اذهب إلى المحتوى

هشام دهرار

الأعضاء
  • المساهمات

    99
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

كل منشورات العضو هشام دهرار

  1. أنت تدرك أنّ عليك تفويض المهام. الجميع يقولون: "فوّض المهام أكثر " كما لو أنّ التفويض هو الحل لكل مشاكلك. يمكن أن يكون كذلك، إذا قمتَ به على الوجه الصّحيح. استغرقتُ –تقول الكاتبة- 10 سنواتٍ لأفكّ الشّفرة. إليك إذن التّدوينة الّتي تمنيّت امتلاكها ذلك الوقت لتسهيل تعلم فن التفويض. مفهوم التفويض التّفويض بمفهومه العامّ هو وضع الثقة في شخصٍ آخر وإسناد مهمّة أو مسؤولية إليه، يكون عادةً أقلّ رتبةً منك. يعجبني ذلك التّعريف العام الّذي يبدأ بالثّقة، لكنّه لا يذكر عادةً القرارات مع الأمثلة الّتي يمكن تفويضها، مما يدعو للأسف، فذلك تحديدًا مربط الفرس. لذا فإنّ تعريفًا أحدث يمكن أن يكون: يمكن للتّفويض أن يتعلّق بمساعدة فريقك على التطوّر تماما كما يمكن أن يتعلّق بمساعدتك أنت ذاتك على التطوّر. هو أقرب للفنّ منه إلى تعليمة ثابتة "افعل هذا هكذا دائما". وإليك فيما يلي مجموعةً من الأسئلة الّتي يمكن أن تساعدك على اتّخاذ قرار متى وكيف ومن تفوّض: هل الشّخص على مستوى التوقّعات؟ إذا كانت الإجابة لا، فهل أمتلك ما يمكن أن يدفعه إلى تعلّم ما يحتاج كيما يصبح على قدر التوقّعات؟ أم أنّ تفويضه يشكّل خطرًا على نجاحه في منصبه الحالي؟ إلى أين يريد هذا الشّخص الوصول، وكيف يريد التطوّر؟ وماذا بيدي لمساعدته في مسعاه؟ ما الّذي أجيده ويستعصي عليّ إسناده لغيري، مما يعني أنّه ينبغي تفويض أحد للقيام به؟ ما الّذي لا أجيد فعله ويمكن أن يقوم به غيري على وجه أفضل، دون أن أفرض عليه القيام بعملي؟ هل أنا في مستوى عالٍ غير أنّني أقضي فيه وقتًا أطول "فاعلا" بدل التّفكير والمناقشة واتّخاذ القرارات؟ إذا ما كنتُ كذلك، فإنّني على الأرجح أقوم بعملٍ تعلّقتُ به رغم تقدّم مسيرتي في العمل وينبغي عليّ التخلّي عنه. من الأشياء المساعِدة أيضا السّماح للآخرين بالمشاركة: "هذه بعض الأعمال المسطّرة لديّ، إذا ما شاء أحدكم أخذ شيءٍ منها أو المساعدة، فليُعْلِمني!" الهدف من وراء التفويض ينبغي أن يبدو التّفويض كالهديّة، لا عملًا إضافيًّا ينجرّ عنه يومٌ طويلٌ آخر، ولا مشروعًا بلا طائل. الهدف النّهائي من وراء التّفويض هو أن يشعرَ المفوَّض بشيء مما يلي: رائع، تعلّمتُ الكثير بأداء هذه المهمة. أنا الآن بعدما أدّيت تلك المهمّة مستعدٌّ لفعل كذا وكذا. شكرا على ثقتك بي. هذا التّقدير الضمنيّ لقدراتي أشعرني بالرّضا. وعلى النّقيض، فإنّه لا ينبغي أن يشعر الشّخص بأيٍّ مما يلي: لماذا طلبت إليّ فعلَ هذا إذا كنتَ سترافقني في كلّ خطوة أقوم بها؟ ما فائدتي إذا كنتَ ستتلقّى كلّ التّقدير لقاء العمل الّذي قمتُ به أنا؟ فهمتُ الآن، أنا أقوم بعملك بدلا عنك ! لماذا أنت هنا إذن؟ هذه هي النّتائج الأكثر شيوعًا جرّاء التّفويض السيّء. إضافةً إلى أنّه قد يسِمُك بأسماء مميّزة كالمدير المدقّق، وسارق التّقدير، والاستغلاليّ. أشياء ينبغي القيام بها قبل التفكير في تفويض شخص ما قبل الشّروع في التّفويض عليك بناء قاعدةٍ قويّة. تحتاجُ أن يكون فريقك ديناميكيًّا وعلاقاتك الشّخصيّة بكلّ فردٍ فيه متينة وصحيّة. إذا لم تجب على الأسئلة التّالية بنعم مقنعة، فإنّ عليكَ تحسين بعض الأمور قبل الانطلاق في التّفويض: 1. هل تملك وعيا بالذات؟ تصحيح طريقة أحدهم في القيام بأمرٍ اعتدتَ أو حتّى أجدتَ القيام به قد يكون أمرًا مغريًا. ركّز على ما تحتاج أن تُسندهُ وعلى سبب أهميّته، لا على كيفيّة القيام به، إلاّ إذا سُئلْتَ عنها. حسّن من وعيك بذاتك حتّى تكبح نفسك إذا ما بدأتَ في الثّرثرة حول كيفيّة أداء تلك المهمّة. 2. هل المسؤوليات والمهام لكل دور في فريقك -بما في ذلك دورك- واضحة ومحددة للفريق بأكمله؟ يحتاجُ فريقُ العمل أن يفهم ما هو متوقّعٌ منه كفريقٍ ومن كلّ فردٍ منه، ومنكَ أنتَ أيضًا. تدوينُ هذا والإشارة إليه يعود بالنّفعِ لاحقًا. فريقكُ بهذا سيشعرُ بعزيمةٍ أكبر ويتصرّف وفقًا لذلك. بل وسيتمكّنون من تحديد الأشياء الّتي يريدون تعلّمها أو تجربتها. وزيادةً على هذا، فإنّهم سيتمكّنون غالبًا من استشعار القيمة الّتي تضيفُها أنت إلى الفريق. 3. هل يحترم كل فرد في الفريق –بما فيهم أنت- الآخرين ويثق بعضهم ببعض؟ الثّقة والاحترام المتبادلان هما الطّبقة الأولى في بناء السّلامة النّفسية، والّذي يُعدُّ شرطًا أساسيًّا في إقبال الأفراد على المخاطرة، فالقيام بأشياء جديدةٍ متعلّقٌ كليًّا بما يمكن عدّه أكبر المخاطرات على الإطلاق: الفشل. عمليّة قبول المهام المسندة إلى المرء يمكن أن تُظهر نقاط ضعفه الّتي يسهُل تخفيفها حالَ توفّر السّلامة النّفسية الفعليّة. 4. هل تؤمن وكل عضو في فريقك أن من الآمن الفشل؟ لعلّ هذا يكون الدّليل الأبرز على امتلاك فريقك سلامةً نفسيّةً حقيقيّةً. لكنّهم لن يؤمنوا بأنّ خيار الإخفاق آمنٌ ما لم يخوضوا تجارب تثبتُ لهم أنّه فعلاً شيءٌ آمن. دعهم يُخفقون، وتأكّد من أنّهم يدركون أنّه شيء مقبول، ولقّنهم التعلّم من فشلهم. فأوّلُ لحظةٍ تفقدُ فيها أعصابَكَ أو تبدو عليكَ فيها خيبة الأمل، إنّما تنشرُ فيهم إحساس أنّ الفشل ليس خيارًا مقبولاً. وإنّه لمن الصّعب تخطّي ذلك. 5. هل تعي نقاط القوة وفرص التطور لكل عضو من فريقك بما فيهم أنت؟ التّفويض الّذي يعتمد على نقطة قوّة في المفوَّض تجربة مغايرة عن التّفويض الّذي يُبرز فرصةً للتطوّر. إذ ربّما تحتاجُ في الحالة الثّانية لتوفير المزيد من التّوجيه، والتّشجيع، بل وحتّى التّدريب. ربطُ شيءٍ مفوَّضٍ يجبُ تنفيذهُ إمّا بنقطة قوّة أو بفرصة تطوّر سيُطلعكَ سريعًا على مستوى الجُهد الّذي يمكن أن تتوقّعه، وكذا الوقت الضّروري لإتمامه. 