-
المساهمات
92 -
تاريخ الانضمام
-
تاريخ آخر زيارة
نوع المحتوى
ريادة الأعمال
البرمجة
التصميم
DevOps
التسويق والمبيعات
العمل الحر
البرامج والتطبيقات
آخر التحديثات
قصص نجاح
أسئلة وأجوبة
كتب
دورات
كل منشورات العضو علاء أيمن
-
على الرغم من أن عملية اتخاذ القرار قد تبدو عملية نمطية، إلا أنه لا يوجد شخصان يتخذان القرارات بنفس الطريقة. إننا بصفتنا أفرادًا قد ورثنا وتعلمنا الكثير من التوجهات السلوكية، بعضها إرادية، وبعضها الآخر خارج عن سيطرتنا، وإن تفاعل جميع هذه العوامل معًا هو ما يعطي كل واحد منّا شخصيته الفريدة. ورغم أنه يستحيل على المسوّق التعامل مع شخصية كل زبون على حدة، لكنه يستطيع التعرّف على العوامل التي قد تؤثر على سلوك معظم المستهلكين. إن العوامل المؤثرة على عملية اتخاذ القرار لدى المستهلكين متعددة ومعقّدة. على سبيل المثال، تختلف حاجات الرجال عن النساء فيما يتعلق بمستحضرات التجميل، كما أن حجم البحث عن المعلومات لدى شخص محدود الدخل عند شراء سيارة جديدة أكبر بكثير من البحث عند شراء رغيف من الخبز، كذلك قد يتعامل المستهلك الذي يمتلك خبرة شرائية كبيرة في مجال معيّن من المنتجات مع المشكلة بطريقة تختلف عن مستهلك يشتري المنتج لأول مرّة. لذلك يجب فهم جميع هذه العوامل للخروج باستنتاجات واقعية حول سلوك المستهلكين. قد يكون من المفيد جمع هذه العوامل المؤثرة في مجموعات مترابطة بهدف تسهيل دراستها. لذلك يقسّم الشكل رقم 11 العوامل المؤثرة على عملية حل المشكلة إلى عوامل ظرفية وخارجية وداخلية. وتشمل العوامل الظرفية حاجات الشراء الفورية لدى المستهلك، وعروض السوق المتاحة، والسمات الديموغرافية، أما العوامل الداخلية فهي ترتبط بقدرة التعلّم لدى المستهلك، وتفاعله مع المجتمع، وكذلك دوافعه، وشخصيته، ونمط حياته، وأما العوامل الخارجية فهي تلك العوامل التي تقع خارج سيطرة الفرد، ولكنها تترك تأثيرًا قويًا على سلوكياته الشخصية. وتجدر الإشارة إلى أن سلوك الشراء الحالي لدى المستهلك يؤثر على سلوكه المستقبلي من خلال عامل التعلّم. باختصار، يسلط الشكل 11 الضوء على عناصر محددة تؤثر على شراء المستهلك للمنتجات والخدمات، وتقييمه لها. الشكل 11: نموذج لسلوك المستهلك. العوامل الظرفية الحاجة الشرائية تؤثر طبيعة الحاجة الشرائية على طريقة معالجة الزبون للمشكلة بصورة مباشرة، فعندما يتعلق القرار بشراء منتج روتيني منخفض التكلفة مثل الخبز، تكون عملية الشراء بسيطة وسريعة، ولكن عندما يتعلق القرار بشراء سيارة جديدة تصبح الأمور مختلفة قليلًا. ويعتمد تصنيف القرار إلى قرار بسيط أو معقد على (1) مدى روتينية القرار (2) ومدى اهتمام المستهلك به. فالقرارات المهمّة هي القرارات التي تحتاج قدرًا كبيرًا من اهتمام الفرد، وتتضمن قدرًا من المخاطرة، سواءً كانت مالية (منتجات باهظة الثمن)، أو اجتماعية (منتجات مهمة لصورة المستهلك الاجتماعية) أو نفسية (فاتخاذ القرار الخطأ قد يسبب شعورًا بالتوتر والقلق لدى المستهلك). لذلك، تستحق هذه القرارات بذل الوقت والجهد في دراسة جميع البدائل المحتملة قبل الإقدام عليها. دورة إدارة تطوير المنتجات احترف إدارة تطوير المنتجات الرقمية بدءًا من التخطيط وتحليل السوق وحتى إطلاق منتج مميز وناجح اشترك الآن أما القرارات غير المهمة بالنسبة إلى المستهلك، فهي قرارات بسيطة ومتكررة، ولا تنطوي على قدر كبير من المخاطرة. وفي هذه الحالات، قد لا يستحق الأمر عناء البحث عن المعلومات حول البدائل المختلفة ودراسة جميع البدائل المتوفرة. ويُعد شراء حاسوب جديد من أمثلة القرارات المهمة لدى المستهلك، بينما يُعد شراء ساندويش هامبورجر مثلًا من القرارات ذات الأهمية المنخفضة. عندما يكون المستهلك قد اشترى منتجًا مشابهًا أكثر من مرة في الماضي، فإن عملية اتخاذ القرار قد تصبح بسيطة، بغض النظر عن مدى أهمية قرار شراء هذا المُنتج. لنفترض أن مستهلكًا قد اشترى منتجًا بعد دراسة متأنية، وشعر بالرضا، وواصل شراء هذا المنتج، حينها نستطيع القول إن دراسة المستهلك المتأنية للمنتج، وشعوره بالرضا بعد شرائه، قد أثمرا عن ثقةٍ وولاءٍ للعلامة التجارية. وما أن يشعر المستهلك بالولاء للعلامة التجارية، تصبح عملية اتخاذ القرار بسيطة في جميع عمليات الشراء اللاحقة، ففي هذه الحالة يصبح شراء المنتج عادةً لدى المستهلك، أي أنه لا يحتاج إلى الحصول على أي معلومات إضافية أو إلى تقييم البدائل الأخرى قبل الشراء. يُعد شراء جهاز الدش أو لاقط الأقمار الصناعية من أمثلة القرارات المهمة لدى المستهلكة. عروض السوق تؤثر عروض السوق المتاحة كذلك على مراحل اتخاذ قرار الشراء لدى المستهلك، فكلما كثرت الخيارات المتاحة أمام المستهلك، ازدادت عملية اتخاذ القرار تعقيدًا. على سبيل المثال، إذا كنت تدرس شراء مشغل أقراص (DVD) فسوف تكون أمام العديد من العلامات التجاري، مثل سوني وسامسونج وباناسونيك وميتسوبيشي وتوشيبا وسانيو وغيرها الكثير. كل واحدة من هذه الشركات تبيع موديلات مختلفة بمزايا متنوعة. لكن ما هي المعايير المهمة بالنسبة إليك؟ وهل يُعد شراء مشغل أقراص (DVD) قرارًا سهلًا؟ أما إذا لم يكن هناك سوى منتج واحد أو متجر واحد فقط يمكنه إشباع حاجة المستهلك، فالقرار حينئذ بسيط نسبيًا، فإما أن يشتري المستهلك المنتج المتوفر أو ألا يشتري شيئًا على الإطلاق. إن هذا الوضع ليس مثاليًا للمستهلكين، ولكنه وارد الحدوث. افترض مثلًا أنك تدرس في جامعة في بلدة صغيرة تبعد أميالًا طويلة عن أقرب سوق آخر، وأنك تحتاج إلى كتاب بعينه لدراستك، في حين أنه لا يوجد في الجامعة والبلدة سوى متجر واحد للكتب. لذلك يمكن القول إن محدودية العروض المتوفرة يؤثر بشكل مباشر على سلوك الشراء لديك. وكما شاهدنا في مثال مشغل أقراص (DVD)، كلما كثرت العروض في السوق، ازدادت أيضًا آلية حل المشكلة تعقيدًا، وأصبح هناك حاجة أكبر للمعلومات. يجدر القول إن توفر مجموعة واسعة من العروض يصب في صالح المستهلكين، لأنه يسمح لهم بشراء المنتج الملائم لاحتياجاتهم الخاصّة، مع ذلك، قد تصيب كثرة العروض المستهلكين بالارتباك والإحباط، ما يجعلهم عاجزين عن اختيار المنتج الصحيح. العوامل الديموغرافية يجب على المسوّقين عدم إهمال العوامل الديموغرافية عند محاولة فهم سلوك المستهلكين، ومن هذه العوامل الفئة العمرية، والجنس، والتعليم، والحالة الاجتماعية والقدرة على التنقل. أظهرت إحدى الدراسات وجود علاقة قويّة بين الفئة العمرية والتعليم من جهة واختيار النساء للمتاجر من جهة أخرى، خصوصًا فيما يتعلق بالملابس النسائية، والمفارش، ومستحضرات التجميل، والملابس الرياضية النسائية. تمتلك شركة (DeBeers Limited) ثمانين في المائة من سوق الألماس المستعمل في دبل الخطوبة، وقد استعانت بالعوامل الديموغرافية لتطوير برنامجها الترويجي، إذ تتكون الفئة المستهدفة من الرجال العازبين والنساء العازبات الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًأ. كذلك يميل أصحاب مستويات الدخل المتباينة إلى شراء منتجات مختلفة بمزايا مختلفة، وذلك يعني أن الدخل يمثل مُتغيرًا مهمًا في تعريف الفئة المستهدفة. على سبيل المثال، تستهدف العديد من متاجر الملابس أصحاب الدخل المرتفع، بينما تستهدف متاجر أخرى، مثل كيه مارت ذوي الدخل المنخفض والمتوسط. العوامل الخارجية تؤثر العوامل الخارجية على سلوك المستهلك في حل المشكلات، ومن هذه العوامل: الثقافة، والطبقة الاجتماعية والمجموعة المرجعية. الثقافة الثقافة هي الإرث المشترك بين مجموعة كبيرة من الناس. على سبيل المثال، تُعد الثقافة الأمريكية جزءًا من الثقافة الغربية وهي تستند إلى قيم أساسية تشمل العمل الجاد، وتوفير المال، والبحث عن الأمن، وما شابه ذلك. لذلك يجب على استراتيجيات التسويق التي تستهدف أصحاب هذا الإرث الثقافي أن تعزز هذه القيم من خلال منتجاتها وخدماتها. وتتكون الثقافة من ثلاثة أجزاء مختلفة وهي المعتقدات، والقيم، والتقاليد. وتمثل المعتقدات معرفة الشخص ورؤيته تجاه شيء معيّن، أما القيم فهي عبارات عامة توجه السلوك وتؤثر على المعتقدات، ويتلخص دور نظام القيم في مساعدة الشخص على الاختيار بين البدائل المختلفة في حياته اليومية. وأما التقاليد فهي عبارة عن أنماط سلوكية مقبولة ثقافيًا في أوضاع معيّنة. على سبيل المثال، يُعد اصطحاب الأم للعشاء وشراء الهدايا في يوم الأم تقليدًا أمريكيًا، وهو يحظى بتأييد واهتمام شركة هولمارك وغيرها من شركات بطاقات المعايدة. كذلك يمكن تقسيم الثقافة الأمريكية وقيمها إلى وحدات ثقافية فرعية مختلفة. على سبيل المثال، تمثل الثقافة الأفريقية - الأمريكية جزءًا أساسيًا من الثقافة الأمريكية في معظم مدن الولايات المتحدة، ويمكن القول إن الإرث العرقي للمستهلكين يؤثر على تعاطيهم مع وسائل الإعلام، بالإضافة إلى جوانب أخرى من عملية اتخاذ قرار الشراء. الطبقة الاجتماعية تُحدد الطبقة الاجتماعية بعدد من العوامل مثل الوظيفة والثروة والدخل والتعليم والسلطة والاحترام، وهي تمثل عاملًا اجتماعيًا من شأنه التأثير على سلوك المستهلكين. ويتألّف النظام الاجتماعي من كلٍّ من: الطبقة الغنية العليا، والطبقة الغنية الدنيا، والطبقة الوسطى العليا، والطبقة الوسطى الدنيا، والطبقة الفقيرة العليا، والطبقة الفقيرة الدنيا. وتمثل الطبقتان الوسطى الدنيا، والفقيرة العليا الجزء الأكبر من السوق. تتألف الطبقة الغنية العليا، والطبقة الغنية الدنيا من العائلات الثرية المعروفة، والتي تميل إلى العيش في منازل كبيرة يكون فيها الأثاث عبارة عن تُحف فنية وقطع أثرية. وتُعد هذه الطبقة السوق الأساسي للمجوهرات النادرة، والتصاميم الأصلية، كما أنها تميل للتسوق في متاجر خاصة. أما الطبقة الوسطى العليا فهي تتكون من المهنيين، والإداريين، وأصحاب الأعمال. ويحمل الأفراد في هذه الطبقة طموحات كبيرة نحو المستقبل، فقد نجحوا اقتصاديًا، وباتوا يتطلعون إلى تحسين جودة الحياة، لذلك تكون المنتجات المادية ذات معنى كبير لأفراد هذه الطبقة. ويتميز أفراد هذه الطبقة بالوعي بالقضايا المدنية، والمساهمة المجتمعية. وأما الطبقة الوسطى الدنيا فهي تضم صغار الموظفين، مثل موظفي المكاتب، والمدرسين، وأصحاب المصالح التجارية الصغيرة، وغيرهم ممن يحملون القيم الأمريكية بقوة. ويتميز الأفراد في هذه الطبقة بالعمل الجاد، والتركيز على الأسرة. وأما الطبقة الفقيرة العليا فهي تتألف من العمال في خطوط الإنتاج، والمصالح الخدماتية الأخرى. قد يحظى العديد من أفراد هذه الطبقة بدخل يتجاوز دخل الأفراد في الطبقة الوسطى الدنيا، ولكنهم يحملون قيمًا مختلفة تمامًا، فهم يميلون إلى فلسفة التركيز على الحاضر، ولا يتطلعون كثيرًا إلى المستقبل كما هو حال الأفراد في الطبقة المتوسطة. وأما الطبقة الفقيرة الدنيا فهي تتكون من العمال غير المهرة الذين يحظون بدخل منخفض، ويركز الأفراد في هذه الطبقة على الأساسيات، أكثر من الكماليات أو المكانة الاجتماعية. يميل الأفراد في ذات الطبقة الاجتماعية إلى تبني آراء متماثلة، والعيش في أحياء سكنية متشابهة، كما أنهم يرتدون ذات الملابس ويتسوقون من ذات المتاجر تقريبًا. وإذا كان المسوّق يرغب بتوجيه جهوده التسويقية إلى الطبقات الغنية، فيجب عليه تصميم العرض التسويقي على نحو يلبي توقعات هذه الطبقة من ناحية الجودة، والخدمات، والجو العام. على سبيل المثال، يفضل أفراد الطبقتين الغنية والمتوسطة الترفيه عن أنفسهم بحضور الحفلات الموسيقية، بينما يفضل أفراد الطبقات الفقيرة أنشطة أخرى، مثل الصيد، ولعب البولينج، والبلياردو، ومشاهدة الأفلام في سينما السيارات. المجموعات المرجعية هل تساءلت يومًا لماذا استعانت شركة بيبسي بلاعب كرة السلة المحترف شاكيل أونيل في إعلاناتها سابقًا؟ إن سوق المراهقين يستهلك قدرًا كبيرًا من المشروبات الغازية، لذلك بذلت شركة بيبسي جهودًا كبيرة للحصول على حصة الأسد من هذا السوق، وقد شعرت أن شاكيل كان يعبّر عن روح المراهقين في ذلك الوقت. تروّج شركة بيبسي لنفسها بأنها "مشروب الجيل الجديد" وشاكيل كان يمثل قدوة للكثير من الشباب في ذلك الجيل. لذلك يمكن القول إن بيبسي قد وظفت هنا مفهوم "المجموعات المرجعية". تساعد المجموعات المرجعية، سواءً كانت رسمية أم غير رسمية، على صياغة آراء الفرد وسلوكياته. ويمكن لدُورِ العبادة، والنوادي، والمدارس، والشخصيات البارزة، والأصدقاء، أن تمثل مجموعات مرجعية للمستهلكين. وتتميز المجموعة المرجعية بوجود أفراد يمكن وصفهم بأنهم "قادة الرأي" في المجموعة وهم يؤثرون على آراء الآخرين ويوجهون سلوكهم. هؤلاء الأفراد ليسوا بالضرورة أعلى دخلًا أو أفضل تعليمًا، لكن يُنظر إليهم بأنهم يمتلكون خبرة أو دراية أكبر في موضوع معيّن. على سبيل المثال، قد يساعد مدرس في المدرسة الثانوية على توجيه آراء الآباء ويساعدهم على اختيار الكليات أو الجامعات الملائمة لأبنائهم. باختصار، يساعد قادة الرأي على رسم المسارات السلوكية لبقية الأفراد في المجموعة المرجعية. لذلك إذا استطاع المسوّق التعرّف على هؤلاء الأشخاص، فإنه يستطيع تركيز الجهود التسويقية عليهم. على سبيل المثال، إذا أراد متجر آيس كريم استقطاب طلاب مدرسة ثانوية محلية، فقد يلعب قادة الرأي في هذه المدرسة دورًا مهمًا في نجاح جهود المتجر التسويقية. ويمكن للمجموعة المرجعية التأثير على الأفراد بعدّة طرق: الدور المتوقع: إن الدور الذي يشغله الفرد ليس في الحقيقة سوى طريقة محددة للسلوك، والمجموعة المرجعية التي ينتمي إليها أحدنا "سلوكيًّا" تُحدد كيفية التصرّف والاختيار في الكثير من التفاصيل. على سبيل المثال، أنت باعتبارك طالبًا يُتوقع منك التصرف بطريقة محددة في ظروف معيّنة. الامتثال: ويعني الامتثال أن نغير سلوكياتنا لتتلاءم مع تقاليد المجموعة، وأما التقاليد فهي قواعد يُنظر إليها على أنها قواعد سلوكية ملائمة. التواصل الجماعي عبر قادة الرأي: نحن المستهلكون نسعى دومًا للحصول على النصائح من الأصدقاء أو الأقارب الذين قد يكونون أكثر دراية منا، وبالتالي يستطيعون مساعدتنا على اتخاذ القرار. وتتميز بعض فئات المنتجات بوجود قادة رأي مهنيين بخصوصها، مثل الميكانيكيين، وخبراء التجميل، وسماسرة البورصة، والأطباء. الأسرة تُعد الأسرة واحدةً من أهم المجموعات المرجعية لكل فرد، وهي تؤثر بصورة كبيرة على مواقفه وسلوكه. إن التفاعل بين الرجل وزوجته، بالإضافة إلى عدد الأطفال في الأسرة وأعمارهم، يترك تأثيرًا كبيرًا بلا شك على سلوك المستهلك. وحتى نفهم مدى تأثير الأسرة على سلوك المستهلك، يجب في البداية تحديد صاحب القرار في عملية الشراء في هذه الخلية الاجتماعية الصغيرة. ففي بعض الحالات، يكون الزوج هو صاحب القرار، بينما يرجع القرار في حالات أخرى إلى الزوجة والأطفال، وأحيانًا يكون القرار مشتركًا. على سبيل المثال، تقع مسؤولية اختيار متجر الطعام والأدوات المنزلية على عاتق الزوجة عادةً، أما عمليات الشراء التي تتضمن إنفاق قدر كبير من المال، مثل شراء ثلاجة، فالقرار مشترك في العادة، وأما قرار شراء ملابس للمراهقين فيتأثر بدرجة كبيرة بالمراهقين أنفسهم. وبالتالي، يجب على المسوّق تحديد صاحب القرار في شراء المنتج أو الخدمة. كذلك يجب على المسوّق فهم دورة حياة العائلة؛ وذلك لتأثيرها الكبير على سلوكها الاستهلاكي، فمعظم العائلات تمر عبر سلسلة مرتبة من المراحل، والتي تتأثر بمزيج من العوامل مثل السن، والحالة الاجتماعية، ووجود الأطفال. ويمكن تلخيص هذه المراحل على النحو التالي: مرحلة الشباب والعزوبية. زوجان شابان متزوجان حديثًا، ولا أطفال لديهما. مرحلة عش الزوجية الممتلئ الأولى والثانية، زوجان شابان وأطفال يعتمدون على ذويهم: أصغر الأطفال دون السادسة (المرحلة الأولى) أصغر الأطفال فوق السادسة (المرحلة الثانية) مرحلة عش الزوجية الممتلئ الثالثة، زوجان كبيران في السن وأطفال يعتمدون على ذويهم. مرحلة عش الزوجية الفارغ الأولى والثانية، زوجان كبيران في السن، ولا أطفال يعيشون معهم: أحد الزوجين أو كلاهما ما زال يعمل (المرحلة الأولى) الزوجان متقاعدان (المرحلة الثانية) زوج كبير في السن ووحيد: ما زال يعمل. متقاعد. تتسم كل مرحلة من هذه المراحل بسلوكيات شرائية مختلفة. على سبيل المثال، تركز شركات ملابس الأطفال على الأسر في مرحلة عش الزوجية الممتلئ الأولى، وبالتالي نستطيع القول إن دورة حياة العائلة تساعد في تعريف الزبائن المستهدفين. العوامل الداخلية يمثل كل مستهلك بحد ذاته وحدة مستقلة فريدة من نوعها، ورغم إمكانية جمع المستهلكين في شرائح مشتركة لتسهيل التعامل معهم، إلا أنه يجب على المسوّق أن يأخذ في الحسبان العوامل الداخلية التي قد تؤثر على سلوكهم، وهي التعلّم والتفاعل مع المجتمع، والدوافع، والشخصية، ونمط الحياة. التعلم والتفاعل مع المجتمع يمكن تعريف التعلّم بأنه التغيرات السلوكية الناتجة عن التجارب السابقة. مع ذلك، لا يتضمن التعلّم التغيرات السلوكية الناتجة عن النمو، أو ردود الفعل الغريزية، أو حتى الحالات المؤقتة التي تطرأ على الفرد، مثل الجوع والإعياء والنوم. ومن الواضح أن التعلّم عملية مستمرة ومتغيّرة. كذلك قد يكون التعلّم عبارة عن تجربة وممارسة تؤدي إلى تغيرات في سلوك الفرد. على سبيل المثال، إذا أردت تعلّم التنس، فقد تشارك في اللعب لتحصل على الخبرة، وتتعرّف على قواعد اللعب ومهاراته وهكذا، ولكن التجربة قد لا تكون بدنية بالضرورة، فقد تتعلّم لعب التنس عن طريق قراءة كتاب حول كيفية اللعب دون أن تمارس اللعب على أرض الواقع، وتُسمى هذه الحالة بالتعلّم غير التجريبي. يُعد التعلّم غير التجريبي شائعًا على وجه خاص في سلوك المستهلكين، فقد ترغب مثلًا بشراء زجاجة من العصير، ثم تسأل البائع عن طعمها، فيخبرك أن طعمها يشبه طعم الزنجبيل، ولأنك لا تحب الزنجبيل، فتمتنع على إثر ذلك عن إتمام عملية الشراء، وبالتالي تعلّمت أنك لا تحب هذا النوع من العصير دون أن تتذوقه مباشرة. ويمكن القول إن قدرًا كبيرًا من التعلّم لدينا هو من هذا القبيل، وهو أحد الأسباب التي تدفع المسوّقين إلى البحث عن "قادة الرأي" في السوق، والذين يخبرون الآخرين حول مزايا المنتجات وعيوبها. كذلك من سمات التعلّم أن التغيرات قد تكون فورية أو مؤجلة، أي أن عدم رؤية دليل فوري على التعلّم لا يعني أنه لم