحدث عندما تساوِم في أحد الأسواق في بكين أو القدس؛ إذ يبدأ البائع بسعرٍ باهظٍ للغاية، ويتم البيع عندما تنجح في خفض السعر إلى أعلى سعر ترغب في دفعه (وبالتالي مضاعفة أرباحه). وبما أنَّه من الأصعب كثيرًا معرفة المبلغ الذي قد يرغب شخصٌ ما في دفعه عبر الإنترنت، فلتُقدِّم ببساطة أسعارًا مختلفة وتدع المستخدمين يختارون بأنفسهم ما يناسب احتياجاتهم. لا يمكنك بالطبع تقديم المُنتَج نفسه مقابل سعرين مختلفين؛ لذا تحتاج إلى إيجاد عامل تفاضل. في حالتي، قررتُ أن تتضمَّن النسخة الفاخرة من الكتاب الإلكتروني على ملفات فوتوشوب المصدرية. كان تكتيك التسعير الآخر الذي استخدمته هو توفير سعر افتتاحي أصغر. يؤدِّي ذلك إلى أمرين: الأول هو زيادة عدد من سيشترون المُنتَج مبكِّرًا: ممَّا سيحقِّق انطلاقةٍ أكبر ويساعد على الوصول إلى الكتلة الحرجة، حيث أنّه كلَّما زاد عدد من اشتروا الكتاب زاد عدد من سيشترونه، وفقًا لأساسيَّات ظاهرة الإثبات الاجتماعي (ظاهرة الإثبات الاجتماعي: أي أن يُقلِّد الشخص أفعال الآخرين في محاولةٍ معرفة السلوك الصحيح أو الخاطيء في المواقف الاجتماعية). ولكنَّها كذلك كانت طريقة لمكافأة العُملاء الأوائل؛ فهُم مَن يخاطرون لمعرفة ما إذا كان الكتاب يستحقُ القراءة، كما أنَّهم مَن يتابعونك عن كثبٍ ويهتمُّون بك أكثر من غيرهم. إنَّهم جماعةٌ مميَّزة ويجب معاملتهم باعتبارهم كذلك (ستجد بأن سيث جودين يركّز على هذه الفكرة كثيرًا). لنراجع معًا قيود التسعير التي وضعتها: - لابد أن يكون هناك تسعريان مُختلفان. - لابد أن يكونا عاليين بما يكفي للسماح بوجود تخفيض افتتاحي (تخفيض لأوائل الزّبائن) - لابد أن يتراوحا ما بين دولارٍ واحد وعشرة دولارات. عندما تضع الأمور نصب عينيك هكذا، يتَّضح أنَّه ليس هناك الكثير من الخيارات. فاخترتُ: طبعة عادية: سعرها 5.99$ يصل بعد التخفيض إلى 2.99$ وطبعة فاخرة: سعرها 12.99$ يصل بعد التخفيض إلى 5.99$. يبلغ سعر الطبعة الفاخرة ضِعف سعر الطبعة العادية، وقيمة الخصم كذلك 50%، مما يجعل حساب الأمر بسيطًا. إذًا ها هو الجزء الذي تنتظرونه جميعًا، كيف جرى الأمر؟ كانت النتيجة جيدة بصورةٍ مذهلة. نشرت صفحة الهبوط Landing Page الخاصة بالكتاب الإلكتروني على موقع Hacker News؛ وسرعان ما وصلَت إلى أعلى المراتب، وجَمَعَت أكثر من 300 صوتًا، بل ووصلَت للمرتبة الثانية على الصفحة الرئيسية لفترةٍ. حقَّق تدفُّق الزوَّار الهائل (22 ألف زائر في يومٍ واحد) مبيعات مذهلة؛ ففي أول 48 ساعة بعتُ 1476 نسخة من الكتاب، بإجمالي أرباح 6663 دولار. إذًا لا بد أنَّ نموذجي للتسعير كان ناجحًا، ولكن ما السّبب المُحدّد الذي يقف وراء ذلك؟ لحسن حظِّي، أطلعني بعض المُعلِّقين في موقع Hacker News على ما فكَّروا فيه؛ فقال أحدهم: «أريد أن أقول فقط أنَّ نقطة السعر 2.99 رائعة، فلم يبدُ أن دفع مبلغ 5.99 الذي يشمل ملفات فوتوشوب المصدرية أمرًا يحتاج إلى التفكير.» وقال آخر: «نموذج الأسعار مناسب لشيءٍ مثل هذا الكتاب، 2.99؟ لن أفكِّر كثيرًا قبل أن أدفع هذا المبلغ. 5.99 مقابل الحصول على خصائص إضافية؟ أنا حاليًا أدفع 2.99 دولار؛ ليس الفرق كبيرًا، كما أنَّني سأحصل على المزيد من المزايا؛ رائع!»؛ وقال ثالث: «أحبُّ طريقة هيكلة هذا الأمر. كان نموذج الأسعار مثاليًا تمامًا؛ خُذ أموالي». إذًا هناك أمران لهما دور هنا، الأوَّل أنّ نقطة السعر المنخفضة (2.99) كانت منخفضة بما يكفي لخلق دافعٍ للشراء ولم تُحفِّز آليات دفاع الناس المضادة للإنفاق. والثاني أن نقطة السعر الأعلى (5.99) كانت قريبة بما فيه الكفاية من النّقطة الأولى لجعل الناس يشعرون بأنَّهم طالما سيشترون الكتاب بأي حال، فعليهم أن يشتروا النسخة الأفضل. وتؤيِّد الإحصاءات ذلك، فعلى عكس ما توقَّعتُ اشترى أكثر الناس النسخة الفاخرة (758 نسخة، مقابل 718 من النسخ العادية). هكذا يعمل ارتساء الأسعار Price Anchoring، غالبًا ما يُقدِّم المُسوِّقون خيارات فاخرة بنقاط تسعير مرتفعة زائفة لجعل الخيار العادي يبدو أكثر جاذبيةً بالمقارنة معها (فكِّر في كل جداول خطط الأسعار ذات الخانة المُخصَّصة للشركات بسعر 1000 دولارٍ شهريًا، إلى جانب الخانة المُخصَّصة للمُستهلِك العادي بسعر 10 دولارات شهريًا). ولكن في حالتنا حدث العكس؛ فقد جعل تقارُب نقاط السعر الخيار الأعلى يبدو وكأنَّه صفقة رابحة. ومن ثمَّ أهديكم النظرية التالية في التّسعير: إذا كان الفرق بين السعرين كبيرًا جدًا، سيبدو السعر الأقلّ أكثر جاذبيةً، ولكن إذا كان الفرق صغيرًا، سيُصبِح السعر الأعلى الخيارَ الأفضل. من الصعب بالطبع تحديد حجم الدور الذي لعبه السّعر في نجاح الكتاب، وربما كنتُ سأجني أكثر إذا كانت تكلفة الكتاب الإلكتروني 0.99 دولارًا، أو إذا كانت 49.99 دولارًا، ولكنَّني سعيدٌ للغاية بالفعل بالمبيعات وبالمردود الذي حصلتُ عليه؛ لذا سأقاوم الرغبة المُغرية في طرح سؤال «ماذا لو؟»؛ فإذا أردتُ أن أعرف حقًا يمكنني دائمًا أن أؤلِّف كتابًا آخر. لذا أتمنَّى أن تُفكِّر للحظةٍ في الأسعار المُتاحة أمامك في المرة التالية التي تجد نفسك فيها مُستعدًّا للاشتراك في خطة برنامج حاسوب شهرية أو حتى للتسوُّق. ربما ستستطيع اكتشاف المنطق الخفي وراء تلك الأرقام. ترجمة -وبتصرّف- للمقال How Perfect Pricing got me 1500 Sales in 2 Days
  13. «إنّ فكرتي ليست جيدة بما يكفي»؛ هكذا قال صديقي الذي يُفكِّر في تأسيس شركته الخاصة، وينتظر أن تتجسَّد الفكرة تمامًا قبل أن يُقدِم على الخطوة. إليكَ هذا الوضع: إنَّ فكرتك على الأرجح فاشلة، ولا يُهم ذلك؛ لأنَّ مشروعك سيصبح في النهاية شيئًا مُختلفًا تمامًا على الأرجح. هل يبدو ذلك خاطئًا؟ لِنَرَ. سنة 1998 تلقَّت شركةٌ تمويلًا قيمته 4.8 مليون دولار لكي «تنقل المال بين أجهزة Palm Pilot»، سأُطلِق على هذا المُنتَج اسمًا رمزيًّا هو ناقل الأموال. الأمرُ كالتالي، ترغب آليس في منح بوب بعض المال ولكن ليس لديها نقود أو دفتر شيكات، ولا توجد ماكينة صرَّاف آلي في الجوار. يمتلك كلٌ من آليس وبوب أجهزة Palm Pilot وقد نصَّبا عليها برنامج ناقل الأموال مُسبقًا، وبرغم أنَّهما قد نسيا كل وسائلهم العادية لتحويل المال، إلَّا أنَّهما قد تذكَّرا إحضار أجهزة Palm Pilot. سيُتيح ناقل الأموال لآليس إرسال المال إلى بوب. لن يفعل ذلك في الحقيقة، وإنما سيتذكَّر أنّ آليس تريد إرسال مال إلى بوب، وبمجرد أن تعود آليس إلى منزلها وتصل جهاز Palm Pilot الخاص بها بالحاسب الآلي، وبعد أن تتَّصل بالإنترنت، سيتواصل ناقل الأموال مع خادِمٍ ويُحوِّل المال، بشرط أن يكون المال بحوزة آليس بالطبع وأنَّها لم تُغيِّر رأيها سِرًّا في تلك الأثناء. هل كنتَ لتستثمر في هذه الشّركة النّاشئة؟ ليس بفكرةٍ كهذه. ولكنَّك كنت ستكون مخطئًا، فقد كانت تلك هي PayPal. جعل عملهم في التشفير بالإضافة إلى فكرة نظام مصرفي إلكتروني يستهدف المُستهلِك من تلك الطريقة هي الأسهل لإرسال الأموال، عبر البريد الإلكتروني. اشترتها eBay مقابل 1.3 مليار دولار. وهم يعالجون اليوم عمليات دفع قدرها ألفا دولار في الثانية. إنَّني متأكد من أنَّك لن تتعرَّف على هذا التّطبيق: هذه هي اللعبة اللامتناهية Neverending؛ وهي لعبة إلكترونيَّة على المتصفِّح لأكثر من لاعبٍ «دون طريقةٍ للفوز، ولا تعريفٍ للنجاح» (تبدو لي شبيهةً جدًا بشركات ويب 2.0)، وهي لم تخرج إلى النور إطلاقًا. الأمر الذي كان أكثر أهميةً، لمستخدميها الأوائل، هو إمكانيَّة مشاركة الناس لأغراض اللعبة بسحبها إلى نوافذ المحادثات، رأوا أنَّ هذا تحسينًا مُفيدًا لتطبيقات المحادثات بصورةٍ عامة، وهكذا مع إخفاق خطط اللعبة صنع المهندسون تطبيق (Flash) للمحادثات الفورية بالإضافة إلى مشاركة الملفَّات مع تأكيدٍ خاص على مشاركة الصور. كان تطبيق Flash للأسف فوريًا فقط؛ فصورك لا تظل موجودة عندما تغلقه، وكان ذلك قاتلًا لأنَّ الناس كانوا مُهتمِّين، كما اتَّضح، بالجزء المُتعلِّق بالمشاركة أكثر من الجزء الفوري. لذا أعادوا كتابة التطبيق في لحظةٍ ثائرة أخرى على هيئة موقع إلكترونيّ عادي ووُلِد موقع فليكر Flickr، وهو الآن أحد أكبر مواقع مشاركة الصور في العالم بصور يصل عددها إلى 3 مليارات صورة وخمسة آلاف صورة تُرفَع كل دقيقة. لن تكتمل بالطبع مثل تلك الثورة دون إدانةٍ ذاتية؛ لذا لنعد بالذّاكرة إلى بدايات شركتي؛ Smart Bear. كانت فكرتي الأولى مُنتَجًا يُدعى مؤرِّخ الشفرات، ويمكنه الغوص في تاريخ ملفٍ ما ليُريك ما تغيَّر.كان الاسم دقيقًا، ولكن اتَّضح أنَّه تقريبًا غير مجدٍ. مَرَّت الشركة، كالمراهق، بالعديد من المراحل المُحرِجة 1. 24 من مارس 2003: كريه، «افعل شيئًا واحدًا وافعله على نحوٍ سيء». 2. 22 من ديسمبر 2003: قبيح للغاية، «ثلاثة مُنتَجات: هل تكفي لحزمةٍ؟» 3. 10 من أكتوبر 2004: مُمل، «كل العناصر في الجزء العلوي من الموقع، وأكثرها تكلفةً أولًا». 4. 11 من يناير 2006: اقتربنا، «أنت بحاجة حقًّا إلى مُصمِّم جرافيك، حقًّا». 5. 10 من سبتمبر 2007: ليس سيِّئًا، «أنت تعترف على الأقلّ أنّ مراجعة الشفرات هي كلّ ما يهم». 6. الوقت الحاضر: جيِّد، «مهلًا، إلى أين ذهبت كل تلك المُنتَجات الأخرى؟» كُنَّا نبيع في إحدى المراحل ستَّ أدوات مختلفة؛ كانت الوحيدة التي تهمُّ حقًا هي مُراجِع الشفرات، ربما ستوضِّح لقطة الشاشة هذه الأمر: ليس الغرض من كل هذا توبيخ أي شخصٍ بسبب أفكاره السيئة، بل العكس تمامًا في الحقيقة، فالغرض هو أنَّ فكرتك الأولى لا تهمُّ. أولًا: ذلك قولٌ خاطئ على الأرجح، وثانيًا: إنَّ الطريقة الوحيدة لمعرفة الفكرة الصحيحة هي تجربة الفكرة الخاطئة ورؤية ما سيحدث، لن تجدها من خلال العبث بشرائح عرض PowerPoint والنماذج المُصغَّرة لفوتوشوب. إذًا فاخرج إلى العالم وارتكب بعض الأخطاء، فكما قال Neil Davidson مؤخرًّا: لا تحتاج لنموٍ هائل وسوقٍ بمليار دولار لبدء تمويل شركة برمجيَّات من مدخراتك الخاصة. ففرصة سوق قيمته 50 ألف دولار كافية لتقف على قدميك، وبمجرَّد أن تبدأ ستعرف البقيَّة. (Neil هو عضو مؤسس بشركة Red Gate، التي بدأت كنظام إلكتروني آخر لتعقُّب الأخطاء البرمجيّة، ولم يهتمّ بها أحدٌ، ولكنّها الآن أصبحت مُتعهِّدًا شهيرًا لأدوات قواعد البيانات بلغة SQL ولديها 95 ألف عميل). ترجمة -وبتصرّف- للمقال Your idea sucks, now go do it anyway لصاحبه Jason Cohen.
  14. لقد بعتُ شركتي، Smart Bear، في ديسمبر عام 2007. لم أتحدَّث عن الأمر قط على مُدوّنتي؛ وحان الوقت لأُفرِغ ما بجعبتي عن المسألة بأكملها. قد تعتقد أنَّ بيع شركةٍ ما تجربةٌ ساحرة ومثيرة، ولكنَّني فوجئت بردود الفعل التي واجهتُها. من بين ما قيل لي:- «كيف أمكنك بيع مشروعك الوليد؟ إنَّني مصدومٌ.» - «اعتقدتُ بأنّك قلت بأنّ الأوضاع تسير على نحوٍ جيد.» - «يالك من مُتخاذِل، كنتَ من الأشخاص الرائعين القلائل الّذين أعرفهم.» من المثير للاهتمام أنّ 100% من ردود الفعل السلبية جاءت من أشخاصٍ لم يؤسِّسوا شركات خاصة بهم قط. ولكن لا يجعلهم ذلك على خطأ، كما لا يقلِّل من ألم وقعِ كلماتهم، خاصةً حين يكونون من أصدقائك. الآن وبعد مرور عامين تقريبًا، يمكنني أن أفهم تمامًا لماذا كان «بيع مشروعي الوليد» هو الأمر الصحيح. آمل أن تثير عملية التفكير هذه اهتمامك وربما تكون مفيدة لك في حالة مواجهتك نفس الخيار، ولكن الحقيقة أنَّني فقط بحاجة إلى إزاحة هذا الأمر عن صدري. أحتاج إلى توضيح الأمر لأولئك الّذين ما زالوا يعتبرونني مُتخاذِلًالقد سمعتَ على الأرجح عن ما قاله Naom Wasserman عن الخيار بين أن يكون المرء غنيًا أو ملكًا؛ فمؤسِّسو الشركات يؤسِّسونها إمَّا من أجل المال (ليصبحوا أغنياء) أو من أجل بناء أسلوب حياة وهويّة شخصية (ليصبحوا ملوكًا). لقد بُنِيَت كلّ الشركات المُموَّلة بالاستثمار المغامر لكي تصبح غنيّة. يقول Noam أنّ المؤسِّسين الناجحين يتّخذون قرار «غنيّ أم مَلِك» مُقدَّمًا، وأنَّه على الرغم من عدم أهميَّة أي طريقٍ تختار، إلا أنَّ عليكَ أن تسير على نمطٍ متجانس في أفعالك، إذ لا يمكنك الجمع بين تكتيكات طريق أن تصير «مَلِكًا» وبين الأهداف النهائية لطريق أن تصبح «غنيًّا». إلّا أنّني قد جمعتُ بين الطريقين ونجحتُمن الجيد أن تكون «مَلِكًا»، ولكن ماذا ستفعل عندما تجلس في مطعم لتتناول طعامك؛ فينظر الرجل الجالس أمامك إلى عينيك ويعرض عليك مالًا يغنيك عن العمل بقية حياتك؟ لطالما كنتُ أسعى وراء المال، على هيئة عملية بيع الشّركة بصورةٍ خاصة. لقَّنَّا كلّ من جاء للعمل في شركة Smart Bear هذا الموقِف بكلمات محدَّدة، فقلتُ في أكثر من مناسبة: «نحن كالعاهرات البسيطات، سنفعل أي شيء للحصول على المال». كان الربح هو معيار كل قرارٍ نتّخذه. على الرغم من أنَّه لطالما كان الهدف النهائي هو البيع، إلا أنَّ موقفي كان (وما يزال) أنَّ الطريقة الأفضل لبيع شركتك هي أن تكون مُربحةً. فالأرباح تثبت أن المشروع يعمل جيدًا، والأرباح تؤكِّد وجود سوق، والأرباح تجعل تحديد القيمة الدُنيا لشركتك سهلًا، والأرباح تعني أنَّ المُشترِي سيُحوِّل أموال الميزانيّة إلى أموال أرباح وخسارة صافية؛ وهي المُعامَلة التي ترغب كل شركة كبيرة في إجرائها. والأهم من ذلك، أنَّ الأرباح تعني أنَّك لستَ بحاجة إلى البيع؛ ممَّا يمنحك القدرة على رفض الصفقات، إذ أنَّك إن لَم تملك الرفض فلن تتمتَّع سوى بالقليل من القدرة على التفاوض في أيَّة صفقةٍ. على الجانب الآخر، كنتُ أعرف أنَّني لن أكون سعيدًا سوى ببناء شركة عظيمة أصليّة؛ حيث يحل المُنتَج مُشكلًا حقيقيًّا، وتُقدَّم للعملاء خدمة فاخرة، ويكون «الدعم الفني» هو قوَّة المبيعات الوحيدة، ونجعل العالم في حالةٍ أفضل ممّا وجدناه عليها، ويكون كل موظف ذكيًا، ومُنجِزًا، وموثوقًا به لاتِّخاذ أي قرار. ورغبتُ في المُلحَقات المُصاحبة لإدارة شركةٍ التي تُصيب بتضخُّم الذات؛ فمن الرائع أن تقول في الحفلات: «أديرُ شركتي الخاصة». ألَّفتُ كتابًا انتشر انتشارًا واسعًا (في الرُكن الصغير الّذي أسكنه من العالم) لدرجة أنَّ الناس كانوا يطلبون منّي توقيعه. (كُنَّا نمنح الكتب مجّانًا، لذا كنت أقول بأن قيمة الكتاب ستتضاعف لمّا أوقّع عليه). عندما ذهبت إلى المعرض التجاري شعرتُ وكأنّني Norm بطل مسلسل Cheers؛ إذ كنتُ أعرف الجميع والجميع يعرفني. حظيتُ بفرصة تقديم عروض في أماكن رائعة مثل مؤتمر عالم أعمال البرمجيات الذي ينظمه Neil Davidson وJoel Spolsky. وأكتبُ هذه التدوينة، مُستغلًّا بلا خجل حقيقة نجاح شركة Smart Bear (وشركتين أخرتين) في إقناعك بأنَّني أستحق أن يُقرأ ما أكتب. باختصار، على الرغم من أنّ هدفي كان أن أصبح «غنيًّا»، إلّا أنّني حقَّقته من خلال التصرُّف وكأنّ الهدف أن أكون «مَلِكًا». لا أعلم لِمَ يجد الناس ذلك مُتناقِضًا، فالتصرُّف كمَلِك يعني في النهاية بناء مشروع مُستدام طويل الأمد، وهذا هو تحديدًا نوع المشاريع التي تُشتَرَى. ولكن ما زلتُ بحاجة إلى توضيح سبب أنّ كَوْني أصبحتُ «مُتخاذِلًا» كان الخيار الصحيح، لأنّ دور «المَلِك» كان مُمتِعًا وكانت Smart Bear مُربِحة. أوَّل ما ينبغي فهمه هو العلاقة غير الخطيِّة بين «نقود المُدّخرات الشخصية» و«الحُريّة المالية». كيف تؤثر ثروتك على نمط حياتك: التأثير ليس خطيًّا ثمَّة خطٌ عندما تتجاوزه يمكن لمُدَّخراتك وحدها تمويل نمط حياة تَرِف بدرجةٍ معقولة. سأخاطر بأن أبدو مثل جورج بوش، وأقول إن هذا هو خط الحُريّة؛ الحُريّة من القيود المُحدِّدة لما يمكنك فعله بحياتك وأسرتك وحياتك المهنية. ملاحظاتي1. يُغيِّر الانتقال من يسار الخطِّ إلى يمينه حياتَك جذريًا؛ ويمنحك الحرية لفعل ما يسعدك، للأبد. 2. إذا كنتَ تتجاوز الخط من اليسار إلى اليمين، فلا يهم إلى أيِّ مدى ستصل. (بالتأكيد توفِّر 100 مليون دولار نمط حياة مختلفًا عمَّا توفِّره 10 ملايين دولار، ولكنَّه ليس تغيُّرًا حاسِمًا في نمط الحياة أو السعادة كالتغير المُتمثِّل فقط في تجاوُز الخَط). كان رقم 1 هو ما عُرِضَ عليَّ في ذاك المطعم؛ ويعني رقم 2 أنَّ قيمة العَرض لم تكُن مهمة تقريبًا طالما أنها كبيرة بما يكفي. أزعجني الكثير من الناس فيما يتعلق بالرقم 2، وكانت حُجَّتهم المعتادة هي الآتي: تنمو شركتك بنسبة 100% عامًا تلو الآخر، فهي مُربِحة وتُدِرُّ المال. لِمَ لا تنتظر عامًا آخر وتدع العوائد تتضاعف ثانيةً، ممَّا سيجعل قيمة الشركة أكبر بستّة أضعاف (بافتراض قيمة تقدّر بثلاثة أضعاف المداخيل، وهو رقم تقريبيّ معقول لشركةٍ برمجيات نامية)؟ هذا أفضل تشبيه وجدته للتعبير عن سبب كَوْن هذا التفّكير منقوصًا، وهو يُدعى لعبة الصناديق تخيَّل أن هناك صندوقين مُعتمين، يحتوي الصندوق أ على 10 دولارات، أمّا الصندوق ب فهناك احتمالية بنسبة 50% أن يحتوي على 20 دولارًا، واحتمالية بنسبة 50% ألّا يحتوي على أي شيءٍ على الإطلاق. عليك اختيار أحدهما وأخذ ما بداخله؛ أيُّ الصندوقين ستختار؟ ليس هناك أي فرق بالتأكيد من الناحية الإحصائيّة، إذًا فهذا السؤال ليس مُتعلِّقًا بالرياضيات أو الاقتصاد أو الذكاء، بل هو مقياس لموقفك من المخاطرة. يختار معظم الناس الصندوق ب، فالفرق بين 10 دولارات و20 دولارًا فرقٌ تافهٌ على أيَّة حال، والأكثر مُتعةً وإثارةً هو اختيار الصندوق ب. ولكن ماذا إذا كانت الأرقام مختلفة؟ الآن يحتوي الصندوق أ على 5 ملايين دولار، والصندوق ب إمَّا يحتوي على 10 ملايين أو لا شيء على الإطلاق، والنسبة 50/50؛ أيُّهما ستختار؟ ستختار الصندوق أ بالطبع! لأنّه ينقلك من يسار الخَطّ إلى يمينه، ولأن «فرصة الانتقال أكثر قليلًا» لا تستحقُّ التخلي عن يقينيَّة ذلك الحدث الَّذي سيُغيِّر حياتك. كانت هذه حُجّتي الداعمة لرقم 2 والمناهضة لنظرية «لننتظر ونرى ما سيحدث»؛ لهذا بِعتُ الشركة. اتَّضحت صحَّة خياري على نحوٍ أليم في حالتي بسبب الأزمة الاقتصادية لعام 2008، إذا كنتُ قد انتظرتُ «عامًا آخر والمزيد من المال» -الصندوق ب- كنتُ سأجد صندوقًا فارغًا. أعرفُ أنَّ تلك حقيقةٌ؛ فقد عُرِضَت صفقة على شركة أخرى (لا يمكنني التصريح باسمها للأسف) في نفس وقت صفقتي. أراد هذا المؤسِّس المخاطرة واختار الصندوق ب وأخَّر المُشتَرِي، مرَّ نصف عام ولم تنمُ العوائد، فرفض المُشتَرِي الصفقة. بعد أشهرٍ، وعندما كان الكساد يلوح في الأفق، حاول المؤسِّس الاتصال بالمُشتَرِي ثانيةً، راغبًا هذه المرَّة في قبول عرضٍ قليل، رفض المُشتَرِي؛ فقد فات الأوان. هناك من لا ينطبق عليهم هذا الحساب لأنّهم يريدون أن يصبحوا «ملوكًا» مهما كان الثمن. أراهن أنَّ Jason Fried لن يبيع شركة37signals مقابل 100 مليون، وأنَّ Joel Spolsky لن يبيع شركة FogCreek. هل Joel وJason غير عقلانيين؟ بالطبع لا، كما لم أكُن أنا غير عقلاني أيضًا. بدءًا من ديسمبر 2007 أصبحت لديَّ الحرية في العمل على أي مشروع أريد لبقية حياتي، بينما أستطيع الإنفاق على أسرتي في الوقت ذاته، دون أن أقلق ثانيةً أبدًا بشأن الفواتير، أو الديون، أو امتلاك مأوى، أو إرسال ابنتنا إلى أي جامعة تريدها. يمكنني المكوث في المنزل مع زوجتي وطفلتي الصغيرة بقدر ما أرغب، مستمتعًا بكل الوقت الثمين، والتجارب، والذكريات التي يُقال أنَّ المال لا يستطيع شراءها. ولكنَّه بضمانه تلك الحرية، فإنَّه يستطيع. وقد فعلتُ ذلك بتجاوز ذلك الخط. ترجمة -وبتصرّف- للمقال: Rich vs. King in the Real World: Why I sold my company لصاحبه Jason Cohen
  15. كنتُ حالِمًا عندما ظهر فرانك بعد ميلاد شركتي، Smart Bear، بثمانية عشر شهرًا . تخيَّل الأمر: كان فرانك ذو الشَعر الرّمادي نائب مدير قسم المبيعات السابق بإحدى الشركات الكبيرة الناجحة، وحقَّق له اكتِتابٌ أوَّلي عام ثراءً يسيرًا؛ فأصبح يريد الآن الارتباط بشركة ناشئة جديدة واعدة. كان بإمكانه أن يكون انتقائيًّا مُدقِّقًا بمثل تلك السيرة الذاتية، وما يكفيه من المال لكي لا يضطر إلى العمل ثانيةً. وقد اختارني أنا! وكنتُ حقَّا (على الأقل كنت أظنّ ذلك) أحتاج إليه. شرحتُ الأمر لجيري؛ الذي كان قد رسَّخ دوره كمُرشِدي بالفعل دون أن يعرف ذلك، قائلًا: «أنا مُجرَّد مُطوِّر برامج. لا أعلم شيئًا عن المبيعات؛ فأنا مُجرَّد مهندس صغير جاهل بسِحر طلبات الشراء ذات الأرقام الستِّ الغامض، وأنا حتَّى لا ألعب الجولف، أمَّا فرانك فقد مرَّ بكل ذلك.» حاول جيري التوضيح قائلًا: «ليس في الأمر سحر. لقد بعتُ شركات مقابل مائة مليون دولار دون أن تطأ قدمي ملعب جولف. لديكَ مُنتج جيِّد، ولديكَ بعض العُملاء، فقط استمرّ.» ولكنَّني بالطبع لم أستمِع إليه. وهكذا اتَّجهتُ وفرانك نحو الشراكة،.كانت لدى فرانك الكثير من الأفكار التي «علينا تطبيقها، وإلَّا لن تمنحنا أي شركة كبيرة مالًا»، فكان علينا على سبيل المثال تغيير اسمنا؛ إذ كان اسم Smart Bear يبدو لفرانك مُعبِّرًا عن موقعٍ برمجيات أحمق يعمل عليه شخصٌ واحد. كنا بحاجةٍ إلى اسم رزين واعتباري، كان اقتراحه «شركة أنظمة اختبار البرامج ونشرها» أو STDS كاختصارٍ. وأوضح أن الشركات الكبيرة تُحبّ الاختصارات، وكأن «الشركات الكبيرة» كيان يمكنه التعبير عن رأيه. كان هناك المزيد؛ إذ كنَّا بحاجة إلى براءات اختراع (لإبعاد المنافسين)، وفريق للمبيعات (فالبرنامج لن يبيع نفسه)، وكنَّا بحاجة إلى التّخفيف قليلًا (يقول فرانك: «أحبّ أن أستريح يوم الجمعة باكرًا»). بدا الأمر في الحقيقة وكأنَّني لم أكن أسير في الطّريق الصّحيح. استطاع جيري أخيرًا إقناعي، نصحَني بحقٍّ للمرَّة الرابعة فقال: «دعني أوضِّح لك الأمر. يريد هذا الرجل أن يمتلك 50% من الشركة، ويريد راتبًا بينما لا تحصل أنت على أي شيء، سيعمل 35 ساعة في الأسبوع بينما تعمل أنت حتى في عطلة نهاية الأسبوع، لن يستثمر أي مال في الشركة، وفكرته الكبيرة لجذب المزيد من العُملاء هي تغيير اسمك؟ هل يبدو ذلك عادلًا؟ هل تعتقد أنَّه سيساهم حقًّا بذلك القَدْر؟» كان نقد جيري لفرانك قاسيًا -كقسوة نقد فرانك لي- ولكن جيري كان مُحقًّا ومن حسن حظِّي أنَّني اكترثتُ لرأيه. عقدتُ بعد أسبوعين صفقةً بمبلغ 50 ألف دولار مع «شركة كبيرة»، بعد بضعة سنوات أصبحنا نجني عوائد تُقدَّر بالملايين مع «شركات كبيرة»، وما يزال اسمنا Smart Bear، وما زلنا لم نحصل على براءات اختراع، وما زلنا لم نُعيِّن فريق مبيعات. من كان ليتوقَّع ذلك؟ (توقَّعه حيري). لكن عليكَ أن تفهم أنّ رفض فرانك كان صعبًا، فكانت لديه خبرةً بينما لم تكُن لديَّ خبرة. كنتُ مقتنعًا أنه على حق وأنَّني مُخطئ. كنتُ سأستمرّ في الأمر لَولا إرشاد جيري. إذًا كيف تُفرِّق بين النصيحة الجيِّدة والسيِّئة؟ أو بين جيري وفرانك؟ كان كلٌ منهم يُقدِّم ما يبدو كنصيحة ونقد، وكان كلٌ منهم ذا خبرة، وقوي الإرادة، ويؤمن حقًّا بما يقول. هذه هي بعض الأمور التي ساعدتني على تنقية النصائح- لا تكون أفضل النصائح عبارة عن سلسلة من العبارات وإنما عن سلسلة من الأسئلة يطرحها شخصٌ يلعب دور محامي الشيطان. نادرًا ما سيعرف الناصح عن نطاق خبرتك أكثر منك، ولكن لا يعني ذلك أنَّ صوتًا من خارج هذا النطاق لن يكون مفيدًا. تجبِرُك الأسئلة المُوجَّهة على الدفاع عن خياراتك، ويتحدَّى الجدال الصحي افتراضاتك دون الإيحاء إلى كَونها خاطئة. تُطرَح الأفكار الجديدة من خلال العصف الذهني ولا تُقدَّم باعتبارها كلامًا مُقدَّسًا. في حالتي، عرض فرانك رؤيته على شكل سلسلةٍ من العبارات، بل مُسلَّمات، أمَّا جيري فعبَّر عن وجهة نظره من خلال أسئلة مُوجَّهة تستلزم إمَّا موافقةً أو تفنيدًا. إنَّ لعب دور محامي الشيطان في الحقيقة تمرين رائع يمكن ممارسته دوريًا على أيَّة حال. ابحث عن ند ذكي، واصطحبه للغداء، واتبع نصيحة Scott Brekun بشأن الأسئلة والإجابات الفظَّة. - بشكل عام «هذه هي الطريقة المُتَّبَعة» ليس سببًا مُقنعًا ولا صحيحًا . إذا كان الأساس الوحيد الذي تقوم عليه النصيحة هو «التقاليد» فربَّما تكون مُحقًّا في كَسر الاتجاه السائد. فشركة Smart Bear على سبيل المثال تنشر أسعارها على الإنترنت بدلًا من التفاوض، نادرًا ما تتِّم مبيعات البرامج المُوجّهة للشّركات بتلك الطريقة، ولكن نشر أسعارك أمرٌ أمين ومنطقيّ في مجال العمل، لذا نفعله على أي حال. - من السهل هدم الأفكار، ولكن من الصعب خلقها وتنفيذها، أخبرني بأي فكرة وسأجد شخصًا ما يعتقد أنَّها غبية، ماذا إذًا؟ النَقد «البَنَّاء» يعني البِناء وليس الهدم فقط. ابحث عن نصيحةٍ ذات طريقة واضحة للتطبيق ومسارًا واضحًا نحو النتائج. - هل يتطوَّع الناقِد بذِكر طريقةٍ لقياس نجاح فكرته الجديدة؟ إذا كان قد فعل، فيكون السبب الوحيد لعدم تجربتها إمَّا الوقت أو المال. هذا هو المبدأ التوجيهي وراء جهودنا التسويقية.إذا لم يكُن قد فعل، فكيف ستعرف إذا ما كانت فكرته حكيمة أو لا؟ - كوِّن شبكةً من الناصحين الموثوق بهم. قد يكونون روَّاد أعمال محليِّين، أو منتديات إلكترونية، أو حتَّى مُدوِّنين تُحبِّهم. يحتاج كل شخصٍ إلى أحد أو اثنين من أمثال جيري. لن يتَّفق الناصحون دائمًا مع بعضهم البعض بالتأكيد، ولكن ليس هناك ما هو أفضل من عرض الأفكار على أشخاص تحترمهم ويهتمُّون بصدقٍ لمصلحتك، حتى إذا اتَّضح أن نصيحتهم كانت خاطئة. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Distinguishing constructive criticism from bad business advice لصاحبه: Jason Cohen
  16. خلال العام الأول من وجود شركة Smart Bear كان البرنامج الذي طوَّرته سيئًا. كيف حصلتُ على العملاء، ولماذا كانوا مُخلِصين بشدة لما كان، كما هو واضح، مُنتجًا جديدًا مُتذبذبًا صنعته شركة صغيرة للغاية مُكوَّنة من موظفٍ واحدٍ؟ بسبب الرجال من أمثال توم. اتصل توم هاتفيًا في أحد الأيام. مهلًا، هذا حدث جلل. تذكَّر أنَّنا نبيع البرامج إلى مُطوِّري برامج يشتهرون ببُغضهم للهاتف (ولا أُستَثنَى منهم)، لذا دعني أقول مرّةً أخرى؛ اتَّصل بي توم، هاتفيًّا. أراد توم الحديث معي حول خصائص جديدة، ياله من أمرٍ مريح؛ فلم أتلقَّ شيئًا لستة أسابيع سوى بلاغات بالأخطاء البرمجية، وأعترفُ أنَّها كانت أخطاء برمجيِّة حقيقيِّة. كان توم بمفرده قد تتبَّع كمًّا كبيرًا من أخطاء شيفرتي السيئة، حتى أنَّه طوَّع موظَّفيه لخدمة هذا الغرض. لِمَ فعل ذلك؟ على أيَّة حال، وضع توم قائمة بعشرين خاصيَّة جديدة يريد أن يراها في البرنامج، فمتى يتوقَّع تنفيذها؟ قال: «أعرف أنَّك تعمل وحدك؛ لذا فافعل أفضل ما في وسعك. إذا انتهيتَ منها في نصف الوقت الذي تنتهي فيه من الأخطاء البرمجيّة، سيكون ذلك جيدًا.» ماذا؟ لم أقُل قط أنَّني أعمل وحدي! «فنحن» نستخدم دائمًا ضمير المُتكلِّم الجمع عند الحديث عن «برنامجنا» و«دورة إصدارنا» و«دعمنا الفني». كان موقعي الإلكتروني يبدو احترافيًا (أليس كذلك؟) وكان الدعم الفنيّ يُقدَّم دائمًا من خلال البريد الإلكتروني support@smartbear.com؛ فلَم يظهر اسمي قط. إذًا هل كان توم هو شرلوك هولمز المُختص بواجهات المشاريع التجارية الصغيرة؟ لا يبدو كذلك. لم يبدُ الموقع الإلكتروني على هذا القدر من الاحترافية، وكان توم يتلقَّى الدعم الفني، ودعم المبيعات، وتصحيحات الأخطاء البرمجيِّة لأسابيع؛ فلاحظ استخدام الأسلوب والعبارات نفسها. كان يتَّصل هاتفيًا بالخطِّ الرئيسي ولم يجِد أحدًا غيري قط. كان هذا الأمر سيُعَدّ مشكلةً (أو هكذا اعتقدتُ)؛ فتوم يعمل لصالح شركة كبيرة (لا يحقُّ لي التصريح باسمها) لديها آلاف الموظَّفين وأرباحًا بالمليارات. لا تشتري الشركات الكبيرة برامج من شركات يعمل بها شخصٌ واحد، أو هذا ما قيل لي. أسرفتُ في التأكيد على أنّي رغم كَوني الموظِّف الوحيد بدوامٍ كامل، إلا أنّني أستعين بمستشارين عندما يزيد ضغط العمل. وكدتُ أن أدخل في حالةٍ دفاعية عند الحديث عن مدى جودة خدماتنا خدماتي وكل تلك الأمور. ولكنَّني أدركتُ، لحسن الحظ، أن توم لم يرغب في سماع ذلك. كان توم يقول «أعلم حقيقتك، وأقبَلُها. ما زلتُ أرغب في فعل ذلك. ما رأيك في إضافة بضعة خصائص بما أنَّنا نتحمَّل تلك الأخطاء البرمجيّة؟» كان عليَّ أن أماثل تلك الصراحة، فسيكون أي شيء آخر إهانةً لذكائه وخطوةً للوراء في علاقتنا. لم أفهم سبب اهتمام توم الشديد بشكل كاملٍ إلَّا عندما زُرته في أوتاوا. التقينا باثنين من رؤسائه في مكتبٍ صغير لمناقشة شراء أداتنا لمراجعة الشيفرات ونشرها على نطاقٍ واسع. قدَّمني توم إليهم بطريقةٍ لم أتوقَّعها فقال: «عثرتُ منذ نصف عامٍ على هذه الشركة في أوستن. كانت لديها أداة مراجعة شيفرات أوَّلية؛ فظللتُ أوجِّه تطوُّرها حتى أصبحَت الآن ملائمة تمامًا لبيئتنا». هممم ليس ذلك دقيقًا تمامًا، أم أنَّه كذلك؟ الأضواء مُسلَّطة عليَّ الآن، فهززتُ رأسي بالموافقة. شكَّك الرؤساء في جدوى الأداة، وتساءلوا كم من الوقت ستوفِّر؟ أجاب توم: «أقوم بستِّين عملية مُراجعة شيفرةً code review كل يوم». كان الأحرى به أن يقول أيضًا: «يمكنني اعتصار البترول الخام من فطائر اللحوم». قال أحد الرؤساء على نحوٍ قاطع: «هذا مستحيل». لستُ متأكِّدًا في الحقيقة ممَّا إذا كان يقصد قُدرة توم أم كفاءة الأداة، ولكن فَحَص كلاهما دليل توم وأبديا مُوافقتهما. فهمتُ في تلك اللحظة دافع توم؛ كان توم بطلًا. كان توم قد اكتشف كيفية تسليم شيفرات ذات أخطاء برمجيّة أقل، وكان يُدرِّب موظَّفيه الجُدُد أسرع من قادة الفرق الآخرين. لم يفعل توم ذلك بدفع مال لشركة IBM ولا بتطبيق عمليّة قرأ عنها في موقع Dr.Dobbs وإنما عثر على شركة صغيرة (نحن، أعني أنا) وأصبح مسؤولًا بصورةٍ شخصيةٍ عن توجيه تطوُّر مُنتَجنا،؛ فكنَّا نمتثل لإشارته؛ ومن ثَمَّ تشكَّل المُنتَج المثالي (لشركتهم). كان ذلك بفضل بصيرته وإقدامه على تطوير المُنتَج، والعلاقة التي كوَّنَها مع المؤسِّس. لا تنسَ أنّ ذلك كان قبل أن تصبح «العلاقات» relationship الكلمة الدارجة في التسويق المعاصر، قبل المدوَّنات وتويتر، عندما لم تكُن السيدات فوق سن الخامسة والخمسين يُمثِّلن المجموعة الديموغرافية الأسرع نموًا على موقع فيس بوك. لا يمكنني أن أصف كمّ الهراء الذي تحمَّله توم على مدار السنوات. لقد أصبحنا جيدين الآن (يمكنني قول «نحن» حقًّا بعد أن أصبحنا 15 شخصًا)، ولكن في السّابق كانت الشاشات تتوقَّف، والمراجعات تختفي على نحوٍ غريب، وأدوات التّنصيب تُنصِّب ملفّات خاطئة، وكنَّا أحيانًا نلتهم ذاكرة الحاسب. لقد تحمَّل كل ذلك، لماذا؟ لأنَّه لم يكُن هناك سوايَ وهو؛ لأنَّه كان يعلم أنّني أفي بوعودي دائمًا؛ لأنّه كان يعلم أنَّه قد يخاطر من أجل Smart Bear وأنّني لن أخذله؛ لأنّه كان يعلم أنّني سأضمن أن يحلّ المُنتَج مشاكله على نحوٍ أفضل مع تغيُّره؛ لأنّني لم أٌرِد أن أخذله. لذا جازف بسمعته الخاصة وفاز، وحصل على مكافأة إضافية حيث أصبح مُصمِّم منتجات Smart Bear. إن لَم أعترف وأتصرَّف بأمانة، ربما لم يكُن أيٌ من ذلك ليحدث على الإطلاق. كيف سيبدو عملاؤك المائة الأوائل؟ هل سيكونون شركات كبيرة معروفة ذات أنظمة شراء بيروقراطية ستتحايل عليها؟ هل سيكونون مُدوِّنين مشهورين مناصرين للمستهلكين؟ لا، سيكونون مُستخدمين أوائل early-adopters، يحبُّون تجربة أشياء جديدة، ويحبُّون العمل مع شركات جديدة ما زال لديها بريق ولديها ما ترغب في إثباته. سيكونون أشخاصًا يرغبون في أن يكونوا جزءًا من من العملية الإبداعية، وليتمكَّنوا من إخبار أصدقائهم فيما بعد أنَّهم قد شاركوا في الأمر منذ البداية. إذا ادَّعيتَ شيئًا غير حقيقتك، سيكتشفون ذلك. ماذا ستكون قد فعلتَ في تلك الحالة؟ ستكون قد كذبتَ على أولئك الذين كانوا سيحبُّونك كما أنت، ليست هذه الطريقة المُثلَى لبناء علاقة. لا يعني ذلك عدم الكذب أبدًا، تشير Cath Lawson إلى أن الصدق لا يعني ترك الكذبات الاجتماعية البيضاء. نعلم جميعًا الفرق بين الكذبات الصِرفة وبين ما يوازي قول «كلا؛ لا تبدين سمينة في هذا البنطال» في مجال الأعمال. من المفترض أن تكون الأمانة أسهل من عدمها من الناحية النظرية، فإنَّك «إذا قلتَ الحقيقة، ليس عليك تذكُّر أي شيء» كما قال مارك توين. من المعروف بأننا نعتمد بالفعل في مجال الأعمال على المبالغة والاستعراض، حتى يصبح من الصعب أن تتذكَّر أن تتصرَّف كإنسان عادي. أن «تكون على طبيعتك» أمرٌ صعبٌ في عالم الأعمال بقدر صعوبته في الحياة الخاصة، ولكنَّه يستحق العناء.   ترجمة – وبتصرّف- للمقال: How to get customers who love you even when you screw up لصاحبه Jason Cohen