6. هل تعرف كيف يريد كل فرد في فريقك أن يتطور؟ إدراكُكَ لما يريدُه أفرادُ فريقك فيما يتعلّق بتطوّر مسارهم المهني يمكن أن يكشف الكثير من فرص التّفويض. فإذا صادفتَ شيئًا يمكن تفويضهُ إلى أحدهم أن يساعده في تطوير مساره المهني بالشّكل الّذي يريده، فمن العقلانية تفويضهُ به. 7. هل يدرك كل فرد في فريقك الغرض والتوجه والأهداف من وراء عملهم؟ هذه هي الخطوة الأولى في تنسيق فريقك. وكلّما كان فريقك منسّقًا كان من الأسهل تفويض ما هو أصعب من المهامّ، من مسؤوليات وقرارات. التّفويض يُظهر الاختلالات، وذلك أمرٌ طبيعي. تعلّم وتطوّر بفضلها. طالما تمتلكُ تنسيقًا مبدئيًّا أساسيًّا في الفريق، فمن المقبول التعلّم والتطوّر معًا من خلال الأشياء الصّعبة الّتي يُظهرها التّفويض. محاولة التفويض من دون هذه القاعدة القويّة أمرٌ خطير، وقد ينتُج عنه تلك الألقاب القبيحة آنفة الذّكر. 8. هل تملك تعريفًا للنجاح؟ ينبغي لك ولفريقك، من قبل تفويض أيّ مهمّة أو مسؤوليّةٍ أو قرارٍ، أن تمتلكوا فكرةً واضحةً عمّا يبدو عليه النّجاح. فدفعُ نفسك إلى تعريف النّجاح من البداية يضمنُ أنّ التوقّعات واضحةٌ وكذا تركيزَكَ على سبب العمل وهدفه لا على طريقة تنفيذه. 9. راجع نفسك! قبل الانطلاق في التّفويض، لا بدّ من فحصٍ ذاتي أخير لضمان أنّكَ وفريقَك مستفيدون جميعًا من عمليّة التّفويض: إليكَ بعض النّصائح في حال كنتَ قلقًا -وحريٌّ بك القلق- من استغلال أحدهم: تفويض شيءٍ ما مرّةً وحيدةً يمكن أن ينجرّ عنه قيامهم ظلمًا بعملك عوضًا عنك. يمكنك تعديل مسؤوليات عمل أحدهم أو زيادة راتبه إذا كان من المنطقي جعلُ ما فوّضته به جزءًا منتظمًا من عمله. إذا كان أحد أفراد الفريق على وشك الترقّي، فمن المقبول تفويضه عبر نقل بعض المسؤوليات إليه لمساعدته على تحضير وإثبات نفسه. تأكّد فقط أن تُزيح تلك المسؤوليّات الجديدة عن كاهله إذا لم يحصل على التّرقية. 10. وجه، شجع، وامدح! بينما يقوم أعضاء فريقك بالعمل الّذي فوّضته إليهم، تأكد من دعهم كليًّا لتجنوا جميعًا ثمار التّفويض. وجّه سيطرحون أسئلةً فوجّههم. وتأكّد من توفير التّدريب لهم إذا ما احتاجوه، حتّى تمكّنهم من تجريب شيء للمرّة الأولى تجريبًا صحيحًا. اقرنهم مع من يستطيع توجيههم وتزويدهم بالدّعم الإضافي. امنحهم الفرصة ليقوموا بالعمل على طريقتهم. شجّع سيشكّكون في أنفسهم فشجّعهم. افتح قلبك لهم وأطلعهم على أوقاتٍ أحسست أنتَ فيها بالشكّ في قدرتك على فعل شيءٍ أردت القيام به. ذكّرهم بأنّ الفشل مقبول وبما هو متوقّعٌ منهم، وعدّل تلك التوقّعات إذا لزم الأمر. امدح بغضّ النّظر عن النّتيجة، احتفل. إذا كانت نجاحًا، رُدّ الفضل إليهم واعترف بهم بصراحة. وإن كانت إخفاقًا، تحدّث عمّا تعلّمتم جميعًا، واحتفلوا بالتّجربة الّتي خضتموها. والآن إذا اقترحتَ على أحدهم أن يفوّض العمل أكثر، يمكنك أن تريه هذا المقال لمساعدته على التعلّم. ترجمة -وبتصرف- للمقال The Secret Art Of Delegation لكاتبته: Virginia Ulrich
  2. هذه الاكتشافات السيكولوجية الثّلاثة ستساعد فريقك على التّعاون في إيجاد نتائج مبتكرة. أوبر، وAirbnb، والسّيارات الكهربائية، والسيّارات ذاتيّة القيادة والحافلات الّتي تعبر فوق الزّحام، وكلّ شيء صنعه ستيف جوبز في آبل منذ الآيبود: هذه اختراعات زمننا الحاضر. وهي لم تأتِ فقط بالابتكار، بل بالقفزات النّوعية في التخيّل والتّعاون الإبداعي. إنّها من الاختراعات الّتي تدفعنا للتساؤل: كيف وصلوا إلى هناك؟ والأهم، كيف يمكن لفريق عملي الوصول إلى هناك؟ قد تبدو النّتائج النّهائية أنيقة ومرتّبة، لكن يمكنك المراهنة على أنّها لم تبدُ هكذا في أوّل الأمر. التّعاون أمر فوضوي، إذ يأتي الإبداع على نوبات مع بدايات خطأ كثيرة. فلا يوجد مسارٌ خطّي من المشكلة إلى حلّها، ولا صيغةُ سحريّةٌ للابتكار. لكنّ ثمّة طرقًا يمكن للقادة من خلالها تهيئةُ بيئةٍ تشجّعُ الفضول والاستعداد للمساهمة بأفكار جديدة وتقصّي إلى أين تقود. وفيما يلي ثلاث استراتيجيات رئيسية لتعزيز مزيد من التعاون الإبداعي في فريقك. خلق القيود في عام 1974، ترقّى توشيو أوكونو إلى مدير مصنع في الشّركة المحدودة Higashimaru Shoyu Co، وهو مركز تصنيع في اليابان أنتج أكثر من 200 منتج، منها العديد من أنواع صلصة الصويا. في ذلك الوقت، كانت الشركة تصارع للبقاء. وقد أدى وجود سوق مزدحم، وارتفاع التكاليف، وركود الأسعار إلى انخفاض في الأرباح سنةً تلو الأخرى. قبل أوكونو منصبه الجديد بشرط واحد: أن يتمتع بحرية بعث النّشاط في الشّركة. وقد كانت إحدى الطّرق المبتكرة التي استخدمها تسمى لعبة التّنصيف (The Hagen game). فعمِد إلى إزالة نصف أعضاء الفريق وتحدي الّذين أبقاهم لمحاولة القيام بعمل الفريق كاملاً. يقول أوكونو أنّ استبعاد نصف الفريق "يدفع بالمجموعة الباقية إلى إعادة التّفكير في كلّ مهمة يؤدونها والتّساؤل عمّا إذا كانت ضروريّة." بدلاً من إيجاد طرق صغيرة لزيادة الفعالية زيادةً هامشيّةً، حدّد أعضاء الفريق الباقون طرقًا أساسية لإعادة تقييم سير عملهم. يقول أوكونو: "لقد جرّبت قوّة هذا النهج شخصيًا، إذ استمعتُ إلى العمّال وهم يمحّصون عملهم ويخرجون بحلول فريدة قلّلت عنهم عبء العمل. وقد أسميتُها لعبةً لأنّني أردتُ لهم الاستمتاع بالعملية الإبداعية. وبهذا برهنّا أنّ بإمكان النّاس أن يصبحوا أكثر إبداعًا حينما يُحصرون في زاوية ضيّقة. وعلى نفس القدر من الأهميّة، أثبتنا أنّ الإبداع يمكن أن يكون ممتعًا." في النهاية، توصّل الفريق إلى نظامٍ جديدٍ حافظ على سير العمل بسلاسة مع 16 عاملاً فقط من أصل 25 من أعضاء الفريق. ما سمح لأوكونو بعد ذلك بإعادة تعيين أعضاء الفريق التسعة الإضافيين إلى في وظائف أخرى الشركة. وهكذا فالضّغط النّاتج عن إزالة نصف الفريق مكّن الموظفين من التفكير بإبداعٍ أكبر في مهامّهم. لماذا كانت لعبة التّنصيف فعّالة جدًا في تعزيز العمل الجماعي الإبداعي؟ قد تلقي الضّوء على المسألة مراجعة ستّة دراسات متفرّقة نُشرت سنة 2011 في مجلّة الشّخصية وعلم النّفس الاجتماعي في إحدى الدراسات، طُلب من المشاركين التنقل في متاهةٍ، أين وُضع لنصف المشاركين عائق أثناء التنقل في المتاهة. أمّا النّصف الآخر فسُمح له بإكمالها دون مواجهة العائق. ثمّ طُلبَ منهم جميعًا حلّ مجموعةٍ من الجناسات التّصحيفية، فجاءت المجموعة التي تغلّبت على العقبة بإجابات أكثر إبداعًا، على الرّغم من أن المهمّة لم تكن مرتبطةً بالتنقل في المتاهة. افترض الباحثون أنّ الألى واجهوا العائق في المتاهة اضطرّوا إلى التّراجع ذهنيا خطوةً إلى الوراء، وإعادة تقييم الموقف. ولذا عندما واجهوا الجناسات التّصحيفية أخذوا في الحسبان مجموعةَ اختياراتٍ أكبر من تلك الّتي أتى بها الّذين لم يواجهوا العقبة في المتاهة. وهذا شبيه بديناميكية الفريق الّتي لاحظها أوكونو في لعبة التّنصيف. هذه العقلية الأكثر تفتّحًا سمحت لهم بالتّفكير بإبداعٍ أكبر في المهمّة اللاّحقة. وبعبارة أخرى، فإن العقبات تضعنا في إطارٍ ذهني أكثر إبداعًا لحلّ المشكلات. غالبًا ما يأتي الفنانون بأعمالٍ إبداعية باستخدام موارد محدودةٍ للغاية. يمكن للمديرين أيضًا رعايةُ حلول أكثر إبداعًا في فرقهم من خلال خلقِ وهم محدوديّة الموارد. وفي هذا يقول سوهراب فوسوغي -مؤسّس شركة الاستشارات للتّصميم والابتكار Ziba-: "النّدرة تقوّي التّركيز" يمكننا أن نرى مبدأ النّدرة قيد التّنفيذ في فرقٍ إبداعية، فحسب فوسوغي: "كلّ هذا قد يفسّر خاصيّةً مشترَكةً للمنظّمات دائمة الابتكار، إنّها تعملُ بعقليّةِ النّدرةِ حتّى في أوقات الوفرة". قد تُغريك -كقائد فريقٍ- فكرة تخصيص المزيد من الموارد لحلّ مشكلة ما: تمديد الآجال، وإضافة أعضاء للفريق، وتخصيص ميزانية أكبر، أو التخلّص من بعض الشّروط. ولكن، إذا كان هدفك الحلول الإبداعية، فربّما يكون من الأفضل لك القيام بالعكس. حدّد أجلاً طموحًا للمشروع. سمّ المشكلة تحدّيًا يختبر التصوّرات الحالية عمّا يُعتبر ممكنا. قلّل الموارد بتخصيص أرقام ثابتةٍ لكلّ من ميزانية المشروع، وعدد أعضاء الفريق المعنيّين، وكميّة أو أنواع المواد المستخدمة. ضع فريقك أمام تحدّيات توسّع تفكيرهم وتدفعهم لأخذ عدد أكبر من الحلول الممكنة في الحسبان. فالفِرق عادةَ تنجح بفضل توتّر العمل ضمن حدود التحدّي وليس على الرّغم منها. تشجيع النقاش في عام 1948، كان أليكس أوزبورن شريكًا في وكالة الإعلان B.B.D.O -الشركة المُعتبرة الأكثر ابتكارًا في ماديسون أفينيو-، وفي ذلك العام نشر كتابًا بعنوان Your Creative Power (قوّتك الإبداعية)، الّذي حمل أفضل نصيحة له بشأن الإبداع. انتشرت قواعده حول العصف الذهني بالأخصّ، وأصرّ أوزبورن على نهج "لا توجد فكرة سيّئة": ولكن في عام 1958 قرّرت مجموعةٌ من الباحثين في جامعة يايل اختبار قَناعات أوزبورن في تجربة مضبوطة. فجاءوا بمجموعةٍ من الطلاب وقدّموا إليهم أنواعًا مختلفةً من الألغاز الإبداعية لحلّها. قسّموا نصف الطلّاب إلى مجموعاتٍ وطلبوا منهم اتّباع تعليمات أوزبورن. فيما عمل النّصف الآخر من دون تعليمات. خلافًا لطريقة أوزبورن في العصف الذّهني، تفوّق الطلاّب المنفردون كمّا ونوعيّةً. إذ جاءوا بحلول للألغاز الإبداعية أكثر من تلك الّتي أتى بها طلاّب المجموعات. بل وأكثر من هذا، كانت حلولهم أجدى وأكثر فاعلية. أظهرت الدراسات اللاّحقة نتائجَ مماثلةً. وفقًا لعالم النفس كيث سوير: في عام 2003، اكتشفت الباحثة في علم النّفس تشارلان نيميث، أن سرّ العصف الذّهني الإبداعي قد يكون في الواقع النّقيض التّام لنصيحة أوزبورن. إذ أعطت مجموعات من خمسة طلاب مشكلةً واحدةً لحلّها: "كيف يمكن الحدّ من الازدحام المروري في منطقة خليج سان فرانسيسكو؟" ثم أعطت المجموعات 20 دقيقة للتوصّل إلى أكبر عددٍ ممكنٍ من الحلول. وأعطتْ كلّ مجموعةٍ شرطًا من الشّروط التّالية: تعليمات العصف الذّهني، بما فيها قاعدة "لا للنّقد" تعليمات نقاش، بما في ذلك تقديم الاقتراحات للمناقشة وحتّى انتقاد أفكار أعضاء مجموعتك. مجموعةُ مراقَبةٍ بدون تعليمات. تفوّقت مجموعات العصف الذّهني على مجموعات المراقبَة، ولكن بفارقٍ طفيف. فيما حَلّت مجموعات النّقاش أوّلا. توصّلت مجموعات النّقاش إلى حلول أكثر بنسبة عشرين بالمئة (20%) في المتوسّط. والأعجب أنّ التّاثير تواصل إلى ما بعد العصف الذّهني الأوّلي. فبعد أن تفرّقت المجموعات، سأل الباحثون كلّ طالبٍ مشاركٍ إن كانوا يمتلكون أفكارًا أخرى. فقدّم أعضاء العصف الذّهني ومجموعاتِ المراقبة ثلاثة أفكار، فيما جاء المناقشون بسبعة أفكار. علّقت نيميث على البحث بقولها: تقترح نيميث أنّ المعارضة تساعد على الإتيان بأفكار جديد لأنّها تشجّع على إعادة تقييم وجهة نظرنا بعد التّفاعل مع أفكار الآخرين. ومع أنّ نبذ فكرة "لا توجد أفكار خاطئة" أمرٌ أقلّ إيجابية، غير أنّه مفيد: "قد يكون النّقاش أقلّ إرضاءً، لكنّه بالتّأكيد أكثر إنتاجًا. والإبداع الحقّ يحتاج بعض المقايضات." لذا فلتتخلّص من القواعد القديمة الّتي حرّمت الانتقاد، وساعد أفراد فريقك على وضع "الأنا" جانبا، وطرح الأسئلة، والتّفاعل مع أفكار بعضهم البعض بطريقة بنّاءة. أعد تصوير النّقاش على أنّه جزء حيوي إيجابي من كلّ عمليّة إبداعية أو حلّ مشكلة. تعزيز الإيجابية قد تنعكس نتائج الإستراتيجيّات المذكورة آنفا من دون فريق عمل