يحدث، فنحن نستطيع تخزين التعلّم إلى حين الحاجة إليه. على سبيل المثال، نحن على استعداد للتعلّم حول مزايا العديد من المنتجات رغم أننا لا نتوقع شراءها في المستقبل القريب. ويمكن القول إن عملية التعلّم تحدث بمرور الوقت مع استيعاب المستهلك للمعلومات الجديدة. وفي الحقيقة هناك العديد من النظريات حول التعلّم، ومن أبرزها نظرية التنشئة الاجتماعية، التي تشير إلى المعارف والمهارات والرغبات التي يكتسبها الفرد وتؤثر على تفاعله مع المجتمع. وتسلّط نظرية التنشئة الاجتماعية الضوء على مصادر التأثير، أو العوامل الاجتماعية التي تنقل الأنماط الإدراكية والسلوكية إلى المتعلم. وفي حالة المستهلك، تقع هذه العملية من خلال تفاعل الفرد مع الآخرين في أوضاع اجتماعية متعددة، علمًا أن مصادر التأثير تشمل أي شخص أو شركة أو مصدر معلومات يتفاعل مع المستهلك. ويحصل المستهلكون على المعلومات من الآخرين إما عبر المحاكاة، أو التعليم المُعزز، أو التفاعل الاجتماعي. وتتضمن المحاكاة تقليد المستهلك للأشخاص المُؤثِّرين. على سبيل المثال، قد يصبح مراهق أكثر ميلًا لشراء الملابس من (Izod) بسبب رغبته في تقليد أصدقائه. ويستطيع المسوقون استغلال هذا المفهوم من خلال الاستعانة بمتحدثين يحظون بمصداقية كبيرة لدى المستهلكين المستهدفين، تمامًا كما فعلت شركة (Jell-O) عندما استعانت بالممثل الأمريكي الشهير بيل كوسبي. أما التعليم المعزز فيتضمن استعمال أسلوب الثواب والعقاب. على سبيل المثال، يمكن تعزيز الزبون وجذبه للعلامة التجارية من خلال الأداء الجيّد للمنتج، أو من خلال تقديم خدمات ممتازة بعد الشراء، أو غير ذلك من التجارب الإيجابية. وأما التفاعل الاجتماعي فقد يكون مزيجًا من المحاكاة والتعليم المعزز. أخيرًا، تجدر الإشارة إلى أنه يمكن تعريف الوضع الاجتماعي الذي تحدث فيه عملية التعلّم من خلال عدد من العوامل المتغيرة، مثل الطبقة الاجتماعية، والجنس، وحجم الأسرة. ويمكن لهذه العوامل أن تؤثر على عملية التعلّم، وذلك بفعل تأثيرها القوي على طبيعة العلاقة بين المستهلك والآخرين. كذلك تجدر الإشارة إلى أن الفرد الذي يعلّم الآخرين قد يكون أي شخص، فقد يكون والدًا، أو صديقًا، أو رجل مبيعات، أو مذيعًا في التلفاز. الدوافع في الحقيقة، يصعب تعريف الدوافع والتعامل معها في بحوث التسويق، وذلك بسبب محدودية تطبيقاتها العملية. وبشكل أساسي، يتركز البحث في الدوافع على دوافع التعامل، والتي ترتبط عادةً بالأسباب التي تدفع المستهلك للتسوق من متجر بعينه. ويمكن على سبيل المثال تقسيم دوافع المستهلكين إلى جاذبية السعر، وسهولة الاستخدام، وجودة الخدمة، إلى جانب العديد من الدوافع الأخرى. إن الدافع هو الحافز أو المحرّك الداخلي الذي يدفع المستهلك إلى إشباع حاجة معيّنة. ويمكن القول إن الدوافع ترتبط بوجود الأهداف، علمًا أن الأهداف قد تكون إيجابية أو سلبية، وقد تكون عالية أو منخفضة، ولكن في جميع الأحوال، يجب أن تصل الحاجة إلى مستوىً كافٍ من الإلحاح حتى تُعد دافعًا. وفي بعض الأحيان قد تكون الحاجات كامنة (غير محفزة) وبالتالي لا تمثل دافعًا للسلوك لدى المستهلك، وقد تكون مصادر المحفزات داخلية (مثل الشعور بالجوع) أو ظرفية (مثل مشاهدة إعلان لساندويش بيغ ماك) أو نفسية (إذ أن مجرد التفكير في الطعام قد يسبب الشعور بالجوع). وحتى يستفيد المسوّق من الدوافع في ممارسة التسويق، فيجب عليه أن يفهم كيف تؤثر على عملية اتخاذ القرار لدى المستهلك. تنشأ الدوافع من حاجات غير مشبعة، كما هو الحال في جميع مشاكل المستهلكين. ولعل أشهر نظرية تتعلق بدوافع الأفراد هي سلم ماسلو للحاجات، والتي تقسم حاجات البشر إلى خمس مستويات مختلفة. ويتضمن المستوى الأول الحاجات الجسدية أو الفسيولوجية، مثل الجوع، والعطش وغيرها من الدوافع الاساسية. وتتسم هذه الحاجات بأنها متكررة وعامة في جميع المخلوقات. أما المستوى الثاني في سلم ماسلو فهو حاجات الأمان. ويتسم الفارق بين الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمان بالضبابية وعدم الوضوح، إذ أن حاجات الأمان تتضمن استمرار إشباع الحاجات الفسيولوجية، وبالتالي يمكن وصفها بأنها امتداد للحاجات الأساسية. وأما المستوى الثالث في سلم الحاجات فهو حاجات الحب والصداقة والانتماء، وهي تتضمن تفاعل الفرد مع الآخرين. وأما المستوى الرابع فهو حاجات التقدير، وهي حاجات تتعلق بالرضا عن الذات، والتمتع بصورة إيجابية أمام الآخرين. وأما المستوى الخامس والأخير فهو الحاجة إلى تحقيق الذات من خلال قدرة الفرد على استخدام كامل قدراته، وتسخيرها في خدمة محيطه. من المهم عند مناقشة سلم ماسلو للحاجات الإشارة إلى عاملين إضافيين. العامل الأول هو أن ماسلو قد أشار بوضوح إلى أن هذه المستويات الخمسة من الحاجات تجري في اللاوعي، بمعنى أن الفرد قد لا يكون واعيًا لحاجاته. أما العامل الثاني فهو يتعلق بسوء الفهم الذي يصاحب نظرية ماسلو عادةً، وهو أن الحاجات الخمس منفصلة عن بعضها، والحقيقة خلاف ذلك، فقد تظهر العديد من هذه الحاجات لدى الفرد في وقت متزامن، في حين أن كل فرد قد يحدد سلم الحاجات الخاص به تبعًا لأهمية كل حاجة بالنسبة إليه. وعند محاولة تطبيق سلم ماسلو في تجزئة السوق، قد يتمكن مدير التسويق من العثور على بعض الشرائح التسويقية التي تجمعها حاجات مشتركة. على سبيل المثال، قد يسعى مسوّق إلى تصميم برنامج ترويجي خاص بمستحضرات التجميل من خلال استهداف شريحة تسويقية لديها حاجةً قوية لتقدير الذات. كذلك قد يركز المسوّق على الحاجات ذات الترتيب المرتفع في سلم ماسلو حتى في السلع الأساسية. الشخصية يُستعمل مصطلح الشخصية لتلخيص جميع السمات التي تجعل الشخص مميزًا عن غيره. على الرغم من أنه لا يوجد شخصان يحملان ذات السمات، إلا أنه قد أُجريت العديد من المحاولات لتصنيف الأشخاص الذين يحملون سماتٍ متشابهة. ولعل أبرز محاولة لتصنيف الشخصيات كانت محاولة كارل يونغ، والذي صنف الشخصيات إلى صِنفين رئيسيين هما: الشخصية الانطوائية و الشخصية المنفتحة. ويمكن وصف الشخصية الانطوائية بأنها شخصية دفاعية، تركز على النفس، وتميل إلى العزلة عن الأخرين، أما الشخصية المنفتحة فهي شخصية منبسطة تتسم بالحزم، وتميل إلى التوجه نحو الآخرين. كذلك ظهرت العديد من التصنيفات الأخرى المفصلة. يتفاعل أصحاب الشخصيات المختلفة بطرق مختلفة مع العروض التسويقية. على سبيل المثال، قد يستمتع الشخص المنفتح بالتسوّق ويعتمد على الملاحظة الشخصية للحصول على المعلومات، وبالتالي فالترويج في داخل المتجر في هذه الحالة قد يكون أداة تواصل مهمة. إن معرفة السمات الشخصية الأساسية للزبائن المستهدفين قد تكون مفيدة في تصميم المزيج التسويقي، مع ذلك، وجد المسوقون أنه من الصعب استغلال مفهوم الشخصية في بناء استراتيجية التسويق، والسبب الرئيس في ذلك هو عدم توفر أساليب جيّدة لقياس السمات الشخصية بدقة، كما أن معظم أساليب الدراسة النفسية المتوفرة قد صُممت أصلًا للتعرّف على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية وبحاجة إلى رعاية صحيّة، وبالتالي لجأ معظم المسوقين بدلًا من الشخصية إلى تحليل نمط الحياة. نمط الحياة يُعد نمط الحياة واحدًا من أحدث وأهم المعايير المستعملة في فهم سلوك المستهلكين، ويمكن تعريفه بأنه توجهات الزبون المحتمل واهتماماته وآراؤه. إن اهتمام الزبون بالصيد، وموقفه من دور النساء في المجتمع، ورأيه حول أهمية ارتداء الملابس الأنيقة، جميعها عوامل تساعد على فهم سلوك المستهلك في السوق بصورة أفضل. تنطوي دراسة أنماط الحياة على جوانب عديدة، وهو ما يجعلها مفيدة للغاية في تحليل سلوك المستهلكين. وفي هذا السياق، يقول الباحث البارز في أنماط الحياة جوزيف بلامر: "أنماط الحياة تجمع بين السمات الديموغرافية الكثيرة، والصفات الشخصية ذات الأبعاد المتعددة… وهي تُستعمل في تجزئة السوق بسبب قدرتها على تكوين رؤية شاملة لشخصية المستهلك وحياته اليومية، وليس مجرد معلومات معزولة ومتناثرة." تُعد اتجاهات التسوّق لدى المستهلكين من التطبيقات المفيدة لمفهوم نمط الحياة، فالزبائن المختلفون يتعاملون مع التسوّق بأساليب متباينة، وذلك لأنهم يحملون مواقف وآراء مختلفة حوله، بالإضافة إلى اختلاف مستوى الاهتمام بالتسوّق أصلًا. والسؤال الآن كيف يقيّم الزبائن البدائل المختلفة ويختارون من بينها؟ أو بالأخص، كيف يختار الزبائن بين العلامات التجارية المختلفة لذات المنتج؟ تركز الإجابة عن هذا السؤال على دور توجّهات المستهلك، والتي تعبّر عن رأي المستهلك تجاه شخص أو فكرة أو مكان أو شيء. وتتراوح التوجّهات في شدتها بين سلبية للغاية إلى إيجابية للغاية. وتنقسم التوجهات عادةً إلى ثلاثة مكونات أساسية وهي: الجانب الإدراكي، والجانب التأثيري، والجانب السلوكي. في البداية يتشكل توجه الزبون ونظرته تجاه شيء معيّن بناءً على ما يعرفه أو يعتقده، بعد ذلك يتحول هذا التوجه إلى شعور، ثم إلى سلوك أو إجراء. وللتوضيح، لنفترض أننا علمنا أن شركة معينة تلوث نهرًا في المنطقة، حينها سوف نشعر بالغضب الشديد، ثم نقاطع منتجات تلك الشركة. يستند جزء كبير من استراتيجية التسويق إلى فكرة أن النواحي الإدراكية والتأثيرية والسلوكية في توجّهات المستهلكين تميل إلى التناغم معًا، وبالتالي إذا كان من الممكن تغيير ما يعتقده الزبائن حول منتج معيّن، فسوف يصبح بالإمكان أيضًا تغيير مشاعرهم وقراراتهم بخصوص شراء ذلك المُنتج. وتساعد التوجّهات على التنبؤ بسلوك الزبائن خصوصًا فيما يتعلق بالقرارات ذات الأهمية الكبيرة. على سبيل المثال، إذا كان الزبون يحمل توجهًا قويًا لارتداء الملابس العصرية، فيمكن حينها التنبؤ بأن هذا الشخص سوف يقتصر في شراء ملابسه على علامات تجارية معيّنة. مع ذلك، فإن تفاعل الزبائن مع المنتجات لا يحدث بمعزل عن الوضع الاجتماعي، الذي يلعب دورًا مهمًا في قدرة التوجّهات على توقع سلوك المستهلك. لنفترض على سبيل المثال أن مستهلكًا يحب تناول البيتزا، ولكنه لا يفضل (Pizza Inn). مع ذلك، إذا وُضع هذا المستهلك في وضع اجتماعي معيّن فقد يتغير سلوكه، ولنقل أن جميع أصدقائه يريدون الذهاب إلى (Pizza Inn)، حينها قد يذهب معهم لتناول البيتزا من هذا المطعم، بدلًا من عدم تناول البيتزا على الإطلاق. ورغم محدودية قدرة التوجّهات على التنبؤ بسلوك المستهلكين، إلا أنها ما زالت أداة مساعدة على فهم اختياراتهم. مع ذلك، يجب أن ندرس بعناية العلاقة بين التوجّهات والسلوك لكل منتج ولكل وضع اجتماعي على حدة. وفي ظل الفرضيات حول تأثير التوجّهات على سلوك المستهلكين، كيف يمكن للشركة أن توائم بين منتجاتها وتوجّهات المستهلكين على نحو يُشعر المستهلكين بأن منتجات الشركة تشبع حاجاتهم؟ في هذه الحالة يوجد أمام المسوقين خياران: إما أن يغيروا توجّهات المستهلكين لتصبح متلائمة مع المنتج، أو أن يغيروا المنتج ليصبح متوافقًا مع توجّهات المستهلكين. إن تغيير المنتج أسهل بالطبع من تغيير مواقف المستهلكين، ولكن ذلك لا يعني استحالة تغييرها، فقد يكون تغيير توجّهات المستهلكين في بعض الأحيان هو الخيار المنطقي الوحيد، وخصوصًا عندما تطرح الشركة منتجًا جديدًا كليًا، أو استخدامًا جديدًا وغير معتاد لمنتج موجود. مع ذلك، يجب أن يدرك المسوقون أن تغيير توجّهات المستهلكين أمرٌ في غاية الصعوبة، ولكنه يصبح أمرًا واردًا عندما يحمل الزبائن عقلية منفتحة، أو عندما تكون تلك التوجّهات ضعيفة، ولا تحمل أبعادًا شخصيّة. على سبيل المثال، كلما ازداد ولاء الزبون لعلامة تجارية معيّنة، أصبح تغيير توجّهاته تجاه تِلك العلامة أكثر صعوبة. اجذب عملاء مستهدفين وحقق أهدافك التسويقية استعن بأفضل خدمات وحلول التسويق الرقمي من خمسات وحقق مبيعات استثنائية اطلب خدمتك الآن ترجمة -وبتصرف- للفصل (Understanding buyer behavior من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: سلوك الشراء لدى الشركات المقال السابق: فهم سلوك المستهلكين النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
-
بعد استعراضنا لمفهوم السوق وكيفية التعامل معه وطريقة إجراء البحوث التسويقية في مقالاتنا السابقة سنكمل سلسلة مقالاتنا الفريدة عن أسس ومبادئ التسويق في بابها الرابع، والذي سنسلّط الضوء فيه على مبادئ فهم سلوك المستهلكين ونمط سلوكياتهم الشرائية. سنخوض جولتنا في مقالاتنا القادمة في آليات وطُرق فهم سلوك الأفراد والمستهلكين في السوق، وسنستعرض العوامل التي تؤثر في سلوك المستهلكين، كما سنتطرّق إلى مبادئ علم النفس والاجتماع وعلم النفس الاجتماعي التي تفسّر سلوك العميل، وسنوضّح أيضًا أوجه الاختلاف بين سلوك الزبائن في كلٍّ من الأسواق الصناعية وأسواق المستهلكين، وسنتعرّف في النهاية على كيفية اتخاذ الشركات للقرارات الشرائية. الاستثمار المبكر للتسويق من المهد إلى اللحد في تمام الساعة 13:58 من يوم الأربعاء الخامس من مايو شهد مستشفى سانت لوك بمدينة هيوستن الأمريكية ولادة مستهلك جديد، أو بالأحرى مستهلكة اسمها أليسا نيديل. وما إن توجهت أليسا الصغيرة إلى منزلها بعد ثلاثة أيام من ولادتها، حتى بدأت كبرى الشركات الأمريكية بملاحقتها بقسائم الخصومات، وعينات المنتجات المجانية. فقد سعت شركة بروكتر وغامبل ومن خلال حفائض بامبرز الشهيرة إلى الفوز بالمعركة على الصغيرة أليسا، أما شركة جونسون آند جونسون فقد عرضت عينة صغيرة من صابونها المخصص للأطفال، فيما بادرت شركة بريستول-مايرز سكويب إلى إرسال القليل من حليب الأطفال إنفاميل. تعيش أليسا وأقرانها تحت وطأة ثقافةٍ استهلاكيةٍ قويّة أكثر من أي جيل مضى، فهم محاطون بالعلامات والملصقات التجارية من لحظة ولادتهم تقريبًا. قد ترتدي أليسا في فترة رضاعتها حفاضات بامبرز، لكن بمجرد أن تبلغ 20 شهرًا فسوف تبدأ بالتعرّف على آلاف العلامات التجارية التي تلوح أمامها في كل يوم. وبعمر السابعة، سوف تشاهد أليسا حوالي 20,000 إعلان تلفزيوني سنويًا. وبحلول سن الثانية عشر سوف تدخل أليسا إلى قواعد البيانات لدى العديد من المسوقين. إن أليسا ليست سوى مثال لأكثر من 30 مليون مولود في الولايات المتحدة منذ عام 1990، وهو أكبر عدد من المواليد منذ طفرة المواليد في الولايات المتحدة بين عاميّ 1946 و1964. أضف إلى هذا العدد الهائل القوة الشرائية المتزايدة لدى هؤلاء الأطفال، فقد باتوا يتخذون قرارات شرائية كانت في الماضي من تخصص الأمهات. وبفضل المصروف، والهدايا، من المتوقع أن ينفق الأطفال بسن الرابعة عشر أو أقل حوالي 20 مليار دولار هذا العام، كما أنهم سوف يمتلكون تأثيرًا مباشرًا على مُستهلكات أخرى بقيمة 200 مليار دولار إضافية. ولذلك لا عجب أنهم أصبحوا هدفًا تسويقيًا للعديد من الشركات. لطالما تجاهل المسوقون الأطفال، ولكنهم باتوا الآن يسعون وراءهم بصورة ممنهجة حتى لو كانوا بحاجة إلى سنوات عديدة قبل أن يتمكنوا من شراء المنتجات بأنفسهم. وتقول جولي هالبين المدير العام لقسم الأطفال في شركة ( Saatchi & Saatchi Advertising) المتخصصة في الإعلانات "قبل عشر سنوات كان الأمر يتعلق بالحبوب، والحلويات، والألعاب فقط، أما اليوم فالاستهلاك يشمل أيضًا الحواسيب، وخطوط الطيران، والفنادق، والبنوك. لقد باتت العديد من الشركات تستهدف هذه الشريحة التسويقية المهمة، في حين أنهم لم يكونوا يعيرونها اهتمامًا يُذكر في الماضي." أما الشركات التي كانت تستهدف الأطفال بالفعل، مثل مطاعم الوجبات السريعة وشركات الألعاب، فقد ضاعفت جهودها للوصول إلى الأطفال في سن أقل، وذلك لتعزيز ارتباطهم بالعلامة التجارية. وتمثل الأفلام، والقمصان، والدمى جزءًا من حملة ترويجية مكثفة تهدف إلى إقناع الأطفال بإنفاق أموالهم، ولكن الآثار المتراكمة لتعرّض الأطفال للثقافة الاستهلاكية في سن مبكرة قد تكون عميقة للغاية. لقد أصبحت العديد من مصادر الثقافة لدى الأطفال، مثل الكتب والأفلام والتلفاز، مجرد قنوات للترويج للمبيعات، وحتى الفصول الدراسية أصبحت تعجّ بالعلامات التجارية. وتعليقًا على ذلك، تقول الأخصائية النفسيّة ماري بايفر "بدلًا من تعليم الأطفال أن احترام الذات ينبع من هويتنا وما نؤمن به، تغرِس الثقافة التسويقية السائدة اليوم في نفوسهم شعورًا بأن احترام الذات هو شيء يمكن شراؤه من المتجر." ويتساءل البعض إن كان استهداف المسوقين لفئة الأطفال في حملاتهم مبكرًا للغاية، وإن كانت مبررات المسوقين أخلاقية أم لا. المستهلك…معيار النجاح الأهم كما أشرنا سابقًا، العديد من الآباء اليوم هم في الحقيقة من جيل طفرة المواليد الذي عمل المسوقون على تتبعه لأكثر من 40 عامًا. إن أهمية هذه الفئة لا تقتصر على حجمها الكبير، ولكنها ترجع إلى وجود العديد من القواسم المشتركة فيما بينها، مثل الفئة العمرية، والدخل، والصحة، وكذلك بعض المخاوف المشتركة، مثل إدخال الأبناء إلى الجامعة، والتقاعد، والمشاكل الصحية، أضف إلى كل ذلك السلوكيات المتشابهة، مثل التصويت للجمهوريين، وتناول الطعام في الخارج، وشراء أحذية المشي باهظة الثمن. مع ذلك، ما زال الأفراد في هذه الفئة يتمتعون بالاستقلالية في التفكير والسلوك. لذلك فإن التحدي الأكبر أمام المسوقين هو فهم الزبون بصفته شخصًا مستقلًا، وكذلك بصفته جزءًا من المجتمع. لذلك سنناقش في مقالاتنا القادمة العديد من سلوكيات الزبائن التي تهم المسوقين. التبادل وسلوك الزبائن لقد أشرنا في مقالات سابقة إلى أن العلاقة بين الزبون والبائع هي في الحقيقة علاقة تبادل تسمح للطرفين بتقدير الفوائد التي يرغبون بالحصول عليها لإشباع حاجاتهم ورغباتهم. ويستند تحليل هذه الفوائد بالنسبة للمسوّق إلى سياسات الشركة وأهدافها. على سبيل المثال، قد تمتنع الشركة عن إجراء أي تبادل يقل فيه هامش الربح عن 10%. في المقابل، يمتلك الزبائن سياسات وأهداف توجه سلوكهم، ولكنهم لا يكتبونها على الورق، بل إنهم حتى لا يفهمون في كثير من الأحيان الأسباب التي تدفعهم للتصرف بهذه الطريقة أو تلك. وهذا اللغز هو ما يجعل المسوقين عاجزين عن توقع عمليات التبادل أو فهم حاجات الزبائن بشكل دقيق. يُعد الزبائن جزءًا أساسيًا من عملية التبادل، وبدونهم لا وجود لها، فحاجاتهم ورغباتهم هي محور نجاح التسويق. وبدون فهم سلوك الزبائن لا يمكن أبدًا تخصيص العروض التسويقية لتلبي رغباتهم. وعندما لا يشعر الزبائن بالرضا، فسوف تنهار عملية التبادل برمّتها، ويعجز المسوّق عن تحقيق أهدافه. في الحقيقة، طالما أن الزبائن يمتلكون حرية الاختيار بين العروض التنافسية، فهم من يسيطر على السوق فعليًا. يُعرّف السوق بأنه مجموعة من المستهلكين المحتملين الذين يحملون حاجات ورغبات معيّنة، ويمتلكون القوة الشرائية لإشباعها. إن الزبائن المحتملين "يصوتون" (بأموالهم) للعرض التسويقي الذي يشعرون أنه يلبي حاجاتهم، وبالتالي يجب على المسوّق أن يفهم كيف يتخذ الزبائن قراراتهم حتى يكون قادرًا على بناء عرض تسويقي ناجح. وفي سبيل ذلك، يجب على المسوّق أن يجيب عن سؤالين مرتبطين بسلوك الزبائن وهما: كيف يتخذ الزبائن المحتملون قرارات الشراء؟ ما هي العوامل التي تؤثر على آلية اتخاذ القرار وكيف؟ إن الإجابة على هذين السؤالين تمثل حجر الأساس في اختيار الشريحة التسويقية المستهدفة، وكذلك تصميم العرض التسويقي المُناسب لها. عندما نستعمل مصطلح "زبون" فإننا نشير إلى فرد أو مجموعة أو شركة تُجري عمليات تبادل في السوق، ولكن هؤلاء الثلاثة يحملون سمات متباينة، ويجرون عمليات التبادل بطرق مختلفة. وبالتالي، يُصنف الأفراد والمجموعات عادةً تحت فئة المستهلكين، بينما تُوضع الشركات في تصنيف آخر، لذلك دعنا نبدأ بمناقشة اتخاذ القرار لدى فئة المستهلكين. سلوك الزبائن وحل المشكلات عندما نتحدث عن سلوك المستهلكين، فإننا نشير إلى الزبائن الذين يشترون المنتجات لاستخدامها بصفة شخصية، أو عائلية، أو جماعية. ويرتبط سلوك المستهلكين عادةً بحل مشكلة ناتجة عن وجود حاجة غير مشبعة، مثل نفاد الحليب من البيت، أو تآكل إطارات السيارة، أو التخطيط لنزهة. كل هذه الأمور تضع المستهلك أمام مشكلة يجب عليه حلها. وتنقسم الحاجات المسببة للمشكلات إلى: حاجات مادية (مثل الحاجة إلى الطعام) وحاجات نفسية (مثل الحاجة إلى التقدير والاحترام). ورغم أن الفارق قد يكون دقيقًا، لكن يجب علينا في بعض الأحيان التمييز بين الحاجات والرغبات، فالحاجة تتعلق عادةً بأمر أساسي، مثل الطعام، والماء، والهواء، والأمن، ونحو ذلك، أما الرغبة فهي تتعلق بالمعايير الشخصية حول كيفية إشباع الحاجة. على سبيل المثال، عندما نجوع تصبح لدينا رغبة لتناول نوع معيّن من الطعام، وبالتالي قد يقف فتىً مراهق أمام ثلاجة مليئة بأنواع الطعام، ولكنه يتذمر أمام والديه من عدم وجود شيء يتناوله! إن معظم التسويق يرتبط بإشباع الرغبات، وليس الحاجات، فشركة (Timex) لا تريدك أن تشتري أي ساعة، وإنما ساعة من نوع (Timex) حصرًا. وبالمثل، فإن شركة رالف لورين لا تريدك أن تشتري أي قميص، بل قميصًا من ماركة بولو. في المقابل، رابطة الحماية من مرض السرطان تريد منك إجراء فحص دوري، ولكنها لا تهتم بالطبيب الذي سوف تذهب إليه. باختصار، يتركز معظم التسويق على توليد وإشباع الرغبات. آلية اتخاذ القرار يوضح الشكل 10 آلية اتخاذ القرار لدى المستهلك، وستتناول سلسلة مقالاتنا في مقالات لاحقة كل خطوة من هذه الخطوات بشيء من التفصيل، علمًا أن الزبون المحتمل يستطيع أن ينسحب في أي مرحلة من هذه المراحل دون إكمال عملية الشراء. إن مرور المستهلك بالمراحل الستة الموضحة في الشكل أدناه يقتصر فقط على بعض الحالات، مثل شراء منتج لأول مرة، أو شراء منتجات مرتفعة الثمن وطويلة الأمد على فترات متباعدة، وهو ما يُعرف باتخاذ القرار المعقّد. ولكن بالنسبة إلى العديد من المنتجات، تُعد عملية الشراء أمرًا روتينيًا، إذ يشبع المستهلك حاجاته من خلال شراء ذات العلامة التجارية مرارًا وتكرارًا، أي أن التجارب السابقة تدفع المستهلك إلى الشراء مباشرةً، وتجاوز المرحلتين الثانية الثالثة، وهو ما يُعرف باتخاذ القرار البسيط. مع ذلك، إذا طرأ تغيّر جوهري على السعر أو المنتج أو توّفر المنتجات أو جودة الخدمات، فقد يُعيد الزبون عملية اتخاذ القرار من جديد ويدرس البدائل الأخرى. وسواءً كان القرار بسيطًا أم معقدًا، فالخطوة الأولى دومًا هي التعرّف على الحاجة. الشكل 10: عملية اتخاذ القرار. التعرف على الحاجة يعتمد توجهنا لحل مشكلة معيّنة على عاملين أساسيين وهما: حجم الهوّة بين ما لدينا وما نحتاجه. وأهمية المشكلة. قد يرغب زبون بشراء سيارة كاديلاك جديدة ولكنه يمتلك سيارة شيفروليت منذ خمس سنوات. قد يكون حجم الهوّة بين كلا السيارتين كبيرًا إلى حد ما، ولكن هذه المشكلة (هذا الفارق في الأداء) ليست مهمة بالنسبة إلى الزبون في مقابل المشاكل الأخرى التي تواجهه. في المقابل، قد يمتلك شخص آخر سيارة عمرها عامان فقط، وتعمل بصورة جيّدة، ولكنه لأسباب متعددة قد يقرر شراء سيارة جديدة في العام الحالي. ويجب على الزبائن إيجاد حل لهذه التناقضات قبل المضي قدمًا في عملية الشراء، وإلا فإنها سوف تتوقف عند هذه المرحلة. ويجب على الزبون تعريف المشكلة بمجرد ظهورها على نحو يتيح تقديم حلٍ ملائم لها. وتجدر الإشارة إلى أن ظهور المشكلة وتعريفها يحصلان بصورةٍ متزامنة في العديد من الحالات، كما هو الحال في مشكلة نفاد معجون الأسنان مثلًا، ولكن المشكلات قد تكون أكثر تعقيدًا، فقد تشعر مثلًا بعدم الرضا عن مظهرك الخارجي، ولكنك عاجز عن تقديم تعريف أكثر دقة للمشكلة، ولا تعرّف من أين تبدأ الحل، لذلك يجب تعريف المشكلة تعريفًا دقيقًا في البداية. يستطيع المسوقون التدخل في مرحلة التعرّف على الحاجة بثلاثة أساليب. أولًا، يستطيع المسوقون التعرّف على المشكلات التي تواجه الزبائن بهدف تطوير مزيج تسويقي يساعد المُستهلك على حلها. إن فتح المتاجر أمام المتسوقين في نهاية الأسبوع وساعات الليل يمثل حلًا لمشكلة عجز الزبائن عن التسوّق خلال ساعات النهار، وخصوصًا عندما يكون الزوجان عاملين. ثانيًا، يمكن للمسوقين أن يساهموا أحيانًا في توعية الزبائن بوجود المشكلة أو الحاجة، كما هو الحال في الإعلانات غير الربحية التي تتحدث عن مخاطر التدخين. أخيرًا، قد يساهم المسوقون في تعريف الحاجة أو المشكلة. على سبيل المثال، قد يرغب زبون بشراء معطف جديد، ولكن كيف يعرّف المشكلة؟ هل هو بحاجة إلى قطعة ملابس رخيصة لتغطي جسده فقط؟ أم أنه يحتاج إلى معطف يبقيه دافئًا في أيام البرد؟ أم يحتاج إلى معطف يدوم لسنوات طويلة؟ أم يحتاج إلى معطف ليس غريب المظهر؟ أم إلى معطف يعبّر عن شخصيته؟ جميع هذه الأسئلة قد يساهم إعلان ترويجي أو رجل المبيعات في توفير إجابات لها. البحث عن المعلومات واستيعابها بعد التعرّف على المشكلة، قد يبحث الزبون المحتمل عن معلومات لمساعدته على تقييم المنتجات والخدمات البديلة التي قد تشبع رغباته، وقد تأتي هذه المعلومات من العائلة أو الأصدقاء أو الملاحظة الشخصية، أو حتى مصادر أخرى، مثل تقييمات المستهلكين، ورجال المبيعات، ووسائل الإعلام. إن المكوّن الترويجي في العروض التسويقية يستهدف أصلًا تزويد الزبائن بالمعلومات التي قد تساعدهم على حل المشكلات التي تواجههم. وفي بعض الحالات، قد يمتلك المستهلك المعلومات التي يحتاج إليها بالفعل، وذلك استنادًا إلى تجارب الشراء السابقة، ولكن التجارب السيئة وعجز المنتج عن إشباع رغبات المستهلك قد يمنعه من تكرار شرائه. على سبيل المثال، إذا كان المستهلك بحاجة إلى إطارات لسيارته، فقد يبحث عن المعلومات اللازمة في الصحيفة المحلية، أو قد يطلب نصيحة من أصدقائه، أما إذا كان قد اشترى إطارات في وقت سابق وشعر بالرضا عنها، فقد يعود إلى شراء ذات المنتج من ذات التاجر. وقد يقود البحث عن المعلومات إلى التعرّف على حاجات جديدة، فقد يبحث الزبون عن معلومات لشراء إطارات للسيارة، ولكنه قد يقرر في أثناء بحثه أن الإطارات ليست المشكلة الحقيقية، وأنه بحاجة إلى سيارة جديدة. في هذه المرحلة، قد تقود الحاجة الجديدة إلى عملية بحث جديدة عن المعلومات. يتضمن البحث عن المعلومات إجراء أنشطة ذهنية وبدنية قبل اتخاذ القرارات، وذلك بهدف تحقيق الأهداف المرجوة من عملية الشراء. إن البحث عن المعلومات قد يتطلب وقتًا وجهدًا ومالًا، لكن فوائده تطغى على أي تكاليف أخرى. على سبيل المثال، قد يساهم البحث الجيّد عن المعلومات في توفير المال، وتحسين جودة الاختيار، وتقليل المخاطر. تحليل واستيعاب المعلومات ماذا يفعل الزبائن بالمعلومات عند البحث عنها؟ كيف يعثرون عليها، ويفهمونها، ويطبقونها؟ بمعنى آخر، كيف يعالجون هذه المعلومات؟ يُعد هذا الموضوع مهمًا لفهم سلوك الزبائن بصفة عامة، وكذلك كيفية التواصل الفعّال معهم بصفة خاصة، ولذلك حظي بقدر كبير من الاهتمام والدراسة. ولكن محاولة التعرف على آليات استيعاب المعلومات لدى الآخرين ليس أمرًا سهلًا، وفي الغالب تُستعمل الملاحظة لتحقيق هذه الغاية. ورغم أن هناك العديد من النظريات حول كيفية تحليل الزبائن للمعلومات، تفترض النظرية الأكثر قَبولًا أن عملية تحليل المعلومات واستيعابها تتكون من خمس خطوات: التحفيز: تبدأ عملية استيعاب المعلومات بتعرّض المستهلكين لبعض المحفزات، مثل مشاهدة التلفاز، أو زيارة السوبر ماركت، أو استلام إعلانات بالبريد. وحتى تبدأ عملية تحليل المعلومات لدى الزبائن، يجب على المسوّقين أن يجذبوا الزبائن إلى المحفزات، أو أن يضعوها في طريقهم. الانتباه: إن تعرّض المستهلكين للمحفزات لا يكفي، ما لم يكونوا منتبهين إليها. ففي الوقت الحالي، يتعرض المستهلكون لجميع أنواع المحفزات، ولكنهم لا يمتلكون سوى قدرة محدودة على استيعاب هذا القدر من المعلومات، لذلك يجب أن يركزوا في المحفزات حتى يستوعبوها. ويستطيع المسوقون أن يجذبوا انتباه الزبائن من خلال تقديم معلومات مثيرة ترتبط باهتماماتهم. الإدراك: يتضمن الإدراك تصنيف الإشارات الواردة، وربطها بأسماء أو صور معيّنة. ويمكن القول إن الإدراك هو عملية ربط المعاني بالمحفزات التي يتلقاها الزبون من خلال الحواس. (سوف نناقش جُزئيّة الإدراك بمزيد من التفاصيل في وقت لاحق.) التخزين: يُعد تخزين المعلومات للعودة إليها في وقت لاحق رابع الخطوات في عملية استيعاب المعلومات. وتلعب الذاكرة في هذه الخطوة دورًا مزدوجًا، فهي تخزن المعلومات من أجل استيعابها، وكذلك تُساعد على استعمالها في المستقبل. ويعتمد المسوقون على التكرار والموسيقى لتحسين قدرة الزبائن على تخزين المعلومات. الاسترجاع والتطبيق: يُطلق على عملية استعادة المعلومات من الذاكرة مصطلح الاسترجاع، بينما يُطلق على عملية وضع المعلومات في سياقها الصحيح مصطلح التطبيق. وإذا استطاع الزبون استرجاع المعلومات المتعلقة بمنتج أو علامة تجارية أو متجر، فسوف يكون قادرًا على استغلال هذه المعلومات لحل مشكلة أو إشباع رغبة. مع ذلك، قد تحدث بعض الاختلافات في آلية تنفيذ كل خطوة، وخصوصًا فيما يتعلق بمدى الخوض في التفاصيل، إذ يتضمن الاستيعاب المُفصّل، والذي يسمى أيضًا بالاستيعاب المركزي، التعاطي مع المعلومات بفعالية، وفي هذه الحالة، يُبدي الزبون انتباهًا شديدًا للرسالة التي يتلقاها ويفكّر فيها جيدًا، ثم يخرج باستنتاجات مؤيدة أو معارضة لها. في المقابل، يتضمن الاستيعاب غير المفصل، أو الاستيعاب الطرفي، التعاطي مع المعلومات بسلبية، ومن أمثلته تعاطي معظم المسافرين بشيءٍ من الاستهتار مع تعليمات السلامة الروتينية التي تقرأها مضيفات الطيران قبل الإقلاع. التسويق المتكامل حتى أصغر الأطفال هذه الأيام يجيد استخدام التكنولوجيا، ولا عجب في ذلك، فالحواسيب باتت منتشرة في المدارس الابتدائية، والجميع يلعبون ألعاب الحاسوب، ناهيك عن استعمال البرامج التعليمية. يقضي الأطفال الكثير من الوقت على الإنترنت، ليس في المدرسة فحسب، بل في منازلهم أيضًا، إذ يدخلون إلى الإنترنت بهدف الترفيه والتواصل فيما بينهم. طبقًا لإحصائيات جمعية (Pew Internet Project) فإن ما يُقرب من 93% من شريحة المُراهقين اللذين تتراوح أعمارهم بين 12-29 سنة يستخدمون الإنترنت في قضاء معظم حوائجهم، وخلال العقد الماضي كانت شريحة المراهقين والبالغين الصغار هي الشريحتين المسيطرين على معظم عمليات البحث عبر الإنترنت، على الرغم من تزايد شعبية الإنترنت بشكل كبير في كافة الأعمار خلال السنين الماضية. تقييم البدائل بعد العثور على المعلومات واستيعابها، يبدأ الزبون بدراسة المنتجات والخدمات والمتاجر البديلة الأخرى، ثم يتخذ القرار بناءً على استعداده النفسي والمالي. وتختلف معايير التقييم من مستهلك إلى آخر، وذلك باختلاف الحاجات ومصادر المعلومات، فقد يكون السعر هو العامل الأهم في التقييم لدى بعض المستهلكين، في المقابل، قد يركز مستهلكون آخرون على معيار الجودة. يتأثر البحث عن البدائل بعدد من العوامل، مثل: الوقت والتكلفة وحجم المعلومات المتوفرة لدى المستهلك، وحجم المخاطرة المحتملة عند اتخاذ القرار الخطأ، بالإضافة إلى ميول المستهلك المسبقة نحو اختيارات معيّنة. في الحقيقة، يجد بعض المستهلكين عملية الاختيار أمرًا صعبًا ومزعجًا، ولذلك يميلون إلى تقليل البدائل إلى الحد الأدنى، حتى دون البحث عن المعلومات الكافية للعثور على أفضل البدائل. في المقابل، يشعر آخرون بضرورة جمع قائمة طويلة من البدائل، ولكن ذلك من شأنه أن يُبطئ عملية اتخاذ القرار بدرجة كبيرة. اختيار المنتج/ الخدمة/ المتجر بعد اختيار أحد البدائل، يُضطر الزبون في كثير من الأحيان إلى إجراء المزيد من التقييم. على سبيل المثال، قد يختار المستهلك علامته التجارية المفضلة ويتوجه إلى المتجر لشرائها، ليُفاجأ عند الوصول بنفاد الكمية. في هذه المرحلة، يحتاج الزبون إلى إجراء المزيد من التقييم ليقرر إن كان سوف ينتظر إلى حين توفر المنتج الذي يرغب به، أم يقبل بمنتج بديل، أم يتوجه إلى متجر آخر. وتتسم مرحلتا التقييم والاختيار بالارتباط الوثيق، فقد يؤثر اختيار المتجر على تقييم المنتج، وقد يؤثر اختيار المنتج على تقييم المتجر. قرار الشراء بعد البحث والتقييم يصل المستهلكون إلى مرحلة اتخاذ القرار. إن أي خطوة يتخذها المسوقون لتبسيط عملية الشراء سوف تكون جذابة للزبائن بالتأكيد، فقد يقترح المسوقون في إعلاناتهم أفضل حجم، أو أفضل استخدام للمنتج، على سبيل المثال، قد يُرشد المسوقون الزبائن إلى أفضل عصير يمكن تناوله مع طعام معيّن. وأحيانًا، يلجأ المسوقون إلى دمج عدد من القرارات الشرائية وتسويقها حزمةً واحدة، كما تفعل وكالات السفر. في هذه المرحلة من عملية الشراء، يجب على البائع معرفة إجابة العديد من الأسئلة المتعلقة بسلوك المستهلكين. مثلًا، كم حجم الجهد الذي قد يبذله المستهلك لشراء المنتج؟ ما هي العوامل التي تؤثر على قرار الشراء؟ هل هناك أي معيقات تحول دون الشراء أو تؤخره؟ إن توفير المعلومات الأساسية حول المنتج، وسعره، وموقعه، من خلال الملصقات والإعلانات والعلاقات العامة يُعد نقطة انطلاق جيّدة، وبإمكان البائع أيضًا توفير حوافز إضافية، مثل تقديم عيّنات من المنتج، وقسائم شرائية، وخصومات. في الحقيقة، إن التعرّف على سلوك المستهلكين في عملية اتخاذ القرار يُعد أمرًا صعبًا، ويتطلب الكثير من البحث، ولذلك ظهرت أساليب بحثية جديدة لتقييم سلوك المستهلكين، كما هو موضح في اللمحة التالية. لمحة مفيدة…تابع المستهلك وشاهد ما يحدث من الواضح أن بحوث السوق التقليدية لم تعد تجدي نفعًا مع قاعدة المستهلكين التي تزداد تنوعًا في كل يوم. لقد استند المسوقون لعقود طويلة على استطلاعات الرأي المكتوبة، والاتصالات الهاتفية، ولكن هذه الاستطلاعات تتسم بالسطحية، ويقول لاري كيلي، رئيس شركة دوبلن جروب (Doblin Group) للتصميم والاستشارات "إن الاستطلاعات ليست سوى دراسات لقياس إن كان رضا الزبائن قد ازداد أو تراجع عن العام الماضي." وبالتالي كان لابدّ من وجود طريقة أفضل. لقد بدأ خبراء التسويق بالحديث عن مفهوم جديد يُطلقون عليه اسم "السرد القصصي". ويقوم هذا المفهوم على إجراء أبحاث تسويقية مكثّفة، وذلك بهدف الحصول على قصص واقعية من حياة الزبائن حول سلوكهم ومشاعرهم. قد يبدو هذا المفهوم الجديد قفزة إلى المجهول، ولكن بعض الشركات اكتشفت نجاعته بالفعل، واستطاعت الوصول إلى خدمات ومنتجات مميزة. فقد نجحت شركة كمبرلي-كلارك بفضل الأبحاث المعمقة حول سلوك المستهلكين في بناء سوق بقيمة 500 مليون دولار لحفاضات الأطفال. أما في شركة (Intuit) فقد استطاع المبرمجون بفضل قصص المستهلكين أن يُحدثوا ثورة في طريقة تعامل الناس مع أموالهم في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأما الإداريون في شركة Patagonia المتخصصة في صناعة الملابس فقد استطاعوا الحفاظ على منتجاتهم في الصدارة، وذلك بفضل القصص الحقيقية التي يرويها الزبائن عن حياتهم. ولا يقتصر هذا المفهوم الجديد على الحكايات المحملة بالعواطف، وإنما يبحث عن الدوافع الخفية في السلوك البشري. فكّر على سبيل المثال في آخر مرة التقت فيها عيناك بعيني فتاة جذابة. لابدّ أن سيلًا من من المشاعر المختلفة قد اعتراك، ولكن لا يستطيع أحد أن ينكر أن 80% من التواصل البشري في هذه اللحظة هو تواصل غير شفهي. يقضي مؤسس شركة Patagonia السيّد يون تشونيارد ستّة أشهر على الأقل من السنة وهو يختبر معدّات الشركة بنفسه في أقاصي الأرض، ولكنه لم يكتفِ بذلك، فقد وظّف عددًا من الزبائن حتى يخبروا الشركة بقصصهم. ويُطلق تشونيارد على هؤلاء الزبائن مصطلح "أكياس القذارة" وذلك لأنهم يقضون الكثير من الوقت في الخارج إلى درجة أن ذلك يظهر أسفل أظافرهم. تجمع Patagonia القصص من زبائنها وتستعملها أداةً للتسويق، إذ أن الشركة تصدر كل عامين كتالوجًا فريدًا من نوعه يضم منتجاتها، ولكن بدلًا من إنفاق ملايين الدولارات على تصوير عارضات وعارضي الأزياء، تعتمد الشركة على زبائنها الذين يلتقطون الصور وهم يرتدون ملابس الشركة في أغرب الأماكن حول العالم. إن قراءة هذه القصص المصورة حول مغامرات الزبائن يُعد أمرًا ممتعًا حقًا، ولكن دور هذه القصص لا يقتصر على ذلك، إذ إن تسليط الضوء على قصص الزبائن يثبت اهتمام الشركة بآرائهم وتجاربهم، ولذلك تراهم يراسلون الشركة باهتمام وحماس. بدوره يشير مدير الجودة في الشركة راندي هوارد "لقد استطعنا أن نثبت للزبائن أننا نتعامل مع ردودهم بجديّة، وأننا نستعملها لتحسين جودة منتجاتنا." سلوك ما بعد الشراء إن جميع العوامل السلوكية وخطوات الشراء حتى الآن تسبق الشراء أو ترافقه، ولكن مشاعر المستهلك وتقييمه للمنتج بعد الشراء تُعد أمرًا مهمًا أيضًا بالنسبة إلى المسوقين، فهي ترتبط بعودة المستهلك لشراء المنتج مرةً أخرى، وكذلك بما يخبره المستهلك للآخرين عن المنتج أو العلامة التجارية. إن التسويق بأكمله يدور حول سعادة الزبون، ولكن الزبائن يشعرون عادةً بالتوتر بعد جميع عمليات الشراء، ما عدا عمليات الشراء الروتينية غير المكلفة. وينتج هذا التوتر عن ظاهرة تُسمى التنافر المعرفي. ووفقًا لهذه النظرية، يسعى الأفراد للوصول إلى حالة من الاتساق بين المُدركات المختلفة، وهذه المدركات هي المعرفة، والاتجاهات والمعتقدات والقيم. في بعض الحالات، يتخذ الزبون قرار شراء مُنتج من علامة تجارية معيّنة وهو يعي بالفعل وجود تنافر بين هذه العناصر المختلفة. وفي حالات أخرى، يظهر التنافر بسبب اطلاع الزبون على معلومات مقلقة بعد الشراء. مع ذلك، يستطيع المسوّق اتخاذ بعض الخطوات للحد من قلق الزبون بعد الشراء، مثل الإعلانات التي تبرز المزايا الإيجابية للمنتج أو تؤكد شهرته وشيوعه. ولقد أثبتت الطمأنة الشخصية للعميل نجاعتها أيضًا، وخصوصًا مع المنتجات الكبيرة، مثل السيارات والأجهزة الكهربائية، إذ يلجأ رجال المبيعات إلى تقديم بطاقاتهم الشخصية، أو الاتصال بالزبون لطمأنته حول قرار الشراء. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Understanding buyer behavior) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: العوامل المؤثرة في سلوك المستهلكين المقال السابق: تنفيذ خطة البحث التسويقي النسخة العربيةمن كتاب مدخل إلى التسويق
