اذهب إلى المحتوى

هشام دهرار

الأعضاء
  • المساهمات

    99
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

كل منشورات العضو هشام دهرار

  1. يمكن لروّاد الأعمال الطّموحين، الإتيان بالأفكار في كلّ دقيقة من كلّ يوم، لكنّ هذا لا يعني بالضّرورة أنّ كلَّ فكرةٍ تكون جيّدةً، ولتحديد إذا كانت الفكرة تستحقّ التّطوير؛ علينا أوّلًا تحديد قابيّلتها للتّرجمة إلى فرصة رياديّة، فالفرصة الرّياديّة هي النّقطة الّتي تلتقي عندها حاجة المستهلك المحدّدة، وجدوى إنشاء الخدمة، أو المنتج المطلوب. وفي مجال ريادة الأعمال؛ لا بدّ من تحقيق بعض الشّروط للانتقال من الفكرة إلى الفرصة، وهي تبدأ من اكتساب العقليّة المناسبة، حين يحسّن رائد الأعمال من إحساسه بحاجات المستهلك، ورغباته، ويجري البحوث لتحديد ما إذا كان بمقدور فكرته أن تصبح مشروعًا جديدًا ناجحًا، أم لا. في بعض الحالات؛ قد تأتي الفرص نتيجة البحث المقصود، خاصّة عند تطوير تقنية جديدة، وتظهر في حالات أخرى عرَضًا على سبيل الصّدفة، ولكن في أغلب الأحيان، تأتي الفرصة الرّياديّة من تحديد مشكلة، والسّعي عمدًا إلى محاولة حلّها، وقد تكون المشكلة صعبة، ومعقّدة، مثل: إيصال شخص إلى المرّيخ، أو أقلّ تعقيدًا، مثل: صناعة، وسادة أكثر راحة، كما فعل رائد الأعمال مايك ليندل باختراعه My Pillow. سنعرض هنا نظريات الفرصة، وكيفية التعرف عليها، لتكون قادرًا على التمييز بين ما إذا كانت ثمة فرصة مرتقبة أمامك أم لا، إلى جانب التطرق إلى مدى أهمية الفرص، من خلال أبرز دوافعها، التي تساهم في إيصالك إلى الريادة. نظريات الفرصة صرّح الاقتصادي جوزيف شومبيتر (المبيّن في الشّكل 2.5) خلال القرن العشرين بأنّ روّاد الأعمال يضيفون القيمة بـ "استغلال اختراع جديد، أو بشكل أعمّ، إمكانيّة تقنية غير مجرّبة، لإنتاج سلعة جديدة، أو واحدة قديمة إنتاجًا جديدًا، وذلك بفتح مصدر توريد جديد، أو منفذ جديد للمنتجات بالتعرّف على صناعة جديدة" أو طرائق مشابهة الشكل 2.5: آمن شومبيتر بأنّ روّاد الأعمال يضيفون قيمة إلى الاقتصاد. الابتكار الرّيادي -حسب شومبيتر- هو القوة التّخريبيّة الّتي تنشئ التطوّر الاقتصادي المستدام، على أنّها خلال ذلك يمكنها -أيضًا- تدمير شركات قائمة، وتغيير أشكال صناعات، وخلخلة التّوظيف، وسمّى هذه القوّة التّدمير الإبداعيّ. وصف شومبيتر العمليّات التّجاريّة، بما فيها تقليص عدد العمّال بأنّها مصمّمة لرفع كفاءة، وفاعليّة الشّركة، ولا شك أن نشاط الشّركات وحيويتها (ديناميكياتها) تدفع بالاقتصاد قدُمًا، وتحسّن أنماط حياتنا، لكن يمكن لهذه التّغييرات -النّاشئة أحيانا عن التّقنية- أن تختم على نهاية زمن بعض الصّناعات، أو المنتجات الأخرى، وقدّم شومبيتر مثال السكّة الحديديّة الّتي غيّرت طريقة توصيل الشّركات لمنتجاتها الزّراعيّة بسرعة، خلال البلد عبر السّكك، والثّلج (العربات الباردة)، بينما قضت في الوقت ذاته على طريقة عيش كثير من المزارعين، الّذين اعتادوا اقتياد القطعان من المزراع إلى الوجهة التّجاريّة المقصودة. ويمكننا اليوم التّفكير في إزاحة خدمات مشاركة السيّارات مثل: أوبر، وكريم، وليفت لسائقي الأجرة، مثالًا لهذا المفهوم، فتملّك، وقيادة سيارة أجرة في نيويورك الأمريكيّة -على سبيل المثال- تتطلّب من المرء أن يشتري "ميدالية سيارة الأجرة"، والّتي تمثّل الحقّ في امتلاك، وقيادة سيّارة أجرة، ويقترض السّائقون أموالا طائلة؛ لاقتناء تلك الميداليّات الّتي تكلّف مئات آلاف الدّولارات، أمّا الآن، فقد التهمت خدمات مشاركة السيّارات، صناعة سياقة سيّارات الأجرة، لتقضي -بذلك- على قيمة الميداليات، وقدرة سائقي الأجرة على تحقيق المدخول الّذي اعتادوه قبل ظهور خدمات المشاركة هذه، وقد أدّى ذلك إلى دخول كثير من سائقي الأجرة في ضائقة ماليّة .ويجادل شومبيتر بأنّ دورة التّخريب، والخلق هذه؛ طبعية في النّظام الرّأسماليّ، وأنّ رائد الأعمال دائمًا ما يكون المحرّك الرّئيس في التطوّر الاقتصاديّ، فالهدف -بالنّسبة له- هو التقدّم، ولا يبدأ التقدّم إلَّا بالعثور على أفكار جديدة، وقد حدّد شومبيتر الطّرائق الآتية للعثور على فرص أعمال جديدة: تطوير سوق جديدة لمنتج متوفّر. العثور على مصدر توريد جديد، يمكّن رائد الأعمال من تصنيع منتجه بتكلفة أقلّ. استخدام التّقنية المتوفّرة لإعادة إنتاج منتج قديم بطريقة جديدة. استخدام التقنية المتوفّرة لإنتاج منتج جديد. استخدام التّقنية الجديدة لإنتاج منتج جديد. ويمكننا النّظر إلى نظرّيات الفرصة؛ إمّا على أنّها مرتبطة بالعرض، أوالطّلب، وإمّا على أنّها مقاربات للابتكارات في استخدام التّقنية؛ فالحالة الأولى فرصة طلب، بينما الحالات الباقية حالات عرض، وتوظّف الثلاث الحالات الأخيرة الابتكارات التّقنيّة، والعرض والطّلب، مصطلحات اقتصاديّة ترتبط بإنتاج السلّع. العرض هو كميّة المنتج، أو الخدمة المعروضة، بينما الطّلب هو رغبة المستخدم، أو المستهلك في تملك المخرجات، أو المنتجات، أو الخدمات المعروضة، ويمكننا استخدام أفكار شومبيتر لتحديد فرص جديدة، ونركّز في هذا على تحديد الأماكن الّتي فيها عرض حاليّ، أو مستقبليّ، وطلب حاليّ، أو مستقبليّ، غير ملبّيين، أو غير متوافقين، أو الأماكن الّتي يمكن للابتكار التّقنيّ حلّ مشكلة فيها. توسّعت الأبحاث المعاصرة في مفهوم الفرص الرّياديّة التّقنيّة، محدّدة مناطق مختلفة: إنشاء تقنيّة جديدة. استعمال تقنيّة لم تستغلّ بعد. تحديد، وتبنّي تقنيّة لإرضاء حاجات سوق جديد. تطبيق التقنية لخلق مشروع جديد. وبغضّ النّظر عن أيّ طرائق شومبيتر يتّبع رواد الأعمال، فإن المحيط التّجاري يتطلب -قبل استثمار الوقت، والمال- بحثًا استقصائيًّا عميقًا؛ لتحديد مدى امكانية توافر فرصة رياديّة. ونذكّر هنا أن الفرصة الرّياديّة هي النّقطة الّتي تلتقي عندها حاجة المستهلك المحدّدة، وجدوى إنشاء الخدمة، أو المنتج المطلوب، والجدوى في هذا التّعريف؛ تتضمّن تحديد سوق مستهدف كبير بما فيه الكفاية، ومهتمّ بالمنتج، أو الخدمة، كما يوفّر أرباحًا كافية لنجاح المشروع ماليًّا. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد الأعمال في الميدان قصة شيستر كارلسون قضى الفيزيائيّ المخترع، محامي براءات الاختراع، تشيستر كارلسون عشر سنوات بحثًا عن شركة تطوّر، وتنتج، آلة تصويريّة جديدة لاستخدامها في تصوير أسرع، وبتكلفة أقلّ، ثمّ أنشأ منظمة زيركوس (XEROX)، الشّركة الّتي أنتجت أولى آلات النّسخ. فهل يمكنك اليوم تخيّل مدرسة، أو مكتب، من دون آلة تصوير؟ لقد ضيّعت الشّركات الّتي قصدها كارلسون على نفسها فرصة الاستثمار في اختراعه، ولحسن حظّ كارلسون، أن هذا كان مجرّد البداية لشركة تطوير تقنية منتج، حيث حقّقت أكثر من خمسين ألف براءة اختراع حول العالم؟ وتُوَاصِلُ زيروكس الابتكار إلى يومنا هذا، وبإمكانك الاطّلاع على قسم الابتكار في موقع الشّركة الرّسمي على الرّابط الآتي: (xerox.com/eneg/innovation). وخذ بالحسبان كيف أنّ اختراعًا واحدًا من الاختراعات الّتي تُطوّرها الشّركة الآن، بإمكانه إحداث تدمير إبداعي في صناعة ما، حسب نظريّة شومبيتر. التعرف على الفرصة من أفضل ما يمكنك فعله قبل بدء مشوارك الرّيادي، قراءة كلّ ما يمكنك قراءته، خاصّة فيما يخصّ تطوّرات التّقنيات الجديدة، حتّى خارج ميدان عملك، تذكّر بأنّه بينما تتلاحم التّقنيات، فإنّنا لا ندرك بعد قيمتها التّجارية الممكنة، خذ تقنية الميكروويف على سبيل المثال: فقد كانت في الأساس مطبّقة على الرّادارات لتتبّع الغوّاصات العسكريّة، ولكن بفضل شخص فضوليّ يدعى بيرسي سبنسر ذاب قضيب من الفول السّوداني كان في جيبه عَرَضًا، بينما كان يعبث بالتّقنية، وهكذا ولد الميكروويف، وبعدها بعقود قليلة، صار يمكن إنتاجه بسعر يمكّن عامّة المتسوّقين من اقتنائه. تفكّر في الدرونز (الطّائرات الصّغيرة دون طيّار) -أيضًا- حين اختراعها، لم تكن الاستخدامات المتنوّعة لهذه التّقنية معروفة بعد، وهي الآن مستعملة في مكاتب العقارات، وخدمات توصيل الطّرود، والزّراعة، والبحث العلمي، والبحث تحت الماء، والأمن، والمراقبة، والتّصوير الفنيّ، وغيرها كثير، فبقاؤك مطّلعًا على التّجارب المعاصرة، والمعلومات الجديدة، يمكن أن يقودك إلى التعرّف على الفرص. اكتشف الرّيادي فريد سميث نظامًا لحلّ مشكلة توصيل الطّرود ليلًا بتأسيس Federal Express فيديرال إكسبرس، وقد كتب بحثًا أيّام دراسته الجامعيّة، ناقش فيه فكرته التّجاريّة هذه، لكنّه لم يحصل على علامة جيّدة، وبعد تخرّجه سنة 1966 بسنوات، أسّس الشّركة الّتي حقّقت سنة 2019 حوالي 70 مليار دولار من المداخيل، وقد كان قبل إنشائه الشّركة جنديًّا في البحريّة الأمريكيّة، وأثناء خدمته في فيتنام، لاحظ الأنظمة اللّوجيستيّة العسكريّة. وهناك ركّز اهتمامه على توصيل المنتجات، وكثير من روّاد الأعمال يقضون وقتًا في العمل لصالح شخص آخر، قبل أن يكتشفوا طريقة أفضل لفعل ما يفعلونه، ثمّ يبدؤون شركتهم المنافسة. إن تحديد حاجات المستهلك قد يكون بسهولة الاستماع إلى تعليقاته، ومن مثل: "أتمنّى لو أنّ طلباتي تصلني أسرع!"، أو "لا يبدو أنّ بمقدوري العثور على وسادة مريحة تساعدني على النّوم أفضل" ويمكنك -أيضًا- ملاحظة تصرّف المستهلك لجمع أفكار جديدة، إذا كنت قد بدأت عملك بالفعل، فإنّ تعقيبات المستهلك تعدّ نمطًا بسيطًا من بحث السّوق. وعند شراء نشاط تجاريّ، أو عقد امتياز، فإنّ العمليّة تكون مختلفة نوعًا ما؛ فالخطوة الأولى تكون -عادة- بالبحث عن نشاط تجاري يناسب خبراتك، وتفضيلاتك الشّخصيّة، واهتماماتك، وستحتاج -كذلك- إلى إجراء البحث لفهم الصّناعة، والسّوق المحليّة، والنّشاط ذاته، ثمّ تبدأ بفحص كلّ المعلومات الماليّة المتوفّرة عن الشّركة، وفي حالة شراء عقد امتياز؛ ربّما من الأفضل الاتّصال بمشتري امتياز آخرين لمناقشة خبرتهم في التّعامل مع صاحب الامتياز. رائد الأعمال في الميدان كيف اكتسبت مؤسّْسة سبانكس "Spanx" المرونة، والمثابرة تعترف رائدة أعمال أخرى سارة بليكلي (الشّكل 3.5) بأنّها خلال 7 سنين قضتها في بيع آلات الفاكس في التّسعينيّات، أصيبت في العديد من المرّات بالذّعر من التّعامل مع توقّعات المبيعات، إلى درجة انفجارها بالبكاء، مما اضطرّها إلى القيادة حول الحيّ، قبل أن تهدأ، وتعود لمواصلة مكالمة المبيعات التّالية: الشكل 3.5: أنتجت سارة بليكلي منتجًا جديدًا لحلّ مشكلة يوميّة. إن عملها في شوارع فلوريدا -عالية الرّطوبة- كلّ يوم، جعلها تختار ملابسها بعناية، إلى أن جاء اليوم الّذي قرّرت فيه قصّ جواربها الطّويلة لتحرّر قدميها، وهكذا سجّلت براءة اختراع لجوارب بدون قدمين، وبعد سنوات قليلة، أسّست شركتها Spanx الّتي تقدّم اليوم أكثر من 200 نوع من الملابس النّسائيّة المريحة، فهذا مثال آخر عن شركة رياديّة ابتكرت منتجًا من طريقة بسيطة، وساهمت من خلاله في حلّ مشكلة يوميّة. وتمتّع بليكلي -أيضًا- بالجلَد، وهي صفة أساس للعديد من رواد الأعمال الناجحين، فعندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، وفي الوقت الذي انفصل فيه والداها، شاهدت صديقتها تصدم، وتموت في حادث سير، أعطاها والدها مجموعة من الأشرطة التحفيزية للاستماع إليها: كيف تكون شخصًا بلا حدود. من تأليف واين داير. فوجدت أن الأشرطة مفيدة جدًا، لدرجة أنها حفظتها جميعًا، ولا تزال تقدم نسخًا من الأشرطة كهدايا. وعندما كانت طفلة، شجع والدها أطفاله على احترام الدروس القيمة، التي يمكن تعلّمها من خلال الفشل، ومن الواضح أنها ساعدت بليكلي في سن مبكرة على تطوير المثابرة، والتصميم، كما ساعدها ذلك في المثابرة، والتصميم على تطوير فكرة تجارية إلى مشروع بقيمة مليار دولار. عليك أثناء إجراء بحثك حول العرض، والطّلب أخذ العوامل السّياسيّة -أيضًا- بالحسبان؛ فالتّغييرات -على سبيل المثال- في قوانين الضّرائب، يمكنها أن تغير من قراراتك. ففي الإمارات العربيّة المتّحدة مثلًا: شكّلت حُزم المبادرات، والحوافز التي أطلقتها الحكومة الاتحادية، والحكومات المحلية -أبرز تطورات الوضع الاقتصادي في النصف الأول من عام 2018، حيث كان على رأس هذه المبادرات قرارات مجلس الوزراء بـ : رفع نسبة تملك المستثمرين العالميين للشركات من 49% إلى 100%. إطلاق منظومة متكاملة لتأشيرات دخول الدولة؛ تستهدف استقطاب الكفاءات. حوافز محلية، مثل: مبادرات دائرة المالية بدبي، التي تمثلت بحُزمة من ثلاث مبادرات، تضمّنت: تقسيط بعض الرسوم الحكومية. تخصيص 20% من المناقصات الحكومية للشركات الصغيرة، والمتوسطة، العضو في مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة، والمتوسطة. تحصيل رسوم الفنادق من فئتي؛ ثلاث، وأربع نجوم بشكل نصف سنوي. هذا إلى جانب قيام دبي بإجراءات لإعفاء الشركات من الغرامات، والمخالفات التجارية الخاصة بدائرة التنمية الاقتصادية. وتجديد الرخص التجارية؛ وذلك بهدف ضمان استمرارية، ونمو الشركات التجارية، وتجنب تراكم الغرامات، والإعسار المالي. أمّا في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، فنذكر ائتمان العقارات السّكنيّة الموفّرة للطّاقة، والّذي يصل إلى 4000$ للأجهزة الإلكترونيّة الشّمسيّة، مثل: سخّانات المياه بالطّاقة الشّمسيّة، والألواح الشّمسيّة، وتوربينات الرّياح الصّغيرة، والّذي يمتدّ إلى نهاية عام 2021. ولا تدوم المحفّزات الضّريبيّة -عادة- إلا بضع سنوات، لذا فمن المهمّ ألاّ يعتمدها روّاد الأعمال عمودًا دائمًا في اقتراحات القيمة، ونماذج العمل لديهم، فلنقل مثلًا أنّ لديك اهتمامًا بالآلات، والفنّ؛ حيث يمكنك أخذ الائتمان الضّريبي على توربينات الرّياح في الحسبان، بحيث تقوم بصناعة توربينات فنيّة لأصحاب المساكن الموفّرة للطّاقة، ولكن عليك: أوّلًا- بالطّبع تقرير ما إذا كانت هذه مجرّد فكرة. ثانيًا- إذا ما كانت شروط تحويلها إلى فرصة رياديّة متوفّرة. دوافع الفرصة تضمّ بعض الدّوافع الحديثة للتّغيير في المجال الرّيادي خيارات تمويل جديدة، والتقدّم التّقنيّ، والعولمة، واقتصادات متخصّصة في صناعات محدّدة: سهولة متزايدة في الوصول إلى رأس المال، عبر مصادر المواقع الاجتماعيّة، مثل: التّمويل الجماهيري، وهذا يؤثّر تأثيرًا بارزًا على ريادة الأعمال، بتمكين فئات لا يمكنها أن تصبح رائدة أعمال بالطّرق الاعتياديّة، مثل: سكّان القرى النّائية، والنّسوة الماكثات في البيوت، وذوي الإعاقات. يواصل التقدّم التّقنيّ توفير فرص جديدة، تتراوح ما بين الطّائرات من دون طيّار (الدرونز) إلى الذّكاء الاصطناعي، والتطوّر في المجال الطبيّ، وتوفير تعلّم تقنيات جديدة، فتقنية الدّرونز على سبيل المثال: تُستخدم في تخطيط وتصوير، العقارات، وتوصيل المنتجات إلى المستهلكين، وتوفير الأمن الجويّ، وخدمات أخرى كثيرة، كما أن الهواتف المحمولة هي الأخرى قد أنتجت كثيرًا من فرص الأعمال الجديدة، في مجال واسع من ملحقات الهواتف، والمنتجات المتعلّقة بها، سواء كان ذلك فيما يتعلق بأغلفة الهواتف، مرورًا إلى التّطبيقات الّتي تجعل استخدام هواتفنا أسهل، وأسرع في المجالين العملي، واليوميّ. العولمة المتسارعة تدفع ريادة الأعمال بالسّماح بازدهار الاستيراد، والتّصدير، كما تساعد العولمة على نشر أفكار المنتجات، والخدمات الجديدة إلى سوق عالميّ؛ عوض واحد محليّ، أو مناطقيّ، وهي -بمساعدة الإنترنت، وتقنية الحواسيب -تسمح حتّى للشّركات الصّغيرة بالمنافسة، وبيع منتجاتها حول العالم. عوامل اقتصاديّة من بينها الاقتصاد القويّ الّذي يدفع تجارات أخرى، فالنموّ على سبيل المثال في سوق التّسكين؛ ينمّي المنتجات، والخدمات المرتبطة به، انطلاقًا من التّصميم الداخليّ، إلى هندسة الحدائق، وتجارة الأثاث، والأجهزة، وخدمات نقل الأثاث. يعدّد ديفيد بريدهام ستّة أسباب؛ تجعل المناخ الحاليّ ممتازًا للشّركات النّاشئة: ارتفاع استثمار رأس المال المخاطر إلى أعلى قيمه إطلاقًا في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وببلوغه سنة 2018 ما قيمته 148 مليار دولار. تراجع القلق فيما يخصّ حماية براءات الاختراع، بفضل قوانين تجاريّة أحسن، لحماية حقوق الملكيّة الفكريّة. يمكن أن يكون الذّكاء الاصطناعي فرصة عظيمة؛ بناء على تقرير مكينزي، الّذي يقدّر أنّ الذّكاء الاصطناعيّ يمكن أن يصبح صناعة قيمتها 13 مليار دولارٍ بحلول سنة 2025. التطوّر الانفجاري في عدد العمّال الأحرار، الّذي صار عمودًا فقريّا للشّركات النّاشئة، والصّغيرة. مجال متميّز آخر، هو التقدّم المدفوع بالتّقنية، مثل: السيّارات ذاتيّة القيادة. تطوّر الملكيّة الفكريّة لتمثّل 38.2% من إجمالي النّاتج المحليّ الإجمالي في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وهو ما يعادل 6 تريليون دولار سنويًّا، أي أكثر من النّاتج المحليّ الإجمالي لأيّة دولة باستثناء الصّين. بالإضافة إلى ذلك، استطلعت المجموعة المالية لبنك وادي السيليكون (SVB) الشركات الناشئة الجديدة في عام 2017 فوجدت أن 95٪ أشاروا إلى أنهم يعتقدون أن ظروف العمل ستكون كما هي، أو أفضل، كما يخطط 83% منهم لزيادة قوتهم العاملة، ويعتقد 24% أنّ جمع الأموال لا يمثل تحديًا، وتمثل هذه الأرقام أعلى مستويات التفاؤل بين رواد الأعمال خلال فترة خمس السّنوات الأخيرة. وهكذا نكون قد وضحنا مفهوم الفرصة الريادية، وكيفية معرفتها، والاستفادة منها، ويمكنك الاعتماد على الأمثلة البارزة التي ذكرناها بهذا الصدد لتأخذ فكرة أعمق عن كيفية تحويلك للفرص التي تكتشفها إلى مشاريع، أو تطوير للمشاريع التي تجعلك قادرًا على المنافسة، وتحقيق الريادة في عملك. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Identifying Entrepreneurial Opportunity) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيف يبحث رواد الأعمال عن الفرص الريادية المحتملة؟ المقال السابق: تطوير ثقافة محيط عمل مسؤولة وذات امتياز أخلاقي
  2. عرّفْنَا في المقال السابق الإبداع، والابتكار، والاختراع، ويمكنك التّفكير في الإبداع على أنّه خام، وأن الابتكار هو تحويله إلى غرض وظيفي، وغالبًا ما يهدف إلى القضاء على نقطة ألم، أو تلبية حاجة؛ أمّا الابتكار فهو خلق شيء جديد؛ ذي تأثير دائم. سنتعرّف في هذا المقال على العمليّات المصمّمة لمساعدتك في تطبيق ما تعلّمته من المقال السّابق. العملية الإبداعية: مراحل الإبداع الخمسة قد يكون الإبداع، ودافعيّة التّفكير الجانبيّ أمرين فطريّين، ولكنْ على المبدعين تحسين هذه المهارات؛ ليتسيّدوا مجالات تخصّصهم، إذ لا بدّ من التدرّب، والممارسة، للوصول إلى تطبيق مهاراتهم بسهولة، وثبات، ودمجها مع عواطف، وعمليّات أخرى، كما يمكن لأّيٍّ كان تحسين جهوده الإبداعيّة بالممارسة. ولغرض بحثنا هذا، نعدّ الممارسة نموذجًا للإبداع التّطبيقيّ، المستمدّ من المقاربة الرّياديّة. (الشّكل 11.4)، وهي تتطلّب: التّحضير. الحضانة. الإشراق. التّقييم. التّفصيل. الشّكل 11.4: مراحل الإبداع وفقا لـ "فنّ الفكرة" لصاحبه جراهام والاس (حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0). التحضير يتطلّب التّحضير فحص مجال الاهتمام المختار، وعقلًا منفتحًا، والانغماس في الأدوات، والعقليّة، والمعنى، إذا كنت قد جرّبت -سابقًا- الخروج بشيء إبداعيّ من دون التشبّع بالمعلومات الضّروريّة، ولا ملاحظة عمل المتمرّسين في المجال، فأنت تدرك صعوبة ذلك. هذه القاعدة المعلوماتيّة، والخبرة، ممزوجتان بقدرة على دمج الأفكار، والممارسات الجديدة، ويمكنهما مساعدتك على التّدقيق في الأفكار تدقيقًا أسرع، ومع ذلك، فإنّ الاعتماد المفرط على المعرفة السّابقة يمكن أن يحدّ من العمليّة الإبداعيّة حين تنغمس في الممارسة الإبداعيّة، فأنت تستفيد من منتجات، أو أدوات إبداع الآخرين، فعلى سبيل المثال: يلعب مصمّم الألعاب الإلكترونيّة أنواعًا مختلفة منها على منصّات مختلفة؛ وحده أو مع أصدقائه، في مهمّات تعاونيّة أو تنافسيّة. وهذا الاستهلاك يعطيه إحساسا بما هو ممكن، وبالحدود الّتي يمكنه السّعي إلى تحطيمها عبر عمله الإبداعيّ. ويوسّع التّحضير عقلك، ويمكّنك من دراسة المنتجات، والممارسات، والثّقافة في ميدانك، وهو -كذلك- الوقت المناسب لتحضير الأهداف، سواء كان ميدانك المختار مرتبطا مباشرة بالفنّ، والتّصميم، مثل النّشر، أو متعلّقا بتصميم إنسانيّ المركز، والّذي يشمل كلّ جهود تصميم المنتجات، والبرامج، فأنت في هذه الحالة بحاجة -أيضًا- إلى فترة من انفتاح العقل لتلقّي الأفكار، كما تعدّ الممارسة المتكرّرة جزءًا من مرحلة التّحضير؛ لكي تتمكّن من فهم ميدان الإنتاج الحاليّ، وتفهم الممارسات الأنسب، سواء كنت قادرًا على تطبيقها حاليّا، أم لا، كما يمكنك البدء خلال مرحلة التّحضير برؤية كيف يضمّن الآخرون معنى في منتجاتهم، وبهذا تجهّز تقييمات، توازن بها عملك الإبداعيّ الخاص. الحضانة نقصد بمرحلة الحضانة؛ منحك نفسك وقتا لدمج ما تعلّمت، ومارست، خلال المرحلة الأولى، والحضانة تتجنّب الممارسة، حتّى ليحسب الرّائي أنّك في مرحلة راحة، لكنّ عقلك لا يزال يعمل، ومن المهمّ في حضانة الأفكار تغيير المحيط؛ لأنّ المحيط الجديد يسمح لك بتلقّي محفّزات أكثر من تلك المرتبطة مباشرة بالمشكلة الإبداعيّة؛ الّتي تعمل عليها، ويمكن أن يكون ذلك بمجرّد الخروج للمشي، أو زيارة مقهى جديد، حيث تتيح لعقلك الفرصة للسّرحان، ومعالجة المعلومات الّتي جمعتها في مرحلة التّحضير. قال موزارت: "عندما أكون أنا نفسي تماما، مبتهجا، إمّا في عربة، أو سائرا، أو بعد وجبة جيّدة، أو ليلا حين لا أستطيع النّوم، في مثل هذه المناسبات تتدّفق أفكاري تدفّقا أفضل وأكثر وفرة." تسمح فترة الحضانة لعقلك بدمج مشكلتك الإبداعيّة، مع ذكرياتك، وأفكارك، وعواطفك الأخرى، وهذا مستحيل التحقّق إذا كنت دائم التّركيز على المشكلة الإبداعيّة، والممارسات، والمهام المرتبطة بها. ويمكن أن تأخذ فترة الحضانة وقتًا قصيرًا أو طويلًا، ويمكنك ممارسة نشاطات أخرى، بينما تحصل هذه العمليّة. إحدى نظريّات الحضانة أنّها تجرّد العمليّة الفكريّة من اللّغة، وإذا كنت لا تربط الكلمات بمشاكلك، واهتماماتك الإبداعيّة، فهذا يسمح لعقلك بتأسيس روابط أعمق من اللّغة، وانتظار الحضانة لتعمل، قد يكون صعبًا، لهذا يطوّر كثير من المبدعين، والمبتكرين هوايات تحتوي نشاطات بدنيّة، لشغل عقولهم، بينما يسمحون للأفكار بالحضانة. الإشراق التبصّر، أو الإشراق، يعبّران عن لحظة "آها"، أو "يوريكا" بمعنى (وجدتها)، وتأتي هذه اللحظة حين يظهر حلّ مشكلة إبداعيّة فجأة في عقلك الواعي، وقد سُجّلت لحظة "آها" في الأدب، والتّاريخ، والدّراسات العقليّة للإبداع، ويمكن أن يأتي التبصّر دفعة واحدة أو على أجزاء، ولا يمكن فهمه بسهولة، فهو بطبيعته صعب الفصل في الظّروف البحثيّة، والتّجريبيّة، ولكنّه مصدر بهجة لرائد الأعمال المبدع، فهو الوقت العابر الّذي تندمج فيه عمليّات التّحضير، والممارسة، والحضانة، في شيء أشبه بالعبقريّة، وسواء كان هذا الإشراق حلّا لمشكلة شبه مستحيلة، أو الإتيان بشيء إبداعيّ، فإنّ المبدعين يعدّونه -عادة- لحظة مميّزة في حياتهم، وهو لروّاد الأعمال وعد النّجاح، أو احتمال مساعدة كثير من النّاس على تجاوز نقطة ألم، أو مشكلة، وبالطّبع، لن يكون لكلّ إشراقة تأثير عالميّ، لكنّ الخروج بحلّ عمل عليه عقلك لفترة من الوقت سعادة حقيقيّة. التّقييم التّقييم هو الفحص الهادف للأفكار، حين تعمَد إلى موازنة حلولك، مع الأفكار، والمنتجات الّتي لاحظتها خلال التّحضير، كما ستحتاج إلى موازنة أفكارك، ونماذج منتجاتك الأوليّة، مع الأهداف الّتي حدّدتها خلال مرحلة التّحضير،كما يعمد المبدعون المحترفون إلى طلب الانتقاد من آخرين خلال هذه المرحلة، وذلك لأنّ التّقييم مرتبط مباشرة بالتوقّعات، والممارسات الجيّدة، والمنتجات الرّائدة الموجودة في كلّ ميدان، فإنّه يأخذ عدّة أشكال، فإنّ عليك البحث عن ضمانات بأنّ تقييمك مناسب، لذا عليك أن تحكم على نفسك بإنصاف، حتّى عندما تطبّق معايير صارمة، انطلاقًا من حسّ الذّوق المكتمل التّطوير الّذي حقّقته خلال مرحلة التّحضير، ويمكنك على سبيل المثال، محاورة بعض العملاء في فئتك المستهدفة لمنتجك، أو خدمتك، إذ الهدف الأساس؛ هو فهم منظور العميل، ومدى تناسب فكرتك مع موقفه. التفصيل المرحلة الأخيرة من العمليّة الإبداعيّة هي؛ التّفصيل، بمعنى الإنتاج الفعليّ، وهنا، يمكن أن ينطوي التّفصيل على إطلاق نسخة الحدّ الأدنى من المنتج (minimum viable product تختصر إلى MVP). يمكن ألاّ تكون هذه النّسخة تامّة، ولا مصقولة، ولكنّها ينبغي أن تعمل بكفاءة كافية؛ لتبدأ في تسويقه، مع الاستمرار في تطويره تكراريًّا، كما يمكن أن ينطوي هذا التّفصيل على تطوير، وإطلاق نسخة أوليّة، مثل نسخة بيتا من برنامج، أو تصنيع قطعة، أو عمل فنيّ للبيع، حيث تنشئ كثير من شركات منتجات الاستهلاك سوقا صغيرة للتّجريب، بقصد جمع التّعقيبات، والتّقييمات، لمنتجاتها الجديدة، من عملاء حقيقيّين، هذه الرّؤى يمكنها تزويد الشّركة بمعلومات قيّمة؛ تساعد على جعل الخدمة، أو المنتج أنجح ما يمكن. ما يهمّ رائد الأعمال الإبداعيّ في هذه المرحلة؛ هو توفير المنتج للعامّة، حتّى يتمكّنوا من تبنّيه. الابتكار أكثر من مجرد حل مشاكل تنحصر رؤية البعض لروّاد الأعمال الابتكاريّين في أنهم مجرد حلّالي مشاك، ولكنّ مستوى الابتكار هذا، في تحديد نقطة ألم، والعمل على تجاوزها؛ ليس سوى مجموعة واحدة من مجموعات خطوات ابتكاريّة، ويشير لاري مايلر في مقالة له على فوربس إلى أنّ حلّ المشاكل عمليّة ردّ فعل؛ إذ يجب انتظار حدوث مشكلة قبل إدراك الحاجة إلى حلّ لها، وحلّ المشاكل جزء مهمّ من ممارسة الابتكار، ولكنّ تطوير الممارسة، والميدان، يتطلّب من المبتكرين توقّع المشاكل، والسّعي إلى منعها، وفي كثير من الأحيان، يصنعون أنظمة للتّحسين المتواصل، ممّا يعني -كما يشير مايلر- أنّها تنطوي على كسر أنظمة سابقة، لم تكن بها علّة، كما أن السّعي للتّحسين المتواصل، يساعد المبتكرين على استباق تغيّر السّوق؛ ولذا، فإنهم يحضرون منتجات جاهزة للأسواق النّاشئة، بدل تطوير منتجات دائمة التّغيير نتيجة اعتمادها على التقنيات الحديثة، ومن مشاكل صنع نظام للتّحسين الدّائم؛ أنّك في الواقع تخلق مشاكل لتحلّها، ممّا يتعارض، والثّقافة المترسّخة في كثير من الشّركات، هذا ويبحث المبتكرون عن المنظّمات الّتي يمكنها التّعامل مع الابتكار الهادف، أو يحاولون إنشاءها بأنفسهم، بل وبعضهم يهدف إلى الابتكار للمستقبل، متجاوزين الإمكانات الحاليّة، ولتحقيق ذلك؛ يقترح مايلر جمع أشخاص من خلفيات تجريبيّة متباينة، مع خبرات مختلفة، وهذه العلاقات ليست ضمانات لابتكار ناجح، ولكنّ مجموعات كهذه يمكنها توليد أفكار مستقلّة عن الجمود المؤسّساتي؛ وبالتّالي، فإنّ المبتكرين حلاّلو مشاكل، ولكنّهم -أيضًا- قادرون على العمل مع أشكال مختلفة من إنشاء المشكلة، وتخيّلها، حيث يواجهون المشاكل قبل وقوعها ليحلّوها في وقت مبكّر. ولْنَفْحَصْ نهج ابتكارٍ متعدّد المستوى (الشّكل 12.4). فالقاعدة حلّ المشكلة، وفوقها أعلى الهرم، نجد التّلافي، ثمّ العمل على التحسين المستمرّ، وعلى رأس الهرم يأتي خلق القدرة على توجيه مستقبل صناعتك، أو عدّة صناعات؛ لتتمكّن من مواجهة الاضطراب في حياتك المهنيّة، أو حتّى إنشائه. الشّكل 12.4: هرم الابتكار، مقاربة متعدّدة المستوى للابتكار (حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0) إن تطوير ممارسات ابتكاريّة مستقبليّة التوجّه فكرة جيّدة، حتّى ولو لم تكن تسعى إلى تغيير مستقبل صناعة ما؛ فهي تساعدك على التّحضير للانقطاع، كما أن وتيرة التغيّر التِّقني المتسارع تضطرّ العمّال -على كلّ المستويات- إلى الاستعداد للابتكار، فقد بنى قادة الابتكار -من أمثال خبير التّسويق جاي كاواساكي- على المبادئ النّفسية لاقتراح طرائق جديدة لمقاربة الابتكار. وتشمل المنتجات الابتكاريّة -حسب كاواساكي- خمس خصائص أساسيّة: عميق، بذخٌ، متكامل، أنيق، ومعبّر. (Deep, Indulgent, Complete, Elegant, Emotive تختصر إلى DICEE الّشكل 13.4). ويمكنك السّعي إلى تطعيم ابتكارات فرديّة بهذه الخصائص وبطرائق عمليّة. الشّكل 13.4: المنتجات الابتكاريّة عميقة، بذخة، متكاملة، أنيقة، ومعبّرة. (حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0) العمق تنشأ المنتجات العميقة حول منطق الابتكار الّذي حدّدناه سلفًا، وتتوقّع احتياجات المستخدمين قبلهم، وتعتمد هذه الابتكارات غالبًا تصاميمَ بارعةً، سهلة الاستخدام للمستخدمين الجدد، وكذا قادرة على تنفيذ مهمات معقّدة، ومثال ذلك: شركة أدوبي Adobe فهي شركة ابتكاريّة، تنشط في مجالات عدة، مثل البرامج، والتّسويق، والذّكاء الاصطناعيّ. وتنشئ أدوبي -عادة- برامج بمهامّ رئيسة سهلة الاستعمال للمستخدمين الجدد، ولكنّها تمكّن المتمرّسين -أيضًا- من الابتكار بأنفسهم. ذلك أن إنشاء منصّة للابتكار علامة مميّزة، تدلّ على الابتكار العميق، والمستقبليّ. البذخ يتعامل المبتكرون ذوو التّأثير الطّويل مع مستخدميهم بطرائق تجعل المستخدمين يشعرون بالتميّز عند شرائهم المنتج، أو عثورهم على الخدمة، الغمسُ يشير إلى عمق النّوعيّة الّتي لا تتأتّى من الحلّ الأسرع للمشكلة، بل ويمكن أن يبدو الغمس صفة سلبيّة، وهو في البشر كذلك، ولكنّ الغمس في استخدام منتج ابتكاريّ، يرتبط بغنى التّجربة مع واجهة الاستخدام UI. فهي (User Interface) في المنتج، وخاصّة البرامج، ما يراه المستخدم، ويتعامل معه، فشعور البذخ يغلّف منتجك بالإحساس بالقيمة، والدّيمومة الّذي يُطَمْئِنُ المستخدمين، ويشجّعهم على استعمال منتجك بثقة. التّكامل تتضمّن رؤية كاواساكي للمنتج المتكامل الخدمات، المضمّنة فيه، والمؤسِّسة له، بحيث يفهم المستخدمون المنتج بما يكفي لاستخدامه براحة، حيث تتوفّر معلومات حول كيفيّة عمله، وكيفيّة استخدامه، وعليه، ينبغي أن يرافق المنتج الابتكاري تسويق، وجهود تواصل أخرى، وهذا يبني بالنّسبة لكاواساكي "تجربة المستخدم الكليّة"، فإذا حللت مشكلة في السّوق، فإنّ المستخدمين سيفهمون ما المشكلة، وكيف تجيب عنها منتجاتك، وخدماتك. الأناقة الأناقة جزء من واجهة استخدام المنتج، فهي تشير إلى البداهة، والتلقائية في تصميمه، ممّا يجعل المستخدمين يفهمونه على الفور، وتوصل الأناقة معلومات أكثر بكلمات أقلّ، فالتّصميم الأنيق لا يتخوّف من المساحة السلبيّة، أو التوقّف العارض، فالابتكارات الأنيقة تحلّ المشاكل دون خلق مشاكل أخرى، كما أن الأناقة -بالنّسبة لكاواساكي- هي الفرق بين منتج عملّي جيّد، وبين شيء رائع. التّعبير الابتكارات المعبّرة تستثير المشاعر المقصودة، وتطالب بالإعجاب بها ونشرها، وبعبارة أخرى، تخلق الابتكارات الرّائعة بحقّ مجموعات من المعجبين، وليس قاعدة مستخدمين وحسب، لذا، لا يمكنك فرض محبّة منتجك على النّاس، ولكنْ بإمكانك إعطاءهم تجارب تخلق لديهم حسّ الحماسة، والترقّب لكلّ ما تأتي به لاحقًا. تطوير اختراع تنطوي العمليّة العامّة للاختراع على خطوات عمليّة، وأنظمة قد تتطلّب تفكيرًا خطيًّا، وغير خطّيّ، وربّما تفكّر بأن النّاس ذوي المهارات الفنيّة الكامنة وحدهم المبدعون، وأنّ العباقرة وحدهم، من يصبحون مبتكرين، ومخترعين، ولكنّ غالبيّة الإبداع ناتج عن الانغماس في الممارسة، حيث يمكنك بناء، ورعاية إبداعك الخاصّ، وربّما تكون فكرتك حول المخترع شخصًا مثل يوهانس جوتنبرغ الّذي طوّر الطّباعة بالضّغط، وقد أعاد انتشارُ الطّباعةِ رسمَ خريطةِ أوروبا، ونتج عنه تأسيس مراكز تعليم جديدة، حيث كانت شعلة جوتنبرغ في الواقعة طويلة الأثر، لقد كان جوتنبرغ مبدعًا ومبتكرًا، وواحدًا من أشهر المخترعين في التّاريخ، ولكنّ طابعة الضّغط خاصّته، كانت ككلّ الاختراعات، تجميعًا لتقنيّات موجودة، فالابتكار الأهم لدى جوتنبرغ كان استخدام حروف معدنيّة محمولة، قابلة للتّغيير بدل مربّعات كتابة خشبيّة منحوتة بالكامل (الشّكل 14.4). وقد استغرق إتقان جوتنبرغ لطريقته في الطّباعة عقودًا؛ أمّا فكرة عبقريّته اللّحظية؛ فمجرّد أسطورة. إن الأشخاص الّذين يذكرهم التّاريخ، كانوا يعملون بجدّ كبير لتطوير إبداعهم، كي يألفوا عمليّاتهم، وأدواتهم، التي غدت وجهة، أو قبلة للابتكار في وقتها المناسب، وأوصلتهم أخيرًا لصنع شيء فريد بما فيه الكفاية؛ ليعده المجتمع اختراعًا. الشّكل 14.4: الحروف القابلة للتّحويل الّتي اخترعها جوتنبرغ كانت ابتكارًا مهمّا في الطّباعة. (حفظ الحقوق: أ) تعديل على "Printer 1568-ce" بواسطة "Parhamr"/Wikemedia Commons, Public Domain ب) تعديل على "Metal movable type" بواسطة Willy Heidelbach/Wikemedia Commons, CC BY 2.5) يزعم المثل القديم أن "الضرورة هي أم الاختراع"، لكن المبتكر يحتاج إلى معرفة، وخبرة، وجهد إبداعي، في مجاله؛ ليكون مخترعًا ناجحًا، فريادة الأعمال تعني بذل جهودك، ومعرفتك ،وإيجاد سوق؛ حيث يمكن لاختراعك أن ينجو أوّلا، ثمّ يزدهر. من نماذج تطوير اختراعٍ مَّا، هذه الخطوات الخمسة المقتبسة من موقع sourcify.com الّذي يختصّ في ربط مطوّري المنتجات بالمصنّعين، وهذه العمليّة مختصرة، وتتضمّن اقتراحات لبناء فريقٍ خلال الطّريق. (الشّكل 15.4) الشّكل 15.4: خطوات تطوير الاختراع الخمسة، حسب Sourcify. (حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0) الخطوة الأولى: علم نفسك قبل أن يصارع اختراعك اختراعات أخرى، عليك البدء بتعليم نفسك، ولتحضير نفسك لمواجهة المنافسين، عليك أن تتعلّم أكثر ما يمكنك حول ظروف الاستثمار الحاليّة، وفرص تطوير المنتجات، ومناهج القيادة، حتّى ولو لم تكن مهتمّا بعلم القيادة، فإنّ الاطّلاع على توجّهات القيادة، وتطوير المنتجات الحاليّة أمر مفيد، ونجاحك مخترعًا في سوق واسع، رهن فهمك لقواعد الصّناعة، ومحيط المنافسة؛ المكتوب منها، وغير المكتوب، كما يمكن أن تكون عمليّة تطوير المنتج معقّدة إلى حدّ ما، لكنّها تتغيّر بتغيّر الصّناعة، وتوفّر الموارد. ومن جوانب تعليم نفسك -أيضًا- التعرف مواطن قوتك، ونقاط ضعفك، وكيف يؤثّران في أسلوبك القياديّ، كما أن مخزونك من أسلوب القيادة، يساهم في مساعدتك على فهم منهجك في قيادة الآخرين، وهذا مجرّد مثال واحد من بين كثير من الأمثلة الّتي تعطيك نقطة انطلاق، إذ بينما تسعى لتحويل فكرة ما إلى واقع ملموس؛ فإنّك ستضطرّ إلى قيادة مجموعة من النّاس، ويمكن أن يتغيّر المحيط -دائمًا- لهذا من المهمّ فهم قواعد الإدارة، والقيادة في جوّ العمل الحيوي والفعال (الدّيناميكيّ). من الخطوات المهمّة -أيضًا- في تعليم نفسك، اكتشاف نوع المساهمين الّذين ستحتاج إليهم؛ لبناء فريق رياديّ ناجح، فحتّى أولئك الّذين يخترعون بمفردهم، يحتاجون في النّهاية إلى فريق تطوير، وفريق تصنيع، وفريق خدمة، وفريق تسويق، وأفراد آخرين بمهارات مختلفة مثل: المبرمجين، والمصمّمين، ومختبري السّوق، وغيرهم. الخطوة الثّانية: ابق منظّمًا تقترح أغلب ملخّصات النّصائح الموجّهة للمخترعين، أن تعثر على طريقة لتنظيم إبداعك، لئلّا يضيع الوقت في محاولة تذكّر أفكار، أو خطط، أو قرارات سابقة، لذا عليك تنظيم المعلومات المرتبطة بفكرة، وخطّة عملك، وأفراد فريقك المحتملين في العمليّة. لقد انتشرت برامج إدارة جهات الاتّصال منذ عقود، ويمكنك في أيّامنا هذه تجريب كثير من أدوات الإنتاجيّة، وتواصل الفريق. أجر بحوثًا حول طرائق تنظيم المعلومات حول النّاس الّذين تخطّط للعمل معهم، أو تسعى للعمل لديهم، كما أن برنامج محادثة الفريق Slack يمكّنك من إنشاء مواضيع مختلفة على شكل غرف تحادث، ليتمكّن أفراد الفريق من التّعاون عليها، ويوفّر البرنامج، والتّطبيق كثيرًا من المزايا الّتي تساعد على إبقاء الموظّفين على اتّصال؛ أمّا Insightly فهي أداة إدارة العلاقة بالعميل؛ لتبقى على تواصل مع عملائك. وغيرهما Ryver وGli، وFlock وMicrosoft Teams. اختر الأدوات الّتي يمكن أن تساعدك، واشترِ تلك الّتي تقدّم خدمة تواصل الفريق الأنسب لوضعك. الخطوة الثّالثة: أجر بحث السّوق يعد بحث السّوق حتميّة بديهيّة، لكنّ كثيرًا من روّاد الأعمال يتقاعسون عن التعمّق كما ينبغي في إجراء بحوث حول منافسيهم، لذا، عليك البقاء على اطّلاع مستمر على منافسيك الحاليّين، والمستقبليّين، لتبقى مستعدًّا للمنافسة في السّوق، وكونك الأفضل على الورق، لن يكون كافيًا عندما تدخل السّوق ببرنامج الحد الأدنى لستة، أو ثمانية أشهر، في منافسة مع منتجات المنافسين الجديدة، وتحديثاتهم. ولكن، ما الذي يجب أن تأخذه في الحسبان حين تطوير الفريق، من جهة، وحين تراقب المنافسين من جهة أخرى؟ عليك في هذه الحال -وفي حدود ما يسمح به القانون- البحث عن أفراد فريقك المحتملين، من موظّفي الشّركات المنافسة، فالقادة الأفضل يسعون دومًَا وراء الأشخاص الماهرين، فإذا أحسست أنّ أحدهم يمكن أن يكون مناسبًا في فريقك، وأنّ لديهم مجموعة المهارات، والعقليّة الّتي يمكنها المساعدة على وضع اختراعك في السّوق، فلا تخش التّواصل معهم، ولكنّ كيفيّة التّواصل شيء ينبغي عليك البحث عنه لكلّ مجال، ففي بعض الصّناعات؛ عليك أن تكون سريًّا فوق العادة، إن جزءًا من بحث السّوق، هو في الحقيقة فهم من أجل استيعاب المهارات الّتي تحتاجها للعثور على مساهمين يعملون سلفا في تلك الصّناعة، أو في واحدة قريبة منها. الخطوة الرّابعة: أجر بحث براءة الاختراع إذا كنت تتوقّع التقدّم بطلب براءة اختراع، فخصّص وقتا لقراءة الإرشادات، ومراحل العمليّة، فعمّال مكاتب براءات الاختراع يحدّدون ما إذا كان الاختراع يستحقّ براءة اختراع، أم لا، وذلك حسب الشّروط الآية: أن يكون جديدا، مفيدا، وغير بديهيّ: أي ينبغي إثبات عمله، وتلك الشّروط الثّلاثة ذاتيّة، وغير موضوعيّة، تماما كما هو الحال بالنّسبة للاختراع، ولكنّ هذا يساعد في رفع سقف التوقّعات لروّاد الأعمال، إذا كانوا حقّا يريدون تحقيق تأثير اجتماعي، فتطوير اختراع قابل لحمل براءة اختراع، يخلق -أيضا- عائقا أمام المنافسة، وهو ما يمكن أن يحدّد الفرق بين النّجاح، والفشل. هناك نوعان من براءات الاختراع وهما: براءة الفائدة، وتدوم لعشرين سنة، وبراءة التّصميم، ومدّتها في العادة 14 سنة، لذا، إذا حصل المخترع على براءة اختراع، فإنّ أمامه نافذة زمنيّة لتأمين التّمويل الكافي، والعمل على تصنيع المنتج، ومحاولة الحصول على التبنّي العامّ في السّوق، وبعد كلّ شيء، إذًا، تمكّنك من تطبيق إبداعك على ابتكارات اجتماعيّة، وابتكارات منتجات، وابتكارات خدمات، وإذا تمكّنت من جمع ابتكارات كافية، وإضافة إبداعك الخاص عليها، وخلق شيء يتغلّب على فجوة الانتشار؛ فإنّك عندها قد اخترعت شيئا جديدا. الخطوة الخامسة: إصنع نموذجا أوليا يمكن أن يكون تطوير نموذج أولي هو الجزء الأكثر متعة، أو مللا في الابتكار، ولكنَّ موقفك تجاه تطوير نموذج أولي، سيعتمد اعتمادًا كبيرًا على الموارد المتاحة، والتقنية، والخبرة، وقد أشرنا إلى مفهوم الشّركة النّاشئة الليّنة من وقت إلى آخر، ففيها يكون النّموذج الأوليّ -عادة- منتجا بالحدّ الأدنى (MVP)، وهو -كما أسلفنا- نسخة من اختراعك، وقد لا تكون مصقولة، أو مكتملة من حيث الطريقة التي تصوّرت، ولكنها تعمل بما يكفي، وتبدو جيدة بما يكفي، بحيث يمكنك البدء في تسويقها مع احتمال أن يجري تبنّيها، وربّما تحتاج في اختراعات أخرى إلى نموذج أوليّ أكثر تطوّرًا، وهذا يتطلّب رأس مالٍ استثماريًّا كبيرا، لكنّه يعود إلى تفاعل المستخدمين مع نسخة المنتج، الّتي تبدو، وتعمل مثل تلك الّتي تخيّلتها خلال مرحلة التّفكير، وأنت كونك مخترعا، مسؤول عن تحديد الحدّ الأدنى من مراقبة الجودة لمنتجك، بل ربّما تضطرّ إلى المساومة في نظرتك، ولكن لا تساوم على الوظائف الأساسيّة، ولا على مستويات الجودة الأساسيّة في المواد المستعملة. لديك العديد من الخيارات في مرحلة تطوير النموذج الأولي، كما يمكنك بناء النموذج الأولي بنفسك، أو مع فريق صغير، كما يمكنك المشاركة مع شركات التصميم، والاختراع؛ الّتي تتخصّص في مساعدة المخترعين على تطبيق أفكارهم، لكنْ عليك توخي الحذر الشديد، وإطلاع ممثّليك القانونيّين عند التّعامل مع هذه الشّركات، لتضمن الحفاظ على براءات اختراعك، وحقوقك الأخرى، ومن الخيارات الأخرى في الحصول على تمويل لاختراعك، نقترح مواقع التّمويل الجماعي مثل Kickstarter و GoFundMe. والحال هنا، وسابقه سيّان، فالتّعامل مع التّمويل الجماعي؛ يعني عرض فكرتك على العامّة قبل تطبيقها، وعن هذا يقول آميديو فيرارو، محامي الملكيّة الفكرّية: "يراقب المقلّدون منصّات التّمويل الجماهيري، ويتقصّون المنتجات الشّائعة"، حيث تراقب الشّركات المنافسة، خاصّة في الأسواق الغربيّة، منصّات التّمويل الجماعي، للعثور على أفكار جديدة ينفّذونها، ويدخلونها إلى السّوق قبل أن تنتهي فترة تمويلك، ولهذا يتّخذ المخترعون احتياطات قانونيّة لحماية حقوقهم الفكريّة عند العمل مع بعض الشركات الصينية، "ولكن حتى مع هذه الحماية، لا يوجد ضمان يمكنك من منع شخص من تقليد منتجك" حسب محام أمريكيّ للملكيّة الفكريّة. "فالمشكلة لا تكمن في المحاكم الصّينيّة، بل في تطبيق الأحكام، كما أنّ كسب قضيّة ضدّ شركة واحدة أمر سهل، لكنّ مقاضاة كلّ الشّركات المقلّدة، والفوز عليها، أمر يكلّف وقتا ومالا". ولهذا السّبب، يفضّل بعض المخترعين بدء أعمالهم صغِيرةً، ومحليّة، إذا أمكنهم ذلك، فقد يكون من الأفضل لهم البدء بفريق موثوق، يحقّق ربحا صغيرا، ويثبّت موقعه في السّوق، بدل رؤية السّوق غارقا بالمنتجات المقلّدة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Creativity, Innovation, and Invention) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: الفرصة الريادية: كيف يحول رائد الأعمال الفكرة إلى فرصة المقال السابق: ما الفرق بين الإبداع والابتكار والاختراع في سير عمل رائد الأعمال؟
  3. تتشابه كثيرا مفاهيم كل من الإبداع الابتكار والاختراع، غير أن الواقع مغاير تماما، حيث يحظى كل مفهوم بخصائصه ومميزاته التي تسمح لنا بالتفرقة بين كل مفهوم على حدى. في هذا المقال من سلسلة المقالات الخاصة بريادة الأعمال، سنقوم بعرض أبرز أوجه الاختلاف بين هاته المفاهيم الثلاث. إن من متطلبات النّجاح في ريادة الأعمال؛ قدرتك على تطوير، وتقديم شيء مميّز إلى السّوق، فمع مرور الوقت، أصبحت ريادة الأعمال مرتبطة ب الإبداع؛ أي: القدرة على تطوير شيء فريد، فكرة، أو ما يمثّلها على وجه التّحديد، حيث يتطلّب الابتكار هذا الإبداعَ، لكنّهُ -بتحديد أكثرَ- تطبيق لهذا الإبداعِ، أي أنّ الابتكار هو تشكيل الإبداع في خدمة منتج مفيد، والابتكار -في سياق ريادة الأعمال- هو أيّ جديد؛ فكرةً كان، أو عمليّة، أو منتجًا، أو حتّى تجديدًا في منتج موجود، أو عمليّة متوفّرة يعطيهما قيمة مضافة. أما عن اختلاف الاختراع عن الابتكار، فكلّ الاختراعات تتضمّن ابتكارًا، أي:أن كل اختراع ابتكار، لكنّ العكس غير صحيح بالضّرورة، فلا يرتقي كلّ ابتكار إلى أن يصبح اختراعًا فريدًا، وفي مجال ريادة الأعمال نقول: إنّ الاختراع هو كلّ منتج، أو خدمة، أو عمليّة جديدة تمامًا، وصحيح أنّه سيعتمد على أفكار، ومنتجات سابقة، لكنّه يحقّق قفزة نوعيّة، تتجاوز كونها مجرّد إضافة، أو تعديل. والجدول (2.4) يبيّن الفرق بين مفاهيم المبحث الثّلاثة. المفهوم الوصف الإبداع القدرة على تطوير شيء فريد، فكرةً، أو ما يماثلها تحديدًا، مع شيء من الجمالية. الابتكار تغيير يضيف قيمة إلى خدمة، أو منتج، موجودين سلفًا. الاختراع كلّ منتج، أو خدمة، أو عمليّة جديدة تمامًا، تعتمد على أفكار، ومنتجات سبقتها، لكنّها تمثّل قفزة نوعيّة كبيرة؛ فهي إنتاج مختلف وجديد تمامًا. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول (2.4) يمكننا ربط مصطلحاتنا الثّلاثة هذه بالتّفكير التّصميمي لفهمها أكثر، والتّفكير التّصميمي طريقة لمحورة قرارات التّصميم، والتّطوير، في منتج ما، على احتياجات المستهلك، وهي تعتمد -عادة- عمليّة يدفعها التّعاطف لتحديد المشاكل المعقّدة، وإيجاد حلول لها، فالتّعقيد ضروريّ في التّفكير التّصميمي، بينما المشاكل البسيطة الّتي يمكن حلّها بالمال، والقوّة الكافيين، لا تحتاج تفكيرًا تصميميّا. إن التّخطيط، والتّفكير التّصميمي الإبداعيّ، يتمحوران حول العثور على حلول جديدة، لمشاكل ذات متغيّرات صعبة، وكثيرة، وبما أنّ الإنسان كائن معقّد، وغير متوقّع -أحيانًا- فإنّ تصميم منتجات له يحتاج إلى التّفكير التّصميمي. أصبحت Airbnb خدمة مستخدمة استخدامًا واسعًا حول العالم، لكنّ وضعها بالطّبع لم يكن -دائما- بهذا النّجاح، ففي سنة 2009، كانت الشّركة على حافة الانهيار، فقد كان مؤسّسوها وقتها محتارين في السّبب الّذي يجعل النّاس غير مهتمّين بعقارات الشّركة المعروضة للإيجار، وأدركوا أخيرًا أنّ عروضهم تحتاج إلى تصوير احترافي عالي الجودة، عوض صور الهاتف الّتي كانوا يعتمدون عليها في الإعلانات، وباستخدام التّفكير التّصميمي، سافر المؤسّسون إلى العقارات مع كاميرا مستأجرة، لالتقاط صور جديدة، ونتيجة لهذا، تضاعف المدخول الأسبوعي، وبالطّبع لا يمكن أن يدوم هذا الحلّ طويلا، لكنّه جلب المدخول الّذي احتاجه المؤسّسون لفهم مشكلتهم، فقد ثبت فيما بعد أنّ هذه المقاربة في حلّ مشكلة معقّدة، كانت نقطة تحوّل في تاريخ الشّركة. ويغلب على المتمكّنين من التّفكير التّصميمي خصائص الإبداع، والابتكار، والاختراع، عندما يسعون في حلّ أنواع مختلفة من المشاكل، خذ مثلًا: ديفيا ناج، رائدة الابتكار في مجالي الأدوات الطبيّة، والتّقنية الحيويّة، المولودة في الألفيّة الجديدة، والّتي أنشأت شركةً بعد اكتشافها طريقة إبداعيّة لإطالة عمر الخلايا البشريّة في صحون بيتري، فقد كانت خلفيّتها البحثية في الخلايا النخاعيّة، وخبرتها الرّياديّة في شركتها للاستثمارات الطبيّة، جعلاها خيارًا مثاليًّا لشركة آبل، الّتي وظّفتها للإشراف على برنامجين موجّهين لتطوير تطبيقات متعلّقة بالصّحّة، وقد بلغت ناج هذه المكانة قبل بلوغها سنّ الرّابعة والعشرين. ويمكن لخصائص الإبداع، والابتكار، والاختراع، وريادة الأعمال أن تكون مرتبطة معًا. ويمكن لشخص واحد امتلاكها جميعًا إلى درجة ما، كما يمكنك تطوير مهارات الإبداع، وحسّ الابتكار، والاختراع بطرائق شتّى، وسنناقش في هذه الجزئيّة كلًّا من المصطلحات المفتاحيّة، وكيفية ارتباطها بالرّوح الرّياديّة. الإبداع لا يختلف الإبداع الرّيادي عن الإبداع الفنيّ كثيرًا، إذ يمكنك العثور على الإلهام في كتبك المفضّلة، أو رسوماتك، تمامًا كما يمكنك الاستلهام من خدمات، ومنتجات موجودة، يمكنك -أيضًا- العثور على الإلهام الإبداعي في الطّبيعة، وفي الحوارات مع عقول مبدعة أخرى، وعبر تمارين توليد الأفكار الرّسميّة؛ كالعصف الذّهني، فتوليد الأفكار هو العمليّة الهادفة إلى فتح ذهنك لمجالات أفكار جديدة تتشعّب في كلّ الاتّجاهات، انطلاقًا من مشكلة، أو غرض محدّد، أمّا العصف الذّهني؛ فهو توليد الأفكار في محيط خالٍ من الأحكام، والمعارضات، بهدف الخروج بحلول، وهو واحدة من طرائق عديدة في توليد الأفكار الجديدة. ويمكنك الاستفادة من تخصيص وقت لتوليد الأفكار، فهذه العمليّة تتيح لعقلك الانطلاق بحريّة، بينما تفكّر في مشكلة، أو قضيّة من مختلف النّواحي، وهي جزء ضروريّ من توليد الأفكار، فهذه الأخيرة تستغرق وقتًا، وجهدًا طوعيًّا، لتجاوز أنماط التّفكير الاعتياديّة؛ لذا، إذا خصّصت على الدّوام وقتًا للإبداع، فإنّك ستوسّع آفاقك الذّهنيّة، وتسمح لنفسك بالتغيّر والنموّ. يعمل روّاد الأعمال بطريقتي تفكير اثنتين: التّفكير الخطيّ، أو العموديّ: وهو عمليّة منطقيّة، تتبع فيه الخطوة أختها. التّفكير الجانبيّ: وهو التّفكير الإبداعي الّذي يتميّز بالحريّة، والانفتاح، حين يتجاهل المرء عمدًا أنماط، ومنطقيّات التّفكير، أو يتحدّاها. إذا تجاهلت المنطق، فكلّ شيء يصبح ممكنا، فالتّفكير الخطّي ضروريّ لتحويل فكرتك إلى شركة؛ أمّا التّفكير الجانبيّ؛ فهو ما يسمح لك باستخدام إبداعك لحلّ المشاكل الّتي تواجهك. والشّكل(5.4) يلخّص التّفكيرين. الشّكل 5.4: تزيد فاعلية رواد الأعمال إذا استخدموا التّفكيرين الجانبيّ، والخطيّ. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0) من الممكن بالتّأكيد أن تكون رائد أعمال يركّز على التّفكير الخطيّ؛ كمشاريع التّجارة، التي تنبع مباشرة، وبمنطقيّة من خدمات، ومنتجات متوفّرة، ولكن، لأسباب عديدة، ترى التّركيز على التّفكير الجانبي، والإبداعي في كثير من دراسات ريادة الأعمال الحديثة، ومن تلك الأسباب: المنافسة العالميّة، وسرعة التغيّر التّقني، وتعقيد أنظمة التّواصل، والتّبادل التّجاري. كما تساعد تلك العوامل على شرح التّركيز الواضح على الإبداع في الدوائر الرّيادية، وكذا على إيضاح ضرورة ذلك التّركيز. إن مطّوري المنتجات في قرننا الحادي والعشرين، مطالبون بأكثر من مجرّد دفع المنتجات خطوة نحو الأمام، في مسار مخطّط له، بل يفترض بالجيل الجديد من روّاد الأعمال أن يكونوا مجدّدي مسارات في المنتجات، والخدمات، والعمليّات الجديدة. تتعدد أمثلة الإبداع من حولنا تعددًا واضحًا، فقد يأتي في صورة الفنّ الجميل، أو الكتابة، أو الرّسومات الجداريّة، أو مقاطع الفيديو الشّهيرة، أو في المنتجات الجديدة، ومثلها الخدمات، والأفكار، والعمليّات، فالإبداع -في ممارسته- موضوع واسع جدًّا، إنه حولنا كلّما حاول الإنسان، وأينما حاول حلّ مشكلة صغيرة كانت، أم كبيرة، عمليّة، أم غير عمليّة. الابتكار عرّفنا الابتكار -سابقًا- بأنّه تغيير يضيف قيمة إلى منتج، أو خدمة متوفّرين، حسب الكاتب، والمفكّر الإداريّ بيتر دراكر: فالنّقطة الأهمّ في الابتكار؛ هي كونه ردًّا على نوعين من التّغيير، أحدهما من داخل الأسواق، والآخر من خارجها، بالنّسبة لدراكر، تبرز نفسيّة ريادة الأعمال التقليدية (الكلاسيكيّة) الطّبيعة الغرضيّة للابتكار حيث يمكن للشّركات التّجاريّة، وباقي المنظّمات، التّخطيط للابتكار بتطبيق إحدى طريقتي التّفكير: الجانبيّ أو العموديّ، أو كليهما معًا، وبعبارة أخرى، ليس كلّ ابتكار إبداعًا بحتًا، فإذا أرادت شركة ما ابتكارًا في منتج حاليّ، فإنّ ما يهمّها هو نجاح الابتكار بغضّ النّظر عن مستوى الإبداع فيه، وقد لخّص دراكر مصادر الابتكار في سبع فئات، نوضّحها في الجدول (3.4)، حيث يمكن للشّركات، والأشخاص، الابتكار سعيًا وراء تطوير تغييرات داخل الأسواق، أو بالتّركيز على الإبداع، وحصده، لذا فإنّ على الأشخاص، والشّركات ترقّب فرص الابتكار. مصادر الابتكار السّبعة لدراكر المصدر الوصف المصدر الفجائي / غير المتوقّع البحث عن فرص جديدة في السّوق. الأداء غير المتوقّع للمنتج. منتجات جديدة غير متوقّعة. التّناقض التّعارض بين ما ينبغي أن يكون، وبين الواقع. احتياجات العمليّة نقاط الضّعف في المنظّمة، أو المنتج، أو الخدمة. التّغييرات في الصّناعة/السّوق قوانين، وتنظيمات جديدة. تقنيات جديدة. العوامل السكانيّة فهم احتياجات، ورغبات الأسواق المستهدفة. تغيّرات التصوّر تغيّرات في تصوّرات القيم، وأحداث الحياة. المعرفة الجديدة تقنيات جديدة. تطوّرات في التّفكير. بحوث جديدة. الجدول (3.4) تعد أكشاك الدّفع في مطاعم الأكل السّريع، إحدى ابتكارات دراكر العديدة، فقدكانت ماكدونالدز من أوائل من استخدموا تلك الأكشاك، فالشّركة تاريخيًّا تركّز على الفاعليّة (استغلال القليل لفعل الكثير، والأفضل)؛ لذا، واستجابةً للتغيّرات في السّوق، والفئة السكّانية المستهدفة، والحاجة العمليّة؛ فقد دمجت ماكدونالدز أكشاك الدّفع الذّاتي في محلاّتها، وبهذا لبّت حاجة الأجيال الأحدث سنّا في التّعاطي بشكل أفضل مع التّقنيات الحديثة، كما قدّمت -في الغالب- خدمة أسرع للمستهلكين. ويركّز خبير الابتكار توني أولويك على فهم كيفية حكم الزّبون، و يقيّمه لجودة، وقيمة المنتج، وبهذا تعتمد عمليّة تطوير المنتج على مقاييس الزّبون في تقييمه له، ويمكن -أيضًا- للابتكار أن يستجيب لتلك المقاييس، ويطوّر المنتج الأنسب لحاجات الزّبائن، حين يدخل السّوق، وهذه العمليّة شبيهة جدًّا بزعم دراكر، أنّ الابتكار إنّما يأتي ردًّا على التّغييرات داخل، وخارج السّوق، ويصرّ أولويك على أنّ التركيز على الزّبون ينبغي أن يبدأ باكرًا في عمليّة التّطوير. الابتكار التّخريبي عمليّة تؤثّر تأثيرًا كبيرًا على السّوق، بجعلها المنتج، أو الخدمة، أكثر، وأسهل توفّرًا (بتخفيض الأسعار). فقد ابتدع كلاي كريستنسن من جامعة هارفرد هذا المصطلح سنة 1990 للتّركيز على الطّبيعة العمليّاتيّة للابتكار، فالمكوّن الابتكاري بالنّسبة لكريستنسن ليس المنتج، أو الخدمة في حدّ ذاتهما، بل في العمليّة الّتي تجعلهما متاحين لفئة أكبر من المستهلكين، وقد نشر مذّاك كثيرًا حول موضوع الابتكار التّخريبيّ، مركّزين على لاعبين أصغر في السوق، لقد نظّر كريستنسن بأنّ الابتكار التّخريبي من شركة أصغر، يمكنه تهديد شركة تجاريّة أكبر، حين تنجح في خطف جزء من السّوق، ومن أمثلة هذا الابتكار التّخريبي نذكر Uber، وأثرها على صناعة سياقة التّاكسي، فخدمة Uber المبتكرة الّتي تستهدف الزّبائن الّذين يستعملون التّاكسي، غيّرت شكل الصّناعة كلّها، بتقديمها عرضًا مغايرًا، يراه البعض أفضل من خدمة التّاكسي التّقليديّة. يعد البحثُ عن نقاط الألم، خاصّة في المنتجات الّتي تفشل في تحقيق تطلّعات المستخدمين، من مفاتيح الابتكار في أيّ سوق، فنقطة الألم مشكلة يمتلكها النّاس في استخدامهم منتجًا أو خدمة، حيث يمكن حلّها بإنشاء نسخة معدّلة تحلّها بفاعليّة. فعلى سبيل المثال: ربّما تكون مهتمّا بمعرفة ما إذا احتوى متجر محليّ منتجًا ما، دون الحاجة إلى زيارته، لذا فأغلب المتاجر تقدّم الآن خدمة على مواقعها الإلكترونيّة، تمكّنك من تصفّح منتجاتها المتوفّرة -وعددها- في أيّ من محلّاتها، فهذا يقضي على مشكلة تضييع الجهد، والوقت، والمال، لزيارة محلّ، ولتكتشف بعدها أنّه لا يعرض منتجك المفضّل، حين تحدّد شركة ما نقطة ألم في منتجها، أو منتج منافس لها، فبإمكانها استغلال الإبداع للبحث عن حلول، وتجربتها للتخلّص من نقطة الألم تلك، ممّا يجعل ابتكارها قابلًا للتّسويق، فهذا مثال واحد عن الابتكار التّدريجي، حيث تُدخل تعديلًا على منتج، أو خدمة متوفّرة. وعلى العكس من ذلك، يعتمد الابتكار الرّائد على تقنية جديدة، أو تطوّر جديد في المجال، أو تطوّر في مجال مرتبط بمجال المنتج، يؤدّي إلى تطوير منتج جديد، كما يمكن للشّركات الّتي تقدّم منتجات متشابهة، أن تخوض الابتكار الرّائد، لكنّ ريادة المنتج الجديدة تحتاج إلى فتح سوق جديدة، وخوض مخاطر كبيرة. رائد أعمال في الميدان الابتكار الرائد في مجال العناية بالذّات قدّم بنجامين ستيرن في حصّة العلوم الحيّة في سنته الدّراسيّة التّاسعة، فكرةً لتغيير صناعة العناية بالذّات، فقد تصوّر منتجات عناية بالذّات (صابون، غسول، إلخ) لا تحتوي على كبريتات، ولا على مواد كيميائيّة، ولا تنتج نفايات بلاستيكيّة، فطوّر بعدها Nohbo Drops وهي منتجات تنظيف ذات استخدام واحد، مع تعليب يذوب في الماء، لقد استدان ستيرن المال من عائلته، وأصدقائه، مع بعض من أمواله الجامعيّة، ليوظّف كيميائيًّا في تطوير المنتج، ثمّ قدّم فكرته في برنامج Shark Tank الأمريكيّ سنة 2016، ونجح في الحصول على دعم المستثمر Mark Cuban، فقد جمع ستيرن فريقًا بحثيًّا لتحسين المنتج، والحصول على براءة اختراع (الشّكل 6.4)، ومنتجاته متوفّرة الآن على موقع شركته. الشّكل 6.4 جزء من طلب براءة الاختراع لمنتجات Nobho drops (حفظ الحقوق: تعديل على “US Patent US20170014313A1”من Nobho LLC/Google Patents، مشاع) هل الابتكار الرّائد اختراع؟ تأتي الشّركة بابتكار رائد حين تصنع منتجًا، أو تقدّم خدمة، بناء على شيء موجود سلفًا، فلعبة Pkémon GO مثال ممتاز عن الابتكار الرّائد، فقد كانت شركة نينتندو تصارع لمسايرة نسق الشركات الأخرى، لهذا، وحفاظًا على نموذج أعمالها المرتبط بالألعاب الإلكترونيّة، فقد جاءت بتوجّه جديد لصناعة الألعاب. Pokémon GO معروفة عالميًّا، وهي من أنجح ألعاب الهاتف،إن اكتشاف أي توجّه جديد، يحتاج إلى الإبداع، ولكن لن يأتي كلّ ابتكار رائد بالضّرورة بمنتج، أو إمكانيّة جديدة للزّبائن، والعملاء. يفحص رواد الأعمال -عادة- منتجات، وخدمات شركاتهم في إطار سعيهم لتطوير ابتكار جديد، ويستطلعون التّقنيات الجديدة الّتي تدخل سوق اهتمامهم، والأسواق المرتبطة به، كما يراقبون البحوث، والتطوّرات في الجامعات، والشّركات الأخرى، ويعتمدون التطوّرات الجديدة الّتي تناسب أحد الشّرطين: ابتكار ما يناسب سوقًا موجودة، أفضل من أيّ منتجات، أو خدمات متوفّرة. ابتكار يناسب سوقًا لم تستغلّ كما يجب بعد. من أمثلة الابتكار التّدريجي، نذكر صناديق القمامة في مطاعم الوجبات السّريعة، فلسنوات طويلة، كانت حاويات النّفايات في مطاعم الأكل السّريع مخفيّة في صناديق خلف أبواب متحرّكة، وقد أدّت مهمّة واحدة بنجاح: إخفاء القمامة عن الأنظار، لكنّها أنشأت مشاكل أخرى، غالبًا ما تعلق النّفايات بالأبواب المتحرّكة، وتلك بالتّأكيد نقطة ألم؛ لهذا جاءت صناديق النّفايات الجديدة مع فتحات من الأعلى، والأمام؛ لتمكين النّاس من التخلّص من نفاياتهم تخلصًا أفضل، صحيح أنّ هذا أتاح إمكانية انتشار رائحة بقايا الطّعام، ولكن إذا قامت المطاعم بتغيير الأكياس دوريًّا، كما يجب، فإنّ هذا الابتكار ناجع، وربّما لا يخطر ببالك شيء كهذا، حين تدخل مطعمًا سريعًا، لكنّ التّغييرات الطّفيفة مهمة -أيضا- خاصّة إذا كان سوقها واسعًا. الاختراع الاختراع قفزة في الإمكانيّة تفوق الابتكار، ذلك أن بعض الاختراعات تجمع ابتكارات عدّة لخلق شيء جديد، ويحتاج الاختراع بالطّبع إلى الإبداع، لكنّه يتجاوز الخروج بأفكار جديد، أو تركيبات أفكار، أو تغييرات على موضوع ما، فالمخترعون يصنعون، ولا يكتفون بالفكرة، وحدها، ذلك أن تطوير شيء ينظر إليه المستخدمون، والعملاء على أنّه اختراع، يمكن أن يكون مهمّا لروّاد الأعمال، لأنّ النّظر إلى منتج على أنّه فريد يمكنه فتح أسواق جديدة، كما أن المقدرة الفعليّة على الاختراع؛ إنّما تظهر في السّوق، ويمكنها المساعدة في بناء سمعة قيّمة، وتثبيت مكانتها في السّوق إذا تمكّنت الشّركة من بناء سياق مستقبليّ التوجّه حول اختراعها. وبالإضافة إلى تثبيت مكانتها في السّوق، يمكن أن يحمل الاختراع الفعليّ تأثيرًا اجتماعيّا، وثقافيّا، فعلى المستوى الاجتماعي، يمكن أن يؤثّر الاختراع الجديد على طرائق عمل المؤسّسات، فاختراع الحوسبة المكتبيّة مثلًا، وضع المحاسبة، ومعالجة النّصوص بين أيدي كلّ عامل مكتبي تقريبًا، وتسلّلت آثار ذلك إلى أنظمة المدارس الّتي تعلّم، وتدرّب القوّة العاملة للشّركات، وبعد فترة قصيرة، صار متوقّعا من الموظّفين كتابة التّقارير، وتشكيل التوقّعات الماليّة، وتقديم عروض مقنعة، لقد بات التخصّص، أو على الأقلّ الجوانب المتخصّصة من عمل ما، مثل تفريغ النّصوص، والمحاسبة، وكاتب الشّركات، صارت ضروريّة لكلّ راغب للعمل في نظام الشّركات، وغدا التّدرّب على استخدام البرامج ضروريًّا في الجامعات، وبعدها الثّانويّات، لكلّ أنواع المهارات، وقد أضافت هذه القدرات الزّائدة إمكانات ربح ونجاعة، لكنّها رفعت -أيضا- من متطلّبات العمل المهنيّ المتوسّط. يحتوي بعض أشهر الاختراعات على مزيج من المألوفيّة، والابتكار صعب التّحقيق، وبفضل هذا المزيج، يمكن تسريع وتيرة تعوّد النّاس على الاختراعات، وذلك راجع إلى إيلافهم للمفهوم، أو بعض جوانبه على الأقلّ، سواء كان منتجًا، أو خدمة، وإليك مثلًا الهاتف المرئيّ، وهو مفهوم بدأ العمل عليه منذ أواخر القرن التّاسع عشر، وطوّرته شركة AT&T خلال عشرينات القرن الماضي، لكنّ الاختراع لم يُعتمد بسبب نقص الاعتياد على فكرة رؤية شخص على الشّاشة، ومحادثتهم سماعًا وردّا، ومن العوامل الأخرى لفشله، نجد الحدود الاجتماعيّة، وحجم الجهاز، وتكلفته، ولم تنجح فكرة الجهاز حتّى بدايات القرن الحادي والعشرين. ماذا يمكنك أن تفعل؟ هل اخترع هنري فورد خطّ التّجميع؟ قليل جدّا من المنتجات، أو العمليّات، تكون حقًّا فكرة جديدة تمامًا، فأغلب المنتجات الجديدة تكون تعديلات، أو تطبيقات جديدة لمنتجات متوفّرة، مع اختلاف في التّصميم، أو الأداء، أو المحموليّة، أو الاستخدام، وعادة ما يُنسب فضل اختراع خطّ التّجميع المتحرّك إلى هنري فورد سنة 1913 (الشكل 7.4 أ). ولكن قبله بحوالي 800 سنة، كانت السّفن الخشبيّة تبنى بأعداد كبيرة في مدينة البندقيّة شمال إيطاليا، باعتماد نظام أشبه بخطّ التّجميع الحديث، حيث كانت مختلف المكوّنات من حبال، وأشرعة، وما إلى ذلك، تُصنع في مناطق مختلفة من مخزن البندقيّة (venitian Arsenal)، وهو موقع بناء ضخم، ومعقّد، يحاذي إحدى قنوات البندقيّة المائيّة، ثمّ كانت الأجزاء تُرسل إلى نقاط تجميع محدّدة (الشّكل 7.4 ب)، وبعد كلّ مرحلة من البناء، كانت السّفن تطفو إلى نقطة التّجميع التّالية، حيث ينتظرها مجموعة من العمّال، ومزيد من الأجزاء، كما كان يتم تحريك السّفن عبر القناة، وتجميعها على مراحل، مع سرعة البناء، وفاعليّته لوقت طويل، وذلك قبل الثّورة الصّناعة، فكان الـ Arsenal ينتج سفينة كاملة التّجهيز يوميًّا، وقد كان نظامًا ناجحًا لدرجة أنّه بقي يُستعمل من القرن الثّالث عشر إلى حوالي 1800 للميلاد. لم يخترع هنري فورد شيئًا جديدًا، وإنّما طبّق عمليّةً عمرها 800 سنة، وبدل بناء سفن خشبيّة باليد عبر قناة مائيّة، بنى سيّارات معدنيّة باليد على حزام متحرّك. (الشّكل 7.4). الشكل 7.4: أ) عمّال يجمّعون أجزاء السيّارات في خطّ تجميع أولّى في شركة فورد. ب) مخزن البندقية The Venitian Arsenal كان من أوائل "خطوط التّجميع" حيث يمكن للعمّال بناء سفينة متكاملة في يوم واحد. حفظ الحقوق: (أ): تعديل "Ford assembly line - 1913" بواسطة Hohum / Wikemedia Commons، مشاع؛ (ب): تعديل "venice-arsenal-italy بواسطة "irenetriches1"/Pixaby, CC0 إن فرص جلب منتجات، وعمليّات جديدة إلى السّوق، تمرّ أمامنا يوميًّا، والمفتاح يكمن في القدرة على تمييزها، واستغلالها، وعلى المنوال ذاته، فإنّ الأفراد الّذين تحتاجهم لمساعدتك على النّجاح، ربّما يكونون أمامك، على نحو دائم، والمفتاح هو القدرة على تمييزهم، والاتصال بهم، تمامًا كما كانت تلك السّفن، ومن بعدها السيّارات تسير على خطّ تجميع، إلى أن تجهز لتوضع في الخدمة، فكّر في السّير عبر خطّ "من أعرف" حتّى تحصل في آخر المطاف على عمل تجاريّ ثابت، وناجح. من الصعوبة بمكان، التخطيط لعملّية الاختراع، إذ لا يتّبع جميع المخترعين، ولا الاختراعات، المسار ذاته، وعادة ما يكون مسارًا ذا اتّجاهات عديدة، يشمل أناسًا أكثر من المخترع، وحده، ويحتاج كثيرًا من مراحل إعادة البدء، ولذا يطوّر المخترعون، وفرقهم، عمليّاتهم الخاصّة أثناء تطويرهم منتجاتهم، ومجال عمل المخترع يؤثّر كثيرًا على أنماط، ووتيرة الاختراع، وإليك مثلًا على ذلك: إيلون ماسك الرّائد المشهور صاحب 4 شركات بليونيّة، مختلفة، حيث تختلف عمليّات تطوير شركاته بايبال، وSolar City، و SpaceX، وTesla اختلافًا كبيرًا، لكنّه يوضّح عمليّة اتّخاذ القرارات في ستّ خطوات: (الشّكل 8.4) اطرح سؤالا. اجمع أقصى ما يمكنك من الأدلّة حوله. طوّر البدهيّات بناء على الأدلّة، وحاول تعيين احتماليّة صدق كلّ منها. اخرج باستنتاج لمحاولة تحديد: هل هذه البدهيّات صحيحة؟ وهل هي مهمّة؟ وهل تؤدّي بالضّرورة إلى هذا الاستنتاج؟ وبأيّ احتمال؟ حاول دحض الاستنتاج، واطلب مساعدة الآخرين لنفيه ولتكسر استنتاجك. إذا لم يقوّض أحد استنتاجك، فأنت في الغالب مصيب، لكنّك لست كذلك بالضّرورة. بعبارة أخرى، الثّابت الدّافع في عمليّة قرارات إيلون ماسك هو المنهجيّة العمليّة، وهذه المنهجيّة المرتبطة -عادة- بالعلوم الطّبيعيّة، توضّح عملية اكتشاف إجابة لسؤال، أو مشكلة. إن "المنهجيّة العمليّة تنظيم منطقي للخطوات الّتي يستخدمها العلماء، للخروج باستنتاجات حول العالم من حولنا". وتتّفق خطوات المنهجيّة العمليّة، مع خطوات إيلون ماسك في عمليّة اتّخاذ قراراته، لذا، فاعتمادها في الابتكار، والاختراع منطقيّ، كما أن استخدام هذه المنهجيّة، يتضمّن الوعي بوجود مشكلة، ثمّ جمع المعلومات عنها بالملاحظة، والاختبار، والإتيان باقتراحات لكيفيّة حلّها. الشّكل 8.4 تتبع عمليّة اتّخاذ القرار الخاصّة بإيلون ماسك. حلقة من الخطوات المشابهة للمنهجيّة العلميّة. (حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0) يجادل الاقتصاديّون بأنّ عمليّات الاختراع يمكن شرحها بالقوى الاقتصاديّة، لكنّ الوضع لم يكن هكذا دائمًا، فقبل سنة 1940، لم تركّز القوى الاقتصاديّة على الاختراعات، أمّا بعد الحرب العالميّة الثّانية، فكان لا بدّ من إعادة بناء الاقتصاد العالمي، في عالم يعيد بناء نفسه، حيث كانت التّقنيات الجديدة تتطوّر بسرعة، كما ارتفعت وتيرة استثمارات البحوث والتّطوير، فقد انتبه المخترعون، والاقتصاديّون -على حدّ سواء- إلى طلب الزّبائن، وأدركوا أنّه يمكنهم التّأثير في نوع الاختراعات الّتي ستنجح في أيّ وقت، ولكنّ المخترعين يصارعون دومًا منحنى يضطرّهم إلى الانتظار لتبنّي السّوق لاختراعاتهم. انتشر منحنى روجرز للتبنّي عبر أبحاث، ومنشورات العالم، والكاتب، إيفرت روجرز، وقد استخدمه أوّلا لوصف كيفيّة انتشار الابتكارات الزّراعية، أو فشل انتشارها في المجتمع، ثمّ عمّ استخدامه ليشمل كلّ الاختراعات، والابتكارات، ويوضّح هذا المنحنى انتشار الابتكار، ومتى يتبنّاه بعض النّاس، فيأتي أوّلا سؤال: من يتبنّى الاختراعات، والابتكارات في المجتمع؟ والمجموعات الأساسيّة هي المبتكرون، فالمتبنّون الأوائل، ثمّ غالبيّة المتبنّين الأوائل، والمتأخّرين، ثمّ المتخاذلون (Laggards، وهو لفظ اختاره روجرز نفسه)، فالمبتكرون هم المستعدّون للمخاطرة باستخدام منتج جديد، وهم المستخدمون الّذين يريدون تجربته أوّلا، أمّأ المتبنّون الأوائل، فهم المستهلكون الّذين يتبنّون التّقنيات الجديدة، بمعلومات قليلة، أو منعدمة. وغالبيّة المتبنين هم الّذين يستعملون المنتج بعد أن يقبله الغالبيّة. وأخيرًا، يأتي المتخاذلون؛ وهم الّذين لا يُبدون استعدادًا لاستعمال منتج جديد، وإقناعهم باستعمال اختراع جديد، أصعب من إقناع غيرهم. طريقة روجرز الثّانية في النّظر إلى هذا المفهوم، هي الانطلاق من وجهة نظر الاختراع ذاته، إذ يتبنّاه جمهور ما جزئيّا، أو كليّا، أو يرفضونه، فإذا استهدف منتج الجمهور الخاطئ، أو الجزء الخاطئ من الجمهور، فإنّ هذا يمكنه إيذاء فرص تبنّيه إيذاء كبيرًا، وتأتي غالبًا نقطة التبنّي الأهمّ، في نهاية مرحلة التبنّي الأولّي، وقبل أن تتدخّل الغالبيّة لقبول، أو رفض انتشار الاختراع، ويسمّى هذا فجوة الانتشار (Diffusion Chasm) . ومع أنّ هذه العمليّة تسمّى عادة انتشار الابتكارات، إلاّ أنّها تنطبق تمامًا على الاختراعات الجديدة حسب تعريفنا لها. الشّكل 9.4 يُظهِرُ منحنى الانتشار دورة حياة التبنّي وفق أبحاث إيفرت روجرز، تحدوث فجوة الانتشار خلال التبنّي المبكّر. (حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0) يفصّل منحنى الانتشار عمليّة اجتماعيّة تعطي القيمة للاختراع، أو تنزعها عنه، لتحدّد ما إذا كان يستحقّ ثمنه، فالمتبنّون الأوائل يدفعون أكثر من أولئك الّذين ينتظرون، ولكن إذا بدا أنّ للاختراع فائدة اجتماعيّة، عمليّة، وثقافيّة، فإنّه بالإضافة إلى شعبيّته، وتسويقه، وجمهوره؛ يمكن أن يدفعوه لتجاوز فجوة الانتشار، وبمجرّد أن تتبنّاه الأغلبيّة بأعداد كبيرة، يمكننا توقّع أن يتبنّاه الباقون، وعند تبنّي الأغلبيّة اللاّحقة، والمتخاذلين لابتكار ما، فإنّ حداثته تكون قد مرّت، لكنّ فوائده العمليّة تبقى موجودة. يحاول المخترعون دومًا تجاوز فجوة الانتشار، ومع منتجات عدّة في الوقت ذاته أحيانا، فتجاوزها مصدر قلق دائم للمخترعين ذوي التّركيز التّجاري، أو الإنتاجي، فهم يستثمرون كثيرًا من مواردهم في اختراعاتهم خلال مرحلتي الابتكار، والتبنّي المبكّر، ولا تعود عليهم اختراعاتهم بالفائدة، ولا على المستثمرين، إلاّ بعد دخولهم مرحلة الغالبيّة المبكّرة من مراحل التبنّي، ونرى بعض المخترعين الرّاضين عن العمل، لأجل الاكتشاف العام، لكنّ الغالبيّة منهم في مجتمعنا اليوم، وسياق ثقافتنا الاستهلاكيّة، إنّما يطوّرون المنتجات، والخدمات للتّسويق. من عيوب نموذج الانتشار، أنّّه يعامل الابتكارات، والاختراعات، على أنّها جاهزة، ومكتملة، والواقع أنّ أغلبها غير ذلك تمامًا. فليست كلّ الاختراعات منتجات مكتملة جاهزة للسّوق، ولذا نجد انتشارًا للتّطوير التّكراري، خاصّة في المجالات ذات التّعقيد العالي، والمشاريع الموجّهة للخدمات، وفي عمليّة التّطوير التّكراري يتعامل المبتكرون، والمخترعون مع المستهلكين، على نحو متواصل، لتطوير منتجاتهم، وقاعدة زبائنهم على حدّ سواء، وهذا النّموذج من تعلّم الأعمال، المعروف -أيضا- بعلم تنمية العملاء ضروريّ للغاية، ويتضمّن تعلّمُ الأعمال اختبار توافق المنتج مع السّوق، وإجراء التّعديلات على الابتكار، أو الاختراع مرّة تلو الأخرى، إلى أن ينجح المنتج، أو ينفد التّمويل، وربّما خير طريقة لتلخيص هذا المفهوم، هي القول بأنّ أغلب الاختراعات هي احتمالات نجاح، أو فشل، يحصل القليل منها على فرصة محاولة تجاوز فجوة الانتشار، وحين يتّبع المبتكرون نموذج البناء، فالقياس، فالتعلّم، فهم يحاولون شقّ طريقهم عبر فجوة الانتشار، بدل تحقيق قفزة ثقة. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } جد الحل آلات الحلاقة انت آلة الحلاقة الآمنة ابتكارًا عدّل الآلة المستقيمة، فاستُخدمت موسى (شفرات) جديدة، وصغيرة بما يكفي لتناسب داخل الكبسولة، كما تغيّر موقع، ونوع المقبض، ليناسب مكانه بالنّسبة إلى الموسى (الشّكل 10.4). وأغلب الآلات الحديثة هي ابتكارات على الآلة الآمنة، سواء حملت شفرتين، أو ثلاثًا، أو أربعًا، أو أكثر، وتطوّرت طريقة تغيير موسى آلة الحلاقة مع كلّ ابتكار، لكنّ التّصاميم، والوظيفة تبقى متشابهة. آلة الحلاقة الكهربائيّة اختراع مرتبط، إذ لا تزال تستخدم الموسى لحلق الشّعر عن الوجه، والجسم، لكنّ الموسى مخفيّة تحت رقاقة، أو مجموعة رقائق، تخترق الشّعرة الرّقاقة حين ضغط الآلة على الجلد، وتتكفّل الشّفرات المتحرّكة في كلّ الاتّجاهات بقصّها، وعلى الرغم من أن آلات الحلاقة الكهربائية تستخدم الموسى كنظيرتها آلات الحلاقة الآلية، إلا أن التصميم الجديد، والتقنيات المضافة، جعلا الموسى الكهربائية اختراعًا قدم شيئًا جديدًا في عالم الحلاقة، عندما فاز جاكوب شيك ببراءة اختراعٍ لآلة الحلاقة في عام 1930، ولا تزال هناك ابتكارات أخرى في هذا المجال، مثل آلات محدّدة الجنس، ومشذّبات اللّحية، ومؤخّرا النّوادي الإلكترونيّة مثل Dollar Shave Club و Harry's Shave Club. الشّكل 10.4 أ) لا تزال آلة الحلاقة المستقيمة قيد الاستعمال، لكنّ ابتكارات حديثة زادتها شعبية. ب) آلة الحلاقة الآمنة، ابتكار طوّر آلة الحلاقة المستقيمة. ج) آلة الحلاقة الكهربائيّة ابتكار مرتبط بآلة الحلاقة الآمنة. حفظ الحقوق: أ) تعديل على "barber-beard-razor-shaving" بواسطة jackman34/Pixaby, CC0 ب) تعديل على "Safety Razor vs Cartridge Razor" بواسطة Tools of Men/Creative Commons, CC BY 2.0 ج) تعديل على "Philips 8290 shaver unboxing" بواسطة renaissancechambara/Creative Commons, CC BY 2.0 تفكّر في اختلاف المفاهيم بين الابتكار، والاختراع. هل آلة الحلاقة الآمنة ابتكار رياديّ، أم جذري؟ وما الّذي يجعل آلة الحلاقة الكهربائيّة اختراعًا حسب تعريفنا له هنا؟ وما الّذي يجعلها تتميّز كقفزة نوعيّة مختلفة عن سابقاتها من الآلات؟ وهل تعتقد أنّها شيء مضمون؟ لماذا نعم؟ ولم لا؟ تفكّر في توفّر الكهرباء حين بدأ تصنيع الآلات الكهربائيّة. لماذا تعتقد أنّ آلات الحلاقة الكهربائيّة تجاوزت فجوة الانتشار بين المتبنّين المبكّرين، والمتبنّين الغالبيّة المبكّرين؟ هل تعتقد أنّها اختراع تكراريّ، مع تعديلات طفيفة استجابة لتفضيلات العملاء؟ أم أنّها تطوّرت في سلسلة من اختراعات الصّندوق الأسود، مع انتشار، أو عدم انتشار كلّ منها؟ ترجمة -وبتصرف- للفصل (Creativity, Innovation, and Invention) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: تطوير ثقافة محيط عمل مسؤولة وذات امتياز أخلاقي المقال السابق: أدوات الإبداع والابتكار التي يستعملها رواد الأعمال في حل المشكلات