إيجابي ذي ثقافةٍ داعمةٍ لها. فالفرق قد تتخبّط تحت طائلة ضغوط تحقيق توقّعاتٍ تبدو مستحيلة، والنّقاشاتُ قد تنقلب إلى نزاعات وخلافات ونقاط مسدودة. تؤتي هذه الإستراتيجيّات أُكلَها حين تُدعمُ بجوٍّ من الثّقة والإيجابية يسمح للأفراد بالتصرّف بانفتاح وصراحة فيما بينهم، ويتيح تقبّل النّقد كعامل إيجابي، والإخفاق كجزء من العملية الإبداعية. يُظهر البحث أنّ المزاجات الإيجابية تجعلنا أكثر قبولا لتعلّم أشياء جديدةٍ وأخذ اختياراتٍ أكثر في الحسبان. وتجعلنا أكثر تقبّلا للنّقد ووجهات النّظر المخالفة. وعلى النّقيض فإنّ المزاجات السّلبية تضيّق طرق تفكيرنا، مركّزين على المشاكل بدل الاحتمالات. تقترح الخبيرة في دراسة تأثير الحالات العاطفية على العمل تيريسا أمابيلي أنّ الإبداع والمشاعر الإيجابيّة يمكن أن يشكّلا حلقةً مُغلقةً. فالمهامّ الإبداعية تُشعرك بإيجابيّة أكبر، فيما تُشعرك الإيجابيّة بطاقةٍ إبداعية أكبر. بالإضافة إلى أنّ المشاعر الإيجابية تساعدنا على اكتساب موارد سيكولوجيّة واجتماعية تفوقُ سعادتنا المؤقّتة. ما يتيح لنا أن نكون أكثر إبداعًا في المستقبل بفضل مزاجٍ إيجابي نعيشه الآن. وبالمثل، آظهر بحث عالم النّفس باربرا فريدريكسن الفوائد الجمّة للمشاعر الإيجابية على عمل الأفراد، وإبداعهم، وصحّتهم بشكلٍ عام: تعاونت فريدريكسن مع عالم النّفس ومستشار الأعمال مارسيل لوسادا لمعرفة كيفيّة انتقال تأثير الإيجابية على الأفراد إلى ديناميكيّات الفريق. درس لوسادا ستّين فريقًا أثناء عقدهم لقاءات تخطيط إستراتيجي سنويّةً. وهي عمليّة تتطلّب الكثير من الإبداع التّعاوني لكي تنجح. لاحظ فريقهُ وسجّل اللّقاءات من خلف زجاجٍ أحاديّ الجهة، وصنّفوا كلّ عبارة إمّا على أنّها "إيجابية"، أو "سلبية"، أو "محايدة". كما اعتمدوا في التّصنيف معيارين آخرين: هل كان المتحدّث مركّزًا داخليا على المجموعة نفسها، أم خارجيًّا، مراعيًا السّياق الأوسع المحيط بالشّركة؟ هل كان المتحدّث مركّزًا على الدّفاع عن وجهة نظره، أم طارحًا الأسئلة وجامعًا معلومات جديدة؟ رتّب الباحثون أداء كلّ فريقٍ بناءً على مقاييس أعمال مستقلّة. وكان للفرق عالية الأداء نسبة 6 عبارات إيجابية مقابل كلّ عبارة سلبية. في المقابل، كان أكثر من نصف عبارات الفرق متدنّية الأداء سلبيًّا. بالإضافة إلى ذلك، وازنَ الأفراد في الفرق عالية الأداء في عباراتهم بين طرح الأسئلة والدّفاع عن وجهات نظرهم، وبين تركيز داخلي على المجموعة وخارجيّ إلى السّياق الأوسع الّذي تنشط الشّركة خلاله. أمّا الأفراد في الفرق منخفضة الأداء ففعلوا العكس تماما: مالوا إلى التّركيز داخليًّا على الفريق، لم يطرحوا أيّة أسئلة تقريبا، وطوّروا وجهة نظرهم الخاصّة بشكل شبه حصري. تقول فريدريكسن: "لم يستمع أيٌّ منهم إلى الآخرين، لقد كانوا جميعًا في انتظار دورهم للتحدّث." هذا لا يعني أنّ الفريق ينبغي أن يكون إيجابيًّا طوال الوقت ليحقّق النّجاح. فالمشاعر السّلبية لها مكانُها في العملية الإبداعية. إذ أظهرت بعض الدّراسات أنّ "المزاج المحايد أو شبه السّلبي قد يكون أكثر فاعليَّةً في بعض المهام كالتّحليل المنهجي، لأنّه يجعلنا أقلّ عرضةً لأخطاء في التّقدير، أدقّ في تذكّر الأحداث، وأفضل في صياغة حجج أفضل مستوى وإقناعًا." ولكن حين تصبح السّلبية هي المزاج السّائد تتخبّطُ الفِرَق في دوّامة من السّلبية، والتّفكير الضيّق، والدّفاع عن النّفس. للاطّلاع على حلولٍ إبداعية، يقوم المديرون الفاعلون بخلق ثقافاتٍ إيجابية لفرقهم تعزّز انفتاحًا على الأفكار الجديدة، وتشجّع الأسئلة، وتساعدُ الموظّفين على التّفكير في التحدّي الحالي تفكيرًا أوسع. تميل قصص الفرق المبدعة وطرق الابتكار المتعرّجة إلى تكون أجزاءً متساويةً من العلم والفنّ والحظّ. ولكن، ثمّة أشياء يمكنك القيام بها كمدير لخلق ثقافةِ تفاعل نشيط، ونقاش، وتساؤل، وعقليّات منفتحة تُخرج للعلن تلك الأفكار الإبداعية المراوِغة الّتي تميّز الشّركات عن غيرها. تقول ماريسا ماير المديرة التّنفيذية لشركة !Yahoo: ترجمة -وبتصرّف- لمقال: Three Ways to Get Your Team to Think Creatively and Produce the Next Great Idea لكاتبته: Belle Beth Cooper
  3. من الصّعب العمل في وظيفةٍ مللتَ منها، فالاجتهاد أغلب وقتك في عملٍ لا تبالي به قد يكون أثقل من أن تتحمّله. هذا ليس مجرّد إحساسٍ وحسب، فقد خلُصت دراسةٌ استقصائية أجراها فريق هيلدا (Household, Income and Labor Dynamics in Australia) إلى أنّ العمل في وظيفةٍ تكرهُها أخطر على صحّتك النّفسية من البطالة. فكّر في ذلك للحظة: العمل في وظيفةٍ تكرهها يجعلُك أتعسَ من بقائك دون وظيفة. يعزو جون هالتيوانجر كبير الكتّاب السّياسيّين في موقع إليت دايلي ذلك إلى أنّك حالَ البطالةِ تملكُ على الأقلّ أملَ الحصول على وظيفة ممتازة: أنا -تقول الكاتبة- لا أدعوك بالطّبع إلى ترك عملك إن كنت غير سعيدٍ فيه، ولكنّما إن كان عملك السيّء يؤثّر في صحّتك إلى هذه الدّرجة، فربّما من الحكمة أن تحاول تحسينه. يقول نايجل مارش كاتب Fat, Forty and Fired (بدينٌ، أربعينيٌّ ومفصول) أنّ محاولة القيام بتغييرات جذرية في العمل فكرة سيّئة. ويوازن ذلك بمحاولة الالتزام بحمية صارمة، كلاهما سينتهي حتما بالفشل. لذا فهو ينصح بالتّركيز على تغييرات استراتيجية بسيطة لتحسين ظروف عملك. لنُلقِ نظرةً على ثلاثة تغييراتٍ استراتيجية يمكنها تحسين عملك الحالي، وهي مدعومة بالبحث والخبرة: مارس ما تحبه أكثر رغم أنّ وظيفتك تحدّد تماما ما هي مسؤولياتك، غير أنّ العثور على طرق لدمج المزيد من المهام الّتي تستمتع بها يمكن أن يحسّن شعورك العام حول وظيفتك. في هذا السّياق، تمكّن آدم