-
إن حجم الاهتمام الكبير الذي أوليناه في الأقسام السابقة لتصميم خطة البحث قد يترك انطباعًا بأن العمل على البحث ينتهي تقريبًا بمجرد الانتهاء من تصميمه. والحقيقة أن تنفيذ البحث ليس سهلًا على الإطلاق، فهو يتطلب أن يبذل موظفو الشركة المشغولون أصلًا جهدًا إضافيًا. وفي حالات أخرى، قد تكون هناك حاجة لتوظيف وتدريب أفراد من خارج الشركة، وفي كلتا الحالتين، يتطلب تنفيذ البحث إشرافًا عن كثب. ولكن إذا كانت خطة البحث معدة جيدًا، فإن دور الإشراف والرقابة يقتصر على التأكّد من سير أنشطة البحث وفق الجداول والآليات المُعدة مسبقًا. معالجة البيانات تتضمن معالجة بيانات الاستطلاع تحويل هذه البيانات إلى تقارير لتقديمها إلى الإدارة، ويجري ذلك من خلال أربع خطوات: تحرير البيانات. جدولة البيانات. تفسير البيانات. تقديم التقرير. وإذا كانت إجراءات معالجة البيانات، وشكل التقرير النهائي قد حُددت سلفًا في مرحلة توقع نتائج البحث، فسوف تكون هذه الخطوات الأربعة مجرد خطوات إجرائية بسيطة. إن وضع خطة جيّدة لتحليل البيانات وتفسيرها يُعد أمرًا مهمًا للغاية في نجاح مشروع البحث التسويقي، مع ذلك يجب ألا تحد هذه الخطة من أنواع التفسيرات التي قد يخرج بها محتوى التقرير النهائي. يجب أن يكون التقرير النهائي لبحث التسويق مكتوبًا، فهو يتضمن كميات كبيرة من البيانات، وبالتالي يُعد التقرير المكتوب أفضل طريقة لعرض النتائج. كذلك يتسم التقرير المكتوب بالديمومة، وهو ما يسمح للإدارة بدراسة النتائج بعناية والعودة إليها لاحقًا عند الحاجة إليها في المستقبل. للأسف، لا تُترجم العديد من أبحاث التسويق إلى إجراءات إدارية فورية على أرض الواقع، ويرجع ذلك أحيانًا إلى أن استنتاجات البحث لا تساهم مباشرة في حل المشكلة، أو أن لغة التقرير تقنية للغاية ويصعب فهمها، أو أن كاتب التقرير لم يقدم توصيات محددة حول كيفية ترجمة التقرير إلى استراتيجية إدارية فعلية. أهمية أبحاث التسويق من المهم الإشارة هنا إلى أنه ليس من الضروري إجراء بحث قبل محاولة حل المشكلة التسويقية، فقد يشعر المدير أنه يعرف ما يكفي لاتخاذ قرار جيّد لحل المشكلة. وفي بعض الأحيان، قد لا يكون هناك خيارات، وبالتالي لا فائدة من دراسة المشكلة طالما أن هناك حل واحد فقط، ولكن في معظم الحالات، يتوجب على المدير الاختيار بين مسارين تسويقيين أو أكثر، وهنا يأتي دور أبحاث التسويق لمساعدة المدير على اتخاذ القرار المناسب. وحتى إذا كان المدير يرغب بالمزيد من المعلومات من أجل اتخاذ القرار، فإن إجراء بحث تسويقي قد لا يكون تصرفًا حكيمًا دائمًا، ولعل أحد الأسباب هو أن إجراء الأبحاث قد يستغرق وقتًا طويلًا للغاية، ولكن السبب الأهم للتفكير مليًّا قبل الإقدام على البحث التسويقي هو أن تكلفة البحث قد تتجاوز الفائدة المرجوة منه. ومن حيث المبدأ، إذا كانت فائدة البحث أكبر من تكلفته، فيمكن حينها إجراء البحث، أما إذا كانت فائدته أقل من تكلفته، فلا يجب إجراؤه في هذه الحالة. والحقيقة أن تطبيق هذا المبدأ في الممارسة الفعلية أكثر تعقيدًا. في النهاية، يمكن القول إن البحث الجيّد هو البحث الذي يساعد التسويق على التكامل مع مجالات العمل الأخرى. التسويق المتكامل التنقيب عن البيانات الكثير من البيانات، والقليل من المعلومات، هذه هي مشكلة الأعمال التجارية في العصر الحديث. مع ذلك، تستطيع الحواسيب استخراج المعلومات المهمة من بين كميات هائلة من الأرقام والحقائق والإحصائيات. ويمكن القول إن المساعدة قادمة في الطريق على شكل فئة جديدة من البرامج التي باتت تُعرف باسم برامج التنقيب عن البيانات. لقد طُورت هذه البرامج لأول مرة لمساعدة العلماء على فهم بيانات التجارب ونتائجها، فهي تستطيع إدراك الأنماط والعلاقات بين البيانات، وهو أمر قد يستغرق عشرات السنوات بدون مساعدة هذه البرامج. وتمثل هذه البرامج قفزة كبيرة تتخطى قواعد البيانات التقليدية، إذ على الرغم من تمتّعها بقدرات كبيرة إلا أنها عاجزة عن تحليل البيانات بطريقة مُختلفة، فيجب إخبارها بالتحديد عما يجب أن تبحث، أما برامج التنقيب عن البيانات فهي تستطيع غربلة كميات هائلة من البيانات المالية، وبيانات الزبائن، والإنتاج، والتسويق، وذلك باستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي والإحصائي، والتعرف في النهاية على المعلومات المهمة وغير المهمة. ووفقًا لتجربة شركة (MCI Communications) للاتصالات، فإن فوائد هذه البرامج كبيرة للغاية. ومثل أي شركة هاتف، ترغب شركة (MCI) بالحفاظ على زبائنها. لذلك حاولت الشركة التعرّف مبكرًا على الزبائن الذين يدرسون الانتقال إلى شركات منافسة، وذلك بهدف إقناعهم بمواصلة التعامل مع الشركة عن طريق تقديم عروض خاصة لهم، مثلاً. ولكن كيف يمكن العثور على هؤلاء الزبائن من بين ملايين الزبائن الآخرين؟ لقد عملت الشركة على فحص البيانات التسويقية الخاصة بأكثر من 140 مليون منزل وفق 10,000 معيار، تشمل الدخل، ونمط الحياة، وعادات الاتصال السابقة. ولكن ما هي أهم المعايير التي يجب مراقبتها لانتقاء تِلك الفئة، وإلى أي مدى؟ قد يمثل تراجع قيمة الفاتورة الشهرية بصورة كبيرة مؤشرًا واضحًا، ولكن هل هناك أنماط خفية يمكن دراستها أيضًا فيما يتعلق بالاتصالات الدولية؟ أو فيما يتعلق بعدد الاتصالات لخطوط خدمة الزبائن؟ للعثور على الإجابة، تستعين شركة (MCI) بحاسوبها الخارق من طراز (IBM SP/2) والذي يمثل مخزن بيانات الشركة. وقد استطاع الحاسوب حتى الآن العثور على 22 معيارًا إحصائيًا مفصّلاً، وذلك استنادًا إلى الحقائق التاريخية المتكررة. بدوره يؤكد لانس بوكسر (Lance Boxer)، مدير المعلومات في الشركة، أنه لم يكن باستطاعة الشركة الوصول إلى أي من هذه المعايير لولا برامج التنقيب عن البيانات. شكّلت برامج التنقيب عن البيانات -في مطلع ظهورها- سوقًا صغيرًا نسبيًا، ولكن مع ازدياد وعي الشركات بالفوائد الجمّة التي تقدّمها هذه البرمجيات زادت مبيعات هذه البرامج بشكل كبير خلال سنواتٍ قليلة. وتُعد تكنولوجيا التنقيب عن البيانات مهمةً للغاية للاستفادة بصورة كاملة من تقنيات تخزين البيانات. لقد أصبح هناك كميات هائلة من البيانات التي يساهم في جمعها المسوقون، والبائعون، وشركات الخدمات من ملايين العملاء،. وقد باتت الشركات تتطلع إلى استعمال هذه البيانات بمساعدة الحواسيب العملاقة والمزوّدة ببرمجيات متخصصة من أجل إجراء التعديلات الفورية على المزيج الإنتاجي، ومستويات المخزون، والاحتياطي النقدي، والبرامج التسويقية، وغيرها من العوامل الأخرى، وذلك وفق ما تقتضيه التغيرات في بيئة العمل. البحث عن المصادر تُعد أبحاث التسويق عملية علمية منضبطة، ولكن قرارات الإداريين في النهاية تستند إلى مزيج من الحدس والحقائق الثابتة. ومن المهم أن يفهم الإداريون أبحاث التسويق فهمًا جيدًا، فذلك يسمح لهم بتقييم النتائج والتوصيات بطريقة سليمة. يمثل تحديد نطاق البحث والغرض منه أول خطوة مفصلية في أي بحث تسويقي، فكل الخطوات اللاحقة تستند إليها، أما الخطوات الأساسية المتبقية فهي تصميم خطة البحث، وإجراء التحقيق، ومعالجة البيانات، والتي تنقسم بدورها إلى بيانات أساسية وثانوية. إن استعمال هذه البيانات لإنتاج بحث جيّد يسمح للتسويق بالتكامل مع مجالات العمل الأخرى في الشركة. وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن العثور على مصادر للمعلومات الثانوية عبر الإنترنت في مواقع الشركات والاتحادات المهنية. تصفّح مثلًا موقع الرابطة الأمريكية للتسويق على الرابط www.ama.org/resource فهو يضم قائمة تحتوي على العديد من المصادر والإرشادات المفيدة. بإمكانك أيضًا زيارة موقع www.brint.com للعثور على أدلة تجارية، ومواقع إعلامية، ومصادر تسويقية أخرى. يمكنك الاستعانة بالمعلومات الواردة في هذا القسم حول مصادر الإنترنت، من أجل إجراء بحث تسويقي حول آخر الاتجاهات في التجارة الإلكترونية. ابحث على الإنترنت عن خمسة مصادر ثانوية قد تساعدك على التعرف على آخر الاتجاهات في التجارة الإلكترونية، والإعلانات، والتسويق، واستراتيجيات الأعمال. البحوث التسويقية على أرض الواقع أبحاث التسويق تنقذ شركة Case يتسم سوق اليوم بالتنافس الشديد بين شركات كبيرة وذكية، وبالتالي فتحقيق أي تقدّم كبير يُعد إنجازًا حقيقيًا. وهو بالضبط ما فعلته شركة Case المتخصصة في صناعة المعدات الزراعية ومعدات البناء، ولكن ذلك لم يأتِ إلا بعد عامين كاملين من التراجع، فقد بلغ حجم الخسائر التشغيلية لعامي 1991 و1992 حوالي 990,000 دولار. مع ذلك، شهد عام 1994 ارتفاع الدخل الإجمالي للشركة بمعدل 300% ليصبح 165 مليون دولار سنويًا، فيما سجلت المبيعات زيادة بمعدل 14%، أما عام 1995 فقد شهد وصول عائدات الشركة إلى 4.2 مليار دولار. لقد بدأت الشركة مسارها نحو التعافي في عام 1994 عندما أعلن المدير التنفيذي الجديد جان بيير روسو (Jean-Pierre Rosso) عن إطلاق عهد جديد في الشركة بقوله "إننا بحاجة لأن نسأل أنفسنا عن حاجات المزارعين والمقاولين." ورغم أن السؤال عن حاجات الزبائن قد يبدو أمرًا بديهيًا، لكنه لم يكن جُزءًا من استراتيجية الشركة خلال سنوات الثمانينات، فقد تركزت استراتيجية الشركة على المنتج، وقد كانت النتيجة طرح منتجات ضعيفة في السوق، مثل جرارات زراعية بقوة منخفضة. ولكن الأمور ازدادت سوءًا عندما تراجع الطلب في السوق، ووجد الموزعون أنفسهم عالقين مع معدات شركة Case غير المباعة، وهو ما أدى إلى توتر العلاقات بين الشركة والموزعين. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، وجه روسو الإداريين في الشركة إلى التركيز على السوق، والتعرف على حاجات الزبائن ورغباتهم. وفي سبيل الحصول على ملاحظات الزبائن، أحضرت الشركة في إحدى المرات مقاولًا إلى موقع الاختبار الخاص بها، حيث عمل على مدار ثلاثة أيام على اختبار أحد منتجات الشركة، وموازنة أدائه مع منتجات مشابهة من شركات أخرى، مثل كاتربيلر وديري. كما عمل مديرو الشركة كل يوم على طرح الأسئلة على الزبائن حول مزايا المنتجات وعيوبها. كذلك اتخذت الشركة طريقة أخرى، وذلك من خلال إرسال فرق من المهندسين والمسوقين للحديث إلى كبار الزبائن لدى الشركات المنافسة. إضافة إلى ذلك، استعمل المهندسون الملاحظات التي حصلوا عليها من تعليقات الزبائن لتطوير نماذج أولية لمنتجات جديدة، وأرسلوها بالبريد إلى مئات المستخدمين من أجل تقييمها. وقد استغل المهندسون هذه المعلومات الميدانية في تطوير النماذج النهائية. الخلاصة: لقد استطاعت شركة Case بفضل "سؤال" السوق عن احتياجاته أن تتخلص من سمعتها السلبية القديمة بأنها واحدة من أسوأ الشركات إدارة في مجال عملها. نقاط مُختصرة عن مبادئ البحوث التسويقية يتضمن إجراء بحوث التسويق أربع خطوات رئيسية. تتمثل الخطوة الأولى في التحقيق الأولي، وهو عبارة عن دراسة أوليّة تسمح للباحث بتحديد نطاق البحث والغرض منه، وكذلك استكشاف المشاكل المحتملة. بعد ذلك يأتي تصميم خطة البحث، وهي أهم وأصعب خطوة في بحث التسويق. وتبدأ هذه الخطوة باختيار طريقة البحث المتبعة. وتنقسم طرائق البحث إلى ثلاثة أساليب أساسية شائعة الاستعمال، وهي الأسلوب التجريبي، وأسلوب الملاحظة، وأسلوب الاستقصاء الإحصائي، مع العلم أنه يمكن استعمال واحد من هذه الأساليب أو أكثر في البحث. كذلك من الضروري تحديد أنواع البيانات اللازمة لحل المشكلة التسويقية، والعثور على المصادر التي يمكن من خلالها الحصول على هذه المعلومات. وتنقسم مصادر البيانات بصفة عامة إلى مصادر رئيسية، ومصادر ثانوية. أما المصادر الثانوية فهي تتكون من معلومات جرى جمعها في أوقات سابقة، ويمكن العثور عليها في السجلات القديمة، والكتب والأبحاث المنشورة، والسجلات الحكومية، وما شابه ذلك. وأما المصادر الرئيسية فهي تتضمن معلومات تُجمع لأول مرّة. وتُعد طريقة الاستبيان هي الأكثر شيوعًا واستعمالًا في جمع البيانات الرئيسية، علمًا أنه يمكن إجراء الاستبيانات عبر البريد، أو الهاتف، أو المقابلات الشخصية، أو الإنترنت. ومن الأمور المهمة أيضًا في مشروع بحث التسويق هو كيفية اختيار العينة. وتنقسم العينات إلى عينات عشوائية وغير عشوائية. في العينات العشوائية يحظى كل عنصر في المجموعة بفرصة اختيار متساوية، ويُعد استعمال جدول من أرقام عشوائية من الطرق الشائعة للحصول على العينات العشوائية. أما في العينات غير العشوائية، فيختار الباحثون بأنفسهم العناصر التي يعتقدون أنها تمثل المجموعة التي يستهدفونها في خطتهم التسويقية. أما المسألة الأخيرة في تصميم خطة البحث فهي توقع النتائج وتحديد طريقة تلخيص وتقديم البيانات. وتجدر الإشارة إلى أن استعمال الحاسوب لمعالجة وجدولة نتائج أبحاث التسويق أصبح يزداد شيئًا فشيئًا. مع ذلك، تعترض بعض المشاكل سير عملية البحث، ولذلك من المهم فرض رقابة شديدة على أنشطة جمع البيانات ومتابعتها باستمرار. كذلك من المهم للغاية الانتباه لأي تحيّز قد يتسرب إلى مشروع البحث. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Marketing research: an aid to decision making) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: فهم سلوك المستهلكين المقال السابق: تصميم خطة البحث التسويقي النسخة العرية من كتاب مدخل إلى التسويق
-
خطة البحث هي الخطة المقترحة لاختبار أسئلة البحث، وكذلك لجمع ومعالجة البيانات. إن إدارة البحث وفق الخطة المعدّة تضمن الوصول إلى الحقائق بطريقة صحيحة، كما أن معنى "تصميم خطة البحث" لا يقتصر ببساطة على استعمال إجراءات بحث ملائمة، فكل مشروع بحث يجب أن يحظى بتصميم فريد حتى يخرج بالمعلومات المطلوبة، ولهذا السبب لا يوجد في مجال التسويق مشروعا بحث متطابقان أبدًا. وتتضمن عملية تصميم البحث ست خطوات وهي: اختيار أسلوب البحث، وتحديد أنواع البيانات المطلوبة، والعثور على مصادر البيانات، واختيار طريقة جمع البيانات، واختيار العيّنة، وتوقع النتائج. اختيار الأسلوب يمكن لتصميم البحث أن يُجرى بثلاثة أساليب مختلفة، مع العلم أنها ليست الأساليب الوحيدة المتاحة، ولكن في معظم الحالات يُصمم البحث بواحد من هذه الأساليب الثلاث. الأسلوب التجريبي هو أسلوب يتطلب اتباع قواعد إجرائية محددة، ويتضمن بشكل أساسي التلاعب ببعض المتغيرات، مثل السعر أو الإعلان، كما أنه يقتضي أيضًا أن يحظى جميع المشاركين بفرصة اختيار متساوية. في تجربة السوق، يحصل الباحثون على المعلومات المتعلقة بالمشكلة الرئيسية من خلال إجراء تجربة على نطاق ضيّق، وذلك بهدف اختبار فرضية البحث. افترض مثلاً أننا نرغب بإجراء اختبار حول سؤال إن كانت العائلات المتشابهة في الحجم والسمات الاقتصادية في ثلاث مدن مختلفة تشتري كميات مختلفة من نوع معيّن من العصير. إن الخطوة الأولى في هذه الحالة هي صياغة سؤال البحث وهو: "متوسط كمية العصير التي اشتراها المستهلكون خلال فترة زمنية معيّنة متساوية في المدن الثلاثة." بعد ذلك، يختار الباحثون عيّنة عشوائية من العائلات في كل مدينة، ثم يجرون استطلاعًا لمعرفة كمية العصير التي اشترتها كل عائلة. في النهاية، يجري الباحثون اختبارًا إحصائيًا للتأكد من سؤال البحث، فإذا لوحظ وجود فروقات كبيرة بين كميات العصير التي اشترتها العائلات في المدن الثلاثة، فسوف يستنتج الباحثون أن الطعم يؤثر على كمية شراء العصير بواسطة العائلات ذات السمات الاجتماعية والاقتصادية المتشابهة. بالطبع، يستطيع الباحثون أيضًا اختبار فرضيات أخرى حول شراء العصير، وذلك باستعمال أسلوب مختلف قليلاً. على سبيل المثال، يمكن للباحثين دراسة تأثير الإعلانات التلفزيونية على معدل شراء هذا النوع من العصير في مدينتين أو أكثر، وخصوصًا عند استعمال مستويات وأساليب مختلفة من الإعلانات التلفزيونية في كل منها. الأسلوب التاريخي يركز هذا الأسلوب على التجارب السابقة من أجل البحث عن حلول للمشاكل التسويقية الحالية. ولكن أهمية الحقائق التاريخية في مجال التسويق تنحصر في مدى ارتباطها بالمستقبل. ولحسن الحظ، يمكن الاعتماد على المعلومات التاريخية إلى حدٍّ كبير في العديد من مجالات التسويق، فبعض العوامل، مثل التعداد السكاني وتوزيع الدخل، تتغير ببطء شديد، وبالتالي فالتأثير اليومي للتغيّرات لا يكاد يكون مذكورًا. إن التحليل التاريخي لعوامل مثل سلوك المستهلكين، وأساليب البيع التنافسية، وممارسات الموزعين، قد يعطي مؤشرًا قويًا على السلوك المستقبلي لذات المكونات التسويقية. وفي أغلب الأحيان، يكون باستطاعتك تقصي المعلومات التاريخية للشركات المشابهة لشركتك، والاطلاع على كيفية معالجتها لمشاكل مشابهة لما تمر به. وتجدر الإشارة إلى توفر المئات من دراسات الحالة لشركات مثل مايكروسوفت، وهي دراسات قد تكون مفيدة للغاية، إذ إن من الحكمة التعلم من أخطاء الآخرين. الاستقصاء الإحصائي يركز هذا