اذهب إلى المحتوى

هشام دهرار

الأعضاء
  • المساهمات

    99
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

كل منشورات العضو هشام دهرار

  1. من مأثورنا العربي أنّ فقيرًا كان يجري عليه من جاره التّاجر كلّ يوم شيء من سمن وعسل، فكان يتقوّت ببعضه، ويرفع الباقي في جرّة يعلّقها فوق فراشه. وحدث ذات يوم أن استلقى وبيده عصاه، وراح يتخيّل: "سأبيع الجرّة بكذا دينار، وأشتري بثمنها عنزًا. فإذا ولدت العنز بعتها واشتريت بثمنها بقرًا". وطال به الخيال إلى أن بنى في أحلامه قصرًا، وتزوّج غانيةً حسناء، وأنجب منها صبيًّا. "أربّيه خير تربية، فإمّا أن يطيعني، وإلا ضربته بالعصا". ورفع عصاه فكسر الجرّة واندلق ما بها على الأرض. ويضرب هذا مثلًا في من يتواكل ويرجو النّجاح، ومن ذلك روّاد الأعمال الّذين يبنون منتجًا، ويأملون جلب المنتَجِ للعملاء. ومقبرة ريادة الأعمال ملأى بأمثال هؤلاء من الشّركات النّاشئة، الّتي فشلت في تحقيق اتّصال بالعملاء فاندثرت وزالت. وقد تبيّن في دراسة حديثة أنّ 75% من الشّركات النّاشئة الّتي يدعمها ذوو رؤوس المال المخاطرون تفشل وتختفي. لهذا ينبغي ألاّ تبني منتجًا وتعلّق آمالك عليه في جلب العملاء. من أمثلة الشّركات الّتي أطلقت منتجًا من دون اكتشاف عملائها قبل الإطلاق، نذكر جوسيرو Juciero، والتي كان منتجها عبارة عن عصّارة بـ 699 دولارًا، بحيث تعصر علبًا من الخضروات والفواكه المقطَّعة، لتنتج عصيرًا باردًا، لكنّ اكتشاف العملاء لإمكانية عصرهم للعلب بأيديهم، جعلهم يتلافون عن دفع الثّمن الباهظ للعصّارة. تُعَدّ عمليتي اكتساب العملاء والحفاظ عليهم صعبة، إذ عليك العمل جاهدًا لإقناع العميل بالتّعامل معك، بل والعمل بجهد أكبر لإقناعه بالتّعامل معك مجدّدًا. وقد أظهرت دراسة أجرتها شركة تحليل المعلومات سي بي إنسايتس CB Insights تحت عنوان "لماذا فشلت 101 شركة ناشئة؟" أنّ 42% من تلك الشّركات كانت قد قدّمت منتجًا أو خدمة لم تكن لهما حاجة أصلًا في السّوق، وهو ما يعني مشكلة عملاء، أو بالأحرى مشكلة عدم وجود عملاء. تعكس التوجّهات الحالية في التّفكير الرّياديّ منهجيّةً تتمحور حول العميل، حيث يدمج روّاد الأعمال من البداية اكتشافاتهم في العمليّة التّخطيطيّة، فيما يسمّى "اكتشاف العميل" "customer discovery"، وينبغي أن تبدأ الرّحلة الرّياديّة بالعثور على ثنائيّة المشكلة والحلّ المتوافقين، أو كما يسمّيها رائد الأعمال المتسلسل، والكاتب، والمدرّس، وأحد مؤسّسي ريادة الأعمال الحديثة ستيف بلانك بـ the problem/solution fit وتعني "تناسب المشكلة والحلّ". ويناقش مارك آندريسن مؤسّس موزاييك Mosaic ونتسكيب Netscape في مقاربة متمّمة، الحاجةَ إلى تحقيق تناسب المنتج والسّوق. بعبارة أخرى، لا تعتقد أنّ بيع جرّة العسل سيجلب الغنى فهذا تبسيط مبالغ فيه، بل عليك دخول السّوق، والسّؤال عن حاجة النّاس إلى سمن وعسل، واكتشاف نسبة السّمن إلى العسل الّتي يفضّلونها، والسّعر الّذي يرونه مناسبًا، وشكل ولون الجرّة اللّذين يرغبون فيهما. وهذا كلّه قبل بيعك لجرّتك. نموذج الأعمال رغم تنوّع نماذج الأعمال، يقترح كاتب "التكبير الليّن" "Scaling Lean" لآش موريا ثلاثة أنواع هي: النموذج المباشر، والنّموذج متعدّد الأطراف، والسّوق. فأمّا الشّركات المباشرة فهي الأشهر، وتنطوي على وجه واحد هو المستخدمون الّذين يصبحون عملاءً، ومن أمثلة ذلك نجد كلًا من: المقاهي، ومحلات التجزئة، والبرامج الخدميّة، والعديد من تطبيقات الهواتف الذكيّة، ومحلاّت القطع الغياريّة. وأمّا في النّموذج متعدّد الأوجه، فالمستخدمون مختلفون عن العملاء، ونجد بينها النّماذج المبنيّة على الإعلانات، وشركات المعلومات الضّخمة، والمنظّمات. وفي جميعها تكون المنتجات مجانيةً للمستخدمين، أمّا قيمتها فتجلب المال من قاعدة عملاء مختلفة. بينما نماذج السّوق فهي نوع معقّد من النّموذج متعدّد الأوجه، إذ يتشكّل من قسميْ عملاء مختلفين، هما المشتَرون والباعة، ونجد كلًا من إيباي eBay وآر بي آن بي Airbnb من أهم الأمثلة المعروفة الّتي تستخدم هذا النّموذج. على الرّغم من أهميّة التّخطيط، إلاّ أنّ إمكانيّة التكيّف مع عمليّته لا تقلّ أهميّةً أيضًا. وحول هذا المفهوم تدور منهجيّة نموذج الأعمال في رسم منهجيّة، على أن تُغيّرها كلّما اكتشفت خطأ توقّعاتك أو تخميناتك، إذ يجري رائد الأعمال في كلّ نسخة أو تطوير تغييرًا بسيطًا على نموذج الأعمال الحاليّ لاستغلال فرص السّوق أمثل استغلال. عادةً ما يكون رواد الأعمال النّاجحون متعدّدي الأبعاد، فيجمعون بين كونهم حالمين وواقعيّين. وفي هذا يناقش آدم جرانت، الأستاذ بمدرسة وارتون للأعمال، ومؤّلف الكتاب الّذي حقّق أفضل المبيعات Originals: How Non-Conformists Move the World والذي يعني "الأصليّون: كيف يُحرّك غير الممتثِلين العالم". إذ يقول فيه بأنّ روّاد الأعمال "قادرون على التعرّف على فكرة جيّدة، والإفصاح دون إسكات أحد لهم، وبناء حلف من المؤيّدين، واختيار الوقت المناسب للتصرّف، وإدارة الخوف والشكّ". نشرت صحيفة أونتربرونور "رائد الأعمال" Entrepreneur قصّة فريد سميث مؤسّس شركة النّقل الشّهيرة فيديكس FedEx، والّذي كتب خلال دراسته في جامعة ييل Yale منتصف السّتّينيّات ورقةً اقتصاديّةً حول الحاجة إلى منهجيّة جديدة في التّوصيل السّريع للمنتجات خلال عصر الحواسيب، إلاّ أنّ أستاذه لم يعجَب بالفكرة وأعطاه درجة C، كونها فكرة غير قابلة للتّحقيق -حسب رأيه-. ليُحوّل سميث فكرته غير القابلة للتّحقيق تلك بفضل التّفكير الابتكاري، والعزيمة المتّقدة، والعمل الجادّ، إلى أوّل شركة توصيل سريع بعد تخرجه، وبهذا غيّر صناعة النّقل إلى الأبد، كما تجسّد في سميث مفهوم جمع رائد الأعمال جزءًا حالمًا، وآخر واقعيًّا. تُقدِّم الاستعارات الرّياضيّة دروسًا رياديّة تتجاوز التبصُّر في التّخطيط واكتشاف العملاء، ففي كرة القدم والسلّة مثلًا، عليك تشكيل فريق لدخول اللّعبة، أمّا في الملاكمة فستدخل تدخل الحلبة وحيدًا، لتقابل منافسك وجها لوجه، وهناك يُقذف بالعديد من الخطط جيّدة التّجهيز عرض الحائط، بمجرّد تلقيك لأوّل لكمة. تغيّرت أمواج التّفكير الرّياديّ، لتتحوّل من إيمان الاقتصاديّ جوزيف شومبيتر خلال القرن العشرين بأنّ "الأفراد هم من يحملون الإبداع" لاستغلالٍ أوسع للسوق وإفادة المجتمع، إلى تبنّي فكرة حاجة الابتكار لفريق، لتعود مجدّدًا إلى فكرة أنّ الأفراد قد يُفعّلون التّغيير الرّيادي، فروّاد الأعمال المنفردون أو "صولوبرونورز" Solopreneurs على سبيل المثال، هم روّاد أعمال مجتهدون يفضّلون العمل منفردين على كلّ النّشاطات الضّروريّة لبدء مشروع رياديّ. ويمتدح الكثير من المستثمرين النّاجحين في الوقت ذاته، فوائد بناء الفرق في ريادة الأعمال، وفي هذا تقول آيلين لي صاحبة رأس المال المخاطر بأنّ النّاس هم ثاني أهمّ عامل بعد السّوق القابل للخدمة في تقييم الشّركات النّاشئة. يساهم تماسك الفريق وتنوّع أفراده في أحقيّته الاستثماريّة واحتماليّة نجاحه الرّياديّ (الشّكل 2.11)، ولذا تُطالِب الكثير من برامج التّسريع accelerator programs - لتسريع نمو الشركات- النّاجحة الشّركات النّاشئة بتشكيل فرق قبل تقديم طلب دخول تلك البرامج، وفي هذا يقول المسرّع تيك ستارز Techstars، والذي يعني نجوم التقنية:"ما نبحث عنه في الشّركات النّاشئة هو الفريق، والفريق، ثمّ الفريق". ويتطلّب برنامج التّسريع بوم تاون Boomtown حضور مؤسّسين اثنين على الأقل طوال فترة تنفيذ برنامجها التّسريعيّ. الشكل 2.11: بينما يحقّق بعض روّاد الأعمال المنفردين النّجاح، تعثر أغلب المشاريع على قيمتها في منهجيّة الفِرق. حفظ الحقوق: "achievement agreement arms business" من rawpixel/Pixaby، تحت ترخيص CC0 قد تعكس التحوّلات العديدة في مصادر الابتكار والتّجريب المتسارع لنموذج العمل، معدّل فشل عالٍ للشّركات النّاشئة، وتُعَدّ قلّة التّخطيط سببًا رئيسيًّا آخر في الفشل، بينما تفشل واقعيًّا أغلب الشّركات النّاشئة خلال سنواتها الأولى بسبب مشاكل تتعلّق بالتدفّق الّقدي. ومع رغبة الكثير من النّاس في وقتنا هذا في تجميع فريق ناشئ، أو دخول حلبة ريادة الأعمال، فلا شكّ وأنّ قد أصبح جزءًا حاضرًا وبقوّة في الرّحلة الرّياديّة. فنرى مثلًا أنّ روّاد الأعمال المتسلسلين يطلقون العديد من المشاريع فيفشل أغلبها، لكن روّاد الأعمال في أيّامنا هذه أشبه بالملاكمين، إذ يقومون مجدّدًا بعض كلّ لكمة تطرحهم أرضًا. الابتكار من النّظريات الأساسيّة لريادة الأعمال فكرة أنّها جالبة للابتكار، سواءً كان ذلك الابتكار إضافةً لمنتج أو خدمة جديدين في السّوق، أو تغييرًا في منتج أو خدمة موجودين فعلًا. ويختصر هذه الفكرة أستاذ الإدارة الشّهير بيتر دراكر بالقول: "روّاد الأعمال يبتكرون". نسجّل طبعًا أنّ الابتكار ليس جزءًا من كلّ المشاريع الرّياديّة على اختلاف أنواعها، بل وحتّى في المشاريع الّتي تبتكر حقًّا، حيث يكون لفظ الابتكار غامضًا. ويزيد الموضوع غموضًا ظهور مصطلحات جديدة تقسّم الابتكار إلى أنواع شتّى، فنجد الابتكار الجذري radical، والمتدرّج incremental، وdisruptive بمعنى المخرّب. هذا وقد يشير مصطلح الابتكار إلى المنتجات أو العمليّات ذاتها، لوجود اختلاف بين ابتكار منتج، وابتكار عمليّة. عندما يتعلّق الأمر بريادة الأعمال، فسيحدث التّدمير الإبداعي creative destruction للأسواق القديمة وتقنياتها الرّديئة لخلق أسواق جديدة، بفضل ما سمّاه شومبيتر في ثلاثينيّات القرن الماضي بـ disruptive innovation ويعني "الابتكار التّخريبيّ". وقد شاع وصف "التّخريبيّ" خلال التّسعينيّات تزامنًا مع الحقبة الأولى للإنترنت، ويُعزى ذلك بدرجة كبيرة إلى اشتهار نظريّة كلايتون كريستنسن (الموضّح في الشّكل 3.11)، والّتي تتحدّث عن الفشل في وجه ما أسماه أوّلا disruptive technology بمعنى "التّقنية التّخريبيّة"، قبل أن يعدّله إلى "الابتكار التّخريبيّ". الشكل 3.11: ساهم كلايتون كريستنسن بالكثير من الأفكار حول الابتكار في ميدان ريادة الأعمال. حفظ الحقوق:"Follow Business of Software - Clay Christensen" من "Betsy Weber/Flickr، تحت ترخيص CC BY 2.0 يصف كريستنسن الابتكارات التّخريبّية بأنّها عادة أفيَد للقادمين الجدد منها للشّركات القائمة، وهذا نظرًا لإيقاع التّخريب الّذي يُنتج اضطرابًا في السّوق، الشّركات القائمة في حيرة من أمرها، فترى أنّ من غير المنطقيّ تخليها عن قاعدة عملائها الحاليّة لخدمة قاعدة العملاء الجديدة الصّغيرة الّتي تتّبع السّوق الابتدائيّ الصّغير المدفوع بتقنية تراها تلك الشّركات أقلّ كفاءةً من تقنياتها؛ وفي الجهة المقابلة، تتحدّى الشّركات النّاشئة الجديدة تلك القديمة القائمة إمّا بإنشاء سوق جديد كليًّا، فتستقطب عملاءً لم يكونوا زبائنًا من قبل لأحد، أو باستهداف أقسام مهملة من السّوق، ثمّ السّيطرة عليه كلّه بمجرّد تحسين المنتج. تعتمد الشّركات الرّائدة في قراراتها لتطوير منتجات جديدة وتسويق الابتكار على دعم الابتكارات التّدريجيّة الّتي تتّكئ على التّقنية السّابقة، وتساعد على استقرار المردود والأرباح، أو تطويرهما في الأسواق القائمة سلفًا. وهذا يفتح الباب للشّركات النّاشئة لتطوير وتقديم ابتكارات تخريبيّة، وتحقيق الفائدة منها. يسرد الجدول 1.11 بعض الابتكارات التّخريبيّة: ابتكارات تخريبية table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } المجال الفترة الزمنية السوق القائم الابتكار التّخريبي التصوير الطبيّ ستينيّات القرن العشرين (1960 إلى 1969) الأشعّة السينيّة X-Rays قدّمت الموجات فوق الصّوتية نوعًا جديدًا من التّصوير الطبيّ، فخسرت شركات الأشعّة السّينيّة السّوق، ولم تستطع مجابهة الابتكار. رغم شرائها لاحقًا للكثير من شركات الموجات فوق الصّوتية. الشاشات تسعينيات القرن الماضي، وبدايات الألفيّة الجديدة. سي آر تي CRT ابتكرت شاشات إل سي دي LCD وإل إي دي LED لتتجاوز تقييدات العرض، مستبدلةً بذلك شاشات سي آر تي الضّخمة والثّقيلة. والابتكارات الأحدث من شاشات قابلة للطيّ، وفحوص القرنية أضافت الكثير من العمليّة والذّكاء إلى تلك الشّاشات لربطها بأجهزة إنترنت الأشياء. التّسلية العشريّة الأولى من الألفيّة الجديدة. تأجير أشرطة الفيديو أطاحت خدمات البثّ عبر الإنترنت بسوق تأجير أشرطة الفيديو، حيث وجدت شركات كثيرة مثل بلوك باستر نفسها عديمة الفائدة والصّلة بالسّوق، كما أنّ تنوّع خدمات البثّ عبر الإنترنت، وخدمات الدّفع حسب الطّلب خرّبا شركات القنوات التّلفزيّة. الجدول 1.11 تخريب نتفليكس Netflix خرّبت شركة نتفليكس -المؤسّسة سنة 1997 في كاليفورنيا- مجال تأجير أشرطة الفيديو ومحلاّته من أمثال بلوك باستر، بفضل خدمة الاشتراك الّتي تقدّمها، والّتي توصل عبرها أشرطة الفيديو مباشرةً إلى منزل العميل. وبما أنّ بلوك باستر ومثيلاتها من المتاجر كانت تعتمد في دخلها على عمولات تأخُّر العميل في إرجاع الشّريط، فلم تستطع مجاراة سهولة وراحة استخدام خدمة نتفليكس مباشرةً من المنزل، وما زاد المنافسة صعوبةً هو انخفاض ثمن الاشتراك في نتفليكس، واعتمادها نموذج العمولة مقابل الشّريط الواحد. ولكن عندما خرّبت تقنية البثّ المباشر عبر التّلفزيون أو الأجهزة الأخرى نموذج أعمال نتفليكس، فقد ضمّنت هذه الأخيرة تقنية البثّ المباشر إلى خدمة التّأجير عبر إرسال الأشرطة. وهكذا اتبعت نيتفليكس في كلتا الحالتين نموذج أعمال يجعلها موزّعًا لمحتوى تصنعه شركات أخرى، لتبدأ في السّنوات القليلة الماضية في تجاوز ذلك النّموذج إلى إنشاء محتواها الخاصّ، وتبعها في ذلك شركات الإنتاج الخاصّ من أمثال ديزني Disney ومارفل Marvel وسي بي سي CBC واتش بي آو HBO، إذ أطلقت كلّ منها منصّة توزيع عبر الإنترنت تخصّها، في خطوة تحضيريّة لسحب محتواها من نتفليكس. طوّر كريستنسن كذلك نظريّة أعمال يجب إنجازها، والّتي تساعد الشّركات على تحديد كيفيّة إنشاء المنتجات والخدمات الّتي يريد العملاء اقتناءها، وذلك عبر البحث عن العامل السّببي وراء عمليّة الشّراء. ويستعمل كريستنسن هنا مفرد عمل للدّلالة على ما يريد الفرد تحقيقه في ظرفٍ ما، تحت أبعاد اجتماعيّة، وعاطفيّة، ووظيفيّة. فمن الأعمال الّتي تحقّقها الجرائد لقرّائها على سبيل المثال هي إعلامهم، وتسليتهم، بينما تختلف تلك الأعمال المطلوبة من الجرائد حين نأخذ بالحسبان قسمًا آخر من العملاء مثل المعلنين، فهي هنا تتضمّن الإشهار، وجذب العملاء، وبيع المنتجات، وقد أُدرجت مقاربة الأعمال الّتي يجب إنجازها في تطوير نماذج الأعمال على شكل خرائط تعاطف مع العميل، ولوحات قيمة مقترحة. تتعارض الابتكارات التّخريبيّة مع التّقنيات المستدامة الّتي تُطوِّر أداء المنتجات الموجودة عبر إضافة خصائص يتبنّاها العملاء الاعتياديّون، بينما تسهّل التقنية التّخريبيّة وصول وافدين جدد إلى السّوق، مع منتجات عادةً ما تكون أبسط، وأقلّ سعرًا، وأكثر راحةً في الاستخدام. يواجه رواد الأعمال والمسوّقون صعوبةً في توقّع كيف سيسير الابتكار الجديد، وفي استباق كيف يتفاعل العملاء معه، كما يصعب توقُّع من سيكون العملاء المتبنّون المبكّرون في المرحلة المبكّرة من ظهور ابتكار جديد. لكن عادةً ما يجدون أنّ قاعدة العملاء الاعتياديّين لا يدركون القيمة في المنتج الجديد بادئ الأمر، بينما ترى أقسام العملاء الجديدة قيمة المزايا الجديدة والأسعار المنخفضة. لتحسّن التطويرات في النهاية، من مزايا المنتج الجديد إلى مستوى يُرضي العملاء الاعتياديّين، ما يسمح له بجذب حصّة أكبر من السّوق. تشارك المركوب الشكل 4.11: أوبر Uber وليفت Lyft هما أشهر خدمات مشاركة المركوب. حفظ الحقوق:"Navigation car drive road gps" من "DariusSankowski/Pixabay تحت ترخيص CC0 خرّبت خدمات تشارك المركوب Ride-sharingصناعة سيارات الأجرة التّقليديّة بتقديمها منصّةً على الهواتف المحمولة تربط الباحثين عن توصيلة بالسّائقين المستعدّين لتوفيرها، وبغدوّها سريعًا رائدة السّوق في هذا المجال، صارت أوبر Uber واجهة الابتكار التّخريبيّ. لم يَعُد على مستخدِم هذه الخدمات رفع يده على قارعة الطّريق أملًا في توقُّف سائق أجرة ليقلّه إلى وجهته. بل ولا عاد بحاجة إلى حمل النّقود الكافية للوصول إليها. إذ تستخدم أوبر نظام دفع مدمجًا بتطبيقها. وهي تكلّف أقلّ من سيارة الأجرة العاديّة أيضًا، كما توفّر ميزات أخرى، مثل: الحريّة في اختيار نوع السيّارة، وسهولة الاستخدام. ولا تزال تطوّر خدماتها إلى أوبر للأكل Uber Eats، وأوبر للمروحيّات Uber Copter. يفضلّ كريستنسن مصطلح الابتكار التّخريبيّ عوض التّقنية التّخريبيّة، لأنّه حتّى خلال إطار عمل نظريّته الأصليّة، لم تكن التّقنية هي القوّة الدّافعة لتخريب الأسواق القائمة، والمنتجات، ونماذج الأعمال؛ بل كان المخرّب هو نماذج الأعمال ذاتها. ويُعَدّ أصل التوتّر في الابتكار التّخريبيّ هو الصّراع بين نموذج الأعمال السّابق الّذي يناسب التقنية الحاليّة، وبين نموذج الأعمال الجديد الضّروريّ لاستغلال التّقنية أو العمليّة التّخريبيّتين. ولهذا تفشل أغلب محاولات الشّركات القائمة في استغلال وتسويق التّقنية التّخريبيّة، لأنّها تغفل عن تغيير نموذج أعمالها ليتناسب مع تلك التّقنية، فيما تُحكِم الشّركات الوافدة حديثًا قبضتها على السّوق نظرًا لامتلاكها سيطرةً على نماذج الأعمال الحديثة المطلوبة. وعليه فقد يغيّر نموذج الأعمال التّخريبي من توزيع الأرباح في صناعة ما، وهو ما يضطرّ المديرين في مواجهة الابتكار التّخريبيّ إلى تغيير نموذج أعمالهم، وتعرف هذه الظّاهرة بابتكار نموذج الأعمال. يعرّف الأستاذ المدرّس في مدرسة لندن للأعمال كونستانتينوس ماركيدس ظاهرة ابتكار نموذج الأعمال على أنّها تحدث عندما تُغيّر شركة قائمة نموذج أعمالها تغييرًا جذريًّا، إذ يقول أنّه قصد احتسابه ابتكارًا فلابدّ "أن يوسّع نموذج الأعمال الفطيرة الاقتصاديّة الحاليّة، إمّا بجذب عملاء جدد، أو بتشجيع الحاليّين على استهلاك المزيد"، وتتطلّب الابتكارات التّخريبيّة عادةً نماذج أعمال تتجاوز كونها مختلفةً عن السّابقة، بل حتى معارضةً لها وللطّريقة التّقليديّة في التّنافس. وتكون الابتكارات الجذريّة على النّقيض من ذلك، منتجات جديدة كليًا مخرّبة للعملاء والمنتجات على حدّ سواء. في سياق الابتكار التّخريبيّ، يختلف ابتكار نموذج الأعمال عن الابتكار المفتوح لنموذج الأعمال الّذي يستغلّ الأفكار الخارجيّة مع الدّاخليّة، فيكون نتاج تعاون وشراكة بين الشّركة وأطراف خارجيّة، ويمكننا أيضًا تعريف ابتكار نموذج الأعمال Business model innovation على أنه إعادة صياغة لمنتج أو خدمة قائمة، بما في ذلك تغيير كيفية تقديمها إلى المستخدم النهائي. كما أنّه يقدّم طريقةً جديدةً في إدارة النّشاط التّجاري قد تحمل معها مزايا أداء جديدة فيما يخصّ التّسعير ومنافذ التّوزيع. ومثال هذا شركة ستيتش فيكس Stitch Fix الّتي تستعين بمعطيات تجمعها عن العملاء لتقدّم لكلّ منهم تصاميم الملابس الّتي تناسبه شكلًا وحجمًا، كما تشحنها إليه في علب إمّا من علامتها الخاصّة، أو من واحدة من العلامات الألف الّتي تملكها في مجموعتها. وبهذا تجنِّب عملاءها عناء التسوّق في المحلاّت. وعلى الرّغم من تقلّبات المستثمرين الّتي خفّضت قيمتها الأوليّة من 5.1 مليار دولار إلى ثلث ذلك المبلغ، فلا تزال الشّركة تعيد اختراع مجال الملابس الأمريكيّة المقدّر بـ 334 مليار دولار. مقترح القيمة يلعب روّاد الأعمال دورًا أساسيًّا في تحديد قيمة منتجاتهم، وهناك بالطّبع مقايسس ماليّة للقيمة، مثل: الأداء الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وقياسات الثّروة والتطوّر. ولكن غالبًا ما يبتعد خلق القيمة عند بداية مشروع شركة ناشئة عن هذه المعايير، ويعتمد على القيمة الفرديّة للعملاء، فمقترح القيمة value proposition في نموذج الأعمال على سبيل المثال، هو ملخّص يصف الفوائد (القيمة) الّتي قد يتوقّعها العملاء من منتج أو خدمة ما، لذا يُعَدّ مقترح القيمة جزءًا أساسيًّا في لوحة نموذج العمل، سنناقشها بتوسّع أكبر في مبحث ( تصميم نموذج العمل). رائد أعمال في الميدان من أويو Odeo إلى تويتر Twitter أنشأ الموظّفان السابقان في جووجل Google إيفان ويليامز وبيز ستون منصة تدوين صوتي (بودكسات) سمّياها أوديو Odeo سنة 2005، ويعترف المهندس بلاين كوك الّذي كان في فريق العمل بأنّهم بعد إنشاء المنصة واختبارها، لم يستخدموها قط، وبعدها بقليل أعلنت آبل Apple عن نيتها في إرفاق كلّ أجهزة الآيبود Ipod بمنصّة بودكاست، وفي ظلّ هذين الحقيقتين: عدم استخدام منتجي المنصّة أنفسهم لها، ومنافسة غير عادلة مع شركة ضخمة، فقد قرّر ويليامز أنّ مستقبَل أوديو ليس في البودكاست. عقدت الشّركة هاكاثونات بين الموظّفين للخروج بفكرة التحوّل الأنسب، حيث ركّز جاك دورسي وهو من موظّفي أوديو الأربعة عشر، جهوده على مشكلة وضعية الشّركة، وفي فبراير من سنة 2006، قدّم هو ونوا جلاس، ومتعاقد ألماني يدعى فلوريان ويبر منصّة أسموها توترر Twttr، وهو نظام يرسِل عبره المستخدم رسالةً نصيةً إلى رقم هاتف، فينشرها النّظام إلى أصدقاء المستخدم. وبعد شهر واحد كان النّموذج الأوليّ جاهزًا. وفي خريف ذلك العام، كان لدى تويتر Twitter كما يسمّى الآن آلاف المستخدمين، وقد أدرك الكثير منهم فائدة المنتج بعد زلزال سان فرانسيسكو، حيث استخدموه لنشر الرّسائل في المنطقة. ترجمة وبتصرف للمقال Launch for Growth to Success، من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيفية تصميم نموذج الأعمال لتمويل المشروع المقال السابق: النمو في عالم الأعمال وآلامه وأبرز الإشارات والتحذيرات ملكية الأعمال والخطة الأولية لإدارة الأعمال نظرة عامة حول رحلة ريادة الأعمال رائد الأعمال وحل المشاكل: كيفية العثور على الحلول الريادية
  2. لا ينتهي عمل رائد الأعمال بمجرّد تدشينه شركته، إذ ثمة تغييرات مستمرّة تتطلّب إدارته، فنمو الأعمال المستدام يستدعي العمل على تحسين أرباح الشّركة إمّا بزيادة إيراداتها، أو خفض تكاليفها، أو كليهما. حيث تشير الزّيادة السّنوية في الأرباح إلى التحسّن، كما تُساعد على توفير التّمويل من البنوك، وجذب ومكافأة المستثمرين، إلى جانب دعمها لفرص فتح متاجر جديدة في مواقع أخرى، وتساعد أيضًا على إعادة استثمار تلك الأرباح في البحث والتّطوير. وبينما ينضج النّشاط التّجاري ويستقرّ، تتبعه الإيرادات والأرباح، وهذا يؤدّي إلى ركود الشّركة أحيانًا ما لم تجري عليها أيّة تغييرات. في بداية شركتك الناشئة سيكون كلّ شيء جديدًا ومثيرًا وأقلّ تعقيدًا -أو على الأقلّ يبدو أقلّ تعقيدًا- مما سيكون عليه مع نموّ المشروع، فلربما لديك الآن موظّف واحد أو اثنان، وأنت تدير الأنشطة اليومية للعملية، بمعنى لا تزال إدارة الأعمال في حدود سلطتك، إلى جانب وضوح هيكل العمل وكونه مباشرًا. لكن بمجرّد انطلاق العمل ومواجهة تحديات التنمية، مثل: تعيين المزيد من الموظفين لمواكبة الطلب، أو إضافة منتجات جديدة، أو التوسع في مواقع جديدة؛ فستحتاج إلى المزيد من الموارد ونهج استراتيجي مختلف لإدارة الأعمال، كما يجب أن تكون على دراية بهذه التغييرات وتوجيه الأعمال في الاتجاه الصحيح لمواصلة نموّها، وعندما تبدأ في فهم علامات النمو، يمكنك تقييم التحدي بطريقة صحيحة والتوصل إلى حلول، ويسمّى المرور بهذه التغييرات بدورة حياة الأعمال، وهي عملية تتكوّن من خمس مراحل أساسية يوضّحها الشّكل 13.10: بدء العمل التّجاري. النموّ. (التوسّع إلى منتجات وأسواق جديدة). النّضج, التّراجع. الموت أو إعادة البعث. الشكل 13.10: تمرّ الشّركات عبر دورات الميلاد، والنموّ، والنّضج، والتّراجع؛ فالموت أو إعادة البعث، ومعرفة دورة شركتك ومجالك يساعدانك على اتّخاذ الخطوات المناسبة في الاتّجاه الصّحيح حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 مراحل دورة الحياة مع وصول الشركات إلى مراحل دورة حياة جديدة، فسيحتاج الملاك إلى ترقّب مؤشّرات التغيير مثل معدّل المبيعات، إذ تشير المبيعات السّريعة إلى مرحلة النموّ، بينما تُفيد المبيعات المستقرّة بأنّ الشّركة في مرحلة النّضج، في حين تُشير والمبيعات المتناقصة بطبيعة الحال إلى مرحلة التّراجع في دورة حياة الشّركة. ومن المؤشّرات كذلك نجد عدم القدرة على مواكبة الطّلب من دون الاستثمار في رأس المال، أو المعدّات، أو التّقنية المستعملة، ومن المؤشّرات الأخرى نذكر: الحاجة إلى زيادة الموظّفين، وتعيين مديرين على المستويين المتوسّط والعالي للإشراف على القوّة العاملة المتزايدة. الحاجة إلى النموّ عبر : تحديث المنتج، أو تقديم منتج جديد، أو دخول سوق جديد. النشوء / مرحلة الولادة تتمحور هذه المرحلة حول اكتساب الدفعة الأولى من العملاء، حيث يُركّز رواد الأعمال فيها على القدرة على توفير المنتج وتسليمه فعليًا، وتنمية قاعدة عملائهم، والحصول على تدفق نقدي كافٍ لمواكبة الطلب، إذ يكون الشاغل الرئيسي هنا هو البقاء في نشاط من خلال كسر التعادل على الأقل، وتُعَدّ هذه المرحلة بسيطةً من حيث الملكية نظرًا لعدم وجود سوى عدد قليل من الموظفين عادةً، وغالبًا ما تكون العمليات غير رسمية، كما قد تكون التقنيّة والأنظمة في حدّها الأدنى، وعادةً ما يلعب المالك العديد من الأدوار لبدء العملية. قد تبدأ وكالة إعلانية عملياتها على سبيل المثال مع المؤسَّسين المشاركين، وربّما موظف أو اثنين يعملون مثل مصمّمي فنون و/ أو مديرين تنفيذيين للحسابات، حيث يكون الهدف في البداية هو كسب العملاء وتقديم الخدمات والمنتجات الموعودة - مثل: الإعلانات التلفزيونية، أو الإعلانات التجارية الإذاعية، أو الإعلانات المطبوعة، أو الإعلانات الرقمية - أثناء استشارة حسابات العملاء وإدارتها، والهدف هو كسب ثقة العميل والتأكّد من دفع العملاء مقابل الخدمات المقدَّمة حتى تتمكّن الوكالة من دفع رواتب موظفيها ومورديها، فالتعادل هو الهدف الأساسي، مما يعني تغطية التكاليف على الأقل، ولكن لم دون رؤية أيّ أرباح حتى الآن. وفي كثير من الأحيان، لن يأخذ مالك الشركة أو أصحابها راتبه لعدّة أشهر، وأحيانًا لسنوات، وذلك من أجل ضمان انطلاق العمل. مرحلة النمو تُعَدّ مرحلة النمو مرحلةً مليئةً بالتغيّرات، حيث تدخل الشّركة مرحلة النمو عندما ترتفع المبيعات بسبب ارتفاع الطلب، فمن زيادات في المبيعات والأرباح، إلى تغلغُل إضافي في للمنتج في السّوق، مع توسُّع قائمة الموظفين المحترفين، وعادةً ما تكون هناك زيادة في الأموال الواردة والصادرة، ويتمثّل العامل الرئيسي في هذه المرحلة في تجنّب الإجهاد النقدي من خلال إيلاء اهتمام وثيق بالتكاليف، وضمان الدفع من العملاء للمنتجات والخدمات المقدَّمة من خلال النظر في التقارير الجارية حول التكاليف والمبيعات اليومية والأسبوعية والشهرية، ويجب في هذه المرحلة وضع أنظمة، مثل: قواعد البيانات، وأنظمة البرامج التي تساعد في تتبُّع العملاء والمبيعات، وتسجيل العمليات الرسمية للتسويق والتقنيّة والإنتاج والموارد البشرية، كما يجب على المالكين أيضًا اتخاذ قرار حول ما إذا كانوا سيستمرّون في الاستراتيجيات الحالية، أو يتجهون لبيع الشّركة، وربما الاندماج مع شركة أخرى لمواصلة النّمو. وعادةً ما يُعيِّن المالك مديرين من ذوي الخبرة لنَقل الشركة إلى المستوى التالي، وفي هذا الوقت قد يحتاج المّلاك إلى الحصول على قروض واستخدام قوة الأسهم أو أسهم الشركة مثل رأس مال للاستفادة من المزيد من النمو. بالعودة إلى مثال الوكالة الإعلانيّة، ففي هذه المرحلة ستخدِم المزيد من العملاء وتتوسّع، فهي تضيف عملاءً جُددًا إلى القائمة، كما تُوظّف المزيد من الموظفين لمواكبة الطلب، وهكذا سترتفع الإيرادات ومعها التكاليف، لذا يجب وضع العمليات في مكانها الصحيح حتى يعرف الموظّفون ما هي مهامهم وكيفية القيام بها، كما ينبغي تسطير برامج تُدير العمليات، مثل: المحاسبة وإدارة المشاريع، وذلك لكون تزايد عدد الأشخاص والعمليات قد يكون غير مسبوق لدرجةٍ قد يكون الاندماج فيها مع شركة أخرى ضروريًا لتكون قادرًا على توفير جميع الخدمات التي يحتاجها العملاء. مرحلة النضج قد تدخل الشّركة مرحلة النضج مع استمرار العمل، وهذا يعني النموّ إلى نقطة تستقرّ فيها الإيرادات والأرباح، حيث يكون هناك عدد كافٍ من الموظفين والمديرين بما يكفي للحفاظ على العمليات، فقد تطوّرت الأنظمة جيدًا في هذا المرحلة وعلى جميع الأقسام، فهي تعمل بكفاءة مع إدارة وتسيير مالي أكبر، ويُعَدّ المفتاح للبقاء نشطًا وتحفيز الأعمال هو بقاؤك مرنًا، والاستمرار في كونك شركة إبداعية وريادية. تُقدّم آبل مثالاً رائعًا على شركة -على الرغم من نمو حجمها وقوّتها- تُواصل الابتكار كما لو كانت شركةً صغيرة؛ ونرى على النّقيض شركات أخرى بها العديد من الموارد، لكنّها أصبحت ناضجةً ومتوازنةً جيّدًا نظرًا لعملها في مجال الأعمال لفترة طويلة، ومع ذلك فعليها أيضًا الاستمرار في الابتكار والتحوّل مع التوجّهات، وهذا هو المكان الذي تتناسب فيه المنهجيّة الليّنة مع الشركات الصغيرة والكبيرة على حدّ سواء فهي تتيح لهم أن يكونوا مبدعين ورياديين، بغضّ النظر عن حجم الشّركة. مرحلة الانحدار مع تغيُّر الصناعات في هذه المرحلة أو فشل أصحاب الأعمال في الاحتفاظ بعروضهم النّاجحة، يصبح التراجع وشيكًا وتتضاءل المبيعات، وعندها قد تقع ولادة جديدة أو موت للشركة. تأثرت على سبيل المثال كلٌّ من سيرز Sears وبايلس Payless مؤخّرًا بتوجّهات التقنيّة والموضة الجديدة التي تؤثّر على تُجّار التجزئة التقليديين، فتحوّلت طريقة تسوُّق العملاء من قضاء الوقت في التصفح والتسوق في متجر مادّي إلى اعتماد تقنية جديدة للتسوق من أجهزة الحاسوب والأجهزة المحمولة. لقد طوّرت اليوم أمازون Amazon وغيرها من بائعي التجزئة عبر الإنترنت طرائقًا استراتيجيةً لمساعدة العملاء على التسوق لشراء العناصر التي يريدونها بسعر مناسب مباشرةً من أمام أجهزتهم، أي على تُجّار التجزئة ابتكار طرائق تجريبية جديدة لإشراك المستهلك، ومن المثير للاهتمام أنّ شركات، مثل: جو برو GoPro، وفيت بيت Fitbit تُكافح أيضًا مع انخفاض المبيعات بسبب المنافسة وانخفاض الطلب على الكاميرات. مرحلة الولادة أو الموت عندما تكون هناك تغييرات كبيرة في مرحلة الانحدار بحيث لا تتطور الشركة لتلبيها، أو عندما لا يحتفظ صاحب العمل بالشغف أو التركيز أو القدرة على إدارة مشروعه، فالعمل سينتهي. فشلت بلوك باستر Blockbuster في احتضان العصر الجديد للبثّ عبر الإنترنت، وأغلقت متاجرها في عام 2013. وبالمثل، فصغار تُجّار التجزئة والمطاعم وشركات التقنية والمصنّعين الذين فشلوا في الابتكار لا يمكنهم الحفاظ على عملهم، إذ تتلاشى مشاريعهم عادةً. هذا لا يعني أنّ الولادة الجديدة غير ممكنة، فإذا ابتكرت شركة ما وتغيرت لتبنّي التقنية والأفكار الجديدة، فقد تُعيد تشغيل دورة الحياة،حيث شهدت شركة بولارويد Polaroid الرائدة في سوق الكاميرات الفورية، زوالها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما بدأت صناعة التصوير في التحوّل نحو المنتجات الرقمية، فقد أفلست الشركة في عام 2001 وبيعت للعديد من الشركات القابضة (الشركات المسيطرة التي تشتري حصةً في النشاط التجاري ولكنها لا تديرها)، والتي رخّصت اسم بولارويد للعديد من مصنّعي الإلكترونيات. لكن أبرمت الشركة في الآونة الأخيرة اتفاقيةً مع شركة قابضة متخصّصة في إحياء العلامة التجارية لتطوير منتجات التصوير الفوتوغرافي، حيث تتضمّن هذه المنتجات كاميرا فوريّة جديدة وتطبيق بولارويد سوينج Polaroid Swing الذي يتيح للأشخاص إنشاء صور جيف GIF متحرّكة، وهي عبارة عن عدّة صور تُدوَّر بطريقة تُظهر الحركات وتشبه مقاطع الفيديو القصيرة جدًا، وقد أطلقت بولارويد مؤخرًا تقنية كاميرا وان ستب بلاس +Camera OneStep التي تربط الكاميرا بالهاتف من خلال تطبيق، مما يسمح للمصوّر باستخدام تعديلات مختلفة، مع التصوير والطباعة على الفور، وبهذا ساعدت هذه الكاميرا إلى جانب منتجات أخرى من كاميرات بولارويد الفورية، في إحياء العلامة التجارية. آلام النمو عادةً ما يُصاحب توسيع الأعمال التجارية بعض الآلام، لكن قد تشمل الضغوطات المهنية اكتشاف كيفية خدمة العميل بأفضل طريقة ممكنة، وإنتاج المنتج المناسب، وإنشاء علامة تجارية رائعة، وتحديد سعر البيع المناسب، وإدارة النقد، وتفويض المهام للآخرين، وضمان وجود الأشخاص والأنظمة المناسبة. وبالطبع، هناك ضغوط شخصية لإدارة التوازن الصحي بين العمل والحياة وتلبية متطلّبات المشروع. شعرت جيسيكا طومسون، مالكة شركة جونسون سيكيوريتي Johnson Security في مدينة نيويورك، بضغوط النمو في عام 2011، فقد توسعت من ستين إلى سبعين موظّفًا وتوقًعت توظيف عشرة إلى عشرين آخرين في ذلك العام، حيث دفعت أخبار نموّ أعمالها غير المسبوق بـمبيعات الشّركة إلى الارتفاع، وذلك بفضل التقييم الأفضل للعملاء المحتمَلين والعقود المكتوبة بطريقة أفضل. لكنّ ذلك الارتفاع أيضًا زاد من مخاوفها، فقد كان عليها توظيف المزيد من الناس، ثمّ إنشاء البنية التحتية اللازمة لدعم الوظائف الجديدة، كما كان عليها التأكُد من استناد تكاليف مسؤوليتّها إلى تقديرات ساعات العمل، فإذا زاد عدد الموظفين زادت تكاليفها أيضًا. كما جعلها نجاحها المرئي والعام هدفًا لوزارة العمل بولاية نيويورك، التي دقّقت الشركة للتأكد من تصنيفها الصحيح لعُمّالها على أنّهم عمال بدوام كامل لا مجرّد متعاقدين، وقد كانت نتائج التدقيق جيدةً، حيث أثبتت أنّ نموّها كان مستحقًّا، لكنّ الضغط عليها كان شيئًا يلزمها تحمّله لتنجح. عندما سُئل فيكتور كلارك من شركة كلارك إنك Clarke Inc -وهي شركة استشارية- عن تجربته مثل صاحب عمل، قال: "أكبر درس لي هو أن الرّبح مجرّد رأي، أمّا المال فواقع "، كما أكّد معاناته في مرّات عديدة مع التدفق النقدي نظرًا لتجاهله لحسابه الجاري، والكثير من الذمم المدينة المتأخّرة، وقد كانت نصيحته هي الانتباه إلى الحساب الجاري، وعدم عمل شيء يجعلك تخسر المال، مع ضرورة معرفة تكاليفك، ومراجعة أرقامك كلّ شهر . إستراتيجيات النمو تحسين المنتج يمكن زيادة مبيعات منتج جديد بطريقة غير مكلفة وسهلة من خلال تحسينه، وقد يكون هذا عن طريق تحديث التصميم، أو جعله أكثر متانة، أو تغيير حجمه، أو إضافة ميزة جديدة، أو زيادة جودته، فمن الأسهل تحسين المنتج بدلاً من البدء بالكامل من الصفر. خُذ الأجهزة على سبيل المثال، فبدلاً من إنشاء آلة جديدة لغسل الملابس، تُضيف سامسونج Samsung ميزات إلى غسّالاتها باستمرار، فقد غيرت الشركة تقنيتها في الآونة الأخيرة إلى تقنية عالية الكفاءة HE لتوفير المياه والطاقة، وتضمّنت ميزةً منفصلةً تساعد في غسل الملابس يدويًّا. اختراق السوق يستلزم اختراق السوق بيعَ المزيد للعملاء الحاليين من خلال عرض الاستخدامات الجديدة لمنتج موجود، وهذه هي الطريقة الأقل تكلفةً لجذب المزيد من العملاء من داخل السوق، وخير مثال على ذلك هو تعدُّد استخدامات صودا الخَبز (أو بيكاربونات الصوديوم) الّتي تراها في الشّكل 14.10، فحتى عشرينيات القرن الماضي، كانت صودا الخبز تُستخدم مثل عامل تخميرٍ للخبز فقط، لكن مع ظهور الأطعمة الجاهزة في منتصف القرن بما في ذلك المخبوزات الجاهزة، فقد أدّى ذلك إلى انخفاض الطلب على المنتَج حيث يقلّ الخبز في المنزل، ولتعزيز المبيعات، استكشفت كلٌّ من آرم وهامر Arm & Hammer استخداماتها الأخرى وبدأتا في بيعها على أساس مزيلٍ للروائح الكريهة، ومنظّف وعلاج للحموضة المعويّة، وفي صورة إضافة لمنتجات أخرى، مثل: المنظّفات، ومعجون الأسنان. الشكل 14.10: اخترقت آرم وهامر سوق البيكاربونات بتوسيع استخدامات المنتج. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 قنوات توزيع جديدة تُتيح إضافة قنوات توزيع جديدة للعملاء الحاليين المزيد من الطرائق لشراء المنتج، فقد أتاحت الإنترنت على سبيل المثال فرصًا للشركات لتوسيع نطاق وصولها عن طريق بيع معروضاتها عبر الإنترنت، ولنأحذ مثال مخبز مثلًا ، فإضافةً إلى توزيع مخبوزاته في متجره ومن خلال تُجّار التجزئة، يضيف متجرًا عبر الإنترنت. في الحين الذي يمتلك فيه عدد كبير من الشركات مواقع ويب وتطبيقات يمكنها البيع من خلالها مباشرةً للعملاء، يمكن لروّاد الأعمال الذين لا يمتلكون سوقًا إلكترونيّةً على مواقعهم استخدام بوابات، مثل: إتسي Etsy، وأمازون Amazon، وإيباي Ebay، حيث يمكن لصانع المجوهرات على سبيل المثال، بيع سلعه من خلال أحد هذه المواقع دون الحاجة إلى توظيف أيّ شخص لإنشاء موقع ويب أو إدارته لشركته. هذا ويمكن استخدام طرائق أكثر تقليديّة في تنويع أنظمة التوزيع المختلفة، وذلك عبر إتاحة المنتجات في متاجر البيع بالتجزئة، والأكشاك، ومحلات البقالة. خذ مطبخ كاليفورنيا للبيتزا California Pizza Kitchen على سبيل المثال، والتي كانت موجودةً في الأصل مثل سلسلة مطاعم فقط ولكنها الآن صنعت بيتزا مجمَّدة يمكن شراؤها من متجر البقالة. تمديد خط الإنتاج يمكن للشركة توسيع خط إنتاجها لجذب عملاء مختلفين باحتياجات وميزانيات مختلفة، وقد يبدأ خطّ إنتاجها بمنتج أساسيّ بدون زخرفة للمستهلكين منخفضي الدّخل، وقد توفّر بعد ذلك منتجًا عالي الجودة وأعلى سعرًا مع بعض الميزات الإضافية، كما يمكنها فوق ذلك توفير منتج أرقى، وأفخم، ذا مزايا وإمكانيّات إضافيّة وبسعر أعلى. غالبًا ما تُستخدم هذه الإستراتيجية مع الكاميرات والبرامج والمركبات والفنادق، حيث تطرح الشّركات التّقنيّة منتجاتها الأساسية، ثمّ ستزيد من جودة وفوائد أجهزتها لجعلها أكثر فخامة، وهكذا تستحوذ على أسواق مختلفة. تقدم أوبر Uber على سبيل المثال، خدمة الركوب الأساسية لكلّ من يطلب مشوارًا، حيث يمكن للسائقين استلامها في أيّ نوع من المركبات التي يمتلكونها، لكنّها توفّر ترقيةً لهذه الخدمة وهي خدمة أوبر بلاك Uber Black الجديدة، والتي تمنح العميل القدرة على طلب سيارة فاخرة، بحيث تكون هذه السيّارة منتجةً خلال آخر 5 سنوات، كما تكون بحالة ممتازة، وهذه الخدمة أغلى من التّوصيلات العادية، حيث تكلّف ثلاثة أو أربعة أضعاف تكلفة الركوب في مركبة عادية. إضافة أسواق جديدة يُعَدّ تطوير أسواق جديدة طريقًا أكثر خطورةً للنمو، فقد تفتح الشركة التي كانت تُقدّم خدماتها للعملاء المحليين فقط موقعًا ثانيًا في مدينة أو منطقة أخرى، كما قد تُوفّر منتجات عبر الإنترنت للوصول إلى العملاء البعيدين في مدن أو ولايات أو دول أخرى. وقد كانت شركات الأزياء السريعة في طليعة هذا الاتجاه، إذ عمد تُجار التجزئة إلى تصميم وتصنيع وتوزيع المنتج على العملاء بسرعة وبتكلفة زهيدة عن طريق تخطّي فكرة المواسم الأربعة المعتادة لعام الموضة بدلاً من ذلك، فعادةً ما يقدّمون تصميمات جديدة كلّ أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، ويَحثّون المتسوّقين على شراء الملابس بمعدل أسرع، وقد شهد متجر البيع بالتجزئة زارا Zara مثلًا -والمملوك لشركة أزياء إسبانيّة-، نُموًا غير مسبوق من خلال التوسع في الأسواق الأخرى. الشكل 15.10: نجحت شركة الأزياء السّريعة زارا في تطوير أسواق جديدة. حفظ الحقوق: تعديل على Zara 222 Broadway من Lollasp / Wikemedia Commons تحت التّرخيص CC0. الشركات المولودة عالمية كما ذكرنا سابقًا، يُعَدّ دخول الأسواق العالمية طريقةً شائعةً لتوسيع الأعمال التجارية، حيث تتجه بعض الشركات إلى التوسّع العالمي خلال دورة النمو أو النضج، في حين تولد بعض الشركات الأخرى ساعيةً إلى أسواق عالميّة من بدايتها، فالشركة المولودة عالميّةً هي شركة تهدف إلى خدمة العالم بمنتجاتها، وعادةً ما تستفيد الشركات التي لديها منتجات جديدة لم تُنشأ من قبل -اليوم معظمها منتجات تقنية وطبيّة- من هذا النوع من الإستراتيجيات، ويمكن عَدّ منتجات الترفيه والاستهلاك الأخرى عالميةً أيضًا، لا سيما عندما تكون فئة منتج جديدة. ريد بول Red Bull هو مثال لشركة وُلدت عالميةً حتى قبل بدئها في النمو، فقد كان لديها منتج جديد لم تصنعه أيّ شركة أخرى على الإطلاق، وبعد ابتكارها لمنتجاتها حذت شركات أخرى حذوها، ووُلدت فئة منتجات جديدة من مشروبات الطاقة. وحتى الآن، كانت الشركة موجودة منذ 31 عامًا، ولديها أكثر من 12000 موظّف في 171 دولة، كما باعت أكثر من 75 مليار علبةً حول العالم، وقد يُعزى النجاح الذي حقّقته هذه الشركة المولودة عالميّةً إلى تسويقها القاعديّ على مستوى الجامعات ورعاية الأحداث ((يوضح الشّكل 16.10 مثالين)، فضلاً عن نهج التوزيع الشامل الذي يستهدف الشباب، والرياضيين المخاطرين، والمهنيّين الذين يحتاجون إلى زيادة الطاقة. الشكل 16.10: تَدين ريد بول بنجاحها لجهودها التّرويجيّة في جميع أنحاء العالم، فقد حقّقت الشّركة النّجاح بفضل: أ- استهداف المستهلكين المهتمّين برياضات المخاطرة، من أمثال مشاهدي حدث الغوص من الجسر في ماسشوستس. ب- رعاية الأحداث مثل منافسة موتوكروس. حفظ الحقوق: أ- تعديل على enry/Flickr، CC BY 2.0 ب- تعديل على صورة من GO Visual / Flickr، CC BY 2.0 الترخيص والامتياز والمشاريع المشتركة والدمج والاستحواذ تشمل الطرائق الأخرى الأكثر خطورةً للنمو تكامُل المشاريع الخارجية من خلال الترخيص والاندماج والاستحواذ، والمشاريع المشتركة، والتّحالفات الاستراتيجيّة. الترخيص هو عقد تمنح بموجبه مؤسَّسة الإذن لكيان آخر لتصنيع منتجاتها وبيعها مقابل إتاوة، وهي دفعة مقابل استخدام ممتلكات أو أصل سواء كان فكريًا أو ماديًا، كما يمكن استخدامه لتوليد الإيرادات، حيث قد تكون بعض الممتلكات التي يمكن ترخيصها في صورة تصميم أو حقوق نشر أو اختراع أو براءة اختراع أو تركيبة. فبدلاً من الاستثمار مباشرةً في تصنيع وتسويق عناصر إضافية، أعارت العديد من الشركات، مثل: ديزني Disney، وماتل Mattel، وآن بي آي NBA، ووورنر براذرز Warner Brothers، شخصياتها وحقوق الطبع والنشر لشركات أخرى لاستخدامها في سلعها، لتتلقّى بعدها مدفوعات الإتاوة مقابل التّرخيص. قد يحدث الترخيص أيضًا عكسيًّا، إذ يمكن للشركات الصغيرة التي تمتلك تقنيةً أو حلًا طبيًا أو برنامجًا أو منتجًا لا يمكنها تصنيعه، البحث عن شركات أكبر تُرخّص لها ملكيّتها الفكريّة قصد تصنيع المنتج، كما يمكن للشركة الأصغر أيضًا الترخيص من شركة أخرى وإنشاء المنتج أو الخدمة لأن هذا هو اختصاصها الأساسي. حقّ الامتياز هو نوع من أنواع الترخيص الذي يسمح للشركة (مانح الامتياز) بمشاركة نموذج أعمالها لتوسيع الأعمال من خلال موزّعين مختلفين (المستفيدون من الامتياز) مقابل رسوم، وهو يُوفّر بدوره التدريب والتسويق والمعرفة والإدارة والدعم لمساعدة المستفيد من الامتياز على تحقيق أهداف المبيعات الخاصة به، ويُعَدّ الامتياز شائعًا في صناعات، مثل: المطاعم، والسيارات، والفنادق، والتنظيف، والخدمات المنزلية، على سبيل المثال لا الحصر؛ أمّا الامتيازات المعروفة عمومًا فهي مطاعم الوجبات السريعة، مثل: مكدونالدز McDonald’s، وستاربكس Starbucks. المشروع المشترك هو إنشاء عمل جديد تتشارك فيه مؤسَّستان مختلفتان النفقات والأرباح لتحقيق أهداف معيّنة للمشروع، حيث يُقلّل هذا النهج من مخاطر الاستثمار مباشرةً في المعدّات الرأسمالية، كما يسمح لهما بمشاركة معارف وخبرات بعضهما البعض، ويمكنك رؤية ذلك مع الشركات الصغيرة التي تتعاون لتوفير المال ومساعدة بعضها البعض، ومع ذلك فقد تتّبع الشركات الأكبر حجمًا ذلك أيضًا من أجل الاستفادة من ميزة معيّنة وتقليل المخاطر والتكاليف، فقد تضافرت جهود جووجل Google، وناسا NASA لتقديم معلومات وكالة ناسا حول الطقس والمواقع والتنبّؤ عبر بحث جووجل، وقد أثبت هذا المشروع المشترك إثماره، حيث استمرّوا في التعاون في مشاريع مختلفة بما في ذلك الروبوتات واستكشاف الفضاء. تلتحم شركتان أو تشتري إحداهما حصّة الأغلبية في الأخرى في عمليات الدمج والاستحواذ بهدف تعزيز الربحية وتقليل المخاطر، وذلك من خلال الجمع بين الموارد، مثل: مجالس الإدارة، وتوحيد الجهود لتحقيق الكفاءة، وتوسيع الوصول إلى الأسواق، ومشاركة التقنية، وزيادة الوصول إلى رأس المال. التحالفات الاستراتيجية هي ترتيبات يُنشئها كيانان أو أكثر للعمل في مشروع، من خلال مشاركة بعض نقاط قوّتها ومواردها، ولكن دون إنشاء كيان جديد كما في حالة المشروع المشترك، إذ يُعَدّ كلا الكيانين في هذا التحالف مستقلّيْن، بحيث يجمعان مواردهما فقط للعمل في مشروع معيّن نظرًا لكون العمل معًا أسرع وأكثر فعاليّة من حيث التكلفة، لكن مع بقاء أصول كلتا الشركتين منفصلةً كذلك. وفي مثال على ذلك لدينا تحالف ستار ألاينس Star Alliance، وهو تحالف توزيع استراتيجي بين سبعة وعشرين شركة طيران من شتّى بقاع العالم، لربط العملاء في جميع أنحاء العالم من خلال نظام الحجز المشترك. إيجابيات وسلبيات استراتيجيات النمو لكلّ فرصة نمو إيجابيات وسلبيات نوضّحها في الجدول 6.10. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الاستراتيجيّة الإيجابيّات السّلبيات تحسين المنتج تحسين الأداء والجودة وتكلفة الإنتاج كما قد تزيد من المبيعات والأرباح. لا تقدر على تقديم فائدة، كما قد ينتج عنها استثمار فاشل. تطوير منتج جديد تجاوز المنافسة، ورفع المبيعات والأرباح، ودخول أسواق جديدة. إنشاء منتجات لا يريدها أحد، والخطأ فيها مكلف جدًّا. اختراق السّوق رفع المبيعات بتقديم فوائد جديدة إلى منتجات موجودة. إساءة خلق مكانة المنتج، ممّا يسيء توصيله إلى السّوق الأنسب، أو تقديمه إلى مستهدفين لا يبالون به. قنوات توزيع جديدة الوصول إلى السوق المستهدف عدّة مرّات، أو مرّةً واحدةً على الأقل. ضغط قنوات جديدة يجب تتبّعها وإدارتها. تمديد خطّ الإنتاج خدمة أسواق مختلفة بميزانيات مختلفة، مع تعويد المستهلكين على طلب منتجات أفضل وأغلى الفشل في التّفريق بين المنتجات. تناقص مبيعات منتج ما بسبب إطلاق منتج آخر من الشّركة ذاتها. إضافة أسواق جديدة توسيع الوصول إلى المستهلك، والزّيادة في المبيعات والأرباح. ضغط المزيد من العملاء للاهتمام بهم، مع صعوبة التّفاعل مع جميع العملاء لكثرتهم. التوجّه إلى الأسواق العالميّة خدمة أسواق عالميّة، والوصول إلى عملاء أكثر، ورفع المبيعات والأرباح. التّعامل مع عملاء أكثر، ورفع نسبة إمكانيّة حدوث الأخطاء. تضافر جهود الشركات إضافة قدرات جديدة، وتضامن، واستلام مشاريع أكثر. خسارة الاستثمار، وخسارة المشروع، مع الفشل في العمل سويًّا، والأشّقاق. ترجمة -وبتصرف- للفصل Growth: Signs, Pains, and Cautions من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: تجنب مقاربة جرة العسل في العمل المقال السابق: ملكية الأعمال والخطة الأولية لإدارة الأعمال كيف يمكن للفشل المبكر القيادة إلى النجاح لاحقا
  3. سنشرح في هذا المقال ملكية الأعمال، وإيجابياتها وسلبياتها، مع تسليط الضوء على أبرز الصعوبات في هذا المجال وخاصةً للمرأة، كما سنوضح كيفية إنشاء خطة أعمال أولية ودراستها وتعديلها وقياسها لتلائم الأهداف المرجوة الحقيقة المرة حول ملكية الأعمال عادةً ما يكون لدى الأشخاص أسباب مختلفة لبدء عمل تجاري، وبعيدًا عن الفكرة الّتي ينوون تطبيقها، تتفاوت الأسباب من الرّغبة في حريّة تحديد ساعات عملهم، وقضاء المزيد من الوقت مع العائلة، إلى الرّغبة في التحرُّر من المرؤوسيّة، إلى جمع الأموال، لكنّ الواقع يشير إلى أنّهم سيعملون أطول ممّا خطّطوا، ويفشلون في موازنة العمل والحياة، كما يواجهون المخاوف والشّكوك، وربّما حتّى يعانون لجمع قوتهم خلال الأشهر بل والسّنوات الأولى، ولهذا فسيحتاجون قبل الإطلاق إلى دعم الأسرة والأصدقاء والموجّهين لفهم قيود الوقت، والضّغوطات الّتي ستواجههم. ومن زاوية أخرى، يتطلّب التمتّع بتلك الحريّات ترؤّسك شركةً كاملة، إذ ستتحمّل المسؤولية الكبيرة الّتي تحتاجها إدارة عمل خاصّ، ويجب عليك حلّ المشكلات التي تظهر كلّ يوم، مثل: التعامل مع الموظفين، والعملاء، والإنتاج، والتسويق، والتمويل، إضافةً إلى أمور أخرى، كما يجب عليك لعب العديد من الأدوار معظَم الوقت. خاصةً خلال المراحل المبكّرة من دورة حياة المشروع، ولهذا يعمل معظَم رواد الأعمال عادةً ساعات أكثر مما كان متوقَّعًا، وبالإضافة إلى ذلك، يجب عليك التعامل مع الخسائر والمخاطر إذا لم تسر الأمور على ما يرام. لكنّ الشيء المهم الذي يجب أخذه في الحسبان هو أن جميع الجوانب السلبية لها حلول ويمكن حتى منعها إذا كان هناك تخطيط وإرشاد ونظام دعم جيّد، إذ تخفّف جميعها الكثير من الضغوط التي يتعرّض لها رواد الأعمال، كما يفيد رائد الأعمال في التّخفيف من الضّغط عبر تسطير أهداف قابلة للتّحقيق، سواءً تعلّق الأمر بخلق الوعي العامّ بالشّركة، أو عدد الزّبائن، أو أرقام المبيعات والأرباح . إيجابيات وسلبيات ملكية الأعمال table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الإيجابيات السلبيات الاستقلاليّة، وأن تغدو رئيس ذاتك، فتستكشف أفكارك، وتستمتع بالحريّة الإبداعيّة. نمط الحياة، وتصميم جدولك اليوميّ بنفسك، والتمتّع بالمرونة. الرّضا عن مسارك الوظيفيّ. خدمة العملاء والموظّفين. الرّبح. الشّهرة وسط مجتمعك. مسؤولية القيادة، وحلّ المشاكل، وتعيين وطرد الموظّفين، ولعب الكثير من الأدوار. التّعامل مع الضّغط وقيود الوقت والإدارة. قلّة التّركيز وفقدان الشّغف. شكاوى الموظّفين والعملاء. مشاكل التدفّق النّقديّ. إلزاميّة التّعامل مع الخسارة، والمخاطر الماليّة. الجدول 5.10 ريادة الأعمال والمنافسة في الولايات المتحدة يعمل رواد الأعمال في بيئة حادّة التّنافس، ورغم مساعدة المنافسة في إنشاء منتجات وخدمات أفضل، إلّا أنّها تضع الكثير من الضغوط على صاحب العمل الذي يجب عليه التنافس مع أعمال تجارية جديدة أكثر مرونة، وغالبًا ما تُقدّم منتجات أفضل قد تكون بأسعار أقلّ حتى أحيانًا. لقد زاد عدد المنشآت الجديدة التي يَقِلّ عمرها عن عام واحد على مدى العقدين الماضيين من 1994 إلى 2015 كما يَظهر في الشّكل 8.10، حيث حدث انخفاض خلال ركود 2009، لكن الاتجاه التّصاعديّ سرعان ما عاد بعد 2011، وهذا يعني المزيد من المنافسة للشركات التي تم تأسيسها بالفعل. الشكل 8.10: يرتفع عدد الشّركات الجديدة وينخفض اطّرادًا مع الاقتصاد. وهذا الرّسم البياني يوضّح ارتفاع عدد الشّركات الجديد في السّنوات الأخيرة. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 كما انخفض عدد الوظائف التي أنشأتها هذه المؤسسات النّاشئة في هذه الفترة، وهو ما يؤكّد احتمال ارتداء رواد الأعمال للعديد من القبعات في أعمالهم الخاصة. الشكل 9.10: مع ارتفاع عدد الشّركات الجديد انخفض عدد الوظائف الجديدة، ومعه استدامة الشّركة خلال الفترة ذاتها. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 ذكرنا سابقًا أنّ 20% إلى 30% فقط من العلامات التّجارية تستمرّ لتبلغ 5 أو 10 سنوات من النّجاح، ويوضِّح الشّكل 10.10 بقاء نصف الشركات فقط نشطةً حتى علامة الخمس سنوات، وأنّ 20% فقط استمرت لمدّة عقدين، وقد يكون سبب فشلها راجعًا إلى عدد من العوامل، مثل: مشاكل التدفق النقدي، ونقص الشّغف، وغياب الدعم، ونقص الابتكار، وصعوبة التكيّف مع التقنيات الجديدة، أو طلب العملاء؛ إلى جانب العوامل البيئية التي قد تؤثّر على الأعمال التجارية أيضًا، مثل: الاقتصاد، والتوجّهات، واللّوائح. أو التغيرات الاجتماعية والثقافية. ولذلك فمن المهم لأصحاب المشاريع البحث عن بيئاتهم الداخلية والخارجية قبل التّدشين. الشكل 10.10: معدّلات البقاء للشّركات ما بين 1994 و2015. ويظهر هذا البيان أنّه كلّما تقدّمنا بالزّمن، قلّ عدد الشّركات الّتي تبقى نشطة. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 تحديات ملكية المرأة للأعمال تواجه أصحاب الأعمال تحدّيات كثيرة، وفوق هذا قد تواجه رائدات الأعمال بالأخصّ تحدّيات إضافيّة. تُظهر الأبحاث الحالية أنّ أهمية ريادة الأعمال النسائية في الولايات المتّحدة الأمريكيّة هي مفتاح النجاح الاقتصادي، أمّا في الجزائر فلا تتجاوز عتبة 2%، على أنّها في زامبيا -الإفريقيّة- 40%؛ فيما تحلّ الإمارات في المركز الأوّل عربيًا، والثالث والأربعين عالميًّا في نسبة مساهمة رائدات الأعمال في الاقتصاد بنسبة 10%. بالعودة إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة، تمتلك النساء 40% من الأعمال هناك، وتدر 42 منهن مبيعات تزيد عن 1.4 تريليون دولار، حيث تعمل سيدات الأعمال على سدّ الفجوة بين الجنسين، إذ نمت مشاريعهن كثيرًا في السنوات القليلة الماضية، فقد ارتفعت معدّلات ريادة الأعمال لدى النساء بنسبة 10% كلّ عام في العامين الماضيين، موازنةً بنمو الرجال الذي قُدّر بنسبة 5%، ولا تزال هذه الطّفرة متواصلةً بتوفّر موارد أكثر، بما في ذلك التوجيه والتمويل والبرامج لمساعدة النساء على النجاح. ومع ذلك، لا تزال هناك تحدّيات كبيرة يجب التغلب عليها، منها: صعوبة اقتحام بعض الصناعات. لقد خطَت النساء خطوات كبيرة في مجال الأعمال، لكنهن ما زلن يواجهن العديد من العقبات، خاصةَ في بعض الصناعات، لا سيما في صناعة التقنية، حيث تدَرن 9% فقط في هذا المجال، كما تحصُل النساء في المناصب التّقنية على رواتب أقلّ. انخفاض المبيعات وعدد أقل من الموظفين. تميل النساء عمومًا إلى الكفاح أكثر للحفاظ على أعمالهن قائمة، فهنّ يملكن عادةً عددًا أقلّ من الموظّفين، ودخلًا وأرباحًا أقلّ كذلك من شركات الرّجال، حيث تُحقّق 2% فقط من شركات النّساء مبيعات تزيد عن مليون دولار، فيما يغلب تحقيق شركات الرّجال لثلاثة أضعاف ونصف الضّعف من ذلك، ومن أسباب ذلك امتهان النّسوة ريادة الأعمال امتهانًا جزئيًّا فقط، لسعيهنّ -أكثر من الرّجال- إلى الموازنة بين الحياة الأسريّة والعمل، وهو أمر صعب لوحده، دون ذكر الاعتناء بالأولاد، خاصّةً الصّغار منهم. ومن بين الأسباب كذلك هي أنّ الشّركات المملوكة للنّساء عادةً ما تكون كلّها مكوّنة من موظّف واحد هو المرأة رائدة الأعمال ذاتها. ومردّ ذلك هو إمكانية تحقيقها لأهدافها دون الحصول على ملايين الدّولارات. فالوقت، والمرونة، والتّوازن بين العمل والحياة الأسريّة قد تكون كلها أسبابًا كافية لجعل النّسوة يصبحن رائدات أعمال، يرتضين بتحقيق بعض المال مع الاعتناء بالبيت والأسرة؛ أمّا السّبب الثّالث فهو الافتقار إلى الخبرة في الأعمال، وإدارة عمل عائليّ، مع فرص قليلة للحصول على رأس المال الكافي للتوسّع. صعوبة الحصول على رأس المال. بغضّ النظر عن نجاحها وبراعتها، لا تزال المرأة تواجه صعوبة في تأمين التمويل لأعمالها، حيث توصّلت دراسة استقصائية حديثة لمؤسسة كوفمان Kauffman، إلى أنّ أكثر من 72% من النساء لا يتمتّعن بإمكانية الوصول إلى رأس المال الذي يحتجن إليه، وتقول نيروباما مالافاروبو، مؤسِّسة موبيل آرك MobileArq: "بصفتي سيّدة أعمال تُركّز على مساعدة المؤسسات غير الربحية والمدارس، فقد كان من الصعب الحصول على المستثمرين، وقد غيّرنا هذا الأمر من خلال متابعة اكتساب العملاء عضويًّا، مع الاعتماد على الإيرادات المباشرة بدلاً من نمو الاستثمار". لا تَطلب النّساء عادةً التّمويل، وإذا فعلن ذلك قوبِلن بالرّفض، وهذا يدفعهنّ إلى اللّجوء إلى التّمويل من الأسرة والأصدقاء. فيعتمدن تلك الطّريقة أكثر ممّا يفعل الرّجال. الاستهزاء بهنّ. في بعض الأحيان لا تتعلّق الصّعوبة بانعدام الفرص، أو المال، أو الإرشاد لبدء عمل تجاري. بل كلّ ما في الأمر أنّهنّ لا يؤخذن على محمل الجدّ، حيث تعلّق إميلي هارش مالكة هارت موف كولكتيف Heart Move Collective عبر مدوّنتها كاتبةً: "كوني امرأة تعمل في مجال اللّياقة البدنيّة، فغالبًا لا أتلقّى معاملةً جديّةً مثل محترفة، وأظن أنّ أهم شيء يمكنكِ القيام به مثل امرأة تقاتل لتمهيد طريقها، هو الحفاظ على صدقكِ باستمرار. " الموارد. لحسن الحظ هناك العديد من الموارد التي يمكن للمرأة الاستفادة منها، حيث تسعى منظمات، مثل: مركز الأعمال التجارية النسائي التابع لإدارة الأعمال الصغيرة الأمريكيّة، والرابطة الوطنية للمالكات، ورابطة رائدات الأعمال، والسيدات اللاتي يدشّنّ، ووكالة تنمية أعمال الأقليّات، والرابطة الوطنية للسيدات المحترفات، والمجلس الوطني لمشاريع الأعمال النسائية، إلى مساعدة النساء على النجاح في جميع الصناعات من خلال تقديم القروض والبرامج التي تُهيّئهن لمشهد تنافسي، وقد أثبت التوجيه من قبل نساء أخريات أيضًا فعاليته في نجاح المرأة في ريادة الأعمال. فقد يؤدّي وجود أقران وموجّهين أقوياء إلى إحداث فرق في نتائج الأعمال التجارية. من بين النصائح المفيدة الأخرى لمواجهة التحديات التي تواجه رائدات الأعمال، هو أن تكنّ حازمات، صادقات، وتطوّرن شبكات تواصلهنّ، مع شخصيّة قويّة لتحمّل الرّفض وباقي التحدّيات. صرحت شيريل ساندبرج، مديرة العمليات في فيس بوك Facebook، في كتابها اقتربي Lean In، أنّ "الثقة والإيمان بقيمتك الذاتية ضروريّان لتحقيق إمكاناتك" وتشجع سيدات الأعمال على سؤال أنفسهن: "ماذا كنت سأفعل لو لم أكن خائفة؟" إدارة الخطة الأولية ومتابعتها وتعديلها ناقشنا في الجزئية الأخيرة من هذه السلسلة، كيفية بدء عمل تجاري غير مثالي باستخدام نهج الشّركة النّاشئة الليّنة، فقد ألقينا نظرةً على حلقة البناء والقياس والتعلم، وكيفية اختبار النّموذج الأدنى من المنتج MVP، كما تناولنا أيضًا كيفية التعامل مع الخوف من الفشل، وكيفية التغلب على التفكير السلبي. والآن، حان الوقت لإنشاء خطة ليّنة لمساعدتك في إطلاق مشروعك. لا بدّ من إدراكك لضرورة امتلاك خطّة ليّنة بُغيَة تنفيذ عمليّة الشّركة النّاشئة اللّينة، مع اتّباع الخطّة اللّينة لمسار المنهجية الليّنة أو الرشيقة، وهي خطة عمل قصيرة تُعرض على الموظّفين والمستثمرين المحتملين، وتُعَدّ طريقةً سريعةً وفعّالةً لتعيين وإدارة وتقييم الأهداف والإستراتيجيات في المشروع، ويوضّح الشّكل 11.10 مكوّنات هذه الخطّة. تتطلب خطة العمل وثيقةً مفصّلةً تُبيّن خلفية الشركة، ومسعاها، وأهدافها، والوضع المالي فيها، وإستراتيجيات التسويق. حيث يستغرق تطوير كلّ هذا وقتًا طويلاً من بضعة أشهر إلى عام، وكما سترى في نموذج وخطة العمل، تتطلّب خطة العمل الكاملة معلومات مُحكَمة فهي مطوَّرة للأغراض الداخلية وللبنوك أو المستثمرين الذين يحتاجون إلى دليل على أنّ هذه الشّركة تُعَدّ استثمارًا جيّدًا، وكذا لأصحاب المصلحة الآخرين. وعلى النقيض من ذلك، تكون الخطة الليّنة قصيرةً، ولا تتضمّن إلّا معلومات محدّدة كافية لإجراء حلقة البناء والقياس والتعلم. الشكل 11.10: يُنشأ مؤسّسو الشّركة خطّة ليّنة لمساعدتهم على تسطير التوقّعات والأهداف. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 تطوير خطة لينة يبدأ هذا النّوع من التّخطيط من خلال صياغة مجموعة قصيرة من القوائم لإرشادك مع إمكانيّة تعديلها طوال الطّريق، حيث يجب ألا تستغرق الخطة شهورًا لتطويرها، بل يمكنك إعدادها في غضون أيام قليلة، بحيث تركّز على جوهر العمل، لذلك لا تحمل إلّا التّفاصيل المهمة حول التّسويق، ونموذج العمل، والشّؤون المالية، وحلقة البناء والقياس والتعلم، والنّموذج الأدنى من المنتج. فيما يلي قائمة بالإجراءات والتفاصيل الأساسية التي يجب تضمينها في الخطّة الليّنة: اكتب وثيقةً قصيرةً وبسيطة. اختبر النّموذج الأدنى من منتجك MVP من خلال حلقة البناء والقياس والتعلم. راجع نتائجك. عدّل خطتك. بمجرد اكتمال هذه الخطوات، يمكن لرائد الأعمال بدء المشروع أو مواصلته. اكتب وثيقة قصيرة وبسيطة لا تحتاج هذه الخطة إلى ملخّص تنفيذي أو خلفية عن الشركة أو معلومات الفريق، فهي عرض قصير يمكنك استخدامه لمشاركته مع المستثمرين والشركاء المحتملين، لذلك ركّز على ما هو مهم وضمّن ما يلي: الإستراتيجيّات الأساسية للمنتج، والسّعر، والمكان، والتّرويج. أضف الأشخاص والبيئة المادية والمعالجة إذا كنت تقدّم خدمةً بدل منتج. الإستراتيجيات الأساسية للسوق المستهدف وخلق المكانة. التّكتيكات اليوميّة، والتي تتضمّن مهامًا أو إجراءات محدّدة من شأنها إنجاز الهدف. جدول بمواعيد الحصول على التراخيص المطلوبة، وتاريخ الإطلاق، ومواعيد مراقبة ومراجعة الخطّة. نموذج عمل يوضّح بالتفصيل كيف ستربح المال. توقّعات أساسيّة للمبيعات، والتّكاليف، والأرباح، وتحليل التعادل. هذه الخطّة هي قائمة مجرّدة تحوي ما ينبغي فعله، ومن ينبغي عليه فعل ذلك، مع جدول زمنيّ، وتكلفة، وربح. وهي أقلّ شبهًا بالمستند التّقليديّ منها إلى مجموعة قوائم ورؤوس أقلام، حيث يُدوّن رائد الأعمال في هذه الحالة فقط أساسيات العمل لتحقيق الهدف المطلوب، وفي وقت لاحق عندما تكون هناك حاجة إلى مستند لأصحاب المصلحة الخارجيين أو القروض المصرفية، يمكن وضع خطّة كاملة مع البحث، والتفاصيل حول السوق، والبيئة، والتوجّهات، والإستراتيجيّات الأكثر تفصيلًا. يمكن لرائد الأعمال الذي يفتح للتو شركةً للأطراف الصناعية على سبيل المثال، البدء بخطّة بسيطة من خلال وصف منتجها الرئيسي، فيمكنه التركيز على إنشاء أطراف صناعية مخصّصة للأطفال، ليستطيع بعد ذلك إضافة سعر أساسيّ أو مجال من الأسعار لمنتجها الأساسي نظرًا لكونه منتجًا مخصّصًا، ومن المحتمل اختلاف السعر من عميل إلى آخر، كما ينبغي ذكر مكان إجراء الأعمال أيضًا، وفي مثالنا هذا قد يكون الموقع المركزيّ مناسبًا، خاصّةً إذا كان قريبًا من الأطباء والمستشفيات. وأخيرًا، يمكن أيضًا إدراج الاستراتيجيات الترويجية الأساسية المستخدَمة في الوصول إلى هذا السوق، ومن ذلك التحدث إلى مستشفيات الأطفال والأطباء المحلّيين الذين يمكنهم إحالة المرضى إلى الشركة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يقرِّر رائد الأعمال إنشاء موقع إلكتروني، واستئجار إعلانات على الإنترنت، ونشر كتيّبات بسيطة لتوفير معلومات للعملاء المحتملين، وبمجرد وضع جميع الاستراتيجيات، يمكن إضافة الجداول الزمنية من البداية حتى تاريخ الإطلاق، وتتضمّن هذه الجداول مهام كلّ شخص سيكون مسؤولًا عن الأنشطة في هذا العمل الجديد ومنهم مدير المكتب، وصانع الأطراف الاصطناعيّة، ومسؤول التّسويق. يُسجّل بعد ذلك رائد الأعمال كيف سيحقّق المال، فهل ستفرض الشركة الجديدة رسومًا مباشرةً على العميل مقابل المنتج؟ ماذا عن قبول التأمين والمدفوعات المشتركة؟ هذه أسئلة يجب تدوينها، ثم سيُساعد التنبؤ الأساسي لطلب السوق على التنبؤ بالمبيعات والمصروفات والأرباح. اختبر النموذج الأدنى من منتجك MVP من خلال حلقة البناء والقياس والتعلم بمجرّد وضع الخطّة الليّنة في مكانها الصحيح، فالخطوة التالية هي تنفيذها واختبار الحدّ الأدنى من المنتج MVP، من خلال حلقة البناء والقياس والتعلم، هنا تضع كلّ شيء على المحكّ، وتختبر جميع الافتراضات المسبقة على أرض الواقع. ابنِ نموذجك الأدنى من منتجك MVP. اختبر فكرتك من خلال مشاركتها مع العملاء المحتملين. قسِ النتائج من خلال التحدث إلى العملاء وتسجيل الملاحظات. اطرح أسئلةً، مثل: هل نبني منتجًا يريده الناس؟ ما هي الفوائد التي نحتاج إلى إضافتها؟ هل هذا هو سوقنا المستهدف؟ اختبر إصدارات مختلفة من منتجك، ومجموعات مختلفة من المستخدمين. سيكون لدى رائد الأعمال في مثالنا فرصةً لبناء الأطراف الاصطناعية وطرح الأسئلة التي ستساعد في إنشاء منتج أفضل بمرور الوقت، وقد يكتشف رائد الأعمال قدرته على توسيع المنتج ليشمل تقويم العظام وليس الأطراف الصناعية فقط، وربما يمكن أيضًا إدراج البالغين في السوق. راجع نتائجك يجب عليك إجراء هذه الخطوة مَرّةً واحدةً على الأقل شهريًا، حيث تراجع ملاحظات العملاء والتسويق والنتائج بدقة، وتُعَدّ هذه فرصةً رائعةً لرائد الأعمال لتقييم ما إذا كانت الأهداف قد تحققت، وتحديد مجالات التحسين. ومع ذلك، ففي كثير من الأحيان ستثير هذه العمليّة حنق الموظفين، فالمرء بطبعه يكره إختبار نتائج عمله وإثباتها، لذا فقد تلقي عملية المراجعة بعض الخوف أو المشاعر السلبية في نفوس الموظّفين خاصّةً إذا صاحبها شيء من إلقاء اللّوم، ظاهرًا كان أو مبطّنًا، ولذلك فعليك بما أنّك قائد، التأكيد لهم دومًا بأنّ هذه العمليّة تُساعد على تحسين ما يُقدّمونه، وتمنحهم المعلومات والأدوات اللازمة لإجراء التغييرات التي سيُوجه العمل إلى مسار أكثر نجاحًا، فهذا يتعلق بإدارة النتائج لا بالنّفر منها. راجع ملاحظات العملاء، وارجع إلى خطتك للموازنة. راجع السّوق المستهدف، وحروف P السّبعة للتّسويق، والمزايا، والفوائد. راجع الأرقام أو النتائج، والتي قد تشمل المبيعات، والأرباح، واشتراكات العملاء، وحتى ردود فعل العملاء على الإعلانات وسمات المنتج. إذا كان عمل الأطراف الاصطناعية في مثالنا لا يجلب عددًا كافيًا من العملاء للحفاظ عليه، فهذه هي الفرصة لمعرفة مكان وجود المشكلات، بحيث يمكن إجراء تغييرات على الخطة الليّنة. عدل الخطة أَجرِ تغييرات على الخطة حسب الحاجة، فبمجرد موازنة المقاييس بالنتائج، واختبار التسويق وقياسه، وتلقّي تعليقات العملاء، يحين الوقت لمراجعة الخطة وإجراء التعديلات، وقد يتّخذ هذا شكل إضافة ميزة إلى المنتج، أو إضافة منتجات جديدة، أو تغيير التكتيكات الترويجية، أو التواصل بطريقة مختلفة مع العملاء والمستشارين. إذا لم يكن هناك عدد كافٍ من العملاء للحفاظ على أعمال الأطراف الاصطناعية، فيمكن للمؤسسين هنا إجراء تغييرات لتصحيح المسار، وقد يكون السبب هو عدم دراية العملاء بالنشاط التجاري، أو عدم وجود عدد كافٍ من عملاء الأطفال، وربما يمكن إضافة البالغين إلى السوق المستهدف. بمجرّد مراجعة الخطة وإجراء التغييرات اللازمة، يمكن للشركة الاستمرار واستئناف عملية الاختبار، وكما ترى في الشّكل 12.10، فهذه عملية مستمرة تتطلّب تحديثًا وتعاونًا مستمرَّين من جميع المشاركين في العمل، وعند تجهيز العملية يصبح من الأسهل صيانتها ورؤيتها على أنها ضرورية داخل الأعمال التي تساعدها على النمو. الشكل 14.10: دورة الخطّة الليّنة للأعمال الصّغيرة. حفظ الحقوق: جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 يُقدّم تيم بيري -رجل أعمال، وموظف سابق في شركة آبل، وكاتب، والآن خبير في مجال الشركات الناشئة- المشورة للشركات بشأن فنّ التخطيط الرّشيق، حيث لا يحب التخطيط طويلاً لنفسه، وبالنسبة إلى بيري لا يحتوي التخطيط الليّن أو الرّشيق على معلومات تفصيلية، ومعطيات غير ضروريّة لتشغيل الشركة، فهي ليست مستندًا بحدّ ذاتها، لكنّها مجموعة متنوّعة من النقاط القصيرة وبعض القوائم والجداول، كما يجادل بيري بأنّ أهمّ ما ينبغي امتلاكه هو ما يلي: إستراتيجيّة ليّنة، أو خطّة بصدد التّنفيذ. تنفيذ الخطة. مراجعة النتائج والتحقق من المعالم. مراجعة الخطة لتغيير ما فشل، وبدء العمليّة برمّتها مجدّدًا. ترجمة -وبتصرف- للفصلين The Challenging Truth about Business Ownership، وManaging, Following, and Adjusting the Initial Plan من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: النمو في عالم الأعمال وآلامه وأبرز الإشارات والتحذيرات المقال السابق: كيف يمكن للفشل المبكر القيادة إلى النجاح لاحقا