داتشس المدوّن على موقع لايف هاكر من جعل وظيفته السّابقة في خدمة العملاء أكثر مرحًا عندما دمج بها إحدى هواياته: صناعة الفيديوهات والأفلام القصيرة. إذ جهّز شاشة خضراء بمكوّنات بسيطة، واستخدمها في تصوير وإخراج مقطع فيديو لدعم العملاء. وقد أثمرت جهوده: يقترح داتشس إيجاد طرق لدمج الأشياء الّتي تحبّ القيام بها مع عملك الحالي: لا تترك إبداعك وشغفك في المنزل لمجرّد أنّ وظيفتك لا تحتاجهما. حتّى إذا لم تمتلك هوايةً تنطبق على عملك، يمكنك طلب قضاء المزيد من الوقت في ممارسة جوانب عملك الّتي تحبّها حتى إذا لم يكن لديك هواية تبدو قابلة للتطبيق على عملك، يمكنك أن تطلب قضاء المزيد من الوقت في جوانب عملك الّتي تعجبك أكثر. أو حتّى أن تعرض مساعدتك في قسمٍ آخر تهتمّ به. حسّن -أو تخلص من- تنقلك إلى العمل يمكن أن تقضي يومك كلّه في ممارسة عملٍ تحبّه، أو أن تحضر هواياتك إلى مكتب العمل، ومع هذا يبقى التنقّل الطّويل إلى العمل شيئًا مملًّا. نحن نضع في الحقيقة التنقّل إلى العمل في أدنى قائمة الأشياء الّتي تشعرنا بالسّعادة. أظهرت البحوث خطأ الاعتقاد السّائد بأنّ الزّيادة في الأجر أو اقتناء بيت أكبر يمكن أن يعوّضا حالة الأسى الّتي يخلّفها التنقّل الطويل إلى العمل، هذا الأخير سيصيبك باليأس برغمهما. بل أنت في حاجة إلى زيادة أجرك بنسبة أربعين بالمئة (40%) لتعويض أثر التنقّل الطويل إلى مقر العمل. في ضوء هذا البحث -وهذا قد يبدو مخالفا للبديهة- تقترح هيلاري ريتيج، مدرّبة الإنتاجية وكاتبة The 7 Secrets of the Prolific ("أسرار غزارة الإنتاج السّبعة") إطالةَ وقت التنقّل إلى العمل بقولها: لذا تقترح ريتيج الاستغراق في التنقّل إلى العمل، حتّى لا تضطرّ إلى الاستعجال كثيرا. فأنت حين لا تستعجل -تقول ريتيج- "تحسّ بأنّك أكثر تحكّما وضبطًا لنفسك." تقترح ريتيج أيضا التّخطيط لغدك بأفضل ما يمكنك، وأن تتحاشى المُلهيات كالتّلفزيون صباحا، والبريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي عندما يكون الأجدر بك الاستعداد لمغادرة المنزل. اقتراحُها الأخير لتحسين تنقّلك إلى العمل هو تغيير ما تقضي به ذلك الوقت.: وفقا لهيلاري ريتيج فإنّ بعض النّاس يستمتعون حقّا بوقت تنقّلهم إلى العمل. وتشرحُ أنّ هؤلاء النّاس يشعرون بأنّ وقت تنقّلهم إلى العمل وقتٌ هادئ يستمتعون خلاله بفرصة قضاء الوقت وحيدين يقومون بشيء يحبّونه. يمكنك أيضًا تغيير تنقّلك إلى العمل إلى نشاطٍ بدنيّ، مثل المشي أو ركوب الدّراجة. فقد أظهر البحث أنّ النّاس الّذين يتنقّلون إلى عملهم بتلك الطّريقة عوض القيادة أو استخدام وسائل النّقل العامة يكونون أقلّ وزنًا وأقلّ درجة في مؤشّر كتلة الجسم BMI شخصيًّا -تقول الكاتبة- أحبّ فكرة قضاء وقت تنقّلي إلى العمل في القيام بشيء مسلٍّ، كالاستماع إلى بودكاست أو قراءة كتاب. أمّا إن كان المشي أو الدرّاجة ما يسعدك، فاختر التنقّل النّشط لتبدأ يومك بحيوية. جد غايةً من وراء عملك التنقّل إلى العمل أقلّ ضغطًا حين تكون في طريقك إلى شيءٍ تستمتع به. وإحدى أفضل الطّرق للاستماع بعملك أن تجد فيه هدفًا شخصيًّا ساميا. للأسف، فإنّ استطلاعًا للرأي ضمّ اثني عشر ألف متطوّعًا (12000) من ميادين مختلفة خرج بنتيجة أنّ خمسين بالمئة (50%) منهم لا يشعرون بأنّ لعملهم غايةً ولا معنى. ووفقا للدّراسة الاستطلاعية ذاتها، فإنّ أولئك الّذين يرون في عملهم غايةً أقرب بثلاثة أضعاف إلى البقاء في ميدانهم الحالي. وقد تبيّن أنّ فكرة استشعار الموظّف غايةً من عمله من عدمها هي الأعلى تأثيرًا في شعوره بالرّضا في عمله من أيّ عاملٍ آخر. لم يكن هؤلاء الموظفون أميل للبقاء في وظائفهم الحالية وحسب، لكنهم أبانوا أيضًا عن رضاهم عن وظائفهم بمقدار مرّة وسبعة أعشار المرّة (1,7 مرّة) موازنةً بالآخرين، وكانوا أكثر انغماسا منهم في عملهم بمرّة وأربعة أعشار المرّة (1,4 مرّة). "الغاية من وراء الوظيفة" هي إحدى الأفكار المجرّدة الّتي يصعب تعريفها أو تحديدها، لكنّ مشروع بحثٍ في ستانفورد يمكنه مساعدتنا في فهم معناها وكيفية الحصول عليها. فالسّعادة والغاية -وفقا لهذا المشروع- شيئان مختلفان: فبينما نستخلص السّعادة من الأخذ -أو التّركيز على ما نأخذه- من الآخرين، فإنّ الغاية تُستخلصُ ممّا نعطيه لهم أو كيف نساعدهم. إذن كيف يمكنك تطوير الغاية الّتي تنالها من عملك؟ الطّريقة الأولى هي التّركيز على إجابة سؤال "لماذا؟". فبدل التّركيز على ما تقوم به، ركّز على سبب قيامك به. فمثلا، في دراسة على عمّال النظافة بأحد المستشفيات، رأى عمّال النّظافة أنفسهم جزءًا من فريقٍ يساعدُ على شفاء المرضى. بدل التّركيز على جانب التّنظيف، ركّزوا على السّبب وراء عملهم. فشعروا بأنّهم يساعدون الآخرين، وهذا أمر مفصليّ في الإحساس بوجود غاية سامية من وراء عملك. الطّريقة الأخرى تكمن في التّركيز على العلاقات الشّخصية في العمل. إذ وجد بحث غالوب أنّ العمّال المتعلّقين بعملهم يمتلكون صديقًا مفضّلا في العمل. في حين أظهر بحثٌ آخر أنّ قضاءَ وقتٍ اجتماعيّ في العمل يحسّن اليوم ككلّ. إذا امتلكتَ صديقًا في العمل يمكنكَ مساعدته، فذلك يزيد من شعورك بأنّ لعملك غاية سامية. ولا تقتصر مساعدتك له على أشياء متعلّقة بالعمل حتّى، إذ يمكنك مساعدته في الخروج لتناول فنجان قهوة، أو صُحبتُه في تمرينِ وقت الغداء، أو مجرّد الاستماع إليه حين يحتاج أذنًا مصغية. النقطة الأهم هي أن تبحث عن طرقٍ لمساعدة الآخرين في العمل. فكّر في السّبب وراء عملك: من تساعد في عملك وكيف؟ حاول مساعدة الآخرين في المكتب بمدّ يد العون حين تكون متفرّغًا. فكلّما أعطيت أكثر، شعرتَ أكثر بأنّك تقضي وقتك بطريقة مفيدة. وهذا سيجعل المجيء إلى العمل أسهل بكثير. ختامًا، ليست كلّ الوظائف قابلةً للإصلاح، فقد تجد أنّ هذا ليس سوى وقت الانتقال إلى دورٍ آخر أو شركةٍ أخرى. ولكن إذا ما كنت تعاني لأجل الشعور بالرّاحة تجاه عملك، فجرّب هذه الاقتراحات. قد تتفاجأ حين ترى كم يمكن للعمل أن يصبح أفضل إذا كنت تقوم بشيءٍ تستمتع به وتساعد عبره الآخرين. ترجمة -وبتصرف- لمقال: The Art and Science of Loving Your Job لكاتبته: Belle Beth Cooper