الأسلوب على جمع المعلومات التسويقية إما من خلال الملاحظة أو الاستبيان أو المقابلة. وبالموازنة بين الأساليب الثلاث، ترتبط المعلومات في الأسلوبين التجريبي والتاريخي بصورة رئيسية بالمشكلة التي يسعى البحث إلى حلها، في حين يعتمد أسلوب الاستقصاء الإحصائي بصورة كبيرة على حدس الباحث نفسه. إن مشاهدة زبون وهو يشتري تلفازًا جديدًا قد يكشف شيئًا من دوافعه، ولكن سؤاله مباشرة عن سبب الشراء أفضل بكثير. ولذلك فإن بناء الاستنتاجات على ملاحظة سلوك الزبائن أو آراء المشاركين في الاستطلاع يمنح الباحث رؤية مهمة. ويتميز أسلوب الاستقصاء الإحصائي بالمرونة والقدرة على التكيّف مع أي نوع من الأبحاث. ولهذا السبب يُعد هذا الأسلوب الأكثر شيوعًا في بحوث التسويق، وذلك بالطبع إلى جانب صعوبة إجراء التجارب التسويقية في الأسلوب التجريبي، وصعوبة الحصول على بيانات تاريخية ذات صلة بالموضوع في الأسلوب التاريخي. تحديد أنواع البيانات المطلوبة تنقسم البيانات إلى ثلاثة أنواع: الحقائق، والآراء، والدوافع. ويُحدد نوع البيانات المطلوبة بحسب طبيعة المشكلة التي يُراد حلها. على سبيل المثال، إذا كانت المشكلة مرتبطة بالإنتاج وجدولة المخازن، فالحاجة هنا إلى "حقائق" متعلقة بقدرة السوق والمبيعات. في المقابل، إذا كانت المشكلة تتعلق بالاختيار بين منتجين جديدين، فلابدّ في هذه الحالة من أخذ "آراء" الزبائن المحتملين في الحسبان. أخيرًا، إذا كانت المشكلة تدور حول اختيار آلية ترويج ملائمة، فقد تكون "دوافع" المستهلكين في هذه الحالة أفضل أنواع البيانات. وتُوصف الحقائق بأنها معلومات وصفية أو كمية يمكن التحقق منها، أما الآراء فهي أفكار يعبّر عنها الأشخاص المشاركون في حل المشكلة، وأما الحوافز فهي الأسباب الظاهرة أو الخفية التي تفسر سلوكًا معينًا، مع العلم أنه يصعب اكتشافها أو تحديدها. العثور على مصادر البيانات تنقسم مصادر البيانات إلى مصادر أساسية، وثانوية. وتحتوي مصادر البيانات الثانوية على معلومات منشورة سابقًا، وقد تكون هذه المعلومات داخلية أو خارجية. وتُعد سجلات الشركة وتقارير بحوث التسويق السابقة من الأمثلة على البيانات الثانوية الداخلية. أما المصادر الثانوية الخارجية فهي مصادر المعلومات الموجودة خارج الشركة، وهي كثيرة ومنتشرة. وتجدر الإشارة إلى وجود مراجع ممتازة لمصادر البيانات الثانوية، وخصوصًا على الإنترنت. ويمكن القول إن هناك ثمانية مصادر أساسية لمعلومات السوق الثانوية وهي: المكتبات العامة. الجامعات المكتبات ودوائر البحث التجاري والاقتصادي. الوكالات الحكومية، وخصوصًا وزارات التجارة والزراعة والعمل. النقابات المهنية والتجارية. دور النشر التجارية. المنظمات البحثية وغير الربحية. المؤتمرات والتواصل الشخصي. أنظمة البحث المحوسبة. ينطوي استعمال البيانات من المصادر الثانوية على مزايا هائلة، فتكلفة جمع البيانات من المصادر الثانوية أقل بكثير من تكلفة استعمال المصادر الرئيسية، كما أن الوقت اللازم لجمعها أقل بكثير، وفي كثير من الأحيان، يتوجب جمع البيانات اللازمة لحل المشاكل الإدارية بسرعة. وبفضل تكنولوجيا الحاسوب، أصبح من الممكن جمع العديد من مصادر البيانات الثانوية ودمجها وإعادة صياغتها في وقت قياسي، وهو ما يجعل البيانات الثانوية خيارًامفيدًا. مع ذلك، تكمن في مصادر البيانات الثانوية مشكلتان أساسيتان. المشكلة الأولى هي أن المعلومات تكون قديمة في كثير من الأحيان، وأما الثانية فهي أن البيانات الثانوية بمجملها قد جُمعت لأسباب مختلفة عن المشكلة التي يسعى البحث إلى حلها. ولكن رغم هذه المشكلات، ما زال الباحثون يمتنعون عن جمع البيانات الأساسية حتى انتهاء البحث في مصادر المعلومات الثانوية، وذلك بسبب مزاياها الكثيرة. أما المعلومات الرئيسية فهي المعلومات التي تُجمع من مصادرها مباشرة، وهي تتضمن بيانات غير منشورة مسبقًا أو موجودة في سجلات الشركات، إذ تُجمع هذه المعلومات خصيصًا للإجابة على سؤال البحث. بعد تحديد المعلومات المطلوبة التي قد تساعد الإدارة على حل المشكلة المحددة، يصبح بالإمكان تحديد الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن معالجة هذه المعلومات. في بعض الحالات، تُجمع المعلومات من مصادر متعددة، وفي حالات أخرى تُجمع المعلومات من خلال التواصل مع مصادر محددة. على سبيل المثال، وجدت شركة متخصصة في صناعة فيتامينات الأطفال أنه يتوجب عليها جمع المعلومات من المستخدمين (الأطفال)، والمشترين (الآباء)، والبائعين (الصيادلة في الغالب)، والمؤثرين على قرار الشراء (الأطباء). وبالمثل، وجدت شركة متخصصة في صناعة الأعلاف لمواشي الألبان أنه يجب عليها جمع المعلومات من المزارعين، وبائعي الأعلاف، وخبراء الألبان. مع ذلك، تنطوي هذه الطريقة على عيبين أساسيين وهما الوقت والمال المهدوران، إذ من الواضح أن جمع معلومات التسويق من مصادر متعددة يستهلك الكثير من المال والوقت. في النهاية، يعتمد اختيار مصادر المعلومات على الموازنة بين قيمة المعلومات وتكلفة جمعها والوقت اللازم لذلك. اختيار طريقة جمع البيانات توجد العديد من الطرق لجمع البيانات، سواءً كانت ثانوية أم أساسية. وتستطيع الشركة أن تجمع البيانات الثانوية من خلال إنشاء نظام محوسب لجمع وتخزين البيانات بشكل آلي حول المبيعات والنفقات والمخازن والمُرجَعات وشكاوى الزبائن، أو أن تستعين بخدمات واحدة أو أكثر من الشركات المتخصصة في الأبحاث لجمع المعلومات المطلوبة، أو بإمكان الشركة أن تجمع البيانات لكل مشكلة على حدة. أما المعلومات الرئيسية فتوجد ثلاثة أساليب لجمعها وهي: الملاحظة، والاستبيان، والإبلاغ الذاتي. الملاحظة تُعد الملاحظة أقدم أساليب جمع البيانات، فقد اعتاد التجار منذ القدم أن يراقبوا سلوكيات الزبائن المختلفة، مثل التسوق والشراء والإرجاع، والتذمر وغير ذلك. على سبيل المثال، قد يلجأ مدير مطعم ببساطة إلى مراقبة التعبيرات على وجوه الزبائن عند تناولهم ساندويش المطعم الجديد. مع ذلك، يمكن استعمال أساليب أكثر رسمية لملاحظة ردود فعل الزبائن، مثل تسجيل ردود أفعالهم صوتًا وصورة، أو الاستعانة بباحثين مختصين لتوثيق ملاحظاتهم وفق آليات محددة. وقد تتسم بعض أساليب الملاحظة بشيء من التطفل، ففي حالة دراسة سوق الأثاث مثلاً، قد يلجأ الباحث إلى زيارة منزل الزبون وتسجيل جميع منتجات الأثاث التي يمتلكها. أما في حالة الإثنوغرافيا (دراسة الأجناس البشرية) فينتقل الباحث للعيش مع الزبون لمراقبة سلوكياته. اللمحة التالية تتناول هذا الأسلوب بشيء من التفصيل. لمحة عن دراسة الإثنوغرافيا في ضواحي مدينة بالتيمور الأمريكية تتسوق سيدة لشراء وجبات الأسبوع لأسرتها. تتجول السيدة أمام قسم الدواجن، ثم تتوقف لبرهة لتضع زوجًا من صدور الدجاج في سلتها. بعد ذلك، يلوح أمامها قسم لحوم البقر، فتلتقط قطعة منها، وتقول "هذه القطعة تبدو جيدة، وليست مليئة بالدهون، ولكني لا أعرف ما هي، ولا أعرف كيف أطهوها." ثم تضعها وتلتقط بدلاً منها قطعة من لحم الخاصرة، وطلبها المعتاد من اللحم المفروم. تتكرر هذه المشاهد كل يوم في الأسواق، ولكن المشهد هذه المرة توثقه عدسات شركة (PortiCo) المتخصصة في الأبحاث، وذلك ضمن دراسة إثنوغرافية لزبائن لحم البقر، والتي تنفذها الشركة لصالح الرابطة الوطنية لرعاة الأبقار، وعدد من كبرى المتاجر الأخرى. وبسبب خشية هذه المرأة بالتحديد من طهي لحم البقر، أصبحت العديد من متاجر اللحوم تعرض قطع اللحم بحسب طريقة طبخها، وقد أصبح هناك توجه لطباعة طريقة الطبخ على مغلفات اللحوم. تتضمن الأبحاث الإثنوغرافية مراقبة الزبائن عن كثب وإجراء المقابلات معهم، وبالتالي فهي تساعد الشركات على فهم كيف يتعامل الزبائن مع المنتجات في حياتهم اليومية. إن معرفة كيفية تعامل الزبائن مع لحم البقر يُعد أمرًا أساسيًا لدى الرابطة الوطنية لرعاة البقر، وهو ما دفعها إلى تنفيذ دراسة بقيمة 60,000 دولار (تتراوح قيمة الدراسات عادةً بين 5,000 إلى 800,000 دولار). وخلال الدراسة، صورت شركة (PortiCo) سلوك الزبائن أثناء الشراء، بالإضافة إلى عادات إعداد الطعام في المنزل. كما أجرى الباحثون مقابلات مع الزبائن لمعرفة نظرتهم إلى لحم البقر، وسبب اختيارهم لهذه القطعة أو تلك، وكيفية إعدادهم لها. وقد صُدم البائعون من ضآلة ما يعرفه الزبائن حول لحم البقر. يوفر أسلوب الملاحظة رؤى مهمة للباحثين، وخصوصًا عند ملاحظة أنماط سلوكية متشابهة، كما أنه يتميز بالسرعة وانخفاض التكلفة. ولكن لسوء الحظ، يتسم تفسير الملاحظات في كثير من الأحيان بالبعد عن الموضوعية، وهو ما يؤدي إلى ارتكاب الأخطاء. الاستبيان تُعد الاستبيانات أشهر أساليب البحث وجمع البيانات، ولكن لابدّ من الانتباه هنا إلى أمرين متداخلين وهما: تصميم الاستبيان، وطرح الاستبيان. هناك العديد من القواعد الأساسية التي يجب مراعاتها عند تصميم الاستبيان. على سبيل المثال، يجب أن يكون الاستبيان الجيّد أشبه بقصة محبوكة بعناية، أي يجب أن يكون الاستبيان منطقيًا ومترابطًا وسهل الفهم وممتعًا للقارئ. علاوة على ذلك، توجد العديد من الأساليب لتصميم الاستبيان، ويبين الشكل رقم 9 طُرقًا مختلفة لطرح الأسئلة، إذ يمكن للاستبيان أن يحتوي أسئلة "مُغلقة" نعم/لا، أو أسئلة متدرجة كما في السؤالين الرابع والخامس، أو أسئلة مفتوحة كما في السؤالين السابع والثامن. ويُفضل استعمال الأسئلة المغلقة عندما يرغب الباحث بإجابات محددة، أو يشعر بأن مجيب الاستبيان لن يأتي بإجابة إبداعية على الأغلب. أما الأسئلة المفتوحة فهي تسمح لمجيب الاستبيان بتقديم إجابات شخصية، ولكن بالطبع هناك احتمال ألا يجيب على السؤال أصلًا. الشكل 9: نماذج الأسئلة المستعملة في بحوث التسويق. كذلك يتضمن تصميم الاستبيان اعتبارات أخرى، مثلًا، هل يجب وضع الأسئلة السهلة في البداية؟ وهل يجب جمع الأسئلة المتشابهة معًا؟ وهل يجب وضع الأسئلة الديموغرافية في النهاية؟ مجددًا، إن الهدف من تصميم الاستبيان هو تمكين المجيب من الإجابة عليه بسهولة ودقة. علاوة على ذلك، يتضمن تصميم الاستبيان تحديد آلية طرحه، فهناك أربعة أساليب تُستخدم حاليًا لطرح الاستبيانات وهي: البريد، والهاتف، والمقابلة الشخصية، والإنترنت. في أسلوب البريد، يُوزع الاستبيان ويُستردُّ من خلال البريد. وتتضمن الحزمة البريدية بالعادة رسالة توضح الغرض من البحث، ونسخة من الاستبيان، ومغلفًا بريديًا مختومًا، ومحفزًا لتشجيع متلقي الرسالة على تعبئة الاستبيان (نقود، أو منتج، أو مساهمة خيرية، أو نسخة من تقرير). ويتيح هذا الأسلوب للباحث طرح عدد كبير من الأسئلة حول مجموعة واسعة من المواضيع، كما أنه يسمح للمجيب بتعبئة الاستبيان على راحته. لكن لسوء الحظ، ينطوي هذا الأسلوب على عدد من العيوب، فكلما كان الاستبيان طويلاً، قلت احتمالية الإجابة عليه. في الحقيقة، تتراوح نسبة الإجابة على الاستبيانات التي لا تتضمن حافزًا بين 10-20% فقط. أضف إلى ذلك غياب سيطرة الباحث على عملية جمع المعلومات. هل الشخص المعني هو من أجاب على الاستبيان؟ هل فهم المجيب الأسئلة؟ هل أنهى تعبئة الاستبيان بالكامل؟ هل عاد الاستبيان في الوقت المحدد؟ إن غياب سيطرة الباحث على عملية جمع المعلومات يعني أيضًا أنه لا يستطيع التحقق من الإجابات الضرورية أو المهمة من خلال إجراء مقابلة شخصية مع المجيب. في المقابل، يُعد الاستبيان عبر الهاتف أسلوبًا أسرع وأسهل لجمع المعلومات التسويقية. ويمكن الحصول على الأسماء وأرقام الهاتف من دليل الهاتف، أو من قاعدة بيانات داخلية أو خارجية. مع ذلك، ينطوي الاستبيان عبر الهاتف على عدد من العيوب، مثل صعوبة الوصول إلى المجيب الصحيح، والعجز عن إكمال الاستبيان إذا قرر المجيب إنهاء المكالمة، بالإضافة إلى وجود تحيّز يتمثل في عدم إشراك الأشخاص الذين لا يمتلكون هواتف في منازلهم، أو أرقامهم غير مدرجة في دليل الهاتف. بالإضافة إلى ذلك فإن الحد الأقصى من الأسئلة التي يمكن طرحها دون إحراجٍ أو مللٍ يتراوح بين 10-15 سؤالاً، وهو ما يعني إمكانية مناقشة عدد محدود من المواضيع فقط. ولكن رغم هذه العيوب، اكتسب الاستبيان عبر الهاتف شعبية كبيرة، فتكاليفه منخفضة نسبيًا، كما أن شركات البحث تستعين بباحثين مدربين ومجهزين تقنيًا لهذا النوع من الاستبيانات. ويمكن القول إن أسلوب الاستبيان بالهاتف يحقق النتائج المرجوة طالما أن الأسئلة محدودة وتتضمن إجابات سريعة، وطالما أن الباحثين يتصلون في أوقات ملائمة. في حين أن المقابلات الشخصية مكلفة للغاية وتستغرق الكثير من الوقت، لكنها تمثل أفضل طريقة لجمع البيانات، إذ يستطيع الباحث المدرب جيدًا أن يتأكد من اختيار الشخص الملائم للإجابة على الاستبيان، كما أنه يستطيع طرح الأسئلة بالقدر الذي يحتاجه، والتأكد من فهم المجيب لها، وإثارة قضايا جديدة، وحث المجيب على إنهاء الاستبيان كاملاً. ولكن في ظل هذه الحرية الكبيرة التي يتمتع بها الباحث، تظهر مشكلة التحيّز، إذ يصعب أحيانًا على الباحث الحفاظ على الموضوعية، أضف إلى ذلك أن طرح الأسئلة بنغمة معيّنة، والتلاعب بالكلمات، وتغيير ترتيب الأسئلة جميعها عوامل قد تؤثر على إجابات المشاركين في الاستبيان. هناك أيضًا العديد من أساليب جمع المعلومات عبر الإنترنت والتي تتيح للمجيب حرية أكبر في الإجابة على أسئلة الاستبيان. لقد شهد هذا المجال تطورًا تقنيًا سريعًا في الفترة الماضية، وبفضل الاستبيانات الالكترونية بات أصحاب مواقع الإنترنت قادرين على قياس رضا الزبائن، ومعرفة معدل الزيارات. وتستعمل الشركات التقنية استبيانات المغادرة لمعرفة سبب مغادرة الزوار للموقع، وربما سبب عدم رغبتهم بالعودة إليه مجددًا. وتنقسم استبيانات الإنترنت إلى أربعة أنواع رئيسية. أما النوع الأول فهو الاستبيانات المنبثقة التي تعترض الزوار عند مغادرة صفحة معينة، إذ يظهر الاستبيان في صندوق في أعلى المتصفح ويطلب من الزوار الإجابة على بعض الأسئلة. وأما النوع الثاني فهو الاستبيان بالبريد الإلكتروني أو عبر مواقع الإنترنت، وترسل الشركات في هذه الحالة رسائل عبر البريد الإلكتروني تطلب فيها الإجابة على استبيان معيّن، وأحيانًا يكون الاستبيان مرفقًا برسالة البريد الإلكتروني نفسها، وأحيانًا أخرى تحتوي رسالة البريد الإلكتروني على رابط لا يتسنى لأحد الوصول إليه سوى المشاركين في الاستبيان. وأما النوع الثالث فهو المجموعات الإلكترونية، والتي تشبه إلى حد بعيد مجموعات التركيز التقليدية، إذ توجه الشركة دعوة إلى أفراد مختارين للمشاركة في نقاش عبر غرفة محادثة جماعية عبر الإنترنت. وأما النوع الرابع والأخير، فيتضمن إرسال رسائل جماعية وإجراء نقاشات عبر البريد الإلكتروني لفترة زمنية معيّنة، بعد ذلك يجمع المشرف الإجابات ويرسل ملخصها إلى مجموعة النقاش مرة أخرى، وذلك بهدف الحصول على تعليقاتهم وملاحظاتهم. الإبلاغ الذاتي أما الأسلوب الثالث في جمع معلومات البحث فهو أسلوب الإبلاغ الذاتي، والذي يسمح للمجيب بتقديم المعلومات بصورة عفوية إلى حد ما. وتُعد مجموعات التركيز من أشهر صور هذا الأسلوب وأكثرها شيوعًا، وهي تتضمن جمع 8 - 10 أشخاص في غرفة واحدة، بالإضافة إلى مشرف مدرَّب، وذلك بهدف إجراء نقاش حول مشكلة تسويقية واحدة أو أكثر. وتضم غرفة الاجتماع في أغلب الأحيان مرآة نصف شفافة يجلس خلفها رعاة البحث ويراقبون عملية النقاش، بينما تُسجل النقاشات صوتًا، أو صوتًا وصورة. وتُعد مجموعات التركيز منذ أمد بعيد طريقة شائعة للغاية لجمع البيانات، فهي تتيح الحصول على قدر كبير من المعلومات المختلفة وبسرعة (وخصوصًا إذا كان هناك مشرف مدرَّب جيدًا يوجه الحوار). مع ذلك، تنطوي هذه الطريقة على بعض المشكلات الخطيرة، فما زال على الباحث تفسير النقاشات، وهو ما يعني غياب الموضوعية. أضف إلى ذلك أنها مُكلفة، إذ تكلف مجموعة التركيز الواحدة بضعة آلاف من الدولارات. كما أنه يصعب السيطرة على سلوك المشاركين، فبعضهم قد يسيطر على النقاش، بينما لا يحظى آخرون بفرصة للمشاركة وإبداء الرأي بموضوعية. أخيرًا، تتحول بعض مجموعات التركيز إلى مجموعات نقاش مهنية، ولا تقدّم للباحثين العفوية التي يبحثون عنها. تشير الفرضيات النفسية المثبتة إلى إمكانية إضفاء طابع شخصي على الأسئلة بهدف الحصول على معلومات من المجيب، لم يكن ليقدمها بالوسائل التقليدية الأخرى. وتتضمن هذه الطريقة استعمال أسلوب الإسقاط، وهو صورة أخرى من صور الإبلاغ الذاتي. ويهدف أسلوب الإسقاط إلى دفع المجيب للإجابة على الأسئلة دون الحرج أو الارتباك الذي يصاحب الأسئلة عادةً عند طرحها بصورة مباشرة. ومن أساليب الإسقاط المستخدمة: اختبار الربط بين الكلمات: يُطلب في هذا الاختبار من المجيب قول أول كلمة تخطر على باله عند ذكر كلمة معينة. ويكثر استعمال هذا الاختبار بوجه خاص في الأبحاث المتعلقة بصورة الشركة، وسمعتها، وكذلك بجاذبية الإعلانات. اختبار إكمال الفراغ: يُطلب من المجيب في هذا الاختبار إكمال عدد من الجمل بأول كلمات تخطر على باله. على سبيل المثال، استعمل أحد المتاجر الجمل التالية: (أ) أنا أفضل التسوق في سوبر ماركت (AG) بسبب… (ب) أعتقد أن أسعار المنتجات الغذائية… (ج) الأمر السيء في تسوق المنتجات الغذائية من متجر (AG) هو… ويتميز هذا الاختبار بسهولة طرحه وتفسيره، مع ذلك يصعب تحويل النتائج إلى شكل إحصائي. الدراما النفسية أو (السيكودراما): يُطلب من المجيب في هذا الاختبار أن يضع نفسه في موقف تسويقي تخيلي. ويتيح هذا الاختبار التعرف على مواقف المجيب الشخصية من خلال تفاعله مع هذا الموقف. مع ذلك، تنطوي أساليب الإسقاط المختلفة على عيب كبير يتمثل في صعوبة عرض النتائج. صحيح أنها تسهل التعرف على مواقف الزبائن ودوافعهم وآرائهم، ولكن قياس أهمية هذه العوامل صعب للغاية. اختيار العينة لا تحتاج معظم بحوث التسويق إلى إجراء إحصاء شامل، أو بمعنى آخر التحدث إلى 100% من الفئة المستهدفة، فذلك أمر مكلف ويستغرق الكثير من الوقت. ولهذا السبب تلجأ معظم استبيانات التسويق إلى توظيف مبدأ العينات. والعينة هي مجموعة من العناصر (أشخاص أو متاجر أو تقارير مالية) مُنتقاة من المجموعة الأساسية المُستهدفة. ويمكن القول إن اختيار العيّنة يؤثر تأثيرًا مباشرًا على قيمة مشروع البحث. يتطلب اختيار عينة البحث وجود قائمة شاملة أو إطار عام يمكن من خلاله اختيار العينة المطلوبة. على سبيل المثال، إذا كان الهدف من الاستبيان دراسة مواقف زبائن الائتمان، فالإطار العام هو قائمة جميع زبائن الشركة الذين يستعملون دفتر المشتريات أو حساب المبيعات الآجلة. ورغم وجود أنواع متعددة من العينات، إلا أنها تُصنف جميعًا إلى عينات عشوائية وعينات غيرعشوائية. وفي العينة العشوائية، تمتلك كل وحدة فرصة اختيار متساوية، ومن أمثلتها رمي القطعة النقدية، إذ تبلغ فرصة ظهور كل وجه 50%. ويمكن تطبيق ذات المبدأ على مثال المتجر السابق، إذ يمكن اختيار عينة أسماء من قائمة زبائن دفتر المشتريات بطريقة عشوائية، مثل استعمال جدول من الأرقام العشوائية. وعلى الرغم من أن فرصة اختيار كل وحدة في العينة العشوائية معروفة ومحددة، إلا أن اختيار الوحدات في العينة غير العشوائية يكون بصورة غير مدروسة ولكنها مُرتبة وغير عشوائية. وبالعودة إلى مثال المتجر السابق، يمكن اتباع طريقة اعتباطية وأكثر سهولة، وذلك باختيار أول 50 أو 60 اسمًا من قائمة زبائن دفتر المشتريات (عينة غير مدروسة ولكن الاختيار مُرتب وغير عشوائي). توقع النتائج/إعداد التقرير يجب أن تتضمن خطة البحث: إجراءات معالجة البيانات. إجراءات تفسير وتحليل النتائج. الخطوط العريضة للتقرير النهائي. وللتوصل إلى هذه القرارات، قد يكون من المفيد بدء العمل انطلاقًا من نموذج التقرير النهائي ومحتواه. ويتضمن التقرير النهائي عادةً ملخصًا للنتائج والتوصيات الإدارية التي توصل إليها الباحثون في ضوء أهداف البحث ومُجرياته. إن نوع الحقائق وطريقة عرضها في التقرير يحددان طريقة التحليل التي يجب اتباعها، أما طريقة التحليل فتحدد بدورها طريقة معالجة البيانات. وتشير معالجة البيانات بشكل عام إلى تصنيف البيانات وإعداد التقارير، وهي إجراءات يمكن أن تُنفذ يدويًا باستعمال أوراق العمل، أو آليًا باستعمال برامج الحاسوب. وباختصار، نستطيع القول إن تحديد أنواع النتائج المتوقعة وآلية التعامل معها في التقرير النهائي يساعد على تسريع صياغة خطة البحث. إن توقع نتائج البحث وإعداد "نموذج أولي" من التقرير النهائي وعرضه على الإدارة أمر مهم للغاية، فهو يساهم في إقناع الإدارة بالموافقة على إجراء البحث، كما أنه يحد من توقعات الإدارة حول نطاق المشروع والغرض منه. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Marketing research: an aid to decision making) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: تنفيذ خطة البحث التسويقي المقال السابق: بحوث التسويق وصناعة القرار التسويقي النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