  4. الإبداع، والابتكار، والاختراع، كلّها مفاهيم رئيسة في رحلة ريادة الأعمال، ذلك أن اهتمامك بالإبداع، والابتكار، سيضيف أداتين ضروريّتين في ريادة الأعمال، وستتعلّم في هذا الباب من سلسلة مقالات ريادة الأعمال بعض الأدوات المفيدة الّتي تدعم جهودك في الإنشاء، والابتكار، ثمّ سنعرّف الإبداع، والابتكار، والاختراع، ونفرّق بينها، كما نفصّل في الفرق بين الرّيادة، وبين الابتكار التّدريجيّ، وأخيرًا، سنغطّي نماذج، وعمليّات، لتطوير الإبداع، والابتكار، والاختراع. إنّ العلوم، والدّراسات، والممارسات المتعلّقة بالإبداع والتّفكير التّصميمي، في تطوّر مستمرّ؛ لذا فتتبّع المناهج الموثّقة، المحدّثة، والنّاجحة، يعطيك تفوّقًا وامتيازًا تنافسيّا، وربّما يذكّرك بأنّ ريادة الأعمال يمكن أن تكون ممتعة، ومحمّسة، طالما حافظت على روحك الإبداعيّة حيّة، ودائمة النّشاط. أما في هذا المقال، فسنتعرف على كل من الإبداع والابتكار، أدواتهما، وأهم الطرق الإبداعية لحل المشكلات. طرائق إبداعية في حل المشاكل يمكن أن يأتي التّفكير الإبداعي على أشكال مختلفة (الشّكل 2.4). ونركّز هنا على بعض تمارين التّفكير الإبداعي؛ الّتي أثبتت نجاعتها في ريادة الأعمال، وبعد مناقشة ممارساتٍ يمكنك تجريبها لتوليد الأفكار، وسنختم بنقاش حول تمرين ابتكاري عميق، يمكن أن يساعدك على تطوير عادة تحويل الأفكار الإبداعيّة، إلى منتجات، وخدمات مبتكَرة. وسوف نناقش هنا ثلاث ممارسات تفكيريّة، ونقدّم ممارسات كثيرة أخرى في روابط في القسم المخصّص لها؛ فأمّا أوّل ممارسة تفكيريّة، فتأتي من مدرسة ستانفورد للتّصميم، والهدف منها هو توليد أكبر قدر ممكن من الأفكار، ثمّ البدء بتطوير بعضها، وهذه ممارسة التّفكير التّصميمي الجوهريّة، أو تمرين التّفكير التّصميميّ؛ إنسانيّ التّركيز، وتتكوّن من خمسة أجزاء (الشّكل 2.4): التّعبير عن التّعاطف: التّعاطف هو القدرة البشريّة على الإحساس بما يشعر به الآخرون، وهو ضروريّ في مجال الإبداع، والابتكار، والاختراع؛ لبدء عمليّة تصميم مركزها الإنسان، كما أن ممارسة التّعاطف، تمكّننا من الارتباط بالنّاس، ورؤية المشكلة، بأعين، ومشاعر الّذين عايشوها، كما تساعدك ممارسة التّعاطف على فهم كثير من أوجه المشكلة، والبدء في التّفكير حول كلّ القوى الّتي عليك اعتمادها لحلّها. تعريف المشكلة: ينبغي تحديد المشكلة تحديدًا مبنيّا على الملاحظة الصّريحة، والعقلانيّة، والعاطفيّة، من أجل نجاح التّصميم؛ إنساني التّركيز. التّفكير في حلول (العصف الذّهني): حيث سنناقش العصف الذهني في تمرينَي التّفكير الآخرين في هذا الفصل، ونتعرّض هناك إلى ما يعنيه العصف الذّهني، وكيف يمكنك الخروج بالأفكار -إبداعيّا- بعيدًا عن الخربشة على الألواح الّتي تحصل في أغلب المنظّمات. تشكيل النّماذج الأوليّة: إن التّصميم لأشخاص آخرين، يعني الحاجة إلى تصميم النّماذج الأوليّة، وهذه الأخيرة تصل بنا إلى المرحلة الخامسة. التّجريب: لا بدّ من تجريب النّماذج الأوليّة، واختبارها قبل اعتمادها، أو عرضها على طالبيها. بعد تنفيذ هذه العمليّة في تطوير المنتج، أو الخدمة، عليك العودة إلى عقليّة متعاطفة، لتختبر ما إذا وصلتَ إلى حلّ مناسب، مما يشكّل فرصة رائدة. "الشّكل 2.4: دورة التّصميم التعاطفيّ؛ إنسانيّ التركيز. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0." وبقصد التعمّق في التّفكير -كونه ممارسة- نقدّم هنا طريقة قبّعات التّفكير الستّ (الشّكل 3.4). وهنا، نجد نسخا مختلفة من لعبة التّفكير هذه، لكنّها جميعَها مفيدةٌ في تشجيع الفكرة بالحدّ من عقليّات المشاركين في اللّعبة. إن التّشجيع على تقمّص دور تفكيريّ واحد، يحرّرك من أخذ باقي نواحي المشكلة بالحسبان، والّذي من شأنه -عادة- الحدّ من الإبداع في البحث عن حلّ، والست القبّعات هي: القبّعة البيضاء: ويتصرّف حاملها كجامع معلومات، بإجراء البحوث، وجلب التّحليلات الكميّة للنّقاش، وصاحب هذه القبّعة يكتفي بالحقائق. القبّعة الحمراء: ويجلب حاملها المشاعر الخالصة إلى النّقاش، ويقدّم الحساسيات دون الحاجة إلى تبريرها. القبّعة السّوداء: ويستعمل حاملها المنطق، والحذر، ويحذّر المشاركين من القيود المؤسّسية، كما يعرف -أيضًا- بـ "محامي الشّيطان" (Devil's Advocate). القبّعة الصّفراء: ويساهم حاملها في المجموعة بإيجابيّة التّفاؤل، والمنطقيّة، ويشجّع على حلّ المشاكل صغيرها وكبيرها. القبّعة الخضراء: ويفكّر حاملها بإبداع، ويعرض التّغيير، ويحرّض الآخرين عند الحاجة، فالأفكار الجديدة، هي اختصاص القبّعة الخضراء. القبّعة الزّرقاء: حيث يحافظ حامل هذه القبّعة على الهيكل العام للنّقاش، وربّما يضع الشّروط الّتي يُحكم بها على التقدّم، ويحرص على ضرورة احترام القبّعات للقوانين، وعدم الخروج عن أدوارها المحددة. "الشّكل 3.4: تمرين قبّعات التّفكير الستّة، مصمّم ليركّز كلّ مشترك على مقاربة واحدة للمشكلة، أو النّقاش. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0." هذه اللّعبة ليست سهلة التّطبيق دائمًا، فإذا لم يتمكّن الأفراد من احترام القواعد، فإنّ العمليّة ستنهار، أمّا حين نجاحها، فبإمكان ذي القبّعة الزّرقاء الحفاظ على السّيطرة، ووتيرة التّطبيق السّريعة، وينبغي أن تشعر، وفريقك بحريّة مميّزة جرّاء فرض القيود، ويمكن لكلّ مشترك -كونه مسؤولًا عن نمط واحد من التّفكير- أن يدافع بأريحيّة عن وجهة نظره، ويفكّر في جانبه المحدّد من المشكلة وحسب، وبهذا يمكن للمجموعة أن تصبح جدَّ مبدعة، جدَّ منطقيّة، جدَّ متفائلة، وجدَّ انتقاديّة. إن هذا التّمرين يهدف إلى دفع المجموعة بأكملها بعيدًا عن الحلول السّطحيّة، وإذا نفّذته تنفيذًا جيّدًا، فإنّه سيؤتي ثماره، إنّه يمنحك الفرصة لتمحيص الأفكار مع تجنيبك الصّدامات بين الشّخصيات المختلفة، لأنّ أفراد المجموعة إذا تمكّنوا من البقاء في أدوارهم، فلا يمكن اتّهامهم إلاّ بالسّعي إلى أفضل نتيجة، لصالح ما تمليه شروط قبّعتهم. يمكن للمدرّب أن يطلب إلى أفراد المجموعة تغيير قبّعاتهم بين التّمارين، وذلك، ليمنح كلّا منهم الفرصة لتطوير كلّ عقليّة. وسيضطرّك هذا التّمرين إلى الخروج من أكثر أنماط تفكيرك راحة، ويمكن أن تلاحظ، وزملاؤك خلاله، مهارات عند بعضكم بعضًا، لم يتسن لكم أن تدركوا امتلاككم لها قبلًا. الممارسة التّفكيريّة الثّالثة بسيطة، فإذا سيطر التّفكير الثّابت على نقاش مفتوح، فمن المفيد إدراج إطار عمل تفكيريّ، فهذه طريقة "بدايات العبارات"، فمن الممكن أن تسأل مثلًا: "كيف يمكننا …؟" أو "ماذا لو … " لتفتح فرصًا جديدةً، حين يبدو أنّك بلغت منتهى حدود إبداعك، هذه الطّريقة ليست السّؤال "لمَ لا؟" وحسب، بل تسعى إلى اكتشاف كيف يمكن حلّ المشكلة، وأمّا بالنّسبة لروّاد الأعمال، فإنّ أبسط شكل لتأطير مشكلة هو في سؤال يمكن أن يفتح آفاقًا كبيرة، فهذه الطّريقة تفترض إمكانات مفتوحة، وتدعو إلى المساهمة، وتتطلّب التّركيز. إنّ طريقة "بدايات العبارات" هذه، تفترض -على الأقلّ- إمكانيّة وجود حلّ لكلّ مشكلة، فالتّفكير (أو توليد الأفكار) يتعلّق بشقّ سبل جديدة، وهذا النّمط التّفكيري يمكن تطبيقه على المشاكل الاجتماعيّة، وكذا على نقاط ألم المستهلك، إن إنشاء قائمة من بدايات العبارات، يساعد رواد الأعمال على فحص إمكانات مختلفة، بمجرّد تبنّي وجهات نظر مختلفة عند طرح الأسئلة، فعلى سبيل المثال: يشبه السّؤال: "كيف يمكننا الحفاظ على نظافة الأنهار؟" السّؤال: "كيف يمكننا منع مخلّفات الحيوانات من دخول مجاري المياه في المدينة؟" لكنّ تبعات كلٍّ منهما مختلفة عند ذوي مصلحة مختلفين، وبدايات العبارات هذه، يمكنها دائمًا أن تبدأ نقاشًا لذوي المصلحة، وكيف يمكنهم المساهمة في إيجاد الحلول، وتقديم الدّعم، وربّما -يومًا ما- شراء، أو المساهمة في الاختراعات، أو التغييرات في الممارسات الاجتماعيّة. مطابقة طرائق الابتكار مع الظروف إن البحث عن طرائق الابتكار سيكشف النّقاب -عادة- عن كثير من تمارين الإبداع الّتي ناقشناها، أو عن تمارين شبيهة بها، ولتجاوز تمارين توليد الأفكار؛ فسنختم بأساس تفكيريّ، يمكنه المساعدة، حين تواجه كلّ أنواع مشاكل الابتكار، وتسمّى هذه القاعدة التّفكيريّة ببساطة: "الابتكار المفتوح"، وهي تتضمّن البحث، والعثور على حلول خارج الهيكل المنظّماتي؛ لذا فمن الصّعب -إلى حد ما- تعريفه، وقد كان المُعلم، والمؤلف هنري تشيزبرو من أوائل الذين حاولوا ذلك بقوله: "الابتكار المفتوح هو توظيف تدفّقات المعارف الهادفة الداخليّة منها، والخارجيّة، في تسريع الابتكار الدّاخلي، وتوسيع أسواق الاستخدام الخارجي للابتكار، على التوالي "، بعبارة أخرى، تتجاوز الشركات المبنية على هيكل الابتكار المفتوح، قدرات البحث، والتطوير الخاصة بها لحلّ المشكلات، ويمكن لهذا التوجّه أن يقود جميع عمليّات تطوير المنتجات، والخدمات على اختلاف أنواعها، كما تسمح نماذج الابتكار المفتوح، بمشاركة الابتكارات على نحو واسع، حتّى تتولّد عنها ابتكارات أخرى خارج حدود الشّركة، أو المؤسّسة الأصليّة. ومن الجدير بالذكر في هذا المقام؛ أن الابتكار المفتوح ينظر نظرة متفائلة إلى تبادل المعلومات، والأفكار، عبر مجتمع متصل بشبكات الاتصال الآنية، كما أنه تحوّلٌ عن نموذج البحث، والتطوير التقليدي (الكلاسيكي). فأنت باستعماله تسمح -إلى حدّ ما- للآخرين بحل المشاكل في عملك، أو شركتك النّاشئة، أو مشروعك الاجتماعيّ، وفي هذا العالم المبنيّ على التّبادل، أنت منفتح على حقيقة أنه من الصعب الاحتفاظ بالمعلومات سرًّا، وقد تسعى للحصول على براءات اختراع لملكيتك الفكرية، لا سيما لمنتجاتك، أو خدماتك الثّابتتين، ولكن يجب أن تتوقّع، بل وتشجّع على الانتشار الواسع للعناصر الأساسيّة في حلولك، وهذا واقع منطقيّ، فإذا كنت تتجاوز حدود تفكيرك، وبحثك، وإمكاناتك التّطويريّة للوصول إلى حلول، فعليك أن تتوقّع أن ينظر الآخرون إلى حلولك؛ ليستعيروا منها أفكارًا تفيدهم. يعد وصف نموذج الابتكار المفتوح، أسهل في منظوره التّعريفيّ المثالي، منه في ممارسته الواقعيّة دون نتائج أخلاقيّة، حيث نرى -للأسف- أنّ التجسّس المؤسّساتيّ، وسرقة الملكيّة الفكريّة، والقضايا أمام المحاكم، شيء متكرّر، واعتياديّ، لكن بغضّ النّظر عن هذا كله، يمكن أن يأتي الإلهام في الابتكار من مصادر عديدة جدّا؛ حين تكون موارد المعلومات متاحة لكلّ من توفّرت لديه شبكة اتّصال سريعة. كما يعد الابتكار المفتوح إطار عملٍ بسيطٍ، لكنّه ضروريّ لمستقبل الابتكار، ولإدارة، بل وتوجيه التّخريب في الصّناعة. ونعطي في الجدول (1.4) بعض الأمثلة عن شركات تستخدم التّقنيات التّخريبيّة. أمثلة عن التّقنيات التّخريبيّة الشركة التقنية التخريبية أمازون توصيل حسب السّرعة. عمليات توصيل متنوعة من طائرات الدرون إلى مراكز تلبية استراتيجيّة المواقع. تنفيذ طلب المشتري حتى قبل أن ينهي الاشتراء، ليكون المنتج في طريقه للتّوزيع بسرعة. Uber و Lyft مشاركة التّوصيلات عوض قيادة التاكسي. تطبيقات، ونظام تواصل، ذو تنبيهات بالألوان، خرّبت نظام التاكسي. Bitcoin عملة رقمية غير مرتبطة بدولة محدّدة، أو معيار ماليّ. القيمة متعلّقة بقوى السّوق. Toyota E-Palette عربة كهربائيّة بدون سائق، ذات تحكّم عن بعد، تأتي بالخدمة إلى الزّبون بدل أن يتّجه الزّبون إلى الخدمة. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 1.4 من عناصر نموذج الابتكار المفتوح الأخرى: الصّلة بين البحث الأكاديميّ، والحلول العمليّة، إذ ثمّة تأثير متبادل بين الأكاديميّات؛ الّتي -عادة- ما تتطوّر ببطء، والقوى الرّياديّة، والمؤسّساتيّة الرّائدة، الّتي غالبًا ما تركّز تركيزًا ضيّقا على الأرباح قصيرة الأمد، وهذا التّأثير يمكنه توفير التّوازن الّذي يحتاجه هذا العالم سريع التغيّر؛ لذا، إذا أمكنك الانخراط في تبادل المعلومات بين مؤسّسات عتيقة، ومبتكرين ذوي تقنيات تخريبيّة، فأنت في موقع يخوّلك التّأثير إيجابيّا في المجتمع، وتطوير منتجات مفيدة، راقية، حديثة، وإبداعيّة، بل ومهمّة للتّجربة البشريّة في الوقت نفسه. البقاء مطلعًا على الممارسات الحديثة احرص على البحث عن كل جديد في مجال ممارسات التّفكير، والابتكار عبر الإنترنت، وموازنة ذلك بما تجده في الكتابات الأكاديميّة عبر Google Scholar أو أيّ قاعدة بيانات أكاديميّة أخرى، لأنّ تبنّي عقليّة ابتكار مفتوح فعّالة، يستوجب منك الاستعداد لتلقّي كلّ أنواع التّأثيرات، حتّى ولو تطلّب ذلك كثيرًا من الوقت، والجهد العقلي، تذكّر أنّ النّتائج الماليّة، والاجتماعيّة، والشّخصيّة تستحقّ ذاك التّعب. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Creativity, Innovation, and Invention) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: ما الفرق بين الإبداع والابتكار والاختراع في سير عمل رائد الأعمال؟ المقال السابق: تطوير ثقافة محيط عمل مسؤولة وذات امتياز أخلاقي
  5. يدرك روّاد الأعمال أنّ محيط العمل في 2020 مختلف عنه في سنة 2000، وكما يقترح عنوان هذا المقال، فإنّ روّاد الأعمال يريدون إنشاء ثقافة محيط عمل ذات امتياز أخلاقي، ولكنّ القيام بهذا الأمر، يحتاج إلى فهم قوّة العمل المتغيّرة، على المستويين السكاني (الديموغرافي) والقيَمي، على حدّ سواء. سنتطرق في هذا المقال إلى كيفية تطوير محيط المؤسسة بما يتلاءم والمتغيرات المحيطة، وفي نفس الوقت في إطار أخلاقيات العمل المطلوبة. يمكن القول أن القوّة العاملة من أبناء جيل الألفية، المولودون بين 1983 و1995 يتجاوزون في أيامنا هذه القوة العاملة من الجيل السّابق، وسيشكّلون ثلاثة أرباع عمّال العالم بحلول سنة 2025. ولذا، فإنّ روّاد الأعمال، والمديرين، الّذين يشرفون على أبناء هذا الجيل، لا بدّ لهم من التكيّف مع توقّعاتٍ، ومتطلبّاتٍ تختلف باختلاف محيط العمل في منتصف القرن الحادي والعشرين، ويتّضح هذا جليًّا، حين يتعلّق الأمر بالأخلاقيّات، فما يهمّ هذا الجيل -حسب مقال منشور في مجلة نيويورك تايمز- وهو اتّفاق العمل مع قيمهم الشّخصيّة. ويمكن أن يوافق -حسب المقال ذاته- ما يقرب من 60 % من أبناء الألفية على العمل، مقابل أجر أقلّ بـ 15 % إذا عنى ذلك الانضمام إلى شركة توافق قيمهم الشّخصية كما يتبيّن أنّهم لا يريدون مجرّد عمل، بل يفضّلون عملًا ذا قيمة، كي يثمر جهدهم شيئًا نافعًا، إذ يريدون أن يحقق عملهم شيئًا ذا بال، بل وأكثر من هذا؛ يشير تقرير في Texas Bar Journal نشرته مارتا نيومان -مستشارة، ومدرّبة وظائف- إلى أنّ الموظّفين من مواليد الألفية الجديدة يقدّرون سياسات أماكن العمل الّتي ترعى التّواصل المفتوح، والتّعاون المثمر، والمساهمة في اتّخاذ القرارات مع رؤسائهم على المدى القصير، والطّويل. تقول نيومان -أيضًا- أنّهم يتوقّعون درجة من التّوازن بين الحياة، والعمل؛ فالمسار الوظيفي ليس كلّ ما يهمّهم في الحياة. وهذا يعني أنّ على رواد الأعمال التّكيّف مع هذا الوضع الجديد، إذ يمكن -مثلًا- أن ينشئ صاحب عمل مُحِيْطَيْ ثقافَتِهِ لتساوي أهميّة الإنسان بأهميّة المال، وفيه موازنة بين الحياة، والعمل، فيضمن بذلك جداول عمل مرنة، ويبرز العمل الجيّد ويشجّعه ويكافئه، وقد جاء في القول المأثور: "لا يغادر النّاس وظائفهم، بل يغادرون رؤساءهم." فلتكن رئيسًا يريد أبناء الألفيّة الجديدة العمل له، ومعه. الثقافة الريادية تشترك الشّركات النّاشئة النّاجحة في كون مؤسّسيها أقوياء الشّخصيّة، طموحين، وتنافسيّين، إذ لا بدّ في رائد الأعمال من قوّة تحمّل، وثقة بالنّفس، لتجاوز خيبات الأمل الأكيدة الّتي يواجهها قائد أيّ شركة ناشئة، ومع ذلك، تكتشف الشّركات في كثيرٍ من الأحيان، أنّ روح القيادة المختلفة، ضرورية أثناء نموّها، فهل يمكن لأصحاب المشاريع أن ينجحوا إذا اعتنقوا -أيضًا- أسلوب القيادة الإنسانيّة في البداية، أم أن هذا سيقوّض احتمالات النجاح الأولية المنخفضة بالفعل؟ إنها مشكلة صعبة تتصارع معها العديد من الشركات، فقد يتقاعس الموظفون المتفانون، جراء سطوة الرّؤساء المطالبين بالقسوة، والّذين لا يقدّرون عمل الموظّفين الأوفياء، حتّى بعد تحقيق النّجاح، وربّما يفاجأ الموظفون الجدد، أن مناخ العمل أقل ملاءمة مما توقعوا، وهنا يغادرون بهدوء. على رائد الأعمال الأخلاقي طرح هذا التّساؤل: هل يشعر الموظّفون لديّ بالقدرة على الكلام بحريّة؟ وحسب جمعية إدارة الموارد البشرّية SHRM، تجد أقسام الموارد البشريّة صعوبة في إقناع الموظّفين بملء استباناتٍ لقياس رضاهم عن محيط العمل، هؤلاء الموظّفون يعتقدون -عادة- أنّ بإمكان الإدارة معرفة المنتقدين بسهولة، على الرغم من أنّ الاستبانات لا تحمل أسماءهم، والفرق بين الإدارة الأخلاقية، وغير الأخلاقيّة، هو رغبة تلك الإدارة أساسًا في اكتشاف ذلك. سواء تعلّق الأمر بشركة صغيرة، أم متوسّطة، أم كبيرة، فإنّ الإدارة ينبغي أن تشجّع موظّفيها على التّعبير، إمّا كمبلّغ مجهول، أو بالحديث مباشرة إلى رؤسائهم، وغياب هذا التّشجيع يسهّل -عادةً- التمادي في الممارسات غير الأخلاقيّة، كما هو الحال في قضيّة ويلز فارغو Wells Fargo. تحدّد هذه الملاحظات ما قد يكون فريدًا لثقافة تنظيم المشاريع، فهذا مزيج من الشخصية، وأسلوب الإدارة، الذي -غالبًا- ما يرتبط بقادة الأعمال الذين يبدؤون بمفردهم، ويقيمون شركاتهم الناشئة، ثمّ يشكّلون ممارساتها التّجاريّة الأولى، وثقافتها في العمل، فإذا نجحت المؤسسة تجسّدت مبادئ، وفلسفة مؤسّسها في تقاليدها، فيجد القادة اللاّحقون أنفسهم مضطرّين إلى تقمّص الفلسفة الإداريّة المترسّخة منذ أيّام الشّركة الأولى؛ بينما تبحث عن أسلوب القيادة الصحيح الذي يجب تنفيذه في خطط ريادة الأعمال الخاصة بك. ابدأ بسؤال نفسك حول نوع القائد الذي تفضل العمل لصالحه، إذا لم تكن الرئيس، فقد تكون الإجابة التي تقدمها أفضل نموذج يمكنك اتباعه أثناء تطوير شخصيتك القيادية. يدرك الموظفون الأوائل في شركة ناشئة، ما هو على المحك، بينما تتلمّس الشّركة طريقها خلال تجارب رياديّة جديدة، قد يكون المؤسس فيها هو القائد، لكنّ أولئك المرتبطين به يشعرون بروح تعاونية تربطهم به مباشرة، وكذلك ببعضهم بعضًا، كما يمكن أن يكون هناك أخوَّةٌ حقيقيةٌ بين أولئك الذين كانوا مع الشركة منذ اليوم الأول، أو بعده بوقت قصير، وغالبًا ما يكون الأعضاء المؤسسون لشركة ريادة الأعمال، على استعداد لاجتياز الضغوط، والصّعوبات المرتبطة بشركة ناشئة، وهذا مقابل الحصول على حصة ملكية في الشركة، تسمح لهم بالاستفادة استفادة كبيرة من نموها، ونجاحها لاحقًا. ولكنّ الموظّفين الجدد قد لا يحملون هذه العقلية، فغالبيتهم يبحثون ببساطة عن منصب آمن، في شركة ذات نشاط تجاري متنامٍ، بدلًا من محاولة دعم شركة ناشئة حديثة، وغير مضمونة النّجاح، ولهذا فمن غير المتوقّع تحلّيهم بالصّبر على السّاعات الطّوال، والفوضى، والشّخصيات المتوتّرة الّتي تميّز الأيّام الأولى من أيّ مشروع، فهل يمكن للمؤسّسين الرّياديّين تكييف ثقافة الشّركة، بحيث تستوعب الموظّفين الموهوبين، الّذين يبحثون عن ثقافة مؤسّسيّة، تدعم بعض التوازن بين العمل، والحياة؟ ضع في حسبانك -أيضًا- الممارسات الأخلاقية لرواد الأعمال، والتوقعات الأخلاقية للموظفين، وافترض أن إحدى السمات المميزة، المنسوجة في نسيج الشركة الناشئة، هي الاحترام الذي يُمنح للعملاء، أو الزّبائن، حيث يلتزمُ رائد الأعمال -غالبًا- باحترام العملاء، حتى أقصى درجات الاحترام، وخدمتهم كأحسن ما يكون، وعدم الكذب عليهم إطلاقا، وافترض أنّ رائد الأعمال هذا نجح في غرس هذه الرّوح في موظّفيه منذ البدء، فهل يراد لاحترام العملاء أن يغدو سمة بارزة في العمل، وحتّى لو تسبّب في خسارة ماليّة للشّركة؛ فلن يكذب رائد الأعمال هذا، أو يغشّ زبائنه، ولن يمثّل خدمات الشّركة تمثيلًا سيّئا. أخيرًا، افترض أنّ هذه الرّوح جزء لا يتجزّأ من ثقافة الشّركة، وهي لا تزال في مرحلة الانطلاق. لنفترض الآن أن الشركة أصبحت ناجحة، على عكس المتوقّع، فربّما يكون هذا النّجاح أصعب الأوقات على رائد الأعمال، إذ غالبًا ما يصاحبُ النّجاح النموّ، والنموّ يعني -بالإضافة إلى أشياء أخرى- تعيين موظّفين جدد، وبالتّأكيد لن يكون كلّ المعيّنين حديثًا على الدّرجة ذاتها من الالتزام بالمسؤوليّة تجاه العملاء، وربّما لن يبدؤوا بنيّة خداعهم، ولكنّ أغلبهم سيفتقر بلا شكّ إلى حماس المؤسّس الأول للمعاملة المحترمة لعملائه، فأنّى لرائد الأعمال نقل مستوى الالتزام من الجيل الأوّل من القادة، إلى الجيل التّالي؟ بالطّبع لا يمكنه إعطاء الأوامر بتنفيذها، فالطّبيعة الإنسانيّة لا تستجيب بسهولة لهذا النّوع من التّغيير الإجباري، لهذا فإنّ على رواد الأعمال أن يبذلوا قصارى جهدهم، للتأكد من انتقال رؤيتهم في خدمة العملاء -الّتي تحرص على احترامهم- إلى الموظفين الجدد، وقد تكون تلك الرّؤية متأصلة في الموظفين الأطول خدمة، ولكن يجب تنميتها في الموظّفين الأحدث؛ لتصل إليهم بالدرجة نفسها. وستحتاج -كونك قائدا- إلى التّخطيط، والمتابعة، للتأكّد من أنّ منظّمتك تتبع، وتحترم القيم، والمبادئ الأخلاقيّة، الّتي تؤمن أنت بها، وهذا لا يعني فقط تعيين الأشخاص المناسبين، وتعزيز العواقب، وتحديد التوقّعات، بل يتجاوزه إلى الكلمة الطيّبة، والتّشجيع لبناء الثّقة، والعمل بنزاهة تامّة، كما تتجاوز العمل بالمفاهيم المشهورة من CSR (المسؤولية المجتمعية للشركات)، والرّأسمالية الواعية، والقيادة الخادمة، إلى التّواصل الفعّال لتثبيت التوقّعات، ومعايير النّجاح. وهناك تقنيات فعّالة يمكنها دعم عملية دمج المبدأ الأخلاقي في حياة العمل اليومية للموظفين، وتسمّى استراتجيّات التّرسيخ، وبتطبيقها تغدو المبادئ الأخلاقيّة جزءًا من ثقافة العمل، وذلك عبر تدريبات الموظّفين، وبرامج التّقدير، والمكافآت. هذا ويمكن أن تفيد مناهج الإدارة الشّائعة في تحقيق الرّبح، لكنّها قد لا تنجح في إيقاف التّصرّفات غير الأخلاقيّة، وقد تحتاج بدلًا من ذلك إلى خطّة تشكّل، وترعى ثقافةً تطوّر الصّفات، والقدرات الأخلاقية مثل الصّدق، والعدالة، والمسؤولية، والرّحمة، وتحوّلها إلى أهداف أخلاقية، كما يتطلب أن تُغرَسَ هذه الصّفات، والقدرات، في نسيج المنظمة، وتصبح عادات مدمجة في العمليات اليوميّة للمنظّمة. النهج الاستباقي مقابل النهج التفاعلي ينطوي خلق بيئة عمل أخلاقيّةٍ على كلا نوعي المكوّنات: التّفاعلية منها، والاستباقية، فأمّا الجانب التّفاعلي، فيمكّن رائد الأعمال من تحديد، ومعالجة السّلوك المتهوّر، والتّصرفات غير المسؤولة، والانحرافات الأخلاقيّة عند حدوثها، غير أنّ النّهج التّفاعلي قد لا يكَوِّنُ في كثير من الأحيان، المقاربةَ الأنسبَ لمعالجة الانحرافات الأخلاقيّة. وعلى النّقيض من ذلك، فإنّ النّهج الاستباقي في تطوير ثقافة عمل أخلاقيّة، يسعى إلى تجنّب السّلوك المتهوّر، والتّصرّفات غير المسؤولة، والانحرافات الأخلاقيّة قبل حدوثها، وذلك بتشكيل، ورعاية ثقافة أخلاقيَّة، ومسؤوليّة، وامتثال، كما يتطلّب منك إنشاء بيئة من الأخلاقيّات في مكان العمل، حيث يكون كل عضو في المنظمة قادرًا على تطوير البوصلة الأخلاقية، واستيعابها، وتطبيقها تطبيقًا استباقيًّا، ويعمل هذا النهج على تفعيل مفاهيم شائعة -صامتة غالبًا أو ضمنيّة- مثل الصدق، والإنصاف، والثّقة، والنّزاهة، والالتزام، والابتكار، والتميّز مما يؤدي إلى ميزة تنافسيّة مستدامة. تطوير القاعدة وإطار العمل لمنظمة مسؤولة أخلاقيًّا يجب على رائد الأعمال أن يبني أسسًا واضحة لتطوير منظّمة ترتكز على المسؤولية الأخلاقية، بحيث تمكّن اللّبِناتُ التّأسيسيةُ رائدَ الأعمالِ من إضافة القيمة الأكبر للمجتمع، منهجًا، ومسؤوليّة، كما أنّ روّاد الأعمال الّذين يعدّلون مشاريعهم، أو يقودون أخرى قائمة أساسًا. إنّ بناء أساس السّلوك الأخلاقي، لا ينبغي أن يعطّل العمليّات اليوميّة الاعتياديّة، ولا أن يضيف عبئًا جديدًا، لأنّ المفاهيم الرّئيسة مغروسة سلفًا في نسيج المنظّمة. ولتطوير الأسس الأخلاقية في المنظّمة، وإطار عمل إدارتها، سيحتاج رائد الأعمال إلى دمج ثلاث صفات أخلاقية أساسية في لبّ قيم المنظّمة، وهي: الثّقة، والإنصاف، والامتياز. واعتمادًا على هدف المنظّمة، يمكن إضافة قيم أخلاقيّةٍ أخرى مثل: المسؤوليّة، والالتزام، والتّعاطف، وما إلى ذلك، كما يجب على صاحب المشروع نشر هذه الصفات في جميع جوانب الإدارة التنظيمية، والعمليات اليومية، مع تتبّع هذه القيم لضمان دمجها في التخطيط، والوفاء بها، وتنفيذها في كلّ وحدات العمل. فتطبيق، ودمج الثلاث الصّفات آنفة الذّكر، يطلق عمليّة تشكيل إطار العمل، وإنشاء أساس من الأخلاق والمسؤوليّة. الشّكل 5.3: يتّسم روّاد الأعمال، والمديرون الأخلاقيّون بهذه الصّفات التّأسيسيّة. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، التّرخيص CC BY 4.0) كما ينبغي أن تحدّد المنظّمة المبادئ الأخلاقيّة الّتي تريد وضعها كأولويّة، ومن أمثلتها: خدمة المجتمع، وتطويره. الامتياز المشترك. العدل بين الجنسين. حذف الأحكام المسبقة. بعد تأسيس إطار العمل، والقاعدة في منظّمة أخلاقيّة عالية الأداء، يمكن دمج مبادئ، وصِفات أخرى لتقوية هذا الإطار، وتمييز المنظّمة، وتطوير ميزة تنافسيّة مستدامة، كما تُمَكّنُ القيادةَ من ربط جوانب الإدارة التنظيميّة الأخرى، بالأخلاق والمسؤوليّة، فعلى سبيل المثال: إذا أرادت القيادة استغلال قوّة التّنوّع العرقي، والجنسي، لتشكيل امتياز تنافسي مستدام، فإنّ عليها تبنّي مبادئ العدل بين الجنسين، ومبدأ الإنسانيّة الجامعة، وإلغاء الأحكام المسبقة، وإذا أرادت تطوير، واستخدام عمل الفِرق، والتّعاون، امتيازًا تنافسيًّا استراتيجيًّا، فإنّ عليها دمج المبادئ، والتصرّفات، للتميّز التّعاوني، والعمل المتضامن. ويتيح أساس، وإطار عمل الأخلاق، والمسؤوليّة، لرائد الأعمال، إمكانية الإدارة المستمرّة للصّفات، والمبادئ المطلوبة للنّجاح في كلّ نواحي العمليّات اليوميّة، من بحثٍ، وتطوير، وهندسة، وتصنيع، ومبيعات، وتسويق، وتخطيط، واتّخاذ القرارات، وحلّ المشاكل، وإدارة الصّراعات، وباقي جوانب الإدارة التّنظيميّة؛ لإبراز ما يعنيه هذا كله في الممارسة الفعليّة، ويمكن لإدارة كلّ منطقة فاعلة أن تتصرّف على أنّها نموذج مثالي، يعمل على التّوعية، وتشجيع الأفراد على اكتساب شيء من التّفكير الأخلاقيّ، بطرح أسئلة من قبيل: هل قراري صائب أم خاطئ؟ (جيّد أم سيّء؟) هل أتعامل مع معطيات، واقعيّة، أم تخمينات؟ ما هي نتيجة أفعالي؟ هل قراري عادل، ومنصف؟ هل أعطيت هذا الشّخص ما يستحقّه؟ هل أرضى أن أعامَل بهذه الكيفيّة؟ هل يساعدني هذا الإجراء على تحقيق أفضل النّتائج للجماعة؟ وغالبًا ما يغيب، أو تقلّ مثل هذه العقليّة، وهذا الخطّ من التّفكير، والمزاوجة بين الأخلاق الفرديّة، والتّنظيميّة، ممّا يؤدّي إلى انحرافات أخلاقيّة. إن إنشاء الأساس الواضح هنا، يمكّن كلّ عضوٍ في المنظّمة من ممارسة أخلاقيّة سليمة الحكم، ومن تطوير القدرات الأخلاقية، وتشكيل البوصلة الأخلاقية، كما يسمح للموظفين بالتماشي مع الغرض الأكبر للشّركة، ورؤيتها، ورسالتها، والقِيم الّتي تترجم بعد ذلك إلى أفعال. تطوير غرض أكبر بمجرد أن يقوم صاحب المشروع بتصميم، وتكوين المنظمة؛ لتطوير ميزة تنافسية مستدامة، وبطريقة مسؤولة، فإنّه يحتاج إلى تطوير رؤيةٍ أعلى، أو غرض أكبر للمنظّمة، فهذا الغرض الأكبر ليس مثل المهمّة أو الرّؤية (على الرغم من أنهما قد يتداخلان)، كما أنه ليس ذا دافع مالي، ولا يتمحور حول المنتج، أو الخدمة، ولا يحثّ عليه المساهمون، هذا الغرض الأكبر يعرّف، ويبيّن سبب وجود الشّركة، ونجاحها، على المدى الطويل، ويوفّر الإرشاد، والتّوجيه، أثناء اتّخاذ القرار، وحلّ المشكلات، وفضّ النّزاعات، كما يوفّر الدّافع للأفراد لتحقيق التّميّز، والشّعور بإلحاح التّغيير الاجتماعي، ويمكّن الأفراد من أن يكونوا جزءًا من قضية أكبر، فعلى سبيل المثال: كان من الممكن أن يؤدّي دمج الغرض الأكبر المناسب، في عمليات المنظّمة إلى منع تصنيع الألعاب المسمِّمة، المطليّة بالرّصاص في فلينت، ميشيجان في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، حيث يوفّر الغرض الأكبر آليَّةً لمساعدة الأفراد على معايرة أنشطتهم اليوميّةِ، مقابل هدف أكثر فائدة، واستقرارًا. تطوير ثقافة التميز التعاوني إنّ إنشاء قاعدة السّلوك الأخلاقي، وإطار عمله، يفتح المجال أمام العمل الجماعي، والتّعاون، الفاعليْن، والهادفين، في حين أنّ العديد من المناهج الحالية للتعاون على الرغم من إظهارها النّجاحات، والفوائد، تكون -أيضًا- غير كافية في بعض الأحيان لمعالجة التّعاملات الجماعية المعقّدة، الّتي تنبع من عدم الثّقة، والمنافسة، والتّوجّهات السّياسيّة، والاختلافات الفكرية (الإيديولوجيّة)، كما يجب أن تُقنع ثقافة التّعاون النّاجحة الأفرادَ بإيجاد أفضل الأفكار، والاستفادة من التنوّع، وتطوير حلول جديدة، واكتساب دعمٍ كامل، ورعاية بيئة آمنة، وتشجيع الأشخاص على التعبير عن جميع الأفكار. وقد يستغرق بناء عملية التّشجيع الفعّالة بعض الوقت، ولكنّ نتائجها تستحقّ كلّ ثانية منه، لأنّها توفّر الإلهام، والتّحفيز اللّازمَين لإنجاز المهام، وتجاوز التوقّعات، كما يجب على المنظمة -أيضًا- تحمل عواقب عدم التّعاون؛ غير الفاعل، والذي يمكن إثباته في النّميمة، والوشاية المغرضة، والسّلوك النّرجسي، والانحياز، أو الأحكام المسبقة، ويمكن أن تشمل هذه العواقب خطط اختبار، واجتماعات فردية، تعمل على تحديد السبب الجذري، وتحديد الخطوات إلى الأمام. إن الإبداع عنصر مهمّ -أيضًا- لتمكين الفريق من التّفكير تفكيرًا مختلفًا، لذا يجب أن تكون هناك مساحة كافية من الحريّة في محيط العمل؛ لكي يزدهر الإبداع، وعند تطوير ثقافة الإبداع، يجب على رواد الأعمال التفكير في هذه القضايا والتحديات: كيف يمكننا إنشاء ثقافة إبداع، وابتكار؟ كيف يمكننا تشجيع أعضاء المنظّمة على التعاون، والاستفادة من إبداع بعضهم بعضًا؟ كيف يمكننا مكافأة الناس، وتقديرهم على إبداعهم؟ تطوير الموارد البشريّة تمكّن خطة تطوير الموارد البشريّة الشّركةَ من مواصلة تنمية مواردها العقليّة، وتمكين الأفراد من تطوير قدرات أخلاقيّة، وتقوية الإبداع الفرديّ، والابتكار المنظّماتي، كما توفّر مخزونًا ثابتًا من الموارد البشريّة لمشاريع الإدارة المستقبليّة، وتمكّن الشّركة من توظيف تلك الموارد البشريّة، وجني ثمارها في تطوير المجتمع تطويرًا مسؤولًا، ويتحقّق هذا بتقديم عمليّة تقييم الموظّف الجديد، حيث يُعطى كلّ موظّف في المنظّمة الفرص المطلوبة، ويُتوقّع منه التّعاون مع رؤسائه لتشكيل، وإدارة خطّة التّطوير المستمرّة Lifelong Development Plan، والّتي يجب على الأقلّ أن: تحتوي أهدافًا، ومطالب قصيرة، وطويلة المدى. تساعد على تحديد نقاط القوة الفرديّة، وتطويرها باستمرار، واستغلالها أحسن استغلال. تمكّن الأفراد من تحديد النّقائص في إنجازاتهم، وسلوكاتهم، وتحسّنهم المهني. توضّح أدلّة النّجاح، والإنجاز الكبيرة. واختصارًا، تصبح خطة التطوير المستمرة LDP أداة أساسيّة تساعد الأفراد على تحقيق الامتياز بتحسين الأداء، وملء النّقائص، ومواكبة الأهداف، والرّؤية، والأهداف، والاحتياجات، والأغراض الفرديّة، مع تلك الأكبر في إطار المنظّمة. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } جد الحل تطوير التعاون، والإبداع يكلّف رواد الأعمال بتطوير، وتنمية الأفراد من حولهم، ولا ينبغي أن تتوقّف هذه العمليّة، أو تؤخّر، أو تُهمل بأي شكل كان، بل على رائد الأعمال تعلّم كيفية استخدام الموارد المتاحة لديه لتدريب، وتطوير، وتقديم دفعة تلو الأخرى من الأفراد المسؤولين، القادرين على التطوّر داخل الشّركة، وتطويرها في الوقت نفسه. اذكر ثلاث استراتيجيّات يمكن لرائد الأعمال استخدامها لتحقيق ما يأتي: تطوير أفضل، وأحسن، وأكثر النّاس إبداعًا وحماسًا، والّذين يملكون قدرة عالية على تحديد الصّواب من الخطأ. تطوير الأفراد الّذين يتحلّون بقدر عالٍ من المسؤولية، ومحاسبة الذّات، والالتزام بتحقيق أفضليّة تنافسيّة، والحفاظ عليها. استغلال هذه القوى الفكرية، والتّآزر ضمن المنظّمة لتحقيق قيمة أعلى، وثروة أكبر للمساهمين. تطوير الإدارة، أو القيادة الأخلاقية، والمسؤولة تظهر الأبحاث أنّ ثقافة المنظّمة تتشكّل -غالبًا- حسب قيَم قيادتها: من بناء القادة روابط الثّقة، إلى كيفيّة تحفيزهم للآخرين، وقراراتهم، وأفعالهم المسؤولة، إلى كيفية شعور الآخرين بأهميّتهم، واتّباعهم التّفويض بالمهام، ومراقبتها، فقد نشرت مجموعة من الأساتذة، ورواد الأعمال، مقالة عبر Harvard Business Review، لخّصوا فيها بحث بعض الخبراء ومن بينهم إيدجار شاين، وشالوم شوارتز، وجيرت هوفستيد، وغيرهم من العلماء. وقد أشارت المقالة إلى أنّ صفات القادة تشكّل ثقافة المنظّمة، ويمكن تعريف ثقافة عمل تجاري ما، على أنّها النّظام الاجتماعي داخل المنظّمة، والّذي يساعد على تحديد العقليّات، والتّصرّفات، بإظهار أيّها مقبول، ومشجّع، وأيّها مرفوض، ومنهيّ عنه. ويمكن للشّركة توظيف أفراد يحملون الصّفات الّتي ترغب بها، ولكنْ على المنظّمة دومًا التّخطيط لتدريب، وتطوير قادة مسؤولين، وينبغي في حدّها الأدنى، أن تضمن تطوير، وإدارة مسار مستقبلي من الإدارة، بحيث ترعى القدرات الأخلاقيّة والفكريّة، وتقدّم جوائز، وعواقب، تمكّن القائد من اكتساب، وتطوير بوصلة أخلاقيّة. ماذا يمكنك أن تفعل؟ على رواد الأعمال التنفيذ بدل الاكتفاء بالحديث يجب أن يكون لديك -كونك قائدًا ورائد أعمال- فهم جيد للأخلاق، والمسؤولية، وأن تكون قادرًا على تطبيق المبادئ الرئيسة للمفاهيم مثل: المسؤولية الاجتماعية للشركات، من أجل بناء الثقة، والحفاظ عليها، ومن المهم ألا تبدأ هذه المفاهيم، وتنتهي بكلمات، وإيماءات فارغة، بل يحتاج رواد الأعمال إلى تمثيل هذه المفاهيم، وصياغتها، وتطبيقها من خلال إجراءات هادفة، ومتّسقة، وفي الوقت المناسب. باختصار، يحتاج رائد الأعمال إلى أن يعيش القيم التي يرغب في رؤيتها في الآخرين، إذ ينبغي له أن يصبح تجسيدًا للثقة، والاحترام، والمسؤولية، والالتزام، وغير ذلك من الصفات الرئيسة، كما يجب غرس هذه القيم الجوهرية في نسيج المنظمة. إن وجود رواد الأعمال في موقع السلطة، والمسؤولية، يجعلهم بحاجة إلى استخدام موقعهم، وقوتهم، ومكانتهم الاجتماعية، وتظافر الموارد المالية، والفكرية الهائلة، المتاحة لهم، لتحريك العالم، والتّأثير فيه تأثيرًا مجديًا، فعلى سبيل المثال: تخيل للحظة استخدام موارد شركات مثل Apple وGoogle وMicrosoft وAmazon وFacebook -والتي تقّدر قيمتها الإجمالية بما يفوق 2.3 تريليون دولار- لمعالجة القضايا العالمية المعقّدة، والصّعبة التي تتعلّق بالتّعليم، والفقر، والجوع، وغيرها من المشاكل المستعصية. تطوير توافق، وتماسك منظماتي داخلي، وخارجي إن من أهمّ مفاتيح نجاح الأخلاقيّات في المنظّمة: التّوافق، والتّماسك بين الأفراد، والمجموعات، والشّركة ككل، ويبدأ التّوافق بتطوير غرض أسمى يمكّن رائد الأعمال، ومنظّمته من خدمة المجتمع الّذي ينشطان فيه، وإضافة قيمة له، وتطويره، ويضمن التّوافق فهم كلّ أفراد الشّركة، ووحداتها للغرض الأسمى، والمهمّة، والرّؤية، وأهداف الشّركة، ومساعيها، كما تمدّ كلّ فرد، أو منظّمة، بالفرصة للمساعدة في كلّ من الغرض السّامي، والرّؤية، وخدمتها. وتزيد قوّة التّوافق بتكليف الأفراد بالتميّز، كلّ حسب مجاله، ونقاط قوّته، بدل التّنافس فيما بينهم، ووضع المعايير الواضحة لتوقّعات تعامل الأفراد فيما بينهم لتقديم النّتائج، هذا، ويتعامل التّوافق مع مواءمة قيم الشّركة للقيم المتوقّعة، وبين ما تقوله الإدارة، وما تفعله، ويمكن لهذا التّوافق، وغيره، تمكين الأفراد، والمجموعات، من البقاء على المسار الصّحيح، والوصول إلى أهداف الشّركة بكفاءة. رائد أعمال في الميدان "تعزيز سبل العيش" من Unilever عبر مشروع شاكتي (Shakti) **بحسب الخبير الإداري بيتر دراكر، الذي ساهمت أفكاره مساهمة كبيرة في أسس التفكير حول عمل شركة الأعمال الحديثة، فإنّ الموظّفين "بحاجة إلى معرفة رسالة المنظّمة، والإيمان بها" فكيف تضمن المنظّمات هذا الالتزام من خلال إرضاء قيم العمال؟. Unilever الشّركة الهولندية البريطانية المتعدّدة الجنسيات، الّتي يقع مقرّها في روتردام، ولندن، أنشأت مشروع Shakti ذا التوجّه القيَمي، كما وصف دراكر، وهو مبادرة في الهند، تربط المسؤولية المجتمعية للشركات CSR بالفرص الماليّة للنّساء المحليّات. وتعدُّ مثالًا رائدًا على ريادة الأعمال الصغيرة، وتوسّع مفهوم الاستدامة، ليتجاوز القضايا البيئية إلى الفرص الاقتصادية، والتّواصلات الماليّة في المناطق المتخلّفة. والهدف -وفقا لـ Unilever- هو منح نساء ريف شاكتي المقدرة على كسب المال لأنفسهنّ، وعائلاتهنّ في نسخ صغيرة من ريادة الأعمال، فقد بدأت شركة Unilever الفرعيّة في الهند "Hindustan Lever" برامج تدريب لآلاف النّسوة في القرى، والمدن الصّغيرة في جميع أنحاء الهند لمساعدتهنّ في فهم كيفيّة إدارة مؤسساتهن الفرديّة الصّغيرة، الخاصّة بهنّ، كموزّعات لمنتجات الشّركة، وبمساعدة فريق من مديري المبيعات في الأرياف؛ تسلّحت النّسوة بفهم كيفية عمل سلسلة التّوريد، ومنتجات هندوستان ليفر، وكيفيّة توزيعها، كما يقوم مديرو المبيعات بأداء دور المستشارين للمساعدة في أساسات الأعمال، وإدارة الأموال، والمفاوضات، والمهارات المطلوبة، الّتي تساعد النّساء على إدارة أعمالهنّ بفاعلية. لقد انخرط أكثر من مئة ألف (100000) شخص في مشروع شاكتي، من بينهم 75000 امرأة، وقد غيّر المشروع حيواتهن تغييرًا جذريًّا، تغييرًا يتجاوز المدخول الّذي صرن يحقّقنه، إلى الثّقة بالنّفس، الّتي اكتسبنها، والشّعور بالتّمكين، والعثور على مكانهنّ في المجتمع الهندي. ويعدّ مشروع شاكتي واحدًا من أفضل الطّرق، وأكثرها استدامةً للتّعامل مع مشاكل الحياة الاجتماعيّة للمرأة، كما يتيح لشركة يونليفر ممارسة أعمالها التّجارية ممارسةً مسؤولة اجتماعيًّا، ومساعدة النّساء على مساعدة أنفسهنّ. هل ترى أنّ Unilver برعايتها لمشروع شاكتي تساعد النّسوة، أم ترفع أرباحها؟ أم تقوم بالأمرين معًا؟ فسّر إجابتك. كيف يمثّل هذا المشروع نموذجًا للاستدامتين الشّخصية، والشّركاتية؟ تطوير ثقافة إبداع، وابتكار اللّبِنة الآتية هي تطوير ثقافة إبداع، وابتكار، وهذا يعني تجاوز امتلاك فئة معيّنة، أو وحدة محدّدة لشرارة الإبداع، قصد الوصول إلى رعاية ثقافة يكون فيها كلّ فرد من المنظّمة، مبدعًا باستمرار، مما يجعل المنظّمة كلّها ابتكاريّة، وهذا يعني -أيضًا- توفير الأدوات، والفرص للأفراد كي يبادروا، ويبدعوا، ويساهموا على الدّوام، ويتوقّف هذا كلّه على اللّبنات السابقة الذّكر؛ فالابتكار يتطلّب إدارة، وقيادة جيّدتين، وهو عمليّة هادفة، وفاعلة، للتّعاون، وعمل الفريق، وثقافة تعلّم، وتطوَّر، كما يتطلب جهودًا مستمرّة للتّشجيع، والتّقدير، والمكافأة، ومتابعة الابتكار، مع تركيز شامل في الشّركة على التّدريب، وتطويل حسّ الإبداع. تطوير ثقافة تقديم نتائج مسؤولة آخر لبنة في إطار عمل الأخلاقيّات، والمسؤوليّة؛ هي النّتائج القابلة للقياس، وهذا يعني تطوير الأنظمة، والمؤشرات، التي توضّح كيف يحقّق عملك المعايير الأخلاقيّة، والتحسّن التّدريجيّ، لأنّه يضيف قيمةً للمجتمع، بينما ستترك تفاصيل المؤشّرات الّتي سيتمّ اختيارها، لتقدير صاحب المشروع؛ لذا، فإنّ هذا العنصر الأساس يحدّد النّجاح من حيث الأبعاد العشرة للتميّز في الأعمال. (الشّكل 6.3) "الشّكل 6.3: يتضمّن تقديم النّتائج المسؤولة كثيرًا من الاعتبارات. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0." يمثّل الشّكل أعلاه دليلًا سهل الفهم لروّاد الأعمال السّاعين نحو خلق ثقافة من التميّز، فالتّركيز على تلك العشرة الأبعاد يمكن أن يساعد الشّركة على تحقيق الامتياز، الّذي يمكن بدوره أن يحقّق العديد من المنافع. ومن بينها: تقوية التّوافق بين قيَم الشّركة، وقيم مساهميها. موازنة الأهداف مقابل مقاييس النّجاح. توضيح استراتيجيّات التّركيز مقابل مشاغل الإنجاز. تحديد مجالات الشّركة الّتي تحتاج إلى التّطوير. الانتقال من الانشغال بالنّشاطات، والعمليّات اليوميّة إلى التّركيز على النّتائج. تطارد الشّركات الامتياز بالنّظر إلى مخرجاته الدّاخلية، والخارجيّة، وكلاهما مهمّ، لهذا، سواء كنت تفحص المجالات الدّاخلية؛ كالتّمويل، والعمليّات، أو الخارجيّة؛ كجودة المنتج، وخدمة العملاء، فكلّ واحد من تلك العشرة الأبعاد مكوِّن مهمّ في امتياز الشّركة. إنشاء محيط عمل أخلاقي ومسؤول مكان العمل الآمن، والصحيّ، والمُنتِج؛ هو محيط يعطي الفرد مستوى عاليًا من الثقة، والإيمان، بأنّ تقديمه أفضل ما يملك، سيعود عليه بكثير من النّفع، وهذا يشبه عقد الموظّف، وصاحب العمل، والّذي يضمن التوقّعات الآتية للموظّف: معاملته بالاحترام، والكرامة، والتقدير الّذي يستحقّه كونه إنسانًا. إعطاؤه الدّعم الضّروري، والفرص العادلة، والموارد اللاّزمة ليتميّز. مكافأته بما له، وما يستحقّه، مكافأة عادلة، ومنصفة. توفير محيط عمل آمن، وسليم، وخال من الأحكام المسبقة. عدم دفعه، أو الضّعط عليه، أو حتّى توقّع أن يتصرّف بلا مسؤوليّة. هذا النّوع من محيط العمل يمكّن الأفراد من النموّ، والتطوّر باستمرار إلى أن يبلغوا أقصى إمكاناتهم المتاحة، ويستغلّ ذلك في تقديم الإضافة إلى مجتمعهم، وحياتهم الخاصّة، والمهنيّة، وهذا المحيط الّذي لا يخاف فيه المرء من قول ما يعتقده، إنّما يُشعره بالأمان لمناقشة المشاغل، والمشاكل، والقدرة على مناقشة، ورفض ما يراه خاطئا. الأحكام المسبقة الأحكام المسبقة مفهوم غالبًا ما يكون سلبيًا، إذ يُحكم على المرء بناء على المجموعة الّتي ينتمي إليها، وحسب، وكثيرًا ما يتعرّض له أفراد المجموعات الثّقافيّة غير الشّائعة، ويمكن أن يكون في مجال التّوظيف دافعًا أساسًا للتّمييز. ومن العوامل الأساسيّة في تطوير محيط عمل آمن، وصحيّ، السّعي إلى أن يصبح مكانًا بلا أحكام مسبقة، فهو مكان يُعامل فيه الجميع بالاحترام، والكرامة الّتي يستحقّونها، ويحصلون على الفرص المتكافئة للنموّ، والتطوّر، والتقدّم داخل، وخارج المنظّمة، فعلى سبيل المثال: من المهمّ النّظر إلى قيمة، أو قدر العمل المنجز من فرد ما، والكيفيّة الّتي حقّق بها تلك النّتائج، لكنّ غير الأخلاقي هو التّفريق بين النّاس بناء على عِرقهم، أو جنسهم، أو سنّهم، أو جنسيّاتهم، ولإنشاء الاحترام، والثّقة اللازمين، لا بدّ أن يحصل الجميع على الفرص ذاتها. التنافس، والتعاون الإدارة النّاجحة لقوّة عاملة، تنطوي على نهج نظاميّ في تقييم أداء الموظفين، إذ يجب على المدير، أو رائد الأعمال، أن يقرر كيفية القيام بذلك داخل شركته، وذلك من خلال نظام التّصنيف الإجباري، فهو نظام يكون فيه تسجيل النّقاط حسب الأداء، داعيًا إلى التّنافس، وإلى بُغْضِ الموظّفين بعضهم بعضًا، بدل رعاية محيط عمل تعاونيّ، ولهذا فقد عمد بعض أصحاب العمل إلى نظام لا يعترف بالتّصنيفات الإجباريّة، ويقلّل من أهميّة الطّبيعة التّنافسيّة لتقييم الموظّفين، وعلى العكس من ذلك، يركّز على التحسّن المستمرّ للفرد، وثمّة اختلاف في الرأي حول هذه القضية، وفقًا لمقالة في وول ستريت جورنال نشرتها شركة Deloitte للمحاسبة، والاستشارات: يختلف المسؤولون التّنفيذيّون حول ما إذا كانت ممارسة فعّالة، كان جاك ويلش، الرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال إلكتريك مؤيدًا لها، في حين يرى آخرون أنها تؤدي إلى نتائج عكسية. ومن الشّركات التي أوقفت العملية Microsoft و GE. في بيئة من التميز التّعاوني، يكون تشجيع الأفراد على التعبير عن أفكارهم، ووجهات نظرهم بطريقة غير مقيّدة، ومحترمة، حيث توزن مزايا كل فكرة مقابل مزايا الأفكار الأخرى، وفي هذه البيئة، لا يوبّخ الأفراد لكونهم مبدعين، يتحمّلون مخاطر محسوبة، ومعقولة، أو يتحدَّونَ الإدارة، أو القيادة. جد الحل خطوط ساخنة للمبلغين عن المخالفات لدى معظم الشركات الكبرى الآن خطوط هاتفية ساخنة مجهولة الهوية، حيث يمكن للموظفين من خلالها الاتصال بالشركة، للإبلاغ عن الانتهاكات الأخلاقية، فما هي بعض الطرق الملموسة، والقابلة للتنفيذ، التي يمكنك من خلالها تطوير بيئة آمنة، يكون فيها كل عضو في مؤسستك قادرًا على استجواب السلطة، والإشارة إلى خطأ ما، أو وقف قرار، أو إجراء غير أخلاقي؟ التنوع ينبغي أن يقدّر روّاد الأعمال، ويحترموا، ويتعلّموا استغلال الخصائص الفريدة، والمتنوّعة الّتي يتمتّع بها كلّ فرد، ويمكن استخدام هذه الصفات للابتكار، واتخاذ قرارات أفضل، وحل المشكلات، والصراعات المعقدة، أو تحريك المؤسسة تحريكًا إيجابيًّا، متماسكًا في اتجاه واحد، أو تغيير الاتجاه بسرعة عند الحاجة، حيث تمكّن هذه الاختلافات رائد الأعمال -إذا أحسن استغلالها- من تطوير ميزة تنافسية مستدامة، من خلال النظر في الخواطر، والأفكار، ووجهات النظر المختلفة لاتخاذ قرارات أفضل. يتعلّق التنوّع -من حيث المفهوم القانوني- بالخصائص الفطرية مثل: جنس الفرد، ولونه، وعرقه، وأصله القومي، ودينه وعمره، وقد تشمل -أيضًا- الخلفية التعليمية، والثقافية، والاجتماعية والاقتصادية، وربما الانتماءات السياسية، ومع ذلك، فإن التنوع من حيث المفهوم الأخلاقي بدلًا من المفهوم القانوني البحت، يتعلّق -أيضًا- بعدد من الخصائص غير الواضحة مثل: تنوع السلوك، وعملية التفكير، والفهم، والمواقف، والمزاجات، وأنماط التعلم، ويمكن أن تكون هذه الاختلافات مفيدة لمنظمة الأعمال، وتؤدي إلى أداء عالي المستوى، من قبل القوى العاملة ككل، وعن هذا يقول جوردون ب. بيترسون: "التنوّع الحقيقيّ تنوّع الشّخصيات، وليس الأعراق، وما شابه." جد الحل إنشاء التنوع حدّد لكلّ مما يأتي مثالين عن إجراء ملموس، أو نشاط يمكن لرائد الأعمال استخدامه لتحقيق الهدف المنشود: تقديم مفهوم التنوّع، وإبراز أهميّة، وقيمة، وفوائد محيط العمل المتنوّع. تحديد توقّعات واضحة للأفراد؛ كي يقدّروا التنوّع، ومفهوم الوحدة في التنوّع، وإظهار كيف يمكن أن يستفيد الآخرون من قوّة التنوّع في الابتكار. مثّل، وقُدْ، وَكُنْ نموذجًا للتصرّف الأخلاقي الجيّد، الّذي يقوّي التنوّع، مثل: نبذ الأحكام المسبقة بكلّ أنواعها، وتوقّع من الآخرين التصرّف مثلك. تأكّد من التّفكير في التنوّع أثناء تصميمك عمليّة التّوظيف، انطلاقًا من وصفك للعمل، إلى أسئلة المقابلة، وباقي المراحل المتعلّقة بالتّوظيف. وفّر تدريبًا لتعليم النّاس بمفهوم الأحكام المسبقة، وأنواعها، وتأثيرها السيّء. وفّر فرصًا لبناء قدرات أخلاقيّة مثل: أن تكون صادقًا، وموثوقًا به، وعادلًا. قدّم عواقب، أو نتائج مستمرّة، وجوهريّة، ومناسبة التّوقيت للسلّوك مسبق الأحكام في منظّمتك. الثقة، والمسؤولية الأخلاقية وأخيرًا، يتعلّق تطوير البيئات الآمنة -أيضًا- مع بيئة يكون فيها الأفراد قادرين على تطوير روابط ثقة غير قابلة للكسر، حيث لا يشعرون أنهم مضطرون إلى التخوّف باستمرار، بيئة يكون الأفراد فيها أحرارًا في الإشارة إلى سوء السلوك دون التوبيخ، و يشعرون أنهم سيحصلون على ما يستحقونه، ويتعلّق هذا البعد من تطوير بيئة عمل آمنة، بالتأكد من أن الأفراد يشعرون بأنهم يعاملون بطريقة عادلة، ومنصفة، وأن حاجتهم لتطوير بيئة عمل أخلاقية، ومعنوية يتم الوفاء بها. جد الحل شيرون، واتكينز وإنرون تعد شركة Enron واحدة من أسوأ أمثلة الاحتيال على الشركات في تاريخ الولايات المتحدة، فقد أدت الفضيحة التي دمرت الشركة إلى خسارة ما يقرب من 60 مليار دولار في قيمة المساهم، اكتشفت شيرون واتكينز -ضابط في الشركة- الاحتيال، وذهبت أولًا إلى رئيسها، ومرشدها، ومؤسّس الشّركة، ورئيسها كين لاي، للإبلاغ عن المخالفات المالية، والمحاسبية المشتبه فيها، فتجاهلها أكثر من مرة، لذا اتّجهت في النهاية إلى الصحافة بقصتها، ولأنها لم تذهب مباشرة إلى لجنة الأوراق المالية، والبورصات الأمريكية، لم تتلق واتكينز أي حماية للمبلغين، (لم يأتِ قانون Sarbanes-Oxley إلا بعد فضيحة إنرون في الواقع، بل كانت هذه القضيّة مما ساعد في إقناع الكونجرس بتمرير القانون). أصبحت واتكينز متحدّثا وطنيّا ذا سمعة عالية في موضوع الأخلاقيات، ومسؤوليات الموظّفين، وهي تتحدث الآن عن كيفيّة تصرّف الموظّف في مواقف مشابهة، وقالت في خطابها في النّدوة الوطنيّة للشخصيّة، والقيادة: "عندما تواجه شيئًا مهمًا حقًا، إذا كنت صامتًا، فأنت تبدأ على الطريق الخطأ، اذهب ضد الحشد إذا لزم الأمر". تتحدث واتكينز بصراحة عن خطر أن يكون المرء موظفًا أمينًا، وهو أمر يجب على الموظفين مراعاته عند تقييم ما يدينون به لشركتهم، وللعامّة، ولأنفسهم: “لن أحصل على وظيفة في الشركات الأمريكية مرة أخرى، في اللحظة التي تتحدث فيها عن الحقيقة للسلطة، ولا يُسمَع لك، فإن حياتك المهنية لم تعد كما كانت مرة أخرى ". تعامل قادة الشركات في شركة Enron مع الأزمة التي تلوح في الأفق من خلال الجمع بين إلقاء اللوم على الآخرين، وترك موظفيهم ليواجهوا الأمر وحدهم، ووفقا لواتكينز: "في غضون أسبوعين من اكتشافي هذا الاحتيال، استقال جيف سكيلين [رئيس Enron]. لقد شعرنا وكأننا في سفينة حربية، لم تكن الأمور تسير على ما يرام، وكان القبطان قد أخذ للتو طائرة هليكوبتر إلى المنزل، كان خريف 2001 أقتم مراحل حياتي، لأن كل ما اعتقدت أنه آمن لم يعد آمنا." هل كانت واتكينز تدين لشركة Enron، أو لمساهميها، أو للمستثمرين عامّة بالإفصاح عن شكوكها؟ اشرح إجابتك. ما مقدار التّضحية الّتي من العدل طلبها من موظّف مبلّغ عن تحايل؟ أفضل رواد الأعمال هم النماذج الحيّة من السّلوك الأخلاقيّ الجيّد، ويتوقّعون من موظّفيهم المثل، ويساعدون أفراد منظّمتهم على اكتساب بوصلة أخلاقيّة، لكنْ من المهمّ -أيضًا- أن يتّخذ أصحاب الأعمال إجراءات، ويثبّتوا الضّوابط، والفحوصات المناسبة؛ الّتي تكشف امتثال موظّفي المنظّمة لسياساتها، ومبادئ السّلوك الأخلاقي من عدمه. على الشّركات تنصيب أنظمة تراقب الامتثال لمعايير السّلوك الأخلاقي، كما ينبغي تطوير خطّ قيادة يضمن وضع الأفراد في القائمة إذا أظهروا سلوكا أخلاقيّا جيّدًا، كما يجدر بالتّقييمات الفرديّة أن تكافئ بالجوائز، والتّقدير، والتّرقية على السّلوك الأخلاقيّ، وبالعواقب، والحلول، والتّدريب على التصرّفات الّتي لا ترتقي إلى معايير الشّركة، مثل: خلع مدير تنفيذيّ من قائمة الإدارة إذا ظهر أنّه غير مسؤول في إدارته. ومن المهمّ ألاّ يضطرّ أفراد المنظّمة جرّاء الخوف، إلى اتّباع، أو قبول أنظمة المراقبة دونما نقاش، فعلى رائد الأعمال رعاية محيط يتوقّع فيه، ويدعم، ويشجّع كلّ فرد من المنظّمة على الاستقصاء، والإبداع، ومساءلة السّلطة، والبحث عن الحقيقة الخفيّة الّمهمّة، ولكن لا تعني مساءلة السّلطة القبول بكلّ شيء، إنّما نقصد أن يفكّر الموظّفون لأنفسهم، ويجب تشجيع تحمّل المسؤوليّة، فهي قضيّة أخلاقيّة، وقانونيّة معًا. إذا أخطأت إذا أخطأت أنت، أو منظّمتك، فعليك تقرير كيفية معالجة الموضوع، أنت مخيّر عمومًا بين أن تدفع الثّمن حالًا، أو تدفعه لاحقًا أضعافًا مضاعفة، وبالنّظر إلى أسوأ، وأغلى، وأكبر إخفاقات الشّركات في عصرنا هذا، تشير إلى أنّها أدّت إلى وفيات، وخراب ممتلكات، وكوارث بيئيّة وخيمة، وهذه الإخفاقات حدثت عمومًا بسبب انحرافات أخلاقيّة لصالح الإدارة. ولمواجهة هذه المشاكل، فعلى رواد الأعمال البدء بتحمّل المسؤوليّة، وقبول إخفاقاتهم، والاعتراف بما اقترفوه من أخطاء، وينبغي أن يكون هذا الاعتراف حقيقيًّا، وشفّافًا، وفوريّا، وصادقًا، ومخلصًا، إذا أرادوا أن يصدّق ذوو المصلحة ندمهم ويقبلوه، وبعد اتّخاذ تلك الخطوة، عليهم المضيّ في مواجهة المشاكل الّتي سبّبوها، لقد تعلّم كثير من القادة، ورواد الأعمال بالطّريقة الصّعبة، أنّ عليهم الانفتاح، والشّفافية مع ذوي المصلحة منذ البدء، فالإخفاق في الاعتراف السّريع بالأخطاء يمكن، بل أدّى إلى دفع أثمان كبيرة حين ينكشف الخطأ، ولذا فعلى رواد الأعمال اتّخاذ ما يأتي: الاعتراف بأخطائهم، وإخفاقاتهم، وفشلهم لذوي المصلحة. توضيح طبيعة المشكلة لذوي المصلحة الأكبر. إعلام ذوي المصلحة بأثر المشكلة، وآثارها الجانبيّة، وأسبابها. اتّخاذ الخطوات السّريعة، والضّروريّة، لمواجهة المشكلة، وإيقاف النّزيف. إقامة تحليل عميق، وحيادي، للتعرّف على السّبب الرّئيس للمشكلة. مواجهة الأشخاص، والفراغات النّظاميّة، الّتي سبّبت المشكلة في المقام الأول. وضع إجراءات تمنع تكرار الخطأ. للتلخيص: أفضل نهج هو أن تعترف بأخطائك، وَأَوْجُهِ تقصيرِكَ، وتدفع الثمن، وتصلح المشكلة، وتقتلع أسبابها، وتمنع تكرار الأخطاء نفسها منعًا منهجيًّا، وإليك بعض الأمثلة على أخطاء الشركات، وأوجه القصور التي تمت معالجتها بسرعة، قبل أن تتحول إلى مشاكل خطيرة، ومن ذلك: تسمم تايلينول، وحسابات العملاء المسروقة في Target. ومن الأمثلة على المشكلة التي لم يتم التعامل معها تعاملًا صحيحًا، وأسفرت عن مشاكل بمليارات الدولارات؛ مشكلة مفتاح التّشغيل الفاسد في سيّارات جنرال موتورز، واحتيال فولكس فاجن للتحكم في الانبعاثات، واحتيال حساب ويلز فارجو. رائد أعمال في الميدان اتخاذ الإجراء الصحيح أخلاقيًّا تجاوز تقرير التزام مميّز، وموقع ممتاز، وبعض الكلمات الفارغة عن قوانين التصرّف في مسؤوليّة الشّركة؛ على رائد الأعمال اتّباع قواعد القانون، وروح القانون، وفعل الشّيء الصّحيح دائمًا، وتحت أيّ ظرف، ولتحقيق هذا، فإنّ على رائد الأعمال اكتساب، وتطوير بوصلة أخلاقيّة، تمنعه من فعل الخطأ، واللاّأخلاقي بغضّ النّظر عن النّتائج. من الأمثلة التّقليديّة عن فعل الشّيء الصّائب؛ نذكر قضيّة جونسون وجونسون J&J. ففي سنة 1982، اكتشفوا أنّ أحدهم عبث بالمنتجات، ورشّ سيانيد البوتاسيوم على كبسولات التيلينول. ولمواجهة هذه المشكلة، وحماية علامتهم التّجاريّة، وتجنّب الإشهار السيءِ، عمدت شركة J&J إلى استعادة كلّ منتجات تيلينول من الرّفوف. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Ethical and Social Responsibilities of Entrepreneurs) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: أدوات الإبداع والابتكار التي يستعملها رواد الأعمال في حل المشكلات المقال السابق: مفهوم المسؤولية المجتمعية للشركات وريادة الأعمال الاجتماعية