  17. سأل مؤسِّس شركة ناشئة صاعد: يجب عليك أن لا تركِّز على الأتمَتة ولا على تخفيض التكاليف؛ إذ لا يمكن أن يؤدي تخفيض التكاليف في هذه المرحلة إلى تغييرٍ كبير في المشروع. لتفهم ذلك، فكِّر فيما سيحدث إذا استطعتَ حقًّا توفير 1000 دولار شهريًا، ماذا ستفعل بها؟ لا يمكنك توظيف شخصٍ ما بها، كما أنَّها لا تكفي لإعادة تصميم الموقع الإلكتروني. يمكنك محاولة إعادة ضخّها في التّسويق، ولكن بما أنَّك تعمل بالفعل في هذه الشركة منذ عامٍ وتحقق الآن 6 آلاف دولار شهريًا فقط، فيمكنني أن أخمِّن أنَّه ليس لديك طريقة مناسبة لإنفاق عدد مُحدّد من الدولارات في التسويق لتحقِّق آليًا عوائد قدرها أربعة أضعاف ذلك. إذا كانت لديك طريقة مناسبة، لكنتَ قد استخدمتها بالفعل، ولكنت قد عرفتَ بالفعل ما عليك فعله بكل أموالك الإضافيّة، ولكانت الشركة قد توسَّعت. إذًا فلا يمكن لتمضية وقتك (أكثر ممتلكاتك قيمةً) في توفير ألف دولار إضافية تحسين المشروع تحسينًا كبيرًا في الحال. عليك أن تمضي ذلك الوقت في شيءٍ آخر، ولكن ما هو؟ عليك أن تمضي ذلك الوقت في الحصول على المزيد من العوائد، من خلال كلٍّ من: مداخيل قصيرة المدى إلى جانب بناء طرق منهجيّة لتنمية العوائد لشهرٍ تلو الآخر (وهو أمر أكثر إثارةً للاهتمام)، كأن: - تضاعِف كفاءة إعلانات Google AdWords في حملات ذات مجال حركة واسع (inventory headroom) لكي تحصل على ضِعف عدد الاشتراكات مقابل نفس حجم الإنفاق. - إضافة مستويات جديدة للتسعير لكي يستطيع من يرغب في دفع 99 دولارًا شهريًا بدلًا من 9 دولارات شهريًا فعل ذلك، ممَّا سيُضاعِف متوسط مداخيلك الشهرية، وسيترتب على ذلك أكثر من مضاعفة الربح. - تحاول الحصول على بعض الظهور الإعلامي الناجح لضخِّ بعض العملاء الجدد في هذا الشهر. - تبحث عن قناة ثابتة لإعادة البيع، مثل وكالة تحتاج إلى خدمتك لخمسين مرَّة في الشهر. - تبحث عن فرصة استشارية مُربِحة (consulting gig) لضخِّ النقود (طالما أنّها نقود كافية لتستحِق عناء التشتُّت بدلًا من التحوُّل إلى شركة استشارية). - تجعل العملاء المُحتَملين الجُدد يشتركون في نشرتك البريدية لكي تستطيع تحويلهم مع الوقت إلى عملاء. - تُعِد برنامجًا للبيع بالعمولة وركّز على إقناع المُدوِّنين والمُستشارين بمقدار ما يُمكن أن يجنونه من المال. - تقدِّم خطةً سنوية مُقابل خصومات لزيادة التدفق النقدي الفوري. فاكتساب المال «الآن» أكثر قيمةً من اكتساب المال «لاحقًا» بما أنّك تُموِّل الشركة ذاتيًا. كَتَب Rand في موقع SEOMoz رأيه في كيفية قيامنا بذلك في شركة WP Engine. - تُنصِّب نظامًا للمحادثات الإلكترونية الفورية لكي تتمكَّن من التعامل مع ضِعف العدد من زوار موقعك الإلكتروني، سواء كان ذلك للبيع المباشر أو لمعرفة تجربتهم مع الموقع الإلكتروني والمُنتَج. تحقيق طفرة في أيٍ من هذه المجالات يعني مشروعًا تجاريًا أكثر استقرارًا. إذا كان نصيب المؤسِّس من العوائد أقل من 10 آلاف دولارًا شهريًا - مهما كانت التكاليف الأخرى - فلن يكون المشروع مُستدامًا. لن تتحمَّل تكلفة توظيف أيَّ شخص آخر، ولن تستطيع تخفيض ما يكفي من التكاليف لتكون ذات فائدة، ولن يتبقَّ من المال ما يكفي لتستثمره في أمور مُستقبليِّة (مثل التسويق أو الخصائص الجديدة أو أي شيء)، كما لن تكون لديك المعرفة الكافية بما يمكنك أن تستثمر فيه تحديدًا على أيَّة حال. بمجرَّد أن تتخطَّى تلك النقطة، بأن تُحقِّق مثلًا عوائد قدرها 15 ألف دولار شهريًا وحدك، أو 40 ألف دولار شهريًا مع ثلاثة أشخاص آخرين، سيكون لديك من التدفُّق النَقدي ما يكفي، على الأرجح، للمرور بسلام ببعض التقلُّبات في مُعدَّل الطَلَب وتباطؤ العمل الموسمي، إلخ. وتظل قادرًا على الاستثمار ثانيةً في الشركة. في الحقيقة ستجد بالتأكيد في تلك المرحلة طريقةً لتوفير ألف دولار شهريًا أو حتى 5 آلاف دولارًا شهريًا من خلال الأتمَتَة أو تغيير مزّود الخواديم أو ما تريد. وسيكون ذلك منطقيًّا بما أنّك ستملك وقتًا للقيام بذلك، وبما أنّه يمكن إعادة توجيه تلك الخمسة آلاف دولار شهريًا نحو النمو، الذي ستتمكَّن الآن على الأرجح من التأثير فيه بذلك المال. بطبيعة الحال، لا تُبذّر مالك أيضًا، فذلك لا معنى له. لكن امض الشّهرين القادمين مُحاولًا مُضاعفة مداخيلك، بدل أن تُحاول أن تُقلّل من المصاريف. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Teeny bit of traction — what next? لصاحبه Jason Cohen
  18. ستكون لدى الشركات الناشئة الصغيرة، دائمًا، نقائص مُقارنةً بالشركات الكبيرة. لا يمكن أن يتولَّى ثلاثةُ أشخاص الدعمَ الفني على مدار 24 ساعة لـ 7 أيام في الأسبوع؛ ولا يمكن أن يجيب موظف واحد على الهاتف دائمًا. وربما تكون في البرنامج أخطاء برمجية أكثر من منافسه وخصائص أقل منه. يعرف عملاؤك ذلك، وستسمع شكاوى منه مثل: «لا أشعر بالرَّاحة نحو الشراء من شركةٍ صغيرة، ماذا إذا توقَّفَت عن العمل خلال ستة أشهر من الآن؟»؛ «ماذا إذا واجهَتني مشكلةٌ يوم السبت؟» أو «حاولتُ الاتّصال بِكُم ولكن أجابني المُجيب الآلي، يوم الخميس.». هل تحاول إخفاء تلك النقائص، أم تُحوِّلها إلى مزايا؟من واقع خبرتي أقول أنَّك لا تستطيع إخفاءها. يمكنك المحاولة، لقد فعلتُ ذلك، وكنتُ أختار كلماتي بعنايةٍ حتى لا أكذب ولكن أخفي في الوقت ذاته حقيقة أنَّي أملك شركة برمجيات يعمل به شخصٌ واحد؛ فكنتُ أقول على سبيل المثال؛ «نحن لدينا المئات من المُستخدِمين» حسنًا، لدينا المئات من المُستخدِمين ولكن ليس المئات من العملاء. ومن «نحن»؟ «سأتولَّى حل هذه المشكلة بنفسي»، فأنا لا أرى أحدًا غيري هنا. «أجل؛ أجيب على الهاتف دائمًا»، هل يُمكن اعتبار البريد الصوتي مُوظَّفًا؟ الحقيقة أنَّهم سيُدرِكون بعد القليل من التفاعل - سواء كان عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني - أنّك وحدك. أعرف أنَّك تعتقد أنّ موقعك الإلكتروني يبدو مذهلًا كموقع شركة كبيرة بما أنَّك صمّمته بنفسك، ولكن نادرًا ما ينخدعون بذلك. أعرف أنّك فخورٌ بالإصدار الأول v1.0 من برنامجك -وأهنِّئك عليه بالمناسبة- ولكن ما زال عملاؤك يتحمَّلون شتَّى أنواع المشاكل. ما اكتشفتُه في ٍSmart Bear أنَّ النقائص يمكن تحويلها إلى مزايا تنافسية، إليكَ بعض الأمثلة: المشكلة: أنَّ شركتك استشارية يعمل بها شخصٌ واحد، ماذا سيحدث إذا لم تكُن مُتاحًا؟ يكون لدى الشركات الكبيرة موظفين إضافيين في حالات الطواريء. الميزة: في شركتي، ستجدني شخصيّا دائمًا، أما في الشركات الكبيرة فسيُجيبك أقل الأشخاص انشغالًا، ودائمًا ما يكون الموظَّفون الجيِّدون مشغولين. إذا أردتَ الوصول إلى شخصٍ مثلي في شركةٍ كبيرة، ستضطر إلى دفع ضِعف المبلغ (بسبب المصاريف الإدارية) ومع ذلك لن تحصل على انتباهي الكامل. المشكلة: ليس لديك دعم فني على مدار 24 ساعة لـ7 أيام في الأسبوع. الميزة: لأنَّنا شركة صغيرة؛ فإنّ «الدعم الفنيّ» يعني «التحدُّث مع المُطوِّرين الّذين صنعوا البرنامج مباشرةً» وليس مع طبقةٍ من «المستوى الأول» التي تهدف في الحقيقة إلى صدّك. ستحصل على إجابات مُعمِّقة من المُطورين أنفسهم، وستصل شكاواك من الأخطاء البرمجيِّة وطلباتك لخصائص معيَّنة إلى آذان أولئك الذين يمكنهم تنفيذها. هذه هي خدمة العملاء الجيِّدة. المشكلة: من الواضح أنَّ هذا البرنامج جديد، به أخطاء برمجيّة ولا يتمتَّع بكافة الخصائص التي نريدها. الميزة: الأخطاء البرمجيّة موجودة بكل البرامج، ولكن شركتنا صغيرة بما يكفي لإصلاح الأخطاء غالبًا خلال أقل من 24 ساعة. كما يمكننا تطبيق بعضًا من خصائصك المُفضَّلة، في الحقيقة يمكنك حتى مساعدتنا في تصميم النسخة التّالية. أتمنَّى لك رحلة مُوفّقة إن حاولت الحصول على مثل هذه الاستجابة من منتج عُمره ست سنوات تابع لشركةٍ كبيرة (ولا تقُل أنَّ تلك المنتجات الأخرى خالية من الأخطاء البرمجيّة). المشكلة: إنّكم مجرَّد شركة صغيرة، كيف أتأكَّد من أنَّكم ستستمرُّون في العمل بعد 12 شهرًا؟ الميزة: كيف تتأكَّد أنَّ الشركات الكبيرة ستستمر في دعم منتجاتها بعد 12 شهرًا؟ توقِف الشركات الكبرى عمل منتجاتها طوال الوقت، عليهم أن يفعلوا ذلك إذا كان خطّ الإنتاج غير مُربح. أمَّا نحن، فكُلّ ما نفعله هو العمل على هذا المُنتَج، فهو حياتنا، ونقضي كلَّ ساعةٍ خلال يومنا في تحسينه وجعْلكَ سعيدًا. أي من تلك الاستراتيجيات تبدو أكثر قابليةً للنجاة؟ تكمُن الخدعة في كل حالة في عنصرين، هما:1. تبديد الفكرة القائلة بأن «الشركات الكبيرة» لا تعاني من مشكلات مشابهة. 2. اللعب بورقة المزايا التي يتمتّع بها المشروع لكَونه مشروعًا صغيرًا. لا يمكنك الفوز أحيانًا بالعنصر الأول، فإذا كانوا يقدِّمون دعمًا فنيًّا على مدار 24 ساعة لـ 7 أيام في الأسبوع على سبيل المثال، بينما كنتَ تُقدِّمه على مدار 8 ساعات لـ 5 أيا فقط؛ فلن تفوز إن ركّزت على عدد السّاعات. ولكن في مقابل كل عَيبٍ هناك ميزةٌ مضادّة، فيمكنك هنا الإشارة إلى أن التحدُّث إلى المدير التنفيذيّ للشركة يوم الاثنين أكثر قيمةً بدرجةٍ كبيرةٍ من الحصول على إجابات جاهزة من موظَّفي الدعم من المستوى الأول يوم الأحد. الجزء الثاني سهل، استغل وركّز على ما لديك بدلًا من التنافس مع الشركات الكبيرة في ميدانهم. دائمًا ما تتمتَّع المشاريع التجارية الصغيرة بمزايا تفوق بها الشركات الكبيرة؛ مثل الشغف، الاستجابة، الخبرة، الشفافية، الإحاطة الشاملة، والشخصية. ولكن هناك ملاحظة أخيرة: على تلك التوضيحات أن تكون صادقة. إذا لم تُقدِّم دعمًا فنيًّا على مدار 24 ساعة لـ7 أيام فعلى الدعم الفنيّ الذي تقدِّمه على مدار 8 ساعات في 5 أيام أن يكون ممتازًا. لا يُعد الأمر تلفيقًا إذا قلتَ الحقيقة. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Convert shortcomings into advantages without lying لصاحبه Jason Cohen
  19. كتب «عُمير حاق» مؤخرًا أن سبب عدم وجود المزيد من مثيلات «غوغل» أن معظم الشركات الناشئة تُباع قبل أن تتمكَّن من تغيير العالم. لم تبِع «غوغل» نفسها رغم الاهتمام الجاد من «مايكروسوفت» و«ياهو»؛ والذي لابد أنه قد بدا اهتمامًا مربحًا آنذاك. ربما لم تكُن «غوغل» لتصبح شيئًا سوى محرك بحث تابع لـ«ياهو» أو لـ MSN. لِمَ لَم تصبح كذلك؟ لأن «غوغل» كانت تتمتع بحسٍ عميق بالهدف؛ وهو عقيدةٌ تسعى لتغيير العالم للأفضل. يبدو ذلك لطيفًا، ولكنه ليس صحيحًا. كان مؤسسو «غوغل» يرغبون في البيع مبكرًا، لكنهم أرادوا أكثر مما كان المشترون مستعدين لدفعه. نفس الأمر مع «فيس بوك»، كانوا سيبيعون، ولكن «ياهو» أفسدت الأمر بتقديم عرض لم يرق إلى المُستوى المُتوقّع. نصيحة للمشترين: عندما ترفض شركةٌ ناشئة عرضك، فكّر في زيادة قيمة عرضك؛ لأنه من المحتمل أن السعر الباهظ الذي يريدونه سيبدو لاحقًا صفقةً رخيصة [1]. عادةً ما تصبح الشركات الناشئة التي ترفض عروض الشراء أفضل حالًا من غيرها وفقًا لما رأيته حتى الآن بالأدلة، لكن هناك استثناءات عديدة لذلك. عادة ستكون هناك عروض مستقبلية أكبر، وربما حتى طرح عام أولي للاكتتاب. ليس السبب في نجاح الشركات الناشئة التي ترفض عروض الشراء هو بالضرورة أن كل تلك العروض تقلل من قيمة الشركات بالطبع. السبب على الأرجح هو أن المؤسسين الذين يتمتعون بالجرأة الكافية لرفض عرضٍ كبير عادة ما تكون لديهم النّزعة التي تُمكّنهم من أن يُصبحوا ناجحين جدًا؛ وهذه هي الروح المطلوبة في شركةٍ ناشئة. إنني متأكد أن «لاري» و«سيرغي» يرغبان في تغيير العالم، على الأقل في الحاضر، ولكن سبب بقاء «غوغل» حتى أصبحت شركة مستقلة كبيرة هو نفس سبب بقاء «فيس بوك» مستقلًا حتى الآن: وهو أن المشترين قدَّروهما بأقل من قيمتيهما. إن مجال اندماج الشركات وشرائها غريبٌ من هذا الجانب؛ فهم يخسرون أفضل الصفقات باستمرار، لأن رفض العروض المعقولة هو أكثر اختبار مضمون يمكن وضعه لمعرفة ما إذا كانت إحدى الشركات الناشئة ستحقق نجاحًا أم لا. رؤوس المال المغامِرة VCsإذًا ما السبب الحقيقي لعدم وجود المزيد من مثيلات «غوغل»؟ مما يثير الفضول أنه نفس سبب بقاء «غوغل» و«فيس بوك» مستقلتين؛ أن من يملكون المال يُقللون من قيمة معظم الشركات الناشئة المبدعة. لا يرجع عدم وجود المزيد من مثيلات «غوغل» إلى أن المستثمرين يشجعون الشركات الناشئة المبدعة على تحقيق الأرباح، ولكن إلى أنهم لا يموّلونها من الأساس. لقد عرفتُ الكثير عن رؤوس المال المغامرة خلال سنوات عملي الثلاثة في Y Combinator؛ لأننا غالبًا ما نضطر إلى العمل معها عن قرب. من أكثر ما يُدهشني هو مدى تحفّظها. تُظهر رؤوس المال المغامرة أنفسها بمظهر المشجِّع الجريء للابتكار، ولكن ليس منهم كذلك حقًا سوى حفنة قليلة، وحتى هذه القلة أكثر تحفظًا في الواقع مما قد تبدو عليه عند تصفّح مواقعها. كنتُ أنظر لشركات الاستثمار المغامرة باعتبارها شبيهة بالقراصنة؛ فهي جريئة ولكنها مجردة من المبادئ. عند التعرف عليها عن قرب، يتضح أنها تشبه كثيرًا البيروقراطيين، فهي أكثر استقامةً مما كنتُ أعتقد (الجيدة منها على الأقل) ولكنها أقل جرأةً. ربما تغير مجال الاستثمار المغامِر، ربما كانوا أكثر جرأةً فيما مضى، ولكنني أعتقد أن عالم الشركات الناشئة هو ما تغيَّر وليس الاستثمار المغامِر. يعني انخفاض تكلفة تأسيس شركة ناشئة أن السعر الجيد العادي يُعتبر أكثر مجازفةً، ولكن شركات الاستثمار المغامِر الحالية ما زالت تعمل وكأنها تستثمر في الشركات الناشئة المختصة بالمكونات الصلبة للحواسيب في عام 1985. قال هاورد أيكن: «لا تخشَ أن يسرق الناس أفكارك، إذا كانت أفكارك جيدة ستضطر إلى إجبار الناس على تقبلها»›. أحس بشعورٍ مشابه عندما أحاول إقناع شركات الاستثمار المغامرة بالاستثمار في الشركات الناشئة التي موَّلتها Y Combinator. فهي – شركات الاستثمار - تخشى الأفكار المبتكرة للغاية، إلا إذا كان المؤسسون مُسوقين جيدين بما يكفي لإقناعها. ولكن الأفكار الجريئة هي التي تحقق أكبر العوائد؛ فأي فكرة جديدة جيدة حقًا ستبدو سيئة لمعظم الناس، وإلا سيكون هناك شخص آخر ينفذها بالفعل. ومع ذلك ما يدفع شركات الاستثمار المغامِرة هو التّوافق الجماعي، ليس فقط داخل الشركة الواحدة، بل في مجتمع شركات الاستثمار المغامرة بأكمله. فالعامل الأكبر الذي يُحدّد كيف ستشعر إحدى شركات الاستثمار المغامرة تجاه شركتك الناشئة هو شعور شركات الاستثمار المغامرة الأخرى تجاهك أيضًا. لا أعتقد أنهم يدركون ذلك، ولكن هذا المنهج يضمن أنهم سيفوتون عليهم أفضل الأفكار. كلما ازداد عدد من عليهم الإعجاب بفكرة جديدة للموافقة عليها، كلما ازداد عدد الأفكار الاستثنائية التي ستخسرها. أي ما كانت الشركة التالية التي ستصل لمكانة «غوغل»، فقد قالت لها شركات الاستثمار المغامرة الآن على الأرجح أن ترجع إليهم مرة أخرى عندما تُحقّق نموًا أفضل more traction. لِمَ تكون شركات الاستثمار المغامرة متحفظة هكذا؟ يرجع ذلك على الأرجح لمجموعةٍ من العوامل، فحجم استثماراتهم الكبير يجعلهم متحفظين. بالإضافة إلى أنهم يستثمرون أموال أشخاص آخرين؛ مما يجعلهم يخشون التعرض لمشكلات إذا فعلوا شيئًا محفوفًا بالمخاطر وفشل. كما أن معظمهم مختصّون بالمال وليس بالتكنولوجيا، ولذا فهم لا يفهمون ما تفعله الشركات الناشئة التي يستثمرون فيها. ماذا بعد؟الشيء المثير في اقتصاديات السوق هو أن الغباء يعني الفُرص، وهذا بالفعل ما نشهد هنا. ثمَّة فرصة ضخمة غير مُستغلَّة في الاستثمار في الشركات الناشئة، فحاضنة Y Combinator تموِّل الشركات الناشئة في بدايتها تمامًا، بينما تموِّلها شركات الاستثمار المغامرة بمجرد أن تكون قد بدأت بالفعل في النجاح، ولكن هناك فجوة كبيرة بين المرحلتين. هناك شركات تمنح 20 ألف دولار لشركة ناشئة لا تملك شيئًا سوى مؤسّسيها، وهناك شركات تمنح مليونا دولار لشركة ناشئة في طريقها بالفعل نحو النجاح، ولكن ليس هناك ما يكفي من المستثمرين الذين قد يمنحون مائتي ألف دولار لشركة ناشئة تبدو واعدة جدًا ولكن ما زالت بحاجة لحل بعض الأمور. يسدّ تلك الفجوة غالبًا المستثمرون الملائكة angel investors؛ مثل آندي بيكتولشايم Andy Bechtolsheim، الذي منح «غوغل» 100 ألف دولار عندما كانت تبدو واعدة ولكن كانت ما زالت بحاجة لحل بعض الأمور. أحب هذا النّوع من المُستثمرين، ولكن ليس هناك ما يكفي منهم، والاستثمار يمثل لمعظمهم وظيفة بدوام جزئي. وبالرّغم من أن تأسيس شركة ناشئة أصبح أرخص من ذي قبل، أصبحت تلك الفجوة التي يسدّها القليلون أكثر قيمةً. لا تريد الكثير من الشركات الناشئة الآن الحصول على تمويلات بعدة ملايين من الدولارات، فهي ليست بحاجة لهذا القدر من المال، ولا تريد المشاحنات المصاحبة له. إن الشركات الناشئة المتوسطة التي تخرج من رحم Y Combinator تريد الحصول على استثمار يتراوح بين 250 و 500 ألف دولار. عندما تلجأ لشركات الاستثمار المغامرة تضطر إلى طلب المزيد لأنها تعرف أن شركات الاستثمار المغامرة غير مهتمة بمثل تلك الصفقات الصغيرة. شركات الاستثمار المغامرة تدير المال، فهي تبحث عن طرقٍ لتشغيل المبالغ الكبيرة، ولكن عالم الشركات الناشئة يتطور في اتجاه بعيد عن نموذجهم الحالي. أصبحت الشركات الناشئة أقل تكلفةً، مما يعني أنها تريد مالًا أقل، ولكن يعني أيضًا أن هناك المزيد منها. إذًا بإمكانك الحصول على عوائد كبيرة على مبالغ كبيرة، ولكن عليك فقط توزيعها على نطاقٍ أوسع قليلًا. حاولت شرح هذا الأمر لشركات الاستثمار المغامرة، فبدلًا من استثمار 2 مليون دولارً في مكانٍ واحد، يمكن أن تستثمر خمسة استثمارات يبلغ كل منها 400 ألف دولار. هل يعني ذلك الانضمام للكثير من مجالس الإدارة؟ لا تنضم لمجالس الإدارة. هل يعني ذلك الكثير من عمليّات التّحرّي المُسبق due diligence؟ قُم بالقليل منها فقط. إذا كنت تستثمر بعُشر القيمة، فليس عليك أن تكون واثقًا إلا بعُشر القدر. يبدو الأمر واضحًا، ولكنني اقترحتُ على العديد من شركات الاستثمار المغامرة وضع بعض المال جانبًا وتخصيص شريك واحد للقيام بمخاطرات أكثر عددًا وأقل حجمًا. استجابوا لاقتراحي وكأنني قد اقترحتُ عليهم أن يقوموا بأمر سيُسيء إلى سمعتهم. من الغريب مدى تمسكهم بطريقة عملهم التقليدية. ولكن توجد هنا فرصة كبيرة، وستُقتَنَص بطريقةٍ أو بأخرى؛ فإما ستتطور شركات الاستثمار المغامرِة لتسد تلك الفجوة، أو سيظهر مستثمرون جدد على الأرجح لسدّها. عندما يحدث ذلك، سيكون جيدًا، لأن بنية استثمارات هؤلاء المستثمرين الجدد ستدفعهم إلى أن يكونوا أكثر جرأةً من شركات الاستثمار المغامِرة الحالية بعشر أضعاف. وسيخلق لنا ذلك الكثير من مثيلات «غوغل»، طالما ظل المشترون المُحتملون لها أغبياء على الأقل. الهوامش1- نصيحة أخرى: إذا كنت تريد الحصول على كل تلك القيمة، لا تدمر الشركة الناشئة بعد شرائها، بل امنح المؤسسين الاستقلالية الكافية لكي يمكنهم تنمية ملكيتك إلى ما كانت ستصل إليه. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Why There Aren't More Googles لصاحبه بول جراهام (Paul Graham) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اقرأ المزيد من مقالات بول جراهام بالعربية