  4. هدفك في مشروعك هو تحقيق النجاح، بل والنّجاح سريعًا، ولكنّ معظم رواد الأعمال الناجحين يواجهون بعض الإخفاقات في مسارهم، ورغم كون تلك الانتكاسات محبطة، إلاّ أنّها توفّر دروسًا وتجارب قد تؤدي إلى النجاح في نهاية المطاف. وسواءً كان العمل الجديد عبارة عن متجر بيع بالتجزئة، أو مطعمًا، أو صالون تصفيف الشعر، أو شركة استشارية، أو شركة تقنية، أو مستودع تصنيع، فالحقيقة هي فشل العديد من الشركات خلال العامين الأوّلين، فوفقًا لبلومبرج، 20٪ فقط من الشركات الجديدة تُحقّق النجاح خلال الثمانية عشر شهرًا الأولى، كما تشير بيانات موقع رائد الأعمال entrepreneur.com وإدارة الأعمال الصّغيرة الأمريكيّة إلى أنّ 30٪ فقط من المشاريع الجديدة تنجح في بلوغ عشر سنوات، لكن النجاح والاستدامة ممكنان بالطبع، فقط يتطلّب الأمر الكثير من العمل، وفي بعض الأحيان قد يستغرق محاولةً ثانيةً أو ثالثة. يدرك رواد الأعمال أن الفشل جزء من نجاح صاحب الأعمال، ففشل الشّركة هو إنهاء العمل بسبب عدم تحقيق الهدف، سواءً عنى ذلك انخفاض مستويات الإيرادات والأرباح، أو عدم تلبية توقعات المستثمرين، إذ قد يؤدي فشل الشّركة إلى خسارة الأصول، من إيرادات ومعدّات ورأس مال، كما قد يسبّب صدمةً لمالك العمل. ومع ذلك، فغالبًا ما تساعد هذه الإخفاقات رواد الأعمال على تحسين نتائج أعمالهم التالية، حيث أنهم يتعلّمون من فشلهم دروسًا قيّمة يمكن تطبيقها على مشاريع جديدة. يقول الملياردير جاك ما، الملياردير مؤسِّس علي بابا Alibaba، وهو أكبر متاجر التّجزئة على الإنترنت، وأكثرها ربحيّةً في الصّين: "بغضّ النظر عما يفعله المرء، وبغضّ النظر عن الفشل أو النجاح، فالتجربة في حد ذاتها هي نوع من أنواع النجاح". وقد واجد جاك نفسه العديد من الإخفاقات بما في ذلك فشله في الحصول على فرص عمل، ودخول جامعات كان يريدها، لكنه ثابر وأسّس موقع علي بابا، وكان يتعلّم على طول الطّريق، وهو اليوم يدير أكبر موقع بيع بالتّجزئة على الإنترنت، بإيرادات بلغت 74.1 مليار دولار خلال احتفال يوم العزّاب الصّينيّ (11 نوفمبر 2020) وحده. شركة أخرى تسمّى كويركي Quirky أطلقها بن كوفمان في عام 2009، حيث كانت فشلاً أوليًا، وهي منصّة تسمح للمخترعين بتقديم أفكارهم إلى لجنة من خبراء كويركي الذين يُصنّعون المنتج بعد ذلك بسعر منخفض وبيعه في أسواق مختلفة. في البداية، حصلت الشّركة على تمويل بقيمة 185 مليون دولار، وكانت لديها شراكات دعم من أمازون Amazon، و باد باث وبيوند Bed Bath & Beyond، وباست باي Best Buy، كما توافد آلاف الأشخاص على الموقع وقدّموا اختراعاتهم لمشاهدتها والتصويت عليها، لكن لسوء الحظ عانت كويركي لبيع العديد من المنتجات بهامش ربح مستدام، وقدّمت طلبًا للإفلاس في عام 2015 بعد توقُّف المستثمرين عن تمويل المشروع، ولحسن الحظ فُكّك أحد أعمالها التجارية، وهو قسم الأعمال المنزلية الذكية، وبيعه باسم وينك Wink في سبتمبر 2017، ليُعاد تشغيل الشركة من قِبل مجموعة جديدة من رواد الأعمال الذين لديهم نموذج أعمال أفضل. الأسباب المشتركة المساهمة في الفشل هناك بعض الأسباب الشائعة للفشل والتي غالبًا ما تجتمع لإنهاء العمل التجاري. ومع ذلك تتواجد طرق لمنع حدوث هذه الإخفاقات غالبًا. سي بي إنسايتس CB Insights، وهي شركة تجمع البيانات وتحلّلها للشركات، وتستخدم التعلّم الآلي لمساعدتها في الإجابة على الأسئلة الإستراتيجية المعقدة، بحثت في العوامل التي ساهمت في إخفاق 101 من الشّركات النّاشئة، حيث يوضّح الشّكل 6.10 بعض العوامل الرئيسية التي حدّدتها في بحثها. الشكل 6.10: تحدّد الشّركات النّاشئة المتعثّرة بعض العقبات المشتركة الحائلة دون النّجاح. حفظ الحقوق: الصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 في المناقشة التالية، سنتوسع في بعض أسباب الفشل هذه ونقدّم المشورة حول كيفيّة تجنّبها، إذ سيمنحك التفكير في الإخفاقات التالية فكرةً عن الأخطاء الّتي قد تحدث في العمل، ولكنّه سيساعدك أيضًا على اكتشافها وتصحيحها قبل إطلاقها. فشل التسويق تنجم بعض حالات الفشل الأكثر شيوعًا عن أخطاء التسويق. الخلط بين المنتج والخدمة. قد يكون من المضرّ إنشاء أو إدارة شركة بعقلية "أنا أيضًا"، وبدون عرض بيع فريد واضح أو تميُّز عن الشركات القائمة الأخرى، قد تساعد الإجابة على أسئلة مثل "لماذا يجب على العملاء ترك الشركات الأخرى لشراء منتجي؟" "ما هي الميزة التي أقدّمها ولا يقدمها أيّ شخص آخر؟" و"إذا فتحت محلًّا للزبادي في منطقة تجارية، فما الذي سيساعد عملي على التميّز عن جميع أماكن الزبادي والآيس كريم والحلويات والوجبات السريعة الأخرى؟" في إنشاء عمل تجاريّ مميّز، يتجاوز فكرة "أنا أيضا"، وينبغي سلوك هذه الطّريقة في صياغة مهمّتك وتصنيع منتجاتك وتوضيح فوائدها، وكذا في تحديد ميزة تنافس واضحة جدًّا يمكن ترجمتها إلى مقترح قيمة. فقدان العميل المناسب. عدم الوصول إلى السوق المستهدف قد يؤدي إلى الفشل، فربّما تكون استهدفت في شركتك للرّحلات الخاصّة العزّاب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، والذين يرغبون في تجربة السفر بطريقة مختلفة، ولكن ربما يكون هدفك الأنسب أزواجًا لديهم أطفال، وأولئك الذين يبلغون من العمر 50 عامًا وأكثر، وبهذا تكون قد بذلت جهدًا ومالًا في مراسلات تسويقية إلى الفئة العمرية الخطأ، وهذا يمنعك من الاتصال بالمستهلك الحقيقي، لكن سيساعدك إجراء أبحاث السّوق في تحديد عميلك المناسب تحديدًا أدقّ. فشل الإدارة هذه بعض التحديات الإدارية النموذجية التي قد تكون ضارة. تضاؤل الشّغف، أو خوض النّشاط التّجاري غير المناسب: في بعض الأحيان يكون فشل الشركة لسبب بسيط، هو فقدان المؤسِّس لحماسه بشأن العمل، بحيث لم يعد مهتمًا بإنجاحه، وفي أوقات أخرى قد تنبع المشكلة من عدم وجود التركيز أو الفكرة الصحيحة، والتي قد تأتي من نقص الوعي حول التوجّهات في السوق. جويل ديلجادو هو رائد أعمال شاب بدأ أول غرفة هروب في إل باسو تُسمّى إل باسو ديزاستر رووم 915 "El Paso Disaster Room 915" في عام 2015، حيث طوّر هذا العمل مع ثلاثة من أصدقائه بعد الكليّة مباشرة. ورغم تلقّي العمل استحسانًا كبيرًا من قبل الشباب الذين أرادوا هذا النوع الجديد من الترفيه، فقد قرّر ديلجادو بعد بضع سنوات إيقاف نشاطه ذاك وممارسة التدريس، والسّبب كان اضمحلال شغفه. في بعض الأحيان، يشعر رواد الأعمال بالملل من شركاتهم النّاشئة، ولكن هناك طرقًا لإبقاء العمل محمّسا من خلال تغيير عروض المنتجات. مؤسّسون متناحرون: قد يؤدي عدم الاتفاق على إستراتيجيات واتجاهات الأعمال إلى كبح مُضيّ الشركات قدمًا، فإذا لم يعمل المؤسسون معًا ولم يتفقوا كثيرًا، فقد يؤدّي ذلك إلى حلّ الشّركة بسرعة، وقد تكون وجهات النظر المختلفة مفيدةً للأعمال التجارية، حيث قد تؤدي إلى وجهات نظر مكمّلة أخرى، ولكن عندما لا يُحلّ النزاع فسيصعُب الاستمرار إلى الأمام، حيث وجد بعض شركاء العمل أنفسهم مطرودين من قبل شركائهم التجاريين لمعاناة العلاقات من توتر عميق، وقد حدث هذا لستيف جوبز في عام 1985 عندما فصلته شركته الخاصة، ففي كثير من الأحيان يصعب تقييم متى سينشأ الخلاف، لذلك يوصى ب عمل شركاء الأعمال مع الأشخاص الذين لديهم نفس الحب للعمل وقيمه الأساسية، حتى لو كانوا يجلبون نقاط قوة ومزاجات مختلفة إلى الطاولة، فهذا يقلل من الخلافات ويحفظ على العلاقات، ويُعَدّ وجود عقد يحدّد المسؤول عن أيّ جزء من العمل وتعويضاته وما يحدث إذا غادر أيّ شخص، طريقةً جيدةً لضمان عدم ضياع الاستثمار إذا قرّر الشركاء الانفصال. غياب التخطيط: من أضمنِ طرق الفشل هو عدم وجود خطة عمل أو خطة تسويق، فحتى استخدام طريقة الشّركة النّاشئة الليّنة يتطلّب نوعًا من التخطيط قبل الشروع في العملية، إذ سيساعد التخطيط أصحاب الأعمال على تجسيد الأفكار وفهم الأعمال بطريقة أفضل، كما قد يساعد اتباع خطة العمل وخطة التسويق في ترسيخ وجهة العمل، واختبار قابليّته للتطبيق، وما هي الموارد المطلوبة لإنجاحه. تخيّل صاحب عمل يفتح مطعمًا على سبيل المثال في سوق مزدحمة جدًّا، فقط ليدرك مدى المنافسة الموجودة في المنطقة، فإذا كان المالك قد أجرى بحثًا وخطّط للمستقبل، فسيكون تمييز المشروع من خلال نوع الطعام المقدم، أو الموقع، أو الأساليب الترويجية المختلفة لجمع العملاء ممكنًا؛ لكن سيؤدي الفشل في التخطيط لموقف مثل هذا إلى تحدّيات متتالية تُصعّب من الاستمرار، فقد يرفع المالك الأسعار مثلًا للتعويض عن الإيرادات الأقل من المتوقع، ولكن الأسعار المرتفعة ستؤدّي إلى إبعاد قاعدة العملاء الهشة ، وبهذا سيستحيل تحقيق الاستدامة في المشروع. الفشل المالي التدفق النقدي، والديون، ورأس المال ليست سوى بعض من العوامل المالية التي تلعب دورًا كبيرًا في نجاح أو فشل شركة ناشئة. نقص السيولة: قد يؤدّي الافتقار إلى السّيولة اللّازمة لتشغيل الشركة إلى تعثّر عملياتها وتراجعها سريعًا، وإذا لم يكن هناك تدفق نقدي، فقد يشير هذا أيضًا إلى مدى فشل نموذج العمل، وتعني قلّة العملاء في مثالنا السّابق نقص التدفق النقدي في صورة إيرادات، وقد تُقدّم القروض بعض المساعدة أثناء العمل على بناء العملاء، لكن القدرة على متابعة العمل ستنتهي إذا لم ينمُ النشاط التجاري ويطور تدفقًا نقديًّا مستدامًا في ظل القروض محدودية المساعدة. الدّيون الكثيرة: تضرّ الديون الكبيرة بالنّشاط التّجاري، فهي واجبة السداد، إذا كان صاحب المطعم في مثالنا يتحمل الكثير من الديون، فقد يواجه صعوبةً في سدادها بسبب نقص التدفق النقدي. نقص رأس المال: غياب رأس المال الكافي يمنع الشركة من التوسع، أو حتى من تلبية طلب العملاء، وقد يساعد وجود خطّة عمل واضحة في تحديد المتطلّبات المالية، وهي المبيعات والأرباح المقدّرة المطلوبة لتحقيق الأهداف بنجاح، وقد يأتي تمويل الأعمال من مدّخرات صاحب المشروع الخاصة، والقروض المصرفية، والمستثمرين، وحتى الأصدقاء والعائلة. يُعَدّ التّمويل المناسب لبدء أو تطوير شركة ما أمرًا مفصليًّا في نجاحها أو فشلها، حيث سيحتاج صاحب المطعم في مثالنا إلى رأس مال كافٍ للاستثمار في معدّات المطبخ والأجهزة والأثاث لبدء العمل، وقد يؤدّي نقص رأس المال في شركة ناشئة إلى إغلاق الشركة قبل بدئها حتّى بمجرد تشغيل العمل، حيث يُعَدّ ضمان تلبية الأهداف المالية من خلال مقاييس مثل المبيعات والأرباح مساعدًا في منع نقص التدفق النقدي، وهو أمر ضروري للحفاظ على حياة الشّركة. فشل الابتكار قد يكون الابتكار صعبًا إذ يتطلب إبداعًا ومخاطرة، وغالبًا بعض الذاتية مع مراعاة المشاعر والحدس في اتخاذ القرار، لذا فالافتقار إلى الابتكار وعثراتُه تُعَدّ عقبات أمام النجاح. الافتقار إلى الابتكار أو الفشل في التغيير الفعّال: الشركات التي لا تغيّر إستراتيجياتها، أو تقنياتها، أو منتجاتها تعرّض نشاطها للخطر، وبالمثل فتلك التي تتغير تغيُرًا خاطئًا فهي تخاطر بالفشل، وقد تساعد حلقة البناء والقياس والتعلم في تجنب هذه المخاطر من خلال تمييز ما يريده المستهلكون ويحتاجونه حقًا من خلال طلب تعقيباتهم. فشلت بلوكباستر Blockbuster -التي حققت نجاحًا فوريًا في الثمانينيات- في بثّ الابتكار في نموذج أعمالها أو تحويله، فتوقفت عن العمل، فبعد إحداث متجر الفيديو ثورةً في صناعة الإعلام والأفلام من خلال عرض أغلفة أشرطة الفيديو على رفوف المتجر مرتّبةً حسب نوعه، مع الاحتفاظ بالأشرطة خلف البائع، إلى جانب إبقاء المتجر أبوابه مفتوحةً إلى ساعات متأخّرة لخدمة الزّبائن اللّيليّين، وأولئك المخطّطين متأخّرًا للاستمتاع بمشاهدة فلم ما، واستخدام المتجر لنظام حاسوبيّ لتسجيل الأشرطة المؤجّرة أين كانت حصّة الأسد من الرّبح نتاج الرسوم المفروضة على التأخّر في إرجاع الشّريط؛ ففي عام 1987 اشترى رجل الأعمال الأمريكيّ واين هويزنجا شركة بلوكباستر، وطوّرها إلى شركة ناجحة من خلال محاكاة نموذج ماكدونالدز، وبهذا نمت المؤسسة من عشرين موقعًا إلى أكثر من 9000 موقع، وفي سنة 1993 استحوذت شركة الإعلام العملاقة فياكوم Viacom على بلوكباستر في صفقة معقّدة. ولكن مع دخول تقنية البثّ الرقمي المباشر إلى السّوق، فشلت بلوكباستر في الابتكار بتوانيها عن اتّخاذ التحوّلات الضّروريّة في تقديمها للتّسلية، وعلى مدار العقد التالي، أصبح من الشائع رؤية متاجر بلوكباستر تعلّق على لافتاتها "إغلاق المتجر"، كما هو موضّح في الشّكل 7.10. لم تكن التّقنية الجديدة هي السّبب الوحيد في فشل بلوكباستر، فتقاعُس الشّركة عن التطوّر مع التّقنية صاحبه افتقار إلى رعاية ثقافة الإبداع لدى موظّفيها ممّا أعاق الابتكار، إلى جانب افتقارها إلى القيادة الحكيمة واحتياجها لثقافة التّعاون وفرق العمل لتسهيل التّواصل مع أصحاب المصلحة، من موظّفين، وعملاء، وإدارة عليا. وأخيرًا، سنة 2013، أغلقت الشّركة جميع متاجرها باستثناء واحد، وكانت نتفليكس Netflix وقتها قد غيّرت تمامًا ساحة خدمات البث الرقمي. الخوف من الفشل حتى الخوف من الفشل قد يكون كافيًا لقيادة الشركة إلى الفشل، كما يمكن للخوف أن يجمّد رواد الأعمال ويثبّطهم عن تطوير أعمالهم. وقد يمنعهم من الوصول إلى العملاء المحتملين وتحقيق الأرباح. فعندما تواجه الشركات صعوبات، فسينعكس ذلك على أصحابها في اختبارهم للعديد من المشاعر، مثل: الألم، والحزن، والعار، والإذلال، ولوم الذات، والغضب، واليأس. بحيث يصعب فصل فشل العمل عن الفشل الشخصي، نظرًا لارتباط العمل غالبًا بهويّة رائد الأعمال، لكن قد تساعد إدارة هذه المشاعر رواد الأعمال على التعافي والاستمرار في المضي قدمًا إلى أعمالهم التالية، كما يمكن الحصول على المساعدة في التّعامل مع هذه المشاعر بطلب النّصح من موجّه موثوق، أو من خبير نفسيّ. هناك أيضًا العديد من القصص عن رواد الأعمال الذين -رغم مخاوفهم- واصلوا العمل نحو هدفهم ونجحوا في تحقيقه، واستمروا في العمل، وقرّروا أن الخوف لن يسيطر على حياتهم. يقول المؤلّف ورائد الأعمال المتسلسل توني روبينز: "يخاف الناس من الفشل لأنه مؤلم، وعادة النّاس هي تجنُّب الألم والمعاناة بأيّ ثمن"، كما يقول أيضًا: "الفشل هو الخسارة المطلقة"، لكنّ التّغلب على الخوف لا يجب أن يكون مؤلمًا إذا تصوّرته مجرّد برنامج أو فكرة ضارّة تدور في ذهنك، لكن يميل البشر إلى الإيمان بعدم قدرتهم على النّجاح، وأنّهم ليسوا على قدر كافٍ من الكفاءة، وهذه المعتقدات تترسّخ في أذهانهم لينجرّ عنها تثبيط الإبداع والنّجاح. نذكر في الجدول 3.10 بعض علامات الخوف من الفشل. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } علامات الخوف من الفشل الاعتقاد بأنك لست جيدًا بما فيه الكفاية، أو أنك لست ذكيًا بما يكفي لتكون ناجحًا. الشعور بضرورة مثاليّتك في كلّ ما تفعله، والشعور بالحاجة إلى الحصول على موافقة الآخرين. عدم الرغبة في التكيف أو المرونة، وعدم الرغبة في التعامل مع عملاء أو مشاريع صعبة. الشعور بالقلق حيال الأداء، وترك الأشياء لوقت لاحق، وعدم متابعة الخطط. الجدول 3.10 قد يجمّد الخوف رواد الأعمال، لذا فمن المهمّ التخلّي عن أنماط التّفكير القديمة واعتماد نظرة إيجابيّة، فقد يساعدك هذا على المضي قدمًا رغم الخوف؛ إلى جانب امتلاك موجّهين يمكنهم مساعدتك في التّعامل مع الأفكار والعواطف السلبية. غالبًا ما ينبع الخوف من الفشل من الأفكار القاصرة، أو الاعتقاد بعدم امتلاكِك للخبرة والمهارات اللازمة للنجاح، وأنك لست ذكيًا بما يكفي، حيث يمكن لأفكار كهذه منع أيّ شخص من بدء أعماله أو تطويرها. يميل الأفراد الذين يعانون من مستوى عالٍ من التوتر بشأن الفشل إلى الشّعور بالقلق، والافتقار إلى احترام الذات، كما يميلون إلى تجنّب الأشياء الجديدة أو غير المألوفة بأيّ ثمن. ولحسن الحظ، يمكن السيطرة على هذه السّمات والسّلوكيات وقهرها. سيخبرك معظم رواد الأعمال أنّه في مرحلة ما، كان عليهم محاربة مخاوفهم قبل تحقيقهم لأيّ نجاح، وأنّ كلّ نجاح حقّقوه قد حمل وراءه العديد من الإخفاقات، ورغم اعتقاد الكثير من الناس عمومًا أنّ الأشخاص العظماء والناجحين قد ولدوا بهذه الطريقة، إلّا أن هذا ليس صحيحًا. كان مايكل جوردان على سبيل المثال، أحد أكثر لاعبي كرة السلة نجاحًا على الإطلاق، ولديه خمس خواتم بطولات، وآلاف من النقاط والتمريرات الحاسمة، لكنه كثيرًا ما قال أنّه مدين بنجاحه بالفشل، فقد قال "لقد ضيّعت أكثر من 9000 تسديدة في مسيرتي، وخسرت ما يقرب من 300 مباراة. لقد عقد زملائي وجمهوري عليّ الأمل 26 مرّةً لأسجّل نقطة الفوز بالمباراة، ومع ذلك فشلت. لقد فشلت مرارًا وتكرارًا في حياتي وهذا هو سبب نجاحي ". كان جيمس دايسون مؤسَّس ومخترع مكنسة دايسون الكهربائية، قد فشل 5126 مرّةً قبل إتيانه بمكنسته الكهربائية الإعصار المزدوج Dual Cyclone في عام 1993، وبعد خمسة عشر عامًا من ابتكاره للنسخة الأولى، وعندما سُئل عن الكيفية التي ساعده بها الفشل، قال: "الفشل مثير للاهتمام، فهو جزء من إحراز التقدُّم. أنت لا تتعلم أبدًا من النجاح، لكنّك تتعلم من الفشل، فعندما أنشأتُ مكنسة الإعصار المزدوج بدأت بفكرة بسيطة، وفي النهاية أصبحَتْ أكثر جرأةً وإثارةً للاهتمام. لقد وصلت إلى مكان لم أكن أتخيله أبدًا لأنّني تعلمت ما الذي نجح وما لم ينجح"، كما يقول دايسون أنّه يتبنى المخاطرة والفشل باستمرار، كما يسمح لموظّفيه باستكشاف ذلك، إذ قال: "لا شيء يضاهي إثارة الاختراع، فهو يسمح للناس بالخروج وتجريب أفكارهم، وإشراكهم بالكامل، وإطلاق العنان لتفكير جديد، إضافةً لعدم إلزاميّتهم بأيّ منهجية، فكلّما كانت الفكرة أغرب وأخطر، كان ذلك أفضل." الخوف من الفشل حول العالم يتأثر الخوف من الفشل وفقًا للأبحاث بتربية الناس وخلفياتهم الثقافية، وقد درست هذا الموضوع منظَّمة رصد ريادة الأعمال العالمية Global Entrepreneurship Monitor، واختصارًا GEM، وهي منظمة تبحث في ريادة الأعمال حول العالم، ووفقًا لتقريرها عن سنتيّ 2018-2019، لا يخشى الأمريكيون الفشل في الأعمال التجارية بدرجة خشية مواطني الكثير من الدّول الأخرى، حيث يظهر الخوف من الفشل في أعلى درجاته في اليونان وإيطاليا وروسيا وقبرص، وأدناها في أمريكا اللاتينية وإفريقيا. فعادةً ما يكون الخوف في أدنى مستوياته في البلدان التي يوجد فيها عدد قليل من الوظائف، فيتعيّن على الناس أن يصبحوا روّاد أعمال من أجل البقاء. كما تشير GEM أيضًا إلى أنّ النساء عادةً ما يكُنّ أكثر خوفًا من الفشل من الرجال، ويُظهرن ثقةً أقل في قدراتهن، وحتّى أولئك اللّواتي يتحدّين خوفهنّ يقتصرن على فتح مشاريع في الصناعات الاستهلاكية، في حين تكون الشركات الناشئة التي يقودها الذكور غالبًا في قطاعَي التصنيع والتقنية، كما يتلقّى الرجال المزيد من رأس المال والحوافز لفتح هذه الشركات، وقد يُعزى هذا إلى نقص عدد النساء في مجالات العلوم والتقنية. تؤكّد دراسات أخرى نتائج GEM، حيث تُظهر أنّ النساء أكثر خوفًا من بدء عمل تجاري، حيث لا يتلقّين الكثير من التمويل، ويشعرن بضرورة إثبات أنفسهن أكثر من الرجال ليؤخذْن على محمل الجدّ. ماذا يعلمك الفشل قد يجادل البعض بعدم وجود الفشل في الواقع، بحيث لا يوجد سوى فشل في مخيّلة الفاشل، أو عقبات قد تصبح درجات يتسلّقها المرء إلى نتيجة أفضل، كما تكمن أهميّة الفشل في تعلّم كيفيّة النّهوض من جديد. بينما كان إريك ريس يتهاوى إلى الفشل مع شركته الأولى، وانتابه الغمّ وخيبة الأمل جرّاء الاضطرار إلى التخلي عن فكرة غير ناجحة، طبّق دروسه لإنشاء شركته الجديدة للواقع الافتراضي IMVU، وبهذا أصبحت IMVU بعد ذلك تجربةً ناجحةً للغاية اشتقّ منها طريقة الشّركة النّاشئة الليّنة، فقد كان قادرًا على تحديد عيوبه وإيجاد طرق لتحسين نفسه وأدائه، كما تمكن بفضل شركته الجديدة من توصيل المنتج إلى السوق توصيلًا أسرع دون أن يكون مثاليًا، وحصل على التّعقيبات الضّروريّة الّتي لم يحصل عليها من العملاء سابقًا. تحويل الدروس المستفادة إلى نجاح سيخبرك معظم أصحاب الأعمال الناجحة أنّ النجاح لم يتحقّق لهم بسهولة، فقد كان عليهم المثابرة في السعي لتحقيق أهدافهم، وغالبًا ما أدّى التعلّم من الإخفاق إلى تحقيق نجاح أكبر مما كانوا يتخيّلون، حيث يمكن لرواد الأعمال الذين يمكنهم تحويل عقباتهم إلى دروس إيجابية، النهوض من الفشل. خذ مثلاً إيفان ويليامز الذي أطلق أداةً برمجيةً لمساعدة المستخدمين على نشر المدوّنات بسهولة، حيث انطلق مشروعه بلوجر دوت كوم Blogger.com سنة 1999، واشترته جووجل سنة 2003. ليُقرّر في العام الموالي إنشاء أوديو Odeo، وهي منصّة لإنشاء ومشاركة المدونات الصّوتية بودكاست Podcast. وكانت شركة آبل Apple تُطوّر آي تيونز Itunes الفكرة ذاتها، فلم يرغب ويليامز في مجابهتها، لأنّ ذلك كان سيعني تدمير شركته، واختار بدلًا من ذلك تحويل تركيزه إلى إنشاء طريقة جديدة لنشر التّدوينات القصيرة، حيث أخذ ويليامز فشله ذاك، وأسّس بالاشتراك مع بعض أصدقائه تويتر Twitter وهي منصّة أشهر من أن نعرّف بها. عانت كاثرين مينشو هي الأخرى من الفشل، ففي سنة 2010 تركت وظيفتها اليوميّة لإنشاء PYP وهي اختصار لـ Pretty Young Professionals بمعنى محترفات شابّات، واستثمرت 25000 دولار من مالها الخاصّ لتطوير هذه المنصّة الشّبكيّة الموجّهة إلى النّسوة اللّواتي يتمتّعن بالذّكاء والشّغف تجاه وظائفهنّ، وبعد بضعة أشهر ظهرت الخلافات بين كاثرين وثلاثة مؤسِّسات للشّركة، وتسبّب عدم ترسيم الملكيّة على الشّركة إلى فقدان كاثرين ومؤسِّسة أخرى لاستثمارهما، وبعد معاناتها من خسارة استثماراتها، وصداقاتها، والفكرة الأصلية، ثابرت كاثرين في السّعي وراء فرصة جديدة، وأنشأت ذا ميوز The Muse، وهي منصة تشبه PYP، ولكنها أضافت قوائم الوظائف، وورشات العمل، وجناحًا للنصائح، ويضمّ الموقع حاليًا أكثر من 4 ملايين مستخدم، وهو منافس رئيسي لـمنصّة لينكد إن LinkedIn. لم تدع كاثرين خيبة أملها الأولى تمنعها من بدء مشروع جديد، وطبّقت الدروس المستفادة في بناء المنصة الأصلية لإنشاء منصّة جديدة، مع العقود والأشخاص المناسبين هذه المرّة. لا تَقلّ القدرة على التعلم من أنواع مختلفة من الفشل أهميةً عن تجربة النجاح، لأنّك تتعرف على نقاط قوّتك وكيفية الاستفادة منها، حيث يمكن النظر إلى الإخفاقات على أنها نقاط انطلاق لا دواعي إحراج. وفي الجدول 4.10 نصائح حول تحويل الدّروس إلى نجاحات. نصائح لتحويل الدروس إلى نجاحات تخلص من الخوف من الفشل: فهو ليس بالسوء الذي تعتقده. جرِّب أشياءً جديدةً في عملك، وخُض المخاطر إذا لزم الأمر. كن مبادرا! استمع إلى حدسك، حتّى ولو لم تكن مستعدًّا. أُطلب التّعقيبات، ولا تخف من سماع الأشياء السلبية. كن على استعداد للتغيير عندما لا تسير الأمور كما ينبغي. تعلّم من الآخرين وكُن على استعداد لطلب المساعدة. الجدول 4.10 التعامل مع الخوف عند التعامل مع الخوف من الفشل، هناك استراتيجيّتان يمكن لروّاد الأعمال استخدامهما: تعديل استراتيجية عملك من خلال تغيير النتائج المستهدفة لعملك بدلاً من وضع هدف بكسب 50000 دولار في الأشهر الستة الأولى، حيث يمكنك أن تكون منفتحًا على فكرة البداية الأقل حجمًا، والتعرف على عملائك وأفضل طريقة لخدمتهم، فقد تكون أهداف التعلّم والتطوّر بقيمة تحقيق هدف الإيرادات المُسطّر من حيث نجاح الشّركة واستدامتها، وإذا لم تحقّق هدفًا ما فلا تعُدّه فشلًا تامًّا، فقط أعِد التركيز واسأل نفسك عمّا تعلمته من التجربة وكيفية تطبيق تلك المعرفة على هدف منقّح، فمن المرجح إيجادك أنّ التجربة قد عزّزت مجموعة أدواتك لمساعدتك في إجراء تغييرات داخل شركتك، أو بدء واحدة جديدة. الطريقة الثانية لتقليل التوتر الشديد هي طلب المساعدة من موجّه، أو مجموعة دعم، أو خبير نفسيّ. ترجمة -وبتصرف- للفصل Why Early Failure Can Lead to Success Later من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: ملكية الأعمال والخطة الأولية لإدارة الأعمال المقال السابق: الشركة الناشئة اللينة وبدء النشاط التجاري غير المثالي
  5. يمكن للشّركات العمل دون أن تكون مثالية، تمامًا مثل دروب بوكس Dropbox، فقد قدّمت هذه الشركة في البداية وصف فيديو قصيرًا لمنتج دروب بوكس دون الحاجة إلى برمجته في البرنامج الفعلي أولاً. وبهذه الطريقة، أمْكنهم اختبار الفكرة وتلقي تعقيبات العملاء دون إضاعة للوقت أو المال على المنتجات التي لن تنجح، فإذا كانت هناك حاجة إلى أيّ تغييرات، فلديهم المرونة في إجرائها لأنها كانت مجرد نموذج أولي مبكر لم يكلّفها استثمارا كبيرًا، وقد كانت العديد من التغييرات المبكرة مركّزة على تصميم الواجهة بإضافة أزرار واختصارات يسهل إضافتها، وقدرات التخزين التي قدّم العملاء ملاحظات بشأنها باستمرار. تحتاج الشركات الجديدة إلى وقت لتطوير هوياتها، وإشراك السوق المستهدفة، وإنشاء وتطوير المنتجات المناسبة، وصقل استراتيجياتها، إذ لا تمتلك الشركات الناشئة نماذج أعمال مطوّرة ومثبتة تمامًا مثل الشركات القائمة. لكن قد تتطوّر الفكرة الأوليّة لشركة ما إلى شيء مختلف تمامًا إذا دفعته التّعقيبات على النّموذج الأوليّ في اتّجاه مختلف. أدرك هيوستن وفردوسي أنّهما لا يمتلكان منتجًا مثاليًّا، لهذا لجآ إلى استخدام نظام الشّركة النّاشئة الليّنة أو Lean Startup، وهي منهجية يستخدمها رواد الأعمال لمساعدتهم على الابتكار من خلال اختبار منتجاتهم باستمرار، والحصول على تعقيبات من العملاء في الوقت الفعلي، حيث تدعو هذه المنهجية إلى مشاركة المنتج مع المستخدمين الأوائل في مراحل تطويره الأولى والحصول على تعقيبات فوريّة، وهذا يضمن محبة الناس الفعلية للمنتج، واستعدادهم لشرائه. لكن حتى مع الإعلان عن أرباح دروب بوكس التي تبلغ مليار دولار أمريكي و500 مليون مستخدم، لا تزال رحلة هيوستن تشهد أوقاتًا عصيبةً من وقت لآخر. تستخدم شركات التقنية عادةً نفس طريقة دروب بوكس في المقام الأول، لإدراكها بأنّ العمل على منتج لسنوات عديدة دون قياس إمكانية نجاحه يمثّل مخاطرةً كبيرة، خاصةَ في بيئة تقنية سريعة التغير، لكنّ الاستراتيجيّة ليست حكرًا على المجال التّقنيّ فحسب، فهي قابلة للتّطبيق في كلّ الأعمال والصّناعات تقريبًا. تعلّم أنّ وظيفة الرئيس التنفيذي تتغيّر مع تقدُّم المشروع، إذ تختلف احتياجات الشركة عبر دورة حياتها، ويتعيّن على الرئيس التنفيذي تحويل التركيز، فمن بناء النماذج الأولية، إلى اختبار المستخدمين، فاستكشاف أفضل قنوات التوزيع، ثمّ إدارة التدفق النقدي. ويجب معالجة هذه العقبات عند ظهورها. الشكل 2.10: يؤمِن آندرو هيوستن بأنّ على المدير التّنفيذي تحويل تركيزه كلّما احتاجت شركته إلى التّغيير. حفظ الحقوق: Drew Houston / DropBox من Financial Times / مشاعات ويكيميديا تحت ترخيص CC BY 2.0 الشركة الناشئة اللينة طوَّر المؤلف ورائد الأعمال إريك ريس منهجية الشركة الناشئة اللينة بعد إنفاقه للكثير من الوقت والجهد والمال، فعندما اضطرت شركته التقنيّة الأولى إلى الإغلاق، قادَه إحباطه إلى دراسة الشركات الناجحة الأخرى وبرامج التصنيع الليّن، بما في ذلك شركة تويوتا Toyota، فتعلّم كيف يتحلّى بالمرونة والسرعة أثناء بناء المنتجات، حيث تعلم عدم حاجته إلى منتج مصمَّم بالكامل ناتج عن سنوات من التطوير، وبدلاً من ذلك قد يكون لديه شيء عمليّ غير مثالي يمكن للناس اختباره وتقديم ملاحظات عليه بمرور الوقت. دعَا ريس إلى اتباع نهج تدريجي حول كيفية المناورة في إدارة شركة ناشئة، وكيفية تغيير مسارها إذا لزم الأمر، مع المثابرة وتسريع توسُّعها. ويُطلق على هذا أيضًا حلقة البناء والقياس والتعلُّم، ممّا يعني الانتهاء من بناء النموذج الأولي، أو كتابة فكرته على الأقل، لتُعرض على العملاء الذين يقدمون التّعقيبات، حتى تتعلّم الشركة ما يجب الاحتفاظ به وما يجب تغييره. فتُجري التغييرات اللازمة على النموذج الأولي وتبدأ من جديد، ثمّ تُكرّر العملية حتى يصبح النموذج الأولي جيدًا بما يكفي لدخول السوق. يوضِّح الشّكل 3.10 هذه الحلقة التي قد تستمرّ حتّى بعد وصولها إلى السوق الشامل بُغيَة تحسين المنتج. الشكل 3.10: حلقة البناء والقياس والتعلم إطار عمل يساعد روّاد الأعمال على تطوير فكرتهم إلى الحد الأدنى من المنتج، وقياس أثرها على الناس، وتعلُّم ما ينبغي تغييره وما ينبغي الحفاظ عليه. حفظ الحقوق: تصميم مسجّل لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 بعد إثبات شركة ريس الناشئة عدم نجاحها، أنشأ شركةً ثانيةً أسماها IMVU وهي اختصار Instant Messaging Virtual Universe بمعنى الكون الافتراضي للرّسائل الفوريّة. وهي منصّة افتراضيّة للأشخاص الذين يرغبون في التسوق لشراء الملابس والأثاث والإكسسوارات في مجتمع عبر الإنترنت، مع الحفاظ على هويتهم آمنة. عمِل ريس وشركاؤه لساعات طويلة طوال ستة أشهر لإنشاء نموذج أولي من الصوَر الرمزية ثلاثية الأبعاد التي اكتشفوا لاحقًا عدم رغبة أحد بها، فخلال شهرهم الأول، حقّقوا ما مجموعه 300 دولار، أمّا في الشهر التالي فقد كسبوا 400 دولار بعد ترجّيهم للأصدقاء والعائلة لتجربتها. بعد رؤية ريس لاختفاء زبائنه المخلصين الأوائل، قرّر هو وشركاؤه المؤسّسون التحول من الشعور بالإحباط إلى التحدث إلى العملاء المحتملين فاختبروا منتجاتهم مع المراهقين ومهووسي التقنية، وكذلك مع العملاء العاديين، ورأوا عدم فهم العملاء العاديين لكيفية استخدام المنتج. في حين كان مهووسو التّكنولوجيا، والمستخدمون الأصغر سنّا أكثر انفتاحًا في استخدامه، وقدّموا الكثير من التّعقيبات الّتي أفضت إلى إنشاء نسخةٍ أفضل من مجتمع الأفاتار. كانت المنصّة الأوليّة عبارة عن الحدّ الأدنى من المنتج MVP، وهو نموذج أوليّ مبكّر جدًا من المنتج. وفقًا لريس، قد يكون MVP هو الحد الأدنى لمساعدة الأشخاص على فهم ماهية المنتج، ولا يجب بالضّرورة بناء المنتج ليكون الحد الأدنى، بل يمكن تمثيله في رسومات ومقاطع فيديو لشرحه، كما قد يتضمّن الـ MVP أيضًا على إصدار قاعديّ من المنتج، تمامًا مثل موقع IMVU الذي لم يكن جيدًا في البداية. الهدف هو أن يكون لديك منتج قاعدي لعرضه على المستخدمين المحتملين، مع محتوى كافٍ لاستنباط التعليقات حول ما يجده الناس مفيدًا، وما هي السمات المهمة دون الحاجة إلى استثمار الكثير من المال والوقت، فليس هناك نوع صحيح أو خاطئ من MVP، بل الأمر متروك للمالك ليقرّر كيفية عرض الفكرة واختبارها لمعرفة ما يحبه الناس وما لا يحبونه، وكيفية نقل الفكرة إلى المستوى التالي. من خلال تجربة MVP هذه، أدرك ريس أنّ منصته الأولى تعاني من أخطاء ومشاكل قد تعطّل أجهزة الحاسوب الخاصة بالمستخدمين. ورغم هذا كان مصممًا على الحصول على ملاحظات العملاء دون إنفاق الكثير من المال أو الوقت، وبمجرد بدئه هو وشركائه المؤسسون في تشغيل النظام الأساسي منخفض الجودة، فقد قرروا فرض رسوم على الخدمة، مع نيّة إرسال عشرات التغييرات إلى عملائهم المخلصين حتى يطوّروا منتجًا من شأنه العمل مع قاعدة عملاء أكبر، وقد تضمنت هذه التغييرات تعديلات، مثل: إضافة صور رمزية جديدة، وحركات أفاتار جديدة، وخيارات من الملابس، وعوالم جديدة لاستكشاف الصور الرمزية. وبهذا كانت IMVU رائدةً في هذا النهج البسيط لبدء التشغيل، والذي تستخدمه الآن المشاريع الجديدة في جميع أنحاء العالم. حيث باتت اليوم IMVU مؤسسةً ناجحةً مع أكثر من 55 مليون دولار من العائدات و50 مليون مستخدِم. الشكل 4.10: إريك ريس يتحدّث في محاضرة حول عملية الشركة الناشئة اللينة الّتي طوّرها عند إنشائه شركته الثانية. حفظ الحقوق: تعديل على Eric Ries TechCrunch Disrupt من kawanet / مشاعات ويكيميديا، تحت ترخيص CC BY 4.0 تبدأ الشركة الناشئة الليّنة بالمرحلة الأولى من بناء النسخة القاعدية من منتجها أو ما يرمز له بـ MVP اختصارًا لـ Minimum Viable Product الّتي تعني المنتج ذو الحد الأدنى، حيث تُقدّم هذه النّسخة الفوائد الأساسيّة دون الميزات الإضافيّة. وعلى هذا المبدأ، أنشأ هيوستن ومطوروه منصّةً أساسيةً للمستخدمين الأوائل لاختبارها، حيث كان المتبنّون الأوائل هم الأشخاص الذين يحبّون تجربة المنتجات الجديدة بمجرّد طرحها، فهم لا يمانعون على سبيل المثال في استخدام البرامج كثيرة الأخطاء، أو ذات التّصاميم غير المكتملة لأنهم مبتكِرون ويحبّون اختبار أشياء جديدة. لم ينشئ دروب بوكس منتجًا مثاليًا في البداية لأنّ المطورين لم يعرفوا ما سيكون حتى حصلوا على تعليقات المستخدمين، وبعد عمليات الاشتراك المبكّرة والتعليقات على النموذج الأولي الأول، تمكنوا من إنشاء الإصدار الأول من المنتج، ثمّ طوّروا نسخًا أخرى، أو إضافات، أو تغييرات على النّسخة ذاتها مستعينين بأفكار المستخدمين واقتراحاتهم. زابوس Zappos هو مثال آخر لمشروع تطوير MVP، حيث أطلق نيك سوينمورن، مبتكر شركة الأحذية عبر الإنترنت، الفكرة في عام 1998 من خلال إنشاء موقع ويب بار بونس bare bones لبيع الأحذية، ثمّ حساب زيارات الموقع. وقد جاءته الفكرة بعدما فشل في العثور في مركز تجاريّ على أحذية من أنماط وألوان يُحبّذها، حيث توقّع خوض آخرين التجربة ذاتها، فكانت فرضيته الأولى هي اهتمام الناس بشراء الأحذية عبر الإنترنت، لذلك طلب من توني شيه، الرئيس التنفيذي الحالي لشركة زابوس، الاستثمار في هذا المشروع الجديد. حيث قدّم شيه نصف مليون دولار لبدء الشركة، وبعد ذلك أنشأ سوينمورن صفحة ويب عادية بدأت بالصور الأساسيّة للأحذية وأسعارها، كما عمل أيضًا على تشغيل حملات إعلانية، وقياس زيارات الموقع، وضبط صفحاته، بدلاً من قضاء الكثير من الوقت في بناء خطة مفصّلة حول عمله، وقد ساعدته هذه الطريقة في إجراء تعديلات سريعة على المنتج، والسوق المستهدف، والإستراتيجيات باستخدام حلقة البناء والقياس والتعلم والبدء بـ MVP، تمامًا كما فعلت هيوستن. بالتعمق في مرحلة البناء هذه، يمكننا ملاحظة أنّ الخطوات تأخذ رائد الأعمال من خلال دورة أو حلقة، تبدأ بتحديد المشكلة المطروحة وبناء MVP لإظهار عيّنة من المنتج للمستهلكين المحتملين ومعرفة كيفية تفاعله. كما قد يساعد بيع هذا المنتج منخفض الجودة أيضًا في قياس ردود فعل المستخدم في كثير من الحالات. يعمل مطوّرو البرنامج أيضًا على تطوير المقاييس أو القياسات الّتي تختبر افتراضاتهم، والهدف هو اختبار MVP مع السوق المستهدف من خلال طرح أسئلة حول التصميم، وقابليّة الاستخدام، والجوهر، أو مجموعة الفوائد والسّمات الأخرى التي تعزّز تجربة العميل. على سبيل المثال، يمكن قياس مزايا التصميم المختلفة عن طريق سؤال العملاء عما إذا كانوا يحبون ميزةً أو مجموعةً من ميزات المنتج الذي يختبرونه، ويمكن تسجيل عدد الإعجابات أو عدم الإعجاب، كما يمكن جمع التعليقات حول الميزات الإضافية التي يجب إضافتها أو حذفها، وبمجرّد ورود التعليقات، يمكن للمصمّمين إجراء التّغييرات اللازمة. ليكونوا قادرين بعدها على الانتقال إلى المرحلة التالية، وهي قياس ما إذا كانت التغييرات الجديدة تساعد بالفعل في إحراز تقدّم. يدعو ريس -بالإضافة إلى تقديم الحدّ الأدنى من المنتج- إلى استخدام مفهوم الحدّ الأدنى من التقييم المالي، والّذي يُسمّيه المحاسبة الابتكاريّة innovation accounting لتقييم ما إذا كانت التغييرات المبنيّة على اقتراحات العملاء تؤدّي إلى النتائج المرجوة، وهو ما يعني أنّ على رواد الأعمال ألّا ينظروا أولاً إلى المقاييس المالية الأساسية التقليدية للشركات - مثل المبيعات والأرباح وعائد الاستثمار - فهذه القياسات التقليدية ليست الأهمّ في هذه المرحلة، وبدلاً من ذلك يجب عليهم قياس التقدّم بطريقة مختلفة. قد تشمل القياسات اختبار الافتراضات حول النشاط التجاري، والسمات التي يحبّها العملاء، والاشتراكات، ومعدّلات الاحتفاظ التي يمكن فصلها إلى مجموعات ، واختبارها أسبوعيًّا مثلًا، بينما تدخل تغييرات على المنتجات. خلال مرحلة التعلم، يستخدم رائد الأعمال تعقيبات العملاء لتقييم تقدّم المنتج بطريقة موضوعية، حيث يُجري رائد الأعمال تغييرات على MVP ويبدأ الدورة مرةً أخرى حتى تصل العملية إلى نقطة، حيث تتسارع أو تحتاج إلى التحوّل. وبما أنّّها مكوّن تعليميّ للشركة، تُعَدّ التّعقيبات مهمّة جدًا في العملية الليّنة، فهي تساعد الشركات على تصميم منتجات أفضل، وإطلاق نُسَخ أو إصدارات أحدث تخدم قاعدة العملاء بصورة أفضل، إذ تعمل الشركات مع المتبنّين الأوائل لفترة من الوقت قبل توسُّع تسوقها بمنتج أفضل وأقدَر على جذب المزيد من الناس لاستخدامه. .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد أعمال في الميدان جينيرال إليكتريك General Electric شركة كبيرة ولينة شركة جينيرال إلكتريك هي شركة قائمة منذ سنوات عديدة، وتحمل ملفًّا تعريفيًّا ممتازًا من الشّركات تحت جناح الشّركة الأمّ، وقد أقنع إريك ريس هذا العملاق باستغلال حركة الشّركة النّاشئة الليّنة عبر التّعاون معه على برنامج جديد أسماه فاست ووركس Fast Works أو أعمال سريعة، وهو برنامج أنجزه لإضفاء مبادئ الابتكار الليّن على منهجيّة تطوير المنتجات في الشّركة، وذلك عبر تدريب الآلاف من الموظّفين على المنهجيّة، ومساعدتهم على تطوير المنتجات المرغوبة بوتيرة أسرع. على سبيل المثال ، قامت جنرال إليكتريك بتحسين التوربينات باستخدام نهج ليّن من خلال طلب ملاحظات العملاء. احتاج العديد من العملاء إلى ميزات مختلفة، مثل الموثوقية المحسّنة، وكفاءة الوقود الأفضل، والتشغيل الأسرع. قرّر الفريق العامل في هذا المشروع استخدام فاست ووركس لتلبية جميع طلبات العملاء، حيث سيسمح لهم هذا النهج بتقصير عملية التطوير وتوفير أموال العملاء. عرف 300 عضو من فريق GE للتوربينات أنّ هذه ستكون مهمةً صعبةً، نظرًا لانتشارهم حول العالم وضرورة انتظار الموافقة قبل كلّ عمليّة. لذلك بدؤوا العمل باكرًا، وقد ركز البعض على تبسيط عملية الموافقة، بينما عمل البعض الآخر على نقاط الاختناق، وشجعوا المهندسين ذوي المستوى المنخفض على اتخاذ قرارات صعبة دون طلب الإدارة العليا، وبهذا سمح لهم هذان التغييران بالتحوّل بسرعة، مع جمع الملاحظات وإجراء التغييرات على التوربين بفعاليّة، وبعد استخدام فاست ووركس، خفّض الفريق وقت التطوير بمقدار الربع - من أربع إلى ثلاث سنوا، وبهذا وفّروا 5 ملايين دولار من الوقود سنويًّا لعملائهم، مع زيادة إيراداتهم بمقدار 6 ملايين دولار سنويًّا. التكرار والعرض التقديمي والتحول تستثمر العديد من الشركات وقتًا وجهدًا كبيرين في المشاريع التي تبدو أفكارها عظيمةً من الناحية النظرية، ولكنها تتخبّط عند طرحها في السوق، لذا تُعدّ طريقة بدء التشغيل الليّن طريقةً جديدةً لتطوير وإدارة المنتجات التي يريدها الأشخاص في فترة زمنية أقصر، فالشركات قادرة على التعلم من اكتشاف العملاء، والتحقق من صحة عدم عمل عرض أو قيمة المنتج وحاجته إلى تعزيز أو تغيير، فبعد معاناة ريس من أوّل خسارة تجارية له أدرك مشكلة الشركات التي تكرّس الوقت والمال على المشاريع التي رفضها المستهلكون، وأراد تحديد حلّ، لذا فعندما بدأ مجتمع الصور الرمزية لشركته الجديدة، مكّن فِرقه من وضع المنتج من خلال التكرارات وهي تغييرات صغيرة في إصدار واحد من المنتج، بحيث تجعله أكثر ملاءمةً لاحتياجات المستهلك، وباستخدام الدروس المستفادة من فشله الأول، فقد سعى إلى إنشاء نسخة أساسية من منتج يعمل جيّدًا بما يكفي لتوفير قِيمة أساسية للعميل، والحصول على تعقيبات العملاء، وإجراء تعديلات صغيرة حول ما يراه المستخدمون أكثر أهميةً، وبهذا سمح ذلك لـ IMVU بتعزيز المنتج بطريقة جعلت الشركة خطوةً بخطوة، أقرب إلى تقديم أفضل قيمة. كانت إحدى التكرارات التي أثبتت نجاحها الهائل هي تعديل كيفية تحرك الصورة الرمزية عبر عالم الواقع الافتراضي الخاص بها، إذ لم يكن لدى الصور الرمزية الأصلية القدرة على التجول كما تفعل في ألعاب الفيديو الشائعة متعدّدة اللاعبين على سبيل المثال. وعلى الرغم من إدراكه لكون هذا عيبًا، فقد أرسل الإصدار إلى المستخدمين الأوائل وطلب التعقيبات، حيث أجاب العملاء بأنّ قلّة الحركة تشير إلى انخفاض جودة البرنامج، لكن مع ذلك رفض ريس وفريقه إجراء استثمار تقني كبير لهذه الحركة، لذا قرّروا تجربة تكرار صغير جدًا مثل بديل، فجعلوا الصورة الرمزية تختفي من نقطة البداية وتعاود الظهور في موقعها الجديد، وهنا استجاب العملاء بطريقة إيجابية، ورؤوا أنّ هذا أعلى جودة وأفضل مما كان موجودًا. فتبيّن أن التكرار السريع والمنخفض التكلفة هو أفضل طريق للنجاح. بالإضافة إلى ذلك، وأثناء متابعة هذه العملية، يُروّج رائد الأعمال الفكرة للمستهلكين والمستثمرين المحتملين باستمرار، فقد يكون عرض الإعلانات مخيفًا لرواد الأعمال، إذ من الممكن إصابتهم بالتوتر عند التحدث أمام الناس، ومع ذلك فقد يكون الترويج بنفس أهمية بناء المنتج المناسب للهدف الصحيح، ولهذا يجب التدرّب عليه وإتقانه. العرض التّقديميّ عمليّة يشرح فيها رائد الأعمال لفظيًّا فكرة أو خطّة عمل، مع تقديمه طلبًا موجّهًا إلى مجموعة من المستثمرين، أو العملاء، أو شركاء الأعمال المحتملين، وبصفتك رائد أعمال، فمعرفة كيفية عرض مفهوم عملك على المستثمرين هو أحد مفاتيح النجاح، ومع ذلك فإذا كنت تستخدم نهج الشّركة النّاشئة الليّنة، فمن المحتمل أن يكون عرضك التقديمي مختلفًا تمامًا عن العرض التقديمي العادي. يتطلّب العرض التقديمي الليّن صياغة مقدم العرض لقصة مثيرة ومتطوّرة عن الشركة ومنتجها وما يجعلهما فريدين، مع عرض تفاصيل كافية لإظهار أنّ الشركة هي أكثر من مجرّد قصة في ذهن مقدّم العرض. ويتمحور النهج الليّن حول العميل، فيحاول معالجة مشاكله والخروج بحلول عمليّة، كما يقيس منتجه مرارًا وتكرارًا حتى يُصبح مناسبًا، ويجب للقصة توضيح عملية فهم العملاء بالإضافة إلى مشاكلهم وقضاياهم، وبعد ذلك يجب أن يكون هناك شرح للتكرار واختبارات التصميم والتعلّم من ملاحظات العملاء التي توضّح النهج الذي يركّز على العميل، كما يجب إظهار التجارب والبيانات والإحصاءات لإثبات تقدّم الشركة؛ في حين يقدّم رائد الأعمال في العرض التّقديمي الاعتياديّ تفاصيل المنتج، وعمليّة إطلاقه المستقبليّة، ثمّ يطلب استثمارًا دون اختبار للافتراضات أو امتلاك للكثير من البيانات أو التجارب لإظهار أنّ الفكرة ستنجح. تتطلّب العروض التقديمية الليّنة الناجحة على نحو متزايد توفُّر نوع من الأدلّة لدى المقدّمين تُثبت صحّة نموذج أعمالهم فهذا يدعم رؤية المشروع. يبحث العديد من المستثمرين عن الشركات التي استثمرت وقتًا وكسبت قاعدة عملاء معتبرة، فهم مهتمّون خصوصًا بأولئك الذين يعرفون أرقام مبيعاتهم، وتكاليفهم، وتوقّعات مبيعاتهم، ولديهم سجل حافل من زيادة المبيعات والعملاء والأرباح. يوضح الجدول 1.10 تفصيلا بالخطوة للترويج للمستثمرين والشركاء المحتملين. العرض التّقديمي للشّركة النّاشئة الليّنة table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الخطوة النّصائح اسرد قصّة محمّسة تنتقل بسرعة إلى نتائج ملموسة. لا تقدّم عرض بيع. كن نفسك بالانفتاح والمصداقيّة، واحبِك قصّةً محمِّسةً ومُحكَمة السّرد لتشُدّ جمهورك، وقدّم فكرتك على أنّها نشاط قائم ونشيط ليعرف المستثمرون من البداية استخدامك لتقنيات الشّركة النّاشئة الليّنة. صف المشكلة والحلّ المقَدّم، وما يفرّدك عن سواك. عرّف المشكلة الّتي تحاول حلّها بوضوح، وكيف تعمل على حلّها بأفضل الحلول قياسًا واختبارًا. صف السّوق المستهدف وكيف سيستفيد من منتجك. أظهر فهمك لعميلك المحتمل بإظهار تعقيبات العملاء الّتي حصلت عليها، وأعط أمثلةً عن تطوير منتجات مبكّرة، وشارك تعقيبات العملاء الّتي ساعدت على إدماج فوائد جديدة، مع إظهار المنتج مركّزا على الفوائد لا الميزات. أظهر مكانتك عبر الحقائق والنّتائج المحقَّقة. أظهِر بحوثًا إضافيّةً، واختبارات، وتعقيبات العملاء، وأيّ شيء يمكنه دعم ادّعاءاتك، مع إظهار معطيات واقعيّة. ركّز على الحقائق المدعومة والتوقّعات المثبتة، مع وصف التحدّيات المبكّرة وكيف تكيّفت َمعها دون استسلام. كن بسيطًا. لا تستخدم لغةً معقّدة، واشرح الفكرة كما لو كنت تسردها على غريب يجلس إلى جانبك في مقهى. أظهر التقدّم الحاليّ. أظهر ما حقّقته إلى الآن من مبيعات وأرباح. أَنْهِ العرض بالطّلب. أَنْهِ عرضك التقديميّ بتحديد ما تطلبه سواء كنت تبحث عن استثمار، أو شريك، أو فرد جديد ينضمّ إليك، أو مستشار. المهمّ أَنْهِ بالطّلب. الجدول 1.10 بعد الانتقال بعناية خلال حلقة البناء والقياس والتعلم، تأتي نقطة حيث تتّجه الشركة إمّا للتسارع، أو إدراك أنّ الوقت قد حان للتحوّل، والتحوّل أو Pivoting هو تغيير غالبًا ما يكون صعبًا وحاسبًا، تنتهجه الشّركة لاختبار فرضية تتعلّق بالمنتج الأساسي، وإمكانات نموّه ونموذج العمل، وبعد اختبار المنتج وإعادة اختباره للتغيرات إمّا في سلوك المستهلك، أو في أيّ مقياس تختاره الشّركة، فإذا كان المنتج لا يحقق النمو، فالخطوة التالية هي التحوّل بدلاً من الاستمرار في المسار الحالي. هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ قرارات صعبة، فهل يجب عليك الاستمرار في العمل في هذا النّشاط، أو المنتج، أو المشروع؟ أم عليك التّغيير؟ هل تُحرز الشركة تقدمًا نحو أهدافها؟ أم أنّ الإستراتيجيات تحتاج إلى تعديلات كبيرة؟ بينما تُجمع البيانات القابلة للقياس، مثل: إبداءات الإعجاب وعدم الإعجاب، أو عدد الاشتراكات خلال مرحلة نُسمّيها ببساطة مرحلة القياس. كما تحتوي عملية الشّركة النّاشئة الليّنة أيضًا على مكوّن إبداعي، وبديهي، وبصيريّ، فمعرفة وقت التغيير لا يمكن تحديده فقط من خلال تحليل الأرقام، بل يتطلّب أيضًا حُكمًا بشريًا قد ينتشل الشركة من أدائها السيّء عند اقترانه بصيغة البناء - القياس - التعلم. إذا كان العمل التجاري لا ينمو، فهو يتقلص أو يركد، وهنا سيتطلّب التحوّل وجود قدم على الأرض وأخرى متحرّكة، ما يعني احتفاظك بما تعلّمته من العملاء مثل أساس، لكنك تختبر اتجاهًا مختلفًا للتحرك فيه. وفيما يلي أمثلة على تحوّلات شهيرة: تحوُّل تويترTwitter إلى عملاق وسائط اجتماعية من شركة تدعى أوديو Odeo، وهي منصّة بث أُنشئت في البداية لنقل الفيديو والصوت والبودكاست، ومع ذلك فقد هزمتها آبل Apple من خلال إطلاق بودكاست iTunes، ولم يكن من المنطقي بالنسبة لمؤسّسي الشركة متابعة هذا المسار، لذلك قرّروا إنشاء تويتر بدلاً من ذلك. سمحت بايبال PayPal (المعروفة سابقًا باسم كونفينيتي "Confinity") للأشخاص بإرسال مدفوعات إلكترونية أو مدفوعات "بيم"، من بالم بيلوتس Palm Pilots وهو أوّل مساعد رقميّ أنشأته شركة بالم كومبيوتينج Palm Computing، وكذلك من أجهزة أخرى. في ذلك الوقت، سجل مستخدمو بايبال رقم بطاقة، ونزّلوا تطبيق الحُزمة، وتمكّنوا من إجراء مدفوعات التحويل من جهاز إلى آخر، ولكن مع تغيّر التقنيّة، اندمجت مع إكس دوت كوم X.com لتُصبح طريقة الدفع المفضّلة على الكثير من المواقع، ممّا يساعد الشركة على الانتقال إلى الاتجاه السائد. قد تتساءل، كم مَرّةَ قد تتحول الشركة فيها؟ يُحبّ ريس استخدام تشبيه مدرج الطّائرة، بمعنى يجب عليك قياس المدة التي لديك حتى تتمكن شركتك من تحقيق أهدافها، وما إذا كنت ستفشل في التّحليق (استنفاد جميع مواردك النقدية) أو تنجح فيه (توليد المبيعات، الاشتراكات، استقطاب عملاء جدد)، ويمكن حساب المدرج بأخذ المبلغ النقدي الموجود في البنك وقسمته على المبلغ الذي يُنفق أو يُستنزف على هذا الرصيد، ولذلك فإذا كان لدى شركتك 550 ألف دولار في البنك، وكانت تستنزف أو تستهلك 50000 دولار شهريًا، فلديك وقت متوقَّع قدره 11 شهرًا (550.000 / 50000)، وتتمثل إحدى طرق إبطاء استنزاف السيولة - وتمديد المدرج - في خفض بعض التكاليف أو مطالبة المستثمرين بنقود إضافية. هناك أيضًا أنواع مختلفة من التحوّلات لتلبية الاحتياجات المختلفة، ويوضّح الجدول 2.10 عشرة تحوّلات يمكن لرائد الأعمال القيام بها وفقًا للتّعقيبات. أنواع التحول استراتيجية التحوّل الوصف التّكبير ميزة واحدة في المنتج تصبح منتجًا بأكمله. التّصغير عكس الأولى، إذا لم تكفِ ميزة واحدة العميل، فينبغي إضافة ميزات أخرى إلى المنتج. قسم العملاء حاجة إلى تغيير قسم العملاء في حالة كان القسم المدروس غير موافق لمن سيشتري المنتج على نطاق واسع. حاجة العميل تظهر التّعقيبات عدم أهمية المشاكل المحلولة، لذا ينبغي إعادة خلق مكانة المنتج، أو تصنيع غيره ليَحلّ مشكلةً حقيقيّة. المنصّة ضرورة الانتقال من منصة إلى تطبيق أو العكس، حيث تبدأ الشّركات النّاشئة عادةً منصّتها بما يسمّى "التّطبيق القاتل" الّذي يصبح لاحقًا طريقةً للشّركات الأخرى لإنتاج منتجاتها الخاصّة. بنية العمل هذا تغيير من هامش عال مع حجم صغير إلى هامش منخفض مع حجم كبير. جذب القيمة هذه تغييرات في كسب المال، أو كسب القيمة (رفع رأس المال). محرّك النموّ عندما تُغيّر شركة ناشئة محرّك نموّها، وتتطلّب الشركة عادةً تغييرًا في الطّريقة الّتي تجمع بها إيراداتها. القناة تُغيّر قنوات التّوزيع عندما يتطلّب المنتج بدائل أسرع أو أوسع للوصول إلى المستهلكين. وقد أصبحت الإنترنت مخرّبًا ممتازًا للقنوات. التّقنية تحقيق حلّ في بعض الأحيان يخدم العملاء بطرائق أرخص عبر استخدام التقنيّة. وهذا أشهر في الشّركات القائمة لمدّة من الزّمن. الجدول 2.10 رائد أعمال في الميدان نينتندو Nintendo كان من الممكن ضياع نينتندو في عالم الألعاب لولا تحوُّلها في وقت حسّاس جدًّا، لقد بدأت الشّركة المنشأة سنة 1889 في كيوتو باليابان أعمالها بتصنيع هانافودا أو بطاقات الزّهرة (الشّكل 5.10)، حيث ازدهرت كثيرًا إلى حين تراجُع صناعة أوراق اللّعب في ستّينيّات القرن الماضي، فحاول فوساجيرو ياماوشي مؤسِّس الشّركة التحرّك إلى أسواق أخرى بتقديم خدمات فنادق وسيارات أجرة، لكن فشلت هذه التحوّلات وكادت الشّركة تقفل أبوابها، ومع ذلك واصلت تصنيع بطاقاتها مع إضافة غطاء بلاستيكيّ، وبفضل عقد مع ديزني Disney، دخلت نينتدو سوق أوراق الشّخصيّات. صارعت الشّركة الفشل، إلى حين إنشاء أحد مهندسي خطوط الإنتاج جهازًا أعاد إحياء المبيعات، حيث صمّم لعبةً تسمّى The Ultra Hand بمعنى اليد القصوى، والّتي يمكن للأطفال استخدامها للوصول إلى أشياء بعيدة، وبعد بيع مليون نسخة منها، غيّرت الشّركة تسمية نفسها إلى نينتندو للألعاب Nintendo Games ودخلت سوق الألعاب المتنامي. حقّق اقتحام الشّركة سوق ألعاب الفيديو أول نجاحاته بنشر لعبة التّلفزيون الملوّن بلوك بريكر Block Brealer بمعنى كاسر اللّوح، سنة 1977 (صورته في الشّكل 5.10). وفي 1981، عندما كانت التّكنولوجيا تُغيّر صناعة الألعاب، أنتجت نينتندو لعبة دونكي كونج Donkey Kong، ثمّ تبعتها لاحقًا باللّعبة الأشهر الأخوان ماريو Mario Brothers، وبفضل هذا التحوّل الكبير، تبلغ قيمة نينتندو الآن 22 مليار دولار، وتُواصل الازدهار على رأس شركات الألعاب العالميّة. الشكل 5.10: بدأت نينتندو شركةً صغيرة أنتجت بطاقات هانوفادا، وكاسر الألواح. وهي الآن إحدى أكبر الشّركات في مجال الألعاب بقيمة تفوق 22 مليار دولار. حفظ الحقوق: أ) تعديل على Koi-Koi Setup من Aldaron / Wikemedia Commons, CC BY-SA 3.0. ب) تعديل على Nintendo-Color-TV-Game-Blockbreaker-FL من Evan-Amos / Wikemedia Commons، Public Domain ترجمة -وبتصرف- للفصل Launching the Imperfect Business: Lean Startup من كتاب Entrepreneurship. اقرأ ايضًا المقال التالي: كيف يمكن للفشل المبكر القيادة إلى النجاح لاحقا المقال السابق: مبادئ المحاسبة وتطوير البيانات والتوقعات المالية للشركات الناشئة ورواد الأعمال
  6. تعرفنا في المقالات السابقة من هذا الباب في سلسلة ريادة الأعمال 101 على الخيارات التمويلية المتاحة أمام رائد الأعمال مهما كان نوع شركته خاصة الناشئة منها وبأنواعها الربحية وغير الربحية، وفي هذا المقال سنتطرق لجانب مهم لا يَقِل أهميةً عن إيجاد مصدر للتمويل، وهو معرفة المبادئ الأساسية للمحاسبة، وكيفية تطوير البيانات والتوقعات، بالنسبة لرواد الأعمال عامةً، والشركات الناشئة خاصةً. مبدئيات المحاسبة لرواد الأعمال على الرّغم من كون التّمويل والمحاسبة يكمّلان ويعتمدان على بعضهما البعض، إلا أنّهما متمايزان، فالتّمويل كما رأينا، هو عمليّة جمع الأموال؛ أمّا المحاسبة فهي نظام تسجيل، وتصنيف التّعاملات الماليّة المتعلّقة بالأعمال التّجاريّة، وكذا تلخيص تلك التّعاملات، وإيصالها في شكل بيانات ماليّة، وبهذا فالمحاسبة بمثابة توثيق لما يحدث للمال بمجرّد دخوله إلى الشّركة، بما يسمح بتقديم تقارير إلى أصحاب المصلحة، والمنظّمات الرّقابيّة، وكذا المساعدة في اتّخاذ القرارات الأنسب للنّشاط. جوهر نظام المحاسبة هو السّعي إلى تحقيق الهدفين التّاليين: تلخيص الأداء الماليّ في الشّركة. إبلاغ المالكين والمديرين والجهات الخارجيّة بذلك الأداء. ويتّبع نظام المحاسبة عادةً المعادلة البسيطة التّالية: الشكل 6.9: توفّر معادلة المحاسبة القاعدة للوضع والتوقّعات الماليّة في الشّركة. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 يشار إلى هذه الصّيغة بالمعادلة المحاسبيّة الأساسيّة، وسنحدّد فيما يلي كلّ مصطلح من هذه المصطلحات، ثمّ نلقي نظرةً على مثال لمعاملة بسيطة مسجّلة باستخدام المعادلة. تُعدّ الأصول أشياءً ماديّة، مثل: المعدات، والنقد، والموارد، والمخزون، والذّمم الماليّة، والمركبات التي تمتلكها الشّركة وتعتمد عليها في التّشغيل المستقبليّ. حيث يرغب المستثمرون المحتملون في معرفة الموارد التي تمتلكها الشّركة تحت تصرّفها، كما يريد أصحاب الأعمال معرفة أين ذهبت أموالهم، وبالعودة إلى مثالنا السّابق في حالة مصمّمة المواقع الإلكترونيّة شانتي، نجد أنّها بدأت عملها بشراء جهاز حاسوب محمول جديد، والحاسوب هنا هو أحد الأصول التي حصلت عليها شانتي لنشاطها التّجاريّ. الالتزام هو دين تبرمه الشّركة مع طرف آخر، كما هو الحال عندما تقترض أموالًا من بنك، أو تشتري مواد من موردين آخرين، أين يكون مطلوبًا من الشّركة تسديد دفعة مستقبليّة للوفاء بهذا الدين. ولأغراض المحاسبة، نريد أن نكون قادرين على رؤية ما تمتلكه الشّركة (الأصول) مقارنةً بما تدين به (الالتزامات)، فعلى سبيل المثال، إذا لم يكن لدى شانتي نقود كافية لدفع ثمن الحاسوب المحمول، فقد تطلب من متجر الإلكترونيّات خصم رسوم من بطاقتها الائتمانيّة مقابل الشّراء، وفي هذه الحالة، تدفع شركة بطاقة الائتمان للمتجر، لتدين شركة شانتي التّجارية لشركة بطاقة الائتمان بمبلغ الشراء (التزام). حقوق الملكيّة هي حقّ المالك في أصول الشّركة، أي الفرق بين ما يمتلكه وما يدين به، ويمكن التّفكير في هذا المفهوم كما يلي: تُطلع حقوق الملكيّة صاحب العمل أو المستثمر، عن قيمة الشّركة بعد سداد جميع الدّيون، وبالعودة إلى مثال أعمال تصميم مواقع الويب، دعنا نقارن بين سيناريوهين لمشتريات بدء التّشغيل لمعرفة التّأثيرات على المعادلة المحاسبية، ففي كلتا الحالتين، تساهم شانتي ببعض أموالها الخاصّة في الشّراء الأولي لجهاز حاسوب محمول. في السّيناريو الأول، الموضّح في الشّكل 7.9، ساهمت شانتي بمبلغ 1000 دولار في العمل الجديد. الشكل 7.9: تتسجيل مساهمة أولية قدرها 1000 دولار من قبل المالكة في معادلة المحاسبة. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 كلّ عنصر من عناصر المعادلة المحاسبيّة له حسابه الخاصّ في نظام محاسبة أو حزمة برامج، ويمكن تتبّع جميع التّغييرات لكلّ عنصر داخل حسابه، إذ يجب بقاء المعادلة المحاسبيّة في حالة توازن بعد كلّ معاملة بأصول تساوي الالتزامات. وفي حالتنا هذه، النّقد هو عبارة عن حساب أصول، أمّا رأسمال المالكة فهو عبارة عن حساب حقوق الملكيّة، والمبلغ النقدي الذي تبلغ قيمته 1000 دولار أمريكي هو أصل نقديّ، يتحوّل إلى حقوق ملكيّة مسجّلة كرأس مال للمالكة. في هذه المرحلة، يمكن لـشانتي المطالبة بنسبة 100% من أصول الشّركة، والتي تتكوّن الآن فقط من الأموال النّقديّة. إذا استخدمت جميع أصولها النّقدية لشراء الحاسوب المحمول، فسوف تسجّل المعادلة المحاسبيّة ذلك كما هو موضّح في الشّكل 8.9. الشكل 8.9: تسجيل شراء الحاسوب المحمول باستخدام المال المتوفّر في المعادلة المحاسبيّة. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 عند إنفاق المال النّقديّ يفرغ عمود الأصول إلى الصّفر، وينشأ حساب أصل جديد للحاسوب المحمول لتسجيل المبلغ المدفوع في شرائه، وبما أنّ شانتي لا تدين لأيّ أحد في نهاية هذه المعاملة (لأنّها لم تحتج أيّ مساهمة إضافيّة)، فرصيد حساب حقوق الملكيّة يظلّ كما هو. وهكذا، تُظهر المعادلة أنّ شانتي لا تزال تمتلك 100٪ من الأصول. فكّر الآن في شكل المعادلة في حالة عدم امتلاك شانتي مبلغًا كبيرًا من المال لوضعه في نشاطها التّجاريّ، يمكنها تحمل المساهمة بمبلغ 100 دولار فقط، لكنّها تمتلك أيضًا بطاقة ائتمان يمكنها استخدامها لتأمين مشترياتها، رافعةً من خياراتها الاستثماريّة. تُسجّل المساهمة الأوليّة للشّركة بنفس الطّريقة ولكن بالمبلغ الجديد، كما هو موضح في الشّكل 9.9. الشكل 9.9: تسجيل مساهمة المالكة بـ 100 دولار في المعادلة المحاسباتيّة. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 يُكلّف الحاسوب المحمول 1000 دولار، لكن الشّركة لديها 100 دولار فقط من الأصول النّقدية، لهذا تكمل شانتي شراء الحاسوب المحمول ببطاقة الائتمان، يوضّح الشّكل 10.9 تأثير عمليّة الشّراء هذه على المعادلة المحاسبيّة. الشكل 10.9: تسجَّل عمليّة شراء الأصل (الحاسوب المحمول) باستخدام النّقد وبطاقة الائتمان في المعادلة المحاسباتيّة. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 في كلا المثالين، تُصرّح شانتي بأنّ الحاسوب المحمول الّذي تقدّر قيمته بـ 1000 دولار هو أحد أصول الشّركة، وقد بادلت في السّيناريو الأوّل النّقد بالحاسوب؛ أمّا في الثّاني فقد بادلت مبلغًا أقلّ من النّقد مقابل الحاسوب، وحمّلت المبلغ الباقي من عمليّة الشّراء على بطاقتها الائتمانيّة، وهذا ينشئ التزامًا على شانتي الوفاء به مستقبلًا، وبما أنّ هذه معادلة، فعلى الطّرفين مساواة بعضهما، وهو الواقع في كلّ سيناريو، فمجموع الأصول هو 1000 دولار، ومجموع الالتزام مع حقوق الملكيّة أيضًا هو 1000 دولار. تطوير البيانات والتوقعات الماليتين للشركات الناشئة لقد تعلمت كيف يصنِّفُ نظام المحاسبة المعاملات من حيث الأصول والالتزامات وحقوق الملكيّة، كما تعلّمت ما تعنيه تلك التّعاملات في المعادلة المحاسبيّة، وكيف تَعكس هذه المعلومات الحالة الماليّة العامّة للكيان. لنفحص الآن كيفيّة تلخيص تلك التّعاملات في بيانات ماليّة يمكن مشاركتها مع أصحاب المصلحة، بحيث تُستخدَمُ هذه البيانات داخليًّا لاتّخاذ قرارات بشأن إدارة الشّركة وعملياتها؛ أمّا خارجيًّا، فتزوّد المستثمرين الحاليّين والمحتملين بالبيانات اللاّزمة لتقرير دعمهم المشروع ماليًّا من عدمه. يتمّ تلخيص المعلومات المُدخلة في نظام المحاسبة في البيانات الماليّة، وتعدّ هي مخرجات نظام المحاسبة. سوف ندرس ههنا ثلاثة أنواع أساسيّة من البيانات الماليّة، والمتمثّلة في التّالي: الميزانيّة العموميّة. بيان الدخل. بيان التدفقّات النّقديّة. ينقل كل نوع من البيانات معلومات محدّدة إلى جمهوره، ويستخدم المستثمرون في جميع أنحاء العالم البيانات الماليّة كل يوم لاتخاذ قرارات الاستثمار. الميزانية العمومية تُلخّص الميزانيّة العموميّة المعادلة المحاسبيّة، وتنظّم الحسابات الفرديّة المختلفة في مجموعات منطقيّة، هي مكوّنات المعادلة المحاسبيّة الّتي تطرّقنا إليها سابقًا، والمتملثة فيما يلي: الأصول: العناصر التي تمتلكها الشّركة أو ستستفيد منها، وتشمل النّقد، والمخزون، والمعدات. الالتزامات (الخصوم): الدّيون أو المبالغ التي يجب على الشّركة سدادها في المستقبل، وتشمل الأمثلة أرصدة بطاقات الائتمان، والقروض المستحقّة الدّفع وما إلى ذلك. حقوق الملكيّة: حصّة الأصول المستحقّة للمالكين بعد سداد الدّيون. المعادلة المحاسبيّة نفسها (الأصول = الخصوم + حقوق الملكيّة) هي موضّحة في الميزانيّة العموميّة، وهي معروضة على جزأين، في أوّلهما توضيح لجميع الأصول وإجماليّ مبالغها، حيث تتم مقارنة هذا المجموع بالمجموع في الجزأين الثّاني والثّالث، والتي تُظهر الالتزامات وحقوق الملكيّة. ومثلما يجب على المعادلة المحاسبيّة موازنة نفسها، فلابد من موازنة الميزانيّة العموميّة أيضًا. يوضّح الشّكل 11.9 الميزانيّة العموميّة لعام 2020 لــهومتاون بيتزيريا (Hometown Pizzeria)، هذا هو نفس نوع البيانات الماليّة التي يستخدمها المستثمرون على أرض الواقع للتّعرف على الأعمال التّجاريّة، حيث يمكنك رؤية الجوانب الرّئيسية للمعادلة المحاسبيّة في كل نصف من البيان، بالإضافة إلى العديد من الحسابات الفرديّة التّفصيليّة. حيث يقدّم هذا البيان الماليّ ملخّصًا سريعًا للقارئ حول ما تمتلكه الشّركة، وما تدين به، ومع أنّ مقدار الخصوم يُعدّ مؤشّرًا على المبلغ الذي يحتاجه العمل لسداده قبل رؤية المستثمرين لعائدٍ على استثماراتهم، إلّا أنّهم يهتمّون لكلا البندين. على عكس المعادلة المحاسبيّة، تعرض معظم الميزانيّات العموميّة البيانات رأسيًا وليس أفقيًا، لكن الشّكل الرأسي لا يزال يعرض جانبيّ المعادلة - باستثناء وقوع الخصوم وحقوق الملكية في النّصف السّفلي من البيان-. لاحظ أنّه لا يزال يتعيّن على الجانبين أن يكونا متساويين. الشكل 11.9: الميزانية العموميّة لمطعم هوم تاون بيتزيريا حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 تتيح لنا مراجعة الميزانيّة العموميّة لشركة هومتاون بيتزيريا معرفة نوع الأصول التي تمتلكها الشّركة، حيث نرى النّقود، والمكوّنات، ومعدّات المطعم، وكل الأشياء الضّروريّة لصناعة وبيع البيتزا، كما نرى بعض الالتزامات أيضًا. وتعدّ الحسابات الدّائنة عبارةً عن حساب يغطّي العديد من البائعين المختلفين الذين تشتري الشّركة منهم بالائتمان، مما يعني سماح البائعين لمطعم البيتزا بالدّفع لهم بعد تسليم بضائعهم، وقد يكون هؤلاء البائعون شركات تبيع الدّقيق، أو المحاصيل، أو علب البيتزا؛ أمّا بطاقة الائتمان مستحقّة الدّفع، فهي الرّصيد المستحق على بطاقة الائتمان، والذي استخدمته الشّركة غالبًا في شراء المعدّات أو دفع الفواتير. من أوّل الأشياء التي سيفعلها المستثمر هو مقارنة إجماليّ أصول الشّركة بإجماليّ الالتزامات. وفي حالتنا هذه، يبلغ إجماليّ أصول مطعم البيتزا 27182 دولارا أمريكيًّا؛ أمّا إجمالي الالتزامات، فهو 5649 دولارًا أمريكيًّا، وهذا يعني وجود ممتلكات للمطعم تفوق ما يدين به وهي علامة جيّدة، فرغم عدم امتلاك المطعم للمال الكافي لسداد جميع التزاماتها حاليّا، إلاّ أنّ أصوله -الأكثر من التزاماته- تُعدّ ذات قيمة، إذ يمكن بيعها للحصول على نقود كافية وأكثر. تلخّص الميزانيّة العموميّة المعادلة المحاسبيّة، وهي تخبر صاحب العمل بما تملكه الشّركة، وكيف تمّ دفع ثمنه، كما تتيح للمستثمرين الاطّلاع على كيفيّة حصول الشّركة على الأموال، وكيفيّة إنفاقها لها، فإذا كانت الشّركة مثقلةُ بالدّيون، فيمكنها اللجوء إلى الإنفاق الفوريّ لأيّ استثمار جديد في محاولةٍ، لاستباق آجال تسديد الدّيون دون الاستفادة منها في أيّ عمليّات مساعدة، لذا يرغب المستثمرون في قراءة هذه البيانات الماليّة لمعرفة كيفيّة استخدام الشّركة لأموالهم. بيان الدخل البيان الماليّ الأساسيّ الثّاني هو بيان الدّخل، ويسمّى أيضًا بيان الربح والخسارة، وهو البيان الذي يعرض نتائج عمليّات الشّركة، حيث يصف بيان الدّخل في جوهره مقدار الأموال التي كسبتها الشّركة أثناء تشغيل الأعمال، والتّكاليف التي تكبّدتها أثناء تحقيق هذه الإيرادات، فقد يرغب المستثمر في معرفة مقدار الأموال التي جلبتها الشّركة من العملاء، والمبلغ الذي يجب عليها إنفاقه للحصول على هؤلاء العملاء، حيث ينتج عن الإيرادات مطروحًا منها النّفقات، صافي الدّخل أو الرّبح، وذلك في حال كانت هناك أموال متبقية. بعد تحديد إجماليّ الإيرادات والمصروفات، يمكن للشّركة حساب هامش ربحها، وهامش الرّبح هو الرّبح مقسومًا على إجماليّ الإيرادات، موسومًا بالنّسبة المئويّة. على سبيل المثال، إذا افتتحنا مطعمًا للبيتزا، وحقّقنا مبيعات بقيمة مئة ألف دولار أمريكي للسّنة الأولى، وتكبدنا نفقات قدرها 90 ألف دولار، فسيؤدي ذلك إلى تحقيق دخل صافٍ قدره 10000 دولار أمريكي، وإذا قسمنا صافي الدّخل هذا على مبيعاتنا البالغة مئة ألف دولار، فسيكون هامش الرّبح 10%. لذلك، فمقابل كل دولار محقّق من المبيعات، بقي عشرة سنتات كأرباح، ويمكننا توفير هذا الرّبح النّاتج للتجّديدات المستقبليّة، أو التّوسيع، أو الدّفع للمالكين كتوزيع. لدى مطعم بيتزا، أو أيّ نشاط يبيع منتجًا ماديًّا، تكاليف متعلّقة بهذا المنتج، فعلى سبيل المثال، تتطلّب البيتزا الدّقيق، والخميرة لخبز العجينة، وصلصة الطّماطم، والجبن، وغيرها من الإضافات. ويشار إلى هذه النّفقات على أنّها تكلفة البضائع المباعة، فهذه التّكاليف هي المحرّك الأساسيّ الذي يحدّد ربحيّة الشّركة من عدمها، فإذا كان سعر بيع البيتزا هو 12 دولارًا، وكانت تكلفة المكوّنات هي 12 دولارًا أيضًا، فصافي الصّفقة يصل إلى صفر، أيّ لن تجني الشّركة أيّ أموال من البيع، ولهذا ستقوم ببساطة باسترداد الأموال المدفوعة مقابل المكوّنات، ولكن هذا لا يُعدّ نموذج عمل قابل للتّطبيق، نظرًا لوجود تكاليف أخرى إضافة إلى المكونات، مثل: الإيجار على المبنى، وأجور الموظّفين. يًعدّ سعر بيع المنتج مطروحًا منه تكاليفه المباشرة -أو تكلفة البضائع المباعة- إجماليّ الرّبح، وفي الشّركات الّتي تبيع منتجًا، يكون هذا الرّقم هو الأهمّ، إذ يحتاج النّشاط التّجاريّ إلى معرفة مقدار المال الذي يحقّقه من كل عمليّة بيع، لأنّ هذا الرّبح الإجماليّ يغطّي النّفقات الأخرى. وإذا كان مطعم البيتزا يبيع بيتزا مقابل 12 دولارًا، فقد تكون تكلفة مكوّناتها 4 دولارات، وبالتالي يكون إجماليّ ربح بيع بيتزا واحدة هو 8 دولارات، وفي كلّ مرّة تبيع الشّركة بيتزا أخرى، سيزداد إجمالي الرّبح، فإذا باعت الشّركة 1000 بيتزا في الشّهر، فستكون مبيعاتها 12000 دولار، وتكلفة البضائع المباعة ستكون 4000 دولار، وسيتمّ ترك 8000 دولار للرّبح، كما يبيّن الشّكل 12.9 الشكل 12.9: بيان الدّخل لمطعم هومتاون بيتزيريا حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 الإيرادات من العمليات كما تعلّمت سابقًا في هذا الباب، يمكن للشّركة إنشاء أصول من خلال تمويل الدّيون أو رأس المال، وبعد الاستثمار الأوّليّ، يمكن استخدام هذه الأصول لتشغيل الأعمال التّجاريّة، فعلى سبيل المثال، عندما يفتح مطعم هومتاون بيتزيريا بعد البناء الأولّي للمطبخ ومنطقة تناول الطّعام، يمكن للشّركة صنع الطّعام وتقديمه للعملاء مقابل المال، حيث تنشئ هذه العمليّة أصولًا جديدة نقديّة يتّم جمعها من العملاء، وتصبح طريقةً ثالثةً لتوليد الأصول في الأعمال التّجاريّة نسميها الإيرادات، وفي الوضع المثالي، سيتطلّب العمل القليل من الاستثمار الخارجيّ بمجرد بدء العمليات. الإيرادات هي المبلغ الّذي يكسبه النّشاط التّجاري من بيع منتج أو تقديم خدمة، ويقابله التّكاليف المتكبّدة في السّياق العاديّ للعمليّات، ونسمّي ذلك المبلغ بـالمصروفات. وبالنسبة لمطعم البيتزا الذي تمّ افتتاحه مؤخرًا، فمدفوعات العملاء مقابل وجباتهم هي إيرادات الأعمال، بينما تكلفة مكوّنات الطّعام والمشروبات وأواني الطعام هي نفقات التّشغيل؛ أمّا رصيد الإيرادات التّجاريّة مطروحًا منها مصاريف التّشغيل، فهو ربح الشّركة، أو صافي الدّخل. قبل الانتقال إلى تصوّر الدّخل التّشغيلي، دعنا نتوقّف هنا لمراجعة بعض الفروق الأساسيّة بين هذه المصطلحات الرّئيسية، فعندما تكتسب الشّركة أصولًا جديدة، فيجب الإتيان بهذه الأصول من مكان ما، ويتم ذلك عادةً من أحد المصادر الثّلاثة، وسنرى هذه الخيارات على الجانب الأيمن من المعادلة. أوّلاً، إذا ربحنا أصلًا جديدًا، لكنّنا لم ندفع ثمنه، فقد أنشأنا التزامًا، وهو دين تلتزم الشّركة بدفعه. وقد كان هذا ممثّلا في مثالنا بدفع شانتي ثمن حاسوبها المحمول ببطاقتها الائتمانيّة، إذ ستضطرّ مستقبلًا للدّفع إلى شركة البطاقة الائتمانيّة، لكنّ هذه العمليّة تختلف عن الإنفاق، أو المصروف كما سنرى لاحقًا. فنحن الآن نكسب شيئا جديدًا، على أن ندفع لأحدهم لاحقًا. المصدر الثاني للأصول الجديدة هو استثمارات المالك، وكان هذا مثالنا الأوّل، حين أودعت شانتي أموالًا في حساب الشّركة البنكيّ من حساب مدّخراتها، وهكذا زادت أصول الشّركة، إذ امتلكت الآن مالًا أكثر من السّابق يُسجّل على الجانب الأيمن من المعادلة المحاسبيّة في شكل مصدر لهذه الأصول، وهو شانتي نفسها. لذا فاستثمارات المالك نفسه تُعدّ مصدرًا آخر للأصول الجديدة. الطريقة الثّالثة لكسب الأعمال أصولًا جديدة هي العمليّات، فعندما تستخدم شانتي أصول شركتها -أي حاسوبها المحمول- لتنفيذ خدمة للعميل تتمثّل في إنشاء موقع إلكترونيّ، فسيترتّب عن هذا بيع، أو إيراد، وبهذا ترتفع أصول الشّركة لأنّ العميل يدفع مقابل العمل، وعليه يرتفع مقدار المال لدى شانتي، حيث نسجّل هذا مجدّدا على الجانب الأيمن من المعادلة المحاسبيّة، ويكون مصدر هذا الأصل هو الإيراد، لذا نقول اختصارًا أنّ الإيراد هو زيادة الأصول من دفع العملاء مقابل السّلع أو الخدمات. لنواصل مع مثال شانتي للتوضيح أكثر، اشترت شانتي جهاز حاسوب بمدّخراتها الشّخصية، ثمّ تعاقد معها نشاط تجاريّ محليّ لتنشئ له موقعًا إلكترونيًّا، واتّفقا على أن يدفع لها 5000 دولار عند انتهائها من تصميم الموقع، وبمجرّد اكتمال العمل على الموقع، تسجّل شانتي استلام 5000 دولار نقدًا كزيادة في الحساب النّقدي، وعلى الجانب الأيمن من المعادلة، تتمّ إضافة هذا المبلغ في حساب تحت فئة حقوق الملكيّة للإيرادات. (الشّكل 13.9). الشكل 13.9: تسجيل عملية بيع مقابل 5000 دولار. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 بعد تحصيل 5000 دولار من العميل، وإضافتها إلى حساب الإيرادات، نما إجماليّ أصول الشّركة إلى 6000 دولار، فعلى الجانب الأيمن من المعادلة، ازدادت حقوق الملكيّة في عمودٍ جديد يُمثّل الإيرادات والمصروفات، حيث تكون الإيرادات موجبةً، والمصروفات سلبية. تصف المعادلة المحاسبيّة كيفيّة تصنيف المعاملات في سياق موازنة ما تملكه الشّركة (الأصول) مع كيفيّة دفعها لتلك الأصول (الالتزامات وحقوق الملكية)، وفي القسم التّالي من هذا الفصل، سوف نستكشف كيف يتمّ تلخيص هذه المعلومات في البيانات الماليّة، وكيف يستخدم روّاد الأعمال، والمستثمرون المحتملون هذه المعلومات. بيان التدفقات النقدية البيان الماليّ الأساسيّ الثّالث الذي سنناقشه هو بيان التّدفقات النقدية، والذي يشرح مصادر واستخدامات أموال الشّركة، وقد تتساءل كيف يختلف بيان التّدفقات النّقدية عن بيان الدّخل، والإجابة المختصرة هي أنّ بيان الدّخل يلتقط الأحداث فور حدوثها، فيُسجّل عناصر معيّنة، مثل المبيعات عند اكتمال العمل وليس بالضّرورة عندما يتمّ الدّفع للشّركة. لنعد إلى مثال شانتي، مصمّمة المواقع، والتي بمجرد إكمالها لموقع العميل، سيقوم نظام المحاسبة بتسجيل الإيرادات والمبلغ المستحقّة من ذلك العميل، ويشار إلى هذا البند الثّاني باسم حسابات القبض، وإذا كان عميل شانتي في ضائقة ماليّة، أو توقّف عن نشاطه، فقد لا تحصل هي على مقابل عملها أبدًا، لكنّ بيان الدّخل سيُظهر المبيعات، وبالتالي ربما ربحًا، فإذا توقّف العميل عن العمل، فلن يحتوي الحساب المصرفي التّجاري على أي دليل على الرّبح. ولهذا السّبب تمّ تطوير بيان التّدفقات النّقديّة، وهي تحسب هذه الاختلافات، وتظهر فقط الأنشطة التي تؤدّي إلى استلام مبالغ نقديّة أو مدفوعات نقديّة، ولفهم الغرض أكثر من بيان التّدفقات النقديّة واستخدامه ، دعونا نلقي نظرةً أوّلاً على هذا البيان مرّةً أخرى في سياق مطعم بيتزا (الشكل 14.9). الشكل 14.9: بيان التدفّقات الماليّة لمطعم هومتاون بيتزيريا حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 كما نرى في بيان التّدفقات النّقديّة لـهومتاون بيتزيريا، على الرّغم من توليد العمليات الأساسية لتدفق نقديّ إيجابي، إلا أنّ عمليّة الشّراء الرّئيسية كانت مطلوبة، وهذا أمر شائع في بداية العمل، إذ لن يتمّ تجهيز كل موقع بمطبخ تجاريّ ومنطقة لتناول الطّعام، لذلك قد يحتاج النّشاط التّجاري إلى شراء عناصر، مثل: فرن البيتزا، وكراسي الطّعام، والطاولات. لاحظ أنّه على الرغّم من كون بيان الدّخل يُقارب التّدفقات النّقديّة من ناحية العمليّات، فمع ذلك لن يظهر التّدفّق الخارج الكبير النّاتج عن الشّراء الأوّلي للمعدات، وقد كان من الممكن معاملة هذا الشّراء كأصل ضمن سياق المعادلة المحاسبيّة، كما كان سيتمّ تسجيله في الميزانيّة العموميّة، ولذلك من هذا الاختلاف الكبير وحده، يمكننا رؤية لماذا يقول بعض الناّس أنّ بيان التّدفقات النّقديّة هو أهم البيانات الماليّة، فهو يسدّ الفجوة بين بيان الدّخل والميزانيّة العموميّة. كما ترى في الشّكل، يتمّ تقسيم بيان التدّفقات النّقدية إلى ثلاثة أقسام. الأوّل هو الأنشطة التّشغيليّة، وهي الأنشطة اليوميّة للشّركة، بما في ذلك شراء اللّوازم ودفع الإيجار وتلقّي النّقد من العملاء، حيث يخبر هذا القسم القارئ بمدى فعالية نموذج أعمال الشّركة في توليد التّدفق النّقدي. الثّاني هو أنشطة الاستثمار الّتي تشمل عمليّات الشّراء الرّئيسية للمعدات أو المرافق، فعلى سبيل المثال، عندما تُطوّر أمازون مقرّها الثّاني، سيتمّ تسجيل مليارات الدّولارات التي يتمّ إنفاقها على أساس أنشطة استثماريّة. وبالإضافة إلى ذلك، إذا كان لدى الشّركة فائض من النّقد، فقد تشتري أوراقًا ماليّة، مثل: الأسهم والسندات؛ والتي لها عائد استثمار أعلى من حساب التّوفير المصرفيّ التّقليدي، حيث يخبر هذا القسم القارئ بالمكان الذي تنفق فيه الشّركة الأموال من حيث عمليّات الاستحواذ الكبيرة. القسم الثّالث من بيان التّدفقات النّقدية هو الأنشطة التّمويليّة، إذ يخبر هذا القسم القارئ من أين تأتي الدّفعات النقديّة الجديدة. فمثلًا، يحتاج مالكو هومتاون بيتزيريا إلى إيجاد طريقة لدفع ثمن معدّات المطبخ والأثاث، وإذا كان لديهم مثل هذا المبلغ في مدّخراتهم الشّخصيّة، فيمكنهم ببساطة المساهمة به في الشّركة بأنفسهم؛ أمّا إذا لم يكن لديهم المال الكافي، فسوف يحتاجون إلى البحث عن مصادر أخرى، مثل: القروض، أو أنواع المستثمرين المذكورين سلفًا. تُسجّل كلّ النّشاطات التّمويليّة عمومًا في الميزانيّة العموميّة أيضًا، ويوضّح هذا القسم من البيان المصادر التي استخدمها المالكون لتوليد أموال خارجيّة تأتي إلى العمل، كما يشير دائمًا إلى المتطلّبات المستقبليّة أيضًا. فعلى سبيل المثال، إذا قام أحد البنوك بإقراض المال لمطعم البيتزا ، فنحن نعلم أنّه سيتعين سداده في المستقبل، لذلك سيحتاج العمل إلى التأكّد من تخصيص الأموال لسداد أقساط شهريّة. إذا ساهم المستثمرون الجدد بالمال، فما هي طريقة عائد الاستثمار التي يبحثون عنها؟ إذا قرّروا السّعي للحصول على توزيعات منتظمة للأرباح، فسيتعيّن عليهم أخذ ذلك في الحسبان. التوقعات الإسقاطات أو التّوقّعات هي واحدة من بين أقوى الأدوات التي يمكن لأصحاب الأعمال استخدامها، فالإسقاط هو توقّع للعمليّات المستقبليّة للشّركة، وهو نظرة شاملة للأعمال لكيف ستبدو الأشهر القليلة القادمة؟ وماذا عن العام القادم؟ حيث سيحدّد الإسقاط مستوى المدفوعات المتوقّع، وتوقيت التّكاليف المتكبّدة، إذ يتيح ذلك لصاحب العمل فهم ما يجب تأمينه من التّمويل المحتمل، ويوجد مفهومان رئيسيّان متعلّقان بالإسقاطات هما معدّل التّشغيل، ومعدّل الاستنفاذ. حيث يساعد معدّل التّشغيل في استقراء المستقبل، فعلى سبيل المثال، إذا كان مطعم البيتزا يولّد مبيعات بقيمة 10000 دولار شهريًّا، فذلك يترجم إلى معدّل تشغيل سنويّ قدره 120 ألف دولار سنويًّا، ويخبرنا ضرب المبلغ الشّهري في اثني عشر بالمبلغ السنويّ، وإذا أردنا توقّعات ربع سنويّة، فسنضرب المبلغ الشّهري في ثلاثة، ويُعدّ هذا مفيدًا لتصوير كيف ستبدو الشّركة للمستثمرين بعد تحقيقها لقوة جذب في توليد المبيعات؛ أمّا معدّل الاستنفاذ، فهو المعدل الذي يتجاوز فيه التّدفق النّقدي الخارج التّدفق النّقديّ الوارد، أو مقدار الأموال الّتي تنفقها الشّركة عمومًا كلّ شهر. وقبل تحقيق الدّخل، أو تحقيق ما يكفي لتحقيق التّعادل، تتكبّد الشّركات النّاشئة خسارة، ويساعد فهم السّرعة التي تتجاوز بها النّفقات الإيرادات أصحاب الأعمال على التّخطيط وفقًا لذلك. فعلى سبيل المثال، إذا استغرق تجديد مطعم البيتزا ستّة أشهر وكان الإيجار الشّهري 2000 دولار، فمعدل الحرق هو 2000 دولار شهريًّا، ويُتوقّع احتياج العمل إلى مبلغ إضافيّ قدره 12000 دولار (2000 × 6 أشهر) متاحًا للتّمويل، وبالإضافة إلى تكلفة التّجديدات، يجب دفع إيجار الموقع، حتى إذا لم يكن مطعم البيتزا مفتوحًا للعمل بعد. خلال المرحلة الأوّليّة للشّركة، يمكن استخدام الإسقاطات لإطلاع المستثمرين المحتملين على مدى سرعة الشّركة في جني الأموال، تمامًا كما هو الحال في برنامج خزّان القرش، وتحدّي الهوامير، أين يستخدم المتقدّمون الإسقاطات أثناء عروضهم التّقديميّة، إذ يريد المستثمرون والمقرضون رؤية كيف يمكنهم توقّع أداء الأعمال بالضّبط، ومدى سرعة الشّركة في تحقيق نتائج ماليّة إيجابيّة. تحليل التعادل من أجزاء التّخطيط المهمّة لأصحاب الأعمال الجدد فهم نقطة التّعادل، وهي مستوى العمليّات التي تؤدي إلى إيرادات كافية تمامًا لتغطية التّكاليف، بحيث لا ينتج عنها لا ربح ولا خسارة، ولحساب نقطة التعادل، يجب أوّلاً فهم سلوك الأنواع المختلفة من التّكاليف بأنواعها المتغيّرة والثّابتة. تتقلب التّكاليف المتّغيرة مع مستوى الإيرادات، وبالعودة إلى هومتاون بيتزيريا، نرى أنّ تكلفة المكوّنات ستكون تكلفةً متغيّرة. وفي قسم سابق، أشرنا أيضًا إلى هذه على أنّها تكلفة البضائع المباعة، حيث تعتمد التّكاليف المتغيّرة على عدد فطائر البيتزا المباعة، والهدف من ذلك هو شراء ما يكفي من المكوّنات فقط، بحيث لا ينفد العمل من الإمدادات أو يتسبّب في تلفها. وفي هذا المثال، تبلغ تكلفة صنع البيتزا 4 دولارات، وبالتّالي فإجماليّ التّكاليف المتغيّرة في أيّ شهر يساوي 4 أضعاف عدد فطائر البيتزا المصنوعة، وهذا يختلف عن التّكلفة الثّابتة مثل الإيجار، والتي تظلّ كما هي كل شهر بغضّ النّظر عمّا إذا كان مطعم البيتزا يبيع بيتزا أم لا. تتمثّل الخطوة الأولى في فهم نقطة التّعادل، في حساب هامش المساهمة لكلّ عنصر يتمّ بيعه، فهامش المساهمة هو إجماليّ الرّبح من عنصر واحد مباع. لذلك، فسعر البيع مطروحًا منه التّكاليف المتغيّرة هو هامش المساهمة، وسعر بيع بيتزا هومتاون بيتزيريا هو 12 دولارًا، حيث التّكلفة المتغيّرة هي 4 دولارات، ممّا ينتج عنه هامش مساهمة قدره 8 دولارات للبيتزا، وستُخصّص هذه الـ 8 دولارات لدفع نفقات أخرى، وعندما تتم تغطيتها، سيتم إضافة الباقي إلى الرّبح، وبمجرد فهمنا لمقدار مساهمة كلّ عنصر يتمّ بيعه في النّفقات الأخرى، فسنفهم كيف تتصرّف هذه التّكاليف الأخرى (الشّكل 9.15) الشكل 15.9: هامش المساهمة في مطعم هوم تاون بيتزيريا حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 الفئة الرّئيسية الأخرى من التّكاليف هي التّكاليف الثّابتة، وهي مبلغ محدّد لا يتغيّر بغضّ النّظر عن حجم المبيعات. ففي السّابق، أشرنا إلى الإيجار على أنّه تكلفة، ولكنّ معظم التّكاليف الأخرى للشّركة تقع تحت هذه الفئة أيضًا. وعلى الرّغم من اختلاف بعض التّكاليف من شهر لآخر، فمع ذلك يتمّ وصف التّكاليف على أنّها متغيّرة إذا كانت ستزيد عند قيام الشّركة ببيع عنصر واحد إضافيّ، حيث تُعدّ التّكاليف، مثل: التأمين، والأجور، واللّوازم المكتبيّة، عادةً تكاليف ثابتة. بمجرّد تحديد التّكاليف المتغيّرة والثّابتة، يمكن استخدام هذه المعلومات لإنتاج تحليل التّعادل، فحساب نقطة التّعادل هو ببساطة مسألة قسمة إجماليّ التّكاليف الثّابتة على هامش المساهمة. ولتوضيح ذلك، لنفترض أنّ مطعم هومتاون بيتيريا، لا يزال يبيع البيتزا بهامش مساهمة قدره 8 دولارات لكلّ منهما. لنفترض أيضًا أنّ التّكلفة الثّابتة الوحيدة هي الإيجار البالغ 2000 دولار شهريًّا، فإذا أردنا معرفة عدد فطائر البيتزا التي يحتاج المالك إلى بيعها كلّ شهر لدفع الإيجار، فسنقسم 2000 دولار على 8 دولارات، حيث ينتج عن هذا نقطة تعادل 250 فطيرة بيتزا، وبهذا نعلم الآن أنّه إذا كان مطعم البيتزا يبيع 250 فطيرة بيتزا شهريًّا، فسيتمّ دفع إيجارها بالكامل، وأيّ بيتزا إضافيّة تباع ستضيف إلى أرباح الشّركة؛ أمّا إذا باعت الشّركة أقلّ من 250 بيتزا، فلن تذر دخلاً كافياً لتغطية الإيجار وستتكبّد خسارة، وعندما تتكبّد شركة ما خسارة، فسيحتاج الملّاك إلى المساهمة بمزيد من مدّخراتهم الشّخصية أو يتّجهون إلى الاستدانة. الشّكل 16.9. الشكل 16.9: نقطة التّعادل في مطعم هوم تاون بيتزيريا حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 يوفّر فهم نقطة التّعادل للأعمال قدرًا كبيرًا من الإدراك، فهو يوضّح عدد وحدات المنتج التي يجب بيعها لتغطية نفقات العمل، وعدم تكبّد خسارة، كما يساعد أصحاب الأعمال على إدراك متى تكون التكّاليف مرتفعةً للغاية، وتحديد عدد الوحدات التي يجب بيعها لتحقيق التّعادل، فقد يساعد إدراك ذلك مقدّمًا روّاد الأعمال على تجنّب بدء عمل تجاريّ لن يؤدّي إلا إلى خسائر. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Finance and Accounting) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: الشركة الناشئة اللينة وبدء النشاط التجاري غير المثالي المقال السابق: استراتيجيات تمويل خاصة يلجأ إليها رواد الأعمال لتمويل الأعمال الريادية
  7. لا بدّ من إدراك أنّ أغلب الشّركات النّاشئة ليست شركات تقنيّة وإعلام آلي لتقدّم منتجات عالية الكفاءة، مثل: التّطبيقات، والمواقع الإلكترونيّة التي لا تحقّق أرباحًا وفوائد إلّا بعد سنين طويلة، فالنّوع الأكثر انتشارًا هو الشّركات الصّغيرة الّتي يؤسّسها روّاد أعمال صغار يسعون إلى خلق قيمة في مجتمعاتهم المحليّة، إذ لا تؤسَّس كلّ الشّركات النّاشئة بهدف الرّبح، وهو ما يجعل تمويلها يتطلب صيغًا خاصة سنتحدث عنها في هذا المقال. خيارات تمويلية رائجة بالنسبة للمؤسسات غير الربحية غالبًا ما تتأسّس المنظّمات الخيريّة وبعض الشّركات غير الرّبحية بأهداف إيثاريّة، مثل: تطوير الفنّ، والتّعليم، والعلوم، وكذا حماية البيئة الطّبيعيّة، وتقديم الإغاثة لموبوئي الكوارث، والدّفاع عن حقوق الإنسان. (الجدول 2.9) البعثات الخيرية والمنظمات النموذجية table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } المهمّة الأمثلة تطوير التّعليم Teach for America, Khan Academy حماية البيئة الطّبيعيّة Sierra Club, Wildlife Conservation Society حماية حقوق الإنسان Amnesty International, Human Rights Watch تقديم الإغاثة الهلال الأحمر دعم الفنون Metropolitan Museum of Art, Americans for the Arts الجدول 2.9 تحلّ هذه الأهداف محلّ الدّافع الرّبحي الّذي تملكه الشّركات التّقليديّة، ولهذا تختلف في الغالب إستراتيجيّات التّمويل لهذين النّوعين من المؤسّسات اختلافًا كبيرًا. ومع غياب التّركيز على الرّبح، يكون من الصّعب توفير تكلفة العمليّات التّشغيليّة، مما يحتّم على هذه المنظّمات غير الرّبحيّة تطوير إستراتيجيّة مستدامة تمكّنها من الحفاظ على استقرارها المالي. يمكن لهذه المنظّمات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة مثلًا التّأهل للحصول على الإعفاء الضّريبيّ، ممّا يعني أنّ أيّ ربح قد تحقّقه منظّمة غير ربحيّة فلن يخضع للضّرائب عادةً، وعلى تلك المؤسّسات السّعي إلى الحصول على هذا الإعفاء عبر التّقدّم بطلب إلى خدمة الإيرادات الدّاخليّة IRS، مع توضيح نوع المهمّة الّتي تنفّذها، سواء كانت خيريّة، أو علميّة، أو تعليميّة. لنأخذ متحفًا على سبيل المثال، ما الغرض منه برأيك؟ وذلك موازنةً بالشّركات التّقليديّة الّتي تقدّم منتجًا، أو خدمة للعملاء مقابل أجر يدفعونه، فتلبّي بذلك حاجة لديهم؟ على الرّغم من أنّ الاطّلاع على المنحوتات واللّوحات الفنيّة ليس متطلّبا حيويّا، إلاّ أنّ تلك التّجربة قد تثري حياتنا، وتساعد في تعليمنا وتشكيل مجتمعنا، ولهذا تتأسّس المتاحف. إليك بيان مهمّة متحف ميتروبوليتان للفنّ المعروف اختصارًا باسم ميت (Met) في نيويورك الأمريكيّة. (الشّكل 3.9) الشكل 3.9: يلخّص بيان مهمّة متحف الميتروبوليتان للفنّ في نيويورك الغاية من وراء هذه المنظّمة. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 هذا هدف مختلف عن أهداف أغلب الشّركات الصّغيرة الّتي تقدّم خدمة أو منتجًا مقابل فائدة، واختلاف الأهداف هذا يدعو إلى اختلاف إستراتيجيّات التّمويل، مثل: توليفة من خدمات البرامج، والتبرّعات، والمنح. خدمات البرامج خدمات البرامج هي العروض التي تقدّمها منظمة غير ربحيّة، والتي تؤدي إلى تحقيق إيرادات، ورغم عدم كفاية عائداتها عادةً لتغطية التّكلفة الإجماليّة لإدارة المؤسّسة، إلاّ أنّ هذه الخدمات تشبه إلى حد بعيد تفاعلات العملاء في الأعمال التّجارية التّقليديّة، إذ تقدّم المنظّمة منتجًا، أو خدمة مقابل أموال العميل. يمكن اتّخاذ خدمات البرامج في مثال المتحف لعدّة أشكال مختلفة، فمن المحتمل تقاضي المتحف لرسوم مقابل الدّخول لمشاهدة الأعمال الفنيّة والتّحف، بحيث تكون عائدات التّذاكر هي حاصل ضرب سعر التّذكرة الواحدة في عدد الزوّار، حيث المتحف يملك فكرة عامّة حول العدد المتوسّط من زوّاره، وبهذا يمكنه الاستفادة من تلك البيانات في إنشاء الميزانيّة. من أشكال خدمات البرنامج الأخرى في المتحف تقديم أنشطة تعليميّة، أو تظاهرات ثقافيّة يحضر فيها متحدّثون مشاهير أو مقدّمو عروض، فغالبًا ما تستضيف المتاحف فنانين محليّين، أو يقيم موظّفوها فصولًا فنيّة، وجولات موسميّة، وعادةً ما يكون لهذه الأحداث والأنشطة رسومًا تتجاوز تكلفة تذكرة الدّخول العاديّة. على الرّغم من هذه الأنشطة المدرّة للدّخل، إلاّ أنّ المنظمات غير الرّبحية تواجه صعوباتٍ جمّة في تغطية جميع تكاليف التّشغيل للأعمال العاديّة، مثل: أجور الموظّفين، وتكاليف المنشأة، والإعلان. وبالتالي، فهم بحاجة إلى العديد من مصادر الدّخل المختلفة، وللتوضيح، لم يشكّل دخل خدمة برنامج ميت لعام 2018 سوى 2.3٪ من إجمالي إيراداته لذلك العام. التبرعات إحدى الفوائد التي تعود على الشّركات ذات المهمّات الخيريّة هي الدّعم الشّعبيّ المتأصّل، والذي قد يعزّز مشاركة المجتمع بما يتجاوز المحسوبيّة، وقد يترجم هذا إلى استعداد للتّبرع بالمال للمنظّمة، فالتّبرع هو هديّة ماليّة بدون توقّع السّداد أو استلام أي شيء في المقابل، حيث يريد المستفيدون من منظّمة خيريّة المساعدة في تعزيز مهمّة المنظّمة، ويعتمد هذا النّوع من الكيانات، سواءً كان متحفًا، أم مستشفى، أم الهلال الأحمر على حسن نيّة أفراد المجتمع، وبالنسبة إلى ميت، فمع هذه النّسبة المنخفضة من الإيرادات النّاتجة عن خدمات البرامج، فمن الواضح أنّ التّبرعات والهدايا الخيريّة تُعدّ ضروريّةً في تحقيق الاستمرار الماليّ للمنظّمة. المنح المِنح مصدر آخر لتمويل المنظّمات غير الرّبحية، فالمنحة هي هديّة ماليّة تُقدّم لغرض معيّن من قبل وكالة حكوميّة أو منظّمة خيريّة، مثل: مؤسسة بيل، وميليندا جيتس، وتتشابه المنح مع التبرّع في كونهما معطيات لا ينبغي سدادها، لكنّهما يختلفان في كون المنظّمات قادرة على التّنافس للحصول على المنح، كما يمكن صرفها للمنظّمات مع بعض القيود حول كيفيّة التصرّف فيها، إذ تمتلك معظم الكيانات المقدّمة للمِنح أجندةً أو غرضًا من وراء تمويلها هذا. فعلى سبيل المثال: تقدم المعاهد الوطنيّة للصّحة (NIH) منحًا "لدعم النّهوض بمهمّة المعاهد الوطنيّة للصّحة في تعزيز الصّحة، وإطالة الحياة الصّحية، وتقليل أعباء المرض والإعاقة". وتستثمر هذه المنظّمة الفيدراليّة أكثر من 32 مليار دولار سنويًا من أجل البحوث الطبيّة. قد تكون المنح تنافسيةً للغاية، وتتطلّب عمليّة تقديم صارمة، ففي العادة تتقدّم العديد من المنظّمات للحصول على نفس المنحة، وتقوم المنظّمة المصدرة للمنحة بمراجعة العديد من الطّلبات المتنافسة لتحديد اختيارها. لهذا يجب على الحاصلين على المنح تقديم بيانات ماليّة مدقّقة، كما أنّها مطالبة بتحديث تلك البيانات بعد حصولها على المنحة، لتأكيد استخدامها أنسب استخدام. وتمنح المعاهد الوطنية الأمريكيّة للصّحة ما يقرب من 50000 منحة سنويًا معظمها تنافسيّة. وعلى الرّغم من أن هذا عدد هائل من المشاريع المموّلة، إلّا أنّه تمّ قبول 20% فقط من الطّلبات المقدّمة إلى المعاهد الوطنية للصّحة في عام 2018. وبعبارة أخرى، رفضت المعاهد الوطنية للصحة أربعة من كل خمسة طلبات. بالنسبة إلى رواد الأعمال، هذا يعني أنه عند تحديد منحة خاصة بمهمة مؤسستك، يجب أن تزن فرصك في الحصول على المنحة قبل اعتبارها جزءًا من إستراتيجيّة تمويلك. لفهم المنح في الممارسة العملية، دعنا نفحص المعاهد الوطنية للصحة. يوفر برنامج المنح الصغيرة للمعاهد الوطنية للصحة الأموال لأنشطة مثل تطوير تكنولوجيا البحث الجديدة. يمكن تقديم هذه المنحة المحددة لمدة تصل إلى عامين، بأموال تصل إلى 50000 دولار في التكاليف المباشرة سنويًا. يمكن أن توفر منحة كهذه دعمًا حيويًا لشركة ناشئة غير ربحية. تقع بعض المشاريع التجارية في مكان ما بين المنظمات الملتزمة تمامًا بالعمل الخيري، والشّركات الصّغيرة التّقليديّة مع روّاد الأعمال الذين يركّزون على ريادة الأعمال المجتمعيّة. يطوّر رواد الأعمال الاجتماعيون المنتجات والخدمات كحلول لمشاكل المجتمع. على سبيل المثال، تمكنت شركة تومز (TOMS) للأحذية من إنشاء نموذج عمل تقدم من خلاله الشركة زوجًا واحدًا من الأحذية للأطفال في دول فقيرة مقابل كلّ زوج مباع. وهذه الفكرة ابتكرت ما يسمّى بـ "واحد مقابل واحد". يصف الموقع الرّسمي لـ تومز الشّركة ونموذجها، واللّذان يرتكزان إلى تجارب مؤسّس الشّركة بلايك مايكوسكي. (الشّكل 4.9). الشكل 4.9: تقدّم قصّة بدء شركة تومز مثالا حول ريادة الأعمال الاجتماعية. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 توفّر ريادة الأعمال الاجتماعيّة القدرة على إحداث تغيير إيجابيّ في العالم دون الاعتماد على التّبرعات وحدها، حيث تجمع ريادة الأعمال الاجتماعيّة نموذج عمل مربح ومستدام مع قضيّة مهمّة، وغالبًا ما ينتج عن هذا المزيج ترويج شفهيّ إيجابيّ يمنح العملاء المحتملين شعورًا جيدًا بالمنتج يتجاوز مجرد الإعجاب بأسلوبه، أو وظيفته. إستراتيجيات التمويل بدون قرض اكتشفنا إلى الآن أنّ العديد من الشّركات النّاشئة ظهرت للوجود من خلال الاستخدام المكثّف للدّيون، وعلى الرّغم من كون الاقتراض يُعدّ مصدرًا لتمويل المشروع، فقد يكون محفوفًا بالمخاطر خاصةً إذا كان صاحب المشروع مسؤولاً شخصيًّا عن السّداد، لذا تجد في الممارسة العملية أنّ بعض روّاد الأعمال يستهلكون بطاقات الائتمان إلى أقصى حد، أو يحصلون على قروض لشراء المنازل مقابل مساكنهم الأساسيّة، أو يؤمّنون قروضًا شخصيّة أخرى عالية الفائدة، فإذا فشل صاحب المشروع في سداد القروض، قد تكون النّتيجة استعادة المعدّات، وحبس الرّهن، وغيرها من الإجراءات القانونيّة، ولتلافي تلك المخاطر نعرّج الآن إلى إستراتيجيّات التّمويل الّتي تجذب الكثير من الشّركات النّاشئة، كونها لا تتطلّب الخوض في الدّيون، ولا التخلّي عن جزء من الملكيّة مقابل الدّعم الماليّ. التمويل الجماعي ذكرنا سابقًا قصّة بدء مشروع آيباك باك، أين حصل هذا المشروع على تمويله الابتدائيّ من خلال مساهمات عبر موقعي إندي جوجو، وكيك ستارتر، حيث تُعدّ المواقع نوعًا من أنواع التّمويل الجماعيّ، والذي يتضمّن جمع مبالغ صغيرة من المال من عدد كبير من النّاس، ويُشار عادةً إلى الأشخاص الذين يساهمون بالمال بالدّاعمين. عند تصفّح مواقع التّمويل الجماعيّ هذه، سترى العديد من أنواع المشاريع المختلفة التي تسعى للحصول على دعم ماليّ، من إنشاء ألعاب لوحيّة جديدة إلى افتتاح مقاهي الكعك المحلّيّ، حيث يحدّد كلّ مشروع هدف تمويل دقيق وإجماليّ، عبر طرح المبلغ الّذي يحتاج إليه على الموقع، كما تقوم بعض مواقع التّمويل الجماعي، مثل كيك ستارتر، بتطبيق نموذج "كل شيء أو لا شيء"، حيث لا تتلقّى المشاريع أي أموال ما لم يتمّ تحقيق هدف التّمويل العام؛ وعلى الجهة المقابلة، يمكن تجاوز المبلغ المطلوب، ولا تتوقّف عملية جمع الأموال إلّا بانتهاء المدّة الّتي يحدّدها رائد الأعمال. عادةً ما يستخدم روّاد الأعمال الذين يتنافسون على التّمويل الجماعيّ بعض الأساليب الشّائعة: أولاً، غالبًا ما ينشرون مقطع فيديو تمهيديًّا يشرح هدف المشروع وعرض القيمة المحدّدة. (على سبيل المثال، قد يطلب الطّاهي 75000 دولار لفتح شاحنة طعام متخصّصة في مطبخ غير معروف نسبيًّا). ثانيًا، يقدّم رائد الأعمال ملخّصًا مكتوبًا، أكثر تفصيلاً عن المشروع، وغالبًا ما يتضمّن العناصر التي سينفق المبلغ عليها، مثل: 50000 دولار للسّيارة، و10000 دولار لتصميم الجرافيك وشارات المركبات، و15000 دولار لمعدّات المطبخ للشّاحنة. أخيرًا، هيكل المكافآت، وهو ما يغري زوّار الموقع لتمويل المشروع، إذ يمدّهم بشيء ماديّ مقابل مساهمتهم، بدل الاكتفاء بالمساهمة النّاتجة عن شغفهم بالمشروع، حيث يحدد هيكل المكافآت مستويات مختلفة من التّمويل، ويربط مكافأةً محدّدة بكلّ مستوى، فعلى سبيل المثال، لمساهمة قدرها 5 دولارات، قد يشكر الطّاهي الدّاعم على وسائل التّواصل الاجتماعيّ؛ مقابل 25 دولارًا، سيحصل الدّاعم على قميص وقبّعة عليها شعار شاحنة الطّعام؛ مقابل 100 دولار، سيحصل الدّاعم على خمس وجبات مجانيّة عندما تفتح شاحنة الطّعام. تختلف رسوم مواقع التّمويل الجماعيّ هذه من 5% إلى 8%، ويتطلب كيك ستارتر الآن منتجات ماديّة، أو نماذج أوليّة لبعض الشّركات النّاشئة، بالإضافة إلى مقطع فيديو قصير للمساعدة في تمثيل المنتج وعرضه. على الرّغم من قدرة مصدر التمويل هذا على توفير قدر كبير من المرونة، إلا أنّ الشّركات التي تستخدم التّمويل الجماعي من الممكن مواجتهتها لمشاكل، فقد يكون لبعض مستويات التّمويل والمكافآت حدود، فعلى سبيل المثال، قد ينتج عن هيكل المكافآت مساهمون دعموا المشروع بمبلغ 1000 دولار، وفازوا بمكافأة نقلهم لحضور يوم الافتتاح الكبير لمطعمك، وهذا سيتضمّن تذاكر الطّيران، وغرف الفنادق، وخدمات التّوصيل. صحيح أنّ هذه المحفّزات تقنع النّاس بالمساهمة، لكنّها ستكلّف صاحب المشروع الكثير من الوقت، والتّخطيط، والمال للوفاء بها، ولهذا ذكرت دراسة بحثيّة أنّ 84% من مشاريع كيك ستارتر الأولى تأخّرت كثيرًا في تنفيذ مكافآتها. تتمثّل ميزة التّمويل الجماعيّ في كون الشّركة تتلقّى المال قبل تدشينها؛ أمّا الجانب السّلبي، فيكمن في تطلّب المكافأة لدفعة مستقبليّة للدّاعمين، فقد تكون هذه الدّفعة على شكل سلع، أو وجبات طعام، أو حتّى أحداث، أو رحلات، لذلك من المهم لرواد الأعمال تخصيص جزء من أموال الاستثمار لتمويل المكافآت، فالاعتماد فقط على توليد أموال المكافآت من المبيعات المستقبلية يُعدّ خطرًا قد يؤدّي إلى إغضاب المعجبين أنفسهم الّذين مكّنوا الشّركة من الانطلاق. عادةً ما يوفر التّمويل الجماعي دفعةً فقط لبدء الشّركة النّاشئة، ولهذا تحتاج معظم الشّركات في مرحلتها الأوليّة إلى تمويل إضافي من مصادر أخرى للوصول إلى أولّ إطلاق تجاريّ لها. على الرّغم من إمكانية إتيان وسائل التّواصل الاجتماعي بنتائج عكسيّة، إلّا أن بإمكان رجال الأعمال الاستفادة منه أيضًا، إذ قد يسمح التّمويل الجماعيّ لرائد الأعمال ببناء مجتمع حول منتج ما قبل بيعه، كما يمكن لعشّاق المنتج المتشابهين في التّفكير التّواصل مع بعضهم البعض عبر الإنترنت، في قسم التّعليقات في موقع الويب، أو في منشورات الوسائط الاجتماعيّة المشتركة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يصبح داعمو المشروع مشجعين له من خلال نشر الفكرة وحماسهم لها، مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل، فقد يؤدّي التّسويق الشّفهي إلى المزيد من المؤيدين أو العملاء المستقبليين بعد الإطلاق. المقايضة غالبًا ما تفتقد الشّركات النّاشئة إلى الكثير من الأصول النّقديّة لإنفاقها، ولكنّها تمتلك عروضًا قد توفّر قيمةً لشركات أخرى، فالمقايضة نظام لتبادل السّلع أو الخدمات بسلع أو خدمات أخرى بدلاً من المال. لنلقِ نظرةً على حالة شانتي، وهي مصمّمة المواقع الإلكترونيّة الّتي تريد بدء عمل تجاريّ، والتي قد ترغب في دمج نشاطها التّجاري رسميًا، أو تحتاج أيّة مساعدة قانونيّة أخرى، مثل مراجعة العقود القياسيّة، وإذا ما عيّنت محاميًا لهذه الخدمات، فسيكلّفها ذلك الكثير من المال. لكن، ماذا لو احتاج المحامي إلى شيء قد توفّره مصمّمة المواقع الإلكترونيّة؟ سواء كان المحامي قد بدأ عمله للتّو، أو كان قديمًا في المهنة، فقد يحتاج إلى إنشاء موقع جديد، أو إعادة تصميم وتحديث موقعه القديم، وتثبيت موقع جديد أو إصلاح القديم هما عمليّتان مكلفتان، فماذا لو كانت هناك طريقة تمكّن كلًّأ من المحامي، ومصمّمة المواقع الإلكترونيّة من الحصول على ما يريدانه دون دفع أيّ شيء؟ هذه هي المقايضة، على أنّ بعض التّداعيات المحاسباتيّة والضّريبيّة في المقايضة تمنع من الخروج بعمليّة مقايضة صافية لا يُدفع فيها أيّ مبلغ ماليّ. وفي سيناريو المقايضة، يمكن لشانتي إنشاء موقع ويب للمحامي على حساب وقتها فقط، والذي غالبًا ما يكون أكثر وفرةً من المال في مرحلة بدء التّشغيل ، ويمكن للمحامي تقديم خدمات التّأسيس أو مراجعة العقد في المقابل، دون الحاجة إلى نفقات نقديّة، هذا التّبادل جذّاب للكثير من روّاد الأعمال، ويمكّنهم من تلبية احتياجات العمل بتكلفة أقل، فعلى الرغم من أن الشّركات الأكثر نضجًا يمكنها أيضًا استخدام المقايضة، إلّا أنّ تكلفة الفرصة تكون أعلى بكثير، فإذا كانت الشّركة النّاضجة غير قادرة على تحمّل عميل دافع جديد بسبب كثرة العمل المجّانيّ (المقايضة) الّتي تقوم بها، فستخسر إيراداتها المستقبليّة، مما يمثّل خسارةً كبيرة؛ وعلى النّقيض من ذلك، غالبًا ما تتمتع الشّركات النّاشئة بسعة فائضة أثناء تطوير قاعدة عملاء، لذا فالقيام بأعمال المقايضة غالبًا ما يكون استراتيجية تمويل مفيدة منخفضة المخاطر. خيارات تمويل أخرى بدون قرض بخلاف التّمويل الجماعي والمقايضة، لدى الشّركات النّاشئة خيارات أخرى لمساعدتها على الانطلاق، مثل: تمويل المسابقات، والطلبات المسبقة (الشكل 5.9)، حيث تعقد العديد من المنظّمات مسابقات تمويل المشاريع، وتقدّم جوائز ماليّةً للفائزين، حيث يمكن استخدام أموال الجوائز هذه كأموال أوليّة لبدء مشروع جديد، فعلى سبيل المثال: تنظّم المكتبة العامّة لمدينة نيويورك مسابقة خطّة عمل سنويّة تسمّى نيويورك ستارت اب (New York StartUP)، حيث يجب على المتقدّمين إكمال جلسة توجيهيّة، وحضور ورشات العمل التي تطوّر مهارات إنشاء وتقديم خطّة عمل كاملة، وتُقدّر جائزة المركز الأوّل بـ 15000 دولار من أموال الجائزة الكليّة، والتي قد تكون بدايةً رائعةً نحو تحويل فكرة ريادة الأعمال إلى واقع تجاريّ. هناك طريقة أخرى أيضًا لاكتساب الشّركات الناشئة قوّة دفع ماليّة، وهي الطّلبات المسبقة، فغالبًا ما تطلب متاجر البيع بالتجزئة الطّلبات المسبقة، وهي عمليّات شراء مسبقة للمنتج، أين يدفع العملاء مقابل العنصر المطلوب قبل تمكّنهم من الوصول إليه، ولا يقتصر هذا النّهج على الشّركات والسّلاسل القائمة والمعروفة، بل يمكن للشّركات النّاشئة أيضًا استخدامه. الشكل 5.9: يمكن لروّاد الأعمال استكشاف مجموعة من خيارات التّمويل غير القرضيّ المتنوّعة. حفظ الحقوق: تعريب "اسم المصمّم" لصورة مسجّلة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت التّرخيص CC BY 4.0 يمكن للشّركات التي لديها نموذج أوّلي لمنتجها، أو أوّل دفعة مصنّعة منه، عرض المنتج الجديد للعملاء المحتملين، الذين قد يكونون مهتمّين بما يكفي لتقديم طلب، حيث يمكن للشّركة استخدام الأموال المستلمة من هذه الطلبات المسبقة لدفع ثمن المخزون، بالإضافة إلى قيام موظّفي المبيعات بإجراء مكالمات المبيعات، كما يمكن للشّركات الجديدة حضور المعارض التّجارية والمعارض، لجذب الاهتمام بالمنتج، ويتم إطلاق العديد من المنتجات الجديدة بهذه الطّريقة، نظرًا لكونها تتيح الوصول إلى العديد من العملاء المحتملين في مكان واحد. لماذا يضر التمويل الذاتي ثم يفيد عادةً ما يُشار إلى عملية التّمويل الذّاتي لشركة باسم بوتسترابينغ (bootstrapping)، والبوت ستراب هو خيط الحذاء، وأصلها المقولة الإنجليزيّة "شدّ نفسك من خيط حذائك"، والّتي تقابلها في العربيّة "شدّ الحزام"، فالتّمويل الذّاتي المقصود هنا يصف استراتيجية التّمويل التي تسعى إلى تحسين استخدام الأموال الشّخصية، والاستراتيجيات الإبداعيّة الأخرى (مثل المقايضة) لتقليل التّدفقات النقديّة الخارجة. في السّنوات الأخيرة، كانت هذه الاستراتيجية هي العمود الفقري لبرامج، مثل: خزان القرش (Shark Tank)، فقد تجعل هذه البرامج روّاد الأعمال يعتقدون بأنّ التّواجد على شاشة التّلفزيون أمر ساحر يزيّن الدّعم المالي لأصحاب الملايين والمليارديرات في أعين روّاد الأعمال، لكن في الحقيقة هناك مضارّ وعيوب تنجم عن جلب المستثمرين الخارجيين لإطلاق مشروعك. وتشمل هذه العيوب خسارة الأرباح المستقبليّة، واحتمال فقدان السّيطرة على الشّركة، من بين أمور أخرى. لذا فعلى يجب على أصحاب الأعمال المحتملين الموازنة بين المزايا والعيوب - على المدى القصير والطّويل - لتمويل حلمهم المحدّد. لقد تطرّقنا إلى الآن إلى استراتيجيات التّمويل المبنيّة على إيجاد شخص راغب في الاستثمار أو الإقراض، لكن العديد من الشّركات الصّغيرة ببساطة لا تملك فرصة الحصول على مبالغ كبيرة من رأس المال. وفي هذه الحالات، يحتاج روّاد الأعمال الطّموحون إلى استراتيجيات العمل الليّنة الّتي تحقّق أفضل النّتائج. يتطلّب التّمويل الذّاتي من روّاد الأعمال التخلّص من أيّ أفكار مسبقة عن صورة الثّقافة الشّعبية للشّركات النّاشئة، إذ لا تملك معظم الشّركات النّاشئة مكاتب عصريّة في وسط المدينة، أو طاولات كرة قدم، أو طهاة شخصيّين، فقد يبدو واقع التّمويل الذّاتي أمْيَل إلى قضاء اللّيالي المتأخّرة في قصّ الكوبونات، فهو ينطوي على التّدقيق في النّفقات المحتملة وما إذا كانت كلّ تكلفة تستحقّ الاستثمار حقًا، كما قد تكون عمليّةً صعبةً ومجهدة، ولكن بدون أي مستثمرين ملائكة، أو داعمين من العائلة الأثرياء، وغالبًا ما يكون التّمويل الذّاتي هو الخيار الوحيد لرائد الأعمال؛ أمّا الخبر السّار هو أنّ هذا النّهج قد يحقّق أرباحًا كبيرة على المدى الطّويل. أساسيات التمويل الذاتي عندما يخاطر روّاد الأعمال بمدخرات حياتهم، فعليهم استغلال كلّ دولار إلى أقصى حدّ ممكن، إذ يتطلب امتلاك قدر محدود من رأس المال تحسين الاستراتيجيات الإبداعية لإطلاق العمل وإبقائه قائمًا، حيث ينطبق هذا الإبداع على جلب العملاء، والمبيعات، وكذلك إدارة النفقات. يُعدّ فهم التّكاليف المستمرّة للأعمال أمرًا أساسيًا، ففي مقابلة مع برنامج ان بي ار كيف بنيت هذا (NPR's (How I Built This، تُشارِك باربرا كوركوران وهي إحدى المستثمرين في برنامج خزان القرش، بداياتها المتواضعة في مجال الوساطة العقاريّة. من الأشياء التي تتطرق إليها هي إدراكها باستمرار للمدّة التي ستكفيها أموالها، بالنّظر إلى نفقاتها الشّهرية، فإذا كان لديها 10000 دولار في البنك وكانت تكلفة إيجارها، والموظفين 2500 دولار شهريًا، فقد عرفت أنّ المال سيستمر لمدة أربعة أشهر. هذه المعلومات واليقظة المستمرّة مطلوبة عند بدء عمل تجاريّ لتحقيق النّجاح. عادةً ما تكون تكاليف الموظّفين واحدةً من أكبر النّفقات التي تواجه الشّركة، فقد يكون تعيين موظّفين تقليديّين بدوام كامل مكلفًا، وضمّهم مبكرًا جدًا قد يقضي على مداخيل النّشاط التّجاريّ، كما قد تكون الأساليب الإبداعيّة لتقليل تكاليف العمالة مفيدةً للغاية، وتتمثل إحدى إستراتيجيات التّحكم في هذه التّكاليف في استخدام متعاقدين مستقلّين (موظفون مستقلّون)، وموظّفين آخرين بدوام جزئي كونهم لا يعملون بدوام كامل للعمل، وربّما يخدمون شركات أخرى أيضًا، فمرتّبهم عمومًا أقل من مرتّب الموظف بدوام كامل، وغالبًا ما يرجع ذلك جزئيًا إلى كون هذه الوظائف لا تأتي عادةً مع أيّ مزايا، مثل: التأمين الصحي، أو الإجازات مدفوعة الأجر، إذ يمكن لاستخدام هؤلاء العمال المساعدة في تلبية احتياجات الموارد في تقليل التّكاليف، فبمجرّد بدأ العمليّات في الاستقرار، حتّى يكون ممكنًا، ومن المنصوح به، توفير فرص عمل بدوام كامل لهؤلاء الأفراد. يُعدّ التّسويق مجالًا رئيسيًا آخر للاستثمار التّجاري الجديد، ولكن قد تكون اللّوحات الإعلانية، وإعلانات الويب، والإعلانات التّلفزيونيّة، والإعلانات الإذاعيّة باهظة الثّمن؛ أمّا البخسة منها فغير مجدية، إذ تُبثّ خلال أوقات العرض غير المناسبة، لكنّها عادةً كل ما يمكن للشركات الناشئة ذات الميزانيات المنخفضة تحمّله. ولحسن الحظ، هناك العديد من فرص الإعلان منخفض التّكلفة، أو المجانيّ حتّى، مثل التّسويق الشّفهي، أين قد يؤدّي القيام بعمل جيّد لعميل واحد بسهولة إلى الإحالات لمزيد من الأعمال، كما توفّر بعض جهود وسائل التّواصل الاجتماعيّ أيضًا عائدًا قويًّا مقابل الحدّ الأدنى من الاستثمار، على الرّغم من استحالة قياس التّأثير المحتمل للجهود أو نجاحها عادةً. على المؤسسة الجديدة التي تعتمد التّمويل الذّاتيّ أيضًا إدارة النّفقات التّشغيلية بعناية، فغالبًا ما يستطيع رائد الأعمال تقليل النفقات غير الضرورية في بداية العمليّات، حتى لو كان ذلك يعني التّخلي عن موقع عمل فعليّ، فقد يؤدّي العمل من مكتب منزليّ أو مساحة عمل مشتركة (مثل: نحن نعمل WeWork، أو مركز التأثير Impact Hub) إلى توفير كبير، إذ يمكن لاستئجار مساحة مكتبية تكليف مئات أو آلاف الدولارات شهريًا، بينما لا يتطلب المكتب المنزليّ عادةً أيّ استثمار إضافي. واعتمادًا على الموقع، يمكن لمساحات العمل المشتركة توفير مساحة عمل واحدة، والوصول إلى التّقنية مقابل ما لا يقل عن 50 دولارًا إلى 100 دولار شهريًّا، مما يؤدي إلى تحقيق توفير كبير على مجموعة مكتبيّة مخصصة؛ بينما في المدن الكبيرة، أو في المواقع التي بها المزيد من وسائل الرّاحة، فقد تتراوح التّكاليف الشّهرية بين 100 دولار، و500 دولار في الشّهر. كيف يضر التمويل الذاتي يُعدّ التّمويل الذّاتي عمليّةً غير سهلة البتّة، فهو محفوف بالميزانيات الضّيّقة والتّضحيات، التي من شأنها التّأثير سلبًا على رائد الأعمال، وفي واحدة من أبسط استراتيجيات التّمويل الذّاتي، بدء عمل تجاريّ على أساس عمل ليلي (Moonlighting)، أو التّعامل مع مشروع عملك على أساس وظيفة ثانية، فباستخدام هذه الإستراتيجية، يستمرّ رائد الأعمال في العمل في وظيفته العاديّة، لنقل من 9:00 إلى 17:00، ثمّ يخصّص بقيّة الأمسيات وعطلات نهاية الأسبوع للعمل في الشّركة. في الوقت الذي توفّر فيه هذه الاستراتيجية فائدةً واضحةً تتمثّل في الحفاظ على مستوى دخل مريح، فلهذا النهج له بعض العيوب أيضًا (الجدول 3.9)، إذ لا يستطيع روّاد الأعمال الليليّون تكريس 100٪ من وقتهم وطاقتهم لأعمالهم الجديدة، فقد يكون الوقت الذي يمكنهم تخصيصه له أقلّ كفاءةً، فبعد العمل طوال اليوم في وظيفة أخرى، قد يشعر الشّخص بالتّعب أو الإرهاق، لذلك قد يكون من الصّعب تغيير الحالة الذّهنيّة، والمضيّ قدمًا بإنتاجيّة كاملة، بالإضافة إلى الاستثمار المرهق في الوقت، فقد يؤدي العمل الإضافيّ إلى تقييد العلاقات الشخصيّة، وعليه تكون هذه الاستراتيجية أسهل عندما يكون رائد الأعمال في مرحلة الحياة مع القليل من الالتزامات، لكن قد يكون له تأثير سلبيّ على الصّداقات، ولكن في مراحل الحياة الأخرى، قد يكون هذا التّأثير أكثر أهميّة، فعلى سبيل المثال، قد يؤثٍّر على العلاقات مع الزوج، أو الأطفال على وجهين، منها انخفاض التّركيز في هذه العلاقات، وزيادة التحديّات اليوميّة في الموازنة بين العمل والحياة وإدارة الأسرة؛ بالإضافة إلى ذلك، على المؤسّس الالتزام بالمشروع بدوام كامل في مرحلة ما، لجذب المستثمرين الجادّين. مزايا وعيوب التمويل الذاتي المزايا العيوب الحفاظ على الملكيّة الكاملة. الاضطرار إلى الحلول الإبداعيّة. تخفيض التّكاليف يدعم التطوّر. بداية بطيئة. أقلّ جاذبيّة. تضحيات كبيرة. الجدول 9.3 من بين استراتيجيات التّمويل الذّاتي الأخرى التّفاوض على شروط الدّفع على النفقات، ففي كثير من الأحيان عندما تبيع الشّركات إلى شركات أخرى، يسمح البائع للعميل بالشّراء بالائتمان، وهذا يعني عدم وجوب دفع المشتري وقت الشراء، وعلى الرّغم من أنّ عملاء التّجزئة مطالبون بالدّفع في السّجل أثناء الخروج، فعمليات الشّراء بين الشّركات قد تعمل بشروط مختلفة، كما قد تمتدّ أحيانًا إلى ثلاثين، أو ستيّن، أو تسعين يومً، ويمكن أن يكون هذا الوقت الإضافي لدفع ثمن المشتريات ميزةً حقيقية للشّركات. عندما تشتري شركة ما مخزونًا بالائتمان، فإنها تتاح لها الفرصة لبدء بيعه قبل أن تدفع ثمنه. على سبيل المثال، يمكن لمتاجر الملابس بالتجزئة بيع منتجاتها في المتاجر أو عبر الإنترنت، والحصول على النقود قبل أن تدفع لبائعيها. لسوء الحظ، عندما تصبح الأموال النقدية للشركة قليلة، يمكن أن تنشأ معضلة أخلاقية. فعندما يكون لدى شركة ما فواتير مستحقّة الدّفع أكثر من الأموال التي يجب دفعها بها، سيحتاج المالك إلى اتخاذ قرارات صعبة. يمكن أن يكون من السهل نسيان أو تجاهل المبالغ بسبب البائعين، ولكن تتفاقم هذه المشكلة عندما تحدث مع المزيد والمزيد من البائعين. في النهاية، يمكن أن تصل إلى النقطة التي لن يبيع فيها البائعون لك بالائتمان، بل وربّما لن يبيعوك بالمال حتّى. وعندما لا تستطيع شركة ما شراء مخزون لبيعه للعملاء، فلن تلبث أن تتوقف عن العمل. كيف يفيد التمويل الذاتي على الرّغم من إمكانية إضرار عمليّة التّمويل الذّاتي في السّنوات الأولى من العمل، إلّا أنّها تعود بفوائد كبيرة على صاحب العمل على المدى الطويل، فواحدة من أكثر الفوائد قيمةً لتأسيس شركة ما، هي حقيقة أنّ المؤسّس يمكنه الحفاظ على السّيطرة على الشّركة، وعادةً ما يحتفظ بملكيّة 100%. وعلى الرّغم من سهولة التخلّي عن ملكيّة فكرة ما أحيانًا - بما أنّ الأفكار تأتي بحريّة ولا تتطلّب تضحيةً ماليّة-، إلّا أنّ روّاد الأعمال الذين يقبلون فرصة تمويل الأسهم، ويتخلّون عن جزء كبير من ملكيّة النّشاط التّجاري قد لا يدركون النّتائج الضّارة المحتملة؛ فما يبدو ساحرًا على برنامج "خزان القرش" قد يكلف صاحب العمل تحكّمًا أكثر ممّا هو مطلوب، وبمجرد التّخلّي عن أي جزء من حقوق الملكيّة في شركة ما، فقد يكون من الصّعب أو المكلف استردادها، إذ بمجرد قبول الصّفقة، يحقّ للمستثمر الحصول على تلك النّسبة المئويّة من الرّبح لكلّ عام تعمل فيه الشّركة، حتّى لو لم يرفع هذا الشّخص إصبعه لدعم المشروع، فعادةً ما يعقد روّاد الأعمال صفقات التّمويل هذه بسبب فوائد الأموال والوصول إلى جهات اتّصال المستثمر. لذا، فلو كان بإمكانك تجنّب التّمويل الخارجيّ، فستحتفظ بالسّيطرة الكاملة، والملكية الكاملة للشّركة، ولهذا يجب عليك موازنة هذه الميزة في قرارات التّمويل الخاصّة بك. وفي فائدة أخرى من التّمويل الذّاتي، نجد تجنّب تحمّل الدّيون سواءً كان ذلك في شكل بطاقات ائتمان، أو قروض شخصيّة، فسداد الدّيون قد يكون له تأثير خطير على أيّ عمل، كما قد يكون مرهقًا خاصّةً للشّركات الجديدة. وبالنظر إلى أنّ بعض مصادر تمويل الدّيون المتاحة لأصحاب المشاريع قد تتحمّل معدّلات فائدة أعلى من المتوسّط، فإخراج نفسك من تحت هذا العبء الماليّ ليس بالمهمّة السّهلة، في حين يسمح تأخير الاستثمارات الخارجيّة بنموّ عملك ليس فقط في الإيرادات والأرباح، ولكن أيضًا في القيمة السوقيّة، فعندما يأتي المستثمرون المحتملون، سوف يفكّرون في مساهمة أعلى لنسبة أقلّ في الأعمال التّجاريّة. بهذا نكون قد تطرقنا للأساليب الخاصة التي تتبعها الشركات الناشئة ذات الأهداف غير الربحية، حتى تكون لك فكرة أوسع من ناحية بدائل التمويل، وليسهل عليك البحث في البدائل في حال رغبت في التوجه إلى هذا النوع من المشاريع الريادية. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Finance and Accounting) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضُا المقال التالي: مبادئ المحاسبة وتطوير البيانات والتوقعات المالية للشركات الناشئة ورواد الأعمال المقال السابق: نظرة عامة حول التمويل الريادي واستراتيجيات المحاسبة
  8. تُظهر حالة آيباك باك (iBackPack) بأنّ مجرّد تأمين التّمويل لا يضمن للشّركة النّجاح الرّياديّ، فصحيح أنّ صناديق التّمويل هي رأس المال اللاّزم لبعث تجارة أو فكرة إلى الوجود، لكنّ التّمويل وحده لا يمكنه تعويض قلّة الخبرة، وسوء الإدارة، ولا إنجاح منتج لا يملك سوقًا واقعيّة، ومع ذلك فتأمين التّمويل يُعَدّ من أولى الخطوات، بل هو مطلبٌ جدّ ضروريّ لبدء نشاط تجاريّ. لنبدأ باستكشاف الاحتياجات الماليّة، والاعتبارات التّمويليّة لمنظّمة بسيطة، ولنفترض اتخاذك قرارًا مع زميلك بالسّكن الجامعيّ بالبدء بفرقة موسيقيّة، فقد كنت تعزف دائمًا أيّام الثّانويّة، أين وفّرت لك المدرسة كلّ مستلزمات العزف، ولهذا ففي مسعاك الجديد ستضطرّ إلى شراء أو استئجار أدواتك بنفسك، وبناءً على هذا، ستبدأ مع زميلك في تحديد المستلزمات الأساسيّة من قيثارات، ودفوف، ومكبّرات صوت، وملاقطه، وما إلى ذلك. وفي خضمّ حماسك، تنطلق في تصفّح مواقع التسوّق الإلكترونيّة، مالئًا سلّة مشترياتك منها، وما تلبث حتّى تدرك أنّ هذه الأدوات الأساسيّة وحدها قد تكلّف آلاف الدّولارات، فهل تملك هذا المبلغ حاليًا لشرائها جميعًا؟ أم تراك تملك مصادر تمويل أخرى، مثل: القروض، أو الائتمان؛ أم ستفكّر في استئجار أغلب أدواتك الموسيقيّة؟ وهل يمكن لأصدقائك وأفراد عائلتك الاستثمار في مغامرتك هذه؟ حدّد الفوائد، والمخاطر المصاحبة لكلّ نوع من أنواع التّمويل تلك. ينبغي لأيّ نشاط تجاريّ كان المرور عبر هذه المرحلة في كلّ جزء من خطّة عمله، إذ عليك أوّلًا تحديد المتطلّبات الأساسيّة لبدء نشاطك، فما هي الأدوات الّتي ستحتاج إليها؟ وما نوع المهارة اللاّزمة؟ وكمّ اليد العاملة؟ وما هي المرافق، أو المواقع الّتي تحتاج إليها لتحويل هذا النّشاط إلى حقيقة؟ ثمّ تساءل ثانيًا: ما كلفة هذه المستلزمات؟ فإن لم تمتلك المبلغ الكافي لتغطية التّكاليف المتوقّعة، فعليك تحديد طريقة تؤمّن عبرها المبلغ النّاقص. سنحرص في هذا المقال على تعريفك بعموميات تخص التمويل الريادي، مع ذكر انواعه التي ستساهم في حلك لمشكلة عدم توفر النقدية في حال واجهت مشكلة مشابهة للتي ذكرناها هنا، أو غيرها. رائد أعمال في الميدان أسّس تيد هيرجت شركته جيرهاد آوتفيترز (Gearhead Outfitters) سنة 1997 في جونزبارو، ولاية آركنسا. حيث كانت شركته متمثّلةً في سلسلة محلاّت بيع بالتّجزئة، تبيع سلع التّخييم للرّجال والنّساء والأطفال، ويحتوي مخزونها على الملابس، وأحذية الركض والمشي، ومعدّات التّخييم، وحقائب الظّهر، والملحقات. وقع هيرجت في حبّ أسلوب الحياة الخارجيّ بعمله مدرّب تزلّج على الجليد في كولورادو، وأراد جلب ذلك الإحساس معه إلى موطنه آركنسا، وهكذا وُلدت جيرهاد في موقع صغير وسط مدينة جونزبارو، حيث حقّقت نجاحًا كبيرًا بمرور السّنين، لتتوسّع إلى مراكز عديدة في ولاية صاحبها، مع محلاّت في لويزيانا، وأوكلاهوما، وميزوري. كان هيرجت مطّلعًا على مجال عمله حين بدأ شركته. ولكنّه مثّل كثيرين غيره من روّاد الأعمال، حيث واجه مشاكل ماليّة وقانونيّة جديدةً عليه، وكان أغلبها مرتبطًا بالمحاسبة، وتوافر معلومات اتّخاذ القرارات الّتي توفّرها أنظمة المحاسبة، مثل: قياس العوائد والتّكاليف، وتقديم معطيات التّدفق النّقدي للدّائنين المحتملين، وتحليل استدامة التّدفق النّقدي الموجب للسماح بالتّوسّع، وكذا إدارة مستويات المخزون، والمحاسبة، وتحضير البيانات الماليّة من ميزانيّة عموميّة، وبيان مداخيل، وبيان تدفقات ماليّة. بحيث يوفّر كلّ هذا لمالكي الأعمال من أمثال هيرجت ميكانيزمات تسمح لهم باتّخاذ قرارات صائبة بخصوص نشاطاتهم. بمجرّد تطوير خطّة عمل، أو العثور على استحواذ محتمل، يأتي وقت بدء التّفكير في التّمويل، وهو عمليّة جمع المال لغرض محدّد، وذاك الغرض في حالتنا هذه هو تدشين نشاط تجاريّ جديد، وعادةً ما يرغب المموّلون منطقيًّا في ضمانات تحفظ حقّهم في استرداد أموالهم ولو بعد حين، وهذا يتطلّب تواصلًا بين المستثمرين وملاّك النّشاط لتحديد كيف يحدث هذا التّمويل، وهذا يوصلنا إلى مفهوم المحاسبة، التي هي عبارة عن النّظام الّذي يستخدمه ملاّك العمل التّجاري لتلخيص، وإدارة، وإيصال عمليّات نشاطهم الماليّة، وأدائه؛ حيث تتمخّض المحاسبة عن بيانات ماليّة، وتوفّر لغةً مشتركة تسمح لملاّك النّشاط التّجاري فهم مشاريعهم، واتّخاذ قرارات مبنيّة على معطيات ماليّة، كما تسمح للمستثمرين بالنّظر إلى خيارات استثمار متعدّدة لتسهيل المقارنة بين قرارات الاستثمار. التمويل الريادي عبر دورة حياة الشركة قد يسعى رائد الأعمال خلف أكثر من طريقة في التّمويل، ويعدّ تحديد المرحلة الّتي تمرّ بها شركته في دورة حياتها أمرًا من شأنه مساعدته على تقرير أيّ فرص التّمويل أنسب لحالته. انطلاقًا من تصوّر الأفكار، ووصولًا إلى نجاحها، ينمو تمويل النّشاط التّجاري خلال ثلاثة مراحل: مرحلة البذرة. المرحلة المبكّرة. مرحلة النّضج. فأمّا الشّركة في مرحلة البذرة فهي في أبكر مراحل دورة حياتها، وهي مبنيّة على فكرة المؤسّس لمنتج، أو خدمة جديدين، فإذا عمل على رعايتها رعايةً صحيحة، فستنمو في نهاية المطاف إلى نشاط تشغيليّ. والمشاريع في هذه المرحلة لا تولّد مدخولًا في العادة، إذ لم يحوّل مؤسّسوها فكرتهم بعد إلى منتج قابل للبيع؛ أمّا تمويل الشّركة في هذه المرحلة فيتكوّن غالبًا من مدّخرات مؤسّسها، بالإضافة إلى استثمارات صغيرة من أفراد عائلته، وقبل استثمار فرد خارجيّ في النّشاط التّجاري، فسيتوقّع أن يكون رائد الأعمال قد استنفد كلّ ما يمكنه من تمويل العائلة والأصدقاء قصد تقليل المخاطرة، وبثّ الثّقة في نجاح النّشاط المحتمل. الشكل 2.9: تتغيّر استراتيجيات التّمويل عبر المراحل المختلفة من دورة حياة الشّركة. تبدأ الفكرة بعد الاستثمار فيها من المقرّبين في كسب بعض الجاذبيّة، ولفت انتباه مستثمرٍ ملاك، فالمستثمرون الملائكة هم أفراد أثرياء يسعون وراء خيارات الاستثمار ذات العائد المحتمل الأكبر، والّذي من المتوقّع تجاوزه لعائد المتاجرة في الأسهم المعروضة للتّداول العلنيّ، على أنّ هذا يشكّل مخاطرةً أكبر. ولهذا ففي الولايات المتّحدة الأمريكيّة هم مطالبون بتجاوز فحصٍ اعتمادٍ تجريه هيئة الأوراق الماليّة والبورصات الأمريكيّة، كما ينبغي لثرواتهم معادلة أو تجاوز مقدارٍ محدّد من تلك الهيئة. ومع ذلك يُسمح للمستثمرين غير المعتمدين في ظروفٍ خاصّة بالاستثمار في التّمويل الجماهيريّ، القائم على الحماية للشّركات النّاشئة، ومن بين فرص الاستثمار الّتي يأخذها المستثمرون الملائكة بالحسبان نجد الشّركات النّاشئة، وتلك الموجودة في مرحلتها المبكّرة. تكون الشّركة في المرحلة المبكّرة قد بدأت تطوير منتوجها، وقد يكون ذلك إثباتًا تقنيًّا على وجود نقص في بعض التّعديلات قبل أن يصبح المنتج جاهزًا للاستهلاك، أو نموذجًا من الجيل الأوّل لمنتج يحقّق بعض المبيعات لكنّه يتطلّب تعديلات ليدخل مرحلة التّصنيع والإنتاج الكبيرين؛ ويمكن للمستثمرين في هذه الشّركة عند هذه المرحلة إدخال مستثمرين خارجيّين، بما في ذلك أصحاب رؤوس الأموال المخاطرون. وصاحب رأس المال المخاطر هو فرد أو شركة استثماريّة تتخصّص في تمويل الشّركات في مراحلها المبكّرة، ويختلف هؤلاء عن المستثمرين الملائكة من جهتين، فؤلاهما، أنّ ذوي رأس المال المخاطرين ينشطون أساسًا في الاستثمار في النّشاطات التّجاريّة، بينما قد يكون المستثمر الملاك مديرًا متقاعدًا، أو صاحب تجارة يملك مدّخرات معتبرة يستثمر فيها؛ وأمّا الفرق الثّاني فهو أنّ ذوي رؤوس الأموال المخاطرون، أفرادًا كانوا أو شركات، ينشطون على مستوى أعلى، إذ يلمّون عادةً بتخصّصٍ ما في صناعات محدّدة، مع قدرتهم على الاستفادة من خبراتهم في تلك الصّناعة لاستثمار أموالهم بمعرفة أكبر، وعادةً ما يستثمرون مبالغ أكبر من المستثمرين الملائكة. رغم أنّ هذا التوجّه صار ينحرف إلى الاتّجاه المعاكس مع ظهور مجموعات الاستثمار الملائكيّ، والمستثمرين الملائكة "الخارقين" الّذين يضحّون أموالًا أكثر في المشاريع. يُعَدّ الاستثمار في الأسهم الخاصة قطاعًا سريع النّمو، ويأتي عادةً متأخّرًا عن ذوي رؤوس الأموال المخاطرين، فإمّا أن يحوّل مستثمرو الأسهم الخاصّة شركةً عامّة إلى شركة خاصّة، أو يستثمروا مباشرةً في شركة خاصّة (ومنه جاءت التّسمية أسهم خاصّة)، وتتمثل الأهداف النّهائية لمستثمري الأسهم الخاصّة عمومًا في تحويل شركة خاصّة إلى شركة عامّة من خلال الطّرح الأوليّ للاكتتاب العامّ (Initial Public Offering أو اختصارًا IPO). أو عن طريق إضافة دين، أو حقوق ملكية إلى الميزانيّة العموميّة للشّركة، ومساعدتها على تحسين المبيعات والأرباح من أجل بيعها إلى أكبر شركة في قطاعها. حين نتحدّث عن شركة في مرحلة النّضج، فنحن نقصد بلوغها لجدواها التّجاريّة، فهي في هذه المرحلة تعمل وفق الطّريقة الموضّحة في خطّة العمل، من خلال توفير قيمة للمستهلكين، وتوليد المبيعات، وجمع المدفوعات من المستهلكين في وقتها؛ لهذا ينبغي أن تكون الشّركات في هذه المرحلة ذاتيّة الاكتفاء، ولا تتحتاج إلى الاستثمار الخارجيّ إلاّ قليلًا، أو ربّما لا تحتاجه أصلًا للحفاظ على عمليّاتها الحاليّة. ففي حال شركة تصنّع منتجًا، فهذا يعني قدرتها على التّصنيع الواسع، أي بكميّات كبيرة؛ أمّا في حال شركة برامج أو تطوير تطبيقات مثلًا، فهو يعني تحقيق المبيعات، أو الاشتراكات تحت نموذج البرمجيّات الخدميّة (Saas) (وهي اختصار Software as a Service)، وكذا تحقيق مداخيل إعلانيّة باستغلال قاعدة الزّبائن. تختلف احتياجات التّمويل للشّركات في مرحلة نضجها عنها في المرحلتين السّابقتين، إذ كان التّركيز سابقًا على صنع المنتج، وإنشاء البنية التّحتيّة الرّابطة بين التّصنيع، والمبيعات؛ أمّا عند مرحلة النّضج، فتكون الشّركة قد وصلت إلى مستوى ثابت من المبيعات، ومع ذلك ف قد تسعى إلى التوسّع إلى مناطق وأسواق جديدة. وهذا يتطلّب عادةً استثمارًا معتبرًا، لأنّ التوسّع المقترح قد يساوي في غالب الأحيان مستوى التّشغيل الحاليّ، ممّا يعني أنّ توسّعًا في هذا المستوى قد يعني مضاعفة حجم النّشاط التّجاري بأكمله، ولتوفير هذا القدر من الاستثمار، تلجأ بعض الشّركات النّاضجة إلى التّفكير في بيع جزء من الشّركة، إمّا إلى مجموعة أسهم خاصّة، أو عبر طرح عامّ أولي للاكتتاب. يحدث الطّرح العام الأوليّ للاكتتاب (IPO) في أوّل مرّة تعرض الشّركة أسهم ملكيّة للبيع في بورصة عامّة، وتُعدّ الشّركة قبل هذا شركةً خاصّة يمتلكها مؤسّسوها، والمستثمرون الخاصّون، وما إن تطرح أسهمها للاكتتاب العامّ للنّاس في البوصة، حتّى تتحوّل إلى شركة ذات ملكيّة عامّة. وتنطوي هذه العمليّة عادةً على شركة مصرفيّة استثماريّة تتولّى مسألة توجيه الشّركة، إذ تحثّ هذه الشّركة المصرفيّة المنظّمات الاستثماريّة على شراء الأسهم، لتبيعها هذه المنظّمات لاحقًا إلى المستثمرين الأفراد، وعادةً ما تأخذ شركة الخدمات المصرفيّة الاستثماريّة نسبةً مئويّةً من الأموال المجموعة عمولةً مقابل خدماتها. تتمثّل فائدة الاكتتاب العام في اكتساب الشّركة لإمكانيّة الوصول إلى جمهور كبير من المستثمرين المحتملين؛ أمّا الجانب السلبيّ، فيكمن في تخلّي المالكين عن المزيد من الملكيّة في العمل، إلى جانب خضوعهم للعديد من المتطلّبات التّنظيمية المكلّفة. وعمليّة الاكتتاب العامّ في الولايات المتحدة الأمريكيّة تخضع لتنظيمٍ شديد من قبل هيئة الأوراق الماليّة والبورصات، ولهذا على الشّركة الّتي تنوي طرح اكتتاب عامّ أولي لأسهمها تقديم معلومات شاملة مسبقًا للمستثمرين المحتملين، قبل إتمام الاكتتاب العام، كما يجب أيضًا على هذه الشّركات المتداولة علنًا نشر بيانات ماليّة ربع سنويّة، والتي يجب تدقيقها من قبل شركة محاسبة مستقلّة. على الرغم من وجود فوائد للاكتتاب العام للشّركات في مرحلة لاحقة، إلّا أنّه قد يكون مكلفًا للغاية في البداية وعلى أساس مستمر؛ أمّا الخطر الآخر، فهو إمكانيّة انخفاض قيمة الشّركة إذا لم تلبّ توقّعات المستثمرين، وهذا يعيق خيارات النّمو المستقبليّة. وبالتالي، تؤثر مرحلة دورة حياة النّشاط التجاري كثيرًا على استراتيجيات تمويله، وكذا على صناعته، حيث تفضي الصّناعات المختلفة إلى احتياجات وفرص تمويليّة مختلفة، فإذا كنت مهتمًا مثلًا بفتح مطعم بيتزا، فستحتاج إلى موقع فعليّ، وأفران بيتزا، وأثاث حتّى يتمكّن العملاء من تناول الطّعام هناك، وتُترجم هذه المتطلّبات إلى إيجار شهريّ لموقع المطعم، وشراء الأصول الماديّة المتمثّلة في الأفران والأثاث، ولهذا يتطلّب هذا النوع من الأعمال استثمارًا أعلى بكثير في المعدات الماديّة ممّا تتطلّبه شركة خدمات، مثل: شركة تطوير مواقع الويب، إذ يمكن لمطّور مواقع الويب العمل من المنزل، ومن المحتمل بدء نشاطه التّجاري باستثمار ضئيل للغاية في الموارد الماديّة، ولكن باستثمارٍ كبير من وقته، فسيكون متطلّب التّمويل الأوليّ لمطور الويب موافقًا لبضعة أشهر من نفقات المعيشة حتى يصبح النّشاط التّجاري مكتفيًا ذاتيًا. بمجرد معرفة المرحلة الّتي تمرّ بها الشّركة في دورة حياتها، والصّناعة التي تعمل فيها، يمكننا التّعرف على متطلّبات التّمويل الخاصّة بها. وبمقدور أصحاب الأعمال الحصول على التّمويل بطرائق مختلفة لكلّ منها مزاياها، وعيوبها. أنواع التمويل على الرّغم من قدرة العديد من الأفراد والمؤسّسات على تقديم الأموال للأعمال التّجاريّة، إلا أنّ هذه الأموال تنقسم عادةً إلى فئتين رئيسيّتين هما التّمويل بالدَّين، والتّمويل بالأسهم (الجدول 1.9)، وعلى روّاد الأعمال أخذ مزايا ومساوئ كلّ نوع بالحسبان، قبل اتّخاذ قرار بأيّ من المصدرين يعتمدون في دعم أهداف مشروعهم المتوسّطة وطويلة الأجل. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } التّمويل بالدَّين التّمويل بالأسهم الملكية لا يمتلك المقرٍض حصّةً في الشّركة. يمتلك المقرِض حصّةً في الشّركة. النّقد يتطلّب تدفّقًا ماليًا مبكّرا ومنتظمًا. لا يحتاج تدفّقًا نقديًّا فوريًّا. الجدول 1.9 التمويل بالدين التمويل بالدّين هو عمليّة اقتراض الأموال من طرف آخر، ولابدّ في نهاية المطاف من سداد هذه الأموال للمُقرض، بالإضافة إلى فائدة ربويّة عادةً، ويمكن الحصول على هذه القروض من عدّة مصادر، سواءً كانت بنوكًا، أو بطاقات ائتمان، أو من العائلة والأصدقاء حتّى، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وكما تختلف مصادر الدّين، فقد يختلف تاريخ استحقاقه أيضًا، بمعنى سداده كاملًا، كما تختلف مبالغ السّداد، والجدول الزّمني ما بين التّأمين إلى الاستحقاق، ونسبة الفائدة، ولهذا على رائد الأعمال موازنة كلّ هذه العناصر قبل اتّخاذ قرار التّمويل بالدّين. ميزة التّمويل بالدّين هي أنّ الدّائن يفقد حقّ الملكيّة في العمل بمجرّد سداد المدين دينه كاملًا؛ أمّا عيب هذا النّوع فيكمن في كون سداد القرض يبدأ عادةً على الفور، أو بعد فترة قصيرة جدًّا، ولذلك تقع الشّركة النّاشئة تحت ضغط توفير التدفّق النّقدي توفيرًا سريعًا. ومن مصادر التّمويل بالدّين في الولايات المتّحدة الأمريكيّة إدارة الأعمال الصّغيرة (Small Business Administration)، أو اختصارًا SBA. وهي وكالة حكوميّة تأسّست بموجب قانون الأعمال الصّغيرة الصّادر سنة 1963، ومهمّتها هي "إعانة، وتقديم المشورة، ومساعدة، وحماية مصالح الأعمال الصّغيرة قدر الإمكان"[6]، حيث تتعاون SBA مع مؤسسات الإقراض، مثل: البنوك، والاتّحادات الائتمانيّة لتوفير القروض للشّركات الصّغيرة، إذ تضمن SBA عادةً ما يصل إلى 85 بالمائة من المبلغ المقرض، وهذا ما يقلّل من مخاوف البنوك عند إقراضها أموالًا للشّركات الجديدة غير مضمونة النّجاح. لتوضيح فكرة قرض SBA، نأخذ القروض المسمّاة the 7(a) Small Loan program، ويقابلها بالعربيّة برنامج القرض الصّغير 7(أ)، دلالة على رقم البند الّذي جاء فيه ذكر هذا النّوع في قانون هذه الإدارة. وتنقسم القروض المدعومة من قبل SBA عادة إلى إحدى فئتين: رأس المال العامل والأصول الثابتة. فأمّا رأس المال العامل، فهو ببساطة الأموال المتوفّرة لدى الشّركة للعمليّات اليوميّة، فإذا امتلكت لدى الشّركة ما يكفي من المال لدفع الفواتير المستحقّة حاليًّا، فهذا يعني أنّه ليس لديها رأس مال عامل، ووضعها هكذا غير مستقرّ، ولهذا ستحاول تأمين قرض لمساعدتها في هذه الأوقات العصيبة؛ وّأمّا الأصول الثّابتة فهي عمليّات الشّراء الكبيرة، سواءً كانت السّلعة أراضي، أو مباني، أو معدّات، ولذا فمبالغ الأصول الثّابتة أعلى بكثير من قروض رأس المال العامل، الّذي قد يغطّي بضعة أشهر من النّفقات فحسب. بالنّسبة للقروض التي تزيد عن 25000 دولار، تطلب SBA من المقرضين المطالبة بضمانات، والضمان هو شيء ذو قيمة يتعهّد به صاحب العمل مقابل الحصول على قرض، وهذا يتيح للبنك أخذ شيء من المالك إذا لم يتمكّن من سداد دينه، ولهذا قد يطلب منك البنك رهن منزلك، أو استثمارات أخرى، لتأمين القروض الأكبر، ويكون ضمان القروض العقاريّة هو ذاته العقار الّذي تشتريه بالقرض، ما يعني بطريقة مخالفة للمتوقّع أنّ مخاطرة البنوك في تقديم قروض لمشتريات كبيرة تكون أقلّ منها في تقديم قروض أخرى، مع إمكانية اختلاف هذا من عقار إلى آخر. وفي نقطة أخيرة، تسمّى القروض الّتي لا تتطلّب ضمانات بـ "القروض غير المضمونة". لمعرفة كيف يمكن لمالك النّشاط التّجاري استخدام قرض SBA، دعنا نعود إلى مثال مطعم بيتزا، حيث لا تمتلك جميع النّشاطات التّجاريّة المباني التي تعمل فيها، بل تلجأ الكثير منها إلى الاستئجار، وبهذا يحتاج صاحب مطعم البيتزا إلى قرض أصغر في هذه الحالة من حاجته لو كان سيشتري مساحة العمل. حيث إذا وجد موقع إيجار كان مطعمًا في السّابق، فكلّ ما يحتاجه هو بعض التّحسينات السّطحيّة قبل افتتاح عمله، وفي هذه الحالة يكون القرض الصّغير غير المضمون من SBA اختيارًا مناسبًا؛ وفي مثالنا، يخصّص صاحب مطعم البيتزا بعض الأموال للتحسينات، مثل: الطلاء الجديد، والأثاث، واللّافتات، والباقي لدفع أجور الموظّفين، والإيجار، إلى حين بدء مداخيل مطعم البيتزا في تغطية التّكاليف. وبالإضافة إلى القروض الصغيرة، يتيح برنامج SBA أيضًا قروضًا تصل إلى 350.000 دولار - فوق عتبة 25000 دولار-، وعلى البنك المقرِض اتّباع إجراءات الضّمان الخاصّة به في هذه الحالة، وقد يكون من الصّعب ضمان شركة جديدة لقرض كبير، إذا لم تمتلك أصولًا مناسبةً لترهنها ضمانًا مقابله. ولهذا تنطوي العديد من قروض SBA على بنود العقارات، فالعقارات أكثر الضمانات قبولًا عن غيرها، إذ لا يمكن نقلها، ولا تقلّ قيمتها كثيرًا بمرور السّنوات. وبالعودة إلى مثالنا، يمكن لصاحب مطعم البيتزا الاستفادة من قروض أكبر إذا اشترى المساحة الّتي سيفتتح فيها مطعمه، على تخصيص النّسبة الأكبر من هذا القرض لدفع كلفة شراء المساحة. التمويل بالأسهم استثمارات الأسهم - في نطاق فرص الاستثمار- هي تلك الاستثمارات التي تنطوي على شراء حصّة ملكيّة في شركة ما، وذلك عادةً عبر شراء أسهم فيها؛ وعلى عكس الدّيون التي يتمّ سدادها مستقبلًا وينتهي الاستثمار بذلك، نجد أنّ التّمويل بالأسهم هو تمويل مقدّم مقابل ملكيّة جزئيّة في النّشاط التّجاريّ. ومثل نظيره التّمويل بالدّين، يمكن الحصول على التّمويل بالأسهم من عدّة مصادر مختلفة، بما في ذلك الأصدقاء والعائلة، أو غيرهم من المستثمرين المحترفين؛ وربّما صادفت هذا النّوع من الاستثمار في البرنامج التّلفزيوني شارك تانك (Shark Tank)، ونظيره العربي تحدّي الهوامير، اللذان يُقدّم فيهما المشاركون فكرة نشاط جديد بغية تجميع المال الكافي لبدء أو توسيع شركتهم، فإذا أراد المستثمرون "الهوامير" الاستثمار في الفكرة، فإنهم يقدّمون عرضًا مقابل حصّة ملكيّة، ويمكن تقديم 200.000 دولار مقابل 40% من ملكيّة النّشاط. ميزة التّمويل بالأسهم -على عكس التّمويل بالدّين- هي غياب ضرورة توفير تدفّق نقديّ فوريّ لسداد الأموال؛ وأمّا عيبه فهو تمليك المستثمر حصّةً من شركتك، حيث يأخذ حسب مثالنا 40% من الأرباح المستقبليّة، إلاّ إذا اشتريت حصّته مجدّدًا، مقابل تقييم أعلى يتناسب عادةً مع السّعر الّذي يدفعه المستثمر إذا أراد الحصول على الشّركة كاملةً. يتّضح هذا في المثال الواقعيّ لشركة أوبر (Uber)، حيث كانت بنتشمارك كابيتال (Benchmark Capital) من أوائل المستثمرين في الشّركة، وفي الجولة الأولى من تمويل رأس المال الاستثماري، قدّموا 12 مليون دولار لأوبر في مقابل أسهم ملكيّة. وكانت قيمة حصّة الملكيّة تلك يوم طرحها للاكتتاب العام في مايو 2019 مقدّرةً بما يفوق 6 مليارات دولار. وذلك هو المبلغ الّذي على المؤسّسين دفعه إذا أرادوا استعادة حصّة ملكيّة بنتشمارك. بعض مصادر التّمويل ليست ديونًا ولا حقوق ملكيّة، مثل: الهدايا من أفراد الأسرة، والأموال من مواقع التّمويل الجماعي أمثال كيكستارتر (Kickstarter)، والمنح من الحكومات، أو الصناديق الاستئمانيّة، أو الأفراد. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Finance and Accounting) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: استراتيجيات تمويل خاصة يلجأ إليها رواد الأعمال لتمويل الأعمال الريادية المقال السابق: المبيعات وخدمة العملاء وعلاقتهما بريادة الأعمال