  6. في هذا المقال سنشرح مفهوم ريادة الأعمال الاجتماعية، ودور رجل الأعمال المسؤول اجتماعيا. الذي لفهم دوره من المهم أن ننظر أولًا إلى المبادئ الرئيسة للمسؤولية المجتمعيّة للشركات (Corporate Social Responsibility واختصارا CSR)، والسّببِ الكامن وراء وجود هذا المفهوم، فالقليل من القرارات في مجال الأعمال، يمكنها تجاوز المهمة الأساسية لتوسيع ثروة المساهمين، واليوم -وهذا يعني بشكل خاصٍّ زيادة الأرباح ربع السّنويّة- يؤدّي مثل هذا التركيز المكثف، على متغير واحد خلال فترة زمنية قصيرة (منظور قصير المدى) إلى نظرة قاصرة لما يشكل نجاح الأعمال. يتطلّب قياس الرّبحية الحقيقية، منظورًا طويل المدى، فلا يمكننا قياس النجاح بدقة في غضون ربع عام، إذ غالبًا ما يستغرق المنتج، أو الخدمة، وقتًا طويلًا للعثور على السّوق المناسب، واكتساب جاذبيّة موازنة بالمنافسين، أو حتّى يظهر مفعول سياسة عمل جديدة، ذلك أن تلبية طلبات المستهلكين، والحفاظ على البيئة، وتحمّل المسؤولية الاجتماعية، وتجاوز المتطلّبات الأساسيّة؛ كلّ ذلك يستغرق بعض الوقت، والمال، ولكنّ التّكلفة، والجهد الإضافيّين، يعودان بالفائدة على المدى الطّويل. وإذا كان قياس النّجاح من هذا المنظور الأطول، فمن المرجّح أن نفهم التأثير الإيجابي للسّلوك الأخلاقي على جميع الأشخاص المرتبطين بنشاط تجاري. المسؤولية المجتمعية للشركات CSR إذا كنت تقدّر حقّا مواقف ذوي المصلحة من عملك، فأنت في الطّريق الصّحيح لفهم معنى المسؤولية المجتمعيّة للشّركات CSR، مما يعني ممارسة تدفع الشّركة للنّظر إلى ذاتها في سياق أوسع كعضو في المجتمع، إذ عليها واجبات اجتماعيّة ضمنيّة، وقضايا، واعتبارات بيئيّة، وهناك -كما أسلفنا- فرق بين الامتثال للقانون، وبين المسؤوليّة الأخلاقيّة، فالقانون لا يتعرّض لكلّ المعضلات الأخلاقيّة الّتي تواجهها الشّركات، لذا فالـ CSR تضمن أن تسير الشّركة وفق ممارسات، ومبادئ أخلاقيّة سليمة، تتوافق وثقافة الشّركة، ومهمّتها، بما يفوق أيّ معايير قانونيّة ملزِمة. فالشّركة الّتي تمارس المسؤوليّة المجتمعية، لا ينبغي أن يكون هدفها الرّئيس توسيع ثروة المساهمين فيها -فقط- لأنّ هذا الهدف لا بدّ أن يأتي على حساب ذوي المصلحة في مجتمع الشّركة، فعلى سبيل المثال: شركة التّنقيب الّتي تهمل مسؤوليّاتها المجتمعيّة، قد تتعدّى على حقّ مجتمعها المحليّ في الهواء النقيّ، والماء العذب؛ إذا سعت وراء الرّبح وحده، وعلى العكس من ذلك، تضع المسؤولية المجتمعية كلّ ذوي المصلحة في إطار اعتبار أوسع. وتعطي المسؤولية المجتمعية للشركات منظورًا آخر، يتلخّص في أنّ قادة الأعمال الأخلاقيّين، يختارون القيام بالعمل الخيّر، بالإضافة إلى العمل الجيّد، وهذا تلخيص مبسّط، لكنّه يوضّح كيف تؤثّر المسؤولية المجتمعية في أداء، وتنظيم أيّ شركة، فالفكرة هي أنّ للشّركة حقًّا في جني الأموال، لكنّها لا ينبغي أن تكتفي -فقط- بذلك، إذ عليها -أيضًا- التصرّف كجار حضاري في المجتمع، تسعى لتطويره، وتطوّره، وخلال سعيها لتحقيق أهداف الرّبح المشروع؛ عليها تحسين أوضاع المجتمعات الّتي هي جزء منها، فهذان الهدفان ليسا مرتبطين بالضّرورة، فيمكن تحقيق أحدهما دون الآخر، ولكنّ السّعي لتحقيقهما معًا ممكن، بل وجدير بالثّناء، وعندما تنتهج الشّركة هذا الأسلوب في أعمالها؛ فإنّها في طريقها نحو تحقيق المسؤولية المجتمعية. ومن أمثلة الشّركات المسؤولة مجتمعيّا؛ نجد رولكس (Rolex) الّتي حافظت على مركزها ضمن أكثر 10 شركات مسؤولية مجتمعيّة خلال 4 سنين متواصلة (2015~2019). لدى هذه العلامة التّجارية مقدرة خاصّة على ربط المنتجات بالشّركة، وتحفيز مشاعر ذوي المصلحة فيها بالتّعاقد مع شخصيّات شهيرة تعبّر عن قيم الشّركة، فعلى سبيل المثال: روجر فيدرر، بطل التّنس السّويسري، مثال حيّ للمثابرة، والجودة المطلقة، وهذه الأخيرة قيمة تفتخر بها رولكس في منتجاتها، وكذا عالمة الأحياء البحريّة سيلفيا إيرل تستكشف المحيط، وتحمي النّظم البيئيّة، وهي قيمة توليها رولكس كثيرًا من العناية، والاهتمام. وانطلاقًا من المنظور التّاريخي؛ لم تكن عمليّة تطوّر المسؤولية المجتمعية للشركات بالأمر الهيّن، منطلقة من نقاط ضعيفة، وإخفاقات أخلاقيّة كارثيّة (الجدول 1.3). مرورًا بتطوّر كبير في عدد النّقاط المسجّلة، والتصرّفات المحسّنة، نتيجة القوانين والضّوابط المتّخذة ردًّا على الإخفاقات السّابقة، وصولًا أخيرًا -بعد تلك الفضائح- إلى شقّ بعض الأفكار الأخلاقية الطّوعية طريقها إلى عالم الشّركات، مثل CSR ومواطنة الشّركات، وبينما قدّمت هذه المفاهيم الاستراتيجيّات، والأدوات؛ لتقوية الدّعائم الأخلاقيّة في الشّركات،استمرّت الفضائح، لتظهر بالمقابل استراتيجيّات جديدة لمجابهتها. إن إخفاقات أخلاقيّة من مثيلات فضيحة مايكل ميلكين، ودريكسيل بورنهام لامبرت، وحديثًا فضيحة الرّهن العقاري في الولايات المتّحدة الأمريكيّة سنة 2008، كل ذلك، وغيره دفع الكونغرس الأمريكي إلى سنّ قوانين جديد، مثل Sarbanes-Oxle، وقانون التّداول من الدّاخل، وقانون مكافحة الاحتيال المالي، وقانون Dodd-Frank. كما أن الفشل الأخلاقي مثل فضيحة مايكل ميلكين/ دريكسيل بورنهام لامبرت، وانهيار إنرون، والعديد من الآخرين، بما في ذلك فضيحة صناعة الرهن العقاري/ المشتقات الأخيرة لعام 2008/2009 ، كل ذلك دفع الكونغرس لسن قوانين جديدة، تشمل الأمثلة على الإصلاحات القانونيّة التي سنّتها الحكومة الفيدرالية استجابةً للإخفاقات الأخلاقية؛ قوانين مثل قانون Sarbanes-Oxley ، وقانون التعاملات الداخلية من أجل إنفاذ قوانين الاحتيال في الأوراق المالية، وقانون Dodd-Frank، وزيادة على سنّ إصلاحات قانونية، أصدرت العديد من الوكالات الحكومية لوائح جديدة، في محاولة لمنع الشركات من الانخراط في أنشطة غير أخلاقية، وغير قانونية، وجالبة للمفسدة، تشمل الأمثلة على الوكالات التي وضعت لوائح جديدة استجابة للإخفاقات الأخلاقية في قطاع الأعمال مثل: هيئة الأسواق، والأوراق المالية (SEC)، ومجلس مراقبة حسابات الشركات العامة (PCAOB)، ومكتب الحماية المالية للمستهلكين (CFPB)، هيئة تنظيم الصّناعة الماليّة (FINR). إن القيام بما هو أخلاقيّ، واحترام القانون، وردّ الجميل إلى المجتمع، كلّها مفاهيم مرتبطة ببعضها. المسؤولية المجتمعية للشركات، الأخلاقيّات، والقانون مجال المسؤولية النتيجة المرجوة الجهة المطالِبة قانونيّة الامتثال للقوانين، والضّوابط الحكومة ماليّة الأرباح المساهمون أخلاقيّة التصرّف المنصف/تجنّب الإيذاء يتوقّعها ذوو المصلحة اجتماعيّة/خيريّة لغدوّ شركة مواطنة جيّدة يستحسنها المجتمع table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 1.3 لاحظ أيّ الواجبات، أو المسؤوليّات إلزاميّة، وأيّها تقديريّ. نذكر في الجدول الآتي (الجدول 2.3) نماذج لشركات خاضت إخفاقات أخلاقيّة، جرّت عليها مشاكل كبيرة، وخسائر بملايين الدّولارات، ولكلّ منها تأثير عميق، طويل المدى على حياة الأفراد، والمجتمع، الّذي تنشط فيه، مع حالات أثّرت في المحيط البيئي العالمي، هذه المشاكل الّتي أدّت إلى وفيات، وبطالة، وتحطيم ملكيّات، واستنزاف مدّخرات، وكوارث بيئيّة، إنّما نشأت جميعها جرّاء مشاكل أخلاقيّة، أو نوعيّة. نماذج من مشاكل المسؤولية في شركات مليارية المنظمة مجال الإخفاق مؤسّسة شيفرون كارثة إلقاء النّفايات السامّة في الأمازون مجموعة فولسفاغن فضيحة انبعاثات الدّيزل مؤسّسة تاكاتا خلل الوسادات الهوائية جينرال موتورز خلل مفتاح التّشغيل ويلس فارغو للخدمات المالية ممارسات مصرفيّة غير أخلاقيّة النّفط البريطاني BP P.L.C كارثة التسرّب النّفطي في خليج المكسيك مؤسّسة ENRON ممارسات مصرفيّة غير قانونيّة يونيون كاربيد إنديا الكارثة النّووية في بوبال Bhopal إيلي ليلي تسويق احتياليّ سلاح المهندسين الأمريكي كارثة الحماية من إعصار سيرج مؤسّسة تويوتا موتور تسارع خارج عن السّيطرة في السيّارة مؤسّسة نايكي خرق قوانين العمل، وقواعد السّلوك مؤسّسة إنتل قضيّة احتكار في الاتحاد الأوروبي فلينت ميشيجان كارثة المياه في فلينت، ميشيجان Phar-Mor, Inc أكبر احتيال في المحاسبة برنارد ل. مادوف للاستثمارات الماليّة LLC احتيال مادوف بمخطط بونزي الجدول 2.3 إن من أهم نقاط الضّعف في التّدابير المتّخذة لمعالجة هذه الفضائح؛ أنّها لا تمنع بالضّرورة من تكرار المشكلة، لأنّها مبنيّة على الخوف، والامتثال في بعض الحالات، وبدل منع النّشاطات غير الأخلاقيّة، يعمد النّظام إلى تمكين قادة الأعمال غير الأخلاقيّين من اتّخاذ أبسط الإجراءات، ودفع أقلّ الغرامات، عوض تصحيح نشاطاتهم، أو تغيير مناهجهم. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } جد الحل إخفاق جنرال موتورز في أخذ ذوي المصلحة بالحسبان عانت جنرال موتورز مع صورتها، وعلاماتها التّجاريّة على مرّ السّنين، فقد تخلّت عن بعضها، مثل Oldsmobile وPontiac. وباعت أخرى، قبل أن تبزغ من جديد بعد إفلاسها سنة 2009 وإعادة تنظيمها، لكنّ الشّركة مصنّعة السّيارات تلك، كانت تخفي مشكلة أكبر مثل: مفتاح التّشغيل في كثير من سيّاراتها؛ فقد كان ميّالا إلى التعطّل، وقد تسبّب في 124 حالة وفاة و 273 إصابة، لتقف جنرال موتورز أخيرًا في المحكمة، فقد وصلت سنة 2014 إلى تسوية بقيمة 900 مليون دولار، واسترجعت 2.6 مليون سيّارة من السّوق. وتوضّح هذه الحالة الصّراع بين مفهومي: "الهدف الوحيد للعمل؛ وهو الرّبح، لذا فالتزام رائد الأعمال الوحيد هو تحقيق أقصى ربح للمساهمين" من جهة، وبين "الالتزامات الأخلاقية" الّتي تدين بها الشّركة لأصحاب المصلحة الآخرين من جهة أخرى، فقد أغفلت جنرال موتورز مصلحة زبائنها، وذوي المصلحة فيها، باختيارها عدم الإفصاح عن احتمال فشل مفاتيح التّشغيل، مما أدّى إلى انهيار أخلاقي في عمليّاتها، وكلّفها، وعملاءها الشيء الكثير، فمعاملتها هذه للعملاء -على أنّهم مجرّد أداة تستغلّها للوصول إلى غايتها- معناه تخلّيها عن جيل من الزّبائن الأوفياء. ما هي القيم، والفضائل المشتركة بين الزّبائن، الّتي قامت جنرال موتورز بخيانتها بإخفائها الخطر الكامن في سيّاراتها؟ كيف تعتقد أنّ تلك الخيانة أثّرت في العلامة التّجارية للشّركة؟ وكيف تتخيّل شعور المشتري تجاهها؟ وكيف أثّرت الشّركة بهذا في رؤية مساهميها لها؟ تبنّى كثير من المنظّمات في السّنوات الأخيرة المسؤوليّة المجتمعيّة للشّركات CSR، حيث لم تتوقّف النّشاطات المتوقّعة من الشّركة عند تصنيع منتج ممتاز، وتسعيره بإنصاف، مع هامش ربح معقول، ودفع أجور مناسبة للعمّل، بل تتجاوز ذلك إلى الاهتمام بالبيئة، والتّفاعل مع القضايا الاجتماعية الأخرى، وفي هذا المجال، نرى أنّ العديد من المنظّمات تطلق مشاريع اجتماعيّة، وتشارك تلك المعلومات مع عملائها، والمجتمعات الّتي تنشط فيها. وفي حال تصرّف المنظّمات حسب المسؤولية المجتمعية CSR، وانطلاقًا من إيمانها به؛ فإنّ ذلك يعود بالنّفع عليها، وعلى ذوي المصلحة فيها على حدّ سواء، وهذا أوضح في حالة ذوي المصلحة الّذين لا تولى لهم أهميّة كبيرة عادة، ولا يملكون ما يدفعون به شرّ الشّركات عنهم: مثل البيئة المحيطة، وأفراد المجتمع المقيمين قرب موقع الشّركة، ومراكز التّصنيع. قد تضطرّ المسؤولية المجتمعية للشركات، المديرين إلى إظهار الجانب الاجتماعي الجيّد في منتجاتهم، ومشاريعهم الجديدة، حيث يمكن أن يكون ذلك استجابة لردود الأفعال الغاضبة، الّتي طالما واجهتها الشّركات على خلفيّة اتّهامات إضرارها بالبيئة، والمجتمعات في سعيها للفاعليّة، والرّبح. وقد يمثّل الاتّجاه نحو تبنّي المسؤولية المجتمعية للشركات CSR فرصة لتحرّكٍ أكبرَ، ومشاركةٍ أوسع، لمجموعات طال تجاهلها حتّى الآن، بفضل موجة النمو الاقتصادي للشّركات الّتي تعيد تشكيل العالم الصّناعي. ريادة الأعمال الاجتماعية تصف الريادة الاجتماعية المشاريع الّتي يطلقها روّاد أعمال داعمون؛ بالقضايا الاجتماعية، وهم مع ذلك قادرون على الاستفادة من تلك القضايا بجعلها منصّة لتطوير منظّمة اقتصاديّة، والحفاظ عليها، ويرسخ هؤلاء الأفراد رؤية واسعة، أو هدفًا ساميًا، ويستغل هذا النّوع الجديد من رواد الأعمال كلّا من قوّة مواقفهم، ومكانتهم في مجتمعهم، والتّآزر المحتمل، وقدرة الشركةِ على خلق الثّروة، ويجعلونها وسيلة، أو منصّة لتعزيز أهدافهم الاجتماعيّة، ورؤاهم الشّخصيّة، وتنطوي تلك القضايا الاجتماعيّة -عادةً- على حلّ مشكلةٍ اجتماعية مستعصيةٍ، ومكلفة، أو ألم، أو ظلم اجتماعيّ ينبغي رفعه، أو حتّى مشكلة عالميّة تغاضى عنها المجتمع، والمنظّمات، أو همّشوها. إن الهدف الأوّل، والغاية الأخيرة لرائد الأعمال المسؤول اجتماعيًّا؛ هو تحقيق الثّروة، لذا نجد أنّ الهدف الأسمى لرائد الأعمال الاجتماعيّ؛ هو خدمة قضيّة ما، من خلال جمع المال لدعم تلك القضيّة؛ ممّا يعني أنّ رائد الأعمال الاجتماعي يعمل لتطوير المجتمع، عوضًا عن جمع ثروة أكبر للمساهمين، ويشترك رواد الأعمال الاجتماعيّون -عادة- في صفات مثل عقليّة الإيثار، وحسّ الواجب، والمسؤوليّة تجاه شخص، أو شيء ما، والعزم شديد على تحقيق التّغيير، ومقاومة الفشل، وتحمّله. وثمّة كثير من الأمثلة عن شركات تبنّت مفهوم المسؤولية المجتمعيّة CSR، بل أكثر من ذلك، نجد أنّ بعض رواد الأعمال أطلقوا شركات ناشئة هدفها الوحيد هو ردّ الجميل إلى المجتمع، وقد نالت أغلبها الشّهرة، ومن تلك الشّركات: تومز للأحذية (TOMS Shoes)، بومباس للجوارب (BOMBAS Socks)، وووربي باركر للنظّارات، فكلّ واحدة من تلك الشّركات تعتمد منهج المسؤولية المجتمعية CSR، وتتبرّع بمنتج من منتجاتها عن كلّ منتج مباع، وبعض الشّركات تتجاوز ذلك بتحولها إلى شركات B-Corporate معتمدة، وهو نوع من الـ CSR. ريادة الأعمال البيئية على غرار الرّيادة الاجتماعية، تدعو الريادة البيئية إلى قضية اجتماعيّة مفيدة، ومهمّة، وكذا ذات نفع اقتصادي، ويتعامل هذا الاتجاه البيئي مع مبادرات تحمي نظامنا المعيشي مثل: الطّاقة النظيفة، والمتجدّدة، وإدارة النّفايات، وبرامج مجابهة الاحتباس الحراريّ، والموارد المائيّة المحسّنة، وحماية التنوّع الحيويّ، وتقليل التصحّر، والتّدهور البيئيّ، وهذه المبادرات سليمة من ناحية تجاريّة، على أنّها فوق هذا لا تلوّث، أو تخرّب، أو تدمّر، أو تترك أثرًا سيّئا على البيئة. كما يمكن لرائد الأعمال إظهار التزامه بالوعي البيئيّ بطرائق عدّة: إحداها: امتلاك شركة تساعد مباشرة على تنظيف البيئة المحيطة، مثل Ocean Cleanup (تنظيف المحيط)، فهذه المؤسّسة غير الرّبحيّة، بدأها رائد أعمال يبلغ خمسًا وعشرين سنة من العمر، سعيًا منه لتنظيف تجمّع النّفايات في المحيط الهادئ. ومن الطّرائق الأخرى؛ امتلاك شركة اعتياديّة في القطاع الخاصّ، على أن تلتزم بالعمل وفق طريقة مسؤولة بيئيّا، ومثالنا: باتاجونيا (Patagonia)، وهي شركة ملتزمة بالمسؤوليّة في جلب مصادرها، ومبادرات أخرى. الطّريقة الثّالثة: وهي الانضمام إلى منظّمة مؤيّدة، ومثالنا E2، وهي عبارة عن "مجموعة وطنية، وغير حزبية، مكونة من قادة الأعمال، والمستثمرين، وغيرهم، ممن يدفعون إلى سياسات ذكية في صالح الاقتصاد، وفي صالح البيئة." وتسعى هذه المجموعة على مستوى الولاية، فالإقليم، فالوطن، إلى تغيير السّياسات الّتي تهتمّ بالطّاقة، والمناخ، والمحيطات، والمياه، والنّقل، والتطوّر الذكيّ، وهي سياسات هدفها الأساس تحسين الهواء، والماء، والصحّة العامّة، وكذلك خلق فرص العمل في تلك المجالات، ومن أمثلة المبادرات النّاجحة لهذه المجموعة، نجد أوّل اتّفاق على معايير انبعاثات السيّارات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. لقد تجاوبت الشّركات في العقود الأخيرة مع انشغالات ذوي المصلحة حول البيئة، والاستدامة، وقد بدأت شركة داو جونز سنة 1999 بنشر قائمة سنويّة للشّركات المهتمّة بالاستدامة؛ ونعني بالاستدامة في هذا السّياق ممارسة الحفاظ على الموارد، والعمل بطريقة مسؤولة بيئيّا على المدى الطّويل. وتعدّ مؤشرات داو جونز للاستدامة "معايير للمستثمرين الّذين يدرجون الاهتمام بالاستدامة في محافظهم الماليّة." وثمّة قناعة متزايدة بأن تصرّفات البشر يمكنها الإضرار بالبيئة، بل وقد أضرّت بها سلفا، حيث إن تدمير البيئة هذا، يقود إلى موارد أندر، وفرص عمل أقل، ومستوى معيشي أسوأ. ويدرك رواد الأعمال المنفتحون بأنّ الرّبح ليس إلا جزءًا واحدًا من إيجابيات العمليات التجارية، فإدارة هذه الأعمال التّجارية تتيح لرواد الأعمال فرصًا لردّ جميل المجتمع بطريقة مسؤولة، بالإضافة إلى حماية البيئة، وهناك مساهمات أخلاقيّة أخرى يمكن لرواد الأعمال أخذها بالحسبان، مثل: افتتاح المدارس، والعيادات الطبيّة في الأحياء الفقيرة، ومنح الأعمال الخيريّة المفيدة في التجمّعات التي تنشط بها الشّركات. ولقد أجريت في العقود الأخيرة العديد من الدّراسات حول تأثير النشاطات التجارية على كوكبنا، ويشير توني جونيبر في إحداها، إلى أنّ النموّ السكاني، وما يصحبه من طلب على الموارد الطّبيعيّة، بالإضافة إلى ما تحدثه الكوارث الطّبيعيّة، قد أثّرت جميعها تأثيرا عميقا، ومستدامًا على الكوكب. ويقول جونيبر بأنّنا زدنا من استهلاكنا للموارد الطّبيعيّة عشرة أضعاف، ورفعنا إنتاج الحبوب أربعة أضعاف، وزدنا استهلاك المياه العذبة خمسة أضعاف، بينما زاد صيد السّمك، أربعة أضعاف. وضاعفنا استهلاكنا لمنتجات الأرض المتجدّدة، كما رفعنا من تركيز الغازات الدفيئة في الجوّ. لقد ناقشنا باقتضاب -آنفًا- الآثار المدمّرة للبيئة، الناجمة عن السلوك السيء لشركات التّنقيب عن النّفط، من أمثال: تيكساكو، وشيفرون، لأنّك حينما تنقّب عن النّفط في واحدة من أغنى بقاع العالم تنوّعا حيويًّا، مثل: غابات الأمازون الماطرة في الإكوادور، ثمّ تلقي 70 مليار لتر من البقايا، والنّفايات في غابات الأمازون وأنهاره، فأنت -بلا شكّ- تترك أثرًا سلبيا على الكوكب، وإذا ما درست بدقّة، الحياة البريّة المحليّة، والنّباتات، وباقي الخصائص في منطقة ما، قبل تخليتها لبدء نشاطك (قلع الأشجار لأجل الحطب، والنّباتات لأجل التّداوي، والتّنقيب عن النّفط)، ثمّ أعدت المنطقة إلى سابق عهدها بعدما تنتهي، فأنت تلغي أثرك على الكوكب، بينما إذا حسّنت، وقوّيت المنطقة، ففتحت المدارس، ووفّرت مناصب العمل، وعلّمت المحليّين كيفية الحفاظ على مواردهم الطّبيعيّة، وتنميتها. فأنت بهذا تترك أثرًا إيجابيًّا على الكوكب، لهذا فإنّ على رواد الأعمال تعلّم الأثر الّذي تخلّفه كلّ نواحي شركاتهم، وموازنة الاختيارات، ثمّ اختيار سياسة لا تؤذي الكوكب، بل تنفعه. الاستدامة تتعلّق الاستدامة بالنّشاطات، وأساليب الحياة الّتي تأخذ بعين الاعتبار استمرار الأجيال المستقبليّة، وهي مرتبطة ارتباطًا عميقًا بفعل ما هو أخلاقيّ، وصائب، فليس من العدل اتّخاذ إجراءات تنفع الجيل الحالي، على حساب الأجيال القادمة، وهذا يعني أنّ الرّيادي المهتم بالاستدامة، أو الريادي الاستداميّ، مدفوع، ومدافع عن مقاربة مسؤولة اجتماعيًّا في امتلاك، وإدارة أيّ شركة، والاستفادة من الاحتمال الاقتصادي للموارد الجاهزة، والمتجدّدة؛ بغية إضافة قيمة إلى العالم الّذي تنشط فيه، ومع هذا فإنّ الاستدامة تعني أكثر من مجرّد الوعي البيئيّ، ومن التّعريفات البسيطة للاستدامة؛ أنّها القدرة على الحفاظ على مستوى، أو معدّل ثابت، وهذا لا يخصّ البيئة وحسب، بل ينسحب إلى الموارد الطّبيعية، والبشريّة، وسلاسل توريد المنتج، ومفاهيم عديدة مرتبطة بالنّشاط التّجاريّ. وعليه، فإذا كان رائد الأعمال استداميًّا، فإنّ عليه أخذ مجموعة واسعة من المسائل بعين الاهتمام، ومنها الاستخدام المسؤول للماء، والكهرباء، أو المشاركة في تنويع الموردين، وبرامج التّوريد المسؤولة، أو تمويل مبادرات صحّة العمّال، ذلك أنّ فكرة الاستدامة في جوهرها تعني التّفكير على المدى الطّويل لا القصير. وبالنّظر إلى ارتفاع صوت حركة البيئة، والاستدامة عالميّا، فإنّه لا ينبغي لأيّ شركة اليوم، أن تدير أعمالها دون الالتفات إلى التّوازن الدّقيق بين سلامة البيئة، وأرباح الشرّكة، ومن الجيّد أن يدرك مديرو الشّركات، أنّ استدامة شركاتهم على المدى الطّويل، وحتّى ربحيّتها؛ تعتمدان اعتمادًا كبيرًا على حماية المحيط الطّبيعي، وبما أنّ كلّ الشّركات تعتمد على الموارد الطّبيعيّة بشكل أو بآخر، فإنّ تجاهل هذا التّرابط بين العمل، والبيئة، لا يأتي -فقط- بلعنات الرّأي العام، وانتباه صنّاع القرار، الّذين يستمعون إلى من يمثّلونهم، بل يعرّض الشّركات ذاتها إلى خطر الاندثار. الرواد المسؤولون، وفرص الريادة الاجتماعية القدرة على تدشين مشروع جديد امتيازٌ، وفرصة محمّسة، والعزم على تخطيط، وإطلاق مشروع جديد، بطريقة مسؤولة؛ يساعد على مواصلة تشكيل عالم أفضل، كما أنّ تطوير مشروع جديد، يأخذ بالحسبان، وعيًا وحسًّا بالتّأثيرات الفورية، والأخرى طويلة المدى؛ إنّما يعكس قيم، وأهداف رائد الأعمال على الصّعيد الشّخصي، وعلى صعيد منظّمته. يبدأ بعض رواد الأعمال شركاتهم بمشروع مجتمعي، حيث يستفيد المجتمع من القوّة، والتّآزر، والموهبة، والمقدرة، والموارد المتوفّرة فيه، لإضافة القيمة، وتغيير العالم تغييرًا إيجابيًّا، كما أنّ هذه المقاربة تكرّس إبداع أبناء المجتمع، وآراءهم وأحاسيسهم للابتكار، وإضافة القيمة إلى البيئة المحليّة. رائد أعمال في الميدان قصة بلايك ميكوسكي ريادي TOMS Shoes على لسانه اقرأ سرد بلايك ميكوسكي لكيفيّة تأسيسه TOMS Shoes: "أخذت سنة 2016 عطلة من العمل لأسافر إلى الأرجنتين، كنت في التاسعة والعشرين وقتها، حيث أدير شركتي الرّياديّة الرّابعة: برنامج تعليم السّياقة على الإنترنت للمراهقين، وكانت الأرجنتين إحدى الدّول الّتي سابقتُ فيها مع أختي بَيج سنة 2002 في البرنامج المذاع على قناة CBS "السّباق المذهل - The Amazing Race". "هناك، قابلت امرأة متطوّعة تبحث عن الأحذية، وقد شرحت لي أنّ الأطفال يفتقرون إلى الأحذية، حتّى في دولة متطوّرة نسبيّا مثل الأرجنتين، وغياب الأحذية هذا، يتجاوز خطره تصعيب حياتهم اليوميّة، مثل: الذّهاب إلى المدرسة، وسقي الماء، إلى تعريضهم إلى مجموعة واسعة من الأمراض، وقد جمعت منظّمتها الأحذية من المتطوّعين، وقدّمتها للأطفال، واعتماد الأطفال على التبرّعات يعنى ألّا خيار لهم في تحديد وقت، وإمكانية الحصول على الأحذية." لقد "كانت ردّة فعلي الأولى التّفكير في إنشاء منظّمة خيريّة للأحذية، ولكن بدل الاعتماد على التبرّعات بالأحذية، سأطلب إلى عائلتي، وأصدقائي، التبرّع بالمال لاشتراء الأحذية المناسبة للأطفال، على وتيرة دائمة، إذ لديّ عائلة كبيرة، والعديد من الأصدقاء، ولم يكن من الصّعب إدراك أنّ قائمة معارفي تلك، ستنتهي عاجلًا، أم آجلًا. ثمّ ماذا؟ فهؤلاء الأطفال يحتاجون أكثر من مجرّد تبرّعات الغرباء غير المستمرّة بالأحذية. " و"عندها خطرت لي فكرة: لماذا لا أنشئ شركة ربحيّة لتوفير الأحذية لهؤلاء الأطفال؟ لماذا لا أخرج بحلّ يضمن توفّر الأحذية على الدّوام، ولا يعتمد فقط على استعداد النّاس للتبرّع؟ ومقابل كلّ زوج أحذية أبيعه، أتبرّع بزوجٍ لطفل محتاج. لا نسب مئويّة، ولا صيغ حسابيّة -فقط- وفق هذا المفهوم البسيط: بع زوج أحذية اليوم، وتبرّع بآخر غدا." وهنا "شعرت بأنّ شيئًا ما حول هذه الفكرة صائب جدًّا، على الرغم من افتقاري للخبرة، وحتّى المعارف في عالم تجارة الأحذية، لكنّني امتلكت شيئًا واحدًا وقتها، جاءني مباشرة؛ وهو اسم شركتي الجديد: أسميتها TOMS. لأنّني كنت أفكّر في عبارة: "Shoes for a better tomorrow" بمعنى "أحذية لغد أفضل" والّتي تحوّلت إلى: "Tomorrow"s Shoes" بمعنى "أحذية الغد"، والّتي صارت TOMS. والآن تعرفون لماذا أسمّى بلايك، بينما شركتي هي تومز! لأنّ الفكرة لا تدور حول شخص، بل حول وعد: غد أفضل." حصلت على دفعة بفضل تقرير حول الشّركة في مجلّة LA Times. وبنهاية اليوم وصلتنا 2200 طلبيّة، وكان هذا الخبر الجيّد، أمّا السيّء فكان امتلاكنا لـ 160 زوج أحذية -فقط- موضوعة في شقّتي، وقد وعدنا على الموقع بالتّوصيل خلال 4 أيام، فما العمل؟" "أنقذني Craiglist (موقع إعلانات أمريكي لمختلف الحاجيات)، نشرتُ إعلانًا لطلب مساعدين، واخترت ثلاثة مترشّحين متميّزين، بدأوا العمل معي في الحال، بعنا في ذلك الصّيف الأوّل 10000 زوج من الأحذية، جميعها من شقّتي في البندقيّة." بلايك ميكوسكي: "كيف فعلتها: قصّة TOMS"، مجلّة Entrepreneur، سنة 2011. تنطلق أنواع مختلفة من النّشاطات التجاريّة، بهدف اجتماعي في الحسبان، ويتمتّع رواد أعمال المنظّمات غير الرّبحية (وحتى تلك الّتي تبدأ ربحيّة مثل TOMS) بإمكانيّة السعي وراء أرباحهم، هذه المنظّمات تشترك -عادة- مع منظّمات حكوميّة، أو مؤسّسات عامّة، أوخاصّة، أو جمعيّات، أو حتّى أشخاص يتمتّعون بالمال، والمواقف المجتمعيّة، وهذا من أجل خدمة المجتمع العامّ، ومن أمثلة المبادرات غير الرّبحيّة؛ نذكر جمعيّة الكبد الوطنيّة في أريزونا، الولايات المتّحدة الأمريكيّة، هذه المنظّمة تبحث عن حلول لأمراض الكلى، والمسار البولي عبر التّعليم، والوقاية، والعلاج. يستفيد المشروع التّعاوني من مهارات أعضاء المنظّمة، ومواردهم المالية، والفكريّة، للعمل، وتقديم الفائدة لهم، وبهذا يختلف المشروع التّعاوني عن المنظّمة غير الرّبحية في كيفيّة عودة المال إلى المجتمع، ففي حالة المنظّمة غير الرّبحية، لا يمكن للمسيّرين توزيع الأرباح على الأعضاء، أو المستثمرين، لتحتفظ المنظّمة بالمال المتبقّي. وأمّا في حالة المشروع التّعاوني، فإنّ بالإمكان -عادةً- توزيع الأرباح على الأعضاء وفق مساهماتهم، ونسب امتلاكهم، ومن أمثلة المشاريع التّعاونيّة نذكر The Unity One Credirt Union، وهو مشروع يمتلكه أعضاؤه، تعاوني غير ربحيّ، يعمل لفائدة أعضائه. وثمّة نوعان آخران من المنظّمات، يمكن عدّهما نوعًا واحدًا، وهما: الشّركات الاجتماعيّة، والشّركات اجتماعيّة الأهداف. وهي شركات يدفعها أساسًا قضيّة اجتماعيّة مهمّة، ويمكن فيهما لرواد الأعمال الاجتماعيّين تنفيذ غاياتهم، وأهدافهم الاستراتيجيّة، بتقديم فائدة مضافة، أو منتج، أو خدمة، تسدّ عجزًا، أو تحلّ مشكلة، أو تزيح ألمًا، أو ترفع ظلمًا، فالشّركة الاجتماعيّة مصمّمة -عادة- لتكون ذاتيّة التّمويل، ومن أمثلتها: The Grameen Bank الّذي أسّسه محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسّلام، والّذي ابتكر مصطلحي الإقراض الصّغير، والتّمويل الصّغير، ونجح بنكه هذا عبر تقديم قروض صغيرة إلى الأشخاص الّذين لا يكادون يمتلكون أيّ ضمانات، لكنّهم يريدون بدء نشاط تجاريّ لإعالة أسرهم. وأمّا الشّركة اجتماعيّة الأهداف، فتسمّى -عادة- بـ B-Corp أو شركة ربحيّة (B إشارة إلى Benefit بمعنى الرّبح)، وعمليّة التحول إلى شركة B معتمدة، هي عمليّة رسميّة، تتطلّب الامتثال لمجموعة من المعايير، وتدقيقًا في هذا الامتثال، تديره منظّمة الـ B-Corp وتشرف عليه. وجوهر شركات B الجديدة هذه هو: "إدراك ضرورة عدم الإضرار، وخلق تأثير إيجابي خلال سلسلة القيمة كلها."، ووفقًا لمنظّمة B-Corp، هذه، فإن الشّركات المعتمدة، مطالبة قانونيّا بالأخذ بالحسبان، تحمل كلّ آثار قراراتها على عمّالها، وعملائها، ومزوّديها، والمجتمع، والمحيط، وثمّة حاليًا وحسب موقع B-Corps أكثر من 2500 B-Corp معتمدة رسميّا في أكثر من 50 بلدًا، تغطّي أكثر من 150 صناعة مختلفة. ومن أمثلة الـ B-corps نذكر كيك ستارتر (Kickstarter)، موقع التّمويل الجماهيري، وهو واحد من أكبر مجتمعات التّمويل للمشاريع الإبداعيّة، بدءًا بالأفلام، فالألعاب، ثمّ المطاعم، مرورًا بالفنّ، والتّصميم والتقنية، وهو يتيح لروّاد الأعمال سبيلًا لتمويل مشاريعهم، إذا لم يتمكّنوا من الاقتراض من البنوك. المشروع الهجين: ويستخدم هذا النوع استراتيجيّة مدمجة لتمكين المنظّمة من تحقيق الرّبحيّة، والخدمات، أو المنتجات، ذات القيمة المجتمعيّة، ويجذب المشروع الهجين اهتمام مستثمرين مختلفين، ويعتمد على فرص استثمار مختلفة، بينما يدعم مهمّة محورها قضيّة اجتماعيّة مهمّة، وهدف أسمى، ومن أمثلة المشاريع الهجينة نذكر: Embrace Innovations، مصنّع حاضنات الأطفال الخدّج، والّذي بدأ كمنظّمة غير ربحيّة، وهو مثال للعلاقة بين التّعليم الأكاديميّ، وعالَمِ الأعمال، إذ كانت فكرته جزءًا من درس خاصّ في جامعة ستانفورد، تحت مسمّى "برنامج ستانفورد للتّصميم ميسور التّكلفة"، وهو موجّه لفرق الطّلاب الّذين يبحثون عن مزيد من الدّعم (مختبر الريادة الاجتماعيّة، ومختبر التّصميم تحديدًا)، وقد انطلق Embrace سنة 2007، وأسّست الشّركة سنة 2008، لتطلق أوّل نسخة من منتجها سنة 2011، ويوزّع المنتج حاليّا في عيادات في الهند، حيث استفاد منه عشرات المواليد الخدج، وقد أقامت الشّركة شراكات عدة، مع منظّمات متعدّدة الجنسيّات قصد توزيع المنتج. عند تدشينك شركة اجتماعية، ينبغي عليك الأخذ بالحسبان الجوانب التقنية، وكذا القضيّة، أو الهدف وراء إنشائها على حدّ سواء، وبينما تُطوّرُ نموذج عملك، واستراتيجيّة تسويقك، وباقي جوانب دعم مشروعك؛ لا بدّ أن تحافظ على الهدف الاجتماعي الأساس المثبت في خططك، وقراراتك. تعريف مهمتك، وقيمك القيم الّتي نختارها، ونقدّرها، هي جوهر شخصيّاتنا، نحملها معنا حيثما حللنا، أو عشنا، أو عملنا، أو لعبنا، وكما أسلفنا، فإنّ مسارك الرّيادي الّذي تختاره، ينبغي أن يعكس قيمك، سواء أنشأت منظّمة بدافع الرّبح، أو سواه، ويمكنك -أيضًا- إنشاء شركة ربحيّة، ثمّ التطوّع بجد، وإخلاص، أصالة عن نفسك، أو نيابة عن شركتك، في القطاع غير الرّبحي، وأيّا يكن مسارك الرّيادي، فإنّ من المهمّ ألاّ تسمح للذين لا يقدّرون الوفاء، والجديّة بتحطيم قيمك. ليست ريادة الأعمال منافسة لا يربح فيها إلا من ينهيها بأكبر محفظة ماليّة، أو أسرع سيّارة!! إذ لا مجال للمقارنة بين ذلك، وبين معاملة الآخرين بنزاهة، واحترام، وإحاطة نفسك برموز حقيقيّة لمسار وظيفيّ ناجح: عائلة، وأصدقاء، وزملاء يشهدون بالنزاهة الّتي أبديتها في عملك، فإن تحقيق النجاح يكون بمقدار ما حقّقت من قيمٍ شريفة في الحياة. كيف تحافظ على قيم شخصيّة كالنّزاهة، والعدل، والاحترام؟ لعل أفضل طريقة لتحقيق ذلك هو كتابتها، وجعلها أولويّة، ثمّ دمجها في بيان مهمّة شخصيّ، فأغلب الشّركات تملك بيانات مهمّة، ويمكن للبشر اقتباس ذلك، فبيانك سيقودك خلال مسارك، ويدفع عنك الملهيات في الطّريق، ويساعدك في تصحيح أيّ خطوات اتخذتها بالخطأ، وينبغي أن يكون مسارك مرنًا -أيضًا- ليستوعب تغيّرك الشخصيّ، وتعديل أهدافك، فليس بيان مهمتّك نظام تحديد عالميّا، بقدر ما هو بوصلة تقودك نحو اكتشاف نفسك، واكتشاف ما يدفعك قدُمًا. [الشّكل 4.3]. الشّكل 4.3: على رواد الأعمال اكتساب بيان مهمة شخصي، لئلا يضلّوا عن مسارهم، ويصبح البيان بوصلة أخلاقيّة تقودهم خلال حياتهم الشّخصيّة، والمهنيّة. حفظ الحقوق: تعديل "Adventure Compass Hand Macro" بواسطة "Pexels"/Pixaby، ترخيص CC0. لنكتب إذًا بيان مهمّتك، ولنبدأ -كونه سيعكس قيمك- بتحديد مجموعة من القيم الّتي تهمّك، ويمكنك الحصول عليها بالإجابة عن الأسئلة في (الجدول 3.3). وربّما يفيدك -أيضًا- اتّخاذ مفكّرة لتكتب، وتحدّث فيها إجاباتك باستمرار. تحديد قيمك table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } 1. من بين كلّ القيم الّتي تهمّك، عدّد الخمسة القيم الأهمّ. 2. اكتب -لاحقًا- من أين تعتقد أنّك اكتسبت كلّ واحدة. 3. اكتب تحدّيًا حقيقيّا، أو محتملًا، قد تواجهه في تمثيلك لكلّ قيمة، واجعل الإجابة مخصّصة كأحسن ما يمكن. 4. التزم بنشاطٍ تعزّز فيه كلّ قيمة، وحاول مجدّدًا التّخصيص. الجدول 3.3 يمكنك الآن دمج هذه القيم في بيان مهمّة عملك التّجاري، إمّا سرديًّا، أو كنشاط، ويمكنك اتّباع العديد من الصّيغ، لكنّ الفكرة الأساس هي توحيد قيم الأهداف الّتي تحدّدها لنفسك، ولعملك، ويمكنك -مثلًا- ربط الفائدة الّتي تريد توليدها، والسّوق، أو الجمهور الّذي تستهدفه، مع الحاصل الّذي ترجو الوصول إليه. ودائما: اختصر بيانك. يريد ريتشارد برانسون، مؤسّس the Virgin Group "الاستمتاع في رحلته في الحياة، والتعلّم من أخطائه." أمّا دينيس موريسون، المدير التّنفيذي لـ Campbell Soup فيسعى إلى: "الخدمة قائدًا، والعيش حياة متوازنة، وتطبيق المبادئ الأخلاقيّة لتشكيل فريق مهمّ."، ويمكن لبيانك أن يكون ببساطة: "الاستماع إلى الآخرين وإلهامهم". أو "ترك أثر إيجابي على كلّ الّذين التقيتهم." امتحان قيمك، وبيان مهمتك ربما لن تجد وضعًا أفضل لاختبار قيمك الشخصية، ومهمتك، من القيام بدور ريادي، إذ لا يمكن تشغيل الشركات الناشئة على المفاهيم وحدها، فهي تتطلّب -أكثر من أي نوع آخر من المشاريع- حلولًا عملية، وأساليب فعالة، وعادة ما يبدأ رواد الأعمال بتحديد منتج، أو خدمة، يصعب الحصول عليها في سوق معينة، أو قد تكون متاحة بكثرة، ولكنها بسعر مبالغ فيه، أو من مصدر غير موثوق، فما يلهم الشّركة النّاشئة أساسًا هو تنفيذ مهمّتها، والّتي تملي الحصّة الأكبر من توجّه الشّركة، بما في ذلك تحديد العملاء المحرومين، والموقع الجغرافي للعمليات، والشّركاء، والموّردين، والموظّفين، والتّمويل الّذي يساعد الشّركة على الانطلاق، ثمّ التوسّع، ولكن من أين تأتي المنظّمة الجديدة تمامًا، بتلك المهمّة؟ يعمل مؤسس الشركة، أو مؤسسوها على تطوير مهمّتها مباشرة، من معتقداتهم الشخصية، وقيمهم، وخبراتهم، وينطبق هذا خاصّة على المنظّمات غير الرّبحية، ويكون الإلهام -أحيانًا- ببساطة، إدراك حاجة غير ملبّاة، كارتفاع الطّلب العالمي المتزايد على الغذاء. إذا رسمنا مخطّطًا للعلاقة بين قيم المؤسسين، ومهمة ريادة الأعمال، فستبدو كما يأتي: يمكن أن يتغيّر بيان المهمة الشّخصية بمرور الوقت، وبالتالي، يتغيّر بيان مهمة الشّركة، ليتناسب مع الظّروف المتغيّرة، وتطوّرات المجال، واحتياجات الزّبون، فشركة TOMS Shoes سالفة الذّكر، مثال على نشاط تجاري، وسّع بيان مهمته لتوفير نظّارات، وتحسين الوصول إلى المياه العذبة لمواطني الدّول النّامية، وهذا فوق المهمّة الأساسيّة المتمثلة في توفير الأحذية للمحتاجين، وها هي تسمّي نفسها شركة "واحدة بواحدة" (One to One)، إذ يعِدُ مؤسّسها بلايك ميكوسكي أنّ "لكلّ منتج تشتريه، نساعد شخصًا محتاجًا". إن الفكرة الجوهرية، هي أنّك إذا وضّحت قيمك، وبيان مهمتك الشّخصي، فلا حدّ لعدد الطّرائق الّتي يمكنك تطبيقها على أهداف عملك، وقراراتك، لتجوِّدَ، وتُحسن في مسارك الرّيادي، والغرض من العمل هو العلاقات، وتعتمد جودة العلاقات على قبولنا لذاتنا، واهتمامنا بالآخرين، وتتطوّر هذه العلاقات من خلال فضيلتين ثنتين: التّواضع من جهة، والشّجاعة من جهة أخرى، ومهمّتنا في الحياة ممارسة الفضيلتين كلتيهما، وبتلك الطّريقة، بل ربّما بها وحدها دون غيرها، يمكننا أن نكون بشرًا صالحين، ومهنيّين ناجحين. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Ethical and Social Responsibilities of Entrepreneurs) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: تطوير ثقافة محيط عمل مسؤولة وذات امتياز أخلاقي المقال السابق: نظرة على المسائل القانونية والأخلاقية في ريادة الأعمال
  7. تعتبر مراعاة الجانب الأخلاقي والقانوني عند ممارسة الأعمال والعمل على الريادة فيها، أمرين بالغي الأهمية لكل فرد طموح راغب في الوصول إلى الريادة. وفي هذا المقال سنركز على فهم أهميّة الأخلاقيّات، والدّور الّذي يلعبونه في تطوير منظّمة أخلاقيّة، ومسؤولة، إلى جانب العمل على تمكين روّاد الأعمال من تطوير بوصلة أخلاقيّة، تسمح لهم بقيادة منظّماتهم التّجارية، بطريقة تتماشى مع المبادئ الأخلاقيّة، والقانونيّة. عندما قرّر مارتن شكريلي رفع سعر دواء فيروس السيدا، المنقذ للحياة من 13.5$ إلى 750$ للحبّة الواحدة، وصف الرّأي العام تصرّفاته على الفور باللَّاأخلاقية، بينما رأى هو موقفه في إطار التصرّف المسؤول، الّذي يخدم مصالح شركته، والمساهمين فيها، وعلى الرغم من أنّ قرار رفع الأسعار كان ضمن إطار قانوني، إلَّا أنّ الرّأي العامّ أدان تصرّفاته. ولكن، هل ينبغي لرائد أعمال مثل شكريلي أن يهتمّ لاستدامة عمله، أم لتوفير دواء أقلّ تكلفة للمرضى، وبالتّالي أقلّ فائدة لشركته؟ هذا السّؤال الجوهري يقود إلى أسئلة أخرى تتعلّق بأخلاقيات الموقف، وهل كان قرار رفع سعر الدّواء بنسبة 5000% في صالح الشّركة؟ هل كان شكريلي ملمًّا بكلّ الجوانب "الأخلاقية، والقانونية، والمالية، والسّمعويّة، والسّياسيّة" للقرار الّذي اتّخذه؟ الفحص النّقدي لقرارات شخص من أمثال شكريلي، يفرض على المرء امتلاك وعي محسّن يأخذ في الحسبان الفئات العديدة من أصحاب المصلحة من وراء اتّخاذ قرار كهذا القرار، ولا يقتصر على المساهمين فحسب. أصحاب المصلحة تتطلّب النّظرة الشّاملة لأخلاقيات العمل، وريادة الأعمال فَهْمًا للفرق بين المساهمين: وهم مجموعة صغيرة تضمّ المالكين (أو حملة الأسهم)، وبين أصحاب المصلحة: وهي مجموعة أكبر، ينضوي تحتها كلّ المنظّمات، والنّاس الّذين يكسبون مصلحة من وراء عمل الشّركة. إن خدمة مصالح المساهمين -وهو ما اعتقد شكريلي على الأغلب أنّه يفعله- أمر مبنيّ على نظرة ضيّقة للهدف التّنظيمي، هذه النّظرة المعروفة بـمبدأ "أولويّة المساهمين" تعود أصولها إلى قضيّة شهيرة في المحكمة العليا لولاية ميشيغان الأمريكيّة، حيث كان طرفاها شركة السيّارات فورد، ومساهمَين فيها هما الأخوان دودج، اللّذان أنشآ لاحقًا شركة دودج للسيّارات، هذه القضيّة رسّخت فكرة سرت بعدها لعقود؛ مفادها: أنّ أرباح المساهمين هي الأمر الوحيد الّذي ينبغي للمدير التّنفيذي، وشركته الاهتمام به، لكنّ هذا المفهوم استُببدل تدريجيًّا بآخر أكثر تطوّرا، يفرض مراعاة جميع أصحاب المصلحة عند اتّخاذ قرارات حاسمة في الشّركة، ذات نتائج واسعة؛ ومن أمثلة هذا الوعي الجديد نذكر: "ذا بيزنس راوندتيبل" طاولة الأعمال الدّائرية، وهي مجموعة من المديرين التّنفيذيّين في أكبر، وأنجح الشّركات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وقد أصدرت هذه المجموعة تصريحًا حديثًا حول أخلاقيات العمل، ومهّدوا فيه بالقول: "بالتّعاون مع شركاء من القطاعات العامّة، والخاصّة، وغير الرّبحية، نتعهّد نحن المديرين التّنفيذيّين للبيزنس راوندتيبل، باعتماد حلول تصنع الفرق لصالح العمّال، والعائلات، والشّركات، والمجتمعات باختلاف أحجامها." .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } جد الحل التصريح الرسمي لمجموعة بيزنس راوند تيبل حول "هدف الشركة" طالع التّصريح الآتي حول الهدف من الشّركة، والّذي نشرته مجموعة بيزنس راوند تيبل: "يستحقّ الأمريكيّون اقتصادًا يسمح لكلّ شخص بالنّجاح عبر العمل الجادّ، والإبداع، وبعيش حياة كريمة هادفة، كما نؤمن بأنّ نظام السّوق المفتوح، هو الوسيلة الأنجع لخلق أعمال جيّدة، واقتصاد قويّ مستدام، وتعزيز الابتكار، ودعم المحيط الصحيّ، والفرص الاقتصاديّة للجميع." كما "تلعب الشّركات دورًا محوريًّا في الاقتصاد، بتوفيرها مناصب الشّغل، ورعايتها الابتكار، وتقديمها الخدمات والسّلع الأساسيّة، وتصنع الشّركات، وتبيع المنتجات الاستهلاكيّة، كما تصنع المعدّات، والمركبات، وتدعم الدّفاع الوطنيّ، وتزرع، وتنتج الطّعام، وتوفّر الرّعاية الصحيّة، وتولّد الطّاقة، وتوزّعها، كما تقدّم خدمات المال، والتّواصل، والخدمات الأخرى، الّتي تدعم النموّ الاقتصادي، بينما تخدم كلّ واحدة من شركاتنا غرضها الخاصّ، فإنّنا جميعا نشارك كلّ أصحاب المصلحة لدينا التزامًا أساسيًّا توضّحه النّقاط الآتية: تقديم القيمة لعملائنا: سنعمل على تعزيز التّقاليد الأمريكيّة بشركات تقود الرّكب في تلبية أو حتّى تجاوز توقّعات العملاء. الاستثمار في موظّفينا: يبدأ ذلك بدفع أجور عادلة لهم، وتقديم فوائد ضروريّة، وكذا دعمهم بالتّدريب، والتّعليم الضّروريّين لتطوير مهارات جديدة، من أجل مواكبة عالم سريع التغيّر، فنحن ندعم التنوّع، والاحتواء، والكرامة، والاحترام. التّعامل مع مزوّدينا بعدل، وأخلاقيّة: فنحن ملتزمون بالعمل في شراكة حسنة مع الشّركات الأخرى، كبيرها وصغيرها، والّتي تساعدنا على تنفيذ مهامنا. دعم المجتمعات الّتي نعمل فيها: حيث نحترم النّاس في مجتمعاتنا، ونحمي البيئة من خلال تبنّي الممارسات المستدامة في كلّ أعمالنا. توليد قيمة طويلة الأجل للمساهمين: فهم الّذين يمدّون رؤوس الأموال الّتي تسمح للشّركات بالاستثمار، والنموّ والابتكار، لذا فنحن ملتزمون تجاههم بالشّفافيّة، والتّواصل الفعّال. ''كلّ ذي مصلحة مهمّ، لذا نلتزم بتقديم القيمة لهم جميعًا، من أجل النّجاح المستقبلّي لشركاتنا، ومجتمعاتنا، ووطننا. سؤال: هل تعتقد أنّ شكريلي في قضيّته المناقشة سابقًا، أخذ في الحسبان كلّ ذوي المصلحة كما تنصّ عليه وثيقة بيزنس راوندتيبل؟ أم اتّبع في قراره المقاربة القديمة "مبدأ أولويّة المساهمين"؟ يهدف هذا الباب من السلسلة الخاصة بريادة الأعمال إلى شيئين: أوّلهما- مساعدة روّاد الأعمال على فهم أهميّة الأخلاقيّات، والدّور الّذي يلعبونه في تطوير منظّمة أخلاقيّة، ومسؤولة، وهذا يتضمّن القدرة على تحديد، وتعريف المعضلات الأخلاقيّة، والمشاكل القانونيّة الّتي قد تصادفهم. ثانيًا- نسعى إلى تمكين روّاد الأعمال من تطوير بوصلة أخلاقيّة، تسمح لهم بقيادة منظّماتهم التّجارية، بطريقة تتماشى مع المبادئ الأخلاقيّة، والقانونيّة. مثال: المنظّمة التّجارية الأخلاقية، هي كلّ منظّمة تتبع تصريح الغاية المنشودة من بيزنس راوند تيبل؛ مما يعني خلق محيط عمل يحظى من خلاله الجميع بالتّشجيع، والتّمكين، والدّعم الكافي لتطوير القدرات الأخلاقيّة، كيما يفرّق المرء تفريقًا تعوّديًا ونظاميًّا بين الصّواب، والخطأ، وهذا يعني -أيضًا- أنّ على كلّ منظّمة، بعناصرها جميعها، أن تظهر نتائج واضحة، صريحة، ومناسبة في حجمها، ووقتها تجاه كلّ تصرّف غير أخلاقي، أو أفعال غير مسؤولة. رائد الأعمال الأخلاقي كلّما فكّرت في التصرّف الّذي تتوقّعه من نفسك، في حياتك الشخصيّة، والاحترافيّة، دخلت حوارًا فلسفيّا مع نفسك، لتعرّف مبادئ التصرّف الّتي تحترمها، وتلك هي أخلاقيّاتك، وربّما تقرّر مثلًا أن تصارح عائلتك، وأصدقاءك، وعملاءك، وزبائنك، وأصحاب المصلحة في عملك، بالحقيقة، وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، فلا بدّ أن تكون الأسباب مقنعة، ويمكن -أيضًا- أن تختار ألاّ تخدع، أو تضلّل شركاء عملك، كما يمكن أن تقرّر -أيضًا- أنّك لا تشترط في سعيك لتحقيق الرّبح، أن تعود الفائدة كلّها إليك، بل توزّع كلّما كفت الأرباح جزءًا منها على أصحاب المصلحة، مثل أولئك الّذين ساعدوك، أو أثّروا بطريقة، أو بأخرى على نجاح عملك، فهذه المجموعة من ذوي المصلحة، تضمّ الموظّفين (مشاركة الأرباح)، والمساهمين (توزيع الأرباح)، والمجتمع المحليّ (الوقت)، والقضايا الاجتماعية، والمنظّمات الخيريّة (التبرّعات). ولهذا فالنّجاح في عالم ريادة الأعمال ينطوي على أكثر من مجرّد تحقيق المال، وتطوير المشروع، فالنّجاح يعني -أيضًا- معاملة الموظّفين، والعملاء، والمجتمع ككلّ، بصدق واحترام، فقد يأتي النّجاح على شكل الفخر الّذي تحسّ به عند التّعامل بصدق، ليس لأنّ القانون يفرض ذلك، بل لأنّنا نحرص على الصّدق من تلقاء أنفسنا، وقد يكون النّجاح في معرفتنا بأنّ الفائدة الّتي نحقّقها لم تأت على حساب الآخرين، ولذا، فأخلاقيّات التّجارة تقود المنهج الّذي يتّبعه روّاد الأعمال، وشركاتهم، لاتّباع القانون، واحترام ذوي المصلحة لديهم، وخصوصًا عملاءهم، وزبائنهم، وموظّفيهم، والمجتمع، والبيئة المحيطين بهم. كلّ الأديان، والنّظم الأخلاقيّة، والرّوحية -تقريبًا- تركّز على لبنات التّعامل مع الآخرين باحترام، وتعاطف، وصدق، وتعمل هذه المعتقدات الرّئيسة بدورها على تجهيزنا بمبادئ التصرّف الأخلاقي الّتي تعدّ دلائل مثاليّة في عالم التّجارة، لكنّنا سنحتاج أن نتّبع دينًا، أو نظامًا معيّنا لنعكس تلك الأخلاق في تصرّفاتنا، تجاه بعضنا بعضًا، وعلى رأسها الالتزام بمعاملة الآخرين بإنصاف، وكرامة، في كلّ تعاملاتنا، بما فيها التّجاريّة. لأجل هذا، نستخدم في هذه السلسلة مصطلحي "المبادئ الأخلاقية" (morals) والأخلاقيات (ethics) استخدامًا ترادفيًّا؛ لأنّنا نرى أنّ ذا المبادئ الأخلاقيّة هو نفسه الشخص المتحلّي بالأخلاقيّات الحميدة، فالسّلوك الأخلاقي ليس الطّريقة الصّحيحة لتصرّف رجال الأعمال وحسب، بل هو ما يكسبهم السمعة المهنية كقادة أعمال نزهاء. النّزاهة، ونعني بها هنا اتّفاق أفعال المرء مع أقواله، وهي سمة حميدة عالية القدر، لكنّها -أحيانًا- أكثر من مجرّد تناسق الشّخصيّة، فالتصرّف بنزاهة يعني الالتزام بصرامة، بمجموعة من القيم الأخلاقيّة، هذه القيم تؤسّس عادة للقواعد الأخلاقيّة، أو قواعد السّلوك، والقواعد الأخلاقيّة تلك؛ دليل يقود السّلوك، ويمكن جمعها من مصادر مختلفة. ويمكن أن تكون قواعد سلوك شخصيّة داخليّة، أو قواعد رسميّة تتبنّاها منظّمة تجارية، كما يمكن أن تكون قواعد خارجيّة قائمة على مهنة المرء (مثل قانون المحاسب المالي، أو المحامي أو المخطّط المالي المعتمد، أو غيرهم)، أو قواعد أوسع، قابلة للتّطبيق، مثل قواعد بيزنس راوندتيبل، أو Business for Social Responsibility (المسؤولية الاجتماعية للشّركات) فكونك مهنيّا نزيهًا، يعني سعيك الدّائم لأن تتصرّف كأفضل ما يكون في كلّ تعاملاتك؛ الشّخصيّة منها، والمهنيّة. تجلب النّزاهة في العمل كثيرًا من المحاسن، ولعلّ من أهمّها؛ كونها عاملًا حاسمًا في تمكين المجتمع، وشركاته، من العمل عملًا صحيحًا، وهي كذلك قاعدة أساسيّة في خلق، وترسيخ الثّقة، وهذه الأخيرة سمة جوهريّة لا بدّ منها في كلّ الالتزامات؛ تعاقديّة كانت، أم لفظيّة، بين الشّركات، وذوي المصلحة فيها. يفتخر رواد الأعمال الناجحون، والشركات التي يمثلونها بأنفسهم، وخصوصًا إذا كانت أعمالهم التّجارية تمتاز بالشّفافية والنّزاهة، والنّية الحسنة. إنّ من الأخلاقيّات المطلوبة؛ أن تظهر كرامة، واحترامًا في تعاملك مع الزّبائن، والعملاء، والموظفين، وجميع ذوي العلاقة بمشروعك الرّيادي، ذلك لأنّ الممارسات الأخلاقيّة في الأعمال التّجاريّة، تعود بالنّفع على تلك الأعمال على المدى الطّويل، فالعملاء، والزّبائن، والموظّفون، والمجتمع ككل، سيكونون أكثر استعدادًا لرعاية شركة، والعمل باسمها بجدّ، إذا بدا لهم أنّها تهتمّ لأمر المجتمع الّذي تخدمه؛ فأي نوع من الشركات لديها عملاء، وموظفون على المدى الطويل؟ إنها تلك الشّركات الّتي تملك سجلًّا حافلًا بأدلّة الممارسات التّجاريّة النّزيهة. تشير أبحاث الأداء من "الشّركات الأكثر أخلاقيّة في العالم" (World's Most Ethical Companies اختصارًا إلى WMEC) إلى وجود علاقة مطّردة بين السلوك الأخلاقي، والأداء المالي الناجح على المدى الطويل، وغالبًا ما تتجاوز هذه الشركات توقعاتها في السوق، في فترات ازدهاره، وتراجعه على حدّ سواء، وتظهر قائمة شركات WMEC متوسط عائد فائض سنوي يزيد عن 8 % أعلى من الربحية المتوقعة، ويرجع هذا إلى عدّة الأسباب، من بينها؛ ما يصفه الباحثون بـــ "التّأثير الإيجابي على ثقافة الأعمال، وأصحاب المصلحة، والسّمعة". بعبارة أخرى، فإنّ كونك أخلاقيّا، يؤثّر إيجابيًّا على الموظفين، والمستثمرين والعملاء. هل أنت جاهز؟ ما هي ثقافة الشركات التي تقدرها؟ تخيّل أنك تمتلك بعد التخرّج فرصة للانخراط في أحد مشروعين رياديّين، الأوّل: مع شركة ناشئة معروفة بتفضيلها العمل الجادّ، وثقافة عدم الاستهتار، حيث يقدّرون ساعات العمل الطّويلة، والجهود الكبيرة، وفي نهاية كلّ عام، تخطّط الشّركة للتبرّع لصالح قضايا اجتماعيّة، وبيئيّة متعدّدة. أمّا المشروع الثّاني فمع منظّمة غير ربحيّة، معروفة بثقافة عمل مختلفة، إذ تقدّر هذه المنظّمة الموازنة بين حياة الموظّف، وعمله، كما تمنحك الفرصة للسّعي وراء اهتماماتك المهنيّة، أو التطوّع في فترات من أيّام عملك، مع الأخذ بالحسبان، أنّ المشروع الأوّل يدفع لك أجرة أعلى من الثّاني بـ 20%. أيّ المشروعين ستختار؟ ولماذا؟ ما هي النّواحي الّتي تكون فيها مساهمات شركة في قضيّة ما، أكثر تأثيرًا في تلك القضيّة؟ ومن أيّ نواحٍ تكون المساهمات الفرديّة أقوى؟ إلى أيّ مدى يكون المدخول عاملًا مهمّا؟ وعند أيّ نقطة يطغى المدخول الأكبر على الفوائد غير المتعلّقة بالمال للفرص الأقلّ كسبا؟ يخلط كثير من النّاس بين الالتزام الأخلاقي، والامتثال للقانون، غير أنّ هذين المفهومين ليسا مترادفين، بل ويدعو كلّ منهما إلى مبادئ سلوكية مختلفة؛ إذ نحتاج القانون لخلق مجتمع، والحفاظ عليه، ومن دونه، تعمّ المجتمع الفوضى؛ لذا فالامتثال للقانون أمر إجباريّ، وإذا خالف المرء تلك المبادئ، والقوانين، فهو عرضة للعقوبات الّتي تقرّها القوانين -أيضًا- وعليه، يشير الامتثال غالبًا إلى مدى قيام الشّركات بأعمالها وفقا للتّعليمات، واللّوائح، والقوانين، لكنّ هذا ليس سوى الحدّ القاعديّ الأدنى، ويبنى الالتزام الأخلاقي على هذا الحدّ القاعديّ، ويكشف عن مبادئ قائد الأعمال فرديّا، أو مبادئ منظّمة بعينها، وغالبا ما تكون التصرّفات الأخلاقيّة بدافع طوعي شخصيّ، يستند غالبًا على تصوّرنا الفردي لما هو صواب، وما هو خطأ. بعض المهن، مثل الطب والقانون، لديها قواعد أخلاقية تقليدية، وراسخة. فعلى سبيل المثال: يتبنّى غالبية عمّال الصّحة من أطباء، وممرضين، وغيرهم، قَسَم أبقراط، على أنّه مقياس مناسب يدينون به دوما للمرضى، كمعيار مناسب -دائمًا- مدين للمرضى من قبل الأطباء، والممرضات، وغيرهم في هذا المجال، وتختلف معايير الأخلاقيّات من شركة إلى أخرى، لكنّ هذا بدأ بالتغيّر، كما يتّضح من مجموعة قواعد السلوك، وبيانات المهام التي اعتمدتها العديد من الشركات خلال القرن الماضي. وتشترك هذه المعتقدات في العديد من النقاط، ولعلّ محتواها المشترك يتمخّض مستقبلا عن قواعد أخلاقية موحّدة، يلتزمها جميع ممارسي التّجارة. والنّقطة المركزيّة الّتي يمكن أن تساهم في تشكيل مجموعة قواعد موحّدة؛ هي الالتزام بالتّعامل بنزاهة، وصدق مع العملاء، والزّبائن، والموظّفين، وغيرهم من المشتركين في العمل. القانون مدين عادة للعادات، والتّقاليد، ولا يأتي التّغيير إلاّ إذا دعمته أسباب قاهرة، وغالبًا ما يكون المنطق الأخلاقي أكثر موضوعية، ويعكس تغيّرات الوعي التي يمر بها الأفراد، والمجتمع، ولهذا، يسبق الفكر الأخلاقي القوانين، ويمهّد الطريق لتغييرها. يتطلّب التصرف -أخلاقيا- تحقيق المعايير الإلزامية للقانون، لكنّ هذا ليس كافيًا، فقد نرفض تصرّفا على الصّعيد الشّخصي، على الرغم من كونه لا يخالف القانون (خذ بالحسبان عدد الّذين رفضوا رفع شكريلي سعر الدّواء رغم قانونيّته). يحتاج روّاد الأعمال اليوم إلى أكثر من مجرّد التّركيز على الامتثال للقانون، إذ عليهم السّعي بجدّ كبير، لتجاوز ذلك المطلب الأساس، وأخذ أصحاب المصلحة بالحسبان، والقيام بما هو صائب. جد الحل اختراق بيانات إكويفاكس (Equifax) بين منتصف شهري مايو، ويوليو من سنة 2017، تمكّن مخترقون من الوصول إلى خوادم تستخدمها Equifax، وهي وكالة رئيسة لتقارير الائتمان، ووصلوا هكذا إلى المعلومات الشخصية لنحو نصف سكان الولايات المتحدة. بعد اكتشاف مديري Equifax التّنفيذيّين للاختراق؛ أواخر يوليو، وفي انتهاك محتمل لقواعد التّداول من الدّاخل، أقدموا على بيع قرابة مليوني دولار من أسهم الشركة، وقبل أسابيع قليلة من الإعلان عن الاختراق في 07 سبتمبر 2017، تراجعت أسهم الشركة بنسبة 14 في المائة تقريبًا بعد الإعلان، لكن قليلًا كانوا يتوقعون أن يتحمل مديرو Equifax المسؤولية عن أخطائهم، أو يواجهوا أي مساءلة، أو عقوبات جرّاء الاستفادة من أفعالهم. ولتعويض العملاء في أعقاب الاختراق؛ عرضت الشركة خدمات مجانيّة على غرار مراقبة الائتمان، والحماية من سرقة الهوية، وفي 15 سبتمبر 2017، تقاعد رئيس قسم الأمن، وقسم المعلومات في الشركة، وفي 26 سبتمبر من السّنة ذاتها، استقال الرئيس التنفيذي، قبل أيام من شهادته أمام الكونغرس حول الانتهاك. جرت العديد من التحقيقات الحكومية، ومئات من الدعاوى القضائية الخاصة نتيجة الاختراق، ومن المتوقع أن تدفع Equifax ما لا يقل عن 650 مليون دولار، مع إمكانية تقديم المزيد، لحل معظم المطالبات الناشئة عن خرق البيانات، حيث ستغطي التسوية 147 مليون مستهلك، أي أقل بقليل من نصف عدد سكان الولايات المتحدة. ما هي عناصر هذه القضية التي قد تنطوي على قضايا الامتثال القانوني؟ ما العناصر التي توضح التصرف توضيحًا قانونيًّا، لا أخلاقيًا؟ كيف سيبدو التصرف أخلاقيًّا، وبنزاهة في هذه الحالة؟ لنعد إلى حالة مارتن شكريلي، لنفحصها عبر عدسات نظريّة تأسيسيّة مبنيّة على نظريّات أخلاقيّة، حيث تهتم النظريات المعيارية للأخلاقيات في المقام الأول بوضع مقاييس، أو معايير، تحدد السلوك الأخلاقي، ومن الأمثلة الشائعة للنظريات الأخلاقية المعيارية، نجد النّظرية النفعية، وأخلاقيّات الواجب (معروفة -أيضًا- باسم الأخلاقيّات الكانتيّة نسبة إلى الفيلسوف كانت أو "علم الأخلاق")، والأخلاق الفضيلة، وتوفّر هذه النّظريّات الأخلاقية الّتي سنناقشها -لاحقًا- وسيلة منهجية لفحص، وتقييم السلوك التجاري. من منظور النظرية الأخلاقية، تركّز الأخلاقيّات الكانتيّة أو أخلاقيّات الواجب على النيّة، أو الدافع وراء قرار ما، سواء كان القرار جيّدا، أم سيّئا، فعلى سبيل المثال: إذا كان قرار رفع سعر الدواء المنقذ للحياة بنسبة 5000 % قرارًا أخلاقيًا، ويهدف إلى إضافة قيمة، فإنّ الفرد ملزم برفع السعر. فيما تركّز الأخلاقيّات النفعية على فائدة أو نفع القرار، وإذا كان قرار رفع السعر يضيف قيمة، وفائدة للمساهمين، فيجب اتخاذ هذا القرار، وتنظر أخلاقيات العمل البروتستانتية إلى القرار من وجهة نظر الرأسمالية، والأسواق الحرة، والشعور بالواجب؛ لضمان أقصى عائد على الاستثمار؛ إذا كان القرار يتعامل مع تغيير سليم، ومفيد من الناحية المالية، وإذا كان هناك عدد كاف من العملاء الذين يحتاجون إلى منتج فيروس نقص المناعة البشرية، ويقدرونه، وهم على استعداد لدفع هذا السعر، فيجب اتخاذ هذا القرار. أمّا مؤيدو الأخلاق الفاضلة فيزعمون أنّ الأخلاق تتكون من سلسلة من الفضائل الفطرية، ولكن الكامنة، التي ينبغي على الفرد تطويرها بمرور الوقت، وتتحدّد هذه الفضائل في الثّقة، والصّدق المتفرّع عنها، ومن هذا المنظور، إذا كان رفع الأسعار عادلًا، ومنصفًا، وإذا كان هذا تصرّفا مسؤولًا، وإذا لم يتسبب في ضرر للمجتمع، فيجب رفع السعر. بينما يبقى الأمر أمام المحاكم لتحديد النية الكامنة، والآثار القانونية، والنتائج المترتبة على قرار شكريلي؛ تظهر الأدلة في هذه القضيّة، ودراسة حالات أخرى، أنّ بعض قادة الشركات لم يطوّروا إمكانات أخلاقية، أو لم يكتسبوا بوصلة أخلاقية تمكّنهم من التّمييز بين الصواب، والخطأ. اكتساب بوصلة أخلاقية البوصلة الأخلاقية هي حالة ذهنية، يطور الفرد من خلالها القدرات اللازمة للتمييز بين الصواب، والخطأ، أو بين العادل، والظالم، في الظروف الصعبة، فعندما يكون الأفراد قادرين على التصرّف بطريقة أخلاقية، وبتصرف منهجي، معتاد، ودون معاناة في تحديد كيفية التصرف، أو تقرير ما يجب فعله في المواقف الصعبة، فقد اكتسبوا تلك البوصلة الأخلاقية، ويمكن القول بأنّ هؤلاء الأفراد يتمتّعون بشخصيّة جيّدة، وقدرة على كسب الثّقة، وصفات تُعدّ ضروريّة للقيادة. ولاكتساب، وتطوير بوصلة أخلاقية، يحتاج رائد الأعمال، وأعضاء المنظمة إلى ممارسة، وتطوير (عضلاتهم) الأخلاقية باستمرار، بحيث تشمل هذه العضلات القائمة على الأخلاق صفات مثل: الثّقة، والصّدق، والاحترام، والمسؤولية، والالتزام والرّعاية، والحبّ، والعدالة، ومع ذلك يحتاج رائد الأعمال أوّلًا إلى توفير الإطار التّنظيميّ، والأساس الّذي يمارس فيه الأفراد ووحدات الأعمال هذه الصفات بانتظام، ويضمن هذا الإطار، والأساس تلقّي كلّ شخص التّدريب المناسب، والفرصة لتحديد وسدّ الفجوات في سلوكه، والعرفان، والحوافز التي تعزز السلوك الأخلاقي الجيد، مع وضع عواقب مناسبة في الوقت المناسب، إذا لم يفلح في التّصرّف بمسؤوليّة، وتبدأ هذه الإجراءات، وغيرها في مساعدة الأفراد على اكتساب، وتطوير، بوصلة أخلاقية. المسائل القانونية في ريادة الأعمال خلافًا للعمل في بيئة مؤسسية كبيرة، ذات هيكل راسخ؛ غالبًا ما يقوم رواد الأعمال بإنشاء، وتشغيل مشروع تجاري جديد، وفقًا لقواعدهم الخاصة، وذلك الضغط لإنشاء مشروع جديد، ضمن حدود، وقيود، يلهم رواد الأعمال لإيجاد طرق مبتكرة، لتلبية متطلبات السوق المحتملة، ويمكن في الوقت نفسه أن يخلق التحدي -المتمثل في تلبية هذه التوقعات- إغراءاتٍ وضغوطًا أخلاقية، حيث يتخذ رواد الأعمال مجموعة متنوعة من القرارات، وتعجّ المجالات العامّة بالمشاكل القانونيّة المحتملة، وتضمّ العقود، والأضرار، والعمالة، والملكية الفكرية، وتضارب المصالح، والمصارحة، أو الصّدق -ادّعاءات المنتج، أو الخدمة، وفي أدائهما الفعلي، وفي قانون المنافسة، ومكافحة الاحتكار. (الشكل 2.3) "الشّكل 2.3: تواجه روّاد الأعمال العديد من القضايا القانونيّة، من بينها الملكية الفكريّة، العقود، قوانين مكافحة الاحتكار، التّحايل، التّوظيف، والأضرار. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الملكية الفكرية: براءات الاختراع، حقوق الملكية، والعلامات التجارية هناك أسباب متعددة تضطرّ روّاد الأعمال إلى اكتساب دراية بحقوق الملكية الفكرية، بموجب القانون، فعلى سبيل المثال: إذا توصلت شركة ناشئة جديدة إلى اختراع فريد، فمن المهم حماية تلك الملكية الفكرية، إذ بدون هذه الحماية، يمكن لأي منافس نسخ الاختراع بشكل قانوني -حتى لو لم يكن أخلاقيا- ووضع اسمه، أو علامته التجارية عليه، وبيعه كما لو كان ملكًا له، وهذا من شأنه أن يحدّ بشدّة من قدرة صاحب المشروع على كسب المال من منتوج اخترعه، ويتم إنشاء حقوق الملكية الفكرية (IP) بموجب القانون، وحماية الشركات الصغيرة من مشاكل مثل هذه، كما يساعد قانون الملكية الفكرية -أيضًا- على تعزيز الوعي بالعلامة التجارية، وتأمين مصادر الدخل الثانوية. الملكيّة الفكرية IP (بالإنجليزيّة Intellectual Property) هي حصيلة، أو نتيجة العمل الإبداعي لشخص، أو أكثر، لتحويل فكرة فريدة إلى منتج، أو خدمة عملية، وذات قيمة، هذا المظهر من الأفكار الأصلية، محمي قانونيًا، وتنطبق الملكيّة الفكريّة IP على كلّ حق حصري لشركة، حيث يساعد في تمييزها، ويساهم بمدّها بميزة تنافسية مستدامة، كما يمكن أن يؤدي هذا العمل الإبداعي إلى فكرة منتج، أو اختراع جديد، أو ابتكار محوريّ، أو تحسين منتج، أو خدمة متوفّرة، ويمكن للملكية الفكرية أن تأخذ شكل براءة اختراع، أو حقوق طّبع، ونشر، أو علامة تجارية، أو شكلًا منها يسمّى سر العلامة التجارية. ومن أجل تطوير ميزة تنافسية مستدامة، يكون رائد الأعمال مسؤولًا عن توفير، وحماية الضّمانات اللازمة، وتطوير الملكية الفكرية للشركة باستمرار، وتتضمن هذه المسؤوليات فهم الأنواع المختلفة لملكيّة شركته الفكرية، وجوانبها التّقنيّة، كما يعني -أيضًا- أنّ عليه الاهتمام بالجانب غير التّقني للملكيّة الفكريّة، وذلك بتطوير ثقافة الإبداع، التي تمكّن المنظّمة من تقديم الملكيّات الفكريّة تقديمًا متواصلًا. وإذا نظرنا من الجانب التّقني، فإنّنا نجد نوعين مختلفين من براءات الاختراع: أمّا الأول- فهو براءة التّصميم (الشّكل 3.3): وهي تحمي شكل، ومظهر، فكرة المنتج، وتدوم مدّتها غالبًا لـ 14 سنة. وأمّا الثاني- فهو براءة المنفعة: والّتي تحمي فكرة المنتج، أو الاختراع الجديد لمدّة محدّدة (تتراوح بين 14 و20 سنة حسب البلد). "الشّكل 3.3: (أ) حصل رسم محرّك نيكولا تيسلا للتيار المتناوب على براءة الاختراع الأمريكيّة رقم 381968، ويمثّل براءة اختراع منفعة. (ب) حصل تصميم زجاجة كوكاكولا على براءة اختراع تصميم. حفظ الحقوق (أ): تعديل ""US Patent US381968A"" عن Nicola Tesla/Google Patents، مشاع حفظ الحقوق (ب): تعديل ""Coke bottle patent"" بواسطة مجهول /ويكيميديا كومنز، مشاع." حقوق الطّبع والنّشر، والعلامات التّجاريّة؛ ملكيّة فكريّة محميّة -أيضًا- (الشّكل 4.3). فحقّ الطّبع، والنّشر، يمنح مبتكر العمل الحقّ الحصري في إعادة إنشاء عمله لفترة محدّدة (تنتهي عادة بعد وفاة صاحب الحقّ بـ 70 سنة). أمّا العلامة التّجاريّة؛ فهي تسجيل يعطي مالكه القدرة على استخدام اسم، أو رمز، أو مقطع غنائي، أو شخصيّة، رفقة منتج، أو خدمة معيّنة، ويمنع الآخرين من استخدامها لبيع منتجاتهم، ويمكن حماية العلامة التّجارية لعدد غير محدود من السنوات، قد يصل عشر سنوات متجدّدة، طالما لا تزال العلامة التّجاريّة قيد الاستخدام. وأخيرًا، ثمّة فئة خاصّة من الملكيّة الفكريّة تسمّى السرّ التّجاري، وهذا المفهوم يشير إلى المعلومات، أو العمليّات أو المعارف الخاصّة الّتي تساهم في الميزة التّنافسيّة لمنظّمة ما في سوقها، غير أنّها -خلافًا لباقي الملكيّات الفكريّة- ليست محميّة قانونيًّا، لذا على أصحابها إبقاؤها سرّا، والحفاظ عليها عبر قوانين العقود. على روّاد الأعمال الإلمام -خاصّة- بالتّداعيات القانونية للملكيّة الفكريّة، وكيفيّة تأثيرها على العمل التّجاري، فقوانين الملكيّة الفكريّة مطبّقة بصرامة كبيرة، وما وضعت إلاّ لحماية الاختراعات، وهذه الحماية راجعة إلى أنّ المدّ المتواصل من الابتكارات، يمكن أن يكون مصدر دخل كبيرٍ لأيّ شركة، وكذا دافعا لعجلة تطوير المزايا التّنافسيّة المستدامة، وتمنح الملكيّة الفكريّة القانونيّة الحقّ الحصري لحاملها، أو صاحبها، لاستخدام الاختراع بأيّ طريقة، أو شكل، يراه ضروريَّا، كما تمنحه الحقّ الحصري لمنع، أو حجب، وصول الآخرين إليها، أو لبيع الحقّ في استخدام براءة الاختراع، وتتراوح مدّة الحماية تلك بين 14 و20 سنة، وتفتح المنافسة بعد انقضاء فترة الحماية لينتفع بها أيٌّ شاء. للشرّكة الحقّ الحصري في امتلاك ملكيّاتها الفكريّة أيّا كان نوعها، ولحماية تلك الحقوق، فإنّ من المهمّ أن تقوم الشّركة بتوثيق كلّ ملكيّة فكريّة بحرص وسرعة، انطلاقًا من عمليّة، ومراحل تطوير الملكيّة الفكريّة، مرورًا بالموارد المستخدمة في تطويرها، وصولًا إلى من يملكها، ومن يحقّ له الوصول إليها، وانتهاءً بكيفية حصول الآخرين عليها، واستخدامها. "الشّكل 4.3: (أ) تُمنح حقوق الطّبع والنّشر للنّصوص، والأعمال الفنيّة المنشورة، وتنتهي عادة بعد فترة طويلة، كما هو الحال مع إنتاج توماس باين المنهجي المعنون Common Sense. (ب) أقواس مكدونالدز الذّهبية الشّهيرة رمز علامة تجاريّة، وهي عادة لا تنتهي صلاحيّتها ما لم تتخلّ الشّركة عنها. حفظ الحقوق (أ): تعديل ""Commonsense"" بواسطة نيكي ك /ويكيميديا كومنزر، مشاع. حفظ الحقوق (ب): تعديل "على عمل لـ JeepersMediea / فليكر، CC BY 2.0." يجب على رائد الأعمال التفكير في هذه الأسئلة عند تطوير ملكيّة فكريّة لشركته، وحمايتها: هل قانون الملكيّة الفكريّة قابل للتّطبيق على عملي؟ وكيف يمكنه مساعدتي؟ كيف أحدّد أيّ ملكيّة فكريّة أحمي؟ ما هي الخطوات الّتي عليّ اتّخاذها للحصول على تلك الحماية؟ بشكل أقل رسمية، تطوير ثقافة الإبداع، والابتكار، واحدة من أهم مسؤوليّات رائد الأعمال، إذ تمكّنه هذه المسؤوليّة من تطوير ميزة تنافسية مستدامة، وهذا يعني أنك لا يجب أن تكون راضيًا عن شرارة عرضية من الإبداع من فرد معين، أو قسم، أو مجال وظيفي داخل مؤسستك (مثل البحث والتطوير)، فقد تحتاج إلى تهيئة بيئة يكون فيها كل عضو في مؤسستك قادرًا على الإبداع، وإضافة القيمة، والمشاركة في التحسين المستمر للشركة. تعرض قصّة نيكولا تيسلا -المخترع والمهندس والفيزيائي الصربي الأمريكي- تحذيرًا واضحًا عن أسباب دعوتنا روّاد الأعمال إلى الإلمام بجانبي الملكية الفكريّة على حدّ سواء، جانبها التّقني، وثقافتها الإبداعيّة، فبعد تقديمه 300 براءة اختراع، يعدّ كثيرون تسلا أحد آباء الكهرباء الحديثة، فبعد الهجرة إلى الولايات المتحدة، عيّنته شركة Continental Edison، وبدأ تسلا في تطوير تقنية التيّار المتناوب، لكنّ إديسون فضّل التيّار المستمرّ، ولم يدعم أفكار تسلا؛ لذا كان على هذا الأخير أن يستقيل، ويتعاون مع ويستنجهاوس ليفتح شركة Tesla Electric Light. وهناك أطلق العنان لإبداعه، وأفكاره في مشروعه الجديد. وفي نهاية المطاف، صار تيّار تسلا المتناوب هو المعمول به في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وليس تيّار إديسون المستمرّ. العقود والضرر كثيرًا ما يبرم رواد الأعمال العقود، وعلى نحو متواصل، ولهذا عليهم اكتساب فهم قاعديّ على الأقلّ حول مفاهيم العقود، وبالمثل، فإنّ أغلب الشّركات ستتعرّض لمواقف تحتاج فيها إلى فهم قانون الضّرر؛ وهو الجانب القانوني الّذي يحمي حقوق النّاس عند تعرّضهم للضّرر البدني، أو المالي، أو أيّ شكل من أشكال الضّرر، مثل: خرق خصوصيّتهم، كما أن بعض مجالات عالم الأعمال تنطوي على مزيج من قانونَي العقود، والضّرر، مثل التقاضي الناجم عن الإقالة غير المشروعة لموظف ما. ويمكن أن تكون العقود عبارة عن اتفاقات رسمية، أو غير رسمية، فالمفترض طبعًا أنّ عليك استخدام العقود المكتوبة كلما باشرت صفقة هامّة مع طرف آخر، وفي أغلب الحالات، تكون الاتفاقات الشفوية مُلزِمة، لكنّ إثبات شروط الاتّفاق قد يكون صعبًا. وإذا كنت في خضمّ إطلاق شركتك النّاشئة، فأنت بلا شكّ منهمك بكثير من المجالات، وتحاول إنجاز أكثر من شيء في آن واحد، ولهذا ربّما لا تملك الوقت، ولا المال الكافي لتوظيف محام يعدّ عقودك الرّسمية إعدادًا كتابيًّا، وفي هذه الحالة، يجب عليك -على الأقلّ- التّواصل باستمرار مع كلّ أطراف العقود عبر البريد الورقي، أو الإلكتروني، لتوثيق البنود الرّئيسة لاتفاقاتك معهم، و بهذا ستضمن أدلّة تستند إليها في حال حدوث نزاع حول أحد العقود. يعدّ مجال الأضرار منطقة محتملة المخاطر بالنّسبة لروّاد الأعمال، وقد تصل طبعًا إلى مخاطر ماليّة نتيجة افتراض المخاطر والتعرّض إليها، ولهذا، فمن المهمّ أن يدير رجال الأعمال هذا المجال، وتتجلّى جديّة الخطر -خصوصًا- في مفهوم المسؤولية بالإنابة، وهو مجال القانون الذي يفرض المسؤولية على شخص ما، لفشل شخص آخر في اتّخاذ جانب الحذر المطلوب، إذ تربطهما علاقة خاصّة مثل صاحب العمل، والموظف. يفهم معظم أصحاب العمل، أنهم مسؤولون عندما يتسبب موظّفهم في إلحاق الضرر بالآخرين (العملاء، أو زملاء العمل) أثناء خدمته، داخل الشّركة، من خلال استخدام معدّاتها، ومع ذلك، لا يدرك كثير منهم أنّهم مسؤولون -أيضًا- عن الضّرر الّذي يحدثه الموظّف حتّى خارج الشّركة، طالما كان متعلّقا بمجال عمله، كأن يطلب صاحب العمل من موظّفه توصيل شيء إلى مكان ما، ويتسبّب ذلك الموظّف في حادث سير نتيجة إهماله، فقد يكون صاحب العمل مسؤولًا عن الأضرار؛ حتّى ولو كان الموظّف يقود سيّارته الشّخصيّة، وليس سيّارة الشّركة. إنّه وضع شائع جدًا، ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة على مشروع رائد الأعمال، إذا لم يوفّر التّأمين المناسب. مكافحة الاحتكار لقد وُضعت قوانين مكافحة الاحتكار (أو قوانين المنافسة) للتأكد من عدم إساءة أيّ متنافس لموقعه، وقوته، في السوق، لاستبعاد الآخرين، أو منعهم من دخول السّوق، ومن الأمثلة على قوانين مكافحة الاحتكار؛ نجد في الولايات المتحدة الأمريكيّة قانون شيرمان، وقانون كلايتون، وفي الجزائر سياسة المنافسة الّتي يكلّف مجلس المنافسة بتعزيز قانونها، بينما خصّصت المملكة العربية السّعودية "الهيئة العامّة للمنافسة" لذاك الغرض. وجاءت هذه القوانين لتشجيع المنافسة، وتوفير خيارات للمستهلكين، إذ تمنع هذه القوانين، ومثيلاتها عقد اتّفاقات تحدّ من المنافسة في السّوق. ومن أمثلة المنافسة غير القانونية؛ حرب المنافسة، وبراءات الاختراع، بين شركتي تصنيع معالجات الكمبيوتر Intel Corporation و AMD (American Micro Devices). إذ رفعت AMD سنة 2009 دعوى قضائيّة ضدّ Intel، تدّعي فيها أنّ الأخيرة قد استخدمت أسلوب الهيمنة لاستبعاد AMD من المنافسة الفاعلة في السّوق، وذلك عبر التّسعير الاستثنائي، والحسومات، وممارسات مماثلة، وقد سوّت الشّركتان النّزاع بدفع Intel تعويضًا قدره 1.25 مليار دولار أمريكيّ لصالح AMD. تضارب المصالح يحدث تضارب المصالح عندما يكون للفرد (أو الشركة) مصالح في مجالات متعددة (الاستثمارات المالية، واجبات العمل، والعلاقات الشخصية)، وقد تتعارض المصالح مع بعضها بعضًا، فعلى سبيل المثال: لدى الموظّفين مصلحة في إنجاز العمل المتوقّع لصاحب العمل، لذا فاهتمامهم بمصالحهم الشّخصية، وتعمّد تهميش حقّ صاحب العمل بتجاهلهم، أو إعراضهم عن واجباتهم؛ يعدّ تضاربًا في المصالح، ويمكن أن يكون هذا بسيطًا؛ مثل استخدام وقت الشركة، أو مواردها، للعمل على مشروع شخصي، لم تتم الموافقة عليه، ولن يضيف قيمة للشركة، كما قد يعني هذا -أيضًا- استخدام الموارد المادية، والفكرية للشركة، في شيء من شأنه أن يفيد مصالحك الخاصة، بدلًا من مصالح صاحب العمل، ويعد هذا الإجراء إجراءً غير أخلاقي، لأنك لا تعطي صاحب العمل ما يستحقه، وهو وقتك، ومواهبك، وخدماتك، لقاء مقابل متّفق عليه. لنأخذ مثال مايك أرينجتون، وهو محام، ورائد أعمال في سيليكون فالي، حيث أنشأ مدونة أسماها TechCrunch. وقد أصبحت المزار المفضّل للمستثمرين، و هواة التّقنية، وكان يغطّي في مدوّنته أخبار الشّركات النّاشئة في سيليكون فالي، ليساعد الرّاغبين على إنشاء شركة، أو منتج جديد ناجح، غير أنّه تلقّى كثيرًا من الانتقادات، بدعوى أنّه يستغلّ مدوّنته لإشهار الشّركات الّتي استثمر فيها، أو عيّنته مستشارا لها، بتغطيته قصصها روتينيًّا، ومع أنّه كان يفصح عن نواياه مسبقا، إلاّ أنّ منتقديه المنافسين له، اتّهموه بتضارب مصالحه، إذ كيف له أن يكون مستثمرًا، وصحفيًّا مستقلًّا في آن واحد، وهو يكتب عن شركاته الّتي له فيها مصالح ماليّة!!. ثمّة حالات كثيرة تشمل صحفيّي أعمال، وتضارب مصالح محتمل، نذكر منها: "وول ستريت جورنال"، و"بيزنس ويك"، ومجلة "تايم"، و"آل، آي هيرالد إكزامينر". وحالة أخرى تنشأ فيها النزاعات المحتملة، هي في مجال الخدمات المهنية، والتي تجذب كثيرًا من أصحاب الأعمال الشباب المحتملين، فربما ترغب في إنشاء شركة محاسبة CPA خاصة بك، أو شركة استشارات مالية CFP، أو شركة استشارات تقنية المعلومات، وهنا، يجب عليك -كونك مهنيّا- الحذر بجدّ من تضارب المصالح، خاصة في المجالات التي تدين فيها بواجب ائتماني لعملائك، وسيتطلب هذا منك سلوكًا واضحًا، وصريحًا، فالإفصاح التامّ، هو ما يمنعك من لعب دور مزدوج في معاملة واحدة، فعلى سبيل المثال: هل ستنصح -وأنت مستشار في تقنية المعلومات- زبونا باشتراء برنامج كمبيوتر، وهو لا يعلم أنّك تملك أسهما في ذلك البرنامج؟ أو إذا كنت مستشارًا ماليًّا، فهل ستحصل على عمولة من كلا طرفي المعاملة؟ الاحتيال، الصدق، والإفصاح الكامل يسعى روّاد الأعمال الأخلاقيون باستمرار، إلى تطبيق المفاهيم القائمة على الأخلاقيات في الممارسة، بما في ذلك الصدق والإفصاح الكامل، فهذان المفهومان ليسا مجرّد جزء من نهج أخلاقي لممارسة الأعمال التجارية، ولكنهما -أيضًا- متطلبات أساسية لمجالات قانونية عدة؛ من ضمنها مجال الاحتيال، وتتحمل الشركة التي تصنع، أو تبيع منتجًا، أو خدمة، المسؤولية عن الإفصاح الكامل عن حقيقة منتجاتها، وخدماتها. إن مشاركة الحقائق، والواقع، والأدلّة الكامنة وراء شيء ما؛ هو الصّدق الّذي نقصده، والشّخص الصّادق؛ هو كلّ من عرض حقائق الموضوع الّذي يتحدّث عنه، وتعامل معه في الواقع، وكان على اطّلاع على أدلّته، ولذا، فالأشخاص الصّادقون يتمتّعون بمستوى من المصداقيّة، والموثوقيّة؛ لأنّ ما يقولونه يوافق ما يفعلونه. ولهذا فإن النتيجة الحقيقية للصدق، هي الإنصاف، مما يعني أن تكون محايدًا، ومتقيدًا بقواعد، ومعايير السلوك الصّائب والخاطئ، حيث يتعلّق الإنصاف بالفعل الصّائب، والعادل، والمنصف، من ناحية التّطبيق، كما تشكّل ميزة الصّدق أساس الإنصاف. أمّا الإفصاح؛ فنعني به مشاركة الحقائق، والتّفاصيل المطلوبة حول موضوع ما، بطريقة شفافة، وصادقة، كما يجب أن تكون هذه المعلومات كافية، وفي الوقت المناسب، وذات صلة بالموضوع، لتسمح للمستلم بفهم الغرض، والهدف من المنتج، أو الخدمة، ثمّ اتخاذ قرار جيد بشأن قيمة هذا المنتج، أو الخدمة؛ فأيّ محاولة متعمّدة لإخفاء الحقيقة، أو تغييرها، أو تحويرها، هي إجراء غير أخلاقي، وغير مسؤول، ويخضع للتحقيق الجنائي. ومثالنا عن هذا: شركة تعرّضت مرارًا، وتكرارًا، للعديد من القضايا القانونيّة، المحرجة، والخطيرة، والمكلّفة، فشركة Eli Lilly. في إحدى القضايا المتعلّقة بـ Zyperxa وهو دواء وافق عليه مكتب إدارة الغذاء، والدّواء الأمريكيّ FDA بوصفه علاجًا للاكتئاب، اعترفت هذه الشركة في المحكمة بأنها قامت بتسويقه بطريقة غير قانونيّة، ليتم استخدامه لأمراض مثل: اضطرابات النوم، ومرض الزهايمر، والخرف، ونتيجة لذلك، غرّمها مكتب التّحقيقات الجنائيّة التّابع لوزارة العدل الأمريكيّة ما مقداره 1.4 مليار دولار سنة 2009. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Ethical and Social Responsibilities of Entrepreneurs) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: مفهوم المسؤولية المجتمعية للشركات وريادة الأعمال الاجتماعية المقال السابق: أطر العمل التي توجه مساراتك الريادية