  20. من الأشياء التي أقولها للشركات الناشئة دائمًا مبدأ تعلمته من «بول بوكهايت»، وهو: أن تجعل بعض الناس سعداء جدًا أفضل من أن تجعل الكثير من الناس نصف سعداء. كنت أقول مؤخرًا لأحد المذيعين أنني إذا كان بإمكاني أن أقول 10 أشياء فقط للشركات الناشئة، سيكون هذا المبدأ أحدها؛ ثم فكرت فيما ستكون الأشياء التسع الأخرى. انقر على الصّورة لاستعراضها بحجمها الكامل عندما وضعت قائمة، اتضح أن هناك 13 شيئًا: 1. اختَر مؤسسين جيدينيمثِّل الأعضاء المؤسسين للشركة الناشئة ما يمثله الموقع للعقارات؛ يمكنك تغيير أي شيء في المنزل عدا موقعه. وفي الشركة الناشئة يمكنك تغيير فكرتك بسهولة، ولكن تغيير المؤسسين أمر صعب[1]، ونجاح الشركة الناشئة تقريبًا دائمًا ما يعتمد على مؤسسيها. 2. أطلِق الشركة بسرعةليس سبب إطلاق الشركة بسرعة أنه من الضروري توفير منتجك في السوق مبكرًا، ولكن أنَّك لن تبدأ في العمل حقًا على منتجك إلا عندما تطلقه. فالإطلاق يجعلك تعرف ما كان عليك أن تبنيه، وقبل أن تعرفك ذلك فأنت تضيع وقتك. إذًا فإن القيمة الأساسية لما تنطلق به هي مثل حُجة للاستحواذ على اهتمام المستخدمين. 3. دع فكرتك تتطوَّرهذا هو الجزء الثاني للإطلاق السريع. أطلق الشركة بسرعة وركّز على التّطوير iterate. إنه لخطأ كبير أن تعامل الشركة الناشئة وكأنها مجرد تطبيق لفكرة أولية رائعة؛ فمعظم الأفكار في الشركات الناشئة، كما في المقالات، تظهر في التطبيق. 4. افهم مستخدميكيمكنك تصور الثروة الناتجة عن الشركة الناشئة على هيئة مستطيل؛ يكون أحد جوانبه عدد المستخدمين، والجانب الآخر هو مقدار التحسن الذي تضفيه على حياتهم[2]. ذلك البُعد الثاني هو الذي يمكنك التحكم فيه أكثر من غيره، وسيندفع النمو في البُعد الأول بالطبع بجودة عملك في الثاني. فالجزء الصعب، كما في العلم، ليس الإجابة على الأسئلة وإنما طرحها؛ فالجزء الصعب هو رؤية شيء جديد يفتقده المستخدمون. وكلما فهمتهم بشكل أفضل، زادت احتمالات رؤية هذا الشيء الجديد. ولهذا السبب يصنع الكثير من الشركات الناشئة الناجحة شيئًا يحتاجه المؤسسون أنفسهم. 5. من الأفضل أن تجعل القليل من المستخدمين يحبونك بدلًا من أن تجعل الكثير مترددين بشأنكترغب بالطبع في أن تجعل عددًا كبيرًا من المستخدمين يحبك، ولكن لا يمكن أن تتوقَّع أن تحقق ذلك على الفور. عليك في البداية أن تختار بين إرضاء كل احتياجات مجموعة جزئية من المستخدمين المحتملين، وبين إرضاء مجموعة جزئية من احتياجات كل المستخدمين المحتملين. اختَر الأول، فالتوسع من حيث المستخدمين أسهل من التوسع من حيث عامل الإرضاء. وربما الأكثر أهمية أنه من الأصعب أن تكذب على نفسك، إذا كنت تعتقد أنك قد قطعت نسبة 85% من طريقك نحو صناعة منتج رائع، فكيف تعرف أنك لم تقطع 70% فقط؟ أو 10%؟ بينما من السهل معرفة عدد المستخدمين. 6. قدِّم خدمة عملاء مذهلةاعتاد العملاء على المعاملة السيئة، فمعظم الشركات التي يتعاملون معها شبه احتكارية تفلت حتّى بتقديم خدمة عملاء سيّئة. ما يتوقّعه الزّبائن من خدمات العملاء تراجع وتكمّش بشكل كبير وبشكل لا واعٍ بسبب مثل تلك التجارب. حاول ألا تقدم خدمة عملاء جيدة فقط، ولكن جيدة بصورة مذهلة. ابذل جهدًا إضافيًا لجعل الناس سعداء؛ سينبهرون وسترى ذلك بنفسك. سيكون تقديم خدمة عملاء على مستوى غير متوسع في المراحل الأولى من عُمر الشركة الناشئة أمرًا مثمرًا لأنه وسيلة لتعلم المزيد عن المستخدمين. 7. إنك تُحقّق ما تقيسهتعلمتُ ذلك من Joe Kraus . فمجرد قياس شيء ما يخلق نزعة غريبة لتحسينه [3]. إذا أردتَ زيادة أعداد المستخدمين، علِّق ورقة كبيرة على الحائط ودوِّن عدد المستخدمين كل يوم، ستشعر بالسرور عندما يزداد العدد وبخيبة الأمل عندما يقل. سرعان ما ستبدأ بملاحظة العامل الذي يزيد من العدد، وستبدأ في زيادة ذلك العامل. ويلزم عن ذلك أن عليك الانتباه جيدًا لما تقيسه. 8. أنفِق القليللا يمكنني التأكيد بما يكفي على مدى أهمية أن تكون الشركة الناشئة قليلة التّكلفة؛ إذ تفشل معظم الشركات الناشئة قبل أن تصنع شيئًا يريده الناس، والسبب الأكثر شيوعًا للفشل هو نفاد الأموال. إذًا فقلّة المصاريف مرادف (تقريبًا) لتكرار الأداء iterating بسرعة[4]، ولكن الأمر أكثر من ذلك؛ فثقافة التقليل من النّفقات تحافظ على شباب الشركات كما تحافظ ممارسة الرياضة على شباب الناس. 9. اجنِ ما يكفي نفقاتك..كُن Ramen profitableأن تكون الشركة الناشئة "Ramen profitable" يعني أن تحقق ما يكفي لتغطية نفقات المؤسسين. لا يُعتبر ذلك كنمذجة أولية سريعة لنماذج الأعمال (بالرغم من إمكانية أن يكون كذلك)، ولكن كطريقة "لاختراق" عملية الاستثمار، فبمجرد أن تجني ما يكفي نفقاتك يغيِّر ذلك علاقتك بالمستثمرين تمامًا، كما أن ذلك رائعٌ للروح المعنوية للشركة. 10. تجنَّب المُلهياتليس هناك ما يقتل الشركات الناشئة كما تفعل المُلهيات، وأسوأها هي تلك التي تجلب مالًا؛ مثل الوظائف النهارية، والاستشارة، والمشاريع الجانبية الربحية. ربما يكون للشركة الناشئة المزيد من الإمكانات طويلة المدى، ولكنك ستقاطع العمل على شركتك النّاشئة دائمًا للاستجابة لمن يدفعون لك الآن. ومن المفارقات أن جمع الأموال يُعد من هذا النوع من المُلهيات، لذا حاول الحدّ منه أيضًا. 11. تجنّب الإحباطعلى الرغم من أن السبب المباشر لفشل الشركة الناشئة يكون على الأرجح نفاد الأموال، إلا أن السبب الخفي عادةً ما يكون غياب التركيز. فإما أن الشركة يديرها أفراد أغبياء (وهو ما لا يمكن إصلاحه بتقديم النصح)، وإما أنهم أذكياء ولكن أصيبوا بالإحباط. إن تأسيس شركة ناشئة حِملٌ معنوي ضخم، عليك أن تفهم ذلك وتبذل جهدًا واعيًا لكي لا يُثقل كاهلك، تمامًا كما قد تهتم بثني ركبتيك عند التقاط صندوق ثقيل لحَمله. 12. لا تستسلمحتى إذا أصبت بالإحباط، فلا تستسلم. يمكنك قطع مسافة طويلة بصورة مذهلة بمجرد عدم استسلامك. ثمَّة الكثير من الناس الذين لم يستطيعوا أن يصبحوا رياضيّين mathematicians جيدين مهما ثابروا، ولكن الشركات الناشئة ليست كذلك، فغالبًا ما يكون المجهود المُتواصل كافيًا، طالما واصلت العمل على فكرتك وعلى تحسينها. 13. الصفقات تفشلمن أكثر المهارات التي تعلمناها من خلال العمل على Viaweb فائدةً ألَّا نرفع سقف آمالنا كثيرًا. فقد شهدنا فشل 20 صفقة على الأرجح من مختلف الأنواع. بعد فشل العشر الأوائل تقريبًا تعلَّمنا معاملة الصفقات باعتبارها عمليات خلفية علينا تجاهلها حتى تنتهي. من الخطير للغاية على الروح المعنوية البدء في الاعتماد على إتمام الصفقات، ليس فقط لأنها غالبًا ما لا تتم، ولكن لأن ذلك يجعلها أكثر عرضة لأن لا تتم. بعد الانتهاء من 13 جملة، سألتُ نفسي أيها سأختار إذا كان عليَّ أن أختار واحدةً فقط. افهم مستخدميك؛ فهذا هو المفتاح. إن المهمة الجوهرية للشركة الناشئة هي خلق ثروةٍ؛ وبُعد الثروة الذي تستطيع التحكم فيه أكثر من غيره هو مدى تحسينك لحياة المستخدمين، والجزء الأصعب هو معرفة ما عليك صنعه لهم. بمجرد أن تعرف ماذا تصنع، يكون صنعه مجرد مسألة مجهود، ومعظم المخترقين Hackers المحترمين قادرين على بذله. يُشكِّل فهم المستخدمين جزءًا من نصف المبادئ المذكورة في القائمة؛ فهو سبب الإطلاق المبكر، لكي تفهم مستخدميك. تطوير فكرتك هو تجسيد لفهمك لمستخدميك. سيدفعك فهم مستخدميك إلى صنع شيء يجعل مجموعة قليلة من الناس سعيدةً للغاية. السبب الأكثر أهمية لتقديم خدمة عملاء جيدة بصورة مذهلة أن تساعدك على فهم مستخدميك. كما أن فهم المستخدمين سيعزز من روحك المعنوية لأنه عندما ينهار كل ما حولك، فإن وجود عشرة مستخدمين يحبونك سيبقيك حيًا. الهوامش[1] لنتحدث بدقة؛ سيكون ذلك مستحيلًا دون آلة زمن. [2] الأمر عمليًا أشبه بمشط خشن. [3] يعتقد جو أن أحد مؤسسي (HP) قالها أولًا، ولكنه لا يذكر أيهم. [4] سيكونا مترادفين إذا ظلت الأسواق ثابتة، ولكن بما أنها ليست ثابتة فإن العمل بسرعة مضاعفة أفضل من استغراق ضعف الوقت. ترجمة -وبتصرّف- للمقال: Startups in 13 Sentences لصاحبه Paul Graham (بول جراهام) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اطّلع على باقي مقالات بول جراهام المترجمة إلى العربية
  21. الآن وقد أصبح مصطلح Ramen Profitability (ربحية الكفاف) منتشرًا، عليَّ أن أشرح بدقة ما تستلزمه تلك الفكرة. يعني مصطلح Ramen profitable أنَّ الشركة الناشئة تجني ما يكفي من المال لتغطية نفقات المؤسسين. إنه نوع مختلف من الربحية عن ذلك الذي اعتادت الشركات الناشئة أن تطمح إليه. تعني الربحية التقليدية أنَّ الرهان الكبير يؤتي ثماره أخيرًا، بينما تكمُن الأهمية الأساسية لربحية الكفاف في أنَّها تمنحك المزيد من الوقت. لم تكُن الشركة الناشئة في الماضي تجني أرباحًا إلا بعد أن تحصل على استثمار وتنفق الكثير من المال؛ فقد لا تُصبع شركةٌ تصنع المكونات الصلبة للحاسوب مُربحة طيلة خمس سنوات تنفق خلالها 50 مليون دولارًا، ولكن عندما تصبح مُربحة قد تحقّق عوائد قدرها 50 مليون دولارًا سنويًا. يعني هذا النوع من الربحية أن الشركة الناشئة قد نجحت. ربحية الكفاف هي النقيض الآخر؛ أي شركة ناشئة تُصبح مُربحة بعد شهرين، على الرغم من أنَّ عوائدها 3000 دولارًا فقط شهريًا؛ لأنَّ مجموع الموظّفين ليس سوى شابين في الخامسة والعشرين من العمر يمكنهما العيش عمليًا دون تكاليف. لا يعني تحقيق عائد شهري قدره 3000 دولارًا أن الشركة قد نجحت، ولكن أنًّها تتشارك مع الشركة المربحة بالطريقة التقليدية في شيءٍ: عدم احتياج أيٍ منهما للحصول على استثمار لتبقى على قيد الحياة. إنّ فكرة ربحية الكفاف غير مألوفة لمعظم الناس لأنَّها لم تصبح قابلة للتنفيذ سوى مؤخرًا، وما تزال غير قابلة للتنفيذ في الكثير من الشركات الناشئة؛ مثل الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، ولكنها قابلة للتنفيذ في العديد من الشركات الناشئة في البرمجيات لأنها رخيصة جدًا الآن. فالتكلفة الحقيقية للكثير منها هي نفقات المؤسسين المعيشية. تكمن الأهمية الأساسية لهذا النوع من الربحية في أنَّك لا تعود تحت رحمة المستثمرين. إذا كنت ما زلت تخسر المال فستضطر في النهاية إما إلى البحث والحصول على استثمار أو إيقاف الشركة النّاشئة، ولكن حين تحقق ربحية الكفاف سيختفي هذا الخيار المؤلم. سيكون بإمكانك الحصول على استثمار، ولكنك لن تكون مضطرًا إلى فعل ذلك في الحال. * * * الميزة الأكثر وضوحًا لعدم الحاجة إلى الحصول على استثمار هو أنَّه سيكون بإمكانك الحصول على شروط استثمار أفضل. قد يستغلَّك المستثمرون أحيانًا إذا علموا أنك بحاجة إلى المال، وقد يماطل بعضهم عمدًا لأنَّهم يعرفون أنَّك ستزداد ستكون قابلًا “للعصر” مع مرور الوقت.. ولكن هناك أيضًا ثلاث مزايا أقل وضوحًا لربحية الكفاف. إحداها أنها تجعلك أكثر جاذبيةً للمستثمرين، فإذا كانت شركتك الناشئة مُربحة بالفعل، حتّى ولو كان ذلك على نطاق ضيق، يوضح ذلك: (1) أنَّ بإمكانك إقناع شخص ما على الأقل بأن يدفع لك؛ (2) أنَّك جادّ للغاية بشأن بناء أشياء يريدها الناس؛ و(3) أنَّك منضبطٌ بما يكفي للحفاظ على النفقات مُنخفضة. يُطمئن ذلك المستثمرين لأنَّك تُعالج ثلاثةً من أكبر مخاوفهم. من الشائع في عملهم أن يموِّلوا شركات ذات مؤسسين أذكياء وسوق كبير؛ لكنها تفشل برغم ذلك. عندما تفشل تلك الشركات، يرجع ذلك عادةً إلى: (1) أنَّ الناس لا يقبلون الدفع مقابل ما صنعَته الشركات؛ لأنه كان من الصعب بيعه لهم، على سبيل المثال، أو لأنَّ السوق لم تكن مستعدّة بعد؛ (2) أنَّ المؤسسين لم ينتبهوا إلى ما يحتاجه المستخدمون وحلُّوا مشكلةً أخرى بدلًا من ذلك؛ و(3) أنَّ الشركة أنفقت الكثير وبذَّرت تمويلها قبل أن تبدأ في جني المال. إذا كنتَ تحقّق ربح الكفاف فقد تجنَّبتَ تلك الأخطاء بالفعل. من المزايا الأخرى لربحية الكفاف أنَّها ترفع الروح المعنوية. تشعر عندما تؤسِّس الشركة في البداية أنًّها نظريةٌ قليلًا؛ فهي شركة من الناحية القانونية، ولكنَّك تشعر وكأنك تكذب عندما تدعوها كذلك. عندما يبدأ الناس في دفع مبالغ كبيرة من المال لك، تبدأ بالشعور أنَّ الشركة حقيقية. وتكون نفقات معيشتك هي أكثر العلامات الفارقة التي تشعر بها؛ لأنَّ المستقبل يتغير عند تلك النقطة، إذ تصبح النجاة هي الوضع الافتراضي بدلًا من الموت. تكون دفعة بهذا الحجم للروح المعنوية قيِّمة جدًا لشركةٍ ناشئة، لأن الحِمل المعنوي لإدارة شركة ناشئة هو ما يجعل الأمر صعبًا. لِمَ لا يفعله المزيد من الناس؟ بسبب المخاطرة المالية؟ لا يملك الكثير من الشباب في عمر الخامسة والعشرين أي شيء على أيَّة حال. بسبب الساعات الطويلة؟ يعمل الكثير من الناس لساعات طويلة بنفس القدر في الوظائف العادية. ما يمنع الناس من تأسيس الشركات الناشئة هو الخوف من تحمُّل الكثير من المسؤولية، ولا يُعَد هذا الخوف غير عقلاني؛ فمن الصعب حقًا تحمُّلها. وسيزيد أي شيء يزيل عنك بعضًا من هذا الحِمل من فُرصَك في النجاة. ربما تكون الشركة الناشئة التي تحقق ربحية الكفاف أكثر قابليةً للنجاح، وهو أمرٌ مثير للغاية، بالنظر إلى التوزيع ثنائي النمط للنتائج في الشركات الناشئة؛ فإما تفشل أو تجني الكثير من المال. الميزة الرابعة لربحية الكفاف هي أقلُّها وضوحًا، ولكنها ربما تكون أكثرها أهميةً. إذا لم تكُن بحاجة للبحث وتأمين استثمار، فلن تحتاج إلى إيقاف العمل على الشركة للحصول عليه،. فمهمّة الحصول على استثمار مُشتِّتٌة بشدة، ستكون محظوظًا إذا وصلَت إنتاجيتك إلى ثُلث ما كانت عليه من قبل، وقد يستمر الأمر لأشهرٍ. لم أفهم، أو بالأحرى لا أتذكَّر، تمامًا سبب كَون الحصول على استثمار مُشتِّتًا حتى وقتٍ سابق من هذا العام، كنتُ قد لاحظت أن الشركات الناشئة التي نموِّلها سرعان ما تتوقف ببطءٍ عندما تبحث عن مُستثمرين، ولكنني لم أتذكَّر السبب تحديدًا حتى بدأت Y Combinator نفسها في جمع المال. كانت تجربتنا سهلةً نسبيًا؛ فقد وافق أول من طلبنا منهم، ولكن استغرقنا تخطيط التفاصيل شهورًا، لم أنجز أي عمل حقيقي تقريبًا خلال ذلك الوقت، لماذا؟ لأنني كنتُ أفكِّر في الأمر طوال الوقت. تكون هناك مشكلة واحدة في كل وقت هي الأكثر إلحاحًا في أي شركة ناشئة، وهذا هو ما تفكِّر فيه قبل خلودك إلى النوم ليلًا وعندما تغتسل صباحًا. عندما تشرع في رحلة البحث عن استثمار، يصبح هو المشكلة التي تفكر فيها. تغتسل مرة واحدة في الصباح، وإذا كنتَ حينها تفكِّر في المستثمرين، فأنت لا تفكِّر في المُنتَج. بينما إذا كان بإمكانك اختيار وقت البحث عن مُستثمرين، فيمكنك اختيار وقتٍ لستَ مشغولًا فيه بشيءٍ آخر، كما يمكنك على الأرجح الإصرار على إنهاء دورة الاستثمارية بسرعة. ربما تتمكن حتى من تجنب احتلال الدورة لأفكارك إنْ لم تهتم بما إذا كانت ستغلق تلك الدورة بحصولك على الاستثمار من عدمه.. * * * لا تعني ربحية الكفاف أكثر مما يتضمَّنه التعريف؛ فهي لا تعني بأنّك ستموّل الشركة الناشئة من مُدخّراتك الخاصة (أو ما يُعرف بـ bootstrapping)، وأنَّك لن تحصل على تمويل قط. لا يبدو أن ذلك ينجح كثيرًا من الناحية التجريبية؛ فالقليل من الشركات الناشئة تنجح دون الحصول على استثمارات. ربما يصبح الأمر أكثر شيوعًا مع انخفاض تكلفة الشركات الناشئة. وعلى الجانب الآخر، المال موجود، في انتظار استثماره. إذا كانت الشركات الناشئة بحاجةٍ أقل إليه فستتمكَّن من الحصول عليه بشروطٍ أفضل، ممَّا سيجعلها سيدفعها أكثر للحصول عليه وهو ما سيُحدث توازنًا. [ii] هناك شيء آخر لا تتضمَّنه ربحية الكفاف، وهو فكرة جو كراوس «Joe Kraus» القائلة بأنَّ عليك وضع نموذج عملك في مرحلة البيتا عندما يكون منتجك في مرحلة البيتا؛ فهو يعتقد أنه عليك جعل الناس تدفع لك منذ البداية. أعتقد أنّ ذلك مُقيِّدٌ للغاية. لم يفعل «فيس بوك» ذلك، وقد أبلى أفضل من معظم الشركات الناشئة. لم يكن جني المال على الفور أمرًا غير ضروري فقط، بل على الأرجح كان ليصبح ضارًّا. ولكنني أعتقد أن قاعدة «جو» قد تكون مفيدة للكثير من الشركات الناشئة. عندما يبدو المؤسسون مُشتَّتين، أقترح عليهم أحيانًا محاولة جعل العملاء يدفعون لهم مقابل شيءٍ ما، على أمل أن يدفعهم ذلك القيد للتنفيذ. الفرق بين فكرة «جو» وبين ربحية الكفاف أنَّ الشركة التي تعمل بمبدأ ربحية الكفاف لا تحتاج إلى أن تجني المال في البداية كما سيفترض بها لاحقًا، عليها فقط أن تجني المال. المثال الأكثر شهرةً هو شركة «غوغل»، التي كانت تجني المال في البداية من خلال ترخيص البحث لمواقع مثل «ياهو». هل ثمَّة جانب سلبي لربحية الكفاف؟ الخطر الأكبر على الأرجح هو احتمالية تحويلها الشركة إلى شركة استشارية. على الشركات الناشئة أن تكون شركات مُنتج؛ بمعنى أنَّها تصنع شيئًا واحدًا يستخدمه الجميع. السمة المُحدِّدة للشركات الناشئة أنَّها تنمو بسرعة، ولا يُمكن للخدمات الاستشارية أن تنمو كما ينمو المنتَج. [iii] ولكن من السهل جدًا جني 3000 دولارًا شهريًا من الخدمات الاستشارية، بل سيكون ذلك في الحقيقة سعرًا رخيصًا لبعض طلبات البرمجة. لذا قد يكون هناك إغراءٌ للتحّول نحو الاستشارة، وإخبار أنفسكم أنَّكم شركة ناشئة تعمل بمبدأ ربحية الكفاف، بينما في حقيقة الأمر لستم شركة ناشئة على الإطلاق. من المقبول القيام ببعض الأعمال الاستشارية في البداية، فعادةً ما تضطر الشركات الناشئة إلى فعل أشياء غريبة في البداية. ولكن تذكَّر أن ربحية الكفاف ليست هي الغاية. غاية الشركة الناشئة هي النمو لحجمٍ كبير جدًا، أما ربحية الكفاف فهي خدعة لضمان عدم الموت في الطريق نحو تلك الغاية. تشير كلمة رامن إلى وجبة يابانية، وهي أرخص وجبة متاحة تقريبًا.رجاءً لا تنظر إلى المصطلح بحَرفيّة، فالتغَذِّي على الرامن فقط سيكون غير صحي للغاية. يمثّل كلٌ من الأرز والفاصولياء مصدرًا أفضل للغذاء. ابدأ بالاستثمار في جهاز طبخ الأرز إذا لم تكن تملك واحدًا. وجبة الأرز والفاصولياء لشخصين: زيت زيتون أو زبدةبصل أصفرخضروات طازجة أخرى، يمكنك التجربة3 فصوص ثومعلبة 12 أوقية فاصولياء بيضاء أو فول أو لوبياءمكعبات مرقة كنور لحم أو خضرواتملعقة كبيرة فلفل أسود مطحون طازج3 ملاعق كبيرة كمّون مطحونكوب أرز جاف، يفضل أن يكون بنيًّاضع الأرز في جهاز طبخ الأرز، أضف الماء كما هو موضَّح على عبوة الأرز. (المقدار الشائع: كوبان من المياه لكل كوب أرز) شغِّل جهاز طبخ الأرز وانسَ الأمر. قطِّع البصل والخضروات الأخرى واقليها في الزيت، على نار هادئة، حتى يُحمَّر البصل. أضف الثوم المُقطَّع والفلفل والكمّون والمزيد من الدهون ثم قلِّب. اطهِهم لدقيقتين أو ثلاث دقائق، ثم أضف الفاصولياء (لا تجفّف الفاصولياء)، ثم قلِّب. أضف مكعبات المرقة وغطِّ المقلاة واطهِ المكوّنات على نار هادئة قليلًا لعشر دقائق إضافية على الأقل. قلِّبهم بحذرٍ لتجنب الالتصاق. إذا أردتَ توفير النقود، اشترِ الفاصولياء بعبوات ضخمة من المتاجر التي تقدّم تخفيضات. والبهارات أيضًا تكون أرخص كثيرًا عند شرائها بالجملة. إذا كان هناك متجر خضروات هندي بالقرب منك، ستجد لديه أكياسًا كبيرة من الكمّون بنفس سعر الأوعية الصغيرة في المتاجر الكبرى. [ii] هناك احتمالية كبيرة أن يزيد انتقال السلطة من المستثمرين إلى المؤسسيين من حجم مجال الاستثمار المغامر بالفعل. أعتقد أن المستثمرين حاليًا منحازون جدًا للقسوة على المؤسسين. إذا أُجبِروا على التوقف، سيعمل مجال الاستثمار المغامر بأكمله على نحوٍ أفضل، وربما ترى أمرًا مثل الزيادة في التجارة التي تراها دائمًا عند إزالة القوانين المُقيِّدة.يمثِّل المستثمرون أحد أكبر مصادر الألم للمؤسسين، إذا توقَّفوا عن إحداث هذا القدر من الألم، سيصبح أن يكون المرء مؤسسًا أمرًا أفضل، وإذا أصبح أن يكون المرء مؤسِّسًا أمرًا أفضل، سيكون المزيد من الناس مؤسِّسين. [iii] من المفهوم أنّ الشركة الناشئة قد تنمو بقدرٍ كبير من خلال تحويل الاستشارة إلى شكلٍ قد يتوسَّع. ولكن إذا فعلت ذلك، ستكون في الحقيقة شركة إنتاجيّة. شكرًا لجيسيكا ليفينجستون لقراءة النسخ الأولية من هذا المقال. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Ramen Profitable لصاحبه Paul Graham (بول جراهام) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اطّلع على باقي مقالات بول جراهام المترجمة إلى العربية
  22. الطريقة الأفضل لتوليد أفكار للشركات الناشئة هي أن تطرح على نفسك السؤال التالي: ما الذي تتمنَّى أن يصنعه أحدٌ لك؟ ثمَّة نوعان من أفكار الشركات الناشئة: تلك التي تنبع بصورةٍ طبيعيةٍ من حياتك نفسها، وتلك التي تُقرر أنت أنها ستكون ضرورية لفئةٍ ما من المستخدمين المختلفين عنك. كانت «أبل» من النوع الأول؛ فقد تأسست لأن «ستيف ووزنياك» كان يريد حاسبًا آليًا. وعلى عكس معظم من يريدون حاسبًا آليًا، كان باستطاعته تصميم واحدٍ؛ ففعل. وبما أن الكثيرين أرادوا الأمر ذاته، استطاعت «أبل» بيع ما يكفي لتشغيل الشركة. ما زالوا يعتمدون على المبدأ ذاته الآن تلقائيًا، فكان «آيفون» هو الهاتف الذي أراده «ستيف جوبز».[1] كان تطبيقنا الخاص، Viaweb، من النوع الثاني؛ فقد صنعنا برنامجًا لبناء المتاجر الإلكترونية. لم نكن نحتاج لهذا البرنامج؛ فلم نكن مسوِّقين مباشرين. وعندما بدأنا عملنا لم نكن حتى نعلم أن مستخدمينا يُطلق عليهم اسم «مسوِّقون مباشرون». ولكننا كنا كبار السن نسبيًا عندما بدأنا تلك الشركة (كنتُ أنا في الثلاثين، و«روبرت موريس» في التاسعة والعشرين من العمر)؛ لذا كنا قد رأينا ما يكفي لجعلنا ندرك أن المستخدمين سيحتاجون هذا النوع من البرامج. [2] ليس ثمَّة خطٌ فاصلٌ بين هذين النوعين من الأفكار، ولكن يبدو أن الشركات الناشئة الأكثر نجاحًا هي الأقرب إلى نوع «أبل» وليس إلى نوع Viaweb. عندما كان «بيل غيتس» يكتُب مُفسرًا بلغة «Basic» لأول مرة لحاسب «Altair»، كان يكتب شيئًا قد يرغب هو في استخدامه، كما فعل «لاري» و«سيرغي» حين كانا يكتبان النسخ الأولى من «غوغل». الأفكار الطبيعية هي الأفضل عمومًا للنوع المبتكر، وخصوصًا عندما يكون المؤسسون صغار السن؛ فتوقُّع ما يريده الآخرون يتطلب خبرةً. إن أسوأ الأفكار التي نراها في Y Combinator تكون نابعة من مؤسسين شباب يصنعون أشياءً يظنون أن الآخرين يريدونها. لذا إذا كنتَ ترغب في تأسيس شركة ناشئة ولا تعرف بعد ماذا ستفعل، أشجِّعك على أن تركز أولًا على الأفكار الطبيعية، ما الأمر الناقص أو المُعطَّل في حياتك اليومية؟ أحيانًا قد تحصل على إجابات فورية إذا طرحتَ ذلك السؤال فقط. لابد أن «بيل غيتس» قد شعر بعطلٍ واضح في عدم إمكانية برمجة «Altair» سوى عبر لغة الآلة. ربما تحتاج إلى أن تقف خارج نفسك قليلًا لترى العلة لأنك ستكون قد اعتدت عليها واعتبرتها مُسلَّمًا بها، ولكنك مع ذلك ستكون متأكدًا من وجودها. هناك دائمًا أفكار رائعة أمام أعيننا مباشرةً. في عام 2004 كان من السخيف أن يظل طلاب «هارفارد» يستخدمون ما يشبه «فيس بوك» على الورق؛ كان لابد أن يُصبح مثل هذا الشيء إلكترونيًا. هناك أفكار متناثرة حولك الآن بوضوح، وسبب تجاهُلك لها هو نفس السبب الذي كنت ستتجاهل من أجله فكرة إنشاء «فيس بوك» في عام 2004؛ وهو أن أفكار الشركات الناشئة الطبيعية لا تبدو عادةً كأفكار للشركات الناشئة في البداية. نحن نعلم الآن أن «فيس بوك» ناجحٌ للغاية، ولكن عُد بالزمن إلى عام 2004، لم يكُن وضع الطلاب لبياناتهم في حسابات على الإنترنت يبدو كثيرًا كفكرة لشركة ناشئة، وهي لم تكُن كذلك في البداية في حقيقة الأمر. عندما تحدّث مارك هذا الشتاء في عشاء أقامته YC قال أنه لم يكُن يحاول تأسيس شركة عندما كتب النسخة الأولى من فيس بوك، بل كان مجرد مشروع. وكذلك كانت آبل عندما بدأ ووزنياك في العمل عليها في البداية، فلم يكن يعتقد أنه يؤسس شركة. إذا كان هؤلاء الشباب قد اعتقدوا أنهم يؤسسون شركات، ربما كانوا ليميلوا نحو فعل شيء أكثر «جديةً»›، وكان ذلك ليكون خطأً. لذا إذا أردت أن تولِّد أفكارًا طبيعية لشركةٍ ناشئة، أشجعك على التركيز أكثر على الجزء الخاص بالفكرة وأقل على الجزء الخاص بالشركة. أصلح الأشياء التي تبدو مُعطَلة فقط بغض النظر عمَّا إذا كانت المشكلة تبدو مهمة بما يكفي لتأسيس شركة بناءً عليها. إذا استمرّيتَ في تتبُّع تلك الخيوط سيكون من الصعب ألَّا تصنع شيئًا ذا قيمة للكثير من الناس في نهاية الأمر؛ وعندما تفعل ذلك، ستكون المفاجأة بأنّك قد أسست شركة [3] لا تسمح للإحباط أن يُصيبك إذا هزأ الآخرون مما أنتجته في البداية واعتبروه لعبة؛ فهذه في حقيقة الأمر علامة جيدة. لهذا السبب على الأرجح ظل الآخرون جميعًا يتجاهلون الفكرة. تعرضت الحواسب الآلية الصغيرة الأولى للسخرية باعتبارها لعبة، وكذلك الطائرات الأولى، والسيارات الأولى. والآن عندما يأتينا أحدٌ بفكرة قد يحبها المستخدمون ولكن يمكننا تصور السخرية التي ستتعرض لها، يجعلنا ذلك نميل أكثر إلى الاستثمار فيها. وبينما يكون المؤسسون الشباب في ظروفٍ سيئة عند توليد أفكار مبتكرة، إلا أنهم المصدر الأفضل للأفكار الطبيعية لأنهم في طليعة التكنولوجيا، فهم يستخدمون أحدث الأشياء. ولأنهم يستخدمون أحدث الأشياء؛ فهم في موضعٍ يُمكِّنهم من اكتشاف أنواع قيِّمة من الأعطال القابلة للإصلاح قبل أي أحد آخر. ليس هناك ما هو أكثر قيمة من حاجة لم تتم تلبيتها بعد وأصبحت قابلة للتلبية والتنفيذ. إذا وجدتَ شيئًا معطلًا وأمكنك إصلاحه للكثير من الناس فقد عثرتَ على منجم ذهب. وكما هو الحال فيما يختص بمنجم الذهب الحقيقي، سيكون عليك أيضًا أن تعمل بجدٍ لاستخراج الذهب منه، ولكنك تعرف على الأقل أين يكمن الحل؛ وهذا هو الجزء الصعب. الهوامش[1] يشير ذلك إلى طريقةٍ للتنبؤ بمواضع نقاط ضعف آبل؛ وهي الأشياء التي لا يستخدمها ستيف جوبز، فأشكُ على سبيل المثال أنه كان مُهتمّا بالألعاب كثيرًا. [2] وبالنظر إلى الماضي، كان علينا أن نصبح مسوقين مباشرين. إذا صنعتُ Viaweb ثانيةً منذ البداية، كنتُ سأفتتح متجرنا الإلكتروني الخاص؛ فقد كنا سنفهم المستخدمين على نحوٍ أفضل كثيرًا إذا ما فعلنا ذلك. أشجع أي شخصٍ يؤسس شركة ناشئة أن يصبح واحدًا من مستخدميها، مهما بدا ذلك غير طبيعي. [3] هناك استثناء ممكن؛ فمن الصعب التنافس مباشرةً مع البرامج مفتوحة المصدر، يمكنك بناء أشياء للمبرمجين، ولكن لابد أن يكون هناك جزء يمكنك تقاضي مالًا في مقابله. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Organic Startup Ideas لصاحبه Paul Graham (بول جراهام) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اطّلع على باقي مقالات بول جراهام المترجمة إلى العربية
  23. من أكثر الأمور شيوعًا التي ننصح بها في شركة Y Combinator هي فعل الأشياء البسيطة دون رغبةٍ في توسيع نطاقها في البداية. يعتقد الكثير من المؤسسين المحتملين أن الشركات الناشئة إما تشرع في النّجاح أو لن تنجح أبدًا. فأنت تبني شيئًا وتجعله متاحًا، وإذا صنعتَ مصيدةً أفضل سيجد الناس طريقهم إليك أفواجًا كما تعِدُك المصيدة، أو لن يجدوه، وفي هذه الحالة لن يكون هناك سوق.[1] في الحقيقة، تنجح الشركات الناشئة في العمل لأن المؤسسين يجعلونها تنجح. ربما تكون هناك قلَّة من الشركات التي نَمَت بأنفسها، ولكن يتطلب الأمر عادةً دفعةً ما لتنطلق. يشبه الأمر عامود الحركة الذي كان موجودًا في محركات السيارات قبل بادئ الحركة الكهربائي؛ ما أن يبدأ المحرك في العمل يستمر في الحركة، ولكن عمله يستلزم عمليةً منفصلة وشاقة. جذب المستخدمينإن الأمر الأكثر شيوعًا بين الأمور التي تبقى دون توسُّع في البداية، والذي ينبغي على كافة المؤسسين القيام به، هو جذب المستخدمين يدويًا. على كل الشركات الناشئة تقريبًا أن تفعل ذلك؛ لا يمكنك انتظار أن يأتي المستخدمون إليك، عليكَ أن تذهب إليهم وتأتي بهم. شركة Stripe واحدة من أنجح الشركات الناشئة التي موَّلناها، وكانت المشكلة التي تقدم حلًا لها مُلحَّة؛ فإذا كان هناك من يمكنه الاسترخاء وانتظار المستخدمين، فهي Stripe، ولكنها في الحقيقة تشتهر داخل شركة YCباكتسابها للمستخدمين بشكل مبكر وجريء. لدى الشركات الناشئة التي تصنع أشياءً لشركات ناشئة أخرى مجموعةً كبيرةً من المستخدمين المحتملين في الشركات الأخرى التي موَّلناها، ولم تستغل أي شركة هذا الأمر أفضل من Stripe. نستخدم في شركة YC مصطلح ‹‹التركيب التصادمي›› لوصف التقنية التي اخترعوها. يسأل المؤسسون الأكثر خجلًا شخصًا ما: ‹‹هل تود تجربة نسختنا التجريبية؟›› وإذا كانت الإجابة نعم، يقولون: ‹‹رائع، سنرسل لك رابطًا››، ولكن هؤلاء التصادميون لم ينتظروا، فعندما كان يوافق أي شخص على تجربة Stripe كانوا يقولون: ‹‹حسنًا إذًا، أعطني حاسبك الشخصي›› وينشئون له حسابًا على الفور. ثمَّة سببان يمنعان المؤسسين من الانطلاق وجذب المستخدمين بصورةٍ فردية: أحدهما مزيج من الخجل والكسل؛ فهم يفضلون الجلوس في المنزل وكتابة الشيفرات البرمجية على الخروج والتحدث مع مجموعة من الغرباء والتعرض للرفض من معظمهم على الأرجح. ولكن لكي تنجح شركة ناشئة سيضطر واحد على الأقل من المؤسسين (عادةً ما يكون المدير التنفيذي) إلى قضاء الكثير من الوقت في التسويق والمبيعات. [2] السبب الثاني الذي يجعل المؤسسين يتجاهلون هذا الطريق هو أن الأرقام النهائية تبدو ضئيلةً للغاية في البداية، فهم يعتقدون أن الشركات الناشئة الشهيرة الكبيرة لا يمكن أن تكون قد بدأت كذلك. الخطأ الذي يرتكبونه هو التقليل من شأن قوة النمو المركب. نحن نشجع كل شركة ناشئة على قياس تقدمها بمعدل النمو الأسبوعي، إذا كان لديك 100 مستخدمًا فأنت بحاجة لاكتساب 10 آخرين الأسبوع التالي لتنمو بمعدل 10% أسبوعيًا، وبينما قد لا يبدو الرقم 110 أفضل كثيرًا من 100، إلا أنك إذا استمريت في النمو بمعدل 10% أسبوعيًا ستتفاجأ من الحجم الذي سيبلغه الرقم. بعد سنةٍ سيكون لديك 14000 مستخدمًا، وبعد سنتين سيكون لديك مليونان. ستفعل أشياءً مختلفةً عندما تكتسب مستخدمين بالآلاف، وسيتباطأ النمو في نهاية الأمر. ولكن إذا كان لديك سوقًا فيمكنك البدء عادةً بجذب المستخدمين يدويًا ثم الانتقال تدريجيًا إلى استخدام طرقٍ أقل يدويةً.[3] يُعد موقع Airbnb مثالًا كلاسيكيًا على هذه التقنية، فمن الصعب تحريك عمل المنصات marketplaces في البداية لدرجة أنك من المتوقع أن تتخذ إجراءات استثنائية للغاية. في حالة Airbnb كانت تلك الإجراءات هي طرق الأبواب في نيويورك لجذب مستخدمين جدد، ومساعدة المستخدمين الحاليين على تحسين قوائمهم. عندما أتذكر فريق عمل Airbnb خلال فترة عملهم مع شركة YC أتصورهم حاملين حقائب سفر، لأنهم عندما كانوا يأتون لتناول العشاء في أيام الثلاثاء، كانوا دائمًا عائدين للتّو من مكانٍ ما. الهشاشةيبدو Airbnb الآن كقوة هائلة لا يمكن إيقافها، ولكن في بدايته كان هشًّا للغاية لدرجة أن 30 يومًا فقط من الخروج والتفاعل مع المستخدمين بصورةٍ شخصيةٍ وضعته على طريق النجاح بدلًا من الفشل. لم تكن تلك الهشاشة الأولية سمة فريدة قاصرة على Airbnb فقط؛ فكل الشركات الناشئة تقريبًا تكون هشّة في البداية، وهذا أحد أكبر الأمور التي يسيء فهمها المؤسسون المبتدئون والمستثمرون (وكذلك الصحفيون ومن يدَّعون معرفة كل شيء في المنتديات) ؛ فيحكمون بدون وعيٍ على الشركات الناشئة الوليدة بمعايير الشركات المستقرة. كأنهم ينظرون إلى طفلٍ رضيع ويستنتجون أن ‹‹هذا الكائن الصغير لن يتمكن من تحقيق أي شيء أبدًا››. من غير المضر أن يرفض الصحفيون ومن يدَّعون معرفة كل شيء شركتك الناشئة؛ فهم دائمًا ما يخطئون في تقدير الأمور، بل من المقبول أن يرفض حتى المستثمرون شركتك الناشئة؛ فهم سيغيّرون آراءهم عندما يرون نموها. الخطر الكبير هو أن ترفض أنت نفسك شركتك الناشئة. لقد رأيتُ ذلك يحدث، عليّ غالبًا أن أشجع المؤسسين الذين لا يرون القدرات الكاملة لما يبنونه. وقع حتى بيل جيتس في ذلك الخطأ، فقد عاد إلى هارفارد في الخريف بعد تأسيس مايكروسوفت، لم يبقَ طويلًا ولكنه لم يكن ليعود من الأساس إذا كان قد أدرك أن مايكروسوفت ستصل حتى إلى جزءٍ صغيرٍ من الحجم الذي وصلت إليه. [4] السّؤال الذي يجب طرحه حول أي شركة ناشئة في المراحل المبكرة ليس ‹‹هل ستسيطر هذه الشركة على العالم؟