  4. إنّ رأي المرء في نفسه، وتصوّره عن حدود إمكانيّاته، كلاهما يؤثّران في مدى نجاحه الفعلي. والعقليّة التي يملكها هي ما يصنع الفرق في رؤيته للكوب نصف ممتلئ أو نصف فارغ. اشتهرت فكرة "العقليّة السّاعية إلى النّموّ" ضدّ "العقليّة الثّابتة" بفضل عالمة علم النفس في ستانفورد كارول دويك في كتابها "العقلية: سيكولوجيّة النجاح الجديدة" الّذي يلخّص سنوات بحثها العديدة حول فكرة أنّ تغيير معتقداتنا -حتى تلك الصّغيرة منها- يمكن أن يغير حياتنا تمامًا. يفترضُ ذو العقلية الثابتة أن كل شيء عنا (ذكاءنا، قدراتِنا الإبداعيةَ …إلخ) ثابتٌ ولا يمكن تغييره مهما رغبنا في ذلك. الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من العقليات يفعلون أي شيء لتجنب الفشل، وهم يركّزون بشدة على الظّهور بمظهر الأذكياء العارفين بكلّ شيءٍ. لذا يتجنّبون التحدّيات، ويشكّكون في أنفسهم كثيرا، ويستسلمون بسهولة. العديد من النّاس ذوي عُقد النّقص يمتلكون هذه العقلية (بما في ذلك أنا - يقول كاتب المقال-). ونتيجةً لعُقد النّقص وتلك العقلية الثّابتة، تراهم يَثبطون بسرعة، ونادرًا ما يبلغون الاستغلال الأمثل لإمكانياتهم الكامنة. على النّقيض، ترى ذوي العقلية السّاعية للنمو، مقبلين على التحدّيات بحماس، متعطّشين للتعلّم، ورافضين للاستسلام. هم يركّزون على النموّ الشّخصي، والتحسّن المستمر. ونتيجةً لذلك، ينتهي بهم المطاف بنجاحاتٍ أكبرَ في الحياة. تتشكّل هذه العقليات فينا في سنٍّ مبكّرة، وتؤثّر على علاقاتِنا، الشّخصية منها والمهنية. وكذا على مواقفنا في مواجهة الفشل، وعلى سعادتنا. هكذا تشرح دويك الأمر في كتابها: الفرق الرئيسي هو أنّ الأُلَى يمتلكون عقليَّةً ساعيةً للنّموّ لا يعُدّونَ إخفاقهم فشلا، بل يرونه تعلّمًا. ذلك الخوف الدّائم من الفشل هو ما يُحبِط تقدّم ذوي العقليّة الثّابتة. وكذا عقدة النّقص تلك الّتي تجعلك تتساءل دوما كيف يراك النّاس. كما قد يؤثّر امتلاك عقلية ثابتة تأثيرًا عميقا في محيط العمل، ويؤثّر حتّى على كيفية تلقّي تعقيبات الموظّفين. تأثير العقليتين على تعقيبات الموظفين يصبح بحث الدّكتورة دويك أكثر إثارة للاهتمام حين يتعلّق الأمر بتعامل هاتين العقليّتين مع تعقيبات الموظّفين. إذ استدعت عيّنات بحثها من الموظّفين إلى مختبرها مجدّدا لدراسة تفاعل الدّماغ مع تلقّي التّعقيبات بعد إجابتهم على أسئلة صعبة. خرجَتْ من ذلك بنتيجة أنّ ذوي العقليات الثّابتة تجاهلوا المعلومات الّتي يمكن أن تساعدهم على التحسّن. بل والأسوء أنّهم لم يستمعوا إلى الإجابة الصّحيحة للأسئلة الّتي أخطأوا فيها إجابةً خطأ، لأنّهم صنّفوها مسبقا في خانة "الفشل". لقد أذعنوا بالاستسلام بالفعل. أمّا من ناحية أخرى، فإنّ أولئك الّذين يحملون عقليّةً ساعيةً للنموِّ اهتمّوا بالمعلومات التي يمكن أن تساعدهم على توسيع معارفهم، وسعوا في أثر التّعقيبات حتى وإن أجابوا خطأً، لأنّهم رأوا في ذلك فرصة للتعلّم والتطوّر. إنّ تركيز ذوي العقليّة السّاعية للنموّ ينصبّ على النموّ وحده، بينما كان ذوو العقلية الثّابتة مركّزين على الفشل. إنّ هذا مثيرٌ عندما يتعلّق الأمر بتلقّي موظّفٍ للتّعقيب، ولكن ماذا عن المديرين؟ ماذا يحصل إذا كانت عقليّتك ثابتةً، وكنتَ مسؤولاً عن تنميةِ وتطويرِ فريقِ عملٍ؟ يمكنني -يقول الكاتب- أن أرى أنّ هذه مشكلة كبيرة في العديد من الشركات، أين لا يتلقّى الموظّفون التّوجيه الّذي يستحقّونه. وهذا يذكّرني بتجربة روبرت روزنتال النّقسية الشّهيرة سنة 1964 الّتي أشرك فيها معلّمي مدرسةٍ ابتدائيةِ. كان الهدف من التّجربة معاينة ما يحدث إذا أُخبِر المعلّمون بأنّ طلاّبًا معيّنين يمتلكون مقوّمات النّجاح. جاء روزنتال باختبار ذكاء اعتيادي (IQ test)، وزيّف عنوانه إلى "فحص هارفرد للاكتساب غير الطبيعي". ثمّ قال للمعلّمين بأنّ هذا الفحص يمكّن من توقّع الأطفال الّذين كانوا سيشهدون تطوّرا في مقياس ذكائهم. اختار بعدها عيّنة عشوائية من الطلاّب وأوهم المعلّمين بأنّ أولئك الطلاّب يختبرون نموّا في مستوى الذّكاء. وجد بحثه أنّ تلك التوقّعات تؤثّر في تعامل المعلّمين اليومي مع الأطفال. فهم يعطون أولئك الّذين يتوقّعون نجاحهم وقتا أطول للإجابة وتعقيبات أكثر تحديدًا. وهذا درسٌ مهمّ لكلّ المديرين. إذن فالسّؤال الّذي يطرح نفسه هو: كيف تكتسب عقليَّةَ نمو؟ سأشارككم بعض النّصائح، ولكنّ أهمّ شيء هو أنّ البداية هي رفع المرء من ثقته بنفسه. الثقة هي البداية نشرتُ -يقولُ الكاتب- منذ بضعة أشهر مقالا بعنوان "لماذا الثّقة هي سرّ النّجاح في الحياة؟ أين شرحتُ كيف يمنعنا نقص الثّقة من الكثير في الحياة. إذا تعلّمتَ رفع ثقتك بنفسك فإنّك ستجهّز نفسك لاكتساب عقلية نموّ. والمفتاح هو أن تنتشل نفسك من عقلية عقدة النّقص. والقول هنا أسهل من الفعل، ولكنّك إن تعلّمت أنّ الفشل أمرٌ مسموح به، فأنت جاهز. تبيّن لي بعد كلّ البحث الّذي قمتُ به تحضيرًا لهذا المقال، أنّ جذور تلك العقلية الثّابتة هو عدم تقديرك لنفسك. لذا فمن المهمّ أن تصبح قادرا على بناء تلك الثّقة بالنّفس عبر القيام بأشياء لتحسّن من نفسك، كالتّمارين الرّياضية، والتّفكير الإيجابي، والتأمّل …إلخ. خمسة طرائق لاكتساب عقلية نمو كما ذكرت آنفا، أنا أؤمن أنّ كلّ هذا يبدأ برفع ثقتك بنفسك. لكنّ ثمّة طرائقَ أخرى تمكّنك من اكتساب عقلية نموّ. 