  8. عند تصميم مشروع مستدام، أو قادر على التمويل الذاتي، من المفيد استخدام أدوات محدّدة لإدارة المعلومات، وإحدى هذه الأدوات هي إطار العمل: وهو هيكل، أو عمليّة مخطّط لها، ويمكن استخدامها لتحقيق أهداف ريادة الأعمال، من خلال حلّ المشكلات، وتوليد الأفكار، والتحقق منها، والعصف الذهني. اختيار إطار عمل يمكنك اختيار أيّ من الأطر الشّائعة، لمساعدتك في تصميم، وتلاحم تجربتك العمليّة، مع تفكيرك الرّيادي من بين الأطر الأكثر استخدامًا، والّتي طُوّرت كأدوات تكامليّة لدعم التّفكير الرّيادي، نذكر منها: لوحة نموذج العمل (Business Model Canvas - BMC): وهي أداة بسيطة من صفحة واحدة تستخدم لتصميم نموذج عمل مبتكر، يمكن تقديمه للمستثمرين (الشكل 19.2). لوحة نموذج العمل BMC الشّركاء الرّئيسيّون النّشاطات الرّئيسيّة القيم المقترحة العلاقة بالعملاء قطاعات العملاء الموارد الرّئيسيّة القنوات هيكل التّكاليف مصادر الدّخل table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الشّكل 19.2: مثال عن لوحة نموذج العمل BMC مع إطار عمل لتحديد المكونات الرئيسة للمشروع. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. لوحة الاستراتيجيّة الرّشيقة (Lean StrategyCanvas -LSC): وهو إطار عمل منبثق عن النّوع الأول BMC، ويعتمد على تقديم حلقة تعقيبات من العملاء المحتملين، قصد التّحسين المستمرّ للمنتج، أو الفكرة، لتلبية احتياجات السّوق. (الشّكل 20.2) لوحة الإستراتيجيّة الرّشيقة LSC المشاكل الحلول القيم المقترحة العلاقة بالعملاء قطاعات العملاء القياسات القنوات هيكل التّكاليف مصادر الدّخل الشّكل 20.2: مثال عن إطار عمل للمساعدة في تطوير نموذج العمل، والميزة التنافسية، والمجالات المرتبطة بهما، والّتي تعمل على التّوفيق بين المنتج، والسّوق، لمصلحة المشروع. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. عمليّة التّفكير التّصميميّ: وهي تدعو إلى مقاربة منطقيّة ومنهجيّة لمعالجة المشاكل، وحلّها عبر عدّة حلول. (الشّكل 21.2). كان تطبيق هذا التّفكير التّصميمي أوّلًا على المجالات العلمية (العلوم، والتقنية، والهندسة، والرياضيات). وبفضل نجاحه فيها، أصبح التّفكير التّصميميّ شائعًا في العديد من المجالات الأخرى. الشّكل 21.2: عملية التفكير التصميمي هي نهج منظم لحل المشاكل. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. يعالج التّفكير التّصميمي حلّ المشكلات، أو إنشاء مشروع جديد، من منظور العميل، فعلى سبيل المثال: توفّر أمازون طرودًا سهلة الفتح، وذلك بعد ملاحظة المشاكل الّتي واجهها العملاء في فتح المنتجات المستلَمة. إطار العمل رباعي العدسات: يُستخدم هذا النّظام لتطوير الشّركات الاجتماعية، ويقيّم أربعة مجالات استراتيجيّة هي: مشاركة المعنيين بالمشروع، واستغلال الموارد، وتطوير المعرفة، وإدارة الثّقافة، وكل ذلك قَصْدَ معالجة مشكلة اجتماعية، وتوفير تأثير اجتماعي مستدام (الشكل 22.2). الشّكل 22.2: يتعلّق إطار العمل رباعيّ العدسات بتفاعل، أو مشاركة المعنيين بالمشروع، واستغلال الموارد، وتطوير المعرفة، وإدارة الثقافة، ويمكن أن يوفّر تصوّرات، ورؤى تؤدّي إلى اتّخاذ إجراءات متوافقة، ومتّسقة. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. يُظهر الجدول 3.2 مجال استخدام كلّ إطار، وقد تساعدك عملية اختيار الإطار الأنسب لصالح شركتك، على فهم كيفيّة تطوير فكرتك، لذا نوصي بتجربة الأطر الأربعة جميعًا، قبل تقرير الاعتماد على واحد منها، وعلى الرّغم من أنّ كلّ إطار عمل مرتبط بنوع محدّد من المشاريع، غير أنّها جميعًا، يمكن أن تقدّم منظورًا مختلفًا حول كيفيّة تطوير مشروعك. أطر العمل إطار العمل الوصف الاستخدام المعتاد لوحة نموذج العمل. أداة من صفحة واحدة، تقدّم مخطّطا بتسع لبِنات ضروريّة لنجاح نموذج العمل. المساعدة على تحضير نموذج عمل مستدام. الشّركة النّاشئة الرّشيقة. تخطيط حلقة تعقيبات اعتمادًا على آراء العملاء. صالح للمجالات السّريعة، وفحص الأفكار. عملية التفكير التّصميمي. رسم عمليّة منهجيّة، متعلّقة بالنّتائج لمعالجة وحلّ المشاكل. نشأت لتطوير ميادين العلم، ثمّ تطوّرت لتشمل المشاريع الرّياديّة، والمنتجات، والعمليّات، صالحة لكلّ المجالات. إطار عمل الأربع العدسات الاستراتيجيّة. نموذج أساسه الممارسة، يدرس أربعة مجالات لدعم، وتطوير بيئة تركّز على الزّبون. صالح لتطوير المشاريع الاجتماعيّة. الجدول 3.2 تطبيق الإطار من خلال خطة تنفيذ ستصل أثناء تطوير مشروعك إلى مرحلة يصبح من المهم فيها تسجيل أفكارك، ونواياك، بطريقة هادفة، ومثمرة، وإنشاء خطّة تنفيذ مخصّصة: وهي تخطيط، أو دليل منظّم موضّحٌ خطوة بخطوة، ويجمع الأفكار، والخواطر، والخطوات الرّئيسة الضّروريّة، لتهيئة الظّروف لنجاح المشروع الرّياديّ. إنَّ إنشاء خطّة التّنفيذ هذه في مرحلة مبكّرة، سيجعل العمليّة الرّياديّة أكثر سلاسة، وربّما أنجح على المدى الطّويل، كما سيوفر لك تطبيق إطار العمل المناسب، أساسًا واضحًا، وملموسًا، وقويًا، لمشروعك المستقبلي، وبينما تنهي إطار العمل، يجب عليك تحديد النّقائص، والأفكار، قصد تطويرها أكثر، ثم اعمد إلى إضافتهما إلى خطّة تنفيذك. وكما يمكن أن تختار بين أطر عمل عديدة، يمكنك -أيضًا- تطبيق واحدة من خطط التّنفيذ المختلفة، وما نقدّمه في هذا المبحث هو بعض أدوات خطط التّنفيذ، غير أنّها غير مفصّلة، فخذها على سبيل الاستئناس، وتحفيز عقلك، للتّفكير في الاتّجاه الصّحيح. خطط التنفيذ من المعروف أنّ إنشاء خطّة العمل يتطلّب وقتا طويلًا، وموارد كثيرة، وبحوثًا مستفيضة، وعلى الرّغم من أنّ خطط العمل قيّمة للغاية، إلاّ أنّ بعض الأدوات المفيدة في استبدالها، قد ظهرت للعلن، هذه الأدوات في الأساس نسخ مختلفة من التّطوير، أو المحتوى، أو البنية الّتي تتّخذها خطّة العمل الكلاسيكيّة اليدويّة، أو أحد مكوّناتها على الأقلّ. من مشاكل خطّة العمل -أيضًا- كيفيّة استخدام روّاد الأعمال لها بعد تجهيزها، ففي كثير من الأحيان، وبعد إطلاق المشروع، يكتشف الفريق الرّياديّ أنّ خطّة العمل لا تعكس الحقائق الّتي يواجهونها، وتلك الحقائق غالبًا ما تلغي قيمة خطّة العمل، وفائدة إنهاء خطّة العمل تكمن أصلا في إجبار فريق ريادة الأعمال على التّفكير قبل اتّخاذ القرارات، وفق ما تمليه عليهم الخطّة، فحتّى لو تغيّر المشروع، أو تغيّرت خطة العمل، تبقى عمليّة إنشاء هذه الأخيرة مشجّعة على التّفكير النّقدي والقرارات المحسّنة. وبعيدًا عن النظريّات، فسوف تحتاج أثناء التّطبيق إلى إجراء تغييرات على خطّة عملك، ومشروعك، طوال فترة المشروع؛ لذا ينبغي أن تتابع الأبحاث، والتوقّعات لتكييف خطة العمل. على عكس خطة العمل، فإنّ الغرض من خطّة التّنفيذ؛ هو تجميع الأفكار، والخواطر، والإجراءات اللازمة لمساعدتك على تهيئة الظّروف لنجاح المشروع الرّياديّ، فكّر في نوع خطّة العمل الّتي تحتاجها لإعداد وجبات وليمة، لديك بالطّبع المشهد الختامي: المدعوّون مجتمعون للمشاركة في وجبة احتفاليّة شهيّة، هذه هي النّتيجة النّهائيّة الّتي تريد الوصول إليها، سنحتاج إلى: تحديد المكان المناسب. تحديد الضّيوف لدعوتهم. حساب الميزانيّة الماليّة الكافية لتكاليف الوليمة. لتنفيذ كلّ ذلك علينا إنشاء خطّة تنفيذ لتحديد الإجراءات اللّازمة لإقامة الوليمة، وفيها سنعمل على: دعوة الضّيوف. تجهيز قائمة وجبات، وقائمة مشتريات. تخطيط جدول زمني لضمان تجهيز كلّ وجبة في وقتها، وترتيبها الصّحيح. الأنشطة المصاحبة لتناول الطّعام. عمليّة التّنظيف. كما ترى، كلّ من خطّة العمل، وخطّة التّنفيذ ضروريٌ للنجاح. بمجرّد تحديد إطار عمل، وخطّة تنفيذ، فأنت تمتلك الأدوات، والمعلومات الأساسيّة لتحديد مسار مشروعك؛ إذ يقدّم إطار العمل صورة كبيرة لما تريد إنشاءه، والموارد المطلوبة لهذا الهدف، في حين تمنحك خطّة التّنفيذ إجراءاتٍ ملموسةً للبدء في مسار ريادة الأعمال، وبعد ذلك، لدعم خطّة العمل. يمكن أن تُنتج خطط التّنفيذ -أيضًا- باستخدام الأدوات المدرجة في الجدول 4.2. يمكن أن تساعدك هذه الأدوات على تصوّر العملية اللّازمة للوصول إلى هدفك النهائي، وذلك من خلال توضيحها للإجراءات اللّازمة، كما أنّها إرشادات عمليّةٌ للابتكار، والاستكشاف، وإيجاد الحلول لمشاكل ريادة الأعمال، أو فرصها، ويمكنك -أيضًا- استخدام خطّة التّنفيذ لدفع نفسك خلال أيّ عائق، أو تحدّ تواجهه في العمليّة الرّياديّة. قد تبدو هذه الأدوات مفيدةً، لكنّ عليك الحذر أثناء استخدامها، فغايتها الحصول على النّتائج الّتي تناسبك وحسب، لهذا، تأكّد أثناء إعداد خططك التّنفيذيّة من أنك واقعيٌّ بشأن اهتماماتك، وقدراتك، ومدى تفرّغك. أدوات دعم خطّة التّنفيذ الأداة الوصف الاستخدام المعتاد الرّؤية / لوحة الأحلام أداة بصريّة لتقديم الحالة المثلى الّتي تسعى إلى تحقيقها. الهيكلة لوحة القصّة تصوير مشهد بمشهد لعمليّة النّشاط من البدء إلى الانتهاء. طريقة التّحميل الخريطة العقليّة أداة بصريّة تساعد على تصنيف العصف الذّهني لأنواع الأفكار. العصف الذّهني الفرضيّة اقتراح، أو عبارة، يجري عليها تحقيق، أو فحص أعمق. المحاورة خريطة المنطق عرض بصريّ للعلاقات بين مكوّنات، أو متغيّرات مختلفة. الاستمارات الجدول 4.2 قائمة أدوات خطة التّنفيذ الواردة في الجدول 4.2 مجرّد عيّنة من الأدوات الّتي تعطيك فكرة عمّا تحتاجه من تحفيز، وإلهام، وتحديد، وتوضيح الإجراءات المطلوبة، هذه القائمة ليست عميقة بما يكفي، لذا، إذا كان لديك شيء يناسبك، فاستخدمه. تتوفر -أيضًا- العديد من التطبيقات لمساعدتك في الإتيان بأفكارٍ لإنشاء خطط التّنفيذ، فالمهمّ أن تجد، وتستخدم أداة بصريّة، أو ملموسة، كيما تلهمك التّركيز، والتّنظيم، والالتزام، باتّخاذ الإجراءات اللاّزمة لتحويل حلمك في ريادة الأعمال إلى حقيقة. لنفترض أنّك تعرف أنّك تريد بدء مشروع يساعد الأشخاص على التّعافي بعد تعرضّهم لكارثة ما، فيمكنك استخدام إحدى أدوات دعم خطة التّنفيذ هذه، مثل الخريطة الذّهنيّة، لمساعدتك في العصف الذهني للاحتياجات المحتملة النّاتجة عن كارثة حضريّة (الشّكل 23.2)، ويمكنك تصنيف الأفكار لمساعدة الأشخاص، والحيوانات، أو لإصلاح البنية التّحتيّة للمدينة، وبعد الانتهاء من الخريطة الذّهنيّة، يمكنك التّفكير في المجالات التي تناسب اهتماماتك، وشغفك، ومهاراتك، انطلاقًا من ذلك، يمكنك تحديد نوع المشروع الّذي ترغب في إنشائه، والإجراءات اللاّزمة للمضي قدمًا في فكرتك، كما يساعد استخدام هذه الأدوات في تحديد الإجراءات التي يجب اتّخاذها في خطّتك التّنفيذيّة. الشّكل 23.2: من هذه الخريطة الذهنية للكوارث التي تحدث، والإجراءات الواجب اتخاذها، يمكننا التركيز على مجال عمل واحد يتناسب مع اهتماماتنا، وشغفنا، ومهاراتنا، بعد اختيار مجال اهتمام يمكننا إنشاء خريطة ذهنية أخرى تركز على مجال اهتمامنا لتحديد مجموعات الحلول، بعد ذلك، يمكننا تطبيق أحد الأطر المدرجة في الجدول3.2. من هنا، يمكن أن ننشئ خطة عمل من الإجراءات اللازمة، لتصبح أكثر إلماما بالفكرة، أو الحلول، وكما ترى، تتناسب خطة العمل مع مجالات متعددة. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. أنواع رواد الأعمال يكون مسار ريادة الأعمال بالنّسبة لبعض الأشخاص واضحًا ومنطقيًّا، فعلى سبيل المثال: قد تنطوي وظيفة في مختبر طبيّ حيويّ، على أبحاث، وتجارب سريريّة تؤدّي إلى براءات اختراع منتج جديد، قصد بيعه في السوق، ممّا يؤدّي إلى مشروع جديد. ويعايش بعضهم الآخر مسار ريادة الأعمال من خلال طرائق غير تقليديّةٍ، كما هو الحال عندما تسنح فرصة غير متوقعة، ومع استمرار تطوّر السوق العالمية، ستظهر فرص ريادة الأعمال الجديدة لأولئك المستعدّين للفرص الّتي تعتمد على الإبداع والابتكار. كان يُنظر إلى روّاد الأعمال التّقليديّين على أنّهم لا يتّفقون مع الهيكل التّنظيميّ النّموذجي، أو كأشخاص لديهم العقل، والإبداع، والخيال، والمال؛ ليبدأوا بمفردهم، ولكنّ هذا التصوّر تغيّر مع زيادة المساعي لتقليل الحواجز الّتي تمنع وصول ريادة الأعمال إلى جميع الفئات الجنسيّة، والعمريّة. وفقًا لمناقشة في كابيتول هيل سنة 2018 حول النّساء، والأقليّات، وريادة الأعمال، أظهرت الإحصاءات أنّ تركيبة روّاد الأعمال الحالية في الولايات المتّحدة الأمريكيّة كالتّالي: 12% من النّساء، و8% من الأقليّات المولودين في الولايات المتّحدة، بينما يشكّل الأمريكيون الأفارقة 0.5% فقط. من النتائج الأخرى المثيرة للاهتمام، والمستمدة من بيانات مكتب الإحصاء سنة 2015، نجد أنّ مؤسسة كوفمان أحصت أكثر من 70 في المائة من روّاد الأعمال الآسيويين، والأسبان، والأمريكيين من أصل إفريقي، ممّن يعتمدون على المدّخرات الشّخصيّة، والعائليّة، كمصدر رئيسٍ لرأس المال المبتدئ. أمّا اليوم، فقد توسّعت الفرص للشّركات، والمؤسّسات، الّتي تستجيب للتّحدّيات الحاليّة، والتي قد تشمل محاولة تحسين وضع سلبيّ، أو إيجاد حاجة في موقف إيجابيّ، مع زيادة الوعي بالفوائد المقدّمة من خلال أنشطة ريادة الأعمال، ومع ظهور المزيد من القضايا العالميّة، والثّقافيّة والاقتصاديّة؛ يستكشف المزيد من الأفراد ريادة الأعمال استجابةً لهذه التحديات. فعلى سبيل المثال، بعد ملاحظة التحديات التي تواجهها النساء، والأقليّات في بدء مشروع جديد، يقوم آلان دونيغان، وفريقه بتدريب الناس على كيفية تحويل رؤيتهم لريادة الأعمال إلى حقيقة من خلال مدرسة PopUp Business School. فالنّقطة الأساسيّة هي أنّ الفرص يجب أن تكون متاحة للجميع، طالما أدركنا أهميّة التّغيير في إنشاء مشروع جديد. العائق المحتمل التحدّيات العوائق الجغرافيّة نأخذ الجزائر على سبيل المثال، فمساحتها المعلنة 2.381.741 كلم2، لكنّ الكثافة السكّانية محصورة في 15% من تلك المساحة، والثّروة الاقتصاديّة، ودعم ريادة الأعمال محصورة في 3 مدن ساحليّة دون سواها. التحيّز الجنسيّ تقلّ احتمالية بدء النساء للأعمال بشكل كبير عن الرجال، حتّى في الولايات المتحّدة الأمريكيّة، حيث كان معدّل رائدات الأعمال الجدد 260 امرأة لكلّ 100.000 سنة 1996، موازنة بـ 380 رائد أعمال جديدًا لكلّ 100.000، ولم يتغيّر الوضع كثيرًا سنة 2017، حيث صار معدّل رائدات الأعمال 270 لكلّ 100.000 رجل. التحيّز العرقيّ يتميّز مشهد ريادة الأعمال في الولايات المتحدة باختلافات كبيرة بين المجموعات العرقيّة؛ إذ تواجه شركات روّاد الأعمال من الأقليّات، حواجز كبيرة في جمع رؤوس الأموال، و يُرفضون عند التقدّم للحصول على قروض إضافيّة. وجاء في موازنة إحدى الدّراسات أنّ شركات السّود الجديدة، تبدأ بما يقرب من ثلث رأس المالي الّذي تبدأ به شركات البيض، ولا تلتئم هذه الفجوة مع نموّ الشّركات. نقص الثّروة الأوليّة يواجه ذوو الدّخل المنخفض الّذين لا يملكون ثروةً، عوائق كبيرة في رأس المال؛ إذ أظهرت البحوث أنّ 95% من الأثرياء في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، أقرب لبدء مشاريع جديدة من الفئات الأخرى، وأنّ سكّان الأحياء الأثرياءَ يمثّلون غالبا الثّلثين، ويشكّلون أكثر من ضعف الأعمال الحرّة موازنة مع الثّلث الأفقر. يرتبط صافي القيمة الأسريّة الأعلى بالمبالغ الأكبر، الآتية من مصادر التّمويل الخارجيّة، حتّى بعد أخذ رأس المال البشريّ بالحسبان، مع خصائص المشروع، وطلبات التّمويل. التحوّل في المجال المصرفي أصبحت البنوك الكبيرة أكبر، بينما صار عدد البنوك الصّغيرة، والمتوسّطة أقلّ، إذ نجت البنوك الكبرى من الرّكود الاقتصادي سنة 2008، مع استعادة ميزانيّاتها، بينما زادت القيود على البنوك الصّغيرة- تلك الّتي من المرجّح أن تُقرض روّاد الأعمال- بسبب الظّروف الاقتصادية، والقواعد التّنظيمية الجديدة. عدم تناسق المعلومات إن استمرار عدم تناسق المعلومات في أسواق رأس المال بين العرض (المستثمرين)، والطّلب (روّاد الأعمال) يؤدّي إلى عوائق كثيرة، إذ يواجه روّاد الأعمال تحديًّا أكبر في الحصول على رؤوس الأموال من الشّركات القائمة، لأنّ هذه الأخيرة يمكنها الاستفادة من سجلات أعمالها الأطول، وعلاقاتها القائمة. الجدول 5.2 مع تطور الرّؤية التّقليدية لريادة الأعمال، تظهر أنواع مختلفة منها، ويجدر بك الانتباه إليها عند التّفكير في رحلتك في ريادة الأعمال. والأنواع المعروضة أدناه، هي الأشهر في أيّامنا هذه، ولكلّ منها فرصه، وتحدّياته الفريدة: رائد الأعمال الجامعي: مع استمرار ارتفاع تكلفة التّعليم العالي، واستعدادًا لعالم العمل، يبحث المزيد من طلاّب الجامعات عن طرائق لتقليل الاعتماد على القروض الدّراسية من خلال إطلاق مشاريع رياديّة. رائد الأعمال داخل الشّركة: إذا كنت تعمل في شركة عصريّة تبحث عن فرص، وحلول مبتكرة للنمو، يمكنك أن تصبح رياديًّا داخلها، تنظّم الموارد اللاّزمة لتحقيق مشروع رياديّ لمصلحة الشّركة. رائد الأعمال المستفيد من حقّ الامتياز: نظرًا إلى أنّ الامتياز يمنح ترخيصًا لرائد الأعمال للعمل تحت اسم الامتياز، فإنّ رائد الأعمال المستفيد من حقّ الامتياز يحصل على دفعة أوّليّة كبيرة في مجاله، بإطلاق مشروع الامتياز ذاك. رائد الأعمال المهاجر: مع تزايد الاضطرابات العالمية، يرحل المزيد من المهاجرين إلى بلدان جديدة، فترى إيطاليّين في مصر، وهنودًا في أستراليا، وصينيّين في الجزائر، وسوريّين في كندا، وكلّ مجموعة عرقيّة تتضافر جهودها في المهجر، ممّا يساعد على الاستقلاليّة في العمل، ويدعم مشاريع ريادة الأعمال. رائد الأعمال على الإنترنت: مع تنامي استخدام التّقنية، تزداد فرص الأعمال على الإنترنت، إذ يستخدم روّاد الأعمال منصّات التّواصل الاجتماعيّ، والهواتف الذكيّة، والأجهزة اللّوحيّة، والتّطبيقات، وأي شكل آخر من أشكال التّقنية لإنشاء، وإشهار، وتسويق منتجاتهم، بل ويمكن أن تكون الأدوات السالفة الذّكر إحدى منتجاتهم، والفارق في هيكل هذه الأعمال؛ هو انطوائها على التّجارة الإلكترونيّة، والمقدرة على الدّفع عبر الإنترنت. روّاد الأعمال من النّساء، والأقليّات: تتمتّع النّساء بمنظور فريد، وإمكانيّةٍ متميزة للاستفادة من مجالات جديدة، أو مجالات موجودة سلفًا في العديد من مجالات ريادة الأعمال، وكما رأينا مع روّاد الأعمال المهاجرين، فإنّ تلك الفئات تحظى بدعم بني جلدتهم من جهة، وباستغلالهم مهارات، ومتطلّبات غير ملبّاة في السّوق، لا يوفّرها غيرهم من جهة أخرى. رائد الأعمال بدوام جزئي: استجابة للتّراجع الاقتصادي، والتّوظيف الجزئي، أو البطالة؛ يسعى المزيد من الأفراد إلى رفع مستوى دخولهم عبر نشاطات بدوام جزئيّ، أو ما يعرف بـ "السّعي الإضافيّ" (side hustle)، وتشمل هذه الفئة -أيضًا- المستقلّين لحسابهم الخاص، من كتّاب على سبيل المثال، ومترجمين، ومصمّمين، وفنّانين، ومطوّري ويب. رائد الأعمال الاجتماعي: يختار بعض روّاد الأعمال تقديم حلول مبتكرة للمشكلات الاجتماعية؛ قديمها وحديثها؛ مثل: الفقر، والجوع، والاتّجار بالبشر، والتّدهور البيئي، ويعملون على إنشاء مؤسّسات اجتماعيّة غير ربحيّة، ولكنّ الاهتمام المتزايد بالشّركات الرّبحيّة، الّتي تزاوج عملها التّجاري بالأهداف الاجتماعيّة؛ أدّى إلى ظهور فئة فرعيّة تدعى B-corp، أو شركة الفوائد، ونتيجةً لذلك، جاء قانون اعتماد الـ B-corp وهو شهادة اعتماد تديرها مجموعة B Lab غير الرّبحية، لضمان التزام الشّركات بإرشادات، وقواعد، ومسؤوليّات محددة، وقد بلغ عدد هذه الشّركات حتّى الآن 3301 شركة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Journey and Pathways) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: نظرة على المسائل القانونية والأخلاقية في ريادة الأعمال المقال السابق: المسارات الريادية لرائد الأعمال
  9. عندما تفكّر في المسار الوظيفي (كما هو موضح في الشّكل 18.2) الّذي تتبعه، قد لا تفكّر في أن تكون رائد أعمال، بالطّريقة نفسها الّتي قد تفكّر بها في أن تكون ممرّضًا، أو محاميًا، أو مهندسًا، ولكن يجب عليك ذلك، إذ توفّر لك ريادة الأعمال الفرصة للتّعبير عن إبداعك، وفطنتك التّجاريّة، والتحكّم في مصيرك، وعلى العكس، إذا كنت ستحصل على شهادة في الهندسة، فإنّ خيارات توظيفك ستنحصر في العمل في شركة هندسيّة، حيث ستحصل على وظيفة واضحة، وآمنة نسبيًّا، مع راتب شهريّ، وبعض الامتيازات، أو يمكنك الاستفادة من شهادتك الهندسية تلك في مشروع رياديّ. تنطوي رحلة ريادة الأعمال على تجارب، وقرارات متعدّدة، ستساعدك في الوصول إلى أهدافك الرّياديّة، فعلى سبيل المثال: قد يرث بعض الأفراد شركة عائليّةً، إذا تبيّن أنّ وظيفته غير مناسبة، أو مفيدة، كما كانت تبدو، فقد تكون ريادة الأعمال خيارًا جذّابًا، ومع ذلك، يختار عدد متزايد من الأشخاص عن قصد ملكيّة الأعمال؛ وسيلةً لتحقيق أهدافهم، واهتماماتهم المهنيّة. إذا وَصَلْتَ إلى مفترق الطّرق هذا في اختيار وظيفتك المثاليّة، فكيف يمكنك التنقّل بنجاح في مسار ريادة الأعمال كخيار وظيفيّ؟ قد تسلك في رحلتك الرّياديّة مسارات عديدة، يعرّضك كلّ منها إلى عقبات، وتقلّبات، وانعطافات، قبل أن تبلغ وجهتك، لقد اتّبع العديد من روّاد الأعمال اليوم مسارات مختلفة؛ تقليديّة أحيانًا، وغير ذلك أحيانًا أخرى، ممّا أدّى إلى إنشاء العديد من هياكل الأعمال المختلفة الّتي يتناسب كلّ منها مع روح رائد أعمال، وتشمل هذه الأعمال نماذج أعمال منجزةً، أو معدّلةً، تلبّي حاجة ما، أو تحلّ مشكلة، أو تطوّر حلًا اجتماعيًا. بغضّ النظر عن نوع مشروع ريادة الأعمال الّذي قد تختاره، يمكن أن تأخذك العديد من المسارات إلى هدفك، وتختلف أنواع المغامرة حسب مهامّها، ورؤاها، فيما تتراوح غاياتها بين كسب المدخول (لأجل الرّبح)، وتلبية حاجة اجتماعيّة عبر نموذج معفى من الضّرائب (غير ربحي) إلى حلّ مشكلة اجتماعيّة، أو بيئيّة، (شركة اجتماعيّة) لتصل إلى خليط من هذه الأنواع (هجين). "الشّكل 18.2: ثمّة كثير من المسارات الّتي يمكنك أخذها في رحلة ريادة الأعمال. حفظ الحقوق: تعديل ""explorer"" بواسطة ساكيب ساباكا / فليكر/ CC BY 2.0." بالنسبة للعديد من الشّركات القائمة؛ لا يكون المسار واضحًا كما تقترح عمليّة ريادة الأعمال، وذلك لأن روّاد الأعمال انتهازيّون، وقادة، ومبادرون: فهم يأخذون مخاطر محسوبة لإنشاء، أو تكييف شيء ما لحلّ مشكلة ما، أو خلق استجابة بغرض تحقيق مكاسب ماليّة محتملة، أو قيمة جوهريّة، فالحقيقة هي أنّ هذه المواقف، أو الفرص، لا تحدث دائمًا في تسلسل، أو ترتيب منطقيّ، بدلًا من ذلك، قد يواجه الأفراد الّذين يركّزون على ريادة الأعمال، الفرصَ، أو العروض، أو الخيارات التي تثير مشروعًا جديدًا. الفرص والخيارات إذا كنت مستعدًّا لبدء مشروع، فستجد العديد من الفرص الظّرفية، للسّعي وراء اهتماماتك، الفرصة الظّرفيّة هي تلك التي تصبح متاحة، اعتمادًا على عوامل مثل: مكان عملك. التزاماتك العائلية. فكرتك، أو اختراعك. تعبيرك الإبداعيّ الفريد. تغيير وظيفتك، أو البحث عن أخرى حديثًا. إنّ تطوّر ريادة الأعمال، وتقبّلك الخاصّ للتّفكير الرّياديّ، والعديد من المنصّات الحاليّة، والنّاشئة، تجعل بدء مشروعك الرّياديّ أمرًا ممكنا. أثناء تخطيط مشروعك، يجب أن تفكّر في الفرص في هذه المجالات: في العمل: تقدّم بعض أماكن العمل فرصًا رياديّة، أو مشاريع داخل الشّركة، لموظّفيها ذوي التّفكير الرّياديّ، دائما ما تقوم شركة 3M، على سبيل المثال، برعاية إبداع الموظفين، وتعزيز الفرص المبتكرة للموظّفين. ألهمت هذه البيئة مشروع موظّفين نتج عنه اختراع مذكرات Post-it. حتى إذا كانت الشركة لا تدعم إنشاء المشاريع، فهناك -أيضًا- إمكانيّة الخروج بفكرة ريادة الأعمال من الشركة، لإنشاء مشروعك الخاص. التزامات عائلية: يمكنك العمل في شركة العائلة، أو تولّي المسؤولية بعد تقاعد أحد أفراد العائلة، أو انتقال الملكية إليك. الامتيازات: يمكنك شراء حقّ امتياز قائم؛ وهو ترخيص يمنح رائد أعمال الحقّ بالعمل تحت اسم شركة صاحب الامتياز. مشروع على الإنترنت: يمكنك إطلاق مشروع منتج عبر Etsy أو Shopify أو موقع إلكتروني تجاريّ آخر. العمل الحرّ أو التّعاقد المستقلّ: يمكنك إطلاق عمل استشاري، أو العمل كمتعاقد مستقلّ لكسب الزّبائن، والخبرة، والدّخل وفقًا لجدول زمني مرن. البطالة: كونك عاطلًا، أو في وظيفة جزئيّة، قد تجعل ريادة الأعمال طريقك نحو الحرية الاقتصادية. الشراء: يمكنك شراء نشاط تجاري قائم، من متقاعد، أو من شركتك الحاليّة، أو من عائلة تمتلك نشاطًا تجاريًا، قد تتغيّر ظروف حياة صاحب العمل، إمّا بسبب التقدّم في السنّ، أو الاتّجاه نحو اهتمامات جديدة، وهذا يفتح الباب لانتقال العمل إلى ملكيّة جديدة، كما يمكن أن يوفّر العمل في شركة، خيار شرائها من مالكها الحاليّ، وهذا يوفّر قائمة من البيانات الماليّة، والقرارات الّتي تدعم النّجاحات المستقبليّة، إذا كنت موظّفًا لدى الشّركة، فلديك فرصة للتعرّف على تفاصيل حول كيفية إدارة الأعمال، وهي ميزة يمكن أن تدعم نجاحك في شرائها، وإدارتها. الإحباط: قد تواجه منتجًا، أو موقفًا موجودًا حاليًا، يحتاج إلى تحسين، أو حلّ، وتقرّر معالجة الموقف بنفسك. الصدفة السعيدة: هذا هو الوضع الذي تجتمع فيه قطع مختلفة، لدعم إنشاء شركة، أو منتج جديد، لقد كان غوردون مور -منشئ قانون مور حول النمو الأُسِّيِّ لشريحة سليكون واحدة تتضاعف كل عام- يعمل لصالح Shockley Semiconductor في عام 1956. في ذلك الوقت، كان لديه معرفة قليلة جدًّا بأشباه الموصلات، ومع ذلك، فقد تعلّم بسرعة، بفضل درجة الدكتوراه في الكيمياء، والفيزياء الّتي حصل عليها من .Caltech، وبعد عام واحد من العمل، غادر مور وسبعة موظّفين آخرون معه، ليشكّلوا شركة Fairchild Semiconductor، بتمويل من شيرمان فيرتشايلد. خلال عمله لمدة أحد عشر عامًا مع Fairchild Semiconductor، نشر مور ورقة تصف ما نعرفه الآن باسم قانون مور، استندت خطوته التّالية إلى إدراك أهميّة المعالج الدّقيق، في تحويل صناعات الكمبيوتر وما شابهها، وبعد رفض فيرتشايلد دعم هذا الاتجاه الجديد، شكّل مور مع زميله من Fairchild Semiconductor، روبرت نويس، شركة إنتل، ثاني أكبر شركة لتصنيع شرائح أشباه الموصّلات في العالم. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد أعمال في الميدان غوردون مور وفيرتشايلد مؤسسا أشباه الموصّلات في بعض الأحيان لا يكون مسارك إلى ريادة الأعمال كما تتوقّع، أو تخطّط له، تأمّل قصة غوردون مور؛ أحد مؤسّسي شركة فيرتشايلد لأشباه الموصّلات:"مِثْلُ العديد من العلماء، والمهندسين الآخرين، الّذين انتهى بهم المطاف إلى تأسيس شركات؛ لم أتخرّج من Caltech رائد أعمال، ولم أتدرّب على العمل التّجاري، بعد سنتي الثّانية في الجامعة، لم أسجّل في أيّ دوراتٍ خارج الكيمياء، والرّياضيات والفيزياء، فمسيرتي كرائد أعمال، جاءت قدرًا، قد يوجد روّاد الأعمال الّذين يولدون روّادًا، أمّا روّاد الأعمال العرَضيّون مثلي، فإمّا أن يقعوا على الفرصة وقوعًا، أو يُدفعوا إليها دفعًا، فمعظم ما تعلّمته كرائد أعمال، كان عن طريق التجربة، والخطأ، ولكنّني أعتقد أن كثيرًا من هذا كان من الممكن تعلّمه بشكل أكثر كفاءة. التنوّعُ في الخلفية الدّراسيّة، والمهارات، مع صدفةِ التّواجد في المكان المناسب، وفي الوقت المناسب، ومواجهةُ الإحباطات في وضعٍ تواجهه؛ يمكن جمع ثلاثتها في إدراك الفرصة الرّياديّة. بالنسبة إلى غوردون مور ، تعلّم عمل أشباه الموصّلات، وإنشاء شركة Intel، كانا أبعد فكرةٍ ممّا تصوّره لمستقبله، ولكنّ مصادفة خبراته، ومعرفته، وذكائه اجتمعت كلّها لدعم إنشاء إنتل، وها هو في أكتوبر 2019 تقدّر قيمته الصّافية بـ 10.6 مليار دولار. أحد الشّواغل الأساسية لريادة الأعمال، هو كيف ستموّل مشروعك، وأين ستجد الموارد اللازمة؟ على الرّغم من أن بعض الشركات تتطلّب تمويلًا كبيرًا لبدء التشغيل، إلاّ أنّه قد يفاجئك أن تعلم، أنّ العديد من المشاريع الّتي أنشأها روّاد الأعمال استخدموا فيها رأس مالهم، أو العمالة، أو المعارف، أو موارد أخرى للبدء، وهو نهج يعرف باسم التمويل الذاتي. من إستراتيجيات التمويل الذاتي الذكيّة، إطلاق مشروع رياديّ بدوام جزئي، مع الحفاظ على وظيفة بدوام كامل، واستخدام المدّخرات الشخصية، والمقايضة للخدمات، والمواد، وتأمين الطّلبات المسبقة، ويسعى بعض روّاد الأعمال إلى الحصول على دعم ماليّ لمشروعهم من خلال التّمويل من المستثمرين الملائكة، أو المستثمرين المجازفين، أو القروض التّقليديّة، أو الدّيون. العثور على مسار ريادة الأعمال الخاص بك يمكن أن تكون عمليّة، ومسارات ريادة الأعمال، أكثر من المحتمل، مع وجود العديد من الخيارات، والقرارات، وقد تبدو خيارات ريادة الأعمال مخيفة، وقد ينتج عن المسار الذي تتبعه بعض القلق؛ لذا، من المهمّ قبل أن تنغمس في الجوانب التقنية لإطلاق مشروعك، أن تبدأ بالأساس الأهمّ: إيجاد مسارك الشّخصي لريادة الأعمال. مسارك الشخصي عبر التأمل الذاتي لا ينبغي الاستخفاف بقرارك إطلاق مشروع، فريادة الأعمال تتطلب كثيرًا من الطّاقة، ومهارات صنع القرار، والمثابرة، والفطنة، والمرونة، بينما تفكّر أن تكون ريادة الأعمال مهنة ممكنة لك، يجب عليك القيام ببعض التّفكير الذّاتيّ لمعرفة كيف، ولماذا، ومتى تكون ريادة الأعمال هي المسار المهنيّ المناسب لك. على سبيل المثال: إذا كانت شخصيّتك منطويةً، أي أنّك غالبًا ما تشعر بالنّشاط حين تكون وحيدًا، فالأفضل أن تفكّر في مشروع تستفيد فيه من انطوائيّتِك هذه، وقد يكون من المفيد -أيضًا- دراسة، أو مقابلة روّاد أعمال آخرين يديرون مشروعًا تجده مثيرًا للاهتمام. مسارك الشخصي من خلال البحث والتجارب من الخطوات الأساسيّة لإيجاد طريقك الشّخصيّ إلى ريادة الأعمال: إجراء البحث، وتجربة الأدوار المتعلقة بالمشروع الذي ترغب فيه، ذلك أنّ البحث في المجال المحتمل، أو الخيارات الرّياديّة المتاحة لك، سيوفّر لك مستوى من الراحة، ويقرّ قراراتك حول ما قد تفعله بعد ذلك، إن إحدى الطّرائق الملموسة للقيام بذلك هي: "تظليل" محترف في المجال الذي تريده -بمعنى متابعته كظلّه- وهذا يعني أن تقوم بمراقبته خلال يوم عمل عاديّ، لمعرفة ما تتطلبّه إدارة هذا النوع من الأعمال إدارة مباشرة، قد تكون قادرًا -أيضًا- على الحصول على بعض الخبرة من خلال العمل متعلّمًا، أو متدرّبًا، أو مساعدَ مختبر، أو متعاقدًا مستقلًّا، أو مستقلًّا، بحيث تتعاقد مع شركة لتقديم خدمات، أو مهامّ احترافية، مقابل رسوم تتفاوضان عليها، يمكن -أيضًا- أن توفّر المقابلات الإعلامية نظرة ثاقبة؛ سواء كانت محادثات رسميّة، أو غير رسمية مع أصحاب الأعمال الجدد، أو القدامى في معرضٍ تجاريّ، أو حدث للتّواصل. مسارك الشخصي من خلال الإطلاق التجريبي إحدى الطّرائق المؤكدة لريادة الأعمال؛ هي القفز بكلتا القدمين، وتجربة العملية من خلال إطلاق المشروع، وعلى الرّغم من أنّ هذا قد يبدو قفزةً كبيرةً، أو قد تشعر أنّك غير جاهز، ولكن تذكّر أنّ ريادة الأعمال نظامٌ تجريبيٌّ، لا يمكن فهمه بالكامل إلا من خلال التّجارب العمليّة، إطلاق مشروع لإطار زمنيّ محدود، أو جمهورٍ قليل قصد اكتساب الخبرة، والأفكار، والتّعقيبات حول السّوق المستهدفة، أو الزّبائن -وهي عمليّة تعرف باسم الإطلاق التّجريبيّ (أو الافتتاح التّجريبي)- ستوفّر تعقيبات قيّمة حول كيفيّة تلبية احتياجات المستهلك، أو تحسين منتجك لضمان النّجاح. يمكنك استكشاف الإطلاق التجريبي من خلال إنشاء مخطّط، أو عيّنة، لما تنوي تقديمه، ثمّ سؤال الأصدقاء، والعملاء المحتملين عن رأيهم، أو عن طريق إنشاء موقع إلكترونيّ، أو نموذج أوّليّ، لتطبيقٍ هاتفيٍّ، قصد مشاركته مع عدد محدود من الأشخاص، لمعرفة ما إذا كان يعمل كما خطّطت له. (يطلق على هذا -أحيانًا- مصطلح البيتا تيست أو الفحص التّجريبيّ) وجمع التّعقيبات. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Journey and Pathways) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: أطر العمل التي توجه مساراتك الريادية المقال السابق: عملية التحول نحو ريادة الأعمال
  10. لطالما ناقش علماء الأعمال، وريادة الأعمال، كيف يصبح الناس رواد أعمال. هل يولد المرء رائد أعمال، أم يكتسب تلك الريادة اكتسابًا؟ بمعنى: هل يولد بعض النّاس بالمهارات الطبيعيّة، والمواهب، والمزاج المناسب لممارسة ريادة الأعمال؟ أم هل يمكن تطوير مهارات ريادة الأعمال من خلال التدريب، والتعليم والخبرة؟ تعكس هذه الأسئلة المناقشات الكلاسيكية المعروفة باسم "الطّبيعة مقابل التّنشئة" أو "المولود مقابل المصنوع"، والتي تحاول شرح محدّدات شخصية، وطباع الشخص. هذا الجدل موجود منذ قرون في اليونان الكلاسيكية، فقد دعم أفلاطون حجّة الطبيعة، في حين آمن أرسطو بمنظور التّنشئة، خلال فترة التّنوير في القرن الثامن عشر، جادل إيمانويل كانط (1724-1824؛ دعم سيادة العقل البشري) وجون لوك (1632-1704؛ الاستبداد المعارض)، ويعتقد كانط اعتقادًا راسخًا أن الطّاعة هي السلوك المتوقع، والمرغوب فيه، بينما آمن لوك بالسماح بقدر من الحرية، والإبداع. تغيّر تركيز جوانب هذه الحجّة عندما سعى علماء النفس في أواخر القرن التاسع عشر إلى فهم كيفية حصول الأفراد على المعرفة، وركّز علماء النفس حديثًا على عوامل إضافية مثل: الذّكاء، والشخصية، والأمراض العقليّة؛ إذ قام سكوت شين، أستاذ دراسات ريادة الأعمال في جامعة كيس ويسترن ريزيرف، بالاشتراك في دراسة باستخدام توائم متطابقة، وتوائم أخويّة كموضوعات بحثية، وقد خلص شين إلى أنّ 40 في المائة من روّاد الأعمال يولدون روادًا، وأن 60 في المائة يكتسبون الريادة اكتسابًا، ممّا يعني أن الطّبيعة - أي الحمض النووي للفرد – مسؤولة عن 40 في المائة من سلوكيّات ريادة الأعمال، في حين أنّ التّنشئة مسؤولة عن حوالي 60 في المائة الباقية. وعلى الرّغم من أن "الطبيعة مقابل التّنشئة" و "المطبوع مقابل المصنوع" هي حجج متوازية، ويقترح الباحثون، وروّاد الأعمال ذوو الخبرة، وجهة نظر مشتركة، حيث يمكنك توحيد مواهبك، وقدراتك الطبيعية، من خلال التدريب، والتطوير، لتحقيق تجربة، وريادة أعمال شاملة، بمجرّد أن تحدّد أنّ ريادة الأعمال هي مستقبلك؛ فإنّ الإجراء الآتي هو إنشاء عملية يجب اتّباعها، مثل تحديد مواد القراءة المفيدة، أو حضور الفصول الدراسية، أو ورشات العمل، أو العثور على موجّه، أو التعلّم من خلال المحاكاة، أو التّجارب المباشرة؛ هذه التّجارب تحدث طوال أيامنا، وحياتنا، بينما نكتسب الخبرات، ونطوّر عقليّةً للبحث عن سلوكيات التعرّف على الفرص، إن إكمال الدورات الدراسية، مثل قراءة هذه السلسلة من المقالات المتعلقة بريادة الأعمال، أو ، ومراجعة الموارد المقترحة في آخره؛ هي إجراءات يمكن أن تدعم معرفتك، ووعيك، لريادة الأعمال؛ كخيار صالح لمستقبلك. المنظور التّاريخي نفرد ههنا قسمًا لتطوّر ريادة الأعمال عبر التّاريخ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، فهي الرّائدة عالميًّا في هذا المجال، من جهة. ومن الجهة الأخرى، فإنّ هذا التطوّر استغرق فيها قرونًا عديدة، غير أنّنا سنجملها في خمس مراحل تاريخيّة مقتضبة: 1. المستعمرات، وأمريكا القديمة 1607 – 1776 في أواخر القرن الثامن عشر، عاشت قبيلة بامبينا من هنود تشيبوا المقيمة على طول النّهر الأحمر، في داكوتا الشمالية ومينيسوتا، وكانوا يقايضون الأسماك، أو لحم البقر المقدّد مع الغزاة الأروبيّين بميكان (اللؤلؤ). ولكن قبل هذا، حاز صامويل وينزلو سنة 1641 على أوّل براءة اختراع من المحكمة العامة في ماساشوستس، لاكتشافه طريقة جديدة لصنع الملح، وفيما يأتي بعض أشهر المخترعين في التّاريخ الأمريكي، وأكثرهم تأثيرًا: رائد الأعمال، أو المخترع مساهمته أهمّيتها بيير إسبري راديسون (1640-1710) مكتشف فرنسي. أسّس شركة خليج هادسن التجارية مقايضة الفرو بالأقمشة، والأسلحة. ويليام بن (1644-1718) مستعمر. أسّس "كومنويلث بنسلفانيا" ملاذا لجمعية الأصدقاء الدّينية المسيحيّة من أوائل روّاد الأعمال الاجتماعيّين سيبيلا ماسترز (1676-1720) مخترعة. اخترعت طريقة لتنظيف، وتصفية الذّرة الهندية، الّتي زرعها المستعمرون الأوائل. براءة اختراع سنة 1715 لطريقة تنظيف، وطحن الذّرة الهندية. توماس هانكوك (1703-1764) تاجر. أسّس "بيت التّجارة Trading House" الّذي وفّر سلعًا عديدة. سعى وراء مصادر تمويل مغايرة لتمويل اهتماماته التّجارية. بنجامين فرانكلين (1706-1790) مخترع، ناشر، وسياسي. أنشأ حقّ امتياز الطّباعة، وبنية تحتيّة ليدشّن تلاميذه مطابع في مستعمرات أخرى. أصاب عين الاختراع، وريادة الأعمال المتسلسلة. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 2.2 2. الثّورة الصّناعية الأولى 1776-1865 بينما توسّعت المستعمرات، زادت معها الفرص، والاهتمام بالامتلاك، والتّصنيع، والاختراع، والتّجديد، كانت الثّورة الصّناعية الأولى أشبه بانفجار النّشاطات المجدّدة عبر مخترعين عظماء، سعوا وراء الفرص الرّياديّة لتلبية حاجات السّوق، ومطالبه، والضّرورات الاقتصاديّة. خلال هذا العصر، استفادت الولايات المتحدة الأمريكيّة من اختراعات خلقت، أو وسّعت، أو طوّرت الصّناعة، ورفعت الثّروة والتطوّر، ومن مخترعي هذه الفترة إيلاي ويتني (محلج القطن 1794)، وإلياس هاوي (آلة الخياطة 1845) وصامويل مورس (التليجراف 1830-1840). سعى هؤلاء المخترعون، وآخرون من أقرانهم إلى طرق لتحقيق عائدات لاستثماراتهم في اختراعاتهم، ولحماية أنفسهم، وحقوقهم، قانونيّا عبر عمليّة الحصول على براءة اختراع، وهي منحة قانونيّة تحمي حقّ المخترع، واستخدامه، ومتاجرته باختراعه لفترة محدّدة من الزّمن. وقد ذكرنا في هذا الإطار سيبيلا ماسترز، مخترعة طاحونة الذّرة الهنديّة، وهي الّتي حصلت على براءة اختراع من ملك إنجلترا سنة 1715، ولكنّ القوانين الرّجعية وقتها لم تسمح للنّساء بامتلاك شيء، ناهيك عن براءة اختراع، لذا سجّلت باسم زوجها. أوّل استثناء من تلك القوانين كان لماري ديكسن كيز، الّتي نالت براءة اختراع باسمها عن عمليّة نسج القشّ بالحرير، أو الخيط. وعلى غرار النّسوة وقتها، كان كثير من العبيد السّود مخترعين، منعهم الاضطهاد، والقانون من المطالبة ببراءات الاختراع، ولأنّهم كانوا بلا حقوق، فقد عمد أغلبهم إلى تسجيل براءات الاختراع بأسماء أسيادهم، دون أن ينالوا تقديرًا، ولا تعويضًا مقابلها، واستمر الحال هكذا حتى عام 1820 حينما حصل توماس جينينز -أوّل أمريكي من أصل إفريقيّ- على براءة اختراع باسمه عن عمليّة تسمّى "التّنظيف الجاف" لتنظيف القماش. ومع زيادة المخترعين، واختراعاتهم بين ناجح، وفاشل، ارتفع الطّلب الاستهلاكي على منتجات، وخدمات أفضل، ممّا أدّى إلى الثّورة الصّناعية الثّانية. 3. الثّورة الصّناعيّة الثّانية 1865-1920 بعد الحرب الأهليّة الأمريكيّة، وخلال سبعينيّات القرن التّاسع عشر، انتعش العديد من الصّناعات بفضل (الشّكل 12.2): تحسين تنظيم الإنتاج، كما يظهر في مخازن معامل تكرير البترول، واعتماد الإنتاج الشّامل، وخطوط الإنتاج. تطوير الأنظمة التّقنية المتمثّلة في الكهرباء، والهاتف. الاختراعات الجديدة الّتي شملت إنتاج الحديد، والصّباغة الكيماويّة، والنّقل من محرّكات البنزين، والديزل، والطّائرات. تحسين الزّراعة بالأدوات، والصّناعة الغذائيّة بمخازن التّبريد. اختراع الآلة الطّابعة. "الشّكل 12.2: أ) أوّل آلة كتابة ناجحة تجاريّا؛ كانت من إنتاج كريستوفر ليثم شولز، وكارلوس س. جليدن. وهذا نموذجهم الأولّي سنة 1873. حفظ الحقوق: تعديل ""Sholes typewriter"" بواسطة جورج إيليس / ويكيميديا كومنز/ مادة مشاع. ب) الأخوان رايت من أشهر روّاد الطّيران المبكّر. تحلّق أورفيل في هذه الصّورة في مجالهم الجويّ سنة 1904. حفظ الحقوق: تعديل ""1904WrightFlyer"" بواسطة دون ف.ب / ويكيميديا كومنز/ مادة مشاع." ومع زيادة النّشاط الرّيادي، وارتفاع الطّلب على الإنتاج، وانتعاش الاقتصاد، حظي روّاد الأعمال، واختراعاتهم، بمقام رفيع، وصاروا مطلوبين أكثر. ممّا عزّز الإيمان بأنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة هي أرض الفرص. 4. الاقتصاد الأمريكي في الحربين العالميتين وما بعدهما لمّا بدأت الحرب العالميّة الأولى، كان الاقتصاد الأمريكي في مرحلة تراجع رهيب، ولكنّ اقتناء الأروبيّين للأسلحة، والسّلع الأمريكيّة وقتها، جعلها -على الرغم من دخولها الحرب سنة 1917- تشهد صحوة اقتصاديّة، حيث تراجعت نسب البطالة من 7.9% سنة 1914 إلى 1.4% سنة 1918 بفضل إنتاجها سلعًا، وأدوات تدعم جهودها الحربيّة، وجهود حلفائها، لذا فإنّ الحرب قد ساهمت -من وجهة نظر رياديّة- في تطوّر الجيش، وأدوات الاتّصال، وتحسين آليّات الإنتاج. بدأت الواجهة الاقتصاديّة الأمريكيّة تتغيّر خلال هذا العهد، فالشّركات الصّغيرة المستقلّة إمّا اندثرت، أو اندمجت في شركات ضخمة، ومع انهيار سوق الأسهم في أكتوبر 1929، والكساد الكبير الّذي اجتاح العالم سنة 1930، فإنّ الإنتاج قد تباطأ، وارتفعت البطالة، كما تضاءلت ثقة المستهلكين تضاؤلًا طرديًّا مع الثقة بالاقتصاد. وبعد أن وضعت الحرب العالميّة الثّانية أوزارها سنة 1945، انتقلت العقليّة الأمريكيّة من الشّغف، وريادة الأعمال التّقليديّة، إلى الاعتماد على الشّركات الكبيرة، والأعمال الّتي تضمن الاستقرار، والأجر. ومع أنّ ريادة الأعمال لم تختلف بالكليّة، إلاّ أنّ نموّها تباطأ تباطؤا ملحوظًا، بالموازنة عمَّا كان عليه سابقًا، فقد ظهرت ريادة أعمال الشّركات إلى الواجهة، وهي المرحلة الّتي موّلت فيها الشّركات الكبيرة الأفكار الجديدة، والفرص، والمشاريع، عَبْرَ البحثِ، والتّطوير، الّذي يخدم استراتيجيّات، وأهداف تلك الشّركات، والّتي يظهر بعضها في الشكل (13.2) الشّكل 13.2: نشأت شّركات عديدة، ذائعة الصّيت خلال عقود ما بعد الحرب العالمية الأولى. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. قدّم العالِمُ، والاقتصادي جون شومبيتر (1883-1950) نظريّات، ومصلطحات تواصل، مازالت تؤثر إلى الآن في مفاهيم، وممارسات ريادة الأعمال الحديثة، وقد ابتكر مصطلحين مهمّين: أوّلهما: "روح الرّيادة" الّتي ترتبط بالمنتجين البادئين من تلقاء أنفسهم، والّذين يركّزون على إبداعهم، لإحداث التّغيير. الثّاني: مصطلح "التّدمير الخلاّق" الّذي يعرّفه على أنّه: "عمليّة الطّفرة الصّناعيّة الّتي تُحدثُ تطوّرا مستمرًّا في الهيكل الاقتصادي من داخله، محطّمة -باستمرار- الهيكل القديم، وباعثة الأمل بآخر جديد." وفي المقابل، يدّعي الصّحفي، وعالم الاجتماع؛ ويليام وايت (1917 – 1999) بأنّ ثقافة ريادة الأعمال قد تغيّرت لأنّ "وسط العمل الأمريكيّ تخلّى عن الفضائل القديمة؛ مثل: الاعتماد على الذّات، وريادة الأعمال لصالح الأخلاق الاجتماعيّة البيروقراطيّة، الدّاعية إلى الولاء، والأمان، والانتماء." 5. اقتصاد المعرفة 1975 إلى يومنا هذا بدأت وعود الحياة المؤسّساتيّة في منتصف سبعينيّات القرن العشرين تفقد بريقها، وعوامل جذبها، لذوي التّفكير الرّيادي؛ ممّا دعا إلى تحول تركيز الشّركات من أقسام البحث، والتّطوير، إلى النّشاطات الرّياديّة الدّاخليّة عبر "الرّياديّين الدّاخليّين". ورائد الأعمال الدّاخلي هو موظّف يعمل رائد أعمال داخل مؤسّسة قائمة، بدلًا من العمل بمفرده. لقد أثرت التّطورات التّقنيّة السّريعة في كلّ الصّناعات، وصار العارفون بها أبطالًا بين عشية وضحاها، وفرضت الشّركات التّقنيّة وجودها على السّاحة، على شاكلة آبل، وميكروسوفت و 3M وAlphaber (الشّركة الأمّ لجوجل)، و IBM، وOracle. وهذه الشّركات في نظرنا اليوم هي المنشآت العملاقة المسيطرة، غير أنّها بدأت بكونها الأفكار التّخريبيّة الّتي حاربت لإنشاء صناعة جديدة، وتعديل الصّناعات القائمة سابقًا. العملية الريادية يجب أن يكون منهجك في عملية تنظيم المشاريع، أو مجموعة القرارات، والإجراءات التي قد تتبعها (كما في الشكل 14.2) كدليل لتطوير، أو تعديل مشروعك -مرنًا، وليس ثابتًا؛ لأنّ الاهتمامات الشّخصيّة، والخلفيّة، والتّجارب، والموارد، والاتصالات، فريدة من نوعها بالنسبة لك، ولكنّها قد تتغيّر بمرور الوقت، فعلى سبيل المثال: قد تأخذ أنت، وصديقُك درسًا فنيًا معينًا من أجل المتعة، وتكتشفان أنّ لديكما موهبةً خفيّة في صنع المجوهرات اليدويّة. في أحد الأيام وعلى الغداء، قد تُشاركُ صديقَكَ بعضَ أفكارِكَ بشأنِ الاهتمام ببيع إبداعاتك الفريدة إلى معرض فنيّ محلي، وعلى الرّغم من البحث الذي أجريته، فلديك القليلُ من الأدلة حول مكان البدء، أو كيفية عرض فنّك في المعرض، وخلال محادثتك، تتفاجأ عندما تعلم أنّ صديقك قد باع بالفعل عدّة قطع، اتّباعًا لنصيحةِ موجّهٍ يعرفه، إذ اكتشف بعد كثير من الإحالات، أنّ أفضل خيار له هو موقع Etsy. وهو موقع إلكتروني حِرَفِيُّ التوجّهِ في التجارة الإلكترونية والمعاملات التّجارية عبر الإنترنت. على الرغم من أنّكما بدأتما في المكان نفسه، وبأهداف متشابهة، إلا أنّ نتائجكما اختلفت؛ لأنك اتّبعت مسارات ريادة أعمال مختلفة، بينما قرّر صديقك الدّخول في عملية ريادة الأعمال في مرحلة مختلفة عن تلك التي اعتمدتها أنت. يحدث هذا السيناريو كلّ يوم، ويوضّح لماذا تختلف المشاريع، فقرارات رائد الأعمال؛ صاحب المشروع، أو فريق ريادة الأعمال، هي اللبّ في نجاح المشروع، وسنناقش بمزيد من التفصيل في الفصول اللاحقة: (لماذا يعد رائد الأعمال هو المورد الأكثر أهمية لمشروع ما) "الشّكل 14.2: يمكن أن تتغيّر وجهتك في رحلة ريادة الأعمال مرّات عديدة. حفظ الحقوق: تعديل ""This way or that"" بواسطة روبرت كوز بيكر / فليكر/ CC BY 2.0." إذا قررت دخول عالم ريادة الأعمال، يجب عليك اتّباع عملية معينة قبل إطلاق مشروعك، كما ناقشنا سابقًا في خطوات رحلة ريادة الأعمال، حيث تحتاج إلى التفكير في أهدافك، وإعداد، واتباع خطة عمل، واتخاذ قرارات، وتعديلات سليمة طول الطريق، والمثابرة أثناء التحديات، والأزمات لضمان رحلة ناجحة، إذا بدا لك أنّ هذا يعني القيام بكثير من العمل، فأنت على حق، ومع ذلك، إذا اتّبعت، أو تعرّفت على مراحل الرّحلة، فقد يكون هذا العمل الأكثر إرضاءً في حياتك المهنية. يجد كثير من النّاس أن رحلة ريادة الأعمال مرضية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنهم يتمكنون من تحديد مساراتهم الخاصة؛ لأنّ خطّة التخرج، ثم إيجاد وظيفة تساعد فيها شركة، أو منظّمة ما على تحقيق أهدافها، تكون أكثر إرضاءً عندما تكون تلك الشّركة، أو المنظّمة ملكًا لك، حيث تعمل بنفسك لإنشاء مسارك، وبلوغ هدفك، ولكن قبل إنشاء مسارك، ينبغي اتّخاذ أحدى الإجراءات الرئيسة في عملية ريادة الأعمال، وهي تطوير عقليّتك الرّياديّة، وتذكّر أن عقلية ريادة الأعمال تتعلق بالانفتاح، والتأمل الذاتي، والصدق حول ما أنت على استعداد للقيام به، وقادر على القيام به لتحقيق النجاح، فعلى سبيل المثال: هل أنت مرتاح لتقديم تضحيات مثل قضاء أمسية في إجراء البحوث، بدلاً من التسكع مع الأصدقاء، أو العائلة؟ العملية الريادية: دورة حياة المشروع، ودورة حياة المنتج تتضمن عملية ريادة الأعمال عمومًا عدّة مراحل رئيسة، أو بعض الاختلاف في هذه المراحل. ضع في الحسبان أنّ هذه المراحل لا تتبع دائمًا نمطًا تسلسليًا، حيث تتغير الظروف والفرص، وإحدى الطّرائق الشّائعة لفهم العمليّة الرّياديّة، والارتباط بها هي: التّفكير في مشروعك الجديد على أنه مشابه لدورة حياة الإنسان، والمراحل الرّئيسة الّتي يمرّ بها البشر في تطوّر حياتهم، وعمليات النمو المختلفة بينهما. كما نرى في الشّكلين 15.2 و16.2، فإنّ مرحلة البدء تشبه ولادة طفل رضيع، خلال مرحلة بدء التشغيل، أو ولادة الفكرة، يتطلّب المشروع موارد لدعم الشّركة النّاشئة بينما يقوم رائد الأعمال بتطوير الفكرة، وإنشاء النموذج الأولي، وبناء البنية التحتية لدعم الإنتاج. خلال مرحلة بدء التشغيل، يدعم المال بناء المشروع، وفي الوقت نفسه، نادرًا ما تكون الشّركة النّاشئة جاهزة لتوليد المبيعات، لذا تذكّر أنّ المال مطلوب، ولكن لا يتمّ تجديده من خلال المبيعات أثناء التّخطيط لهذا الوضع، وهو اعتبار مهم. الشّكل 15.2: تعرض هذه الصورة المراحل التي يمرّ بها المشروع الجديد، بدءًا من تطوير الفكرة، ومرورًا بإنشاء النّموذج الأوليّ، ثمّ تحسين ذلك النّموذج، واستعدادًا للمرحلة الرّابعة، حيث تتمّ المبيعات، وصوًلا إلى بداية مرحلة النمو،. كما هو موضح في الشّكل 19.2: يحدث النمو بفضل زيادة مبيعات المنتج، وعند هذه النّقطة في دورة حياة المنتج، تزيد التّحسينات، أو المزايا المدخلة عليه من مبيعاته. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الشّكل 16.2: توضّح هذه الصورة المراحل التي يمرّ بها النّشاط التجاري منذ النشأة حتى نهاية العمل، حيث يمثّل الخط الأصفر مبيعات المنتج (نجاح النّشاط التّجاري)، كما نرى أن معظم المبيعات تتم في مرحلتي النموّ، والنّضج، وفي هذه المرحلة الأخيرة، يجب على المالك، أو الفريق الريادي، اتخاذ قرار إعادة ولادة للعمل، وعندها يعود النّشاط التّجاري إلى مرحلة النمو. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. مثلما ينمو الطفل بسرعة في سنواته الأولى، غالبًا ما يشهد مشروع الأعمال نموًا سريعًا عند تسويق المنتج، أو الخدمة، وارتفاع الطّلب عليه، وينعكس هذا من خلال مبيعات أكثر، ومعرفة أوسع، ووصول أسهل إلى السّوق المستهدف، وتتطلب هذه المرحلة موارد لدعم النمو، فالفرق بين هذه المرحلة ومرحلة البدء؛ هو المال المتوفّر عبر نشاط المبيعات، لكنّ بعض المشاريع الريادية تحيد عن هذا، فتكون مرحلة النمو فيها متعلّقة ببناء المشروع، بدلًا من توليد المبيعات، وبالنسبة لمشروعات مثل YouTube، تستلزم مرحلة النمو زيادة مخزون مقاطع الفيديو، بالإضافة إلى زيادة في وصول الأشخاص إلى مقاطع الفيديو. وكما يبلغ البشر النّضج خلال دورة حياتهم، قد تصل الشّركة إلى نقطة يتباطأ فيها النمو، وربّما ينتقل إلى مرحلة التراجع في تجربتنا البشرية، ويمكننا اتخاذ إجراءات لتحسين، أو إطالة مرحلة النّضج في حياتنا من خلال خيارات حياة أفضل، مثل: عادات الأكل المغذيّة، وممارسة الرياضة؛ للحصول على صحة أفضل، ومن ثم تأخير التّراجع، ويمكننا -أيضًا- تمديد نضج العمل، بل وحتّى الانتقال إلى ولادة جديدة، ومرحلة نموّ جديدة، من خلال اتخاذ قرارات مدروسة، مثل إضافة ميزات جديدة إلى المنتج، أو الخدمة، أو تقديم المنتج، أو الخدمة إلى سوق مستهدف جديد هو الهدف في حياتنا، وبناء على هذا القياس، يكون النّموّ والنّجاح المستمرّ، ويمكن تعديل المنتجات، أو تحسينها، لتمديد دورة حياة المنتج، والّتي تمتدّ -أيضًا- لدورة حياة المشروع. تتوافق أمثلة تجنّب تدهور الشّركات توافقًا جيّدًا مع مفهوم دورة حياة المنتج، وهي منتشرة في المنتجات التّقنيّة، مثل: التلفزيون، والكمبيوتر الشخصي، والهاتف المحمول، وعلى سبيل المثال: مرّت أجهزة التلفزيون الأبيض والأسود بمرحلة نموّ بعد الحرب العالميّة الثّانية، فقد تم إنتاج أجهزة التلفزيون الملوّنة في خمسينات القرن الماضي، ومع التقدم التقني، عاودت الشّركات المصنّعة للتّلفزيون التطوير مرارًا، وتكرارًا خلال دورة الحياة، وتجنّبت انخفاض المبيعات بميزات، وتكيّفات جديدة مع خيارات متعددة، مثل: البلازما، LED، والتقنية الذكية، أمّا من أمثلة المنتج الّذي بدأ ثم تدهور بسرعة، فنشير إلى مشغّل الأشرطة الثُّمانيّة، وهو مشغل موسيقي أنتج سنة 1963 ليكون أسهل في التّثبيت في المركبات المتحركة، من السيّارات إلى الطّائرات السّريعة، وقد نال شهرة واسعة، حيث انتقل من المرحلة التمهيدية إلى مرحلة النمو في دورة حياة المنتج، لكنّه إثر تطوير الكاسيت (الشّريط) المضغوط في أوائل الثمانينات، انتهت مهمّته، وحلّت فجأة نهاية دورة حياته. بعض المنتجات تتلاءم بسهولة أكبر مع غيرها، لإدارة دورة الحياة، والهدف من ذلك هو إدارة المنتج من أجل النمو المستمر، في حين أن منتجات أخرى، مثل مشغّل الأشرطة الثُّمانيّة، والّتي تعتمد على التّقنية الّتي سرعان ما يعفو عليها الزّمن عندما يتوفر خيار أفضل. تصنّف الأمثلة الأخرى للمنتجات ذات دورة الحياة القصيرة، على أنّها طفرات، مثل حلقة الهولا هوب، والصّخور المتّخذة حيوانات أليفة، وهي طفرات ثقافيّة من الماضي، يعاد تقديمها إلى جيل جديد من المستهلكين؛ غير أنّها تستهلك دورة حياتها بسرعة لتصل إلى المرحلة الأخيرة وهي "الموت"، حيث يحقّق المنتج مبيعات قليلة جدًّا، أو منعدمة، بحيث يصبح نادرًا. دورة حياة المشروع، ودورة حياة المنتج مفهومان مختلفان، ولكنهما مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، سيحتاج المشروع إلى موارد مختلفة خلال كل مرحلة من مراحل دورة حياته، لدعم نموّه، ونجاحه، وتساعد معرفة المرحلة الّتي وصل إليها المنتج من دورة حياته على اتّخاذ القرارات المناسبة، فعلى سبيل المثال: يوحي انخفاض المبيعات بضرورة تعزيز قيمة المنتج، لتوسيع، ومواصلة مستويات النمو القويّة، من منظور المشروع، حيث تدعم إدارة دورة حياة المنتج، النّجاحَ المستمرَّ للمشروع. يتجنّب المشروع الناجح التّدهور (الموت) بالاستعداد المسبق، إمّا لبيع المشروع، أو الاكتتاب العامّ، والمعروف باسم العرض العامّ الأوليّ (IPO)، والذي يتيح للشركة مبالغ كبيرة للنّموّ المستقبلي، اثنان من الاكتتابات الريادية في مايو 2019 هما Zoom وUber. فأمّا Zoom فهي شركة تتيح إقامة مؤتمرات الفيديو، ومؤتمرات الويب، والنّدوات عبر الإنترنت، والتّواصل عبر الوسائط المختلفة. وأمّا Uber فهي شركة مشاركة ركوب، وقد استخدم كلا المشروعين الرّياديّين الاكتتاب العامّ لدعم خططهم المستقبلية للنمو. وازن بين بعض الأصدقاء الذين عرفتهم منذ الطفولة، والأصدقاء الذين قابلتهم في السنوات الأخيرة. افترض أنك تخطط للعمل في مشروع معهم، وتريد معرفة أيّ أجزاء العمل تناسب أيّ مجموعة، فقد تجمع بعض المعلومات حول التّجارب السّابقة لصديق جديد من خلال المحادثات، أو الملاحظات، أو عمليات التّعاون الأخرى، ومع ذلك، لن يكون من الممكن -أو الضروري- معرفة كلّ شيء عن طفولتهم، وكيف تعلّموا مجموعة معينة من المهارات، أو اكتسبوا معارف معيّنة، ولكنك ستبدأ تفاعلك، والعمل مع صديقك من الوقت الحالي، وهذا هو الحال بالنسبة للمشروع، وقد تبدأ مشروعًا من مرحلة توليد الأفكار، أو من الطفولة، كجزء من مرحلة ما قبل الإطلاق، أو يمكنك الانضمام إلى العملية بعد أن يكون شخص آخر قد أكمل بالفعل المراحل الأولى من العمل، فعلى سبيل المثال: عن طريق شراء شركة موجودة، أو الدخول في شراكة، ربما لم تكن موجودًا عندما تمّ إطلاق العمل بها، ولكن يمكنك الاستمرار في تطوير الأعمال من اللّحظة الحالية، تمامًا مثلما تنطوي كل مرحلة من مراحل التجربة البشرية على اهتمامات، ومعالم مختلفة، ينطبق الشّيء نفسه على مشروعك، المشروع هو مسؤوليتك لإدارته خلال كل مرحلة من مراحل عملية التطوير. يقدّم الشكل 17.2 نظرةً عامّةً على كل مرحلة، وعلى القرارات المرتبطة، التي قد تفكر فيها، أو تواجهها في عملية ريادة الأعمال. الشّكل 17.2: تتشابه دورة حياة المشروع تقريبًا مع دورة حياة الشخص عبر مراحل مختلفة تمتد فيمّا قبل الولادة، مرورًا بالرضاعة، والشباب، والنضج، والتقاعد، وصولا إلى النّهاية، أو إعادة التّشغيل،. وذلك، على عكس دورة حياة الإنسان، لا يجب أن تكون مراحل المشروع ثابتة، لا متسلسلة. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. المرحلة الأولى: البدء في المرحلة الأولى، ترتبط أنشطة البدء بتصوّراتك حول فكرة محتملة، وكيفية تطويرها، وكيف يمكنك التعرّف على الفرص المناسبة، في هذه المرحلة، يكون النّشاط الحاسم هو تحديد الفرصة لتطوير فكرتك إلى مشروع تجاري قابل للتحقيق، مع إمكانية كبيرة للنّجاح، في هذه المرحلة، تعمل على تطوير الفكرة تطويرًا أكثر دقة، لتحديد ما إذا كانت تناسب ظروفك، وأهدافك الحالية، والمستقبلية، ستعمل -أيضًا- من خلال التمارين لتمييز الأفكار، عن الفرص القابلة للتطبيق، حيث سنتناول كل هذه الإجراءات بمزيد من التفصيل في الفصول القادمة، أمّا الهدف من هذا القسم، فهو تقديم تصوّرات لفهم أكبر لهذه المراحل. وتتضمن الإجراءات، أو التّطبيقات الرئيسة في هذه المرحلة: تطوير الفكرة. التعرف على الفرص. تحديد فرصة السوق. البحث، والتّحضير الجادّ، أو إجراء البحث، والتحقيق اللاّزمين لاتخاذ قرارات مدروسة تقلل من المخاطر، مثل: التأكد من عدم تكرار فكرة موجودة بالفعل. المرحلة الثانية: التطوير الآن بعد أن أصبحت واثقًا من فكرتك، فقد حان الوقت لتطوير هيكل تحدّد من خلاله نوع المشروع الذي يتناسب تناسبًا أفضل مع الفكرة، وفي المرحلة 2، يمكنك تحديد نموذج أعمال (ناقشناه بمزيد من التفصيل في نموذج الأعمال، والخطة) وتجميع الفريق (المناقش في بناء الشبكات، والأسس) لجعل مشروع أحلامك حقيقة، ويحدد نموذج الأعمال كيف تعود الأعمال التجارية بالمداخيل، والقيمة، وتحصل على تعويض عن هذه القيمة، وتتمثّل بعض أمثلة نماذج الأعمال في الاشتراكات الشهرية، وطلبات ما قبل البيع، ومبيعات الكشك، وخيارات أخرى، كما تتضمن قرارات ريادة الأعمال في مرحلة التطوير، العديد من الخيارات التي يجب أخذها في الحسبان، بما في ذلك: التمويل الذاتي. البدء بأموال محدودة. تلقّي تمويل المشروع من مصادر خارجية. تسجيل الحقوق لتلقي العائدات على كلّ منتج. شراء شركة أخرى. وراثة عمل تجاري. الانتفاع بحقّ الامتياز، إما من خلال شرائه، أو بدء شركتك بهدف إنشاء امتياز جديد يخصّك. إنشاء شركة افتراضية قائمة على الإنترنت. استخدام تطبيقات الهاتف المحمول، التي تدعم عملك، أو تتواصل مع الشركات الأخرى. تأسيس مشروع اجتماعي لدعم قضية ما. تقديم الاستشارات. العمل الحرّ. إن الاختيار من بين هذه الخيارات، أو إنشاء نهج فريد خاص بك لدعم نجاح عملك، سيغيّر نتائجك، ومستوى نجاحك. أمّا الأنشطة الرّئيسة في هذه المرحلة فتشمل ما يلي: صياغة، أو صقل فكرتك. تصميم نموذج الأعمال، والخطة، والأهداف، وفريق الإطلاق، والهيكل التشغيلي. إنشاء منتج نموذجيٍّ يناسب السوق (عيّنة، أو نموذجًا لجذب تعقيبات الزّبائن). مزيد من البحث، والتّحضير الجادّ حسب الحاجة. المرحلة الثالثة: الموارد باستخدام المعرفة التي اكتسبتها في المرحلتين الأوليين، ستقوم -في مرحلة الموارد- بتقييم الموارد اللازمة لدعم مشروعك الجديد.و تشمل الموارد كلًّا من: الدعم المالي. دعم، واختيار موقع، أو منشأة تصنيع (إذا كنت تنتج منتجًا ماديًا). مواهب الموظفين. المعرفة. المهارات. دعم سياسي، ومجتمعي إذا أمكن. دعم العائلة، لأنّ المشروع الجديد سيتطلّب التزامات تُقْتَطَعُ من وقتك مع عائلتك. وتشمل الأنشطة الرئيسة في هذه المرحلة ما يلي: جمع الموارد الضّروريّة، مثل رأس المال البشري، والمالي، والمستثمرين، والمرافق، والمعدّات، والنّقل. إنشاء الاتصالات، والشبكات، والخدمات اللوجستية. مزيد من البحث، والتّحضير الجادّ، حسب الحاجة. المرحلة الرابعة: دخول السوق الدخول إلى السّوق، أو تدشين مشروعك، غالبًا ما يتمّ في عملية إطلاق أوليّة، أو ما يعرف بالفتح المبدئيّ، داخل سوق محدودة لتقليل التعرّض للتحديات غير المتوقعة، وبصفتك رائد أعمال، فأنت تقدّم مشروعك الجديد إلى سوق معيّنة لمعرفة مدى قبوله، ودعمه، ويمكنك إجراء تعديلات اللّحظة الأخيرة في هذه المرحلة، ولكنّ الجزء الحاسم هو معرفة كيف يتفاعل السوق مع مشروعك، وهذا وقت ممتاز لتمحيص جميع جوانب عملك، للحصول على حلول للمشاكل غير المتوقّعة، وتحسين الكفاءة، وتتبّع ردود فعل الزّبائن على مشروعك. واحدة من أهم مسؤولياتك في هذه المرحلة هي إدارة التدفق الماليّ، أو الأموال الدّاخلة، والخارجة من الشّركة، لأنّ المال ضروريّ لنجاح المشروع، في المراحل الأولى من المشروع، وستحتاج إلى مبالغ كبيرة من المال لتمويل الأنشطة التّشغيلية، لأنّ مبيعاتك ليست مضمونة بعد، ذلك أن تكاليف الإنتاج، والرواتب، واللوازم، والمخزون، ومدفوعات الإيجار، والتسويق… وكلّ هذه الجوانب تحتاج إلى تدفّقات ماليّة خارجة من مشروعك، باعتبارها جزءًا من تكاليف بدء التشغيل، ويحتاج العمل الناجح إلى المال المتاح، وكذلك الزّبائن لمنتجاته، وخدماته، وإلا فلن يبقى على قيد الحياة. وتشمل الأنشطة الرئيسة في هذه المرحلة ما يأتي: تقييم الهيكل الإداري، والاحتياجات، مع تعديلها إذا اقتضت الضّرورة. إدارة التدفّق الماليّ. تدشين العمل. رصد التقدم المحرز. مزيد من البحث، والتّحضير الجادّ حسب الحاجة. المرحلة الخامسة: النمو تتضمن مرحلة النمو اتخاذ قرارات تدعم النمو المستقبلي لمشروعك، في مرحلة النمو تعكس قراراتك قابلية مشروعك للتوسع، فهناك فرق كبير بين مشروع صغير، ومشروع يجب أن يتعامل مع مستويات كبيرة من المبيعات، عند هذه النقطة، يحتاج هيكلك التنظيمي إلى تحديث، وقد تحتاج إلى مستويات وظيفية جديدة، مثل قسم الشؤون المالية، أو قسم الموارد البشرية، أو ربما مساعد مدير، كما تشمل الاعتبارات الأخرى حجم المرافق، وهل الحجم، أو السعة الحالية مناسبة لنمو المشروع؟ وتتعلق الأسئلة الأخرى بمدى ملاءمة مورديك، أو مزودي المخزون. وهل الجودة ووقت التسليم يلبيان احتياجاتك؟ وهل نظام الدفع مناسب لمشروعك؟ يجب عليك -أيضًا- في هذه المرحلة مراقبة نمو مشروعك، وإجراء التعديلات المناسبة، فعلى سبيل المثال: إذا كان مشروعك لا ينمو كما هو متوقع، فقد تعود إلى خطة عملك، وتدرس التعديلات التي يمكنك إجراؤها. تشمل الإجراءات الرئيسة في هذه المرحلة ما يلي: إدارة المشروع. إجراء التعديلات الرئيسة حسب الحاجة. مزيد من البحث، والتّحضير الجادّ حسب الحاجة. المرحلة السادسة: النضج في مرحلة النّضج، ينتقل مشروعك إلى مرحلة الصّيانة، في دورة حياة العمل، حيث يراقب رواد الأعمال كيف ينمو المشروع، ويتطور، وفقًا لخطة العمل، وتوقعاتها، واحتمالاتها، وهل ينمو مشروعك نموًّا أسرع، أو أبطأ مما كنت تتوقع؟ ما المعالم التي وصلت إليها؟ ما هي التّغييرات اللاّزمة لمواصلة نجاح المشروع؟ وكيف يمكنك معالجة هذه التّغييرات؟ هل مازلت قادرًا على تلبية احتياجات المشروع، والمحافظة عليها؟ اعتمادًا على وضعك، ستظلّ بحاجة إلى مواصلة العمل على دعم المشروع؛ حتى ولو كان المشروع يعمل بكفاءة، وطريقة، يمكن التنبؤ بها، فقد تجبرك التّغييرات الخارجيّة على تغيير مشروعك، من خلال إدخال تحسينات على المنتج، أو الخدمة، أو العثور على أسواق مستهدفة جديدة، أو اعتماد تقنيات جديدة، أو تجميع الميزات، أو العروض لتضيف قيمة للمنتج. إحدى النّقاط الرئيسة التي يجب فهمها في هذه المرحلة هي: أن المشاريع يمكن أن تفشل، وغالبًا ما تفشل، فريادة الأعمال تتعلّق بالمخاطرة المحسوبة لتحقيق الأرباح، فأحيانا، لا يصل مشروعك إلى ما تخيّلته، لهذا يقدّم امتلاك عقل منفتح، والتعلّم من التجربة، فرصًا جديدة، إما للتّغييرات في المشروع الحالي، أو حتّى في مشروع جديد، خذ بالاعتبار الأمثلة الآتية لروّاد أعمال عانوا الفشل في البداية، ثمّ انطلقوا ليحقّقوا نجاحات منقطعة النّظير: فشلت شركة بيل جيتس الأولى Traf-O-Data لأنّ المنتج لم يعمل. فُصل والت ديزني من عمله في صحيفة بدعوى افتقاره للإبداع. طُرد ستيف جوبز ذات مرّة من شركته الخاصة "آبل". أنشأ ميلتون هيرشي ثلاث شركات حلوى، قبل أن يؤسّس شركة هيرشي النّاجحة. تشمل الإجراءات الرئيسة لهذه المرحلة ما يلي: تعزيز مكانة السوق. الوعي، والاستعداد للتغيير. جني عائد الاستثمار (ROI). المرحلة السابعة: الحصاد في مرحلة ما، قد تتجاوز شركتك أحلامك، أو طموحاتك، أو اهتماماتك، في هذه المرحلة، تقوم بحصد، أو جمع أكبر عائد على استثمارك، بينما تخطّط لكيفية التّقاعد، أو الابتعاد عن هذا المشروع، يستمتع العديد من رواد الأعمال بالإثارة في بدء وبناء مشروع جديد، ولكنّهم أقل اهتمامًا بالجوانب الروتينية لإدارة الشركة. في مجال ريادة الأعمال، يقوم الفريق بإنشاء مشروع، بهدف حصاد هذا المشروع، والحصاد هو المرحلة التي يكافأ فيها كلّ عملك الجاد، وإبداعك، بعائد كبير على الأموال المستثمرة، والوقت، والمواهب في فريق بدء التشغيل، بما في ذلك أيّ مستثمرين، خلال هذه المرحلة، يبحث فريق روّاد الأعمال عن أفضل مشترٍ للمشروع، لتحقيق عائد على الاستثمار من جهة، وشخصٍ مناسب لمواصلة نجاح المشروع من جهة أخرى. وتشمل الإجراءات الرئيسة في هذه المرحلة ما يلي: تحديد ما يريده فريق روّاد الأعمال، والمستثمرين خارج المشروع، عائد الاستثمار التخطيط لمستقبلك: ما هي الخطوة الآتية في رحلة ريادتك؟ المرحلة الثامنة: الخروج مرحلة الخروج؛ هي النّقطة التي إمّا أن يحقّق فيها مشروعك هدفه، وتحصد نجاحه، ثمّ تمرّره إلى الجيل التالي من أصحاب الأعمال، أو اللّحظة الّتي تدرك فيها أنّه لم، ولن يلبّي احتياجاتك، وأهدافك. ويؤدّي هذان الموقفان إلى سيناريوهات مختلفة إلى حد كبير. في حصاد المشروع، قد تتلقّى دفعة نقديّة كبيرة، أو مزيجًا من الدّفع النّقدي، وحصّة أقليّةٍ من الأسهم لتبيع مشروعك، أمّا في الخروج النّاتج عن إغلاق المشروع، فيكون خيارك على الأرجح هو تصفية الأصول؛ بقصد بيعها لسداد مستحقّات الدّائنين والمستثمرين، في كلّ من الحصاد، والتّصفية، يمكن أن يكون التّحدّي بالنسبة لك كرائد أعمال هو تقبّل الانسحاب العاطفي من مشروع استهلك أفكارك، ووقتك، وطاقتك، لقد حان الوقت للخروج من المشهد، والسّماح "لراعٍ" جديد بالاهتمام بالمشروع، أو إغلاقه بالكامل. وتشمل الإجراءات الرئيسة في هذه المرحلة ما يأتي: استراتيجية، وخطة الخروج. الانتقال إلى الجيل القادم من المالكين. المرحلة التاسعة: إعادة الولادة بالنسبة لبعض روّاد الأعمال، يطغى حماس إنشاء مشروع جديد على إحساس كسب المال، من حصاد مشروع ناجح، فمن الصّعب العثور على لذّة تحويل فكرة، إلى فرصة قابلة للتّحقيق، ثمّ إنشاء مشروع مزدهر، في مكان آخر، ففي مرحلة إعادة الولادة، يقرّر رائد الأعمال البحث عن مشروع جديد لبدء العملية مجدّدًا، وبصفتك رائد أعمال ذا خبرة، يمكنك إنشاء مشروع من نوع جديد، أو تطوير مشروع منبثق عن فكرة مشروعك الأصليّ، ففي هذه المرحلة، تصبح رائد أعمال متسلسلا، رائد أعمال شارك في بدء العديد من المشاريع الرّياديّة. وتشمل الإجراءات الرئيسة في هذه المرحلة ما يأتي: إعادة تصميم، أو إنشاء مشروع جديد. جلب فريق رياديّ جديد، أو التّعاون مع فريق المشروع السابق. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Journey and Pathways) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: المسارات الريادية لرائد الأعمال المقال السابق: نظرة عامة حول رحلة ريادة الأعمال