-
سنتابع في الباب الثالث من سلسلة مقالاتنا الفريدة عن مبادئ التسويق في عنوانٍ عريض مميّز وهو "بحوث التسويق وصنع القرار"، سنتحدّث خلال المقالات القادمة عن دور بحوث التسويق، كما سنسوق بعض النقاط الأساسية حول فهم الآليات والأساليب المستخدمة في بحوث التسويق. مقدمة عن دور البحوث التسويقية في عام 1997 كانت شركة ريجلي لصناعة العلكة تواجه صعوبة في تسويق علكتها بطعم الفواكه "جوسي فروت" لفئة المراهقين، وهي أكثر شريحة ديموغرافية استهلاكًا للعلكة، وقد وجدت الشركة نفسها تحت ضغط شديد من المنافسين في ظل تراجع مبيعاتها وحصتها في السوق. ولكن كيف يمكن للشركة أن تجعل المزيد من الأطفال يُقبِلون على شراء علكتها؟ في البداية كان لابدّ من طرح سؤال مهم: ما هي صفات علكة "جوسي فروت" التي قد تكون جذابة للمراهقين؟ توجهت شركة ريجلي مباشرة إلى المصدر لمعرفة الإجابة على هذا السؤال، فقد بحثت الشركة عن الأطفال الذين يتناولون أكثر من خمس قطع من علكة "جوسي فروت" أسبوعيًا، ثم طلبت منهم إحضار صورة تذكرهم بالعلكة وكتابة قصة قصيرة عنها. وقد استنتجت الشركة من هذا البحث أن المراهقين يمضغون "جوسي فروت" لأنها حلوة، وتمدهم بالانتعاش والطاقة. بدورها أكدت وكالة الإعلانات (BBDO) ما قاله المراهقون، فقد طلبت الوكالة من أكثر من 400 شخص يمضغون العلكة بصفة مستمرة أن يصنفوا أنواعًا مختلفة من العلكة وفقًا للصفات التي تميزها، وقد كانت إجابات المشاركين حول علكة "جوسي فروت" تتراوح حول عبارات مثل "تحتوي قدرًا ملائمًا من الحلاوة" و"تمتلك حلاوة طبيعية". كذلك أجرت وكالة (BBDO) دراسة أخرى لمعرفة سبب مضغ المراهقين للعلكة. هل يفعلون ذلك لأنهم متوترون أم لأنهم نسوا استخدام الفرشاة والمعجون قبل الخروج إلى المدرسة؟ وقد أجاب ثلاثة أرباع الأطفال تقريبًا بأنهم يمضغون العلكة عندما يشعرون بحاجتهم لتناول شيء حلو المذاق، وقد كانت علكة "جوسي فروت" الأولى في إشباع هذه الرغبة من بين أنواع العلكة الأخرى. رغم أن بحث التسويق الذي أجرته شركة ريجلي كان بسيطًا نسبيًا، إلا أنه أتاح لها اتجاهات جديدة في استراتيجية التسويق، فقد طورت وكالة (BBDO) أربعة إعلانات تلفزيونية تدور حول فكرة "يجب أن أتناول شيئًا حلوًا". وقد قال 70% تقريبًا من المشاركين في الدراسة إن علكة "جوسي فروت" كانت أول ما خطر على بالهم بعد مشاهدة الإعلان. وبعد هذه الحملة، سجلت مبيعات العلب التي تحتوي على مائة قطعة من العلكة ارتفاعًا بمعدل 5% بعد أن سجلت تراجعًا بمعدل 2% قبل البدء بهذه الحملة. كذلك سجلت حصة "جوسي فروت" في السوق زيادة من 4.9% إلى 5.3%، وهي أكبر زيادة سجلتها علامة تجارية للعلكة في ذلك العام. تتناول بحوث التسويق حاجة المسوقين إلى اتخاذ قرارات دقيقة وبسرعة، وذلك في ظل العلاقة المعقدة بين الشركات وبيئة العمل المحيطة التي تتصف بالتغيّر المستمر. صحيح أن بعض المسوقين منعزلون تمامًا عن زبائنهم، ولكن معظمهم يعرفون زبائنهم معرفة جيدة، ويعرفون رغباتهم، كما أنهم مطلعون على أنشطة المنافسين. ويعتمد المسوقون في أغلب الأحيان على رجال المبيعات والموزعين من أجل الحصول على المعلومات، ومع ذلك فإن بحوث التسويق هي أفضل مصدر يمكن للمسوق أن يلجأ إليه بحثًا عن المعلومات. لكن تجدر الإشارة إلى أن معظم القرارات التسويقية ما زالت تُتخذ بدون إجراء بحوث تسويق رسمية، ففي العديد من الحالات يكون الوقت المطلوب لإجراء بحوث التسويق كبيرًا جدًا، أو تكون تكلفة إجرائها مرتفعة، وفي حالات أخرى يتعذر الحصول على البيانات المطلوبة بطريقة موثوقة. وفي النهاية، يضطر المسوقون الناجحون إلى اتخاذ القرارات بناءً على مزيج من الحقائق والحدس الجيّد. وكما ترى في الشكل رقم 6 يمكن تطبيق بحوث التسويق في جميع مراحل التخطيط التسويقي. الشكل 6: عملية تخطيط التسويق. أهمية بحوث التسويق وطبيعتها تعود أولى محاولات تحليل السوق إلى بدايات تطوّر مفهوم التسويق بحدِّ ذاته، ولكن هذه المحاولات كانت بسيطة وغير رسمية. مع ذلك، أصبح دور الأبحاث أكثر وضوحًا وأهميّة في مجال الإدارة خلال السنوات الماضية. يعكس التعريف التالي تغيّر النظرة تجاه بحوث التسويق خلال السنوات القليلة الماضية، إذ يمكن القول إن بحوث التسويق هي عملية علمية ومنضبطة لجمع معلومات تسويقية غير روتينية بهدف مساعدة الإدارة على حل مشكلات التسويق. مع ذلك، توجد خلافات حادّة حول اعتبار بحوث التسويق علمًا أم لا. وتعتمد إجابة هذا السؤال على تعريف المرء لمعنى "العلم". وحتى نكون أكثر تحديدًا، يجب على النشاط البحثي أن يستعمل طريقة علمية تقوم على استنباط الفرضيات من الملاحظات، ثم اختبار هذه الفرضيات، وفي النهاية قَبول الفرضيات أو رفضها أو تعديلها حسب نتائج الاختبار. وفي العلم تتحول الفرضيات المؤكدة إلى "قوانين"، أما في بحوث التسويق فتتحول الفرضيات المؤكدة إلى قواعد عامة تستعملها الإدارة لتطوير البرامج التسويقية. (وحتى نبسط النقاش حول هذه القضية، سوف نستعمل مصطلح "الأسئلة" مرادفًا لمصطلح "الفرضيات".) ويقع على عاتق مدير البحث أن يضبط آليات بحوث التسويق، وذلك للوصول إلى الإجابة الصحيحة للمشكلة المطروحة، بالإضافة إلى مراقبة وضمان تصميم البحث تصميمًا صحيحًا، ومراقبة تنفيذه بعناية للتأكد من سيره حسب الخطة. ويُعد ضبط بحوث التسويق مهمة صعبة في أغلب الأحيان؛ وذلك بسبب بُعد الباحث عن السوق، والحاجة إلى خدمات جهات خارجية في كثير من الأحيان لإنجاز مشروع البحث. ما هي الأمور التي تحتاج إلى البحث في مجال التسويق الإجابة على هذا السؤال هي ببساطة "كل شيء" فلا يوجد جانب من جوانب التسويق لا يمكن تطبيق مفهوم بحوث التسويق عليه. إن جميع عناصر التسويق التي ستتناولها سلسلة مقالاتنا يمكن أن تخضع لبحوث تسويقية دقيقة، ولكن من الأفضل دائمًا التركيز على العناصر المهمة في إدارة التسويق. على سبيل المثال، يمكن طرح العديد من الأسئلة المهمة حول المستهلكين: من هم المستهلكون؟ ماذا يريدون لإشباع رغباتهم؟ ما هي اختياراتهم الشرائية؟ ماذا يشترون، أو لا يشترون؟ متى يشترون؟ كيف يبحثون عن إشباع رغباتهم في السوق؟ كذلك يمكن لبحوث التسويق أن تتناول مجالاً آخر لا يقل أهمية، وهو الأرباح. وتتضمن البحوث المتعلقة بالأرباح جانبين أساسيين، أما الجانب الأول فهو الحاجة إلى توقع المبيعات والتكاليف، وبالتالي حساب الأرباح، وأما الجانب الثاني فهو ضرورة بناء خطة تسويقية منافسة قادرة على إنتاج المستوى المطلوب من المبيعات بتكلفة ملائمة. ويُعد توقع المبيعات الأداة الأساسية التي يستعملها المسوقون لتوجيه الأرباح في إطار عملية إدارة التسويق. بالطبع، يُعد تحليل المبيعات والتكاليف السابقة مهمًا أيضًا لتقييم الأداء والتخطيط للمستقبل. تتركز معظم بحوث التسويق في خمسة مجالات إدارية تخصصية، وهي: السوق: دراسة اتجاهات السوق، ومواصفاته، والحصص والفرص السوقية، وغيرها من المعلومات المتعلقة بالسوق. المبيعات: تحليل المبيعات، وتوقعها، وتحديد الحصص، ومنطقة البيع، والقنوات التجارية، وقياس الأداء، وتوزيع التكاليف وغير ذلك. المنتجات: دراسة منتج جديد، ومزاياه، وشعاره، وإجراء اختبارات المفهوم، والمنتج، والسوق. الإعلان والترويج: دراسة مفاهيم الترويج، والإعلانات، ووسائل الإعلام، والتغليف، وقياس فعالية الإعلانات. نمو الشركة وتطورها: التنبؤ الاقتصادي والتقني، ودراسة مدخلات التخطيط في الشركة، وصورة الشركة، وقياس الأرباح، ودراسة عمليات الاندماج والاستحواذ، واختيار مواقع المنشآت. كيف يستعمل الإداريون بحوث التسويق يُعد إنشاء وطرح منتجات جديدة الأولوية الأولى لدى مديري التسويق. ولكن معهد علوم التسويق بمدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس الأمريكية أجرى استطلاعًا للرأي شمل 160 مديرًا تسويقيًّا من 60 شركة صناعية واستهلاكية وخدمية مختلفة، وقد طُلب منهم توزيع 100 نقطة بين مجالات بحوث التسويق بحسب أهميتها. وقد قال مديرو التسويق إن دراسة توجه السوق والعلاقة مع المستهلكين يأتيان في المرتبة الثانية والثالثة بعد إطلاق منتجات جديدة. أما في الاستطلاع السابق فقد حل تحسين استعمال المعلومات التسويقية، وقياس قيمة العلامة التجارية في هاتين المرتبتين. ويشير دونالد ليمان (Donald Lehmann)، المدير التنفيذي للمعهد، إلى أن: توقع المبيعات التوجهات الديموغرافية توقع التكاليف تأثير التشريعات القانونية اختبار المنتجات اختبار الأسعار حاجات المستهلكين اختبار الاتصال التسويقي مواقف المستهلكين مواقع قنوات الاتصال استعمال المستهلكين للمُنتج المنافسة حجم السوق وتوجهاته التوجهات الديموغرافية النفسية استبدال المنتجات التوجهات البيئية table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 7: مجالات تطبيق بحوث التسويق. خطوات بحث التسويق وأساليبه رغم تطور مفهوم بحوث التسويق خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا، منذ ثلاثينات القرن الماضي، لكن ما زالت هناك حاجة لتطوير مجموعة أساليب وإجراءات شاملة ومتقدمة لهذا المجال. لقد حققت بحوث التسويق تقدمًا في العديد من الجوانب أكثر من أي مجال تخصصي آخر في إدارة التسويق، ولكن في ضوء الطبيعة التخصصية لبحوث التسويق، فمن الصعب في هذا الكتاب أن نناقش سوى الخطوط العامة للأساليب الأساسية فيها. من المهم أن يكون مدير التسويق ملمًا بالإجراءات والأساليب الأساسية المستعملة في مجال بحوث التسويق. صحيح أن العديد من رجال الأعمال لن يكونوا بحاجة إلى استعمال بحوث التسويق بصفة شخصية، ولكن قد يتوجب عليهم في مرحلة ما الإشراف على بحوث التسويق الداخلية، أو العمل مع شركات خارجية مختصة ببحوث التسويق. إن المدير الذي يفهم آليات عمل بحوث التسويق أقدر على الحكم على المقترحات التي يتقدم بها خبراء البحث، وتقييم النتائج والتوصيات. وقد يتوجب أحيانًا على مدير التسويق أن يبحث بنفسه عن حلول للمشاكل التسويقية، فقد تتعذر الاستعانة بخدمات المتخصصين في بحوث التسويق، وبالتالي إلمام مدير التسويق بأساسيات البحث يمنحه القدرة على الوصول إلى المعلومات التي يحتاج إليها. في الحقيقة لا توجد سلسلة محددة من الخطوات التي يتفق عليها الجميع في بحوث التسويق، فكل مشكلة تسويقية تتطلب -إلى حد ما- إجراءاتها الخاصة، ولكن يتفق الجميع تقريبًا على أن أي مشروع بحث تسويقي متكامل يجب أن يتضمن أربعة أنشطة أساسية وهي: إجراء التحقيق الأولي تصميم خطة البحث تنفيذ التحقيق معالجة البيانات وتقديم النتائج. (شاهد الشكل رقم 8 الموضح أدناه) إجراء التحقيق الأولي ينقسم التحقيق الأولي إلى مرحلتين أساسيتين، تتضمن المرحلة الأولى تحديد نطاق البحث والغرض منه، بينما تتضمن المرحلة الثانية التحقيق في البيئة التسويقية، ويُعرف هذا التحقيق باسم "التقييم غير الرسمي". تحديد نطاق البحث والغرض منه قلما تكون المشكلة الظاهرة في بحوث التسويق هي المشكلة الحقيقية، لذلك لابدّ في البداية من الغوص والتعمّق في أصل المشكلة للتأكد من طبيعتها وحجمها. ويجب التأكد من إجراء هذه الخطوة بصورة صحيحة، فجميع المراحل اللاحقة في المشروع سوف تكون مبنيةً عليها. وحتى يكون البحث جديرًا بالاهتمام (وليس مجرد هدرًا للموارد) يجب تحديد المشكلة وتوضيحها بدقة. إن تعريف مشكلة البحث تعريفًا صحيحًا يقود إلى وضع مُحدّدات صحيحة، على سبيل المثال، قد يكون البحث مُحدَّدًا بعناصر معيّنة مثل الوظيفة التسويقية (الإعلان) وشريحة المستهلكين (المستخدمون الدائمون) والسوق (الشرق الأقصى) والإطار الزمني (1999-2001). ولأن إجراء الأبحاث مكلف للغاية، فمن المهم وضع المحددات والالتزام بها. التقييم غير الرسمي يُطلق على المرحلة الثانية من التحقيق الأولي اسم "التقييم غير الرسمي" وهي عبارة عن عملية بحث غير رسمية في البيئة التسويقية. وتتيح هذه المرحلة للباحث التعرّف على معالم المشكلة، وتزداد أهمية هذه المرحلة إذا كان الباحث من خارج الشركة، أي أنه بحاجة للتعرف على الشركة، وزبائنها، ومنتجاتها، وجميع الشروط التسويقية المحيطة بالمشكلة. كما أن هذه الخطوة لا تقلُّ أهمية في حال كان الباحث من داخل الشركة، فهي تمكنه من التعرّف على جميع العوامل الداخلية والخارجية المتعلقة بالمشكلة التسويقية. وفي حين أن التحقيق غير الرسمي يتجاوز مجرد "الاطلاع" على المشكلة والبيئة التسويقية، إلا أن نتيجته النهائية تتلخص في طرح مجموعة من الأسئلة البحثية. وتهدف هذه الأسئلة إلى تقديم تفسير مبدئي للمشكلة التي يحاول البحث إيجاد حل لها. على سبيل المثال، إذا كان مدير التسويق يحاول حل مشكلة تراجع الحصة السوقية في منطقة معيّنة من البلاد، فقد يكشف التحقيق الأولي عن ثلاثة أسباب محتملة لذلك. ويمكن افتراض هذه الأسباب الثلاث على أنها نتائج محتملة للبحث -إلى حين التأكد منها من خلال الدراسة- وهي: تراجع الحصة السوقية يرجع إلى زيادة الإعلانات المنافسة في المنطقة. تراجع الحصة السوقية يرجع إلى طرح شركة منافسة منتجًا تجريبيًا جديدًا. تراجع الحصة السوقية يرجع إلى نفاد الكمية من المتاجر بفعل إضراب سائقي شاحنات النقل في المنطقة. بعد ذلك، يحاول الباحث التحقق من هذه الفرضيات من خلال دراسة سجلات الشركة للعثور على مصادر جديدة للمعلومات، أو اكتشاف علاقة بين المعلومات القديمة والمشكلة الحالية. كذلك قد يجري الباحث مقابلات مع مديري الشركة والعاملين فيها، وقد تشمل المقابلات أيضًا أفرادًا من خارج الشركة للحصول على آراء مرتبطة بالمشكلة. ويمكن القول إن التحقيق الأولي يقتصر دومًا على محاولة تكوين رؤية عن المشكلة وحلولها المحتملة. وفي نهاية التحقيق الأولي، يحلل الباحث النتائج التي توصل إليها حتى تلك اللحظة، ويعيد صياغتها على شكل أسئلة بحثية، وذلك بهدف اختبارها والإجابة عليها في خطوات البحث اللاحقة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Marketing research: an aid to decision making) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: تصميم خطة البحث التسويقي المقال السابق: تجزئة الشركات في العملية التسويقية النسخة العربية من كتاب مدخل إلى التسويق
-