1. حادث نفسك أصحابُ العقلية الثّابتة غالبا ما يناقشون أنفسهم: "هل يمكنني فعلا القيام بهذا؟ ماذا إذا فشلت؟ هل سيسخر مني الجميع؟". تعلّم كيفَ تُخرسً ذلك الصّوت. رُدّ عليه وأقنع نفسك: "بالطّبع يمكنني القيام بهذا، ولا أحد سيسخر منّي، هذا سخيف." 2. اعتبر الكوب نصف ممتلئ (فكر بإيجابية) تذكّر دوما أنّ إخفاقَك في شيءٍ ما يفتح أمامك خيارين: إمّا أن تعتبره فشلاً، أو فرصة. الأمر عائد إليك. لذا حاول دومًا إيجادَ شيءٍ إيجابي في كلّ انتكاسة. 3. افرح بالانتصارات الصّغيرة افهم أنّ كلّ شيءٍ عبارةٌ عن عمليّة تعلّم، لذا احتفل بانتصاراتك الصّغيرة، وذكّر نفسك بأنّك تتعلم كثيرًا. هكذا ستدرّب نفسك ببطءٍ على اكتساب عقليّة تعلّمٍ ونموٍّ دائم. 4. سطر لنفسك أهدافًا واقعية من المهمّ أن تحدّد لنفسك توقّعاتٍ قابلة للتّحقيق. لعلّ الأهداف الّتي تضعها حاليا ليست مناسبةً لك، أو لعلّها طموحةٌ فوق اللاّزم، ما يهيّئك للفشل. لكنّك عندما تحقّق بعض الانتصارات السّريعة، ستواصل رفع ثقتك بنفسك. 5. مرن عقلك ممارسةُ التّمارين مثل اليوغا أو التأمّل طريقةٌ رائعةٌ لتهدّئ نفسَك وتقوّي ذهنك. وهذا بدورهِ يساعدك على رفع الثّقة بالنّفس، ورؤية الأشياء أوضح، مما يساهمُ في اكتساب عقليّةِ نموّ. هل لديك أيّة نصائح تساعد على اكتساب عقليّةِ نموّ؟ ترجمة -وبتصرّف- للمقال Why You Need To Develop A Growth Mindset لكاتبه: Jacob Shriar
  5. التعريف الأصلي للذّكاء العاطفي، وهي عبارة استحدثها بيتر سالوفي (عالم نفس اجتماعي أمريكي، ورئيس جامعة يايل الحالي) وجون ماير (عالم نفس أمريكي من جامعة نيوهامبشر). لنلقِ نظرةً سريعةً إذن على الفرق بين جُزْئَي موضوعِنا: مقياس الذكاء أو IQ: هو مقياسٌ يعتمد على فحصٍ موحّدٍ يَختبرُ ذكاء الشّخص. الذكاء العاطفي أو EQ: هو قياسٌ لمستوى الذكاء العاطفي عند الشّخص، وهو أكثر أهميّة من مقياس الذّكاء (IQ). هذا بالطّبع لا يعني أنّ هذا الأخير - مقياس الذّكاء IQ - غير مهمّ. فهو لا يزال أحسن وسيلة للتنبّؤ بمستوى العمل الّذي يمكنك تحقيقه. فأنت إن أردت أن تصبح طبيبا أو محاميا، لا بدّ تحتاجُ إلى معدّل IQ عالٍ. لكنّ النّجاح في الحياة عامّة والعمل خاصّة؛ أكثرُ تعقيدًا من أن يُربط بنتيجتك في اختبار ذكاء. أكبر سبب يمنع مقياس الذّكاء IQ من توقّع نجاحك أو فشلك في العمل، هو أنّ لكلّ منافسيك مقدارَ ذكاءٍ يقارب ذكاءك، وهنا يصنع الذّكاء العاطفي الفارق. كما أ،ّ ثمّة سببا آخر قد يمنع مقياس الذكاء IQ من أن يكون أحسن متنبّئ بمقدار النّجاح في العمل، وهو متعلّق بما يتمّ قياسه: وفقا لمجلّة هارفرد بينزس ريفيو 'تقرير هارفرد للأعمال' the Harvard Business Review فإنّ اختبارات مقياس الذكاء IQ لها عيوبها. إذ أنّ بعض المهارات الّتي يتم اختبارها كالإلمام بالمفردات، والحساب، والمنطق المكاني ليست ذات علاقة كبيرة ولا فائدة واضحة في مجال العمل. لم تصبح فكرة الذّكاء العاطفي EQ شائعة إلا بعد فترة من نشر سالوفي وماير لعملهما. وذلك بعد أن كتب العالم النفسي دانييل جولمان كتابه الذّكاء العاطفي الّذي تصدّر المبيعات. وسمح لمصطلح "الذكاء العاطفي" باكتساب الشّعبية. نموذج جولمان خماسي الأجزاء كتب دانييل جولمان عن المكوّنات الخمسة للذّكاء العاطفي. والّتي انطوت كلٌّ منها على مقدرة مختلفة نستخدمها في تسيير عواطفنا. 1. الوعي الذاتي وهو قدرتنا على إدراك وفهم مزاجنا ومشاعرنا، وتأثيرهما في الآخرين. إذ ينبغي أن تكون قادرا على مراقبة حالة مشاعرك، وأن تبقيها تحت السّيطرة. هذه المهارة مفيدة جدّا عند محاولة التّواصل بشكل فعّال في العمل لتضمن أنّ موظّفيك وزملاءك استوعبوا بشكل جيّدٍ ما تنوي إيصاله من معلومات. 2. ضبط الذات ونعني بضبط الذّات قدرتنا على التّفكير قبل أن نتصرّف. وعلى نفس القدر من الأهمية تكون قدرتنا على السّيطرة على الأفكار السّلبية وتغييرها، إذ بإمكانها زعزعة مشاعرنا. ينبغي كذلك أن تتعوّد على التغيير والغموض لكي تحقّق ضبط الذّات المطلوب. يغدو تطبيق هذه المهارة بالغ الأهمية عند بناء العلاقات، فهي الرّباط بين الثّقة والاحترام الّذي يتشكّل عند تواصلك مع الموظّفين. وبعبارة أخرى: عندما يرى الموظّفون قدرتك على البقاء هادئا في وجه الأوضاع المقلقة والمثيرة للاضطراب العاطفي، فإنّهم سيشعرون بأنّ بإمكانهم فعلا الاعتماد عليك. 3. التحفيز الذاتي يتطلّب هذا الجزء تحديدنا لأهداف شخصية والعمل على تحقيقها بعقلية إيجابية. وهذا هو الدّافع لإرضاء الذات الّذي كثيرا ما نتحدّث عنه هنا في قسم ريادة الأعمال. 4.التعاطف يتعلّق التّعاطف بإدراك المرء لمشاعر الآخرين من حوله، وما ينبغي فعله حيال تلك المشاعر. نحن نؤمن أنّ التّعاطف هو أحد أهمّ مهارات القيادة الّتي يمكن للمرء اكتسابها، كونه يساعد في العديد من المواقف. ومن أمثلة ذلك معالجة مشاكل الأداء. حيث أنّ التعاطف يساعدك في تحويل مشاكل الأداء تلك إلى فرصٍ لتشكيل روابط أقوى ضمن مجموعتك. 