  11. في هذا المقال سنتحدث عن رحلة ريادة الأعمال والخطوات الواجب المرور بها للوصول إلى الريادة في مجال الأعمال. التوظيف الذاتي: رحلة ريادية عندما يكون الاقتصاد قويّا، وسوق العمل منتعشة، يمتلك رائد الأعمال شبكة أمان تقلّل من مخاطر إنشاء مشروع جديد، أو شركة، أو مؤسسة ناشئة، أو منظّمة تدير الأعمال، أو تلبّي حاجة ما، وتسمح باسترجاع سريع إذا فشل المشروع. تظهر المزيد من الشّركات النّاشئة الجديدة، عندما تكون هناك مستويات عالية من الثقة في نجاح المشروع من جهة، وثقة رائد الأعمال في العثور على عمل، إذا فشل مشروعه من جهة أخرى، ويستحوذ الأشخاص الّذين تزيد أعمارهم على 40 عامًا على معظم نشاط الشّركات النّاشئة، ومردّ ذلك التوجّهُ الذي تنتهجه الشّركات؛ الرغبة في اللّجوء إلى متعاقد مستقلّ، بدل تعيين موظّف دائم، حيث تحصل تلك الشركات على شخص يؤدّي المطلوب، دون أن يكون جزءًا من كشوف الرّواتب، وفي الوقت نفسه يتحمّل ضرائبه، وتأميناته بنفسه. وبفضل معرفتهم، وخبراتهم السّابقة، يدرك روّاد الأعمال الفرص الّتي يوفّرها هذا التوجّه الذي لا يحبذ تعيين الموظّفين بدوام كامل، والمقبل على توظيف المتعاقدين المستقلّين، وأحد المساهمين في هذا التوجّه هو اقتصاد النّشاطات الصّغيرة (The gig economy)، والذي يعتمد على استخدام وظائف مؤقتة، وانتقالية، وفي كثير من الأحيان يتم التّوظيف فيها حالة بحالة، بدلًا من الاحتفاظ بطاقم عمل كامل من الموظفين بدوام كامل، ويعود هذا النّظام على صاحب العمل بمزايا انخفاض تكلفة المِنح، والتّرقيات لبعض الموظّفين، أمّا مزايا العامل المستأجَر، أو المتعاقد المستقل؛ (ويسمّى أحيانًا "المستقلّ") فمزاياه في هذا النّظام: الحريّة، حريّة العمل، كون الالتزام قصير الأجل، وحريّة الاختيار، كونه يتمتّع بمرونة في قبول العقود، أو رفضها. من منظور ريادة الأعمال، كما يوفر إنشاء المواقع الإلكترونية الّتي تدعم اقتصاد النّشاطات الصّغيرة فرصًا لمشروعات مستقلة، وقد أصبح العديد من الناس اليوم روّاد أعمال ذوي مشاريع صغيرة، ويُطلق على هذه العملية، العديد من الأسماء، نذكر منها: الاقتصاد التشاركي. اقتصاد النّشاطات الصّغيرة. اقتصاد الأقران، أو النّظراء. الاقتصاد التعاوني table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } وقد تشير هذه العملية إلى قيادة النّاس كما يحصل في lyft، وUber، ويسير، وكريم، أو تقديم خدمات مثل الّتي توفّرها مواقع مستقلّ، وخمسات و Upwork. وبلغت نسبة المتعاقدين المستقلّين، والعمّال، حسب الطلب 42 % للشركات الصغيرة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بحلول 2020، بزيادة نسبة 8 % عن سنة 2018. مع توقّعاتٍ بأن يصبح أكثر من 50 % من القوة العاملة الأمريكية متعاقدين مستقلين بحلول عام 2027، إذا استمر هذا الاتجاه على الوتيرة الحالية وفي تقرير "العمل الحر في أمريكا: 2019" الدراسة السنوية السادسة التي قام بها UpWork وجاء في تقرير اتحاد العمال المستقلين، أنّ 57 مليون مواطن أمريكي يعملون لحسابهم الخاص، مع اقتراب الدّخل من 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بما يقرب من تريليون دولار، وكسب معدل متوسط قدره 28 دولارًا للساعة، وهو ما يمثل دخلًا سَاْعِيًّا أكثر من 70 % من العاملين في الاقتصاد الأمريكي العام . كما وجد أحد التقارير أن 94 % من صافي نمو الوظائف من 2005 إلى 2015 كان في فئات عمل بديلة؛ 60 % منهم من المستقلين، ومتعاقدي الشّركات. ووفقًا لمكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل، فإن عدد الأمريكيين العاملين لحسابهم الخاص آخذ في الازدياد مع 9.6 مليون شخص يعملون لحسابهم الخاص في نهاية عام 2016، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 10.3 مليون بحلول عام 2026. وتوقّعت دراسة نشرها تقرير FreshBooks السنوي الثاني "للعمل الحر" أن 27 مليون موظف أمريكي، يتركون العمل التقليدي لصالح العمل الحر بحلول عام 2020، مما يزيد من عدد المحترفين ذاتيّي التّوظيف بدوام كامل إلى 42 مليونًا، وقد كان الدافع الرئيس لهذا التغيير في القوى العاملة؛ هو الرغبة الكبرى في التحكم في مهنة المرء، مع القدرة على التحكم تحكمًا أكبر في ساعات العمل، ونوعه. كما أن العمالة الذاتية بالطّبع فئة واسعة تشمل أصحاب الأعمال الصغيرة، والشركات الناشئة، وموظّفي النّشاطات الصّغيرة المستقلّين، فمنذ عام 2016، ظهر انخفاض في عدد الموظّفين لدى الشّركات ذاتية التّوظيف، وهذا نتيجة مجموعة متنوّعة من العوامل منها: صعوبة العثور على موظفين مؤهلين، فأولئك المؤهّلون صاروا يمتلكون كثيرًا من فرص التّشغيل، مثل: التّوظيف عبر النّشاطات الصّغيرة، والتّعاقد الحرّ الخارجي. التّقنيات الحديثة الّتي تقلّل من الحاجة إلى الموظفين. وهذا كلّه حافظ على بقاء نشاط ريادة الأعمال ثابتًا. ريادة الأعمال حول العالم كتب ديفيد جولي مقالًا في بيزنس إنسايدر (Business Insider) سنة 2017 بعنوان "تحتاج أمريكا إلى روّاد الأعمال المهاجرين". وجاء فيه: "يشكّل المهاجرون 15 بالمائة من القوى العاملة الأمريكية، و 25 بالمائة من القوى العاملة في البلاد من روّاد الأعمال تشمل 40٪ من الشّركات الناشئة مهاجرًا واحدًا على الأقل." تستشهد مقالة جولي بدراسة خلصت إلى أنّ احتمال أن ينشئ مهاجر عملًا تجاريًّا أكبر بمرّتين، من احتمال أن يبدأه مولود في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. وفي عام 2016، تم تأسيس 40.2% من شركات Fortune 500 من قِبل مهاجر، أو ابنِ من أبوين مهاجرين على الأقلّ، وذكرت دينا برين في مقال كتبته في مجلة فوربس سنة 2018 أنّ المهاجرين يشكّلون 25% من الشّركات الأمريكية الجديدة، وأنّ الشّركات الجديدة المملوكة للمهاجرين أوجدت 4 إلى 5 ملايين وظيفة، وقد دفعت هذه الإحصاءات، والنّتائج الأخرى دولًا مثل كندا إلى مراجعة سياسات الهجرة الخاصة بها، لجذب المزيد من المهاجرين ذوي العقليّة الرّياديّة. وقد صنّف تقرير البنك الدولي الصادر في مايو 2018 الولايات المتحدة في المرتبة 53 من بين 190 دولة في ترتيب الدّول حسب سهولة بدء الأعمال التجارية فيها، ويصنّف التّقرير ذاتُه الولايات المتحدة في المرتبة الثّامنة في مقياس سهولة ممارسة الأعمال التجارية، ويشير الاختلاف في هذه التصنيفات إلى أنه بمجرد إنشاء نشاط تجاري، فإنّ عوامل مثل: اللوائح، والتصاريح، والوصول إلى الائتمان، والبنية التحتية، تدعم قدرة صاحب العمل على مواصلة العمل، ولكنّ بدء العمل في الواقع يكون أكثر صعوبة. كما تعدّ سهولة بدء نشاط تجاري في أي دولة كانت، واهتمامها بدعم نشاط ريادة الأعمال، أمرًا حاسمًا في جذب روّاد الأعمال، ودعم قدرتهم على العمل، فيما يقلّل فرض اللّوائح، والقيود، من عدد المشاريع الجديدة تقليلًا كبيرًا. وقد كان أعلى معدّل لنشاط ريادة الأعمال في جميع أنحاء العالم في 2018 في أنغولا بنسبة 41% ، إذ إنّ اقتصاد الدّخل المنخفض في أنغولا يعني فرص عمل أقل، مما خلق ضغوطًا لإيجاد طرائق أخرى لكسب الدخل، هذا، وقد سجّلت غواتيمالا نسبة 28% والشيلي 25% من نشاط ريادة الأعمال، وتعدّ هذه النّسب عالية جدّا في الاقتصادات المتوسطة، والعالية الدخل، مع الأخذ في الحسبان، أن هذه الاقتصادات توفّر فرص عمل في الشركات القائمة. أمّا من حيث الابتكار، فبنسبة 47% للهند، وبنسبة 48% لكلّ من لوكسمبورغ، والشيلي، حيث تأخذ هذه الدّول زمام المبادرة في تقديم منتجات، وخدمات جديدة لم تكن متاحة من قبل، ويعكس هذا النّشاط الرّيادي سهولة بدء الأعمال التجارية، في حين تصنّف هولندا، وبولندا، والسويد، أسهل الدول التي يمكن أن تبدأ فيها نشاطا تجاريًّا جديدًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنّ العديد من الناس في تلك البلدان ينظرون إلى ريادة الأعمال على أنها أسلوب حياة جذّاب، كما يساهم دعم الدّولة لسلوك ريادة الأعمال بالإضافة إلى الفرص الاقتصادية المتوفّرة فيها في تحديد عدد الأشخاص الذين يمارسون أنشطة ريادة الأعمال. ومن منظور الجنس، يوجد حاليًا أكثر من 11 مليون شركة مملوكة للنساء في الولايات المتحدة، وهذا الرّقم يشمل كلّا من أصحاب الأعمال الصغيرة، وروّاد الأعمال، فقبل ثلاثين عامًا، لم يكن هناك سوى 4 ملايين شركة مملوكة للنساء، بل ارتفع عدد الأعمال التّجارية المملوكة للنساء بنسبة 45% بين عامي 2007 و 2016، وهو أسرع بخمس مرات من المتوسّط الوطني. بدء رحلتك الريادية كيف تتلاءم فرصك مع الرّحلة الريادية؟ سيساعدك هذا الفصل على استكشاف إمكاناتك، وسبر أغوار فرصك في اعتماد ريادة الأعمال خيارًا وظيفيًّا. اجعل هذه التّجربة الاستكشافية طريقة لرسم استراتيجيّة الوصول إلى أهدافك، أو أحلامك، ولنفترض أنّ عطلة أحلامك هي نزهة مشي طويل في جبال حديقة جلاسير الوطنيّة في ولاية مونتانا الأمريكية؛ حيث يتمتّع مشاة الجبال –كما تعلم- بمستويات مختلفة من الخبرة، والحال ذاتها فيما يخصّ أصحاب المشاريع، كما تتضمن خطتك لرياضة المشي لمسافات طويلة في البرية، العديد من المراحل، كذلك فإنّ رحلتك في مجال الأعمال فيها مستويات متعددة؛ من اكتشاف الذات والاستكشاف، والتجارب، والإنجازات، في طريقك إلى النجاح. وبناء على ما شرحناه سابقًا، فإننا نعني بمصطلح "مشروع ريادة الأعمال" أيّ نوع من الأعمال التجارية الجديدة، أو المنظّمات، أو المشاريع، أو العمليّات المربحة، الّتي تنطوي على شيء من المخاطرة في اقتناص فرصة ما، لم تكن موجودة من قبل، لذلك فإنّ لكلّ قصة نجاح في ريادة الأعمال، يتم مشاركتها، مثل قصة Facebook أو Airbnb، هناك قصص نجاح ريادية أقلّ شهرة مثل Zipline، وهي شركة تقدم الإمدادات الطبية في رواندا، وغانا، بطائرة بدون طيار، وقد واجه روّاد الأعمال هؤلاء معضلات جمة في السّعي وراء شغفهم، أو الفرص التي قادتهم إلى مصيرهم في ريادة الأعمال، حيث خرجوا بشجاعة من مناطق راحتهم، لاستكشاف الاحتمالات التي تنتظرهم. ولكنْ، ما الفرق بينك، وبين روّاد الأعمال؟ الفرق الرّئيس هو اتّخاذ الخطوة الأولى، فكثير من الناس لديهم أفكار تتناسب مع تعريف فكرة ريادة الأعمال، ولكنّهم لا يتّخذون تلك الخطوة الأولى، وكما يقول الفيلسوف الصّيني لاو تزو: "كلّ رحلة تبدأ بخطوة واحدة". إن فتح مستقبلك لإمكانية بدء مشروعك الخاص، يجلب تجارب جديدة، ومثيرة (الشكل 2.2). حيث يخطو كلّ رائد أعمال عدّة خطوات من التفكّر في رحلة ريادة الأعمال، وبمجرد أن تفهم هذه الرحلة، ستساعدك الخطوات في تحديد مسارك نحو إنشاء مشروعك الجديد، وبدء تشغيله، إذ تقدّم كلّ خطوة من هذه العملية مستوى جديدًا من الفهم، يؤهلك للنّجاح على المدى الطويل. كيف ستحقّق هذا النجاح؟ من خلال اتخاذ خطوة واحدة في كل مرة، والاستكشاف والتعلم، والتفكّر في أفكار، وتوقّعات جديدة، ثمّ تطبيق هذه التّجارب لتحقيق نتائجك الشخصية، فكّر في رحلة ريادة الأعمال على أنّها دليل لمعرفة ما ينتظرك، عندما تبدأ مشروعك الجديد. "الشّكل 2.2: قد يبدو بالنّسبة للبعض أنّ الاستعداد للرحلة الرياديّة أشبه بالذّهاب في مغامرة تجديف نهريّ، حيث يجتمع جمال المناظر، مع بعض التّحدّيات المثيرة، بل والمخيفة أحيانا. حفظ الحقوق "Hadns Up" بواسطة جيرامي جانين / فليكر، CC BY 2.0." تتمثّل إحدى مزايا رسم الخطّة خطوة بخطوة في فرصة استكشاف مسارات، أو سلوكيات مختلفة، قد تؤدّي إلى مشروع ريادي. فكّر مرة أخرى في حلمك لزيارة حديقة جلاسيير الوطنية، وكيف ستصل إلى هناك؟ ما المعدّات الّتي ستحتاجها؟ ما أنواع التّجارب الّتي تتوقّعها؟ اجعل رحلة الحديقة الوطنية، رحلتك في ريادة الأعمال، تشبيه هدفه مساعدتك أثناء إنشاء حياتك المهنية كرائد أعمال. ما الذي يجعل شخصًا مستعدًا، أو راغبًا في اختيار ريادة الأعمال، بدلًا من أن يصبح موظفًا في شركة راسخة، أو صاحب شركة صغيرة؟ يتطلب الأمر الثّقة، والشّجاعة، والتّصميم، والمرونة، وبعض الدّراية لاختيار ريادة الأعمال مهنةً، بالإضافة إلى إدراك الفرصة. يُعرَّف رائد الأعمال على أنه شخص فوق إدراكه للفرصة؛ فهو مستعدّ لاقتناصها، فكلا الإجراءين مطلوب، فقد نتمكّن من تحديد فرصة، لكنّ كثيرًا من الناس لا يستغلّونها، فالثقة، والشّجاعة، والرّغبة، كلّها ضروريّةٌ لاتخاذ هذه الخطوة الأولى، بالإضافة إلى تذكر ما يلي: أنت فريد، حتّى ولو حاول شخصان متشابهان إطلاق المشروع ذاته، فمن المحتمل ألاّ تكون النّتائج هي نفسها، وذلك لأن لكلّ منّا أفكارًا، ونهجًا، وموارد متاحةً، ومستويات راحةٍ مختلفةً، وكلّها تؤثر على تطوير المشروع، ونجاحه في نهاية المطاف. على الرّغم من عدم وجود قواعد، أو نظريّات دقيقة، وسريعة حول أفضل طريقة للانطلاق في ريادة الأعمال، إلاّ أنّه يمكننا اكتساب الحكمة من الدّروس المستقاة من أصحاب المشاريع ذوي الخبرة. يتطلّب اختيار مهنة ريادة الأعمال الصّدق، والتّفكير، وميلا إلى حبّ العمل، وستحتاج إلى التعرّف على نقاط قوّتك، وحدودك، والتزامك لتحقّق الصّدق المطلوب مع نفسك، أمّا التّفكير فمطلوب لتحقيق النموّ الشّخصي بالسّعي وراء تحسين مهاراتك، وتعاملاتك، وصنعك للقرار، وأمّا الالتزام فمطلوب للحفاظ على نسق رغبتك في جعل المشروع الجديد، أولويّة قصوى في حياتك، وستحتاج -أيضًا- إلى قناعة بأنه لا يمكنك إنجاز كل شيء بنفسك، وقد تحتاج إلى طلب المساعدة، لذا، من المفيد أن تكون فضوليًا، ومنفتحًا، وقادرًا على خوض المخاطر المحسوبة، وأن تكون مرنًا، ومصمّما، عندما تواجه تحدّيات، أو عقبات. سفرية ريادة الأعمال رحلة ريادة الأعمال هي استكشافك لتحديد ما إذا كانت ريادة الأعمال مناسبة لك، فكلّ رحلة ريادية، هي فريدة من نوعها، ولن يواجهها شخصان بالطريقة نفسها، فسوف تجد على طول الطريق الفرص، والمخاطر إلى جانب التحدّيات، والمكافآت، لذا، فمن المفيد التّفكير في رحلة ريادة الأعمال على أنها سفريّة مثيرة، أو مغامرة جديدة. إن معظم الاستعدادات، والخطوات التي تتّخذها من أجل التّخطيط لسفريّة، تشبه تلك المتّخذة لبدء مشروع، تمامًا كما تخطط وتستعدّ لرحلة -بدءًا من الإلهام، وحتى الانطلاق، وأخيرًا في السفريّة- يمكنك اتّباع خطوات مماثلة لبدء مشروعك، ومثلما تستعدّ لأي تحديات، قد تواجهها في السفريّة، من سوء الأحوال الجوية، أو فقدان أمتعتك، أو الضّياع في الطّريق؛ يجب أن تفكر -أيضًا- في العقبات، أو العوائق المحتملة على طول رحلتك في ريادة الأعمال (الشّكل 3.2). اجعل هذه الصعوبات فرصًا لمعرفة المزيد عن العمليّة الرّياديّة، وعن نفسك، وكيف تخوض التحديات. "الشّكل 3.2: تتضمن رحلة ريادة الأعمال عقبات، وحواجز محتملة،و يجب على العابرين لهذه السّبيل تجاوزها. حفظ الحقوق: ""فليكر / مضمار العقبات في قاعدة تاجي التابعة للجيش الأمريكي"" بواسطة الجيش الأمريكي ويكيميديا كومنز - مادة مشاع." ويمكن أن يكون تطوير المشروع تجربة مثيرة، ونشطة، كما يحتاج -أيضًا- إلى كثير من العمل الشاق، والّذي يمكن أن يكون مجزيًا، وممتعًا على حد سواء، ونقدّم هنا رحلة ريادة الأعمال في سبع خطوات، أو تجارب محدّدة، ستواجهها على طول الطريق، لتصبح رائد أعمال، كما ستجد المزيد من المعلومات حول رحلة ريادة الأعمال، في فصول أخرى في هذا الكتاب. الخطوة 1: الإلهام: ما هو دافعك لتصبح رائد أعمال؟ الخطوة 2: الإعداد : هل لديك ما يلزم لتصبح رائد أعمال؟ الخطوة 3: التقييم: ما هي الفكرة التي تخطّط لتقديمها من خلال مشروعك؟ الخطوة 4: استكشاف الموارد: ما هي الموارد، والخصائص التي تحتاجها لجعل هذا المشروع يعمل؟ الخطوة 5: خطّة العمل: ما هو هيكل العمل، ونموذجه اللّذان ستعتمد عليهما في مشروعك؟ الخطوة 6: الملاحة: في أي اتّجاه ستأخذ مشروعك؟ من ستقصد لطلب الإرشاد؟ الخطوة 7: التّدشين: متى، وكيف، ستدشّن مشروعك؟ أثناء خوضك كلّ خطوة من رحلة ريادة الأعمال، يجب أن تستعدّ لجوانب مهمة من هذه التجربة، وسوف تقابل مكافآت وتحديّات، كما ستواجه بنتائج القرارات المتّخذة في نقاط مختلفة على طول رحلتك، لتسهيل تصوّر خطوات رحلة ريادة الأعمال. تخيّل رحلة المشي الطّويل إلى الحديقة الوطنية (الجدول 1.2). تمامًا كما تختلف خبرات ممارسي المشي الطّويل، فكذلك يتمتّع روّاد الأعمال بخبرات مختلفة. وازن بين جوانب التّحضير للمشي الطّويل، وبين جوانب رحلتك في ريادة الأعمال. تشبيه رياضة المشي برحلة ريادة الأعمال نوع الرياضي مستوى مهارة المشي في الجبال ما يعادله في رحلة ريادة الأعمال ماشٍ خبرة مشي بسيطة ،أو محدودة. اطّلاع جديد، أو محدود على ريادة الأعمال. لم يبدأ مشروعًا من قبل. متسلّق * خبرة مشي متوسّطة. مهارات خاصّة في المغامرة والأسطح الصّعبة. بعض المعرفة أو الخبرة الرّياديّة. الاطّلاع على ريادة الأعمال، عبر العائلة، أو صديق في العمل. جبليّ رياضيّ خبير، ذو مهارات تقنيّة في تسلّق الهضاب، والجبال. رائد أعمال خبير. حاول، أو أطلق مشروعًا (منفردًا أو مع شريك). الجدول 1.2 الخطوة 1: الإلهام عندما تفكّر في أن تغدو رائد أعمال، ما هو الإلهام لمشروعك؟ فكما يكون لديك مصدر إلهام لرحلة المشي لمسافات طويلة، نحو حديقة جليشر الوطنية، ينبغي أن يكون لديك مصدر إلهام، وراء قرارك أن تصبح رائد أعمال، عندما تخطّط لرحلة إلى مكان جديد، ومثير، هناك شيء واحد يمكنك القيام به، وهو تخيّل ما ستختبره خلال الرحلة، وعند الوصول إلى وجهتك (الشّكل 4.2). يتضمّن هذا الجزء من رحلة ريادة الأعمال، تخيّل نفسك رائد أعمال، أو جزءًا من فريق ريادة أعمال، في هذه المرحلة ستحتاج إلى حالة ذهنية إبداعية، ومنفتحة، ومبتكرة، تُعرف -أيضًا- باسم عقليّة ريادة الأعمال، والّتي نناقشها بمزيد من التفصيل في "عقليّة ريادة الأعمال" و"الإبداع، والابتكار، والاختراع". اجعل أحلامك بمستقبلك الممكن، وفرصك المحتملة، أحلامًا كبيرة. (الشّكل 5.2). "الشّكل 4.2: رحلة ريادة الأعمال لا تقلّ أهميّة عن الوصول إلى وجهتك. حفظ الحقوق: ""تحدّي Raise في المناظر الطّبيعيّة - جبل"" بواسطة محمد حسن / بيكسابي CC0." الشّكل 5.2: عندما يُلهم المرء لبدء مشروع رياديّ، لا يلبث أن يتساءل عن قدرته في تنفيذه، ويشرع في إدراك العوائق الّتي تحول دون ذلك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الخطوة 2: الإعداد تحتاج من أجل التّجهيز لسفريّة، والإعداد لرحلة ريادة الأعمال إلى خطّة (الشّكل 6.2). قبل سفريّة المشي التي تحلم بها، يمكنك جمع معلومات حول الحديقة الوطنيّة، من مصدر موثوق به، مثل صديق جيد، لديه خبرة في السفر، أو يمكنك إجراء بحث عبر الإنترنت، ويمكن أن تكون تعليقات صديقك الدّافع المناسب الّذي تحتاجه لخوض هذه التّجربة بنفسك، كما يمكنك الاعتماد على بحثك لتحديد ما إذا كانت الرحلة ممكنة، كما ستحتاج إلى إلقاء نظرة على الخرائط، إمّا عبر الإنترنت، أو على الورق، وفي كلتا الحالتين، يمكنك -أيضًا- التّفكير في خيارات السفر، والإقامة، مثل: حجز رحلة طيران، والعثور على مكان للإقامة، كما قد ترغب -أيضًا- في تسجيل معايير للتّوفيق بين رحلتك، ومواردك المتاحة، مثل مقدار الوقت، ومقدار الأموال التي عليك إنفاقها على السفريّة. معايير الموازنة؛ هي طريقة لتتبع التوقّعات المستهدفة مع النّتائج القابلة للتّنفيذ من خلال موازنة أداء شركتك مع متوسّط الأداء في مجالها، أو مع شركة رائدة في المجال، أو مع قطاع من السّوق، ويمكن أن تساعد معايير الموازنة في تصميم سفريّة تحقّق الأهداف، والجداول الزمنية المضافة، من منظور كلّ من خطة السّفر، وريادة الأعمال. وعلى الرغم من أنّ معايير الموازنة لا تستخدم إلاّ كآليّة تحكّم، غير أنّ المواقف يمكن أن تفرض تغييرًا في الخطة، مما يستدعي تعديلًا في معايير الموازنة. "الشّكل 6.2: من المهمّ التّخطيط للرّحلة الرّياديّة كما تخطّط لسفريّة. حفظ الحقوق: ""#conservationlancd15 نسخة التواصل الاجتماعي. 15 أغسطس، في نصب سانتا روزا وسان جاسينتو بكاليفورنيا"" بواسطة Bureau Of land Management / فليكر، CC BY 2.0. " للتخطيط لرحلة ريادة الأعمال، يجب عليك أولًا إجراء بعض الأبحاث الاستباقيّة بشأن فكرة مشروعك، وإذا أردت صورة واضحة عن المشروع، فيجب أن يكون بحثك صادقًا، وموضوعيًا، ويمكنك، بعد ذلك، تنظيم البحث، والأفكار، وتحديد أولوياتها، فعلى سبيل المثال: قد ترى فكرة مثل فكرتك عبر الإنترنت، أو على التلفزيون، وتشعر بخيبة أمل لأن أحدهم سرق فكرتك الرائعة، أو سبقك إليها، هذا أمر شائع في ريادة الأعمال، ولكن لا ينبغي أن يثبط عزيمتك، وبدلًا من ذلك، استخدم المعرفة، والطّاقة، للعثور على جانب مغْفَل، أو مختلف، من فكرتك الأصلية، فقد يكون الفرق هو التّركيز على سوق مستهدف مختلف، أو مجموعة محدّدة من المستهلكين الّذين تتصوّر تطوير منتج، أو خدمة لهم، علاوة على ذلك، من الأهمية بمكان التّركيز على توسيع نطاق المنتج، أو الخدمة لإفرادها بفوائد تختلف عن الفوائد الموجودة، أو تلك الّتي يقدّمها المنافسون، إن التّركيز على سوق مستهدف مختلف؛ هو بالضبط؛ كيفية إنشاء الهاتف الذكيّ Jitterbug، لأنه يستهدف كبار السن، حيث يوفّر هذا الهاتف الذكيّ شاشة أوسع، وأزرارًا أكبر، وميزات أبسط، تسهّل على كبار السنّ إجراء مكالمات سريعة، أو إرسال رسائل نصية. يشمل التحضير -أيضًا- تخصيص مساحة في حياتك من الوقت، والطّاقة، تلتزم بهما في دعم مشروعك الجديد، فهل الأشخاص المهمّون في حياتك على استعداد لدعم الاهتمام، والشّغف بهذا المشروع الجديد؛ الّذي تريد تخصيص الوقت، والطّاقة، والموارد الأخرى له؟ راجع الأسئلة في (الشّكل 7.2) لتأخذ إجاباتك عليها في الحسبان، ونناقش التّحضير عبر البحث، والنّشاطات الأخرى بتفاصيل أعمق في "تحديد الفرصة الرّياديّة". الشّكل 7.2: في خضمّ إعدادك لمشروعك، ينبغي أن تتساءل: ماذا تريد أن تحقّق؟ وماذا تريد أن تعرض؟ وماذا تريد أن تستهدف؟ كما يجب أن تتفكّر في العوائق المحتملة، الّتي قد تشكّل تحدّيات لك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الخطوة 3: التقييم الآن، بعد أن قرّرت أين تذهب لرحلتك، وجمعت المعلومات للتحضير لها، فإنّ الإجراء الآتي هو إنشاء جدولك الزمني وتحديده، وهذا الإجراء بسيط، ولكنّه حاسم، لأنه يتضمن ربط، وتنسيق المعلومات، والموارد التي تناسب نمط حياتك واحتياجاتك. وعلى سبيل المثال: يمكنك جدولة توصيل صباحي باكر، عبر أوبر، أو ليفت، إلى المطار، واستلام بطاقة طائرتك إلكترونيّا على هاتفك، أمّا بالنسبة لرحلة ريادة الأعمال، فقد تعتمد هذه المرحلة تحديدًا، على العلاقات المناسبة، وجمع الموارد اللازمة. بالنسبة للعديد من روّاد الأعمال، قد توفّر فرصة تلقّي التوجيه من المستشارين الموثوقين، أو الموجّهين، رؤية قيّمة حول كيفية إدارة العملية، فهذه الخطوة تسمح لك بالتأمّل في فكرتك، ونواياك، وبعد الانتهاء من البحث، وجمع المعلومات حول فكرتك من خلال خطوة التحضير، هل مازالت الفكرة قابلة للتطبيق؟ أم مازالت الفكرة مثيرة للاهتمام بالنسبة لك؟ مع فهم أفضل للصناعة، وفكرتك، واهتماماتك التي اكتسبتها في الخطوة الثّانية (الإعداد)، أترى هذه الفكرة شيئا مازلت تريد استكشافه؟ تتم مناقشة هذه الخطوة مناقشة كاملة في حل المشكلات، وتقنيات التعرف على الحاجة، مع تغطية أعمق لموضوع التعرّف على الفرص (الشّكل 8.2). الشّكل 8.2: يسمح تقييم العلاقات والموارد بتحسين فكرتك ونواياك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الخطوة 4: استكشاف الموارد بغضّ النّظر عن المكان الذي قد تسافر إليه، لا يمكنك إكمال رحلتك بدون موارد كافية؛ مثل: التمويل المتاح، فهناك العديد من الطّرائق التي يمكنك من خلالها تمويل رحلة التنزه ومنها: المدّخرات مثلًا، أو القروض، أو الدّفع أولًا بأول، أو الرّعاية؛ (الأسرة، أو الأصدقاء)، أو أيّ مجموعة من هذه الخيارات، على سبيل المثال لا الحصر. وبغض النّظر عن كيفيّة تمويل رحلتك، فقد يكون من المفيد أن يكون لديك رصيد متاح من النّقد، ومن بطاقات الائتمان لدعم نفقاتك اليومية، وأيّ أنشطة خارجة عن الحسبان، أو حتّى حالات الطوارئ غير المتوقعة. يتكرّر هذا السيناريو في رحلة ريادة الأعمال، فكما أنك لن تبدأ سفريّة بدون موارد كافية، بما في ذلك توفير المال الكافي، فأنت لن تبدأ رحلتك في تنظيم المشاريع بدون الموارد اللازمة، بما في ذلك المال، فالخيارات بين تمويل سفريّة، وتمويل مشروع جديد، متشابهة، ولكنْ لها أسماء مختلفة، فعلى سبيل المثال: في السفريّة، يمكنك استخدام المال الموجود في حوزتك، من المدخرات، أو القرض الشخصي، أما بالنسبة لرحلة ريادة الأعمال، يمكنك اعتماد إدارة النّقد [والّتي تعني إدارة التدفّقات النّقدية الواردة، والخارجة، لدعم احتياجات المشروع الماليّة] لتضمين **التمويل الذاتي **(Bootstrappi)، وهي استراتيجية تمويل؛ تسعى إلى الاستخدام الأمثل للأموال الشّخصيّة، والاستراتيجيّات الإبداعيّة الأخرى (مثل المقايضة) لتقليل التدفقّات النّقدية الخارجة. (راجع التمويل، والمحاسبة الرّياديّان للحصول على مزيد من المعلومات حول Bootstrapping). يتضمن التمويل الذاتي أفكارًا مثل: الاستئجار، بدلًا من الشراء، أو اقتراض الموارد، أو استبدال الموارد الضّروريّة بالموارد غير المطلوبة. ومن أمثلة إدارة النقد الأخرى: نموذج عمل تقدّم فيه اشتراكات دوريّةً، بدلًا من دفعة واحدة في عمليّة شراء واحدة، فنظام الاشتراكات هذا، يوفّر لرائد الأعمال المال مقدَّما، مع تلقّي المشتري للمزايا على مدار العام. تفكّر في المثال التّالي: تقدّم أمازون خدمة Prime مع اشتراك سنوي، بالإضافة إلى الاشتراك، والحفظ، وAmazon Instant Video، وAmazon Mom، وAmazon Web Services، وكلها تعتمد على نموذج أعمال الاشتراك. ووفقًا لموقع Entrepreneur.com، تقدم النماذج المحتملة الأخرى، والقائمة على نظام الاشتراكات، وعلى خدمات، ومنتجات موجّهة للمستهلكين الأكبر سنًا، تقدّم فكرة مماثلة وهي خدمات طلاّب الجامعات، فكلتا الفكرتين تقدّمان لأفراد العائلة اشتراكًا يرسل هدايا، أو منتجات شهرية، كما نرى -أيضًا- هذا النموذج المقدم لأصحاب الحيوانات الأليفة، الّذين يدفعون اشتراكًا شهريًّا لتلقي الهدايا، والألعاب لحيواناتهم الأليفة. وإذا عدنا إلى أمازون، فإننا نرى أنّ الشّركة تسهّل الشّراء المتكرّر للمنتجات المستخدمة بكثرة، مثل الفيتامينات، وفلاتر الهواء. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد أعمال في الميدان شركة Prospurly Prospurly هي شركة قائمة على الاشتراك، وهي تستخدم منصّة الاشتراك Cratejoy لبيع المنتجات الحرفية صغيرة الحجم للاستحمام، والجسم، والمنزل، وتسويق نمط حياة طبيعيّ، يركّز على سعادة العيش، بحياة بسيطة، وهانئة. قم بإجراء بحثك حول Prospurly، وشركات أخرى قائمة على الاشتراك الدّوري. للمزيد من المعلومات عن هذه الشّركة، وانتقالها من فكرة مجردة إلى أموال، وأرباح. اقرأ المقالة: "كيف أنشأت نشاطًا تجاريًا للاشتراك كَسِبَ أكثرَ من 50 ألف دولار في 6 أشهر". من الأفكار الأخرى لإيجاد التّمويل، التقدّم للحصول على "منحة تمويل"، وتتطلّب أهميّة النّقد، وإدارته تغطية متعمّقةً نقدّمها في التّمويل، والمحاسبة الرّياديّان، وخيارات هيكل الأعمال: المسائل القانونية، والضريبية، وقضايا المخاطر. تتضمّن فكرة استكشاف الموارد، العديد من الخيارات الأخرى، إلى جانب كيفية تمويل مشروع جديد أثناء التشغيل التجريبي، قد تعرض منتجك، أو خدمتك للبيع في سوق محدود على أساس تجريبي، لتقييم الموارد الإضافية اللازمة لدعم نجاح المشروع (الشكل 9.2). ومن الأماكن الّتي يكون فيها التّشغيل التجريبي مناسبًا، اعتمادًا على منتجك؛ أسواق المزارعين، أو المبيعات داخل المنزل، أو من خلال الأصدقاء، والعائلة، وتكمن الفكرة في تتبع التعقيبات التي تتلقاها حول منتجك، أو خدمتك، وكيف يتفاعل الناس مع السعر، وجودة المنتج، والعبوة؟ ويمكنك التجربة عن طريق تحديد متغير واحد لتعديله: تغيير السّعر مثلًا، أو التغليف، أو عرض المبيعات، أو العرض التّقديمي، أو الكمية. ثمّ تتبع ردود الفعل، وإجراء التحسينات بناءً على هذه الملاحظات، وقد تقرّرُ بعد ذلك تعديل المتغيرات الأخرى لجمع المزيد من المعلومات، بالإضافة إلى التفكير في الموارد الأخرى اللازمة لنجاح المشروع الجديد. نناقش التمويل، وأفكار الحفاظ على استقرارك المالي، مناقشةً أكثر شمولًا في التّمويل، والمحاسبة الرّياديّان. الشّكل 9.2: يمكنك في التّشغيل التّجريبي استهداف سوق محدودة لاختبار منتجك، أو خدمتك. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الخطوة 5: خطّة العمل إن القدرة على السفر، وزيارة أماكن جديدة، هو امتياز، وفرصة رائعة، لاكتساب الخبرة، والاطلاع على فرص جديدة، بالإضافة إلى العمل المطلوب في التحضير لسفرية، فإنّ السّفر ذاته يستدعي اتخاذ قرارات مستمرة لتحقيق الأهداف، والنتائج المرجوة، فعلى سبيل المثال، هل يجب أن تسافر إلى مكان واحد في حديقة جليشر الوطنية، وتستكشف هذه المنطقة بعمق؟ أم تحاول زيارة أكبر عدد تسمح به مواردك من أماكن المنطقة؟ يتمثل التحدّي في هذه الخطوة من رحلة ريادة الأعمال، في الاستمرار، والتركيز على إدارة مواردك لتحقيق أهدافك، ونتائجك أثناء كتابة خطّة عملك لمشروعك الجديد، وسوف تحتاج إلى التركيز على المهارات، والخبرة، والموارد اللازمة لمشروعك، والإدارة، وصنع القرار المطلوبين لضمان النجاح، وتعديل خطتك بناءً على التغييرات، والمعلومات الجديدة. ويمكن أن تجد موقعًا في الحديقة حيث تريد الإقامة لبضع ليالٍ، مما يدفعك للتخلي عن خطّة عملك الأصلية (التي تمت مناقشتها في نموذج، وخطّة الأعمال ) إلى إجراء تعديلات، وتغييرات، بناءً على المعلومات، والحقائق الجديدة. كن صادقًا مع نفسك من خلال إجراء فحص واقعي حول قدرتك على إدارة مشروع، خاصة من منظور القدرات الشخصية، فعلى سبيل المثال: إذا بدأت مشروعًا تجاريًا، فهل سيكون مشروعًا بدوام جزئي، أم بدوام كامل؟ هل ستبدأ في المدرسة؟ أم ستنتظر حتى بعد التخرج؟ يمكن أن يكون توقيت فتح المشروع هو الفرق بين النجاح، والفشل، ضع في حسبانك الفرق بين المشي لمسافات طويلة في الحديقة الوطنية في منتصف فصل الشتاء، عندما تكون درجة الحرارة نهارًا 34 درجة مئوية تحت الصّفر، والمشي لمسافات طويلة في منتصف الصيف، عندما تكون درجة حرارة النهار 26 درجة مئويّة. يعدّ توقيت زيارتك للحديقة جزءًا مهمًا من استمتاعك، ونجاحك في الوصول إلى وجهتك، فأنت ستنتبه عند التخطيط لرحلتك، إلى وقت مغادرتك، لضمان الاستمتاع، والنجاح في مغامرتك. وبالمثل، كجزء من خطة عملك، ستبحث -أيضًا- عن أفضل وقت لإطلاق مشروعك. أخيرًا، من الممكن -كثيرًا- أثناء سفرك أن تضيع، أو تنهار تحت الضّغوط، أو تُحرف عن طريقك، فإذا تهت أثناء السفر، فقد تستعين بتطبيقات التنقل مثل خرائط Google أو Waze أو HERE WeGo للعثور على طريقك لفّة بلفّة، أو ربّما تستعين برابط إلكترونيّ، أو خريطة مطبوعة، أو خبير محليّ، أو دليل على دراية بالمنطقة. إن خطّة العمل هي خريطتك، لذا يجب عليك تحديد نقاط القرار، ومعالم الطّريق في خطتك، هذه المعالم يمكن أن تتضمّن اللّحظة الّتي تصل فيها إلى التّعادل، حيث يَنتج عن الدّخل عائدات كافية تمامًا لتغطية التكاليف. إذا كانت التوقعات المالية في خطة عملك غير قابلة للتحقيق، فما هي خطوتك الآتية ضمن الخطة؟ إذا لم تصل إلى المعالم المحدّدة في خطة عملك، فما الخيارات البديلة التي يمكنك اتخاذها لإعادة توجيه مشروعك؟ يجب أن تعْلمك خطة العمل، في مسودتها الأولى، ما إذا كان لمشروعك فرصة للنّجاح، وإذا كانت هناك مناطق سلبية، فما الذي يمكنك تغييره؟ يمنحك تجهيز هذه الخطة قبل بدء العمل، المعرفة، والخبايا حول فكرتك، أجرِ أيّ تغييرات ضروريّة على الخطّة، لتعزيز إمكانيّة النّجاح. بعد ذلك، وعندما تبدأ المشروع، تتبّع إن كان واقع المشروع يتوافق مع توقّعات خطّة عملك، واحتمالاتها، وتؤدّي خطة العمل دور خريطة طريق لمساعدتك على رؤية وجهتك الآتية، في بناء مشروعك من جهة، ودور قائمة مرجعيّة لتتبع ما إذا كنت في المسار الصحيح، أو تحتاج إلى إجراء تعديلات. عندما يحيد روّاد الأعمال عن المسار الصحيح، يمكنهم الاستعانة بمواقع المساعدة الذّاتيّة، أو التحدّث مع مدرب أعمال، أو مستشار، أو الاتصال بالوكالات، أو المنظمات المحلية، بما في ذلك "إدارة الشّركات الصّغيرة SBA" الفيدراليّة، وهي منظّمات تقدّم استشارات مجانية (أو منخفضة التكلفة) للمشاريع الصغيرة، والإرشاد، والتدريب. سنناقش هذه الموارد بمزيد من التعمق في بناء الشبكات، والأسس. ينظر إلى أسئلة المراجعة، وأسئلة المناقشة في نهاية هذا القسم؛ للتحضير لإنشاء خطة عملك، كما نناقش خطط الأعمال (الشكل 10.2) في نموذج، وخطّة الأعمال. الشّكل 10.2: يمكن لخطّة العمل أن تمنحك رؤية عميقة حول فكرتك قبل إطلاق المشروع، وأن تساعدك في تعديل شركتك قبل افتتاحها، لمنحها فرصة أفضل للنجاح. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الخطوة 6: الملاحة بمجرد الانتهاء من رحلتك، فكّر في التجارب التي مررت بها، بغض النظر عن شعورك حول جودة تخطيطك، إذ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال، الاستعداد لجميع التحديات، والتغييرات، والعقبات المحتملة التي قد تحدث: رحلات الطّائرة الفائتة، أو المتغيرة. سوء الأحوال الجوية. مرض غير متوقع. ممر، أو طريق مغلق للإصلاح. حظ جيّد غير متوقّع. ما هي أجزاء الرحلة التي سارت على ما يرام؟ إذا واجهت مشكلة، كيف تعاملت معها؟ هل كانت المشكلة شيئًا كنت تتوقعه وخططت له؟ أم أنها كانت غير متوقعة؟ ماذا فعلت، وتعلمت من التجربة؟ إذا كنت تخطط لرحلة إلى متنزه وطني آخر، فماذا كنت ستفعل بشكل مخالف لما فعلته في مرحلة التخطيط الأولى الخاصة بك؟ تمامًا مثلما يتكيف المسافرون المخضرمون مع ظروفهم، ويتعلمون من تجاربهم، يجب عليك -كونك رائد أعمال- أن تتعلم التكيف من خلال إدارة التحديّات، ومواجهتها مباشرة، بعد الانتهاء من خطة عملك، ربما تحتاج إلى تعديل خطتك (الشكل 11.2). قد تقرّر أنّه لن يكون لديك ما يكفي من الموارد لإبقاء المشروع، حتى بلوغ نقطة التعادل، أو قد تستنتج أن الموقع الذي حددته لم يعد متاحًا، وهناك متغيرات عديدة تتطلب المزيد من الاستكشاف، والبحث. امتلاك عقلية ريادة الأعمال، سيجعلك مستعدًا استعدادًا أفضل عندما تظهر الفرص، أو التحديات، أو العقبات، وعلى الرغم من أنك لن تكون قادرًا على التنبؤ، أو التخطيط لكل سيناريو محتمل على طول رحلة ريادة الأعمال؛ إلا أن عقلية ريادة الأعمال ستساعدك على أن تكون واسع الحيلة، عندما تحين الفرص، أو تلوح التحديات، أو تطل خيبات الأمل، من خلال جرد الموارد المتاحة لديك، ويمكنك -أيضًا- الحصول على صورة أفضل لما قد تحتاج إلغاءه، أو الاحتفاظ به، أو التخلص منه، أو حتى إذا كان الاتجاه الجديد هو أفضل مسار للعمل؛ ففي رحلتك في ريادة الأعمال، يُعد تقييم التجربة، أو الموقف، فرصة مثالية لك لتحديد مدى واقعية أحلامك، وأهدافك، أو طموحها المبالغ فيه، أو سذاجتها. يستكشف هذا الفصل رؤيتك لمستقبلك، ومشروعك، فهل تتضمن رؤيتك مستوى من المرونة بما يتيح استكشاف خيارات جديدة عند اكتشاف معلومات جديدة؟ الشّكل 11.2: تنطوي الملاحة على الاستعداد، وإجراء التّغييرات عند مواجهة العقبات. حفظ الحقوق: جامعة رايس، Openstax / ترخيص CC BY 4.0. الخطوة 7: التّدشين الإطلاق الفعلي (أو التّدشين) هو الحدث المثير عندما تفتح عملك، فعند وصولك إلى هذه النقطة، تكون قد أدخلت تحسينات على منتجك من خلال التّعقيبات الّتي تلقّيتها أثناء التشغيل التجريبي، حيث حدّدت القيمة، أو الفوائد التي يقدّمها منتجك، كما حدّدت السوق المستهدف، وموقع الإطلاق، سواء كان موقعًا جغرافيًا، أو موقعًا على الإنترنت. ضع في حسبانك السّوق المستهدف، والموارد اللاّزمة لدعم مشروعك عند اختيار موقع الإطلاق، لذا فإننا نقترح عليك اتّباع المعمول به في عالم ريادة الأعمال، حيث تدشّن مشروعك "تحت الرادار" وبعيدًا عن الأضواء؛ حيث يمكنك ارتكاب الأخطاء، وصقل نموذج عملك وعروضك، وتصبح ناجحًا دون أن يلاحظك المنافسون. (سوف تتعلم المزيد عن هذا في التّدشين بنيّة التطوّر لتحقيق النّجاح.) حتى أثناء إطلاق مشروعك، ستلفت العديد من المتغيرات انتباهَكَ، تمامًا كما تناولنا في الخطوة 7. هذا وتتطلّب الملاحة بين هذه المتغيّرات -بينما ينمو مشروعك- اهتمامًا مستمرًا عند ظهور فرص محتملة جديدة. رائد أعمال في الميدان سيكستو كانسل و"فكّروا فينا" واجه "سيكستو كانسل" بنجاح، تحدّيات النّشأة خارج نظام رعاية الأيتام دون توجيه، ودعم الكبار. ثمّ تخيّلَ نظام رعاية أفضل للشباب ثم اشترك في تأسيس شركة Think of US "فكّروا فينا"، و هي منصّة تساعد الشباب في برنامج الحضانة، على بناء مجلسهم الاستشاري الرقمي الشخصي، من البالغين الداعمين، الذين يعملون كمجموعة افتراضية للتدريب على الحياة. يقوم البالغون بإرشاد الشباب من خلال نظام الحضانة، والتأكّد من أنّهم قادرون على أن يصبحوا مستقلين عندما يتركون النظام في سن الثامنة عشرة. لمزيد من المعلومات حول هذا المشروع، يرجى زيارة www.thinkofus.org ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Journey and Pathways) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: عملية التحول نحو ريادة الأعمال المقال السابق: العقلية الريادية لرائد الأعمال
  12. تأخذ ريادة الأعمال أشكالًا عديدة (ينظر الجدول 1.1 في المقال الأول من هذه السلسلة باسم «ريادة الأعمال اليوم: ما معنى رائد أعمال؟»)، لكنّ روّاد الأعمال يتشابهون في سمة رئيسة مشتركة: رجل الأعمال هو الشخص الذي يحدّد الفرصة، ويقرّر استغلالها، فمعظم مشاريع الأعمال هي نسخ مبتكرة لفكرة موجودة مسبقًا، ومنتشرة عبر المجتمعات، والمناطق، والبلدان، مثل: إنشاء مطعم، أو فتح متجر تجزئة؛ هذه المشاريع التجارية، في بعض النواحي، نهج أقلّ مخاطرة، ولكنّها مع ذلك هي ريادة أعمال بطريقة، أو بأخرى. واربي باركر على سبيل المثال؛ شركة ربحيّة ناشئة، أسّسها أربعة من طلّاب الدراسات العليا في وارتون، خلخلت أعمال شركة رئيسيّة (Luxottica) من خلال توفير خطّ منتجات -عبر الإنترنت بادئ الأمر- أكثر ملاءمة، وأقلّ تكلفة، وذا جودةٍ لشريحة كبيرة من المستهلكين، وبهذا المعنى، فإنّ ابتكارهم تمحور حول إنشاء شيء جديد، فريد، ومختلف عن الاتجاه السّائد، وربّما أنضج في بعض النواحي، من صناعة راسخة؛ ولهذا، فقد اجتذبوا قطاعًا موجودًا بالفعل. ومن جهة أخرى، فقد قدّمت ماكدونالدز -المملوكة بنسبة 90% للمستفيدين من حقّ الامتياز- قائمة: (إفطار طول اليوم) في عام 2017، والّتي حقّقت نجاحًا كبيرً،حيث استهدفت شريحة -أغلبها من الشّباب- واستعادت مستهلكين آخرين كانوا قد اتّجهوا إلى خيارات أخرى. باختصار، يبدأ العديد من روّاد الأعمال مشروعًا جديدًا، عن طريق حلّ مشكلة كبيرة، مقدّمين بعض القيمة التي يقدّرها الآخرون، إذا كان المنتج أو الخدمة متاحة لهم. في المقابل، يبدأ رواد الأعمال الآخرون مشروعًا من خلال تقديم "مصيدة فئران أفضل" من حيث المنتج، أو الخدمة، أو كليهما. من المهمّ، على أيّ حال، أن يفهم رائد الأعمال السّوق، والشّريحة المستهدفة فهمًا جيّدًا، ويلبّي حاجة لم تلبَّ من قبل (وهو ما يعرف بـنقطة الألم)، ويطوّر، ويقدّم حلًّا قابلًا، وممكنا للتّطبيق، وفي هذا الجانب، يقوم العديد من روّاد الأعمال بتخفيف المخاطر قبل إطلاق المشروع. إن البقاء على وعي بالمحيط، والتحدّيات من حولك، يمكن أن يكشف كثيرًا من فرص ريادة الأعمال، فقد نجد في حياتنا اليومية -باستمرار- مجالات يمكن استغلالها؛ فعلى سبيل المثال: قد تسأل: "ماذا سيحصل لو لم يكن علينا التنقّل للعمل؟" أو: "ماذا سيحصل لو لم يكن علينا امتلاك سيّارة، ولكنّ بإمكاننا استخدام واحدة؟" أو: "ماذا سيحصل لو استطعنا الاسترخاء أثناء الذهاب إلى العمل بدلاً من التوتر بسبب الزّحام؟ " لقد ألهم هذا النّوع من الأسئلة مشاريع ريادية كخدمات مشاركة السيّارات، مثل: أوبر، وكريم، ويسير، وليفت، وصناعة المركبات ذاتية القيادة، وخدمة توفير الدرّاجات لوقت قصير، ضمن برنامج مشاركة الدرّاجات المجاني في بيلا بولاية آيوا الأمريكية. (الشّكل 10.1) هذه الأفكار نتجت عن وجود عقلية ريادية، وهي الوعي، والتّركيز على تحديد (فرصة) من خلال حلّ مشكلة، والرّغبة في المضي قدمًا لتطوير تلك الأفكار، فالعقليّة الرّياديّة هي العدسة الّتي يرى من خلالها رائد الأعمال العالَمَ، حيث يقاس كلّ شيء بميزان ريادة الأعمال، وللعمل أهمية خاصة عندما يتّخذ رائد الأعمال قرارًا، وفي أغلب الحالات، يكون الإجراء الذي يقوم به صاحب المشروع في صالح العمل أولًا، كما يساعد ذلك القرار صاحب المشروع على الاستعداد لتبني طريقة التّفكير المناسبة. غالبًا ما يكون رجال الأعمال مؤهّلين للعمل على تحقيق أهدافهم، وغاياتهم، فهم متقدّمو التّفكير، دائمو التّخطيط للمستقبل، وتجدهم دومًا يعتمدون تحليلات مثل: (ماذا لو؟) فكثيرًا ما يسألون أنفسهم: (ماذا لو فعلنا كذا؟) و(ماذا لو فعل منافسٌ كذا؟) ويأخذون في الحسبان الآثار المترتبة عن ذلك على العمل. معظم الناس يتبعون العادات، والتقاليد، دون إدراك لمحيطهم، أو ملاحظة لفرص ريادة الأعمال الّتي تلوح لهم، وبما أنّه بإمكان أيّ شخص تغيير وجهة نظره من متابعة أنماط راسخة، إلى ملاحظة الفرص من حوله؛ فإنّه يمكن لأيّ شخص أن يصبح رائد أعمال، فلا يوجد قيود على العمر، أو الجنس، أو العرق، أو بلد المنشأ، أو الدّخل الشخصي؛ لتصبح رائد أعمال، عليك إدراك أنّ الفرصة موجودة، وعليك -أيضًا- المسارعة إلى اقتناصها، ولكن عليك الانتباه إلى أنّ تطبيق عقليّة ريادة الأعمال، يختلف من منطقة إلى أخرى من مناطق العالم، فعلى سبيل المثال: تكون رابطة العلاقة الأسريّة أقوى في العالم الإسلامي، والعربيّ، وفي بعض الثّقافات الآسيوية، لذا يكون اتّخاذ القرار الجماعي أكثر شيوعًا في هذه المناطق، بل ويُعدُّ سمة حميدة؛ لهذا يميل رائد الأعمال في هذه المناطق -غالبًا- إلى طلب النّصيحة من أفراد الأسرة، أو شركاء العمل الآخرين، قبل اتّخاذ أيّ قرار، أو إجراءٍ، يتعلق بالمشروع. تحظى الفردانية بقيمة أعلى في المجتمعات الغربية؛ في أوروبا، والولايات المتّحدة الأمريكيّة، لهذا يقرّر العديد من رواد الأعمال الغربيّين تنفيذ خطّة العمل دون استشارة الآخرين. الروح، والشغف الرياديان تسمح روح المبادرة لروّاد الأعمال بأن يستخدموا طريقة تفكير تسمح لهم يوميًّا بالتّغلّب على العقبات، ومواجهة التّحديّات مع عقليّة: "أستطيع فعلها". ماذا يعني أن يكون لديك روح الرّيادة؟ في ظلّ هذه المناقشة، قد يعني ذلك أن تكون شغوفًا، وهادفًا، وإيجابيًّا، وجريئًا، وفضوليًّا، و مثابرًا. لدى مؤسسي Airbnb شغفٌ لدعم الحقوق الفردية في تأجير المساحة غير المستخدمة. لماذا يجب أن يسود نموذج الفنادق؟ لماذا لا يمكن لمالك المنزل تأجير مساحته غير المستخدمة بحريّة، وتحويلها مشروعًا يدر مدخولًا؟ نجحت Airbnb في خلق اختيارات أكثر مرونة، وبأسعار معقولة في مجال اقتصاد "المشاركة" سريع النمو، وعلى الرغم من أنّ روح ريادة الأعمال تتعلق جزئيًا بالنّضال من أجل الحقوق، والحريات الفردية؛ يجب أن يكون هناك توازن بين الحريّة الاقتصاديّة، وحماية المستهلك. تتضمّن روح ريادة الأعمال شغفًا بتقديم فكرة قيّمة، جديرة بالاهتمام، ورغبة في التفكير خارج الأنماط، والعمليات الراسخة، مع مراعاة احترام القوانين، واللّوائح المحلية، في السّعي لتغيير تلك الأنماط المعمول بها، أو على الأقل تقديم بدائل لها. الشّغف عنصر حاسم في عمليّة ريادة الأعمال، فبدونه، يمكن أن يخسر صاحب المشروع الدّافع لإدارة الأعمال، ويمكن للّشغف أن يحافظ على استمرارية رائد الأعمال، بينما يرسل العالم الخارجي رسائل سلبيّةً، أو ردود أفعال أقل من الإيجابية. على سبيل المثال: إذا كنت شغوفًا حقًا بافتتاح مأوى للمتشرّدين، بسبب اهتمامك بالنواحي الإنسانيّة، ستجد طريقة ما لتحقيق ذلك، فدافعك الدّاخلي لمساعدة المحتاجين، سيدفعك لفعل كلّ ما يلزم؛ كي تجعل تلك الفكرة (المأوى) حقيقة. وينطبق الشيء نفسه على أنواع أخرى من الشركات الناشئة، والمالكين الذين لديهم شغف مماثل. ومع ذلك، يجب دعم ذلك الشّغف برؤية، ورسالة رائد الأعمال، فالشّغف من أجل الشّغف وحده، لن يكون كافيًا، بيان مهمّة واضح، يفصّل سبب بدء العمل، وأهداف رائد الأعمال، لتحقيق تلك المهمّة، سيوجّه شغف رائد الأعمال، ويبقي العمل على المسار الصحيح. يمكن للشّغف، والرؤية، والمهمّة، أن يعزّز بعضها بعضًا، لتبقي رائد الأعمال على المسار الصحيح، في خطوات العمل اللاّحقة. قد تبدو بعض الأفكار صغيرةً، أو غيرَ ذاتِ أهميةٍ، ولكنْ، من المهمّ في مجال ريادة الأعمال، إدراك أنّه لكل شركة ناشئة جديدة، قد يتفطّن شخص آخر إلى فكرة ينبثق منها توسيع نطاق الفكرة الأصلية، بإيجاد فرص لتحديد احتمالات جديدة لا حصر لها، ويمكنك في هذا السياق، مراجعة عملك في إنشاء الأفكار المنبثقة عن مشاريع دارياني وآدلر، ويمكنك -كذلك- التّفكير في التقنية المستخدمة في الزّراعة. يتناسب إنشاء الأفكار المنبثقة جيّدًا، مع مناقشتنا للتّفكير المتباين، والعصف الذهني، فمن خلال هذه العمليات، يمكننا اكتشاف استخدامات جديدة للتقنية الحالية، تماما كما فعلت شركة Ring باستخدام تقنية الفيديو، لإضافة الأمان من خلال السماح للعملاء برؤية من على الباب بدون فتحه. عقلية ريادية في تخصصك، أو مجال عملك ما هي التحدّيات الّتي تخلق الحيرة ضمن مجال اهتمامك، أو مجال دراستك؟ وكيف يمكن تحويلها إلى فرص؟ ناقشنا في وقت سابق من هذا الفصل تطبيق Evernote من إنتاج شركةٍ تركّزُ على توسيع الذّاكرة، من خلال تخزين، وتنظيم المعلومات. لنلقِ نظرةً على بعض الأمثلة الأخرى لمساعي ريادة الأعمال في صناعات محددة، لمساعدتك في تخطيط مشروعك الخاص في مجال اختصاصك. في الصناعة الزراعية، تبدو الحشرات، والأعشاب الضارة، والظروف الجوية، وتحديات حصاد المحاصيل، كلّها فرصًا جاهزة لنشاطات رياديّة، ولقد أثّر الانتقال إلى المنتجات العضوية -أيضًا- على هذه الصناعة، من منظور ريادة الأعمال. ما هي المنتجات التي يمكن أن تبتكرها لدعم الزراعة العضوية، وحل مشكلات الحشرات التي تتلف المحاصيل، أو تدمّرها؟ كانت الطريقة القديمة هي استخدام البخّاخات الكيميائية لقتل الحشرات، ولكنّ الطلب المتزايد على الأطعمة العضوية اليوم، وزيادة الوعي، بتأثير البخّاخات الكيميائية على بيئتنا -قد غيّر هذا التوجه، حيث تجمع فكرتنا الجديدة لحلّ هذه المشكلة بين المكنسة الكهربائية، والمنتج الزراعي. رابط للتعلم شاهد الفيديو على هذا الرّابط لتتعلّم أكثر. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } تعدّ مكنسة الحشرات مثالًا على كيفية استخدام التفكير المتباين، للمساهمة في حلّ مشكلة إزالة الحشرات من المحاصيل، دون استعمال المواد الكيميائية، ربّما لم تلقَ هذه الفكرة رواجًا في النّشاط الجماعي للخروج بأفكار متباينة، ومع ذلك، يبدو أنّها تقدّمت كحلّ عملي في مرحلة الحضانة. غالبًا ما تشتمل عقلية ريادة الأعمال على أفكار مستقبلية تهزّ العمليات العادية، والتقليدية، التي تستند إلى خبرة السّنين؛ كالعمليّات، والمنتجات المجرّبة، والمختبرة، والتي لها تاريخ مثبت من النجاح، ولكنها تمثل عقبة هائلة أمام الأفكار الجديدة، فقد تبدو فكرة جديدة مستحيلة أو غريبة، وربما تمثل إحراجًا للممارسات الثابتة، التي يمكن التنبؤ بها في مجالها، كما يمكن أن يؤدّي ذلك إلى معضلة: هل نجرّب شيئًا جديدًا، وغير مثبتٍ، ويفتقر إلى البحوث الموثقة؟ في بعض الأحيان، يجب أن نتجاهل نجاحاتنا السّابقة، وأبحاثنا، لننفتح على إمكانات جديدة للنجاح، والفشل. تشتمل عقلية ريادة الأعمال على الإبداع، ومهارات حلّ المشكلات، والتوجه نحو الابتكار. فالانفتاح هو إحدى السّمات التي تدعم الإبداع، وحلّ المشكلات، والابتكار. تخصيص وقت لاستكشاف أفكار جديدة، والحلم، والتفكير، ورؤية المواقف من منظورٍ جديد…؛ تساهم جميعها في صياغة عقليّة ريادة الأعمال، ويمكن أن تؤدّي بعض الابتكارات إلى اضطرابات داخل مجال ما، أو حتى انبثاق مجال جديدٍ كليًّا. قدّم كلايتون كريستنسن معضلة المبتكر لشرح التقنية المخرّبة، والّتي هي عبارة عن تقنيات تحلّ -بمجرّد إدخالها- محلّ الأنماط، والعمليّات، والأنظمة المعمول بها، والّتي جرى اعتمادها مسبقًا، كوضع معتادٍ، أو مقبولٍ. أحد الأمثلة على التّقنية المخرّبة؛ شركة Airbnb، وهي شركة تهدد صناعة الفنادق الرّاسخة، من خلال ربط المصادر الشّخصيّة بالأشخاص الذين يرغبون في تلك المصادر، إذا كان لديك غرفة نوم احتياطية، لا تستخدمها، فلماذا لا تبع هذه المساحة لشخص يريد، أو يحتاج إلى المساحة؟ أصبحت Airbnb تهديدًا كبيرًا لنموذج الأعمال المتّبع في مجال الفنادق، القائم على بناء فنادق كبيرة، وتأجير غرف داخل تلك الفنادق لعملائها، لقد أعادت Airbnb تشكيل هذا النموذج، ومنذ إطلاقها عام 2008، استفاد 150 مليون مسافر من 3 ملايين عرض على Airbnb في أكثر من 191 دولة، جمعت خلالها Airbnb أكثر من 3 مليارات دولار (بالإضافة إلى خط ائتمان بقيمة مليار دولار)، وتفكّر في بيع الأسهم لدعم التوسّع الكبير، إذ تبلغ قيمة Airbnb حوالي 30 مليار دولار. وازن بين هذه القيمة السوقية، وبين رأسمال فنادق هيلتون البالغة 19 مليار دولار، وماريوت البالغة 35 مليار دولار، إذا كنت الرئيس التنفيذي لشركة هيلتون، أو ماريوت، فهل أنت قلق؟ لقد أدركت صناعة الفنادق أنّ Airbnb تمثل تهديدًا حقيقيًّا لها؟ وفي عام 2016، بدأت حملة لتشريع قانون يكبح نمو Airbnb وخفض شعبيته،.فمن وجهة نظر صناعة الفنادق، لا تعمل Airbnb بنفس القواعد، وهذا هو تعريف التقنية المخرّبة: التّركيز على إنشاء فكرة، أو عملية جديدة تُبطل، أو تتحدى العمليّات، أو المنتجات القائمة[. تنتج التقنيات المخرّبة في بعض الأحيان عن عدم الاستماع إلى الزّبائن، إذ لا يعرف الزّبائن دائمًا ما يريدون، وقد يحتاج فريق رواد الأعمال إلى تقديم نماذج أفضل لإعادة تعريف مجموعات الزّبائن، ومعرفة متى يجب الاستثمار في تطوير منتجات منخفضة الأداء؛ تَعِدُ بهوامشَ أقل، بينما لا تزال تفي بالحاجة، ومعرفة متى يجب متابعة الأسواق الصغيرة على حساب أكبر الأسواق رسوخًا. في الأساس، تنتج التّقنيات المخرّبة من خلال تحديد عمليات، ومنتجات جديدة، وقيّمة. أدرك مؤسّسو Airbnb أن بعض الأشخاص لديهم موارد غير مستخدمة، وغرف نوم يحتاجها الآخرون. ويمكننا تطبيق هذه الفكرة على الموارد الأخرى غير المستخدمة مثل: السيّارات، والمنازل، ونرى هذا النموذج مستنسخًا في برامج تأجير السيارات، ومشاركة الدرّاجات على المدى القصير. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Perspective) من كتاب Entrepreneurship اقرأ أيضًا المقال التالي: نظرة عامة حول رحلة ريادة الأعمال المقال السابق: الرؤية والأهداف الريادية لرائد الأعمال
  13. عندما تفكر في نفسك كرائد أعمال ناجح، ما هي التخيّلات، أو المشاعر الّتي تنتابك؟ هل تجد نفسك تحلم في اليقظة بإيجاد حلّ إبداعي لمشاكل المجتمع، أو ترى نفسك تقدم حلاً للأزمة الصحية، أو البيئية القادمة؟ ربما يمكنك تخيل نفسك تنشئ شيئًا يوازن بين الفن، والنّجاعة، والإبداع. تم تصميم هذا المقال لمساعدتك على تطوير رؤية ريادة الأعمال الخاصة بك؛ الرؤية هي جزء مهم من مستقبل الجميع، وهذا ينطبق بشكل خاص على رواد الأعمال، إن تأسيس رؤيتك هو الخطوة الأولى على طريق جعل مشروعك حقيقة.يطمح العديد من الرّاغبين في ريادة الأعمال إلى إنشاء الشّركات، أو المنظّمات العظيمة، الّتي ستغيّر العالم، يعرف بعضهم ما يريدون إنشاءه بالضّبط، بينما يكتشفه الآخرون أثناء سعيهم نحوه، وعلى الرغم من أنّه ليس هناك سر للنجاح، فأنت بحاجة إلى أن يكون لديك فكرة عما تتصوره لريادة أعمالك مستقبلا. ماذا ترى في أفقك؟ كيف تريد المساهمة في هذا العالم؟ الرؤية الريادية كل رائد أعمال ناجح تواجهه، أو تقرأ عنه، بدأ على الأرجح بصورة، أو فكرة تتعلّق بشيء يشعر هو بالحماس تجاه إنشائه، يحدث هذا حتى عندما لا يكون لدى الشخص فكرة عن كيفية، أو (إمكانية) أن يصبح ما يريدون إنشاءه، أو تحقيقه واقعًا. رؤية رجل الأعمال هي بداية خارطة الطريق التي ستحدد المكان الذي يريد الذهاب إليه بجهود ريادة الأعمال، الرؤية تصوّر ما يريد رائد الأعمال أن تبدو عليه أعماله مستقبلا، ربما بعد خمس، أو عشر السنوات. لسوء الحظ، فإن العديد من رواد الأعمال المحتملين لديهم أحلام، وأفكار، غير أنّهم لا يطوّرون أبدًا رؤية ملموسة. وضوح الرؤية هو الصّورة التي لديك لما سيصير إليه المشروع في المستقبل، وإلامَ سينمو. وعلى الرغم من هذا، ينبغي أن تأخذ بالحسبان أنّه في كثير من الأحيان، تتغير الرؤية المحددة في بداية المشروع إلى شيء مختلف. نناقش في فصول لاحقة كيف يتطلب هذا التغيير الانفتاح، والرغبة في التكيف. وضوح المهمة هو إعلان رسمي حول ما سيفعله المشروع، والقيمة التي سيوفرها للزّبون، وكيف سيتحقّق هذا الإجراء، في وصف مهمتك، فكر بعناية في عرض القيمة الذي تقدمه؛ عرض القيمة هو بيان موجز، يبرز فوائد منتجك، أو خدمتك، أو نموذج/طريقة عملك الفريدين؛ اللّذين تقدّمهما للزّبائن، وهذا يرتبط من جديد بمنظور حلّ المشاكل؛ فأنت لا تحتاج -فقط- إلى حلّ المشكلة، بل عليك -أيضًا- تقديم قيمة حقيقية، فربّما نحل مشكلة ما، ولكن إذا لم يكن عرض القيمة ملائمًا، أو لم يُنظر إليه على أنه "حقيقي" من قبل الزّبون، فربما لن ينجح المشروع، ولهذا، يجب أن يكون كلٌّ من مفهوم الرؤية المستقبلية، ومفهوم مهمّة المشروع، مكتوبين على هيئة بيان. على الرغم من أنك قد قدمت أفضل جهودك، فقد تواجه صعوبة في وضع رؤيتك الريادية على الورق، وهذا أمر عادي، خاصة في المراحل الأولى من العملية، فقد ترغب في البدء بهيكل عامّ، ثمّ تملأ التّفاصيل لاحقا، أو خصّص وقتا كلّ يوم تقضيه في هذه المهمّة، لتعوّد عقلك على التّفكير في الرّؤية الّتي تحاول تحديدها لنفسك، إذا واجهت عقبة إبداعيّة، حاول تغيير محيطك؛ اذهب إلى الخارج، أو جرّب وقتًا مختلفًا من اليوم، أو اقصد مكانًا يشبه خصائص العمل الّذي أنت مهتمّ بإنشائه، يمكنك -أيضًا- الحديث إلى شخص ذي خبرة في المجال الّذي اخترته، ليمدّك بالاقتراحات، أو افعل شيئا أفضل، ابحث لنفسك عن موجّهٍ في مجال اهتمامك، وأبقه مطلعًا على تقدّمك، فوجود شخص تعرض عليه أفكارك أولًا بأول، ميزة جيّدة عند تخيّل احتمالات مستقبل مشروعك. تراعي الرؤية الريادية كيف تريد أن يصبح مشروعك، وكيف سيبدو هذا المشروع، ما هي القوى الدافعة له؟ وما هي القيم، والثقافة التي يجب أن تحيط به؟ كل رائد أعمال لديه صورة فريدة لما سيصبح عليه المشروع، على سبيل المثال: أراد كيفن ف. أدلر مساعدة المشرّدين، فأنشأ رسائل المعجزة (Miracle Messages)، وهي منظمة تطوعية غير ربحية، تهدف إلى لمّ شمل المشرّدين بأحبّائهم، وتتضمّن رؤيةُ هذه المنظّمة، بناءَ شبكةٍ واسعةٍ من المتطوّعين، والشّركاء، لإيقاف التشرّد، ولمّ شمل النّاس، وتتمحور الرّؤية حول بناء المجتمع، ومساعدة بعضهم بعضًا، وتقوية المجتمعات، أمّا نموذج العمل فيشجّع المشرّدين على إنشاء رسائل معجزة قصيرة عبر الفيديو، أو التّسجيل الصّوتي، أو الرّسائل المكتوبة، ورفعها إلى مواقع التّواصل الاجتماعي، أو طرق أخرى للوصول إلى أحبّاء المشرّد. عندما يكون الجدول الزّمني للرؤية قصيرًا في مشروع ريادي، مثل خمس السنوات، يمكنك أن تركز على مشكلة، أو وضع محليّ، ثم تتطوّر مع مرور الوقت إلى رؤية أوسع، لتشمل أسواقًا وأناسًا أكثر تنوّعًا، يجب أن تلهم رؤيتك الأشخاص المشاركين في بدء عملك لدعم مشروعك، استخدم خيالك لإنشاء هذه الصورة لمشروعك مع التركيز على مستقبل المشروع. على الرغم من أن رجال الأعمال يستخدمون خيالهم، وإبداعهم في تطوير هذه الصورة، إلا أنهم بحاجة -أيضًا- إلى فهم مجال المشروع، والمنافسة، والتوجّهات الّتي تتطوّر، أو قد تتطور في المستقبل، كما تساعد هذه المعلومات في توجيه الرؤية للمشروع، وضمان اختلافه، وتفرّده عن أي مشروع آخر. من وجهة نظر مثاليّة؛ ينبغي أن تكون الرّؤية ثاقبة، وجريئة، ومُلْهِمَةً، وقابلة للتصديق، كما يجب تحريرها في بيان رؤية رسمي. يجب -أيضًا- تحرير بيان الرؤية بوضوح، ومناقشته مع فريق الشّركة النّاشئة، وعلى الرّغم من أنّك قد لا تملك فريق بدء تشغيل، ولا مرشدًا، ولا مجموعة دعم جاهزة بعد، ولكنك ستحتاج -قصد إنشاء مشروع ريادي- إلى دعم؛ وعلى شبكة دعمك تفهم أنّ الوضع الطّبيعي في البداية غالبًا ما يكون تطوعيًّا، مع احتمال وجود مكافآت مالية فيما بعد، عندما يتم حصاد المشروع، أو بيعه. بالنسبة لبعض رواد الأعمال، فإنّ تقبّل الرؤية التي تتضمّن بيع المشروع إلى مجموعة، أو شركة أخرى، أمر صعب، ومع ذلك، فإن هذه النقطة -بيع المشروع- هي التي يمكن أن ينمو من خلالها المشروع، ليصبح أكثر نفعًا، وفائدة.. وأمّا إذا كانت رؤيتك أن تكون صاحب شركة صغيرة، -كامتلاك حق الامتياز- فأنت تنخرط في خطة عمل، قد انتهى من قبل ضبط عملياتها، واتّخاذ قرارات دعم نجاحك كمالك، أو مدير هذا العمل. يبدأ صاحب شركة صغيرة، أو يشتري عملًا قائمًا، على فكرة موجودة سلفًا، في حين أنّ رائد الأعمال هو شخص يسعى لخلق شيء جديد، إمّا من خلال منتجات جديدة، أو خدمات، أو منهجيات، أو مجموعات من الأفكار؛ التي تخلق مشروعًا جديدًا أو منظّمةً. بينما تتشكّل مجموعات الموظّفين، والمستثمرين؛ يجب على رائد الأعمال القائد، مشاركتهم بيان الرؤية، وتوصيل ما تعنيه له شخصيًا من جهة، ولنجاح المشروع من جهة أخرى، كما يمكن أن يحتاج (رائد الأعمال) -أيضًا- إلى إعادة النظر في هذه الرؤية كلّما تطوّر المشروع، وإجراء تغييراتٍ بناءً على قراراته، ومعرفته حول المجال، والمنتجات، واحتياجات الزّبائن، حتى لو تغيّر بيان رؤيتك بناءً على المعلومات، والقرارات الجديدة، يعدّ إنشاء بيان رؤية أولي، خطوة قيّمة تساعدك في اتّخاذ القرارات. مناهج إبداعية لتطوير رؤيتك هناك العديد من التعريفات، وطرق التعبير عن الإبداع، (ستتعلم المزيد عن الإبداع في الإبداع، الابتكار، والاختراع). يُظْهِرُ الفنانون -عادة- جانبهم الإبداعي من خلال فنهم، وَيُظْهِرُ الموسيقيون إبداعهم من خلال الموسيقى، ويعبّر الكتّاب عن إبداعهم من خلال الكتابة. وبعضهم الآخر يعبر عن الإبداع التّقني، من خلال تطوير الهواتف المحمولة، أو تقنيات السيارات الجديدة. الأمر متروك لك لتحديد كيفية التعبير عن إبداعك في مشروعك، وفي حياتك المهنية، في معظم الحالات، عندما يشبع الناس شغفهم؛ يكون ذلك الشغف دافعًا لإبداعهم، وتميزهم. أحد الأساليب لاكتشاف رؤيتك لمستقبلك؛ هو البدء من النهاية، فما هي الصّورة الّتي تحملها عن مستقبلك الّذي ترغب فيه؟ كيف يمكن أن تتناسب هذه الرؤية مع الأفكار التي لديك، لخلق مشروع ريادي ناجح؟ لاحظ أن هذه الأسئلة تدور حول مستقبلك الشخصي، وتصوّرك لمستقبل مشروعك، لذا يجب أن تتعايش هاتان الصورتان، ويجب أن تسمح رؤية مستقبلك الشخصي، للموارد الضروريّة بدعم مستقبل مشروعك، تمامًا كما سيموّل مستقبل المشروع مستقبلك الشخصي. سنناقش التّوازن بين العمل، والحياة لاحقًا في هذا الفصل، لمساعدتك على تحديد ما يخلق النجاح حسب وصفك لرؤيتك. نهج آخر لتطوير رؤيتك؛ هو استخدام عملية التّفكير الإبداعي، حيث يسمح هذا النّوع من التّفكير للنّاس أن يخرجوا بأفكار قد لا يمكن الإتيان بها، ما لم يتبنّوا عقليّة إبداعيّة؛ عملية التّفكير الإبداعي (مشروحة بمزيد من التعمّق في الإبداع، والابتكار، والاختراع) لها أربع خطوات (الشّكل 8.1): التّحضير. الحضانة. الاستنارة. التّحقّق. في مرحلة التحضير، اجمع المعلومات، ورتب الأفكار، ويمكنك كجزء من عملية الولوج إلى الأفكار الإبداعيّة، أن تطبّق التّفكير المتباين من خلال الإتيان بأكبر عدد ممكن من الأفكار، حتى إذا لم تبدُ هذه الأفكار منطقيّة.. أنشئ قائمة بالأفكار المتناقضة، أو الأفكار المتنوعة، والمتباينة. التحضير هو الخطوة الأولى في عملية التفكير الإبداعي، الإجراء الآتي هو الابتعاد عن التفكير في النشاط. الحضانة. نبرمج عقولنا لندرك أنّ العمل الّذي أنجزناه في التّحضير موضوع مهمّ للنّظر، عندما نبتعد عن التّفكير بوعي حول النّشاط، أو المشكلة؛ نسمح للعقل اللّاواعي بمواصلة التفكير في النشاط، على الرّغم من أنّ عقولنا الواعية مشغولة في أشياء أخرى. فترة الحضانة هذه ضرورية لتعزيز الإبداع، ويمكنك فيها الذّهاب إلى نزهة، أو أخذ قيلولة، أو الاستمرار في ممارسة أنشطتك اليومية، ففي مرحلة ما، قد تصيبك لحظة إلهام، أو استنارة: لحظة تأوه، تتناول بوضوح النّشاط، أو المشكلة التي تريد حلّها، في هذه الخطوة، غالبًا ما تظهر الإجابة في عقولنا الواعية، وندرك كيفيّة المضيّ قدمًا. الخطوة الأخيرة: هي التحقّق: صياغة بيان الرؤية، أو رسالتها، أو الردّ على تمرين التفكير الإبداعي، ويمكنك تطبيق عملية التفكير الإبداعي هذه على العديد من المواقف التجارية، فبمجرد تطوير، وبلورة أفكارنا (لوحة نموذج الأعمال التي تمت مناقشتها في الانطلاق للنمو في النجاح أداة جيّدة لـهذا النشاط)، فإنّنا نتيح فرصة لحلّ إبداعي، وقابل للتطبيق، بينما نواصل التّفكير في المشكلة. إنّ التّفكير التّصميمي، والعصف الذّهني، ورسم الخرائط الذّهنيّة؛ هي أدوات ستتعلمها لاحقًا في الدورة، وعلى الرغم من أن هذه الأدوات قد تكون مألوفة، إلا أن هناك منهجيات محددةً يمكنها تحسين نجاحها في حالة المشاريع الرّياديّة، ويتطلّب العصف الذّهنيّ أن يأتي المشاركون بأفكار دون الحكم عليها، ويمكنك القيام بذلك بمفردك أو مع الآخرين، ولكنّ إشراك أشخاص آخرين يوفر تنوّعًا أكبر في الأفكار؛ لأنّ أفكار شخص ما، قد تثير فكرة أخرى من شخص آخر، تأكّد من كتابة أفكارك؛ حتى تتمكّن من العودة إليها لاحقًا، فالعصف الذّهنيّ يختلف عن التفكير المتباين، الّذي لا يتطلّب ربط الأفكار بموضوع محدّد، على سبيل المثال: في العصف الذهني حول مساعدة المشرّدين، قد نتوصّل إلى أفكار مثل: توفير الطّعام، والمأوى، أو توفير رعاية طبية مجانية، أمّا باستخدام التفكير المتباين، فنصل إلى أفكار أكثر تنوعًا، مثل: تصوير الأشخاص المشردين، ثم رفع مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للمّ شمل المشرّد مع أسرته. يمكن أن تتضمّن هذه الأدوات تفكيرًا متباينًا في خطوة توليد الأفكار، ولكن -عادةً- إذا لم تُعَلّمْ فريقك كيفيّة استخدام التفكير المتباين، فإنّ الأفكار النّاتجة، تكون أكثر تنظيمًا وتقييدًا، وأكثر منطقية، وبقدر ما نريد تشجيع الأفكار المتباينة، نريد -أيضًا- إزالة أي حكم حول أفكارنا، لأنّه بمجرد أن نبدأ الحكم على أفكارنا، فإنّنا نحد من إبداعنا، ونصل إلى حلول أقل من مثاليّة. استعمل التّفكير المتباين مع بعض المرح، والاسترخاء. رسم الخرائط الذهنية هو أسلوب شائع آخر للتّفكير الإبداعي، هنا تقوم بإنشاء رسم توضيحي على الورق، أو لوح طباشيري. اكتب الكلمات التي تتبادر إلى الذهن، ثم اربط هذه الكلمات بخطوط في رسم تخطيطي؛ يوضّح كيف ترتبط كلّ كلمة بالأخريات؛ فالفكرة هي أنّ كلمة واحدة يمكن أن تؤدّي إلى أخرى، وهنا تستطيع اكتشاف الارتباطات التي ربما لم تكن واضحة قبل إنشاء الخريطة الذهنية. يمكنك إجراء بحث حول أفكار ريادة الأعمال، من خلال إنشاء استبانات، وطرح أسئلة على الناس، بخصوص تجاربهم المتعلّقة بفكرتك، فعلى سبيل المثال: لنفترض أنك تفكر في إنشاء لعبة أكلة جديدة صحيّة، وغير فوضوية، ويمكن تناولها أثناء التنقل إلى العمل، يمكنك أن تسأل الناس عن تجاربهم في تناول الطعام أثناء التنقّل للعمل، أو طرح أسئلة حول المشاكل الغذائية، أو الحِمْيَاتِ، كما يمكنك أن تجد معلومات ثانوية عن وقت تناول الأشخاص للطعام، أو تناولهم الطعام أثناء التنقل للعمل، أو الحِمْيَاتِ الغذائية الشائعة، أو الموضوعات الأخرى ذات الصلة. يمكن -أيضًا- أن تجد دراسات حالة تركّز على بعض مجالات الاهتمام المتشابهة، والمتعمّقة، أو أَجْرِ دراسات الحالة الخاصة بك، عن طريق اختيار عدد من الأقران، وتتبّع عاداتهم الغذائية، أو يمكنك إنشاء نموذج أولي من منتجك، وسؤال النّاس عن تجربتهم في استخدامه. سوف تتعلم المزيد عن استراتيجيات البحث في تحديد الفرص الريادية، وتقنيات حلّ المشاكل، وإدراك الاحتياجات، والتسويق، والمبيعات في ريادة الأعمال. تحقيق التوازن تأتي ريادة الأعمال مع العديد من التّحدّيات، لأنّه يجب على صاحب المشروع تقمّص أكثر من دور، ويكون هذا أكثرَ وضوحًا، إذا كان هو الموظّف الوحيد في المشروع، ولكن بغض النظر عن نموذج العمل، يجب أن يتمكن جميع روّاد الأعمال من تحقيق التوازن في حياتهم، بين تفانيهم في تنمية مشروعهم الرّيادي، وبين حياتهم الشخصية. يمكن تحقيق هذا التّوازن بتطوير رؤية تشمل مجالات مختلفة من حياتك. كيف تعرّف التوازن في حياتك؟ ما هي المجالات التي تفكر فيها عند التفكير في حياة متوازنة؟ قد يكون الحصول على ما يكفي من المال لدعم نمط حياتك أحد الأهداف، وقد تشمل المجالات الأخرى كالأنشطة البدنية، والهوايات، واللّقاءات الاجتماعية، والتّرفيه، والّرضا عن كيفيّة كسب المال، وعائلتك، وعلاقاتك الشّخصية، والمصالح، والقيم الأخرى. يبدأ بعض رجال الأعمال مشاريع نمط الحياة؛ بغية تحقيق هذا التوازن، ولكن كيف تحقّقه، وهدفُك أن تكون رائد أعمال مهنيًّا؟ رائد الأعمال المهني؛ هو الشخص الذي يتولّى الإدارة اليومية، كونه مالك المشروع، ويقبل، بل ربما يستمتع بالمخاطر، والمكافآت اليومية لإدارة، وبناء المشروع، مثل: روكسان كيمبي. فتطوير Burt’s Bees بالنّسبة لها كان يعني اتخاذ قرارات صعبة، مثل الانتقال من ولاية ماين، إلى كاليفورنيا؛ لتلبية احتياجات نموّ الشّركة، وعلى الرّغم من أن روكسان أرادت توفير فرص عمل للنّاس في شمال ولاية ماين، إلاّ أنّها عرفت أنّ عملها يحتاج إلى البنية التّحتيّة الصّحيحة للنّجاح، وهذه البنية التّحتيّة لم تكن متاحة في ولاية ماين. إذا اخترت أن تصبح رجل أعمال مهنيًّا، قد يكون تركيزك في المقام الأول على تحويل فكرتك الرّياديّة إلى مشروع ناجح، وهذا يمكن أن يأتي على حساب أهداف الحياة الشّخصية. يحتاج العديد من رجال الأعمال المحترفين إلى الدّعم من العائلة، والأصدقاء، الذين يستوعبون أن تركيز صاحب المشروع الرّائد، وطاقته، ضروريّان لنجاح المشروع، وسوف يجد العديد من رواد أعمال نمط الحياة، تحدّيات في تلبية احتياجات مشاريعهم، مع الحفاظ على التّوازن بين العمل، والحياة. ينبغي أن تكون المناقشات مع العائلة، والمقرّبين، وفريق ريادة الأعمال في المرحلة الأولى من صياغة الأفكار، لقياس دعم الأشخاص الذين قد تتعرض مصالحهم للخطر، بسبب تفاني صاحب المشروع في تطويره. تحديد فكرتك عن النّجاح في حياتك، وفكرتك عن النّجاح في مشروعك، خطوة مهمة في تحقيق التّوازن. ما هي أولوياتك؟ ما الذي يمكنك فعله لتحقيق التوازن بين نجاح مشروعك الجديد، ونجاح حياتك الشّخصيّة، ونجاح حياتك العائليّة؟ وبالنظر إلى أنّ تحقيق التّوازن بين جميع الأدوار التي لدينا في الحياة أمر محيّر للعديد من الناس، فهل يمكنك العثور على فرصة لإنشاء مشروع ريادي؟ بينما تستكشف معنى النجاح لمشروعك، وكيف يتماشى تعريفك مع التوازن بين حياتك الشخصية، وتفانيك في مشروعك، يجب أن تفكر في بعض التحديات الفريدة الّـتي يمكن أن يواجهها رائد الأعمال، فعلى سبيل المثال: قد يكون هناك منحنى للتعلّم في مجالات العمل غير المألوفة، مثل: المحاسبة، أو المالية، أو قد تواجه معضلة حول جدوى توسيع خط إنتاج، أو فتح موقع جديد، وغالبًا ما يذكر رواد الأعمال المتطلبات الجسديّة لبدء عمل ريادي، مثل قدرة التحمل اللّازمة لتنظيف مكان جديد، والانتقال إليه، وتهيئته. اعتمادًا على عملك، قد تحتاج -أيضًا- إلى التكيّف مع كونك في عمل متواصل طوال الوقت؛ أربعٍ وعشرين ساعة يوميًّا، على مدار سبعة أيّام في الأسبوع. مرة أخرى، يمكن أن يساعدك تطوير رؤيةٍ لما تريد أن تصبح عليه مستقبلا في التّخطيط للتّحدّيات التي ستواجهها في المراحل الأولى من عملك. يمكن أن تكون ريادة الأعمال مرهقة، خاصّةً إذا لم تكن مستعدًا للمهام المطروحة أمامك، كما هو الحال بالنّسبة لأيّ دور احترافي، أو شخصيّ؛ لذلك، يمكن أن تلعب الرّعاية الذاتية، والوعي العاطفي، دورًا رئيسًا في الحفاظ على صحّتك العاطفيّة كرائد أعمال، إن تخصيص وقت شخصيّ؛ تمارس فيه حياتك الخاصة؛ أمر مهم جدًّا، وقد يتطلّب هذا الأمر إنشاء تقويم لإدارة الوقت، بحيث يتتبّع كيفيّة قضاء وقتك، ويمكنه أن يحافظ على انضباط مواعيدك في المهمّات، ويمنعك من قضاء وقت أطول من اللاّزم في أيّ مجال من مجالات العمل، أو مجالات حياتك الشخصية على حساب المجالات الأخرى. قضاء بعض الوقت بعيدًا عن العمل، أمر صحي عاطفيًا، ويمكن أن يوفّر منظورًا مهمّا، يساعدك على اتخاذ قرارات أكثر صوابًا. "ترك العمل في المكتب" استراتيجية ناجحة، يستخدمها العديد من رواد الأعمال؛ لفصل حياتهم الشخصية عن المهنية؛ أمّا إذا لم يكن ذلك ممكنا، كأن تعمل من المنزل، فإنّ تخصيص وقت عائلي، أو شخصي يمكن أن يسمح بإنشاء توازن ما بين العمل، والحياة الشخصية. إن وجود مستشارين موثوقين، وموجّهين لعملك، وحياتك الشّخصيّة؛ يمكن أن يعزّز -أيضًا- الصحة العاطفية، والنفسية. فعندما تواجه قرارًا، أو تحدّيًا صعبًا، فمن المهم أن يكون لديك شخص تتحدث إليه؛ شخص يعرفك، ويعرف وضعك، قد يجد بعض رجال الأعمال أنفسهم في موقف المسؤولية التامّة عن النّتائج في أوّل تجربة لهم لقيادة الآخرين؛ لهذا، يجب أن يكون لكلّ رائد أعمال خطّة شخصيّة لتحسين القيادة، ويمكن أن تأخذ هذه الخطّة شكل الفصول الأكاديمية، أو التدرّب المهني، كما يمكن أن تأخذ على نفسك -في بعض الأحيان- التزامًا شخصيًا بالتحسّن. يجب أن تحدد أساليب القيادة المفضّلة لديك، وكذلك نقاط القوة، والضعف القيادية فيك، قد يكون من المفيد أن تتذكّر تجارب أعمالك السّابقة تحت قيادة أشخاص آخرين، لتحدّد سمات القيادة التي أعجبتك، وتلك الّتي لم تنل إعجابك. كما هو الحال مع أي مجموعة مهارات عمل أخرى، يمكنك تعلّم، وتحسين نقاط قوّتك، كما يمكنك -أيضا- تعيين أشخاص آخرين، ذوي مهارات تكمّل مهاراتك، ليتعاملوا مع المجالات الّتي لا تشعر بقدرتك على تنفيذها كما ينبغي.إدراك نقاط القوّة، والضّعف لديك، بالإضافة إلى ما تفضّله، وما لا تفضّله؛ سيساعدك في تحقيق التوازن، والحفاظ عليه في حياتك، كما أن الاستعانة بمستشارين، وموجّهين، وناصحين، وحتّى قوائم مهام وجداول زمنية؛ كلّ هذا يبقيك على المسار الصحيح، ومنع طغيان أيّ مجال من مجالات عملك، أو حياتك الشخصية، على المجالات الأخرى، أو تجاهل أيّ منها. أهمية الأهداف هل تتصوّر الرّؤية الرّياديّة مستقبلًا؟ بينما تركّز الأهداف على النّتيجة المرجوّة، وعلى الرّغم من أنّ الرؤية هي مفتاح خلق المستقبل، الّذي تريده لنفسك، ولعملك، إلا أن الأهداف مهمّة لمساعدتك على تحقيق الخطوات اللّازمة، لجعل هذه الرّؤية حقيقة. طالع بيان رؤيتك، وتعريفات النّجاح لديك. ثمّ أنشئ قائمة الإجراءات المحتملة الّتي يمكن أن تساعدك على تحقيق النّجاح وإنجاز رؤيتك، راجع بعدها قائمتك، وصنّف الكلمات، والإجراءات، من حيث الملاءمةُ، والأطرُ الزمنيّةُ. أهداف سمارت (SMART) هي أهداف منظّمة، ومحددة تحديدًا جيدًا، وسمّيت SMART اختصارًا لأوّل حرف من كلّ من الصّفات الآتية، الّتي ينبغي أن تتوفّر فيها: (الشّكل 9.1)· Specific = محدّدة: يجب أن تكون أهدافك دقيقة، لا فضفاضة للغاية. Measurable = قابلة للقياس: يجب أن تكون قادرًا على الاختبار بطريقة قابلة للقياس، ما إذا كان الهدف قد تحقق، بمعنى أنه يجب أن تكون هناك طريقة ما، لتحديد ما إذا كان الهدف قد تحقّق أم لا. Achievable = قابلة للتّحقيق: يجب أن يكون الهدف قابلًا للتحقق. فلا يمكن أن تكون أهدافًا حالمة، بحيث لا يمكن تحقيقها، ومن جهة أخرى، لا ينبغي أن يكون الهدف سهلًا، بحيث يمكن تحقيقه بسرعة، أو بجهد قليل. Relevant = ملائمة: يجب أن يكون الهدف مناسبًا تمامًا لما تريد تحقيقه، وهذا يعني أن الهدف يجب أن يكون ذا صلة بالنتيجة المطلوبة. Timely = محدّدة بوقت: يجب أن يكون لكلّ هدف موعد نهائي محدد، وهو الوقت الذي يجب فيه تحقيق الهدف. ما هو إطارك الزّمني لاستكمال أهدافك؟ كيف يتناسب هذا الجدول الزّمنيّ مع خطّتك الشاملة؟ على سبيل المثال، إذا كان تعريفك الشّخصيّ للنّجاح، ورؤيتك لمستقبلك، تشمل الاستقلال المالي، مثل منزل لقضاء العطلات الجبلية فيه، فما هي الأهداف التي يمكنك تحديدها اليوم، والتي ستؤدي إلى هذه النّتيجة؟ يمكنك تضمين أهداف مالية تتبّعها شهريًّا، أو سنويًّا؛ لتوفير مبلغ محدّد من الأموال، بناءً على توقّعاتك للمبلغ الّذي تحتاجه لامتلاك منزل العطلات ذاك، مما يعني أنك ستسطرّ أهدافًا أخرى، للعثور على المواقع المناسبة. هذه العمليّة مهمّة -أيضًا- لدعم نجاح مشروعك، تسطير الأهداف، مقاربة قويّة تقودك إلى المستقبل الّذي ترغب به لحياتك. إليك مثالًا خياليًّا لأهداف رائد أعمال، والّتي يمكننا اختبارها حسب معايير SMART لمعرفة ما إذا كانت ممكنة.يدير أحمد نشاط تعليمٍ منزليٍّ صغيرًا في مدينته، زبائنه المستهدفون؛ هم طلاّب المدرسة الثانوية، وأحمد هو الموظّف الوحيد في مشروعه هذا، لكنّه يأمل في تعيين المزيد من الموظّفين قريبًا، يبدو أحمد متحمّسا لعمله، وقد حقّق خلال سنوات مشروعه الأربعة أداءً جيّدًا. بناء على نصيحة صديقٍ يدرس إدارة الأعمال، حدّد أحمد الثلاثة الأهداف الآتية للعام القادم: زيادة المبيعات بنسبة 50٪. افتتاح مقرّ إضافي. تعيين موظَّفَيْن. عند مراجعة هذه الأهداف باستخدام معايير SMART، من الواضح أنّ الهدفين؛ الأول والثّالث محدّدان (Specific) كفايةً فهما كميّان، لكنّ الهدف الثّاني ليس كذلك، ويمكن قياس (Measurable) جميع الثلاثة الأهداف، أمّا فيما يخصّ كونها قابلة للتّحقيق (Achievable) فكون أحمد الموظّف الوحيد يجعل من غير المحتمل تحقيق الهدفين الأوّل والثّاني، على أنّ الثّالث قابل للتّحقيق، وتحقيقه بتوظيف شخصين آخرين يجعل من الهدفين الأوّلين أقرب للتّحقيق. الثلاثة الأهداف كلّها مرتبطة (Relevant) بالمشروع، ومناسبة لتطويره، فيما يمكن تحسين كلّ منها لتقييدها بجدول زمنيّ واضح (Timely). وهذا كون رفع المبيعات إلى 50 % في السّنة القادمة، يعني أنّ على أحمد تحقيق مبيعات إضافيّة شهرية، أو ربعيّة، كما يتطلّب افتتاح فرع جديد، تفاصيل مضبوطة التّوقيت؛ كاستئجار، أو شراء محلّ، وتحديد نموذج العمل في هذا المكان الجديد، وأخيرًا، تعيين موظّفين آخرين، يحتاج عنصرًا زمنيًّا -أيضًا- مثل جدول زمنيّ للتّوظيف، والمقابلات، والاختيار، والتّعيين، والتّدريب. ختامًا، تبدو أهداف أحمد مناسبةً لعمله، ولكنّها تحتاج بعضًا من التّحسين لتحقّق معايير SMART للأهداف، وستعود بعدها على عمله بالنّتائج المرغوبة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Perspective) من كتاب Entrepreneurship اقرأ أيضًا المقال التالي: العقلية الريادية لرائد الأعمال المقال السابق: ريادة الأعمال اليوم: ما معنى رائد أعمال؟
  14. قبل أن نخوض في دراسة ريادة الأعمال، فلنعرّفْ أولًا ما نعنيه بكلمة "رائد أعمال". رائد الأعمال هو الشّخص الّذي يكتشف مشكلة، أو ينفّذ فكرة لم تخطر ببال أحد سواه، فكرةَ المزاوجة هذه بين التعرّف على فرصة جلب شيء جديد إلى العالم من جهة، وبين تطبيق تلك الفرصة من جهة أخرى، وهي ما يميز الرّيادي عن صاحب الشركة الصغيرة؛ فهذا الأخير يملك، أو ينشئ عملًا مبنيّا على نموذج موجودٍ سلفًا، مثل افتتاح مطعم؛ أمّا الرّيادي فشخصٌ يبتدعُ شيئًا جديدًا، إذ يمكن أن يكون هذا الشّيء عمليّة حديثة، أو منتَجًاا، أو شركةً تستغلّ سوقًا جديدة أو فريدة، أو حتّى فكرةً تجمع اثنتين سابقتين، للخروج بطريقة، أو مقاربة جديدة على سبيل المثال. بمعنى أوسع، يمكن أن يختلف ما يعدُّه الناس رائد أعمال، وبعض العلماء يفرّقون بصرامة بين روّاد الأعمال، وأصحاب الأعمال الصغيرة، فيما يرى آخرون أنه يجوز تسمية مالك المشاريع الصغيرة، رائد أعمال، فكونك أحدَهما، لا يمنع من كونك الآخر. وقد يبدأ شخص ما في مشروع قائم على فكرة قديمة، لكنّه -على الرغم من ذلك- يقدّم منتجًا، أو خدمة إلى منطقة، أو سوقًا جديدًا. وما محلّ شراء حق الامتياز من صاحبه مثلًا من هذه المناقشة؟ لا يوجد اتفاق تامّ حول المسألة. إذ يدّعي البعض أن المستفيد من حق الامتياز، لا يمكن أن يكون رائد أعمال، بينما يجادل آخرون بأنّ شراء حق الامتياز مبادرة رائدة. وفقًا لمقال في مجلة فوربس: رائد الأعمال في عالم العمل؛ سعيًا وراء الرّبح: هو الشخص الذي يبتكر، ويدير، نشاطًا تجاريًّا جديدًا، لم يكن موجودًا من قبل، وصحيحٌ أنّ المستفيد من حق امتياز ماكدونالدز مثلًا لم ينشئ "ماكدونالدز" من العدم، لكنه بكلّ تأكيد أنشأ مطعم ماكدونالدز حين لم يكن هناك أحد؛ لذا فالمستفيدون من حق الامتياز رواد أعمال". الفكرة هي أنه يمكن عدّ أصحاب الأعمال الصغيرة، والمستفيدين من حق الامتياز روادَّ أعمال. لتحقيق أهداف هذه الدّورة، ستتعلّم المبادئ الأساسية لريادة الأعمال، إلى جانب المفاهيم، والاستراتجيّات، والأدوات الضرورية لنجاح صاحب الأعمال الصّغيرة، أو المستفيد من حق الامتياز. يمتلك رواد الأعمال العديد من المواهب المختلفة، ويركزون على مجموعة متنوعة من المجالات المختلفة، ويستفيدون من كثيرٍ من فرص المشاريع الريادية، فمشروع ريادة الأعمال هو إنشاء أي عمل تجاري، أو منظّمة، أو مشروع، أو عمليّة ذات فائدة، تتضمّن مستوى ما من المخاطرة، يكمن في الإتيان بما لم يؤت به قبلًا. بالنسبة لبعض رجال الأعمال، قد يكون هذا مشروعًا ربحيًا، ويكون بالنّسبة لآخرين مشروعًا مركّزا على الاحتياجات الاجتماعية، فيتجلّى في مسعى غير ربحي، وقد يأخذ رواد الأعمال مجموعة متنوعة من الأساليب في مشروعهم التجاري، مثل تلك الموضحة في الجدول 1.1 table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } أنواع روّاد الأعمال النوع المقاربة المتّبعة مبتكرون العثور على مقاربات، أو طرائق، أو منتجات جديدة، تقدّم إضافة قيّمة، وذلك عبر حلّ مشكلة بطريقة فريدة. منشئون إنشاء شيء جديد، أو إدراك مشكلة لم يلاحظها الآخرون. صنّاع أسواق تطوير، أو إعادة إنشاء سوقهم بنظرة مستقبلية عبر طرح سؤال: إلام يمكن أن يتطوّر السّوق؟+2 مطوّرون، وموسّعون السّعي وراء فرصٍ لتوسيع طرائق،أو عملياتٍ أو منتجات موجودة سلفًا. الجدول 1.1 ستكتشف في هذه السلسلة المجموعة الكبيرة الآتية، من الطرق المؤدّية إلى ريادة الأعمال. الوظيفة، و نمط الحياة الرّياديان غالبًا ما تصوّر الناس أن رجال الأعمال نشطاء، متمرّدون على عالم الشّركات، خارقون للالتزام، في المقابل، فقد أصبح مصطلح رائد الأعمال مرادفًا للمبتكر، والمُخاطِر، وعامل التّغيير، بغضّ النّظر عن أسماء الوظائف، والخصائص الوصفية، فإن ريادة الأعمال لديها جاذبية عالمية، تؤثّر في كيفية تفكير الناس، وكيفية تعاملهم مع العالم. يتطلب اختيار مسار ريادة الأعمال الاستعدادَ لتحمل المخاطر المحسوبة، والفرق بين المخاطر، والمخاطر المحسوبة؛ هو الاستعداد، والمقصود به إجراء البحوث، والتحقيقات اللازمة لاتخاذ قرارات مبنيّة على حقائق تقلّل من المخاطر. ليس الجميع مرتاحين لترك الراتب الثابت، في سبيل تطوير مشروعهم الريادي، خاصّة مع غياب أدنى الضمانات لاستمرار مشروعهم في تحقيق مدخول مستقبلي؛ لذلك، فإنّ من أساليب تقليل المخاطر المالية الشخصية المتّبعة، استمرار بعض رجال الأعمال المبتدئين في عملهم اليومي، بينما يعكفون في باقي وقتهم على تطوير فكرتهم إلى مشروع ينتج عنه في نهاية المطاف، مدخول يمكن الاعتماد عليه وحده. بعبارة أخرى، الحفاظ على مصدر دخل خارجي، إلى أن يصبح المشروع الرّيادي عملًا شبه دائم، محقّقًا للدّخل، هذه استراتيجيّة تناسب كثيرًا من فرق الأعمال الرّيادية. لنأخذ على سبيل المثال، شركة النظارات الناشئة واربي باركر (Warby Parker (الشكل 2.1)). كان رائدا الأعمال في واربي باركر "ديف غيلبوا" و"نيل بلومنثال" لا يزالان يمارسان وظيفتيهما اليوميّتين، عندما عرضا فكرتهما على مستثمر خاصّ (أو ما يعرف بالمستثمر الملاك). طرح هذا الأخير بعض الأسئلة، ولم ترقه إجابات الشّابين، إذ يعتقد أنّ عليهما إظهار التزامهما التام بالمشروع عن طريق ترك وظيفتيهما اليوميّتين لتكريس المزيد من الوقت، والجهد لمشروع واربي باركر. بدلاً من اتباع هذه النصيحة، احتفظ كل من غلبوا وبلومنثال بالوظيفة اليومية، واستمرّا في العمل نحو بناء مشروعهما، وأصبحت Warby Parker في النهاية شركة ناجحة للغاية. هناك العديد من المسارات كي تصبح رجل أعمال، والعديد من الطرق لبدء مشروع ريادي ناجح (الرّحلة الرّيادية ومساراتها). من المهم تحديد المسار الذي يناسب حياتك، ومشروعك، ويدعم أهدافك، وظروفك الخاصة، ورؤيتك الفريدة. تطوّرت في عالم ريادة الأعمال فكرة "مشروع نمط الحياة"، وصار معناها العمل الّذي يركّز فيه مؤسّسو المشروع على نمط الحياة الّذي سيصلون إليه من وراء مشروعهم، بدل التّركيز على العائد المالي من بيع المشروع. استراتيجية الخروج النموذجية في عالم ريادة الأعمال، هي ما يسمّى بالحصاد، والحصاد هو النقطة التي يحصل فيها المستثمرون، وفريق ريادة الأعمال على عائدهم من وراء إنشاء المشروع. أمّا في مشروع نمط الحياة، فمن المرجّح أن يعمل رائد الأعمال بمفرده، ويكون شخصًا مبادرًا في بدء مشروع جديد دون مساعدة فريق، أو مجموعة من الأشخاص يوافقونه في التفكير، ويدركون مثله القيمة، أو الاحتمال الكامن وراء فكرة رائدة يمكنها العودة بكثير من الأرباح، كما أنّ مشروع نمط الحياة يكون مموّلا -غالبا- من العائلة، أو الأصدقاء، أو عبر وسائل تقليديّة كقرض بنكي، أو قرض شركة مصغّرة. يتضمن أسلوب الحياة هذا حرية أكبر في تحديد مجالات المسؤوليات، وعدد السّاعات المكرّسة للمشروع، والقرارات الأخرى التي تدعم نمط الحياة المطلوب. من أمثلة مشاريع نمط الحياة، نجد ذا ووندر جيرلز "The Wander Girls"، وهي شركة تعنى بمشاكل النساء المسافرات وحدهنّ. إذ تنظّم الشركات رحلات لمجموعات من النساء المسافرات إلى الهند، ويتولّى أحد أعضاء الشّركة مسائل تنظيم الرّحلة، ومرافقة النّسوة، ومسؤولية التّعاملات اليومية، والمعاملات المالية. المثال الثّاني: يركّز على موازنة رائد الأعمال لقيمه، واهتماماته، ومجالات شغفه؛ لخلق توازن بين الاستمتاع بالحياة، وبين كسب ما يكفي من المال للاستمرار في مجالات شغفه تلك؛ إذ كان لدى روكسان كيمبي شغف بالعيش خارج شبكات الاتصال، وتكوين، أو تشكيل حياتها الخاصة في غابات ولاية ماين الأمريكية، بدل الرّضا بقيود القواعد، والقوانين المفروضة عند عملها موظّفة، وبعد أن صارت أُمّا، خاضت تحدّيات الحياة الّتي تمنّتها لنفسها، فبدأت في مشروع صناعة الشّموع لكسب ما يكفي من المال لإعالة أسرتها، في نهاية المطاف، توسعت أعمال كيمبي في صناعة الشموع ممثّلة في شركة Burt’s Bees Corporation النّاجحة. لتحوّل كيمبي مشروع نمط حياتها إلى وظيفة مدير تنفيذي لشركة Burt’s Bees (الشكل 3.1). بعد بيعها Burt’s Bees لشركة كلوركس، واصلت كيمبي شغفها بغابات ولاية ماين الشمالية، عبر التبرع بالأرض، والمال لإنشاء محمية للحياة البرية، وحمايتها من التمدّن. من بين أحدث مشاريع كيمبي، إنشاء شركة معجنات تسميها "My Pasta Art". تركيز الشركة منصبّ على رفع فرص التوظيف لسكان شمال ماين، وإنشاء صناعة سياحية لتشجيع الناس على الاستمتاع بمناظر المنطقة، وطبيعتها الجميلة، وعلى الرغم من نجاحها الكبير من الجانب المادي، غير أنّ المال لم يكن قطّ الدّافع لمشاريعها. وكما ترى، أن ثمّة كثيرًا من السّبل لتجد طريقك في ريادة الأعمال، وكثيرًا من نقاط الانطلاق التي يمكن أن تتّخذ عندها القرار لتصبح رائد أعمال. رائد الأعمال حلاّل مشاكل ما هي التحديات التي تواجهها في حياتك؟ هل فكّرت بجدّ في كيفيّة حلّ تلك المشاكل؟ هل حدّدت بجدّ ما هي المشكلة بالضبط من منظور تحليلي؟ غالبًا ما نميل إلى القفز بسرعة من ملاحظة المشكلة إلى اختيار حل، دون محاولة فهم ما إذا كنا قد حدّدنا المشكلة تحديدًا صحيحًا. تحديد المشكلة، واختبار إمكانية الحل، وحداثته وقابليته للتنفيذ، جزءان مهمّان في حلّ المشكلة، فغالبا ما نجد إذا ما بدأنا بتحليل المشكلة، أنّ لها أسبابًا عديدة، من بينها: الحاجة إلى أن يكون شيء ما أفضل، أسرع، أو أسهل. آثار تغيرات العالم على صناعتك، أو منتجك، أو خدماتك. توجّهات السوق بناء على الموقع الجغرافي لزبائنك، أو أعمارهم وأجناسهم، أو نفسياتهم. سوف تتعلم المزيد حول تحديد الفرص؛ تحديد الفرص الريادية وتقنيات التعرف على المشاكل، والاحتياجات. تتمثل إحدى خصائص رائد الأعمال الذكي، في إدراك القدرة على تحديد مشكلة من منظور رصد الفرص، قد نسمّي الشعور بالجوع مشكلة، لكنّ رائد الأعمال سيراها من منظور اكتشاف الفرص، فيفكّر في كيفيّة تحويل مشكلة الشّعور بالجوع مثلًا إلى فرصة لإنشاء مشروع جديد، فربما حوّل مشكلة الشعور بالجوع بين الوجبات، إلى كشك في الشارع، أو آلة بيع تقدّم مأكولات مختلفة، أو إنشاء وجبة خفيفة جديدة، مغذّية، ومُرضية، فالمعات هي أنّ النّاس يحتاجون إلى تناول الطعام، وأنّهم يجوعون عادة، وخلال يوم حافل من العمل، لا يتسنى فيه وقت مناسب لتناول الطّعام؛ لا بدّ أن يحسّ النّاس بالجوع. إعادة صياغة المشكلة، أو الاحتياج من وجهة نظر الفرصة، يفتح الباب للبحث عن حلّ دائم يتجاوز مجرّد الوعي بإحساس النّاس بالجوع، قد نحل هذه المشكلة بفتح مطعم للوجبات الخفيفة، يعرض وجبات تحتوي على الفيتامينات، والبروتينات الأساسية، ويسهل نقلها، مع مدة صلاحية طويلة. إن فهم المشكلة من منظور حلّها لشخص واحد، إلى حلّها لأشخاص كثرٍ، يعيد صياغة المشكلة من منظور تحديد الفرص. قد يكون لديك -أيضًا- اهتمام بحل المشكلات المتعلقة بالطّعام على نطاق أوسع، ومن ذلك؛ فقد لا يتمكن الأشخاص المحاصرون في منطقة حربية، من ترك ملاجئهم الحصينة للعثور على الطعام، أو زراعته أو المقايضة للحصول عليه، وقد لا يكون لديهم المال لشرائه، فكيف يمكنك الوصول إلى السوق المستهدف في منطقة مزقتها الحرب؟ قطعت مركبات إحدى مؤسسات الاستجابة الدولية للطوارئ، ما مجموعه 4 ملايين كلم لتوصيل الغذاء، وإمدادات الإغاثة، والدعم للمجتمعات المتضرّرة من الكوارث خلال عام 2017. هذا يعادل القيادة حول العالم 103 مرات. هل يمكن لفكرتك في إنشاء مطعم للوجبات الخفيفة أن تُناسب شراكةً مع تلك المؤسسات؟ على الرغم من أن هذا قد يبدو مشكلة بسيطة مع حل بسيط، غير أنّ المثابرة، بدءًا بالتعرف على المشكلة، مرورا بإيجاد حل واقعي، ثمّ الوصول إلى تطبيق هذا الحل، وتحويله إلى مشروع ناجح، كلّ هذا يتطلب عقليّة مبادرة. كل يوم يصبح الناس رواد أعمال بتحديدهم المشكلات، وحلها، أو مواجهتهم تحدّيات، وإحباطات جديدة، وحلها بإنشاء منتجات، أو خدمات تعالج تلك المشاكل. العوامل التي تدفع نمو ريادة الأعمال هل تعرف شخصًا فقد وظيفته؟ أو رُفض، أو أسيئت معاملته في العمل؟ أو خُفّض دخلُه، وحُرم من مِنَحِه؟ تُظهر أبحاث جامعة هارفارد أنّ 48.7% من العمالة المصريّة معرّضة لخطر الإبدال بالذّكاء الاصطناعي، والتّقنيات الحديثة. وترتفع هذه النّسبة إلى 50.5% في المغرب، و52% في قطر، على الرغم من أنه ستكون هناك -أيضًا- فرص جديدة للوظائف غير موجودة حاليا. وقد وفّرت هذه الأنواع من التجارب، والتوقعات المحفّز اللاّزم لكثير من النّاس، لبدء أعمالهم الخاصّة، عندما نعمل لصالح أشخاص آخرين، نكون تحت رحمة أفعالهم، وقراراتهم، لكننا نتقاضى أجرًا، ولا نتحمل تبعات تلك القرارات، أمّا عندما ندير أعمالنا الخاصّة فنحن نحصل على فرصة اتّخاذ القرارات -على أنّ اتّخاذ القرارات ليس بالأمر السّهل- وإمكانية السّيطرة الكاملة على العمل، وبالمقابل، فنحن نتحمّل -أيضًا- المخاطر لجميع القرارات التي نتخذها، هذه السّيطرة على صنع القرار؛ هي أحد العوامل الّتي تجعل بعض الناس يجدون عالم ريادة الأعمال جذابًا. يسهم عامل آخر في رغبة المرء في أن يصبح رائد أعمال؛ وهو الإثارة، والمتعة في إبداع شيء جديد، العديد من رواد الأعمال متحمّسون لفكرة نقل المفهوم إلى فكرة مجسّدة. العامل الثالث الذي يدعم نمو ريادة الأعمال؛ هو الجمع بين التقاعد، والعمر المتوقّع الطّويل، حيث يستمتع كثير من الناس بالعمل، وبالنسبة لهم يتمحور التقاعد حول كثير من وقت الفراغ، والقليل من النّشاطات غير الكافية، وتعامل أقلّ مع العالم الخارجي، ذلك التّعامل الّذي ملأ حياتهم أثناء العمل. يقدّم التّقاعد -أيضًا- اعتبارات مالية فريدة، اعتمادًا على مدّخرات الفرد، وخططه، فثنائية وقت الفراغ، والرّغبة في كسب المال، تشجّع بعض كبار السنّ على استكشاف فرصهم في ريادة الأعمال. العامل الرّابع الّذي يدفع نمو ريادة الأعمال هو؛ زيادة الوعي، والدّعم لريادة الأعمال كخيار وظيفي مقبول، في أغلب فترات القرن العشرين، شجّعت العائلات أبناءها على امتهان عمل مستقرّ في شركة كبيرة، خلال ذلك العصر، كان هناك توقع معيّن للولاء المتبادل بين صاحب العمل، والموظف، على أساس الأدوار التقليدية بين صاحب العمل، وموظّفيه خلال ذلك القرن.. كان الاتفاق العام الضّمني هو أنّه إذا جاء الموظفون للعمل كل يوم، وأدّوا مسؤولياتهم، سيضمنون عملًا طويلَ الأمد مع تلك الشركة، ولكن لمّا زادت المنافسة، وتطورت ممارسات تجارية جديدة، لم يعد هذا الضّمان الضّمني قائمًا، اختفى نموذج الوظيفة المضمونة تدريجيًّا، وبينما اكتسب الناس منظورًا جديدًا عن وظائفهم، ودخلهم، أدركوا أنّنا جميعًا مسؤولون عن مساراتنا الخاصّة. تشير معظم الدراسات إلى أنّ النّاس يغيرّون مساراتهم المهنية بين ثلاث، وسبع مرات، لاحظ أن هذا ليس عدد مرّات تغيير المنصب، بل عدد مرّات تغيير المهنة بأكملها، بحيث ينتقلون من ميدان إلى آخر، أو من نوع عمل إلى نوع آخر، لقد اندثر النموذج القديم القائم على الاستقرار في العمل، مقابل بذل الجهد تحت إدارة شخص آخر، وقد شجع هذا الوعي، والقبول الأجيال المتأخّرة على التّفكير في إنشاء مستقبلهم عبر المشاريع الرّيادية. إدراك الأفراد لفوائد ريادة الأعمال، صاحبه وعي المجتمعات، والمنظّمات، بجدوى دعم المشاريع الرّيادية، والتّنمية، والتّحسينات الاقتصادية، لتتعزّز فرص الذين اختاروا هذا السّبيل. ريادة الأعمال في العالمين العربي، والإسلامي، وحول العالم تتبادل قطر، والإمارات العربية المتحدة ريادة الدّول العربية في مؤشّر ريادة الأعمال، إذ حلّت أولاهما سنة 2016 في المرتبة 24 عالميًّا، متخلّفة عن الإمارات الّتي جاءت في المرتبة 19. لتتراجع سنة 2018 إلى المركز 26، فيما تقدّمت قطر في السّنة ذاتها إلى المرتبة 22. ثمّ واصلا لعبة الكراسي الموسيقيّة في سنة 2019، حيث جاءت الإمارات أوّلًا عربيًا، و25 عالميًّا، وتلتها قطر الثّانية عربيًّا، و28 عالميًّا. وفيما يأتي ترتيب بعض دول العالمين الإسلامي، والعربي لسنة 2019 حسب مؤشّر ريادة الأعمال. أمّا حول العالم، فقد زادت في الولايات المتحدة فرص ريادة الأعمال نسبيًا بين عامي 1990 و 2014. وارتفع عدد برامج تعليم الريادة في الجامعات من 180 إلى أكثر من 2000 برنامج. وقد امتلكت الولايات المتحدة سنة 2019 أكبر عدد من المشاريع الريادية، تتلوها سويسرا، وتتبعها كندا، والدّانمارك، ثمّ المملكة المتّحدة، فأستراليا، وهذا حسب شركة الاستشارات العالمية: "مؤشّر ريادة الأعمال العالمي" (Global Entrepreneurship Index). (الشّكل 5.1) لماذا ترعى الولايات المتحدة أكبر عدد من المشاريع الريادية؟ ما الذي يتطلبه الأمر لكي تصبح رائد أعمال؟ بالإضافة إلى وجود عقلية ريادية (ينظر العقلية الريادية)، يحتاج رواد الأعمال -أيضًا- إلى التعليم، والتمويل، لدعم مشاريعهم الجديدة. سوف تتعلم المزيد عن التمويل في (التّمويل، والمحاسبة في ريادة الأعمال)، ولكن ينبغي أن تعرف مبدئيًّا، أنّ ثمّة ثلاثة مصادر رئيسة للتمويل الخارجي: المعارف (العائلة، والأصدقاء) قد يكون بعض أفراد الأسرة، والأصدقاء قادرين على استثمار الأموال، ومستعدّين لمساعدة فريق ريادة الأعمال. المستثمرون الخواص (المستثمرون الملائكة) وهم أشخاص يملكون التمويلات الكافية، والرّغبة في دعم مشروع جديد، وهم غالبًا رواد أعمال أطلقوا، وحصدوا مشاريعهم الخاصّة، ويظهرون اهتمامًا بمساعدة رواد أعمال آخرين في القيام بشركاتهم النّاشئة من جهة، وفي الحفاظ على نشاطهم الشّخصي في عالم ريادة الأعمال من جهة أخرى، كما يرغبون في الحصول على عائد استثماراتهم، هؤلاء المستثمرون الملائكة غالبا ما يقدّمون التّمويل في المراحل الأولى من المشروع الرّيادي، وعندما يتطوّر المشروع، ويحتاج تمويلا أكبر، يأتي دور مصدر التّمويل الثّالث. أصحاب رؤوس المال المجازفون أصحاب رؤوس المال المجازفون، أو الرأسماليون الاستثماريون (Venture Capalist) هم مجموعة من الناس (أو المنظمات) الذين يجمعون الموارد للاستثمار في المشاريع الريادية، يتلقى هؤلاء المستثمرون في كل جولة تمويل حصّة من ملكية المشروع، مع توقّع أن يتمّ بيعه مستقبلا، أو حصاده، وعندها يتلقّى أصحاب رؤوس المال المجازفون عائد استثماراتهم، وبما أنّهم يميلون لأن يكونوا مجموعات كبيرة من الأشخاص، فإنّهم يملكون مبالغ أكبر، وموارد أكثر ممّا يتيحه المستثمرون الملائكة. ستتعرّف -أيضا- على أنواع التّمويل الأخرى، مثل القروض البنكية، والتّمويل الذاتي في التّمويل، والمحاسبة في ريادة الأعمال. ساهم الرأسماليون المجازفون في الولايات المتحدة بمبلغ 72.3 مليار دولار في عام 2015 مقابل 3916 صفقة، أو جولة تمويل. بينما جاء استثمار 49.2 مليار دولار سنة 2015 في الصّين في 1611 مشروعًا. وبلغ إجمالي استثمارات الرّأسماليين المجازفين في أوروبا 14.4 مليار دولار أمريكي في 1598 صفقة. العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على فرص ريادة الأعمال، تشمل معدلات التوظيف، والسياسات الحكومية، وقضايا التجارة في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يشمل محرك أحدث لريادة الأعمال معدل بطالة مرتفعًا لدى نسبة كبيرة من المواطنين في سنوات الكسب الرئيسة، لم تكن معدلات التوظيف في الماضي مصدر قلق أقل، بسبب الاعتماد على دعم الدولة من عائدات النفط؛ إذ تلقى السعوديّون من شركات النّفط الحكوميّة مخصّصات شهرية لتغطية النفقات، أمّا مؤخّرًا فقد تغيّرت عقليّات المواطنين، وصاروا أكثر رغبة في الإنتاج، والسّيطرة على مداخيلهم الخاصّة، وكذا تغيّرت توجّهات الحكّام الّذين يدركون بأنّ دخل إنتاج النفط متقلّب، وغير مستدام؛ لهذا فحكّام اليوم المنفتحون أكثر على المستقبل يشجّعون مواطنيهم على بدء مشاريعهم الخاصّة. لهذا ظهرت في الجزائر مثلا سنة 2020 وزارة الحاضنات الّتي تشجّع، وتدعم الشّركات النّاشئة، وتقنّن العمل الرّقمي والخدمات المقدّمة عبر الإنترنت. الولايات المتحدة هي الرائدة عالميًا في الابتكار الريادي، ربما لأنّها أمّة من المهاجرين، تجمع أشخاصًا من شتّى أنحاء العالم، فلا يجتمع الأمريكيّون على تقاليد تشجّع على الانضباط. تقاليد أمريكا، وسمعتها الراسخة، والإبداع، والاعتماد على الذات عززت هذه العقلية. ومع ذلك، بينما ثبّطت حكومات دول أخرى مواطنيها عن التفكير المستقلّ، أو المبتكر، تدعو بعض الثقافات إلى الوحدة السياسية، والثقافية، والاقتصادية، وتضع قيمة كبيرة على التّشابه، والبقاء ضمن المألوف، واتباع العادات والتقاليد المقررة، فدول مثل اليابان، وفرنسا، وروسيا، والصين، وغيرها، تعكس هذه المعايير، بينما يوجد في دول أخرى بيروقراطيات معقدة تمنع الاستجابة السريعة، وتضع الحواجز التي تعيق أنشطة ريادة الأعمال. أجزاء من الهياكل الاقتصادية العالمية (الخدمات المصرفية، والاستثمارات، والتقنيات) لا تتوفّر في بعض الدّول، بل وتستبعدها من خدماتها عمدا؛ خاصة تلك الدول الفقيرة، تصرّفات كهذه تثني الناس عن التقدم بأفكار المشاريع الرّياديّة، لأن الثقافة، والبيروقراطية، تقف عقبة في طريقهم للوصول إلى المعلومات اللازمة، قصد التقدّم بأفكار ناجحة، وعلى النقيض من ذلك، تلمس دول أخرى فوائد تشجيع سكانها على أن يصبحوا أكثر انفتاحًا، وإبداعًا من خلال المشاريع الجديدة. رابط للتعلّم تتابع منظّمة الشّفافية الدّولية الفساد الّذي يمكن أن يكون عائقا أمام ريادة الأعمال. موقع المنظّمة يقدّم معلومات حول ترتيب 180 دولة بإظهار سوء استخدام المنصب لتحقيق مكاسب شخصيّة. تشمل الخصائص الرئيسة التي تشجّع روح المبادرة، دعم حرية الإبداع، والابتكار. الشروط التي تشجّع على الإبداع، والابتكار 1. تقبّل الفشل تقبّل الفشل، هو السّمة الرّئيسة للنّجاح كرائد أعمال، فالعديد من الاختراعات العظيمة في التّاريخ جاءت بعد عشرات الإخفاقات، تطوير المصباح الكهربائي مثلًا، مرّ منذ سنة 1800 بآلاف المحاولات الفاشلة، قبل أن يشتري توماس إديسون براءة اختراع الكنديّين ماثيو إيفانز، وهنري وودوورد سنة 1879. ثمّ عكف وفريقه على إنتاج أوّل مصباح قابل للاستعمال والتّسويق. إديسون، وإيفانز وهنري وودوورد وآخرون كثيرون قبلهم لاحظوا مشكلة محدوديّة ساعات العمل في اليوم، إذ بمجرّد مغيب الشّمس تتوقّف الأشغال، بما فيها النّشاطات المنزلية مثل، قراءة كتاب، أو جلي الصّحون؛ لهذا فكّروا في اختراع مصدر ضوء بديل، تفكّر، وتأمل في كمّ العقبات، والصّعوبات الّتي واجهتهم قبل أن يصلوا إلى استخدام التنجستين في المصابيح الكهربائية سنة 1906. 2. التواصل مع الآخرين الشرط الآخر الذي يشجع السلوك الريادي، هو القدرة على التواصل مع أشخاص آخرين لمناقشة الأفكار، والمشاكل، والتحديات، والحلول، هذا التواصل مع الآخرين في بيئة مفتوحة تدعم تبادل الأفكار؛ أمر ضروري لتشجيع الإبداع، والابتكار. مع ظهور الإنترنت، أصبح الناس في جميع أنحاء العالم أكثر وعيًا بالجغرافيا السياسية، والمواقف البيئية، في جميع أنحاء العالم، فكلّما لاحظ المزيد من النّاس هذه التغييرات، والمواقف، ازدادوا تبادلًا للأفكار. ويمكن أن تولّد هذه المناقشات فرصًا جديدة للناس لاكتشاف طرق لحل المشاكل، يمكن لأيٍّ منّا -بغضّ النّظر عن مكان عيشه- أن يحدّد مشكلة ما في بلد آخر، و بالنّظر إلى اهتماماتنا، وخلفياتنا؛ يمكننا أن نقرّر الخروج بحلّ لتلك المشكلة؛ كلّ ما نحتاجه -كنهج عام- هو طريقة فعّالة، وشفّافة؛ لإنشاء الشّركات، وتمكين المنافسة البنّاءة، إلى جانب التّجارة الحرّة، والعادلة المستديمة. هذه ليست سوى بعض المجالات التي تأخذها العديد من الدول، والمنظمات، في الحسبان؛ لأنّها تسعى إلى تشجيع التخلّي عن التّفكير الجماعي، وتبنّي أفكار ريادة الأعمال الفردية، والفريدة. يعايش كلّ منا الحياة من منظور مختلف، وعلى الرّغم من مقدرتنا جميعًا على إدراك القيود الّتي يفرضها غروب الشّمس كلّ مساء، إلاّ أنّ عددًا قليلًا من النّاس قد يتساءلون: لم لا نغيّر الوضع، ونصنع ضوءنا الخاصّ؟ وبالمثل، قد يلاحظ شخص ما مشكلة في بلد آخر، ويتساءل عن سببها، بينما اعتاد سكانه عليها، فلم يعودوا قادرين على إدراك فرصتهم في البحث عن حلول لها. 3. زيادة فرص تعليم ريادة الأعمال زيادة الفرص في تعليم ريادة الأعمال، تقود النمو -أيضًا- حيث تقدم الكليات، والجامعات المزيد من الدروس في مجال ريادة الأعمال، وتفتح مراكز ريادة الأعمال الّتي تشجّع الطلاّب من كلّ مجال؛ ليصبحوا روّاد أعمال. بينما يتطور مجال التّوظيف وريادة الأعمال؛ بدأت بعض المؤسسات في تقديم دورات لإعداد الطلاب للعمل في اقتصاد النّشاطات الصّغيرة. تأتي بعض أفضل الأفكار الريادية الجديدة من مجموعات من الطلّاب، مختلفي التخصّصات؛ الّذين يتعاونون للخروج بأفكار جديدة، ومبتكرة، تلبّي احتياجات عالم اليوم، وتواجه تحدّياته، فقد يتواصل طلاّب في بعض الحالات، من جامعات مختلفة من شتّى أنحاء العالم، للإتيان بأفكار عملية؛ لحلّ مشاكل العالم، مثل: قلّة الماء الشرب، والحاجة لبرامج التّلقيح. لقد جعلت التقنيات الحديثة هذا التّعاون، وهذه الشراكةَ أمرًا شائعًا ومُنْتِجًا. يفتح عالم ريادة الأعمال أبوابًا أمام كل منا؛ للنظر إلى ما وراء الحواجز التي أنشأناها بأنفسنا؛ واستكشاف الفرص حول العالم. إليك مثال إنشاء ستاربكس: نتجت سلسلة المقاهي العالمية هذه عن إدراك أهمية الرّاحة في الجلوس في مقهى أوروبي، وشرب قهوة ممتازة، وإدراك أنّ فكرة ما شائعة في بلدٍ،ما، لكنّها غير منتشرة في بلد آخر، فإنه بالإمكان تقديم تلك الفكرة لتلك البلد التي تفتقر إليها. في مثال ستاربكس، هل كانت هناك مشكلة يجب حلها؟ ليس بالضرورة، لكنّ المؤسس، هوارد شولتز، كان لديه رغبة في جلب عنصر جودة حياة معين من بلد إلى آخر، وهي فكرة تجارية، مع جانب ريادي. إن أحد الجوانب الريادية في إنشاء ستاربكس كانت فكرة التوسع الشامل للمقاهي، فقبل ستاربكس، لم تكن فكرة إنشاء مشروبات قهوة عالية الجودة موجودة، والفكرة الأهمّ من تلك؛ هي توسيع الأعمال التجارية عبر الولايات المتحدة ثم حول العالم. نظرًا لانتشار المقاهي في جميع أنحاء الولايات المتحدة، قد لا تبدو هذه الفكرة مبتكرة، ولكن قبل ستاربكس، كانت تقدّم القهوة -عادة- في العشاء، وكانت مجرّد عادة متّبعة، لا مشروبًا قائمًا بذاته، ولكنّ ستاربكس غيّرت طريقة تفكير النّاس في القهوة، وعاداتهم في شربها، فعلى الرغم من أن شركات مثل Dunkin 'Donuts تقدّم القهوة، إلاّ أنّ تركيزها كان كما يوحي اسمها على بيع الكعك، وليس القهوة، وبينما تطوّرت ستاربكس من خلال اعتماد القهوة منتجها الرئيس، أدركت شركات أخرى مثل Dunkin 'Donuts وماكدونالدز، أنّها أضاعت فرصة تطوير سوق القهوة بخيارات متعدّدة عالية الجودة، في الواقع، غيرت Dunkin ’Donuts اسمها إلى "Dunkin "فقط، لتزيل التّركيز على الكعك. القضايا، والفرص الاجتماعية، والبيئية لدى رائد الأعمال الاجتماعي اهتمام بحلّ مشكلة اجتماعية، أو بيئية، أو اقتصادية، حيث يحدّد المشكلة ذات الطّبيعة الاجتماعية، أو المجتمعية؛ الّتي تتعلّق بتحسين جودة الحياة، أو صحّة كوكبنا (الأرض) (ستتعلم المزيد عن ريادة الأعمال الاجتماعية في مسؤوليات رواد الأعمال الأخلاقية، والاجتماعية). أحد هؤلاء الأشخاص هو آنجاد دارياني، الشابّ صاحب الاختراعات العديدة، لقد ترك دارياني المدرسة في الصف التاسع؛ للانضمام إلى Media Lab في معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT)، حيث عمل على مرشّح هواء للإنتاج المكثّف لتنظيف الملوثات، والمواد المسرطنة من هواء الكرة الأرضية، مع الأخذ في الحسبان أن موطن دارياني هو الهند؛ ثالث أكبر باعث لثاني أكسيد الكربون في العالم، وفقًا لأطلس الكربون العالمي، بعد الصين، والولايات المتحدة (الشكل 6.1). لا يهتمّ دارياني بحلول تلوث الهواء، وحسب، ولكنّ منتجه سيوفر -أيضًا- مكاسب مالية، ويرفع من مصداقيته الشخصية كرائد أعمال متسلسل، أو شخص يبدأ، ويحصد العديد من المشاريع الريادية. يصف دارياني نفسه بأنه مخترع، ورائد أعمال اجتماعي، يجمع بين الاهتمام بتحسين الحياة من خلال مجموعة متنوعة من المشاريع الريادية، بما في ذلك منتجات مثل: Sharkits (وهي شركة نماذج يركّبها الزّبون، وتُعلّمُ الأطفال كيفية بناء التقنية)، وطابعة SharkBot ثلاثية الأبعاد (طابعة جذابة، موثوقة، ومنخفضة التكلفة)، والعديد من المشاريع الأخرى التي تجمع بين التقنية، والاحتياجات البشرية. بينما يبدأ تسويق هذه المنتجات، فإنّ استخدامها هي والتّقنيات المرتبطة بها في مجالات أخرى، يزداد يومًا بعد يوم. يمكنك الاطلاع على مشاريع أخرى يعمل عليها دارياني، عبر موقعه الإلكتروني، والذي يتضمن مقاطع فيديو ومقالات، ويسلط الضوء على التّقديرات الدولية الّتي حصل عليها لقاء عمله المبتكر. ترجمة -وبتصرف- للفصل (The Entrepreneurial Perspective) من كتاب Entrepreneurship اقرأ أيضًا المقال التالي: الرؤية والأهداف الريادية لرائد الأعمال نظرة عامة حول رحلة ريادة الأعمال
  15. تحتاجُ إستراتيجيّة حملتك التّسويقيّة عبر البريد الإلكتروني –مثل كلّ شيءٍ آخر- إلى تخطيط وتفكير كبيرين. ستتمكّن من تحقيق أهداف زبونك بفاعليّةٍ وتوفّر لمشتركيك أفضل الحملات الممكنة إذا قضيتَ الوقت المناسب للتّخطيط لإستراتجيّة حملتك التّسويقيّة عبر البريد الإلكتروني. التّخطيط لإستراتيجيّة التّسويق عبر البريد الإلكتروني سيشرح هذا الدّليل كلّ ما ينبغي أخذه في الحسبان عند التّخطيط لحملة تسويق، ويقدّم مثالاً مفصّلاً عن إستراتيجيّة حملة التّسويق عبر البريد الإلكتروني. كما يقدّم مجموعةً من الأسئلة وأجوبتها. التخطيط أمر ضروري ربّما نحسَب -كوننا مصمّمين- أنّ مرحلة التّخطيط خارجةٌ عن مجال عملنا، يتولّى أمرها الزّبون. وبالرّغم أنّ هذه المقاربة صحيحةٌ، غير أنّها قد تؤدّي إلى رسالةٍ إلكترونيّةٍ حسَنة التّصميم لكنّها غير فعّالة. إذا تمكّنّا من مساعدة الزّبون على إنشاء حملاتٍ ناجحة سيكونون أسعد، ويكون بمقدورنا رفع تسعيرة خدماتنا كمستشاري إنشاء إستراتيجيّات حملات التّسويق المخصّصة عبر البريد الإلكتروني. قد يغدو البريد الإلكتروني -من دون خطّةٍ محكمةٍ مسبقةٍ- مجرّد فوضى ينقصها التّنظيم، ويصعب على القرّاء فهمهُ أو متابعته. إذا ما أردنا إنشاء رسالة بريديّة مفيدة عبر البريد الإلكتروني، فإننا سنحتاج إلى تخطيطٍ أكثر قبل الانطلاق: ما فائدة إستراتيجيّة البريد الإلكتروني؟ إلى من ستُرسل؟ وماذا يتوقّعون أن يستقبلوا؟ وما هو مفهوم النّجاح في ظلّ هذا المشروع؟ عندما يُطلب منك تصميم إستراتيجيّة بريد إلكتروني بلغة الـ HTML، ستكون مسؤولا -قبل فتح برنامج فوتوشوب أو محرّرك النصيّ المفضلّ- عن العثور على إجاباتٍ لتلك الأسئلة. وإلاّ فإنّك ستصمّم رسالةً إلكترونيّةً بديعةً، ممتازة البرمجة، لا يفتحها إلّا برامج تصفية البريد الإلكتروني. بدل مجرّد الحديث وشرح كيفيّة تطبيق مبادئ التّخطيط على مشروعك المقبل، سنأخذ زبونًا عاديًّا ونمضي معًا في مراحل التّخطيط والتّصميم والبرمجة المطلوبة. مثال مفصّل عن إستراتيجية حملة التّسويق عبر البريد الإلكتروني الأشرار المنشغلون اليوم لا يملكون وقت فراغٍ يسهرون فيه على أفخاخ الموت خاصّتهم، ولا لمجادلة جمعيّة ملّاك البيوت حول "عدم انسجام مخبئهم البركاني" مع المنظر العامّ للمنطقة. هنا يتدخّل المرتزقة. يحتاج كلّ شرّير إلى مرتزق واحدٍ على الأقل يسيءُ التّصويب، ويملأ الغوّاصة بالبنزين، ويضحكُ على نكات الشرّير في الوقت المناسب. نحتاج للبدء إلى الإجابة على بعض الأسئلة الأساسيّة الّتي تبقى ثابتةٍ إلى حدّ كبير، سواء كنت تعمل لصالح زبون، أو فريقٍ داخلي أو على شركتك النّاشئة الجديدة. ستحتاج في الحالة الأخيرة تلك إلى طرح الأسئلة على نفسك. ملخص الزبون حول إستراتيجية التسويق عبر البريد الإلكتروني إلى من ترسل هذه الرّسائل الإلكترونية؟ المشتركون الحاليّون في المجلّة المطبوعة. المشتركون الّذين سجّلوا عبر الموقع الإلكتروني. الزّبائن الّذين اشتروا من موقعنا. ما الغاية من وراء إرسال هذه الرّسائل؟ زيادة المبيعات بتشجيع النّاس على الشّراء للمرّة الأولى، وجعل القرّاء مشترين دائمين. ما هو نوع الرّسائل الإلكترونية الّتي تنوي إرسالها؟ نشرات بريديّة للمستخدمين. تذكير بالاشتراك. الفواتير وتذاكر شراء. ما هو نوع المحتوى الّذي تريد إرساله؟ عروض خاصّة. مقالات تثقيفيّة مرتبطة بمنتجاتنا. كم مرّةً ستبعث هذه الرّسائل؟ ستُرسَل النّشرة البريديّة مرّةً شهريًّا، أمّا بقيّة التّذكير والتّنبيهات فحسب المطلوب. هل لديك أمثلة عن إستراتيجيّة حملة تسويق بالبريد الإلكتروني نالت إعجابك ؟ رسائل Amazon.com الإلكترونيّة. رسائل مبيعات آبل (Apple). يُدرك زبونك أنّ المشتركين المتواصلين والّذين أتمّوا عملية شراءٍ سابقا هم الأقرب للشّراء منه في المستقبل. إرسال نشرةٍ بريديّةٍ أو عرضٍ عبر البريد الإلكتروني مرّة أو اثنتين شهريًّا طريقةٌ اقتصاديّةٌ للبقاء على تواصل. كما تبقيه أيضًا في أذهان مستخدميه. بعد أن جهّزنا ملخّص الزّبون، يمكننا الشّروع في التّفكير في ما نحتاج إنجازه لنُتمّ هذا المشروع. الخطوة الأولى هي التّحديد بالتّدقيق المملّ كيف يبدو المشروع النّاجح. تحديد الأهداف في كلّ مرّةٍ تبدأ تحدّي تصميمٍ جديدًا ينبغي أن تملك هدفُا واضحًا في ذهنك. وأهميّة الهدف في رسالة البريد الإلكتروني مثلها في تصميم المواقع أو المطبوعات. يمكنك أخذ إجابات الزّبون على الملخّص السّابق وصياغتها على شكل أهداف قابلة للقياس. ينبغي أن تكون الأهداف محدّدة إلى أقصى درجة ممكنة من التّحديد. قال زبونك بأنّه يريد زيادة المبيعات بين مشتركي المطبوعات، وتحويل مشتركي البريد الإلكتروني إلى مشترين جددٍ دائمين. هذه بدايةٌ جيّدة، لكنّ من الحكمة تعريف أهداف أكثر تحديدًا. ما المقصود مثلا بـ "زيادة المبيعات"؟ هل عملية بيع زائدة واحدة تكفي؟ قد يبدو هذا سؤالا سخيفا، لكنّ بعض الأعمال تكفي فيها عملية البيع الواحدة لتغطية تكاليف إستراتيجيّة حملات البريد الإلكتروني لسنة كاملة. ربّما يبيع زبونك خدماتٍ استشاريّةً مقابل آلاف الدّولارات للاستشارة الواحدة، أو علّه يبيع ملصقات ويب 2 متدرّجة الألوان مقابل دولارٍ للعلبة. علينا التّحديد بدقّةٍ وتفصيلٍ لنتمكّن من وضع أهدافٍ مفيدةٍ, قد يكون بعض الزّبائن غير مرتاحين لفكرة تقديم معلوماتهم الماليّة الدّقيقة. لذا ربّما يصوغون أهدافهم حسب عدد زائري موقعهم عن طريق روابط البريد الإلكتروني. إذا كانوا يعرفون أنّ 1.8% من زوّار موقعهم يتمّون عمليات شراء، فمعرفة عدد زوّارهم عن طريق البريد الإلكتروني يمكن تحويله تقريبًّا إلى قيمةٍ ماليّة. اجتمع بزبونك وأطلعه على بعض أمثلة الأهداف الّتي أعددتها بناءً على ملخّصهم. ربّما يقود هذا إلى نقاشٍ إضافيٍّ يساعدهم على توضيح ما يريدون تحقيقه من وراء إستراتيجيّة التّسويق عبر البريد الإلكتروني. بالنّسبة لزبوننا، يمكن أن نقترح الهدف الأساسيّ التّالي: تحقيق 400$ على الأقلّ من المبيعات القادمة مباشرةً من مشتركي النّشرة البريديّة خلال أولّ أسبوع من إرسال كلّ بريدٍ إلكتروني. ربّما لا يمتلك زبونك هدفًا متعلّقًا مباشرةً بالعائد المالي. بعض الشّركات مثلا لا تحتاج إلاّ إلى تحقيق "ردّ" من قرّائها. إليك بعضًا من الأهداف الّتي يمكن أخذها بالحسبان: إعادة إحياء الاتّصال مع 5 زبائن سابقين. فتح البريد الإلكتروني المرسَل من 40% من المشتركين. ضغط رابطٍ واحدٍ على الأقلّ من 20% من المشتركين. زيارة 30 شخصًا صفحةً محدّدةً على الموقع الإلكتروني. كلّ هذه الأهداف قابلةٌ للقياس، لذا يمكنك معرفة متى تتحقّق. قد يكون ذلك مستحيلاً أحيانًا. على سبيل المثال، ربّما يحتاج زبونٌ سنواتٍ ليقرّر اقتناء نظام تصميمٍ جديدٍ لمستودعه، أو لتثبيت دعامات جديدة. الأهداف المقاسة في هذه الحالات يمكن أن تكون حول الحفاظ على العلاقة مع الزّبون، أين يكون النّجاح القابل للقياس هو الحصول على ردودٍ من الزّبون. هذه العمليّة تتعلّق بأكثر من مجرّد إعداد الأهداف، هي تساعد أيضًا في تشجيع الزّبون ونحن كمصمّمين -يقول كاتب المقال- على التّفكير مليًّا في سبب إرسالنا لهذه الرّسائل الإلكترونيّة في المقام الأول. فإذا لم يُدرك الشّخص أو الشّركة المرسِلة الفائدة من وراء إرسال هذه الرّسائل الإلكترونيّة، فإنّ حظوظ اهتمام المستقبِل بها تكون ضئيلةً جدًّا. قياس نجاح إستراتيجية حملة تسويق عبر البريد الإلكتروني بمجرّد وضع هدفٍ أو أكثر، نحتاجُ إلى تجهيز الأدوات أو العمليّات المناسبة لتحديد ما إذا وصلنا تلك الأهداف. قد تكون هذه الأدوات والعمليّات أرقام مبيعاتٍ من قسمٍ ما، أو تقارير من مزوّد خدمة البريد الإلكتروني لديك، أو تحليلاتٍ من موقعك الإلكتروني. إذا كنتَ تستخدم برنامجًا معدًّا لإرسال البريد الإلكتروني (سواء كان برنامجًا داخليًّا أو خارجيًّا) ، فالكثير من تلك القياسات قد تكون مدرجةً ضمن البرنامج. يمكنك تتبّع الأنواع التّالية من القياسات: معدلات فتح البريد الإلكتروني من بين كلّ الّذين استقبلوا بريدك الإلكتروني، كم عدد الّذين قرأوه؟ يُحسب هذا العدد بمراقبة تحميل صور التتبّع داخل كلّ بريد إلكترونيّ. على أنّ الكثير من برامج البريد الإلكتروني لا تحمّل الصّور تلقائيا، كما أنّ بعضها يُظهر النصّ دون الصّور، لذا لا يمكن تسجيل كلّ حالة فتح. معدلات النقر كم عدد الّذين نقروا رابطًا داخل البريد الإلكتروني؟ عادةً ما توجّهُ خدمات إرسال البريد الإلكتروني كلّ رابطٍ عبر خدمة التتبّع خاصّتها وتسجّل كلّ نقرة. إعادة التّوجيه كم عدد الّذين ضغطوا "أرسل إلى صديقٍ لنشر حملتك الإلكترونيّة، إذا كان برنامجك يدعمُ هذه الخاصيّة. إلغاء الاشتراك كم عدد الّذين اختاروا إلغاء الاشتراك رافضين استقبال المزيد من رسائلك الإلكترونيّة عبر نظام إلغاء الاشتراك المدمج في البرنامج؟ معدّل التّحويل من بين الّذين نقروا على رابطٍ في رسالتك الإلكترونيّة، كم عدد الّذين أتمّوا عمليّة شراء، أو حمّلوا نسخةً تجريبيّةً أو نفّذوا عمليّةً أخرى يمكن تعقّبها؟ يمكن استخدام برنامجٍ مثل تحليلات جووجل 'Google Analytics' لتسجيل هذه العمليّات وتقصّي مصادرها الأصلية، بما في ذلك حملات البريد الإلكتروني. المقياس الأهمّ ليس هذه الأرقام في حدّ ذاتها، بل هو تغيّرها من حملةٍ إلى لاحقتها، وهو ما يسمّى بالتوجّه. بعد إرسالنا لكلّ حملةٍ، نغيّر من محتوى وتصميم إستراتيجيّة التّسويق بالبريد الإلكتروني، بل ونغيّر حتّى يوم الإرسال ووقته. تطلعنا بهذا موازنة المقاييس إذا ما كانت تغييراتنا ناجحة أم لا. وصلنا هكذا إلى نقطةٍ نملك فيها أهداف إستراتيجّة التّسويق بالبريد الإلكتروني، ووسائل التحقّق من بلوغ تلك الهدف. والآن فقط يمكننا البدء في تحضير خطّة لتصميم الرّسالة الإلكترونيّة نفسها بلغة HTML. البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونيّة مبنيّان بالتّكنولوجيا ذاتها: HTML وCSS. غير أنّ بينهما اختلافاتٍ كبيرةً. تطوير محتوى الإستراتيجية من المغري لمصمّمي الويب التّفكير في رسائل البريد الإلكتروني بـ HTML على أنّها مواقع إلكتروني أحاديّة الصّفحة، كونها مجرّد أكواد HTML وCSS، يتصفّحها عددٌ معتبرٌ من النّاس على متصفّح مواقع. هذا كلّه صحيح، غير أنّ المواقع والرّسائل الإلكترونيّة وسيطان مختلفان. تماما كما اضطرّ مصمّمو المطبوعات التعوّد على القيود الفريدة والفرص الّتي توفّرها الانترنت، فإنّ على مصمّمي الويب العاملين على البريد الإلكتروني تعديل تفكيرهم. البريد الإلكتروني ليس موقعًا نميل إلى التّفكير في أنّ المواقع الإلكترونيّة واجهات متاجر على الإنترنت، بحيث يأتي النّاس إلى موقعنا، إمّا بالبحث مباشرةً، أو عبر اتّباع رابط. وعندما يزورون الموقع فهم يملكون مسبقًا فكرة عمّا يتوقّعون العثور عليه. مرئيًّا، يستحوذ الموقع على نافذة المتصفّح كاملةً. البريد الإلكتروني حالة مختلفة. صندوق بريدك الوارد أشبه ببيتك منها بواجهة متجر. إذ تأتيك الرّسائل الإلكترونيّة دون جهدٍ منك، وحين تصلك تكون المساحة المشغولة جزءًا صغيرًا من نافذة عرض متصفّح الإنترنت. لاحظ برنامج البريد الإلكتروني الاعتياديّ أدناه: لاحظ أنّ تصميم إستراتيجيّة حملة البريد الإلكتروني هذه من هواوي تبدو معدّة خصّيصًا لمستخدمي الهاتف المحمول، إلاّ أنّها لا تبدو سيّئة على الحاسوب. البريد الإلكتروني ذاته لا يأخذ إلاّ نسبة صغيرةً من مساحة الشّاشة في الأسفل، وهو محاط بأشياء أخرى تتنافس على لفت الانتباه: مجلّدات، ملاحظات، ورسائل إلكترونيّة أخرى تتقاتل لتحظى بالملاحظة. عليك كذلك الأخذ بالحسبان أنّ نصف مشتركيك على الأقل يقرؤون رسائلك على هواتفهم المحمولة. هذا سيؤثّر على الطّريقة الّتي تصمّم بها الرّسالة الإلكترونية، والطّريقة الّتي تكتب بها المحتوى. عليك -كونك مصمّما- احترام أنّ قرّاءك (أو قرّاء زبائك) سمحوا لك بدخول مساحتهم الشّخصية. إن لم يكن قرّاؤك زبائن أوفياء دون الحاجة إلى أي بريد إلكتروني، فإنّ رسالتك الإلكترونيّة ستكون مجرّد عنصرٍ آخر في قائمة طويلة تقاطع عملهم الحقيقي. إنّك تطالبهم بالانتباه إلى رسالتك، بل وعادةً، إلى اتّخاذ نوع من الإجراءات. مقابل ذلك، أنت مطالَب بتسليمهم رسالةً لا تأخذ من وقتهم أكثر ممّا هو لازم، سهلة القراءة، وفيها فائدة فعليّة. قبل الحديث عن الجوانب المرئيّة من تصميم رسالة HTML الإلكترونيّة، تحتاج إلى معرفة المحتوى الّذي سيدور تصميمك حوله. لدى كلّ زبونٍ فكرته الخاصّة عمّا ينبغي أن يكون في الرّسالة الإلكترونيّة، وأغلبهم سيمتلكون إحساسًا مبالغًا فيه عن مدى أهميّة رسالته لمستقبِليها. التخطيط لإستراتيجية التسويق بالبريد الإلكتروني اعتبر قائمة محتوى النّشرة البريديّة التّالية دليلك في تطوير إستراتيجيّة المحتوى للتّسويق بالبريد الإلكتروني: معلومات حول المنتج المميّز لهذا الشّهر. مقتطفات تشويقٍ من قصص المجلّة. رابطٌ لمشاركة البريد الإلكتروني مع صديق. مقال مميّز. تحتاج الآن إلى طريقة لترتيب الأولويّات في هذه القائمة وتقليص حجمها. الطّريقة الأسهل لفعل هذا تكون بطرح سؤال إضافيّ: "ما الإجراء الوحيد الّذي تريد من قارئك اتّخاذه بعد قراءة هذه الرّسالة؟" يطالب زبونك مثلا بأنّ "القارئ ينبغي أن يضغط الرّابط الّذي يوصله إلى المنتج المميّز" عندما يتلقّى رسالته الإلكترونيّة الشّهريّة. ربّما يسعى زبونك إلى إجراءٍ مختلف من قرّائه، مثل إرسال ردّ، أو زيارة صفحةٍ ما، أو مشاركة الرّسالة. يمكنك المضيّ في اختيار إجراءين أو ثلاثة مفضّلة، ولكن ليس أكثر من ذلك، لأنّ المبالغة في عدد الاختيارات المتاحة يمكن أن يدفع بالقارئ إلى عدم اتّخاذ أيّ إجراء. يمكنك الآن ترتيب المحتوى طبقا لما يشجّع أكثر على اتّخاذ الإجراء المطلوب، وما يساعد على الغالب في تحقيق أهدافك العامّة من وراء إستراتيجيّة التّسويق بالبريد: يمكن أن يخلُص زبونك إلى قائمة أولويّاتٍ كالتّالية: معلومات حول المنتج المميّز للشّهر. (هذا يدعم إجراءك المختار مباشرةً). المقال المميّز. (بناء سمعته حول المعرفة). رابط إرسال رسالة البريد الإلكترونيّة إلى صديق. مقتطفات تشويقيّة لقصص أخرى. يمكنك الآن -باستخدام هذه القائمة- إنشاء مخطّط عام للنّشرة البريديّة، مجهّزًا هيكلا يمكن العمل به من تحرير إلى الآخر. ربّما تغيّر هذا الهيكل عبر الوقت بناءً على ردود المشتركين، ولكنّك ستحافظ دائما على أهدافك نصب أعيننا. خطوتك الأخيرة قبل الشّروع في التّصميم المرئي هي جمع كلّ المحتوى لرسالتك الإلكترونيّة الأولى. يمكن أن تستغرق هذه المهمّة أحيانًا وقتًا طويلًا، إذ تعتمد عادةً على توفير الزّبون للمحتوى. إعادة استخدام المحتوى شيءٌ مقبول ربّما تعتقد أنّ تكرار المحتوى بين النّشرة والموقع أو المدوّنة نوعٌ من الغشّ، لكنّ أغلب مشتركي النّشرة في الواقع لن يزوروا الموقع الإلكتروني إلاّ نادرًا في حالة قيامهم بتحويل محدّد. الإحصائيّات الحديثة تشير إلى أنّ أكثر من 90% من مستخدمي الإنترنت لا يملكون أدنى فكرة عمّا يكون الـ RSS، دون التطرّق إلى كيف استخدامه في البقاء على اطّلاع على المواقع الإلكترونيّة. حتّى عندما يكون المشتركون غالبا مصمّمي ويب متمرّسين في مجال الإنترنت، ترى أنّك تستقبل ردودًا من حملاتك البريديّة أكثر من منشوراتك على المدوّنة. إعادة استخدام المحتوى من الموقع طريقة ذكيّة للحفاظ على الوقت. في هذه المرحلة، تحتاج فقط إلى محتوى تقديميّ تبني حوله تصميمك. لذا فإنشاء عيّنة وهمية من النّشرة باستخدام محتوى من الموقع فكرةٌ جيّدةٌ. النصّ المزيّف أنصحك -يقول كاتب المقال- بتجنّب استخدام نصّ مزيّف كمحتوى لملء الفراغ. على الرّغم من أنّها ممارسة منتشرة في عالم تصميم المواقع، غير أنّ العديد من رسائل البريد الإلكتروني والمواقع الإلكترونيّة صُمّمت باستخدام عناصر مؤقّتة ظهر لاحقًا أنّها تختلف تماما في الطّول، والأسلوب، والشّكل من المحتوى الفعليّ. ممّا يضطرّ المصمّم إلى تعديل المحتوى بعد وقتٍ طويل من مهلة إنجازه. نصائح حول التّسويق ببريد HTML الإلكتروني: سؤال وجواب قبل البدء في تصميم بريدنا الإلكتروني، سنخوض في بعض أسئلة البريد الإلكترونيّ الشّائعة الّتي قد يطرحها زبونك، ونقترح كيف تتعامل معها: كم ينبغي أن يكون طول الرّسالة الإلكترونيّة؟ أقصر ما يكون، دون الإخلال بفائدتها. بعض الشّركات ترسل محتوى معقّدًا وطويلا جدًّا عبر البريد الإلكتروني، ولكنّ ذلك نادر. صندوق البريد الاعتيادي مليء بما يكفي، فلا تساهم في المشكلة. ادخل، أوصل رسالتك، واخرج. المعمول به في مجال إستراتيجيّة التّسويق بالبريد الإلكتروني حاليًّا هو 20 سطرًا من النصّ، أو 200 كلمة. ولكن لا تعتمد هذا قاعدةً لا تقبل الكسر. الطّول الاعتيادي للنّشرة كثيفة المحتوى على خلاف الدّعوة أو الملاحظة البسيطة يكون شاشتين إلى ثلاثة شاشات من المحتوى. هذا يعني أنّ عليك أيضًا تغيير حجم الخط المستخدم موازاةً مع حجم النصّ. وكالعادة، أبقِ دائما جمهورك في بالك، فاحتياجاتهم وتوقّعاتهم قد تختلف. هل أضع المقالات كاملةً في البريد الإلكتروني؟ أم أكتفي بمقاطع منها مع روابطها على الموقع؟ على النّقيض ممّا سبق، إذا كان بإمكانك إيصال فكرتك في فقرات معدودة، يمكنك الحفاظ على وقت قارئيك بإعطائهم كلّ ما يحتاجونه دون النّقر على رابط. ضع في حسبانك أهدافك من كلّ إستراتيجيّة تسويق بريديّة. ما الإجراء الّذي تريد من قرّائك اتّخاذه؟ إذا كان هدفك زيارتهم إلى موقعك، فمن الذّكاء تقديم مقتطف تشويقيّ من جملتين أو ثلاث لتشجيعهم على النّقر على زرّ. ملخّص -من دون حرق- سيساعد في إقناعهم بجدوى نقر الرّابط. أمّا إذا كان هدفك دفعهم إلى التّسجيل في حدثٍ على سبيل المثال، فيمكنك الاكتفاء بالرّوابط مصحوبة بصورها وعناوينها. في هذه الحالة، أنت تستخدم الرّوابط لإضفاء المصداقيّة على الإجراء الّذي تريد من قرّائك اتّخاذه (التّسجيل للحدث) بدل استخدام المقالات نفسها دعوةً لاتّخاذ إجراء. كم مرّة ينبغي أن أرسل البريد الإلكتروني؟ لا توجد إجابة واحدة عن هذا السّؤال. ولكن عموما، من الأفضل الميل باتّجاه رسائل أقلّ في إستراتيجيّة تسويقك البريدي. فحسب معطيات 2019، يعتقد نصف مشتركيك أنّك ترسل أكثر ممّا ينبغي من رسائل البريد الإلكتروني 45,8% من النّاس إذا وصلتهم حملات كثيرة من العلامات التّجارية يصنّفونها رسائل غير مرغوب فيها. بينما اقترح 43,9% إرسال رسائل إلكترونيّة أقلّ. ولكن إذا أرسلت على فترات متباعدة جدًّا، ربّما ينسى مشتركوك تسجيلهم في قائمتك. يقول 36% من النّاس أنّهم يصنّفون الرّسائل على أنّها غير مرغوب فيها إذا لم يشتركوا في القائمة عن قصد. من المثير للاهتمام التّفكير في كم من هؤلاء اشتركوا بأنفسهم لكنّهم نسوا ذلك لأنّ الشّركة لم تتواصل معهم لوقت طويل. يمكنك أيضًا سؤال مشتركيك، وكذا الّذين ألغوا اشتراكهم حول كثافة استقبال الرّسائل الّتي يفضّلونها. اطلب من مشتركيك الجدد ملء رغباتهما عند الاشتراك، أو أرسل استمارةً للمشتركين الحاليّين. ما هو الوقت الأنسب للإرسال؟ الإجابة عن هذا السّؤال سهلة: متى يطالع مشتركوك بريدهم الإلكتروني؟ تلك إجابتك. ينبغي أن ترسل رسائلك الإلكترونيّة في الوقت الّذي تتوقّع أنّ مشتركيك يستخدمون هواتفهم أو أجهزتهم. فأنت إن أرسلت بريدًا إلكترونيًّا في منتصف اللّيلة على سبيل المثال، فسيكون مصيره الدّفن وسط عشرة رسائل أخرى حين يتفقّد مشتركوك هواتفهم في الصّباح. طبقا لبحث Campaign Monitor، يبدأ فتح البريد الإلكتروني صباحًا عند بداية الدّوام، ويستمرّ خلال النّهار قبل أن يتراجع في المساء. 53% من عمليّات فتح البريد الإلكتروني تكون بين السّاعة التّاسعة صباحًا والخامسة عصرًا. بينما تكون 24% بين السّادسة والحادية عشر مساءً. من المنصوح به تجزئة قائمة اتّصالاتك إلى أجزاء حسب التقسيم الجغرافي لمراعاة الفروق الزّمنية، وإرسال البريد الإلكتروني خلال الوقت المناسب لكلّ جزء. تحتاج أيضا إلى أخذ محتواك وجمهورك بعين الاعتبار. بعض أنواع المحتوى ينبغي أن تكون إرساليّة صباح أوّل يومٍ في الأسبوع، مثل تحديثات المدوّنات الاحترافية. بينما تكون إرساليّات أخرى أنسب لما بعد ساعات الدّوام، مثل تخفيضات ساعة السّعادة. هل شراء أو كراء قائمة اتّصالات شيءٌ مقبول؟ كلّا ! برغم أنّ بعض الخدمات والمنتجات تدّعي تقديم قواعد بيانات محدّثة، ومبنيّة على التّصريح برغبة الانضمام، غير أنّه ما من وسيلة لتتأكّد من ذلك. أغلب مزوّدي خدمات البريد الإلكتروني والأنظمة المضادّة للسبام تنظر شزرًا إلى مستخدمي قوائم الاتّصال المشتراة. ويمكن أن يصل الأمر إلى تصنيف عنوان الآي بي الّذي ترسل منه ضمن خانة السبام، وتلويث سمعة إرسالك دون سبيل لتطهيرها. حكومات العالم هي الأخرى صارت تتّخذ الأمن المعلوماتي بجديّة أكبر. في عالم ما بعد نظام حماية البيانات العامّ GDPR قد تجد نفسك في مواجهة غرامات مكلفة ودعاوى قضائيّة محطّمة إذا أرسلت بريدًا إلكترونيًّا إلى أشخاصٍ لم يمنحوك إذنًا بالتّواصل معهم. اتبع المقاربة الأبطأ في بناء قائمة انخراطك عبر الوقت. لن يفيدك هذا في تجنّب مضادّات السبام والمشاكل القانونية وحسب، بل سيضمن لك نتائج حملات أحسن. ما هو معدّل الفتح المقبول؟ لا توجد إجابة رسميّةٌ بهذا الخصوص لأنّ معدّلات فتح البريد الإلكتروني تختلف تبعا لعوامل عديدة. في كلّ صناعة معدّل فتحٍ متوسّط مختلف. بناءً على بحث Campaign Monitor، معدّل الفتح المتوسّط عبر كلّ المجالات يتراوح بين 20% و40%. ولكن خذ بالحسبان أنّه كلّما اتّسعت قائمة اتّصالات قلّ معدّل الفتح شيئًا ما. وغالبا ما يكون السّؤال الّذي يطرحه زبونك: "لماذا ليس معدّل فتح رسائلي 100%؟". لهذا ينبغي أن تناقش توقّعاتهم وحقيقة إستراتيجيّة التّسويق البريدي معهم. كم عدد النّقرات الّذي ينبغي أن أتوقّعه؟ هذا شبيهٌ بالسّؤال السّابق بل هو أقلّ دقّةً في إجابته. تميل تقارير إستراتيجيّة التّسويق البريدي إلى إعلان 2% إلى 11% من النّقرات الفريدة كمعدّل متوسّط. مثل ما هو الحال مع معدّلات الفتح، معدّلات النّقر المتوسّطة تختلف باختلاف المجال. رسائل البريد الإلكتروني المتعلّقة بالهوايات النّادرة مثلا تمتلك معدّلات نقرٍ أعلى من تلك المتعلّقة بالفيتامينات والمكمّلات الغذائية. تلعبُ عوامل أخرى دورًا في معدّل النّقر في إستراتيجيّة تسويقك البريديّ، فالنّشرات البريديّة النّظاميّة تحصد معدّلات نقرٍ أقلّ في المتوسّط بما نسبته 3,48% تقريبًا عبر كلّ المجالات. أمّا الرّسائل الإلكترونيّة الموافقة للأحداث المثيرة فتعود بأعلى معدّلات النّقر 10,75%. وكذا تملك رسائل الردّ الآلي معدّل نقرٍ عاليًا في المتوسّط يساوي 6,56%. كيف أتجنّب فلترة بريدي الإلكترونيّ؟ في غالب الأحيان، تتحقّق الفلاتر من محتواك وعنوان إرسالك. لذا فأفضل طريقة لتفادي الفلترة هي تجنّب كلمات السبام المشهورة، ثمّ تجريب إستراتيجيّة تسويقك البريديّ مع أكبر عددٍ ممكن من الزّبائن والفلاتر. تخصيص محتواك كأفضل ما يمكن يساعد أيضًا في تجنّب فلاتر السبام. جزّء قائمة إلى مجموعاتٍ حسب الاهتمام، السنّ، الجنس، الموقع الجغرافي، وشروطٍ أخرى, واصنع محتوى مختلفًا لكلّ مجموعة. لا ترسل رسائل إلكترونيّة تحتوي صورة كبيرةً دون أيّ نصّ. فلاتر السبام تصطاد هذه الرّسائل بسهولة. استخدم دائمًا مزوّد خدمة بريد إلكترونيّ حسن السّمعة لتتأكّد من أنّك ترسل من عنوان آي بي جيّد النّوعية. من المفيد أيضًا تأكيد نطاقك الإلكتروني لتحمل رسائلك نوعًا من المصداقيّة في أعين الزّبائن. لا توجد حلول سهلةٌ لتفادي السبام، أفضل ما يمكن فعله هو التّجريب. خاتمة التّسويق، وخاصّة إستراتيجيّة التّسويق عبر البريد الإلكتروني، يحمل العديد من المتغيّرات المجهولة: ربّما لدى زبونك أهدافٌ غير واقعيّة، ولا يمكنك توقّع ردّ فعل مشتركيك. ولكن مع التّخطيط المدروس، يمكنك استرجاع شيءٍ من السّيطرة. بالتّخطيط الشّامل لإستراتيجيّة التّسويق عبر البريد الإلكتروني يمكنك تتبّع البيانات بشكل أكثر فاعلية، وتحويل النّتائج إلى أرقامٍ في العالم الواقعي. تماما مثل كلّ جانبٍ آخر من التّسويق -أو من الحياة عامّةً- يكون التّخطيط الشّامل لإستراتيجيّة البريد الإلكتروني ضروريًّا للحصول على أفضل النّتائج. ترجمة -وبتصرّف- لمقالPlanning an Email Marketing Strategy من إعداد فريق تحرير موقع Campaign Monitor.