  9. تعرفنا في المقالات السابقة من هذا الباب، لسلسلة مقالات ريادة الأعمال على مختلف الجوانب التسويقية التي يحتاج رائد الأعمال إلى معرفتها، والآن بقي لنا التطرق إلى الجانب الخاص بالمبيعات وخدمة العملاء. استراتيجية المبيعات إستراتيجيّة المبيعات (sales strategy) هي خطّة يستخدمها رائد الأعمال للتعرّف على العميل والتّعامل معه، بدءًا من مرحلة اكتشافه، وصولًا إلى إجراء عمليّة البيع. ويجب على هذه الإستراتيجيّة خدمة الفائدة الرّئيسيّة، أو الميزة التّنافسيّة الّتي يحملها المنتج أو الخدمة، مع ضمان وضوح هذه المعلومات خلال جميع مراحل تنفيذ عمليّة البيع، كما ينبغي احتواء هذه الإستراتيجيّة على ستّ خطوات تُمثّل نظام المبيعات المتكامل، انطلاقًا من كيفيّة البحث عن العميل المحتمل، مرورًا بكيفيّة تقديم العرض، والتّعامل مع الرّفض، وما إلى ذلك. من المهمّ تحديد الغايات قبل التّواصل مع العملاء الحاليّين أو المحتملين، إذ تُمكّن الغايات مندوب المبيعات من تقسيم الإستراتيجيّة، ورسم هدف نهائيّ نصب عينيه، وقياس النّتائج. ومثال ذلك، جعل هدف مندوب المبيعات هو إغلاق البيع مع زبون واحد من بين 10 زبائن محتملين يتعاملون معهم إمّا أسبوعيًّا، أو عبر دورة بيع، فتكون الإستراتيجيّة المفصّلة كما يلي: إجراء البحوث حول الزّبائن المحتملين، وصياغة قائمة بأسمائهم. الاتّصال بهم لتحديد موعد تحدّثهم فيه عن منتجك، أو خدمتك. مقابلتهم لتقديم عرض. التّعامل مع المعارضات. إغلاق عمليّة البيع. رعاية العلاقة بعد عمليّة البيع. ويُعدّ الهدف النهائيّ هنا هو كسب العميل المحتمل ليصبح زبونًا، مع تطوير علاقة جيّدة معه قصد التّعامل معه مستقبلًا، ويمكن لمندوب المبيعات قياس النّتائج عبر مراجعة الأهداف، والمخرجات. هناك العديد من الأساليب، والأدوات، والتّقنيات لإجراء عمليّات البيع، فلا وجود للمجموعة المثاليّة من الإستراتيجيّات للأعمال الإستراتيجيّة، إذ يعتمد كلّ نشاط على أهداف، وموارد رائد الأعمال، وكذا على نوع المنتج الّذي ينوي بيعه. فعندما يكون تعاملك مع عملاء مستعدّين لإنفاق مبلغ كبير على منتج أو خدمة، مثل: قطعة من المعدّات، أو يخت فاخر، أو برنامج حاسوبيّ باهظ الثمن، فلابدّ من وجود نظام مبيعات مؤسّس لنقل هؤلاء من مجرّد عملاء محتملين إلى زبائن، فالخطوات الستّة سالفة الذّكر عبارة عن مراحل عامّة في هذا النّظام، ولهذا فلنفحص كلّ واحدة منها على حدى. نموذج إستراتيجية مبيعات سداسية الخطوات يوضّح الشكل 15.8 مثالاً لنظام، أو إستراتيجيّة مبيعات فعّالة باستخدام نهج من ستّ خطوات. الشّكل 13.8: لا تتوقّف عمليّة البيع سداسيّة الخطوات عند إغلاق الصّفقة، بل تتجاوزها إلى علاقة إيجابيّة مع العميل. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4. التنقيب والتحضير يركّز التّنقيب على إيجاد زبائن محتملين جدد للمنتج أو الخدمة، ويساعد هذا في اكتساب عملاء جدد، واستبدال العملاء المفقودين بسبب الاستنزاف، مع توسيع المبيعات الّتي تُعقَد مع العملاء الحاليّين. حيث يسمح التّنقيب لمندوبي المبيعات بجمع معلومات حول العملاء المحتملين، وتحديد أولئك الّذين لا يناسبون الشّركة، ومن المهمّ الحصول على أكبر عدد ممكن من العملاء المحتملين قصد تأمين بعض العملاء الفعليّين، ويؤدّي هذا إلى تضاؤل مجموعة العملاء المحتملين كلّما مرّوا بخطوة من الخطوات المتعاقبة في عمليّة البيع. قد تحتاج إلى الحصول على قائمة من عشرين احتمالًا لتأمين عميل أو اثنين، ويكون التّنقيب أكثر أهميّة في بعض الصّناعات، مثل: الاستشارات الماليّة، أو مجالات العمل بين الشّركات، حيث يجب على مندوب المبيعات النّظر في العديد من القضايا بُغية تحديد ما إذا كان العميل المحتمل (شخصًا كان، أو شركة) مناسبًا أم لا، ولتحديد ذلك يطرح على سبيل المثال لا الحصر سؤال: هل هذا العميل المحتمل في حاجة إلى المنتج، أو الخدمة المعروضين؟ وهل بإمكانه تحمّل تكاليفها؟ إجراء مكالمة المبيعات الخطوة التّالية في نظام المبيعات هي التّحضير لمكالمة البيع، أو مراسلة، أو لقاء العميل المحتمل. فعادةً ما يُحضّر مندوبو المبيعات النّاجحون تحضيرًا جيّدًا قبل التّواصل مع العميل المحتمل، ويمكن لمندوب المبيعات البحث عن معلومات تتعلّق بالتّركيبة السكّانيّة للشّركة، وبمنافسيها، وعملائها، والشّركات الأخرى الّتي يشترون منها؛ حيث كلّ هذه المعلومات غالبًا ما تتوفّر عبر مصادر من الإنترنت، أو عن طريق الإحالات، ومن المفيد أيضًا تسطير غاياتٍ قبل التّواصل مع العميل المحتمل، فمن أمثلة الغايات: جدولة موعد لتقديم العرض، أو فهم العميل المحتمل فهمًا أفضل، أو جدولة اتّصال، أو تواصل آخر، أو حتّى بدء عمليّة البيع. تقديم العرض بمجرّد اتّصال مندوب المبيعات بالعميل المحتمل، وفهم احتياجاته، فالخطوة التّالية هي مقابلته لتقديم عرض البيع، ويُعدّ العرض طريقةً ممتازةً لشرح المعروض أكثر للعميل المحتمل، حيث تُوفّر العروض الممتازة عادةً مهارات تواصل جيّدة، مع محتوى بصريّ مميّز، وشهادات مصداقيّة موثوقة؛ إذ يمكن لمندوب المبيعات في هذه الخطوة الدّفاع عن مقترح القيمة، بالإشارة إلى نقاط القوّة في المنتج، وكيفيّة مساعدته للعميل المحتمل في حياته، أو في تحقيق أهداف شركته، كما قد يشمل العرض أيضًا على تكلفة الاستثمار، وتوقّعًا لعائد الاستثمار. ففي حال كنت تعرض خدمات الاستشارة الماليّة، فيمكنك إقامة العرض في منزل العميل المُحتّم، أين تقدّم المنتجات الممكنة الّتي قد يستثمر فيها هذا العميل المحتمل من حسابات تقاعد، إلى تأمينٍ على الحياة، أو خطّة ادّخار لمصاريف الجامعة، أو تأمين رعاية طويل الأجل، مع تكاليف، وفوائد كلّ منها؛ أمّا في حال كنت تُمثّل نشاطًا تجاريًّا، فيمكنك إقامة العرض في مكتب العميل المحتمل، بحيث يشمل العرض تقديمًا عبر الشّرائح عن قطعة من المعدّات، مع مقطع فيديو يشرح كيفيّة استخدامها، ومدى إفادتها للشّركة، بما في ذلك تقليل التّكاليف. التعامل مع الاعتراضات من المحتمل أثناء العرض التّقديمي أو بعده، طرْح العميل المحتمل لأسئلة أو اعتراضات، ويُعدّ هذا مفيدًا لمندوب المبيعات، إذ يمكنه الحصول على الملاحظات، والإجابة عن تخوّفات العميل المحتمل. وبعيدًا عن العرض التّقديميّ ذاته، فقد تظهر الاعتراضات حتّى أثناء جدولة الموعد، أو عند محاولة إغلاق البيع، وهنا على مندوب المبيعات أن يكون ماهرًا في التّصرّف، ويحسن التّعامل مع الاعتراضات تعاملًا صادقًا، لتنشأ العلاقة بينه، وبين العميل المحتمل على الصّراحة والثّقة، فعادةً ما تتمحور الاعتراضات حول مخاوف من التّكلفة، أو مؤهّلات الائتمان، أو مزايا المنتج، أو حتّى الرّفض الصّريح للمنتج؛ وهنا يمكن للمستشار المالي الإجابة عن أسئلة حول الفوائد المحتملة لأحد أنواع التّأمينات بالموازنة مع نوع آخر، أو تنصيب خطّة دفع شهريّة؛ أمّا في حالة التعامل مع شركة، فقد تكون هذه الأسئلة حول فُرص الائتمان المعروضة، ومقدار تقليل التّكلفة موازنةً بالمنافسين. إقفال البيع بعد تقديم العرض، والتّعامل مع الاعتراضات، تأتي خطوة الإغلاق، أو طلب الشّراء، ولا تقلّ هذه الخطوة أهميّةً عن الاستعداد لتقديم العرض، أو الردّ على الاعتراضات والتعامل معها، نظرًا لكونها تُرسّخ في ذهن العميل المحتمل مدى مناسبة المنتج له، وكون العلاقة ممكنة الإنشاء. ويتمثّل الإغلاق في عمليّة منطقيّة ذات مصداقيّة، بحيث يمكن تسبيقها بمرحلة تجريبيّة، بالسّؤال مثلًا: "كيف يمضي الحوار إلى الآن؟"، أو "هل من شيء آخر أجيبكم عنه؟"، ممّا يساعد العميل على الشّعور براحةٍ أكبر في اتّخاذ القرار؛ وبعدها، سيساعد العميل في تحديد وتيرة الإغلاق النّهائي، ليتمكّن المندوب بعدئذ من إعداد الخطوات التّالية، أو طرح الأسئلة الموالية: "هل يمكنني تسجيل طلبك؟"، أو "هل نمضي قدمًا، ونفتح لك حساب تأمين على الحياة؟"، أو "هلّا تفضّلت بزيارتنا إلى المكتب لمشاهدة عرض تجريبيّ هناك؟"، أو "هل يمكننا الالتقاء الأسبوع المقبل لنعدّ الشّروط المالية؟" تنفيذ الطلبات وتعزيز العلاقات وطلب الإحالات أخيرًا، يجب على مندوب المبيعات تلبية الطّلب، والتأكّد من رضا العميل عن المنتج أو الخدمة، فمندوب المبيعات أوّلًا وآخرًا، هو الشّخص الّذي يمثّل جهة الاتّصال الرّئيسيّة للعميل، وبالتالي فهو المسؤول عن تنفيذ الطّلب الصّحيح، كما يجب عليه مراقبته عن كثب، لاحتمال وجود تأخير، أو مشاكل أخرى، ليتمكّن من إخطار العميل بها على الفور. لقد سهّلت البرامج في أيّامنا هذه عمليّة تتبّع الطّلبيّات، ليتفرّغ مندوب المبيعات للبيع بدل متابعتها، ومن تلك البرامج نذكر سيلز فورس (Salesforce)، على الموقع (https://www.salesforce.com/crm/)، والّذي يمْكنه مساعدة روّاد الأعمال النّاشئين، أو الشّركات الكبيرة القائمة على تتبُّع عملائهم، وطلباتهم، وإستراتيجيّات تقليل التّكلفة، مع استكشاف الأخطاء، وإصلاحها. من المهمّ أيضًا بناء علاقة مباشرة مع العميل، لذلك فالمكالمات، أو رسائل البريد الإلكترونيّ هي على قدر كبير من الأهميّة للتّواصل المستمرّ، قصد تقييم رضا العميل، وبناء علاقة جسريّة معه تفضي إلى طلب الإحالات منه. ويعدّ الاحتفاظ بالعملاء أمرًا مصيريًّا كذلك، فحتّى نسبة مئويّة صغيرة من عملائك قد تشكّل أغلبيّة مبيعاتك، نظرًا لكون جلب عملاء جدد يُعدّ أكثر تكليفًا، من الحفاظ على العملاء الحاليّين بـ 5% على المدى الطويل، كما تظهر البحوث أنّ الحفاظ على 5% من عملائك الحاليّين يمكنه توليد ما بين 25%، و95% من مبيعاتك. خدمة العملاء من أهمّ جوانب إجراء عمليّة البيع، والتي غالبًا ما تكون الفارق بين الفوز بالعملاء أو خسارتهم، نجد خدمة العملاء. فإذا سبق لك الدّخول إلى محلّ تجاريّ، أين استقبلوك بابتسامة، وعاملوك بلطف طوال عمليّة الشّراء، فربّما ترغب في العودة، والشراء من هذا المتجر، أو مندوب المبيعات مرةً أخرى؛ وعلى النّقيض أيضًا، إذا كان البائع وقحًا، ولا يقدّم المساعدة في العثور على ما تحتاجه، فمن المحتمل عدم عودتك إلى المتجر مرّةً أخرى. قد تكون خدمة العملاء ميزةً تفوّقيّة بالنّسبة للشّركات النّاشئة، إذ يمكّنها وضعها من التّركيز على عدد قليل من العملاء بتعامل شخصيّ أكثر، فكلّما كانت الشّركة أكبر، كان من الصّعب إدارة عملائها، وبائعيها الكثر على مستوى شخصيّ، ووفقًا لأهم إحصائيات هاب سبوت (Hubspot)، حول خدمة العملاء، فـ 70% من ملخّص تجربة العميل تعتمد على المعاملة الّتي يتلقّاها هذا العميل، فقد يقع العملاء في حبّ العلامة التّجاريّة، ويصبحوا على استعداد لدفع علاوة مقابل الحصول على خدمة عملاء مذهلة، بل ويقدّرون أنّ خدمة العملاء الممتازة هي أكثر أهميّة من السّعر، كما يمكنهم مشاركة تجاربهم الإيجابيّة تلك مع أشخاص آخرين، وهذا بمعدّل 11 شخصًا للعميل، وفقًا لإحصائيّات هاب سبوت؛ بينما إذا مرّ العميل بتجربة سيّئة، أو شعر بعدم التّقدير، فهو أميل بالتّأكيد إلى الابتياع من قبل علامة تجاريّة أخرى، لذا فعلى الشّركات العمل بجدّ لإصلاح التّجربة السّلبيّة للعميل، إذ تشير الإحصائيّات إلى أنّ شكوى سلبيّة واحدة غير محلولة، تحتاج إلى 12 مراجعة إيجابيّة لمواجهتها. يعدّ التّركيز على خدمة العملاء قبل الشراء وبعده، بمثابة تذكير فعّال لرائد الأعمال بمحاولة الشّركة لبناء الثّقة، وإقامة علاقة مع عملائها، إذ يساعد هذا أيضًا في عمليّة التّرويج للعلامة التّجاريّة حتّى في معاملات البيع بين الشّركات، نظرًا لكون بناء علاقة الثّقة هذه هو أهمّ جانب في عمليّة البيع، بحيث يشتري العميل مجدّدًا من مندوب يعتبره الآن صديقًا، ففي كثيرٍ من الأحيان عندما تفقد الشّركات عملاءها، يكون مردّ ذلك إلى تغيير في موظّفي المبيعات، وهو ما يؤدّي إلى فقدان تلك العلاقة المبنيّة بين المندوب السّابق والعميل. من الطّرائق الفعّالة لضمان خدمة عملاء رائعة إنشاء دليل تشغيل لموظّفيك، بحيث يتضمّن التّقنيات المناسبة لخدمة العملاء، وقد تشمل هذه التّقنيات كلًّا من: كيف تحيّي العملاء. كيف تستمع إلى العملاء، وتساعدهم على الحصول على ما يحتاجون إليه. فلسفة شركتك. إلى أيّ مدى ينبغي بذل جهدك لتأمين خدمة رائعة. وكيف تكون مبدعًا في خدمة العملاء. يمكن للموظفين الاطّلاع على الدّليل عند تعيينهم، ثمّ مراجعته كلّ عام بعد ذلك، للتأكّد من استمرارهم في اتّباع الإجراءات، وقد يقدّم رائد الأعمال، أو المستشار برامج التّدريب قبل بدء العمل، وأثناء العام لصقل مهارات الموظّفين، إذ تُعدّ هذه البرامج طريقةً رائعةً لتنشيط مندوبي المبيعات ليكونوا اجتماعيّين أكثر، ويطوّروا العقليّة الصّحيحة، والتّفكير الإيجابيّ المطلوبَين عند مساعدة العملاء. وتُعدّ برامج التّدريب هذه طريقةً ممتازةً للتعرّف على المزيد حول خدمة العملاء، لذا نقترح عليهم برامج زيج زيجلار (Zig Ziglar)، ود. تشالديني (Dr.Cialdini)، فهي مرتكزة على إفادة مندوب المبيعات أوّلًا وقبل كلّ شيء. ركّز عند التّعيين على اختيار المترشّحين الّذين يملكون خبرةً سابقةً في خدمة العملاء، والّذين يأتون عبر إحالات جيّدة. هذا، ويمكن لتحفيزات العمل دفْع الموظّفين على تقديم خدمة ممتازة، ومثال ذلك: جائزة موظّف الشّهر، أو العام، أو الحوافز الماليّة. في النّهاية، يًعدّ كلّ من رائد الأعمال والإداريّون قادةً الشّركة، لذا فعليهم إظهار خدمة العملاء الّتي يطلبونها عند تعاملهم مع موظّفيهم، فإذا شعر هؤلاء بتوفر رؤساهم لخدمتهم متى احتاجوهم، مع تواجدهم هناك لمساعدتهم على خلق جوّ خدمة عملاء رائع، فسيشاركهم الموظّفون بدورهم الحماس، والطّاقة نفسهما اتجاه العملاء، فالموظّفون السُّعداء يتحوّلون إلى عملاء مربحين. يوضّح الشّكل 16.8 قائمة نصائح قصيرة لروّاد الأعمال المبتدئين. الشّكل 13.8: قد تؤدي جودة خدمة العملاء إلى إنشاء شركة، أو تدميرها، ويمكن لاتباع بعض الخطوات الأساسية ضمان خدمة عملاء رائعة. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4. لا تنحصر خدمة العملاء في اللّقاءات الشّخصيّة، والمكالمات الهاتفيّة، فقد مكّنت التّقنيّة الأشخاص، والشّركات من الاتّصال عبر البريد الإلكترونيّ، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، وإجراء المحادثات، والتّفاعل عبر الإنترنت؛ حيث يمكن للعملاء الآن التحدّث إلى موظّفي الشّركة، والتّعبير عن مخاوفهم، وحلّ المشكلات من خلال هذه السّبل، فقد وفّرت هذه التطوّرات التّقنية منصّةً أكبر للعملاء لمدح الشّركات، أو التّشَكّي منها، حيث يمكن ترجمة هذا الحب أو الكراهية، إلى منشورات على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وتغريداتٍ، وصورٍ، ومقاطع فيديو، ومراجعاتٍ، قد يراها آلاف، أو ملايين الأشخاص، وهذا من شأنه مساعدة الشّركة، أو تشويه سمعتها. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: نظرة عامة حول التمويل الريادي واستراتيجيات المحاسبة المقال السابق: استراتيجية رواد الأعمال في التسويق ووضع خطة تسويقية
  10. بما أنّك الآن تملك فكرةً عمّا يعنيه التّسويق، فأنت جاهز لتطوير خطّة، وإستراتيجيّة تسويق خاصتين بك، وهذا ما سنشمله في هذا المقال. تصف إستراتيجيّة التّسويق كيفيّة تبليغ شركةٍ ما لعملائها، وتحويلهم إلى مستهلكين دافعين، ويعدّ امتلاك إستراتيجيّة تسويق قويّة، ومرنة ممارسةً تجاريّةً جيّدة أيًّا كان مجال التّجارة الّذي تنشط فيه؛ أمّا خطة التسويق فهي وثيقة عمل رسميّة تَستخدم مخطّطًا، أو دليلًا لكيفيّة تحقيق الشّركة لأهدافها التّسويقيّة، حيث تختلف الخطّة التّسويقيّة عن خطّة الأعمال من حيث تركيزها على أبحاث السّوق، وجذب العملاء، وإستراتيجيّات التّسويق؛ في حين تغطّي خطةّ الأعمال أكثر من ذلك بكثير، إذ تُعدّ خطط التسويق أدواتٍ مهمّةً، فهي تلعب دور خريطة الطّريق لكلّ من يشارك في المشروع، حيث تجبرك كتابة خطّة تسويق على تحديد الأهداف، وتطوير إستراتيجيّاتٍ لبلوغها، وتشجّعك على البحث في الأسواق والمنافسة، كما تشجّع الخطّة التّسويقيّة المحكمة رائد الأعمال على التّفكير بعمق في أعماله، وإمكانيّة تحقيقه للأرباح؛ ممّا يساعده على اتّخاذ قرارات أفضل تجاريًّا، وتسويقيًّا. هذا، ويمكن لخطّة التّسويق خلق مشاركة، وتماسكًا أكبر بين الموظفين من خلال توضيح الأهداف والتوقّعات، حيث تتوفّر على مجموعة متنوّعة من قوالب خطط التّسويق الّتي يمكن تعديلها لتلائم منتجات، أو خدمات شركتك؛ أمّا الأمور اللاّزم توضيحها قبل الكتابة ما يلي: لماذا تكتب خطّتك؟ ولمن تكتبها؟ بعيدًا عن دورها في التّخطيط لمشروعك، هل سيستخدمها الموظّفون أم المستثمرون المحتملون؟ لأنّ المعلومات الواردة فيها تختلف باختلاف الجمهور الموجّهة إليه، فإذا كنت توجّه خطّتك إلى موظّفيك، فعليك تضمينها على تفاصيل إضافيّة حول سير العمليّات في الشّركة؛ أمّا إذا كانت موجّهةً نحو اكتساب مستثمرين جدد، فعليك إبراز القيمة الممكن حصدها من وراء الاستثمار. تذكّر أنّ ترتيب أجزاء الخطّة غير مهمّ، فلابد للخطّة بأكملها أن تكون أدلّة توجيه مرنة بلا قواعد ثابتة مطلقة، فكلّ خطط التّسويق الجيّدة لا تعدو كونها وثائق لقياس النّجاح، مع سماحها بتصحيح الأخطاء عند الضّرورة. يقدّم الجدول 5.8 المكوّنات العامّة للخطّة التّسويقيّة. نموذج خطة تسويقية table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } القسم الوصف، والغرض الملخّص التّنفيذيّ يقدّم لمحةً عن الخطّة بأكملها، بما في ذلك الأرباح المحتملة، والأفكار الإستراتيجيّة الرّئيسيّة. تحليل الوضع يعرض البيئات الداخليّة، والخارجيّة المتعلّقة بالأعمال التّجاريّة، والمنتجات؛ وتتضمّن البيئات الدّاخلية خلفيّة الشّركة، ومهمتها؛ أمّا الخارجيّة فتشمل احتياجات السّّوق، والمنافسة، وأبحاث السّوق، وتحليل مواطن القوة، ونقاط الضّعف، والفرص، والتهديدات. الفرصة الرّياديّة (حاجة غير ملبّاة، حلّ مقترح، مقترح قيمة) تحقق فرصّة السّوق الّتي تستغلها الأعمال التّجاريّة، وتحدّد المكاسب المحتملة لأصحاب المصلحة. نموذج العمل يعرض إطار عمل لتوليد المبيعات، والميزة التّنافسيّة للأعمال أهداف التّسويق تحديد أهداف المبيعات (بالوحدات أو الدّولارات)، ونموّ حصّة السّوق، والوعي بالعلامة التّجاريّة، وقنوات التّوزيع المؤمّنة، والجرد، والتّسعير. إستراتيجيّات التّسويق تشرح السّوق المستهدف، والمكانة المتوقّعة، والإستراتيجيّات المتعلّقة بالمزيج التّسويقيّ (حروف P السّبعة). برنامج التّنفيذ يحدّد من سيفعل ماذا، ومتى. الجانب الماليّ يكشف عن تقديرات المبيعات، والميزانيّات المتوقّعة، والجانب الماليّ الّذي من شأنه مساعدة القرّاء على فهم الظّروف الاقتصاديّة الحاليّة، والمستقبليّة للشّركة. عمليّات المراقبة تصف إجراءات قياس النتائج، ورصد الأهداف، وتكييف الخطّة حسب الحاجة. الجدول 5.8 الملخص التنفيذي الملخص التنفيذي هو ما يوحي به اسمه، فهو تلخيص واضح، ودقيق للنّقاط الرّئيسيّة في خطّتك التّسويقيّة، وعلى الرّغم من بدأنا به القائمة، إلاّ أنّه يُكتب في آخر الخطّة عادةً، فهو مبنيّ على المعلومات المقدّمة في الأقسام الّتي تسبقه. يتكوّن الملخّص التّنفيذي عادةً من صفحة واحدة أو صفحتين، ويتضمّن مؤشّرات النّجاح الرّئيسية للشّركة، وأصحاب المصلحة المتمثلون في: ملاّك الشّركة، ومديروها، ومستشاروها، والمستثمرون فيها، والبنوك؛ وليس هدفك في هذا الملخصّ هو مجرّد إيجاز كلّ ما تضمّه خطّتك، بل عليك إبراز ما قد يدفع النّاس للاهتمام بمشروعك، سواء كان القارئ موظّفًا، أو مستثمرًا، أو شريكًا محتملًا؛ فلا لابدّ للملخّص التّنفيذيّ تجاوز مجرّد مدّهم بالمعلومات، إلى تحميسهم. يُعدّ التّركيز على الفرصة المتاحة هو ما يجعل نموذج نشاطك التّجاريّ مميّزًا، فالمردود الماليّ المحتمل هو طريقة جيّدة لجذب انتباه القارئ، فإذا كانت على سبيل المثال نقاط قوّة مشروعك تتمثّل في فريق تسويق ممتاز، وميزة تنافسيّة مهمّة، فعليك إبرازهما كأسبابٍ للنّجاح، فربّما يقرأ البعض هذا القسم دون سِواه، لذا تأكّد من إبراز ما يميّز شركتك، وكيف تخطّط لتحويل ذلك التميّز إلى أرباح. تحليل الوضع يتركّز أساس خطّتك التّسويقيّة - من نواحٍ كثيرة - على تحليل وضعك، وهو فحص للظّروف الدّاخليّة، والخارجيّة المتعلّقة بمنتجك ونشاطك التّجاريّ، حيث يوفّر التّحليل الجيّد دعمًا منطقيًّا للإستراتيجيّات الّتي تختارها، فالبحث الّذي تُجريه مثلُا هو ما يشرح سبب تطوير منتج معيّن، أو كيفيّة تسعيره، أو كيفيّة مُضيّك في سبيل إيصاله إلى سوقك المستهدف. غالبًا ما تتضمن تحليلات الموقف الجيدة تحليل SWOT، الذي ينظر في نقاط القوّة، ونقاط الضّعف، والفرص، والتّهديدات في الشّركة؛ كما يأخذ بالحسبان منافسيك الحاليّين، والمستقبليّين، ويتضمّن بحثًا تحقُّقيًّا من السّوق يتأتّى عبر سبر آراء العملاء المحتملين، وتُعدّ هذه المعلومات حاسمةً، إذ تُثبت إجراءك لاستقصاءك اللاّزم تجاه المنتج والسّوق. فرصة التسويق بافتراض اقتياد بحوثك لك إلى تحديد وجود فرصة تجاريّة، فستشرح في هذه المرحلة ماهيّة تلك الفرصة وموقعها. فعلى سبيل المثال، قادك بحثك إلى اكتشاف فجوة في سوق ألعاب الأطفال التّعليميّة، ستشرح في هذا القسم عمق تلك الفرصة، وتستخدم بحوثك دليلًا لتُقنع به القارئ بوجود فجوة فعليّة في السّوق، وتعرف كيف تملؤها؛ فإذا كان هدفك شدّ اهتمام مستثمر، أطلعته ههنا على ما سيكسبه، ومتى سيكسبه. نموذج العمل مهمّتك في هذا القسم هي المزاوجة بين الفرصة الّتي اكتشفتها، والحلّ الّذي جئت به، حيث ستوضّح هنا ميزتك التّافسيّة، ونقاط الاختلاف من: طبيعة الحلّ، ومميّزاته الرّئيسيّة، وفوائده؛ فهذه الميزة التّنافسيّة، ونقاط الاختلاف هما ما يوفّر القيمة للعملاء، وما يحصد الأرباح اللاّزمة لدعم نشاطك في المسقبل القريب. لنفترض افتتاحك لصالة ألعاب رياضيّة، وأنك ستحدّد بنفسك في هذا القسم من الخطّة التّسويقيّة كيفية جذبك للعملاء، والقيمة الّتي سيحصلون عليها، وأنواع عقود الاشتراك الّتي ستكون متاحة لهم، وما إلى ذلك، فماذا ستفعل لتقديم قيمة تجذب العملاء؟ كيف ستحقق المبيعات؟ وما هو السّوق الّذي تستهدفه؟ تُعد لوحة نموذج العمل (الشّكل 13.8) أداةً رائعةً لتجميع هذه المعلومات، حيث ستساعدك اللّبنات التّسعة في هذا النّموذج على تحديد: شريحة العملاء المستهدفة. مقترح القيمة الّذي ستقدّمه لكلّ شريحة. قنوات توزيع المقترح، أو نقاط الاتصال. نوع علاقة العميل الّتي تبنيها مع شريحتك المستهدفة. أنواع بِنى الكُلفة، وقنوات الدّخل بناءً على وسائل التّسعير، والموارد الأساسيّة، والنّشاطات، والشّركاء الّذين سيساعدونك على النّجاح. تتيح اللّوحة لرائد الأعمال أيضًا الابتكار، والتّغيير إذا لم ينجح شيء ما، فالهدف من هذه الأداة هو تجميع أجزاء الخطّة. الشّكل 13.8: تجمع لوحة نموذج العمل الإستراتيجيّات الرّئيسيّة حول المنتج المدشّن. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 أهداف التسويق هنا تقدم أهدافك المحدّدة ونتائجها الملموسة، إذ لا يكفي قولك بأنّك ستكون ناجحًا جدًا دون تحديد ماهية النّجاح بالنّسبة لك، فالهدف من هذا القسم هو تحديد أهدافك من ناحية عدد الوحدات المباعة، أو أرقام المبيعات، أو الإيرادات، أو حصّة السّوق، أو أيّة مقاييس عمليّة أخرى؛ كما قد تشمل الأهداف أيضًا انتشار الوعي بعلامتك التّجاريّة، على أن يكون قابلًا للقياس، وكذا تطوير عددٍ معيّن من قنوات التّوزيع. تُبيّن الأمثلة التّالية أهدافًا جيّدةً قابلةً للقياس: بيع 300 وحدة شهريًّا، أو بيع منتج بقيمة 600 ألف دولار في السّنة، أو اكتساب 10% من سوقك المستهدف وعيًا بعلامتك التّجاريّة خلال 3 أشهر. عليك بالتّأكيد تجنّب الأهداف الغامضة، أو غير القابلة للقياس، فهي لن تساعدك الآن، ولا لاحقًا، وبغض النظر عن ماهية أهدافك، يجب أن تكون جميعًا معقولة التّحقيق، ومحدّدةً قدر الإمكان، فبهذا فقط يمكنك لاحقًا تحديد نجاحك، أو إ دراك وجود شيء ما يحتاج للتّغيير إذا لم تنجح. إستراتيجيات التسويق يُعدّ امتلاك مزيج تسويقيّ جيّد مساعدًا لعملك على النّجاح، إذ ستحتاج كونك رائد أعمال إلى تقسيم السّوق، ومعرفة ما إذا كان هناك مجموعات محتملة من الأشخاص الّذين يمكنك خدمتهم، حيث ستساعدك عمليّة التّقسيم، والاستهداف، وخلق المكانة (Segmenting, Targetin and Positioning) واختصارًا (STP)، على معرفة من هو أفضل عميل لديك، كما ستسمح لك بتخصيص مواردك بفعاليّة لخدمة هذا السّوق. بعد إجراء هذه العملية، يمكنك إلقاء نظرةٍ على المزيج التّسويقيّ، واعتمادًا على ما إذا كان لديك منتج، أو خدمة، أو مزيج من الاثنين معًا - وهي الحالة الغالبة -، فسوف تُحدّد مقاربتك تجاه العناصر السّبعة للمزيج التّسويقيّ. خطة الإجراء ستفصّل في خطة الإجراء (Action Plan) كيفيّة إنجاز الأشياء في عملك على أساسٍ يوميّ، مع تحديد متى تُنجز، وعلى يد من. ففي كثير من الأحيان يطوّر أصحاب النّشاطات التّجاريّة إستراتيجيّات مكثّقة، لكنّهم لا يملكون من القوّة العاملة ما يكفي لتطبيقها، لذا يُعدّ ضمان امتلاك الموارد البشريّة الكافية لتنفيذ أهدافك أمرًا في غاية الأهميّة، فإذا كان لديك على سبيل المثال فريق تسويق مثبّت، فتسليط الضّوء على قدرتهم على تنفيذ خططك سيساعد في إقناع المستثمرين المحتملين بقُدرتك على وضع خُطّتك موضع التّنفيذ. الجانب المالي هنا تقوم بذكر الميزانيّات، والتنبّؤات، وأي معلومات أخرى من شأنها إعطاء القراء، والمستثمرين المحتملين صورةً واضحةً عن الوضع الماليّ لعملك، فالتحلّي بالشّفافيّة، والصّدق سيخلق الثّقة، وحسن النيّة بين شركتك، والمستثمرين المحتملين، ويُعدّ هذا القسم مهمًّا أيضًا، لكونه سيساعدك على تحديد مدى ربحيّة عملك، ويوجد مكان واحد للبدء هو تحديد نفقاتك وأرباحك المستقبليّة. ونظرًا لميول معظم روّاد الأعمال إلى المبالغة في تقدير هذه الأرقام، فمن الأفضل وضع ثلاثة توقّعات، أحدها لأفضل السّيناريوهات، وثانيها لأسوئها، أمّا الأخير فلسيناريو الحالة المتوسّطة. يقوم العديد من رواد الأعمال بتطوير توقّعات مدّتها عام واحد، أو ثلاثة، أو خمسة، وذلك للتعرّف على الأرباح المستقبلّية، وتبيان مدى ثبات نموذج أعمالهم على المدى الطّويل، ويقدّم الشّكل 14.8 مثالاً عن هذا. الشّكل 14.8: تظهر توقّعات النموّ في القسم الماليّ من خطّة التّسويق. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 مؤشرات الأداء الرئيسية وفي مرحلة أخيرة، ستحتاج إلى تحديد مؤشّرات الأداء الرّئيسية خاصّتك، أو كيفيّة تقييم فعاليّة إستراتيجيّاتك، عبر مراجعة التقدّم الّذي أحرزته خلال إطار زمنيّ محدّد، وتشمل هذه المؤشّرات المعالم الكميّة الّتي تشير إلى تواجدك على المسار الصّحيح، بحيث تساعدك على تحليل عمليّة اتّخاذ القرار، وعلى التّركيز على إستراتيجيّات محدّدة، وإدخال تغييرات على الفاشل منها. على سبيل المثال، قد يكون أحد معالمك هو تحقيق هدف مبيعات بقيمة 50000 دولار أمريكي خلال الأشهر الستّة الأولى، فإذا لم تكن تُحقٍّقُها، فذلك يعود إمّا لمبالغتك في تقدير مبيعاتك، أولعدم عمل إستراتيجيّاتك كما ينبغي، وستحتاج في الحالتين إلى اتّخاذ خطوات قابلة للتّنفيذ لمراجعة توقّعاتك، أو إيجاد إستراتيجيّات أكثر فعاليّة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: المبيعات وخدمة العملاء وعلاقتهما بريادة الأعمال المقال السابق: مفهوم الإيسام الريادي وتطوير العلامة التجارية في العملية التسويقية
  11. تحتمل الألفاظ المترادفة التّالية، في سياق الأعمال التجاريّة، معاني متعدّدة ، مثل: الإيسام، أو تمييز العلامة التّجارية، أو بناء الوسم، أو البراند، فهي قد تعني أوّلًا اسم المنتج، أو الخدمة التي تقدّمها الشّركة، فعلى سبيل المثال: كوكا كولا، وجوديير (Goodyear) هي أسماء تجارية، كما تعني أيضًا الصّورة التي تروّج لها الشّركة والدّلالات التي تنسبها لنفسها ولمنتجاتها. فعلى سبيل المثال، قد يُنظر إلى علامة كوكا كولا على أنّها منعشة وشبابية، في حين يُنظر إلى إطارات جوديير على أنّها مدفوعة بالأداء، وبأسعار معقولة، وموثوقة، إذ يلعب الشّعار، والرّسائل الإعلانيّة، والتصوّر العام، وتأييد المشاهير، والإستراتيجيّات التّرويجيّة، وعوامل أخرى دورًا كبيرًا في التّرويج للعلامة التّجارية لشركة ما. قلّما يتعلّق الإيسام بفوائد المنتج وقيمته الفعليّة، فهو يدور أكثر حول المكانة الّتي تضع الشّركة فيها نفسها ضمن سوقها المستهدف، وكيف تتواصل مع عملائها المخلصين، إذ يعدّ إنشاء علامة تجاريّة في بداية الشّركة أكثر صعوبةً من إدارة علامة تجاريّة كانت موجودة منذ سنوات عديدة، ففي حالة شركة ناشئة، يجب مَحوَرة المبادرات المتّخذة حول العميل، والتّحدث مباشرةً إلى قلب المستهلك، كما ينبغي أن تكون لمبادرات جاذب عاطفيّ جدير بالثّقة لإنشاء رابط مع العميل. سنتحدث في هذا المقال عن الإيسام الريادي المرتكز على العميل، كما سنتطرق إلى تعريف وتطوير العلامة التجارية، وكذا الترويج من خلال العلامة التجارية. الإيسام المرتكز على العميل تُدار الصّورة التي تنقلها الشّركة إلى عملائها من خلال ما يسمى بإستراتيجيّة العلامة التّجاريّة، والتي قد تشمل الإعلانات، والعلاقات العامّة، وخدمة العملاء، وعروض المبيعات. تتمثل إحدى إستراتيجيّات العلامات التّجارية الشّائعة في استخدام الشّعارات، وهي عبارات قصيرة وجذّابة تحدّد قيمة العلامة، وتوصِل بسرعةٍ بعض الجوانب الأساسيّة للعلامة التّجاريّة إلى المستهلك، حيث قد تكون الشّعارات أداةً قويّة، بحيث تشتهر لتصبح على مستوى واحد مع اسم العلامة التّجاريّة ذاتها. ويظهر الجدول 4.7 بعض الشّعارات الصّامدة لفترة طويلة. لماذا تحسبها تمكّنت من الصّمود؟ شعارات شركات قائمة صمدت لوقت طويل table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الشّركة شعارها نايكي Nike افعلها وحسب! Just Do It آبل Apple فكّر باختلاف! Think Different صبواي Subway كل أكلًا طازجًا Eat Fresh وولمارت Walmart احفظ مالك، عش أفضل Save Money, Live Better ماستر كارد Mastercard بعض الأشياء لا يشتريها المال. أمّا البقيّة، فلها ماستركارد. There are some things money can’t buy. For everything else, there is Mastercard. ريد بول Red Bull ريد بول بيعطيك جوانح Red Bull Gives You Wings الجدول 4.7 يمكن للجلجلة أيضًا (Jingle) إحداث تأثيرٍ قويّ على تذكّر النّاس لرسالةٍ ما. فالجلجلة صوت، أو أغنية قصيرة جدًّا تسِمُ منتجًا أو شركة، وتساعد على التّرويج لهما، بحيث تتميّز هذه الألحان بكونها ممتعة، وسهلة الحفظ، فهي تشبه الشّعارات اللّفظية في كونهما يحتويان صوتًا جذّابًا سهل الفهم. تشمل العلامة التّجارية مكوّناتٍ أخرى هي: الموقع الإلكترونيّ، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، وخدمة العملاء، والتّغليف. وهذه مكوّنات مهمّة في إستراتيجيّة العلامة التّجاريّة الّتي تستخدم التّقنيّة لتوصيل رسالةٍ ما، إذ يتيح الموقع الإلكترونيّ للشّركة إنشاء صورةٍ لصفحات أعمالها المرتبطة ببعضها البعض، بحيث تنقل هذه الصّفحات معلومات العلامة التّجاريّة حول الشّركة التي ترسل رسالةً إلى المستهلك من خلال استخدام شعار الأعمال، والألوان، والأعمال الموجّهة للطّبع، وسهولة الاستخدام، ومعلومات المنتج، وإمكانيّات التّجارة الإلكترونيّة. بالإضافة إلى قدرة الموقع الإلكترونيّ لنشاط تجاريّ ما، على نقل قصّة الشّركة، حيث تعزّز منصّات التّواصل الاجتماعي الاتّصال بالمستهلك. إذ يتيح فيس بوك مثلًا، وتويتر، وإنستغرام، ويوتيوب للشّركات إمكانيّة دعوة العملاء إلى الانضمام إلى المحادثة من خلال نشر صورهم وهم يستخدمون المنتجات، أو التّوصية بها، أو بالمشاركة في المنافسات والهبات، والحصول على قسيمات التّخفيض، وامتيازات أخرى. يمتلك روّاد الأعمال هذه الأدوات تحت تصرفهم للاستمرار في تكوين صورة الشّركة الّتي ربّما بدأت كعملٍ تجاريّ قائم على أرض الواقع، حيث يمكن اليوم استخدام أدوات، مثل: ويكس (Wix)، أو سكوارسبيس (Squarespace) لتطوير العلامة التّجاريّة دون الحاجة إلى تعلّم تطوير وإنشاء المواقع، كما يمكن لروّاد الأعمال ذوي الميزانيّات الأكبر توظيف مصمّم مواقع إلكترونيّة لإنشاء الموقع، والمساعدة في ترويجه. وتعدّ خدمة العملاء أداةً أخرى يمكنها إنشاء صورةٍ قويّة عن الشّركة، إذ يؤدّي تدريب مندوبي المبيعات، وأمناء الصّندوق على أن يكونوا دهاةً، ومهذّبين، ومطّلعين، إلى تكوين صورةٍ في ذهن العميل حول المنتج، والنّشاط التّجاري، كما قد يؤدّي ارتداء الزيّ الرّسميّ أيضًا إلى تكوين صورة إيجابيّة، فخدمة العملاء مفيدة خاصّةً في مجال الخدمات، إذ تضيف شيئًا من الملموسيّة على المنتج الّذي لا يمكن للعميل رؤيته، فلا يمكن مثلًا لمصفّف الشّعر تقديم تصويرٍ ملموس لزبونه حول النّتيجة النّهائية للتّصفيفة على شعره، لكنّ سلوك المصفّف، وملابسه، وشعره أدلّة على ما يمكن للعميل توقّعه. التغليف، ويعدّ عنصرًا مهمًّا من الإيسام، فتصميم العلبة، ولونها، والمعلومات المطبوعة عليها، وكذا خصائصها العمليّة تخلق جميعًا صورةً لما يمكن توقّعه من المنتج، فشركة ميثود (Method) مثلًا، وهي علامة تجاريّة -متمحورة حول العميل، واعية بيئيًّا- تبيع منتجات التّنظيف، فقد تميّزت عن منافسيها باتّباعها إستراتيجيّاتٍ فعّالة للعلامة التّجاريّة، إذ تستخدم الشّركة تغليفًا معاد التّدوير، صديقًا للبيئة، وتروّج لالتزامها باستخدام موادّ كيميائيّة نباتيّة المصدر غير سامّة، وهذا مكّنها من اجتذاب انتباه سلسلة محلاّت تارجت (Target)، وتوزيع منتجاتها عبرها. حيث أقنعت الشّركة تارجت أوّلًا باستخدام منتجاتها في تنظيف محلّاتهم، وبعد التّجربة النّاجحة، أقنعتها بتوزيع خطّها الإنتاجيّ الّذي يشمل الصّابون، والمطهّرات، والمنظّفات (الشّكل 10.8)، وقد ساعدت رسالة ميثود المتميّزة في تحقيق الصّفقة، إذ تعدّ تارجت محلّات بيع تجزئة ذات اتّجاه تقدّمي، ومبتكر، فكانت الرّسالة أنّ كلّ ما داخل العبوات نباتيّ، ولا يحمل أيّة مواد كيميائيّة ضارّة، وأنّ المنتجات إمّا تتجاوز فعاليّة العلامات الرّائدة، أو تساويها في أسوأ حال، وبهذا نقلت رسالة العلامة التّجاريّة مهمّة الشّركة في منتجاتها بدمجها كلّ الجوانب معًا بطريقةٍ بسيطة عبر استخدام عبوات شفّافات، وخطوط كتابة ظريفة، وسوائل ملوّنة غير سامّة. الشّكل 10.8: تصميم ميثود، وتعبئتها الظّريفة، ومكوّناتها نباتيّة المصدر كانت جميعًا سببًا في نجاح إستراتيجيّة علامتها التّجاريّة. حفظ الحقوق: صورة من التقاط Carol Bleistine / فليكر، تحت ترخيص CC BY 4.0 تتعدّد فوائد تطوير علامةٍ تجاريّة جيّدة، فالعلامة هي صورة المنتج، أو الخدمة الّتي توحي إلى العملاء الّذين يشترونها بأنّهم سيحصلون على القيمة الّتي يتوقّعونها، سواءً كان ذلك من ناحية النّوعيّة، أو السّعر، أو تجربة الشّراء، ولذا يختارونها مجدّدًا في تسوّقهم القادم لأنّها حقّقت توقّعاتهم السّابقة، وهو ما يبسّط عمليّة اتّخاذ قرار الشّراء. ما يعني ضرورة اختراق المنتجات الجديدة للأسواق المكتظّة، والبروز للعملاء الّذين يملكون ارتباطًا سابقًا مع علامات تجاريّة أخرى. قد توفر الثقة في العلامة التّجاريّة وقت المستهلك، كما قد تخلق ارتباطًا عاطفيًا بالشّركة. ومع ذلك، لا تنطبق الفوائد سابقة الذّكر على كلّ العلامات التّجاريّة، وجميع قرارات الشّراء، فعندما يشتري العميل منتجات، أو خدمات قليلة الالتزام، مثل منتجات التّنظيف، فقد تكون حينها عمليّة اتّحاذ القرار سريعة، بجميع المزايا مع جميع العلامات التّجاريّة، وجميع قرارات الشّراء، فعندما يشتري العميل منتجات، وخدمات منخفضة الالتزام، مثل منتجات التّنظيف، فقد تكون عملية اتخاذ القرار سريعةً واستكشافيّة، وكذا عند شراء سلع باهظة الثّمن، مثل: الإلكترونيات، أو المركبات، أو الإجازات، فالعلامة التّجاريّة هي مجرّد واحدة من العديد من الخصائص الّتي يأخذها المستهلك بالحسبان. تعريف وتطوير العلامة التجارية يجب أن يكون للعلامة التّجاريّة غرض واضح مستمدّ من مهمّة الشّركة، فإذا كان الغرض هو توفير منظّفات ذات أصل نباتيّ، غير ضارّة بالنّاس، أو الحيوانات الأليفة، أو البيئة -كما في حالة ميثود-، فيجب على العلامة التّجاريّة إيصال ذلك في جميع تفاعلاتها مع المستهلكين، إذ ينبغي توصيل كلّ من اقتراح البيع الفريد، والفوائد، والسّمات، والصّورة العامّة عبر المزيج التّسويقيّ لسرد قصّة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون للعلامة التّجاريّة: شعار جيّد التّصميم، واسم لها ولمنتجها، وبضائع، ومواد ترويجيّة، ومكان عمل يوفّر أيضًا صورةً عنها، أو يروي قصّتها، وأيّة أدوات أخرى تفيد في التّواصل مع المشترين. ضع في حسبانك أنّه توجد اختلافات في الإيسام فيما يتعلق بحجم، ونوع العمل عند بدء عمل تجاريّ، فمن المحتمل قيامك بوسم عملك بالكامل بشعار واحد، واسم واحد، وأدوات ترويجيّة متطابقة، مع تغليف متشابه، وبطاقة عمل واحدة، ثمّ تنوّع كلّ ذلك بعد تطويرك لمنتجات أكثر. يقدم الشّكل 11.8 قائمةً مرجعية للعناصر الّتي تساعد في تطوير علامة تجاريّة لمشروعك. الشّكل 11.8: حين بدئك مشروعًا ما، سيساعدك تتبّع بعض الخطوات المهمّة في تأسيس علامة تجاريّة قويّة. حفظ الحقوق: تصميم مسجّل باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 الترويج من خلال تأييد العلامة التجارية تتمثّل إحدى طرائق التّرويج لعلامتك التّجاريّة، في تحديد العملاء المخلصين الّذين يرغبون في مشاركة تعليقات إيجابيّة حولها، فمؤيّد العلامة التّجاريّة هو شخص معجب بمنتجاتك، يتحدّث عنها إلى الآخرين. ويعدّ تأييد العلامة التّجاريّة وسيلةً غير مكلفة لبناء علامة تجاريّة ينبغي لروّاد الأعمال استكشافها، ومن الطّرائق البسيطة للتّحفيز على تأييد علامتك التّجاريّة، هو الطلب من أفضل عملائك، ومعجبيك إحالة مستهلكين آخرين إليك، وكاتبة مراجعات على الإنترنت، والتّعليق على المنشورات المتعلّقة بشركتك، ومنتجاتك. وعادةً ما تقدّم الشّركات خصومات، وشفرات تخفيض لتشجيع مؤيّدي علامتها التّجاريّة على التّرويج لها. ويعدّ مفتاح التّأييد الفعّال لعلامتك التّجاريّة هو معرفة الهدف من حملتك التّرويجيّة، والبحث عن سفراء يؤدّون مهمّةً لصالحك مقابل مكافأتهم، ومن أمثلة التّرويج التّأييديّ إنشاء مسابقة لإشراك المستهلكين الّذين يحبّون منتجك في مشاركة الصّور على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وقد قامت آيكيا (IKEA) بذلك سنة 2016، حيث أطلقت الشّركة مسابقةً للفوز بخزانة ملابس مخصّصة باستخدام الوسم JoyOfStorage# بمعنى فرحة التّخزين، وذلك لتحفيز أكثر المعجبين ولاءً على مشاركة منتجات الشّركات عبر الإنترنت، وكان مضمون المسابقة هو نشر العملاء لصور منتجات آيكيا خاصّتهم على فيس بوك (الشّكل 12.8)، وقد سمحت هذه الحملة للشّركة بإشراك، ومكافأة العملاء المخلصين بطريقةٍ ممتعة، مع استخدام التّسويق الشّفهيّ لتوسيع نطاق التّسويق. الشّكل 12.8: أشركت مسابقة آيكيا JoyofStorage# معجبيها المخلصين، وكافأتهم على تأييدهم لعلامتها. حفظ الحقوق: من this_could_be_my_house / فليكر، تحت ترخيص CC BY 2.0 ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: استراتيجية رواد الأعمال في التسويق ووضع خطة تسويقية المقال السابق: أدوات وتقنيات التسويق التي يتبعها رواد الأعمال
  12. واحدةٌ من أصعب الحقائق التي يجب على روّاد الأعمال استيعابها عند بدء عمل تجاريّ جديد هي أنّ الموارد الماليّة، والبشريّة محدودة. ولحسن الحظ، توجد العديد من تقنيّات التّسويق المتاحة لرواد الأعمال والّتي تتطلّب أكثر قليلاً من جرعةٍ جيّدة من المساهمة بالجهد والعمل، وسنتعرف في هذا المقال على مجموعة من التقنيات والأدوات التسويقية التي يستخدمها رواد الأعمال للوصول إلى الريادة. التسويق غير التقليدي (تسويق حرب العصابات) صاغ هذا المصطلح كاتب الأعمال، والإستراتيجيّ جاي كونراد ليفينسون في عام 1984، إذ يشير تسويق حرب العصابات إلى الأساليب الإبداعيّة للتّسويق الّتي تسعى للحصول على أقصى قدر من الظّهور، من خلال وسائل غير تقليديّة. وغالبًا ما يشير تسويق حرب العصابات إلى تنظيم نوعٍ من الأحداث، أو التّفاعل المصمّم لجذب الانتباه إلى علامة تجاريّة أو منتج، بحيث يكون الهدف منه إثارة اهتمام المستهلكين، من خلال التّميز عن رسائل المبيعات العاديّة، وآلاف الإعلانات الّتي يرونها كلّ يوم، إذ عادةً ما تحتوي هذه الأساليب على مكونّ يشجعّ العملاء المحتملين على التفاّعل مع شركة، أو منتج بطريقةٍ ممتعة. دينيس كراولي، رائد الأعمال الصّدفي الّذي علّم نفسه البرمجة، وتعرّض للتّسريح من قبل جووجل (Google)؛ أثناء عمله على موقع التّواصل الاجتماعيّ دودجبول (Dodgeball)، كان قادرًا على إنشاء لعبة فورسكوير (Foursquare)- بمعنى أربعة مربّعات-، وتنميتها من خلال استخدام تقنيّات التّسويق غير التّقليديّ، فقد استخدم تطبيقه هذا -القائم على البحث واكتشاف الأعمال القريبة- في مهرجان ساوث باي ساوث ويست (SXSW) للأفلام والموسيقى المُقام في أوستن، تكساس. وكانت الفكرة هي وضع لعبة فورسكوير حقيقيّةً أمام قاعة المؤتمر، والّتي أدت أيضًا إلى زيادة الوعي بالتّطبيق (الشكل 8.8). حيث حقّقت الألعاب نجاحًا فوريًا وجذبت الآلاف من المشاركين الّذين لعبوا طوال اليوم، وإذا كان شخصٌ ما لا يعرف ما هي اللّعبة، فقد ساعدهم فريق تسويقٍ مكوّن من 11 شخصًا في العثور عليها على هواتفهم، حيث أسفرت جهودهم عن مئة ألف مشاهدة للتّطبيق في ذلك اليوم وحده، وقد تحقّق هذا كلّه بتكلفة صندوقٍ من الطّباشير، وكُرتين من المطّاط. وعلى الرّغم من امتلاك الشركة للكثير من الاستثمارات للمساعدة على إجراء عمليّاتها، إلّا أنّ تسويق حرب العصابات كان وسيلةً ذكيّةً، ومفيدةً لجعل المستخدمين يختبرون التّطبيق، ويستمتعون به. الشكل 8.8: حقّقت فكرة الّتسويق غير التّقليدي مئة ألف مشاهدةً جديدة لتطبيق فورسكوير في مهرجان ساوث باي ساوث ويست للموسيقى والأفلام في أوستن، تكساس. حفظ الحقوق: من التقاط betsyweber/Flickr تحت ترخيص CC BY 2.0 وفي مثالٍ آخر على هذا النّوع من التّسويق، فقد برز خلال السّنوات القليلة الماضية الحشد المفاجئ (The flash mob)، وهو تجمّع النّاس في مكان عامّ لأداء عملٍ ما، سواء كان ذلك رقصًا، أو عرضًا ترفيهيًّا، أو موقفًا سياسيًا، أو نوعًا من التّعبير الفنّيّ الّذي ينقل رسالةً إلى الجمهور لفترةٍ وجيزةٍ من الزّمن، حيث يأتي تنظيمه عبر مكالمات وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو رسائل البريد الإلكترونيّ بهدف جمع عددٍ كافٍ من الأشخاص للقيام به، وقد استخدمت الشّركات هذه الحشود المفاجئة استخدامًا فعّالاً لخلق الوعي، والتّذكير بعلاماتها التّجاريّة. التسويق عبر العلاقات من بين الاختلافات الرّئيسية بين العلامات التّجارية الرّاسخة والشّركات النّاشئة، حاجة تلك الأخيرة إلى إنشاء، وتطوير علاقاتٍ مع العملاء الجدد، إذ تتمثّل إحدى طرائق تحقيق ذلك في التّسويق عبر العلاقات، والّذي يسعى إلى خلق ولاء العملاء من خلال التّفاعلات الشّخصيّة، وإستراتيجيّات المشاركة طويلة المدى، حيث يمكن لشركةٍ صغيرة محاولة إقامة علاقةٍ أَوْثق مع العملاء، عن طريق كتابة ملاحظات شخصيّة باليد، أو إرسال بريدٍ إلكتروني يشكرهم على أعمالهم، وكذا تقدير حضورهم باستخدام أسمائهم، أو ألقابهم عندما يأتون إلى المؤسسة، من خلال تقديم المشروبات، وخدماتٍ شخصيّة أخرى. من أمثلة التّسويق عبر العلاقات في الشّركات الكبيرة، نذكر موس جو (شدق الوعل) MoosJaw، وهي شركة بيعٍ بالتّجزئة للملابس الخارجيّة للمشي، والتزلّج على الجديد. في مرحلة ما، أعاد أحد عملاء موس جو قطعة ملابسٍ اشتراها كهديّة لزوجته، وفي تفسيره للعودة، كتب، "لقد انفصلت عنّي زوجتي". ونظرًا لأنّ هذه فرصةً للتّواصل مع أحد العملاء، قرّرت الشّركة إرسال حزمة رعاية للرجل. بعد بضعة أسابيع، تلقّى الرّجل شحنةً مفاجئة، مع ملاحظةٍ تشير لكونهم آسفين لانفصال زوجته عنه، لذلك قرّروا منحه هديّة، وقد احتوى الصّندوق على قمصانٍ وملصقات وأشياءٍ أخرى، مثل بطاقة فيها عبارات من موظّفي الشّركة، وقد أتى هذا الجهد أُكله عندما انتشر الموقف على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، ممّا أعطى الشّركة مزيدًا من الانكشاف والدّعم. في طريقةٍ أخرى لتحافظ بها الشّركات على علاقاتها مع عملائها، نذكر الاعتماد على النّشرات البريديّة المنتظمة عبر البريد الإلكترونيّ، فبمقدور الشّركات استغلال سجلّ المبيعات، وبيانات السّوق الأخرى لتخصيص محتوى هذه الرّسائل الإخباريّة المجانيّة لتتوافق مع احتياجات، ومخاوف، ورغبات العملاء المستهدفين، بحيث يتيح لهم ذلك البقاء على اتّصالٍ مع عملائهم أثناء تطوير روابط قويّة، وولاء للعلامة التّجارية، حيث يمكن للشّركات النّاشئة الاستفادة في هذا من الخيارات المجّانيّة، أو بخسة الثّمن، والّتي تقدّمها شركات إدارة النّشرات البريديّة، مثل: ميل تشيمب (MailChimp)، وكونستنت كونتاكت (Constant Contact)، وماد ميمي (Mad Mimi)، وميل تشيمب ماركيتو(MailChimp Marketo)، وإنسايتلي (Insightly) وسلاك (Slack)، وسايلزفورس (Salesforce). التسويق الاستكشافي من بين أصعب جوانب ريادة الأعمال، البقاء في مجال الأعمال، والنموُّ في بيئة تنافسيّة للغاية، إذ تولد الشركات كلّ يوم بهدف صنع اسم لها من خلال توفير سلع، وخدمات أفضل، وإحدى الطّرائق الّتي قد تظلّ بها الشّركات الكبيرة، والصّغيرة مهمّة هي من خلال التّسويق الاستكشافيّ. يشير التّسويق الاستكشافيّ إلى الإستراتيجيّات الّتي تهدف إلى نقل الشّركات القائمة ومنتجاتها إلى أسواق، ومناطق جديدة، كما يوحي الاسم، بوجود عنصر المخاطرة، والاكتشاف المتضمّن في إستراتيجيّات التّسويق السّريع، فهي تساعد الشّركة على النّمو في مجالاتٍ جديدة. وغالبًا ما يبدأ تحديد مكان، وكيفيّة الدّخول بفعاليّة إلى هذه الأسواق الجديدة بتحليل السّوق الحاليّ للشّركة، ومواردها الماليّة، والبشريّة، حيث يختار روّاد الأعمال أسواقًا جديدةً بناءً على المكان الذي قد تتمكّن فيه هذه الموارد من تلبية الاحتياجات غير الملبّاة، إذ تحتاج العديد من الشّركات الصّغيرة إلى الاستفادة من مكاسبها أثناء انتقالها إلى مناطق جديدة، وربّما أسواقٍ أكثر تنافسيّة، وقد يؤدّي الوعي بالتّغييرات إلى تعزيز التّخطيط، والبحث عن طرائق جديدة للتوسّع. هذا النّوع من التّسويق مشابه جدًا للتّسويق الرّيادي، وغالبًا ما يشار إلى أحدهما باسم الآخر. غير أنّ التّسويق الاستكشافيّ يشمل الشّركات الحاليّة الّتي تواصل الابتكار؛ بينما يشمل التّسويق الرّياديّ أيضًا شركاتٍ جديدة، ويمكن اعتبار الشّركات الّتي نجحت في نقل أعمالها إلى أسواقٍ جديدة، والتّمحور المستمرّ لإنشاء منتجات جديدة للأسواق الحاليّة، والجديدة على أنّها شركاتٌ رياديّة، فالشّركات الكبيرة، مثل: آبل (Apple)، وجووجل (Google)، ودورب بوكس (Dropbox)، طوّرت منتجاتها باستمرار، ودخلت أسواقًا جديدةً لمواكبة المنافسة؛ وبالنسبة للشّركات الّتي فعلت ذلك بينما كانت صغيرة، مثل: بيرتش بوكس (Birchbox)، فهي تستخدم أيضًا هذه الطّريقة للنّموّ، وتجاوز المنافسين. التسويق في الوقت الحقيقي يحاول التّسويق في الوقت الحقيقيّ تحويل بيانات المبيعات المتاحة على الفور (الّتي يتم جمعها غالبًا من وسائل التّواصل الاجتماعيّ، والمواقع الإلكترونيّة، وأنظمة نقاط البيع وما شابه) إلى إستراتيجيّاتٍ معاصرة قابلة للتّنفيذ، حيث تستهدف المشهد المتغيّر لأذواق المستهلكين، وتوجّهاتهم. ومن بين الأدوات الّتي يمكن لروّاد الأعمال استخدامها لتأمين المعلومات نجد: التّحليلات من فيس بوك (Facebook)، وتويتر (Twitter)، وجووجل (Google)؛ بالإضافة إلى بيانات المبيعات الدّاخليّة. قد تتضمّن المعلومات تفضيلاتٍ لعلامة تجارية على أخرى، وأنماط الحياة، والسّلوك، وتكرار الشّراء، والمبلغ الّذي يتمّ إنفاقه بالدّولار. إذ يساعد هذا روّاد الأعمال على وضع استراتيجيّات تركّز على تزويد العميل بما يحتاجه في مجتمع الإرضاء الفوريّ اليوم، فعلى سبيل المثال، تُنشئ شركةٌ مثل بيرتش بوكس منشورًا على فيس بوك، أو تويتر بخصوص عرض ترويجيّ جديد، حيث يمكن بعد ذلك تأكيد عدد النّقرات الّتي يحصل عليها المنشور، وتحديد عمق المشاركة لكلّ منشور، فقد تكون النّقرات عبارة عن إعجاب، أو مشاركة، أو تعليق، أو عمليّة شراء يمكن تتبّعها على الفور دقيقةً بدقيقة، أو ساعةً بساعة، أو يومًا بعد يوم، وذلك اعتمادًا على طول مدّة العرض التّرويجي، حيث يسمح الوقت الفعليّ للمسوّق بتقييم الإجراءات الّتي يتّخذها المتابعون فور حدوث ذلك، ويعتمد النّجاح على الهدف الّذي حدّدته الشّركة. فعلى سبيل المثال، إذا توقّعت بيرتش بوكس في إحدى عروضها التّرويجيّة 1000 إعجاب، و100 مشاركة، و30 تحويلًا أو عمليّة شراء يوميًّا، فسيكون من السّهل جدًّا تتبّع ما إذا كانت الشّركة تحقّق هدفها، وهذا فقط من خلال النّظر إلى النّتائج كلّ ساعة، إذ يساهم هذا في جعل القياس، والتّغيير سهلين جدًّا؛ أمّا إذا لم تحصل إحدى المنشورات على النّتائج المرجوّة في الإعجابات، أو المشاركات، أو التّعليقات، أو التّحويلات في الإطار الزّمني المطلوب، فيمكن للشّركة إجراء تغييرات على التّواصل المرسل لتوفير حوافز مختلفة، مثل: تقديم خصم أكبر، أو استخدام لغة مختلفة، وصورة جديدة، ودعوة أفضل للعمل. وبالإضافة إلى ذلك، يتيح التتبّع في الوقت الفعليّ للشّركة أيضًا الردّ الفوري على التّغريدات، والتّعليقات من متابعيها، وهذا يتيح الاتصّال المباشر من العميل إلى الشركّة دون أيّ تدخّل، أو قيود زمنيّة. التسويق الفيروسي التّسويق الفيروسيّ (Viral marketing) هو أسلوب يَستخدم المحتوى الجذّاب على أمل مشاركة المشاهدين له على شبكاتهم الشّخصيّة، وشبكات التّواصل الاجتماعيّ، ثم ينتشر المحتوى النّاجح مثل الفيروس، ممّا يؤدّي إلى الانتشار السّريع لرسالة الشّركة. يعدّ أهمّ عنصر في أيّ حملة تسويقيّة فيروسيّة هو تطوير محتوى لا يتوقّف التّفاعل معه على الإعجاب، أو التّعليق وحسب، بل يثير في النّاس شعورًا بضرورة مشاركته مع الآخرين، وبشكل عام، فالمحتوى الفيروسيّ بطبيعته ليس عرضًا للمبيعات، إنّما يميل إلى تحفظّه في إشارته إلى العناصر ذات العلامة التّجاريّة، وبهذا يحصد المنتج، أو العلامة التّجاريّة عرضًا مباشرًا بغدوّه جزءًا من محتوى يرغب النّاس في مشاهدته. من أنجح الحملات التّسويقيّة الفيروسيّة حملة دوف (Dove) المعنْوَنة: "رسومات الجمال الحقيقيّ من دوف" على الرّابط: https://bit.ly/DoveSke. أين يرسم رسّام طبٍّ شرعيٍّ حقيقيّ وجوه نسوةٍ مرّتين: أولاهما حسب وصف النِّسوة لأنفسهنّ، والأخرى حسب وصف الآخرين، وتكتشف النّسوة بعد الاطّلاع على الرّسومات أنّ الصّور المبنيّة على أوصاف الآخرين كانت ألطف وأجمل. لم يذكر هذا الفيديو أبدًا أي منتج من منتجات دوف على الإطلاق. وقد كانت نتيجة هذه الحملة مذهلةً، حيث حصدت أكثر من 140 مليون مشاهدةً حول العالم، وأصبحت أفضل المقاطع المنتشرة سنة 2013، من خلال التّواصل مع العميل بطريقة عاطفيّة صادقة ودافئة، كما مكّنت هذه الحملة الشّركة من تتبّع النّتائج في الوقت الحقيقيّ، والإجابة على تعليقات المشاهدين في الوقت المناسب، مع تعزيز الوعي بالعلامة التّجاريّة. وفي مثال آخر لحملة فيروسيّة فعّالة، نادي الحلاقة مقابل دولار (Dollar Shave Club)، تجدها على الرّابط: https://bit.ly/DolShaClu، حيث حصد أكثر من 26 مليون مشاهدةً على يوتيوب (YouTube) مقابل ميزانيّةٍ منخفضةٍ في مقطع فيديو ترفيهيّ من قبل مالك الشّركة التي تأسّست سنة 2011 في كاليفورنيا، بهدف توفير شفرات حلاقة منخفضة التّكلفة للرّجال كلّ شهر من خلال اشتراكهم في الخدمة، وقد حقّقت الشّركة نجاحًا كبيرًا لدرجة جعلت شركة يونيليفر (Unilever) تستحوذ عليها. تكمن فائدة هذا النّوع من التّسويق في قدرته على الحصول على انتشار هائلٍ مقابل القليل من الجهد، أو الاستثمار. وذلك بمجرد تطوير المحتوى، لكن التّحدي يكمن في صعوبة التّنبؤ بالمحتوى الفيروسيّ النّاجح، فغالبًا ما ينشئ المسوّقون الفيروسيّون الكثير من المحتوى الذي لا ينتشر قبل العثور على محتوى يفعل ذلك. التسويق الرقمي يشير التّسويق الرّقمي إجمالًا إلى جميع جهود التّسويق الإلكترونيّ (عبر الإنترنت)، والّتي قد تشمل وسائل التّواصل الاجتماعيّ، والبريد الإلكترونيّ، ومواقع الويب، والمدوّنات، ومدوّنات الفيديو، وتحسين محرّكات البحث سيو (SEO)؛ إذ يعدّ هذا مجالًا مهمًّا ليستكشفه روّاد الأعمال، فتعلّم كيفيّة الاستفادة من القنوات الرّقمية، والتّحليلات عبر الإنترنت أمرٌ أساسيّ للبقاء في المنافسة في هذا العصر التّكنولوجيّ، فقد تجاوز الإنفاقُ على الإعلانات الرّقميّة الإنفاقَ على الإعلانات التّلفزيونيّة في السّنوات الأخيرة. تشمل الإعلانات الرّقميّة الإعلانات الصّورية، والإعلانات على شبكة البحث، وإعلانات التّواصل الاجتماعيّ، وقد تكون هذه ناجحةً جدًّا في استهداف أشخاصٍ محدّدين في السّوق المستهدف، وعادةً ما تكون ميسورة التّكلفة أكثر من الإعلانات التّلفزيونيّة، فهي أرخص في صنعها، وعرضها من الإعلانات التّلفزيونيّة الّتي قد تكلّف ملايين الدّولارات للإنتاج، ووقت البثّ للوصول إلى عددٍ كبيرٍ من الناس، حيث تُعتبر الإعلانات الرّقميّة مهمّةً لروّاد الأعمال، فهي وسيلة فعّالة لإعادة توجيه حركة المرور إلى مواقع الويب الخاصّة بهم، واكتساب التّحويلات بميزانيّةٍ محدودة، إذ لا يهمّ حجم ميزانيتك، فبإمكانك شراء هذه الإعلانات بإستراتيجيّة لتكون فعّالة من حيث التّكلفة قدر الإمكان، كما قد تتراوح من بضعة دولارات إلى ملايين الدّولارات، حسب مواردك. الإعلانات المصوّرة هي تلك الّتي تشبه اللاّفتات، وتعرض منتجًا، أو شركةً على موقع ويب بطريقة ملحوظة، حيث تأتي بأحجامٍ مختلفة، وقد يشتريها صاحب المشروع على مواقع ويب، أو محرّكات بحث تابعة لجهات خارجيّة توفّر مساحةً للإعلانات، وعادةً ما يكون الدّفع لهذه الإعلانات بنظام الدّفع بالنّقرة، ممّا يعني دفعك فقط مقابل المرّات الّتي ينقر فيها شخص ما على إعلانك، أو يمكنك الدّفع مقابل مرّات الظهور. ممّا يعني أنّك تدفع فقط مقابل عدد مرّات الإعلان يظهر على شاشات القرّاء. أمّا الإعلانات على شبكة البحث، فعلى العكس من ذلك، فهي تلك الإعلانات النصيّة الّتي تراها أثناء البحث عن شيء ما في محرّك البحث، سواء كان ذلك على الحاسوب المحمول، أو الجهاز اللّوحيّ، أو الجهاز المحمول، وتعدّ كل من جووجل (Google)، وبينج (Bing)، وياهو (Yahoo!) أكبر ثلاثة محرّكات بحث توفّر للشّركات القدرة على إنشاء إعلانات مستهدفة للوصول إلى العملاء الّذين يبحثون عن شيء معيّن، ويكون إنشاء هذه الإعلانات عبر استخدام الكلمات المفتاحيّة المختارة إستراتيجيًّا لاستهداف الأشخاص الّذين يكتبونها في محرّك البحث، ويكون الدّفع من خلال نظام عروض الأسعار، ممّا يسمح للشّركة بتحديد المبلغ الّذي تدفعه مقابل عرض الإعلان في موضعٍ أفضل على صفحات عرض المحرّك. تُعدّ إعلانات جووجل (Google Ads)، وتحليلات جووجل (Google Analytics)، من الأدوات التي تسمح للمسوّق الرّقمي بالبحث عن الكلمات المفتاحيّة الشّائعة، وإنشاء إعلانات، بناءً على هذه المصطلحات لاستهداف المستهلك المناسب. وتُعدّ هذه الأدوات جيّدة التّصميم، كثيرة التّعقيد، بحيث يستغرق الأمر بعض الوقت للتعرّف على جميع ميزاتها وقدراتها، ومع ذلك، فميزاتها الرّئيسية هي البحث عن الكلمات المفتاحيّة الصّحيحة، وإنشاء الحملات الإعلانيّة، وتتبّع نجاحها. انتقل إلى محرّك البحث المفضّل لديك، وحاول البحث عن شيء ما (الشكل 9.8)، ما نوع الإعلانات الّتي تراها على شاشتك؟ أنشأ شخص ما على الجانب الآخر هذه الإعلانات للتواّصل معك، هل قاموا بعمل جيّد؟ الشّكل 9.8: أداة إعلانات Google فعّالة في الوصول إلى الجماهير المستهدفة اّلتي تبحث عبر الإنترنت عن منتجات معيّنة. تتمتّع منصّات التّواصل الاجتماعيّ أيضًا بخاصيّة السّماح للمستخدمين بإنشاء إعلانات مماثلة على أنظمتهم لاستهداف الأشخاص بناءً على سلوكهم، وإعجاباتهم، وملفّات تعريفهم، وعمليّات البحث عن المنتجات عبر الإنترنت، وقد زادت شعبيّتها مع انضمام المزيد من الأشخاص إلى المنصّات، وجمع المزيد من المعلومات عنهم. أصبح التّدوين أداةً مهمّةً لأصحاب الأعمال، حيث يسمح لهم بمشاركة المعلومات حول شركاتهم، ومنتجاتهم، وخبراتهم في شكلٍ مكتوب، أو مصوّر، كما يُمكّن التّدوين روّاد الأعمال من إنشاء اسم لأنفسهم، خاصّةً عندما يكون المحتوى مفيدًا، وحينما يهتمّ النّاس بما يقوله المدوّن، حيث تشمل الإستراتيجيّات الّتي تساعد روّاد الأعمال في هذا الجانب على كلّ من: تخصيص الوقت للمدوّنة، وامتلاك مجال محدّد، واختيار موضوعات شيّقة تهمّ المدوّن والجمهور، واستخدام تقنيات أخرى للعلامات التّجارية، وتحسين محرّكات البحث الّتي تساعد المدوّنة على أن تصبح أكثر وضوحًا. يعدّ التّسويق بالمحتوى موضوعًا مهمًّا للتّسويق الرّقميّ، حيث أصبح المحتوى أكثر أهميّةً في السّنوات الأخيرة، إذ يمكن عرض المحتوى كقصّة، أو مدوّنة، أو موقع إلكترونيّ، أو منشورات على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو نشرة بريديّة، أو مقالة، أو مقاطع فيديو، أو أيّ شيء آخر قادرٍ على نقل رسالة إلى المستهلك، فهو أداة قيّمة لتوزيع المحتوى المفيد، ويمكنها إشراك الجمهور المستهدف، وحثّهم على اتّخاذ نوع من الإجراءات، ويجب على رائد الأعمال أخذ الوقت الكافي لإنشاء محتوى مفيد للتّواصل مع العملاء الحاليّين والمحتملين عبر الإنترنت، كما يمكن لروّاد الأعمال أيضًا الاستفادة من المسوّقين المؤثرين لنشر المعلومات حول علاماتهم التّجارية، ويتضمّن ذلك الوصول إلى مشاهير وسائل التّواصل الاجتماعيّ، الّذين عادةً ما يكون لديهم ملايين المتابعين على يوتيوب، أو فيس بوك، أو إنستغرام، أو الأنظمة المماثلة. كان هذا أحد أكبر التوجّهات الحديثة في التّسويق، ومن المهمّ عند العمل مع المؤثرين إفصاحهم عن حصولهم على مقابل عن أيّ منتج، أو خدمة يتحدثّون عنها لتجنّب المخاطر القانونيّة. التسويق عبر البريد الإلكترونيّ هو نوع من أنواع البريد المباشر، الّذي يتّصل بالمستهلكين بطريقة شخصيّة. فقد تحتوي رسائل البريد الإلكترونيّ على محتوى مفيد للمستهلكين، وعروض ترويجيّة، ونصائح تغريهم بتجربة منتج، أو إدراكه. وتقدّم العديد من منصّات التّسويق عبر البريد الإلكترونيّ خدماتٍ بأسعار في متناول الجميع، بما في ذلك كونستنت كونتاكت، وماد ميني، ومايل تشيمب، ودريب. حيث تسمح كلّ هذه المنصّات لرائد الأعمال بتحميل قائمة العملاء، أو العملاء المحتملين، وإنشاء حملات تسويق عبر البريد الإلكترونيّ مصمّمة خصّيصًا لكل سوق مستهدف، كما توفّر هذه الأنظمة الأساسيّة أيضًا مقاييسًا مفيدة، مثل: معدّلات الفتح، ونسب النّقر، والوقت المستغرق في مشاهدة الرسالة، ومعدّلات التحّويل، بحيث يمكن استخدام هذه المقاييس لتحديد فعاليّة الحملة. التسويق الشفهي يحدث التّسويق الشفهيّ (Word Of Mouth) أو اختصارًا (WOM) عندما يخبر عميل راضٍ عن تجربته الإيجابية مع سلعة، أو خدمة الآخرين عنها، وعلى الرّغم من كوْن التسويق الشفهي يشبه التّسويق الفيروسيّ، إلّا أنّه لا ينطوي على مشاركةٍ نشطة من جهة التّسويق، كما يكاد يقتصر على العملاء فقط؛ بينما يحاول التّسويق الفيروسيّ بناء الوعي، وتسليط الضّوء على منتجه في الغالب عبر مقاطع الفيديو، أو البريد الإلكترونيّ. عندما يكون المستهلكون سعداء جدًا بمشترياتهم، فسيخبرون النّاس، سواء كان ذلك وجهًا لوجه، أو على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، بحيث تمتلك الشّركة سيطرةً أقلّ على هذا النّوع من التّسويق فهو يحدث تلقائيًّا، في حين أنّ التّسويق الشّفهيّ الفعّال قد يكون له تأثير كبير على مبيعات العلامة التّجاريّة، ورؤيتها، ومع ذلك فإنشاءه يعدّ أمرًا صعبًا، إذ يجب توفر رغبة من النّاس من تلقاء أنفسهم في الحديث عن منتجك. تتمثّل إحدى طرائق تشجيع التّسويق الشّفهي في مطالبة العملاء الرّاضين بمساعدتك في نشر الحديث عن منتجك من خلال التحدّث إلى دائرة الأصدقاء والعائلة، أو من خلال مشاركة التّعليقات عبر الإنترنت، على المواقع الإلكترونيّة، أو من خلال البوّابات، أو عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وغالبًا ما تُضمّن الشّركات منتجاتها المشحونة بدعوة إجراء تحثّ المستخدم على نشر المراجعات على موقعها، أو على الموقع الّذي اشتروا منه المنتج، أو على مواقع المراجعة العامّة، مثل: يالب (Yelp). يحتاج روّاد الأعمال الذين يقومون بهذا إلى التأكّد من مراقبتهم لما يُقال عن أعمالهم، حتّى لا تقوّض التّعليقات السيّئة جهودهم التّسويقيّة، ولهذا تسمح العديد من هذه المواقع للشّركات بمعالجة المراجعات السيّئة وحلّها، وهي طريقة جيّدة لتحويل موقف قد يكون ضارًّا إلى موقف يؤدّي إلى حسن النية، ّوالاعتراف الإيجابيّ بالعلامة التّجاريّة، فمثلًا: شركة لولوليمون متخصّصة في اليوجا وملابس الرّياضة، وتعرف جيّدًا أهميّة آراء العملاء، لذا تتيح على موقعها الفرصة لترك تعليقات حول كلّ قطعة ملابس، فيما يتعلّق بالحجم، والملاءمة، والجودة، وسهولة الاستخدام، وعلى الرّغم من جودة ملابس لولوليمون العالية مازال بعض العملاء يشاركون بتعليقاتهم عن تجاربهم السّلبيّة على الموقع، بحيث تُبادر الشّركة بالاعتذار عن التّجربة السّلبيّة، وتعيد توجيه المستهلك غير الرّاضي إلى بريدٍ إلكترونيّ لتنقل المحادثة خارج الموقع، وهذا يتيح للشّركة إجراء تعديلات مع العميل، مع تأمّل إزالته للتّعليقات السّلبيّة إذا كان من الممكن حلّ المشكلة. يلخّص الجدول 3.8 تقنيات التّسويق الرّياديّة. تقنيّات التّسويق الرّياديّة table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } تقنية التّسويق الوصف مثال التّسويق غير التّقليدي (حرب العصابات) يهدف إلى اكتساب أقصى قدر من الظهور من خلال الأحداث غير التّقليدية. الحشود المفاجئة التّسويق عبر العلاقات يخلق ولاء العملاء من خلال التّفاعل الشّخصي. التّواصل المخصّص لكلّ فرد من العملاء. التّسويق الاستكشافيّ يسعى إلى نقل الشّركات والمنتجات القائمة إلى أسواق جديدة. المحاور التي تنشئ منتجات جديدة أو تجذب أسواقًا جديدة. التّسويق في الوقت الحقيقيّ يسعى إلى تحويل بيانات المبيعات المتوفّرة على الفور إلى إستراتيجيّات لحظيّة قابلة للتّنفيذ تستهدف المشهد المتغّير لأذواق المستهلكين واتجاهاتهم. تحليل النقرات أو "الإعجابات" وتعديل المنشورات أو العروض استجابةً لذلك. التّسويق الفيروسيّ يستخدم المحتوى الجذّاب على أمل مشاركة المشاهدين له على شبكات التّواصل الشّخصية والاجتماعيّة. العلامة التّجارية المضمّنة بتحفّظ في القصص التي يرغب المستخدمون في مشاركتها التّسويق الرّقميّ يستخدم إستراتيجيات التّسويق عبر الإنترنت . الإعلانات عبر الإنترنت، واستخدام تحسين محرّك البحث (SEO) التّسويق الشّفهيّ WOM يعتمد على رغبة العملاء الرّاضين في إخبار الآخرين بتجربتهم الإيجابيّة. مراجعات العملاء عبر الإنترنت الجدول 3.8 ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: مفهوم الإيسام الريادي وتطوير العلامة التجارية في العملية التسويقية المقال السابق: البحث في السوق والتعرف على فرصة السوق والسوق المستهدف