من المهم لمدير التسويق أن يفهم كيفية تجزئة الشركات، إذ أن العديد من المنتجات لا تُباع للمستهلك النهائي فقط، وإنما لشركات أخرى. ورغم وجود العديد من أوجه الشبه بين سلوك الزبائن والشركات، إلا أن هناك العديد من الاختلافات بينها، ومنها: تنظر معظم الشركات إلى عملها بطريقة منطقية، أو بطريقة حل المشكلات. تتسم إجراءات الشراء لدى الشركات بالطابع الرسمي والروتين. توجد العديد من العوامل المؤثرة على عملية الشراء في حالة الشركات. من المهم الحفاظ على التصنيف الصحيح للبضائع في المخزن عند التعامل مع الشركات. تقع مسؤولية التخلص من الفائض والخردة على عاتق مدير الشراء. وتجدر الإشارة هنا إلى وجود العديد من الطرق لتجزئة الأسواق الصناعية (أسواق الشركات)، وذلك حسب: أنواع الزبائن (أنواع الشركات). التصنيف الصناعي المعياري. الاستخدام النهائي. عوامل الشراء المشتركة. حجم المشتري وموقعه الجغرافي. أنواع الزبائن يمكن تصنيف الزبائن الصناعيين، سواءً الحاليين أو المستقبليين، إلى ثلاث مجموعات أساسية وهي: شركات تصنيع معدات أصلية، على غرار شركة كاتربيلر في مجال معدات الطرق. مستخدمون نهائيون مثل المزارعين الذين يستعملون المعدات الزراعية التي تنتجها الشركات المصنعة للمعدات الأصلية مثل شركة جون ديري. زبائن ثانويون، مثل الزبائن الذين يشترون قطع الغيار الخاصة بالمعدات. وبالمثل، يمكن أيضًا تصنيف المنتجات الصناعية إلى ثلاثة تصنيفات، يُباع كل واحد منها لنوع معيّن من الزبائن: الآلات والمعدات (مثل الحواسيب، والشاحنات، والجرافات) وهذه منتجات نهائية تُباع فقط لشريحتين هما: شركات صناعة المعدات الأصلية، والمستخدمين النهائيين. المكونات والقطع (مثل المفاتيح، والمكابس، وقطع المعدات) وهي تُستخدم لصناعة أو إصلاح الآلات والمعدات وتُباع لجميع الشرائح الثلاثة السابقة. المواد الخام (مثل المواد الكيميائية، والمعادن، ومبيدات الأعشاب) وهي مواد تُستعمل لصناعة المنتجات النهائية وُتباع لشريحتي المستخدمين النهائيين وشركات صناعة المعدات الأصلية. التصنيف الصناعي المعياري يستعمل التصنيف الصناعي المعياري (Standard Industrial Classification SIC) رموز التصنيف الصناعي المعياري الخاص بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية. وتصنف هذه الطريقة الشركات على أساس المنتجات أو الخدمات التي تقدمها إلى عشرة أصناف رئيسية مختلفة. ويمكن بواسطة هذه الطريقة التعرّف على كبرى المجموعات الصناعية من خلال أول رقمين في رمز التصنيف الصناعي المعياري. على سبيل المثال، يشير الرقم 22 إلى مصانع الغزل والنسيج، ويشير الرقم 34 إلى مصانع التعدين، وهكذا. ويستعمل المُنتِج الصناعي هذه الطريقة للتعرف على المجموعات الصناعية الأخرى التي قد تستخدم المنتجات التي يقدّمها. ويحوّل الجدول رقم 5 التصنيف القائم على أساس خانتين فقط إلى تصنيف من ثلاث وأربع وخمس وحتى سبع خانات. وكما ترى في الجدول، يسمح استعمال رمز التصنيف الصناعي المعياري للمصنع بالتعرف على الشركات التي تطلب منتجًا بعينه، وهو في مثالنا في الجدول الكمّاشات. ويمكن تحديد المصانع التي تستعمل منتجًا بعينه عن طريق الاستعانة بإحدى المصادر التالية: Dun's Market Identifiers سجلات محوسبة تضم ثلاثة ملايين شركة أمريكية وكندية مصنفة وفق تصنيف صناعي معياري من أربع خانات. Metalworking Directory قائمة شاملة بمصانع التعدين التي يزيد عدد موظفيها عن 20 موظفًا، بالإضافة إلى موزعي المعادن، وهي مصنفة وفق تصنيف صناعي معياري من أربع خانات. Thomas Register of American Manufacturers دليل شامل بالمصانع، مصنّف حسب المنتجات، وهو يتيح للباحث التعرف على معظم أو جميع المصانع التي تقدّم منتجًا معينًا. Survey of Industrial Purchasing Power استطلاع سنوي لأنشطة المصانع في الولايات المتحدة وفق توزيعها الجغرافي، وهو مصنف وفق تصنيف صناعي معياري من أربع خانات. المخطط 5: التصنيف الصناعي المعياري SIC الذي يعتمد خانتين إلى سبع خانات في التصنيف. الاستخدام النهائي أحيانًا يعمل المسوقون الصناعيون على تجزئة الأسواق بالنظر إلى كيفية استخدام المنتج في أوضاع مختلفة، وهو ما يتيح لهم تحليل التكلفة والفائدة لكل استخدام. وعليه يجب على المُنتِج أن يسأل نفسه: ما هي الفوائد التي يرغب بها الزبون من هذا المنتَج؟ وعلى سبيل المثال، علمت شركة مختصة بصناعة المحركات الكهربائية أن زبائنها يستعملون المحركات بسرعات مختلفة. وبعد زيارات ميدانية للحصول على رؤية واضحة، قررت الشركة تقسيم السوق إلى شريحة السرعة المرتفعة وشريحة السرعة المنخفضة، ثم ركزت في شريحة السرعة المنخفضة على تقديم منتج بسعر منافس، فيما ركزت على التفوق في شريحة السرعة المرتفعة. معايير الشراء المشتركة يميل بعض المسوقين الصناعيين إلى تجزئة السوق من خلال تحديد الزبائن الذين يبحثون عن المعايير ذاتها عند الشراء. ويمكن القول إن هناك خمسة معايير أساسية في معظم عمليات الشراء الصناعي وهي: أداء المنتج، جودة المنتج، الخدمة، التسليم، وأخيرًا السعر. إن التعرف على الزبائن الذين تجمعهم ذات معايير الشرائية يُعد أمرًا مهمًا للغاية، ولكنه قد يكون صعبًا أيضًا في ظل تبدّل الأولويات باستمرار لدى الشركات والبائعين. حجم المشتري وموقعه الجغرافي إذا لم تكن تجزئة السوق مُتاحة بأي من الأساليب السابقة، فما زال بالإمكان تجزئة السوق حسب حجم المشترين وحدودهم الجغرافية، وقد لجأ مديرو المبيعات إلى ذلك منذ سنوات طويلة، ولكن شركات التسويق تعلمت منذ وقت قريب فقط كيفية تطوير استراتيجيات تسعير متعددة بحسب قُرب الزبائن أو بعدهم جغرافيًا. وبالمثل، يمكن أيضًا تطوير استراتيجيات مختلفة للشركات على اختلاف أحجامها، سواءً كانت كبيرة أم متوسطة أم صغيرة. التجزئة المفردة والمتعددة لقد ناقشنا حتى الآن تجزئة السوق وفق أسس مفردة، وهي استراتيجية قد تكون بسيطة ولكنها فعّالة للغاية في أغلب الأحيان. ومن الواضح أن استعمال أسس مثل الجنس (في مجال مستحضرات التجميل) والعمر (في مجال الموسيقى ومنتجات الرعاية الصحية) والدخل (في مجال السيارات) يقدّم معلومات مفيدة حول الزبائن، ولكن تجزئة السوق وفق أساس واحد قد لا تكون دقيقة بما فيه الكفاية للخروج بشريحة تسويقية يمكن استهدافها ببرنامج تسويقي محدد. ولهذا السبب، تستعمل العديد من الشركات استراتيجيات متعددة لتجزئة السوق، إذ يمكن مثلًا تجزئة سوق الإسكان وفق حجم الأسرة، والدخل، والفئة العمرية. على سبيل المثال، تقدّم شركة (American Log Home) لزبائنها مجموعة واسعة من الخيارات بناءً على احتياجاتهم، ومستويات دخلهم، ومهاراتهم، وأحجام أُسَرهم، وأغراضهم. وتتراوح خيارات الشركة بين منازل من غرفة واحدة مصممة بصورة رئيسية للصيادين، إلى وحدات سكنية بمساحة 370 مترًا مربعًا مكونة من ثلاثة طوابق. كذلك يستطيع الزبائن أن يختاروا تصميم المبنى من الداخل ومن الخارج. مع ذلك، قد يكون من عيوب هذه الاستراتيجية أنها تؤدي إلى إنتاج مجموعة هائلة من المنتجات (تنوّع زائد). أضف إلى ذلك أن استعمال أسس متعددة متفاوتة الأهمية، والمساواة بينها (جمعها في تصنيف واحد)، قد يؤدي إلى تضليل الجهود التسويقية. اختيار الشرائح التسويقية المؤهلة إن استعمال الأسس الملائمة لتجزئة السوق يُعد أمرًا مهمًا للغاية، وما لا يقل عنه أهمية هو اختيار الشرائح المؤهلة من بين الشرائح التسويقية الناتجة، إذ يجب على المسوقين أن يكونوا قادرين على التفريق بين الزبائن المحتملين فعلًا، والأفراد والشركات الذين يحملون صفات مشابهة ولكن لا يمكن تحويلهم إلى مشترين حقيقيين. باختصار، يجب أن يدرك المسوقون أن بعض الشرائح التسويقية قد لا تمثل فرصًا تسويقية حقيقية. ولذلك، تُستعمل خمسة معايير لقياس القيمة النسبية للشريحة التسويقية: وضوح التصنيف: وذلك يعني أن تكون حدود الشريحة التسويقية واضحة، وهو ما يتطلب أيضًا تحديد السمات الديموغرافية والاجتماعية بدقة لتسهيل قياس الشريحة التسويقية المحددة. ولكن لسوء الحظ، قد لا يكون الحصول على بيانات الشريحة التسويقية أمرًا سهلًا، وخصوصًا عند تعريف هذه الشريحة وفق سمات سلوكية. على سبيل المثال، يُعد الجنس أساسًا واضحًا لتجزئة سوق حمالات الصدر. الحاجة الحقيقة أو المحتملة: يمكن القول إن الحاجات لا تُعد شريحة تسويقية ما لم تكن تعكس طلبًا واضحًا على البضائع والخدمات، وما لم يكن بالإمكان تحويلها إلى رغبات عبر التعليم والإقناع. أضف إلى ذلك أن بناء استراتيجية تجزئة منفصلة يقتضي أن تكون الحاجة إلى ذلك الصِنف من المُنتجات كبيرةً بما فيه الكفاية. ويتطلب هذا المعيار قياس حجم الحاجة، وحجم القوة الشرائية الداعمة لها. على سبيل المثال، توجد هناك حاجة واضحة للمصاعد في بناية مكونة من 40 طابقًا. الطلب الفعلي: إن وجود الحاجة الحقيقية وحده لا يكفي لتوليد الطلب الفعلي، بل يجب أن تكون هناك أيضًا قوة شرائية. وتنبع القدرة على شراء المنتج من واحد أو أكثر من هذه المصادر الثلاث: الدخل، والادّخار، والاقتراض. ويجب أن يمتلك أفراد الشريحة التسويقية واحدًا من هذه المصادر الثلاث على الأقل حتى تُعد هذه الشريحة فرصة تسويقية مُعتبرة. ويمكن القول إن امتلاك بطاقة فيزا أو غيرها من بطاقات الائتمان يحقق هذا المعيار في معظم المنتجات. الوصول الاقتصادي: يجب أن تتوفر في أفراد الشريحة التسويقية إمكانية الوصول إليهم بسهولة وإمكانية تحقيق الأرباح. على سبيل المثال، قد يتطلب هذا المعيار أن تكون الشريحة التسويقية مركزة جغرافيًا في مكان واحد، وتتسوق من ذات المتاجر، وتقرأ ذات المجلات. ولكن للأسف، العديد من الشرائح التسويقية المهمة -وخصوصًا تلك التي تستند إلى الدوافع مثلًالا تتوفر فيها إمكانية الوصول الاقتصادي، مثل شريحة كبار السن الأثرياء. الاستجابة الإيجابية: يجب أن تستجيب الشريحة التسويقية بصورة فريدة (مختلفة) للجهود التسويقية، إذ إن استعمال برامج تسويقية منفصلة لن يكون أمرًا مُبررًا أو منطقيًا ما لم تكن الشرائح التسويقية المختلفة تستجيب بطرق فريدة للجهود التسويقية. استراتيجية تجزئة السوق على مدار العقدين الماضيين، أصبح هناك فهم أشمل وأدق لتجزئة السوق، ولكن ذلك لا يعني عدم وجود بعض المشاكل التي يجب أخذها في الحسبان. ولعل أكبر مشكلة تكمن في صعوبة تعريف أسس التجزئة تعريفًا دقيقًا، ولهذا السبب تتطلب تجزئة السوق قدرًا كبيرًا من الخبرة والمعرفة. إن البحث في دوافع المستهلكين يُعد أمرًا أساسيًا، ولكنه لا يلغي أهمية البيانات التاريخية والوصفية المتعلقة بهم. ويمكن القول إن الهدف النهائي من تجزئة السوق هو تحديد سوق مُستهدف أو أكثر، وبدون تحقيق هذا الهدف تصبح عملية التجزئة بلا قيمة. في أجزاء لاحقة من هذه السلسلة، سوف نتناول تجزئة السوق بصورة مفصلة، ولكن يكفيك في هذه المرحلة أن تعرف أن تجزئة السوق هي استراتيجية التسويق الأساسية لدى معظم المُنتجين. وتمثل تجزئة السوق، إلى جانب تمييز المُنتجات، جوهر استراتيجية التسويق المعاصر. وتنقسم عملية اختيار السوق المستهدف إلى خمس خطوات على النحو التالي: تحديد الأفراد والشركات ذات الصلة، وكذلك عوامل الشراء الأخرى، إلى جانب الميزة الأساسية في المنتج. (على سبيل المثال، تُعد سهولة الاستخدام الميزة الأساسية في كاميرا Maxxum SLR الخاصة بشركة Minolta اليابانية، أما عوامل الشراء الأخرى فقد تشمل العمر، والدخل، وتركيب الأسرة، ومُناسَبة الاستخدام، والخبرة في مجال التصوير). جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالشرائح التسويقية المحتملة (مثل سمات المستخدمين الجُدد لكاميرات التصوير، ونظرتهم إلى السعر، وحجم هذه الفئة، واتجاهاتها، والحد الأدنى من المزايا المطلوبة في المنتج). تطبيق معايير الشريحة التسويقية الجيّدة. اختيار شريحة تسويقية أو أكثر لاستهدافها (مثل المصورين المبتدئين الذين يمتلكون أُسرًا، وتتراوح أعمارهم بين 25-45 عامًا، ويزيد دخلهم عن 35,000 دولار). بناء برامج تسويقية ملائمة للوصول إلى الشريحة أو الشرائح التسويقية المستهدفة. (على سبيل المثال، تحديد السعر بـ 350 دولار، وتوزيع المنتجات عبر متاجر الكاميرات، والمتاجر العامّة، ومتاجر الخصومات، والترويج عبر الإعلانات التلفزيونية والمجلات). لمحة عن البرامج التسويقية الفعالة: شريحة الشباب يجب أن تعلم أن التسويق التقليدي ليس كافيًا لاستقطاب سوق المراهقين الذي يتسم بالتغيّر المستمر، ولكن شركة High Frequency Marketing (اختصارًا HFM) المختصة بالتسويق للشباب استطاعت الوصول إلى المعادلة الصحيحة، فمنذ تأسيسها في عام 1995 على يد رون فوس (Ron Vos) تمكنت الشركة من تحقيق نمو كبير في مجالات شتى، ويعزو فوس ذلك إلى حملات الترويج غير التقليدية التي تنفذها شركته. لقد ركز فوس جهوده التسويقية في البداية على مجال الموسيقى، فاستهدف الفئة العمرية بين 12 إلى 26 عامًا، وذلك من خلال تسويق الموسيقى على المستوى الشعبي وفي الشوارع. وفي عام 1995 لم يكن التسويق في الشوارع قد أصبح منتشرًا بعد كما هو الآن. ويمكن القول إن السر في نجاح فوس هو قدرة شركته على مسايرة جيل الشباب ومواكبة التكنولوجيا. وكما يقول فوس "إذا انتشر المفهوم التسويقي لدى الجميع، فقد أصبح من الماضي." وعند سؤال فوس حول الحملات الناجحة التي نفذتها شركته، يذكر فوس على الفور فيلم مطرب حفل الزفاف (The Wedding Singer)، فقد استعانت شركة New Line Cinema في عام 1998 بفوس لترويج الفيلم، وقد خرجت شركته في حينها بفكرة إقامة "مسابقة غنائية" في المولات التجارية في 24 مدينة. وقد حققت هذه الحملة نجاحًا مذهلًا وفتحت الأبواب أمام الشركة للدخول إلى عالم صناعة الترفيه. كما نفذت الشركة حملة ناجحة أخرى في عام 2000، وذلك عندما استعانت شركة Food.com بها لتنفيذ حملة للتبرع بالطعام في الجامعات، وقد اقترحت Food.com مكافأة الجامعة التي تتبرع بأكبر قدر من الطعام بحفل غنائي، ولكن شركة HFM اقترحت استعمال محفزات ملموسة وأكثر واقعية لتشجيع الطلاب على التبرع بالطعام، وهكذا خرج فوس وفريقه بفكرة "الموسيقى مقابل الطعام" فقد قاموا بتوزيع أقراص موسيقية مجانية على الطلاب الذين تبرعوا بالطعام، بالإضافة إلى تذكرة لحضور حفل غنائي قريب من المكان. مفهوم التموضع تتيح استراتيجيات تجزئة السوق وتمييز المنتجات للشركة الوصول إلى موقع مرموق في السوق. لذلك يجب على الشركة الذكية السعي للوصول إلى الموقع الذي تتطلع إليه، لا أن تنتظر الزبائن أو الجمهور أو حتى المنافسين ليضعوها في الموقع الذي يريدونه. ويمكن تعريف التموضع بأنه تصميم عروض الشركة وبناء صورتها على نحو يمكّنها من احتلال مكانة مميزة في أذهان الزبائن. ويتلخص الهدف النهائي للتموضع في تأسيس قيمة سوقية ناجحة، أو بمعنى آخر توفير سبب مقنع للسوق المستهدف يدفعه لشراء المنتج. وبما أن التموضع يبدأ بالمنتج، فسوف نفصّل الحديث عن هذه الاستراتيجية في باب "المنتج" من سلسلتنا الفريدة. مستقبل السوق مع التوسع المستمر للسوق العالمي بفضل الأقمار الصناعية والإنترنت والمشاكل العالمية، تزداد صعوبة تقييم السوق على نحو فعّال. وفي ظل انتشار التسويق عبر العلاقات، والتسويق الشخصي، وتخصيص المنتجات، يمكن القول إن التسويق قد عاد مجددًا إلى نقطة البداية، وكما كان صاحب متجر الخضراوات على ناصية الشارع يعرف جميع زبائنه شخصيًا في الماضي، من المتوقع أن يكون التسويق في المستقبل مشابهًا جدًا لذلك. خلاصة تعريف السوق وفهمه ما هو السوق؟ في الواقع إن تعريف السوق يعتمد على المنتج الذي تقدّمه، ولكن جميع الأسواق بصفة عامة تمتلك سمات أساسية متشابهة. فالسوق هو الناس، سواءً كانوا أفرادًا أو مجموعات، وهو كذلك الشركات أو المؤسسات. والسوق أيضًا عبارة عن مكان تجري فيه المعاملات التجارية. وأخيرًا، السوق هو مؤسسة اقتصادية تتأثر بالقوى الاقتصادية والقوانين الحكومية. وحتى يبيع المسوقون منتجاتهم، يجب عليهم أولًا أن يعرفوا السوق معرفةً جيدة. وينقسم السوق إلى أربعة أنواع رئيسية -ولكنه لا يقتصر عليها- وهي: الأسواق الاستهلاكية، والأسواق الصناعية، والأسواق المؤسساتية، وأسواق البيع بالتجزئة. ويتميز كل سوق من هذه الأسواق بسمات ينفرد بها عن غيره، مع ذلك هناك الكثير من السمات المتداخلة. ولهذا السبب، تلجأ الشركات الناجحة إلى استراتيجية تجزئة السوق لتقديم منتج يتوافق مع احتياجات ورغبات الزبائن. لقد ناقشنا في هذا الباب من سلسلتنا مفهوم السوق وعرّفناه من ثلاث زوايا وهي: الناس، والمكان، والنشاط الاقتصادي. ثم تطرقنا بعد ذلك إلى أنواع السوق الأربع. وقد تناول الجزء الأكبر من هذا الباب استراتيجيتين للتعامل مع السوق: وهي التسويق الموحد ، وتجزئة السوق. أما الاستراتيجية الأولى فهي تفترض أن السوق كيان متجانس، وبالتالي لا حاجة لبناء استراتيجيات مختلفة للتعامل معه. في المقابل تقر الاستراتيجية الثانية بأن الأسواق تحتوي في داخلها أسواقًا أصغر حجمًا، تُسمى الشرائح التسويقية، وهي تسعى إلى تقييم واستهداف هذه الشرائح. وفي الختام، سلطنا الضوء على استعمال أسس متعددة لتجزئة السوق، وناقشنا حدود المعايير المستعملة في تقييم الشرائح التسويقية. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Understanding and approaching the market) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: بحوث التسويق وصناعة القرار التسويقي المقال السابق: تجزئة المستهلكين في العملية التسويقية النسخة العربية الكاملة من كتاب مدخل إلى التسويق
-