›› وإنما ‹‹كم سيكون حجم هذه الشركة إذا فعل المؤسسون الأمور الصحيحة؟›› والأمور الصحيحة غالبًا ما تبدو شاقة وغير هامة في ذلك الوقت. بالطبع لم تبدُ مايكروسوفت مثيرة للغاية عندما كانت تتكون من شابين فقط في ألباكركي يراسلان مترجمي لغة بيسك للوصول إلى سوقٍ من بضعة آلاف من الهواة (كما كان يُطلق عليهم حينها)، ولكن بالنظر إلى الماضي، كان ذلك هو الطريق الأمثل للهيمنة على برمجيات الحاسب الدقيقة. وأعرف أن براين تشيسكي Brian Chesky وجو جيبيا Joe Gebbia لم يشعرا أنهما على الطريق نحو فرصتهما الكبيرة عندما كانا يلتقطان صورًا ‹‹مهنية›› لشقق مضيفيهم الأوائل، فهما كانا يحاولان النجاة فقط، ولكن بالنظر إلى الماضي كان ذلك أيضًا هو الطريق الأمثل للهيمنة على سوقٍ كبير. كيف تعثر على المستخدمين لتجندهم يدويًا؟ إذا بنيتَ شيئًا لحل مشاكلك الخاصة، فعليك فقط أن تعثر على أقرانك؛ وهو ما يكون عادةً أمرًا مباشرًا. وفيما عدا ذلك سيكون عليك أن تبذل جهدًا مدروسًا لتحديد موقع أكثر المستخدمين الواعدين. الطريقة المعتادة لفعل ذلك هي الحصول على مجموعة مبدئية من المستخدمين من خلال الانطلاق غير محدد الهدف نسبيًا، ثم ملاحظة أي نوع منهم يبدو أكثر تحمسًا، والسعي للحصول على آخرين مثلهم. لاحظ بن سيلبرمان Ben Silbermann على سبيل المثال أن الكثير من المستخدمين الأوائل لموقع Pinterest كانوا مهتمين بالتصميم، لذا ذهب إلى مؤتمرٍ للمدونين عن التصميم لجذب المستخدمين؛ ونجح ذلك. [5] البهجةعليك اتخاذ إجراءات استثنائية، ليس فقط لاكتساب المستخدمين، بل لإسعادهم أيضًا. ظل فريق موقع Wufo يرسل رسالة شكر بخط اليد لكل مستخدمٍ جديد لأطول وقتٍ ممكن (وهو ما اتضح أنه وقت طويل على نحوٍ مفاجئ). على المستخدمين الأوائل أن يشعروا أن الاشتراك معك كان أحد أفضل الخيارات التي اتخذوها على الإطلاق، وعليك في المقابل أن تفكر مليًا في طرقٍ جديدة لإبهاجهم. لماذا علينا أن نعلِّم ذلك للشركات الناشئة؟ لماذا يمثل ذلك أمرًا غير بديهي للمؤسسين؟ هناك، كما أعتقد، ثلاثة أسباب: الأول أن الكثير من مؤسسي الشركات الناشئة مدربون على الهندسة، وخدمة العملاء ليست جزءًا من التدريب على الهندسة؛ فمن المفترض أن تبني أشياءً قوية وأنيقة، لا أن تنتبه بخنوع للمستخدمين الأفراد مثل البائعين. من المثير للسخرية أن أحد أسباب عزوف الهندسة تقليديًا عن الإدارة أن تقاليدها تعود إلى وقتٍ كان فيه المهندسون أقل قوةً؛ عندما كانوا مسؤولين فقط عن نطاقهم الضيق، وهو صناعة الأشياء، وليس إدارة الأمر بأكمله. يمكنك أن تكون عنيدًا، ولكن ليس عندما تدير دفة الأمور. السبب الآخر الذي يجعل المؤسسين لا يركزون بما يكفي على العملاء الأفراد هو أنهم يخشون أنه لا يُمكن القيام بذلك على نطاق واسع، ولكن عندما يقلق مؤسسو الشركات الناشئة الوليدة بشأن ذلك أشير إلى أنهم في وضعهم الحالي ليس لديهم ما يخسرونه. ربما إذا بذلوا جهودًا إضافية لإسعاد مستخدميهم الحاليين بشدة، سيكتسبون يومًا ما الكثير جدًا من المستخدمين ليقدموا لهم الكثير، ستكون تلك مشكلة كبيرة. لترَ إذا كان بإمكانك تحقيق ذلك، وعندما تفعل، بالتبعية، ستجد أن العملاء المسرورين يتوسعون بصورةٍ أفضل مما توقعتَ. لأنّه بإمكانك عادةً إيجاد طرق جديدة لجعل أي شيء يتوسع أكثر مما تتنبأ له به، ولأن العملاء المسرورون بحلول ذلك الوقت سيكونوا قد انتشروا في ثقافتك. لم أرَ قط شركة ناشئة تدخل في نفقٍ مظلمٍ بمحاولاتها الحثيثة لإسعاد مستخدميها الأوائل. ولكن ربما الأمر الأكبر الذي يمنع المؤسسين من إدراك كمّ الانتباه الذي يمكنهم أن يولوه لمستخدميهم، أنهم لم يجربوا مثل ذلك الانتباه بأنفسهم. فقد تحددت معاييرهم لخدمة العملاء بالشركات التي كانوا عملاءً لها، والتي تكون في غالب الأمر شركات كبيرة. لا يرسل لك تيم كوك رسالة شكر مكتوبة بخط اليد بعد أن تشتري حاسبًا شخصيًا، لا يمكنه ذلك، ولكن يمكنك أنت القيام بذلك، فهذه إحدى مزايا أن تكون صغيرًا؛ يمكنك تقديم مستوى من الخدمات لا يمكن للشركات الكبرى تقديمه. (6) بمجرد أن تدرك أن الأعراف السائدة ليست الحدود النهائية لتجربة المستخدمين، يصبح التفكير في المدى الذي قد تصل إليه لإسعاد مستخدميك مثيرًا للاهتمام على نحوٍ سار. التجربةكنت أحاول التفكير في عبارةٍ توضح إلى أي حدٍ يجب أن يصل انتباهك للمستخدمين، ثم أدركت أن ستيف جوبز قد قالها بالفعل، إلى حدٍ جنوني. لم يكن ستيف يستخدم كلمة ‹‹جنوني›› لترادف كلمة ‹‹جدًا›› بل كان يعنيها حرفيًا؛ أي أن على المرء التركيز على جودة التنفيذ لدرجة قد تعتبر مَرَضيةً في الحياة اليومية. لقد فعلَت ذلك كل الشركات الناشئة الناجحة التي موَّلناها، ولا يفاجيء ذلك على الأرجح المؤسسين المستقبليين. ما لا يفهمه المؤسسون المبتدؤون هو ما تُترجَم إليه عبارة ‹‹إلى حدٍ جنوني›› في الشركات الناشئة الوليدة. عندما بدأ ستيف جوبز يستخدم تلك العبارة كانت آبل شركة مستقرة بالفعل، فهو كان يقصد أنه على جهاز ماك (وتوثيقه وحتى تعبئته؛ فهذه هي طبيعة الهوس) أن يكون مصممًا ومصنعًا على نحوٍ جيد إلى درجةٍ جنونية. ليس من الصعب على المهندسين فهم ذلك، فهو مجرد نسخة متطرفة أكثر قليلًا من تصميم منتجٍ قويٍ وأنيق. ما يصعب على المؤسّسين فهمه (وربما كان قد صعب على ستيف نفسه فهمه) هو ما سيتحول إليه هذا الحد الجنوني مع تحريك مؤشر الوقت للوراء إلى الشهرين الأوليين من حياة الشركة الناشئة. ليس المنتج هو ما عليه أن يكون رائعًا إلى حدٍ جنوني، وإنما تجربة مستخدمك، والمنتج أحد مكونات تلك التجربة فقط، وهو بالضرورة المكون الأبرز للشركات الكبيرة. ولكن يمكنك، بل وعليك، أن تقدم للمستخدمين تجربةً رائعة إلى حدٍ جنوني مع منتجٍ أولي غير مكتمل وبه أخطاء، إذا عوَّضت عن ذلك بالانتباه لهم. يمكنك ذلك، ولكن هل عليك القيام بذلك؟ أجل؛ إن التفاعل الزائد مع المستخدمين الأوائل ليس مجرد تقنية مشروعة لتفعيل النمو، ولكنه يشكل جزءًا أساسيًا من حلقة التغذية الراجعة لأنجح الشركات الناشئة ، والتي تجعل المنتج جيدًا. إن صنع مصيدة أفضل ليس عملية ذرية، حتى إذا بدأتَ كما بدأت معظم الشركات الناشئة الناجحة ببناء شيءٍ تحتاجه أنت نفسك، فإن أول شيء تبنيه لن يكون سليمًا تمامًا. ومن الأفضل غالبًا عدم استهداف الكمال في بداية الأمر، إلا في النطاقات التي تفرض عقوبات كبيرة على ارتكاب الأخطاء. من أكثر الطرق نجاحًا، خاصةً في البرمجيات، إتاحة الشيء للمستخدمين بمجرد تمتعه بقدرٍ من النفع لهم، ثم ملاحظة ما يفعلونه به. غالبًا ما يكون طلب الكمال عذرًا للمماطلة، وفي كل الحالات لا يكون نموذجك الأولي للمستخدمين دقيقًا، حتى إذا كنتَ واحدًا منهم. [7] إن التغذية الراجعة التي تحصل عليها نتيجة التفاعل المباشر مع المستخدمين الأوائل ستكون أفضل ما يمكن أن تحصل عليه. عندما تكون شركتك كبيرةً جدًا ستضطر إلى اللجوء إلى المجموعات التجريبية، وستتمنى لو استطعت العودة إلى منازل المستخدمين ومكاتبهم ومشاهدتهم يستخدمون منتجك كما كنت تفعل عندما كانوا قليلين جدًا. النيرانأحيانًا تكون الخدعة الصحيحة التي لا تتوسَّع هي التركيز على سوقٍ ضيقٍ عن عمدٍ، مثل احتواء النيران في البداية حتى تصبح ملتهبة جدًا قبل إضافة المزيد من الأخشاب. هذا ما فعله موقع فيس بوك، في البداية كان مخصصًا لطلاب جامعة هارفارد فقط، وهكذا كان له سوق محتمل من بضعة آلاف شخص فقط، ولكن اشتركت كتلة حرجة منهم لأنهم شعروا أنه موجه لهم حقًا. بعد أن توقف فيس بوك عن كونه مخصصًا لطلاب هارفارد فقط، ظل مخصصًا للطلاب في جامعات محددة لفترةٍ. عندما حاورتُ مارك زوكربيرج في مدرسة الشركات الناشئة قال أنه على الرغم من أن صنع قوائم بالمحاضرات الدراسية الخاصة بكل كليةٍ كان عملًا كثيرًا، إلا أن ذلك جعل الطلاب يشعرون أن الموقع موطنهم الطبيعي. على أي شركة ناشئة يمكن وصفها بأنها متجر أن تبدأ كتابعٍ للسوق عادةً، ولكن يمكن أن يسري ذلك على الشركات الناشئة الأخرى كذلك. من المجدي دائمًا أن تسأل عمّا إذا كانت هناك مجموعة تابعة للسوق الذي يمكنك الحصول فيه على كتلة حرجة من المستخدمين بسرعة. [8] معظم الشركات الناشئة التي تستخدم استراتيجية احتواء النيران تفعل ذلك دون وعي، فهي تبني شيئًا لنفسها ولأصدقائها، الذين يصدف أن يكونوا المستهلكين الأوائل، ثم يدركون لاحقًا أن بإمكانهم تقديم ذلك لسوقٍ أوسع. تنجح الاستراتيجية أيضًا إذا اتبعتها دون وعي. الخطر الأكبر لعدم الوعي بهذا النمط يواجه هؤلاء الذين يستبعدون بسذاجةٍ جزءًا منها. مثال على ذلك، إذا لم تبنِ شيئًا لك ولأصدقائك، أو حتى إذا فعلتَ، ولكنك تنتمي لعالم الشركات وأصدقاؤك ليسوا هم المستهلكين الأوائل لمنتجك، فلن يكون لديك سوقًا أوليًا مثاليًا مُقدمًا لك على طبقٍ من فضة. عادةً ما يكون أفضل المستهلكين الأوائل بين الشركات هم الشركات الناشئة، فهي أكثر انفتاحًا على الأمور الجديدة بطبيعتها، ولأنها لم تحسم كل خياراتها بعد لأنها ما زالت مبتدئة. بالإضافة إلى أنها عندما تنجح تنمو سريعًا، وتنمو أنت معها. كانت إحدى المزايا العديدة غير المتوقعة لنموذج شركة YC (وتحديدًا لتكبير YC) أن الشركات الناشئة المختصة بالأعمال بين الشركات (B2B) أصبح لديها الآن سوقًا فوريًا من مئات الشركات الناشئة الأخرى المستعدة في متناول أيديها. ميراكيهناك شكل مختلف لفعل الأشياء التي لا تتوسع للشركات الناشئة المختصة بالمكونات الصلبة للحواسب، وهو ما نطلق عليه ‹‹تقليد ميراكي››. بالرغم من أننا لم نموِّل شركة Meraki إلا أن مؤسسيها كانوا طلاب روبرت موريس، لذا فإننا نعرف تاريخهم. لقد بدأوا بفعل شيءٍ لا يتوسع حقًا؛ وهو تركيب أجهزة التوجيه (routers) بأنفسهم. تواجه الشركات الناشئة المختصة بالمكونات الصلبة للحواسب عقبةً لا تواجهها شركات البرمجيات، عادةً ما يكون الحد الأدنى للطلب اللازم لتشغيل دورة إنتاج بالمصنع عدة مئات من الآلاف من الدولارات، وهو ما قد يجعلك تدور في حلقةٍ مفرغة؛ فبدون منتج لا يمكنك توليد النمو الذي تحتاجه لجمع المال اللازم لتصنيع منتجك. عندما كان على الشركات الناشئة المختصة بالمكونات الصلبة للحواسب الاعتماد على المستثمرين للحصول على المال، كان عليك أن تكون مقنعًا للغاية للتغلب على هذه العقبة. وقد ساعد ظهور التمويل الجماهيري (أو الطلب المسبق للمنتجات لنكون أكثر دقة) كثيرًا. ولكن مع ذلك أنصح الشركات الناشئة بتقليد ميراكي في البداية إذا استطاعت. وهذا ما فعلته شركة Pebble، فقد قام فريقها بتركيب أول عدة مئات من الساعات بأنفسهم. إذا لم يكونوا قد مروا بتلك المرحلة، لم يكونوا ليبيعوا ما قيمته 10 ملايين دولارًا من الساعات في بدايتهم على موقع Kickstarter على الأرجح. يتضح أن تصنيع الأشياء بنفسك ذا قيمة للشركات الناشئة المختصة بالمكونات الصلبة للحواسب، مثل الانتباه الزائد للعملاء الأوائل. يمكنك تعديل التصميم أسرع عندما تكون أنت المصنع، وتتعلم أمورًا لم تكن لتتعلمها في أي حالة أخرى. قال إيريك ميجيكوفسكي Eric Migicovsky من شركة Pebble أن أحد الأمور التي تعلمها كانت ‹‹مدى قيمة معرفة مَوردٍ للبراغي الجيدة››، من كان ليتوقع ذلك؟ الاستشارةننصح أحيانًا مؤسسي الشركات الناشئة المختصة بالأعمال بين الشركات (B2B) بتوصيل التفاعل الزائد مع المستخدمين إلى أقصى حد، وبأن يختاروا مستخدمًا واحدًا ويتصرفون وكأنهم مستشارين يبنون شيئًا خصيصًا لذلك المستخدم الواحد. يُعد هذا المستخدم الأولي شكلًا لقالبك، ستظل تعدل منتجك حتى تلائم احتياجاته تمامًا، وستجد أنك قد صنعت شيئًا يريده المستخدمون الآخرون أيضًا. حتى إذا لم يكن هناك الكثير من هؤلاء المستخدمين، ستكون هناك على الأرجح قطاعات مجاورة بها الكثير منهم. طالما استطعتَ العثور على مستخدمٍ واحدٍ فقط يحتاج شيئًا ما حقًا واستطعت تلبية تلك الحاجة، فلديك موطئ قدم لصنع شيء ما يرغب فيه الناس، وذلك كل ما تحتاجه أي شركة ناشئة في البداية. [9] إن الاستشارة هي المثال المعياري للعمل الذي لا يتوسع، ولكن من الآمن فعلها طالما لا تتقاضى أجرًا مقابلها (كبقية الأشياء التي يمنحها المرء بسخاء)، فهنا تتجاوز الشركات الحد. سيكون العملاء ممتنين جدًا طالما أنك شركة تقدم منتجًا وتولي انتباهًا زائدًا للعميل فقط، حتى إذا لم تحل كافة مشاكلهم، أما عندما يبدأون في دفع مقابل ذلك الانتباه –عندما يبدأون في الدفع بالساعة- سيتوقعون منك فعل كل شيء. هناك تقنية أخرى شبيهة بالاستشارة لتجنيد المستخدمين غير المتحمسين في البداية، وهي استخدام برنامجك بنفسك نيابةً عنهم، لقد فعلنا ذلك في موقع Viaweb. عندما توجهنا إلى التجار وسألناهم عمَّا إذا ما كانوا يرغبون في استخدام برنامجنا لإنشاء متاجر إلكترونية، رفض بعضهم، ولكنهم كانوا يجعلوننا ننشئها لهم. وبما أننا كنا سنفعل أي شيء لاكتساب مستخدمين؛ وافقنا. شعرنا بملل شديد في ذلك الوقت، فكنا نحاول بيع حقائب سفر وأقلام وأقمصة رجالية بدلًا من تنظيم شراكات تجارية إلكترونية استراتيجية كبيرة. ولكن بالنظر إلى الماضي، كان هذا بالضبط هو ما يجب فعله، لأنه عرَّفنا ما سيشعر به التجار عند استخدام برنامجنا. أحيانًا كانت حلقة التغذية الراجعة فورية تقريبًا؛ ففي وسط بناء موقعٍ لأحد التجار قد أجد أننا بحاجة إلى خاصيةٍ ما لم تكن لدينا؛ فكنتُ أمضي ساعتين في تطبيقها ثم أستأنف تطوير الموقع. العمل اليدويهناك شكل مختلف أكثر تطرفًا لا تستخدم فيه برنامجك فحسب، بل تكون أنت البرنامج. فعندما يكون لديك عدد قليل من المستخدمين، يمكنك أحيانًا فعل بعض الأشياء التي تنوي جعلها آلية فيما بعد يدويًا. يتيح لك ذلك الانطلاق أسرع، وعندما تجعل تلك الأشياء آلية أخيرًا ستعرف بالضبط ما عليك بناءه لأنك ستتذكر جيدًا ما كنت تفعله بنفسك. عندما تبدو المكونات اليدوية للمستخدم مثل البرنامج، تبدأ هذه التقنية في التمتع بجوانب مضحكة. فكانت الطريقة التي يصل موقع Stripe حسابات التجار ‹‹الفورية›› للمستخدمين الأوائل على سبيل المثال، هي أن المؤسسين كانوا يشتركون لهم يدويًا في حسابات التجار العادية وراء الكواليس. قد تكون بعض الشركات الناشئة يدوية كليًا في البداية. إذا استطعتَ العثور على شخصٍ لديه مشكلةً ما بحاجة إلى حلٍ، واستطعتَ حلها يدويًا، افعل ذلك طالما استطعت، ثم اجعل حل العقبات آليًا. سيكون من المخيف قليلًا حل مشاكل المستخدمين بطريقةٍ لم تصبح آلية بعد، ولكنها أقل إخافةً من حالةٍ أكثر شيوعًا؛ وهي أن تكون هناك طريقة آلية لا تحل مشاكل أي أحد بعد. الحجمعليَّ أن أذكر نوعًا من التكتيكات الأولية التي لا تنجح عادةً؛ هو الانطلاق الكبير. ألتقي من حينٍ لآخر بمؤسسين يبدو أنهم يعتقدون أن الشركات الناشئة قذائف وليست طائرات مزودة بالطاقة، وأنهم سيجعلونها كبيرةً إذا أطلقوها بسرعة أولية كافية فقط. فهم يريدون أن ينطلقوا في 8 منشورات في وقتٍ واحد، وفي يوم ثلاثاء بالطبع، بما أنهم قرأوا في مكانٍ ما أنه اليوم الأمثل لإطلاق شيء ما. من السهل رؤية ضآلة ما يعنيه انطلاق الشركات، فكِّر في انطلاق بعض الشركات الناشئة الناجحة، كم تتذكر منها؟ كل ما تحتاجه من الانطلاق هو مجموعة أساسية أولية من المستخدمين، سيعتمد وضعك بعد بضعة أشهر على مدى إسعادك لهؤلاء المستخدمين أكثر مما سيعتمد على عددهم. (10) إذًا لماذا يعتقد المؤسسون أن الانطلاق هام؟ الإجابة مزيج من النزعة المركزية الذاتية والكسل، فهم يعتقدون أن ما يبنونه رائع للغاية لدرجة أن كل من سيسمع عنه سيشترك على الفور. كما أنه سيكون من الأسهل كثيرًا إذا استطعت اكتساب المستخدمين بمجرد الإعلان عن وجودك، بدلًا من تجنيدهم واحدًا تلو الآخر. ولكن حتى إذا كان ما تبنيه رائعًا، سيظل اكتساب المستخدمين عملية تدريجية، يرجع ذلك جزئيًا إلى أن الأشياء العظيمة عادةً ما تكون مبتكرة أيضًا، ولكنه يرجع أساسًا إلى أن المستخدمين لديهم أمورًا أخرى ليفكروا بها. لا تنجح الشراكات أيضًا عادةً، لا تنجح مع الشركات الناشئة عمومًا، ولكنها لا تنجح خاصةً كطريقةٍ لبدء النمو. إنه لخطأ شائع بين المؤسسين المبتدئين أن يعتقدوا أن الشراكة مع شركةٍ كبيرةٍ ستكون فرصتهم الكبيرة. بعد ستة أشهر يقولون جميعًا الكلام نفسه؛ كان ذلك عملًا أكثر بكثير مما توقعنا، ولم نستفِد عمليًا شيئًا منه في نهاية الأمر. [11] ليس كافيًا أن تصنع شيئًا استثنائيًا في البداية، بل عليك أيضًا أن تبذل جهدًا استثنائيًا في البداية. أي استراتيجية تحذف جانب الجهد –سواء كانت توقع أن يأتيك الانطلاق الكبير بمستخدمين، أو شريك كبير- هي موضع شك بطبيعة الحال. الشعاع المُوجّهإن الحاجة لفعل شيءٍ شاق للغاية لبدء العمل هي أمرٌ عام تقريبًا، لدرجة أنه ربما يكون من الجيد أن نتوقف عن التفكير في أفكار الشركات الناشئة باعتبارها كميات قياسية. علينا محاولة التفكير فيها بدلًا من ذلك باعتبارها أزواجًا مما ستبنيه بالإضافة إلى الشيء، أو الأشياء، التي لا تتوسَّع التي ستفعلها في البداية لتبدأ الشركة في العمل. قد يكون من المثير للاهتمام البدء في النظر إلى أفكار الشركات الناشئة على هذا النحو، لأن الآن بعد أن أصبح هناك مكونان، يمكنك محاولة أن تكون مبدعًا في الثاني بالإضافة إلى الأول. ولكن سيكون المكوِّن الثاني في معظم الحالات كما هو عادةً –تجنيد المستخدمين يدويًا وتقديم تجربةً جيدةً بصورةٍ كبيرة لهم- وستكون الفائدة الأساسية للتعامل مع الشركات الناشئة باعتبارها كميات متجهة أن ذلك سيُذكِّر المؤسسين أنهم بحاجة للعمل بجِدٍ في بُعدَين. [12] في أفضل الاحتمالات، سيساهم كلٌ من مُكوِّنيّ الشّعاع المُوجّه في تركيب شركتك؛ فالأشياء التي لا تتوسَّع التي عليك القيام بها للبدء في العمل ليست مجرد شرٍ لا بد منه، ولكنها تغير الشركة للأفضل بصورةٍ دائمة. إذا اضطررت إلى أن تكون جريئًا فيما يتعلق باكتساب المستخدمين عندما تكون شركتك صغيرة، ستظل جريئًا على الأرجح عندما تكون الشركة كبيرة. إذا اضطررت إلى تصنيع المكونات الصلبة للحواسب بنفسك أو استخدام برنامجك نيابةً عن المستخدمين، ستتعلم أمورًا لم تكن لتتعلمها في أي حالة أخرى. والأهم من ذلك، إذا اضطررت إلى العمل بجِدٍ لإدخال السرور على المستخدمين عندما يكون لديك القليل منهم، ستظل تفعل ذلك عندما يكون لديك الكثير. هوامش1- لم يذكر إميرسون في الحقيقة المصائد تحديدًا قط، فقد كتب: ‹‹إذا كان هناك رجل يمتلك ذُرةً أو خشبًا أو ألواح أو خنازير جيدة للبيع، أو يمكنه صنع كراسي أو سكاكين أو بواتق أو آلات أرغن للكنيسة أفضل من أي شخصٍ آخر، ستجد طريقًا واسعًا ممهدًا إلى بيته، ولو كان في الغابة››. 2- أتوجه بالشكر إلى سام آلتمان لاقتراحه عليَّ أن أكتب هذا التوضيح. لا، لا يمكنك تجنب العمل في المبيعات عبر تعيين شخصٍ ما ليفعل ذلك نيابةً عنك، عليك أن تقوم بالمبيعات بنفسك في البداية، ويمكنك تعيين مندوب مبيعات حقيقي لاحقًا. 3- سبب نجاح ذلك أنك كلما كبرت، كلما ساعدك حجمك على النمو. كتب باتريك كوليزون: ‹‹في مرحلةٍ ما كان هناك تغيير كبير في شعورنا نحو Stripe، فقد انتقل من كونه تلك الصخرة التي كان علينا دفعها، إلى كونه عربة قطار تتمتع في الحقيقة بزخمها الخاص››. 4- من الطرق الأبرع التي تستطيع YC بها مساعدة المؤسسين، هي تدريج طموحاتهم، لأننا نعلم تمامًا كيف كانت الشركات الناشئة الناجحة تبدو عندما كانت في بدايتها. 5- إذا كنت تبني شيئًا لا يمكنك جعل مجموعة صغيرة من المستخدمين تلاحظه بسهولة –مثل البرامج المخصصة للمؤسسات- وفي نطاقٍ ليس لديك صلةٍ بأحد فيه، ستضطر إلى الاعتماد على المكالمات الهاتفية والمقدمات الباردة. ولكن هل عليك أن تعمل فعلًا على فكرةٍ مثل هذه؟ 6- أشار جاري تان إلى فخٍ مثير للاهتمام يقع فيه المؤسسون في البداية. إنهم يريدون بشدة أن يبدوا كبارًا لدرجة أنهم يحاكون حتى عيوب الشركات الكبيرة، مثل اللامبالاة بالمستخدمين الأفراد. يبدو ذلك في نظرهم أكثر ‹‹احترافيةً››. من الأفضل في الحقيقة استيعاب حقيقة كونك صغيرًا واستغلال أي ميزات يمدك ذلك بها. 7- لا يمكن أن يكون نموذجك للمستخدمين دقيقًا بصورة مثالية تقريبًا، لأن احتياجات المستخدمين تتغير غالبًا استجابةً لما تبني لهم. إذا بنيتَ لهم حاسبًا صغيرًا سيحتاجون فجأة لتشغيل جداول البيانات عليه، لأن ظهور حاسبك الصغير الجديد جعل شخصًا ما يخترع جداول البيانات. 8- إذا كان عليك الاختيار بين مجموعة فرعية تابعة ستسجل الاشتراك أسرع وبين من سيدفعون أكثر، من الأفضل عادةً اختيار الأولى، لأن هؤلاء سيكونون على الأرجح المستهلكين الأوائل. سيكون لهم تأثيرًا أفضل على منتجك، ولن يجعلوك تبذل جهدًا كبيرًا في المبيعات. وعلى الرغم من امتلاكهم مالًا أقل، لن تحتاج إلى الكثير للحفاظ على معدل نموك المستهدف في البداية. 9- أجل، أتخيل احتمالية أن ينتهي بك الأمر في بعض الحالات تصنع شيئًا ما مفيدًا حقًا لمستخدم واحد فقط، ولكن تكون هذه الحالات عادةً واضحة، حتى للمؤسسين المبتدئين. إذًا فإن لم تكن واضحة، ستكون تصنع شيئًا لسوقٍ مكونٍ من واحدٍ فقط، لا تقلق بشأن ذلك الخطر. 10- ربما حتى تكون هناك علاقة عكسية بين حجم الانطلاق وبين النجاح. فأنا لا أتذكر سوى ما فشل مثل انطلاق Segway وموجة جوجل Google Wave. وهذه الموجة مثال منذر بصفةٍ خاصة لأنني أعتقد أنها كانت فكرة رائعة حقًا شارك في قتلها الانطلاق المغالي. 11- نمت جوجل على حساب ياهو، ولكن لم تكن تلك شراكةً، بل كانت ياهو عميلتها. 12- كما أنه سيُذكِّر المؤسسين أن الفكرة التي يكون مكوِّنها الثاني خاليًا –فكرةً لا يكون هناك ما يمكنك فعله لتشغيلها، لأن ليست هناك طريقةً مثلًا للعثور على المستخدمين لتجنيدهم يدويًا- فكرة سيئة على الأرجح، لهؤلاء المؤسسين على الأقل. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Do Things that Don't Scale لصاحبه بول جراهام (Paul Graham) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اقرأ المزيد من مقالات بول جراهام بالعربية
  24. أصبحت الشركات مؤخرًا تولي المزيد من الانتباه للمصادر المفتوحة. كان ثمَّة خطرٌ حقيقيٌ منذ عشرة أعوام يتمثَّل في توسيع «مايكروسوفت» لاحتكارها ليشمل الخوادم؛ يبدو من السليم القول الآن إن المصادر المفتوحة قد منعت حدوث ذلك. إذ وجد مسحٌ حديث أن 52% من الشركات تستبدل خوادم «لينكس» بخوادم «مايكروسوفت».(1) أعتقد أن الأهم من ذلك هو أي 52% من الشركات تفعل ذلك. على من يقترح تشغيل «ويندوز» على الخوادم في هذه المرحلة أن يشرح ما يعرفه عن الخوادم ولا يعرفه كل من «غوغل»، و«ياهو»، و«أمازون». ولكن الأمر الأكبر الذي على عالم الأعمال أن يتعلَّمه من المصادر المفتوحة لا يتعلق بـ«لينكس» أو «فيرفكس»، وإنما بالقوى التي أنتجتهما؛ إذ ستؤثر تلك القوى في نهاية الأمر على ما هو أكثر بكثير من أي برنامج تستخدم. ربما نتمكَّن من فهم تلك القوى الأساسية من خلال الربط بين المصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني؛ فهما يتشاركان في الكثير من الأمور كما قد لاحظتَ على الأرجح. إن التدوين الإلكتروني، مثل المصدر المفتوح، هو أمرٌ يفعله الناس بأنفسهم مجانًا لأنهم يستمتعون به. ويتنافس المدوِّنون الإلكترونيون، مثل قراصنة المصادر المفتوحة، مع من يعملون من أجل المال، وغالبًا ما يفوزون. كما أن طريقة كل منهما في ضمان الجودة واحدة؛ وهي الداروينية. تضمن الشركات الجودة بقواعد لمنع الموظَّفين من الإخفاق، ولكن لا تكون ثمَّة حاجة إلى ذلك عندما يستطيع الجمهور التواصل مع بعضه البعض. فالناس ينتجون ما يرغبون فيه أيًا ما كان؛ وتنتشر الأشياء الجيدة بينما تتعرض السيئة للتجاهل، وفي الحالتين يساعد تقييم الجمهور على التطور إلى الأفضل. من العوامل المشتركة الأخرى بين التدوين الإلكتروني والمصدر المفتوح هو الإنترنت. لطالما رغب الناس في القيام بأعمالٍ رائعةٍ مجانًا، ولكن قبل ظهور الإنترنت كان من الأصعب الوصول لجمهورٍ أو التعاون في مشاريع. الهواةأعتقد أن المبدأ الجديد الأهم الذي على عالم الأعمال تعلُّمه أن الناس يعملون بجِدٍ أكبر على الأشياء التي يحبونها، ليس ذلك جديدًا لأي شخصٍ، فكيف أزعم أن على عالم الأعمال تعلُّمه؟ عندما أقول أن عالم الأعمال لا يعرف ذلك، أعني أن بنية عالم الأعمال لا تعكسه. ما زال عالم الأعمال يعكس نموذجًا أقدم، مُمثَّلًا في الكلمة الفرنسية travailler التي تعني «العمل»؛ فشبيهتها في اللغة الانجليزية كلمة travail والتي تعني «التعذيب».(2) ويتضح أن هذه ليست آخر كلمة متعلقة بالعمل؛ فكلما ازدادت المجتمعات غنىً، عرفَت شيئًا عن العمل يشبه كثيرًا ما تعرفه عن النظام الغذائي. نعلم أن أكثر الأنظمة الغذائية صحةً هو ذلك الذي اضطر أسلافنا الفلاحين إلى تناوله لأنهم كانوا فقراء. فالبطالة، مثلها مثل طعام الأغنياء، لا تبدو مرغوبةً سوى عندما لا تحصل على قدرٍ كافٍ منها. أعتقد أننا مُهيأون للعمل، تمامًا كما أننا مهيأون لتناول قدرٍ محددٍ من الألياف، وتتوعَّك صحتنا إن لم نفعل. هناك اسم يُطلق على أولئك الذين يعملون لأنهم يحبون العمل؛ الهُواة. تحمل الكلمة الآن دلالةً سيئةً للغاية لدرجة أننا ننسى اشتقاقها، برغم أنه أمام أعيننا. كانت كلمة «هاوٍ» في الأصل مجامِلةً، ولكن كان الاتجاه السائد في القرن العشرين أن يكون المرء احترافيًا؛ وهو ما لا يكون عليه «الهواة» بحسب التعريف. لذا تفاجأ عالم الأعمال كثيرًا بالدرس الذي لقَّنه إياه المصدر المفتوح؛ وهو أن من يعملون لأنهم يحبون ما يفعلون غالبًا ما يتفوقون على أولئك الذين يعملون لأجل المال. فالمستخدمون لا ينتقلون من استخدام متصفح إكسبلورر لاستخدام متصفح فيرفكس لأنهم يريدون اختراق المصدر، ولكن لأنه متصفحٌ أفضل. ليس الأمر أن «مايكروسوفت» لا تحاول، فهي تعرف أن التحكم في المتصفح هو أحد المفاتيح الرئيسية للإبقاء على الاحتكار، ولكن المشكلة هي ذات التي تواجهها في أنظمة التشغيل؛ أنها لا تستطيع دفع ما يكفي من المال للناس لينشئوا شيئًا أفضل مما قد تنشئه مجموعةٌ من القراصنة الشغوفين مجانًا. أشك أن الاحترافية كانت دائمًا مُبالغًا في تقديرها؛ ليس بالمعنى الحرفي لها فقط وهو العمل من أجل المال، وإنما أيضًا بالدلالات المرتبطة بها مثل الرسمية والانفصال. أعتقد أن الاحترافية -بقدر ما كانت ستبدو مستحيلة في عام، لنقُل، 1970- كانت موضة بدرجةٍ كبيرة، مدفوعةً بالظروف التي تصادف وجودها في القرن العشرين. كان أحد أقوى تلك الظروف وجود «القنوات»، وكان يُستخدم المصطلح نفسه لكلٍ من المنتجات والمعلومات؛ فكانت هناك قنوات توزيع، وقنوات تليفزيونية وإذاعية. كان ضيق مثل تلك القنوات هو ما جعل الاحترافيين يبدون أفضل من الهواة، كانت هناك وظائف خالية قليلة للصحفيين المحترفين على سبيل المثال، ولذا ضمنت المنافسة أن يكون الصحفيون العاديون جيدين نوعًا ما. بينما كان أي شخص يمكنه التعبير عن آرائه في الأحداث الجارية في إحدى الحانات، وهكذا كان الشخص العادي الذي يعبر عن آرائه في إحدى الحانات يبدو أحمقًا مقارنةً بالصحفي الذي يكتب عن الموضوع. إن الحاجز أمام نشر أفكارك على الإنترنت أقل انخفاضًا، فليس عليك أن تبتاع شرابًا، كما أنه مسموح للأطفال بالمشاركة. ينشر الملايين من الناس كتاباتهم على الإنترنت، ومتوسط مستوى ما يكتبونه ليس جيدًا للغاية كما قد تتوقع، مما أدى ببعض العاملين في الإعلام أن يستنتجوا أن المدونات الإلكترونية لا تمثل تهديدًا كبيرًا، أن المدونات الإلكترونية مجرد موضة. إن الموضة في الحقيقة هي كلمة «مدونة إلكترونية»؛ على الأقل على النحو الذي يستخدمها به الإعلام الآن، فمن يعنينه بكلمة «مدوِّن» ليس من ينشر في صيغة مدونة إلكترونية، وإنما أي شخص ينشر على الإنترنت. ستصبح تلك مشكلةً عندما يصبح الإنترنت هو الوسيلة الاعتيادية للنشر، لذا أود أن أقترح كلمةً بديلةً لمن ينشر على الإنترنت، ماذا عن كلمة «كاتب»؟ هؤلاء العاملون في الإعلام المطبوع الذين يستبعدون الكتابة على الإنترنت بسبب جودتها العادية المنخفضة غافلون عن نقطةٍ هامةٍ؛ هي أن لا أحد يقرأ مدونةٍ عادية. في عالم القنوات القديم، كان للحديث عن الجودة العادية أهمية؛ لأن هذا ما كنت ستحصل عليه سواء أعجبك أم لم يعجبك. ولكن الآن يمكنك القراءة لأي كاتبٍ تريد، ولذا فإن الجودة العادية للكتابة على الإنترنت ليست ما ينافسه الإعلام المطبوع، وهو يخسر، مثل «مايكروسوفت». أعلم ذلك من خبرتي الخاصة باعتباري قارئًا، فبرغم أن معظم الإصدارات المطبوعة متاحة إلكترونيًا، إلا أنني أقرأ مقالين أو ثلاث مقالات على الأرجح على المواقع الشخصية في مقابل كل كاتبٍ أقرأ له على موقع مجلةٍ أو صحيفة. وعندما أقرأ مواضيع صحيفة نيويورك تايمز على سبيل المثال، لا أصل إليها عبر الصفحة الرئيسية للصحيفة أبدًا، وإنما أجد معظمها من خلال اواقع تجميع الأخبار؛ مثل أخبار «غوغل» أو «سلاش دوت» أو «ديليشوس»، توضح مواقع تجميع الأخبار أن بإمكانك الحصول على ما هو أفضل كثيرًا من القنوات. الصفحة الرئيسية لصحيفة «نيويورك تايمز» عبارة عن قائمةٍ بمقالاتٍ كتبها أشخاص يعملون لصالح «نيويورك تايمز»، أما موقع «ديليشوس» فهو عبارة عن قائمةٍ بمقالاتٍ مثيرة للاهتمام، ولم تُكن لتلاحظ مدى قِلّة تداخل الاثنين إلا الآن بعد أن أمكنك رؤيتهما جنبًا إلى جنب. إن معظم المقالات في الإعلام المطبوع مملة، مثل أن الرئيس لاحظ أن أغلبية الناخبين يعتقدون الآن أن غزو العراق كان خطأً، ومن ثم يُلقي خطابًا للأمة ليولِّد دعمًا. ما الأمر المثير في ذلك؟ أنا لم أسمع الخطاب ولكن بإمكاني على الأرجح أن أخبرك ما قال تمامًا. فخطبة مثل هذه ليست خبرًا؛ ليس فيها ثمَّة جديد. (3) كما أنه ليس هناك جديدًا في معظم الأخبار عن الحوادث - باستثناء الأسماء والأماكن -، مثل اختطاف طفلٍ، أو وجود إعصار، أو غرق عبَّارة، أو عض قرشٍ لشخص، أو ارتطام طائرة صغيرة. ماذا عرفت عن العالم من تلك القصص؟ لا شيء على الإطلاق، فهي نقاط بيانات بعيدة، وما يجعلها جذابة يجعلها كذلك غير ذات صلة بنا. وكذلك في مجال البرامج، فعندما ينتج المحترفون مثل ذلك الهراء، لا يكون مفاجئًا أن يُبلي الهواة أفضل منهم. القنوات هي ما تميتك وتحييك؛ إذا اعتمدت على احتكار الأقلية ستغرق في عاداتٍ سيئة من الصعب التغلب عليها عندما تجد أمامك منافسًا فجأةً. (4) أماكن العملهناك أمر آخر يتشارك فيه كلٌ من المدونات والمصادر المفتوحة؛ وهو أن من يصنعهم عادةً أشخاص يعملون من المنزل، قد لا يبدو ذلك مفاجئًا ولكن عليه أن يكون كذلك. فهو مماثل لإسقاط طائرة مصنوعة في المنزل لطائرة F-18. تنفق الشركات الملايين لبناء مبانٍ للمكاتب لغرضٍ واحدٍ فقط؛ أن تكون مكانًا للعمل، ومع ذلك ينتهي الأمر بكون من يعملون في منازلهم الخاصة – والتي ليست مُعدة لتكون أماكن للعمل - أكثر إنتاجيةً. يثبت ذلك أمرًا قد توقعه العديد منا، أن المكتب العادي مكانٌ تعيس لا يصلح للانتهاء من العمل، والكثير مما يجعل المكاتب سيئة هو الصفات التي نربطها بالاحترافية. فمن المفترض أن يوحي عُقم المكاتب بالفعالية، ولكن الإيحاء بالفعالية يختلف عن تحقق الفعالية. إن الجو العام لمكان العمل العادي يمثل للإنتاجية ما تمثله ألسنة اللهب المرسومة على جانب السيارة للسرعة، وليس مظهر المكاتب فقط هو الكئيب، وإنما طريقة تصرف الناس أيضًا سيئة بنفس القدر. تختلف الأمور عن ذلك في الشركات الناشئة، غالبًا ما تبدأ الشركة في شقةٍ، ويمتلك أصحابه مجموعةٍ من الأثاث القديم بدلًا من المكاتب المتماثلة البيج، ويعملون في أوقاتٍ غريبة ويرتدون ملابس غير رسمية على الإطلاق. يتصفحون ما يرغبون في تصفحه على الإنترنت دون القلق بشأن ما إذا كان «ملائمًا لمكان العمل»، وينتشر المزاح بدلًا من لغة المكتب الكيِّسة البشوش. أتعرف؟ ستكون الشركة في هذه المرحلة على الأرجح في أكثر حالاتها إنتاجيةً على الإطلاق. ربما الأمر ليس صدفة، ربما بعض جوانب الاحترافية بالفعل خسارة صافية. أرى أن الجانب الأكثر إحباطًا في العمل التقليدي بالمكتب أنك من المفترض أن تكون هناك في أوقاتٍ محددة، عادةً ما يكون هناك القليل من الأشخاص في الشركة الذي عليهم فعلًا الذهاب في أوقاتٍ محددة، ولكن سبب عمل معظم الموظفين لساعاتٍ محددة أن الشركة لا تستطيع قياس إنتاجيتهم. إن الفكرة الأساسية وراء ساعات العمل هي أنك إذا لم تكن تستطيع حمل الناس على العمل، فبإمكانك أن تمنعهم عن الاستمتاع على الأقل. إذا كان الموظفون ملزمين بالتواجد في المبنى لعددٍ محددٍ من الساعات في اليوم، وممنوعين من القيام بأي شيء غير متعلق بالعمل أثناء وجودهم هناك، فلابد أن يعملوا إذًا، من الناحية النظرية. أما من الناحية العملية فهم يقضون الكثير من وقتهم في منطقة محايدة حيث لا يعملون ولا يستمتعون. إذا كان بإمكانك قياس كم العمل الذي قام به الموظفون فلن تحتاج الكثير من الشركات ساعات عمل ثابتة، فيمكنك القول فقط: هذا ما عليك فعله، افعله وقتما شئت أينما شئت، إذا كان عملك يتطلب الحديث مع موظفين آخرين بالشركة فربما تحتاج للتواجد هنا لفترةٍ ما، أما فيما عدا ذلك فلا يهمنا الأمر. ربما يبدو ذلك حالمًا، ولكن هذا ما أخبرنا للناس الذين جاءوا للعمل في شركتنا، لم تكن هناك ساعات عمل ثابتة، ولم أذهب إلى الشركة قبل الساعة 11 صباحًا قط. ولكننا لم نكن نقول ذلك لنبدو كرماء، بل كنا نقول لهم: إذا عملتم هنا فنحن نتوقع أن تنتهوا من الكثير من الأعمال، فلا تحاولوا خداعنا بالتواجد هنا كثيرًا فقط. إن مشكلة نموذج ساعات العمل ليست كونها محبِطة فقط، ولكن أن من يدَّعون أنهم يعملون يقاطعون من يعملون بالفعل. إنني مقتنعٌ أن نموذج ساعات العمل هو السبب الرئيسي لعقد المنظمات الضخمة العديد من الاجتماعات، تنجز المنظمات الضخمة القليل جدًا من العمل للفرد الواحد، ومع ذلك على كل هؤلاء الناس التواجد في مكان العمل لثماني ساعات على الأقل يوميًا. عندما يُبذَل الكثير من الوقت ولا يُنتج سوى القليل جدًا من الإنجازات فإن كفة أحدهما راجحة، والاجتماعات هي الآلية الرئيسة لإنجاز العمل الذي لم يُنجَز. عملتُ لعامٍ واحدٍ في وظيفة عادية مواعيدها من التاسعة حتى الخامسة، وأذكر جيدًا الإحساس الغريب المريح الذي ينتاب المرء خلال الاجتماعات. كنت أعي جيدًا أنني أتلقى أجرًا مقابل البرمجة، بسبب الإبداع، بدا الأمر مذهلًا وكأن كانت هناك آلة على مكتبي تخرج دولارًا كل دقيقتين مهما كان ما أفعل، حتى عندما أكون في الحمّام! ولكن بما أن الآلة الخيالية كانت تعمل دائمًا، شعرتُ أن عليّ أن أعمل دائمًا، ولذا كانت الاجتماعات مريحة بصورةٍ رائعة، إذ كانت تُعتبر عملًا، مثل البرمجة تمامًا، إلا أنها كانت أسهل كثيرًا جدًا، فكان كل ما عليّ فعله هو أن تجلس وتبدو منتبهًا. الاجتماعات كدواءٍ منوِّم له تأثير شبكي، وكذلك البريد الإلكتروني، ولكن على نطاقٍ أصغر. وبالإضافة إلى التكلفة المباشرة من حيث الوقت، هناك أيضًا التكلفة من حيث التجزئة؛ أي تقسيم يوم الموظفين إلى أجزاءٍ صغيرة للغاية لدرجة أنها لا تصبح مفيدة. يمكنك أن ترى إلى أي مدى أصبحتَ معتمدًا على شيءٍ ما من خلال إزالته فجأة، لذا أقترح على الشركات الكبيرة إجراء التجربة التالية؛ حددوا يومًا تُمنَع فيه الاجتماعات، ويكون على كل شخص الجلوس أمام مكاتبهم طوال اليوم والعمل دون مقاطعةٍ على أشياء يمكنهم القيام بها دون الحديث لأي شخصٍ آخر. القليل من التواصل ضروري في معظم الوظائف، ولكنني متأكد أن العديد من الموظفين بإمكانهم العثور على أشياءٍ يمكنهم فعلها وحدهم لثماني ساعات. يمكنكم أن تطلقوا على هذا اليوم «يوم العمل». المشكلة الأخرى في العمل المزيف أنه يبدو غالبًا أفضل من العمل الحقيقي. عندما أكتب أو أخترق شيئًا ما، أقضي في التفكير فقط وقتًا مماثلًا لما أقضيه في الكتابة فعلًا، وأقضي نصف الوقت جالسًا أتناول كوبًا من الشاي، أو أتجول في الحي. هذه مرحلة حاسمة – من هنا تنبع الأفكار - ومع ذلك أشعر بالذنب للقيام بذلك في معظم المكاتب عندما يبدو الآخرون جميعًا مشغولين. من الصعب معرفة مدى سوء بعض الممارسات حتى تجد ما تقارنها به، وهذا أحد الأسباب التي تجعل المصادر المفتوحة، وحتى التدوين، هامين للغاية، فهم يروننا كيف يبدو العمل الحقيقي. نحن نمول ثماني شركات ناشئة حاليًا، سألني صديقٌ عما سيفعلونه بشأن المكتب، وبدا متفاجئًا عندما أخبرته أننا نتوقع منهم أن يعملوا من أي مكانٍ يقيمون فيه، ولكننا لم نقترح ذلك لتوفير المال، وإنما اقترحناه لأننا نريد لبرامجهم أن تكون جيدة. العمل في مساحاتٍ رديئة غير رسمية أحد الأمور التي تقوم بها الشركات الناشئة على نحوٍ صحيح دون أن تدرك ذلك. بمجرد أن تدخل إلى المكتب، يبدأ كل من العمل والحياة في الافتراق عن بعضهما. هذا أحد المباديء الرئيسة للاحترافية؛ من المفترض أن يكون كل من العمل والحياة منفصلان، ولكنني مقتنع أن ذلك الجزء خطأ. المنهج التصاعديالدرس الكبير الثالث الذي يمكننا تعلمه من المصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني أن الأفكار يمكن أن تتصاعد من الأسفل، بدلًا من أن تنحدر من أعلى إلى أسفل. يعمل كلٌ من المصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني بمنهج تصاعدي يتحرَّك من أسفل إلى أعلى؛ فالناس يصنعون ما يرغبون فيه، وأفضل ما صنعوه هو ما يحظى بالانتشار. هل يبدو ذلك مألوفًا؟ إنه مبدأ اقتصاد السوق. من سخرية القدر أن المصادر المفتوحة والمدونات الإلكترونية يمثلان اقتصاديات السوق برغم أنهما مجانيان، بينما تُدار معظم الشركات داخليًا مثل الدول الشيوعية رغم كل حديثها عن قيمة الأسواق الحرة. هناك قوتان تدفعان التصميم معًا؛ الأفكار حول ما يجب فعله بعد ذلك، وتطبيق الجودة. كانت تلك القوتان تتدفقان من الأعلى في حقبة القنوات، فكان المحررون على سبيل المثال يُكلفون المراسلين بأخبارٍ ثم يحررون ما كتبه المراسلون. توضح لنا المصادر المفتوحة والمدونات الإلكترونية أنه ليس على الأمور أن تعمل بتلك الطريقة، فالأفكار وحتى تطبيق الجودة قد يتدفقان من الأسفل إلى الأعلى، وفي الحالتين لا تكون النتائج مقبولة فقط، بل تكون أفضل! فالبرنامج مفتوح المصدر على سبيل المثال موثوق به لأنه مفتوح المصدر، إذ يمكن لأي شخصٍ أن يعثر على الأخطاء الموجودة فيه. يحدث الأمر نفسه مع الكتابة، فكلما كنتُ أقترب من ميعاد النشر كنت أجد أنني قلقٌ للغاية بشأن المقالات في كتاب «Hackers & Painters» والتي لم تكن قد نُشِرَت إلكترونيًا من قبل. بمجرد أن يحصل مقالٌ ما على ألفي مشاهدةً أشعر بالثقة فيه إلى حدٍ معقول. أما تلك المقالات فكانت لها أرقام تقريبية أقل خضوعًا للفحص، فكنتُ أشعر وكأنني أصدر برنامجًا دون اختباره أولًا. هكذا كان النشر قديمًا، كان محظوظًا من يجعل عشرة أشخاص يقرؤون مخطوطًا. ولكنني اعتدتُ جدًا على النشر الإلكتروني، حتى أن الطريقة القديمة أصبحت الآن غير موثوق بها بصورةٍ مقلقة، مثل الملاحة بواسطة الحساب لتعيين الموقع بعد أن تكون قد اعتدتَ على النظام العام لتحديد المواقع (GPS). الأمر الآخر الذي يعجبني في النشر الإلكتروني أن بإمكان المرء كتابة ما يريد ونشره متى يريد، في وقتٍ سابق من هذا العام كتبتُ شيئًا بدا مناسبًا للنشر في مجلة، لذا أرسلته إلى محررٍ أعرفه، وبينما كنت أنتظر الرد من المجلة وجدتُ –لدهشتي- - أنني أتمنى أن ترفضه، كي أستطيع نشره على الإنترنت على الفور. إذا قبلته المجلة فلن يقرأه أحدٌ قبل أشهرٍ، وخلالها سأضطر إلى الجدال بشأن كل كلمة لكي أنقذ المقال من أن يشوهه محررٌ شاب في الخامسة والعشرين. (5) يحب العديد من الموظفين صنع أشياء رائعة للشركات التي يعملون بها، ولكن غالبًا ما لا تسمح لهم الإدارة بذلك، كم منا قد سمع قصصًا عن موظفين يذهبون للإدارة ويقولون: «رجاءً دعونا نصنع لكم هذا الشيء لكي نجني لكم مالًا» وترفض الشركة؟ إن «ستيف ووزنياك» هو على الأرجح المثال الأشهر؛ وهو من أراد أساسًا صنع حواسب آلية صغيرة لشركته في ذلك الوقت HP»»، ورفضت عرضه. يُصنَّف ذلك على مقياس الأخطاء الحمقاء مع قبول شركة IBM لنسخة غير حصرية من نظام «DOS». ولكنني أعتقد أن هذا الأمر يحدث طوال الوقت، إلا أننا لا نسمع عنه عادةً لأنه لكي يثبت المرء كونه محقًا عليه أن يستقيل ويُنشء شركته الخاصة كما فعل «ووزنياك». الشركات الناشئةإذًا هذه هي الدروس الثلاث الكبرى التي أعتقد أن باستطاعة المصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني تلقينها لعالم الأعمال: أن الناس يعملون بجِدٍ أكبر على الأشياء التي يحبونها؛ أن بيئة المكتب العادية غير مثمرة كثيرًا؛ أن المنهج التصاعدي من الأسفل إلى الأعلى غالبًا ما ينجح أكثر من المنهج الفوقي من الأعلى إلى الأسفل. يمكنني أن أتخيل المديرين يقولون الآن: ما الذي يتحدث عنه هذا الرجل؟ بِمَ تفيدني معرفة أن المبرمجين الذين يعملون لصالحي سيكونون أكثر إنتاجيةً عندما يعملون من المنزل على مشاريعهم الخاصة؟ إنني بحاجة إلى وجودهم هنا ليعملوا على النسخة 3/2 من برنامجنا، وإلا لن ننهيها قبل تاريخ الإصدار. وهذا صحيح، فالفائدة التي ستعود على مديرٍ محدد من القوى التي وصفتها هي تقريبًا صفر. عندما أقول أن عالم الأعمال يمكنه التعلم من المصادر المفتوحة، لا أقصد أي مجالٍ محددٍ من الأعمال، بل أعني أن عالم الأعمال يمكنه معرفة الظروف الجديدة تمامًا كما تفعل تجميعة الجينات. لا أزعم أن الشركات بإمكانها أن تصبح أكثر ذكاءً، بل أزعم فقط أن الشركات الغبية ستندثر. إذًا كيف ستبدو الشركات عندما تستوعب دروس المصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني؟ أعتقد أن العقبة الكبرى التي تمنعنا من رؤية مستقبل الأعمال هي افتراض أن الناس الذين يعملون لصالحك عليهم أن يكونوا موظفين. ولكن فكِّر فيما يحدث تحت السطح؛ الشركة تمتلك مالًا، وتدفعه للموظف على أمل أن يصنع شيئًا يساوي أكثر مما دفعت له. حسنًا، هناك طرق أخرى لتنظيم تلك العلاقة، فبدلًا من دفع المال للشخصٍ على هيئة راتب، لِمَ لا تعطه إياه على هيئة استثمار؟ ثم بدلًا من أن يأتي إلى مكتبك للعمل على مشروعاتك، يمكنه العمل أينما يرغب على مشروعاته الخاصة. ليست لدينا أي فكرة عمّا يمكننا فعله أفضل كثيرًا من العلاقة التقليدية بين الموظف وصاحب العمل، لأن القليل منا يعرفون أي بدائل. تتطور مثل تلك العادات ببُطء، ولكن ما زالت العلاقات بين أصحاب الأعمال والموظفين تحتفظ بجزءٍ كبيرٍ من سمات العلاقة بين السيد والحاشية. (6) لا أحب أن أكون أي طرف من أطراف تلك العلاقة؛ فسأبذل قصارى جهدي لصالح العميل ولكنني أكره أن يخبرني رئيسٌ بما عليَّ فعله. كما أن من المحبط للغاية أن تكون رئيسًا، فمن الأسهل في نصف الأوقات أن تفعل الأشياء بنفسك بدلًا من أن تجعل أحدًا آخر يفعلها نيابةً عنك. أفضل أن أفعل أي شيءٍ تقريبًا على أن أُقدِّم تقييمًا للأداء أو أتلقَّى واحدًا. وعلاوةً على الأصول غير الواعدة للتوظيف، فقد جمع الكثير من الغبار عبر السنين، فقائمة الأسئلة التي لا يمكنك طرحها في مقابلات الوظائف أصبحت الآن طويلة للغاية لدرجة أنني أفترض أنها لا نهائية، وعليك أن تسير على أطراف أصابعك داخل المكتب لكي لا يقول أحدٌ أو يفعل شيئًا قد يوقع الشركة فريسةً لدعوى قضائية، وأعانك الله إذا قررت فصل أحدهم. ليس هناك ما يُظهر أن التوظيف ليس علاقة اقتصادية طبيعية بوضوحٍ أكثر من الشركات التي تُقاضَى بسبب فصل الموظفين، ففي علاقة اقتصادية بحتة تكون حرًا لفعل ما تشاء، إذا أردت التوقف عن شراء أنابيب فولاذية من أحد الموردين والبدء في شرائها من مُورِّدٍ آخر، ليس عليك توضيح السبب، ولا يستطيع أحد اتهامك بتغيير مُورِّد الأنابيب تعسفيًا. تستلزم العدالة نوعًا من الالتزام الأبوي الذي لا تستلزمه المعاملات بين المتكافئين. تهدف معظم القيود القانونية على أصحاب العمل إلى حماية الموظفين، ولكن لا يمكن أن يكون هناك فعل بدون رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه، لا يمكنك أن تتوقع أن يتحمل أصحاب العمل نوعًا من المسئولية الأبوية تجاه الموظفين دون وضع الموظفين في مرتبة الأطفال، ويبدو هذا اتجاهًا سيئًا. عندما تكون في مدينة كبيرة نسبيًا اذهب إلى مكتب البريد الرئيس وشاهد لغة جسد العاملين هناك، ستجدهم يتسمون بنفس الاستياء العابس الذي يتسم به الأطفال الذين يُجبَرون على فعل شيءٍ لا يرغبون في فعله. لقد انتزع اتحادهم زيادات في الأجور وقواعد للعمل كانت ستحسدهم عليها الأجيال السابقة من عمال البريد، ومع ذلك لا يبدون أكثر سعادةً بذلك. فمن المحبط أن يكون المرء طرفًا مستقبلًا من علاقة أبوية، مهما كانت الشروط مريحة، واسأل أي مراهقٍ عن ذلك. أنا أرى عيوب علاقة أصحاب العمل بالموظفين لأنني كنتُ على طرفي علاقةٍ أفضل؛ علاقة المستثمر بالمؤسس، ولن أزعم أنها ليست مؤلمة. عندما كنتُ أدير شركة ناشئة كان التفكير في مستثمرينا يصيبني بالأرق، والآن بعد أن أصبحتُ مستثمرًا، فإن التفكير في شركاتنا الناشئة يصيبني بالأرق. ما يزال الألم المرتبط بأي مشكلةٍ أحاول حلها موجودًا، ولكن الألم يكون أقل عندما لا يمتزج بالاستياء. شاركتُ، لسوء الحظ، فيما أصبح تجربةً ضابطة تثبت ذلك، فبعد أن اشترت شركة «ياهو» شركتنا الناشئة، ذهبتُ للعمل لديهم. كنتُ أقوم بنفس العمل بالضبط، إلا أن ذلك كان بوجود رؤساء، ومما أرعبني أنني بدأتُ أتصرف مثل الأطفال، فالموقف حفّز في جوانب كنت قد نسيتُ وجودها. إن الميزة الكبيرة التي يتفوق بها الاستثمار على التوظيف كما توحي أمثلة المصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني، أن الناس الذين يعملون على مشاريعهم الخاصة يكونون أكثر إنتاجيةً بدرجةٍ هائلة، والشركة الناشئة هي مشروع المرء الخاص من ناحيتين كليهما هام؛ فهو مشروعه الخاص من الناحية الإبداعية، كما أنه مشروعه الخاص من الناحية الاقتصادية. تُعد شركة «غوغل» مثالًا نادرًا على شركةٍ كبيرةٍ متناغمة مع القوى التي وصفتها، فقد حاولت بجِدٍ جعل مكاتبها أقل عُقمًا من المكاتب المكعبة الاعتيادية. وتمنح موظفيها الذين يقومون بعملٍ رائع منحًا كبيرةً من الأسهم ليكافئوا الشركة الناشئة، كما أنهم يدعون القراصنة يقضون 20% من وقتهم في مشروعاتهم الخاصة. لِمَ لا تدع الناس يقضون وقتهم كاملًا في مشروعاتهم الخاص، وتمنحهم قيمة السوق الفعلية بدلًا من محاولة تقريب قيمة ما يصنعونه؟ هل هذا مستحيل؟ هذا هو في الحقيقة ما يفعله الرأسماليون المغامرون. إذًا هل أزعم أن ليس هناك من سيعمل موظفًا بعد ذلك، أو أن على الجميع أن يؤسس شركة ناشئة؟ بالطبع لا، ولكن يمكن للمزيد من الناس أن يفعلوا ذلك. حتى هذه اللحظة يتخرج حتى أذكى الطلاب من الجامعة معتقدين أن عليهم الحصول على وظيفةٍ. إن ما يحتاجون إلى فعله في الحقيقة هو صنع شيءٍ قيِّم، والوظيفة طريقةٌ واحدة للقيام بذلك، ولكن الأفراد الأكثر طموحًا سيبلون أفضل إذا حصلوا على المال من مستثمرٍ بدلًا من صاحب عمل. يميل القراصنة الإلكترونيون إلى الاعتقاد بأن الأعمال التجارية خاصة بحملة ماجستير إدارة الأعمال، ولكن ما تفعله في شركةٍ ناشئة ليس إدارة الأعمال، وإنما صنع العمل. والمرحلة الأولى من ذلك هي على الأغلب خلق المنتَج؛ أي الاختراق. وذلك هو الجزء الصعب، فصنع شيءٍ يحبه الناس أصعب كثيرًا من محاولة معرفة كيف تجني مالًا من شيءٍ يحبه الناس بالفعل. هناك أمرٌ آخر يُبعد الناس عن تأسيس الشركات الناشئة؛ وهو المخاطرة، فالشخص الذي لديه أطفال وقرض عقاري عليه التفكير مليًا قبل فعل ذلك، ولكن معظم القراصنة الشباب ليس لديهم أي من ذلك. وستستمتع بالأمر أكثر حتى إذا فشلت، كما يوحي مثال المصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني. فستعمل على مشروعك الخاص بدلًا من الذهاب إلى مكتبٍ ما والقيام بما يُملى عليك، ربما يكون هناك المزيد من الألم في شركتك الخاصة ولكنه لن يوجِعك بنفس القدر. ربما يكون ذلك هو الأثر الأكبر للقوى الأساسية للمصادر المفتوحة والتدوين الإلكتروني على المدى البعيد؛ وهو التخلص أخيرًا من العلاقة الأبوية بين صاحب العمل والموظف، واستبدال علاقة اقتصادية بحتة بين متكافئين بها. هذا المقال مأخوذ عن خطبةٍ في «مؤتمر المصدر المفتوح» (Oscon) لعام 2005 هوامش: 1: مسحٌ أجرته مؤسسة فورستر للأبحاث ونُشِر خبرًا رئيسيًا في عدد 31 يناير 2005 بمجلة «بيزنس نيوزويك». من الواضح أن البعض اعتقدوا أن على المرء تغيير الخادم لكي يستطيع تغيير نظام التشغيل. 2: وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية tripalium؛ وهو أداة تعذيب تُدعى كذلك لأنها تتكون من ثلاث عُصيّ، لا أعرف كيف كانت تستخدم تلك العُصيّ. كلمة Travel لها نفس الجذر. 3: كانت ستصبح خبرًا أهم كثيرًا إذا كان الرئيس قد تلقى أسئلة مُرتجلة عبر إقامة مؤتمرٍ صحفي. 4: أحد مقاييس عدم كفاءة الصحف أن العديد منها ما زال يجبرك على التسجيل لكي تقرأ المواضيع، لم أجد بعد مدونةً تفعل ذلك. 5: لقد قبلت المجلةُ المقال ولكن استغرقني إرسال النسخة النهائية لهم وقتًا طويلًا، حتى أنني عندما فعلتُ ذلك كان القسم من المجلة الذي قبلوا المقال للنشر فيه قد اختفى بعد التجديد. 6: كلمة boss التي تعني «رئيس العمل» مشتقة من الكلمة الألمانية baas والتي تعني «السيد». ترجمة -وبتصرّف- للمقال What Business Can Learn from Open Source لصاحبه بول جراهام (Paul Graham) مُؤسس حاضنة مشاريع واي كومبيناتور (Y Combinator). اقرأ المزيد من مقالات بول جراهام بالعربية
×
×
  • أضف...