  13. لقد بتّ الآن تعرف مكوّنات المزيج التّسويقيّ، وبما أّنّك رائد أعمال، فأنت مطالبٌ باتّخاذ قرارات بخصوصها، إذ عليك التّشمير عن ساعديك، والبدء بإجراء بعض البحوث، وهذا البحث مشابه لما اطّلعنا عليه سابقًا في مبحث (التعرّف على الفرصة الرّياديّة)، غير أنّ ذاك البحث كان مركّزًا على ما إذا كان رائد الأعمال يمتلك ما يكفي للمضيّ قدمًا في فكرته؛ بينما هذا البحث يركّز أكثر على السّوق، ولا يتأتّى إلاّ بعدما يقرّر رائد الأعمال المضيّ قدمًا، وبدء شركته، أو إطلاق منتجه، بمعنى أنّ هذا البحث متعلّق بالمنتج، لا بجاهزيّة رائد الأعمال. سنتعرف في هذا المقال على بحوث السوق بالتفصيل، مع كيفية القيام بها، وكذا كيفية التعرف على فرص السوق والتأكد من وجودها فعلًا. بحوث السوق تعدّ بحوث السّوق مهمّةً في مراحل التّخطيط لأيّة شركة ناشئة، فأنت من دونها ستكون أشبه بأعمى سرى في حلك الدّجى، فبحث السّوق في مستواه القاعديّ عبارة عن تجميع، وتحليل المعطيات المتعلّقة بالسّوق المستهدف لتجارة ما، وهو ينطوي على كلّ شيء بدءً بمعلومات منتجات المنافسة، وصولًا إلى تحليل معطيات الفئات السّكّانيّة للعملاء المحتملين. يكمن الهدف الأساسيّ من بحث السّوق في اكتساب فهم حول متطلّبات العميل ورغباته، في محاولةٍ لكشف فرص التّجارة المحتملة، فعندما تمتلك فكرةً واضحةً عن سوقك المستهدف، وعمّا يرغب عملاؤك فيه، فبإمكانك تصميم مزيجك التّسويقيّ بكفاءةٍ عالية تناسب الفئة المستهدفة. تخيّل أنّك بصدد إنتاج خطّ منتجات تجميل عضويّة، تحمل فيتامينات وعناصر معدنيّة، كما تتميّز بسهولة الاستعمال، وسيكون سوقك المستهدف في هذا المثال النّسوة المهتمّات بمنتجات التّجميل عالية الجودة غير المضرّة بهنّ، ولا بالبيئة، ولكنّ بعد إجرائك لبحث السّوق المستغرق تكتشف بأنّ النّسوة بين سنّ الثّامنة عشر، والخامسة والأربعين يملن إلى الاهتمام بالفوائد الّتي يقدّمها خطّ الإنتاج، بينما ا لا تهتمّ لذلك النّسوة الأكبر من خمسين سنة، لذا فعلى ضوء هذه الاكتشافات، إمّا أن تعدّل فوائد خطّك ليخدم السّوق الّذي نويته من البداية، وهو كلّ النّسوة، أو تلبيّ احتياجات جمهور أصغر هو النّسوة بين 18، و45 سنة. لفهم بحث السّوق أكثر، نقترح تفصيل الحياة اليوميّة للعميل المثالي، ويمكنك فعل هذا بوصف تفصيليّ لعملاء محتملين يشترون منتجك، حيث يمكن للتّفصيل الاهتمام بفئتهم، من جنس، وعمر، ومدخول، وتعليم، وعرق، وطبقة اجتماعيّة، وموقع، ودورة حياة؛ كما تفيد المعلومات الأخرى المحيطة بنشاطاتهم، وهواياتهم، واهتماماتهم، وأساليب حياتهم؛ وكذا تصرّفاتهم من حيث عدد المرّات الّتي يستخدمون فيها منتجًا، أو كيف يشعرون تجاهه. فكلّما عرفت عميلك المثاليّ أكثر، كلّما زاد تركيزك على جذب انتباهه بالتّوفيق بين تفضيلاته وعروضك. يساعدك بحث السّوق أيضًا على فهم من يكون منافسوك، وكيف يخدمون السّوق الّذي تنوي دخوله. فكلّما عرفت أكثر عن المنافسة، كلّما كان من الأسهل تحديد، وتمييز عروضك عن عروضهم. لنخض غمار عالم المسوّقين، وكيف يجمعون كلّ هذه المعطيات، وقيمتها لروّاد الأعمال. بحث السوق الأولي ينطوي البحث الأوّليّ على جمع المعلومات الجديدة بهدف الإجابة عن سؤال محدّد، أو مجموعة أسئلة. وقد يلتهم إجراء بحثك الخاصّ الكثير من الموارد، لكنّه يُعدّ الطّريقة الأنسب للحصول على إجابات محدّدة تخصّ تجارتك ومنتجاتك، خاصّةً إذا أردت اختراق أسواق نيتش (niche) الّتي لم تُدْرَس بعد؛ كما يسمح لك أيضًا بأن تكون محدّدًا، فطرح الأسئلة الصّحيحة يمكّنك من تحديد مشاعر النّاس، وعقليّاتهم تجاه علامتك التّجاريّة، وما إذا كان يعجبهم تصميم منتجك، وما إذا كانوا يقدّرون فوائده المقترحة، وما إذا كان السّعر المقترح مناسبًا حسب رأيهم. يُظهر الشّكل 5.8 الخطوات المعتادة لإجراء بحث السّوق الأوليّ. الشكل 5.8: يعتمد بحث السّوق الأوليّ على ستّ خطوات. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 تعريف هدف البحث عليك البدء بتعريف هدف مشروعك البحثيّ، وتحديد عمّ تنوي البحث؟ هل تريد الاطّلاع أكثر على سوقك المستهدف، وتفضيلاتهم، واختيارات أساليب حياتهم، وثقافتهم؟ أم تريد الاطّلاع أكثر على منافسيك، ولماذا يتبضّع سوقك المستهدف لديهم؟ ما هي معايير التحقّق من هدف أو أهداف بحثك؟ كلّما استغرقت وقتًا أطول في توضيح أسئلة البحث، كلّما كان احتمال تحقيق أهداف هذا البحث أكبر؛ أمّا إذا لم تدرك تحديدًا ما تبحث عنه، فذاك أمرٌ اعتياديّ، إذ يمكنك الاستعانة ببحث اكتشافيّ تستخدم فيه مجموعات التّركيز لتحديد أسئلة البحث الّتي ينبغي طرحها، فمجموعة التّركيز هي جمع من النّاس، ما بين 6 و12 مشتركًا، يناقشون موضوعًا يقدّمه المنظّم الّذي عادةً ما يطرح الأسئلة، ويجمع المعطيات الكيفيّة الّتي يمكن استخدامها للإجابة عن الأسئلة، أو تحديدها أكثر. لنأخذ على سبيل المثال مصنّع قوارير مياه يرى أنّ في منتجه مشكلة، إذ تراجعت المبيعات بمرور الوقت، ومع ذلك فالشّركة لا تعرف كيف، ولا أين تبدأ تحديدًا. لهذا يستخدمون مجموعة تركيزٍ لتعريف هدف، أو مشكلة البحث، وباستخدام مجموعات البحث، قد يكتشفون تسويقهم للجزء الخطأ من السّوق، أو وجود حاجة لتصاميم قوارير أفضل، إذ يمكن للحديث إلى مجموعات التّركيز كشف أسئلة البحث المطلوبة. ميركادوتيكنيا للبحوث والاستشارات (Merkadoteknia Research and Consulting) هي شركة يملكها أمريكيّون من أصول إسبانيّة تُجري البحوث لمختلف الصّناعات الّتي تخدم العملاء إسبانيّي الأصل (من أمريكا الجنوبيّة)، حيث تساعد شركات الإطعام السّريع، وتجّار التّجزئة، وشركات الأدوية، من بين شركات أخرى على إقامة مجموعات التّركيز، وجمع المعلومات حول مجموعات محدّدة من النّاس الّذين قد يملكون خلفيات ثقافيّة مختلفة. فقد لا تعرف تلك الشّركات التي هي بحاجة للقيام بأبحاث سوق كيفيّة بدئها بأبحاثها في أسواقها المستهدفة، لهذا يستعينون بميركادوتيكنيا للبحوث والاستشارات لمعرفة المزيد عبر استخدام مجموعات التّركيز، وهذا النّهج يساعد على تحديد مشكلة، أو هدف البحث تحديدًا أدقّ. تحديد تصميم البحث الخطوة التّألية هي تحديد تقنيات البحث الّتي تساعدك بأكبر كفاءة ممكنة على الإجابة على أسئلتك، فمعرفتك لما تريد الاطّلاع عليه، وتحديد ميزانيّتك سيساعدانك على تقرير ما إذا كان البحث الكميّ، أو النّوعي هو الأنسب لاحتياجاتك، وعادةً ما تعتمد مشاريع البحث جيّدة التّصميم على تركيبة من الاثنين معًا. البحث النّوعي (Qualitative research) يستخدم تقنياتٍ مفتوحة من الملاحظة، ومجموعات التّركيز، والحوارات لفهم أسباب، وآراء، ومحفّزات العملاء، وملاحظة العملاء المحتملين ببساطة، سواء كان ذلك في محلّ، أو في نشاطاتهم اليوميّة، وتسجيل تصرّفاتهم ببساطة وفاعليّة من خلال البحث الإنتوغرافيّ (Ethnographic research) الّذي قد يساعدك على فهم أساليب حياة، وعادات العملاء المحتملين فهمًا أفضل، إذ يعتمد البحث الإنتوغرافيّ (أو البحث المعتمد على دراسة خصائص الشّعوب) على الملاحظة الشّخصية لموضوع الدّراسة، أو الانغماس في بيئته، وهذا النّوع من البحث يساعد الشّركات على رؤية كيف يستخدم النّاس منتجهم خلال اليوم. إذا كنت تصنّع على سبيل المثال قوارير المياه، واحتجت إلى تصميمٍ أفضل لقارورتك، فيمكنك مشاهدة كيفية استخدام النّاس للقوارير خلال عملهم، وتمرّنهم، وانتقالهم إلى العمل، وما إلى ذلك لفهم احتياجاتهم وعاداتهم فهمًا أفضل، فقد يكشف هذا البحث الإنتوغرافيّ احتياجات مخفيّة، أو غير معلنَة تستفيد منها في بناء فكرتك، ونعني بالاحتياجات غير المعلنَة تلك الاحتياجات المتوقّع من الشّركة إيفاءها، مثل: مستوى معيّن من الجودة، أو خدمة العملاء؛ وهذه توقّعات افتراضيّة يملكها العميل نتاج تعاملاته السّابقة مع المنتجات عمومًا. استخدام متسوّق خفيّ، أو لعب دوره بنفسك طريقة أخرى لتعلّم كيف يتصرّف العملاء، والموظّفون في جوّ محدّد من البيع بالتّجزئة، فالمتسوّق الخفيّ أو السريّ هو شخصٌ توظّفه الشّركة، أو طرف ثالث، ليلعب دور متسوّقٍ حقيقيّ، يكون هدفه اختبار جوانب محدّدة من العمل التّجاري، مثل: ابتياع منتج، أو تصفّح المنتجات وطرح أسئلة على موظّف، أو التّفاعل مع العملاء الآخرين، أو ببساطة ملاحظته لما يحصل داخل المحلّ. ثمّ تقديمه لتعليقاته إلى الشّركة. قد تكون مجموعات التّركيز، وحوارات واحد إلى واحد مفيدةً في الحصول على إجابات أكثر تحريكًا للفكر، واكتشاف مواضيع قابلة للنّقاش، فكلاهما طريقة ممتازة للحفر أعمق في دوافع النّاس، ومصادر قلقهم، خاصّةً عندما تتعلقّ باعتقادات شخصيّة، إذ يعدّ هذا البحث مفيدًا عند محاولة تطويل منتج عصريّ، لكنّ هنا عليك بذل أقصى جهودك لتلافي تحيّز الدّعم، بحيث يميل المتناقشون إلى الإعجاب بالأفكار الجديدة لإرضاء، أو موافقة المنظّم، ومن المهمّ في حوارات الواحد إلى واحد تطوير حوار، أو دليل نقاش مفصّل، حتّى يتمكّن أعضاء الفريق الآخرون من إجراء الحوارات، وبفعلك لهذا ستضمن نهجًا مستقرًّا من طرح الأسئلة المهمّة، وتسجيل الإجابات للمساعدة على توجيه الخطوة القادمة من تطوير منتجك. يركّز البحث الكميّ (Quantitative research) على توليد المعطيات الرّقمية الّتي يمكن تحويلها إلى إحصائيّات قابلة للاستخدام. هذا النّوع من البحث يأخذ عادةً شكل استقصاءات، واستبيانات تطرح أسئلةً متعدّدة الاختيارات مع إجابات سالفة التّحديد، بينما لا تسمح هذه الاستقصاءات بالكثير من حريّة التّعبير للمشارك، فطبيعة الإجابات المركّزة تعني قدرة المسوّقين التعرّف على التوجّهات، مثل: مواقع التّواصل الاجتماعيّ المفضّلة لدى العملاء، أو العملاء المحتملين، فعلى سبيل المثال، قد يجد الباحث أنّ إنستغرام هو تطبيق التّواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا بفضل سهولة استعماله، وقدرته على تحفيز التّفاعل العاطفيّ مع الصّور؛ كما قد تكون أسئلة الاستقصاء من مثيل: "كم مرّةً زرت محلّ الزّاوية هذا الأسبوع؟" أو "ما هو مجال فئتك العمريّة؟"، فهذا النّوع من المقاربة يعدّ طريقةً فعّالةً في جمع الكثير من المعطيات، نظرًا لكون الاستقصاء كتابيّا يجعله قابلًا للتّوزيع إمّا وجهًا لوجه، أو عبر الإنترنت إلى أكبر عدد تريده من المشاركين. وفي العادة كلّما زاد عدد المجيبين، كلّما زادت دقّة المعطيات الّتي تصوّر الفئة الّتي تفحصها. توجد طريقة أخرى لتوليد النّتائج الكميّة هي البحث السّببي (Causal research)، والتّسويق الاختباريّ، وفي كلتا الحالتين، تقدّم إلى المشاركين سببًا، وتسجيلًا لأثره، ومن أمثلته اختبار تذوّق، تسجّل فيه ردود فعل، وتفضيلات المشاركين لأذواق عصير مختلفة. فبالنّظر إلى الموارد المحدودة للكثير من الشّركات النّاشئة، يعدّ التّسويق الاختباريّ طريقةً ممتازةً للتّأكّد من عمل منتجك قبل بدء الاستثمار في توزيعه. وفي طريقة أخرى أكثر تطوّرًا، وتكلفةً، ما يعرف بالتّحليل الموحّد (Conjoint Analysis)، أين يُطلب من المشاركين ترتيب، أو اختيار، أو تقييم عدد المزايا، أو الفوائد الموحّدة، أو المرتبطة. هذه المقاربة الواقعيّة ستعطيك نتائج مفيدةً جدًّا من مشترين محتملين، حول المزايا، أو الفوائد، مرتّبةً حسب القيمة، أو الأهميّة. لنقل على سبيل المثال أنّ شركتك تحاول إنتاج قارورة مياه قابلة لإعادة الاستعمال للمنافسة في سوق مكتظّ، وإذا استخدمت التّحليل الموحّد، فستُنشئ استقصاءً يرتّب خصائص قارورة الماء، وأسعارها، لإعطاء المستهلكين خيارات مختلفة، حيث يمكن تقديم قوارير متشابهة للعملاء، تحوي كلّ منها على خصائص ترغب الشّركة في اختبارها، مثل: غطاء مُقفل لئلّا ينسكب الماء، أشكال مختلفة للقارورة لتسهيل حملها والوصول إلى الماء، وبألوان وأحجام مختلفة؛ بحيث قد يكون لكلّ اختيار سعره الخاصّ، ويمكن للعميل اختيار، أو ترتيب، أو تقييم كلّ منها بناءً على خصائصها، وأسعارها، ويمكن وصف كلّ اختيار في الاستقصاء إمّا بالكلمات، أو الصّور، كما يمكن مطالبة العملاء باختيار ما يفضّلونه، أو ترتيب جميع الخيارات. وبعد جمع المعلومات، والبيانات من العديد من المستهلكين، يعمد الباحثون إلى التّحليل الإحصائيّ عبر تطبيق الانحدار الخطيّ -وهي أداة تنبّؤيّة تقيس السّببيّة لمتغيّر تسويقيّ على آخر-، أو تقنيّات أخرى لتحديد سمات القارورة الأهمّ للعملاء، والسّعر الّذي هم على استعداد لدفعه، وبناءً على هذه الاكتشافات، تنشئ الشّركة منتجًا يمكنه التغلّب على المنافسة. اختيار العينة يحتاج الباحثون بعد ذلك إلى تحديد طريقة أخذ العينات، وتشير لفظة العيّنة في مجال البحث إلى الأشخاص الّذين ستستقصيهم، وعددهم، إذ غالبًا ما تحتاج إلى عيّنة تعكس السّوق المستهدف، خاصةً إذا كنت تحاول معرفة اهتمامات عميلك المثاليّ، وكيفيّة حمله على شراء منتجك، فقد تكون العينات غير المستهدفة مفيدةً عند محاولة معرفة السّوق المستهدف، إلّا أنّها ليست طريقة فعّالة للتعرّف على عميلك المثاليّ. عموماً، توفر العيّنات الأكبر حجمًا بياناتٍ أكثر دقّة، ومع ذلك فهذا لا يعني الحاجة إلى استقصاء كل فرد في السّوق فعلى سبيل المثال، إذا كانت لديك قائمة تضمّ 5000 جهة اتصال، فقد تختار الاتصال بـ 500 شخص يمثّلون مجموعة جهات الاتّصال الإجماليّة، فقد يكون إجراء استقصاء جميع السّكان مستهلكًا للوقت، ومكلفًا، لذا فاختيار مجموعة فرعية من الأشخاص المناسبين قد يؤدّي إلى نتائج جيّدة، ويجب أن تكون العيّنة كبيرةً بما يكفي لتكون ذات دلالة إحصائيّة، مما يعني أنّ العلاقة بين المتغيّرات ليست نتيجة للصدّفة. إذ يمكن للعيّنة بعد ذلك إظهار تصويرٍ دقيقٍ للباحث حول ظاهرةٍ معيّنة. على سبيل المثال، يمكنك اختبار ما إذا كان لدى الرجال، والنساء أذواق مختلفة، أو متشابهة في خصائص قارورة الماء، ففي هذه الحالة، تكمن الأهميّة في جنس العميل المحتمل، فإذا كانت عيّنتك كبيرةً بما يكفي (لنقل 500 من 5000)، ووجدت أنّ الرّجال يبحثون عن سماتٍ مختلفة عن تلك التي تبحث عنها النساء، فمن غير المرجّح أنّ تكون الاختلافات قد جاءت بالصّدفة. بل لابدّ أن يكون سببها هو نوع الجنس. لذلك، ضع في حسبانك أنّ أخطاء الموثوقيّة، والصلاحيّة قد تنشأ إذا لم تختر عيّنتك بعناية، وعليه فالأهميّة الإحصائيّة تعدّ مهمّةً في قياس الموثوقيّة، إذ تبيّن وجود فرق فعليّ فيما يتمّ قياسه، وإذا كان هناك اختلاف بين استجابات الرّجال والنساء في مثال قارورة الماء، فالتحقق من الأهميّة سيحدّد ما إذا كانت الاختلافات مهمّةً حقًّا، أم أنّها ناتجة عن الصّدفة، وتقاس الأهمّية من خلال النّظر إلى القيمة الاحتماليّة، أو القيمة الاحتماليّة للنّتيجة، فإذا كانت 5% أو أقل، فعادةً ما يُعتبر فرقًا مهمًّا لا يرجع إلى الصّدفة، ويمكن للباحث تقرير أنّ الإجابات مختلفة بالفعل بين الجنسين. من ناحية أخرى، تعني الصّلاحية وجود صلة وثيقة بين العنصر الّذي يجري قياسه والبحث، ما يعني إجابة الأسئلة المطروحة فعليًّا على هدفك البحثيّ. بينما قد تكون العيّنات العشوائيّة مفيدةً لبعض أنواع المشاريع البحثيّة، إذ يختار العديد من الباحثين عمدًا المشاركين في العيّنة بناءً على عوامل اقتصاديةّ، وإثنوغرافيةّ، للتأكّد من قدرتها على عكس طبيعة التّركيبة السكّانية الّتي يسعون إلى فهمها بدقّة. جمع البيانات بمجرد تحديد أهدافك البحثيّة، واختيار تصميمك البحثيّ، وتحديد عيّنتك، فأنت على استعداد لبدء جمع البيانات، ويمكن ذلك من خلال المعاينة، وتدوين الملاحظات، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تحاول معرفة ما إذا كان تخطيط متجرك يحقِّق أكبر قدرٍ ممكنٍ من المبيعات، فيمكنك مراقبة تدفّق حركة المرور، وملاحظة ما ينظر إليه الأشخاص وما يشترونه فعلًا، بعد ذلك، يمكنك تغيير تصميم البضائع، أو حجم الممر، أو المساحة، لمعرفة ما إذا كان الأشخاص يتعرّفون على سلع أخرى لم يروها من قبل، وبناءً على ملاحظاتك، وبيانات المبيعات، يمكنك تحديد أفضل تصميم لأرضيّة متجرك. قد تساعد الحوارات أيضًا في تأمين إجابات مفتوحة، إذ يمكنك إجراء مقابلة مع العملاء المحتملين حول ما يعتقدونه أفضل طريقةٍ للتّواصل معهم، وما يعجبهم في منتجات منافسين مُعيّنين، حيث قد يساعدك هذا في الحصول على خيارات إضافيّة ربما لم تفكر في إضافتها إلى استقصاء، وهي طريقة أخرى للحصول على بيانات مجمّعة. يمكن إجراء الاستقصاءات يدويًّا، أو من خلال أدوات عبر الإنترنت، مثل: سورفاي مانكي (Survey Monkey)، أو كالتريكس (Qualtrics)، وتعدّ الاستقصاءات مفيدةً للغاية نظرًا لقدرتك على طرح أسئلة على العملاء الحاليّين، أو المحتملين حول منتجك، ومنتجات المنافسين، وخدمة العملاء، وأيّ معلومات أخرى قد تسعى إليها لإنشاء عملك، أو تحسينه، فهي طريقة سهلة لجمع كميّات كبيرة من البيانات من العديد من العملاء، كما تسمح لك بحساب الردود. وتعدّ الأدوات عبر الإنترنت مفيدةً خاصّةً في توفير مستودعات البيانات التي يمكن تصديرها لاحقًا إلى أدوات تحليلية أخرى مثل: إيكسل، أو أس بي أس أس (SPSS). بغضّ النّظر عن تقنيّة البحث الّتي تستخدمها، احذر من أخطاء جمع البيانات، فقد يؤدّي تسجيل الإجابات الخاطئة، أو الإخفاق في نقل التّعليمات الصّحيحة للمشاركين، أو الاضطرار إلى التّرجمة بسرعة، إلى خلق تحيّزات تؤدّي إلى تحريف الإجابات، وتعطيك نتائجًا غير دقيقة. تحليل البيانات بمجرد جمع بياناتك، فالخطوة التّالية هي فهمها. حيث تعتمد كيفيّة تحليل البيانات إلى حدّ كبير على ما تريد الوصول إليه، ففي العادة، سوف تبحث عن الأنماط، والتوجّهات بين الإجابات، ويعدّ تحليل البيانات مجالًا بحدّ ذاته، وعندما يتطلب الأمر تحليلًا معقّدًا، فطلب مساعدة الخبراء غالبًا ما يستحقّ التّكلفة الإضافيّة، ويمكنك العثور على خبراءٍ في شركات التّسويق البحثيّ المتخصّصة في جمع البيانات وتحليلها للشركات، مثل ميركادوتيكنيا للبحوث والاستشارات، ويمكن العثور عليها عبر الإنترنت، أو من خلال منظّمات الأعمال المحليّة، مثل الغرف التّجاريّة. النتائج والخطوات التالية في هذه المرحلة، يسعى رائد الأعمال إلى التّوفيق بين نتائج اختباراته وأهداف بحثه، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تجري بحثًا استكشافيًا حول منتج محتمل تريد طرحه في السّوق، فقد حان الوقت الآن لطرح أسئلة، مثل: ما إذا كان البحث يشير إلى إمكانات السوق. وبالمثل، إذا كان الهدف هو معرفة ما يحبّه العملاء في المنتجات المنافسة، فقد حان الوقت الآن لكتابة هذه النّتائج، وتحديد ما إذا كانت تستحقّ دمجها في منتجك من عدمه. ومن المهمّ انفتاحك على ما تقوله البيانات، حتّى لو كانت تشير إلى نتائج تتعارض مع ما كنت تأمل فيه، إذ يعدّ البحث فرصةً للنّموّ، وخارطة طريق لتحسين فكرتك. بحث السوق الثانوي البحث الثّانويّ هو البحث الّذي يستخدم البيانات المتوفّرة الّتي جمعها كيان آخر، ففي كثير من الأحيان، تُجمع هذه البيانات من قبل الوكالات الحكوميّة للإجابة على مجموعةٍ واسعة من الأسئلة، أو القضايا المشتركة بين العديد من المنّظمات والأفراد، وغالبًا ما يجيب البحث الثّانويّ على أسئلةٍ أكثر عموميّة قد تكون لدى رائد الأعمال، مثل: المعلومات السّكانية، أو متوسّط المشتريات، أو التوجّهات؛ وإذا كان هناك سؤال محدّد لا يمكن الإجابة عليه، مثل: عدد الأشخاص الّذين سيهتمّون بمنتج جديد بخصائص معيّنة، فيجب على البحث الأوليّ الإجابة على ذلك. وتعدّ بعض هذه الأبحاث الثّانوية معروضةً للبيع، لكنّ أكثرها مجّانيّة للجمهور، كما تعدّ خيارًا جيّدًا لروّاد الأعمال ذوي الموارد الماليّة المحدودة. وبالنّسبة للموارد المفيدة الأخرى، فهي المنظّمات التّجاريّة الّتي توفّر معلوماتٍ حول صناعاتٍ معيّنة، وكذلك الصّحف، والمجلّات، والجرائد، وغرف التّجارة، والمنظّمات الأخرى الّتي تجمع المعطيات المحليّة، والولائيّة، والوطنيّة، والدّوليّة. إذ يمكن لموارد مثل هذه توفير معلومات حول كلّ شيء، بدءً من حجم السكّان، إلى التّركيبة السكانيّة للمجتمع، وعادات الإنفاق. في النّهاية، لا توجد طريقة مثاليّة لإجراء البحث، فكلّ هذا يتوقف على ما تحاول اكتشافه، وعلى أفضل نهجٍ للقيام بذلك، فإذا كنت قد بدأت للتوّ، فقد ترغب في زيادة البحث الثّانويّ إلى أقصى حدّ لأنه مجانيّ، كما يمكنك أيضًا تجربة جمع البيانات الأساسيّة من خلال التحدّث إلى الأصدقاء، والعائلة، والآخرين الذين تصادفهم في مجتمعاتك المحليّة، وعبر الإنترنت، فإذا كنت تعمل في إحدى الجامعات، فمن المحتمل تمكّنك من الوصول إلى تقارير أبحاث السّوق المجّانية. التعرف على فرص السوق والتحقق منها أحد الأهداف المشتركة لأبحاث السّوق هو تحديد فرصة السّوق، أو الحاجة غير الملبّاة ضمن فئة ديموغرافيّة مستهدفة، ويمكن تحقيقها من خلال منتج حاليّ، أو جديد. حيث يُعدّ البحث عن الفجوات، أو الاحتياجات غير الملباة داخل السّوق، أحد طرائق تحديد فرص السّوق لكلٍّ من السّلع والخدمات، وبالنّسبة للمنتجات الجديدة، يستلزم ذلك النّظر في احتياجات مجموعة سكّانيّة، والتعرّف على غير الملبّى منها، ثمّ تحديد نوع المنتج الّذي قد يفي بها. وبالمثل، يمكنك تحديد المشاكل المشتركة المحليّة، أو الوطنيّة، أو العالميّة من خلال الملاحظة، والتّفاعل المباشر مع العملاء المحتملين، ومحاولة إنشاء خدماتٍ تحلّ تلك المشاكل، فالتّغييرات الاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والتّكنولوجيّة، والتّنظيميّة لديها جميعًا القدرة على خلق فرص فٍي السّوق. عندما رأى المخترع ديفيد دودجن المعاناة التي خلّفها إعصار كاترينا وراءه، تراءت له حاجة غير ملبّاة. إذ أدرك أنّه عندما تضرب الأعاصير، أو غيرها من الأحداث الكارثيّة، فقد تلوّث إمدادات المياه في المنطقة المنكوبة. كما قد تمنع الوصول إلى المياه النّظيفة. ونتيجة لذلك، ابتكر آكوابودكيت (AquaPodkit)، وهي حاوية بلاستيكيّة يمكنها تخزين المياه العذبة مؤقّتًا لأسابيع في كلّ مرة تحدث فيها حالة الطّوارئ، بحيث توصي الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ (The Federal Emergency Management Agency) (أو اختصارا FEMA) بملء الناس أحواضَ استحمامهم إذا شعروا باحتمال نندرة المياه، لكن في كثيرٍ من الأحيان، قد تكون الأحواض متّسخة، وقد لا يملك النّاس الوقت لتنظيفها. وبوضع هذا في الحسبان، طوّر دودجن بطانةً بلاستيكيّة توضع في حوض الاستحمام، وتملأ الماء، كما تعدّ آمنةً للشّرب، مع وجود مضخّة تساعد على إغلاق وفتح البلاستيك عند الحاجة إلى الماء، كما تستوعب قرابة 400 لتر من المياه العذبة في الحوض، وقد أثبتت نجاحها. كما عُرضت أيضا في: سي أن بي سي(CNBC)، ورائد الأعمال (Entrepreneur)، ونيويورك تايمز (New York Times). لا يمكن أحيانًا اكتشاف الحاجات غير الملبّاة مباشرةً، ومع ذلك تتمثّل إحدى طرائق فهم فرص السّوق بطريقة أفضل في إجراء تحليل للسّوق، وهو تحليل الاهتمام العامّ بالمنتج، أو الخدمة داخل الصّناعة، من خلال السّوق المستهدف لتحديد مدى صلاحيّتها، وإمكانات الرّبح منها، فالتّحقق هو التأكّد من وجود طلب على منتج معيّن في السّوق المستهدفة، ويمكن القيام بذلك عن طريق إجراء مقابلات، أو استقصاءات رسميّة، أو غير رسميّة مع العملاء المحتملين لجمع ملاحظاتهم، وتعدّ شركة دروب بوكس (Dropbox) مثالًا عن شركةٍ أجرت التّحقّق مرارًا وتكرارًا حتّى أنشأت منتجًا يمكنه العمل مع الجمهور العادي. بالإضافة إلى تحديد المنافسة وتحديد إمكانات النّمو والرّبح، فتحليل السّوق الجيّد سيحدّد إجمالي السّوق المتاح (TAM) لمنتج معين، وهو إجمالي الطّلب المتصوّر لمنتج، أو خدمة داخل السّوق. كما يحدّد أيضًا السّوق المتاح للخدمة (SAM)، وهو جزء من السّوق يمكن لشركتك خدمته بناءً على منتجاتك، وخدماتك، وموقعك. (الشّكل 6.8) الشّكل 6.8: على روّاد الأعمال الترّكيز على السوّق المستهدف داخل السّوق الإجماليّ TAM، والسّوق المتاح للخدمة SAM. وتخصيص الموارد لجذب العملاء اّلذين يمكن إرضاؤهم من خلال عرض القيمة. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 لحساب هذا، دعنا ننتقل إلى مثال قارورة الماء. ولنفترض محاولتك لمعرفة ما يعتمد عليه السّوق المستهدف بناءً على هذا المفهوم، ولحساب TAM، يجب النّظر إلى الصّناعة بأكملها وتحديد إجماليّ عدد العملاء المتاحين لقارورات المياه، أو إجماليّ الإيرادات المتاحة، وللعثور على الرّقم، يمكنك البحث عن أرقام الصّناعة للفئة في قواعد البيانات المذكورة سابقًا، أو أيّ بياناتٍ أخرى متاحة من خلال البنك الدّوليّ، أو كتاب الحقائق العالميّ، لمعرفة العدد المحتمل للعملاء أو الإيرادات، ويسمّى هذا المنهج من أعلى إلى أسفل، حيث تبحث في عوامل الاقتصاد الكلّي لتحديد إمكانات الصّناعة. هناك طريقة أخرى لحساب TAM تتمثّل في استخدام المنهج العاكس، من أسفل إلى أعلى، والّذي يتضمّن حساب أحجام السّوق المحليّة، ومعرفة عدد العملاء المنافسين، فبعد جمع هذه المعلومات، تضيف جميع الأسواق المحليّة، وتضربها في متوسّط المبلغ الّذي تنفقه على المنتج سنويًا. ونظرًا لكون شركتك لا تستطيع خدمة جميع الأسواق، فالخطوة التّالية هي اكتشاف السّوق المتاح للخدمة SAM، حيث يمكنك تقدير عدد العملاء الّذين يمكنك خدمتهم، عن طريق تقسيم السّوق إلى أولئك الذين يمكنك خدمتهم نظرًا لخصائص منتجك، والعوامل الجغرافية، والدّيموغرافية، والثّقافية، من بين أمور أخرى. أخيرًا، بالنّظر إلى قيود الشّركة وقوّة المنافسة، ستحدّد السّوق المستهدف المركّز لتجنّب إهدار تسويق الموارد القيّمة إلى أشخاص لا يهتمّون عموماً بشراء منتجك. بصفتك رائد أعمال، فأنت تريد تقسيم السّوق، ومعرفة ما إذا كان هناك مجموعات محتملة من الأشخاص الّذين يمكنك خدمتهم، إذ سيساعدك التّقسيم، والاستهداف، وخلق المكانة (Segmenting, Targetrin, and Positioning) أو اختصارًا STP) على معرفة من هو أفضل عميل لديك، كما سيسمح لك بتخصيص مواردك حتّى تتمكّن من خدمة هذا العميل بفعاليّةٍ أكثر. فأمّا التّقسيم (Segmenting) فيعني تفصيلك لإجماليّ السكّان عن طريق مجموعات متجانسة من الأشخاص الّذين لديهم أذواق، وخلفيّات، وأنماط حياة، وديموغرافيات، بل وثقافة متشابهة؛ كما يمكنك التّقسيم وفقًا لمعايير، مثل: الفئات العمريّة، أو الجنس، أو العرق، أو مجال العمل، أو الأرباح، أو الأنشطة، وهناك العديد من الطّرائق لفصل هذه المجموعات لاختيار المجموعة المناسبة لعملك. الخطوة التّالية هي الاستهداف (Targeting)، وهنا تختار سوقًا مستهدفًا بناءً على قدرتهم، واستعدادهم للشّراء، وكما ذكرنا سابقًا، يعمل السّوق المستهدف على تحديد أيّ مجموعة من إجماليّ السّوق ستخدِمها، وكيف ستتموقع لتميّز شركتك، أو منتجك عن منافسيك. ويأتي ثالثًا خلق المكانة (Positioning) (مقترح القيمة) وهو بيان حول كيفيّة تلقّي العميل لشركتك، أو سلعتك، أو خدمتك، فمودكلوث (Modcloth) على سبيل المثال تاجر تجزئة مستقل على الإنترنت، يبيع الملابس القديمة، أو الّتي تبدو قديمة، والعصريّة، والممتعة، والّتي تروق العملاء من مختلف أنحاء العالم ممّن يرغبون في الظّهور بمظهر أنيق. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: أدوات وتقنيات التسويق التي يتبعها رواد الأعمال المقال السابق: التسويق والمزيج التسويقي لتوضيح رؤيتك ومهمتك وأهدافك
  14. غالبًا ما يعني كونك رائد أعمال ناجحًا قدرتك على الموازنة بين مختلف جوانب العمل التّجاري، من تمويل، ومحاسبة، وإدارة. ومن بين أهمّ هاته الجوانب: التّسويق، فأنّى لمنتجٍ جديدٍ النّجاح ما لم يسمع عنه أحد؟ ووفقًا لإحصاءٍ قامت به شركة البحوث التّسويقيّة سي بي إنسايتس (CB Insights) شمل 110 شركة فاشلة، تبين أنّ 14 شركة منها فشلت بسبب التّسويق السيّء، إذ يعدّ التّسويق لفظًا شاملًا يغطّي النّشاطات الّتي تستخدمها الشّركات للتعرّف على العملاء، وتحويلهم إلى مشترين بغرض تحقيق الرّبح، وبغضّ النّظر عن حجم المنظّمة، يؤسّس التّسويق القاعدة الّتي تصل بها الشّركة إلى عملائها المستهدفين وتخدمهم، سواء كانت تلك الشّركة علامةً تجاريّةً عالميّة، أو شركة صغيرة إلى متوسّطة الحجم، أو مطعمًا صغيرًا، أو صالة رياضة محليّة. ويشير التّسويق إلى الإستراتيجيّات الأساسيّة الّتي تستخدمها الشّركات لبلوغ عملائها والبيع لهم، وكما يمكن التّوقع، تختلف طريقة تسويق روّاد الأعمال لمنتجاتهم، عن طريقة الشّركات الكبرى في تسويق علامةٍ معروفة. سنعرض في هذا المقال أهم المفاهيم في مجال التسويق سواء التقليدي أو الريادي، لنشرح أخيرًا المكونات التي يحتاج التسويق للمزج بينها بالطريقة المثلى، حتى يصل المنتج أو الخدمة إلى الغاية المطلوبة. التسويق التقليدي يميل التّسويق التّقليدي للشّركات الكبرى، مثل: كوكا كولا، وديزني، وديل إلى التّركيز على إدارة، وتطوير البرامج، والعلامات المتوفّرة سلفًا. تتمتّع هذه الشّركات بموارد كبيرة، مثل: الدّعم الماليّ الهامّ، وعددٍ كبيرٍ من محترفي التّسويق لتوجيه جهود الشّركة؛ أمّا الشّركات صغيرة إلى متوسّطة الحجم (تلك الّتي توظّف أقلّ من 500 شخص، وأقلّ من 7.5 مليون دولار في فواتيرها السّنويّة، حسب ما تعرّفها SBA إدارة الأعمال الصّغيرة) فيكون تسويقها مختلفًا لمحدوديّة التّمويل، كما يكون رائد الأعمال عادةً هو المسؤول الوحيد عن جهود التّسويق؛ أمّا إذا امتلكت هذه الشّركات المال الكافي، فيمكنها استخدام وكالات تسويق صغيرة على أساس عمولةٍ عن كلّ مشروع. وكما تعلّمت في الباب السّابق، فعادةً ما تكون موارد الشّركات النّاشئة الصّغيرة محدودة، ولهذا تحتاج إلى زيادتها عبر الإبداع، والعمل المجهِد، وبينما تَخلق محدوديّة الموارد تحدّياتٍ واضحة، فكون الشّركة صغيرة له مميّزاته أيضًا، فذلك يسمح على سبيل المثال بمرونة أكبر، وإبداع أكثر مقارنة بالمنافسة الثّابتة، وهذه الصّفات قد تسمح للشّركات الجديدة بخلخلة الصّناعات، والغدوّ لاعبين مهمّين في الميدان بتوظيف ممارسات التّسويق الرّياديّ. التسويق الريادي التسويق الريادي في مستواه الأساسيّ هو عبارة عن مجموعة من الممارسات غير المعتادة الّتي قد تساعد الشّركات النّاشئة، والوكالات الصّغيرة على البزوغ، وامتلاك ميزة في أسواق التّنافس، والفرق الرّئيس بين هذه الممارسات وبين المقاربات التّقليديّة هو أنّ التسويق الريادي يميل إلى التّركيز على إرضاء العميل، وبناء الثّقة بتوفير منتجات مبتكرة، وخدمات مخرّبة، أو جذب سوق خاصّ. ويوفّر الجدول 1.8 نظرةً عامّةً حول الفروق بين التّسويق التّقليدي، ونظيره الرّياديّ. التسويق التقليدي مقابل التسويق الريادي table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } التّسويق التّقليدي التّسويق الرّيادي كمّ أكبر من الموارد. موارد قليلة إلى منعدمة، يقدّم فيها المؤسّس جهوده (مساهمة بالجهد والعمل Sweat Equity). إدارة علامة متأصّلة، وإشهار تذكيريّ. ضرورة البراعة، والحيويّة، والاستمرار في تطوير القصّة والعلامة التّجاريّة، وهذا يقود إلى الثّقة. أهداف نقديّة، وحصص السّوق. أهدافه الرّضا والوعي. إدارة عملاء موجودين. اجتذاب العملاء الأوائل، وتطوير قاعدة زبائن وعلاقات طويلة الأمد. إدارة 7 أشياء موجودة تبدأ كلّها بحرف الـ p، وتسمّى The 7 Ps:ّ منتجات Products / ترويج Promotion / تسعير Pricing / تموضع Placement / أناس People / محيط فيزيائي Physical environment / عمليّة Process. تطوير منتجات جديدة، ونقاط تسعير، وقنوات (تموضع)، وتواصل، وعمليّة، وتدريب، وتصميم. مواصلة فعل ما ينجح. التّجربة والخطأ، والإطلاقات التّجريبيّة في السّوق. التّواصل مع العملاء قياسيّ، وباتّجاه واحد. ممّا يصعّب فرص خلق علاقات واحد لواحد. التّواصل مع العملاء أكثر انسيابيّة وعفويّة، والعلاقات المنشأة عبره ثنائيّة الاتّجاه. الجدول 1.8 كما يوضّح الجدول أعلاه، يؤكّد التّسويق الرّيادي على المرونة والابتكار كوسيلة للمطالبة بأحقيّة داخل الأسواق التّنافسية. على سبيل المثال، ضع في حسبانك كيف استخدمت آلي ويب (Alli Webb)، مؤسِّسة درايبار (Drybar) فهمها لاحتياجات السّوق لإنشاء مكانة مناسبة في صناعة تصفيف الشّعر التّقليديّة، حيث قضت ويب مصفّفة الشّعر خمس سنوات ربّة منزل، تصفّف شعر الأصدقاء، والعائلة في منازلهم لتجمع بعضًا من المال، وقد أدركت خلال هذا الوقت وجود حاجة في السّوق لتجفيف الشّعر وحده، أو تجفيف وتصفيف الشّعر باحترافيّة. نظرًا لهذه الحاجة، طوّرت ويب نموذجًا تجاريًا من شأنه توفير طريقة للمرأة للحصول على تصفيف شعرٍ دون الحاجة إلى قصّ أو تلوين، حيث لم تخترع ويب تصفيف الشّعر، بل أعادت ابتكار مكان القيام بذلك، ومع تركيزها على هذا الجانب الوحيد من التّصفيف، وتقديم الخدمة في أماكن عصريّة (الشّكل 2.8)، تمكّنت دراي بار بفضل مرونتها، وابتكارها مساحةً جديدةً لتقديم الخدمة من نحت مجالٍ جديد في صناعة تصفيف الشّعر، ولا تزال تتوسّع الخدمة منذ 2008، إذ افتتحت 20 محلًّا آخر لتقديم خدماتها بحلول 2019، كما بلغ عدد محلاّتهم 144محلًّا في سنة 2020. الشكل 2.8: يمكن للأفكار الابتكاريّة البسيطة نحت مجالات سوقٍ جديدة لم تُخدم من قبل. نمت دراي بار إلى 144 موقعًا عبر الولايات المتّحدة الأمريكيّة. حفظ الحقوق: صورة رالف وجيني فليكر، تحت ترخيص CC BY 2.0 مزيج التسويق أحد أكبر المفاهيم الخاطئة لدى النّاس حول التّسويق هو أنّ الأمر كلّه يتعلق بالترويج، أو كيف تبيع الشركة، أو تعلن عن شيءٍ ما، غير أنّ الحقيقة تكمن في كون التّرويج مجرّد جانبٍ واحدٍ من مزيج التّسويق، وهو المجموعة الأساسيّة من الإستراتيجيّات، والنّهج الّتي يستخدمها المسوّقون لتحديد السّوق المستهدف، والوصول إليه. والسّوق المستهدف هو مجموعة المستهلكين المحدّدة الّتي تسعى الشركة إلى تقديم سلعة، أو خدمة لها. تتمثل إحدى الطّرق الشّائعة لفهم، وتذّكر مكوّنات المزيج التّسويقي للمنتجات والخدمات، في حفظ "حروف P السّبعة"، أو The 7 Ps، بينما قد يكون كل منها جزءًا من المزيج التّسويقي للشّركة، فالعناصر الأربعة الأولى تتعلّق أكثر بالمنتجات: المنتج Product. التّسعير Pricing. التّرويج Promotion. التّموضع Placement. وتسمّى عادةً "حروف P الأربعة في التّسويق" أو The 4 Ps of marketing؛ أمّا الثّلاثة الباقية، فترتبط أكثر بالخدمات: المحيط الفيزيائيّ (Physical environment). العمليّة (Process). النّاس (People). وبينما تبقى هذه العناصر السّبعة ثابتةً في كلّ النّشاطات التّجاريّة، إلّا أنّ كيفيّة تعامل كلّ شركة مع كلّ عنصر تتغيّر حسب حاجاتها، وأهدافها. لفهم المزيج التّسويقي بشكل أفضل، أُنظر إلى كيفيّة تقسيم الشّكل 3.8 للعناصر السّبعة إلى الأنشطة ذات الصّلة. الشّكل 3.8: ينبغي أن يعمل كلّ عنصر مع البقيّة لإنشاء القيمة للنّشاط وعملائه، وترتبط عناصر المنتج، والتّرويج، والسّعر، والمكان بالسّلع؛ أمّا النّاس، والمحيط، والعمليّة فترتبط أكثر بالخدمات. حفظ الحقوق: صورة مرخّصة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 المنتج ضمن المزيج التّسويقي، يشير المنتج إلى سلعة، أو خدمة تخلق قيمةً من خلال تلبية حاجة، أو رغبة العميل، فالبضائع عبارة عن منتجات ملموسة يمكن لمسها، وشمها، وسماعها، ورؤيتها، مثل: زوج من أحذية التنس، أو شريط جرانولا، أو زجاجة شامبو. في المقابل، الخدمات هي منتجات غير ملموسة، وهي ما تدفع فيه أموالًا لخبيرٍ للقيام بشيء من أجلك، مثل: إصلاح السيارة، أو تنظيف المنزل. يمكن للشّركات تجميع كلّ من السّلع، والخدمات معًا لخلق قيمة إضافية لعملائها. على سبيل المثال، يوفر بيرتش بوكس (Birchbox) السلع (عينات المنتجات)، والخدمات (توصيات المنتجات المخصصة) لتلبية رغبة عملائهم في أن يكونوا قادرين على شراء منتجات التّجميل بطريقة خالية من المتاعب، حيث تعتمد القيمة التّي يوفّرها بيرتش بوكس للعملاء على قدرتهم على القيام بالأمرين معًا. وفيي الولايات المتّحدة، تلعب الشّركات الخدميّة بشكلٍ متزايد دورًا أكبر في الاقتصاد المحليّ والوطنيّ. بالنّسبة للشّركات النّاشئة، يعدّ تحديد قيمة المنتجات التي سيقدّمونها خطوةً مهمةً نحو تحديد ميزتها التّنافسية داخل السّوق. فإذا كنت لا تعرف الفائدة التي يوفّرها منتجك، أو الحاجة الّتي يلبّيها، فلن يعرف ذلك عملاؤك أيضًا. عرف كيفن بلانك، مؤسّس شركة آندر آرمور (Under Armor)، أنّ قيمة منتجه ستفيد العديد من الرّياضيّين الذين سئموا من الاضطرار إلى تغيير ملابسهم الرياضية المبلّلة باستمرار، وبصفته كان لاعب كرة قدم سابقًا، أمضى ساعات طويلة في التدريب وتحمل ممارسات مبللة، وتساءل كيف يمكنه تخفيف هذه المشكلة التي لم تعالجها الشركات جيدًا باستخدام الملابس الرياضية القطنية، فبعد تخرجه من الكلّية، قرّر الانتقال بفكرته إلى المستوى التّالي، وأنشأ شركةً تصنع الملابس الرّياضية التي تحتوي على أليافٍ دقيقةٍ خاصّة تحافظ على جفاف الرياضيّين خلال التّدريبات والألعاب، ثم انطلق في رحلةٍ لمحاولة بيع عرض القيمة الخاصّ به لفرق كرة القدم الجامعيّة على السّاحل الشّرقي، وقرب نهاية عام 1996، حصل على أوّل صفقة بيعٍ له من القمصان لشركة جورجيا تيك (Georgia Tech)، والتي بلغت 17000 دولار، وهكذا أصبحت آندر آرمور منافسًا قويًّا بعد ذلك لشركتي نايكي (Nike)، وآديداس (Adidas) من خلال توفير نوعٍ جديدٍ من الملابس الرّياضية التي أحدثت ثورةً في الأداء، من خلال الحفاظ على جفاف الرّياضيّين. في المقابل، خرجت شركة جوبون (Jawbone)، الشّركة التي تصنع مكبّرات صوت بلوتوث وأجهزة أخرى عن العمل، لأنّها غيّرت تركيزها من الصّوت إلى الأجهزة الصّحية، ممّا جعلها في منافسةٍ مباشرة مع شركة فيت بيت (FitBit)، وشركات الأجهزة المماثلة، حيث تسببت إخفاقات المنتج من بين مشكلات أخرى، في فشل شركة التّقنيّة هذه، وتعمل الشّركة الآن على إعادة اختراع نفسها، وستستخدم الذّكاء الاصطناعيّ، وأجهزة الاستشعار لتزويد العملاء المشتركين بمعلوماتٍ حول صحّتهم، إذ ستسجّل المستشعرات القابلة للارتداء معلومات العميل الحيويّة التي يتمّ تتبّعها على منصة عبر الإنترنت، والتي تقدّم بعد ذلك اقتراحاتٍ للإجراء الطبيّ، وبالنسبة لإعادة تصميم الشّركة فهي لم تكتمل بعد، ولهذا لم نعد تعمل رسميًّا بعد. الترويج يعدّ توصيل فوائد المنتج للعملاء جانبًا مهمًّا في أيّ مزيج تسويقيّ، حتّى لو كان المنتج هو الأفضل في فئته، حيث يجب على الشّركة توصيل هذه القيمة للعملاء وإلّا فستفشل، وهذا ما يفعله التّرويج فهو عمليّة إيصال القيمة للعملاء بطريقةٍ تشجّعهم على شراء السلعة أو الخدمة، ويجب أن يكون للتّرويج هدف، وميزانية، وإستراتيجية، ونتائج قابلة للقياس، كما يجب على الشّركات استخدام ميزانيتها التّرويجية بحكمة لتحقيق أفضل النّتائج، والتي قد تشمل المبيعات، والأرباح، والوعي، من خلال استخدام رسالةٍ متماسكة طوال الحملة. بعض الأشكال النّموذجية للتّرويج هي الإعلانات، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، والعلاقات العامّة، والبريد المباشر، وترويج المبيعات، والبيع الشّخصي. الإعلان هو نوع من أنواع الاتّصال الجماهيري الذي يسمح للشّركات بالوصول إلى جمهور عريض من خلال التّلفزيون، والمذياع، والصّحف، والإنترنت، والمجلاّت، والإعلان في الشّارع، وقد تكون العديد من هذه الوسائط باهظة الثّمن بالنّسبة للشّركات الصّغيرة، ممّا يجبرها على اختيار استراتيجيّة واحدة، أو اختيار أساليب أخرى أقلّ تكلفةً، مثل: تسويق حرب العصابات (التّسويق غير التّقليديّ)، أو التّسويق الفيروسيّ، وكما يوضح الجدول 2.8، تشمل مزايا الإعلان الوصول إلى جمهورٍ كبير، وزيادة المبيعات؛ أمّا على الجانب السّلبي، فقد تكون التّكلفة أكثر من اللّازم، وقد تواجه الشّركة صعوبةً في الوصول إلى الهدف الصّحيح. وسائل التّواصل الاجتماعيّ هي أداة لابد من استخدامها من قبل رجال الأعمال للتّواصل مع المستهلكين، وخاصّة الفئات السّكانيّة الأصغر سنًّا، حيث يمكن العثور على العديد من العملاء عبر الإنترنت في منصّات التّواصل الاجتماعيّ، والهدف هو العثور على العملاء المناسبين لسوقك المستهدف. وتشمل مزايا وسائل التّواصل الاجتماعيّ استهداف العملاء بدقّةٍ أكبر باستخدام المنصّة التي يختارونها، والقدرة على التّواصل معهم مباشرةً، حيث تشمل هذه المنصّات مواقع التّواصل، مثل: فيس بوك (Facebook)، وتويتر (Twitter)، ولينكدن (LinkedIn)؛ ومواقع الصور والفيديو، مثل: سناب شات (Snapchat)، وإنستغرام (Instagram)، وبينترست (Pinterest)؛ والمدونات؛ والمواقع الإخبارية. ويجب على الشّركة إيجاد الوقت للتّواصل مع عملائها أينما كانوا، وبصفتك رائد أعمالٍ ناشئًا، فأفضل طريقة لبدء التّواصل هي تحديد العملاء المستهدفين، ومعرفة نوع الوسائط الاجتماعيّة التي يتردّدون عليها، كما يمكنك سؤال عملائك الحالييّن عن عاداتهم على وسائل التّواصل الاجتماعي، ويمكنك البحث عن تقارير حول أنواع الوسائط الاجتماعيّة التي يتردد عليها عملاؤك، أو يمكنك استخدام برنامج خاصّ يتتبّع المحادثات على وسائل التّواصل الاجتماعيّ المتعلّقة بعملك ومجال عملك. على سبيل المثال، قد تكتشف أنّ عملائك الشّباب يقضون وقتًا طويلاً على تويتر، وإنستغرام، وقليلًا على فيس بوك. هنا يمكنك الاستفادة من التّركيز على هاتين المنصّتين فقط -تويتر وإنستغرام-، ومعرفة محادثات العملاء، فقد ترغب في البحث عن علامات التّصنيف، والقصص التي تتعلّق بنوع عملك حتى تتمكّن من الانضمام إلى محادثاتهم، ويمكنك بعد ذلك إعداد ملفّ التّعريف الخاصّ بك، وكتابة محتوى ذي صلة، وعلامات تصنيف منطقيّة للمستهلك، وطلب متابعة المؤثّرين الّذين يمكنهم مساعدتك في خلق الوعي بعملك ومنتجك، وبمجرّد إعداد ملف تعريف، هناك العديد من الطّرق التي يمكنك من خلالها إنشاء حملات، مثل: المسابقات، والخصومات، أو ببساطة عن طريق تقديم محتوى مفيد يقدّره عميلك.،فالهدف هو أن تكون جزءًا من المحادثة، ولا تبدو وكأنك تبيع شيئًا ما. الوقت، والمهارات المطلوبة للتّفاعل مع العملاء، والحاجة إلى محتوى جديدٍ باستمرار. حيث تعتقد بالإضافة إلى نشر محتوى جيّد والوصول إلى المؤثّرين، قد تستفيد أيضًا من شراء الإعلانات التي يمكن استهدافها جغرافيًّا لعميلك، والتي تكون ميسورة التّكلفة وفعّالة، لكونك تستهدف شخصًا مهتمًّا بالأخصّ بمنتجك، وتشمل عيوب استهداف وسائل التّواصل الاجتماعيّ العديد من الشركات النّاشئة أنّ امتلاك صفحة على فيس بوك سيكون كافيًا للوصول إلى عملائها، غير أنّ عملاءها قد يقضون المزيد من الوقت على منصّات التّواصل الاجتماعيّ الأخرى، لذا فالوقت والجهد اللّازمان للعثور على النّظام الأساسيّ المناسب، وتطوير محتوى جيدّ، والتواصل مع العملاء على أساس يوميّ يستحق كل هذا العناء. العلاقات العامّة هي الجهود والأدوات التي تستخدمها الشّركات للتّواصل، وتطوير النّوايا الحسنة مع متابعيها. وقد يشمل المتابعون العملاء، والمستثمرين، والموظّفين، وشركاء الأعمال، والجهات الحكومية، والمجتمع ككلّ. والهدف هو إبراز الشّركة بنحوٍ إيجابيّ من خلال المساهمة كلاعبٍ مجتمعيّ، وقد تشمل الأدوات النّشرات الإخبارية، والمؤتمرات الصّحفيّة، وخدمة المجتمع، والأحداث، والرّعاية، والبيانات الصّحفيّة، والمقالات، والقصص الّتي تساعد روّاد الأعمال على تكوين صورة إيجابيّة عن شركتهم، واشتهار اسمها. ففي حالة المشاركة في حدث ما على سبيل المثال، سيعرض الرّاعي شعار، واسم الشركة في مكان يمكن للجميع رؤيته، وهذا سيوضّح أنّ الشّركة داعمة للمجتمع بمساهمات غير ملموسة، أكثر من مجرّد المنتجات والخدمات، مثل: دعم أحلام المشاركين في الحدث، ولا يتمثّل الهدف في إجراء عمليّة بيع في تلك المرحلة، بل التّأثير على المجتمع، وإنشاء علاقات إيجابيّة عمومًا، لأنه الشّيء الصّحيح الذي يجب فعله، وقد يؤثّر ذلك إيجابيًّا على المستهلك عند إجراء عمليّة شراء في المستقبل. البريد المباشر هو وسيلة للاتّصال بالمستهلكين عبر البريد الإلكترونيّ، أو من خلال مطبوعات مرسلة عبر البريد العاديّ، ويعدّ أداةً ضروريّةً أيضًا للبقاء على اتّصال مع العملاء، خاصّة عند إنشاء علاقاتٍ طويلة الأمد، حيث تكمن ميزة هذه الإستراتيجيّة في التّواصل مع عميلٍ مهتمّ بالفعل بمنتجك، ويرغب في تلقّي الأخبار، والعروض التّرويجيّة منك؛ فيما تكمن مساوئها في طول الوقت الّذي يستغرقه إعداد قائمة البريد، كونه يتضمّن جمع معلوماتٍ حول العملاء أثناء الأحداث، أو من خلال الطّلبات عبر الإنترنت، أو في السجلّ النّقدي، كما أنّ تلك المطبوعات الّتي غالبًا ما ينتهي بها المطاف في سلّة المهملات تكون مكلّفةً للغاية. عروض المبيعات التّرويجيّةُ وهي حوافز تجذب الانتباه، وتدفع العميل إلى اتّخاذ الإجراءات. و تشمل هذه الحوافز كلًّا من الخصومات، والعيّنات، والتّخفيضات، وبرامج المكافآت، والهدايا، والأقساط، كما يمكنها جذب العملاء الجدد؛ بينما تحمل معها خطر تقليل الأرباح بسبب القسائم، والخصومات المقدّمة لقاء تجربة منتجٍ ما. البيع الشّخصي هو استغلالك لللّقاءات وجهًا لوجه، من أجل تحصيل تواصلٍ وتأثيرٍ أكبر على العميل لإجراء عمليّة شراء، فهو مناسب خاصّةً للسلع الفاخرة. وعادة، ما تحتاج المنتجات ذات الأسعار الأعلى إلى عمليّة بيع أطول، كما يحتاج موظفو المبيعات إلى مزيد من التّدريب على المنتج للتّعرف على صفاته الفريدة، وتعدّ هذه واحدةً من أغلى الطّرائق للوصول إلى العملاء، والاحتفاظ بهم؛ إلّا أنّها قد تستحق الاستثمار. عمومًا، يجب على رائد الأعمال الجيّد إيجاد المزيج الصّحيح من طرائق التّواصل التّسويقيّ للوصول إلى العملاء، فهذا سيختلف اعتمادًا على ميزانيّة، وأهداف، وإستراتيجيّات الشّركة النّاشئة، ويحدّد الجدول 2.8 مزايا وعيوب كلٍّ من تلك الطّرائق من حيث صلتها بالأعمال التجّارية الصغّيرة والجديدة. نوع التّرويج أمثلة المزايا العيوب الإعلانات إعلانات التّلفزيون. إعلانات الإذاعة. مناشير الجرائد والمجلاّت. إعلانات الإنترنت. ألواح الإعلان الخارجيّة. بلوغ جمهور عريض. ممتازة في إنشاء التعرّف على العلامة التّجاريّة. زيادة المبيعات. باهظة الثّمن. محدودة الوصول. بعض الوصول متاح، لكنّ من المستحيل التحكّم فيمن يرى الإعلان. العلاقات العامّة رعاية الأحداث الاجتماعيّة. المشاركة المدنيّة والخيريّة. المنح الدّراسيّة والتّعليميّة. المؤتمرات الصّحفيّة. تطوّر التعرّف الإيجابيّ على العلامة التّجاريّة. تنشئ حسن النيّة تجاه الشّركة والعلامة التّجاريّة وسط المجتمع. تتطلّب الأحداث الكبيرة وحملات العلاقات العامّة موارد كثيرة. ليست مركّزة على تحقيق المبيعات. وسائل التّواصل الاجتماعي مواقع التّواصل الاجتماعيّ، مثل: فيس بوك، وتويتر، وسنابشات. المدوّنات والمدوّنات المصوّرة. المؤثّرون. وصول واسع النّطاق، غير مكلّف إلى جماهير عريضة. الأسواق المستهدفة قابلة للتّخصيص حسب المعطيات المتوفّرة. الوصول السّهل إلى الشّباب. إنشاء حسن النيّة وقاعدة معجبين أوفياء. اتّساع استخدامها يصعّب التميّز. تستهلك الوقت الكثير. يتطلّب نجاحها أشخاصًا متفرّغين لها، ذوي مهارات خاصّة. من الصّعب متابعة التّحويلات وأرقام المبيعات. تتطلّب إنشاء محتوى فريد وجذّاب. البريد المباشر الرّسائل المبعوثة، ومطوّيات التّسويق، والبطاقات البريديّة، وقسائم الخصم. النّشرة البريديّة الإلكترونيّة. المشتركون مهتمّون سلفًا بمنتجك، وهم أميل إلى التحوّل إلى عملاء مشترين. إبقاء المستهلكين المهتمّين على اطّلاع على أخبار المنتجات، والتّخفيضات، وإطلاق المنتجات الجديدة. يمكن استهداف الأسواق بناءً على موقعها، ومتوسّط الدّخل فيها، ومعطيات أخرى مستقاة من الإحصاء السكّانيّ. يستغرق إنشاء قائمة البريد وقتًا طويلاً. تتطلّب حملات البريد المباشر مبالغ كبيرة. لا يمكن تتبّع النّتائج بدقّة. عادةً ما يتجاهل المستهلكون الرّسائل غير المرغوب بها، سواء المطبوعة أو الرّقمية منها، دون النّظر إليها. عروض المبيعات التّرويجيّةُ التّخفيضات. العروض محدّدة الزّمن. قسائم الخصم. العيّنات المجانيّة. برامج المكافآت. تحفيز الشّراء، وتشجيع المستهلكين على اتّخاذ إجراء. تجذب رغبة المستهلكين في اقتناص صفقة. طريقة جيّدة لجذب المشترين الجدد والمتردّدين. تخفّض الأرباح مقابل العروض. وعود التّخفيضات والعروض المستقبليّة قد تثبّط المشترين المعتادين عن الشّراء بالسّعر العاديّ. البيع الشّخصي لقاءات البيع بين مندوب المبيعات والعميل المحتمل. إضفاء الطّابع الشّخصيّ على العلاقة بين العمل والعميل. تحويل مندوبي المبيعات النّاجحين للأطراف المتردّدين إلى عملاء. تخصيص مندوبي المبيعات لخيارات الشّراء حسب كلّ مشترٍ. الحاجة إلى موارد كثيرة. خسارة المستهلكين بسبب نظرتهم إلى البيع الشّخصيّ على أنّه أسلوب عدوانيّ. ضرورة البحث عن العملاء المحتملين باستمرار. تدريب مندوبي المبيعات تدريبا جيّدًا وفعّالًا. الجدول 2.8 السعر يعدّ التّسعير أحد أهمّ العناصر وأكثرها تحديًّا في المزيج التّسويقي، فالسعر هو القيمة الّتي يجب مبادلتها ليتلقّى العميل منتجًا أو خدمة، وعادةً ما يكون هذا نقديًّا وله تأثير مباشرٌ على المبيعات، إذ يتخوّف العديد من روّاد الأعمال من البيانات الماليّة، واحتمال استخدام البيانات، والمعلومات الأخرى لإنشاء التوقّعات الماليّة، ويتيح التّسعير الصّحيح لمنتجك قدرةً أكبر لشركتك على المنافسة مع زيادة أرباح منتجك إلى أقصى حدّ. فيما يلي العديد من الطّرق التّي يمكن لرجال الأعمال استخدامها لتسعير المنتجات بفعالية: التّسعير المبنيّ على التّكلفة هو أسهل طريقةٍ لتسعير المنتج، ويتضمّن ذلك إنشاء هامش ربحٍ فوق تكلفة صنع المنتج. فعلى سبيل المثال، إذا أضفت التّكاليف المباشرة للمواد، والعمالة إلى التّكاليف غير المباشرة للرّواتب، والتّسويق، والإيجار، والمرافق، وخرجت بنتيجة أنّ منتجك يكلّف 5 دولارات؛ فإضافة هامش ربح بنسبة 30% على سبيل المثال، سيمنحك سعر مبيعات قدره 6.50 دولار، حيث تعتمد النّسبة المضافة على أهداف العمل، ويكون هذا النّوع من التّسعير مفيدًا عندما لا يكون لدى الشّركات النّاشئة الكثير من المعلومات حول السّوق المستهدف، حيث تحتاج إلى مزيد من الوقت لتحديد مقترح القيمة وهوية العمل. هناك طريقةٌ أخرى لتسعير منتج أو خدمة، وهي النّظر في ما تفرضه المنافسة، وتحديد ما إذا كنت تريد تجاوز أسعارها، أو خفضها أو مطابقتها، فإذا تجاوزت السّعر، أو استخدمت التّسعير المتميز (Premium pricing) يسمى أيضًا تسعير القيمة المتصورة)، فأنت بحاجة إلى سببٍ واضح يجعل العملاء يرغبون في إنفاق المزيد على منتجك؛ أمّا عند استخدام تسعير الاختراق، أو التّسعير أقلّ من المنافسين، فهذا قد يمنحك ميزةً تنافسيّةً، كما قد يؤدّي إلى "حروب أسعار" أيضًا، حيث يستمرّ المنافسون في خفض الأسعار في محاولةٍ للتّغلّب على بعضهم البعض، ومن الواضح أنّ العيب هو تناقص الأرباح للجميع؛ في حين يعدّ التّسعير مثل منافسيك خيارًا منطقيًّا، إذا لم يقدّم منتجك أيّة قيمة مضافة، لكن من غير المرجّح أن تغري هذه الإستراتيجيّة العملاء بالتّبديل إلى علامتك التجارية. التّسعير المعتمد على العميل وهو تمامًا ما يمكن تخمينه من اسمه، فهو تسعير يقوده العمل، حيث تسأل عمّا يرغب المستهلك في دفعه، وتعتمد جوابه سعرًا لمنتجك، ويمكن اكتشاف ذلك بإجراء البحوث، وسؤال العملاء عمّا يرغبون في دفعه مقابل منتج ما، فكثير من منتجات التّكنولوجيا تعتمد هذا التّسعير، إذ تقوم الشّركة بإجراء سبر آراءٍ للعملاء حول ما هم على استعداد لدفعه، ويقومون بعدها بإنشاء منتجات تقدّم القيمة بسعر السّوق. يعتمد تسعير سلعة الاجتذاب، أو التّسعير القائد للخسارة (Loss leader pricing) سعرًا أقلّ من المستوى القياسيّ لجذب الأعمال على أمل بقاء العملاء، ليبتاعوا منتجاتٍ أخرى أكثر ربحًا، ويسمّى قائد الخسارة لأنّ الشّركات تخسر المال على المنتج الأقلّ سعرًا، وعادةً ما تحتوي إعلانات متاجر البقالة على العديد من قادة الخسارة المصمّمة لإغرائك إلى متجرهم على أمل قيامك ببقيّة تسوّقك هناك. تسعير العرض التّمهيدي. يعتمد هذا النّوع أسعارًا أوليّةً أقلّ لجذب عملاء جدد، وبناء قاعدة عملاء، قبل أن تعود الأسعار إلى الوضع الطّبيعيّ، فهذه الطريقة هي نوع من أنواع تسعير الاختراق، حيث يتمثّل هدفها في مساعدة المنتجات الجديدة على اختراق الأسواق مع المنافسين، والعلامات التّجاريّة المعروفة، والكثير من المنتجات المعتمدة على الاشتراك، مثل: قاعات الرّياضة تعتمد هذه الطّريقة لكسب إيرادات، وحصّة في السّوق. في المقابل، يعتبر الكشط إستراتيجيّة تسعير تستغلّ حداثة المنتج لتبرير أعلى سعر ممكن من أجل "اقتطاع" معظم الأرباح من البداية: أي في المرحلة الأولى من المبيعات، ومع مرور الوقت، يتمّ تخفيض السّعر لاستيعاب العملاء الأكثر اهتمامًا بالأسعار. غالبًا ما تقدّم آبل منتجاتها بهذه الطّريقة، بحيث تعرض المنتج بأعلى سعر له إلى حين استنفاذ المتسوّقين المستعدّين للشّراء بهذا السّعر، وعندما تظهر منتجات أحدث وأكثر تطوّرًا تقنيًّا، تخفّض آبل أسعارها ببطء. تسعير الباقة. هو تحديد سعر مخفّض لحزمةٍ من المنتجات قصد تشجيع العملاء على الشّراء بكميّاتٍ كبيرة، بحيث يدفعون أكثر ممّا لو اشتروا سلعةً أو خدمةً واحدةً فقط، ويفعلون ذلك نظرًا لكون السّعر الإجماليّ للباقة يقلّل من السّعر الفرديّ لذلك المنتج، ممّا يمنحهم صفقةً أفضل مما لو كانوا يشترون العناصر بشكل منفصل، ومن الشّركات الّتي تستخدم هذه الإستراتيجيّة نذكر ديركت تي في (DirectTV)، وهي تجمع خدمات الهاتف، والإنترنت، والأقمار الصّناعيّة مقابل رسوم شهريّة، فإذا كان العميل سيشتري هذه الخدمات منفصلةً، فستكلّفه أكثر. ومن مزايا تسعير الباقة كسب المزيد من الإيرادات عن كلّ عميل، حيث لم يكن العملاء جميعًا ليدفعوا مقابل بعض الخدمات لو كانت منفصلة، وكذا من أجل تسهيل عمليّة تسجيل الطّلبات، تمامًا كما في مثال مطاعم الوجبات السّريعة، فبدل مطالبة العميل بسرد كلّ عنصر في قائمة طلبه منفصلًا، يعطيك اسم الحزمة، أو رقمها، وهذا يُكسب المطعم أكثر بتضمين المشروب، والسّلطات، والحواشي مع الطّبق الرّئيسيّ، هذا من جهة؛ ومن الأخرى يوفّر العميل المال، والوقت في طلبه. إستراتيجيّة الأرقام الفرديّة هي إستراتيجيّة تسعير نفسيّة تُستخدم غالبًا بالاقتران مع طرق التّسعير الأخرى لجعل السّعر أكثر اجتذابًا للمستهلكين، فاستخدام إستراتيجيّة الأرقام الفرديّة يستغلّ فكرة كون هذه الأرقام تملك تأثيرًا نفسيًّا إيجابيًّا على العملاء، حيث يستفيد استخدام الأرقام الفرديّة من فكرة أنّ هذه الأرقام لها تأثير نفسيّ إيجابيّ على العملاء، فبدلًا من تسعير منتجك بـ 20 دولارً مثلًا، تجعل السّعر 19.99 دولارًا، وهو ما يعتبره المستهلكون أقرب إلى 19 منه إلى 20. يجب تحديد الأسعار عند بدء عمل تجاريٍّ جديد، على أن تراجع إستراتيجيّات التّسعير على نحو مستمرّ، وهذه المناسبات على وجه الخصوص تستدعي مراجعة الأسعار: عند إضافة منتج أو خدمة جديدة إلى عروضك. عندما يتغير الطّلب (بسبب السّوق،أو المستهلك، أو عوامل أخرى). عند دخول سوقٍ جديد. عندما يقوم المنافسون بإجراء تغييرات. عندما تتغيّر تكاليفك. عند تعديل المنتجات أو الخدمات أو الإستراتيجيّات. المكان نقصد بالمكان القنوات أو المواقع - الماديّة أو الرقميّة - حيث يمكن للعملاء شراء منتجاتك، والاطّلاع عليها، وهو ما يعرف أحيانًا بالتّوزيع. بالنّسبة إلى رائد الأعمال، يكمن اختيار المكان في معرفة القنوات الّتي ستحقّق أكبر قدرٍ من الرّبح. بمعنى آخر، ما هي القنوات الّتي ستصل إلى غالبيّة السّوق المستهدف بتكلفة أكثر كفاءة؟ حيث يعدّ اختيار قنوات التّوزيع الصّحيحة أحد الطّرائق لإنشاء ميزة تنافسيّةٍ، وتحقيق المزيد من النّجاح لعملك، إذ تتمتّع بعض القنوات بإمكانيّات محدّدة، مثل: الوصول إلى المزيد من العملاء، وتقديم العروض التّرويجيّة، وتوفير المصداقيّة. تنقسم قنوات التّوزيع -كما يظهر الشّكل 4.8- إلى مجموعتين رئيسيّتين: مباشرة، وغير مباشرة، حيث لا تتطلّب القنوات المباشرة، مثل: واجهات المتاجر الفعليّة، أو عبر الإنترنت، وجود وسطاء، كما تسمح لك بالبيع مباشرةً إلى المستهلكين. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تمتلك مخبزًا، فمن المحتمل أن يكون لديك واجهة متجرٍ للبيع بالتّجزئة حيث تبيع مباشرةً إلى المستهلكين. أمّا القنوات غير المباشرة فتتطلّب وسطاءً، مثل: الموزّعين، أو وكلاء المبيعات لبيع منتجاتك إلى العميل النّهائيّ، أو إلى منافذ البيع بالتّجزئة المادّية، أو عبر الإنترنت، إذ غالبًا ما يكون للقنوات غير المباشرة أكثر من وسيط، فعلى سبيل المثال، لكسب عملاء أكثر ممّا يمكنك الوصول إليه بمفردك، سيستخدم مخبزك قنواتٍ غير مباشرةٍ، مثل: تجّار الجملة، أو الوكلاء لإيصال منتجاتك إلى الأسواق المحليّة، ومحلّات البقالة في جميع أنحاء البلاد، حيث ستساعد هذه الشّركات أيضًا في الخدمات اللّوجستيّة، والّتي تشمل النّقل، والتّخزين، والتصرّف في المنتجات. الشكل 4.8: حرف P في قولنا Place "المكان" قد يتضمّن التّوزيع عبر قنوات مباشرة، أو غير مباشرة. حفظ الحقوق: صورة مرخّصة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 تُعدّ الاستفادة من قنوات التّوزيع المتعدّدة إحدى الإستراتيجيّات الّتي تستخدمها الشّركات لتوسيع علامتها التجارية، وزيادة أرباحها، وقد يشمل ذلك وجود واجهة متجر فعليّة، وتطوير موقعٍ للتّجارة الإلكترونيّة لبيع البضائع عبر الإنترنت، أو توزيع البضائع من خلال تجّار الجملة، وتجار التجزئة، حيث يمكن أن يؤدّي تضمين نقاط اتّصال متعدّدة مع العميل إلى زيادة احتماليّة اختياره لمنتجك. وبالمقابل، كلّما طالت قنوات التّوزيع، استغرق منتجك وقتًا أطول للوصول إلى المستهلك النّهائيّ، وقلّ تحكّمك في المنتج وسعره، وكونك رائد أعمال، فعليك تقرير أيّ القنوات تناسب متطلّبات المنتج، والتّسعير بطريقةٍ أفضل. عناصر الخدمات الأساسية كما تعلّمت، تشمل المنتجات الخدمات أيضًا. وهذه الأخيرة متنوّعة، إذ نجد الخدمات القانونيّة، والمحاسبيّة، والاستشاريّة، والطبيّة، والتّرفيهيّة، والإعلانيّة، والمصرفيّة، وغيرها من الخدمات الاحترافيّة. وعند تقديم الخدمات، يجب مراعاة ثلاثة عناصر أساسيّة إضافيّة في المزيج التّسويقيّ. الأشخاص سيكون الأفراد أو الموارد البشريّة للشّركة، دائمًا عاملاً رئيسيًا في أيّ عمل تجاريّ ناجح في الأعمال التّجارية الموجّهة نحو الخدمات، حيث يكون للأشخاص الّذين يتفاعلون مع العملاء أهميّة خاصّة، لأنّ الخدمة هي المنتج، فهي وجه العلامة التّجاريّة، ورابطٌ مباشر بين الشّركة، والعميل. عندما يقدّم موظّفٌ خدمةً مقبولةً أو متميزة، فها يُشجّع العميل على العودة لشراء الخدمة مرةً أخرى، وكذلك مشاركة تجربتهم الإيجابيّة مع الآخرين، فعندما يذهب العملاء إلى متجر مجوهراتٍ مثلًا، ويتلقّون خدمةً جيّدةً من مندوبي المبيعات، فمن المحتمل أن يخبروا أصدقاءهم، وعائلاتهم بالتجّربة الإيجابيةّ من خلال الإحالة الشّخصيّة، أو على وسائل التّواصل الاجتماعيّ. أمّا عندما تكون الخدمة رديئةً، فلا يعود العملاء، إذ لمّا تكون لدى العملاء تجربة سيّئة في مطعم، فمن المحتمل أنّهم لن يعودوا إليه مجدّدًا، بل وربّما يعطونه تقييمًا سلبيًّا عبر الإنترنت. وفي بعض الأحيان، تتعلّق الخدمة السيّئة بعوامل أخرى غير الموظّفين، ولكن نظرًا لأنّ مواقع المراجعة عبر الإنترنت، مثل: يلب (Yelp) أصبحت أكثر شيوعًا، أين قد يكون لمراجعات خدمة العملاء السّيّئة تأثيرًا محطّمًا للعلامة التّجارية، خاصّةً بالنّسبة للشّركات النّاشئة الّتي تحاول اقتحام السّوق، فمن المهمّ تعيين أشخاص ذوي خبرة، ولديهم نظام تدريب جيّد، مع مكافآت تساعد الموظفين على تقديم أفضل خدمة للعملاء، إذ يجب على الشّركات الأخذ في الحسبان بأنّه بغضّ النّظر عن حجم الأعمال التّجاريّة، إلّا أنّه يجب عليهم التّسويق ليس فقط لعملائهم، بل أيضًا لموظّفيهم، فهم يمثّلون وجه الشّركة، وهم الأشخاص الّذين يتفاعلون مع العملاء، حيث يمكن للموظّفين صنع، أو كسر العلامة التّجاريّة. المحيط الفيزيائي يعدّ المحيط الفيزيائيّ الّذي تقدّم فيه الخدمة جزءًا مهمًا من المزيج التّسويقي، فقد يؤثّر على صورة الشّركة، ويقدّم الكثير من المعلومات حول جودة المنتج، أو الخدمة، أو الشّركة، أو العلامة التجارية. فالقول المأثور القديم بأنّ "لديك فرصة واحدة فقط لترك انطباع أول" ينطبق خصوصًا على الشّركات الجديدة، إذ أنّ الإشارات الملموسة - الدّيكور، والرّائحة، ودرجة الحرارة، والألوان - ترسل رسالة فوريّة إلى العملاء حول الجودة، والاحتراف. على سبيل المثال، إذا دخلت إلى عيادتَيْ طبّ أسنان، وكان أحدهما نظيفًا، عبق الرّائحة، بينما الآخر غير ذلك، فأيّهما تختار؟ الشّيء نفسه ينطبق على المطاعم، ومحلّات البيع بالتّجزئة، وأيّ بيئة ماديّة أخرى. فنظرًا لكون فحص الخدمة قبل تلقّيها غير ممكن، فهذه الإشارات تساعد العملاء على اتخّاذ قراراتهم. العملية العمليّة هي سلسلة الإجراءات، أو الأنشطة المطلوبة لتقديم خدمة للعميل، فهي جميع الأنشطة الّتي تتمّ بين مقدّم الخدمة والعميل، من البداية إلى النهّاية. في حالة مكتب الطبيب، قد يشمل ذلك تحديد الموعد، وملء الأوراق، وانتظار دورك، ورؤية الطبيب، والّدفع، ونظرًا لكون العمليات قد تكون طويلةً وكثيرة، فيجب تصميمها بحيث تنساب بأكبر قدر ممكن من الكفاءة، والمنطقيّة؛ أمّا في حالة الخدمات التي يتمّ توفيرها عبر الإنترنت، فتشمل العمليّة تصميم موقع الويب ووظائفه، وجميع الخطوات التي يتّخذها العملاء من التصفّح حتّى تسجيل المغادرة، حيث يساعد التّصميم القويّ لموقع الويب رائد الأعمال على تحديد ماهيّة الشّركة، وما الّذي تفعله، ولمن، والإجراءات الّتي يمكن للعميل اتّخاذها. حيث قد تنطلق الإجراءات من النّقر للحصول على مزيد من المعلومات، أو القدرة على شراء منتج، أو التحقّق من توفّر الخدمة، والقدرة على حجزها، أو تحديد موعد. ومن أمثلة المواقع الممتازة نذكر موقع إير بي ان بي (Airbnb) ذو التّصميم المركّز، والملهم، والمباشر: https://www.airbnb.com/ برأيك ما هي الدّعوة الرّئيسيّة للإجراء فيه؟ ترجمة -وبتصرف- للفصل (Entrepreneurial Marketing and Sales) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: البحث في السوق والتعرف على فرصة السوق والسوق المستهدف المقال السابق: كيف يعرض رواد الأعمال فكرتهم الريادية في المسابقات والمنافسات؟