  16. هل تعلم أنّ عدد حسابات البريد الإلكتروني يفوق ثلاث مرّات عدد حسابات فيس بوك وتويتر مجتمعة؟ وبأنّ حظوظك في أن يضغط زائرٌ على رابطك أكبر بستّ مرّات على البريد الإلكتروني منها على تويتر؟ كونك مطّلعًا على التّسويق، لا شكّ أنّك قرأت التّقارير الّتي تفيد بأنّ (البريد الإلكتروني يمتلك عائد استثمار (ROI) أعلى من أيّ وسيلة تسويقٍ متاحةٍ أخرى. ولا شكّ أنّك متحمّس للبدء في استخدامه لرفع مبيعات وأرباح عملك. ولكن، كيف تبدأ تحديدًا؟ ما هي الخطوات الّتي تحتاج إليها للانطلاق في استخدام البريد الإلكتروني وضمان نجاح حملاته التّسويقيّة؟ سنقودُك في هذا الدّليل عبر مراحل البدء في التّسويق بالبريد الإلكتروني للمساعدة في ضمان نجاح أولى حملاتك التّسويقيّة. ملخص التسويق بالبريد الإلكتروني الخطوة الأولى: حدد أهدافك قد يكون من المغري أن تشترك ببساطة في أداةٍ تقدّم التّسويق عبر البريد الإلكتروني، وتنطلق في إرسال أولى حملاتك التّسويقيّة. لكن قبل أن تتعجّل بفعل ذلك، يستحقّ الأمر أن تأخذ دقيقةً لتفكّر في أهدافك وما تريد حقًّا تحقيقه عبر البريد الإلكتروني. فهذا سيحدّد نوع الحملة الّتي ينبغي أن ترسلها، وفئتك المستهدفة من ورائها، والمحتوى الّذي تتضمّنه، بل وكيف تقيس نجاحها أيضًا. ينبغي أن يكون البريد الإلكتروني عنصرًا هامًّا من كلّ خطّة تسويقٍ رقميٍّ، وذلك بفضل كفاءته في الحثّ على النّقاشات وبناء الولاء لعلامة تجاريّة ما. الأساس في تحديد الأهداف الصّحيحة من وراء مبادرتك التّسويقيّة المعتمدة على البريد الإلكتروني هو أن تتوافق تلك الأهداف مع الأهداف التّسويقيّة الأوسع لشركتك ومع مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة لها. هل الهدف مشتركون جددٌ لاستخدام منتوجك؟ زبائن محتملون لفريق مبيعاتك؟ حضورٌ أكبر للحدث الّذي تنشّطه؟ تبرّعاتٌ أكثر لقضيّتك. التّسويق عبر البريد الإلكتروني هو الطّريقة الأقوى في الوصول إلى مستهدَفيك. ويمكن استخدامه لتحقيق عددٍ من الأهداف، لذا ينبغي استغراق بعض الوقت في التّفكير فيما تنوي تحقيقه قبل الانطلاق في التّسويق. لمساعدتك على إدراك كيف ينبغي أن تصوغ أهدافك، نقدّم إليك أمثلةً عن كيفيّة استخدام زبائن Campaign Monitor للتّسويق عبر البريد الإلكتروني: BuzzFeed يكسب موقع الأخبار والتّسلية المشهور أرباحهُ عن طريق بيع الإعلانات على صفحاته، لذا فالهدف الأساسي لفريق تسويقه هو جلب المزيد من الزّيارات. عملاً بهذا، فإنّهم يرسلُون بانتظامٍ رسائل إخباريّةً عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط قصصٍ على موقعهم بهدف رفع عدد الزّيارات كلّ شهر، وزيادة العائد الّذي من ورائها. Rip Curl تحقّق علامة الرّكمجة (رياضة ركوب الأمواج) العالمية أرباحها عبر بيع بدلات السّباحة، والأقصمة، وتبابين الشّاطئ ومنتوجات ركمجةٍ أخرى. لذا فهدف فريق تسويقهم هو زيادة المبيعات، لذا يعمَدون عبر البريد الإلكتروني إلى ترويج المنتوجات الجديدة الّتي يطلقونها لمحاولة دفع النّاس إلى محلاّتهم الرّقمية أو الواقعيّة لاقتناء تلك المنتجات. اليونيسيف UNICEF تمنحُ منظّمة الإحسان العالميّة المعونات والمساعدات الإنسانيّة إلى الأمّهات والأطفال في البلدان النّامية حول العالم. النّجاحُ في نظر فريق تسويقهم هو التبرّعات، لذا يستخدمون التّسويق عبر البريد الإلكتروني للوصول إلى متبرّعيهم، وتبليغهم بمشاريع الإعانة الّتي ترعاها اليونيسيف، وطلب مساعدتهم. شركة الغرب عبر الجنوب الغربي SXSW, Inc تنظّم هذه الشّركة الرّشيقة بعض أشهر الأحداث في العالم، ومن ضمنها مهرجان ساوث باي ساوث ويست للأفلام، ومهرجان الموسيقى، والمهرجانات التّفاعلية المقامة سنويًّا في أوستن بولاية تكساس الأمريكيّة. هدف فريقهم التّسويقي هو زيادة مبيعات التّذاكر ورفع عدد الحضور إلى هذه التّظاهرات، لذلك يستخدمون التّسويق عبر البريد الإلكتروني لإبقاء مشتركيهم على اطّلاع بالمنضمّين حديثًا إلى قائمة الفنّانين والمتحدّثين في مهرجاناتهم. منزل سوهو Soho House نادي الأعضاء المرموقُ هذا فسحةٌ يرتادها المشاهير ورؤوس الإعلام عبر العالم. هدف فريقهم التّسويقي هو إبقاء أعضائهم متفاعلين مع النّادي، ومستخدمين بانتظامٍ لمرافقه. لذلك يستخدمون التّسويق عبر البريد الإلكتروني لإبقائهم مطّلعين على الأحداث الّتي يمكنهم حضورها. كما تلاحظ من هذه الأمثلة، التّخطيط لما تريد تحقيقه من وراء التّسويق عبر البريد الإلكتروني قبل أن تبدأ في إرسال الرّسائل يجعلُ من الأسهل معرفة ما تحتاج إرسالَهُ وإلى من توجّههُ، كما يساعدك على إنشاء حملات تسويقٍ أكثر تركيزًا وأعلى أداءً تحقّق أهدافكَ التّسويقيّة. الخطوة الثانية: وسع قائمة الاتصالات في بريدك الإلكتروني الآن، وبعد أن حدّدتَ أهدافك وما تريدُ تحقيقه من التّسويق عبر البريد الإلكتروني، حان الوقت لتوسّع قائمة اتّصالاتك في بريدك الإلكتروني حتّى تتمكّن من بدء إرسال الحملات لتحقيق تلك الأهداف. يمكن أن توسّع قائمة اتّصالاتك بطرائق عديدةٍ، لكنّ الطّريقة الصّحيحة تعتمدُ على الأهداف الّتي حدّدتَها في الخطوة الأولى. ارفع قائمة جهات اتّصالٍ جاهزة إذا كنت تخطّط لاستخدام البريد الإلكتروني في البقاء على اتّصال مع زبائن سابقين، فإنّ قائمة جهات اتّصالك يمكن بناء غالبيّتها برفع معلومات عملائك الحاليّين إلى أداة التّسويق بالبريد الإلكتروني الّتي تختارها. يمكنك رفع قائمة موجودة (من ملف إكسيل على سبيل المثال) أو ربطُ حسابك في أداة إدارة حملاتك بالبرنامج الّذي تتواجد فيها قائمة اتّصالاتك (مثل CRM، accounting، eCommerce tool، أو أيّ من مئات الأدوات الأخرى) لتتزامن تلقائيًّا معلومات عملائك مع حسابك. ولكن قبل رفع أيّ جهة اتّصال، تأكّد من امتلاكك الصّلاحية اللاّزمة لمراسلة هؤلاء المشتركين. أمّا إذا لم تكن متأكّدا، فيمكنك الاطّلاع على دليل الصّلاحيات أو مراسلة فريق الدّعم الّذين سيكونون سعداء لمحادثتك حول الصّلاحيات ورفع قوائم الاتّصال. شكل قائمة جديدة من الصفر إذا كنت تنوي استخدام البريد الإلكتروني للتّواصل مع جمهور لا تملك عناوين بريدهم الإلكتروني بعد، فأنت تحتاج للبدء بتجميع عناوين البريد الإلكتروني وبناء قائمتك من الصّفر. لحسن حظّك، تستطيع تشكيل قائمتك باتّباع معادلةٍ من جزئين يستخدمها أنجح المسوّقين، وهي: محفّز قيّم + فرص اشتراك بسيطة = قائمة اتصالات واسعة. قد تبدو هذه المعادلة بسيطة جدًّا، لكنّها منطقيّة أيضا. فبغضّ النّظر عن فرص الاشتراك الّتي تتيحها للزّائر، فإنّ احتمال اشتراكه من دون محفّز قيّم ضئيلة جدًّا. ولا يهمّ أيضًا مدى جودة محفّزك، لا تزال بحاجة إلى تسهيل الاشتراك إذا أردت للزوّار أن ينضمّوا إلى قائمة اتّصالاتك. السّؤالان الأهم هما ما الّذي يجعل المحفّز ممتازا؟ وكيف يمكنك جعل الاشتراك في قائمتك سهلا وبسيطا؟ بما أنّ هذا الموضوع مشمول بالتّفصيل في مقال أسهل وأسرع طريقة لتنمية قائمتك البريدية، نكتفي ببعض المحفّزات الّتي يمكنك استعمالها لحثّ النّاس على الانضمال إلى قائمة اتّصالاتك: محتوى مقنع: إذا كنت تمتلك مدوّنة أو تنشر المحتوى على موقعك الإلكتروني، فإنّ عرض إرسال محتواك الأفضل إلى المشتركين عبر البريد الإلكتروني محفّزٌ قويّ لجعل الزوّار ينضمّون إلى قائمة اتّصالاتك. خصومات الطّلب الأول: إذا كنتَ تبيع البضائع على متجر إلكتروني، فإنّ عرض خصم على الطّلب الأوّل للزّبون مقابل الاشتراك في قائمة البريد الإلكتروني محفّزٌ مذهل. فهذا لا يدفعهم إلى الاشتراك وحسب، بل ويحفّزهم لشراء البضاعة أيضًا. التّرقية إلى الشّحن السّريع أو المجاني: تقديم عرض الشّحن المجانيّ أو المرقّى على طلب الزّبون محفّزٌ جيّدٌ للانضمام إلى قائمة الاتّصال. لا يقتصر التّحفيز في هذا العرض على كونه مناسبًا للغاية، خاصّةً إذا عرضتُه أثناء عمليّة الدّفع، بل يفوقه إلى كون حصول الزّبون على بضاعةٍ مرغوبة بين يديه بسرعة حافزًا قويًّا لجعله يشترك في قائمة الاتّصالات. زيادةً على هذا، الجزء الآخر من المعادلة هو تقديمُ العدد من فرص الاشتراك السّهلة، فهذا يسهّل على النّاس الاشتراك. وعلى أنّ نوع الاشتراك يعتمد على المحفّز الّذي تقدّمه، إليك بعض الأفكار: الشّريط العلوي يتموقع الشّريط العلوي أعلى موقعك الإلكتروني، ويحتوي على "دعوة إلى اتّخاذ إجراء" تشجّع النّاس على الاشتراك، بالإضافة إلى نموذج لإدخال عنوان البريد الإلكتروني. الصندوق المنزلق وهو مربّع صغيرٌ "ينزلق" إلى الزّاوية السّفلى من موقعك الإلكتروني، ويحتوي "دعوة إلى اتّخاذ إجراء" تدعو النّاس إلى الاشتراك، بالإضافة إلى خانةٍ يضيف فيها الزوّار عناوين بريدهم الإلكتروني. Scroll Box هي إحدى الأدوات الممتازة لتجهيز هذا الصّندوق المنزلق وهي جزءٌ من ملحقات SumoMe . هذه الأداة البسيطة تسهّل تخصيص وإضافة صندوقٍ منزلقٍ إلى موقعك، ودمجه مباشرةً مع Campaign Monitor لإضافة كلّ عنوان بريدٍ إلكتروني يصلك إلى قائمة اتّصالاتك. باتّباع معادلة بناء قائمة الاتّصال المذكورة آنفا، ودعمها بمحفّز قيّم مع فرص اشتراكٍ واعدةٍ، ستجد أنّ من السّهل بناء قاعدةٍ جماهيريّة ترسل إلى حملاتك التّسويقيّة عبر البريد الإلكتروني. الجانب العلوي من الشريط الجانبي إذا كان في موقعك شريطٌ جانبيٌّ، يُستخدم عادةً في المدوّنات وزوايا المقالات، فهذا الشّريط مكانٌ مناسبٌ لدمج زرّ اشتراك في قائمة اتّصالاتك. ومن الأفضل وضع زرّ الاشتراك فوق باقي الأزرار في المساحة الأعلى من الشّريط الجانبي لضمان وضوحه بسهولة، حتّى يكون أوّل شيءٍ يراهُ المتصفّح. يكون هذا أنجع مع الشّريط الجانبيّ المحاذي لليمين لأنّه يستغلّ عادة المتصفّحين الّذين يرمقون المحتوى على شكل حرف F، ممّا يجعل زرّ الاشتراك أوضح شيءٍ بمجرّد فتحهم لمدوّنتك أو مقالك. نهاية التدوينة حين يقرأ زائرٌ محتواك إلى نهايته، فهو على الغالب استمتع بالقراءة. لماذا لا تطلب إليه إذن الاشتراك ليضمنوا ألاّ يضيع منهم أيّ محتوى مستقبليّ تنشره؟ أزرار الاشتراك في نهاية المنشور مكانٌ مميّزٌ لجذب المشتركين في مكانٍ تستغلّه باقي المواقع لحثّ القرّاء على التّعليق والمشاركة. بدلا من ذلك، ضمّن نهاية منشورك زرًّا مرئيًّا للاشتراك في قائمة اتّصالاتك. سوف تلحظ بلا شكّ تحسّنا في التّحويلات إذا كنت تمتلك ترقية محتوًى معروضة في السّياق (عن الموضوع) في المنشور المعنيّ. النوافذ المنبثقة قد يرى البعض أنّ النّوافذ المنبثقة مزعجةٌ لكنّ العديد من الفحوص والدّراسات أظهرت أنّها يمكن أن تكون فعّالة. ثمّة بعض الجوانب الّتي يجب أن تتقنها لصناعة نافذة منبثقة تدعو إلى الانخراط في قائمة اتّصالاتك دون أن تطرد جمهورك. عرض القيمة المناسبة. دعوة قويّة إلى اتّخاذ إجراء. التّوقيت الصّحيح. ينبغي التّركيز جديًّا على التّوقيت، فنافذة الانخراط المنبثقة الّتي تظهر بعد أن يُنهي المتصفّح قراءة مقال، أو بعد ثلاثة أرباع الصّفحة أوفر حظًّا في الإقناع من تلك الّتي تظهر على كلّ صفحةٍ بمجرّد وصول الزّائر إليها. بعض المواقع تُظهر مربّعات الانخراط المضيئة حينما يَصدر عن الزّائر نيّة خروج، كتحريك مؤشّر الفأرة خارج المتصفّح. كاتب نيويورك تايمز الأكثر مبيعًا نيل باتل جرَّب هذه الطّريقة وتمكّن من رفع التّحويلات بنسبة 46%. جرِّب رسائل وأوقاتًا مختلفة لإظهار مربّع الانخراط المضيء لتكتشف أيّها أجلبُ للمشتركين الجدد. الخطوة الثالثة: اختر نوع الحملات الّتي تريد إرسالها ثمّة عددٌ من أنواع حملات البريد الإلكتروني المختلفة الّتي يرسلها المسوّقون أمثالك إلى مشتركيهم، والنّوع الّذي تختارهُ يعتمد على الأهداف الّتي حدّدتها في الخطوة الأولى. لنلقِ نظرةً على أنواع الحملات المختلفة وكيف يمكنها مساعدتك على تحقيق أهدافك عبر البريد الإلكتروني. النشرة البريدية النّشرة البريديّة حملةٌ توزّع بانتظامٍ عبر البريد الإلكتروني، وهي عمومًا تدور حول موضوعٍ رئيسيٍّ واحد. شركة AirBnB تستخدم Campaign Monitor بانتظام لإرسال رسالة إخباريّةٍ مميّزة إلى شبكتهم من المصوّرين المستقلّين. كما ترى، تُرسَل الحملة شهريًّا وتتمحور حول موضوع محدّد: قصص ونصائح حول التّصوير. إذا كان هدفك البقاء على اتّصال مع قائمة من النّاس الّذين تعرفهم، زبائن حاليّين على سبيل المثال، فالنّشرة البريديّة هي النّوع المناسب من الحملة لإرسالها. ستُبقي عملك ومنتوجاتك في أذهان زبائنك وتجذبهم للعودة إلى موقعك. لنظرةٍ أعمق على العناصر الأساسيّة الّتي ينبغي تضمينها في نشرتك البريديّة عبر البريد الإلكتروني، اطّلع على منشورنا عن هيكل النّشرة البريديّة المثلى عبر البريد. العرض التسويقي العرضُ التّسويقي عبر البريد الإلكتروني جزءٌ مهمّ من أيّة حملة تسويقيّةٍ ترسلها لرفع فرص الردّ المباشر. يمكن لهذا العرض أن يأخذ أشكالا شتّى، نذكر منها: حملةٌ تُظهر بعضًا من أحدث مخزونك وتشجّع النّاس على الشّراء. حملةٌ تعرض خصمًا أو عرضًا مميّزًا على منتوجاتك أو خدماتك. هذا البريد الإلكتروني من بيتزا هت مثالٌ ممتازٍ عن حملة العرض التّسويقي: تعرضُ هذه الحملة أحد منتجاتهم بسعرٍ ترويجيّ مميّز، وتحتوي دعوة لاتّخاذ إجراء للشّراء على شكل زرّ أخضر يحمل عبارة "اطلب الآن". تنجح طريقة العرض التّسويقي عبر البريد الإلكتروني إذا كان هدفك رفع المبيعات مباشرةً، وذلك عبر عرض منتوجٍ أو خصمٍ، وتحتوي دعوة لاتّخاذ إجراءٍ مباشر ليضغط الزوّار مباشرة إلى موقعك ويجروا عمليّة شراء. الإعلان الحملة الإعلانية بريدٌ إلكتروني ترسله إلى مشتركيك للإعلان عن منتوج جديدٍ أو خاصيّةٍ مطوّرةٍ أو خدمةٍ حديثة. هذا البريد الإلكتروني من قناة شاوتايم مثالٌ جيّدٌ عن الحملة الإعلانية يعلنون فيها عن مسلسل Penny Dreadful. ] البريد الإلكتروني الإعلاني وسيلةٌ مثاليّةٌ إذا أردتَ إبقاء زبائنك الحاليّين متفاعلين وعلى اطّلاع على آخر منتوجاتك أو خدماتك. بينما نشر المعلومة هو الهدف الأساسيّ، الإعلان عبر البريد الإلكتروني يضيف ميزة حثّ النّاس على العودة إلى موقعك أو متجرك الإلكتروني للشّراء. الدّعوة إلى حدث الدّعوة إلى حدثٍ عبر البريد الإلكترونيّ حملةٌ مصمّمةٌ لتوعية النّاس بحدثك وتشجيعهم على الحضور. إليكَ مثالا رائعًا من مستخدم Campaign Monitor شركة السيّارات الأمريكيّة Lincoln Motors: كما ترى، تدعو الحملة المشتركين إلى إطلاق سيّارة 2016 MKX، وتحتوي معلوماتٍ عن التّاريخ، الوقت، ومكان الحدَث، وكذا معلومات عن كيفيّة الردّ على الدّعوة. كما ذكرنا سابقًا، نوع الحملة الّتي ترسلها يعتمد كليًّا على أهدافك من وراء البريد الإلكتروني. إذا كنت تسعى إلى زيادة المبيعات المباشرة فإرسال حملات العروض والحملات الإعلانية يعود بأفضل النّتائج. أمّا إذا كنتَ تهدِف ببساطة إلى إطلاع زبائنك الحاليّين على أحدث مشاريعك ومنتجاتك والتطوّرات في شركتك، فإرسال رسالةٍ إخباريّةٍ انتظاميّةٍ سيكون السّبيل الأفضل لتحقيق ذلك. الخطوة الرّابعة: ابنِ حملتك التسويقية الأولى بعد أن حدّدتَ أهدافك، وبنيتَ قاعدةً جماهيريّةً صغيرة، واخترت نوع الحملة الّتي سترسلها، حان الوقت للشّروع في تحرير رسالتك الإلكترونية. أدوات البريد الإلكتروني تسهّل إلى حدٍّ كبيرٍ بناء حملات توسيقٍ جميلة. لكنّ ثمّة بعض الأساسيات الّتي تحتاج أن تلمّ بها لضمان الاستفادة الأقصى من كلّ حملة. ابن حملة سهلة القراءة يُظهر البحث أنّ مدّة تركيز الشّخص البالغ هو في المتوسّط 08 ثوانٍ. لذا تأكّد بأنّ النّاس –بمدّة التّركيز القصيرة هاته- لا يقرؤون حملاتك كلمة كلمة، بل يفحصونها سريعًا باحثين عن شيء يجذب انتباههم. لهذا ففكرة كتابة حملات بريد إلكتروني طويلةٍ كثيرة الكلمات ليست المقاربة الصّحيحة. تحتاج إلى هيلكة رسالتك الإلكترونية بطريقةٍ تجرّ النّاس إلى قراءة محتواها وتحثّهم في الوقت ذاته على الضّغط على زرّ الدعوة إلى اتّخاذ إجراء. من الطّرق النّاجحة في تحقيق ذلك استخدام نموذج الهرم المقلوب: كما ترى من المثال أعلاه، الرّسائل الإلكترونية المتّبعة لهذا النّموذج تحتوي عنوانًا كبيرا يُبرز فحوى الحملة، وكذا معلوماتٍ وصورًا مساعِدةً لإقناع القارئ بفوائد ضغط الزرّ المرفق. ثمَّ يظهر هذا الأخير بارزًا للقارئ لتكون فكرة أنّ الضّغط هو الخيار المثالي واضحةً تمام الوضوح. باستخدام نموذج الهرم المقلوب في بناء رسائلك الإلكتروني لقراءةٍ أسهل، تضمنُ جذب حملاتك لانتباه النّاس ورفع معدّل الاشتراك. استخدم صورا ومرئيات لزيادة التفاعل مجمل الرّسالة في نموذج الهرم المقلوب أعلاه عبارةٌ عن مرئيّاتٍ مع القليل من النصّ. من المستحسن أن تتلافى ملء مساحاتٍ كبيرة بالكلمات، وذلك كون المرئّيات سواء الصّور منها أو مقاطع الفيديو أجلبُ للانتباه، وأبقى في الذّهن مما يساعد في تميّز المحتوى. بل وأظهرت الدّراسات أنّ النّاس يتذكّرون ما يعادل 65% من المحتوى المرئي وإلى غاية 3 أيّام، فيما لا يتذكّرون من المحتوى المكتوب سوى 10%. هذا، ويتّبعون تعليمات المحتوى المرئي أكثر من اتّباعهم التّعليمات المكتوبة بنسبة 32%. لذا فإنّ من المستحسن استخدام المرئيّات في حثّ القرّاء على اتّخاذ إجراء ترغب فيه. خصص حملاتك عبر البريد الإلكتروني عندما سبرنا آراء المسوّقين -يقول محرّرو الموقع- وصلنا إلى أنّ تحسين [التّخصيص في البريد الإلكتروني كان الهدف الأوّل لـ 38% منهم، فيما كان التحدّي الأكبر لـ 36% منهم.](رابط ترجمة المقال الثّالث) أتمتة التّسويق، والقوائم المفصّلة، والإضافات من المصادر الخارجيّة كلّها تجعل تخصيص البريد الإلكتروني أسهل وأنجح. يكون القارئ أميلَ إلى التّفاعل مع المحتوى الّذي يشمل اهتماماته. ابدأ بإدراج اسمه في موضوع البريد الإلكتروني، ثمّ خصّص محتوى الحملة حسب القوائم المفصّلة لزيادة التّفاعل. (المزيد بخصوص هذا لاحقا). تأكد من أن حملتك تمس اهتمامات كل مشتركيك تقسيم مشتركيك إلى قوائم منفصلةٍ فكرة جيّدة حتّى إذا كنت في المراحل الأولى من توسيع قائمة اتّصالاتك. فالقوائم المنفصلة تسهّل اختيار المحتوى الّذي ترسله إلى كلّ مشترك. لأنّك حين تخصّص المحتوى وتضمّنه اهتمامات مجموعة معيّنة لا شكّ ستتحسّن معدّلات التّجاوب. هذا النّوع من التّحسين المستهدِف أفضل بكثيرٍ من إرسال رسائل إلكترونية متشابهة للجميع. لماذا تجزئة قوائم البريد الإلكتروني أمر مهمّ؟ نعلمُ أنّه زيادةً على الإحاطة باهتمامات المشتركين، قوائم البريد الإلكتروني المجزّأة مهمّة من جانب العائدات. فالمعطيات من جمعية البيانات والتّسويق تشيرُ إلى أنّ الرسائل الإلكترونية المجزّأةَ والموجَّهةَ يجمعان 58% من كلّ عائدات البريد الإلكتروني. وزيادةً على هذا، خلص بحثنا -يقول كاتب المقال- إلى أنّ المسوّقين الّذين استخدموا الحملات المجزّأة لاحظوا زيادةً في العائدات تقدّر بـ 76%. وأكثر من 76% من المسوّقين يقولون بأنّ التّجزئة الأساسيّة جزءٌ من إستراتيجيّتهم التّسويقية عبر البريد الإلكتروني. فيما يلي بعضٌ من قواعد تجزئة القوائم البريديّة الأشهر الّتي يمكنك استخدامها في رفع عدد النّقرات في حملاتك، وفي التّخطيط لمحتوى أكثر استهدافًا: الموقع الجغرافي: هذه التّجزئة مفيدةٌ في التّرويج لمعلوماتٍ خاصّة بمتجر بعينه، واستهداف الأسواق المحيطة مع تجاهل المشتركين البعيدين أين لا تؤتي الرّسالة الإلكترونية بنتيجة. الفئات المستهدَفة: مفيدةٌ في تخصيص حملات ترويجيّةٍ وإرسالها إلى أيّ تشكيلة من مجالات السنّ والجنس. السّوق: مفيدةٌ في تجزئة المشتركين حسب السّوق أو الصّناعة الّتي تهمّهم، وهذا لتجنّب إرسال البريد نفسه إلى الجميع. بدلا من ذلك شكّل حملةً مناسبةَ المقاس بمحتوى يخصّ السّوق للبائعين، والصّناعة للصّانعين والمنتوج للمستهلكين. النّشاط السّابق: مفيدةٌ في تجزئة المشتركين حسب تصرّفهم تجاه الحملات السّابقة. ادرس ردّ فعلهم في الماضي لتعرف نوع المحتوى الّذي يناسب كلّ صنفٍ وتعدّل تبعا لذلك حملاتهم المستقبلية. نشاط سير العمل: مفيدةٌ في إنشاء حملات خاصّة للمشتركين الّذين يقعون ضمن مراحل معيّنة من قُمعك التّسويقي، كإرسال حملة خاصّة بالمشتركين الّذين تجاوزوا نسبة 50% من سلسلة رسائلك الآلية. معلومات الزّبون: مفيدةٌ للتجّار عبر الإنترنت الّذين يريدون إرسال حملات إلى زبائنهم المميّزين يستهدفون فيها فقط الزّبائن الّذين لم يتمّوا عملية شراء منذ فترة محدّدة. يمكن تنفيذ التّجزئة بإحدى الطّريقتين التّاليتين: صنّف المشتركين الحاليّين باستخدام معلوماتهم الّتي أدخلوها عند التّسجيل. امنح المشتركين خيار التّجزئة الذّاتية بتشكيل قوائم تسجيلٍ منفصلة. يرى المتصفّحون في الطّريقة الثّانية خيارات التّسجيل ذاتَها في كلّ مكان من موقعك، لكنّهم يُدرجون في قوائم يتحكّم في تحديدها المحتوى الّذي يتفاعلون معه. فإذا زار مستخدمٌ مثلا موقع وصفات طبخ، وسجّل اشتراكه من صفحةٍ تعرض وصفاتٍ نباتيّةً، فإنّه سيُدرج في قائمة جزئيّةٍ خاصّة بالنّباتيّين. باستخدام ميزات حسابك مثل Segments و Dynamic Content يمكن ضمان أنّ رسائلك الإلكترونيّة تشمل اهتمامات كلّ مشتركٍ لديك، وترفع احتماليّة ضغطهم عليها وإتمامهم عمليّة شراء. وطد الثقة وتأكد من أن حملاتك موافقة لعلامتك من الممكن أنّ حملاتك البريديّة ليست فرصة التّواصل الوحيدة بين مشتركيك وبين عملك. في الواقع، ربّما يكون مشتركوك قد زاروا موقعك أو صفحتك على مواقع التّواصل الاجتماعي للانخراط في بريدك الإلكتروني. لهذا السّبب، من الضّروري أن تتوافق حملاتك بالبريد الإلكتروني في الألوان والخطوط والأختام مع كلّ نقاط التّواصل الأخرى مع الزّبون ليشعر المستخدمون بتجربةٍ ثابتةٍ مع علامتك. يُنجِز Freshbooks مستخدم Campaign Monitor هذا بنجاعةِ في حملاتهم عبر البريد الإلكتروني. الخطوط، والألوان، والأزرار وحتّى نمط الأيقونات الّذي يستخدمونه في موقعهم الإلكتروني، جميعها مُستخدمَةٌ في حملاتهم عبر البريد الإلكتروني. بحرصك على أن تكون حملاتك متوافقةً مع علامتك الّتي يراها المشتركون في كلّ مكان آخر، فأنت تبني الثّقة في رسائلك الإلكترونيّة وتصبغها بالمشروعيّة، وترفعُ فرص النّقر فيها. سهّل التحويل إذا أردت حثّ مشتركيك على النّقر على روابط حملاتك الإلكترونيّة فإنّ عليك تسهيل ذلك تسهيلا تامًّا. فقياسًا إلى بحثنا -يقول كاتب المقال- تُفتح نسبة 41% من الرّسائل الإلكترونية عبر الهاتف المحمول. لذا إن لم تكن حملاتك مهيّأةً للعمل على جميع الأجهزة، فأنت في الغالب تصعّب ضغط الرّوابط على مشتركيك دونما داعٍ. خذ هذه النّشرة البريديّة على سبيل المثال: كون النّموذج تفاعليًّا يتيح لأجزاء المحتوى الثّلاثة الوسطى أن تترتّب فوق بعضها البعض عند تصفّحها على الهاتف المحمول. هذا يضمن بقاء النصّ والأزرار بحجمٍ سهل الاستعمال -بدل تصغيرها- ويسهّل على المشتركين النّقر. انحُ مقاربة إستراتيجية في توقيت حملاتك ننصحُ عند إنشائك حملاتٍ تسويقيّةً باتّخاذ مقاربةٍ إستراتيجيّةٍ تتبعُ فيها رزنامةً ترويجيّةً أو تحريريّة. التّخطيط لحملاتك يساعدك على تلافي الانتظار وقتًا طويلاً بين الإرساليّات، أو ما هو أسوء، إغراق مشتركيك بالكثير من المحتوى. التّواتر مهمّ، وفترات إرسال الحملات الإلكترونيّة تؤثّر على عائداتك والتّفاعل مع رسائلك ومعدّلات إلغاء الاشتراك. إذا أرسلت أكثر ممّا يجب، أحسّ مشتركوك بالملل من رسائلك ممّا يدفعهم للانحساب وإلغاء الاشتراك. أمّا إذا أرسلت حملاتٍ قليلةً فإنّك ستخسر اهتمام جمهورك، بل ربّما نسوا أساسًا سبب اشتراكهم لينتهي بهم الأمر إلى إلغاء الاشتراك. إذًا، ما هو مقدار الإرسال المناسب؟ ثمّة لحسن الحظّ بعض المعطيات حول مقدار الرسائل الإلكترونيّة الّتي يفضّل الناس استقبالها. يعطي البيان التّالي من MarketingSherpa فكرةً حول معدّل الإرسال المناسب: جُمعت إجابات 2057 بالغًا على السّؤال التّالي: "كم مرّةً تريدُ استقبال رسائل إلكترونيّة ترويجيّةٍ تحمل على سبيل المثال أكواد خصم وتنبيهات تخفيضاتٍ من الشّركات الّتي تتعامل معها؟" تُظهر المعطيات تفاوتًا في الاهتمام يميلُ أكثر نحو الاستقبال الكثيف لحملات البريد الإلكتروني التّسويقيّة. ولكن تذّكر، هؤلاء ليسوا مشتركيك. إذا كنتَ غير متأكّدٍ من كثافة الإرسال المقبولة فالحلّ الأسهل يكمن في سؤال مشتركيك. امنحهم حرّية اختيار إعدادات كثافة الإرسال، أو استفتِهم لتكتشف كم يريدون السّماع منك. أرسل محتوى إضافيا إلى جانب المحتوى الترويجي أجرى موقع MarketingSherpa سنة 2015 دراسةً تسأل المستخدمين: "بأيّ طريقةٍ تريدُ -إذا أردتَ أساسًا- أن تتواصل معك الشّركات؟" اختار أكثر من 70% البريد الإلكتروني، الّذي سحق باقي الاختيارات، ومنها: الرّسائل النصيّة القصيرة، التّواصل الاجتماعي، البريد المباشر، والإعلانات المطبوعة/الرّقمية. ولم يتغيّر الكثير منذ ذلك الوقت فلا يزال المستخدمون يفضّلون البريد الإلكتروني. ولكنّ مجرّد تفضيلهم للبريد الإلكتروني لا يعني أنّهم يريدون لكلّ رسالةٍ إلكترونيّةٍ أن تحتوي ترويجًا بحتًا. فهذه طريقةٌ مضمونةٌ لدفع مشتركيك إلى كرهك. عند التّخطيط لحملاتك بالبريد الإلكتروني واختيار المحتوى الّذي تتضمّنه، استهدِف نسبة 80 إلى 20 باستخدام مبدأ باريتو (Pareto Principle). ببساطةٍ: 80% من محتواك ينبغي أن يكون موجّهًا لمعلوماتٍ مفيدةٍ وقيّمةٍ. وخصّصْ 20% للتّرويج، والتّخفيضات والمنتوجات/الخدمات الّتي تقدّمها. لاحظ هذه التوقّعات والتوجّهات المنشورة عبر "أقنِع وحوّل" Convince and Convert، المجموعة من موقع Litmus وتقريرات Campaign Monitor: من المهمّ ملاحظة كيف يتمحور عدد كبيرٌ من المواضيع الشّائعة حول المحتوى ذي القيمة، لا المحتوى التّرويجي. التّخصيص وقيمة وقت حياة المشترك، والمحتوى القصير سهل القراءة، والأسلوب الحاكي القويّ، والخبرات الأعمق: هذه كلّها مفاتيح تساعد على إنشاء رسائل إلكترونيّة أكثر جلبًا للتّفاعل تزيدُ من معدّل فتحها والتّفاعل معها. إذا نفدت منك أفكار المواضيع والمحتوى لتضمينها في حملاتك إلى جانب التّرويج عمومًا، فلا عليك. كلّ شركة، في كلّ صناعةٍ تملك الكثير من المعلومات لمشاركته. اهتمام مشتركيك من عدمه بتلك المعلومات هو ما ينبغي أن تحدّده. ولا تقلق، فقد قمنا ببعض العمل نيابة عنك للخروج بالعديد من أفكار المحتوى لحملاتك الإلكترونية. نعرضُ فيما يلي بعض الأفكار المستوحاة من دليل Campaign Monitor الشّامل المحتوي 50 فكرة محتوى لحملات البريد الإلكتروني ونشراتك البريديّة: معلومات حول الشّركة كفرص التّوظيف، وظهور شركتك في الإعلام، والمحتوى خلف الكواليس. تحديثات بخصوص المنتجات، ومعلومات "كيف تفعل"، مقطع فيديو حول المنتجات، الإصدارات القادمة والخصومات. المحتوى المتعلّق بالقيمة كالرّسوم البيانيّة، الدّراسات في مجال عملك، نتائج الاستطلاعات، والمدوّنات الحديثة. المحتوى المركِّزُ على الأفراد لإضفاء طابع إنساني على علامتك التّجارية، مثل سِيَر المعيّنين حديثًا، حواراتٍ مع المديرين التّنفيذيّين، تعقيبات العملاء وشهاداتهم، ومدوّنات أعضاء الفريق. معلومات الدّعم الفني كتحديثات "الأسئلة الشّائعة"، دراسة الحالات، قصص النّجاح، والمصادر المجانيّة. معلومات الأحداث الخاصّة بنشاطات الشّركة والمجتمع، النّقاشات عبر الويب، والمعارض التّجاريّة. استغلّ كلّ فرصةٍ ممكنة لنشر المعلومات القيّمة عوض المحتوى التّرويجي لتُحافظ على مستوى الاهتمام والتّفاعل مرتفعًا. إذا طبّقتَ أساسيّات التّحويل العالي للحملات هاته على رسالتك الإلكترونيّة الأولى، ستكون قادرًا على إنشاء وإرسال حملةٍ تجذب انتباه مشتركيك، وتقدّم لهم معلومات ضمن اهتماماتهم، وتسهّل عليهم الانخراط. الخطوة الخامسة: قس نجاحاتك بعد إرسال بريدك الإلكتروني الأول، وبدء فتحه والنّقر عليه من مشتركيك، يمكنك الانطلاق في تتبّع نجاح حملتك؟ يمكنك تتبّع نجاح حملاتك التّسويقية عبر البريد الإلكتروني من مكانين: أداة التّسويق بالبريد الإلكتروني خاصّتك (مثل Campaign Monitor) أو أداة تحليل موقعك الإلكتروني (مثل Google Analytics). جهة التّقارير في أداة تسويقك بالبريد الإلكتروني هي المكان المناسب لفهم تفاعل النّاس مع حملاتك البريديّة. لدى مستخدمي Campaign Monitor العديد من التّقارير الّتي تساعد على تتبّع النّتائج، لكنّ أكثرها استخدامًا هو تقرير اللّقطة "The Snapshot report". يقدّم لك التّقرير المقاييس المفتاحيّة لحملة تسويقك الإلكترونيّة، بما في ذلك: عدد مرّات فتح البريد الفريدة: وهو عدد المشتركين الفرديّين الّذين فتحوا بريد حملتك. عدد الارتدادات: وهو عدد عناوين البريد الإلكتروني الّتي لم يمكن إرسال الحملة إليها لعددٍ من الأسباب. عدد الرّسائل غير المفتوحة: عدد المشتركين الفرديّين الّذين لم يفتحوا رسالة حملتك. معدّل الفتح: وهو النّسبة المئوية من المشتركين الّذين فتحوا رسالة حملتك. معدّل النّقر: وهو النّسبة المئويّة للمشتركين الّذين فتحوا الحملة ثمّ ضغطوا على رابطٍ فيها. معدّل إلغاء الاشتراك: النّسبة المئويّة للّذين ألغوا اشتراكهم من قائمة اتّصالاتك عبر هذه الحملة. شكاوي "رسالة غير مرغوب فيها": عدد ونسبة الأشخاص الّذين ضغطوا على اختيار "رسالة غير مرغوب فيها" على برنامج بريدهم الإلكتروني (Gmail، Yahoo Mail، Outlook… إلخ) مرّات النّشر: عدد الأشخاص الّذي أعادوا توجيه الحملة إلى صديقٍ، أو نشروها عبر التّواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر. تمنحك هذه المقاييس نظرةً عامّةً عالية المستوى على تفاعل مشتركيك مع حملاتك، وتتيح لك مقارنة نجاح الحملة مع الأخريات. كما يمكنك الغوص أعمق والتعرّف على من فتح ونقر على رابطٍ في حملتك، وأيّ الرّوابط ضغطوا تحديدًا… إلخ، فيمكنك فعل ذلك باختيار تقارير أخرى من القائمة اليمنى. بعد أن تحلّل كيف تفاعل النّاس مع حملتك الإلكترونيّة، يمكنك المضيّ قُدُمًا ومراقبة ما فعلوه بعد أن دخلوا موقعك. للقيام بهذا، تحتاج إلى تثبيت أداة تحليلات المواقع مثل Google Analytics، ثمّ تفعيل خدمة تكامل تحليلات جووجل (Google Analytics)من برنامج إدارة بريدك الإلكتروني، عندها يمكنك رؤية تفاصيل كلّ الزّيارات إلى موقعك الإلكتروني الصّادرة من حملاتك، بما في ذلك مدّة التصفّح، الصّفحات المطّلع عليها، وأيّ الحملات جاءت بهم إلى الموقع، والمزيد. يمكنك أيضًا تحميل لوحة تحكّم تحليلات جووجل (Google Analytics) الّتي تَجمع بعض الإحصائيات الأساسيّة عن زوّار بريدك الإلكتروني في مكانٍ واحدٍ سهل الاستخدام. مع كلّ هذه المعلومات الجاهزة، يمكنك البدء في إدخال واختبار التّغييرات على حملاتك بالبريد الإلكتروني لتحسين معدّل الفتح والنّقر. فحص تقسيم أسطر الموضوع لتحسين معدل الفتح عندما تركّز على معدّلات الفتح عبر حملاتك البريديّة، ستبدأ بإدراك ما ينفع وما لا ينفع في جذب انتباه المشتركين والفوز بنقرات التّجزئات المختلفة من قوائم اتّصالك. لكنّ الطريقة الوحيدة لتحسين معدّلات الفتح بشكل نظاميّ هي الفحص التقسيمي لأسطر الموضوع في البريد الإلكتروني. يعمدُ المسوّقون عبر البريد الإلكتروني الرّاغبون في تحسين معدّلات الفتح إلى الفحص أ/ب (فحص التّقسيم) لأسطر المواضيع. للقيام بهذا، تأكّد من أنّ كلّ جزءٍ من الرّسالة الإلكترونيّة هو ذاته باستثناء سطر الموضوع. يمكنك تجربة أطوال مختلفةٍ للسّطر، أو كلماتٍ مفتاحيّة مغايرة، أو كلمات عامّة مقابل أخرى خاصّة. يمكنك على سبيل المثال فحصُ استجابة أجزاء قائمة اتّصالك إلى التّخصيص بإرسال سطر موضوعٍ يحتوي الاسم الأول للمشترك، وآخر لا يحتويه. خلص موقع Campaign Monitor من خلال هذه التّجربة إلى استجابةٍ إلى السّطر المخصّص بارتفاع معدّلات الفتح بنسبة 26% ثمّة طرقٌ أخرى لتحسين معدّلات الفتح غير التّخصيص، تبدأ باستخدام نماذج سطر الموضوع الجاهزة والمجرّبة من هيئة: أوقف {الشّعور غير المرغوب فيه} الآن. {النّاتج المرغوب فيه}{خطواتك الثّلاثة الأولى}. {الشّيء} الجديد: ما يعنيه لـ {دور الجمهور}. رأي {فلانٍ الموثوق} في {الموضوع}. {شخصٌ يتّخذه الجمهور قدوة} يمكنه اقتناء أيّ {المنتج}، ويستخدم… أفضل {رمز تعبيري}+{ رمز تعبيري }+{ رمز تعبيري }={ رمز تعبيري } {موضوع}،{موضوع} و{موضوع لا يبدو متناسقًا معهما}؟ {اسم شركةٍ مخصّص} + 497% أكثر {احتياجًا} = {رمز تعبيري} {رمز تعبيري} {رمز تعبيري} خاصّتك باستخدام … {اسم مخصّص}! اكسب {شيءٌ مرغوب} اليوم فقط. إنّك تضيّع {فرصة شيء مرغوب}. اللّيلة فقط: حلم {دور الجمهور} تريد 587% أكثر من {شيء مرغوب}؟ {رمز تعبيري} هذا بريد تخفيضاتٍ إلكتروني {رمز تعبيري} لا تنسَ! {الحدث} اليوم {رمز تعبيري}. … عندما تنزعج وتملّ من {شيء سيّء} {رمز تعبيري}. "{اقتباس}" عمليّة {موضوع} لخفض حجم العمل بــ 30% إلى 50%. {موضوع} + {موضوع} + {موضوع}. "أنا أحبّ {شيء سيّء}!" (لم يقل بهذا أحدٌ قطّ). أثناء تحسين سطور موضوعك وفحصها تقسيميًّا، ثمّة مجموعةٌ من الأشياء الّتي يمكنك تجريبها لرفع الأداء. بدءًا باستخدام كلماتٍ قويّة تجذب الانتباه، مثل تلك المنشورة أدناه من CoSchedule: يجدر بك أثناء الفحص أيضًا تجنّب وحذف الكلمات الّتي تقع ضمن خانة كلمات الرّسائل غير المرغوب فيها، والّتي تخفّض بشكل واضحٍ معدّلات الفتح. خذ بالحسبان فكرة إضافة الأرقام إلى سطر العنوان في رسائلك الإلكترونية، ولكن لا تضفها إلاّ إذا كانت تناسب السّياق. قياسًا إلى دراسةٍ من YesWare حلّل القائمون بها 115 مليون حملة بريد إلكتروني، فإنّ إدراج الأرقام في سطر الموضوع ينجرُّ عنه معدّلات فتح وردّ أعلى. وعند اختبار سطور موضوعك، جرّب مواضيع متفاوتة الطّول. بما أنّ أكثر من 50% من البريد الإلكتروني يُفتح على الهاتف المحمول، فإنّ من المنصوح به كتابة سطور مواضيع أقصر بحيث تظهر كاملةً على الشّاشات الصّغيرة. أفضل التّجارب تفيد باستخدام سطور موضوع ما بين 17 و24 حرفًا، أو 3 إلى 5 كلمات. تحسين معدلات النقر على حملات البريد الإلكتروني تريدُ منطقيًّا أن ينتقل مشتركوك من رسالة الحملة الإلكتروني إلى صفحة هبوط أو شراء منتج أو ما شابه. المهمّ أنّهم ينبغي أن يضغطوا شيئا في رسالة الحملة لاتّخاذ الخطوة المرغوبة التّالية. مراقبة قياسات حملتك يساعدك على التّعديل المستمر لرسائلك قصد تحسين معدّلات النّقر. إلى جانب إنشاء زرّ دعوة إلى اتّخاذ إجراء جيّد، ثمّة الكثير ممّا يمكنك فعله لرفع معدّلات النّقر: تحسين التّصميم: عدّل نموذج حملاتك لجعل المحتوى أسهل في القراءة، منسابًا طبيعيًّا إلى دعوة اتّخاذ إجراء. عندما قام فريق Campaign Monitor بإعادة تصميم البريد الإلكتروني لمدوّنةٍ، لاحظوا زيادةً بنسبة 127% في النّقرات. جرّب صورًا جديدة: هل تذكر ما قلناه بخصوص المحتوى المرئيّ؟ الحملات الحاملة لصورٍ تفاعليّةٍ أكثر جلبت معدّل نقراتٍ يزيد عن تلك الّتي لا تحمل صورًا بنسبة 42%. دعوات اتّخاذ إجراء (CTAs) مرئيّة: النّاس ميّالون بطبعهم إلى ضغط الأزرار، هذا مفهومٌ يدعى "إمكانيّة الفعل" أو النّشاط المحتمل بين شخصٍ وشيء. لذا جرّب دعوات اتّخاذ إجراءٍ مرئيّةً مختلفة، وأنماط أزرارٍ مختلفةً لرفع معدّلات التّحويلات والنّقرات. افحص تمركز زرّ الدّعوة إلى اتّخاذ إجراء: المكان الّذي تضع فيه زرّ الدّعوة إلى اتّخاذ إجراء أمرٌ مهمّ، لذا جرّب تقسيم الحملات بأماكن مختلفةٍ لزرّ الدّعوة إلى اتّخاذ إجراء. فحص موقع ديجيتال دونات التّمركز ووجد أنّ زرّ الدّعوة إلى اتّخاذ إجراءٍ المتموقع يمكن البريد الإلكتروني رفع من معدّل النّقرات على حملاتهم الإلكترونيّة. جزّء رسائلك الإلكترونيّة: إذا لم تكن تتلقّى التّحويلات الّتي توقّعتها، فابحث في قائمة اتّصالاتك عن فرصٍ للتّجزئة الأفضل، وحسّن من تستهدفهم. اختبر التّوقيت: أهميّة وقت إرسال الحملات بأهميّة كثافة الإرسال ذاتها. أظهر بحثٌ قام به موقع Spaceship أنّ النّاس أميل لفتح البريد الإلكتروني والنّقر على الرّوابط بين الثّامنة مساءً ومنتصف اللّيل. راقبْ إذًا مواقيت إرسال حملاتك، وراجع تقاريرها للوصول إلى أوقات الإرسال الأمثل. ترجمة -وبتصرف- للمقال: The Complete Email Marketing Guide for Beginners من إعداد فريق التّحرير في موقع Campaign Monitor
  17. واقعيًّا، لن تنجح كلّ حملاتك التّسويقيّة في تحقيق النّتائج الّتي ترجوها. بعضها قد يجلب نتائج جيّدة، بينما قد تفشل الأخرى. لكن كيفما كان أداء حملتك، فإنّ تتبّع أهمّ مؤشّرات الأداء التّسويقي الصّحيحة دائما ما يساعد في تعلّم شيء ما، كيما تحسّن من أداء حملاتك الحالية والمستقبلية. ما هي أهم مؤشرات الأداء التسويقي للشركات المتعاملة مع الشركات (B2B)؟ ولماذا هي مهمة؟ ينبغي أن يكون لكلّ حملة تسويق ما بين الشّركات مؤشّرات أداء مفتاحيّة مرتبطة بإستراتيجيّاتها التّسويقيّة. لأنّ هذه المؤشّرات هي الّتي تساعدك على إبقاء أهداف عملك في مكانها الصّحيح. إذا تمكّنت من تتبّع كلّ إستراتيجيّاتك، فإنّك ستدرك أيّ المبادرات نافعة، فتركّز عليها أكثر، وأيّها تبوء بالفشل، فتحسّنها، أو تغيّرها، أو تتخلّى عنها. علينا جميعا الاستماع الى المثل القديم القائل: زيادةً على دور مؤشرات الأداء الرئيسية في قياس أهدافك دوريًّا، فإنّها ترفع كذلك من معنويات الموظفين بتحسين حواراتهم. كيف ذلك؟ القياسات تؤدي إلى النقاشات مما يدفع بفريقك لمواصله ابتكار إستراتيجيّات أحدث وأحسن. أمثلة عن أهمّ مؤشرات الأداء الرّئيسية في مجال الأعمال بين الشّركات الشّركات اليوم صارت تقودها المعطيات، لذا عليك الاعتماد على الأرقام اعتمادًا جديًّا وأكثر من ذي قبل. مؤشرات الأداء الرئيسية خاصتك ستمكّنك من اتخاذ القرارات، وتحسين الأداء، ورفع معنويات الموظف، والتأثير على أهداف العمل. يعدّد الجدول التالي أهم مؤشرات الأداء الرئيسية للأعمال بين الشركات، والتي ينبغي على كل شركة تتبّعها. بالإضافة إلى وصف مؤشر الأداء الرئيسي، والأدوات التي تحتاجها لقياسه. ومثالٍ كيما تفهم الغرض من المؤشّر. نوع مؤشّر الأداء المفتاحي الوصف الأداة المستخدمة المثال المستخدمون الجدد حساب عدد الزوّار الجدد إلى موقعك، وكذا معرفة من أين جاؤوا. هذا المؤشّر مختلف عن "الزّيارات الكليّة" فهو لا يحتسب إلاّ المستخدمين الّذين لم يزوروا موقعك قبلا. الأداة الأفضل لحساب العدد الكلّي للزوّار الجدد إلى موقعك هي "تحليلات جووجل" Google Analytics. يمكنك باستخدام Google Analytics رؤية عدد المستخدمين مقسوما إلى فئتين: جددٌ وعائدون. لنفترض أنّ عدد المستخدمين على موقعك 68000، والعائدون منهم 18000. اطرح العائدين من المجموع لتحصل على عدد المستخدمين الجدد 50000. التّحويلات الكليّة من البريد الإلكتروني يساعد هذا المؤشّر على حساب العدد الكليّ للتّحويلات القادمة من حملات البريد الإلكتروني. Anyleads واحدة من أفضل الأدوات لتسيير حملتك التّسويقيّة عبر البريد الإلكتروني. ثبّت المتعقّب وحسب للحصول على كلّ المعلومات المتعلّقة بتحويلات حملتك "التّقطيريةّ". لنفترض أنّك ترسل 25000 بريد إلكتروني في الشّهر، وتحصل على 500 مستخدم جديد. مجموع تحويلاتك من البريد الإلكتروني هو 2%. تكلفة الزّبون المحتمل يحسب هذا المقياس تكلفة الزّبون المحتمل لكلّ قنوات الانخراط المختلفة. وهذا يساعد فرق تسويق الشّركات B2B على فهم مردود التّكلفة في توليد الزبائن المحتملين من قناة تسويقيّة محدّدة. Google Analytics وGoogle Ads وسيلتان من الأكثر استخدامًا لقياس تكلفة الزّبون المحتمل لكلّ قناة تسويق. بافتراض أنّك تجمع 100 زبون محتمل كلّ شهر بإنفاق 10000 دولار على حملات الدّفع مقابل النقر من جوجل. بالإضافة إلى حصولك على 50 عميلا جديدًا كلّ شهر بإنفاق 2000 دولار على السيو. تكلفة الزبون المحتمل هي 1% وتكلفة السيو هي 2.5%. من الواضح أنّ السيو يؤدّي أداءً أفضل بكثير من الدّفع مقابل النّقر. الزّيارات المتكرّرة هي النّسبة المئويّة للزّوار الّذي يتصفّحون موقعك أكثر من مرّة. هؤلاء مهتمّون بمنتجاتك، وهم زبائن محتملون يستحقّون المتابعة. Google Analytics هي الأداة المفضّلة لقياس هذا المؤشّر. يمكنك باستخدام Google Analytics رؤية عدد الزّائرين مقسوما إلى فئتين: جددٌ وعائدون. لنفترض أنّ عدد الزّائرين على موقعك 50000، والعائدون منهم 20000. اطرح العائدين من المجموع لتحصل على عدد الزّائرين الجدد 30000. معدّل النّقر هذا المؤشّر يستخدم في تحديد فاعلية الحملات الإعلانيّة. وهو معدّل عدد النّقرات على موقعك أو صفحة هبوطك على عدد مرّات التصفّح لموقعك أو إعلانك. Google Ads أو مدير إعلانات فيس بوك. بافتراض حصولك على 50 نقرةً و1000 إعجاب على إعلانات فيس بوك. معدّل النقر هو 5%. التّحميلات النّاس الّذين يضغطون على رابط التّحميل يستحقّون المتابعة. استخدم ميزة التعقّب المخصّص من Google Analytics مع إعدادات UTM (أوركين لمراقبة الزّيارات) للتعرّف على القيمة المطلوبة. يزور 500 شخص فرضا موقعك يوميًّا، ولكنّ 20 منهم فقط يحمّلون برنامجا أو ملفّا. معدّل التحميل عندك هو 4%. عدد الزّبائن المحتملين المحوّلين يقيس هذا المؤشّر العدد الكليّ للزّبائن المحتملين الّذين تحوّلوا إلى زبائن خلال فترة محدّدة, من الأدوات الّتي تسمح لك بتتبّع عدد الصّفقات المغلقة: Hubspot، Salesforce، وPipedrive. إذا افترضنا توليدك 500 زبون محتمل شهريًّا، لكنّ 40 منهم فقط يتحوّلون. نسبة تحويلك إذن 8%. العائد على الاستثمار هذا أهمّ مقياس ينبغي على كلّ شركة حسابه. العمليّة الأساسيّة لحساب عائد الاستثمار هي (الفائدة - الاستثمار)/الاستثمار*100. حاسبة عائد الاستثمار من Hubspot هي الأداة الأفضل لقياس العائد على الاستثمار من حملاتك. لنفترض أنّ شركة تستمر 20000$ في التسويق الرّقمي سنة 2018، وتجلب زبائن جددًا قيمتهم 50000$. ، قسّم الفائدة على تكلفة الاستثمار لتحصل على عائد استثمار 120%. تكلفة انخراط زبون وهي التّكلفة المرتبطة بإقناع الزّبون باقتناء منتجاتك. تساعد Google Analytics على حساب كلفة استقدام الزّبون من كلّ قناة تسويق. عملية حساب تكلفة استقدام/انخراط الزّبون هي قسمة مصاريف التّسويق في السنة على عدد الزّبائن المستقدمين في تلك السّنة. لنفترض أن شركة بذلت 25000$ على التّسويق في سنة، وجلبت 100 زبون جديدٍ. تكلفة انخراط الزّبون لديها هو 250$. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } كيف تؤثر مؤشرات الأداء التسويقية الرئيسية ما بين الشركات على تطور المبيعات الاختيار الدقيق لمؤشّرات الأداء الرئيسية للمبيعات يساعدك على تقييم الأداء العامّ لمبيعاتك خلال فترة زمنية محددة. من المهم تذكر أنّ مؤشرات الأداء الرئيسية ليست مفهوما ثابتا يناسب الجميع. عليك تحديد القياسات المناسبة لفريق مبيعاتك وقياس التطور من البداية. تحديد مؤشرات أداء المبيعات الرئيسية المناسبة كل مؤسّسة تتعامل مع الشّركات مختلفة، ولها أهدافها الخاصّة بها، لذلك ينبغي أخذ تلك الأهداف بالحسبان عند اختيار مؤشرات الأداء الرئيسية. دفع تطور المبيعات ما بين الشركات قُدما يتطلّب فهمَ خطّة عمل شركة أخرى وإنشاءَ إستراتيجيّة محدّدة تؤثر في أولئك المسؤولين عن اتخاذ القرارات. وعليه ينبغي لمؤشرات الأداء الرّئيسيّة التي تحدّدها أن تتوافق مع إستراتيجيتك والنشاطات التسويقيّة التي تتّبعها. على سبيل المثال: إذا قدّم فريق مبيعاتك نقاشاتٍ عبر الإنترنت ليشرح كيف يمكن أن يحلّ مُنتَجك مشاكل زبائنك المستهدفين،. يمكنك عندها تحليل نتائج التّفاعل وفهم فرصك فهمًا أعمق. تتوفّر الكثير من برامج إدارة العلاقة مع الزّبون (Customer Relationship Management CRM) ومنها: Hubspot، Salesforce وPipedrive. وتتيح لك هذه البرامج أن تضمّن بعض المعطيات المتعلّقة بالنّقاشات عبر الإنترنت في نظام تسجيل الزبائن المحتملين، مثل: عدد نقاشات الإنترنت الّتي سجّل فيها كلّ زبون محتمل. نقاشات الإنترنت الّتي حضروها. عدد دقائق حضور نقاشات الإنترنت الكليّ. عدد الأسئلة الّتي طرحوها خلال كلّ نقاش انترنت. رؤوس الأقلام هذه تساعدك على تشكيل إستراتيجيّة تسويقٍ مخصّصةٍ وموجّهة. كما تتيح إمكانية تقييم فاعلية كلّ نقاش إنترنت في دفع الزبائن المحتملين نحو مؤشّرات أداء المبيعات المفتاحيّة. علاوة على ذلك، يمكن أن تنقسم أهدافك إلى فئتين: هدفٌ أساسيٌّ وآخر ثانويّ. وينبغي أخذ كليهما بالحسبان عند تقييم أداء فريق المبيعات. مقاييس التّفاعل مع نقاشات الإنترنت في المثال السّابق هدفٌ ثانويٌّ لأنّها تساعدك على فهم ما ينبغي حصوله لتحقيق الهدف الأساسيّ وهو زيادة المبيعات. اتّبع أفضل الممارسات المذكورةَ أدناه لتحديد مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة الأنسب لفرق التّسويق والبيع خاصّتك: اختر مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة المتعلّقة مباشرةً بأهدافك أساسيّها وثانويّها. وسّع مخيّلتك عند ضبط مؤشّرات الأداء الرّئيسية، لكن حافظ على واقعيّتك. وتأكّد من أنّ جميع من في الشّركة على دراية بتلك المؤشّرات. خذ بالحسبان حالة النموّ الحاليّة في شركتك قبل تحديد مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة. خذ بالحسبان أيضًا حالة النموّ العامّة في السّوق داخل بلدك أو مدينتك. لا تركّز على مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة المعتادة والّتي تحيد عن الهدف الأساسي الرّامي إلى جلب المزيد من الإيرادات إلى الشّركة. راقب بعنايةٍ كلّا من مؤشّرات الأداء المتخلّفة والرّائدة. كن محدّدًا قدر الإمكان، فلا تحدّد "زيادة الإيرادات" مؤشّرُا للأداء، بل اجعله مثلا: "رفع الإيرادات بنسبة 4% بنهاية 2020". أنشئ مؤشّرات الأداء العمليّةَ الّتي تفضي إلى المبيعات. احتفظ بمزيج من مقاييس السّياق والمقاييس القائمة على النّشاط عند اختيارك لمؤشّرات الأداء النّهائيّة. راقب أداء فريق مبيعاتك على الدّوام، وحُضّهم على مراقبة مؤشّرات الأداء المختارة مراقبةً منتظمة. أهداف فريق المبيعات في الشركات المتعاملة مع الشركات ومؤشرات أدائه يقدّم الجدول التّالي مثالا على نوعٍ من أهداف المبيعات ومؤشّرات الأداء المرتبطة بتلك الأهداف: الهدف الرئيسي الهدف الثانوي مؤشّر الأداء المفتاحي حسب السّياق مؤشّر الأداء المفتاحيّ حسب النّشاط رفع المبيعات السّنوية بنسبة 12%. رفع المبيعات الشهرية بنسبة 2%. رفع حجم الصّفقة المتوسّط بنسبة 4% عند نهاية الشّهر. جلب 10 زبائن جدد كلّ شهر. إجراء 15 اتّصالا يوميًّا. إرسال 25 بريدًا إلكترونيًّا يوميًّا. إرسال 25 رسالة قصيرة يوميًّا. تحسين نسبة إتمام المبيعات بـ 5% بحلول نهاية السّنة. (عدد العروض المرسلة مقابل عدد الصّفقات التامّة). تحسين معدّل إتمام المبيعات بـ 1% بحلول نهاية الشّهر. إغلاق صفقتين كلّ أسبوع. إرسال 20 عرضًا كلّ أسبوع. تقليل متوسّط كلفة الزبون المحتمل بـ 10% بحلول نهاية السّنة. تقليل تكلفة الزّبون المحتمل المتوسّطة بنسبة 2% بحلول نهاية الشّهر. تخفيض الكلفة المتوسطة للزبون المحتمل من فيس بوك بنسبة 2% بنهاية الشّهر. تخفيض التكلفة المتوسّطة للزبون المحتمل من خدمة الدفع مقابل النّقر من جووجل بنسبة 2% بنهاية الشّهر. تخفيض الكلفة المتوسطة للزبون المحتمل من البريد الإلكتروني بنسبة 2%. تحسين نتيجة الاهتمام بالإعلان والحفاظ عليها فوق 7 بنهاية الشّهر. تحسين نتيجة نوعيّة الإعلان والحفاظ عليها فوق 8 بنهاية الشّهر. تحسين معدّل فتح البريد الإلكتروني بنسبة 20% بنهاية الشّهر. تقليل تكاليف انخراط الزّبون بـ 10% بحلول نهاية السّنة. تقليل تكاليف انخراط الزّبون بنسبة 2% بحلول نهاية الشّهر. رفع عدد النّقر على إعلانات الدّفع مقابل النّقر بنسبة 2% بنهاية الشّهر. تحسين معدّل تحويل حملة الدّفع مقابل النّقر بنسبة 10% بنهاية الشّهر رفع نتيجة نوعية الإعلان والحفاظ عليها فوق 8 بنهاية الشّهر. تحسين معدّل تحويل إعلان الفحص أ/ب بنسبة 10% بنهاية الشّهر. تقليل نسبة الانقطاع بـ 2% بحلول نهاية السّنة. (نسبة الزّبائن الّذين يتوقّفون عن استعمال خدمتك). تخفيض معدّل الانقطاع بنسبة 1% بنهاية الرّبع. تحسين معدّل الاحتفاظ بالزّبائن بنسبة 5% بنهاية الرّبع. إرسال 25 بريدًا إلكترونيًّا لاحقا في اليوم. إرسال 25 رسالة قصيرة تحمل عروضًا ترويجيّة مخصّصة يوميًّا. أهداف حملة التّسويق القائمة على الحساب التّسويق القائم على الحساب (Account-based Marketing ABM) هو أحدث إستراتيجيّة في تحقيق الفرص القيّمة للشّركات المتعاملة مع الشّركات. يركّز قُمع التّسويق بالحساب ABM على عدد من حسابات الزّبائن عالية القيمة لرعايتها والتّعامل معها. هكذا تتحقّق تلك الفرص وتُبنى علاقات طويلة الأمد مع الزّبون. لتحقيق أكبر فائدة من التّسويق بالحساب ABM، ينبغي تتبّع العديد من مؤشّرات الأداء الرّئيسية. تستخدم المؤشّرات التّالية لحساب أهداف حملات التّسويق المبنيّة على حسابات الزّبائن: تسويق الحسابات المؤهّلة: ونعني هنا الحسابات المؤهّلة حسب شروط معيّنة تعتمد على تصنيفك للزّبون المثالي. نسبة تفاعل الحساب: وهي النّسبة الّتي يحدث فيها تفاعل من حسابات زبائنك. فالزّبون الّذي يبقى متفاعلا مع عملك مؤهّلٌ ليصبح احتمالاً مهمّا وقيّما. سرعة الإغلاق: وهي مقياس الوقت الّذي يستغرقه الزّبون ما بين أوّل تواصلٍ وبين إغلاق الصّفقة. سرعة الإغلاق في نظام الـتّسويق بالحساب (ABM) أفيد عادةً عند موازنتها بحملات رعاية الزّبائن المحتملين الأخرى. الحسابات المستهدفة المحوّلة إلى زبائن: وهو عدد حسابات الزّبائن المستهدفين الّتي حُوّلت بنجاحٍ إلى زبائن. مؤشرات أداء رئيسية خاصّة بالتسويق الرقمي للأعمال ما بين الشركات التّسويق الرّقمي واحد من أفضل طرائق جمع الزّبائن المحتملين لعملك المستهدف للشّركات: 59% من مسوّقي الأعمال المستهدفة للشّركات أقرّوا بأنّ SEO تحسين التّسويق ليوافق محرّكات البحث هو أنجح قناةٍ لجمع الزّبائن المحتملين. 50% من مستخدمي لينكدن LinkedIn يقولون بأنّهم مستعدّون أكثر للشّراء من شركةٍ تواصلوا معها على لينكدن. مؤشّرات الأداء الرّئيسية التّالية هي أهمّ المؤشّرات المتعلّقة بالتّسويق الرّقمي لعملك المستهدف للشّركات، والّتي ينبغي تتبّعها لقياس مدى نجاح مجهوداتك في التّسويق الرّقمي: إجمالي الزّيارات: مجموع الزّيارات إلى موقعٍ معيّن. على سبيل المثال، إذا تصفّح موقعك مئة 100 شخصٍ خلال الأيّام الثّلاثين الماضية، فإنّ عدد الزّيارات الكليّ إلى موقعك لذلك الشّهر هو 100. الزّيارات الفردية: وهي مجموع كلّ الزّيارات الفرديّة إلى موقع محدّد. على سبيل المثال، إذا تصفّح موقعك 100 شخصٍ خلال آخر 30 يومًا، و40 منهم قد زاروا موقعك من قبل، فإنّ مجموع الزّيارات الفريدة هو: 100-40=60. إجمالي التّحويلات: التّحويل هو النّشاط التامّ الّذي يمكنك تتبّعه عبر تحليلات جووجل (Google Analytics) على سبيل المثال، إذا زار 100 شخصٍ موقعك، و10 منهم حمّلوا ملفّ PDf، وكنتَ حدّدتَ هذا التّحميل كتحويل مسبقًا، فإنّ مجموع تحويلاتك على الموقع هو 10، ونسبته 10%. معدّل الارتداد: بالنّسبة إلى كلّ جلسات التصفّح الّتي تبدأ من صفحة معيّنة، نسمّي نسبة الارتداد النّسبة المئويّة لجلسات التصفّح الّتي كانت فيها تلك الصّفحة هي الصّفحة الوحيدة المتصفَّحة. على سبيل المثال، إذا زار 50 شخصًا موقعك، وغادر 5 منهم مباشرةً بعد تصفّح صفحة واحدة، فإنّ نسبة الارتداد في موقعك هي 10%. معدّل الخروج: نسمّى النّسبة المئوية للمتصفّحين الّذين يخرجون من موقعك عند صفحة محدّدة نسبة الخروج لتلك الصّفحة. فبالنّسبة لكلّ زيارات تلك الصّفحة، نسبة الخروج هي النّسبة المئويّة للزّيارات الّتي كانت الأخيرة في جلسة التصفّح. تكلفة الاكتساب: (Cost Per Acquisition، وتختصر إلى CPA) وهي المبلغ الّذي يدفعه المُعلن للحصول على زبون. على سبيل المثال، إذا سجّل 10 زبائن جددٍ للاستفادة من خدماتك عبر خدمة الدّفع بالضّغطة (Pay per click) من فيس بوك وكنتَ استثمرت $2000 دولار في الإعلانات، فإنّ تكلفة الاكتساب CPA تكون: 2000$/10= 200$. تكلفة النّقرة: Cost Per Click (CPC) وهو نموذج إعلان يدفعُ فيه المعلِنُ مبلغًا معيّنًا للنّاشر مقابل كلّ نقرة زرّ على إعلانه. فعلى سبيل المثال: إذا استثمرت 100$ في "تكلفة النقرة" PPC وضغط 10 أشخاص على إعلانك، فإنّ تكلفة النّقرة هي 10$. عائد الاستثمار: Return On Investment (ROI) وهو نسبة تكلفة استثمارك إلى الرّبح الصّافي. على سبيل المثال: إذا استثمرت 2000$ في تحسين الموافق لمحرّكات البحث SEO وحصلت مقابلها على 5000$ من الرّبح الصّافي، فإنّ عائد استثمارك هو 2,5 %. معدّل البقاء: وهو معدّل الزّبائن المغادرين مقابل عدد زبائنك الإجمالي. على سبيل المثال: إذا غادر 10 زبائن شركتك خلال شهر، وكان إجمالي زبائنك 100، فإنّ معدّل البقاء هو 10%. الزّيارات من قناة إعلان: وهو عدد الزّيارات الّتي يستقبلها موقعك من كلّ قناة تسويق. إذا زار 50 شخصًا موقعك عبر إعلانات جووجل خلال شهر واحد، فإنّ زياراتك عبر إعلانات قووقل لذلك الشّهر هو 50. صفحات الزّيارة الواحدة: وهو مقياس عدد الصّفحات الّتي يزورها مستخدمٌ أو مجموعة من المستخدمين خلال تصفّحهم لموقعك. على سبيل المثال: إذا زار 100 شخصٍ موقعك الإلكتروني وتصفّحوا في المتوسّط 10 صفحات، فإنّ عدد صفحات الزّيارة الواحدة هو 10. ويُحسب بقسمة عدد الزّيارات الإجمالي إلى الصّفحة على العدد الإجمالي للزوّار. رابط تحويلي: وهو رابط على نطاق خارجي ينقل ضاغطه إلى صفحةٍ على موقعك الإلكتروني. كلّما زاد عدد هذه الرّوابط، زادت فرص ارتقائك ترتيب الظّهور على جووجل. تتبع مؤشرات أداء التسويق الرئيسية للأعمال المستهدفة للشركات هناك الكثير من الأدوات الّتي تساعدك على تتبّع هذه المؤشّرات. نذكر أدناه بعضًا من أفضلها: 1) تحليلات جووجل Google Analytics: هذه أشهر أداة في مجال تتبّع مؤشّرات الأداء، وهي مجانيّةٌ للأفراد والشّركات الصّغيرة والمتوسّطة. أمّا الشّركات الكبيرة فيمكنها استخدام النّسخة المسمّاة Google Analytics 360. تقيس هذه الأداة أغلب مؤشّرات الأداء الرّئيسية المرتبطة بأداء موقعك الإلكتروني، وتحديدًا: عدد الزّيارات الإجمالي. عدد الزوّار الفرديّين. الزوّار الجدد. الزوّار العائدون. قنوات الإشهار الأعلى. الإحصاءات الدّيموغرافية. الزّيارات عبر الجوّال. مدّة التصفّح. معدّل الارتداد. معدّل الخروج. قيمة حياة الزّبون (مردود فترة التّعامل معه). 2) سيلزفورس Salesforce: وهي المنصّة رقم واحد عالميًّا في إدارة العلاقة بالمستخدم (Customer Relationship Management CRM). إذ تربط المعطيات عبر مصادر وأجهزة متعدّدة لتتيح لك مراقبة سهلة لأهمّ مؤشّرات الأداء التّسويقي الرّئيسية، حتّى تتّخذ القرارات النّاجعة أسرع. فيما يلي بعض مؤشّرات الأداء الرّئيسية الّتي تسمح لك Salesforce بتعقّبها: وقت استجابة الزّبون المحتمل. معدّل التّواصل. معدّل التّواصل البَعدي. النّقرات من البريد الإلكتروني ما بعد البيع. استخدام مواقع التواصل الاجتماعي (سوشل ميديا). معدّل فرص النّجاح. حجم الصّفقة مقابل التّخفيض. هامش ممثّلي المبيعات. عدد الزّبائن المحتملين خلال شهر. إجمالي الفرص المربوحة/المغلقة. رسائل البريد الإلكتروني المرسَلة. عدد الاتصالات الخارجة. معدّل الفتح حسب الحملة. Salesforce منصّةٌ متكاملةٌ لإدارة العلاقة بالمستخدم، وهي تقدّم نظرةً تختلف باختلاف هيكلة الشّركة. 3) Geckoboard توفّر Geckoboard لوحة تحكّم أعمالٍ واضحةً وفعّالة، تظهر من خلالها كلّ مؤشّرات الأداء الرّئيسية المهمّة لتدفع عملك المستهدف للشّركات قدُما. هي لوحة تحكّم شبيهةُ بالتّلفاز الحيّ، أين يمكنك سحب كلّ مقاييس العمل من أدوات أخرى مثل Google Analytics، Salesforce، Zendesk، Basemap …إلخ. يمكنك من خلال Geckoboard تتبّع مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة التّالية: إجمالي المستخدمين. إجمالي الزيارات الطبيعية. إجمالي زيارات مواقع التواصل الاجتماعي. إجمالي التّحويلات. إجمالي التّحويلات الطّبيعية. إجمالي التّحويلات المدفوعة. معدّل الارتداد. معدّل قيمة حياة العميل موازنة بتكلفة استقدامه. الموازنة بين تطوّر الإيرادات الشهريّ وبين الهدف المحدّد. الموازنة بين إجمالي الزّبائن المحتملين خلال شهر وبين الهدف المحدّد. يمكنك سحب كلّ أهدافك الأساسيّة إلى منتصف اللّوحة عبر Geckoboard. توفّر هذه المنصّة أربعة أنواعٍ من ألواح التحكّم: 1) لوحة تحكّم خاصّة تحليلات الويب. 2) لوحة تحكّم بمواقع التّواصل الاجتماعي. 3) لوحة تحكّم خاصّة بالإعلانات. 4) لوحة تحكّم خاصّة بالتّسويق الرّقمي. كلّ ما عليك فعله هو تسجيل حسابٍ، تحضير لوحة تحكّمك بعد دمجها مع أدوات|ٍ أخرى، وانطلق في معاينة البيانات. 4) Scoro Scoro منصّة إدارة أعمال متكاملة تسهّلُ عليك تتبُّعَ مشاريعك وأموالك. كما تجمعُ فرقك التّسويقية وتوفّر تقارير شاملةً عن مؤسّستك بشكل آلي. لوحة التحكّم المميّزة والخاصّة بمؤشّرات الأداء الرّئيسية في Scoro تعرض القيم التّالية: الزّبائن المحتملون الجدد لهذا الشّهر. العائد لهذا الشّهر. الميزانية الحالية. موازنة العائد. مندوبو المبيعات الأكثر نجاحًا هذا الشّهر. ساعات الفريق حسب النّشاط. يمكنك اتّخاذ قراراتٍ أفضل بناءً على المعطيات الّتي تقدّمها Scoro، فهي سهلة الاستعمال، كما تساعد على تنظيم معطيات فرق التّسويق في مكانٍ واحدٍ. 5) Datapine معاينة مؤشّرات الأداء الرّئيسية الصّحيحة يغدو أسهل باستخدام Datapine. هذه الأداة تمنحك كلّ السّيطرة والمرونة في معاينة معطيات فريقك التّسويقي بأكثر الطّرق احترافيّة. يمكنك باستخدام Datapine تتبّع مؤشّرات الأداء التّالية: تكلفة الاكتساب. تكلفة الزّبون المحتمل. أهداف المبيعات وتطوّرها. متوسّط العائدات لكلّ زبون. العائد الحقيقي. العائد المسطّر. معدّل الزّبائن المحتملين إلى الزّبائن المحتملين المتقبّلين للتّسويق. معدّل التّحويل المستهدف. معدّل الارتداد. قيمة حياة المستخدم (القيمة المالية خلال مدّة علاقته بالشّركة). العائد على الاستثمار. تحصُل مع Datapine على 250 نموذجًا جاهزًا من مؤشّرات الأداء الّتي توافق كلّ احتياجات عملك. 6) Tableau تسمح لك أداة Tableau بإطلاق عالمٍ من المعطيات بطريقة قويّة. هي برنامج "(ذكاء عمل)" لا تقتصر مهمّته على تتبّع مؤشّرات الأداء، بل تتعدّاها إلى استخراج معلومات مهمّة منها قصدَ مساعدتك على اتّخاذ قراراتٍ أفضل وأسرع. يمكنك -باستخدام Tableau- تتبّع المؤشّرات التّالية: إجمالي المبيعات. معدّل الرّبح. النّسبة المئوية لتغيّر المبيعات. المبيعات حسب المنطقة. الرّبح حسب المنطقة. أعلى قنوات المبيعات. أعلى الأسواق. موازنة الإيرادات. يمكنك بسهولة إنشاء لوحة تحكّم في نتائج مؤشّرات الأداء الرّئيسية الخاصّة بك في برنامج Tableau ومشاركتها مع أفراد فريقك. فهم المعلومات يغدو أمرًا ممتعا، واتّخاذ القرارات بناءً عليها يصبح أسهل. كيف تُصلح مؤشّرات أداء التسويق الرئيسية المعطلة لعملك المستهدف للشركات تواجه أغلب الشّركات المستهدفة للشّركات صعوبةً في الإجابة على الأسئلة العامّة المرافقة لاختيار وتتبّع مؤشّرات أداء التّسويق الرّئيسية. والسّبب وراء ذلك هو عدم معاملة تلك المؤشّرات بجديّة منذ البدء، أو فقدانهم للأدوات اللاّزمة للتتبّع الصّحيح للمؤشّرات. المقاربة المعتمدة على المعطيات لإستراتجيّة تسويقك ضروريّة جدًّا للرّفع من مبيعاتك. إذا كنتَ لا تزال غير متأكّد من مؤشّرات الأداء الّتي ينبغي عليها تتبّعها، فابدأ إذًا بـ "تحليل القُمع ثلاثيّ المستويات"، والّذي ينقسم إلى أربعة عناصر: قمّة القمع (أعلى القمع). وسط القمع. سفح القمع (أسفل القمع). عناصر تؤثّر في مدخلات ومخرجات القمع. في أعلى القمع (المدخلات) تجد إجمالي الزّبائن المحتملين. وفي أدناه (المخرجات) تجد إجمالي التّحويلات. ببساطة، إذا تتبّعت عدد الزّبائن المحتملين وعدد التّحويلات، فإنّه يمكنك البدء بعمليّة قياس مؤشّرات الأداء الرّئيسية. على سبيل المثال: إذا كنت تكتسب 100 زبون محتمل في الشّهر، وتبيع لـ 20 منهم، فإنّ نسبة البيع للزبّون المحتمل هي 20%. وما عليك سوى رفعُ هذه النّسبة لرفع إيراداتك الكليّة. بعدَ أن تتعوّد على عمليّات القُمع التّسويقي ثلاثيّ المراحل، يمكنك المضيّ قدُما إلى تتبّع قياساتٍ أعقد مثل تكلفة الاكتساب، صافي نقاط التّرويج، معدّل الانقطاع …إلخ. خاتمة ثمّة -لحسن الحظّ- الكثير من الأدوات المتاحة اليوم لمساعدتك على متابعة أداء حملاتك التّسويقيّة متابعةً سهلةً وفعّالة. ابدأ بقياس مؤشّرات الأداء لتشكّل جوًّا من التطوّر الدّائم والرّضا الشّخصيّ. تسويقًا سعيدًا ما بين الشّركات! ترجمة -وبتصرّف- لمقال Top Marketing KPIs that Every B2B Company Needs to Track لكاتبه Joydeep Bhattacharya
  18. من الصّعب جدًّا تسيير صندوق بريدٍ واردٍ مشتركٍ. تضيع رسائل إلكترونية، ويردّ أفراد الفريق على الرّسالة ذاتها أكثر من مرّة، ويفتقدون التّواصل اللاّزم لحلّ المشاكل القائمة. لا أحد يشكّك في أنّ إدارة البريد الإلكتروني المشترك تحتاج مهاراتٍ تنظيميّة وتواصليّة ممتازة. وحتّى الخبراء الّذين يملكون أفضل تلك المهارات يحتاجون فوقها إلى أداة تسهّل جهودهم في مساعدة العملاء كلّ يوم. في غياب [برنامجٍ لإدارة البريد الإلكتروني](رابط المقال الثّاني من هذا المشروع)، فإنّ توسيع نطاق عملك مع ترويض فوضى البريد الوارد تكاد تكون مهمّة مستحيلة. مع تطوّر عملك، تقوّي أداة تنظيم البريد الإلكتروني الفِرق لإرضاء العملاء والإتيان بأفكارٍ جديدة. اختر حلا يمنحك فوائد صندوق البريد المشترك ويريحك من مشاكله مزايا البريد الإلكترونيّ كثيرة فهو سهل الاستعمال، سريع التّنفيذ، منخفض تكلفة الإدارة، ومتاح للجميع تقريبًا. يتيح البريد الإلكتروني المشترك للفِرق منفذًا موحّداً وبسيطًا لحلّ مجموعةٍ من المشاكل. برامج إدارة البريد الإلكتروني الأفضل تعزّز من نقاط القوّة هذه، بينما ترفع من قدرة الفرق على التّعاون خلف الكواليس، وتحسين تجربة العميل. سواء كنت مؤسسة غير ربحيّة تراسل المتطوّعين، أو وكالةً عقاريّةً تخطّط لنقل سكن، فإنّ التّواصل يبقى في كلّ الحالات بسهولة إرسال رسالة إلكترونية. لن يشعُر متعاملوك بتغيّر أي شيءٍ عدا عن تحسّن الخدمة الّتي يتلقّونها. حدّدنا -تقول كاتبة المقال- بعض الطّرائق الّتي يساعدك بها برنامج إدارة البريد الإلكتروني على تنظيم بريدك داخليًّا، حتّى تحافظ على رضا فريقك ومتعامليك. 1. حافظ على تنظيمك وأنت تتطور صندوق البريد الوارد المشترك صعبُ التّنظيم لأنّه أداة بسيطةُ جدًّا. وحتّى باستخدام المجلّدات والعلامات، يبقى تنظيمُ صندوق البريد الوارد تحدّيًا في نظر المديرين فيقسّمونه بين مجموعة من أفراد الفريق. وهذه المهام تزداد تعقيدًا وإرباكًا بإدراجِك مناطق زمنيّةً مختلفةً أو تضخّم مبيعاتك. إذا استخدمتَ أداةً لتنظيم البريد الإلكتروني، يمكنكَ الاستفادة من مزيّة نقطة الاتّصال الواحدة. وليس هذا وحسب، بل يمكن لفريقك إدماج خطواتٍ تنظيميّةٍ سهلة تحافظُ على جودة تجربة العميل. فصناديق البريد الإلكتروني، والعلامات، وتوزيع المهام، يمكنها جميعًا الحفاظُ على النّظام في مكتب المساعدة. صناديق البريد الإلكتروني: أنشئ صناديق بريدٍ تصنّف محادثات العميل لكلّ الفرق، والعلامات التّجارية، والمنتوجات، أو حسابات البريد الإلكتروني. تظهر فائدة صناديق البريد المتعدّدة خاصّةً إذا كان فريقك مسؤولا عن حسابات بريدٍ إلكتروني متعدّدة (على سبيل المثال: billing@domain.com أو shipping@domain.com) هكذا، لن يضطرّ أحدٌ إلى مغادرة مكتب المساعدة لينظّم الرّسائل عبر حسابات بريد إلكترونيّة مختلفة. العلامات: صنّف الرّسائل الإلكترونية حسب الموضوع أو نوع المشكلة باستخدام العلامات. هذه الإشارات المرئيّة تساعدك على تتبّع محادثات مختلفة وتسهّل إنتاج التّقارير حول الموضوع المرغوب أيضًا. حاول أن تكون دقيقًا في إنشاء العلامات. فعلامة "تأخّر الشّحن" أدقّ مثلا من علامة "الشّحن". فباستخدام الأولى، يمكن لفريقك التعرّف على المشكلة مباشرةً. حين ترى رمزًا كبيرًا مع تلك العلامة، تدرك على الفور أنّها مسألة مهمّة. توزيع المهام: خصّص المحادثات للمستخدمين المسؤولين عنها عبر استخدام قائمة منسدلة بسيطة للمدير وأفراد الفريق على حدّ سواء. تظهرُ مهام المستخدم كلّها تحت مجلّد "خاصّتي". بينما يرى كلّ فردٍ في الفريق المحادثات في مجلّد "مخصّص" وآخر "غير مخصّص". كما يمكنك البحث باسم الموظّف لترى ما يعمل عليه أيّ فردٍ بعينه في أيّ وقتٍ. 2. اعمل على أتمتة العمل المجهد مع سير العمل الأتمتة الذكيّة تعزّز كفاءة التّعاون في البريد الإلكتروني، وذلك بتقليل التّأخير الإداري.لا توجد طريقةٌ في صندوق البريد الوارد لأتمتة المهام أو الفرز، لذا يمكن أن يعلق الموظّفون لأيام في سبر أغوار العمل الإداري. بدلاً من تنظيم صفّ عملٍ يدويًّا، يمكنك إنشاء خطّة عملٍ شرطية (إذا كان فإنّ) توصلُ الطّلبات إلى أعضاء الفريق المناسبين، وتولي الأولويّة للطّلبات المستعجلة، ويمكن حتّى أن ترسل رسائل إلكترونية بالجملة. خطط العمل هذه يمكنها أيضًا إنشاء "مجلّدات" بناء على شروط مسبقة. لنأخذ بعض الأمثلة: تخيّل رسائلك الإلكترونية معلّمةً وموجّهةً لأصحابها تلقائيًّا. يمكنك بهذا توفير الوقت، وتوزيع أعباء العمل توزيعًا عادلًا، وكذا مساعدةُ المساهمين من أفراد الفريق على تطوير نيش niche خاصّ. خاصية الأتمتة هذه يمكنها أن تمتدّ إلى قطاعات أخرى في شركتك كتطوير الأعمال، والتّسويق، والموارد البشرية بإعادة توجيه الرّسائل الإلكترونية تلقائيًّا إلى أعضاء الفريق المناسبين. ثمّة أنظمةٌ مدمجةٌ تضمن المتابعة، والحدّ من سوء التّواصل الّذي يمكن لولاها أن يتفاقم إلى مشاكل تمسّ الشّركة بكلّ قطاعاتها. عندما تجهّز خطط سير العمل قم بأتمتة الطّلبات حسب درجة استعجالها. فالشّركات الّتي تعتمد على المخزون مثلا دائما ما تحتاج ردودًا شبه فوريّةٍ لتأكيد الطّلبات. لذا قم بتجهيز سير عملٍ يسمُ تلك الرّسائل الإلكترونية بوسم "عاجل" ويصنّفها تلقائيًّا في مجلّد ذي أولويّة ليتم الردّ عليها فورًا. الفرق الّتي تواجه تحدّيات واسعة النّطاق يمكنها التكيّف والتّواصل خلال المواقف المستعصية، وكذا تحسين سير عملها اليومي. لنقل على سبيل المثال أنّ الظّروف الجويّة اضطرّت فريقك إلى تغيير تاريخ حدثٍ ما. سيمكنك حينها تعليم المحادثات، بل وأتمتة ردودٍ مجملة على الرّسائل الإلكترونية الّتي تحمل كلمات معيّنة في عناوينها. خطط سير العمل هذه تحرّر فريقك للتّركيز على مساعدة العملاء بدل الكدّ في إجراءات إداريّة مرهقة. 3. اجمع الردود والآراء القابلة للتطبيق في كل تعامل حتّى عندما يساعدُ المدراء في الردّ على المشاكل يوميّا، فإنّ من المستحيل تقريبًا تقدير أداء فرقهم من دون تقييمات دقيقة. التّجارب المحكيّة جديرةٌ بالملاحظة، لكنّ المعطيات الدّقيقة هي ما يعطيك المعلومات الّتي تحتاجها لتحديد الأهداف والوصول إليها. مركز المساعدة في مواقع حسوب مثلا يتيح لفرق الدّعم والمساعدة مراسلة العملاء باستبيانٍ لتسجيل تقييمهم من نجمة واحدة إلى خمس للأسلوب والتّعامل، وسرعة الردّ والتّجاوب، ووضوح الرّدود والمعلومات، وكذا مستوى سعادة العميل. يمكنك تكييف المحتوى في رسائل التّقييم وصفحة جمع الرّدود حسب ما يفضّله فريقك. كما يمكنك أيضًا إضافةُ مساحة للتّعليق. بفضل هذه الميزة يمكنك جمع انطباعات وأحاسيس العملاء الّذين تتواصل معهم يوميًّا. الانطباعات الّتي تجمعها الفرق من برنامج إدارة البريد الإلكتروني لها تطبيقاتٌ واسعة النّطاق على مستوى الشّركة ككل. فما من وسيلةٍ أفضل لاكتشاف الاختلالات في الشّركة من استطلاع الشّكاوى والتّقييمات. إذا كان فريق مندوبي المبيعات لا يروّجون لمنتوج ما بشكل صحيح، فانعكاسات ذلك ستنتهي لا شكّ برسالةٍ في صندوق بريد أحد فِرقَك. وإذا اتّحذ مدير مكتبةٍ قرارًا لم يعجب مستخدميها، فتلك الشّكاوى ستنتهي في صندوق بريد. الاستثمار في مكتب مساعدةٍ ممتاز يضمن إيصال صوتِ عملائك بقوّةٍ ووضوح. 4. ارفع كفاءة الفرق بمدهم بسياق المشاكل متى كانت آخر مرّة راسلك فيها أحدهم بخصوص مشكلة مستعصية؟ أكثر ما يثير ارتباك فرق المساعدة هو غياب سياق المشكلة الّذي يحتاجونه لتنفيذ عملهم بجدارة. إستراتيجيّة إدارة البريد الإلكتروني المُحكمة تستعين بالسّياق الإضافي لتؤسّس لتجربةٍ مفيدةٍ. يمكن لموظّفي الدّعم الاطّلاعٌ على المحادثات السّابقة عبر قائمةٍ جانبيّةٍ ليفهموا لماذا يحتاج الزّبون إلى المساعدة. فمن المٌفيد معرفة ما إذا كانت المشكلة -أو المشاكل- تظهرُ للعميل لأوّل مرّةٍ، أو إذا ما كانت تعاودهُ مرارً وتكرارًا. يمكن للفرق تسخيرُ تطبيقاتٍ وبرامج خاصّةٍ لاستقطاب المزيد من المعلومات. فمع كلّ مصدر معطياتٍ تمتلكُ المزيد من السّياق لتشكيل إجابةٍ تلبّي احتياجات العميل وتساؤلاته مهما كانت الظّروف. 5. ادعم التعاون خلف الكواليس باستخدام "الملاحظات" من أعقَد الأمور في البريد الإلكتروني انعدام الفاصل الواضح بين التّواصل الخارجي والتّعاون الدّاخلي بين أعضاء الفريق. فأنت عندما تعيد توجيه رسالةٍ إلى فنيٍّ طلبًا للمساعدة، يمكن أن تضيع تلك الرّسالة وسط الأخريات، أو تٌرسَل خطأ إلى طرفٍ غير المقصود بها. سلاسل البريد الإلكتروني يمكن أن تستطيل وتتعقّد لدرجةٍ تجعلك تائهًا محاولاً استنباط الطّريقة الّتي تساعد بها العميل. التّعاون الفعّال في إدارة البريد الإلكتروني يعتمد على قدرتك في التّعاون خلف الكواليس من دون تجاوز المنصّة الّتي تستخدمها، أو المخاطرة بإظهار حواراتك الدّاخلية لعملائك. يمكنك فعل ذلك عبر الملاحظات الّتي تكون سريّةً عادة ولا تظهر إلا لأعضاء الفريق. يمكن لأعضاء الفريق أيضًا استخدام الرّدود المسجّلة الّتي يستطيعون تخصيصها بأساليبهم أو أساليب زملائهم. وهكذا، فهم لن يحتاجوا للبدء من الصّفر في كلّ مرّة يردّون فيها على عميل. أدوات إدارة البريد الإلكتروني يمكنها مساعدة أعضاء الفريق في تطبيق هذه الاقتراحات من هواتفهم المحمولة. فبعد استلام تنبيه بوجود رسالة إلكترونيّة جديدة، يمكنك إضافة ملاحظة داخليّة وتعيين المحادثة إلى زملائك. يمكنك أيضًا رؤية من يردّ على المراسلة في الوقت الحالي لتجنّب التّداخل أو الرّدود المتعدّدة: علامات صفراء وحمراء بسيطةٌ تُظهر من يقوم بالردّ على المحادثة. وحتّى إذا غفلت عن تلك العلامات، يمنعك تطبيق كـ شرطيّ المرور "Traffic Cop" من الردّ على عميلٍ تلقّى ردًّا من قبل. 6. ادعم تجربة المستخدم ببرنامج إدارة البريد الإلكتروني حينما يستعصي على الفرق السّيطرة على بريدها الإلكتروني، فإنّ مجتمع مستخدميك يدركُ ذلك. لذلك، بدلا من السّماح لحالة بريدك الفوضويّة بإملاء تجربة المستخدم في شركتك، استثمر في أداة تضمن تقديم المساعدة الّتي يحتاجها العملاء. عملاؤك سيَسعدون بذلك، وكذلك أعضاء فريقك. ترجمة -وبتصرف- للمقال How Team Email Management Software Can Help Get Your Inbox Under Control لكاتبته: Elizabeth Wellington