5. المهارات الاجتماعية يُعنى هذا الجزء الأخير بالمهارات الاجتماعية الّتي يستخدمها النّاس يوميا. كالتّعاون، وإدارة النّزاعات، وتوطيد العلاقات. وطريقك لتحسين مهاراتك الاجتماعية يمرّ عبر خلق أرضية مشتركة مع أولئك الّذين تعمل معهم. بحوث ودراسات حول الذكاء العاطفي نُشرت العديد من البحوث حول مدى فاعلية الذّكاء العاطفي في تحقيق النّجاح في العمل والحياة. نشر عالم النّفس كاري تشيرنس أطروحة أسماها “The business Case for Emotional Intelligence” أو (قضيّة الذكاء العاطفي في العمل) أين جمَع بياناتٍ من باحثين آخرين ليبني حكمه حول مساهمة الذّكاء العاطفي الكبيرة في أيّ مكان عمل. بعض النقاط البارزة من الأطروحة في لوريال (L’Oreal): حقّق مندوبو المبيعات الأذكياء عاطفيا مبيعاتٍ أكثر من أولئك الّذي يمتلكون ذكاءً عاطفيا أقلّ. إذ تجاوزوهم بما مقداره 91370 دولارا. كما أنّ عائداتهم خلال السّنة الأولى كانت أكبر بنسبة 63% من عائدات أولئك الّذين تم توظيفهم بالطريقة الاعتيادية. خلُص مركز القيادة الإبداعية في بحثٍ له إلى أنّ الأسباب الرّئيسية في مشاكل المديرين التّنفيذيّين تنطوي على نقائص في الكفاءة العاطفية. وأهمّ ثلاثة منها: تقبّل التغيير. مواجهة صعوبة في العمل ضمن فريق. ضعف العلاقات الشّخصية. دراسة أجريت على 130 مديرا تنفيذيا خرجت بنتيجة أنّ سيطرة المرء على مشاعره ينجرّ عنها تفضيل النّاس من حوله التّعاملَ معه. تبيّن في شركة حواسيب أنّ مندوبي المبيعات الّذين تمّ توظيفهم بناءً على كفاءتهم العاطفية كانوا أقدر بنسبة 90% على إنهاء تدريبهم من أولئك المعيّنين بناءً على معايير أخرى. في اختبار أجري على 515 من قدامى المديرين التّنفيذيّين، تبيّن أنّ الّذين يمتلكون ذكاء عاطفيا قويًّا كانوا أقرب للنّجاح من الّذين كانوا أكثر خبرة أو أعلى درجة في مقياس الذّكاء (IQ). في شركة أمريكية للتأمينات، مندوبو مبيعات التّأمينات الّذي أبانوا ضعفًا في الكفاءات العاطفية كالثّقة بالنّفس، والمبادرة، والتّعاطف، حقّقوا ما متوسّطه 45000 دولار من المبيعات. فيما حقّق أولئك الّذين يتمتّعون بـ 5 على الأقل من أصل 8 كفاءات عاطفية؛ ما مقداره 114000 دولار من المبيعات. أجرى معهد كارنيجي للتكنولوجيا بحثا خرج فيه بنتيجة أنّ 85 بالمئة من نجاح المرء يعود إلى مهاراته في "الهندسة الإنسانية" (human engineering). ونعني بذلك شخصيّة المرء وقدرته على التّواصل، والتّفاوض، والقيادة. أما نسبة 15 بالمئة المتبقيّة فتعود إلى المعرفة التقنية. وأخيرا، وجد عالم النّفس دانييل كانمان أنّ الزّبائن يفضّلون التّعامل مع شخص يرتاحون له ويثقون فيه، على التّعامل مع شخص لا يرتاحون له. حتّى وإن كان هذا الأخير يعرض منتوجا أحسن وبسعر أقلّ. صفات الأذكياء عاطفيًّا نُحصي فيما يلي بعضا من الصّفات الأساسية المتوفّرة في القادة الأذكياء عاطفيا: 1. الرحمة يتمتّع القادة الّذين يمتلكون ذكاءً عاطفيًّا عاليا بالرّحمة. هم يهتمّون بموظّفيهم اهتمامًا كبيرًا، ويُبدون استعدادا دائما لمساعدتهم في أيّة مشاكل تصادفهم، سواء كانت داخل العمل أو خارجه. فهم يهتمّون بالنّاس أكثر من الأرباح. 2. الإخلاص إنّ القادة الأذكياء عاطفيًّا يتحلّون بالإخلاص في كلّ ما يفعلونه. قوّة تحكّمهم في مشاعرهم تمكّنهم من التمسّك بمبادئهم، ورسم طريقٍ واضحٍ يستطيعون شرحه لفريق عملهم. 3. الاحترام لا يحترم القادة الآخرين وحسب، بل يحترمون أنفسهم كذلك. ويمكن لفريق العمل الشّعور باحترام الذّات ذاك وتقديرُه. فهؤلاء القادة الأذكياء عاطفيا يعاملون الجميع معاملة متساوية في كلّ الأحوال. وهم واعون تماما بضرورة تلك المعاملة. 4. الثقة ثمّة خيط رفيع بين التكبّر والثّقة. والقادة الأذكياء عاطفيا يحسنون السّير على ذلك الخيط. فهم قادرون على اتّخاذ القرار دون تردّد ولا مراجعة. هنا تتجلّى ثقتهم في اختياراتهم. ولكنّ أعظم فرق بين مقياس الذّكاء الموحّد IQ والذّكاء العاطفي EQ هو أنّ هذا الأخير يمكن تطويره. إذ يمكنك بالتّدريب واكتساب الخبرة أن تحسّن ذكاءك العاطفي، وتصبح قائدًا أفضل. كيف ترفع مستوى ذكائك العاطفي السرّ الّذي يفضي إلى رفع مستوى الذكاء العاطفي هو الوعي بالذّات. إذ عندما تصبح قادرا على إدراك مشاعرك، يمكنك الاستعانة بالحديث مع النّفس وأساليب أخرى لتغيير تلك المشاعر. وبمرور الوقت، تتحسّن في السّيطرة على مشاعرك وترفع من ذكائك العاطفي. إليك فيما يلي بعض الأفكار الّتي يمكن أن تساعدك في رفع ذكائك العاطفي: 1. استبدال الأفكار الإيجابية بتلك السّلبية عليك العمل على تغيير كل الأفكار السّلبية في رأسك إلى أخرى إيجابية. فبدل القول "أنا فاشل" عندما تخطئ. قل "كيف يمكنني جعل هذا أفضل في المرة القادمة؟" ومع الوقت، ستتعلم كيف تتعامل مع تلك المشاعر السلبية بسهولة. 2. تعلّم التعامل مع الضغوطات الضّغط أمر لا مفرّ منه. والقليل من الضّغط ليس بالشّيء السيّء. لكنّك ينبغي أن تتعلّم كيفية التّعامل مع هذا الضّغط بشكل أحسن، أو على الأقل أن تمنعه من التأثير فيك بشكل كبير. التّدريب البدني مثال رائع، إذ بالإضافة إلى كلّ منافع التّدريب البدني، فإنّه يساعد على تقليل الضّغط. 3. اتخاذ قدوة اختر شخصا أو أشخاصا تعرفهم ممّن يسيطرون على مشاعرهم واقتدِ بهم. راقب ردود أفعالهم في بعض الحالات. شاهد كيف يحدّثون موظّفيهم. ويمكنك حتّى طلب المساعدة أو النّصح منهم. إنّ امتلاك قدوة يمكن أن يرفع ذكاءك العاطفي بشكل سريع. 4. قم بتدوين مذكراتك إحدى أسهل الطّرق لتعزيز الوعي بالذّات هي التدرّب على ذلك الوعي. فكّر فيما تشعر به خلال أوقات متفرّقة من يومك، ودوّنها في دفتر مذكّرات. قم بهذا لمدّة أسبوع. ثمّ اقرأ ما كتبته، وحدّد النّقاط الّتي كان يمكنك تحسينها والنّقاط الّتي أجدت فيها. 5. تواصل مع زملاء العمل السّبيل الوحيد لتعزيز مهاراتك الاجتماعية هو التّطبيق. اخرج للأكل مع زملائك. اذهب إلى اجتماعات الغداء والعشاء، وحاول تقديم نفسك ومحادثة زميل لا تعرفه جيّدا. يمكنك بهذا أن تحسّن العديد من الأشياء كالتّواصل البصري، وضوح حديثك …إلخ. هل تعتقد أنّ الذّكاء العاطفي هو مقياس الذّكاء الحديث؟ شاركنا النّقاش في التّعليقات أدناه.! ترجمة -وبتصرف- للمقال Why EQ Is The New IQ لفريق تحرير موقع officevibe
×
×
  • أضف...