  15. تملك الآن فكرةً عن كيفيّة إيصال الغرض من ابتكارك من خلال بيان مهمّة، وبيان رؤية واضحيْن، مع تحديد أهدافٍ ملموسة لشركتك النّاشئة حسب نموذج سمارت (SMART)، ومع ذلك يجب امتلاكك أيضًا لفهم أساسّي حول كيفيّة عرض ابتكارك على مجموعاتٍ مختلفة، باستخدام أنواعٍ مختلفة من العروض التّقديميّة لكسب الدّعم الماليّ، وجذب المواهب الماهرة، أو حشد المساهمات. وإذا كنت رائد أعمال اجتماعيّ، فلديك بعض الإستراتيجيّات لحماية فكرتك، وقد راجعت كيفيّة دمج التّعقيبات في عمليّة تكراريّة لتحسين المفهوم، أو النّموذج الأوليّ، وتنقيحه. حان الوقت الآن للتحقّق من الواقع. ما الذي يمكنك فعله لدخول السوق مستعدًا للابتكار وتقديم أولى عروضك؟ أولاً: استخدم خلفيّتك التّعليمية، والمهنيّة لإجراء بحثٍ تحدّد عبره نوع بيئة ريادة الأعمال الّتي تناسبك، فهل ترغب في العمل في شركة ناشئة، وتوظيف مواهبك الإبداعيّة في العمل لمساعدة فريق حاليّ على تطوير أفكارهم؟ هل تتطلع للدخول إلى الطّابق الأرضيّ للمساعدة في تطوير شركةٍ ناشئةٍ من نقطة الصّفر، وإضافة معرفتك حول العروض التّقديميّة إلى معارفهم؟ أم تتطلّع لكون رائد أعمالٍ، وتبنيَ فريقك الخاصّ لتطوير أفكارك المبتكرة؟ أنت مدينٌ لنفسك باستكشاف هذه الخيارات من خلال البحث الدّقيق. الموارد الإقليمية مثلما تستثمر المجتمعات في المدارس لتثقيف الطلاب من أجل تحسين مكانة المجتمع بأكمله، بدأت بعض المجتمعات في رؤية القيمة طويلة المدى للاستثمار في رواد الأعمال، وفيما يلي بعض الموارد التي يجب البحث عنها: مساحات عمل مشتركة. حيث يجتمع رواد الأعمال للعمل في مشاريعهم المستقلّة، وكذلك لبناء فرق، ومن أمثلة هذه الأماكن، نذكر إتش كيو رالي (HQ Raleigh) في ولاية كارولينا الشمالية، وهي إحدى هذه المساحات التي تقدّم خيارات عضوية متعدّدة، ومرافق مكتبيّة، ومطبخ، وامتيازاتٍ أخرى. و368 الّتي أسّسها نجم يوتيوب كيسي نايستات في نيويورك، أو سبارك (Spark ) في بالتيمور، ماريلاند (الشكل 7.7). حاضنات، أو مسرّعات الأعمال الّتي تقدّم أكثر من مجرّد مساحة مكتبية، فهم يقدّمون الإرشاد بدلاً من مقهى جيّد. تقديم العروض التّقديميّة في المسابقات للبدء في الحصول على التّعقيبات الّتي تحتاجها لتحسين مقترحات القيمة، وتطوير خطّة عملٍ شاملة. الشكل 7.7: مكان عمل أم نادي ألعاب؟ تقدّم بعض الشّركات مزايا ترفيهيّة في أماكن العمل المشتركة محاولةً منها لجذب أفضل الموظّفين، ورفع الرّضا الوظيفيّ. حفظ الحقوق: جيسون بوتشي للتّصوير / سبارك، بالتيمور تحت ترخيص CC BY 4.0 اعتمادًا على حجم المجتمع الذي تختار العيش فيه، قد تكون ثمّة أنواعٌ مختلفةٌ من مجالات ريادة الأعمال التي يمكنك استهدافها، أو قد تكون هناك مساحة رياديّة أكثر تعميمًا، بغضّ النّظر عن حجم المجتمع، والأشخاص فيه، فقدرتك على التّواصل هي ما سيؤثّر بشدّة على إمكاناتك؛ أمّا أحد الخيارات التي يجب متابعتها هو أن تكون جزءًا من عرضٍ تقديميّ للمنتج في غضون ستّة أشهر من الاستقرار في مدينة جديدة، كما يمكنك التّرويج لفكرتك المركّزة، أو ربّما تأخذ مواهبك إلى فريق يعمل بالفعل في عرض تقديميّ، إذا لم تكن -على كلّ حال- متعاونًا، ومتنافسًا، فأنت لا تنمّي عملك، أو مشروعك الاجتماعيّ. المسابقات وفقًا لموقع Entrepreneur.com، فمن الضّروري قياس مستوى المسابقات المتاحة في منطقة جغرافيّة معيّنة قبل الغوص فيها، ونقصد بمسابقات ريادة الأعمال أيَّ منافسةٍ رياديّة بخلاف منافسة العروض التّقديميّة، التي عادةً ما تديرها مؤسّسات، وجامعات غير ربحيّة؛ غير أنّ المزيد من الشّركات صارت تستضيفها للانفتاح على المزيد من الابتكارات الخارجيّة، وجذب روّاد الأعمال المتنوّعين، والوصول إلى مصادر غير تقليديّة للأفكار الجديدة ذات الإمكانات التّجاريّة، وعادةً ما تتطلّب تقديم وثائق حول عملك، وعناصر، مثل: نماذج الأعمال، والنّشرات، والنّماذج الموافقة لمواصفات المنافسة. هناك العديد من الأسباب للمشاركة في المسابقات، وعلى رأسها العثور على مرشد، أو موجّه، وتوفر مسابقاتك الأولى، ومسابقاتك في العروض التّقديميّة تجربةً تعليميّةً لك، بالإضافة إلى فرصة للتّشبيك، والبحث عن موجّهين، ومتعاونين محتملين. وللتّحضير للمسابقة، اكتشف بالضّبط ما هو متوقّع منك، وقم بإجراء أكبر قدرٍ ممكنٍ من البحث، حتى تكتب باستخدام مبدأ جبل الجليد The Iceberg Principle، فوفقًا لمبدأ الكتابة هذا، يجب دعم كلّ كلمةٍ، أو جملةٍ في مشاركتك بوفرة من المعلومات، والتّفاصيل الدّاعمة، وحتى إذا لم يرَ الحكّام أبدًا نشرةً طويلة، أو ملخّصًا تفصيليًا للأعمال، أو الاستثمار الذي تسعى إليه الشركّة، أو المخاطر الرّئيسية التي تواجهها الشركة، إلّا أنّ هذا سيضمن حصولك على البيانات الواقعيّة لدعم هذه النّقاط في ملخّصك التّنفيذي، أو مقدّمتك، ممّا يزيد من فرص نجاحك في المنافسة. يشبه الدّخول في مسابقة تفكيك عرضك التّقديمي، ودعم كلّ نقطةٍ ببحثٍ دقيقٍ، وكتابة، وتقديم المعلومات بالصيغ المختلفة المطلوبة، فقد تطلب المسابقات الأوراق، والملصقات، ومقاطع الفيديو، وحملات الوسائط الاجتماعية، وغيرها من المواد. ومهما كانت أنواع المنتجات الإعلامية التي تتطلّبها المسابقة، يجب عليك إكمالها احترافيًّا، فإذا كنت تريد الفوز حقًا بمسابقةٍ تتطلّب وسائط متعدّدة، أو عناصر وسائطٍ اجتماعية، فقد ترغب في تعيين محترفٍ إعلاميّ لمساعدتك في هذا الأمر، وهو في الأساس جهدٌ تسويقيّ. إذا فزت بمسابقة ما، فاتّصل بالمنظّمين، واطلب الإرشاد، إذ تتجاوز قيمة الإرشاد الجيّد -على المدى الطّويل- قيمة الجائزة النّقديّة الّتي تأتي مربوطةً بشروط، فغالبًا ما يكون المرشد الجيّد، ومكانة السّوق الجيّدة، من العوامل التي تنبئ بنجاح ريادة الأعمال أكثر من قدرة الشّخص على تطوير حزم مسابقةٍ مقنعة، أو عروضٍ تقديميّةٍ مكثّفة، و لكي تكون رائد أعمالٍ، عليك معرفة كيفية عمل قطاع الأعمال ضمن سياق جغرافيّ، واجتماعيّ، وثقافيّ، وتنظيميّ؛ فدخول المسابقات الّتي يمكن أن تساعدك في التعرّف على هذه الأشياء جهد قيّم، ومفيد. ومع ذلك فالفوز بجوائزها التّمويليّة الّتي تتراوح بين 5 آلاف، و20 ألف دولار لن يضمن في معظم الحالات الكثير من السّبق لشركتك النّاشئة. قد تكون المسابقات في حرم الجامعات أكثر قيمةً من غيرها بسبب عدد الموجّهين الذين يحضرون للحكم عليها، فقد يكون الموجّهون الذين يفهمون الأسواق الإقليميّة، وفرص التّواصل أمرًا ذا قيمة كبيرة، وقد تكون المسابقات واحدةً من المرّات القليلة التي يشارك فيها عددٌ كبيرٌ من المهنيّين في دورة جامعية، أو تمرين غير منهجيّ. هذا، وقد تجري مجموعات الأعمال، أو مجموعات ريادة الأعمال الاجتماعيّة مسابقاتٍ توفّر فرصًا مميّزة للتّشبيك، إذ تقيم بعض المسابقات مرحلةً تمهيديّةً قبل مسابقة العرض التّقديميّ. وعليك في هذه الحالة إعداد عرضك التّقديميّ أثناء تحضير مشاركتك، لئلاّ يحصل بينهما أيّ التعارض، أو الاختلال، وقد يبدو الأمر بسيطًا، لكنّ وجود التّناقضات مهما كان حجمها بين ما تدّعيه، وما تعرضه سيجذب انتباه الحكّام، وبغض النّظر عن ذلك، تمنحك المسابقة في الحرم الجامعي، أو في السوق المتخصصة الخاصة بك فرصةً للبحث في السّوق، والتّدقيق في أفكارك، وبناء فريق. يعد بناء فريقٍ لمسابقةٍ بهدف إنشاء مشروع رياديّ ناجح، أحد أكثر جوانب ريادة الأعمال إثارةً، وأحد أكثرها تحدّيا كذلك، إذ يتردّد العديد من روّاد الأعمال في التخلّي عن السّيطرة، ويميلون إلى البحث عن أشخاص يقومون بالأشياء بالطريقة التي يريدونها هم فقط، وهذا غير ممكنٍ، ولا مستحسن عادةً، حيث ستحتاج إلى تكوين فريقٍ من الأشخاص الذين يمكنهم رؤية مشكلةٍ من وجهات نظرٍ مختلفة، ويمكنهم تقديم مداخلات بنّاءة، وصادقة؛ أمّا أفضل آمالك فهي ترسيخ خلق التّواصل الواضح، والأخذ، والرّدّ المحترم عندما يتعلّق الأمر بالنّقد، إذ ستكون هناك اختلافات في الرّأي، والنّهج. لهذا فإذا كانت المسابقة ليست أكثر من دافعٍ لبناء فريق جيد، فهي جهد يستحق العناء. وهناك العديد من المصادر الجاهزة للتعرّف على هذه المسابقات، حيث عليك التحقّق من معظم برامج ريادة الأعمال في الجامعات الكبرى، والّتي يكون بعضها مفتوحا للطلاّب، والخرّيجين فقط، فيما يكون البعض الآخر مفتوحًا للآخرين؛ وتحقق أيضًا من مصادر بدء التّشغيل الرئيسيّة (مثل: تيتشستار TechStars، أو واي كومبيناتور Y Combinator)، وكذلك مع كيانات التّنمية الاقتصاديّة المحليّة. وأخيرًا، يمكنك العثور على مسابقات تركّز على مجموعات معينة قد تكون مؤهّلاً لها، مثل: سيّدات الأعمال، أو غيرها من المجموعات غير الممثّلة تاريخياً. المنافسات مثل المسابقات، قد تقدّم منافسات العروض التّقديميّة (الشّكل 8.7) جوائز نقديةً، أو فرص إرشادٍ للفائزين، حيث تعرض بعض المسابقات الكبيرة اتّفاقيّات تمويل أوّليّة يجب على الفائزين التّوقيع عليها قبل تمكّنهم من قبول الجوائز النّقدية. حيث يتمثّل الاختلاف الرّئيسي بين المسابقة، ومنافسة العرض التّقديميّ، في كون المنافسة تستدعي منك تقديم فكرة عملك في عرض، مع عرضٍ تقديميّ منظّم، بينما تحتاج في الأولى إلى تقديم ملخّص غير رسميٍّ عن فكرتك، على أنّ جوائز المسابقات أقلّ قيمة. لهذا ابحث عن المسابقات في مدينتك، وفي المناطق المحلية الّتي لا تتجاوز مسافة السّفر إليها نصف يوم بالسيّارة، وهذا لتتمكّن من المشاركة في منافسات العروض التّقديميّة دون إنفاق الكثير من الوقت، والموارد على السّفر. اسع وراء المنافسات الّتي تركّز على قطاع السّوق الّذي يثير اهتمامك، والعب على قدراتك، ونقاط قوتك، فبعض منافسات العروض التّقديميّة تكون تحت رعاية مكاتب التّطوير الاقتصاديّ المحليّة، والّتي تكون غالبًا مرتبطةً بالجامعات الكبرى، ومكاتب سكور (SCORE)، ومكاتب اس بي أي (SBA)، وهي تقدّم عادةً جوائزًا ماليّة على أمل جذب الشركات الناشئة الحديثة إلى منطقتهم، حيث يربط آخرون رواد الأعمال بالمستثمرين الّذين يملكون ما يكفي لتمويل أوليّ، وعقدًا ينصّ على النّسبة المئويّة الّتي سيأخذونها من الأعمال؛ فيما تقدّم منافسات أخرى الأموال الكافية لتغطية الخدمات القانونيّة، والمحاسبيّة، والتّوجيهيّة، وغيرها من الخدمات. هذه هي الطريقة التي يعمل بها التّمويل الأوليّ، ولكن من الأفضل للفائزين في المسابقة طلب المشورة القانونيّة قبل توقيع عقدٍ يربط جزءًا من أعمالهم كشرط لتلقي جائزة، أو مستوى من التّمويل الأوليّ، فقد يكونون قادرين على تأمينه من أماكن أخرى. وهذا يفسر سبب قيام بعض رواد الأعمال بعرض مشاريعهم الخاصة على البرنامج التلفزيوني خزان القرش (Shark Tank)، وقد يكون من الحماقة في بعض الحالات أن يرفض رائد الأعمال صفقة، بينما في حالات أخرى، يكون لديهم طرقٌ أخرى للتّمويل الأوليّ تمنحهم تحكّمًا أكبر في مستقبل شركتهم، وأسوء ما تفعله هو الفوز في مسابقة، وتوقيع عقد استثمار في الأعمال التّجارية لا يؤدّي إلى أهدافك الّنهائية، ولا يحميها. في حين أنّ برنامج مواهب أمريكا (American Idol)، وشبيهاته من الحصص الإنجليزية، والعربية منها والتي كانت أمثلةً تحذيريّةً. إذ يوقّع الفائزون فيها عقد تسجيلًا حصريًّا مع الفنّان الّذي يوجّههم، ما يحدّهم عن التّوقيع مع أيّ شركة تسجيل أخرى لسنوات عديدة، وهكذا، فمعظم المستثمرين سيرغبون دائمًا في امتلاك جزء من المستقبل طويل الأجل لأي جهد ريادي يساعدون في تمويله، لذا فقبل الدّخول في مسابقة، تعرّف على ما إذا كانت طبيعة الجائزة تتطلّب هذا النوع من اتفاقيّة التّمويل الأوليّ أم لا، بالإضافة إلى البحث في كيفية التّعامل مع الفائزين السّابقين، وما النّجاحات، والإخفاقات التي مرّوا بها. للفوز بمسابقة عروض تقديميّة، اكتشف بالضّبط على من تعرض فكرتك، والمعايير الّتي يستخدمونها، وتأكد من قراءة إرشادات المسابقة بدقّة، ومعرفة ما يمكنك معرفته عن الحكام المحدّدين، وخلفياتهم، ثم خصّص عرضك ليناسب أهداف المسابقة قدر الإمكان دون تغيير مقترح القيمة، أو الميزات الواعدة، أو الإنجازات التي لا يمكنك تحقيقها جيّدًا، بعدها طابق السّؤال مع ما تقدمه المسابقة، فلا شيء يزعج حكّام المسابقة أكثر من أن تكون الجوائز، والعروض مذكورةً بوضوح في إرشادات المسابقة، ثم يطلب مقدمو العروض التّقديمية مزيدًا من المال، أو شيئًا مختلفًا تمامًا عمّا تنصّ عليه الشّروط. يجب عليك تطوير نموذج عمل أساسيّ واحد، إذ سيساعدك هذا على تطوير عرضك لمجال السّوق. وبمرور الوقت، ستتعلّم ما يجب عليك الترّكيز عليه ،وما يجب التّقليل من شأنه، أو خفضه، وقد يساعدك ذلك في الفوز بالمسابقات. كطالب جامعيّ، يمكنك المشاركة في مسابقات الحرم الجامعيّ لممارسة تعلّم مجال السّوق، فربما تكون السّوق المتخصّصة التي تستكشفها في الكليّة مماثلةً لتلك التي تعمل فيها بعد التّخرج، فإذا كنت في مدينة جامعيّة، فقد يكون هذا سوقًا غريبًا، ومع ذلك فعادةً ما يكون فيه وفرةٌ من فرص الإرشاد لتعويض ما قد يفتقر إليه في البنية التّحتية للأعمال. اجعل عروضك التقديمية احترافيّة وتمرّن عليها حتى تصبح مثاليّة، كما يجب أن تكون أيضًا عضوًا مجتهدًا في مثل هذه المسابقات، فليس من غير المألوف إتقان رائد الأعمال لأسلوبه الخاصّ بعد مشاهدة الآخرين الحاضرين لمدّة عام، أو عامين. تحدث ريادة الأعمال النّاجحة عندما يجد الأشخاص المبتكرون أرضًا خصبة، ويطورون الأفكار، والمفاهيم، ويثابرون من خلال تعلّم ملاءمة المنتجات الجديدة في الأسواق المناسبة، ويتعيّن على روّاد الأعمال من خرّيجي الجامعات البحثَ في مجتمع ريادة الأعمال الذي يفضلون استهدافه، وتشجّع مكاتب التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم روّاد الأعمال على القدوم إلى مدنهم، فهم يحتاجون إلى أشخاص مبدعين يتمتّعون بالطاقة، والاستعداد لتحمّل المخاطر للتوصل إلى المحرّكات الاقتصاديّة للمستقبل. إحدى الطّرائق التي تحفّز بها المناطق ريادة الأعمال هي المسابقات، وهي أيّ وسيلة للتّنافس على تمويل الشّركات النّاشئة التي لا تنطوي على منافسة عروض تقديميّة، فإذا تمكّنت من بناء فريقٍ لمسابقةٍ ثابتة، فأنت في طريقك إلى بناء فريق لطرح ابتكاراتٍ جديدة. وبهذا تكون قد تعرّفت على كيفيّة القيام بالعروض التّقديمية الرّيادية بالطريقة الملائمة في المنافسات والمسابقات، وحتى على مستوى جامعتك، مما يعد لك أرضًا خصبة محفزةً على تطوير ننفسك ومشروعك، والحصول على الفرص المرغوبة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Telling Your Entrepreneurial Story and Pitching the Idea) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: التسويق والمزيج التسويقي لتوضيح رؤيتك ومهمتك وأهدافك المقال السابق: كيف يحمي رواد الأعمال فكرتهم عند مشاركتها ويصقلوا عرضهم التقديمي من التعقيبات
  16. عندما تبدأ في طرح فكرتك، فهذا يعني أنّك تشاركها مع مجموعةٍ متنوّعةٍ من الأشخاص لأغراض مختلفة، وعندما يتمّ تشجيع الطّلاب على تطوير أفكارٍ رياديّة، فغالبًا ما يسألون: "كيف يمكنني التّأكد من عدم سرقة فكرتي؟"، والردّ الاعتيادي يكمن في حقيقة كون الأفكار تأتي بسهولة، بينما يصعب العثور على القادة ذويّ المعرفة، والدّوافع. بعبارة أخرى، من المهمّ للّذين بدؤوا للتّو رحلتهم الرّياديّة إدراك أنّ ابتكار الأفكار أسهل بكثير، وأقلّ أهميّة بكثيرٍ من تعلّم كيفيّة تحويل هذه الأفكار إلى منتجات تناسب السّوق، وتخدم قاعدة عملاءٍ موجودة بالفعل، أو تطوّر قاعدةَ عملاءٍ جديدة من خلال إستراتيجيّات مضنية؛ حيث يجد العديد من رواد الأعمال في إقناع المستثمر بقدراتهم القياديّة، وقوّة فريقهم أهمّيةً أكبر من إقناعهم بجودة الفكرة، أو النّموذج الأوليّ. ومع ذلك، فمن الشّائع رغبة رواد الأعمال في حماية ملكيتهم الفكريّة، لأنّ الشّركات الأكثر رسوخًا قد تستفيد من موارد أكثر، وشبكات أوسع، وأقوى؛ لتقديم منتج، أو خدمة مبتكرة إلى السّوق، في الوقت الّذي يستغرقه رائد الأعمال في الانتقال من تأمين التّمويل الأوليّ إلى الحصول على الدّعم الأوّل لجولة رأس المال الاستثماريّ الأولى (بعد التمويل الأولي). حماية فكرتك من المهمّ حماية فكرة عملك من خلال براءة اختراع، إذا اخترت التقدم للحصول على واحدة، حيث تُمنح براءات الاختراع لغرض تشجيع ريادة الأعمال، وإذا كان لدى المبتكرين بعض الطّمأنينة بأن الآخرين سيتمّ إبعادهم عن السّوق لفترة معيّنة من الوقت، فقد يكونون أكثر استعدادًا للمخاطرة بمتابعة الابتكار في المقام الأوّل. تحتاج المنتجات في معظم المجالات إلى التّطوير، وتقديمها إلى السّوق بسرعة أكبر من الوقت الذّي يستغرقه المرور عبر عمليّة براءات الاختراع القياسية. وبالنسبة للسّلع المصنّعة، فمن المهمّ السّعي للحصول على براءة اختراع عند الانتهاء من المنتج لحماية التّصميم، في حين يكون من الأفضل البناء أولاً فيما يخصّ الملكيّة الفكرية ، والسّعي للحصول على براءات الاختراع لاحقًا، لا سيما في مجالٍ شديد التّنافسية، حيث يصعب إثبات أنّ لديك حقًّا إنجازًا فريدًا. يحتوي موقع Entrepreneur.com على بعض الاقتراحات المفيدة الّتي نلخّصها كما يلي: أدرِك أنّ لا شيء تقريبًا يأتي إلى السوق بعد إنشائه بواسطة مخترع، أو مبتكر وحيد، فبعض الأفكار فريدةٌ حقًّا، ولكن يكاد يكون مستحيًا إبقاؤها "طي الكتمان"، إذ يجب مشاركة الأفكار مع العديد من الأشخاص لتطوير المنتجات، أو الخدمات؛ فحتّى لو تمكّنت من فعل كلّ شيء بنفسك، فسيتعيّن عليك على الأرجح تقديم فكرتك إلى المستثمرين في مرحلةٍ ما، وتعدّ حماية الأفكار الأوليّة ليست بنفس أهميّة حماية إصدارات المنتجات، والخدمات المطوّرة عبر عمليّات التعلّم، والاختبار التكرارية، فـمعرفة الكيفيّة، والأسرار التّجاريّة تعتبر ملكيةً فكريةً، ويجب حمايتها نظرًا لكونها غير محميّة ببراءة اختراع دائمًا. اسعَ إلى حماية مقترحات القيمة النّاجحة، وليس كل نزواتك التّقنية، فمعظم الأفكار التّجاريّة الجديدة هي عبارة عن أشكالٍ مختلفةٍ من الحلول التي توقّعها الآخرون، أو حتّى كتبوا عنها، لكنّهم لم يملكوا الدّافع، أو مهارات التّواصل، أو قدرة جمع التّمويل الّتي يتمتّع بها رائد أعمال حقيقيّ، لذا وازن وقتك بحكمةٍ بين محاولة حماية فكرتك، والعمل على تطويرها. من الطّرائق الّتي تمكّنك من الحصول على بعضٍ من راحة البال -حسب موقع Entrepreneur.com مجدّدًا-، هي إجراءُ تحقيقٍ شاملٍ في كلّ من تخطّط للشّراكة معه، فإذا تأكّدت بأنّهم لم "يحرقوا" المتعاونين في الماضي، فيمكنك المضيّ قدمًا في التّعامل معهم بأمان، وأجرِ بحثًا دون التعدّي على خصوصية أيّ شخص، مع استخدام جميع الأدوات العامّة المتاحة لك. ابحث على الإنترنت للتعرف على الشّركاء المحتملين، ومساعيهم السّابقة، واطلب معلومات الاتّصال، وربّما قائمة المراجع، أو المتعاونين السّابقين من الشّركاء المحتملين، وسيعتمد مستوى الإجراءات الرسميّة على طبيعة الصّناعة الّتي تعمل على دخولها، وطبيعة العلاقة التي تربطك بالمتعاونين، أمّا إذا قاوموا البحث، فقد يكون ذلك علامةً على إمكانيّة عدم إعطائهم الأولوية لك، ولا لحماية منتجك. الاتفاقيات القانونية بالإضافة إلى براءات الاختراع، هناك وسائل قانونيّة أخرى لحماية ملكيّتك الفكريّة، فقد ترغب في مطالبة الشّركاء بتوقيع اتّفاقيّة عدم إفشاء (NDA)، إذ عادةً ما تحمل اتفاقيّات عدم الإفشاء معها عقوبةً إذا كشف الشّريك ما يعرفه عن معلومات الملكيّة الّتي تقع في صميم مقترح القيمة خاصّتك، حيث قد تكون هذه الاتّفاقيّات محدودة الوقت، بمعنى أنّ مفعولها يزول بعد فترة، ما يجعل الشّخص بعدها حرًّا في مناقشة الأعمال التّجاريّة، وممارساتها الملكيّة؛ أو ربّما تكون -من أجل ضوابط قانونية أقوى- مفتوحة، حيث قد تتطلّب اتفاقية عدم الإفشاء المفتوحة من الشّخص التزام الصّمت بشأن المعلومات الأساسيّة مدى الحياة، أو مواجهة دعاوى مدنيّة محتملة تصل قيمتها إلى ملايين الدّولارات. تمنع اتفاقيّة عدم المنافسة في العقد الموظّف من العمل في المنافسة لفترة محدّدة من الوقت بعد العمل لديك، والهدف هو منعهم من نقل أسرارك، أو مهاراتهم إلى أحد المنافسين، وقد انتُقدت هذه الممارسات لا سيما في الصناعات التي يجد فيها العمال ذوو الرُّتَب المنخفضة الذين لا يحملون أسرارًا تجارية، أنّهم مطالبون بتوقيع هذه الأنواع من الاتفاقيات. ومع ذلك، يمكن لهذه الاتّفاقيّات المساعدة في التّقليل من التجسّس على الشّركة، ومنع بعض الموظّفين الرّئيسييّن من نقل الملكية الفكريّة للمؤسسة معهم إلى صاحب العمل الجديد، أو ربّما إنشاء شركةٍ ناشئةٍ خاصة بهم، ولا يجب على الموظّفين التّوقيع عليها إلاّ إذا كانت شرطًا للتوظيف. وقد تختلف هذه الاتفاقيات من دولةٍ إلى أخرى، إذ لا تفرض ولاية كاليفورنيا الأمريكيّة مثلًا اتفاقيات غير كاملة بشكل عام، ويرجع هذا جزئيًّا إلى الطّبيعة الدّيناميكيّة للشّركات النّاشئة، لا سيما في وادي السّيليكون. فهذا يعكس فلسفةً مفادها أنهّ لا ينبغي إعاقة، أو تقييد المهنيّين العاملين عن متابعة سبل معيشتهم. تنصّ اتّفاقيّة العمل مقابل الأجر بين موظّف فرديّ، وشركة، على أنّ ملكيّة الابتكارات هي باسم الشركة، حتّى لو كان الفرد يقدّم مساهماتٍ كبيرةٍ في المنتج، أو الخدمة، أو العمليّة؛ إذ يَجدر بك التّوقع بأن يُطلب منك إدراج المتعاونين على براءات الاختراع، حتى أولئك الذين يعملون بموجب شرط العمل مقابل أجر، فالغرض من الاتفاقية التعاقدية هو ضمان احتفاظك أنت، أو شركتك بالحقوق الحصريّة لبراءة الاختراع. طرائق غير تقليدية من الاختيارات المبدعة الأخرى نذكر إخفاء الطّبيعة الحقيقيّة لمنتجك، أو خدمتك من خلال تقليل التّركيز على بعض الميزات الرئيسية، أو عن طريق دفنها في واجهة المستخدم User Interface، واختصارًا UI، فقد تتمكّن من تحويل الانتباه بعيدًا عن مقترح قيمتك، مع الاستمرار في بناء منتجك، أو نظامك الأساسيّ، أو نموذجك الأوليّ. واجهة المستخدم يو آي (UI) هي ما يراه العميل عند استخدام منتجك، وتعدّ واجهة المستخدم الرسومية (GUI) شائعةً لجميع الأجهزة التي تعمل بنظام ويندوز Windows، والأجهزة المستندة إلى نظام آبل (Apple)؛ في حين تستخدم الهواتف الذّكية واجهات التّطبيقات المبنيّة على نظام التّشغيل الأساسيّ (أشهرها iOS، أو Android). لقد أصبحت واجهات المستخدم شائعةً جدًا للعديد من المنتجات الاستهلاكية، والمحترفة، نظرًا لارتباطها بالمعالِجات الدّقيقة، وأجهزة الاستشعار، والذاكرة، والميزات المضمّنة الأخرى، ومن وجهة نظر التّصميم، يجب على فريقك اتخاذ قرار مكان، وهيئة كل زرّ، ومربّع بحث، وعنصرٍ رسوميّ، وعرض المعلومات، فواجهة المستخدم الجيّدة مفيدة، وتشعر بأنّها بديهيّة للمستخدم؛ أمّا بالنسبة للمنتجات، والخدمات الرقمية، فيعدّ هذا الجانب من منتجك مهمًّا للغاية، وهذا هو السبب في كون التلاعب به لإخفاء الوظائف، أو الميزات، مجازفةً أكبر، فهذا ليس أسلوبًا غير مؤكّدٍ بأي وسيلة، ومع ذلك ففي البيئات شديدة التنافسية، والمتطورة بسرعة، مثل: برامج الويب، وصناعات تطبيقات الأجهزة المحمولة، أين يحدث الاختراع، والتّقليد بوتيرة سريعة، وحيث -كلّما دخلت السّوق- تمكّن منافسيك من رؤية، ومحاولة محاكاة خدمتك، أو نظامك الأساسيّ؛ فهنا، قد تمنح الحيلة الصّغيرة عملك ميزةً بتكلفةٍ منخفضةٍ نسبيًّا. من أمثلة إخفاء النّوايا الحقيقيّة لمنتجٍ ما، نذكر تطوير شركة نيانتيك (Niantic, inc) للعبة الهاتف المحمول إنجرس (Ingress)، وهي عبارة عن لعبة واقعٍ معزّز تعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي، حيث ينضمّ مستخدموها من كلّ أنحاء العالم إلى فصائل خياليّة، ويتحكّمون في بوابات خياليّة، مربوطة بمواقع جغرافيّة حقيقيّة، وعليهم الوصول إلى تلك المواقع لفتح البوابّات، وتمكين فصائلهم من اكتساب الأراضي، والموارد. ولكن بينما كانت نيانتيك تأخذ خبرتها في رسم الخرائط العالميّة، وتصنع منها لعبة خيالٍ علميّ، كانت تقوم أيضًا بتطوير لعبة بوكيمون جو (Pokémon GO)، بعد تعيين "عُقدٍ" جغرافيةٍ محدّدةٍ من قبل المستخدمين في جميع أنحاء العالم، فقد كان لدى نياتيك شبكةٌ عالمية من نقاط الاهتمام التي أشار إليها المستخدمون، وفي كثير من الحالات، أصبحت العُقد في إنجرس لاحقًا محطّات بوكي (PokéStops)، في لعبة بوكيمون جو، حيث يجمع لاعبوها الموارد للقبض على وحوش الجيب، ومكافحتها. تتمثل إحدى طرق حماية ملكيّتك الفكريّة في إخفاء الميزات، أو القدرات الخاملة استراتيجًّا، حتّى يمكن استغلالها استغلالًا كاملًا، ففي الوقت الذي يملك فيه عددٌ قليلٌ من الشّركات النّاشئة النفوذَ التّقنيّ لشركة نياتيك، فإنّ كل شركةٍ تقريبًا تتّخذ قرارات بشأن ما يجب دفعه إلى الأمام، وما يجب كبحه، ومتى يتمّ إصدار منتجات، أو ميزات جديدة. استخدام التعقيبات لتحسين عرضك يتطلّب العرض التّقديميّ إثبات جمعك لفريقٍ محترفٍ قادر، يمكنه تحويل الفكرة إلى ابتكار، حيث سيقدّم المستخدمون، والشّركاء، والمستثمرون، وغيرهم أفكارًا حول كيفيّة تغيير منتجك، أو مؤسّستك، ويعتبر المستثمرون فشل رائد الأعمال في التّعامل مع الملاحظات علامة تحذير، فتطبيق الدّروس المستفادة من الملاحظات هو الغرض من تعلّم الأعمال. غالبًا ما تبدأ المشاريع الرّيادية على أساس مشاكل بدون حلولٍ سهلة، وتتضمّن فكرتك الأوّلية أفضل تخميناتك لما سيكون حلاّ مبتكرًا، حيث سيتطوّر هذا بسرعةٍ أكبر نحو مناسبة المنتج للسّوق، إذا كان ردّك على التّعقيبات هو الرّضا بقبولها، ويجب لعرضك التّقديمي إظهار أنّ لديك منتجًا رائعًا، وقد قمت بأبحاثك، وأنّك قادر على أخذ التّعقيبات، وتطبيقها على منتجاتك لتحسينها. بمعنى آخر، يجب إظهار قدرتك على التدرّب. يعتمد تطوير مشروعك على جمع البيانات لمعرفة ما يحبّه العملاء، وما يرغب المستثمرون في تمويله، لذلك يجب عليك البحث عن ردود فعل إيجابيّة، والبناء عليها، لكن يجب عليك أيضًا التّفكير بشكل نقديّ في الرّسائل الإيجابيّة التي تتلقّاها، فهل المستهلكون، أو المستخدمون متحمّسون في دعمهم؟ أم أنهم مهذّبون وحسب؟ هذا الاختيار الثّاني قد يكون خادعًا، خاصّةً عند تقديم عرض للأصدقاء، والعائلة، فهل يمكنك التّحديد بوضوحٍ سبب تلقيك لردود فعلٍ إيجابية حول ميزات معينة دون غيرها؟ تأكّد من الحصول على ملاحظات حول العديد من متغيرات المنتج، وتأكّد من إمكانية عزل نقاط البيانات لتحليل مفيد، إذ تتضمّن أفضل التّعقيبات ردودًا كميّة تشير إلى ما يحبّه المستهلكون، وما لا يحبّونه، بالإضافة إلى معلومات نوعيّة توضّح السبب، وتتعلّق البيانات الكميّة بالقياسات العدديّة بما في ذلك الشّراء الفعليّ، والسّلوك، وأبحاث الرّأي حول المنتج؛ أمّا البيانات النوعيّة فهي معلومات معقّدة تجيب على الأسئلة "لماذا؟"، و"كيف؟"، وغالبًا ما يكون من المستحيل معرفة سبب قيام الأشخاص بما يفعلونه بمنتجك ما لم تسألهم. يمكنك، على المدى القصير، استخدام التّعقيبات لتحديد الميزات الّتي يجب التّركيز عليها في وقت مبكّر من المشروع، حيث تساعدك التّعقيبات على توجيه شركتك على المدى الطويل، إذ يواجه العديد من روّاد الأعمال معضلة وجود الكثير من الأفكار الجيّدة، فإذا تابعت كلّ أفكارك الجيدة في نفس الوقت، فقد تنفَد موارد مؤسّستك بسرعة، لذا ركّز أوّلاً على الميزات الأكثر شيوعًا، والّتي يمكن إنتاجها، وتقديمها بأسعارٍ معقولة نسبيًّا، فقد لا تكون هذه المنتجات، أو الخدمات، أو الميزات ذات العائد المرتفع هي ما تستخدمه لتحديد علامتك التّجارية في السّنوات اللّاحقة، ومع ذلك يمكنها الحفاظ على بدء التّشغيل لفترةٍ كافية لتطوير منتجات، وميزات أكثر تفصيلاً تتطلّب المزيد من الوقت، والاستثمار. قد تأتي التّعقيبات أيضًا من الموظّفين، وقادة السّوق، ومنافسيك، حيث تكون هذه أكثر فائدة لتوجيه مشاريع النموّ طويلة الأجل، وفي هذا السّياق، فالتّعقيبات تعني أكثر من مجرّد النّصائح، وتقييمات المنتج، إذ قد تكون تحرّكاتٍ تكتيكيّة في السّوق، أين يقدّم لك منافسوك تعقيبات، من خلال قيامهم بإجراءاتٍ في السّوق ردًّا على أفعالك، وعليك بالطّبع المحافظة على العقليّة المنفتحة ذاتها، وروح الشكّ المدروس ذاتها في تعاملك مع هذا النّوع مع التّعقيبات، كما هو الحال مع باقي الأنواع. وبمجرد أن تتاح لك الفرصة لعرض فكرتك، فالخطوة التّالية هي القياس الدّقيق للتّعليقات الكميّة، والنّوعيّة حول العرض التّقديميّ، أو النّموذج التّّجريبيّ، أو الملصق، أو نموذج مطبوع بالتّقنيّة ثلاثيّة الأبعاد. فأحيانًا تكون البيانات من مسابقات العروض التقديمية خارج نطاق سيطرتك، لذلك قد يكون من الأفضل دمج التعلم الذي تحصل عليه من تعليقات العرض التّقديميّ في عمليّة تطوير العملاء هذه. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Telling Your Entrepreneurial Story and Pitching the Idea) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيف يعرض رواد الأعمال فكرتهم الريادية في المسابقات والمنافسات؟ المقال السابق: كيف يبني رواد الأعمال العروض التقديمية الريادية لأهداف وجماهير مختلفة
  17. لنلقِ نظرةً عن كثب على كيفية تطوير العروض التقديمية، وتذكّر تعريفنا للعرض التقديمي بأنّه تقديمٌ رسميّ موجزٌ لمشروعٍ ما، غالبًا على مجموعة من المستثمرين المحتملين في شركة ناشئة، ولهذا فمن المنطقيّ أنّ يكون واضحًا، موجزًا، ومقنعًا حول المجالات الرّئيسيّة، وهي عادةً المشكلة الأساسيّة الّتي تَعْرِضُ حلّها، أو احتياجها غير الملبّى؛ أو فرصة السّوق، والحلّ المبتكر، وخطّة الغدارة، والاحتياجات الماليّة، وأيّة مخاطر متوقّعة. سنوضّح هنا كيفية صياغة العروض التّقديمية الخاصّة بمشروعك، أو فكرتك، بالطريقة المناسبة، والتعديل عليها حسب اختلاف طبيعة الأماكن الذي ستلقيها فيها، واختلاف الأشخاص الذين سيلقيها عليهم فيها، والأهم مدة الإلقاء حسب كل حالة، حتى تتمكن من تنظيم أفكارك وتحضير نفسك لإلقاء عروضك في أي وقت، وفي أي مكان كنت. ملخص سيناريوهات العرض التقديمي ستحتاج غالبًا إلى صياغة أنواعٍ مختلفة من العروض التّقديمية لجماهير مختلفة، حيث تشمل الجماهير الرّئيسيّة المستثمرين المحتملين، والرّوابط الاجتماعيّة، والشّركاء المحتملين، والموظّفين الرّئيسيين، والمجتمع الأوسع؛ لا سيما إذا احتاج المرء إلى طلب تصاريح، أو امتيازات تنظيمية. ومن بين المفاهيم الخاطئة حول التّرويج هو أنّه موجّهٌ دائمًا تلقاء المستثمرين المستعدّين لدفع أكثر من بضع مئات الآلاف من الدولارات، إلى الفريق الذي يقدّم أفضل فكرةٍ في اليوم، ورغم كون هذا -إلى حدّ ما- منطلق خزان القرش (Shark Tank)، وتحدّي الهوامير مثلًا. إلاّ أنّه ليس تمثيلًا شاملًا، ولا دقيقًا لكيفيّة عمل التّرويج بالنّسبة لمعظم روّاد الأعمال. فقد يقدّم روّاد الأعمال عروضهم التّقديميّة إلى الأصدقاء، والعائلة أثناء تطوير فكرتهم، وربّما يقدّمونها في أحيان أخرى إلى روّاد أعمال، ومستثمرين ذوي اتّصالات، ومعارف مهمّين ممّن لا يهتمّون كثيرًا بقطاع السّوق المعنيّ بالعرض، ومع ذلك يستطيعون توفير اللّقاءات الصّحيحة، والمعارف المفيدين؛ كما يمكنهم الدّخول بعروضهم تلك إلى مسابقات العروض، أملًا في الحصول على تمويل، أو توجيه، وتأتي العروض التّقديميّة بأشكالٍ عديدة، ومع ذلك يكمن وراءها أنّ التّرويج هو طلب شيء ما، ويقدّم الجدول 3.7 نظرةً عامةً على الجماهير المختلفة التي قد تتقدّم إليها، ويوضّح كيف يختلف النّهج، والعرض التّقديميّ لكلّ منها. الجمهور مدّة العرض نهج العرض المحتوى الرئيسي الملاحظات العائلة والأصدقاء ربع ساعة لفظيّ عادةً، مع مطويّة من صفحةٍ واحدة تشرح المفهوم، والقيمة المقترحة، والتّمويل المطلوب لبدء الشّركة. ينبغي أن يغطّي العناصر الرّئيسيّة لنموذج النّشاط، ومفهومه: الحاجة غير الملبّاة. الحلّ (الّذي ينبغي تضمينه إذا كان قابلًا للتّسجيل براءة اختراعٍ). السّوق، والمبيعات المحتملة. المخاطر الكبيرة. هذا العرض المعتاد قد يكون عاطفيًّا، حيث يلتجئ فيه المؤسّسون إلى أناس يعرفونهم جيّدًا. ويرتكزون فيه على سمعتهم الشّخصيّة، ومصداقيّتهم، على حساب المعلومات المفصّلة لإقناع الجمهور بالفكرة. منافسات حديث المصعد 2 ~ 5 دقائق لفظيّ، أو من شريحة عرض واحدة تلخّص الحاجة، والحلّ، والسّوق، والفرصة. ينبغي أن يغطّي: الابتكار عالي المستوى. القيمة المقترحة. دعوة إلى إجراء، لإتمام الصّفقة. هذا العرض شائع جدّا في أحداث التّسريع، والحاضنات، وفي التّظاهرات الرّياديّة الجامعيّة، وتتراوح كلفته من سعر الخدمة إلى ألف، أو ألفي دولار أمريكيّ. حكّام منافسات العروض التّقديميّة 5 ~ 15 د (حسب المكان والقواعد) يختلف من عرض لفظيّ إلى عرض مفصّل من 8 شرائح، وينتهي بدعوة إلى إجراء؛ كما يمكن احتواؤه على طلب رأس المال. عرض يحتوي شرائح، أو مقاطع فيديو حسبما تحدّد قواعد المنافسة. هذه العروض شائعة جدًّا، وتساعد رائد الأعمال على صقل عرضه التّقديميّ. المساهمون المبكّرون 10 ~ 20 د (حسب المكان والقواعد) عرض تقديمي على الأقدام، مع شرائح عرض، أو مقطع فيديو، أو نموذج من المنتج، أو الخدمة. عرض قد يحتوي مقاطع فيديو، أو شرائح عرض. وهو أكثر رسميّة من منافسات العروض، مع "طلب" محدّد لرأس المال. هذا العرض شائعٌ مع المستثمرين الملائكة، وعادةً ما ينبغي إرسال العرض المخطّط له قبل الحدث. الموظّفون 10 ~ 20 د عرض تقديمي على الأقدام، مع شرائح عرض، أو مقطع فيديو، أو نموذج من المنتج ،أو الخدمة. النّتيجة الأهمّ هي الإعلام ،والإلهام. ويمكن أن يكون هذا حدثًا متكرّرًا، ولا يحمل طابع الرّسميّة. هذا العرض شائعٌ جدًّا في الشّركات النّاشئة، ويقام شهريًّا إلى أن تبدأ الشّركة في تحقيق الرّبح. المجموعات أو الجمعيّات التّجاريّة 10 ~ 20 د عرض تقديمي على الأقدام، مع شرائح عرض، أو مقطع فيديو، أو نموذج من المنتج ،أو الخدمة؛ ويكون مصمّما حسب توجّه المجموعة. النّتيجة الأهمّ هي الإعلام، والتّواصل مع المجموعات المهمّة الأخرى (المستثمرون، والعملاء، وغيرهم). هذا العرض شائعٌ جدًّا في مؤتمرات التّجارة. والّتي يقيم بعضها منافسات عروض تقديميّة. وكالات تقديم المنح 10 ~ 20 د في العرض الشخصّي، لكنّها عادةً تكون مضمّنة في ملف طلب المنحة. عرض تقديميّ مكتوب عادةً، لكنّه قد يؤدّي إلى لقاءٍ وجهًا لوجه، حسب قواعد الوكالة. النّتيجة المرجوّة هي الحصول على "تنقيط" لكسب تمويلٍ بالمنحة، وإذا لم يحصل ذلك، فيمكن للشّركة إعادة الطّلب في الدّورة القادمة. تكون المنح تقنيّةً في الغالب، وتمنح عادةً للأبحاث، ولا يمكن استخدامها في أيّة نشاطات تجاريّة. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 3.7 جمهور العرض التقديمي بغضّ النظر عمّن ستقدّم له عرضك التّقديمي، فأنت ستحتاج عادةً إلى تضمين إشاراتٍ إلى بيان حلّ المشكلة، ومقترح القيمة، والميزات الرئيسية؛ أمّا كيفية تحديد أولويّات هذه المعلومات، فستتغير بتغيّر المتلقّي، كما هو موضح في الجدول3.7، فبمجرد تغطية هذه الأقسام الأساسيّة، يجب أن تكون عروضك التقديميّة المختلفة مصمّمةً خصيصًا لـ "الطلبات" النهائية المختلفة، فالطّلب في العرض التّقديميّ هو المبلغ المحدّد من المال، أو نوع المساعدة التي تطلبها، أو النتيجة التي تسعى إليها. المستثمرون يرغب المستثمرون الأفراد في التعرّف على الفريق، والمنتج، والقيمة المقترحة، والعائد المحتمل على الاستثمار، فالمستثمرون الملائكة هم أفراد يستخدمون أموالهم الخاصة للاستثمار في الشركات التي يهتمون بها؛ أمّا المستثمرون المخاطرون، فهم مستثمرون يجمعون الأموال من الآخرين، ويستخدمونها للاستثمار في الشّركات. قد يكلّف تقديم العروض للعديد من المستثمرين المحتملين دون نجاحٍ وقتًا طويلًا يثبّط الهمم، ومع ذلك ففي الواقع، وفي معظم الحالات، يعدّ وقت المستثمر أكثر قيمةً من وقت روّاد الأعمال الّذين يقدمون العرض التقديمي، فإذا قدّم المستثمر ملاحظات، فيجب أخذها في الحسبان، إذ من المحتمل ألاّ تحصل على جميع الإجابات التي تحتاجها فيما يتعلق بكيفية جعل مشروعك ناجحًا على الفور بعد إعطاء بعض العروض للمستثمرين الأفراد، ولجان تحكيم المنافسات؛ ومع ذلك، فإذا أخذوا الوقت الكافي لتقديم نقد بنّاء، فاحتسب التّعقيبات، وفرصة تطوير العرض التّقديمي تجربةً قيّمة. الأصدقاء والعائلة تخيّل أن تطلب المال من الأصدقاء، والعائلة، للحفاظ على استمرارية شركتك الناشئة بعد استهلاكك لكلّ السّبل الأخرى، فقط لبناء نموذج أوّليّ، وإدراك أنّك لا تملك المال الكافي لإدخاله إلى السّوق. تبدأ عادةً رحلة ريادة الأعمال بهذا النوع من الجهد المموّل ذاتيًا، فما بين 50%، و70% من الشركات الناشئة في الولايات المتحدة تموِّل ذاتيًا احتياجاتها من رأس المال الأوليّ، إمّا عبر المدّخرات، أو عبر بطاقات الائتمان، أو الأصدقاء، والعائلة. فمن جهة، يُنظر إليك على أنّك أهلٌ للثّقة، موازنة مع ما يمثّله المشروع من مخاطرة؛ ومن جهة أخرى، ستؤطّر عرضك التّقديميّ تأطيرًا مختلفًا عند عرضه على العائلة، والأصدقاء، على اختلاف عرضه على المستثمرين؛ إذ يمكنك جعل النّبرة أقلّ رسميّةً، وتركّز على القيمة المقترحة، والنّتائج الفوريّة للقرض، كما تبرز الإنجازات، والمعالم الملموسة الّتي ستساعدك هذه على تحقيقها، وإذا كنت تسعى إلى إعطاء نفسك أفضل فرصةٍ في جمع الأموال، فستحتاج أيضًا إلى رسم خارطة طريق للإيرادات الممكنة، وليس المأمولة، فقد يكون طلب مبلغ عشرة آلاف دولار من الأصدقاء، والعائلة مثلًا، أكثر صعوبةً من طلب أضعافها من مستثمر، فربّما يرغب أصدقاؤك، وعائلتك في الاستثمار فيك، لكنهم سيرغبون أيضًا في اتخاذ قرارهم بناءً على سرد ملموس؛ لذا فستحتاج أنت إلى إقناعهم به، حتّى يتمكّنوا من القول: "لقد أعطيت قريبي كذا من المال، لينهي بناء كذا، ويكسب إيرادات كذا، ويواصل ابتكاره". الموظفون المحتملون يلقي روّاد الأعمال أيضًا عروضهم التّقديميّة على الموظّفين المحتملين، بالتّركيز على سبب الحاجة إليهم في مساعدة الفريق في بناء شيء مبتكر، وقيّم، فبمجرّد أن يكون المنتج قيد التّطوير، يجب عليك تقديم عرضٍ للبائعين، واستعدّ لشرح مقترح القيمة، والميزات الرّئيسيّة بالتّفصيل، وشرح كيفيّة مشاركة البائع في الإيرادات، مثل: الخيارات المتعلّقة بقبول حقوق الملكيّة جزئيًا، أو بدلاً من المدفوعات النقدية للخدمات. قد يعرض روّاد الأعمال عروضهم أيضًا على بعضهم البعض على أمل تكوين فريق، نظرًا لكون معظم روّاد الأعمال على دراية بهيكل العرض التقديمي، فقد تكون قادرًا على تبسيط المقترحات، وتوضيح مقترح القيمة، والطّلب؛ كما قد تحتاج إلى ذكر فريقك، ويعتمد مستوى التفاصيل التي تشاركها حول من يعمل معك، وما ستكون مساهماته على مستوى اهتمام المتعاون، أو المستثمر المحتمل، فمن المرجّح أن يرغب الموظّفون المستقبليّون في معرفة مع من سيعملون، بينما لا تحتاج العائلة، والأصدقاء إلى معرفة تاريخ التوظيف لأعضاء الفريق، ومع ذلك فهم مثل المستثمرين الآخرين، يتوقعون معرفة وجود فريقٍ قادرٍ على الاستمرار في تطوير المنتج. الجماهير الأخرى تشمل الأنواع الأخرى من الجماهير الهيئات شبه الحكومية، والمستثمرين الأفراد، والحاضنات، والمجموعات التجاريّة، وحكّام المنافسة. وعادة ما تهتمّ الحكومات بخلق مناصب الشّغل، أو الاحتفاظ بالوظائف في المجتمعات المحليّة، فيما ترغب شركات الاستثمار الكبيرة، والمنافسات عالية المستوى في رؤية أرقام واقعيّة توضّح جدوى المنتج، وأهميّته في السّوق، ونموّه السّابق، أي التّركيز على تفاصيلٍ أكثر، وغالبا ما يبلّغونك اهتماماتهم المحدّدة في وقت مبكّر، ومع ذلك، يجب عليك التّشبيك، والتحقيق في عناصر عرضك التّقديمي التّي يجب إعطاؤها الأولويّة بناءً على تفضيلات المستثمر الفردي، أو شركة الاستثمار. أهداف العرض التقديمي يعني التّخطيط لعرض تقديميّ إجراء أبحاث حول المنطقة، والمستثمرين المحتملين، والمنافسين الحالييّن الذّين يعملون في نفس الأسواق، أو أسواق مماثلة، إذ لا يشرح العرض التّقديمي الجيّد فقط ما يجعل المنتج، أو الخدمة جيّدة، ولكنّه يتجاوز ذلك إلى شرح ما يجعل السّوق جيّدًا. أجرِ أبحاثا حول الأسواق، والمستثمرين الأفراد الّذين ترغب في استهدافهم، فقد يصعب العثور على مستثمرين ملائكة، ومع ذلك يمكن تشريح الأسواق بدقّة، حيث كتب مارك أندريسن، الشريك المؤسّس لشركة أندريسن هورويتز (Andreessen Horowitz)، إحدى أكثر شركات رأس المال الاستثماريّ في وادي السّيليكون نجاحًا: "في سوق كبير - سوق به الكثير من العملاء المحتملين الحقيقيّين - يسحب السّوق المنتَج من الشّركة الناشئة"، وكان هذا في إطار إجابة سؤالٍ طرحه أندرسين على نفسه: "ما الّذي يرتبط أكثر بالنّجاح؟ الفريق؟ أم المنتَج؟ أم السّوق؟"، وقد طرح هذا التّساؤل كأداةٍ بلاغية لتعليم روّاد الأعمال أنّه بدون سوق، ليس لديك منتج بغضّ النّظر عن مدى صعوبة عملك، أو مدى عبقرية فريقك. تختلف عادةً اختصاصات المستثمرين، ولهذا ابحث عن المستثمرين في الموقع الجغرافي المناسب، وابحث أيضًا عن المستثمرين الذين يعرفون قطاع السوق، إذ يجب أن يكون هدفك هو العثور على موجّهين يمكنهم شرح الأسواق لك بطرائق دقيقة، ومهمة؛ وإذا وجدت سوقًا خصبًا، يمكنك ممارسة تنمية العملاء، والتعلّم، وتكرار طريقك إلى النجاح. العناصر الأساسية في العرض التقديمي عادةً ما يتمّ تقديم العروض من خلال ما يسمّى العرض التّقديميّ المنظّم (A pitch deck)، وتسمّى أيضًا علبة الشّرائح (A slide deck)، وهو عرض تقديميّ بالشّرائح تنتجه عبر برامج، مثل: PowerPoint، أو Prezi، أو Keynote، أو Google Slides؛ ويقدّم نظرةً سريعةً على منتجك، وما تطلبه وهكذا، فالعرض التّقديميّ مصمّم ليكون واضحًا، وموجزًا، ومقنعًا، وينبغي أن يتضمّن المجالات الرّئيسيّة الموضّحة في الشّكل 6.7. الشكل 6.7: تتضمن العناصر الرئيسية للعرض التقديمي تحديد الحاجة، وفرصة السوق، والحل المبتكر، وكيفية إدارة المشروع، والتمويل المطلوب، وكيفية تخفيف المخاطر. حفظ الحقوق: صورة مسجّلة لجامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 إليك العناصر الستّة الرّئيسيّة للعرض التّقديمي من "تطوير الإعلام، وريادة الأعمال" (Media Innovation and Entrepreneurship). كما يلي: العنصر 1: صورة وشعار هوية العلامة التجارية. إذ يجب أن تبدأ مجموعة شرائح العرض التّقديمّي بصورة لا تُنسى، فقد يكون شعارًا يمثّل منتجك بطريقة مبسطة، أو حتّى لقطة شاشة للإطار السّلكي لمنتجك، بصورة ثلاثيّة الأبعاد على حاسوب مثلاً ، إذا كان منتجًا؛ ومنحنّى تخطيطيًا، أو مخططًا انسيابيًا، إذا كان نموذج عملٍ لبرنامجٍ، أو خدمة. العنصر 2: سرد حلّ المشكلة. فبعض الأفكار الرّيادية تحلّ المشاكل الشّائعة، ويحلّ البعض مشكلات لم يعرفها المستخدمون، ولهذا اشرح قصّة حلّ المشكلة بإيجاز، وادمج العناصر المرئية، و"الخطّاف" (مشهد تمثيليّ، أو شهادة عاطفية، أو سؤال عميق، وما إلى ذلك) للتواصل مباشرةً مع الجمهور، إذ تعدّ من الأساليب الفعالة عند معالجة مشكلةٍ شائعةٍ بشكلٍ عام، وطرح السؤال أثناء رفع يدك لمطالبة الجمهور: "كم منكم واجه هذه المشكلة، أو القضيّة، أو التحدّي مؤخرًا؟" العنصر 3: السّمات الرّئيسية، ومقترح القيمة الخاصّ بك. يمكن لعرضك تقديم المستثمرين، والمتعاونين، والموظّفين المحتملين، وغيرهم، في ميزاتك الرئيسية، ومقترح القيمة، وواجهة المستخدم في نفس الوقت، ضع في الحسبان ضرورة استخدام نموذج بالحجم الطبيعي لمنتجك، أو صور نموذج أولي، لإظهار إمكانات تصميمك، مع الإشارة في نفس الوقت إلى الميزات الرئيسية التي تمّ دمجها في مقترح القيمة. أو اشرح ما تخطّط لتقديمه إلى الأفراد، أو المجتمع، إذا كنت في مشروعٍ غير ربحيّ. العنصر 4: وصف تناسب المنتج، والسّوق. حدّد مكانة السّوق بوضوح، واشرح كيف يخدم ابتكارك غرض السّوق بدقة، فليست كلّ المشاكل من النّوع الّذي يدفع النّاس المال مقابل حلّها، لذا اشرح سبب وجود سوق للتغلّب على هذه المشكلة، واذكر حجمه، ولماذا تعدّ قيمتك المقترحة هي الأفضل. العنصر 5: التّحليل التّنافسيّ. أظهر أنّ منتجك فريدٌ من نوعه، من خلال تحديد منافسيه، وتوضيح كيف سيبرز في السّوق، فهذا سيولي المستثمرين اهتمامًا كبيرّا بأيّ منافسين نسيتهم، أو تناسيتهم؛ كما سيرغبون في رؤية أنّ بإمكانك وضع حواجز تمنع الآخرين من الدّخول، وهذا خشية التهام المقلّدين الفوريّين لحصّة السّوق. العنصر 6: التّوقعات الماليّة. يمكن أن تساعدك لوحة نموذج العمل (BMC) على فهم كيفيّة وضع عرض القيمة الخاصّ بك في مركز ديناميكيتين، بدورتا الإدخال، والإخراج؛ أين يجب عليك الدفع مقابل المدخلات، والنّفقات العامّة، وأين ينبغي أيضًا للإيرادات من المخرجات -عاجلاً وليس آجلاً- الالتحاق بالنّفقات الأوّلية، ولهذا أظهر قيمة السّوق الإجماليّة. ثمّ أظهر حجم شِطْرك، وشِطْر مستثمريك منها. في كثير من الحالات، قد ترغب في إنهاء وصف فريقك، مع توضيح سبب قيامك بمهمّة تنمية هذا الابتكار بسرعة، وهذا قد يكون الإطار الأساسيّ لعرضك التّقديميّ المنظّم في مسابقة قصيرة، ويمكن إيصال مفهوم بعض العناصر في شريحة واحدة، فيما تأخذ عناصر أخرى أكثر من ذلك، لهذا اعمل على تطوير عروضك التّقديمية الأساسيّة بمزيد من التفاصيل، أو بالبيانات التّي يطلبها منظّمو المسابقة للمسابقات الطويلة؛ كما يفضّل ألاّ يزيد عرضك التّقديميّ المنظّم عن عشر شرائح، مع التّمرن على نسخة منه مدّتها دقيقتان، تغطّي فيها جميع المفاهيم الستّة المذكورة تحسّبًا لمقابلة مستثمر ملاك في الشّارع. لنراجع معًا ما فعلناه إلى الآن: وضعت رؤيةً لابتكارك، والشركة التي تريد بناءها حوله. قمت بتأسيس مهمّة، وتحديد هدفٍ واضح لها. لديك إحساس قويّ بروايتك الرّياديّة. ولكن إذا لم تتمكّن من التّعبير عن هذه الأشياء بطريقة تجعل الآخرين يرون القيمة، فقد لا ينجو ابتكارك، لذا فلا تنشئ عروضًا تقديميّة مخطّطة لغرض طلب المال، أو الدعم فقط. صحيح أنّ هذا هو الهدف الرّئيسيّ، ولكن عندما تعمل على عرضك التّقديميّ، فأنت تبني الحالة السّردية مرارًا، وتكرارًا، لما يجعل فكرتك ذات قيمة، ولماذا على الآخرين الاقتناع برؤيتك. العرض التقديمي المنظم كما ترى، فالوسيلة الأساسيّة التّي يمتلكها روّاد الأعمال لمشاركة رؤيتهم هي العرض التقديمي المنظم، وعادةً ما يمكن لعشر شرائح، أو عشرين، تقديم شرحٍ لشركتك، وأهدافها، والمعلومات الأساسيّة لإقناع الجمهور باتّخاذ إجراء، وخاصّةً حثّ المستثمرين على التّفكير في ضخّ أموالهم في المؤسّسة، إذ يجب أن تكون العروض التّقديميةّ مرئيّةً، وجذّابة، كما يستحسن أن تكون سهلة التّعديل، والتّرتيب، والجذب للمشاهدين بالفنّ، والبراعات، والدّعوات المعقولة. وبشكل عام، تنقل العروض التّقديميّة الإلهام وراء الابتكار، وقدراته المستقبليّة، ونقاط قوّة الفريق، ضمّن العديد من العناصر المرئيّة حسب حاجتك، ولهذا تأكّد من تطابق العناصر المرئيّة مع النصّ. بصفتك رائد أعمال، سيكون الحكم عليك بناءً على قدرتك على تطوير، وتقديم عرض تقديميّ يمكن اعتباره اختصارًا لقدرتك على البحث في السّوق، وتوجيه فريق، وإدارة منتج؛ فمشاركة رؤيتك باستخدام برنامج عرض الشرائح ليس بالأمر السهل، إذ لا ينبهر المشاهدون بالعروض التقديمية المعتادة، ومع ذلك، فالجماهير النّاقدة ستلاحظ أيضًا بسرعة عندما يكون العرض التّقديميّ جميلًا، مع افتقاره لمقترح قيمةٍ جيّد، فالعرض جيّد المحتوى يمكن تمييزه، حتّى لو لم يكن التّصميم، والتّقديم ممتازين. بعبارة أخرى: من المهمّ جدًّا الاهتمام بتطوير عرضٍ تقديميّ رائع المظهر، ومع ذلك فالأهمّ هو أن يكون المحتوى قيّمًا. سنستخدم العرض التّقديميّ المنظّم من آر بي ان بي (Airbnb) كمثال تم تقديمه بعد نمو الشركة،انطلاقًا من مرحلة التمويل الأولي إلى عملية ناجعة، مع آمالٍ كبيرة في نمو الإيرادات في المستقبل. أي أنّها تعدّت مرحلة التّأسيس، وبدأت جلب الأرباح حين استخدمت هذا العرض التّقديمي، وهذا بعدما قامت الشّركة بقسطٍ كبيرٍ من تنمية العملاء. يكون سجل الإنجاز دائمًا موضع تساؤلٍ عندما تطلب الشركات الصغيرة أموالًا كبيرة، لذا لاحظ كيف تصف Airbnb نجاحها السابق، وإمكانية نموّها في المستقبل: "عند التمويل، ستُغيّر AirBed & Breakfast اسمها، وتنميتها لتصبح علامةً تجاريةً عالمية". هذا العرض المباشر نسبيًا من 2008-2009 هو مثالٌ شائعٌ بسبب بساطته، ومقتَرَحِ قيمتهِ القويّ، فرغم تعليق بعض الخبراء بأنّ التصميم قد يكون أفضل. إلاّ أنّ لا أحد يستطيع إنكار أنّ هذا كان عرضًا تقديميًّا ناجحًا. زُر الموقع press.rebus.community لمشاهدة صفحة تحتوي على الشّرائح العشر اللاّحقة: الشّريحة 1: بدأت آر بي آن بي (Airbnb) باسم آر بيد آند بريكفيست "AirBed & Breakfast"، مع هويّة العلامة التّجارية باستخدام خطٍّ دون حواف (sans-serif)، واستخدام الألوان، وشعار واضح هو: "احجز الغرف مع السّكان المحليين، بدلاً من الفنادق". الشّريحة 2: بيان المشكلة واضح، ومباشر، إذ يحتاج المسافرون إلى بديلٍ ميسور للفنادق. الشّريحة 3: يركّز بيان الحلّ على طبيعة المنتج، فيظهر أنّه نظام على الإنترنت، كما يركّز على الميزات الأساسيّة فيه، وكيف تعطي تلك الميزات القيمة، بجانبيها الماليّ، والثّقافيّ. لاحظ أنّ الميزات، ومقترح القيمة قد وزّعت على ثلاث شرائح بسيطة. الشّريحة 4: لإثبات ملاءمة المنتج للسوق، لابدّ من وجود سوقٍ أوّلًا، إذ تشير منصّة Airbnb إلى أنّه في ذلك الوقت كان ثمّة 630 ألف مستخدم على موقع البحث كاوتش سيرفينج (couchsurfing.com)، باحثين عن غرف إقامة محليّة ، وفي نفس الوقت كان هناك 17000 قائمة مساكن مؤقّتة في موقع الخدمات كريغز ليست (Craigslist) في سان فرانسيسكو، ونيويورك مجتمعين في أسبوعٍ واحد. وبالتالي، كان هناك تجمّع كبيرٌ للمسافرين المحتملين، ومجموعةٌ كبيرة من مالكي غرف الإيجار، ومع ذلك فقد كانت هذه المجموعات في حاجة إلى منصّة موحّدة. الشّريحة 5: توضّح الشّريحة الخامسة حجم السّوق، وحصّة Airbnb، وهو ما يُظهر إمكانية النمو. الشّريحة 6: إكمال حالة ملاءمة المنتج للسوق، حيث تعرض هذه الشّريحة واجهة المستخدم الجذّابة، وتوفّر سردًا صغيرًا لكيفيّة عمل المنتج. الشّريحة 7: تعرض هذه الشّريحة إجماليّ الإيرادات لأربع سنوات في شكل عمليّة حسابيّة بسيطة، هي: أكثر من 10 ملايين رحلة × 20 دولارًا متوسط رسوم الرّحلة الواحدة = حوالي 200 مليون دولار في الإيرادات. وهذا دليل يثبت ملاءمة المنتج للسّوق، ويحفّز شهيّة المستثمر للأرباح المستقبليّة المحتملة. الشّريحة 8: توضّح هذه الشريحة كيف تغلّبت Airbnb بالفعل على منافستها لامتلاك السوق لأحداث معيّنة، وإنشاء شراكات. الشّريحة 9: يحصل المستثمرون هنا على الصّورة الكاملة عن المنافسة. الشّريحة 10: التوقّعات الماليّة محدّدة جيدًا في هذه المرحلة مع شرحها لفظيًّا، والتي تتضح من خلال عوائق دخول المنافسين الّتي تساعد Airbnb في الحفاظ على موقعها، وضمان أرباحها المستقبليّة، وتوقّعات نموّها. ضع في الحسبان أنّ ما تضمّنه العرض التّقديميّ المنظّم من Airbnb لم يكن عرضًا معقّدًا، فقد كانت AirBed & Breakfast، كما كان يُطلق عليها في ذلك الوقت، رائدًا في السوق في نيتش (niche)، أو مجالٍ مخصّصٍ حاولت شركاتٌ أخرى استغلاله سابقًا، أين لم يكن النموّ السّريع للشّركة ضمانًا، ومع ذلك فقد كان العرض جيّدًا جدًّا بالنّسبة للمستثمرين، بحيث لا يمكنهم تفويته، فرغم أنّه كان في مرحلة التمويل الأولي، أين لم ير بعض المستثمرين الإمكانات المحتملة لخدمةٍ تساعد الأشخاص على النّوم في مساكن أشخاصٍ آخرين، فعندما قدّمت الشّركة هذا العرض التّقديميّ المنظّم، كانت قد تجاوزت المخاوف الأوليّة بشأن السّلامة، والجدوى، وكانت مستعدّة للنموّ بسرعةٍ كبيرة، ويُظهر صكّ بنكيّ سنة 2018 أنّ Airbnb كانت قد أمّنت التّمويل من خلال ست جولات من مجموعة متنوّعة من كبار المستثمرين. كما رأينا، تُطوّر العروض التّقديميّة، والعروض المنظّمة، ويجري إلقاؤها لأسباب مختلفة، وعلى جماهير مختلفة، بمحتوى متنوّع. إذ يمكنك إعداد عرض تقديميّ لتحقيق رؤى مختلفة طويلة الأمد لمنتجك، أو حتّى تقليص فكرتك الأولى، إذا لم تنجح في تأمين التّمويل الأوليّ، وتعديل رؤيتك، وإعادة صياغة عرضك التّقديميّ؛ أمّا الباقي، فيتم تطوير العروض التقديمية، والخطابات، وتقديمها لأسبابٍ مختلفة إلى جماهير مختلفة، وذلك بمحتوى متنوع، فعلى سبيل المثال، يمكنك إعداد عروض تقديمية لمتابعة رؤى مختلفة طويلة المدى لمنتجك، أو يمكنك تقليص فكرتك، إذا لم تقم بتأمين التمويل الأوّلي، وتعديل رؤيتك، وإعادة صياغة عرضك؛ فما تشترك فيه جميع العروض هو الحاجة إلى إقناع الجمهور بصحّة طريقتك في إضفاء القيمة للمستخدمين، أو العملاء، وإظهار عناصر العرض الأساسيّة، مع تعديلها حسب كلّ نظرة مستقبليّة مختلفة. عروض حديث المصعد بعد اطّلاعك على عرضٍ تقديميّ نموذجيّ أجرته شركةٌ رائدة في السّوق، ما بين مرحلتيّ تمويلها الأوليّ، والسّعي إلى رأس المال الاستثماري، فقد يبدو لك من الصّعب إلهام المستثمرين خلال حديث مصعد مدّته دقيقة إلى اثنتين بمشروعٍ قيد التّطوير، ومع ذلك فالاستعداد لهذا النّوع من العروض أمرٌ ضروريّ، فعرض حديث المصعد عرض تقديميّ مختصر، وهو حديثٌ محفوظٌ يمكّنك من وضع دخول الباب، لتعرض لاحقًا عرضك التّقديميّ المنظّم كاملًا، ويجب التّطرق في عرض المصعد للعناصر الأساسيّة لحلّ المشكلة، ومقترح القيمة، وملاءمة المنتج للسّوق، والفريق، ولا شيء آخر. تقديم عرض المصعد فنّ، إذ يمكن حفظ ما ستقوله، بل يجب ذلك، ويمكن تقديمه تقديمًا غير رسميّ في أحداث التّشبيك، وحفلات العشاء، والتّفاعلات الاجتماعيّة الأخرى؛ إذ لا تعرف أبدًا متى قد تحتاج إلى إلقاء عرض مصعد، فقد تجد نفسك تتحدث إلى شخص يظهر اهتمامًا بمشروعك، وقد يكون ذلك في نزهة غولف، أو ملعب كرة، أو قاعة سينما، أو في متجر، أو الشّارع، أو بالطّبع في مصعد، ولهذا عليك حفظ العرض، وتحديثه. المثال الكلاسيكي لعرض المصعد الجيّد هو العرض الّذي يقدّمه المترشّحون للحصول على وظيفةٍ صغيرةٍ في شركة طالما حلموا بالعمل فيها، وهناك ستّة عناصر -حسب مقال في مجلّة فوربس- لكلّ عرض مصعدٍ يسعى صاحبه إلى الحصول على عمل. يجب أن يكون العرض موجّها: إذ لا ينبغي إعطاء انطباع بأنّ أيّة وظيفة ستفي بالغرض.، بل عليك تقدّيم نفسك لدور محدّد لا يزال صاحب العمل يحاول ملأه. من المفيد كتابة عرضك من أجل تعديله، وإتقانه. يجب تنسيقه بشكل صحيح. التّركيز على الشركة التي ترغب في العمل فيها بدلاً من التّركيز على نفسك، اشرح كيف تفهم ما الذي يبحثون عنه، واجعل هذا مدخلك إلى قصّة تنتهي بكونك أفضل من يناسب احتياجاتهم. تخلّص من الكلمات المنمّقة، والخطابات المؤسّساتيّة. تدرّب على أداء عرضك بصوت عالٍ، فعروض المصعد تلقى شخصيًا بكلّ الأحوال. ورغم هذا، يبقى العرض الشّخصي مهمّةً بسيطةً، ومباشرةً نسبيًّا، فإذا طُلب منك كتابة عرض تقديميّ لمشروعك المقترح، فابدأ بثلاث جمل، أو تغريدة من 280 حرفًا، واكتبها أولاً في شكل مجموعة من نقاط الحديث، حتى يمكنك عرضها بالتّرتيب الّذي يحلو لك دون التّلعثم محاولًا تذكّر كلّ كلمة منها، واجعل عرض المصعد خاصّتك واسعًا بما يكفي، بحيث يتمكّن أيّ عضوٍ من فريقك من إلقائه، وأي مستثمرٍ محتملٍَ من فهمه، فتقديم عرض المصعد عمليّةٌ خطيّة، بمعنى لا يتوقّع جمهورك إعادتك للعرض عليه، أو إجابته إجابات دقيقة عن أسئلته، كما هو الحال مع عرض مكتوب، أو منظّم، وتأكد من إحضار بطاقات العمل، وإبقاء هاتفك مشحونًا، وجاهزًا لتبادل معلومات الاتّصال، فتلك علامةٌ على نجاحك في الخطوة الأولى. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Telling Your Entrepreneurial Story and Pitching the Idea) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيف يحمي رواد الأعمال فكرتهم عند مشاركتها ويصقلوا عرضهم التقديمي من التعقيبات المقال السابق: كيف يشارك رائد الأعمال قصته الريادية
  18. غالبا ما يوصف برنامج شارك تانك (Shark Tank أي خزان القرش)، وقرينه العربيّ "تحدّي الهوامير" بأنّهما برنامجان حول تقديم العروض. وهذا خطأ، فهما برنامجان عن أناس، مخترعين غالبًا، ذوي قصص شخصيّة مثيرة للاهتمام، يبحثون عن المساعدة لنقل منتجهم إلى الخطوة التّالية، وما دور البرنامجين إلّا منحهم الفرصة لعرض فكرتهم على لجنة من المستثمرين، الّذين يقدّمون بدورهم -إذا نالت الفكرة إعجابهم- عرض تمويلٍ لمساعدة إيصال المنتج إلى السّوق، ويسبق كلّ عرضٍ ما يعدّه المنتجون أكثر القصص إثارةً للاهتمام من قصص رائد الأعمال، وبهذا يشاهد الجمهور ما يلهم روّاد الأعمال، وكم بذلوا من جهد في نماذجهم التّجريبيّة، وعروضهم، وعِظم ما يضعونه على المحكّ خلال تلك الدّقائق القليلة في الغرفة أمام المستثمرين، وبعد أن يضع رائد الأعمال قصّته في الصّورة، نحصل على عرضه الّذي يحفظه خلال 5 دقائق، والّذي إذا بدا فعّالًا تلاه نقاش من المستثمرين حول القيمة، والتّوجيه. هذان البرنامجان ليسا مجرّد برنامجي عرض أفكار، بل غايتهما إبراز جانب مهمّ من هذه الممارسة، فللقصص أهميّة للمستثمرين، والعملاء. والكثير من المستثمرين الملائكة يبنون قراراتهم الاستثماريّة تبعًا للفريق الّذي يقدّم العرض، أكثر من بنائها على المنتج نفسه. سنتحدّث في هذا المقال عن كيفيّة مشاركتك لقصتك الرّيادية، وسردها بالطّريقة الصحيحة، التي يساهم في رفع فرص منحك التّمويل اللّازم، والاهتمام أكثر بفكرتك، أينما كنت وبأيّ مدّة منحت لك للحديث عن قصتك الريادية، كما سنشير إلى أبرز مزايا، ومساوئ استخدام القصّة الرّياديّة للحصول على المبتغى. سرد قصتك يجب أن تكون قادرًا بصفتك رائد أعمال على مناقشة منتجك، وسرد دوره في حلّ المشكلة، وعرض قيمته المقترحة، ومكانته في السوق، والمنافسة دون عناء؛ كما تحتاج في عروضك أيضًا إلى أن تكون قادرًا على سرد قصّتك؛ لذا فاستعدّ لسرد قصّتك الرّياديّة بتطبيق أكثر أنواع القصص عالميّة مثل القصّة الخياليّة، وإليك نموذجًا يمكنك استخدامه: "ذات مرّة، واجهتنا مشكلة، ثم فكّرنا في الحل الأكثر إبداعًا، فعملنا بجدّ، وقمنا ببناء العديد من الإصدارات من الحلّ حتى وجدنا الحلّ المنشود، وهو هذا الابتكار الّذي تراه أمامك. وما بلغناه إلّا بتكلفة شخصيّة كبيرة، لكن ها هو ذا! ويمكنك أن تمتلك جزءًا منه، ولا أقصد هذا الابتكار الملموس أمامك على الطّاولة وحده، بل جزءًا من الفكرة ذاتها، إذ يمكنك أن تمتلك جزءًا كبيرًا من هذا النّشاط التّجاري، ونموّه المحتمل مستقبلاً، وكلّ ما عليك فعله هو الوثوق بنا، إذ يمكنك أن تكون جزءًا من السّحر، فنحن سنقدم هذا الابتكار للملايين، ونجعل حياتهم أفضل، وسنصبح أغنياء معًا، كما سنجعل العالم مكانًا أكثر ثراءً في الوقت نفسه، انضمّ إلينا! استثمر، وعش حياة السّعادة الدّائمة!" بطبيعة الحال، فالحكاية الخياليّة ليس صيغةً مناسبةً لتقديم عرضٍ تقديميّ عمليّ، ومهنيّ، غير أنّها قد تساعدك في وضع أجزاءٍ من رحلتك الرّياديّة على الورق، حتّى تتمكّن من نسج التّفاصيل الأساسيّة في عرضك أثناء تطوره. كيف لك أن تضمّن عناصر من القصّة الخياليّة حول رائد الأعمال هذا، لتكتب عرضًا وهميًّا عن أذكى اختراعاته؟ بمجرد أن تنمو الشركة، ستنمو معها قصّتها، لكنّ القصص الأصليّة للمؤسّسين ستبقى تلعب دورًا، فهذه القصّة الأكبر تسمّى رواية الشّركة، وهي ليست حكاية خرافيّة، إلّأ أنّها تنقل كيف نمت شركة ناجحة من شيء صغير، ربّما بدأ في مرأب لتصليح السيّارات في كاليفورنيا، إلى شركة، أو مجموعة قويّة تخدم ملايين الأشخاص؛ وتصوغ الشركات روايات، غالبًا باستخدام العديد من الزّخارف، لأغراض التّسويق، ولكنها تعمل أيضًا على تذكير القادة، والموظّفين بالرّؤية، والأحلام التي راودت مؤسّسي الشّركة من قبل. من أمثلة الشّركات النّاشئة الّتي لا تزال تلهم الكثيرين إلى يومنا هذا، شركة هيوليت باكارد (HP)، حيث تكمن أصولها في جهود بيل هيوليت، وديفيد باكارد، وهما زميلان في جامعة ستانفورد في الثلاثينيّات، اللذان بدآ شركتهما في مرآب حقيقي، ثم تجاوزت الشّركة بداياتها المتواضعة عدّة مرات، ويمكنك رؤية المرأب الفعليّ المرمّم في الشّكل 5.7. الشكل 5.7: رمّمت هيوليت باكارد المرأب الأصليّ في بالو آلتو بكاليفورنيا. أين بدأ مؤسّساها بيل هيوليت، وديفيد باكارد، زميلا الدّراسة بجامعة ستانفورد، العمل سنة 1938 على المفاتيح الكهربائيّة، ومذبذبات الصّوت الّتي أصبحت أولى منتجات شركتهما الجديدة. حفظ الحقوق: "HP Garage in Silicon Valley" عبر "MGA73bot2"/ Wikimedia Commons ترخيص CC BY 2.0 محاسن ومساوئ استخدام القصص الميزة الأساسيّة لاستخدام القصص في تطوير العرض، هي أنّها قابلة للارتباط بحياة المستمعين، فالقصص هي الطّريقة التّي نفهم بها حياتنا، لذا فمن الطّبيعي أن تساعد القصص الآخرين في فهم مشاريعنا الجديدة، فالقصص مفيدةٌ لنقل المفاهيم مع الصّور الّتي يأتي سردها من وجهة نظر معيّنة. عند تقديم عرض تقديميّ، يفضّل تجاوزك لعرض القيمة المقترحة لمنتجك من وجهة نظرك إلى عرضها من وجهة نظر عميل مخلص، متحمّس للمنتج. فتصبح أهدافك أهدافه، فعلى سبيل المثال، تمتلك العلامة التجارية نايك إير جوردان (Nike's Air Jordan)، واحدةً من أقوى المجتمعات المؤّيدة لها في العالم، وهم مدفوعون بقصص، كونهم -ولو بحدّ صغير- أشبه بواحد من أعظم الرّياضيّين في كلّ العصور، وبسبب إلهامهم، فهم لا يشترون أحذية، وملابس نايك فحسب، بل يخيّمون خارج المحلاّت في انتظار أن يكونوا جزءًا من أحدث إصدار. يمكن أن يؤدّي استخدام الهياكل السّردية للحصول على نقاط العرض التّقديمي الخاصّة بك، إلى إلهام المستثمرين المحتملين لرؤية رؤيتك، وأهدافك، ومشاركتها؛ ويتمثّل الجانب السلبي في تطوير، وتسويق العملاء المستند إلى السرد، في أنّه يمكن أن يؤدّي إلى ثقافة الاحتياج المصنّع، وهو شكل جديد من أشكال الاستهلاك، مبنيّ على ما يسمّيه المسوّقون "الخوف من التّفويت"، وهو طريقة أخرى لوصف النّشوة التي يشعر بها النّاس عندما تغمرهم العلامة التجارية، إذ يشير الخوف من الضياع (Fear Of Missing Out)، أو FOMO اختصارًا، إلى الشّعور بضرورة مواكبة أقراننا، والشّخصيّات الّتي يمثّلونها في الأوساط الاجتماعيّة، وخاصةً على وسائل التوّاصل الاجتماعي، حيث يمكنهم القول بأنّهم كانوا هناك أوّلاً، ولديهم أفضل الأشياء. كن واعيًا بالآثار الأخلاقيّة لعملك حتّى أثناء تطوير مهاراتك في التّرويج للمنتجات من خلال صياغة روايات ملهمة، فأنت بحاجةٍ إلى تعلّم كيفيّة تقديم عروض تقديميّة ناجحة لتنمية علامة تجارية، وشركة، أو مؤسّسة غير ربحيّة؛ إلّا أنّ هذا لا يعدّ ترخيصًا لتجاهل آثار عملك، لهذا اسعى إلى تحقيق التّوازن بين عروضك، وجهودك الرّياديّة، والاستهلاكيّة، والجهود المؤيّدة للمجتمع أيضًا، فقد يكون هذا النّوع من التّوازن قابلاً للتّحقيق عبر الحياة المهنيّة، وعبر منتجات الاستهلاك، والجهود الرّياديّة المجتمعيّة، فرواية القصص الجيّدة ستساعدك على تحقيق أهدافك. هناك نوع آخر من السّرد قد يكون خبيثًا - قصة رائد الأعمال الناجح للغاية، والذي يمتلك كل شيء-، نعم، فكما سبق وقلنا في مقالات سابقة من هذه السلسلة، فروّاد الأعمال يمكن موازنتهم بالأبطال الخارقين، فهم يحقّقون أشياءً يحلم بها الآخرون، لكنّ العديد منهم لديهم وظائف شاذّة تتميّز أيضًا بظروف مواتية، وحظّ، وعمل شاقّ، فالسرد الآخر الّذي يهمّ، بخلاف مجهودك الرّياديّ، هو روايتك الشخصية، فكما ينتظر من الشّركة النّاشئة النّاجحة تجاوز الإخفاقات، والتغلّب عليها؛ يتوقّع منك المثابرة بعد النّكسات عندما يكون من المعقول القيام بذلك. كما هو الحال مع أذواق المستهلكين وعاداتهم سريعة التطوّر في مواجهة ممارسات التّسويق "متعدّدة القنوات" في الاقتصاد الأمريكي، فمن المستحيل أن تكون أمام كل أحدث تقنيات المعلومات، والاتصالات (ICT)، فحتّى تقنيات التّصنيع تتطوّر بسرعة، إذا جعلته جزءًا أساسيًا من سرد شركتك بأنّك دائمًا "على رأس" جميع التّقنيات، فربّما تهيّئ عملك، أو خدمتك للفشل، وتعدّ تقنيات المعلومات، والاتّصالات، والتّصنيع من القطاعات الضّخمة في الاقتصاد العالمي، وليس من المتوقّع أن تعرف عنها كلّ شيء، إذا تمكنت من التغلّب على الخوف من الضياع (FOMO) الخاص بك، فيما يتعلّق بأحدث التطورات التقنيّة، فقد لا تكون قصّتك مثالية، ومع ذلك فستتمكّن من العمل من موقع التّوازن الشّخصيّ، والمؤسّسيّ. كن أيضًا واقعيًا بشأن قصّة ريادة الأعمال الخاصّة بك، فقد يفقد روّاد الأعمال الذين يركزون كثيرًا على سردهم الخاصّ تحديّات السّوق المهمّة، أو المشكلات العميقة الجذور في تصميمهم، أو ميزاتهم الرّئيسيّة، كما قد تنشأ قضايا يتجاهلونها، معرّضين مشروعهم لخطر التّهالك، إذا آمنوا بأنّ قصصهم مسألة قدر، فتجاهل العقبات، والإخفاقات، وأوجه القصور فيك، وفي قيمتك المقترحة، وفي مؤسّستك، من شأنه إعاقة قدرتك على تنمية مشروعك إلى حدّ خطير، فدورك كمبلّغ ليس تكرار قصّتك الخياليّة، ومحاولة العيش فيها، بل هو في سرد قصّتك الرّياديّة، وإظهار قدرتك على التغلّب على التحديّات، والنموّ؛ فهذه القدرات ترتبط بالمثابرة، والاستفسار المدروس، وتقديم القيمة، والحلول للآخرين. والآن بعد اطلاعك على محتوى هذا المقال، نفترض أنّك قد صرت على دراية تامّة بمدى أهمّية سرد قصّتك الرّيادية التي جعلتك تفكّر في المنتج، أو الخدمة التي تعرضها على المستثمر، حيث يجب عليك التّدرب على إلقائها جيّدًا، مع الحفاظ على واقعيتك التّامة حتى لا تنحرف عن هدفك الأساسيّ من هذا السرد، وحتى لا يكون لقصتك تأثير عكسي عليك. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Telling Your Entrepreneurial Story and Pitching the Idea) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيف يبني رواد الأعمال العروض التقديمية الريادية لأهداف وجماهير مختلفة المقال السابق: كيف يعرض رائد الأعمال رؤيته ومهمته وأهدافه الريادية