  19. العمل لساعات طوال عادةٌ تضر بصحتك كما تضر بعملك، إليك كيف تكسر تلك العادة السيئة. بقاؤك في المكتب إلى السادسة أو السابعة أو حتى التاسعة مساءً قد لا يبدو لك أمرًا جللاً، لكن مع الوقتِ تتراكمُ تلك السّاعات الإضافية لتؤدّي إلى تزايد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدّمويّة، تدهور الحالة الصحيّة عموما، والإنهاك. خلُصت دراسةٌ امتدّت عبر ثلاث قارّاتٍ إلى أنّه "يزيدُ خطر السّكتة الدّماغية عند الّذين يعملون أكثر من خمسة وخمسين (55) ساعةً أسبوعيًّا بنسبة ثلاثة وثلاثين بالمئة (33%) أكثر من أولئك الّذين يعملون بين 30 و40 ساعة أسبوعيًّا." ظهرَ أيضًا أنّ العاملين لساعاتٍ طويلةٍ تزدادُ لديهم نسبة الإصابة بمرض الشّريان التّاجي بنسبة 13%. مع أنّ هذه الدراسة لم تُثبت علاقةً سببيّةً مباشرةً، غير أنّ الاطراد العالي بين العمل الطويل وزيادة مخاطر الصحّة كافٍ ليدفعنا للتّفكير. مصدر المعطيات: منظّمة التعاون الاقتصادي والتّنمية ملاحظة: تعنى هذه النّسب بالموظّفين الّذين يعملون عادة أكثر من 50 ساعةً، أمّا في روسيا فهي نسبة العاملين لأكثر من 51 ساعة. كما أنّ العمل المأخوذ في الحسبان هو العمل الرّئيسي فقط للموظّف في الدّول التالية: كندا، الشيلي، كولومبيا، كوستاريكا، التشيك، فنلندا، المجر، لاتفيا، المكسيك، البرتغال، سلوفاكيا، السويد، تركيا. أما في باقي الدّول فجُمعت أعمال الموظّف كلّها. هذا، وأُقصيت من الإحصاء نسب العمال الّذين تختلف ساعات عملهم بين الأسبوع والآخر. بالإضافة إلى أنّ ساعات العمل غير المتعاقد عليها لم تحتسب في كندا، المجر، الشيلي والنّرويج. غير أنّها تحتسب إذا كانت دائمة في كلّ من أستراليا، المكسيك، نيوزلندا، روسيا، السّويد، الو.م.أ وتركيا. وأخيرًا، فإنّ استراحة الغداء مستثناة من الحساب في النمسا، بلجيكا، الدنمارك، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، إيرلندا، إيطاليا، لوكسمبورغ، هولندا، البرتغال، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، والمملكة المتحدة. فيما لا تتوفّر التّفاصيل فيما يخصّ البرازيل. (هذه المعطيات تخصّ سنة 2016 أو ما يليها من السّنوات الّتي توفّرت خلالها الإحصائيات.) ليسَ العمل لوقتٍ طويلٍ مجرّد شيءٍ مزعجٍ، بل يتجاوز ذلك إلى التّأثير سلبًا على إنتاجيّتك. إذ أظهرت الدّراساتُ أنّه وبعدَ نقطةٍ محدّدةٍ ينتُج عن العمل لساعاتٍ إضافيّةٍ تناقصٌ في العائدات: بمعنى أنّ كلّ ساعةٍ إضافيّةٍ تقضيهَا في المكتبِ تكون أقلّ إنتاجًا من سابِقتِها. وجدتْ دراسةٌ على عمّال المصانع البريطانيّين خلال الحرب العالميّة الثّانية أنّ 49 ساعةً كانت هي النّقطة الّتي يبدأ بعدها ظهور تراجع العائدات. فيما أظهرتْ دراساتٌ أخرى أنّ كيفيّة قضائك لوقتك في العمل تؤثّر على إنتاجك أكثر من تأثير عدد السّاعات الّتي تعملها. رغم توفّر الدّليل على أنّ العمل ساعاتٍ طويلةً لا يحقّق شيئًا، إلاّ أنّنا لا نبدي رغبةً في إيقاف ميلنا للعمل أكثر من 40 ساعةً أسبوعيًّا. وفقًا لمؤشّر الحياة الأفضل الصّادر سنة 2018 عن منظّمة التّعاون الاقتصادي والتّنمية (OECD)، فإنّ 33,8% من الموظّفين في تركيا يعملون لساعاتٍ طويلة (أكثر من 50 ساعة في الأسبوع) لتحتلّ بذلك المركز الأوّل من بين 31 دولةً عضوًا في المنظّمة. نعيشُ في مجتمعٍ يساوي الأهميّة بالانشغال، والالتزام في العمل بالسّاعات الطّوال. بينما تختفي شيئًا فشيئًا الفواصل بين العمل والحياة بسبب اتّباع نهج جداول العمل المرنة، الوظائف غير المربوطة بمكان، والقدرة على حمل أعمالنا معنا في جيوبنا حيثما حللنا. ومن المفارقات أنّ المرونة الّتي تسمح لنا بالتحكّم في جداول أعمالنا تدفعنا أيضًا إلى تجاهل التوقّف حتّى إذا كان من مصلحتنا القيام بذلك. حين لا نحدّ ساعاتِ عملنا، فإنّنا نضحّي بوقتِ النّشاطات الّتي تجدّد طاقتنا. التّمرّن مثلا، والعشاءات العائلية، ولقاء الأصدقاء، وحتّى قضاء الوقت في الطّبيعة، هذه أشياء ضروريّةٌ جدًّا لصحّتنا العقليّة والجسديّة على المدى الطّويل، وكذا لإنتاجيّتنا. إذًا كيف يمكنُك الخروج من المكتب في الوقت المناسب وتجنّب المخاطر الصحيّة النّاجمة عن العمل الزّائد؟ إذا كان رئيسُك هو من يطالب بساعات عملٍ طويلةٍ فلا مخرج لك. أمّا إن كنتَ تبقى في العمل طويلاً بعد نهاية الدّوام من تلقاء نفسك، فقد حان الوقتُ لتسأل نفسك عن سبب هذا وعن كيفيّة تجاوزه. سواءٌ كان السّببُ رغبتك في إثبات التزامك، أو محاولتُك إنجاز أكثر ما يمكن، أو مجرّد شعورٍ بالذّنب حيال الخروج "مبكّرًا"، فإنّ الخطوات الأربع التّالية ستساعدك على الخروج من المكتب في وقتٍ مناسب، محسّنةً بذلك صحّتك وإنتاجيّتك في الوقت ذاته. 1. تعود على روتين لنهاية اليوم لاقيتُ صعوباتٍ -تقول الكاتبة- طوال نصفِ سنة 2015 في النّهوض باكرًا. أردتُ أن أصبح شخصًا صباحيًّا، لأنهي ساعات عملي قبل وقت الغداء، لكنّني لم أقدر قطّ على سحبِ نفسي من السّرير قبل السّاعة الثّامنة صباحًا، وأحيانًا بعدها بكثير. كان ممّا ساعدني على تجاوز هذه العادة السيّئة اكتسابُ روتينٍ صباحيٍّ. صرتُ عقِب نهوضي من السّرير أقوم بمجموعةٍ من النّشاطات المتعاقبة لتُبقيني مستيقظةً وتُعدّني ليومي. هذا يعني حاليًّا إعداد القهوة، ممارسة اللغة الفرنسية، القراءة، القيام ببعض تمارين الضّغط، ثمّ أخذ دشّ. كلّ من تلك الأنشطة يُلقيني إلى لاحقه، فلا تسنحُ لي الفرصة للتّفكير في العودة إلى السّرير. العمليّة الّتي تُخرجني من السّرير هي ذاتها الّتي يمكن أن تساعدَ على إخراجِك من المكتب. ربّما سمعتَ عن النّاس الّذين يتّبعون روتينًا استرخائيًّا يساعدهم على الاستعداد للنّوم والمحافظة على توقيتِ نومٍ منظّم. بالطّريقة ذاتها، يمكنك الاسترخاء في وقتٍ منتظم يوميًّا لتتمكّن من الخروج من المكتب في الوقت المحدّد. أفضلُ شيءٍ بخصوص الرّوتين هو أنّه يحفّزك حين يتسلّل إليكَ الكسل. يدفعُك الرّوتين إلى اتّباع عاداتك اليوميّة لتتأكّد من أنّك -في هذه الحالة- ستغادر المكتب في الوقت المحدّد كل يومٍ، دون الحاجة إلى الاعتماد على عزيمتك ولا ذاكرتك. البدءُ -حسب جيمس كلير- يُعطيك دفعةً تساعدك على الاستمرار. عليك أن تبدأ قبل أن تجد المحفّز. سيأتي التّحفيز لاحقًا. سيساعدكَ الرّوتين في عمليّة البدء تلك: إذا رتّبتَ مكتبك، وأغلقت بريدك الإلكتروني، وخطّطت للغد في الوقت نفسه كلّ يومٍ، فإنّ هذا الرّوتين سيعطيك دفعةً لتتّجه نحو باب الخروج دون أن تنوي فعل ذلك. يقول تشارلز دويج -كاتب "قوّة العادات"-: "يعطينا الرّوتين الحريّة الذّهنية لنفكّر بما هو مهمّ حقًّا." لا تقتصر فائدة الرّوتين على إنجاز المشاغل، بل تُظهر البحوث أنّ بإمكان الرّوتين والنّظام إعطاء حياتنا معنى أكبر. أجرى علماء النّفس سامانثا هاينتزلمان، جيسون ترنت، ولورا كينج من جامعة ميزوري الأمريكيّة ونشروها في "العلوم النّفسية"، خلصوا فيها إلى أنّ النّاس الّذين يقومون بالأشياء نفسها يوميًّا يشعرون أنّ للحياة معنى أكثر من أولئك الّذين لا يملكون روتينًا ثابتًا. كتبنا سابقًا -تقول كاتبة المقال- عن الأشياء الّتي يقومُ النّاس النّاجحون بإدراجها في روتين نهاية يومهم ليغادروا العمل بنهاية الدّوام، ويجهّزوا أنفسهم لاستقبال اليوم التّالي بشكل صحيح: رتّب مكتبك، احفظ كلّ شيءٍ تعمل عليه، وأغلق كلّ نوافذ البرامج وتبويبات التصفّح. راجع مهامك التامّة عند نهاية كلّ يوم. جهّز قائمة المهام ليوم غد. أبقِ تبويب متصفّحٍ واحدًا تحتاجهُ لإنهاء أهمّ مهمّة لك يوم غد. أبقِ على مهمّة بسيطةٍ جدًّا تبدأ بها يومك غدًا. جزّئ المهام الّتي كنتَ تتلافاها إلى أنشطة أصغر وأسهل. 2. حدد وقت نهاية عمل صارمًا إحدى أسهل الطّرائق الّتي تجعلك تبقى في العمل لوقتٍ متأخّر عدم تحديدكَ وقتا للعودة إلى المنزل. حين كنت أعمل بالتّناوب -تقول الكاتبة- إذا انتهت نوبتي على السّاعة الخامسة، فكن متأكّدًا بأنّني كنتُ أراقب السّاعة انطلاقا من الـ 4:55. لكن مع المواقيت المرنة والعمل الّذي لا ينتهي، فإنّ الوقوع في خطأ تجاوز المقدار الصحيّ من العمل أسهل ممّا تتصوّر. قصد ضمان أن تنجح هذه الطّريقة قم بتحديد موعدٍ لفعل شيءٍ ما بعد انتهاء الدّوام مباشرةً. فالتزامك بموعدٍ سيضطرّك إلى الخروج، وكلّما فعلتَ هذا أكثر، كلّما اعتدتَ على تخطيط يومك لمغادرة العمل في الوقت الصّحيح. هذه هي الطّريقة الّتي اعتمدتُها -تقول الكاتبة- لأسترجع وقت بعد الظّهر من قبضة المماطلة. العملُ من المنزل أعطاني من المرونة ما صعّب عليّ فعل أيّ شيءٍ بعد الغداء، وذلك لمعرفتي أنّ بإمكاني العمل إلى غاية اللّيل لاحترام الآجال إذا لزم الأمر. هذه بالتّأكيد كانت إستراتيجيّةً خطأ، خاصّةً أنّني لستُ شخصًا صباحيًّا، ولا أؤدّي أفضل ما لديّ في اللّيل. هذا ليس وضعًا شاذًّا، بل هو نتاج ظاهرةٍ تسمّى قانون باركينسون، والّذي يقول: "يستطيل العمل حتّى يستغرق كلّ الوقت المتاح لإنهائه." وبعبارة أخرى: يأخذ عملك كلّ الوقت الّذي تخصّصه لإنهائه، فإن خصّصتَ له ساعتين، أنهيتَهُ في ساعتين. وإن خصّصت له اليوم بطوله، فسيحتاج منك إتمامه اليوم بطوله. تمكّنتُ أخيرًا -تقول كاتبة المقال- من جعل ما بعد الظّهيرةِ وقتًا مثمرًا مجدّدًا، وذلك بتحديد وقتِ نهاية عملٍ صارم، وبرمجة نشاطٍ ما في ذلك الوقت أو بعده بقليل. يكون ذلك النّشاطُ أحيانًا عشاءً مع صديقٍ أو حضور حدثٍ ما. وفي أغلب الأيّام كان مجرّد موعدٍ لاستعمال جهاز الرّكض. المهمّ أنّني حافظتُ على ذلك الموعد، ممّا دفعني إلى الانتهاء من عمل اليوم قبله. وهذا ما كتبتُ حول الموضوع سابقًا: الموعدُ الواجبُ الالتزامُ به هو ما يجعلُ هذه المقاربة تنجح. وصلَ شون أَوجل (صاحبُ فكرة وموقع Location Rebel) إلى الاستنتاج ذاته حينما حاول إنهاء دوامه اليوميّ عند منتصف النّهار: برمجَ شون تمارينه، وذهبَ إلى المهرجانات، وحدّد مواعيد غداءٍ وقهوة مع أصدقائه لمساعدته على احترام الأجل الّذي حدّده. إليك بعض الأفكار لأشياء يمكنك برمجتها بعد العمل: قابل زوجتك أو صديقًا للغداء. وافق على العودة إلى المنزل للعشاء في وقتٍ محدّد. اتّجه إلى صالة الرّياضة أو إلى الخارج للتّمرين بعد العمل. ويمكنك مواعدة صديقٍ للتمرّن معًا إذا كان هذا يساعدك على التزام خطّتك. احجز موعدَ حلاقةٍ أو زيارةً لطبيب الأسنان بعد العمل. سجّل في قسمٍ تعليميّ أو فريقٍ رياضيّ. لا تنسَ تسجيل هذه النّشاطات في رزنامتك، وعاملها على أنّها أحداثٌ يجب عليك حضورها في وقتها المحدّد. لمحةُ الأهميّة هذه ستُجبرك على الاستعداد للذّهاب في الوقت المناسب. 3. خطط ليومك بواقعة أكبر إذا لم تكن قائمة مهامّك معدّةً وتامّةً، فإنّك لا شكّ ستبقى في العمل لوقتٍ أطول ممّا تريد. وهذا قد يكون غير صحيّ، لكنّنا عبيدُ قوائم مهامنا، ولا يمكننا تحمّل الاعتراف بأنّنا لم ننهِ ما وجب علينا فعله اليوم. إذا كان هذا الوضعُ مشابها لوضعك، فإنّ ثمّة طريقةً بسيطةً -لكنّها ليست سهلةً بالضّرورة- للحدّ من هذه العادة. وهي متعلّقةٌ بكيفيّة تحضيرك لقائمة مهامّك كلّ يوم. التخطيطُ لأكثر ممّا تقدرُ على إنجازه طريقٌ مضمونٌ نحو الفشل. غالبا ما نقدّر للمهام وقتًا أقلّ ممّا تحتاجُ، وكذا للمقاطعات، وعلى النّقيض فنحن نبالغ في تقدير ما نستطيعه إنجازه خلال يومٍ واحد. مشكلة التّقدير هذه معروفةٌ باسم مغالطة التّخطيط وهي تحدثُ مع الجميع. فمثلا دار الأوبرا بسيدني افتُتحت بعد 10 سنين من التّاريخ المُعلن عنه بادئ الأمر، بل وتمّ تقليص حجمها المخطّط له لإنهائها، كما أنّها كلّفت 102 مليون دولارٍ، في حين كانت التّقديرات الأولى للكلفة 7 ملايين فقط. ميلُنا للوقوع في فخّ مغالطة التّخطيط نابعٌ من تفاؤلنا الزّائد. فنادرًا ما نخطّط للعوائق الّتي ستصادفنا بلا شكّ على طول الطّريق. والسرّ لتجاوز هذه المغالطة هو قلبُ توقّعاتنا: توَقَّع إنجاز عملٍ أقلّ من الّذي تتصوّره في اليوم الواحد. بالغ في تقدير المدّة اللاّزمة لإنهاء كلّ مهمّة. بالغ في تقدير كمّ المقاطعات الّتي ستصادفك خلال عملك. خطّط مع الأخذ بالحسبان لأنّك ستُقاطَع عن العمل، وخطّط لقضاء ضِعف الوقت الّذي تحسبهُ كافيًا لإنجاز كلّ مهمّة، وخطّط لإنجاز مهمّات أقلّ خلال اليوم. كال نيوبورت الأستاذ، والكاتب، وخبير الإنتاجيّة يقترحُ بدء التّخطيط ليومك عكسيًّا، بالبدء من وقت العودة إلى المنزل. افترض أنّك عائدٌ إلى المنزل السّاعة الخامسة أو الخامسة والنّصف عصرًا، ثمّ خطّط لما قبلها حتّى لا يصبح في يومك من المشاغل أكثر ممّا تستطيع التّعامل معه. هذا، ويقترحُ كال أيضًا التّركيز على إنجاز أشياء أقلّ: قائمة المهامّ الأقصر تساعدك -على عكس المتوقّع- في إنجاز أعمال أكثر. فلنقُل مثلًا أنّك تخطّط لإنجاز 10 مهام يوميًّا. وفي غالب الأيّام تحقّق منها 5 أو 6 مهامّ في المتوسّط. أمّا إذا خطّطتَ لإنجاز 3 مهامٍّ فقط في اليوم الواحد، فإنّك على الرّاجح ستُنهيها كلّها. كما لن تراوح مكانك بالقفز بين المهامّ عندما تكون ثلاثةً فقط، ممّا يسهّل الحفاظ على التّركيز. وستشعر بالإنجاز حينما تنهي تلك المهامّ. بل وأنت بهذا تعطي نفسك دفعًا لإنجاز أكثر ممّا خطّطتَ له ليومك، لكنّك على عكس المعتاد ستشعر بالرّضا وأنت تنجز العمل الإضافي لأنّك أدّيت المطلوب منك لليوم. ربّما تُنهي 5 أو 6 مهام في اليوم، أو حتّى أكثر. لكنّك لن تعود إلى المنزل مع قائمة مهام غير مكتملة. بل ستكون تامّة وفوقها مجموعة مهامّ إضافيّةٍ أدّيتها بعد الثّلاثة الأساسيّة. وبهذا يصحبُك شعورٌ جيّدٌ، كما تغادر المكتب في الوقت المحدّد وأنتَ تعرف أنّك أنهيتَ قائمة مهامّك قبل وقت العودة إلى المنزل. 4. راجع تصورك عن "مغادرة العمل" يمكن أن يكون السّماح لنفسك بمغادرة العمل أمرًا صعبًا. إذ ربّما تحسّ بالذّنب للمغادرة قبل الآخرين، أو للتوقّف عن العمل. وربّما توحي إليك المغادرة بأنّك غير ملتزم بما يكفي إذا خرجت في الوقت. هذه بالطّبع كلّها تصوّرات. ولكنّ مغادرة العمل في الوقت المحدّد لا يؤثّر بأيّ شكلٍ من الأشكال على اجتهادك وأنت في العمل، ولا على جودة ما تقوم به. فكيف إذًا يمكنك تجاوز هذا الشّعور المؤنّب بأنّ مغادرة العمل في الوقت المحدّد أمر غير مقبول؟ بمراجعة تصوّرك للطّريقة الّتي تفكّر فيه بها بدل القول "أنا مغادرٌ الآن"، جرّب التّفكير في المغادرة كخطوةٍ نحو شيءٍ آخر: "أنا ذاهبٌ لقضاء وقتٍ مع عائلتي." "أنا ذاهبٌ إلى نشاطٍ مدرسيّ لأشجّع أولادي." "أنا ذاهبٌ إلى صالة الرّياضة لأحافظ على لياقتي." "أنا ذاهبٌ إلى البيت لأطبخ الآن، لأنّ الطّبخَ يريحني، والأكل المنزلي جيّدٌ لصحّتي." "أنا ذاهبٌ للقاء صديقٍ على العشاء، لأنّ اللّقاءات الاجتماعية توطّد علاقاتي بالآخرين." "أنا ذاهبٌ للحصول على قصّة شعرٍ الآن، لأنّ المظهر اللاّئق يرفعُ من ثقتي بنفسي." اعتبارُ نشاطك الموالي ذا أهميّةٍ لحياتك يمكنُهُ إظهار أهميّة الخروج من العمل في الوقت المحدّد. اعتناؤك بصحّتك، والحفاظ على علاقاتك مع رفاقك وعائلتك، والاستمتاع بهواياتك المفضّلة أو أنشطة الاسترخاء، كلّ هذا يصنعُ إنسانًا أفضل، ممّا يضمنُ أداءك لأفضل عملٍ ممكن. سواء كنتَ تعملُ بما يكفي لتقلق من المضاعفات الصحيّة، أو أردت قضاء وقتٍ أطول مع عائلتك، أو ربّما شئتَ فقط اتّباع روتين عملٍ أكثر انتظامًا، فإنّ هذه المقاربات يمكنها مساعدتك على العودة إلى البيت في الوقت المناسب كلّ يومِ، مع الشّعور بالسّعادة والرّضا حول ما أنجزته من عمل. ترجمة -وبتصرف- للمقال 4 Ways to Leave Work On Time Without Feeling Guilty لكاتبته: Belle Beth Cooper
  20. مررنَا جميعًا بمشاكل مقلقة تتعلّق بالبريد الإلكتروني. إذ يمكن أن تنسى إرسال ردّ مهمّ إلى رئيسك في العمل، أو ربّما تُغفل شكوى جادّةً وصلتك. كنتُ -تقول كاتبة المقال- أحضّر طعام العشاء وفكّرت: "هل نسيت إرسال ذلك البريد؟" ثمّ سارعتُ نحو حاسوبي لأتأكّد. مهما بلغ اجتهادك، تبقى إدارة البريد الإلكتروني أمرًا مٌجهدًا . يصل عدد الرسائل الّتي يتلقّاها الموظّف العادي إلى 126 يوميًّا، وهذا الكمّ الهائل كفيلٌ وحدهُ بتصعيب تسجيل الملاحظات ذات الأولويّة، ومتابعة تقدّم العمل. إذا كنتَ تعمل في الدّعم الفنيّ، فالعدد لا شكّ أكبر من ذلك بكثير. وحتّى إذا رددتَ على 99% من الشّكاوى، فإنّ غفلةً واحدةً منك قد تكسر الثّقة. وكلّما كبُر فريقك، كلّما زاد احتمال حدوث ذلك. خاصّةً إذا كنتَ تعمل ضمن فريق دعمٍ كبيرٍ أو عبر عدّة صناديق بريدٍ وارد، فإنّك ستتوه بين من قال ماذا، وأيّ المشاكل حللتَ وأيّها لم تحلّ بعد. وطالما افتقرت صناديق بريدك الوارد إلى للتّنظيم، فإنّ عملك سيبدو في نظر العملاء مفتقدًا للتّنظيم. قبل أن نتطرّق إلى نصائحنا حول اختيار برنامج إدارة البريد الإلكتروني، لنجب عن بعض الأسئلة الأساسيّة. أسئلة شائعة حول نظام إدارة البريد ما هو نظام إدارة البريد الإلكتروني؟ أنظمة إدارة البريد الإلكتروني تخوّل لفِرق العمل تحديد حجم الدّعم الفنيّ دون الإخلال باللّمسة الشّخصية ولا تقليل جودة التّواصل مع عملائهم. أفضل الأنظمة تقوّي إستراتيجيّات الدّعم الفنيّ، وتساعد في رفع المستوى لكلّ عمليّة دعم. كيف يمكن أن يحسن نظام إدارة البريد الإلكتروني من جودة دعمي الفنيّ؟ عبر تبسيط التّواصل، وتدعيم فريقك بأدواتٍ لحلّ المشاكل، فإنّ نظام إدارة البريد الإلكتروني يسمح للدّاعمين الفنيّين بتقديم خدمة عملاء مميّزة. النّظام الصّحيح يشجّع على تحمّل المسؤوليّة والشّفافية داخليًّا، ممّا ينجرّ عنه مباشرةً عملاء راضون. ما هي أهم مميزات نظام إدارة البريد الإلكتروني؟ من أهمّ المميّزات في نظام إدارة البريد الإلكتروني: صناديقُ بريدٍ واردٍ متعدّدةٌ. التعاونُ الدّاخلي. رسائل إلكترونيّةٌ مخصّصةٌ لعملائك. قدراتُ تبليغٍ كبيرة. كما أنّ النّظام الأحسن يوفّر الكثير من الخيارات بفضل تكامله مع الوسائل الأخرى الّتي تفضّل العمل بها. سبع نصائح لاختيار النظام الأفضل في إدارة البريد الإلكتروني لا تعتمدُ أغلب الشّركات أنظمة إدارة البريد الإلكتروني إلاّ بعد وقوع ما لا يحمد عقباه. كأن يدخل فريق دعمهم في دوّامة من الإخفاقات غير المتوقّعة أو تطوّر هائل على نحوٍ سريعٍ لا يسعهم التّعامل معه، ممّا قد يؤدّي إلى موجة غضبٍ عبر وسائل التّواصل الاجتماعي، تشوّه السّمعة في الصّحافة، أو خسارة عملاء مهمّين. آخر ما تريده هو التحلّي بعقليّة "لا تُصلح ما ليسَ مكسورًا". فبدل انتظار وقوع الأسوأ، كنْ مبادرًا في تبنّي تغييراتٍ إيجابية. في مجال الدّعم الفنيّ هذا، يمكن لأنظمة إدارة البريد الإلكتروني إثراء العمل اليوميّ لفريقك، وتحسين تجربة المستخدمين. 1. تحدث إلى فريق الدعم الفنيّ خاصتك، وأشركهم في العملية فريق عملك هو الأنسب في مساعدتك على اختيار نظام إدارة البريد الإلكتروني، فهم الّذين يعملون بجدّ يوميًّا، ليقدّموا الدّعم الفنيّ المناسب باتّباعهم إستراتيجية ناجعة في إدارة البريد الإلكتروني لخدمات المستخدم. تجاهُلُهم في هذه العمليّة يُعتبر سابقةً سيّئةً، لأنّك إذا ما اخترت نظامًا لا يناسب المستخدمين ولا نقاط شكواهم، فإنّ أعضاء فريقك سيتقاعسون في التّأقلم مع هذا النّظام الجديد. إضافةً إلى أنّ عائد الاستثمار من هذا النّظام الّذي اخترتَهُ سيكون أقلّ بكثير من الوضع الطّبيعي لأنّه ما من ضمانات توحي بأنّه الحلّ الأمثل للجميع. عدّ عملية الاختيار فرصةَ قيادةٍ لمديرٍ وداعمٍ فنيّ واحد على الأقل. هذه المجموعة الصّغيرة ستلعب دورًا مهمّا في تشكيل مقاربة الفريق لاحقًا. لذا تأكّد من أنّهما متحمّسان لفرصة المساهمة في التّغيير الإيجابي. 2. تعرف على فوائد البريد الإلكتروني للجميع قبل الخوض في عمليّة اختيار نظام إدارة البريد الإلكتروني، تحتاج إلى قضاء بعض الوقت في التّفكير حول منافع البريد الإلكتروني. ثمّة سببٌ يجعل الكثير من النّاس يعتمدون عليه كوسيلة تواصلٍ، في الدّعم الفنيّ وسواه. إذا حدّدتَ ما يعجبُ فريقَك وعملاءك في تواصلهم معك الآن، فيمكنك التأكّد من أنّ تلك الخصائص ستبقى موجودة في برنامج إدارة البريد الإلكتروني الجديد. إليكَ بعضًا من الفوائد الشّائعة للبريد الإلكتروني: أ. التواصل غير المتزامن: يمكن لفرق الدّعم أن تتمتّع بالمرونة في وقت الإجابة، دون أن ترزح تحت ضغط توقّع العميل إجابة فوريّةً. ب. التعاون: يمكن للعديد من الدّاعمين الفنيّين التّعاون عبر صندوق بريدٍ واردٍ مشتركٍ، والردّ على العملاء من خلال وسيلة تواصل واحدة. ج. الشيوع: ثلاثةُ ملاييرِ إنسان تقريبًا يستخدمون البريد الإلكتروني، وهو وسيلةٌ متاحةٌ بوفرة. لذا فالعملاء لا يحتاجون إلى التعوّد على وسيلةٍ جديدةٍ للحصول على المساعدة الّتي يحتاجونها. د. البساطة: البريد الإلكتروني أداةٌ بسيطةٌ وسهلةُ الاستخدام، فإنشاء عنوان بريديٍّ عبر Gmail، Yahoo، أو Outlook أمرٌ سهلٌ للغاية، وإرسالُ رسالةٍ إلكترونية لا يحتاجُ إلاّ دقيقةً واحدة. هـ. قلة التكلفة: استخدام البريد الإلكتروني خدمةٌ مجّانيّةٌ للجميع، ولا يدفعُ النّاس شيئًا لإرسال الرّسائل. و. التواصل الشخصي: يمكن للبريد الإلكتروني أن يبدو شخصيًّا. فمن السّهولة حينما تراسلُ أحدهم أن تُشعِرهُ بوجودِ إنسانٍ خلف تلك الرّسالة الإلكترونيّة. 3. تحر التحذيرات التي تدل على أن البريد الإلكتروني توقف عن العمل تمتّعُ البريد الإلكتروني بكلّ تلك الفوائد الملموسة لا يعني خلوّه من المساوئ. فمن المحتمل أنّ عملاءك وفنيّيك سيحملون عبء استخدام صندوق بريدٍ مشتركٍ أو قائمة توزيع رسائلٍ إلكترونيّةٍ كلّما توسّع عملك. إليكَ إذًا لماذا لا ينبغي أن تعتمد على البريد الإلكتروني كإستراتيجيّة على المدى الطّويل: أ. غياب السّياق: معالجة المشاكل خارج سياق المضمون العامّ أمرٌ محيّرٌ للفنيّين والعملاء على حدٍّ سواءٍ. فعدم اطّلاع الفنيّ على المراسلات السّابقة يقلّل وبشدّةٍ من فرص حلّ المشكلة في أوّل محاولة. ب. التّشابك والإهمال: عادةً ما تضيعُ بعضُ الرّسائل الإلكترونيّة، أو ربّما يردُّ أكثر من فنيِّ دعمٍ واحدٍ على الشّكوى ذاتها، ممّا يزيدُ من إرباكِ العملاء الّذين اتّصلوا بالدّعم لأنّهم منزعجون، وهذه الأخطاء إنّما تزيدُ الطّين بلّة. ج. غياب التّعاون خلف الكواليس: مشاكل الدّعم المعقّدة تحتاجُ غالبا إلى تعاونٍ بين الفنيّين، لكنّ العمل من وراء الكواليس عبر البريد الإلكتروني قد يكون فوضويًّا. فليسَ من الواضحِ من يأخذ على عاتقه مسؤولية الخطوات التّالية، كما أنّ التّفاصيل المهمّة يمكن أن تضيع في مراسلات البريد الإلكتروني الطّويلة. د. انعدام القدرة على تحرير التّقارير: تقويةُ تجربة العميل يعتمدُ على اطّلاعك على أداء فريقك يوميًّا وتحديدِ أهدافٍ لهم. ولكن مع غياب التّقارير البسيطة حتّى يكون من المستحيل معرفة مستوى الأداء وكيفيّة تطويره. هـ. انعدام المساءلة: في ظلّ استخدام صندوق بريدٍ أو قائمة توزيعٍ إلكترونيّين، يصعُب على المديرين تنظيم محادثاتٍ موجّهةٍ إلى عاملٍ فنيٍّ بعينه. تقييمُ عمل كلّ فردٍ في الفريق تقييمًا عادلاً وسهلاً أمرٌ غايةٌ في الصّعوبة من دون وجود نظامٍ يساعدُ على ذلك. 4. افهم نقاط الضعف المحتملة الأخرى في نظامك الحالي على الرّغم من أنّ القائمة السّابقة تحدّد المشاكل المعتادة الّتي يختبرها مستخدمو البريد الإلكتروني، إلاّ أنّها لم تأتِ على سبيل الحصر. فلا تستثنِ نواحي أخرى من خبرات فريقك أثناء اختيارك لنظام إدارة البريد الإلكتروني. وزّع استبيانًا على أفرادِ فريق دعمك الفنيّ ليجيبوا عليها دون تدوين أسمائهم. قم بعدَها بتحليل النّتائج العامّة من خلال إجاباتهم لتتأكّد من فهمك لأفكارهم. إليكَ بعضًا من الأسئلة الّتي يمكن طرحها: ممّ يشتكي العملاءُ غالبا؟ إذا راسلكَ عميلٌ بخصوص مشكلةٍ يتمّ العملُ على حلّها، ما سبيلُك إلى فهم مراسلاته السّابقة؟ هل أنت راضٍ عن وقت الردّ على العملاء حاليا؟ هل تعلم كم مشكلةً تحلّ يوميًّا؟ كيف تشعُر حيال مستوى الصّلاحيات الّتي تملكها لتُصحّح وضعيّةً سيّئةً خاضها العميل (ردّ الأموال إليه مثلاً)؟ هل تريدُ مزيدًا من الاستقلاليّة في القيام بدورك، أم تحتاجُ إلى المزيد من التّوجيه؟ بمَ تقيسُ مستوى أدائك كلّ يوم؟ هل تشعُر بالارتباك على نحوٍ يوميٍّ عند التّعاون عبر صندوق بريدٍ مشترك؟ إذا أتيحت لك فرصة تغيير شيءٍ واحدٍ في عملك، ماذا سيكون؟ هل تحسّ بأنّ فريق الدّعم الفنيّ يتحسّن أم يتدهور بمرور الوقت؟ صِف معنويّات الفريق! كم يراسلكَ العملاء لإبلاغك بأنّ مشكلتهم لم تحلّ بعد؟ تساعدك كلّ تلك التّفاصيل الدّقيقة على فهمِ كيفيّة تأثير برنامج تنظيم البريد الإلكتروني ضمن سياق إستراتيجيّة الدّعم الفنيّ خاصّتك. ومن المستحسن أن يعطي نظامُ إدارة البريد الإلكتروني الجديدُ للجميع فرصةً لتعديل أو إصلاح إستراتيجيّة دعم العملاء. 5. تخيل الشركة المثالية وتجربة العملاء المثالية يبقى البريد الإلكتروني برغم عيوبه الحلّ الاعتيادي للعديد من الشّركات والعملاء. والعمل الّذي قمتَ به حتّى الآن يساعدك على تقدير كيفيّة استغلال فوائد البريد الإلكتروني دونَ نقائصه. فالعديد من النّاس سيسعون -على سبيل المثال- إلى التّركيز على حلٍّ يُوفّر للعملاء البساطة، والتّكلفة المنخفضة، والتّجربة الشّخصية، مع تقليل سوء التّواصل بين أعضاء الفريق. تصفّح بحثك كلّه، ولخّص احتياجات فريقك وعملائك مراعيًا الأولويّات الأساسيّة. وزيادةً على الدّعم وتجربة العميل، حاول أن تضع في الحسبان قدرة برنامج إدارة البريد الإلكتروني على تحقيق منظّمة كبيرة لوعودها المعلنة، وكيف يتوافق مع قِيَم الشّركة، ويدعم الموقف الإداري عبر أفكارٍ مميّزة. بينما توازن الاختيارات المختلفة، تخيّل كيف يمكن لمكتب مساعدةٍ ديناميكيٍّ أن يحوّل شركتكَ من أعلاها إلى أسفلها. 6. اختبر الحلول التي تتوافق مع احتياجاتك هل يُعقل أن تشتري سيّارةً دون قيادتـها؟ جوابك على الأغلب لا. قارِبْ فكرة اختيار نظام إدارة بريدٍ إلكتروني بالعقليّة ذاتها الّتي تطبّقها على استثمار كبيرٍ في حياتك الشخصيّة. باستخدام الأولويّات الأساسيّة الّتي حدّدها فريقك، قلّص قائمة أنظمة إدارة البريد الإلكتروني المحتملةَ إلى اختياراتٍ تُعدّ على أصابع اليد. وبعدها، خصّص وقتًا لتجربتها جميعًا. اطلب من فريق العمل الّذي اخترتهُ أن يستعملوا كلّ نظامٍ كما يفعلون يوميًّا: بتجهيز التّقارير، وحفظ الرّدود، وإعطاء الأفراد المعيّنين مراسلاتهم، والردّ على "العملاء المفتَرضين" حول المشاكل الحاليّة لترى كيف يظهر السجلّ داخل البرنامج. حاول حتّى تجهيز قاعدةِ معرفةٍ بسيطة، واختبر كذلك توافق البرنامج مع الأدوات الأخرى الّتي تستعملها. على الرّغم من بداهة اختيار البرنامج الأكفأ، فإنّ عليك التأنيّ لتركّز على الاختيار الّذي يسهّل خدمة احتياجات عملائك ويتوافق مع مبادئك. والأهمّ أن تختار البرنامج الّذي يوافق مستوى الدّعم الّذي تطمح إلى تقديمه لعملائك. اتّصل بخدمة العملاء لدى صانعي ذلك البرنامج، وراقب كيف يُبلون. إن لم يرقَ أداؤهم إلى مستوى طموحاتك، فلن يرقى إليها برنامجهم. 7. برنامج تنظيم البريد الإلكتروني الأفضل سيقوي فريقك إذا ما دعمتَ فريقًا بنظامِ إدارة بريد إلكتروني للدّعم الفنيّ، فإنّهم سيساهمون أكثر في حياة العملاء. نظام إدارة البريد الإلكتروني المناسبُ بالإضافة إلى إدارةٍ متفتّحة التّفكير يدفعانِ بفرق الدّعم إلى بذل الغالي والنّفيس في حلّ المشاكل والعمل كمحرّكٍ للتطوّر. ترجمة -وبتصرف- للمقال How to Choose the Best Email Management System لكاتبته: Elizabeth Wellington
  21. أنت تدرك أنّ عليك تفويض المهام. الجميع يقولون: "فوّض المهام أكثر " كما لو أنّ التفويض هو الحل لكل مشاكلك. يمكن أن يكون كذلك، إذا قمتَ به على الوجه الصّحيح. استغرقتُ –تقول الكاتبة- 10 سنواتٍ لأفكّ الشّفرة. إليك إذن التّدوينة الّتي تمنيّت امتلاكها ذلك الوقت لتسهيل تعلم فن التفويض. مفهوم التفويض التّفويض بمفهومه العامّ هو وضع الثقة في شخصٍ آخر وإسناد مهمّة أو مسؤولية إليه، يكون عادةً أقلّ رتبةً منك. يعجبني ذلك التّعريف العام الّذي يبدأ بالثّقة، لكنّه لا يذكر عادةً القرارات مع الأمثلة الّتي يمكن تفويضها، مما يدعو للأسف، فذلك تحديدًا مربط الفرس. لذا فإنّ تعريفًا أحدث يمكن أن يكون: يمكن للتّفويض أن يتعلّق بمساعدة فريقك على التطوّر تماما كما يمكن أن يتعلّق بمساعدتك أنت ذاتك على التطوّر. هو أقرب للفنّ منه إلى تعليمة ثابتة "افعل هذا هكذا دائما". وإليك فيما يلي مجموعةً من الأسئلة الّتي يمكن أن تساعدك على اتّخاذ قرار متى وكيف ومن تفوّض: هل الشّخص على مستوى التوقّعات؟ إذا كانت الإجابة لا، فهل أمتلك ما يمكن أن يدفعه إلى تعلّم ما يحتاج كيما يصبح على قدر التوقّعات؟ أم أنّ تفويضه يشكّل خطرًا على نجاحه في منصبه الحالي؟ إلى أين يريد هذا الشّخص الوصول، وكيف يريد التطوّر؟ وماذا بيدي لمساعدته في مسعاه؟ ما الّذي أجيده ويستعصي عليّ إسناده لغيري، مما يعني أنّه ينبغي تفويض أحد للقيام به؟ ما الّذي لا أجيد فعله ويمكن أن يقوم به غيري على وجه أفضل، دون أن أفرض عليه القيام بعملي؟ هل أنا في مستوى عالٍ غير أنّني أقضي فيه وقتًا أطول "فاعلا" بدل التّفكير والمناقشة واتّخاذ القرارات؟ إذا ما كنتُ كذلك، فإنّني على الأرجح أقوم بعملٍ تعلّقتُ به رغم تقدّم مسيرتي في العمل وينبغي عليّ التخلّي عنه. من الأشياء المساعِدة أيضا السّماح للآخرين بالمشاركة: "هذه بعض الأعمال المسطّرة لديّ، إذا ما شاء أحدكم أخذ شيءٍ منها أو المساعدة، فليُعْلِمني!" الهدف من وراء التفويض ينبغي أن يبدو التّفويض كالهديّة، لا عملًا إضافيًّا ينجرّ عنه يومٌ طويلٌ آخر، ولا مشروعًا بلا طائل. الهدف النّهائي من وراء التّفويض هو أن يشعرَ المفوَّض بشيء مما يلي: رائع، تعلّمتُ الكثير بأداء هذه المهمة. أنا الآن بعدما أدّيت تلك المهمّة مستعدٌّ لفعل كذا وكذا. شكرا على ثقتك بي. هذا التّقدير الضمنيّ لقدراتي أشعرني بالرّضا. وعلى النّقيض، فإنّه لا ينبغي أن يشعر الشّخص بأيٍّ مما يلي: لماذا طلبت إليّ فعلَ هذا إذا كنتَ سترافقني في كلّ خطوة أقوم بها؟ ما فائدتي إذا كنتَ ستتلقّى كلّ التّقدير لقاء العمل الّذي قمتُ به أنا؟ فهمتُ الآن، أنا أقوم بعملك بدلا عنك ! لماذا أنت هنا إذن؟ هذه هي النّتائج الأكثر شيوعًا جرّاء التّفويض السيّء. إضافةً إلى أنّه قد يسِمُك بأسماء مميّزة كالمدير المدقّق، وسارق التّقدير، والاستغلاليّ. أشياء ينبغي القيام بها قبل التفكير في تفويض شخص ما قبل الشّروع في التّفويض عليك بناء قاعدةٍ قويّة. تحتاجُ أن يكون فريقك ديناميكيًّا وعلاقاتك الشّخصيّة بكلّ فردٍ فيه متينة وصحيّة. إذا لم تجب على الأسئلة التّالية بنعم مقنعة، فإنّ عليكَ تحسين بعض الأمور قبل الانطلاق في التّفويض: 1. هل تملك وعيا بالذات؟ تصحيح طريقة أحدهم في القيام بأمرٍ اعتدتَ أو حتّى أجدتَ القيام به قد يكون أمرًا مغريًا. ركّز على ما تحتاج أن تُسندهُ وعلى سبب أهميّته، لا على كيفيّة القيام به، إلاّ إذا سُئلْتَ عنها. حسّن من وعيك بذاتك حتّى تكبح نفسك إذا ما بدأتَ في الثّرثرة حول كيفيّة أداء تلك المهمّة. 2. هل المسؤوليات والمهام لكل دور في فريقك -بما في ذلك دورك- واضحة ومحددة للفريق بأكمله؟ يحتاجُ فريقُ العمل أن يفهم ما هو متوقّعٌ منه كفريقٍ ومن كلّ فردٍ منه، ومنكَ أنتَ أيضًا. تدوينُ هذا والإشارة إليه يعود بالنّفعِ لاحقًا. فريقكُ بهذا سيشعرُ بعزيمةٍ أكبر ويتصرّف وفقًا لذلك. بل وسيتمكّنون من تحديد الأشياء الّتي يريدون تعلّمها أو تجربتها. وزيادةً على هذا، فإنّهم سيتمكّنون غالبًا من استشعار القيمة الّتي تضيفُها أنت إلى الفريق. 3. هل يحترم كل فرد في الفريق –بما فيهم أنت- الآخرين ويثق بعضهم ببعض؟ الثّقة والاحترام المتبادلان هما الطّبقة الأولى في بناء السّلامة النّفسية، والّذي يُعدُّ شرطًا أساسيًّا في إقبال الأفراد على المخاطرة، فالقيام بأشياء جديدةٍ متعلّقٌ كليًّا بما يمكن عدّه أكبر المخاطرات على الإطلاق: الفشل. عمليّة قبول المهام المسندة إلى المرء يمكن أن تُظهر نقاط ضعفه الّتي يسهُل تخفيفها حالَ توفّر السّلامة النّفسية الفعليّة. 4. هل تؤمن وكل عضو في فريقك أن من الآمن الفشل؟ لعلّ هذا يكون الدّليل الأبرز على امتلاك فريقك سلامةً نفسيّةً حقيقيّةً. لكنّهم لن يؤمنوا بأنّ خيار الإخفاق آمنٌ ما لم يخوضوا تجارب تثبتُ لهم أنّه فعلاً شيءٌ آمن. دعهم يُخفقون، وتأكّد من أنّهم يدركون أنّه شيء مقبول، ولقّنهم التعلّم من فشلهم. فأوّلُ لحظةٍ تفقدُ فيها أعصابَكَ أو تبدو عليكَ فيها خيبة الأمل، إنّما تنشرُ فيهم إحساس أنّ الفشل ليس خيارًا مقبولاً. وإنّه لمن الصّعب تخطّي ذلك. 5. هل تعي نقاط القوة وفرص التطور لكل عضو من فريقك بما فيهم أنت؟ التّفويض الّذي يعتمد على نقطة قوّة في المفوَّض تجربة مغايرة عن التّفويض الّذي يُبرز فرصةً للتطوّر. إذ ربّما تحتاجُ في الحالة الثّانية لتوفير المزيد من التّوجيه، والتّشجيع، بل وحتّى التّدريب. ربطُ شيءٍ مفوَّضٍ يجبُ تنفيذهُ إمّا بنقطة قوّة أو بفرصة تطوّر سيُطلعكَ سريعًا على مستوى الجُهد الّذي يمكن أن تتوقّعه، وكذا الوقت الضّروري لإتمامه. 6. هل تعرف كيف يريد كل فرد في فريقك أن يتطور؟ إدراكُكَ لما يريدُه أفرادُ فريقك فيما يتعلّق بتطوّر مسارهم المهني يمكن أن يكشف الكثير من فرص التّفويض. فإذا صادفتَ شيئًا يمكن تفويضهُ إلى أحدهم أن يساعده في تطوير مساره المهني بالشّكل الّذي يريده، فمن العقلانية تفويضهُ به. 7. هل يدرك كل فرد في فريقك الغرض والتوجه والأهداف من وراء عملهم؟ هذه هي الخطوة الأولى في تنسيق فريقك. وكلّما كان فريقك منسّقًا كان من الأسهل تفويض ما هو أصعب من المهامّ، من مسؤوليات وقرارات. التّفويض يُظهر الاختلالات، وذلك أمرٌ طبيعي. تعلّم وتطوّر بفضلها. طالما تمتلكُ تنسيقًا مبدئيًّا أساسيًّا في الفريق، فمن المقبول التعلّم والتطوّر معًا من خلال الأشياء الصّعبة الّتي يُظهرها التّفويض. محاولة التفويض من دون هذه القاعدة القويّة أمرٌ خطير، وقد ينتُج عنه تلك الألقاب القبيحة آنفة الذّكر. 8. هل تملك تعريفًا للنجاح؟ ينبغي لك ولفريقك، من قبل تفويض أيّ مهمّة أو مسؤوليّةٍ أو قرارٍ، أن تمتلكوا فكرةً واضحةً عمّا يبدو عليه النّجاح. فدفعُ نفسك إلى تعريف النّجاح من البداية يضمنُ أنّ التوقّعات واضحةٌ وكذا تركيزَكَ على سبب العمل وهدفه لا على طريقة تنفيذه. 9. راجع نفسك! قبل الانطلاق في التّفويض، لا بدّ من فحصٍ ذاتي أخير لضمان أنّكَ وفريقَك مستفيدون جميعًا من عمليّة التّفويض: إليكَ بعض النّصائح في حال كنتَ قلقًا -وحريٌّ بك القلق- من استغلال أحدهم: تفويض شيءٍ ما مرّةً وحيدةً يمكن أن ينجرّ عنه قيامهم ظلمًا بعملك عوضًا عنك. يمكنك تعديل مسؤوليات عمل أحدهم أو زيادة راتبه إذا كان من المنطقي جعلُ ما فوّضته به جزءًا منتظمًا من عمله. إذا كان أحد أفراد الفريق على وشك الترقّي، فمن المقبول تفويضه عبر نقل بعض المسؤوليات إليه لمساعدته على تحضير وإثبات نفسه. تأكّد فقط أن تُزيح تلك المسؤوليّات الجديدة عن كاهله إذا لم يحصل على التّرقية. 10. وجه، شجع، وامدح! بينما يقوم أعضاء فريقك بالعمل الّذي فوّضته إليهم، تأكد من دعهم كليًّا لتجنوا جميعًا ثمار التّفويض. وجّه سيطرحون أسئلةً فوجّههم. وتأكّد من توفير التّدريب لهم إذا ما احتاجوه، حتّى تمكّنهم من تجريب شيء للمرّة الأولى تجريبًا صحيحًا. اقرنهم مع من يستطيع توجيههم وتزويدهم بالدّعم الإضافي. امنحهم الفرصة ليقوموا بالعمل على طريقتهم. شجّع سيشكّكون في أنفسهم فشجّعهم. افتح قلبك لهم وأطلعهم على أوقاتٍ أحسست أنتَ فيها بالشكّ في قدرتك على فعل شيءٍ أردت القيام به. ذكّرهم بأنّ الفشل مقبول وبما هو متوقّعٌ منهم، وعدّل تلك التوقّعات إذا لزم الأمر. امدح بغضّ النّظر عن النّتيجة، احتفل. إذا كانت نجاحًا، رُدّ الفضل إليهم واعترف بهم بصراحة. وإن كانت إخفاقًا، تحدّث عمّا تعلّمتم جميعًا، واحتفلوا بالتّجربة الّتي خضتموها. والآن إذا اقترحتَ على أحدهم أن يفوّض العمل أكثر، يمكنك أن تريه هذا المقال لمساعدته على التعلّم. ترجمة -وبتصرف- للمقال The Secret Art Of Delegation لكاتبته: Virginia Ulrich
  22. هذه الاكتشافات السيكولوجية الثّلاثة ستساعد فريقك على التّعاون في إيجاد نتائج مبتكرة. أوبر، وAirbnb، والسّيارات الكهربائية، والسيّارات ذاتيّة القيادة والحافلات الّتي تعبر فوق الزّحام، وكلّ شيء صنعه ستيف جوبز في آبل منذ الآيبود: هذه اختراعات زمننا الحاضر. وهي لم تأتِ فقط بالابتكار، بل بالقفزات النّوعية في التخيّل والتّعاون الإبداعي. إنّها من الاختراعات الّتي تدفعنا للتساؤل: كيف وصلوا إلى هناك؟ والأهم، كيف يمكن لفريق عملي الوصول إلى هناك؟ قد تبدو النّتائج النّهائية أنيقة ومرتّبة، لكن يمكنك المراهنة على أنّها لم تبدُ هكذا في أوّل الأمر. التّعاون أمر فوضوي، إذ يأتي الإبداع على نوبات مع بدايات خطأ كثيرة. فلا يوجد مسارٌ خطّي من المشكلة إلى حلّها، ولا صيغةُ سحريّةٌ للابتكار. لكنّ ثمّة طرقًا يمكن للقادة من خلالها تهيئةُ بيئةٍ تشجّعُ الفضول والاستعداد للمساهمة بأفكار جديدة وتقصّي إلى أين تقود. وفيما يلي ثلاث استراتيجيات رئيسية لتعزيز مزيد من التعاون الإبداعي في فريقك. خلق القيود في عام 1974، ترقّى توشيو أوكونو إلى مدير مصنع في الشّركة المحدودة Higashimaru Shoyu Co، وهو مركز تصنيع في اليابان أنتج أكثر من 200 منتج، منها العديد من أنواع صلصة الصويا. في ذلك الوقت، كانت الشركة تصارع للبقاء. وقد أدى وجود سوق مزدحم، وارتفاع التكاليف، وركود الأسعار إلى انخفاض في الأرباح سنةً تلو الأخرى. قبل أوكونو منصبه الجديد بشرط واحد: أن يتمتع بحرية بعث النّشاط في الشّركة. وقد كانت إحدى الطّرق المبتكرة التي استخدمها تسمى لعبة التّنصيف (The Hagen game). فعمِد إلى إزالة نصف أعضاء الفريق وتحدي الّذين أبقاهم لمحاولة القيام بعمل الفريق كاملاً. يقول أوكونو أنّ استبعاد نصف الفريق "يدفع بالمجموعة الباقية إلى إعادة التّفكير في كلّ مهمة يؤدونها والتّساؤل عمّا إذا كانت ضروريّة." بدلاً من إيجاد طرق صغيرة لزيادة الفعالية زيادةً هامشيّةً، حدّد أعضاء الفريق الباقون طرقًا أساسية لإعادة تقييم سير عملهم. يقول أوكونو: "لقد جرّبت قوّة هذا النهج شخصيًا، إذ استمعتُ إلى العمّال وهم يمحّصون عملهم ويخرجون بحلول فريدة قلّلت عنهم عبء العمل. وقد أسميتُها لعبةً لأنّني أردتُ لهم الاستمتاع بالعملية الإبداعية. وبهذا برهنّا أنّ بإمكان النّاس أن يصبحوا أكثر إبداعًا حينما يُحصرون في زاوية ضيّقة. وعلى نفس القدر من الأهميّة، أثبتنا أنّ الإبداع يمكن أن يكون ممتعًا." في النهاية، توصّل الفريق إلى نظامٍ جديدٍ حافظ على سير العمل بسلاسة مع 16 عاملاً فقط من أصل 25 من أعضاء الفريق. ما سمح لأوكونو بعد ذلك بإعادة تعيين أعضاء الفريق التسعة الإضافيين إلى في وظائف أخرى الشركة. وهكذا فالضّغط النّاتج عن إزالة نصف الفريق مكّن الموظفين من التفكير بإبداعٍ أكبر في مهامّهم. لماذا كانت لعبة التّنصيف فعّالة جدًا في تعزيز العمل الجماعي الإبداعي؟ قد تلقي الضّوء على المسألة مراجعة ستّة دراسات متفرّقة نُشرت سنة 2011 في مجلّة الشّخصية وعلم النّفس الاجتماعي في إحدى الدراسات، طُلب من المشاركين التنقل في متاهةٍ، أين وُضع لنصف المشاركين عائق أثناء التنقل في المتاهة. أمّا النّصف الآخر فسُمح له بإكمالها دون مواجهة العائق. ثمّ طُلبَ منهم جميعًا حلّ مجموعةٍ من الجناسات التّصحيفية، فجاءت المجموعة التي تغلّبت على العقبة بإجابات أكثر إبداعًا، على الرّغم من أن المهمّة لم تكن مرتبطةً بالتنقل في المتاهة. افترض الباحثون أنّ الألى واجهوا العائق في المتاهة اضطرّوا إلى التّراجع ذهنيا خطوةً إلى الوراء، وإعادة تقييم الموقف. ولذا عندما واجهوا الجناسات التّصحيفية أخذوا في الحسبان مجموعةَ اختياراتٍ أكبر من تلك الّتي أتى بها الّذين لم يواجهوا العقبة في المتاهة. وهذا شبيه بديناميكية الفريق الّتي لاحظها أوكونو في لعبة التّنصيف. هذه العقلية الأكثر تفتّحًا سمحت لهم بالتّفكير بإبداعٍ أكبر في المهمّة اللاّحقة. وبعبارة أخرى، فإن العقبات تضعنا في إطارٍ ذهني أكثر إبداعًا لحلّ المشكلات. غالبًا ما يأتي الفنانون بأعمالٍ إبداعية باستخدام موارد محدودةٍ للغاية. يمكن للمديرين أيضًا رعايةُ حلول أكثر إبداعًا في فرقهم من خلال خلقِ وهم محدوديّة الموارد. وفي هذا يقول سوهراب فوسوغي -مؤسّس شركة الاستشارات للتّصميم والابتكار Ziba-: "النّدرة تقوّي التّركيز" يمكننا أن نرى مبدأ النّدرة قيد التّنفيذ في فرقٍ إبداعية، فحسب فوسوغي: "كلّ هذا قد يفسّر خاصيّةً مشترَكةً للمنظّمات دائمة الابتكار، إنّها تعملُ بعقليّةِ النّدرةِ حتّى في أوقات الوفرة". قد تُغريك -كقائد فريقٍ- فكرة تخصيص المزيد من الموارد لحلّ مشكلة ما: تمديد الآجال، وإضافة أعضاء للفريق، وتخصيص ميزانية أكبر، أو التخلّص من بعض الشّروط. ولكن، إذا كان هدفك الحلول الإبداعية، فربّما يكون من الأفضل لك القيام بالعكس. حدّد أجلاً طموحًا للمشروع. سمّ المشكلة تحدّيًا يختبر التصوّرات الحالية عمّا يُعتبر ممكنا. قلّل الموارد بتخصيص أرقام ثابتةٍ لكلّ من ميزانية المشروع، وعدد أعضاء الفريق المعنيّين، وكميّة أو أنواع المواد المستخدمة. ضع فريقك أمام تحدّيات توسّع تفكيرهم وتدفعهم لأخذ عدد أكبر من الحلول الممكنة في الحسبان. فالفِرق عادةَ تنجح بفضل توتّر العمل ضمن حدود التحدّي وليس على الرّغم منها. تشجيع النقاش في عام 1948، كان أليكس أوزبورن شريكًا في وكالة الإعلان B.B.D.O -الشركة المُعتبرة الأكثر ابتكارًا في ماديسون أفينيو-، وفي ذلك العام نشر كتابًا بعنوان Your Creative Power (قوّتك الإبداعية)، الّذي حمل أفضل نصيحة له بشأن الإبداع. انتشرت قواعده حول العصف الذهني بالأخصّ، وأصرّ أوزبورن على نهج "لا توجد فكرة سيّئة": ولكن في عام 1958 قرّرت مجموعةٌ من الباحثين في جامعة يايل اختبار قَناعات أوزبورن في تجربة مضبوطة. فجاءوا بمجموعةٍ من الطلاب وقدّموا إليهم أنواعًا مختلفةً من الألغاز الإبداعية لحلّها. قسّموا نصف الطلّاب إلى مجموعاتٍ وطلبوا منهم اتّباع تعليمات أوزبورن. فيما عمل النّصف الآخر من دون تعليمات. خلافًا لطريقة أوزبورن في العصف الذّهني، تفوّق الطلاّب المنفردون كمّا ونوعيّةً. إذ جاءوا بحلول للألغاز الإبداعية أكثر من تلك الّتي أتى بها طلاّب المجموعات. بل وأكثر من هذا، كانت حلولهم أجدى وأكثر فاعلية. أظهرت الدراسات اللاّحقة نتائجَ مماثلةً. وفقًا لعالم النفس كيث سوير: في عام 2003، اكتشفت الباحثة في علم النّفس تشارلان نيميث، أن سرّ العصف الذّهني الإبداعي قد يكون في الواقع النّقيض التّام لنصيحة أوزبورن. إذ أعطت مجموعات من خمسة طلاب مشكلةً واحدةً لحلّها: "كيف يمكن الحدّ من الازدحام المروري في منطقة خليج سان فرانسيسكو؟" ثم أعطت المجموعات 20 دقيقة للتوصّل إلى أكبر عددٍ ممكنٍ من الحلول. وأعطتْ كلّ مجموعةٍ شرطًا من الشّروط التّالية: تعليمات العصف الذّهني، بما فيها قاعدة "لا للنّقد" تعليمات نقاش، بما في ذلك تقديم الاقتراحات للمناقشة وحتّى انتقاد أفكار أعضاء مجموعتك. مجموعةُ مراقَبةٍ بدون تعليمات. تفوّقت مجموعات العصف الذّهني على مجموعات المراقبَة، ولكن بفارقٍ طفيف. فيما حَلّت مجموعات النّقاش أوّلا. توصّلت مجموعات النّقاش إلى حلول أكثر بنسبة عشرين بالمئة (20%) في المتوسّط. والأعجب أنّ التّاثير تواصل إلى ما بعد العصف الذّهني الأوّلي. فبعد أن تفرّقت المجموعات، سأل الباحثون كلّ طالبٍ مشاركٍ إن كانوا يمتلكون أفكارًا أخرى. فقدّم أعضاء العصف الذّهني ومجموعاتِ المراقبة ثلاثة أفكار، فيما جاء المناقشون بسبعة أفكار. علّقت نيميث على البحث بقولها: تقترح نيميث أنّ المعارضة تساعد على الإتيان بأفكار جديد لأنّها تشجّع على إعادة تقييم وجهة نظرنا بعد التّفاعل مع أفكار الآخرين. ومع أنّ نبذ فكرة "لا توجد أفكار خاطئة" أمرٌ أقلّ إيجابية، غير أنّه مفيد: "قد يكون النّقاش أقلّ إرضاءً، لكنّه بالتّأكيد أكثر إنتاجًا. والإبداع الحقّ يحتاج بعض المقايضات." لذا فلتتخلّص من القواعد القديمة الّتي حرّمت الانتقاد، وساعد أفراد فريقك على وضع "الأنا" جانبا، وطرح الأسئلة، والتّفاعل مع أفكار بعضهم البعض بطريقة بنّاءة. أعد تصوير النّقاش على أنّه جزء حيوي إيجابي من كلّ عمليّة إبداعية أو حلّ مشكلة. تعزيز الإيجابية قد تنعكس نتائج الإستراتيجيّات المذكورة آنفا من دون فريق عمل إيجابي ذي ثقافةٍ داعمةٍ لها. فالفرق قد تتخبّط تحت طائلة ضغوط تحقيق توقّعاتٍ تبدو مستحيلة، والنّقاشاتُ قد تنقلب إلى نزاعات وخلافات ونقاط مسدودة. تؤتي هذه الإستراتيجيّات أُكلَها حين تُدعمُ بجوٍّ من الثّقة والإيجابية يسمح للأفراد بالتصرّف بانفتاح وصراحة فيما بينهم، ويتيح تقبّل النّقد كعامل إيجابي، والإخفاق كجزء من العملية الإبداعية. يُظهر البحث أنّ المزاجات الإيجابية تجعلنا أكثر قبولا لتعلّم أشياء جديدةٍ وأخذ اختياراتٍ أكثر في الحسبان. وتجعلنا أكثر تقبّلا للنّقد ووجهات النّظر المخالفة. وعلى النّقيض فإنّ المزاجات السّلبية تضيّق طرق تفكيرنا، مركّزين على المشاكل بدل الاحتمالات. تقترح الخبيرة في دراسة تأثير الحالات العاطفية على العمل تيريسا أمابيلي أنّ الإبداع والمشاعر الإيجابيّة يمكن أن يشكّلا حلقةً مُغلقةً. فالمهامّ الإبداعية تُشعرك بإيجابيّة أكبر، فيما تُشعرك الإيجابيّة بطاقةٍ إبداعية أكبر. بالإضافة إلى أنّ المشاعر الإيجابية تساعدنا على اكتساب موارد سيكولوجيّة واجتماعية تفوقُ سعادتنا المؤقّتة. ما يتيح لنا أن نكون أكثر إبداعًا في المستقبل بفضل مزاجٍ إيجابي نعيشه الآن. وبالمثل، آظهر بحث عالم النّفس باربرا فريدريكسن الفوائد الجمّة للمشاعر الإيجابية على عمل الأفراد، وإبداعهم، وصحّتهم بشكلٍ عام: تعاونت فريدريكسن مع عالم النّفس ومستشار الأعمال مارسيل لوسادا لمعرفة كيفيّة انتقال تأثير الإيجابية على الأفراد إلى ديناميكيّات الفريق. درس لوسادا ستّين فريقًا أثناء عقدهم لقاءات تخطيط إستراتيجي سنويّةً. وهي عمليّة تتطلّب الكثير من الإبداع التّعاوني لكي تنجح. لاحظ فريقهُ وسجّل اللّقاءات من خلف زجاجٍ أحاديّ الجهة، وصنّفوا كلّ عبارة إمّا على أنّها "إيجابية"، أو "سلبية"، أو "محايدة". كما اعتمدوا في التّصنيف معيارين آخرين: هل كان المتحدّث مركّزًا داخليا على المجموعة نفسها، أم خارجيًّا، مراعيًا السّياق الأوسع المحيط بالشّركة؟ هل كان المتحدّث مركّزًا على الدّفاع عن وجهة نظره، أم طارحًا الأسئلة وجامعًا معلومات جديدة؟ رتّب الباحثون أداء كلّ فريقٍ بناءً على مقاييس أعمال مستقلّة. وكان للفرق عالية الأداء نسبة 6 عبارات إيجابية مقابل كلّ عبارة سلبية. في المقابل، كان أكثر من نصف عبارات الفرق متدنّية الأداء سلبيًّا. بالإضافة إلى ذلك، وازنَ الأفراد في الفرق عالية الأداء في عباراتهم بين طرح الأسئلة والدّفاع عن وجهات نظرهم، وبين تركيز داخلي على المجموعة وخارجيّ إلى السّياق الأوسع الّذي تنشط الشّركة خلاله. أمّا الأفراد في الفرق منخفضة الأداء ففعلوا العكس تماما: مالوا إلى التّركيز داخليًّا على الفريق، لم يطرحوا أيّة أسئلة تقريبا، وطوّروا وجهة نظرهم الخاصّة بشكل شبه حصري. تقول فريدريكسن: "لم يستمع أيٌّ منهم إلى الآخرين، لقد كانوا جميعًا في انتظار دورهم للتحدّث." هذا لا يعني أنّ الفريق ينبغي أن يكون إيجابيًّا طوال الوقت ليحقّق النّجاح. فالمشاعر السّلبية لها مكانُها في العملية الإبداعية. إذ أظهرت بعض الدّراسات أنّ "المزاج المحايد أو شبه السّلبي قد يكون أكثر فاعليَّةً في بعض المهام كالتّحليل المنهجي، لأنّه يجعلنا أقلّ عرضةً لأخطاء في التّقدير، أدقّ في تذكّر الأحداث، وأفضل في صياغة حجج أفضل مستوى وإقناعًا." ولكن حين تصبح السّلبية هي المزاج السّائد تتخبّطُ الفِرَق في دوّامة من السّلبية، والتّفكير الضيّق، والدّفاع عن النّفس. للاطّلاع على حلولٍ إبداعية، يقوم المديرون الفاعلون بخلق ثقافاتٍ إيجابية لفرقهم تعزّز انفتاحًا على الأفكار الجديدة، وتشجّع الأسئلة، وتساعدُ الموظّفين على التّفكير في التحدّي الحالي تفكيرًا أوسع. تميل قصص الفرق المبدعة وطرق الابتكار المتعرّجة إلى تكون أجزاءً متساويةً من العلم والفنّ والحظّ. ولكن، ثمّة أشياء يمكنك القيام بها كمدير لخلق ثقافةِ تفاعل نشيط، ونقاش، وتساؤل، وعقليّات منفتحة تُخرج للعلن تلك الأفكار الإبداعية المراوِغة الّتي تميّز الشّركات عن غيرها. تقول ماريسا ماير المديرة التّنفيذية لشركة !Yahoo: ترجمة -وبتصرّف- لمقال: Three Ways to Get Your Team to Think Creatively and Produce the Next Great Idea لكاتبته: Belle Beth Cooper
  23. من الصّعب العمل في وظيفةٍ مللتَ منها، فالاجتهاد أغلب وقتك في عملٍ لا تبالي به قد يكون أثقل من أن تتحمّله. هذا ليس مجرّد إحساسٍ وحسب، فقد خلُصت دراسةٌ استقصائية أجراها فريق هيلدا (Household, Income and Labor Dynamics in Australia) إلى أنّ العمل في وظيفةٍ تكرهُها أخطر على صحّتك النّفسية من البطالة. فكّر في ذلك للحظة: العمل في وظيفةٍ تكرهها يجعلُك أتعسَ من بقائك دون وظيفة. يعزو جون هالتيوانجر كبير الكتّاب السّياسيّين في موقع إليت دايلي ذلك إلى أنّك حالَ البطالةِ تملكُ على الأقلّ أملَ الحصول على وظيفة ممتازة: أنا -تقول الكاتبة- لا أدعوك بالطّبع إلى ترك عملك إن كنت غير سعيدٍ فيه، ولكنّما إن كان عملك السيّء يؤثّر في صحّتك إلى هذه الدّرجة، فربّما من الحكمة أن تحاول تحسينه. يقول نايجل مارش كاتب Fat, Forty and Fired (بدينٌ، أربعينيٌّ ومفصول) أنّ محاولة القيام بتغييرات جذرية في العمل فكرة سيّئة. ويوازن ذلك بمحاولة الالتزام بحمية صارمة، كلاهما سينتهي حتما بالفشل. لذا فهو ينصح بالتّركيز على تغييرات استراتيجية بسيطة لتحسين ظروف عملك. لنُلقِ نظرةً على ثلاثة تغييراتٍ استراتيجية يمكنها تحسين عملك الحالي، وهي مدعومة بالبحث والخبرة: مارس ما تحبه أكثر رغم أنّ وظيفتك تحدّد تماما ما هي مسؤولياتك، غير أنّ العثور على طرق لدمج المزيد من المهام الّتي تستمتع بها يمكن أن يحسّن شعورك العام حول وظيفتك. في هذا السّياق، تمكّن آدم داتشس المدوّن على موقع لايف هاكر من جعل وظيفته السّابقة في خدمة العملاء أكثر مرحًا عندما دمج بها إحدى هواياته: صناعة الفيديوهات والأفلام القصيرة. إذ جهّز شاشة خضراء بمكوّنات بسيطة، واستخدمها في تصوير وإخراج مقطع فيديو لدعم العملاء. وقد أثمرت جهوده: يقترح داتشس إيجاد طرق لدمج الأشياء الّتي تحبّ القيام بها مع عملك الحالي: لا تترك إبداعك وشغفك في المنزل لمجرّد أنّ وظيفتك لا تحتاجهما. حتّى إذا لم تمتلك هوايةً تنطبق على عملك، يمكنك طلب قضاء المزيد من الوقت في ممارسة جوانب عملك الّتي تحبّها حتى إذا لم يكن لديك هواية تبدو قابلة للتطبيق على عملك، يمكنك أن تطلب قضاء المزيد من الوقت في جوانب عملك الّتي تعجبك أكثر. أو حتّى أن تعرض مساعدتك في قسمٍ آخر تهتمّ به. حسّن -أو تخلص من- تنقلك إلى العمل يمكن أن تقضي يومك كلّه في ممارسة عملٍ تحبّه، أو أن تحضر هواياتك إلى مكتب العمل، ومع هذا يبقى التنقّل الطّويل إلى العمل شيئًا مملًّا. نحن نضع في الحقيقة التنقّل إلى العمل في أدنى قائمة الأشياء الّتي تشعرنا بالسّعادة. أظهرت البحوث خطأ الاعتقاد السّائد بأنّ الزّيادة في الأجر أو اقتناء بيت أكبر يمكن أن يعوّضا حالة الأسى الّتي يخلّفها التنقّل الطويل إلى العمل، هذا الأخير سيصيبك باليأس برغمهما. بل أنت في حاجة إلى زيادة أجرك بنسبة أربعين بالمئة (40%) لتعويض أثر التنقّل الطويل إلى مقر العمل. في ضوء هذا البحث -وهذا قد يبدو مخالفا للبديهة- تقترح هيلاري ريتيج، مدرّبة الإنتاجية وكاتبة The 7 Secrets of the Prolific ("أسرار غزارة الإنتاج السّبعة") إطالةَ وقت التنقّل إلى العمل بقولها: لذا تقترح ريتيج الاستغراق في التنقّل إلى العمل، حتّى لا تضطرّ إلى الاستعجال كثيرا. فأنت حين لا تستعجل -تقول ريتيج- "تحسّ بأنّك أكثر تحكّما وضبطًا لنفسك." تقترح ريتيج أيضا التّخطيط لغدك بأفضل ما يمكنك، وأن تتحاشى المُلهيات كالتّلفزيون صباحا، والبريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي عندما يكون الأجدر بك الاستعداد لمغادرة المنزل. اقتراحُها الأخير لتحسين تنقّلك إلى العمل هو تغيير ما تقضي به ذلك الوقت.: وفقا لهيلاري ريتيج فإنّ بعض النّاس يستمتعون حقّا بوقت تنقّلهم إلى العمل. وتشرحُ أنّ هؤلاء النّاس يشعرون بأنّ وقت تنقّلهم إلى العمل وقتٌ هادئ يستمتعون خلاله بفرصة قضاء الوقت وحيدين يقومون بشيء يحبّونه. يمكنك أيضًا تغيير تنقّلك إلى العمل إلى نشاطٍ بدنيّ، مثل المشي أو ركوب الدّراجة. فقد أظهر البحث أنّ النّاس الّذين يتنقّلون إلى عملهم بتلك الطّريقة عوض القيادة أو استخدام وسائل النّقل العامة يكونون أقلّ وزنًا وأقلّ درجة في مؤشّر كتلة الجسم BMI شخصيًّا -تقول الكاتبة- أحبّ فكرة قضاء وقت تنقّلي إلى العمل في القيام بشيء مسلٍّ، كالاستماع إلى بودكاست أو قراءة كتاب. أمّا إن كان المشي أو الدرّاجة ما يسعدك، فاختر التنقّل النّشط لتبدأ يومك بحيوية. جد غايةً من وراء عملك التنقّل إلى العمل أقلّ ضغطًا حين تكون في طريقك إلى شيءٍ تستمتع به. وإحدى أفضل الطّرق للاستماع بعملك أن تجد فيه هدفًا شخصيًّا ساميا. للأسف، فإنّ استطلاعًا للرأي ضمّ اثني عشر ألف متطوّعًا (12000) من ميادين مختلفة خرج بنتيجة أنّ خمسين بالمئة (50%) منهم لا يشعرون بأنّ لعملهم غايةً ولا معنى. ووفقا للدّراسة الاستطلاعية ذاتها، فإنّ أولئك الّذين يرون في عملهم غايةً أقرب بثلاثة أضعاف إلى البقاء في ميدانهم الحالي. وقد تبيّن أنّ فكرة استشعار الموظّف غايةً من عمله من عدمها هي الأعلى تأثيرًا في شعوره بالرّضا في عمله من أيّ عاملٍ آخر. لم يكن هؤلاء الموظفون أميل للبقاء في وظائفهم الحالية وحسب، لكنهم أبانوا أيضًا عن رضاهم عن وظائفهم بمقدار مرّة وسبعة أعشار المرّة (1,7 مرّة) موازنةً بالآخرين، وكانوا أكثر انغماسا منهم في عملهم بمرّة وأربعة أعشار المرّة (1,4 مرّة). "الغاية من وراء الوظيفة" هي إحدى الأفكار المجرّدة الّتي يصعب تعريفها أو تحديدها، لكنّ مشروع بحثٍ في ستانفورد يمكنه مساعدتنا في فهم معناها وكيفية الحصول عليها. فالسّعادة والغاية -وفقا لهذا المشروع- شيئان مختلفان: فبينما نستخلص السّعادة من الأخذ -أو التّركيز على ما نأخذه- من الآخرين، فإنّ الغاية تُستخلصُ ممّا نعطيه لهم أو كيف نساعدهم. إذن كيف يمكنك تطوير الغاية الّتي تنالها من عملك؟ الطّريقة الأولى هي التّركيز على إجابة سؤال "لماذا؟". فبدل التّركيز على ما تقوم به، ركّز على سبب قيامك به. فمثلا، في دراسة على عمّال النظافة بأحد المستشفيات، رأى عمّال النّظافة أنفسهم جزءًا من فريقٍ يساعدُ على شفاء المرضى. بدل التّركيز على جانب التّنظيف، ركّزوا على السّبب وراء عملهم. فشعروا بأنّهم يساعدون الآخرين، وهذا أمر مفصليّ في الإحساس بوجود غاية سامية من وراء عملك. الطّريقة الأخرى تكمن في التّركيز على العلاقات الشّخصية في العمل. إذ وجد بحث غالوب أنّ العمّال المتعلّقين بعملهم يمتلكون صديقًا مفضّلا في العمل. في حين أظهر بحثٌ آخر أنّ قضاءَ وقتٍ اجتماعيّ في العمل يحسّن اليوم ككلّ. إذا امتلكتَ صديقًا في العمل يمكنكَ مساعدته، فذلك يزيد من شعورك بأنّ لعملك غاية سامية. ولا تقتصر مساعدتك له على أشياء متعلّقة بالعمل حتّى، إذ يمكنك مساعدته في الخروج لتناول فنجان قهوة، أو صُحبتُه في تمرينِ وقت الغداء، أو مجرّد الاستماع إليه حين يحتاج أذنًا مصغية. النقطة الأهم هي أن تبحث عن طرقٍ لمساعدة الآخرين في العمل. فكّر في السّبب وراء عملك: من تساعد في عملك وكيف؟ حاول مساعدة الآخرين في المكتب بمدّ يد العون حين تكون متفرّغًا. فكلّما أعطيت أكثر، شعرتَ أكثر بأنّك تقضي وقتك بطريقة مفيدة. وهذا سيجعل المجيء إلى العمل أسهل بكثير. ختامًا، ليست كلّ الوظائف قابلةً للإصلاح، فقد تجد أنّ هذا ليس سوى وقت الانتقال إلى دورٍ آخر أو شركةٍ أخرى. ولكن إذا ما كنت تعاني لأجل الشعور بالرّاحة تجاه عملك، فجرّب هذه الاقتراحات. قد تتفاجأ حين ترى كم يمكن للعمل أن يصبح أفضل إذا كنت تقوم بشيءٍ تستمتع به وتساعد عبره الآخرين. ترجمة -وبتصرف- لمقال: The Art and Science of Loving Your Job لكاتبته: Belle Beth Cooper
  24. إنّ رأي المرء في نفسه، وتصوّره عن حدود إمكانيّاته، كلاهما يؤثّران في مدى نجاحه الفعلي. والعقليّة التي يملكها هي ما يصنع الفرق في رؤيته للكوب نصف ممتلئ أو نصف فارغ. اشتهرت فكرة "العقليّة السّاعية إلى النّموّ" ضدّ "العقليّة الثّابتة" بفضل عالمة علم النفس في ستانفورد كارول دويك في كتابها "العقلية: سيكولوجيّة النجاح الجديدة" الّذي يلخّص سنوات بحثها العديدة حول فكرة أنّ تغيير معتقداتنا -حتى تلك الصّغيرة منها- يمكن أن يغير حياتنا تمامًا. يفترضُ ذو العقلية الثابتة أن كل شيء عنا (ذكاءنا، قدراتِنا الإبداعيةَ …إلخ) ثابتٌ ولا يمكن تغييره مهما رغبنا في ذلك. الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من العقليات يفعلون أي شيء لتجنب الفشل، وهم يركّزون بشدة على الظّهور بمظهر الأذكياء العارفين بكلّ شيءٍ. لذا يتجنّبون التحدّيات، ويشكّكون في أنفسهم كثيرا، ويستسلمون بسهولة. العديد من النّاس ذوي عُقد النّقص يمتلكون هذه العقلية (بما في ذلك أنا - يقول كاتب المقال-). ونتيجةً لعُقد النّقص وتلك العقلية الثّابتة، تراهم يَثبطون بسرعة، ونادرًا ما يبلغون الاستغلال الأمثل لإمكانياتهم الكامنة. على النّقيض، ترى ذوي العقلية السّاعية للنمو، مقبلين على التحدّيات بحماس، متعطّشين للتعلّم، ورافضين للاستسلام. هم يركّزون على النموّ الشّخصي، والتحسّن المستمر. ونتيجةً لذلك، ينتهي بهم المطاف بنجاحاتٍ أكبرَ في الحياة. تتشكّل هذه العقليات فينا في سنٍّ مبكّرة، وتؤثّر على علاقاتِنا، الشّخصية منها والمهنية. وكذا على مواقفنا في مواجهة الفشل، وعلى سعادتنا. هكذا تشرح دويك الأمر في كتابها: الفرق الرئيسي هو أنّ الأُلَى يمتلكون عقليَّةً ساعيةً للنّموّ لا يعُدّونَ إخفاقهم فشلا، بل يرونه تعلّمًا. ذلك الخوف الدّائم من الفشل هو ما يُحبِط تقدّم ذوي العقليّة الثّابتة. وكذا عقدة النّقص تلك الّتي تجعلك تتساءل دوما كيف يراك النّاس. كما قد يؤثّر امتلاك عقلية ثابتة تأثيرًا عميقا في محيط العمل، ويؤثّر حتّى على كيفية تلقّي تعقيبات الموظّفين. تأثير العقليتين على تعقيبات الموظفين يصبح بحث الدّكتورة دويك أكثر إثارة للاهتمام حين يتعلّق الأمر بتعامل هاتين العقليّتين مع تعقيبات الموظّفين. إذ استدعت عيّنات بحثها من الموظّفين إلى مختبرها مجدّدا لدراسة تفاعل الدّماغ مع تلقّي التّعقيبات بعد إجابتهم على أسئلة صعبة. خرجَتْ من ذلك بنتيجة أنّ ذوي العقليات الثّابتة تجاهلوا المعلومات الّتي يمكن أن تساعدهم على التحسّن. بل والأسوء أنّهم لم يستمعوا إلى الإجابة الصّحيحة للأسئلة الّتي أخطأوا فيها إجابةً خطأ، لأنّهم صنّفوها مسبقا في خانة "الفشل". لقد أذعنوا بالاستسلام بالفعل. أمّا من ناحية أخرى، فإنّ أولئك الّذين يحملون عقليّةً ساعيةً للنموِّ اهتمّوا بالمعلومات التي يمكن أن تساعدهم على توسيع معارفهم، وسعوا في أثر التّعقيبات حتى وإن أجابوا خطأً، لأنّهم رأوا في ذلك فرصة للتعلّم والتطوّر. إنّ تركيز ذوي العقليّة السّاعية للنموّ ينصبّ على النموّ وحده، بينما كان ذوو العقلية الثّابتة مركّزين على الفشل. إنّ هذا مثيرٌ عندما يتعلّق الأمر بتلقّي موظّفٍ للتّعقيب، ولكن ماذا عن المديرين؟ ماذا يحصل إذا كانت عقليّتك ثابتةً، وكنتَ مسؤولاً عن تنميةِ وتطويرِ فريقِ عملٍ؟ يمكنني -يقول الكاتب- أن أرى أنّ هذه مشكلة كبيرة في العديد من الشركات، أين لا يتلقّى الموظّفون التّوجيه الّذي يستحقّونه. وهذا يذكّرني بتجربة روبرت روزنتال النّقسية الشّهيرة سنة 1964 الّتي أشرك فيها معلّمي مدرسةٍ ابتدائيةِ. كان الهدف من التّجربة معاينة ما يحدث إذا أُخبِر المعلّمون بأنّ طلاّبًا معيّنين يمتلكون مقوّمات النّجاح. جاء روزنتال باختبار ذكاء اعتيادي (IQ test)، وزيّف عنوانه إلى "فحص هارفرد للاكتساب غير الطبيعي". ثمّ قال للمعلّمين بأنّ هذا الفحص يمكّن من توقّع الأطفال الّذين كانوا سيشهدون تطوّرا في مقياس ذكائهم. اختار بعدها عيّنة عشوائية من الطلاّب وأوهم المعلّمين بأنّ أولئك الطلاّب يختبرون نموّا في مستوى الذّكاء. وجد بحثه أنّ تلك التوقّعات تؤثّر في تعامل المعلّمين اليومي مع الأطفال. فهم يعطون أولئك الّذين يتوقّعون نجاحهم وقتا أطول للإجابة وتعقيبات أكثر تحديدًا. وهذا درسٌ مهمّ لكلّ المديرين. إذن فالسّؤال الّذي يطرح نفسه هو: كيف تكتسب عقليَّةَ نمو؟ سأشارككم بعض النّصائح، ولكنّ أهمّ شيء هو أنّ البداية هي رفع المرء من ثقته بنفسه. الثقة هي البداية نشرتُ -يقولُ الكاتب- منذ بضعة أشهر مقالا بعنوان "لماذا الثّقة هي سرّ النّجاح في الحياة؟ أين شرحتُ كيف يمنعنا نقص الثّقة من الكثير في الحياة. إذا تعلّمتَ رفع ثقتك بنفسك فإنّك ستجهّز نفسك لاكتساب عقلية نموّ. والمفتاح هو أن تنتشل نفسك من عقلية عقدة النّقص. والقول هنا أسهل من الفعل، ولكنّك إن تعلّمت أنّ الفشل أمرٌ مسموح به، فأنت جاهز. تبيّن لي بعد كلّ البحث الّذي قمتُ به تحضيرًا لهذا المقال، أنّ جذور تلك العقلية الثّابتة هو عدم تقديرك لنفسك. لذا فمن المهمّ أن تصبح قادرا على بناء تلك الثّقة بالنّفس عبر القيام بأشياء لتحسّن من نفسك، كالتّمارين الرّياضية، والتّفكير الإيجابي، والتأمّل …إلخ. خمسة طرائق لاكتساب عقلية نمو كما ذكرت آنفا، أنا أؤمن أنّ كلّ هذا يبدأ برفع ثقتك بنفسك. لكنّ ثمّة طرائقَ أخرى تمكّنك من اكتساب عقلية نموّ. 1. حادث نفسك أصحابُ العقلية الثّابتة غالبا ما يناقشون أنفسهم: "هل يمكنني فعلا القيام بهذا؟ ماذا إذا فشلت؟ هل سيسخر مني الجميع؟". تعلّم كيفَ تُخرسً ذلك الصّوت. رُدّ عليه وأقنع نفسك: "بالطّبع يمكنني القيام بهذا، ولا أحد سيسخر منّي، هذا سخيف." 2. اعتبر الكوب نصف ممتلئ (فكر بإيجابية) تذكّر دوما أنّ إخفاقَك في شيءٍ ما يفتح أمامك خيارين: إمّا أن تعتبره فشلاً، أو فرصة. الأمر عائد إليك. لذا حاول دومًا إيجادَ شيءٍ إيجابي في كلّ انتكاسة. 3. افرح بالانتصارات الصّغيرة افهم أنّ كلّ شيءٍ عبارةٌ عن عمليّة تعلّم، لذا احتفل بانتصاراتك الصّغيرة، وذكّر نفسك بأنّك تتعلم كثيرًا. هكذا ستدرّب نفسك ببطءٍ على اكتساب عقليّة تعلّمٍ ونموٍّ دائم. 4. سطر لنفسك أهدافًا واقعية من المهمّ أن تحدّد لنفسك توقّعاتٍ قابلة للتّحقيق. لعلّ الأهداف الّتي تضعها حاليا ليست مناسبةً لك، أو لعلّها طموحةٌ فوق اللاّزم، ما يهيّئك للفشل. لكنّك عندما تحقّق بعض الانتصارات السّريعة، ستواصل رفع ثقتك بنفسك. 5. مرن عقلك ممارسةُ التّمارين مثل اليوغا أو التأمّل طريقةٌ رائعةٌ لتهدّئ نفسَك وتقوّي ذهنك. وهذا بدورهِ يساعدك على رفع الثّقة بالنّفس، ورؤية الأشياء أوضح، مما يساهمُ في اكتساب عقليّةِ نموّ. هل لديك أيّة نصائح تساعد على اكتساب عقليّةِ نموّ؟ ترجمة -وبتصرّف- للمقال Why You Need To Develop A Growth Mindset لكاتبه: Jacob Shriar
  25. التعريف الأصلي للذّكاء العاطفي، وهي عبارة استحدثها بيتر سالوفي (عالم نفس اجتماعي أمريكي، ورئيس جامعة يايل الحالي) وجون ماير (عالم نفس أمريكي من جامعة نيوهامبشر). لنلقِ نظرةً سريعةً إذن على الفرق بين جُزْئَي موضوعِنا: مقياس الذكاء أو IQ: هو مقياسٌ يعتمد على فحصٍ موحّدٍ يَختبرُ ذكاء الشّخص. الذكاء العاطفي أو EQ: هو قياسٌ لمستوى الذكاء العاطفي عند الشّخص، وهو أكثر أهميّة من مقياس الذّكاء (IQ). هذا بالطّبع لا يعني أنّ هذا الأخير - مقياس الذّكاء IQ - غير مهمّ. فهو لا يزال أحسن وسيلة للتنبّؤ بمستوى العمل الّذي يمكنك تحقيقه. فأنت إن أردت أن تصبح طبيبا أو محاميا، لا بدّ تحتاجُ إلى معدّل IQ عالٍ. لكنّ النّجاح في الحياة عامّة والعمل خاصّة؛ أكثرُ تعقيدًا من أن يُربط بنتيجتك في اختبار ذكاء. أكبر سبب يمنع مقياس الذّكاء IQ من توقّع نجاحك أو فشلك في العمل، هو أنّ لكلّ منافسيك مقدارَ ذكاءٍ يقارب ذكاءك، وهنا يصنع الذّكاء العاطفي الفارق. كما أ،ّ ثمّة سببا آخر قد يمنع مقياس الذكاء IQ من أن يكون أحسن متنبّئ بمقدار النّجاح في العمل، وهو متعلّق بما يتمّ قياسه: وفقا لمجلّة هارفرد بينزس ريفيو 'تقرير هارفرد للأعمال' the Harvard Business Review فإنّ اختبارات مقياس الذكاء IQ لها عيوبها. إذ أنّ بعض المهارات الّتي يتم اختبارها كالإلمام بالمفردات، والحساب، والمنطق المكاني ليست ذات علاقة كبيرة ولا فائدة واضحة في مجال العمل. لم تصبح فكرة الذّكاء العاطفي EQ شائعة إلا بعد فترة من نشر سالوفي وماير لعملهما. وذلك بعد أن كتب العالم النفسي دانييل جولمان كتابه الذّكاء العاطفي الّذي تصدّر المبيعات. وسمح لمصطلح "الذكاء العاطفي" باكتساب الشّعبية. نموذج جولمان خماسي الأجزاء كتب دانييل جولمان عن المكوّنات الخمسة للذّكاء العاطفي. والّتي انطوت كلٌّ منها على مقدرة مختلفة نستخدمها في تسيير عواطفنا. 1. الوعي الذاتي وهو قدرتنا على إدراك وفهم مزاجنا ومشاعرنا، وتأثيرهما في الآخرين. إذ ينبغي أن تكون قادرا على مراقبة حالة مشاعرك، وأن تبقيها تحت السّيطرة. هذه المهارة مفيدة جدّا عند محاولة التّواصل بشكل فعّال في العمل لتضمن أنّ موظّفيك وزملاءك استوعبوا بشكل جيّدٍ ما تنوي إيصاله من معلومات. 2. ضبط الذات ونعني بضبط الذّات قدرتنا على التّفكير قبل أن نتصرّف. وعلى نفس القدر من الأهمية تكون قدرتنا على السّيطرة على الأفكار السّلبية وتغييرها، إذ بإمكانها زعزعة مشاعرنا. ينبغي كذلك أن تتعوّد على التغيير والغموض لكي تحقّق ضبط الذّات المطلوب. يغدو تطبيق هذه المهارة بالغ الأهمية عند بناء العلاقات، فهي الرّباط بين الثّقة والاحترام الّذي يتشكّل عند تواصلك مع الموظّفين. وبعبارة أخرى: عندما يرى الموظّفون قدرتك على البقاء هادئا في وجه الأوضاع المقلقة والمثيرة للاضطراب العاطفي، فإنّهم سيشعرون بأنّ بإمكانهم فعلا الاعتماد عليك. 3. التحفيز الذاتي يتطلّب هذا الجزء تحديدنا لأهداف شخصية والعمل على تحقيقها بعقلية إيجابية. وهذا هو الدّافع لإرضاء الذات الّذي كثيرا ما نتحدّث عنه هنا في قسم ريادة الأعمال. 4.التعاطف يتعلّق التّعاطف بإدراك المرء لمشاعر الآخرين من حوله، وما ينبغي فعله حيال تلك المشاعر. نحن نؤمن أنّ التّعاطف هو أحد أهمّ مهارات القيادة الّتي يمكن للمرء اكتسابها، كونه يساعد في العديد من المواقف. ومن أمثلة ذلك معالجة مشاكل الأداء. حيث أنّ التعاطف يساعدك في تحويل مشاكل الأداء تلك إلى فرصٍ لتشكيل روابط أقوى ضمن مجموعتك. 5. المهارات الاجتماعية يُعنى هذا الجزء الأخير بالمهارات الاجتماعية الّتي يستخدمها النّاس يوميا. كالتّعاون، وإدارة النّزاعات، وتوطيد العلاقات. وطريقك لتحسين مهاراتك الاجتماعية يمرّ عبر خلق أرضية مشتركة مع أولئك الّذين تعمل معهم. بحوث ودراسات حول الذكاء العاطفي نُشرت العديد من البحوث حول مدى فاعلية الذّكاء العاطفي في تحقيق النّجاح في العمل والحياة. نشر عالم النّفس كاري تشيرنس أطروحة أسماها “The business Case for Emotional Intelligence” أو (قضيّة الذكاء العاطفي في العمل) أين جمَع بياناتٍ من باحثين آخرين ليبني حكمه حول مساهمة الذّكاء العاطفي الكبيرة في أيّ مكان عمل. بعض النقاط البارزة من الأطروحة في لوريال (L’Oreal): حقّق مندوبو المبيعات الأذكياء عاطفيا مبيعاتٍ أكثر من أولئك الّذي يمتلكون ذكاءً عاطفيا أقلّ. إذ تجاوزوهم بما مقداره 91370 دولارا. كما أنّ عائداتهم خلال السّنة الأولى كانت أكبر بنسبة 63% من عائدات أولئك الّذين تم توظيفهم بالطريقة الاعتيادية. خلُص مركز القيادة الإبداعية في بحثٍ له إلى أنّ الأسباب الرّئيسية في مشاكل المديرين التّنفيذيّين تنطوي على نقائص في الكفاءة العاطفية. وأهمّ ثلاثة منها: تقبّل التغيير. مواجهة صعوبة في العمل ضمن فريق. ضعف العلاقات الشّخصية. دراسة أجريت على 130 مديرا تنفيذيا خرجت بنتيجة أنّ سيطرة المرء على مشاعره ينجرّ عنها تفضيل النّاس من حوله التّعاملَ معه. تبيّن في شركة حواسيب أنّ مندوبي المبيعات الّذين تمّ توظيفهم بناءً على كفاءتهم العاطفية كانوا أقدر بنسبة 90% على إنهاء تدريبهم من أولئك المعيّنين بناءً على معايير أخرى. في اختبار أجري على 515 من قدامى المديرين التّنفيذيّين، تبيّن أنّ الّذين يمتلكون ذكاء عاطفيا قويًّا كانوا أقرب للنّجاح من الّذين كانوا أكثر خبرة أو أعلى درجة في مقياس الذّكاء (IQ). في شركة أمريكية للتأمينات، مندوبو مبيعات التّأمينات الّذي أبانوا ضعفًا في الكفاءات العاطفية كالثّقة بالنّفس، والمبادرة، والتّعاطف، حقّقوا ما متوسّطه 45000 دولار من المبيعات. فيما حقّق أولئك الّذين يتمتّعون بـ 5 على الأقل من أصل 8 كفاءات عاطفية؛ ما مقداره 114000 دولار من المبيعات. أجرى معهد كارنيجي للتكنولوجيا بحثا خرج فيه بنتيجة أنّ 85 بالمئة من نجاح المرء يعود إلى مهاراته في "الهندسة الإنسانية" (human engineering). ونعني بذلك شخصيّة المرء وقدرته على التّواصل، والتّفاوض، والقيادة. أما نسبة 15 بالمئة المتبقيّة فتعود إلى المعرفة التقنية. وأخيرا، وجد عالم النّفس دانييل كانمان أنّ الزّبائن يفضّلون التّعامل مع شخص يرتاحون له ويثقون فيه، على التّعامل مع شخص لا يرتاحون له. حتّى وإن كان هذا الأخير يعرض منتوجا أحسن وبسعر أقلّ. صفات الأذكياء عاطفيًّا نُحصي فيما يلي بعضا من الصّفات الأساسية المتوفّرة في القادة الأذكياء عاطفيا: 1. الرحمة يتمتّع القادة الّذين يمتلكون ذكاءً عاطفيًّا عاليا بالرّحمة. هم يهتمّون بموظّفيهم اهتمامًا كبيرًا، ويُبدون استعدادا دائما لمساعدتهم في أيّة مشاكل تصادفهم، سواء كانت داخل العمل أو خارجه. فهم يهتمّون بالنّاس أكثر من الأرباح. 2. الإخلاص إنّ القادة الأذكياء عاطفيًّا يتحلّون بالإخلاص في كلّ ما يفعلونه. قوّة تحكّمهم في مشاعرهم تمكّنهم من التمسّك بمبادئهم، ورسم طريقٍ واضحٍ يستطيعون شرحه لفريق عملهم. 3. الاحترام لا يحترم القادة الآخرين وحسب، بل يحترمون أنفسهم كذلك. ويمكن لفريق العمل الشّعور باحترام الذّات ذاك وتقديرُه. فهؤلاء القادة الأذكياء عاطفيا يعاملون الجميع معاملة متساوية في كلّ الأحوال. وهم واعون تماما بضرورة تلك المعاملة. 4. الثقة ثمّة خيط رفيع بين التكبّر والثّقة. والقادة الأذكياء عاطفيا يحسنون السّير على ذلك الخيط. فهم قادرون على اتّخاذ القرار دون تردّد ولا مراجعة. هنا تتجلّى ثقتهم في اختياراتهم. ولكنّ أعظم فرق بين مقياس الذّكاء الموحّد IQ والذّكاء العاطفي EQ هو أنّ هذا الأخير يمكن تطويره. إذ يمكنك بالتّدريب واكتساب الخبرة أن تحسّن ذكاءك العاطفي، وتصبح قائدًا أفضل. كيف ترفع مستوى ذكائك العاطفي السرّ الّذي يفضي إلى رفع مستوى الذكاء العاطفي هو الوعي بالذّات. إذ عندما تصبح قادرا على إدراك مشاعرك، يمكنك الاستعانة بالحديث مع النّفس وأساليب أخرى لتغيير تلك المشاعر. وبمرور الوقت، تتحسّن في السّيطرة على مشاعرك وترفع من ذكائك العاطفي. إليك فيما يلي بعض الأفكار الّتي يمكن أن تساعدك في رفع ذكائك العاطفي: 1. استبدال الأفكار الإيجابية بتلك السّلبية عليك العمل على تغيير كل الأفكار السّلبية في رأسك إلى أخرى إيجابية. فبدل القول "أنا فاشل" عندما تخطئ. قل "كيف يمكنني جعل هذا أفضل في المرة القادمة؟" ومع الوقت، ستتعلم كيف تتعامل مع تلك المشاعر السلبية بسهولة. 2. تعلّم التعامل مع الضغوطات الضّغط أمر لا مفرّ منه. والقليل من الضّغط ليس بالشّيء السيّء. لكنّك ينبغي أن تتعلّم كيفية التّعامل مع هذا الضّغط بشكل أحسن، أو على الأقل أن تمنعه من التأثير فيك بشكل كبير. التّدريب البدني مثال رائع، إذ بالإضافة إلى كلّ منافع التّدريب البدني، فإنّه يساعد على تقليل الضّغط. 3. اتخاذ قدوة اختر شخصا أو أشخاصا تعرفهم ممّن يسيطرون على مشاعرهم واقتدِ بهم. راقب ردود أفعالهم في بعض الحالات. شاهد كيف يحدّثون موظّفيهم. ويمكنك حتّى طلب المساعدة أو النّصح منهم. إنّ امتلاك قدوة يمكن أن يرفع ذكاءك العاطفي بشكل سريع. 4. قم بتدوين مذكراتك إحدى أسهل الطّرق لتعزيز الوعي بالذّات هي التدرّب على ذلك الوعي. فكّر فيما تشعر به خلال أوقات متفرّقة من يومك، ودوّنها في دفتر مذكّرات. قم بهذا لمدّة أسبوع. ثمّ اقرأ ما كتبته، وحدّد النّقاط الّتي كان يمكنك تحسينها والنّقاط الّتي أجدت فيها. 5. تواصل مع زملاء العمل السّبيل الوحيد لتعزيز مهاراتك الاجتماعية هو التّطبيق. اخرج للأكل مع زملائك. اذهب إلى اجتماعات الغداء والعشاء، وحاول تقديم نفسك ومحادثة زميل لا تعرفه جيّدا. يمكنك بهذا أن تحسّن العديد من الأشياء كالتّواصل البصري، وضوح حديثك …إلخ. هل تعتقد أنّ الذّكاء العاطفي هو مقياس الذّكاء الحديث؟ شاركنا النّقاش في التّعليقات أدناه.! ترجمة -وبتصرف- للمقال Why EQ Is The New IQ لفريق تحرير موقع officevibe
×
×
  • أضف...