  19. يمكن موازنة روّاد الأعمال أحيانًا بالأبطال الخارقين، فهم يحلّون المشاكل، ويحملون قوّةً كبيرةً، ومعها مسؤوليّة تماثلها، كما أنّهم مستعدّون لخوض المخاطر، فهم لا يهتزّون في وجه الفشل، ويسعون إلى إيجاد حلول، وتطوير مستمرّ لمنتجاتهم، مع إبقاء عملائهم في الحسبان، لتتجاوز حلولهم احتياجاتهم الفرديّة؛ وحين ينجح رائد الأعمال، يقول الآخرون "لو أنّني فقط فكّرت في ذلك!". لكنّ التّفكير، والفعل غير كافيين، حيث يدرك روّاد الأعمال ضرورة مشاركة قيمة، وأصل مشروعهم، فهم لا يكتفون بحلّ المشاكل، بل يروون قصص الكوارث الّتي تجنّبوها، والمنافسين الّذين تفوّقوا عليهم، والخسائر المؤلمة الّتي عايشوها، وتعلّموا منها الانطلاق من جديد. ويقدّم سرد حلّ المشكلة مشكلةً محدّدةً تؤثّر على الكثير من النّاس، وتعرض الخدمة، أو المنتج على أنّه حلّ ابتكاري، وفريد، وحكيم. الرؤية يعدّ البقاء مركّزًا خلال سلسلةٍ متكرّرة من النّجاحات، والإخفاقات، أمرًا يتطلّب أكثر من مجرّد سرد حلٍّ لمشكلة، فأنت تحتاج إلى رؤية، وبالمقابل بيان مهمّة، وأهداف؛ وقد تعلّمت هذا سابقا في مقال (الرؤية والأهداف الريادية)، لكنّ عليك مراجعتها حين تنوي تطوير قصّتك، وصقل عرضها على المستثمرين المحتملين، والعملاء، والموظّفين. فالعرض هو تقديم رسميّ تطلب فيه شيئًا ما. ويكون موجّهًا عادة إلى المستثمرين في شركةٍ ناشئة. يمكن تعريف بيان رؤية سارة منقارة على أنّه تمنّي العيش في عالم لا يتعرّض فيه المعاقون بصريًّا إلى التّمييز، فمهمّة مشروعها هي تأسيس منظّمة غير ربحيّة تعمل بكفاءة على إظهار الإنسانيّة، والقيمة في المعاقين بصريًّا إعاقةً شديدةً لسكّان الولايات المتّحدة الأمريكيّة، والشّرق الأوسط، وشمال إفريقيا؛ فالهدف الرّئيس من رؤية سارة، بتخيّل مستقبل المنظّمة طويل الأمد، هو جعلها قائدًا عالميًّا في تقديم الخدمات للمعاقين بصريًّا؛ أمّا الأهداف الخاصّة، فتتضمّن استضافة الأحداث، وتطوير البرامج التّعليميّة، وتنظيم حملات التّوعية، وبالطّبع جمع التبرّعات. وباتّباع هذا المثال عن المهمّة، والرّؤية، والأهداف؛ لنحلّل كلّ مفهوم من المفاهيم الثّلاثة، ونرى كيف تعمل، وتنطبق على مشروعك المحتمل. يحدّد بيان الرّؤية -كما رأينا- الغرض العامّ، أو ما يريد رائد الأعمال لمشروعه أن يصبح مستقبلًا، وقبل تمكّنك من إنشاء بيان مهمّة مركّزًا، وأهدافًا تجيب عن الأسئلة من أنت؟ وماذا تفعل؟ وإلام تخطّط مستقبلا؟؛ فعليك تطوير بيان رؤيةٍ يتيح لك النّظر إلى المستقبل للإجابة عن السّؤال: "ماذا يمكن أن نصبح إذا صارت منظّمتنا في أحسن نسخة ممكنة منها؟" تعدّ كتابة بيان الرّؤية تمرينًا على التصوّر، أو توليد الأفكار، وهذه الأخيرة تعدّ عمليّةً هادفةً يفتح فيها المرء عقله لخيوط تفكير جديدة تتفرّع إلى مختلف الاتّجاهات انطلاقًا من غرض محدّد، أو مشكلة، وهي في حالتنا هذه تهدف إلى توليد احتمالات جديدة للمنتجات، أو الخدمات، أو العمليّات الّتي تجلب النّجاح لمشروعك، فبيان الرّؤية أكثر انفتاحًا من بيان المهمّة. الجدول 1.7 يبيّن بياني الرّؤية، والمهمّة لشركة أمازون. لاحظ كيف يختلفان: بيان الرّؤية، وبيان المهمّة لشركة أمازون بيان رؤية أمازون بيان مهمّة أمازون أن نصبح الشّركة الأكثر تركيزًا على العميل على وجه الأرض، أين يجد العملاء، ويكتشفون أيّ شيء يريدون اشتراءه عبر الإنترنت. نسعى إلى تزويد عملائنا بأقلّ الأسعار الممكنة، وأفضل الخيارات المتاحة، وأكبر قدر من الرّاحة. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 7.1 لاحظ الفروق بين البيانين. بيان الرّؤية يتطلّع إلى المستقبل، وهو أعمّ من بيان المهمّة. إذا أردت إنشاء بيان رؤية قويّ، فانظر إلى الميدان الواسع الّذي تنشط فيه منظّمتك، وكن عامًّا، وقيّد حلمًا غير ممكن التّحقيق حاليًّا، ولكنّه يعرّف حال مخرجاتكم الجماعيّة في أفضل سيناريو ممكن. فإنشاء بيان رؤية يمكّن منّظمتك -كونها فريقًا- من التعرّف على المجالات الرّئيسيّة للتطوّر المحتمل، والتّأثيرات الاجتماعيّة الرّئيسيّة الّتي يمكنك الحصول عليها؛ لكنّ من المهمّ البقاء مركّزًا على التّغييرات في مجالك، أو قطاعك، وإعادة صياغة بيان رؤيتك، إذا دعت تلك التّغييرات إلى ذلك. شركة نتفليكس، على سبيل المثال، بدأت بهدف تقديم الرّاحة، والقيمة الأقصى للعملاء الّذين يستأجرون أقرص DVD، ولكنّ تطوّر منصّات استهلاك التّسلية فرض عليها هي أيضًا التطوّر، ولهذا تحوّلت إلى بثّ المحتوى عبر الإنترنت، وصار بيان رؤيتها سنة 2019: "الغدوّ أفضل خدمات توزيع التّسلية عالميًّا". عند صياغة بيان الرؤية، اكتب أسئلة تبدأ بـ: "كيف يمكننا …؟"، أو العبارات التي تبدأ بـ: "في عالم مثاليّ، ستقوم منظّمتنا …"، فصياغة بيان رؤية يتوقّف على أهداف خدمة المنظّمة، ويحوّلها إلى مصلحة اجتماعيّة دائمة (يجب ألا تعِدَ بإحلال السّلام العالمي، أو إعطاء كلّ شخص ألف دولار، ولكن يجب أن تنظر في كيفيّة عمل الشركات في مجالك، وتحلم بتحسين الأداء الإستراتيجيّ، والاجتماعيّ)، وتوفّْر الخطوات الموالية نقطة انطلاق جيّدة: اذكر كيف ستعمل مؤسستك في سيناريو الحلم. اربط أحلام مؤسستك بآمال أوسع للتقدم. حدد كيف ستجعل العالم مكانًا أفضل في المستقبل من خلال منتجاتك، وخدماتك. لا يجب أن تكون الأحلام جامحةً حتى تكون جذابة، أو واسعة التّأثير، فالغرض من بيان الرؤية ليس تحديد أهدافٍ غير قابلةٍ للتحقيق، بل فتح العقول في المنظّمة. فإذا لم يكن لبيان الرّؤية أساسٌ في الواقع، أمكن تجاهله بسهولة؛ وعلى النّقيض، إذا كان يركّز على حصّة السّوق، وتطوير المنتجات (أي الأشياء الملموسة، والموجّهة نحو المهمّة)، فقدْ فقدَ هدفه. تخيّل أنّ أفضل فريقٍ لديك يبذل قصارى جهده من خلال القدرات، والإمكانيات المستقبلية التي أتاحها رواد الأعمال، والمبدعون الآخرون مثلك؛ ثمّ حدّد بوضوح مدى تأثيرك في تغيير العالم، ومرةً أخرى، الهدف ليس تطوير توقّعات لا يمكن التحكّم فيها، أو المطالبة بالابتكار المستمرّ من الموظّفين، والمساهمين الذين لديهم وظائف تدعم العمليّات اليومية؛ بل هو تطوير محادثة حول ما هو ممكن للمؤسّسة. وبالنّسبة للمؤسّسات الصّغيرة النّاشئة، يمكن أن تكون الرؤية أبسط، على أن تركّز تجربةً فريدةً ترغب في إنشائها لعملائك، أي يجب -بعبارة أخرى- أن يكون بيان الرّؤية طموحًا، مع ارتباط ببيان المهمّة. يسرد الجدول 2.7 بيانات الرّؤية لبعض الشّركات عبر مجموعة متنوّعة من الصّناعات. أمثلة عن بيان الرؤية المؤسّسة بيان الرّؤية جمعيّة آلزهايمر عالم خال من مرض آلزهايمر علّم لأمريكا يومًا ما، سيملك كلّ اطفال هذه الأمّة الفرصة للحصول على تعليم ممتاز. المشاع الإبداعي (Creative Commons) تحقيق القدرة الكاملة للإنترنت: وصول عالمي للأبحاث، والدّراسات، ومساهمة كاملة في الثّقافة، ودفع عهدة جديدة من التّطوير، والنموّ، والإنتاجيّة. واربي باركر عرض نظّارات المصمّمين بسعر ثوريّ، مع قيادة الدّرب لأعمال تجاريّة واعية مجتمعيًّا. آيكيا لخلق حياة يوميّة أفضل لأكثر عدد ممكن من النّاس. الجدول 2.7 بيانات الرّؤية القويّة ذات تفكير تقدّمي. لا يحتاج بيان الرّؤية إلى الطّول ليكون قويًّا، فمثالنا التّالي يحتوي على خمسة عشر كلمة فقط: "في آيكيا، تتمثل رؤيتنا في خلق حياة يومية أفضل لأكبر عدد ممكن من النّاس"، حيث يركّز بيان الرؤية هذا على ما تأمل آيكيا في تحقيقه، وما يمكن أن يطمح موظّفوها إلى تحقيقه، وهو أشخاص يجعلون الحياة اليومية أفضل للآخرين. لاحظ عبارة "أكبر عدد من النّاس"، هذه عبارة مقصودة، إذ تصنع آيكيا منتجات يتم تسويقها على نطاق واسع، وتختار مواءمة رؤيتها مع المستهلكين المستهدفين، كما لم تتم صياغة بيان الرؤية هذا في إطار سياسيّ؛ بل هو نموذج مثاليّ للعلامة التّجارية العالميّة، ويشير إلى نتيجة إيجابية واسعة النطاق، فبيان آيكيا هو رؤية خالصة تقريبًا، حيث يجب أن يربط بيان الرؤية العمل اليومي للمؤسسة بالمثل الأعلى العالميّ، بدلاً من محاولة رسم خارطة طريق للتنفيذ. وإلى جانب رؤيتها، تتابع آيكيا ما تسمّيه "فكرتها التجارية"، وهي تنصّ على: "فكرة عملنا هي 'تقديم مجموعة واسعة من منتجات تأثيث المنزل العملية، والمصممة تصميمًا جيّدًا بأسعار منخفضة للغاية، بحيث يتمكن أكبر عدد ممكن من الأشخاص من شرائها"، وهذا أشبه بتهجين القيمة المقترحة، وبيان المهمّة في صياغةٍ واحدة، حيث تشرح القيمة المقترحة بالضّبط ما تفعله منظّمةٌ، أو شركةٌ، ويدفع النّاس مقابلها (أو يساهمون فيها في حالة المنظمة غير الربحية)، وهي نقطة مركزية في أيّ خطوة. ومن أمثلة بيانات الرّؤية المعقّدة نذكر بيان كوكا كولا، فبالرغم من كونها شركة ناجحة جدًّا، إلّا أنّنا نجد صعوبة في التّفريق بين بيان الرّؤية ،وبيان المهمّة المنشورين على موقعها الإلكترونيّ. يوضّح الشّكل 7.2 مجموعة كبيرة من البيانات، والتعليقات بعنوان "المهمّة، والرؤية، والقيم" على موقع كوكا كولا الإلكتروني الذي يتضمن أقسامًا عن ثقافة مكان العمل، والتّركيز على السّوق، و"العمل بذكاء"، حيث تغطّي هذه المفاهيم مجتمعةً معظم ما ناقشناه في هذا المقال. لم تتعمّد كوكا كولا هنا إغفال المعطيات المهمّى في صفحة "المهمّة، والرؤية، والقيم". بل ربّما حاولت قول الكثير. ومن الأخطاء أيضًا كيفيّة صياغة هذه الأفكار. وبالنّسبة لشركة مثل كوكا كولا، ذات النّجاح الواسع، والانتشار العالميّ، وبعض لحظات الإعلان الخالدة؛ فإنّ بيان رؤية مثل هذا لا يمكن إلاّ أن يوصف بالميت. الشكل 2.7: هذا بيان مهمّة، ورؤية، وأهداف كوكا كولا. حفظ الحقوق: صورة مرخّصة باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 هذه حالة تقليديّة من "الإخبار بدل الإظهار"، ويمكن القول بأنّ كلًّا من آيكيا، وكوكا كولا، يسعيان إلى تحسين حياة الأشخاص قليلًا تحسينًا يوميًّا، ولكنّ كوكا كولا بجموعة بياناتها تلك، تحاول تغطية كلّ أنواع الرّؤية لكلّ علاقة هامّة، أو كلّ جانب مؤسّساتي يمكن تخيّله، وتملك فوق هذا بيان مهمّة منفصلًا على موقعها الإلكتروني. رغم أنّ هذا البيان منشورٌ على أنّه بيان مهمّة، إلاّ أنّ صياغته أقرب إلى بيان الرّؤية، إذ جاءت فيها القيمة المقترحة فكرةً لاحقةً في خطاب مؤسّساتي، وكلّ هذا مرتبط برؤيةٍ غامضةٍ لسنة 2020، وما هذا ببيان رؤية فعليّ، بل هو أشبه خاتمة لمحتوى "المهمّة، والرؤية، والقيم"، وليس من الواضح ماذا ينبغي للقيادة، والموظّفين، والشّركاء، والعملاء أن يفعلوا بهذه المعلومات. تعدّ كوكا كولا إحدى العلامات التّجاريّة الأكثر شهرةً في العالم، ويمكن للشّركة أن تنمو من خلال إنشاء منتجاتٍ جديدةٍ، واستعادة حصّتها في السّوق من المنافسين؛ ومن الضروري إذا راجعت الشّركة بياناتها تلك، أن تحاول التحدّث إلى كلّ المجموعات سالفة الذّكر بصوتٍ واحدٍ، بدلاً من محاولة مخاطبة كلٍّ منها على حدى في بيانٍ واحد. تختلف صياغة بيان الرّؤية لمشروع رياديّ عن إعادة صياغة بيان رؤية شركة كوكا كولا، فالشركة الناشئة في طور تحديد نفسها، مما قد يجعل إنشاء رؤيةٍ بعيدة المنال أمرًا صعبًا، لكنّ صياغة بيان الرؤية، والالتزامَ به، يُمكن أن يذكّر القادة، والموظّفين بما هم قادرون عليه، وبما يدور حوله سوقهم، لذلك فهي خطوةٌ مهمّةٌ، ويعدّ بيانُ الرؤية الجيّد واسعًا بما يكفي للسّماح لمؤسّستك بالتحرّك داخل سوقها بينما لا تزال تهدف إلى تحقيق بعض الخير في العالم. المهمة تعرّفت في بداية هذا المقال على شابّةٍ تسعى لمحاربة الظّلم الاجتماعي، وقد كانت مهمّة منقارةٍ بديهيّةً، حيث جاء ذلك بعد تجربتها في مواجهة الأحكام المسبقة في المجتمع. أي أنّ مهام ريادة الأعمال الأخرى قد لا تكون شخصيّة، أو إيثاريّة؛ لكنّها لا تزال قوّةً تدفع بحماسٍ للبحث عن الحلول، كما رأينا مع منقارة، فغالبًا ما يطوّر روّاد الأعمال فكرة منتجٍ، أو خدمةٍ من خلال تجربةٍ صعبةٍ، أو محبطة؛سواء كانت بسبب ظلم اجتماعيّ، أو غيره. المهمّة الرّياديّة هي سبب الوجود سواء تعلّق الأمر بشركة، أو بمنظّمة غير ربحية، ويكون التّعبير عنها كمفهوم ذاتيّ في نطاق السّوق، ويتضمن إحساسًا بالعمل، وعند التفكير في مهمّة المشروع، فإنّ الأسئلة المناسبة هي: من نحن؟ ماذا نصنع؟ أو نفعل؟ لماذا نحن موجودون كمؤسسة في المقام الأول؟ يحدّد الشّعور العالي بالمهمّة ماهية المنظّمة، وما تسعى إلى أن تصبح عليه، فحتّى المنظّمات غير الرّبحيّة تتواجد في الأسواق، لذا فعليها التّنافس على الموارد، وتعريف ذاتها عبر الخدمات الّتي تقدّمها، وتساعد صياغة مهمّة واضحة المنظّمة غير الرّبحية على الحصول على التّمويل؛ أمّا في عالم الرّبح، فهي تساعد الروّاد في الشّرح للمستثمرين، والعملاء، والموظّفين لماذا "ذلك الشيء الخاص بهم" -أيّا كان- يستحقّ الإنجاز. على سبيل المثال، لدى منظّمة الصّليب الأحمر الأمريكيّة، وهي إحدى أقدم، وأشهر منظّمات الإغاثة في الولايات المتّحدة، بيان مهمّة محدَّدًا للغاية: "يمنع الصّليب الأحمر الأمريكيّ، ويخفّف من المعاناة الإنسانيّةِ في مواجهة حالاتِ الطّوارئ من خلال حشد القوّة من المتطوّعين، وكرم المانحين". ويعدّ تحديد مهمّةّ المنظّمة بوضوحِ، وبشكلٍ خاصّ، أمرًا ضروريًّا للنّجاح. فبيان المهمّة هو تعبيرٌ واضحٌ عن سبب وجود المؤسّسة الّذي يحدّد هدفها الأساسيّ طويل الأمد، وغالبًا ما يتضمّن خطّة عملٍ مختصرةً لكيفية الوصول إلى هذا الهدف، ويصاغ بيان المهمّة عبر الإجابة عن الأسئلة السّابقة: من نحن؟ ماذا نصنع أو نفعل؟ لماذا نحن موجودون كمؤسسة في المقام الأول؟ يؤدّي تطوير بيان مهمّة فعّال، والالتزامُ به، إلى وضع أعضاء أيّ مؤسسة على صفحة واحدة، ويبلّغ الشّركاء، والمستهلكين المحتملين أنّ مؤسّستك تعرف إلى أين تتّجه، حيث يمكن مراجعة بيانات المهمّة، ولكن من الأفضل تنفيذها بشكل صحيح في البداية، ويساعد بيان المهمّة القويّ أصحاب المصلحة في تحديد أولويّات خطوات عمل الكيان، ويجب أن يوجّه القرارات. عندما يتعلق الأمر بصياغة بيان مهمّةٍ فعّال، فإنّ الوضوح هو المفتاح، إذ يجب أن يكون البيان محدّدًا، وغالبًا ما يكون ما يُترك خارج بيان المهمّة، بنفس أهميّة ما يكتب فيها، فبيان المهمّة الجيّد يكون مركّزًا، ومباشرًا، وصادقًا، حول السّوق المعنيّة، وكذا حول قدرات المنظّمة، وإمكانيّاتها؛ كما يحقّق التّوازن الصّحيح بين التّطبيق العمليّ، والأمل. لدى باتاغونيا على سبيل المثال، وهي شركة ملابس خارجيّة، بيان المهمّة المقنع التّالي: "باتاغونيا: نصنع أفضل منتج، ولا نسبّب أيّ ضرر غير ضروريّ، ونستخدم التّجارة للإلهام، وتنفيذ حلول الأزمة البيئيّة." قد يقول بيان المهمّة غير المناسب ما يلي: "في شركة الألعاب الفلانيّة، نصنع أفضل الألعاب الخشبية التي يمكن أن يشتريها المال، ومهمّتنا هي الاستمرار في النموّ لنكون رائدين في السوق في صناعة الألعاب الكلاسيكيّة"؛ أمّا بيان المهمّة الأفضل فهو: "شركة الألعاب الفلانيّة هي شركة رائدة في السّوق في صناعة الألعاب الخشبية في الشّرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وتتمثل مهمّتنا في قيادة السّوق العالميّ في مجال تصنيع الألغاز الخشبية، والسيّارات الخشبية، وخدمة العملاء بإصدارات جديدة من الألعاب الكلاسيكيّة"، فكلا البيانين يترك مجالا للنموّ، لكنّ الثّاني يحدّد بدقّة أكبر ما هي المنظّمة، وإلى أين تتّجه على المدى الطّويل. يجب أن يمتنع بيان المهمّة عن استخدام العبارات المبتذلة، لأنّها تقيّد الرّؤية المحدّدة، والفريدة للمشروع، كما لا ينبغي أن يحدّ البيان من الابتكار، أو الإبداع، ويجب أن يشير إلى المستهلكين، أو العملاء. لإنشاء بيان مهمّة قوي، ابدأ بتحديد ماهية المنّظمة، فحتّى في شركة ناشئة، لديك حلّ أساسيّ للمشكلة، وفكرة عمّا سيكون عليه المنتج، وبالتّالي العلامة التّجاريّة. فقط كن محدّدًا عند تعريف سبب وجود مؤسّستك دون الحدّ من سبل النّموّ، وضمّن، أو وارِ مهمّة الخدمة في المهمّة الأوسع، فعلى بيان المهمّة التّعبير عمّا يلي بشيء من التّفاؤل: حدّد من أنت. حدّد ما تفعله الآن، ولمن. حدّد ما تريد القيام به في المستقبل. قد تتغيّر المهمّة تغيّرًا كبيرًا في المراحل المبكّرة، لذا فلا ينبغي صياغة بيانات المهمّة بطريقة تحدّ من قدرة المؤسسة على التحوّل، بمعنى تغيير قيمتها المقترحة لتحقيق تناسب أكبر بين المنتج، والسّوق؛ وبينما لا ينبغي نبذ التّغيير، لا تراجع، وتغيّر بيان المهمّة إلاّ إذا كان ذلك ضروريًّا ومفيدًا، فعادةً ما تقوم الشّركات، والمؤسّسات بتغيير بيان مهمّتها عندما تقوم بتحوّل كبير، إمّا بسبب الاستحواذ، أو التحوّل إلى سوق آخر، أو تطبيق إستراتيجيّة نموّ جديدة، وما إلى ذلك؛ وإمّا لتغيّر الغرض منها تغيّرًا كبيرًا. على سبيل المثال، تأسّست منظمة مسيرة الدّايمز (The March of Dimes) في الأصل لخدمة المصابين بشلل الأطفال، ولكن مع نجاح لقاحات شلل الأطفال، والقضاء على المرض في الولايات المتحدة، غيّرت The March of Dimes مهمّتها للتّركيز على منع التشوّهات الخلقيّة، والولادة المبكّرة، ووفيات الأطفال. وفي مثال آخر، تأسّست سلاك (Slack)، وهي شركة ناشئة بتمويل رأس المال الجريء، وطُرحت منتصف 2019 للاكتتاب العام، وجاء تأسيسها على أنّها منصّة لمطوري الألعاب عبر الإنترنت للتعاون، ففشل المشروع الأصلي (مرتين)، لكن لاحظ المؤسس أنّ مهندسيه استخدموا الأداة للتّعاون السّريع، ولم يحتاجوا إلى بريد إلكتروني، أو وسائل تواصل أخرى من ميكروسوفت ويندوز، وبهذا نشرت سلاك بسرعة هذا التّغيير، عبر بيان مهمّة بسيط: "سلاك هو المكان الّذي ينساب فيه العمل، والمكان الّذي يجمع النّاس الّذين تحتاجهم، والمعلومات الّتي تتشاركها، والأدوات الّتي تستخدمها معًا لإنجاز المهامّ." ثمّة شيء واحد يجب أن يكون واضحًا، وهو أن الغرض من المنظّمة ليس الإتيان ببيانات مهمّة، ورؤية أفضل؛ إنّما الغرض منها هو تقديم قيمةٍ للأشخاص، ومحاولة الحصول على أموال، أو دعمٍ أثناء ذلك؛ والهدف من صياغة بيانات المهمّة، والرؤية، هو مساعدتك على تحقيق هذه الغاية، وباختصار يمكننا القول أنّ بيان رؤيتك هو حلمك، وبيان مهمّتك هو استراتيجيتك في سوق العالم الحقيقيّ، فالرّؤية هي عبارة عن بيانٍ حول سبب أهميّتك كمنظّمة، مع نظرةٍ إلى ما ستصبح عليه في المستقبل؛ في حين أنّ المهمّة هي عبارة عن بيان حول أولئك الذين قد يخدمهم المشروع. سيساعدك تنقيح هذه البيانات على توضيح قصّة ريادة الأعمال الخاصة بك. الأهداف تحتاج المنظّمة إلى تسطير أهداف محدّدة لمنتجاتها، وخدماتها لتحافظ على فائدتها، إذ يجب تحديد الأهداف بعبارات دقيقة مناسبة للسّوق، فعلى سبيل المثال، يحتاج مطعم إيطالي فاخر جديد في شيكاغو إلى هدف أوليّ حول كيفيّة جذب عملاء جدد، والاحتفاظ بهم بناءً على رؤيته، ورسالته، مقارنة بما هو متاح بالفعل، فربما لا يكون الهدف الأوليّ لشركة جديدة هو سحق كلّ المنافسة، والاستيلاء على مركز احتكار؛ وبدلاً من ذلك، قد تأمل في الحصول على نسبة من حصّة سوق منافس قريب، أو إنشاء منتجٍ جديدٍ للوصول إلى سوق متخصّصة، ففي هذه الحالات، تسطّر الأهداف على أنّها نتائج محدّدة لجذب عملاء المنافسين. أو إنشاء فئة جديدة، كما في مثال سبانكس أين أنشأت صاحبتها نوعًا جديدًا من الجوارب النّسائيّة الطّويلة. لولوليمون اثليتيكا (Lululemon Athletica) هي شركة رائدة في الملابس الرّياضيّة النّسائيّة، وهي من النّوع المركّز على العملاء، وقد احتاجت مؤخرًا إلى إلى أهدافٍ جديدةٍ للنموّ، بحيث تتّسق مع مهمّتها: "إنّ الإدارة عازمةٌ على زيادة أرباح الشّركة إلى 4 مليارات دولار بحلول عام 2020، وهذا يتضمّن تنمية نشاطات مساهمةٍ صغيرةٍ عادةً إلى أعلى مستوى، مثل: التّجارة الرّجاليّة، والدّوليّة، والرّقمية." قد تكون الأهداف تكتيكيّة على المدى القصير أيضًا، لكن يجب أن تكون معقولةً، قابلة للتّحقيق، ومتأثّرة بالفهم الدّقيق للسّوق، والمنافسة، فلا شيء يعيق النّمو، ويصعّب الطريق لتحقيق رؤيتك بشكل أسرع أكثر من تحديدك لأهداف غير قابلة للتّحقيق، وإلزام أعضاء المنظّمة بمعايير مستحيلة؛ وبدلاً من ذلك، حدّد أهدافًا "ذكيّة" حسب نموذج سمارت SMART الّذي ناقشناه في مقال الرؤية والأهداف الريادية. وهي الحروف الأولى من كلمات تصف الأهداف. هل من المعقول أن تسعى شركة صابون طبيعيّ إلى الحصول على 1.5% من حصة السّوق العالمية بعد عامين من التأسيس؟ لنفكّك الهدف لتقييم مدى اتباعه لنموذج SMART، يعدّ محدّدا لأنّه يذكر مبلغًا مستهدفًا بوضوح ( 1.5%) من سوق محدّد (السّوق العالميّة للصّابون الطّبيعيّ)، وحصّة السوق قابلة للقياس، إذ يمكننا افتراض أن هذا هدفٌ يمكن تحقيقه لشركتنا التخيّليّة النّاشئة، لكن هل هو ملائم؟ دائمًا ما يكون الحصول على حصة في السوق أمرًا ملائما لأنه يترجم إلى أرباح قصيرة الأجل، وإمكانية تحقيق أرباح مستقبلية في نفس الوقت؛ أمّا الهدف فكما هو مذكور في الوقت المناسب (في غضون عامين). وبالتالي، هذا هدف يتبع نموذج SMART. أهداف SMART ليست ضمانًا للنجاح، فقد تكون مخطئًا بشأن ما إذا كان الهدف قابلا للتّحقيق على سبيل المثال، أو قد تفشل في قياس النّتائج بشكل صحيح، وقد لا تكون فكرتك محدّدة جيدًا، أو فريدةً كما كنت تعتقد؛ ومع ذلك، فمن الأفضل بكثيرٍ تحديد الأهداف، مع وضع كل هذه العوامل في الحسبان بدلًا من ممارسة التفكير بالتمنّي، أو تحديد أهداف مجرّدة، والأمل في الوصول إلى معايير العمل عن طريق الحظّ. أََدركْ أنّ تحديد هدف SMART هو تكتيك لإنجاز الأشياء على المدى القصير، إذ يمكنك وضع العديد من الأهداف القابلة للتحقيق على مدى عدة أسابيع، أو أشهر، وبناء طريقك إلى خطّة عمل معقّدة، وواقعيّة، ويحتوي على سبيل المثال قالب خطّة العمل من إدارة الأعمال الصّغيرة SBA على أحد عشر قسمًا أساسيًّا، وعلى مخطّط تفصيليّ فارغ مكون من 35 صفحة، فإذا وضعت هدف SMART لتحقيقه عن كلّ قسم أسبوعيًّا، فإنّك بعد ثلاثة أشهر ستمتلك خطّة عملٍ شاملة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Telling Your Entrepreneurial Story and Pitching the Idea) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيف يشارك رائد الأعمال قصته الريادية المقال السابق: استخدام العمليات الرشيقة في حل المشاكل الريادية لرائد الأعمال
  20. لقد تعرّفت على مناهج حلّ المشاكل المختلفة، الّتي يتّبعها رواد الأعمال لقيادة شركاتهم النّاشئة، والعمل مع الآخرين، ومعظم هذه الأساليب كانت لها علاقة بالعقليات المعرفية، والإبداعية لرائد الأعمال. سنتعرّف في هذا المقال على نهجٍ أكثر ترسّخًا في العمليّة، يسمى العمليّة الرّشيقة، أو الليّنة (The lean process)، وسنستخدم اللفظين في هذه السلسلة على أنّهما مترادفان. فهم عملية حل المشاكل الرشيقة لقد استُخدم حلّ المشاكل الرّشيق منهجيةً لريادة الأعمال في المشاريع الجديدة، والنّاشئة، ومن المثير للاهتمام أنّه يأتي من شركة كبيرة، وذات خلفية تصنيعية تركّز على الكفاءات، وهي منهجية سيكس سيجما (Six Sigma)، الّتي كانت رائدة في موتورولا (Motorola)، في السّبعينيات، والثّمانينيات، والتي اعتمدتها العديد من الشركات، فهي نهج منضبط قائم على البيانات يوفّر للشّركات أدواتٍ لتحسين قدرة عمليّاتها التّجارية، ووفقًا للجمعية الأمريكية للجودة: "ترى سيكس سيجما جميع الأعمال على أنّها عمليّات يمكن تعريفها، وقياسها، وتحليلها، وتحسينها، والتحكم فيها؛ وتُستخدم فيها مجموعة من الأدوات النّوعيّة، والكميّة لدفع تحسين العملية. إذ تساعد هذه الزيادة في الأداء، والنّقص في تباين العمليّات على تقليل العيوب، وتحسين الأرباح، ومعنويات الموظّفين، وجودة المنتجات، أو الخدمات". نسخت جينيرال إليكتريك (General Electric) هذه المنهجيّة، وأنشأت برامج بروسس إكسلنس (Process Excellence)، التي اتخذها ملايين المديرين، وغيرهم، للحصول على اعتماد في "أحزمة" مختلفة، وعلى الرغم من أنسيكس سيجما، وبروسس إكسلنس لا يتناسبان تمامًا من حيث ريادة الأعمال، إذ تستخدمهما الشركات الكبيرة، والجاهزة؛ إلا أنّ العديد من أساليبها تتناسب مع النموذج الرّشيق، ويعتبر مصطلح التّصنيع الرّشيق (lean manufacturing) هو الأكثر شيوعًا، لكنه أوسع بكثير من مصطلح التّصنيع ذاته، فالعملية الرّشيقة هي طريقة منهجية لتوسيع التّحسين المستمرّ، وتقليل المواد الفائضة، أو غير المستخدمة في إنتاج العمليّة. وقد كانت شركة تويوتا رائدة في هذه العملية في الثّمانينيات. عادةً ما يشعٌر رائد أعمال الشّركة النّاشئة بأنّ المنتج الأصليّ سيكون المنتج الّذي يحمل المؤسّسة إلى النّجاح على المدى الطّويل، وفي معظم الحالات، تتطلّب السّلعة، أو الخدمة تعديلًا للحفاظ على عمليّة، أو تقنيّة، أو عرض منتج محدّث. ما يعني أنّ حلّ المشاكل بطريقة الرّشاقة هو مسح فريق رائد الأعمال بأكمله للبيئتين الداخليّة، والخارجيّة للشّركة، بحثًا عن التحسين المستمرّ، وطرائق تحقيق إيرادات إضافيّة، من خلال عمليّات تحسين التّكلفة التي تعزّز القيمة المستدامة، وتشمل البيئة الخارجيّة العملاء، وتوجّهات الصّناعة، والمنافسة؛ أمّا البيئة الداخليّة فهي العوامل داخل المؤسسة، مثل: الموظّفين، والممارسات، والعمليّات الدّاخلية. ففي التّصنيع الرّشيق، يجب أن يؤدّي تحسين الفعالية في البيئة الداخليّة إلى مزايا في البيئة الخارجية (سواء كان ذلك من خلال توفير التكاليف للعملاء، أو الميزة التنافسية من زيادة الإنتاج، أو أفضليّته، وما إلى ذلك). كلّ ميل يوفّره سائق شاحنة شركة الشّحن يو بي آس (UPS)، يؤدّي إلى توفير ما يقارب الـ 50 مليون دولار سنويًا، ووفقًا لخوان بيريز كبير مسؤولي المعلومات، والهندسة في الشركة، فباستخدام بيانات العملاء، والذكاء الاصطناعي، أنشأت الشركة نظامًا أُطلق عليه اسم أوريون (ORION)، وهو اختصار لـ (On-Road Integrated Optimization and Navigation)، أو نظام الملاحة، والتّحسين المتكامل على الطّريق. وحتى الآن، أدى النظام إلى توفير 400 مليون دولار لـ UPS، من خلال تطبيق العمليّة الرّشيقة، إذ يؤدي كلّ شيء يوفره UPS على المدخلات (عن طريق تقليل الأميال)، إلى توفير في المخرجات، ممّا يؤدّي إلى عمليّات تسليم أسرع، وتكاليف أقلّ للمستهلكين، ومزيد من الأرباح لشركة UPS. مراحل حل المشاكل تُعدّ عمليّة حلّ المشاكل الرّشيقةُ دورةً من الملاحظة، والتّقدير، والتّقييم المتواصل، حيث تتم على النحو الموالي: الملاحظة هي المرحلة التي يدرس فيها رائد الأعمال التّحدي، ويلاحظ جميع جوانب التّحدي الذي يتطلب حلًّا. ففي هذه المرحلة يطرح رائد الأعمال أسئلةً، ويجري بحثًا حول التغيير المطلوب لمنتج، أو نتيجة، أو خدمة ناجحة. ويجب على رواد الأعمال تحديد سبب الحاجة إلى التغيير، وما هو الغرض من هذه المغامرة؟، فالتعليقات مهمة للغاية في هذه المرحلة. على سبيل المثال، طلب مجتمع من مجموعة من رواد الأعمال المساعدة في معالجة مشكلة السمنة لدى الشباب في مدرسة متوسطة، فبدأ رواد الأعمال بدراسة تناول الأطفال للطعام، وقرّروا أنّ محتوى قائمة الغداء المدرسية، ونمط حياة غالبية الأطفال يؤثران على معدّل السّمنة في المجتمع، ثم حدّدوا الغرض من المشروع على أنّه إيجاد طريقة منخفضة التكلفة، ومنخفضة المخاطر لتغيير قائمة الغداء، واتّفقوا على أنّ النتيجة الأوّلية ستكون خفضًا بنسبة 30%، في معدّل السّمنة لدى الأطفال، ثم بدأ رواد الأعمال في تقييم تكلفة تغيير قائمة الغداء، ومراقبة ما يأكله الأطفال أيضًا، فاكتشفوا أنّ تغيير قائمة الغداء المطلوب لتقليل معدّل السّمنة يتجاوز القدرة الماليّة للمنطقة التّعليميّة، كما أظهرت الأبحاث أيضًا أنّ العديد من الأطفال، هم من منازل الوالد الوحيد، حيث كانوا يأكلون الأطعمة ذات السّعرات الحرارية العالية، والدّهون المرتفعة على العشاء، كما كشفت المزيد من الملاحظات بأنّ الأطفال لم يمارسوا أيّ نشاط بدنيّ بعد ساعات، لأنّ البيئة المحليّة لم تكن آمنةً، فكان المجتمع بحاجة إلى عملية لتحويل عافية الأطفال، ولهذا أوصى رواد الأعمال باستخدام نهج عملية رشيقة لمساعدة الأطفال في أسرع وقت ممكن. التقدير:بعد ملاحظة المشكلة يأتي التّقدير، وهي المرحلة التي يقوم فيها رائد الأعمال بتجربة، وتحليل العمليّة المحتملة، وقدراتها. حيث يستفيد رائد الأعمال من الأدوات، والموارد الإبداعيّة للوصول إلى حلّ، وتقدير كل خطوة من خطوات الحل المحتمل، ويجب إضافة قيمة إلى الحل في كل خطوة، وإلاّ فستعد غير ضروريّة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون الخطوة قادرةً على حل المشكلة، وإضافة الرّشاقة إلى الحلّ. لكن كيف يتمّ تحسين العملية، أو المنتج؟ في هذه المرحلة، يطوَّر نموذج أوليّ للمنتج، ويسلّم، ويجب على صاحب المشروع أن يسأل العميل عما إذا كانت جميع الاحتياجات، والرغبات راضيةً عن النموذج الأولي، أم لا، فإذا تم تطوير النموذج الأولي للإنتاج بالجملة، فمن الضروري إجراء مسح للعملاء حول المبيعات المحتمل، كما في مثال الغداء المدرسي، أين كان النّظام المدرسي هو العميل لقائمة الطعام الجديدة (النموذج الأولي) في مرحلة التّقدير. التقييم هو مرحلة تحليل السلوكيات لتقييم النجاح، حيث يدرس رائد الأعمال باستمرار كل مرحلة من مراحل الحل لملاحظة فعالية النتائج التي يرغب فيها العميل، ويضمن رائد الأعمال أن يتم دمج التحول في عادات المدرسة للحصول على النتائج المرجوّة، والحفاظ عليها، وتطويرها. في مثالٍ واقعيّ لشركةٍ تطبّق عمليّات بسيطة، استخدمت شركة نيو بالانس (New Balance)، التي تصمّم، وتصنّع الأحذية الرّياضية، وغير الرّسمية على حدٍّ سواء، أسلوب التجميع في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والذي نظّم الإنتاج حسب الأقسام، بحيث يكون القطع كلّه في قسم واحد، ثمّ كلّ عمليّات الخياطة في قسم آخر، وهكذا دواليك. وبينما يبدو أن الإنتاج المجمّع هذا من شأنه تحسين الكفاءة في New Balance، إلاّ أنّ هذا يعني أنّ إنتاج زوج واحد من الأحذية استغرق تسعة أيام، ولاحظ المسؤولون التنفيذيون وجود أكوام من المخزون بين الطوابق، والأقسام؛ كما لاحظوا وجود موظفين ينتظرون كلّما حدث تأخير في خطّ الإنتاج، ولاحظوا أيضًا أنّ هيكل الأجور ساهم في تراكم الأعمال، لأنّ الموظّفين كانوا يتلقّون أجورهم حسب عدد القطع، ممّا شجّعهم على الإنتاج قدر الإمكان. طبّقت الشّركة المبادئ الرّشيقة لإعادة تنظيم أرضيّة الإنتاج حسب تدفّقات القيمة، بمعنى تصنيع المنتج بمشاركة خطوات العمليّة المتماثلة، فكان "القصّ، والتّطريز" من جهة، أين تُستخدم موادّ محليّة من الجلد، والشّبك؛ بينما تستخدم في الجهة الأخرى المنتجات المستوردة المعدّة مسبقًا، فقلّص هذا التّغيير وقت صنع زوج من الأحذية إلى أربع ساعات، ما يعني أنّ المصانع المحلّية بات في إمكانها شحن بعض الطّلبات في غضون أربع وعشرين ساعة، بينما قد يحتاج المنافسون إلى 121 يومًا لشحنها عند الاستعانة بمصادر خارجية للتّصنيع في آسيا. تُعد السبورة البيضاء أداة حلّ المشاكل الأكثر استخدامًا (الشّكل 16.6)، فالسّبورة البيضاء هي نوع من الرّسوم البيانيّة الّتي تسمح لرائد الأعمال برسم كلّ خطوة في العمليّة لبناء فهمٍ، وتفصيلٍ للعمليّة، ويرسم رائد الأعمال كلّ خطوة على السبورة باستخدام مخطط ربطيّ، كما يرسم الأسهم لإظهار كيفيّة تأثير العمليّات على العمليّات الأخرى، حيث تسمح رؤية تدفّق العملية لرائد الأعمال بملاحظة أماكن تكررّ الوظائف في العمليّة، أو تعارضها. الشكل 16.6: يمكن لتقنية السبّورة البيضاء مساعدة رواد الأعمال على رؤية، وتحليل العمليّات. حفظ الحقوق: "whiteboard man presentation write" من "StartupStockPhotos"/ على Pixabayـ ترخيص CC0ّ يعدّ تخزين الأدوات مثلًا في حديقة مجتمعيّة، مثل: المعاول، والمسجات اليدوية لإزالة الأعشاب الضارة في حظائر مختلفة تضيعًا للوقت عند التّحضير لبدء عمليّة إزالة الأعشاب الضارّة، إذ يجب تخزين هذه الأدوات بشكل جماعيّ للتخلّص من الرّحلات المتعدّدة، والوقت الضائع، وتؤدّي رؤية العمليّة على السبورة البيضاء، أو أيّ وسيلة أخرى، إلى زيادة الوعي بكيفيّة تحسين العمليّات، وبعد تغيير العمليّة، يتم رسمها مرة أخرى لمزيد من التّدقيق. خطوات عملية تويوتا الرشيقة في حل المشاكل تمرّ كلّ عمليات حلّ المشاكل الرشيقة عادةً بنفس المراحل التي تحدثنا عنها بالأعلى، ولدى شركة تويوتا تتضمّن هذه الدّورة عادةً ثماني خطوات محدّدة، كما يظهر الجدول 1.6. الخطوات الإجراء الخطوة الأولى توضيح المشكلة. الخطوة الثّانية تحليل المشكلة (genchi genbutsu) عبارة يابانيّة تعني حرفيًّا "اذهب ورِ". وهي الممارسة المعمول بها في تويوتا في الفهم العميق لشرط ما، بتأكيد المعلومات، أو المعطيات عبر الملاحظة الشّخصيّة في مصدر الشّرط. الخطوة الثّالثة تحديد الأهداف. الخطوة الرّابعة تعرّف على الأسباب الجذريّة. اطرح السّؤال "لماذا؟" مكرّرًا لتقليل العوامل المحتملة لسبب جذري؟ الخطوة الخامسة طوّر تدابير مضادّة من خلال طرح السّؤال "ما هو التّغيير المحدّد الّذي نريد إجراءه؟"، وأشرك الآخرين في عمليّة حلّ المشاكل. الخطوة السّادسة تنفيذ الإجراءات المضادّة، ومتابعتها. الخطوة السّابعة مراقبة النّتائج. الخطوة الثّامنة توحيد العمليّات النّاجحة، إذ يدور حلّ المشكلة الرّشيقة حول معرفة المزيد عن المشكلة نفسها، وأسبابها العميقة في السيّاق. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 1.6 حلّ المشكل الرّشيق، عمليّة ذات خطوات تسمح للشّركة بالملاحظة، والتّقدير، والتّقييم المتواصل. .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد أعمال في الميدان أصل الرشاقة في الأعمال لن يفاجئك معرفة أنّ أصل الرّشاقة في العصر الحديث، يعدّ خطّ إنتاج هنري فورد، وبالرّغم من أنّنا لا نفكّر في صناعة السيّارات على أنّها مشروع رياديّ في عالم اليوم، إلاّ أنّ هنري فورد كان رائدًا في زمانه حين كانت صناعة السيّارات في بداياتها، فهو لم يكتف بإدراك الفرصة المتضمّنة في مبيعات السيّارات، بل تجاوزها إلى إدراك الحاجة إلى إنشاء عمليّة فعّالة في إنتاج السيّارات يمكنها تقليل التّكاليف، ومعها سعر السيّارة. وبصفته أول رائد أعمال يضمّ استخدام الأجزاء القابلة للتبديل مع خطّ الإنتاج المتحرّك لتطوير عمليّات التّصنيع، فقد تمكّن فورد من تسليم المخزون في وقت قصير جدًا. ومع ذلك، فإنّ عملية فورد لا يمكنها تقديم مجموعةٍ متنوعة، ففي الواقع، نُقل عن فورد قوله عن لون الموديل تي (T)، "يمكنك الحصول على أي لون طالما أنه أسود"، فقد كان الأسود أسرع الألوان جفافًا. ولهذا فقد كان هو اللون الوحيد الذي استخدمه لعدد من السنوات. بنى فورد نظامه حول منتج ثابت وحيد، وفي الثّلاثينيّات من القرن العشرين حين طالب السّوق بتنوّع المنتجات، لم تكن الشّركة مهيّأة لمواجهة هذا التّحدّي، فقام كيشيرو تويودا (الشكل 17.6)، الرّئيس الثاني لشركة تويوتا موتور كوربورايشن Toyota Motor Corporation، بزيارة مصنع فورد في ميشيغان لمعرفة المزيد حول تطبيق مفهوم خط التّجميع، وبعد زيارته تلك، اقترح نظامًا إنتاجيًا جديدًا يسعى إلى "الحجم المناسب" للمعدات، لتنفيذ المهامّ تنفيذًا يلائم حجم العمل، مع إضافة عمليّة ضمان الجودة في كلّ مرحلة من مراحل العمل، فحوّل نهج تويودا التركيز من الآلات إلى العمليّة، ممّا أدّى إلى تحسين الكفاءة مع الحفاظ على الجودة. الشكل 14.6: قدّم كيشيرو تويودا طرائق جديدة لتحسين العمليّات. حفظ الحقوق: "Kichiro Toyoda" من "Scanyaro"/ على Wikimedia، مشاع والآن بعد أن تعرّفت على هذا النّوع أيضًا من طرق حلّ المشاكل الريّاديّة التي قد تواجهك، والتي تتم عبر خطوات واضحة، ومدروسة؛ فقد بات بإمكانك استخدامها في عملك، سواءً أكانت لديك شركة صغيرة ناشئة، أو أخرى كبيرة، كما سبق وعرضنا في هذا المقال من أمثلة حول الأمر. إنّ بعضًا من أجزاء هذا المقال مبنيّة على عمل أصليّ لجوفري جرايبيل، ومنتجَة بدعم من مجتمع ريبوس Rebus Community، ويمكن العثور على العمل الأصليّ بلغته الإنجليزيّة على الرّابط التّالي، تحت ترخيص CC BY 4.0. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Problem Solving and Need Recognition Techniques) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيف يعرض رائد الأعمال رؤيته ومهمته وأهدافه الريادية المقال السابق: استخدام التفكير التصميمي لتخطي مشاكل رائد الأعمال
  21. يعد التّفكير التّصميمي طريقةً فعالةً لحل المشاكل، وبالأخص حل المشاكل الريادية، فحسب تيم براون الرّئيس التّنفيذي الحاليّ لشركة آي دي إي أو IDEO، فالتّفكير التّصميمي هو "نهج إنسانيّ تعاونيّ لحلّ المشاكل يستخدم عقليّةً مصمّمةً لحلّ المشاكل المعقّدة"، إذ يعد التّفكير التّصميمي طريقة لتركيز قرارات تصميم، وتطوير منتج على احتياجات العميل، ويتضمّن عادةً عمليّةً تعاطفيّةً لتعريف المشاكل المعقّدة، والخروج بحلول تعالجها. ومن أساسيّات التّفكير التّصميمي تطبيقه خارج غرفة التّصميم، وهذا بعد أن وُضّحت أساليبه، وأدواته، ليستخدمها من هم خارج المجال، ونخصّ هنا مديري الأعمال بالذّكر، حيث يطبّق التّفكير التّصميميّ الآن خارج نطاق المنتجات، والرّسوم ليقتحم عالم تصميم التّفاعلات الرّقمية، والخدمات، وإستراتيجيّات العمل، والسّياسة الاجتماعيّة. سنشرح في هذا المقال كيفية توجيه التفكير التصميمي في عالم الأعمال من أجل تحقيق الريادة، من خلال تبيان كيفية القيام بعملية التفكير التصميمي لتحقيق الريادة، إلى جانب أبرز الأدوات التي تستخدم لتحفيز التفكير التصميمي لديك، ودعمه. عملية التفكير التصميمي يعود فضل ابتكار التّفكير التّصميمي، في مجال الأعمال، وريادة الأعمال على الأقلّ، إلى ديفيد كيلي، مؤسّس كليّة التّصميم في جامعة ستانفورد، والمؤسّس المشارك في شركة التّصميم IDEO؛ وهي شركة نتجت عن اندماج بين مبتكر فأرة آبل (Apple) الأولى ديفيد كيللي ديزاين (David Kelley Design)، وأوّل مصمّم حاسوب محمول آي دي تو (ID Two). بعد عقد تقريبا من الزّمن من ابتكاراتها لآبل سنة 1982، وقد ركّزت الشّركة المدمجة سنة 1991 مبدئيًّا على التّصميم التّقليديّ للمنتجات، متراوحة من فراشي الأسنان إلى الكراسي، وبعد عقد آخر من الزّمن، صارت الشّركة تصمّم تجارب المستخدمين أكثر من تصميمها للمنتجات، حينها بدأ كيلي في استخدام كلمة التّفكير لوصف عمليّة التّصميم المستخدمة في إنشاء تجارب المستخدمين، عوض إنشاء المنتجات الملموسة، وهكذا ولد مصطلح التّفكير التّصميمي. وتدّرس كليّات الأعمال - عادةً - مقاربةً منطقيّةً تحليليّة في التّفكير، فهي تركّز على الأهداف المحدّدة، والعوائق، وتسبق فيها الفكرة الإجراء، في عمليّة متسلسلة من التّخطيط، والتّحليل؛ أمّا عمليّة التّفكير التّصميمي، فتعامل حلّ المشاكل بأسلوب مختلف، فالتّفكير، والفعل غالبا ما يشتبكان في استكشافٍ تكراريّ لمساحة التّصميم، وتكشف العمليّة عن الأهداف، والقيود بدلًا من تحديدها مسبقاً. من أساليب التّفكير التّصميمي الّتي تدرّس في كليّة التّصميم بجامعة ستانفورد، والمنظّمات مثل معهد لوما LUMA، نجد التّصميم المتمحور حول الإنسان (Human-Centered Design) -أو اختصارًا HCD-، الذي يركّز على الأشخاص أثناء التّصميم، والتّطوير، وهذا يتناسب مع تعريف تيم براون للتّفكير التّصميمي، أين يأتي إلهام الأفكار من اكتشاف أشخاص فعليّين، وحاجاتهم، ومشاكلهم. الشكل 14.6: تركز عملية التفكير التصميمي على مساحات الإلهام، والتفكير، والتنفيذ. حفظ الحقوق: 1- تعديل "thought idea innovation imagination" من "TeroVesalainen"/ على Pixabayـ ترخيص CC0ّ 2- تعديل "document paper business chart" من "rawpixel"/ على Pixabayـ ترخيص CC0ّ 3- تعديل “office business colleagues meeting” من "Free-Photos"/ على Pixabayـ ترخيص CC0ّ تتشكّل عمليّة التّفكير التّصميمي من ثلاث مساحات، وهي: الإلهام، وتوليد الأفكار، والتّنفيذ (الشّكل 14.6)، وتستخدم العمليّة "مساحات"، وليس "مراحل" ،لأنّها أكثر من مساحة يمكن أن تحدث في الوقت ذاته. ورغم هذا يحدث الإلهام في العادة أوّلًا، وهذا يستلزم تحديد مشكلة، أو فرصة تحفّز المرء للبحث عن حلول؛ والمساحة الثّانية توليد الأفكار، والحلول، وهي تعتمد تقنيّات مختلفة، مثل: العصف الذّهنيّ، وجلسات الرّسم، وغيرها من مئات التّقنيات المتاحة، الّتي نذكر منها: "أهمّ خمسة (Top Five)"، و"كيف يمكننا؟(?How Might We)"، و"الدّمج (Mash-up)"، و"جلسة الإنشاء التّشاركيّ (Co-Creation Session)". أهمّ خمسة (Top Five): يكتب في هذا التّمرين كلّ فرد من الفريق أهمّ 5 أفكار لديهم، ثم يتشاركونها جميعا، ويجمعون المتشابه منها. كيف يمكننا؟ (?How Might We): على أفراد الفريق في هذا التّمرين إلقاء نظرةٍ على بعض العبارات، ثمّ صياغتها على شكل أسئلة، بإضافة "كيف يمكننا؟"في بدايتها، والهدف من هذا التّمرين هو العثور على فرص تصميم، تتيح أيضًا مجموعةً مختلفةً من الحلول. الدّمج (Mash-up): ينطوي هذا التّمرين على جمع علامات تجاريّة، أو مفاهيم موجودة مسبقًا لإنشاء شيء جديد، إذ يحدّد أفراد الفريق تلك العلامات، أو المفاهيم الّتي تحمل الصّفة الّتي يرغبون في أن تكون ضمن حلولهم، ثمّ يدمجون تلك الأفكار معًا للخروج بشيء جديد. جلسة الإنشاء التشاركي (Co-Creation Session): تدمجُ جلسة الإنشاء التّشاركيّ السوق المطلوب في عملية الإنشاء، من خلال تعيين مجموعة من الأشخاص من السوق، للعمل على التصميم مع الفريق، والهدف منها هو الحصول على الملاحظات التي تقدّمها المجموعة الدّخيلة، من خلال معاملتهم كمصممين، وليس كضيوف حوار، وتتطور الحلول المنفذة من التفاعلات مع المستخدمين، ومن الإنشاء المستمر، وتحسين الحلول الممكنة. يدمج التفكير التصميمي الرؤى، والأحكام المستندة إلى الخبرة، والحدس من وجهة نظر المستخدمين النهائيين، بينما في النهج التحليلي العقلاني، غالبًا ما تصبح عملية الحل رسمية في مجموعة من القواعد. نيستا مؤسّسة ابتكار مقرّها المملكة المتّحدة، وهي تعرض على غرار IDEO، العديد من أدوات، وموارد التّفكير التّصميميّ؛ وقد جاء اسمها اختصارًا لـ "المؤسّسة الوطنيّة للعلوم، والتّكنولوجيا، والفنون" (the National Endowment for Sience, Technology and the Arts)، حيث تم تأسيس المنظمة في عام 1998، بوقف من اليانصيب الوطني في المملكة المتحدة، وأصبحت مؤسسة خيرية مستقلة في عام 2012، وتركّز إستراتيجية نيستا على الصحّة، والابتكار الحكوميّ، والتّعليم، والفنون، والاقتصاد الإبداعيّ، وسياسة الابتكار؛ كما تعرف نيستا مجموعةً من خمس معايير للتأكّد ممّا إذا كانت مهنة ما إبداعيّة، وتتمثل في ما يلي: عمليّة جديدة؛ مقاومة للميكنة؛ وظيفة غير مكرّرة، أو غير منتظمة؛ تقدّم مساهمة إبداعيّة لسلسلة القيمة؛ يتضمّن تفسيرا، وليس مجرّد تحويل خدمة، أو أداة. ينشأ التّفكير التّصميمي -كما يوحي الاسم- من التّصميم، نظرًا لأن التصميم هو أحد الصناعات الإبداعية المحددة، فهناك صلة واضحة بين الصناعات الإبداعية، والتّفكير التّصميميّ، وفي الواقع، تقدّم نيستا Nesta تمارين الإلهام، والتفكير المتاحة مجانًا للمستخدمين الذين يرغبون في تنفيذ ممارسات التّفكير التّصميمي. مساحات التفكير التصميمي المتمحور حول الإنسان تستخدم كليّة ستانفورد للتّصميم، التّفكير التّصميمي المتمحور حول الإنسان HCD. وهو يركّز على المساحات التّالية في عمليّة التّفكير التّصميمي: التّعاطف: من المهمّ -كما يتبيّن من المقاربة الإنسانيّة- أن تملك تعاطفًا مع المشكلة الّتي تحاول حلّها، والتّعاطف هو ملاحظة، وغمر نفسك في البيئة المحيطة للتّفاعل مع النّاس، وفهم تجاربهم، ودوافعهم. التّعريف: يتضمّن هذا الجانب وصف المشكلة، أو المشاكل الأساسيّة الّتي حدّدتها أنت، وفريقك؛ فالتّساؤل "كيف يمكننا؟"، يساعد على تضييق التّركيز، لأنّ الهدف الأخير هنا هو التعرّف على عبارة المشكلة الّتي توضّح ما تحاول مواجهته. وعبارة "أطّر تصميمك"، هي تحدّ تضمّنه IDEO في "صندوق أدواتها"، وهو يفيد في هذه الحالة، إذ يطلب منك هذا التّمرين أن تكتب مشكلتك، وتحسّنها باتّباع خطوات محدّدة، بحيث تصل إلى سؤال تصميم يخدمك كنقطة بداية، على أن يترك مجالًا للإبداع. التصوّر / توليد الأفكار: في هذه المساحة تبدأ الإتيان بالأفكار، الّتي تعالج مساحة تعريف المشكلة السّابقة، وثمّة مئات التّمارين الموجّهة لعمليّة التصوّر/توليد الأفكار، من العصف الذّهني، إلى "5 استفهامات بلماذا؟" من صندوق أدوات IDEO، وهي طريقة استفهاميّة يبحث فيها الباحث عن معلومات لحلّ مشكلة ما، فيطرح على المجيب سؤالًا عامًّا، ثمّ يتبعه بالسّؤال: "لماذا؟"، ليتعمّق في تفكير المجيب، وتفصّل IDEO هذا التّمرين بالقول: "ستستخدم هذه الطّريقة حين إجراء حوار، وتبدأ بأسئلة عامّة، مثل: "هل توفّر الكثير من المال؟"، أو "كيف كان حصادك هذه السّنة؟"، ثمّ تحصل على إجابات مهمّة لمشاكل معقّدة، بالسّؤال "لماذا؟" خمس مرّات، ويمكن أن تكون هذه طريقة ممتازةً إذا كنت تحاول الوصول إلى جذور الإنسانيّة و،العاطفيّة لمشكلة ما." إنشاء النّموذج الأوليّ: يصنع رائد الأعمال في هذه المساحة نماذج مصغّرة رخيصة من المنتج، ويجرّبها مع مزايا، أو فوائد، تعمل كحلول للمشاكل المعرّفة سابقا، ويمكن تجربة هذه الطّريقة داخليًّا بين الموظّفين، فهي عمليّة تسمّى dogfooding (مصطلح يعني حرفيّا "تناول طعام كلبك"، والمقصود به أن تستخدم الشّركة منتجاتها الخاصّة)، كما يمكن تجربتها خارجيًّا مع العملاء المحتملين، وتعتبر هذه المرحلة تجريبيّة. الفحص: يطبّق المصمّمون فحوصات مكثّقة على المنتج النّهائي مستخدمين أفضل الحلول المحدّدة في مساحة النّموذج الأوليّ. أدوات التفكير التصميمي هناك الكثير من أدوات التّفكير التّصميميّ الموجّهة لمساعدة، أو تحفيز نشاطاتك للتّفكير التّصميمي، وهي تأتي من منظّمات مصمّمة على التّفكير التّصميمي، مثل: IDEO، وجوجل فانتورسGoogle Ventures؛ وبينما توظّف المنهجيّات عمليّات، وتقنيّات، فإنّ الأدوات هي الموارد الّتي تفعّل تلك المنهجيّات، ويمكن أن تكون نشاطات، أو نماذج تسهّل النّهج. مخطط انسيابي للابتكار: قد يوضح نموذج مخطط انسيابي للابتكار تفاصيل العملية، وتعمل النظرة العامة المنظمة كأداة تنظيمية في عملية التطوير. سلم الأسئلة: هو أداة تساعدك على طرح الأسئلة "الصحيحة" عن طريق تحسين أسئلتك (الشكل 15.6)، وقد يؤدي طرح الأسئلة "الخاطئة" إلى نتائج لا معنى لها، أو أقل من كافية. الشكل 10.6: يمكن أن يساعد سلم الأسئلة في صقل الأسئلة المطروحة. حفظ الحقوق: تصميم مسجّل باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 صندوق أدوات التّفكير التّصميميّ: هناك صناديق أدوات مختلفة لفئات مختلفة، فعلى سبيل المثال، تحتوي مجموعة أدوات "التفكير التصميمي للمعلمين"، على موارد التفكير التصميمي المتعلقة بالتعليم، في حين تتضمن مجموعة "الأدوات النموذجية" مجموعةً متنوعة من الموارد بأساليب، وإرشادات لمساعدتك على وضع التفكير التصميمي موضع التنفيذ. مجموعة تصميم IDEO: تقدم IDEO ملف PDF مجانيًا، مكونًا من 200 صفحة تقريبًا، وهو "الدليل الميداني للتصميم المتمحور حول الإنسان"، مع أنشطة تتعلق بالعقليات، والتفكير، والإلهام، والتنفيذ، وبعض دراسات الحالة. Google Ventures Design Sprint: تمرين للتفكير التصميمي مدته خمسة أيام، يساعد في حل الأسئلة من خلال التصميم، والنماذج الأولية، والاختبار. أشرطة مزيج التفكير التصميمي: تقدم مدرسة التصميم في جامعة ستانفورد ثلاثة "أشرطة مختلطة" تعمل كدليل، خلال نصف يوم من عمل التفكير التصميمي في مجالات الفهم، والتجريب والتفكير. نحن نفكّر (WE THINQ): برنامج مصمم لتمكين التعاون في إدارة الابتكار. .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد أعمال في الميدان شركة بيتغيفن BitGiving، والتفكير التصميمي في سن الثانية والعشرين، أنشأت إيشيتا آناند أول منصة تمويل جماعي مباشرةً في الهند، حيث مكنت الفنانين، والمهندسين، والمبدعين؛ من التعاون، وجمع الأموال لأسباب خاصة، من خلال التحقق من القضايا، وكيفية استخدام الأموال، مع تحصيل نسبة صغيرة من الأموال كرسوم، وفي غضون خمس سنوات من إنشائها، قادت مؤسستها الاجتماعية المسماة بيتغيفن الجهود المبذولة لمعالجة المشاكل، من خلال التغيير الاجتماعي، فقد ساهمت الشركة في العديد من الحملات الاجتماعية المتعلقة بالأطفال، والنساء، والتعليم، والصحة، والكوارث، وغيرها؛ كما دخلت في شراكة مع جمعيات خيرية، ومنظّمات أخرى، لجمع الأموال لفريق هوكي الجليد الوطني الهندي للمنافسة في الكويت في كأس العالم، ولضحايا زلزال نيبال 2015، من خلال منصة التمويل الجماعي، ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، مثل: تويتر Twitter. لكن اعتبارًا من سبتمبر 2018، أغلقت الشركة موقعها الإلكتروني بشكل مفاجئ، وشاع أنّها أغلقت أبوابها، في حين أن السبب الدقيق لفشل المشروع غير معروف، إلا أنّ من بعض الأسباب التي كان من الممكن أن يفشل بها المشروع، كانت عدم كفاية رأس المال، أو التنظيم، أو مشاكل الإدارة، أو عدم التوافق الإستراتيجي، أو حتى سوء التوقيت. يعد الفشل أمرًا شائعًا في ريادة الأعمال، كما تُعقد المؤتمرات المخصصة للفشل في جميع أنحاء العالم (FailCon هو نوع من حديث تيد TED عن الفشل). والآن بعد أن تعرفت على ماهية عملية التفكير التصميمي، وكيفية القيام بها، واستغلال أبرز أدواتها لتحفيز التفكير التصميمي، ودعمه، وتطويره، فقد بات في إمكانك الآن العمل على توظيف كل ما تحدثنا عنه بهذا الصدد في حل مشاكلك الريادية، واقتناص الفرص الثمينة في عالم الأعمال. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Problem Solving and Need Recognition Techniques) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: استخدام العمليات الرشيقة في حل المشاكل الريادية لرائد الأعمال المقال السابق: كيف يتجاوز رائد الأعمال المشاكل الريادية بطرائق إبداعية؟
  22. لقد تعرّفت في المقال السابق، رائد الأعمال وحل المشاكل: كيفية العثور على الحلول الريادية، على عملية حلّ المشاكل الريادية، وأهم المهارات التي عليها التوفر فيك حتى تستطيع القيام بها، كما تمت الإشارة إلى وجود نموذجين مهمين لحل هذا النوع من المشاكل، فمنها الحل المعتمد على التكيف، ومنها الحل المعتمد على الابتكار، أين يكون للإبداع دور هام في عملية حلّ المشاكل. وفي هذا المقال سنتحدث عن سنتحدث عن عملية حل المشاكل بطريقة إبداعية، من خلال اتباع مجموعة من الخطوات الواجب المرور بها، إلى جانب التعرف على كيفية استخدام الإبداع من أجل حل المشاكل الريادية بالطريقة المثلى. خطوات عملية حل المشاكل بإبداع أن تتعلّم التّفكير مثل رائد أعمال، يعني أن تتعلّم خطوات تقييم التحدّي: وضّح، تصوّر، طوّر، نفّذ، وقيّم. (الشّكل 9.6) الشكل 9.6: عمليّة الإبداع ليست عشوائيّة، بل هي عمليّة خاصّة، ومنطقيّة تتضمّن التّقييم، أين يكرّر رائد الأعمال العمليّة الإبداعيّة إلى حين بلوغ حلّ ناجح. حفظ الحقوق: تصميم من جامعة رايس، OpenStax، ترخيص CC BY 4.0 الخطوة الأولى: وضح التّوضيح هو الخطوة الحاسمة في إدراك وجود فجوة بين الوضع الحاليّ، والوضع المرغوب، كما يمكن التّفكير فيه على أنّه يحتاج إلى الوعي الّذي يحدث حين يلاحظ رائد الأعمال وجود فجوة بين احتياجات العميل، والاحتياجات المجتمعيّة؛ وبين الظّروف القائمة. ويتم توضيح المشكلة عبر الحديث إلى العملاء، وتطوير وصف مفصّل للمشكلة يبيّن تفاصيلها؛ أمّا الإخفاق في تحديد تلك التّفاصيل، فيؤدّي إلى أخذ رائد الأعمال على عاتقه مهمّة مستحيلة، تتمثّل في محاولة حلّ مشكلة شبحيّة، وهي مشكلة غير معروفة، وغير مرئيّة؛ ولتأسيس المصداقيّة، والحفاظ عليها، يجب على رائد الأعمال توضيح المشكلة من خلال التّركيز على حلّ المشكلة نفسها، عوض حلّ عرض واحد من أعراضها. يمكن على سبيل المثال أن تكون مياه المزرعة ملوّثة، لكنّ حلّ المشكلة في تلك المزرعة وحدها لا يعني استئصال المشكلة كاملة، فالتّوضيح ينبغي أن يتضمّن التعرّف على مصدر التلوّث، لمواجهة المشكلة مواجهة مناسبة، وبعد فهم المشكلة، يجب أن يبدأ رائد الأعمال في تشكيل خطط لإزالة الفجوة، ويمكن استخدام مخطّط هيكل السّمكة (الشّكل 10.6) في ذلك: الشكل 10.6: لمشكلة الجودة أسباب رئيسيّة، نشير إليها هنا بـ a، b، c، وd. ولهذه الأسباب الرّئيسيّة أسباب متعدّدة ربّما ينبغي معالجتها لمعالجة مشكلة الجودة. وبهذا فهدف مخطّط هيكل السّمكة هو العثور على الأسباب الجذريّة لمشكلة الجودة. حفظ الحقوق: تصميم من جامعة رايس، OpenStax، ترخيص CC BY 4.0 في حالة مثالنا عن تلّوث المياه، يمكن أن يكشف مخطّط هيكل السّمة العناصر التّالية (الشّكل 11.6) الشكل 11.6: يمكن أن يكون لمشكلة تلوّث مياه المزارع أربعة أسباب، مثل: المواشي، والمبيدات الحشريّة، والأسمدة، وتآكل التّربة، مع مواد كيميائيّة أخرى، ولكلّ من هذه الأسباب أسباب مرتبطة بها. حفظ الحقوق: تصميم من جامعة رايس، OpenStax، ترخيص CC BY 4.0 الخطوة الثانية: تصور (كون الأفكار) وهي خطوة في عمليّة حل المشاكل بإبداع، تتضمّن توليد، وتفصيل رائد الأعمال للأفكاٍر. بعد جمع كلّ المعلومات المرتبطة بالمشكلة، حيث يعدّد رائد الأعمال كلّ ما يمكنه من أسباب المشكلة، وهذه الخطوة الّتي تُطرح فيها الكثير من الأفكار، ويجب تقييم كلّ فكرة من حيث جدواها، وتكلفتها كحلّ للمشكلة، فإذا لم تمتلك مزرعة ما على سبيل المثال مياهًا نظيفة، فإنّ على رائد الأعمال تعديد أسباب تسمّم الماء، والقضاء على كلّ ما يمكنه من تلك الأسباب؛ ثمّ ينتقل إلى تقصّي الحلول المناسبة لإعادة الماء إلى حالة آمنة، إذا كانت المواشي القريبة مثلًا تلوّث المياه، فلابدّ من عزلها عنه. الخطوة الثالثة: طور يأخذ رائد الأعمال في هذه الخطوة قائمة الأفكار المولّدة ويجرّب جدوى كلّ حلّ، وعليه أخذ تكلفة، وعوائق تنفيذ كلّ فكرة بالحسبان، ففي المثال السّابق، قد لا تكون إضافة مادّة كيميائيّة إلى الماء حلًّا مجديا للمُزارع، فليس كلّ مزارع متلهّفا لإضافة الكلورائد، أو الفلورايد إلى المياه، نظرًا لتأثيرهما على البشر، والمواشي على حدّ سواء، وهذه المقايضات ينبغي معالجتها في مرحلة تقييم الجدوى، فقد يفضّل المُزارع نظام تصفية، ولكنّ تكلفته قد لا تكون عمليّة بالنسبة له، لذا فعلى رائد الأعمال التعرّف على الحلول البديلة، وتقييمها للعثور على أقلّها تكلفةً، وأكثرها جدوى للعميل. الخطوة الرابعة: نفذ في هذه الخطوة يُختبر الحلّ، ويُقيّم، ويَسير رائد الأعمال عبر خطّة التّنفيذ مع العميل، فيفحص كلّ جزء من الحلّ، ثمّ ينفّذه، ويتّبع نظاما هيكليّا من المتابعة للتأكّد من بقاء الحلّ فعّالًا، وعمليًّا؛ ففي مثال المياه الملوّثة، سيكون الحلّ في تقليل تسرّبات المواد السّامّة من المبيدات إلى المياه، وذلك عبر إضافة غطاء نباتيّ حول ضفاف الجداول. الخطوة الخامسة: قيم في هذه الخطوة يعمل رائد الأعمال على تقييم الحلّ النّهائيّ، وهي خطوة بالغة الأهميّة يهملها الكثير من روّاد الأعمال، إذ ينبغي تقييم أيّ خطأ في تنفيذ المنتج، أو الخدمة، وتطبيق حلول جديدة، وقد تكون هناك حاجة لعمليّة اختبار مستمرّة لإيجاد الحلّ النّهائيّ، إذ ينبغي في مثال المياه تحليل الغطاء النّباتي على طول الجداول المختارة، واختبارها للتأكّد من أنّ المحلول المختار قد غيّر محتوى الماء. استخدام الإبداع لحل المشاكل يواجه رواد الأعمال حل العديد من المشكلات أثناء تطويرهم لأفكارهم، لسد الثغرات، سواء كانت تلك الفرص تتضمن إنشاء شركة جديدة، أو بدء مشروع جديد داخل شركة قائمة، وتتضمن بعض هذه المشكلات توظيف، وتعيين، وإدارة الموظفين، والتعامل مع الامتثال القانوني، والتمويل، والتسويق، ودفع الضرائب؛ وبعيدًا عن الأنشطة العادية المذكورة، فلا غنى عن رائد الأعمال، أو الفريق الذي يضعه في مكانه، في الحفاظ على الإبداع المستمر وراء خط الإنتاج، أو الخدمة المقدمة، فالابتكار، والإبداع في العمل ضروريان لتوسيع خط الإنتاج، أو تطوير خدمة رائدة. ليس من الضروري أن يشعر رائد الأعمال بالعزلة عندما يتعلّق الأمر بإيجاد حلول إبداعية لمشكلة ما، فهناك مجتمعات، وأدوات، وأساليب جديدة، متاحة لتحفيز إبداع رائد الأعمال، والّتي من شأنها دعم نجاح، وتوسع مشروع جديد، ويؤدي التعلم، واستخدام أساليب ريادة الأعمال لحلّ المشاكل؛ إلى تخفيف الضّغط الذي يشعر به العديد من أصحاب الشركات النّاشئة، إذ سيزداد إبداع رائد الأعمال باستخدام المنهجيات التّعاونيّة، وتتضمن بعض تلك المنهجيات التعاونية لريادة الأعمال التّعهيد الجماعي، والعصف الذهني، ولوحات العمل، وإجراء استطلاعات سريعة عبر الإنترنت لاختبار الأفكار والمفاهيم، وأنشطة إبداع الفريق. التعهيد الجماعي نشر دارين برابهم، الأستاذ بجامعة ساذرن كاليفورنيا، كتبًا عن التّعهيد الجماعي، أين يبرز إمكاناته في قطاعات الأعمال الربحية، وغير الهادفة للربح، ويعرّفه ببساطة على أنّه "نموذج حلّ مشكلات وإنتاج، موزّع، وعبر الإنترنت"، ويتضمّن التّعهيد الجماعي فِرقًا من الهواة، وغير الخبراء يعملون معًا لتشكيل حل لمشكلة ما، وتتمثل الفكرة، كما قالت جينيفر ألسيفر من cbsnews.com، في "الاستفادة من الذكاء الجماعي للجمهور عمومًا، لإكمال المهام المتعلقة بالعمل، والّتي تقوم الشركة عادة إمّا بأدائها بنفسها، أو بالاستعانة بمصادر خارجية. ومع ذلك، فإن العمل الحر ليس سوى جزء ضيق من جاذبية التعهيد الجماعي، والأهم من ذلك، أنه يمكّن المديرين من توسيع حجم مجموعة المواهب الخاصة بهم، مع اكتساب رؤية أعمق لما يريده العملاء حقًا، ويتمثل التحدي في اتباع نهج حذرٍ تجاه حكمة الجمهور، التي يمكن أن تؤدي إلى عقلية القطيع". كما هو الحال مع التّوريد الخارجيّ، فنموذج العمل الأوليّ الجديد هذا، يتضمّن طرح شركة ما لمشكلة تواجهها على الإنترنت، وسؤال المتطوّعين ليفكّروا فيها، ويقدّموا حلولهم، فيحصل المتطوّعون على عائد، مثل: جائزة ماليّة، أو منتجات تسويقيّة، مثل: تيشيرت، أو عائدات المنافذ الإبداعية؛ مثل: الصور، أو التصاميم؛ ويحصلون في بعض الحالات على تعويض عن عملهم قبل اقتراح الحل، ويدرك المتطوّعون أنّ الحلول تصبح ملكيّة فكريّة للشركة الناشئة التي تنشر المشكلة، ثم يتم إنتاج الحل بكميات كبيرة من أجل الرّبح، من قبل الشركة الناشئة التي نشرت المشكلة، لذا فيجب على رواد الأعمال إدراك أنّ الجماهير غير المستغلة لديها حلول للعديد من القضايا التي لا توجد أجندات لها بعد، ويمكن أن يستغل التعهيد الجماعي تلك الأجندات، ويضيفها إلى الأدوات المستخدمة لتحفيز الإبداع الشخصي، فهذا النّوع من الابتكار مخطّط له، وينفّذ إستراتيجيًّا لأجل تحقيق الرّبح. على سبيل المثال، عقدت بومباردييه مسابقة ابتكار جماعية للحصول على مدخلات حول مستقبل التصميمات الداخلية للقطارات، بما في ذلك تصميم المقاعد، وتصميم مقصورة الحافلة. وحكمت لجنة تحكيم الشركة على الطلبات المقدمة، بحصول العشرة الأوائل على أجهزة حاسوب، أو جوائز نقدية. ويمكن القول أن الشركات غالبًا ما تُقيّد بقواعد داخلية تحد من المصادر المفتوحة، أو مصادر الأفكار الخارجية، إذ يمكن اتهامها بسرقة فكرة. أمازون ميكانيكال ترك (Amazon’s Mechanical Turk)، هي عبارة عن منصة تعهيد جماعي عبر الإنترنت، وهي تتيح للأفراد نشر مهامّ يؤدّيها عنهم كلّ من يرغب في ذلك، وفي كثير من الحالات، يكون للعمل مقابل ماليّ قد يكون أقل من دولار واحد لكل عنصر مكتمل، إذ تعد شركة Mechanical Turk واحدة من أكبر، وأشهر منصات التعهيد الجماعي، ولكن هناك عددًا من المنصات المتخصصة الأخرى التي يمكن تطبيقها على الأسواق الأصغر، وفي حالة مسابقات الابتكار، ومهام الاستعانة بمصادر خارجية من الشركات، قد يتم استضافة هذه المهام داخليًا من قبل الشركة. العصف الذهني وهو توليد الأفكار في بيئة خالية من الحكم، أو المعارضة، بهدف إيجاد الحلول، فهو يهدف إلى تحفيز المشاركين على التّفكير في حلّ المشاكل بطريقة جديدة، إذ أنّ استخدام مجموعة متعدّدة الوظائف (إذ أنّ المشاركين يأتون من أقسام مختلفة، وهم ذوو مهارات مختلفة)، يمنح روّاد الأعمال، وفرق الدّعم، فرصة حقيقيّة لاقتراح، وتحقيق الأفكار، حيث تعمل المجموعة معًا لصقل، وإنشاء النّماذج الأوليّة من الحلول المحتملة للمشكلة. يجب أن تكون بيئة جلسة العصف الذهني غير رسميّة، وغير مريحة قدر الإمكان؛ إذ تحتاج المجموعة إلى تجنب الحلول القياسية، فجميع الأفكار مرحب بها، ويتم سردها، والنظر فيها دون رقابة، ودون اعتبار للقيود الإدارية، كما يتمتّع جميع أعضاء الفريق بصوت متساوٍ، وينصبّ تركيز العصف الذهني على كمية الأفكار بدلاً من التركيز على الحل المثاليّ المقدّم في كلّ اقتراح، ومن تمارين العصف الذّهنيّ الّتي أشهرها مطوّر برامج الأعمال ستراتجيزر Strategyzer، تمرين "البقرة السخيفة"، أين تبتكر الفرق أفكارًا لنماذج أعمال جديدة تتعلق ببقرة، والنتائج غالبًا ما تكون شنيعةً، بدءًا من الأبقار المدعومة إلى مداعبة الأبقار من أجل الارتياح النّفسيّ، ويُطلب من المشاركين تحديد أحد جوانب البقرة، وتطوير ثلاثة نماذج أعمال حول ذلك الجانب في فترة زمنية قصيرة، عادةً دقيقتان ،أو أقل، فهذا النّشاط مصمّم للمساعدة في تحفيز الإبداع. لوحات العمل القصة المصورة هي عملية تقديم لفكرة معينة خطوةً بخطوة، على شكل رسومات -كما يوضح الشكل 12.6-، وتعتبر هذه الأداة مفيدةً عندما يحاول رائد الأعمال تصور حل لمشكلة ما، إذ يتم رسم خطوات حل المشكلة، وتعليقها بتنسيق رسومي، فبمجرد وضع الرسم الأصلي، حتى تتم إضافة صور الخطوات التي تعمل نحو حلها، وطرحها، وإعادة ترتيبها على أساس مستمر، حتى يظهر الحل النهائي بتنسيق الرسم النهائي؛ ولسنوات عديدة، استخدم رواد الأعمال هذه العملية لإنشاء ما قبل المرئي، لتسلسلات الوسائط المختلفة. الشكل 12.6: تساعد لوحات العمل روّاد الأعمال، وأعضاء الفريق على تقديم الخطوات تقديما مرئيّا في مراحل إنتاج المنتج، وحلّ المشاكل. حفظ الحقوق: "Clue Storyboarding" من Adam Wiggings/فليكر، CC BY 2.0 إبداع الفريق إبداع الفريق هو العملية التي يعمل رائد الأعمال من خلالها مع فريق، لإنشاء حل غير متوقع لقضية، أو تحدٍّ، حيث تتقدّم الفرق من خلال نفس عملية حل المشكلات الإبداعية -الموضحة بالفعل: التوضيح، والتّفكير، والتّطوير، والتّنفيذ، والتّقييم-، وتكون ميزتها الإبداعية الرئيسية هي التّعاون، والدعم الذي يتلقّاه الأعضاء من بعضهم البعض، فالفرق الجيّدة هي الّتي يثق فيها الأعضاء ببعضهم البعض، ولديها أعضاء متنوعون، يحملون وجهات نظر متنوعة، ويكونون متماسكين، ومتناغمين. يجب أن يعمل أعضاء الفريق في بيئة مريحة، وخالية من الإجهاد، فتعزيز الأفكار، وتوسيعها في بيئة الفريق يحفز الفريق على توسيع الآفاق باستمرار نحو حل المشكلة، إذ أنّ فكرة صغيرة في الفريق قد تثير خيال أحد أعضاء الفريق لفكرة أصيلة، وكما قال مارك زوكربيرج، مؤسّس فيس بوك، ذات مرة: "أهم شيء بالنسبة لك بصفتك رائد أعمال يحاول بناء شيء ما، هو حاجتك إلى بناء فريق جيد حقًا. وهذا ما أقضيه فيه وقتي كلّه". .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد أعمال في الميدان تالوما توتس Taaluma Totes بدأ رائدا الأعمال الشّابّان جاك دوفور، وألي هيفرن في ملاحظة الأقمشة الجميلة التي جاءت من مختلف البلدان التي زاراها، ففكّرا في ما يمكن فعله بالأقمشة، لخلق فرص عمل في كلّ من تلك الّدول، وفي موطنهم ولاية فرجينيا، قرّرا اختبار إنتاج الحقائب من الأقمشة التي عثرا عليها، وهكذا شكّلا حقائب اليد Taaluma (الشّكل 13.6)، وأرادا التّرويج لإنتاج هذه الأقمشة، ومساعدة السكّان المحرومين في البلدان التي نشأ فيها النسيج للحفاظ على لقمة العيش، أو متابعة الحلم. الشكل 13.6: التقط كيسلي فريدمان هذه الصّورة، وهو طالب درس في جامعة فرجينيا الدّوليّة للأعمال التّقنيّة في لوجانو: برنامج جمع النظريّة، والتّطبيق. حفظ الحقوق: الصّورة مقدّمة من Taaluma Totes. واصل الفريق اختبار العملية، وجمع الأقمشة الأصلية التي أرسلوها إلى فرجينيا لصنع حقائب اليد، وقاموا بتدريب الأفراد ذوي الإعاقة في فرجينيا على تصنيع الحقائب، وبالتالي خدمة السكان في الولايات المتحدة، وبعد ذلك قرر رواد الأعمال أخذ 20% من أرباحهم، وتقديم قروض صغيرة للمزارعين، وأصحاب الأعمال الصغيرة في البلدان التي جاء منها النسيج لخلق فرص عمل هناك؛ وقد كانت القروض الصغيرة أقل من 50000 دولار، يقدمها بعض المقرضين للشركات الناشئة المغامرة، التي لا تستطيع تحمّل قرض تقليدي من أحد البنوك الكبرى، إذ يقدّم المقرضون دعمًا تجاريًا للمقترِض، مما يساعد بدوره المقترضَ على سداد القرض الصغير، ويسدّد المقترِض المبلغ إلى Taaluma عند قدرته على ذلك؛ كما تستخدم الشّركة بدورها مبالغ سداد الدّيون في شراء المزيد من القماش، مما يكمل رغبة Taaluma في خدمة شعبين في وقت واحد، وإذا ثبت عدم نجاح العملية، يراجع المالكون المشاركون العملية لتلبية متطلبات الخطة. يمتلك دوفور، وهيفين الآن أقمشة من عشرات البلدان، من تايلاند إلى الإكوادور. وتختصّ الحقائب المنتجة بها، بميزات تلبي الاحتياجات الفردية، كما يتم ابتكار خط الإنتاج بانتظام. ويخدم تالوما توتس غرضًا مزدوجًا يتمثل في توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة في فرجينيا، وخلق فرص عمل للسكان المحرومين في البلدان الأخرى. والآن بعد أن تعرفت على عمليّة حلّ المشاكل الرّيادية من خلال الإبداع بالتّفصيل، مع اطلاعك على عدّة أمثلة حقيقية تبين كيف قام العديد من روّاد الأعمال بحلّ مشاكلهم الريادية بطريقة إبداعيّة مميّزة، فقد بات في إمكانك الأخذ بهذا الأسلوب المميز لحل كل مشاكلك الريادية، والتي غالبًا ما يتواجد حلّها في أبسط الأمور التي تحتاج فقط إلى بلورة إبداعية، والتي غالبًا ما ستنتبه لها عند قيامك بكل الخطوات اللازمة بشكل صحيح، مع النظر إلى الأمور بمنظور منطقي، وإبداعي في الآن ذاته. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Problem Solving and Need Recognition Techniques) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: استخدام التفكير التصميمي لتخطي مشاكل رائد الأعمال المقال السابق: رائد الأعمال وحل المشاكل: كيفية العثور على الحلول الريادية
  23. غالبًا ما يتصوّر روّاد الأعمال - كما تعلّمت - وجود فجوةً فرصيّة بين الموجود، وبين ما يمكن أن يوجد، ولسد تلك الفجوة يتم اللجوء إلى حلّ المشاكل الرّيادية، فحلّ المشاكل الرّيادية هو عمليّة استخدام الابتكار، والحلول الإبداعيّة لسدّ تلك الفجوة بحلّ مشاكل مجتمعيّة، أو تجاريّة، أو تقنية تكنولوجيّة. وقد تقود المشاكل الشّخصيّة أحيانًا إلى فرص رياديّة، إذا تحقّقت منها في السّوق، حيث يتصوّر رائد الأعمال فرصة ملء الفجوة بحلّ ابتكاريّ قد يتطلّب مراجعة منتج ما، أو إنشاء منتج جديد كليًّا. وعلى أيّة حال، يقترب رائد الأعمال من عمليّة حلّ المشاكل بطرائق مختلفة. سنعرض في ما يلي شروحات أكثر عن مصطلح حل المشاكل الريادية، نموذجيه المعروفين، وأهم المهارات الواجب امتلاكها للقدرة على حل هذا النوع من المشاكل، إلى جانب تقديم أنواع حلالي المشاكل الذين يتخذون طرقا متباينة لحل مشاكلهم الريادية للوصول إلى نتيجة واحدة، حتى تتمكن من المفاضلة بين الطريقة الأنسب لك، ولوقتك، وطبيعة المشكلة التي أمامك، وسد الفجوة الفرصية التي أمامك. الفرق بين حل المشاكل واتخاذ القرارات لا بدّ قبل الخوض في هذا المقال من التّفريق بين اتّخاذ القرارات، وبين حلّ المشاكل، حيث أنّ: اتّخاذ القرار مطلوب لمواصلة، أو تسهيل عمليّة من شأنها التأثير على سير العمليّة، أو الشّركة، ويمكن أن تكون بديهيّة، أو تتطلّب بحثاً، ووقتاً طويلا من التّفكير. حلّ المشاكل عمليّة أكثر مباشرةً، إذ تنطوي على حلّ لمشكلة تخلق فجوةُ بين الوضع الحالي، والوضع المرجو. روّاد الأعمال حلاّلو مشاكل يقدّمون حلولََا باستخدام الإبداع، أو المشاريع الابتكاريّة الّتي تستغلّ الفرص، ويركّز هذا المقال على المقاربات المختلفة لحلّ المشاكل، والتعرّف على الاحتياجات الّتي تساعد روّاد الأعمال المحتملين على الخروج بأفكار، وصقلها. نموذجا حل المشاكل: التكييف والابتكار نجد نموذجين بارزين لحلّ المشاكل: المتّكيّف، والمبتكر، وقد طوّر مايكل كيرتون عالم النّفس البريطانيّ الشّهير نظريّة مخزون KAI اختصار (Kirton Adaption-Inovvation) بمعنى نظريّة كيرتون للتكيّيف، والابتكار، لقياس أسلوب الفرد في حلّ المشاكل، وتعتمد تفضيلات حلّ المشاكل -وفق كيرتون- على خصائص الشّخصيّة من أصالة بمعنى الإبداع، وتوافق، وكفاءة؛ حيث يحدّد مخزون KAI نهج الفرد في حلّ المشاكل بقياس اتّفاقه مع عبارات ترتبط بالخصائص الشّخصيّة، مثل: القدرة على المجيء بأفكار جديدة، واتّباع القواعد، والعمل مع المجموعات، وتوجيه التصرّف اليوميّ نظاميّا؛ وتصنّف النّتائج الفرد إما مبتكرًا، أو متكيّفًا، فالأوّل شديد الأصالة (الأفكار الأصليّة)، لا يحبّ التّوافق، ولا يقدّر النّجاعة بقدر ما يفعل المتكيّفون. قد يستخدم رائد الأعمال النّهج الأوّل الأكثر محافظة في حلّ المشاكل، وهو النّموذج التكيّفيّ، ويبحث هذا النّموذج عن حلول المشاكل بطرق معينة بعد تجريبها، ومعرفة نجاعتها، و يقبل النّموذج التكيّفي تعريف المشكلة، ويهتمّ بحلّ المشاكل بدلًا من العثور عليها، كما يسعى هذا النّهج إلى نجاعة أكبر بينما يركّز على الاستمراريّة والاستدامة؛ أمّأ النّهج الثّاني، الأكثر إبداعًا فهو النّموذج الابتكاريّ في حلّ المشاكل الرّياديّة، وهو يستخدم تقنيات غير معروفة في السّوق تثمر عن تفوّق المنظّمة. إن أسلوب حلّ المشاكل ابتكاريًّا يتحدّى تعريف المشكلة، ويكتشف المشاكل، وسبل حلّها، كما يتحدّى الافتراضات القائمة، فهو باختصار يقوم بالأشياء بطريقة مختلفة، إذ يستعمل التّفكير خارج الصّندوق، ويبحث عن حلول جديدة، والجِدّةُ سمة مشتركة في ريادة الأعمال الإبداعيّة، وهي ما يدفع روّاد الأعمال نحو هذه الطّريقة في حلّ المشاكل، وحسب د. شون م باول المحاضر بجامعة Wollongong في أستراليا: "يتميّز روّاد الأعمال المبدعون بأسلوب إداريّ مميّز يعتمد على الحدس، وعدم الرّسميّة، واتّخاذ القرارات السّريعة، في حين أنّ أساليب التّفكير الأكثر تقليديّة ليست متوافقة مع الخصائص الفريدة لروّاد الأعمال المبدعين."، وطريقة حل المشاكل هذه لا تغير من المنتج، بل تخلق شيئًا جديدًا تمامًا. عُرّفت مرافق الرّعاية الصحيّة على سبيل المثال بأنّها مصدر للمكوّرات العنقوديّة الذّهبيّة المقاومة للميثيسيلين (MRSA)، وهي عدوى مميتة يمكن أن يكون لها آثار طويلة المدى على المرضى، لذا طوّرت شركة Vital Vio الّتي يقودها كولين كوستيلو تكنولوجيا الضّوء الأبيض الّتي تطهّر بفعالية المرافق الصحيّة باستهداف جزيء محدّد في البكتيريا، ويمكن لهذا الضّوء الآمن تمامًا للبشر أن يضيء باستمرار لقتل البكتيريا المتجدّدة. إنّ نموذج الحلّ التكيّفي في هذه الحالة كان ليسعى إلى تقليل خطر البكتيريا داخل المستشفى، لكنّ Vital Vio طوّرت تقنيةً جديدةً تمامًا للقضاء عليها، وقد سبقتها حلول تكيّفيّة منها عمليّات، وبروتوكولات قائمة للوقاية من البكتيريا، مثل: إجبار الأطبّاء، والممرّضين، ومقدّمي الرّعاية الصّحيّة الآخرين على تنظيف أيديهم بالماء، والصّابون؛ أو فركها بمحلول كحولي قبل، وبعد رعاية المريض، مع فحص بشرة المريض بحثا عن البكتيريا، وتنظيف حجرات المستشفى، والأدوات الطبيّة، وغسل الملابس، وأغطية الأسرّة، وتجفيفها في أدفأ درجات الحرارة الموصى بها. مهارات حل المشاكل صحيح أنّ اكتشاف المشاكل يعدّ جزءًا ضروريًّا في العمليّة الرّياديّة، لكنّ التّعامل معها جانب مختلف تمامًا، فبمجرّد أن ينطلق المشروع حتى تنعدم رفاهية رائد الأعمال في تجنبه للمشاكل، فهو غالبًا مسؤول عن حلّها سواء في شركة ناشئة، أو أيّ نوع آخر من النّشاطات التّجاريّة، وثمّة مهارات معيّنة يمتلكها روّاد الأعمال تجعلهم بالأخصّ حلّالي مشاكل جيّدين، ويمكن تفحص هذه المهارات في شّكل 3.6 الشكل 3.6: هذه بعض المهارات الّتي يملكها روّاد الأعمال، وتساعدهم في حلّ المشاكل. حفظ الحقوق: تصميم مسجّل باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC By 4.0 التفكير النقدي التّفكير النّقدي هو تحليل معقّد للمشكلة، أو القضيّة؛ بهدف حلّها، أو اتّخاذ قرار بخصوصها، حيث يحلّل رائد الأعمال، وينتزع الطّبقات من المشكلة التي تواجه نشاطه، للعثور على أصلها، ويركّز على قلب المشكلة، ويتقبّل منطقيًّا، وبعقل منفتح اقتراحات حلّها؛ فالتّفكير النّقدي ليس مهمًّا لتطوير الأفكار الرّياديّة وحسب، بل هو من المهارات المطلوبة في التّعليم، والتّوظيف. انقطعت رائدة الأعمال ريبيكا كانتار عن جامعة هارفارد سنة 2015، لتؤسّس شركتها التّقنيّة النّاشئية Imbellus، والّتي تهدف إلى استبدال سيناريوهات تفاعليّة تختبر مهارات التّفكير النّقدي باختبارات القبول الجامعيّ الموحّدة، مثل الـ SAT، فالكثير من تلك الاختبارات قد يحتوي على أسئلة متعدّدة الاختيارات، تتطلّب الإجابة عليها معرفة مباشرة بالسّؤال، أو المشكلة الرّياضيّة؛ لذا، تسعى كانتار إلى إنشاء اختبارات مهتمّة أكثر بالمقدرة التّحليليّة، والتّفكير الّذي يفيد في عمليّة حلّ المشاكل، وتقول Imbellus إن هدفها "كيف يفكّر النّاس"، وليس فقط ماذا يعرفون، وتستخدم المنصّة المحاكاة لتقييم مستخدميها. التواصل مهارات التّواصل هي القدرة على الإيصال الفعاّل للرّسائل إلى متلقٍّ مستهدف، وهي المهارات الّتي يستخدمها روّاد الأعمال لتجميع الموارد لأغراض تقصّي الحلول الّتي تؤدّلي إلى الحلّ الابتكاري للمشاكل، والميزة التّنافسيّة، حيث يسمح التّواصل الجيّد بالارتباط الحرّ في الأفكار بين روّاد الأعمال، والشّركات، ويمكنه توضيح مشكلة، أو رؤية مشتركة، ويسعى للحصول على موافقة أصحاب المصلحة من مختلف الفئات المستهدفة؛ كما تسمح الشّبكات، والتّواصل داخل صناعة ما لرائد الأعمال بالتعرّف على مكانة منظّمة ما في السّوق، والعمل على تشكيل الحلول في كلمات لدفع المنظّمة أبعد من مكانتها الحاليّة، ونعني بتشكيل الحلول في كلمات التّواصل من، وإلى الشّركة/الكيان، ويتضمّن التّواصل الدّاخلي الرّسائل الإلكترونيّة، والنّشرات البريديّة، والعروض، والتّقارير الّتي يمكن أن تحدّد الغايات، والأهداف الإستراتيجيّة؛ ومن ثمّ تقرّر ما أُنجز، وما تبقّى منها، فيبقى الموظّفون على اطّلاع، ويعملوا على حلّ المشاكل المتبقيّة داخل المنظّمة؛ أمّا التّواصل الخارجيّ، فيمكن أن يشمل البيانات الصّحفيّة، والمدوّنات، والمواقع الإلكترونيّة، ووسائل التّواصل الاجتماعي، والخطابات العامّة، والعروض الّتي تشرح حلول الشّركة للمشاكل؛ كما يمكن أن تكون أيضا عروضا للمستثمرين، بما في ذلك خطط الأعمال، والتوقّعات الماليّة. تمارين التصوّر (أو التّفكير) مثل جلسات العصف الذّهني، وسائل تواصل جيّدة، يمكن أن يستخدمها روّاد الأعمال لتوليد حلول المشاكل، ومن تلك الأدوات أيضًا الهاكاثون، وهو حدث تستضيفه عادةً شركة، أو مؤسّسة تقنيّة، يجمع بين المبرمجين، والعاملين بدرجات أخرى من التخصّص داخل الشّركة، أو المجتمع، أو المنظّمة للتّعاون في مشروع خلال فترة زمنيّة قصيرة؛ ويمكن أن يستمرّ الحدث من أربعة وعشرين ساعة، إلى بضعة أيّام خلال عطلة نهاية الأسبوع، ويمكن أن يكون الهاكاثون مبادرةً داخليّة على مستوى الشّركة، أو حدثًا خارجيًّا يجمع مساهمي المجتمع معًا، كما يمكن استخدام مخطّط نموذج العمل التّجاري، ونشاطات أخرى داخليًّا، أو خارجيًّا للتعرّف على المشاكل، والعمل تجاه خلق حلّ قابل للتّطبيق. يعد التّشبيك مظهرًا مهمًّا من مظاهر التّواصل المفيد، فما من طريقة أفضل لتقديم فكرتك، والحصول على التّمويل والموافقة، وتسويقها في شركة ناشئة من بناء شبكة من الأشخاص الرّاغبين في دعم مشروعك، وقد تتكوّن شبكتك من موظّفين محتملين، وعملاء، وأعضاء إدارة، ومستشارين خارجيّين، ومستثمرين، أو مشجّعين، وهم أشخاص يحبّون منتجك دون مصلحة مباشرة؛ وتتضمّن الشّبكات الاجتماعيّة روابط قويّة، وأخرى ضعيفة، وفي هذا السّياق، درس عالم الاجتماع مارك جرانوفيتر تلك الشّبكات في سبعينيّات القرن الماضي، ولا تزال نتائجه مطبّقة إلى اليوم، فإضافة وسائل التّواصل الاجتماعي إلى تعريف الشّبكات الاجتماعيّة. يجعل الرّوابط الضعيفة تسهّل سير المعلومة، وتنظيم المجتمع -حسب مارك-؛ بينما تمثّل الرّوابط القويّة الصّلات القويّة بين الأصدقاء القريبين، وأفراد العائلة، وزملاء العمل المتضامنين، وتتطلّب هذه الرّوابط عملًا أكبر للحفاظ عليها ممّا تتطلّبه الرّوابط الضّعيفة (كما نبيّن في الشّكل 4.6 بخطوط مستقيمة، وأخرى منقّطة)، كما لا تؤدّي الرّوابط القويّة في سياق العمل التّجاري إلى الكثير من الفرص الجديدة، وعلى عكسها تفتح الرّوابط الضّعيفة أبوابا بكونها جسورًا إلى روابط ضعيفة أخرى، في مناطق عمليّة، أو أقسام، يمكن ألاّ تمتلك وصولًا إليها لا بصفة مباشرة، ولا عبر الرّوابط القويّة. الشكل 4.6: ينتج عن التّشبيك ربط الأفراد الّذين لربّما لم يكونوا ليلتقوا، والّذي قد يساعدون بعضا على حلّ المشاكل. حفظ الحقوق: social media connections networking من "GDJ" / ـ Pixaby، تحت ترخيص CC0 يدرك الكثير من رواد الأعمال الشبّان في الواقع، أنّ الجامعة مكان جيّد لبدء بناء الفرق، ومن بينهم أوليفر آيزكس مؤسّس موقع الآراء الشّهير Amirite.com، الّذي ينسب إليه منذ بدأ ميمات الإنترنت (Memes)، وموطئ قدم لغة الإنترنت، ويتكوّن هذا الموقع من شبكة واسعة من الصّفحات، والشّراكات على فيس بوك، وإنستغرام، تصل إلى 15 مليون مستخدم شهريًّا، ويوصيي آيزكس باسنخدام شبكة الخرّيجين الّذين تعرفهم لبناء فريق عمل، وقاعدة عملاء لمشروعك الخاصّ، لأنّك لا تعرف أبدًا ما إذا كنت تتحدّث إلى موظّف، أو شريك مستقبليّ. تشارك الأفكار، والموارد أمر عالي القيمة في العمليّة الرّياديّة، والتّواصل مهارة فارقة في حلّ المشاكل، لأنّ المقدرة على تحديد وتأطير المشكلة (تحديد مجال المشكلة) تعد ضروريّةً لمعالجتها، إذ يمكن أن يكون المشكل غامضا جدًّا، أو واسعًا، أو ضيّقًا. ولهذا فالتّواصل للحديث عن المشكلة أمر مهمّ، كما هو الحال بالنّسبة لتوصيل الحلّ. الحسم الحسم هو القدرة على اتّخاذ قرار سريع، وفعّال، وعدم السّماح بمرور الكثير من الوقت في العمليّة، فعلى روّاد الأعمال أن يكونوا منتجين، حتّى في مواجهة المخاطرة، وهم يعتمدون عادة على البديهة، وكذا الحقائق الثّابتة عند اتّخاذ القرار، فهم يسألون عن المشكلة الّتي تحتاج حلّا، ثمّ يفكّرون في الحلول، ويأخذون بالحسبان الوسائل اللاّزمة لتطبيق الفكرة، وينبغي أن تكون القرارات مدعومة بالبحث. يشرح آدم جرانت في كتابه The Originals أنّ مؤسّسي شركة النّظارات واربي باركر Warby Parker بدؤوا شركتهم بينما كانوا طلاّبا جامعيّين، ولم يكونوا يعلمون وقتها عن الصّناعة إلا القليل، ولكنّهم بعد إجراء البحوث المفصّلة، علموا أنّ شركة كبيرة واحدة تسيطر على الصّناعة هي لوكسوتيكا Luxottica، فاستخدموا هذه المعلومات، وغيرها لصقل إستراتيجيّتهم، ونموذج أعمالهم، مركّزين على القيمة، والجودة، والسّهولة بالبيع عبر الإنترنت؛ وحين قرّروا إطلاق الشّركة، كانوا قد فكّروا في كلّ التّفاصيل الرّئيسيّة، لهذا حقّقوا نجاحًا أوليًّا سريعًا، وشركتهم اليوم تمتلك أكثر من 100 متجر تجزئة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. وتقدّر بملياري دولار. الحسم هو دافع التقدّم، وكثيرًا ما يدعو مؤسّس أمازون جيف بيزوس إلى الانتباه لأهميّة الحزم في جميع جوانب مؤسّسته، إذ يؤمن بيزوس أنّ الحسم يمكن أن يؤدّي إلى الابتكار، وهو يدعم القيام باتّخاذا القرارات بعد الحصول على 70% من المعلومات الّتي تحتاجها للقيام بذلك، وقد جاء في خطابه السّنوي 2017 إلى المساهمين: "قد يكون الخطأ أقلّ تكلفةً ممّا تعتقد، في حين أنّ البطء سيكون مكلفا ًبالتّأكيد". القدرة على تحليل المعطيات تحليل المعطيات هو عمليّة دراسة المعلومات، وتشكيلها في هيكل يقود إلى استنتاجات مبتكرة؛ ويعتبر جمع المعطيات، والإحصائيّات شيء؛ أمّا فهمها فشيء آخر تمامًا، وبذلك وحده تستطيع استخدامها لملء احتياج السّوق، أو توقّع توجّه قادم، حيث يعرف المؤسّسون النّاجحون كيف يطرحون الأسئلة حول المعلومات، وكيف يفهمون تلك المعلومات أيضا، وإذا لم يملكوا تلك القدرات، فهم على الأقّل يحسنون جلب الخبراء الّذين يملكونها. يمكن للشّركة بالإضافة إلى المصادر العامّة للمعلومات، أن تجمع المعطيات من العملاء حين يتفاعلون معها على وسائل التّواصل، أو حين يزورون موقعها، خاصّة إذا أكملوا تعاملًا ببطاقة مصرفيّة، إذ يمكن حينها للشّركة جمع معطياتها الخاصّة حول عملائها، وذلك يتضمّن مواقعهم، وأسماءهم، ونشاطاتهم، وكيف وصلوا إلى الموقع الإلكتروني؛ وتحليل هذه المعطيات يعطي رائد الأعمال فكرة أفضل حول الفئات الجماهيريّة المهتمّة بمشروعه. يمكن لتحليل المعطيات بطرائق مختلفة في ريادة الأعمال المساعدة في التعرّف على الفرص، وخلقها، وتقييمها. وبما أنّ تحليلات المعطيات تصف ما حدث، ولماذا حدث، وما يمكن أن يحدث مجدّدا في المستقبل؛ فإنّ روّاد الأعمال قادرون على اكتشاف، واستغلال مصادر المعطيات المختلفة للتعرّف على الفرص الجذّابة، وموازنتها، وفي الأعمال التّجارية عامّة، تستخدم التّحليلات لمساعدة المدراء، ورواد الأعمال على كسب نظرة محسّنة حول عمليّات نشاطهم، والمشاريع القادمة، واتّخاذ قرارات أحسن، مبنيّة على الحقائق. يمكن للتّحليلات أن تكون وصفيّة، توقّعيّة، أو إلزاميّة؛ فأمّا النّوع الأوّل فينطوي على فهم ما حدث، وما يحدث؛ أمّا الثّاني، فيستخدم معطيات الأداء الماضي لتقدير الأداء المستقبليّ؛ وأمّا النّوع الثّالث، فيستخدم نتائج النّوعين الآخرين لاتّخاذ القرارات. ويمكن تطبيق تحليل المعطيات في إدارة علاقات العملاء، وتوجيه النّشاطات الماليّة، والتّسويقيّة، واتّخاذ قرارات التّسعير، وإدارة سلسلة التّوريد، والتّخطيط لاحتياجات الموارد البشريّة، ومهام أخرى في المشروع؛ وبالإضافة إلى التّحليل الإحصائي، والطّرائق الكميّة، والنّماذج الحاسوبيّة للمساعدة في اتّخاذ القرارات؛ تتسارع وتيرة استخدام الشّركات لخوارزميّات الذّكاء الاصطناعي لتحليل المعطيات ،واتّخاذ قرارات سريعة. فهم الأعمال والصناعة يحتاج روّاد الأعمال إلى فهم دقيق للأسواق، والصّناعات، وهم في أغلب الأحيان يعملون فعلًا في منظّمات كبيرة حين يلاحظون فرص التطوّر، أو النّقائص في السّوق، إذ يكسب الموظّف فهما عميقا للصّناعة المنخرط بها، وإذا فكّر في حلّ ممكن لمشكلة ما، فيمكن أن يصبح ذلك الحل هو القاعدة الأساسيّة في إنشاء نشاط تجاريّ جديد. لنأخذ على سبيل المثال وكالة تسويق تستخدم التّسويق التّقليديّ لثلاثين سنة، ولدى هذه الوكالة قائمة زبائن مضمونة، فبدأت مديرة تنفيذيّة في الوكالة بدراسة وسائل التّواصل الاجتماعي، وتحليلها؛ واتّجهت إلى مالك الوكالة قصد تغيير العمليّات، واعتماد وسائل التّواصل الاجتماعي في خدمة الزّبائن، لكنّ المالك رفض، وفي الوقت ذاته بدأ بعض من زبناء الوكالة في المطالبة بخدمات عبر وسائل التّواصل الاجتماعي؛ عندها تقصّت المديرة التّنفيذيّة إمكانّية بدء وكالتها الخاصّة لخدمة هؤلاء الزّبائن، طالما لم يتعارض هذا مع أيّ بنود منافسة في عقدها، وميزتها التّنافسية كانت معرفتها بطريقتي التّسويق، التّقليديّة منها، وتلك المعتمدة على وسائل التّواصل الاجتماعي؛ لاحقًا، بدأت الوكالة الرّئيسيّة تتعثّر لأنّها لم تواكب التطوّر المطلوب، وهكذا قامت المديرة الجريئة بشرائها لكسب العملاء، وخدمة أولئك الّذين يرغبون في الابتعاد عن التّسويق التّقليديّ. وهذا تقريبا ما حدث مع كيتي ويتكن خرّيجة جامعة ويسكنسن ماديسون، فقد عملت في وكالات تسويق تقليديّ، قبل أن تغادر ذلك الميدان بعد 4 سنوات من تخرّجها من الجامعة، لتشارك في تأسيس شركتها الخاصّة AGW Group، ففي سنة 2009، وبينما كانت ويتكن تتدرّب في وكالة تسويق لا تملك قسم وسائل التّواصل الاجتماعي، رغم درايتها بأنّ وسائل التّواصل الاجتماعي تغيّر كيفيّة تواصل الشّركاء مع العملاء، من خلال تجاربها في الكليّة، ومراقبتها لتوجّهات الصّناعة؛ فقد وسّعت في مشروعها الخاص نطاق التّركيز ليشمل جميع العلامات التّجاريّة الدّاعمة لإدارة كلّ ما هو رقميّ، وتضمّ اليوم وكالة التّواصل التّسويقيّ خاصّتها 15 عاملا، والكثير من الزّبائن المعروفين من HBO (القناة التّلفزيونيّة الأمريكيّة) إلى Red Bull (المشروب المعروف). الدهاء الدّهاء، أو الحيلة هي القدرة على اكتشاف حلول ذكيّة لتجاوز العقبات، وتقول شيري كامبل، عالمة النّفس، والمؤلّفة، والمساهمة المتكرّرة في مجلّة Entrepreneur حول مواضيع الأعمال: "لا توجد سيمة أفيَد، ولا أهمّ من الدّهاء في السّعي لتحقيق النّجاح، فالدّهاء عقليّة مفيدة بالأخصّ حين تكون أهدافك المسطّرة صعبة التّحقيق، أو لا يمكنك تصوّر مسار واضح للوصول إلى حيث تريد الذهاب؛ حينها تدفعك عقليّة الدّهاء إلى إيجاد طريقة، فهذه العقليّة تلهمك التّفكير خارج الصّندوق، وتوليد أفكار جديدة، والقدرة على تصوّر كلّ الطّرائق الممكنة لتحقيق ما ترغب به؛ فالدّهاء يحوّلك إلى رائد أعمال مبتكر، مؤسّس، وجريء، ويرفعك درجة فوق الآخرين." يبدأ روّاد الأعمال في التّفكير في مشروع تجاريّ، أو شركة ناشئة من خلال الحديث إلى النّاس، والحصول على خبراء للمساعدة في إنشاء، وتمويل، وبدء عمل تجاريّ؛ فروّاد الأعمال أشخاص مجازفون، ومتحمّسون للمغامرات الجديدة، وإذا لم يملكوا شهادات جامعيّة، أو قدرًا كبيرًا من الخبرة، فهم يدركون أنّ ثمّة الكثير من الموارد المتاحة لمساعدتهم في مشروعهم. نذكر على سبيل المثال، ما وقع في أواخر التّسعينيّات، أين أُتيحت لبيل مكبين، وشريكه بيلي ستيريت فرصة شراء وكالة سيّارات ضعيفة الأداء، من شأنها جعل شركتهما مهيمنة في السّوق، فلم يرغبا في سحب المال من مشاريع أخرى، ولا في استدانة المزيد، وزيادة ارتباطهما بمزيد من الدّيون؛ وقد كان من دهائهما أن عثرا على مسار آخر للحصول على المال الضّروري لتنفيذ الاستحواذ الّذي يتوقان إليه، فغيّرا بنكهما، وتفاوضا مع البنك الجديد لتخفيض متطلّبات إعادة المال، وخفّضا نسبة الفائدة، والرّسوم، والمدفوعات الشّهريّة؛ وهكذا حرّرا مبلغا كافيا من المال سمح لهما بشراء الشّركة الجديدة. أنواع حلالي المشاكل يملك روّاد الأعمال شهيّةً مفتوحةً لحلّ المشاكل، وهذه الرّغبة تحمّسهم للبحث عن حلّ حين تحدث فجوة في منتج، أو خدمة؛ فهم يتعرّفون على الفرص، ويستغلّونها؛ لكنّهم في حلولهم أنواع: فثمّة المنظّمون الذّاتيّون، والمنظّرون، والملتمسون. حلالو المشاكل ذاتيو التنظيم المنظّمون الذّاتيّون في حلّ المشاكل، هم أشخاص مستقلّون، يعملون بأنفسهم دون تأثير خارجي، ويمتلكون القدرة على رؤية المشكلة، وتصوّر حلّ ممكن لها، والسّعي لابتكار ذلك الحلّ -كما يبدو في الشّكل 6.6-؛ وقد يكون الحلّ مخاطرة، لكنّ حلّال المشاكل ذاتيّ التّنظيم، فهو يتعرّف على المخاطرة، ويقيّمها، ويخفّف منها. فإذا قام رائد أعمال ببرمجة عمليّة حاسوبيّة لزبون ما، لكنّه أثناء تجريبها اكتشف خطأً قد يدفع البرنامج إلى الوقوع في حلقة مفرغة؛ فبدل انتظار عثور العميل على الخطأ، يسارع رائد الأعمال إلى البحث عن الخطأ في البرمجة، ويعدّله، ثمّ يسلّم البرنامج المصحّح إلى العميل؛ فهناك تحليل فوريّ، وتصحيح فوريّ، وتنفيذ فوريّ؛ وأكبر الميزات التّنافسيّة لدى حلاّلي المشاكل ذاتيّي التّنظيم هي السّرعة الّتي يكتشفون بها حلول المشاكل، ويوفرّونها. الشكل 6.6: يتعرّف حلّال المشاكل ذاتيّ التّنظيم على المشكلة، ويفكّر في الحلّ، ثمّ ينفّذه. حفظ الحقوق: تصميم مسجّل باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 حلالو المشاكل المنظرون يرى الحلّالون المنظّرون المشكلة، ويبدؤون بالتّفكير في مسار لحلّها اعتمادًا على نظريّة ما، فهم يحلّون المشاكل حلًاّ عمليًّا، ومنهجيًّا؛ فبينما يبدأ المدراء العاديون بملاحظة المشكلة، والتركيز على النتيجة النهائية، دون الاهتمام بوسائل الوصول؛ يرى روّاد الأعمال المشكلة، ويبدؤون في رسم مسار باستخدام ما هو معروف في نظريّة توصلهم إلى النّتيجة النّهائيّة. بمنعنى أنّ رائد الأعمال يعبر الخطوات لحلّ المشكلة، ثمّ يبني على النّجاحات، ويرفض الإخفاقات، ويعمل نحو الحلّ بالتّجريب، والبناء على النّتائج المعروفة؛ فربّما لا يعرف رائد الأعمال عند تلك النّقطة ما هي النّتيجة النّهائيّة، لكلّ الحل سيظهر بينما يجري تجاري نحوه، ويظهر الشّكل 6.7 هذا. إذا اعتبرنا مثلًا أنّ ماري كيوري كانت رائدة أعمال؛ فإنّها عملت نحو عزل عنصر، وبينما فشلت مقاربات مختلفة في عزله، سجّلت ماري الإخفاقات، وجرّبت حلولًا ممكنةً أخرى، وقد أظهرت نظريّاتها الفاشلة أخيرًا النّتيجة النّهائيّة لعزل عنصر الرّاديون؛ ومثل كيوري، يستخدم المنظّرون التّحليلات، والتّصحيحات، وعمليّات التنفيذ، المأخوذة جميعها بعين الاعتبار؛ وحين يكون الوقت مهمّا؛ فإنّ على روّاد الأعمال فهم أنّ التّجريب المتواصل يبطئ عمليّة حلّ المشكلة. الشكل 6.6: يتعرّف حلّال المشاكل المنظّر على المشكلة، ويضع نظريّةً، بالتكرار أحيانًا، ثمّ يصل أخيرًا إلى الحلّ. حفظ الحقوق: تصميم مسجّل باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 حلالو المشاكل الملتمسون يرى هؤلاء مشكلةً، ويطلبون من الآخرين أفكارًا لحلّها، إذ يفضّل رائد الأعمال من هذا النّوع استشارة شخص خاض التّجربة من قبل، وربّما يفضّل أيضًا حلّ المشكلة في وسط فريق، ويضمن التماس مداخلات الفريق الرّيادي أنّ رائد الأعمال على مسار يحرّكه توافق الآراء، ويستغرق هذا النّوع من حلّ المشكلات وقتًا أطول؛ لأنّ صاحب المشروع لابدّ أن يشارك في عمليّة تساهميّة تمنح جميع الأعضاء فرصة المشاركة، وتتضمّن العمليّة اكتشاف بدائل للحلّ النّهائي، وفي عمليّة صنع القرار المنظّماتية على سبيل المثال، تكون الشّموليّة مقياسًا لمدى محاولة الشّركة أن تكون محتويةً، أو شاملةً في صنع قراراتها، ويمكن ملاحظة الشّموليّة في عدد اللّقاءات المبرمجة، والعمليّة الّتي تجمع من خلالها الشّركة المعلومات، وعمليّة الحصول على المدخلات من المصادر الخارجيّة، وعدد الموظّفين المعنيّين، واستخدام الاستشاريّين المتخصّصين، والخبرة الوظيفيّة للأشخاص المعنيّين، وسنوات مراجعة البيانات التّاريخيّة، وإسناد المسؤوليّة الأساسيّة، وعوامل أخرى؛ ولذا فإنّ صنع القرار الشّامل مثال عن أسلوب حلّ المشاكل الالتماسيّ، فهو يبحث عن المدخلات من عدد كبير من أفراد الفريق. المحاكاة مثال آخر يستخدم أسلوب الالتماس لحلّ المشاكل، وهي اجتماع لحلّ النّزاعات، وتحديد الحلول؛ ويمكن أن يعقد مطوّر مشروع جديد محاكاة مجتمعيّة للمساعدة في تصميم المشروع، على أمل الحصول على موافقة المسؤولين المنتخبين، وفي مثال المبنى، يمكن أن يتكوّن هذا من المطوّر، وفريقه؛ من المهندسين المعماريّين، ومصمّي المشروع، والأشخاص ذوي الخبرة في المشروع، الّذين يعملون جنبًا إلى جنب مع أعضاء المجتمع، أو المديرين التّنفيذيّين، أو المسؤولين المنتخبين، أو الممثّلين، مثل: الموظّفين، أو المجالس المعيّنة من قبل المواطنين؛ مثل مجلس التّخطيط، فهذا النّشاط يمثّل مقاربةً لحلّ مشكلة بالالتماس. الشكل 6.6: يتعرّف حلّال المشاكل بالالتماس على المشكلة، ويناقشها مع الآخرين، ويصل إلى حلّ يوافقون عليه. حفظ الحقوق: تصميم مسجّل باسم جامعة رايس، OpenStax، تحت ترخيص CC BY 4.0 باختصار، لا يوجد أسلوب صحيح، أو خاطئ لحلّ المشاكل؛ بل يجب أن يعتمد كلّ حلاّل مشاكل على الغرائز الّتي تدفع الابتكار لديه دفعًا أفضل، وزيادة على ذلك، فعليه أن يدرك أنّ طرق حلّ المشاكل المختلفة لا تعمل كلّها في كلّ موقف، لذا فيجب عليه الاستعداد لتكييف تفضيلاته الخاصّة مع الموقف، لرفع الكفاءة إلى أقصى حدّ، وضمان العثور على حلّ فعّال؛ فقد تمنع محاولة فرض أسلوب حلّ مشاكل معيّن من إيجاد المنظّمة للحلّ الأفضل، وبينما ينبغي استخدام مهارات حلّ المشاكل العامّة في ريادة الأعمال، مثل: التّفكير النّقدي، والحسم، والتّواصل، وتحليل البيانات؛ في رحلتك الرّياديّة، وحياتك على حدّ سواء؛ إلّا أنّ مهارات حلّ المشاكل الأخرى، والمقاربات الّتي تتّبعها تعتمد على المشكلة عند ظهورها. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Problem Solving and Need Recognition Techniques) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيف يتجاوز رائد الأعمال المشاكل الريادية بطرائق إبداعية؟ المقال السابق: التحليل التنافسي: كيف يرى رائد الأعمال السوق المنافسة لمنتجه الجديد؟
  24. يعتبر القيام بإجراء تحليل تنافسيّ أمرًا مساعدًا جدًّا على تركيز الأفكار، والتعرّف على اقتراح البيع الفريد، والتميّز التّنافسيّ، وينبغي أن يوفّر التّحليل التّنافسيّ لرائد الأعمال معلومات حول كيفية تسويق المنافسين لنشاطاتهم، وطرائق لاختراق السّوق بالدّخول بمنتج، أو خدمة فجوات في مناطق لا يخدمها منافسوك، أو لا يخدمونها كما ينبغي، والأهمّ، أنّ التّحليل التّنافسيّ يساعد رائد الأعمال على تطوير امتياز تفوّقيّ، يمكّنه من إنشاء مدخول ثابت. سنتحدث في هذا المقال عن كيفية القيام بالتحليل التنافسي، وذلك من خلال أداتين هامتين هما: شبكة التّحليل التّنافسي، ومقاربة الثلاث الدّوائر. كما سنسلط الضوء على أهم الأمور التي يجب اعتمادها لإنجاح هذه العملية -عملية التحليل التنافسي-. أدوات التحليل التنافسي تأكّد وأنت تحضّر للتّحليل التّنافسي، من التعرّف على منافسيك عبر خطّ الإنتاج، أو قسم الخدمة، وهذا النّشاط يمكن أن يكون صعبًا بالنّسبة لروّاد الأعمال، عندما لا تكون الصّناعة موجودة بعدُ أصلًا، ففي حالة Bee Love مثلًا، لم يكن لـبالمز باربر منافسون مباشرون في صناعتها تحديدًا، بل كان لها منافسون مرتبطون بتلك الصّناعة، على شاكلة منتجات رعاية البشرة التّقليديّة، فكرتها في إنشاء منتجات رعاية بشرة طبيعيّة بالكامل، ذات أساس عسليّ، أنشأت سوقًا جديدًا؛ لهذا فربّما على التّحليل التّنافسي التّركيز على المنتجات البديلة، عوض المنافسين المباشرين، وثمّة نوعان من الأدوات الرّئيسة المستخدمة في تحليل المنافسين: شبكة التّحليل التّنافسي. مقاربة الثلاث الدّوائر. شبكة التحليل التنافسي ينبغي أن تحدّد شبكةُ التّحليلِ التّنافسيِّ مُنافِسِيكَ، وتتضمّن تقييمًا للخصائص الرّئيسة للمشهد التّنافسي في صناعتك، بما في ذلك نقاط القوّة، والضّعف التّنافسيّة، وعوامل النّجاح الرّئيسة. يقدّم الجدول 2.5 مثالًا عمّا يبدو عليه التّحليل التّنافسي لمحلّ درّاجات هوائيّة في منطقة سياحيّة. شبكة التّحليل التّنافسيّ لمتجر درّاجات سِد "Sid's Cycle Shop" في برانسون بولاية ميسوري الأمريكيّة الخصائص الرّئيسة Sid’s Cycle City Cycle SpokesMasters Target نقاط القوّة علم بالمنتج. خدمة التّصليح. خدمة التّصليح جودة مرتفعة، ماركات عالميّة السّعر. ساعات العمل (مفتوح طوال الأسبوع مع موقع إنترنت). نقاط الضّعف خيارات قليلة. خدمة عملاء سيئّة السّعر. غياب منتجات المبتدئين. جودة منخفضة. غياب مرافق التّصليح. مستوى جودة المنتج من منخفض إلى متوسّط من متوسّط إلى مرتفع مرتفع منتجات المبتدئين نقطة السّعر متوسّط بين متوسّط، ومرتفع مرتفع منخفض جدّا موقع المتجر مركز تسوّق في ضواحي المدينة، على طريق سريع مزدحم. ضواحي المدينة، على طريق 280 شارع جانبي وسط المدينة مركز تسوّق برانسون الإشهار إعلان أسبوعي في الجريدة. الذّكر في محطات الإذاعة، والإنترنت، ووسائل التّواصل الاجتماعي. الإعلان على جريدة محليّة في موسم السّياحة. الإنترنت ووسائل التّواصل الاجتماعي. رعاية سباق درّاجات كبير في المنطقة. الإنترنت ووسائل التّواصل الاجتماعي. الإعلانات على الإنترنت. إعلان موسميّ في الجريدة. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 2.5 تصوّر شبكة التّحليل التّنافسيّ هذه بعضًا من الجوانب الرّئيسة للمنافسين في سوق معيّن. حين تنهي تحليل منافسي مشروعك، حدّد ما يساهم في نجاحهم، وبعبارة أخرى: لماذا يتسوّق النّاس من تلك الشّركة؟ من تلك الأسباب: غياب المنافسين القريبين. انخفاض السّعر مقارنة بالمنافسين. مجموعة متنوّعة من المنتجات. تقديم خدمات حصريّة. أن التسويق يروق فئة السّوق المستهدفة. ولذا ينبغي أن تخرج من تحليلك بتركيبة من: عوامل النّجاح الرّئسة داخل الصّناعة، وهي بعبارة أخرى، ما يلزمك لتنجح في تلك الصّناعة. ما لا يقدّمه منافسوك، ويقدّره السّوق المستهدف. وهناك أداة أخرى يجري استخدامها -عادة- تسمّى تحليل SWOT في إشارة إلى (strengths = نقاط القوة، weaknesses = نقاط الضّعف، opportunities = الفرص، التّهديدات = threats). وهي تركّز على تحليل احتمال مشروعك، وتبني على المعلومات المستقاة من شبكة تحليلك التّنافسيّ، والدّوائر الثّلاثة، ستحتاج إلى التعرّف على نقاط القوّة الّتي يحتاجها مشروعك لدعم الامتياز التّنافسيّ؛ الّذي تحدّده أدوات التّحليل التّنافسي، ويمكن تحديد نقاط الضّعف عبر توقّعاتك للوضع الحاليّ، وللمستقبل القريب، وبالنسبة لمشروع جديد، تعتمد أقسام الفرص، والتهديدات، على العوامل الحالية في البيئة الخارجية، التي تأتي من بحثك، وفي هذا السياق، فإنّ الفرص هي حقائق، أو تغييرات، أو مواقف داخل البيئة الخارجية، ويمكن الاستفادة منها بشكل إيجابي لنجاح المشروع. الشكل 9.5: يمكن استخدام تحليل SWOT للتعرّف على نقاط القوة، والضّعف، والفرص، والتهديدات في فرصة رياديّة محتملة. من أدوات تحليل الفرص، وقسم التّهديدات -أيضًا- نذكر تحليل PEST وهي الحروف الأولى من كلّ من: Political = سياسي، Economic = اقتصاديّ، Societal = مجتمعي، technology = تكنولوجيّ. ونحدّد في هذا التّحليل المشاكل في كلّ فئة من الفئات المذكورة أعلاه (PEST). يوضّح الشّكل 10.5 مثالًا على المواضيع الّتي يمكن وضعها في تحليل PEST. الشكل 10.5: يمكن أن يساعد تحليل PEST في التعرّف على نقائص الفرص، والتّهديدات الّتي يمكن استخدامها في تحليل SWOT. يجب على رائد الأعمال أن يزود كلّ فئة من الفئات سالفة الذّكر بالمعلومات، والحقائق ذات العلاقة، والمتعلّقة بأيّ فرصة رياديّة تصادفه، وبعد إنهاء التّحليل، يمكن تحديد ما إذا كانت هذه الحقائق، أو العوامل ستوضع في قسم الفرص، أو قسم التّهديدات في تحليل SWOT. أداة الدوائر الثلاثة نبيّن في الشّكل 11.5 أداة أخرى من أدوات التّحليل التّنافسي، وهي الدّوائر الثّلاثة، وهدفها تحديد نقاط قوّة المنافس، وامتيازاتها التّنافسيّة، مع إظهار أيّ تداخل بين المتنافسين،ثمّ تحدّد القيم، والممّيزات الّتي لا يقدّمونها، هذا الفراغ القيَمي، أو الغياب الخدماتي، يساعدك على تحديد مقترح بيع فريد، وبهذا تحقّق تفوّقك التّنافسيّ. الشكل 11.5: يساعد تحليل الدّوائر الثّلاثة إلى تحديد أماكن التّداخل، وأماكن الفراغ في السّوق، بحيث يمكنك تغطيته بمشروع جديد، وتحديد التّداخلات، و نقاط التّكافؤ، والمجالات الّتي يقدّم فيها المنافسون القيمة نفسها، مع تحديد مهمّ لمجالات احتياجات العملاء غير الملبّاة، ومدى تفرّد تميّزك التّنافسي في الصّناعة. إن مقترح البيع الفريد مهمّ في خطّة التّسويق، وغالبًا ما يُستخدم شعارًا، وينبغي أن يتوافق مع القيمة الّتي يقدّمها المنتج، أو علامة الشّركة، وهذه المفاهيم مختلفة عن ميزة مشروعك التّنافسيّة، فهذه الأخيرة تصف الميزة الفريدة لمشروعك، والّتي تدعم نمو المشروع، بينما يصف مقترح البيع الفريد المنتجَ، أو الخدمة نفسها، وليس المشروع بأكمله، وعلى الرّغم من اختلاف المفاهيم، إلا أنه لا بدّ من التّوفيق بينها. ميزة التّنافس لدى أمازون -مثلًا- هي حضورها الافتراضيّ، ومعرفة السّوق، ومعرفة التّقنية، وتطبيقها، ومعرفة الصّناعة، ومن خلال ميزات التّنافس هذه، تقدّم أمازون تركيبات من الفوائد الفريدة لعملائها، مثل: الدّفع بنقرة واحدة، والاقتراحات المبنيّة على الخوارزميّات، باستخدام التّنقيب عن البيانات؛ لتتبّع تفضيلات العميل، وهكذا يجعل مقترح البيع الفريد من أمازون، عمليّة الشّراء سهلة، ودقيقة قدر الإمكان، بينما تكمن ميزتها التّنافسيّة في قدرتها على توقّع التطوّرات المستقبليّة، والتّصرف وفقًا لتلك التوقّعات، إلى درجة تشكيل الصّناعة. تنتج الميزة التّنافسيّة عن تحليل نقاط القوّة، والجوانب الفريدة للمشروع، وتحليل الصّناعة، بما في ذلك مزايا المنافس، واحتياجات العملاء، وما يقدّمة المشروع ضمن هذا المشهد التّنافسيّ، كما يجب أن يدعم مقترح البيع الفريد الميزةَ التّنافسيّة، تمامًا كما ينبغي العكس. دور وسائل التواصل الاجتماعي في البحث ثمّة قضيّتان رئيستان تتعلّقان بالبحث، فيما يتعلق بجميع المشاريع التّجاريّة الجديدة تقريبًا، وهما: الوقت والمال، إذ يمكن أن تستغرق المشاريع البحثيّة واسعة النّطاق شهورًا، أو أكثر، وهذا بالطّبع يكلّف مبلغًا كبيرًا من المال، ولكن يمكن أن توفّر وسائل التّواصل الاجتماعي بعض الفرص لتجاوز هذه القضايا، وفي هذا السياق ينقل راي نيلسون -الكاتب في Social Media Today- عدّة طرائق يمكن أن توفّر بها وسائل التّواصل الاجتماعي أبحاث سوق سريعة، ومنخفضة التّكلفة: تتبّع التوجّهات مباشرة في الوقت الفعليّ. مساعدة رائد الأعمال على تعلّم لغة عملائه المحتملين. اكتشاف التوجّهات غير الملحوظة بإشراك العملاء في النّقاش. إجراء بحث سوق عبر وسائل فعّالة، ومنخفضة التّكليف. إذا كان بمقدور رائد الأعمال إجراء بحث عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ بمفرده، فإنّ التّكلفة ستكون ما يبذله من وقته فقط، لكنّه وقت أحسنَ إنفاقه إذا ما قضاه في البحث، من خلال منصّات وسائل التّواصل الاجتماعي، مثل: فيس بوك، وتويتر، كما يجب أن يشمل هذا البحث اكتشاف مقترح البيع الفريد للمنافسين، وفهم ميزاتهم التّنافسيّة، وتحديد ما يقدّره العميل وهو ما يمكن أن يكون صعبًا إلى حدّ ما، فقبل أن تدرك أمازن -مثلًا- أنّ النّاس مشغولون، هل كنّا ندرك -فعلًا- أنّنا بحاجة إلى عمليّات شراء بنقرة واحدة؟ وهل كنّا نفكّر في أنّ الطّرد المستلم، ينبغي أن يكون سهل الفتح؟ ولكنّ الجمال ببساطة أنّك يمكن أن تكتشف هذا -فقط- بسؤال متسوّقي أمازون عمّا يقدّرونه في التسوّق من الشّركة لتحصل على إجابات تدعم عمليّة أسرع، وأبسط. كما يمكنك قراءة مراجعات العملاء، وتعقيباتهم على موقع أمازون (أو أيّ موقع مرتبط بمجال صناعتك) لاكتشاف ما يروق العملاء، وما لا يروقهم، حول منتجات، وعلامات تجاريّة متوفّرة، كما يمكنك تطوير استباناتك الخاصّة، وإرسالها إلى العملاء والعملاء المحتملين. وينجح هذا -عادةً- عند استهداف الّذين لديهم اهتمام قويّ بالمنتج، أو المشكلة، بدل إرسال الاستطلاعات عشوائيًّا. الجدوى، ونماذج الأعمال يهدف جزء من التحليل، إلى ما إذا كانت فكرتك فرصة رياديّة حقيقيّة، وإلى تحديد نموذج عمل قابل للتّطبيق، فنموذج العمل هو خطّة لكيفيّة تأسيس مشروعك: كيف يقدّم المشروع قيمة لأصحاب المصلحة، بما في ذلك العملاء؟ وكيف تُقدَّم عروض المشروع، وتوزّع على المستخدمين النّهائيّين؟ وكيف يتمّ توليد الدّخل من خلال هذه العمليّة؟ يصف نموذج العمل كيف ينشئ المشروع الفائدةَ بوصف كلّ من تلك العمليّات، ويتكون نموذج العمل في هذه المرحلة من أربعة مكوّنات: العرض، والعملاء، والبنية التّحتيّة، والجدوى الماليّة. الشكل 12.5: يتكون نموذج العمل من أربعة مكوّنات هي: العرض، والعملاء، والبنية التّحتيّة، والجدوى الماليّة. يشير العرض إلى المنتج، أو الخدمة الّتي تبيعها، واقتراح القيمة، وكيف ستتواصل، وتبلغ عملاءك المستهدفين، فاقتراح قيمة العميل يتضمّن وصفًا مفصَّلًا للمنتجات، والخدمات الّتي ستقدّمها للعملاء، والفوائد العائدة على العميل -أي القيمة- من جرّاء استخدامه منتجك، أو خدمتك، ويمكن أن تكون فائدة العميل؛ هي القدرة على القيام بشيء ما، بطريقة أسهل، أو أسرع، أو بتكلفة أقلّ، كما يمكن أن تكون القيمة حلّ مشكلة لم يحلّها غيرك. كتابة اقتراح قيمة للعميل من المفيد كتابتك اقتراح القيمة للعميل، فبهذا ستملك نسخة للمراجعة، والتّعديل بينما تتطوّر أفكارك. وإليك فيما يأتي بنية عامّة يمكنك اتّباعها: ابدأ بعبارة على شكل عنوان تصف فيها كيف يفيد عرضك العميل. اشرح العرض في فقرة، أو بضع جمل، تأكّد من توضيح ما هو العرض، ومن هو العميل، ولماذا تعرض عليه منتجك. يمكنك إضافة قائمة عناصر، أو رؤوس أقلام، تبيّن 3 إلى 5 من مميّزات المنتج، أو الفوائد الّتي يستقبلها العميل. أضف -إذا أمكنك- رسمًا بيانيًّا، يزيد الاهتمام، ويعزّز الفكرة. العملاء هم الأشخاص الّذين ستخدمهم، بما في ذلك العملاء المحتملون من قسم واحد، أو أقسام عدة في السّوق، أو فروع من أقسام السّوق، تجمعهم احتياجات، أو اهتمامات متشابهة، ونادرًا ما تجذب المنتجات الجميع، لذلك يحتاج صاحب المشروع إلى تحديد قطاعات السّوق الّتي ستكون أكثر منطقيّة بالنّسبة إلى الأعمال، وبيئة السّوق، وحيويته (ديناميكيّاته)، من خلال التّحليل، والاستهداف عاليي المستوى، فقد تجذب بعض المنتجات أقسامًا من السّوق، بناء على السنّ، أو الدّخل، بينما تجذب منتجات أخرى، آخرين بسبب أسلوب حياتهم، كما أن التطوّر السّريع في سوق ما، يعني أنّ فيه فرصًا محتملة، ويمكن أن يكون هذا نتيجة نموّ سكانيّ كبير في مدينة ما، أو شيوع أسلوب، أو توجّه لدى العملاء. البنية التحتية: تشير إلى جميع الموارد الّتي يحتاجها رائد الأعمال لإطلاق مشروعه التّجاري، والحفاظ عليه، وهي تشمل الأشخاص، والمنتجات، والمرافق، والتّقنية، والمورّدين، والشّركاء، والتّمويل، وعلى رائد الأعمال الإيفاء باقتراح قيمة العميل في كلّ واحدة منها. تتعلّق الجدوى المالية بالاستدامة الماليّة طويلة الأجل، للمؤسّسة قصد تحقيق مهمّتها، ويعود هذا إلى تعريفنا لفرصة ريادة الأعمال، إنّ معرفة أنّ المشروع يحلّ مشكلة كبيرة، ومهمّة -بحيث يكون السّوق المستهدف على استعداد لشرائها- هو جزء أساس من تحديد الجدوى الماليّة، كما تتناول هذه الفئة -أيضًا- كيف سيحقّق المشروع أرباحًا. هل يتناسب -مثلًا- نموذج الأعمال القائم على الاشتراك مع السّوق المستهدف، ونجاح المشروع؟ في الحقيقة أننا نشهد حاليًا نموًّا كبيرًا في الشّركات النّاشئة الّتي تقدّم خدمات الاشتراك، فما هي فوائد طريقة البيع هذه؟ بالنّسبة للمشروع، يزيد هذا النّموذج من المبالغ النّقديّة المقدّمة لدعم نموّ المشروع؛ خاصّة عندما يدفع العملاء عامًا مقدَّمًا؛ مقابل المنتجات الّتي سيتمّ تسليمها خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، ويؤدّي استلام الدّفعة قبل إكمال المبيعات إلى تزويد المشروع بالنّقد التّشغيليّ، اللاّزم لدعم النّموّ الحاليّ، والمستقبليّ؛ أمّا الفائدة الّتي تعود على العميل من خلال هذا النّموذج؛ فهي في تقليل المعاملات، إذ يعرف أنّ الدّفعة تغطّي مزايا 12 شهرًا قادمةً، من دون الحاجة إلى عمليّات شراء أخرى حتّى نهاية الاشتراك. ومن الاختيارات الأخرى، نجد حريّة اختيار ما إذا كنت ستمتلك موقعًا على الواقع، أو موقعًا افتراضيًّا، أو كليهما معًا، فالجدوى الماليّة تعني اكتشاف الفوائد، والمساوئ، لكلّ طرائق إنشاء نموذج أعمالك. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } البحث في الأسواق المستهدفة باستخدام معلومات الإحصاء السكاني تمرّن على إجراء البحوث عبر الاتّجاه إلى مواقع الإحصاء السّكانيّ، ومصدرين آخرين لتحديد سوق مستهدف معيّن لمنتج يهمّك، وضمّن بحثك ما يأتي من معلومات حول السّوق المستهدف: الدّخل المتاح للإنفاق: ربّما تسأل نفسك ما إذا كان في السّوق المستهدف دخل متاح للإنفاق بما يكفي لاقتناء المنتج المقصود. الفئات السّكانيّة. السّيكوغرافيا: وهي تركيب تصرّفات الشّخصيّة المشترية، والفئات السّكانيّة. كيف يمكنك، وأنت رائد أعمال، الوصول إلى هذا السّوق المستهدف. عندما تمتلك فكرة نشاط تجاريّ، عملت على إجراء البحوث عليها، ووجدت أنّ لها سوقًا كبيرًا بشكل كافٍ، يحتاج إلى ما تقدّمه فكرتك، ورأيت أنّ لهذا السّوق المستهدف القابليّة، والإرادة، لإرضاء حاجتهم باشتراء الحلّ المقدّم، وأنّ بإمكانك الوصول إلى الموارد اللاّزمة لبناء البنية التّحتيّة لنشاطك، وأنّ لديك المزيج الصّحيح من المنتجات، والخدمات، مع اقتراح قيمة جيّدة، وأنّك تستطيع أخيرًا توفير التّموين الكافي، فإنّك تملك فرصةً حقيقيّة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Identifying Entrepreneurial Opportunity) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: رائد الأعمال وحل المشاكل: كيفية العثور على الحلول الريادية المقال السابق: كيف يبحث رواد الأعمال عن الفرص الريادية المحتملة؟
  25. أثناء سعيك لاكتشاف مدى معقوليّة فكرتك التّجاريّة، ستحتاج إلى البحث في العديد من مجالات المفهوم. فحص الفرصة هو العمليّة الّتي يتّبعها روّاد الأعمال لتقييم أفكار المنتجات الابتكاريّة، والاستراتيجيّات، والتوجّهات التّسويقيّة، بالتّركيز على جدوى المصادر الماليّة، ومهارات الفريق الرّيادي، والمنافسة، ويساعد هذا الفحص على تحديد احتماليّة النّجاح في تطبيق الفكرة، كما يمكنه المساعدة في تحسين التّخطيط. سنشرح فيما يلي كيفية القيام ببحث الفرص الريادية المحتملة، خطوةً بخطوة، مع تحديد أهم أسباب فشل بعض المؤسسات، والتي عليك طبعا العمل على تجنبها. إلى جانب وضع مجموعة من الأمثلة الواقعية، لتسهيل الأمور عليك. مصادر معلومات البحث المعتادة عندما تنطلق في البحث عمّا إذا كانت فكرتك قابلة للتّطبيق أم لا، فإنّ من الأماكن الجيّدة للانطلاق؛ قائمة المصادر المقترحة من قسم إدارة الأعمال الصّغيرة، في وزارة التّجارة، أو وزارة الدّاخلية؛ فهذه المواقع تقدّم -عادةً- معلومات حول عدد السّكان في منطقتك، وكذا إحصاءات حول الاقتصاد، والتّجارة، وبالنّسبة لأغلب روّاد الأعمال، فإن البحث يشمل العملاء المحتملين، وبالأخصّ عملاءك المستهدفين؛ وذلك بطرح أسئلة حول ما يروقهم، وما لا يروقهم، وكيف يمكن تحسين منتج، أو خدمة ما، وكيف يمكن تحسين تجربة الشراء، وحتّى بسؤالهم عن الأماكن الأخرى الّتي يفضّلون اقتناء منتجاتهم، أو خدماتهم منها بدل شركتك. يمكن لمسوّقي الأعمال الصّغيرة استخدام طرائق قليلة التّكلفة، أو حتّى مجانيّة؛ لإجراء بحوثهم، بما في ذلك سبر الآراء، والاستبانات، ومجموعات الدّراسة، والحوارات المعمّقة، وبالطّبع، فإنك لا تحتاج أن تكون خبيرًا بأيٍّ من هذه المجالات، إذ يمكن أن يقدّم لك قسم الأعمال الصّغيرة في بلدك -كما هو الحال في الولايات المتّحدة مثلًا- المساعدة الّتي تحتاجها بهذا الخصوص، كما يمكن أن تتلقى المساعدة من جامعة، أو مركز جامعي محليّ. ستبدأ -غالبًا- عبر البحث الثّانوي، وهي المعلومات المتوفّرة بالفعل عبر مصدر منشور، وربّما تكون مقالات، أو تقارير بحث، أو مصادر إنترنت موثوقة، حيث يمكنك البحث عن معلومات حول صناعتك، ومنتجاتك، وعملائك، وإذا امتلكت المال الكافي، فيمكنك أن تشتري تقارير الأبحاث من الشّركات الّتي تتخصّص في جمع المعلومات، حول مواضيع، أو منتجات محدّدة، كما أن هذا البحث الثّانوي يتميّز بسهولة، وسرعة الحصول عليه، غير أنّه ليس متخصّصًا بشكل كاف، ليقدّم لك كلّ التّفاصيل الّتي تحتاج إلى معرفتها حول فكرتك، إذ يمكن للبحث الثّانوي -مثلًا- أن يطلعك على عدد العملاء الذين يشترون الغسول، ومن أين يشترونه، وما هي العلامات الّتي يشترونها، ولكن إذا أردت -مثلًا- معرفة ما إذا كان العملاء يستخدمون الغسول ذاته، أو معالج شعر مختلفًا، أو تركيبة من منتج غسول، ومعالج؛ فحينها عليك القيام بالبحث الأوليّ، وتظهر فائدة هذا الأخير عندما لا يتطرّق البحث الثّانوي إلى الأسئلة الّتي ترغب في استكشافها، أثناء التقصّي حول فكرة مشروعك. يجمع البحث الأوليّ معلومات لم تكن متوفّرة من قبل، وهي معلومات مخصّصة لمنتجك، أو عملك، أو عميلك، ويستغرق جمع هذه المعلومات الأوليّة وقتًا، ومالًا، ومن الطّرائق المستخدمة في جمع معلومات البحث الأوليّ: تطوير استبانة استقصائيّة. استخدام متسوّقين سريّين. استعمال مجموعات الدّراسة. ويمكن أن تكون أسئلة الاستبانة سهلة، مثل بطاقة تعليق للعميل، مطبوعة على وصل الشّراء، كما يمكن أن تجعلها متعمّقة، تمتدّ إلى عشرات الأسئلة التّفصيليّة؛ أمّا عن المتسوّقين السريّين، فيمكن توظيف خدمة تسوّق، أو الاستعانة بالأصدقاء، وأفراد العائلة، أو حتّى عملائك، وطريقة عمل هذه الاستبانة سهلة، إذ يمكنك أن تزوّد أحدهم ببطاقة هديّة، ليصرفها في محلّك، على أن يعلّق على نوعيّة المنتج، والخدمة، وقضايا أساسيّة أخرى. البحث في الفرصة الريادية والتحقق منها سواء بدأت نشاطك التجاريّ الخاصّ، أو اشتريت نشاطًا جاهزًا، أو تعاقدت مع صاحب امتياز؛ يبقى البحث في الصّناعة، والسّوق المستهدفة، وفحص الخيارات الاقتصاديّة، والتّموينيّة، جزءًا من الاستقصاء اللّازم، أو ما نسمّيه المراجعة الواجبة، ونعني بهذا الأخير عملية اتّخاذ الخطوات المنطقيّة، للتحقّق ممّا إذا كانت قراراتك مبنيّة على معلومات دقيقة، وتامّة، من حيث البحث، والاستقصاء اللاّزم، وبمعنى آخر؛ هو إجراء بحث شامل حول الخيارات المحتملة، وطرح الأسئلة المفصّلة، والتحقّق من المعلومات. ولكلّ صناعة استقصاؤها اللاّزم الخاصّ بها؛ إذ ينطوي في المجال القانونيّ -مثلًا- على فهم شروط العقود، والتّعاملات، فيما يشير في مجال تمويل الأعمال إلى زيادة رأس المال، أو العمل اللاّزم، تحضيرًا لتعاقدات الدّمج، والاستحواذ، وهو في ميدان ريادة الأعمال؛ البحثُ الضّروريّ للتحقّق ممّا إذا كانت فكرةٌ مَا فرصةً فعلًا، مع أخذ عمليّة بدء، وتمويل المشروع كاملة في الحسبان. من الأسئلة الشّائعة والّتي على روّاد الأعمال طرحها: "هل الوقت مناسب الآن لبدء نشاط تجاري؟" سؤال التّوقيت هذا ينبغي معالجته في الاستقصاء؛ لتحديد ما إذا كانت الفكرة مثيرة للاهتمام وحسب، أم أنّها بالفعل تناسب شروط الفرصة الرّياديّة. يمكن للفكرة أن تتحوّل إلى فرصة مدرَكة إذا حقّقت الشّروط التّالية: طلب كافٍ في السّوق. بنية، وحجم السوق مهمَّان. هوامش ربح، وموارد كافية؛ لدعم نجاح المشروع. الطلّب الكافي في السّوق؛ يعني أنّ للفكرة قيمة بتقديمها حلّ مشكلة يُقبل السّوق المستهدف على ابتياعها، ويمكن أن تأتي هذه القيمة من منتج، أو خدمة جديدين، يملآن حاجة غير ملبّاة، أو ثمنًا أقلّ، أو فوائد محسّنة، أو قيمة ماليّة، أو معنويّة أكبر، كما يمكن لهذه القيمة -أيضًا- أن تتأتّى من استغلال جانب "غير مستهلك" من منتج، أو خدمة ما، ومثال ذلك ما فعلته شركة ديزني خلال ثمانينات القرن الماضي؛ إذ أدركت أنّها تخسر فرصة استقبال زوّار في مدن ملاهيها بين التّاسعة مساءً، والتّاسعة صباحًا، لأنّ أبوابها كانت مغلقة خلال ذلك الوقت، فأدرجت في جدول مواعيدها "اللّيالي المدرسيّة" حيث يمكن للطّلبة، والمدارس زيارة حدائق الألعاب ليلًا بمقابل أقلّ من المعتاد. بنية، وحجم السّوق المهمّان يتطلّبان نموًا محتملًا، ودوافع طلب المنتج، أو الخدمة، بحيث تكون عواقب الدّخول معقولة، فلا يكون دخول الصّناعة، أو إنشاء واحدة جديدة شديد الصّعوبة، فإن كانت الصّناعة موجودة سلفًا، فلا بدّ أن يكون فيها مساحة كافية لمشروعك، بحيث يأخذ حصّته من السّوق، بتقديم قيمة تخلق تفوّقًا تنافسيًّا. الهوامش، والموارد الكافية تتضمّن احتمال تحقيق هوامش ربح بمستوى عال وبشكل كاف، مقارنة بالعمل المتوقّع لبدء المشروع، بما في ذلك وقت وجهد رائد الأعمال، بحيث تستحقّ المخاطرةُ الإتيانَ بها، أمّا إذا كانت التّكاليف التّشغيليّة عالية جدّا، مقابل هامش ربح جدّ ضعيف، فمن المهمّ تحليل ما إذا كانت الفكرة قابلة للتّنفيذ أصلًا، وتتضمّن الهوامش الكافية -أيضًا- متطلّبات رأس المال، وكذا المتطلبّات التّقنية، وتعقيدات نظام التّوزيع، والموارد المماثلة. الشكل 4.5: لا نعترف بالفكرة فرصةً إلاّ إذا تحقّقت هذه الشّروط فيها. إنّ تحديد ما إذا حقّقَتْ فكرةٌ مَا تلك الثلاثة الشّروط، إنّما يمثّل ذلك أبسط الاهتمامات عند فحص ما إذا كانت فكرة العمل فرصةً رياديّة، ولكن تذكّر أنّ هذه الشّروط مبنيّة جزئيًّا على إنشاء مشروع ربحيّ، فإذا كان مشروعك الرّيادي مركّزًا على حلّ مشكلة مجتمعيّة، فأنت تحتاج إلى معرفة ما إذا كانت المشكلة المحدّدة واقعيّة، وما إذا كانت حقّا تحتاج إلى حلّها. ترتبط البنية، والهوامش الرّبحية الكافية في المشاريع الرّبحية، بتوقّع أنّ يدرَّ المشروع أرباحًا معتبرة مع هوامش ربحية كافية للاستدامة، والتطوّر، على أنّ هناك أمثلة لمشاريع ربحيّة لم تحقّق أيّ مبيعات، مثل يوتيوب، ولكن كان ثمّة توقّع بأنّ حصد يوتيوب، أو بيعه، سيحقّق ربحًا معتبرًا للفريق الرّيادي، وهو ما حدث فعلًا بعد سنة، ونصف -فقط- من بدئه، إذ استحوذت عليه جوجل مقابل 1.65 مليار دولار. بعد أن يتأكّد رائد الأعمال من أنّ فكرته فرصةُ رياديّة، فإنّ عليه طرح المزيد من الأسئلة المفصّلة في المرحلة التّالية من فحص النّشاط التّجاري، وهذه بعض الأمثلة عنها: هل سيقدّر الآخرون منتجك، أو خدمتك؟ هل يحلّ منتجك، أو خدمتك مشكلة معتبرة؟ هل سوق هذا المنتج/الخدمة خاصّ، أو محدّد؟ هل في السّوق احتياجات، أو توقّعات فريدة، تتوافق مع فرصتك الرّياديّة؟ هل التّوقيت مناسب لبدء مشروع؟ هل من بنًى تحتيّةٍ، أو مصادر دعم، ينبغي تسويقها قبل إطلاق مشروعك؟ ما هي الموارد اللاّزمة لبدء مشروعك؟ ما هو الامتياز التّنافسيّ الّذي يعرضه مشروعك في ميدانه؟ وهل هذا الامتياز التّنافسي مستديم؟ ما هو الجدول الزّمني بين بدء مشروعك، وتنفيذ أوّل عمليّة بيع؟ كم من الوقت يستغرق مشروعك قبل أن يصبح مربحًا؟ وهل لديك الموارد الكافية لتطبيق هذا الجدول الزّمني؟ من أفضل النّقاط الّتي يمكنك الانطلاق منها في بحثك الفاحص لفرصتك؛ أن تبدأ بالاطّلاع على المعلومات السكّانية في السّوق الّذي تستهدفه، و هي عبارة عن مخرجاتٍ إحصائيّة عن السكّان، مثل: أعراقهم، وأعمارهم، وجنسهم. عادة ما تقوم الحكومات بجمع معلومات تركيبيّة عن الفئات السّكانيّة، وهذا يمنحك صورة عن سكان قريتك، أو مدينتك، وهذه المعلومات الحكوميّة تزودك بصورة تفصيلية، وأخرى مجملة عن السّكان، كالعمر، والجنس، والعرق، والمدخول، ومعلومات مفيدة أخرى. إذا كنت تنوي على سبيل المثال افتتاح متجر بوظة جديد، مع نكهات مميّزة يفضّلها الصّغار، فيمكنك الاستعانة بمعلومات التّركيبة السّكانيّة لمعرفة عدد الأطفال المقيمين بالمنطقة، ونسبة الأولاد إلى البنات، وأعمارهم، ومستويات الدّخل العامّة للعائلات في المدينة، فهذه المعلومات ستساعدك على تحديد حجم السّوق، والمستهلكين المحتملين، ومستويات الدّخل، والمعلومات السكانية (الدّموغرافية) المهمّة الّتي يمكن أن تناسب مواصفات المستهلك المحتمل، كما أن هناك معلوماتٍ أخرى عليك جمعها بالطّبع، مثل: نسبة السكّان الّذين لا يستطيعون تناول البوظة (بسبب عدم قدرتهم على تحمّل اللاّكتوز)، وإذا كانت نسبتهم معتبرة، فقد تكون هذه الفرصة الّتي تحدّدها: حيث يمكنك فتح محلّ للبوظة الخالية من اللاّكتوز، أو توسيع محلّك بتوفير نكهات متنوّعة من البوظة الخالية من اللاّكتوز، هذا، وتساعد معلومات التّركيبة السّكانيّة -أيضًا- على تحديد مكان مشروعك الرّيادي، فإذا كانت البوظة الخالية من اللاّكتوز مرتفعة الثّمن بسبب مكوّناتها، فبالتّأكيد لن ترغب في افتتاح محلّك في منطقة منخفضة الدّخل. ثمّة كمّ هائل من المعلومات، والمعطيات المتوفّرة عبر الإنترنت، والّتي يمكن أن تساعد على نجاحك، باتّخاذ قرارات مبنيّة على البحث، في الوقت الذي تستكشف فيه إمكانيّة افتتاح مشروعك النّاجح، كما يمكنك اقتناء معلومات أكثر تفصيلًا عن المستهلكين عبر إحدى الشّركات الّتي تجمع المعلومات عن التّراكيب السّكانيّة، وأنماط حياة المستهلكين، وعقليّاتهم، وتصرّفاتهم. بعد تحليل المعلومات السكانية؛ يمكن لرائد الأعمال تطوير، وإجراء بعض الأبحاث البسيطة، الّتي تتراوح ما بين ملاحظات المستهلكين، إلى التسوّق لدى المنافسين المحتملين، كما يمكن لروّاد الأعمال -أيضًا- اكتشاف فرص نشاطات تجاريّة عبر طرح الأسئلة على عملائهم، والاستماع إلى إجاباتهم إذا كانوا يعملون في الصّناعة الّتي ينوي استهداف سوقها، أو في صناعة مشابهة لها، ويمكن أحيانًا لاستبانة بسيطة، وقليلة التّكاليف، أن تكشف عن كثير من المشاكل، والفرص، كما يمكن بالطّبع أن يجمع روّاد الأعمال المعلومات باستخدام حسابات مواقع التّواصل الاجتماعيّ، وسجلاّت المبيعات. تخيّل -مثلًا- متجر ملابس يحتفظ بقاعدة بيانات عملاء مفصّلة، كان يستخدمها لطلب الألوان، والأحجام الّتي قد يرغب بها العملاء، فيستغلّ مستشار تسويق قاعدة البيانات تلك، حيث يكتشف أنّ بعض العملاء لم يعودوا إلى المتجر منذ سنة، أو أكثر، وبعد التّحقيق يكتشف أنّ خللًا في الخدمة أدّى إلى ذلك، ممّا ضيّع على المحلّ آلاف الدّولارات من المبيعات؛ وبناء عليه تطوّر إدارة المحلّ حملة تسويقيّة مستعينة باكتشافات المستشار، فتستعيد عملاءها القدامى، وتكتسب آخرين جددًا، ممّا يرفع المبيعات رفعًا معتبرًا. ومن هنا فإن الدّرس المستفاد هو أنّ البحث مهمّ في مراحل النّشاط التّجاري كافةً؛ قبل أن تبدأه، وفي كلّ مرحلة تلي ذلك، وقد تتغيّر الأسواق بقدوم، أو رحيل النّاس من المنطقة، وكذا بتغيّر الأنماط، والتّفضيلات عبر الوقت، كما يمكن للتّقنية أن تؤثّر تأثيرًا كبيرًا فيما يرغب العملاء في اشترائه، كلّنا يعلم ما حدث لنوكيا (Nokia) و(بلوك باستر) Blockbuster نتيجة إهمالهما مواكبة التّقنية، ذلك أنّ المتابعة الدّائمة للتغيّرات في المحيط الخارجي، وحلبة التّنافس، هو نشاط دائم يدعم النّجاح المستمرّ للمشروع. ويمكن -أيضًا- لروّاد الأعمال الحصول على المعلومات من وكالات التّنمية الاقتصاديّة، أو الغرفة التّجاريّة، أو مركز تطوير الشّركات الصّغيرة، بل وحتّى أمين مكتبة جامعتك، يمكنه أن يدلّك على المصادر المتاحة لديه، والمصادر الأنسب للبحث في سؤالك، ومجال التّركيز في فكرتك. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } رائد أعمال في الميدان شركة إيلون ماسك SpaceX شهد العالم كثيرًا من المنتجات الّتي وعدت بقفزات تاريخيّة هائلة، ثم آلت إلى الفشل، لكنّ شركة SpaceX إحدى شركات رائد الأعمال الجنوب إفريقيّ المقيم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة إيلون ماسك -حادت عن تلك القاعدة؛ إذ يمكنك أن تقرأ على صفحتها الرّسميّة أنّها تعرض بريدًا إلكترونيًّا لحجز رحلات إلى الفضاء! وهذا ليس من نسج الخيال، ولا الأمل الواهم، بل هو نتاج عمل، وإصرار، وتجارب طويلة، غيّرت مفهوم السّفر إلى الفضاء، ولعلّ أهمّها المقدرة على إعادة استخدام الصّواريخ (أو أغلى أجزائها على الأقلّ) في رحلات لاحقة، وهو ما يخفض تكلفة السّفر إلى الفضاء خفضًا هائلًا. وقد كانت رحلة "فريق التنّين" (بوب بنكن، وداج هيرلي) في أواخر شهر مايو 2020 إلى محطّة الفضاء الدّوليّة، وعودتهما إلى الأرض يوم الأحد 02 أغسطس 2020 نجاحًا باهرًا في نموذج إيلون ماسك للرّحلات الفضائيّة، سيفتح المجال للرّحلات التّجاريّة، والشّخصيّة قريبًا. كما تطمح الشّركة إلى مشروع هائل آخر؛ هو تطوير إنترنت منشور عبر الأقمار الصّناعيّة، وقد نجحت حتى أغسطس 2020 بفضل صاروخها Falcon 9 في إطلاق 653 قمرًا صناعيًّا تحلّق في مدار الأرض، وعلى ارتفاع 550 كلم، وستدخل الخدمة حيّز التّنفيذ أواخر 2020 في الولايات المتحدة، وكندا، على أن تتوسّع سنة 2021 لتشمل العالم بأكمله. الشّكل 6.5 فريق التنّين المكوّن من رائدي ناسا للفضاء Bob Behnken وDoug Hurley. ماذا ينبغي أن تفعل إذا لم تتوفّر الثلاثة الشّروط في فكرتك، لكنّ شغفك بتطويرها إلى فرصة، ومشروع جديد، لا يزال قويّا؟ هذا -أيضًا- جزء من العمليّة الرّياديّة، فأنت -كونك الرّيادي القائد- مسؤول عن مهمّة تحديد العوائق أمام تحويل فكرتك إلى فرصة، والإجراءات اللاّزمة لتجاوز تلك العوائق، ويمكن أن يعني هذا، تعديل الفكرة، أو إضافة خصائص جديدة، أو حتّى التخلّص من بعض الخصائص، على أن تزيد إضافة الخصائص في قيمة، أو نفع المنتج، أو الخدمة، ويقلّل حذفها من تكلفة الإنتاج، أو يقلّل من تعقيد استخدامه. لا تنس أثناء بحثك، التحقّق من كون فكرتك فعلًا فرصة رياديّة، وأن تبحث في قوانين منطقتك، وتنظيماتها، فأنت ملزم باتّباعها في عملك، وكذا اقتناء أي تراخيص، أو أذونات ضروريّة لأداء نشاطك، كما عليك التقرّب من الحكومة، أو الإدارات المحليّة للاستفسار عن أيّ تنظيمات إضافيّة. تشير كثير من التّقديرات إلى أنّ نصف النّشاطات التّجاريّة الجديدة ستندثر خلال 5 سنوات، لكنّ البحث الجيّد يمكنه مساعدتك على تلافي التحول إلى مجرّد رقم إحصائي، وقد تبدو هذه الحقيقة في ظاهرها مرعبة، لكن من ورائها نتائج إيجابيّة، إذ إنّ بعضها يندمج في شركات أكبر، أو تباع لها، كما يجب ألا نغفل أنّ بعض روّاد الأعمال يبدؤون مشاريع رياديّة، مع سابق علمهم بأنّ نجاحها قصير المدى، وتوقّعهم بأن تعوّض التّقنية الجديدة الفراغ الّذي سدّوه، وفي هذا السياق فإن أغلب روّاد الأعمال ليسوا بالمخاطرين، لكنّهم يعون جيدًا أنه لا توجد ضمانات ما مع بدء أي مشروع ريادي جديد، لهذا يميلون إلى القيام بمخاطرات محسوبة، مبنيّة على أفضل البحوث الّتي يمكنهم إجراؤها، ولكن في مرحلة ما، يدرك رائد الأعمال أنّه -ورغم كلّ البحوث الّتي أجراها- لا يزال عليه اتّخاذ قفزة ما عند بدء مشروعه الجديد. لماذا تفشل المؤسّسات الصّغيرة؟ لماذا يختفي نصف المؤسّسات الصّغيرة الجديدة، أو أكثر من النّصف بعد 5 سنوات؟ لقد عدَّدَ معهد النّشاطات التّجاريّة الصّغيرة في جامعة توماس بولاية ماين الأمريكيّة عوامل -نذكرها في الجدول 5-1- على أنّها أكثر الأسباب في فشل المؤسّسات الصّغيرة: السبب الوصف قلّة المبيعات قد يبالغ رواد الأعمال في تقدير المبيعات، معتقدين أنّ بإمكانهم أخذ مبيعات من منافسيهم الأقدم منهم. قلّة الخبرة إن إدارة نشاط تجاري عمل شاقّ، وخاصّة إذا كان نشاطًا جديدًا، فمن الصّعب التّحضير جيّدا لما هو غير متوقعّ. رأس مال غير كاف عند حساب ما تحتاج إليه من مال لبدء نشاطك التّجاري، تأكّد من أن تأخذ بالحسبان الوقت الّذي تحتاجه الشركة للوصول إلى نقطة التّعادل، وأضف بعض المال الاحتياطيّ لوقت الحاجة حين يحدث ما لا تتوقّعه. موقع سيّء الموقع بالنّسبة لبعض النّشاطات أمر جوهريّ. سوء إدارة المخزون المبالغة في الإنتاج، والتّخزين تؤدّي إلى قلّة الموارد الماليّة للتّسويق، والخدمات المهمّة الأخرى. الاستثمار المفرط في الأصول الثّابتة خاصّة عند بدء الشّركة، لذا اعتمد على كراء الأجهزة، أو شراء المستعملة، وبهذا تحتفظ ببعض المال للتّكاليف التّشغيليّة. سوء إدارة الأموال ابدأ نشاطك صغيرًا، وقلّل كميّة المال الّتي تحتاج إلى اقتراضها، واستعن بمحاسب من البداية، وصارحه عبر مشاركته خطّة عملك، ورؤيتك للنّشاط، ثمّ استمع إلى نصائحه. التصرّف الشخصّي في أموال الشّركة على المالك اقتطاع راتب صغير من الشّركة، لا أن يعيث في تموينها فسادًا، وإذا سارت الأمور كما ينبغي، فإنّه سيحصل على أموال إضافيّة بنهاية السّنة. النموّ غير المتوقّع من المفاجئ أنّ بعض الشّركات إنّما تفشل لأنّ مالكها لا يقدر على مواكبة تطوّرها، تطوير مشروع جديد، وخاصّة إذا كان قد فاق هذا التطوّر النّسبة المتوقّعة، فإن ذلك يخلق تحديّات مفاجئة، فإذا كنت تصنع منتجًا ما، فإنّ عليك أخذ نسبة استيعاب المصنع بالحسبان، إذا كنت تصنّع بنسبة 100% من طاقة المصنع، فإنّك ستحتاج إلى التّفكير في الإجراءات الّتي تلبّي ارتفاع الطّلب؛ لأنّك إن لم تلبّ الطّلب المتزايد، أغضبت عملاءك، وأكسبت نفسك سمعة سيّئة، تنعكس سلبًا على مهاراتك القياديّة، وربّما تفتح قلّة تخطيطك -لازدهار المبيعات- الباب أمام شخص آخر لبدء شركة منافسة. المنافسة يسيء كثير من مالكي المشاريع الصّغيرة تقدير منافسيهم، لذا، تذكّر إذا تعلّق الأمر بمال يجنى، فإنّ هنالك منافسة، والمنافسون الأكبر يمكنهم هزيمتك دومًا في السّعر، فجد لنفسك وسيلة أخرى تتحدّاهم بها. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center;} td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 1.5 لنحلّل في المثال الآتي إدراك الفرصة في الواقع، عبر دراسة حالة شركة تسمّى "بدايات حلوة" Sweet Begginings. لقد كان قاطنو مدينة شيكاغو الأمريكيّة الثّلاثة: إيدي جريفين، وكيفن جرينوود، وتيفاني تشين، يبحثون عن عمل، وحياة جديدة، بعدما قضوا وقتًا في السّجن، لقد أرادوا فرصة لإعادة بناء حياتهم، ودعم أنفسهم ماليًّا، لقد كانت الاحتمالات كلّها للأسف ضدّهم في مجتمعهم North Lawndale: فقد بلغت نسبة البطالة 40%، وكان 57% من سكان المنطقة ذوي سوابق عدليّة، كما كان متوسّط الدّخل السّنوي 25.000 دولار، كلّ هذا في منطقة معروفة بالمخدّرات، والعهر، والعصابات، لذا فقد كانوا إحصائيًّا في طريقهم للعودة إلى السّجن. لكنّ بريندا بالمز باربر -وهي امرأة ممّن عرفوا كلّ هذه الإحصاءات- كانت خلاصهم، وكانت المديرة التّنفيذيّة لشبكة التّوظيف في نورث لوندايل LEN، وبينما رفض كلّ أصحاب الأعمال توظيف الثّلاثة الّذي درّبتهم، راحت هي تبحث عمّا يمكن فعله لفتح نشاطات تجاريّة مختلفة، بما في ذلك وكالة توظيف، وشركة تصميم حدائق، وخدمة توصيل، مع نيّتها تقديم الوظائف لعملاء LEN، وقد استقرّت بناء على توصية من أحد معارف عضو إدارة في شبكتها، على تربية النّحل، وبعد أن علمت بأنّ مهنة تربية النّحل إنّما تنتقل بالتلّقين لا بالدّراسة، تأكّدت من أنّها الخيار الأنسب لعملائها، الّذين واجهوا -أحيانًا- صعوبات تعلّميّة نتيجة انقطاعهم المبكّر عن الدّراسة. أسّست بالمز باربر شركة سويت بيجينينجز سنة 2005، وهي منظمة اجتماعيّة، توظّف المساجين السّابقين، وتعلّمهم مهارات العمل لإدارة شركة تربية نحل في قلب نورث لوندايل، إن ماركة شركة سويت بيجينينجز المسمّاة Bee Love (الشّكل 6.5) تبيع العسل، ومنتجات الرّعاية بالبشرة المخلوطة بالعسل في المطارات، والفنادق، والمحلات الكبيرة، وقد عرفت باربر بأنّ المهارات الّتي تَعَلَّمَهَا موظّفوها المحتملون في الشّارع، يمكن نقلها إلى تشغيل، وإدارة نشاط تجاري. الشكل 6.5: منتجات Bee Love "حُبّ النّحل" جزء من مشروع ريادي اجتماعيّ. بحثت المؤسِّسة Palms Barber الفرصة بحذر، وحقّقت النّجاح. أدركت بالمز باربر -أيضًا- وجود فجوة منتج بين حاجات العميل، وعرض المنتجات، وقد تعرّفت على سوق نيتش "مجال مخصّص" حيث اكتشفت رغبة العملاء في شراء منتجات بشرة طبيعيّة كليّا، كما أحبّوا فكرة شرائها من شركة مجتمعيّة، لقد أعدّت Bee Love نفسها للنّجاح؛ كونها منتجًا راقيًا، وطبيعيًّا، وجذّابًا للمستهلكين الواعين بيئيّا، والعازمين على دفع ثمن غال مقابله. كما أدركت بالمز باربر فرصة عندما حدّدت مشكلة التّوظيف للأشخاص الّذين قضوا فترة في السّجن، وفي سعيها لإيجاد حلول لمشكلتهم تلك، فقد لاقت معوّقات تمثّلت في رفض أصحاب العمل توظيف خرّيجي السّجون، بحثت عندها عن حلول أخرى بما في ذلك شركات تجاريّة ناشئة، وبدت فكرة تربية النّحل في البدء حلّا غير اعتيادي لمشكلة التّوظيف لزبائنها الفريدين، ولكنّها في استقصائها اللاّزم، عثرت على فجوة بين رغبة العملاء في منتجات عناية بالبشرة طبيعيّة كليّا، وبين العروض المتوفّرة وقتها في السّوق، ونتج عن جمعها لتلكما الفكرتين افتتاح Bee Love. إن التّناسب بين موظّفين من المساجين السّابقين، وتربية النّحل، ومنتجات العناية بالبشرة، دَعَمَ افتتاح هذا المشروع الفريد، كما أن استكشاف الفجوات كان جزءًا من عمليّة إيجاد الحلّ الصّحيح، وإدراك أنّ فكرة بدء نشاط تجاريّ؛ لدعم مساجين سابقين؛ كان فرصة فعليّة تستحقّ التّطوير إلى مشروع جديد. مصادر الفرص في الصناعة ينبغي أن تنطوي عمليّة بحثك على تعلّم كلّ ما يمكنك حول الصّناعة الّتي تُزْمِعُ دخولها، فهذا سيساعدك في التعرّف على الفرص، ومن أهمّ مصادر المعلومات في هذا المجال، نذكر قسم المراجع التّجارية في مكتبة جامعتك المحليّة. تزيح مصادر الصّناعة النّقاب عن معلومات بخصوص صناعة محدّدة، من منظور تحديد الاحتياجات غير الملبّاة، أو مجالات التّحسين في تلك الصّناعة، ولنأخذ Airbnb مثالًا لذلك: فالشّركة أعادت تعريف صناعة الفنادق بربطها المسافرين مع أصحاب العقارات، بحيث يمكن للمسافرين استئجار العقار، عندما لا يستخدمه صاحبه، وعندما نمت الشّركة، أدخلت تحسينات على عروضها، بتلبية احتياجات المسافرين بناء على موقع العقار، وتقسيم العروض -أي العقارات- إلى فئات، وهذا لرفع كفاءة نظامها؛ فغطّت حاجة المسافر، وصاحب العقار في الوقت نفسه. إنّ إجراء البحوث حول صناعات محدّدة عبر منظور العرض، والطّلب، وملاحظة الموارد غير المستخدمة، ينطبق على صناعات أخرى -أيضًا- مثل محلاّت السّندوتشات؛ ماذا يحدث للخبز الفائض عن الحاجة في نهاية اليوم؟ الجواب لدى ستيسي ماديسون Stacy Madison وعربة سندوتشات بيتا خاصّتها؛ إذ عدّت الخبز غير المباع فرصة لاختراع رقائق بيتا، بتحويلها مصدرًا فائضًا إلى رقائق مقطّعة ومتبّلة. كلّ الصّناعات تقريبًا تستحقّ التّحقيق من منظور التعرّف على المصادر غير المستعملة، أو المصادر الزّائدة عن الحاجة، الّتي يمكن إعادة هيكلتها في إطار الاقتصاد المشترك، أو اقتصاد العمل الحر، ويرى هذا الاقتصاد المشترك، بأنّ الأصول تكون -أحيانًا- غير مستعملة، وهذا الوقت الّذي لا تستغلّ فيه الأصول، يوفّر مدخلًا لشخص آخر لاستخدامها، مثل: Airbnb، فيما تدعم شركات أخرى منها Uber، Lyft، DoodDash و Postmates اقتصاد العمل الحرّ، بحيث توفّق بين اختيار الشّخص، متى يريد أن يعمل، وبين سيرورة طلب العمل، واقتصاد العمل الحرّ نظام سوق مفتوح، أو مرنٍ، مع مناصب مؤقّتة يشغلها عمّال بمدى قصير، ويمكننا أن نرى في الأمثلة السّابقة التّوافق بين العرض، والطّلب، وتحدث الفرصة الرّياديّة عند توفير منصّة للمساعدة في ربط العرض، والطّلب. القطاع المعلوماتي -على سبيل المثال- دائم التكيّف مع التّغيير، فأشياء مثل: الهواتف الذكيّة، والطّباعة الثلاثيّة الأبعاد؛ توسّع دائرة التّقنية، بينما تدخل منتجات جديدة إلى السّوق؛ ترتفع الحاجة إلى تطبيقات، وكفاءة متزايدة، وتختبر كثير من الصّناعات الأخرى تطوّرًا في وقتنا هذا، بما في ذلك الرّعاية الصحيّة، والتّغذية. إذ وفقًا لـ Global Market Insights، ستتجاوز قيمة سوق التّغذية الإكلينيكيّة 37.530.7 مليون دولار بحلول سنة 2025. وقد أفاد هذا المصدر ذاته من قبل، بأنّ قيمة هذه الصّناعة كانت 10.562.7 مليون دولار سنة 2018، وهذه زيادة كبيرة عن السنوات السّبعة السّابقة، وتشمل العوامل الدّافعة لها أنماط الحياة المستقرّة، والمشكلات الصحيّة المتّصلة بها، مثل البدانة، ونتيجةً لهذه التغيّرات الاجتماعيّة، فقد ارتفع الطّلب على المنتجات الغذائيّة الإلكينيكيّة، وخدمات الرّعاية الصحيّة المنزليّة، ووفقا لبيتر دراكر كاتب إدارة الأعمال، والأستاذ، ومستشار الشّركات، فإنّ روّاد الأعمال يتميّزوون بقدرتهم على العثور على فرص الأعمال المحتملة؛ النّاشئة عن التغيّرات الاجتماعية، والتّقنيّة، والثّقافيّة، وتطويرها. مصادر الفرص من العملاء ترتبط مصادر الفرص النّاتجة عن العملاء، بمدى التغيّرات في المجتمع، مثل: العادات، أو التصرّفات الجديدة، الّتي يجلبها التعرّض لمعلومات جديدة، فأكثر النّاس يشعرون -مثلًا- بالضّغط النّاتج عن وجود وقت فراغ، أو وقت حريّة أقلّ، ويسجّل الشّكل 7.5 متوسط عدد السّاعات الّتي يقضيها كلّ عامل في العمل سنويّا حسب الدّولة. الشكل 7.5: متوسّط عدد ساعات العمل لكلّ عامل في كلّ دولة. اعتبار آخر مهمّ، هو متابعة: أين نقضي وقتنا خلال التنقّل إلى العمل؟ فمجموع تلك الأوقات، وساعات العمل، والنّشاطات الضّرورية الأخرى، مثل: الأكل والنّوم…كلّ هذا لا يترك للنّاس مجالًا للاسترخاء، أو لنشاطاتهم الشّخصيّة، ولهذا يقدّر النّاس المقاربات العصريّة في إنهاء المهام، وتسهيل الحياة، حيث سعى كثير من الشّركات إلى جعل الحياة أسهل، وتوفير وقت العميل، كما فعلت أمازون بتفعيلها تقنية "الشّراء بنقرة واحدة"، وتوصيل البقالة، وتوصيات المنتجات، ففهم حاجات المستهلك ومشاكله، يفتح إمكانيّة إنشاء أعمال تعالج تلك الحاجات، والمشاكل. ومن التوجّهات الاستهلاكيّة –أيضًا- الطّلب على الإسكان ميسور التّكلفة، ومن بين الحلول: عرض "المنازل الصّغيرة" الّتي تجعل امتلاك منزل أمرًا متاحًا، وعندما تتبلور فرصة رياديّة إلى منتج جديد، ربّما تظهر –أيضًا- الأفكار المشتقّة عنها، ومفهوم المنازل الصّغيرة هذا، جذب انتباه مجموعات تساعد متقاعدي الجيش، الّذين لا يملكون مأوى، وقد طوّر مشروع "مجتمع متقاعدي الجيش" في مدينة كانزاس بالولايات المتّحدة الأمريكيّة مجتمعًا من 49 منزلًا صغيرًا لمتقاعدي الجيش، وقد حقّق المشروع نجاحًا واسعًا إلى درجة أنّ أكثر من 500 مدينة حول الولايات المتّحدة تستنسخه. الشكل 8.5: هذه المنازل الصّغيرة لا تكلّف أكثر من 10.000 دولار لبنائها، وتأتي مجهّزة بغرفة نوم، أو اثنتين، ومطبخ صغير، وحمّام. رائد أعمال في الميدان فيستيرجارد تتمثل مهمة فيسترجارد (Vestergaard) في الوقاية من الأمراض، خاصة بالنسبة للسكان المعرّضين للخطر في جميع أنحاء العالم، والمساهمة في كوكب أكثر صحة، واستدامة، من خلال الأعمال الحميدة. أطلق فيستيرجارد منتجه LifeStraw (قشّة الحياة) سنة 2005، لجعل الماء أسلم للشّرب في أماكن لا يتوفّر فيها الماء النقيّ بسهولة، وتغيير المعتقدات حول مياه الشرب الآمنة، ويستخدم LifeStraw مزيجًا من غشاء ليفي مجوف، وعملية ترشيح، وفي بعض المنتجات، تكون هنالك عملية ترشيح ثانية؛ لإزالة المواد الكيميائية مثل: الكلور، والرصاص، ومبيدات الحشرات. الآن وقد اطلعت على كيفية القيام ببحث الفرص الريادية، واطلاعك على بعض الأمثلة الواقعية المساعدة على الفهم، والتي سبق وأن حدثت بالفعل؛ بات في إمكانك الآن القيام بأبحاث فرصك الريادية بنفسك، لإيجاد الفرص المناسبة، واقتناص أفضلها. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Identifying Entrepreneurial Opportunity) من كتاب Entrepreneurship. اقرأ أيضًا المقال التالي: التحليل التنافسي: كيف يرى رائد الأعمال السوق المنافسة لمنتجه الجديد؟ المقال السابق: الفرصة الريادية: كيف يحول رائد الأعمال الفكرة إلى فرصة
×
×
  • أضف...