سنستعرض في هذا المقال كيفية تجزئة المستهلكين ووضعهم في تصنيفات مناسبة، بحيث يغدو باستطعاتنا وضع وتأسيس استراتيجية تسويقية مناسبة لكلٍّ صِنف من المستهلكين. التجزئة الجغرافية تُعد الجغرافيا من أقدم وأشهر أسس تجزئة المستهلكين، وذلك يرجع إلى سهولة تحديد الأسواق بحسب موقعها الجغرافي، ووفرة البيانات المتاحة. مع ذلك، لا تمتلك العديد من الشركات الموارد الكافية للخروج من السوق المحلي أو الإقليمي، لذلك تركز على شريحة جغرافية واحدة. وتُعد الأسواق المحلية والأجنبية أشهر أنواع الشرائح الجغرافية. وترتبط بالموقع الجغرافي مواصفات ذاك الموقع مثل: الطقس، والطبوغرافيا، والعوامل الطبيعية مثل الأنهار والجبال والقرب من البحار والمحيطات. وتُعد الرطوبة المرتفعة والمطر والجفاف والثلج والبرد جميعها عوامل قد تؤثر في عدد كبير من المنتجات. فقد يساعد وجود الأنهار مثلاً على ظهور سوق لمعدات الصيّد. كذلك قد تؤدي الكثافة السكانية إلى ظهور شرائح فريدة من المستهلكين، ففي المدن المزدحمة بالسكان مثل القاهرة ودمشق وبغداد تظهر الحاجة لمنتجات معيّنة مثل الأنظمة الأمنية، ومطاعم الوجبات السريعة، ووسائل النقل العام. وتوفر التجزئة الجغرافية بعض المزايا المهمة، إذ أنها تساعد على الحد من الجهود التسويقية المهدرة، فالإعلانات وقنوات التوزيع وخدمات الصيانة جميعها موجهة إلى الزبون في المكان الصحيح. علاوة على ذلك، تسهل التجزئة الجغرافية عمل الشركة، فهي تتيح تنظيم عمل جميع المنتجات ومندوبي المبيعات وقنوات التوزيع انطلاقًا من موقع مركزي محدد. في المقابل، تنطوي التجزئة الجغرافية على عدد من العيوب البارزة، فهناك احتمال دومًا أن تكون اختيارات الزبائن غير مرتبطة بالموقع الجغرافي، وقد تطغى عوامل أخرى عليه، مثل الأصول العرقية ومستوى الدخل. علاوة على ذلك، يمكن للشرائح الجغرافية أن تكون واسعةً أحيانًا وأن تضم العديد من الشرائح والتقسيمات الأصغر، كما يمكن للشريحة الجغرافية الواحدة أن تكون متناقضة للغاية إلى درجة يصعب معها اعتبارها سوقًا واحدًا يمكن استهدافه بشكل مُخصّص. التجزئة السكانية لقد أثبتت التجربة أهمية الصفات الديموغرافية عند تجزئة المستهلكين، فقد كانت تجزئة المستهلكين بحسب الفئة العمرية مفيدة في تسويق العديد من المنتجات. على سبيل المثال، يؤثر صغار السن (بين 5 إلى 13 سنة) على قرارات آبائهم الشرائية، إضافة إلى أنهم يتخذون قراراتهم الخاصة المتعلقة بشراء الألعاب، والوجبات الخفيفة، وألعاب الفيديو وغيرها، وهو ما حدا بالعديد من الشركات إلى تصميم جهود ترويجية تستهدف هذه الفئة العمرية بالتحديد. ومؤخرًا أصبح سوق كبار السن (65 فما فوق) يحتل أهمية أكبر لدى الشركات التي تقدّم منتجات معينة، مثل المساكن ذات التكلفة المنخفضة، والرعاية الصحية. إعلان: التركيز على شريحة المراهقين والشباب، وافتراض أنهم سوف يجربون مزايا المنتج في المتجر. تاريخيًا، كان عُنصر الجنس أساسًا جيدًا لتجزئة السوق، ورغم وجود منتجات مخصصة بوضوح لكل من الرجال والنساء، إلا أن الكثير من الحدود التقليدية تغيّرت، وهو ما يوجب على التسويق مواكبة هذه التغيّرات. على سبيل المثال، أدى ظهور المرأة العاملة إلى تغيّر توزيع المسؤوليات وآليات إنفاق الدخل في الأسرة. كذلك تجدر الإشارة إلى ظهور شرائح أصغر حجمًا ضمن شريحتي الرجال والنساء، وبالتالي يمكن لتجزئة السوق على أساس الجنس أن يكون مفيدًا إذا أُخذت العوامل السلوكية والديموغرافية الأخرى في الحسبان. كذلك تُعد دورة حياة العائلة من العوامل الديموغرافية المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالجنس والفئة العمرية، إذ تشير الوقائع إلى أن العائلات تتبنى أنماطًا سلوكية متوقعة للغاية، وذلك بحسب بنية الأسرة (مثل عدد البالغين والأطفال). على سبيل المثال، إذا كانت الأسرة مكونة من زوجين صغار السن وطفل وحيد، فسوف تكون حاجاتها الشرائية مختلفة عن أسرة مكونة من زوجين في الخمسينات من العمر، وقد غادر أطفالهم المنزل. وبالمثل، تختلف أنواع المنتجات التي يشتريها زوجان متزوجان حديثًا عن تلك التي يشتريها زوجان يمتلكان أطفالاً. أما الدخل فهو يُعد الأساس الأكثر شيوعًا لتجزئة السوق، وذلك لأن الدخل يحدد مدى قدرة الزبون على تحمّل تكلفة شراء المنتج. فعلى سبيل المثال، نستطيع أن نفترض أن الأفراد الذين يحصلون على الحد الأدنى من الأجور لا يستطيعون شراء سيارة رياضية بتكلفة 25,000 دولار بسهولة. ويمكن القول إن الدخل يغدو أفضل أساس ومعيار لتجزئة السوق في ظل ارتفاع أسعار المنتجات، مع ذلك، قد لا يمثل الدخل عاملًا مهمًا في بعض المنتجات، مثل الخبز والسجائر وزيت المحركات. كذلك قد يكون الدخل مفيدًا في دراسة بعض أنواع السلوكيات الشرائية، فعلى سبيل المثال، يميل الزبائن من فئة الدخل المتدني والمتوسط إلى استعمال القسائم الشرائية. هناك أيضًا العديد من العوامل الديموغرافية الأخرى التي قد تؤثر على سلوكيات المستهلكين، فالتعليم مثلًا يؤثر على اختيار المستهلكين للمنتجات، وكذلك على المواصفات المطلوبة فيها. كذلك يُعد العمل عاملًا ديموغرافيًا مهمًا، فالأفراد الذين يعملون في أعمال شاقّة (مثل استخراج الفحم) قد يطلبون منتجات مختلفة كليًا عن أولئك الذين يعملون في مجال التدريس أو الخدمات المصرفية، رغم أن الدخل قد يكون متساويًا في الحالتين. وأحيانًا تتطلب بعض الوظائف (مثل العمل في الجيش أو الشركات العالمية) التنقل من مكان إلى آخر، وهو ما يعني إمكانية اكتساب شخص (أو أسرة بأكملها) لعادات شرائية جديدة، والتعرف على مصادر أخرى للخدمات والمنتجات، وربما تفضيل علامات تجارية جديدة. أخيرًا، ترتبط الأصول العرقية والقومية باختيارات المستهلكين للمنتجات ووسائل الإعلام، فقد أظهر الأفارقة الأمريكيون وجود اختيارات وأذواق معيّنة لديهم فيما يتعلق بالطعام، ووسائل المواصلات، ووسائل الترفية، وغير ذلك. كما أن ذوي الأصول اللاتينية يفضلون الاستماع إلى الراديو ومشاهدة التلفاز على قراءة الصحف والمجلات للاطلاع على آخر المنتجات. ويناقش صندوق "التسويق المتكامل" التالي كيف يغفل المسوقون أحيانًا عن تأثير الشرائح العرقية على التسويق. حتّى الدين يمكن استعماله أساسًا لتجزئة السوق، فقد أظهرت الأبحاث في هذا الصدد -رغم قلتها- بعض النتائج المثيرة للاهتمام. فإلى جانب الطلب على المجلات والكتب والموسيقى والمؤسسات التعليمية والاستشارية ذات الطابع الديني، ظهر أيضًا طلب على منتجات وخدمات ذات طابع علماني. على سبيل المثال أيضًا، أظهرت الدراسات أن المتدينين يزورون السينما بوتيرة أقل من المستهلكين العاديين، ولكنهم يقضون وقتًا أكبر في الأعمال التطوعية. ورغم المزايا الواضحة للتجزئة الديموغرافية (مثل انخفاض التكلفة وسهولة التنفيذ)، إلا أنه ما زالت تحوم حولها الكثير من الشكوك، إضافة إلى إساءة استخدامها في كثير من الأحيان. فعلى سبيل المثال، يمكن القول إن المستهلك المعتاد على الطعام المكسيكي هو شخص تحت سن الخامسة والثلاثين، ويمتلك شهادة جامعية، ويجني أكثر من 10,000 دولار في السنة. صحيح أن هذه المواصفات قد تنطبق فعلًا على مستهلك الطعام المكسيكي، ولكنها تنطبق أيضًا على الكثير من المستهلكين الآخرين. تجزئة الاستعمال في عام 1964 اقترح تويدت (Twedt) التخلي عن التجزئة الديموغرافية وطرح فكرة الزبون الدائم أو المستهلك الشره لتكون أساسًا لتجزئة السوق. وزعم تويدت أنه لابدّ من قياس الاستهلاك لدى الزبون، ودعا إلى تركيز الترويج على المستهلك الشره، وقد أصبحت هذه الطريقة شائعة للغاية، وخصوصًا في مجال صناعة المشروبات. ولقد أُجريت الكثير من الأبحاث التي أثبتت أن معرفة العوامل المرتبطة بمعدلات الاستهلاك لدى الزبائن تساعد على تحسين الجهود التسويقية بصورة كبيرة. وقد تطورت من هذه الفكرة أربعة أسس أخرى لتجزئة السوق. الأساس الأول هو مناسبة أو غاية الشراء، فعلى سبيل المثال، يُعد تحديد سبب الرحلة الجوية أهم معيار لتصنيف الزبائن لدى شركات الطيران. أما الأساس الثاني فهو حالة المستخدم، فقد يكون المستخدم زبونًا سابقًا أو زبونًا للمرة الأولى، وقد يكون زبونًا لمرة واحدة أو زبونًا معتادًا، وهو ما يقتضي توظيف استراتيجيات التواصل الملائمة لكل حالة. وقد أصبحت شركات السيارات مدركة لأهمية تزويد المشترين الجدد بقدر كبير من المعلومات المساعدة، وذلك للتأكد من رضاهم عن عملية الشراء، مع ذلك، لا يوجد تقدير واضح حول مدى فعالية هذه المعلومات. وأما الأساس الثالث فهو الولاء، إذ يمكن للشركات أن تحاول تحديد الزبائن الذين يحملون ولاءً لها، وأن تحلل السمات المشتركة بين هؤلاء الأشخاص، وذلك لإيجاد السوق المثالي. مع ذلك، ما زال هناك قدر كبير من عدم اليقين حول كيفية قياس هذا الولاء قياسًا دقيقًا. وأما الأساس الأخير فهو مراحل الاستعداد، ويقسّم هذا الأساس الزبائن المحتملين إلى: غير واعٍ، وواعٍ، ومطلع، ومهتم، وراغب، وعازم على الشراء، وإذا كان مدير التسويق عارفًا ومُلمًّا بشريحة معينة من الزبائن المحتملين، فسوف يكون قادرًا على تصميم استراتيجية تسويق للانتقال بهم عبر هذه المراحل المختلفة بسلاسة، ولكن هذه المراحل أيضًا تتسم بكونها مبهمة وصعبة القياس. التسويق المتكامل سايلاس مايرز (Silas Myers) أمريكي أفريقي في الحادية والثلاثين من العمر، يحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد، ويعمل محلل استثمارات في شركة (Hotchkeo & Wiley) ويتلقى راتبًا من ستة خانات تقريبًا. يقضي مايرز 10 ساعات أسبوعيًا يتسوق فيها من الإنترنت، ويقول "قد أكون مجنونًا، لكن التسوق الإلكتروني أسهل كثيرًا بالنسبة لي." واليوم يوجد الملايين من الأمريكيين الأفارقة على الإنترنت، ولكن ما يميزهم هو أنهم أصغر سنًا وأكثر ثراءً وأفضل تعليمًا من نظرائهم الذين لا يستخدمون الإنترنت. ولكن الغريب هو أن القليل من المواقع فقط تستهدف هذه الفئة الجذابة. وفي حين أن أي متجر كتب في الشارع يمتلك قسمًا مخصصًا لكتب الأدب العرقي أو كتب الأمريكيين الأفارقة، إلا أن عمالقة التجارة الإلكترونية مثل أمازون يفتقرون إلى وجود مثل هذه الأقسام! والحل لهذه المشكلة بسيط للغاية، ويتمثل في إنشاء أقسام مخصصة للأمريكيين الأفارقة في المتاجر الإلكترونية. التجزئة النفسية تشير نتائج الأبحاث حول مفهوم تجزئة السوق إلى أن العوامل النفسية لا تقل أهمية عن العوامل الديموغرافية. على سبيل المثال، جزّأ فيليب موريس سوق شركات السجائر وفق أسس نفسية جذابة للزبائن على النحو التالي: مارلبورو: سجائر راعي البقر الأمريكي. بنسون وهيدجز: سجائر راقية لأصحاب الذوق الرفيع. بارليامنت: فلتر مخصص للمدخنين الذين يرغبون في تجنب الآثار المباشرة للسجائر. ميريت: نسبة منخفضة من القطران والنيكوتين. فيرجينيا سليمز: سجائر للسيدات. وتشير التجارب إلى أن مواقف الزبائن المحتملين تجاه منتجات معيّنة قد تحدد شراءها أو عدمه. وبالتالي، إذا استطاعت الشركة عزل الزبائن الذين يحملون مواقف إيجابية متشابهة تجاه المُنتج، فسوف تحصل على شريحة عملاء مهمة. ويمكن تعريف مواقف الزبائن بأنها ميل الزبائن للتصرف بطرق معيّنة عند التعرّض لمحفزات محددة. كذلك يمكن تعريف الشخصية بأنها السمات والسلوكيات التي تميّز الشخص على المدى البعيد، والتي يستجيب من خلالها للبيئة المحيطة. وقد حاول المسوقون مبكرًا استعمال السمات الشخصية في تجزئة السوق، ولكن هذه الدراسات المبكرة فشلت في إثبات إمكانية استعمال السمات الشخصية أساسًا لعملية التجزئة. مع ذلك، يشير المنطق السليم إلى أن استهلاك بعض المنتجات يجب أن يكون مرتبطًا بشخصية الزبون. فمن الملاحظ أن كبار السن يفضلون قيادة سيارات كبيرة الحجم، وأن الأغنياء ينفقون كثيرًا على السكن وغيرها من الأشياء التي تدل على النجاح والغنى، وأن الأشخاص المنفتحين يميلون إلى ارتداء الملابس المبهرجة. أما الدوافع فترتبط بالمواقف ارتباطًا وثيقًا، وتُوصف بأنها محرّك السلوك. ويمكن القول إن المواقف تتسم بالعموم والشمولية، وأن الدوافع تتسم بالتحديد والخصوصية. ومن ناحية نظرية، فإن هذا التفريق هو محور تجزئة السوق، إذ إن قياس العوامل الديموغرافية، والشخصية، والمواقف ليس في الحقيقة سوى محاولة للوصول إلى الدوافع الخفية في سلوك الزبائن، كما أن الأشخاص الذين يحملون سمات جسدية ونفسية متشابهة يميلون إلى امتلاك دوافع متشابهة أيضًا. ويمكن للدوافع أن تكون إيجابية (مثل البحث عن الراحة) أو سلبية (مثل الخوف من الألم). وهنا يظهر سؤال منطقي: لماذا لا نحاول قياس الدوافع مباشرة وتجزئة السوق على أساسها؟ أما مصطلح نمط الحياة فيشير إلى ميول الفرد أو المجموعة المتعلقة بالاستهلاك، والعمل، والترفيه، ويمكن تعريفه بأنه أنماط سلوك الفرد واهتماماته وآراؤه. لقد أصبحت تجزئة السوق وفق نمط الحياة منهجًا شائعًا للغاية في أوساط المسوقين، وذلك بسبب توفر أدوات القياس، وقدرة هذه العملية على إنتاج شرائح تسويقية واضحة، وأمسى المسوّقون يستهدفون -بأنواعٍ معيّنة من المُنتجات وأساليب التسويق- أنماط حياة مُحددة للعملاء. فعلى سبيل المثال، تصمم شركة (أول ستيت) المختصة بخدمات التأمين في الولايات المتحدة برامج خاصة لـ "السائق الجيّد" وهو عبارة عن شريحة تسويقية توصلت إليها الشركة بعد تجزئة السوق وفق نمط الحياة. ويبدأ تحليل نمط الحياة بطرح أسئلة حول أنشطة المستهلك واهتماماته وآرائه. لنفترض أن رجلًا يعمل مديرًا ويجني 40,000 - 50,000 دولار في العام، ولديه زوجة وأربعة أطفال، فما هي نظرته لدوره باعتباره أبًا وراعيًا للأسرة؟ كيف يقضي وقت فراغه؟ ما هي الأندية أو المجموعات التي ينتمي إليها؟ هل يمارس هواية الصيد؟ ما هي مواقفه تجاه الإعلانات؟ ماذا يقرأ؟ وتكشف الأنشطة والاهتمامات والآراء عن قدر كبير من المعلومات حول مواقف الزبائن من منتجات أو علامات تجارية معيّنة. وتميل دراسات نمط الحياة إلى التركيز على كيفية إنفاق الأشخاص لأموالهم، وعلى أنماط عملهم، وأوقات فراغهم، واهتماماتهم الرئيسية، بالإضافة إلى آرائهم حول القضايا الاجتماعية والسياسية، وحتى آرائهم حول أنفسهم. وقد دفع انتشار استعمال نمط الحياة في تجزئة السوق العديد من شركات التسويق للتخصص في هذا المجال. وقد طوّر معهد ستانفورد للأبحاث طريقتين لتجزئة السوق وفق أنماط القيم وأساليب الحياة. ففي عام 1978 طرح المعهد الطريقة الأولى المعروفة اختصارًا باسم (VALS) وهي الحروف الأولى من كلمات (القيم Values، والمواقف Attitudes، ونمط الحياة Lifestyle). وقد قسّمت هذه الطريقة المجتمع الأمريكي وفق حاجات السكان إلى تسع شرائح مختلفة. ولكن بعد سنوات من استعمال هذه الطريقة، وُجد أن هذه الشرائح التِسع كانت تعبر فقط عن مجتمع يسوده الشباب، كما كانت الولايات المتحدة قبل 30 عامًا من الآن. كذلك، وجدت الشركات صعوبة في استعمال هذه الشرائح لتوقع سلوكيات الشراء، أو التعرف على الزبائن المحتملين. ولهذه الأسباب، طوّر معهد ستانفورد للأبحاث طريقة جديدة كليًا أُطلق عليها اسم (VALS 2)، وقد تخلت هذه الطريقة عن استعمال القيم وأنماط الحياة أساسًا للتخطيط الشخصي للمجتمع، ولجأت عوضًا عن ذلك إلى طرح 43 سؤالًا للتعرف على السمات النفسية الثابتة لدى الزبائن، بدلًا من القيم وأنماط الحياة المتغيرة. وقد وضعت طريقة (VALS 2) الفئات الاجتماعية في مستطيل (انظر إلى الجدول رقم 3) ورتبتها رأسيًا حسب وفرة مواردها، وأفقيًا حسب التوجهات الشخصية. ويمكن للشركات أن تشترك سنويًا في طريقة (VALS 2) للحصول على مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات، كما تستطيع الشركات التي ترغب بدراسة السوق أن تستعمل أسئلة (VALS) في الاستبيانات الخاصة بها وسوف يتولى معهد ستانفورد مسؤولية تحليل البيانات وتصنيف المشاركين. (المنهجية القديمة في مقابل المنهجية الجديدة) استُبدلت شرائح (VALS) التسعة بثماني شرائح مختلفة في النظام الجديد. وتُرتب الشرائح في النظام الجديد ترتيبًا رأسيًا حسب مواردها وترتيبًا أفقيًا حسب التوجهات الشخصية.) الجدول رقم 4: أسلوب القيم وأنماط الحياة في تجزئة السوق. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Understanding and approaching the market) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: تجزئة الشركات في العملية التسويقية المقال السابق: فهم السوق والتعامل معه النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
-
سنتابع في سلسلتنا الفريدة عن مبادئ وأسس التسويق في بابنا الثاني "فهم السوق والتعامل معه"، والذي سنخوض عبره في جُملةٍ من المواضيع والمفاهيم التسويقية الجوهرية، حيث سنستعرض دور التسويق في عملية التبادل وكيفية التفريق بين أنواع السوق المختلفة، كما سنتطرّق إلى الفرق بين مفهومي التسويق الموّحد وتجزئة السوق، وسنذكر في نهاية هذا الجُزء من سلسلتنا قواعد تجزئة السوق وكيفية اختيار السوق المستهدفة بدقّة. استخدام الإنترنت في تجزئة السوق أضحت الإعلانات الإلكترونية في وقتنا الحاضر تمثل سوقًا كبيرةً نسبيًا. وفي ظل محدودية الميزانيات التي خصصتها الشركات لها، باتت العديد من الشركات تطالب المعلنين وشركات الإعلان الإلكتروني باستثمار الأموال التي تخصصها للإعلانات بمسؤولية وكفاءة أكبر. وعلى الرغم من أن بدايات الإعلانات الإلكترونية لم تكن موفّقة بسبب عدم تواجد أدوات يمكنها قياس حجم الجمهور الإلكتروني والزوّار للمواقع المختلفة بدقة، إلا أن الوضع قد اختلف في عصرنا الحالي، مع تطوّر وتوفّر أدوات حديثة لقياس وتحديد الجمهور المُستهدف. وتُعد شركة Relevant.Knowledge من أولى الشركات التي وضعت أسس أدوات قياس عدد زوار المواقع الإلكترونية بدقة. وقد تأسست الشركة على يد إداريين سابقين من شركة تيرنر للبث Turner Broadcasting وبموظفين متمرسين في حساب عدد المتابعين في وسائل الإعلام التقليدية، مثل التلفزيون والراديو. وتقدم الشركة، من بين خدمات أخرى، بيانات سريعة ومفصلة جغرافيًا حول زيارات المواقع الإلكترونية، وذلك لعدد من كبرى الشركات، مثل سي إن إن وسوني وسي نت وميكروسوفت. ويمكن القول إن شركة Relevant.Knowledg استهدفت -في وقتها- حل واحدة من أكبر المشكلات المستعصية على المعلنين والناشرين وهي: شح المعلومات الموثوقة التي يستطيع المعلنون استعمالها لتبرير شراء الإعلانات على الإنترنت. فقد عانى المعلنون حالة من الصدام الثقافي بين التقنيات الحديثة وطرق البحث التقليدية، والنتيجة أنه لم تكن توجد معلومات كافية يمكن تطبيقها على المواقع الإلكترونية. صحيح أن المواقع تقدّم معلومات حول عدد زوارها، ولكن ليس من السهل الموازنة بين هذه النتائج ونتائج المواقع الأخرى، كما أن معظم المواقع لا تستطيع معرفة إن كانت الزيارات مصدرها شخص واحد يزور الموقع مرارًا وتكرارًا أم أن مصدرها أشخاص مختلفين. ولذلك اعتمد مشترو الإعلانات على أدوات بدائية، مثل التقارير حول ما ينفقه المنافسون. معرفة السوق وفهمه تُعد معرفة السوق بدقة شرطًا لنجاح التسويق، ولكن ذلك قد يكون صعبًا، وخصوصًا للشركات التي تحاول الإعلان من خلال الإنترنت. وكما أشرنا سابقًا، فمن المتوقع أن يتواصل هذا التوجه نحو الإنترنت ويستمر بقوّة في المستقبل. في هذا الباب من سلسلة مقالاتنا سوف نناقش ثلاثة مفاهيم أساسية متعلقة بالسوق وهي: تعريف طبيعة السوق، ومعرفة أنواعه، ومناقشة التسويق الموحد وتجزئة السوق. تعريف السوق يمكن النظر إلى السوق من زوايا عديدة، وبالتالي يستحيل تعريفه بدقة. ولكن لابدّ من تعريف أساسي يعطينا فكرة عامة عن ماهيّة السوق، ويمكن القول إن السوق هو مجموعة من الزبائن المحتملين الذين يحملون حاجات ورغبات معينة، ولديهم القوة الشرائية لإشباعها. السوق هو الناس بما أن أي تبادل يتضمن شخصين فأكثر، فمن الطبيعي النظر إلى السوق على أنه عبارة عن أفراد أو مجموعات من الأفراد. ومن الواضح أنه بدون أفراد يشترون ويستهلكون البضائع والخدمات، فلن تكون هناك حاجة للتسويق. ويشكل الناس سوقًا فقط إن كانت لديهم حاجات ظاهرية أو كامنة، أي أن الناس يجب أن يكونوا مدركين لحاجاتهم الحالية والمستقبلية. وفي حين أن التعرف على الحاجات الحالية قد يكون سهلًا ومباشرًا، إلا أن التعرف على الحاجات المستقبلية يُعد أمرًا أكثر تعقيدًا، فهو يجبر المسوق على تطوير منتجات جديدة لإشباع حاجات ليست موجودة بعد. وبالتالي، يُعد التعرف على الزبائن المستقبليين وفهم حاجاتهم أمرًا ضروريًا للغاية. وعندما نتحدث عن السوق بوصفه مجموعة من الناس، فنحن لا نعني بذلك الأفراد المستهلكين فقط. ورغم أن الأفراد يمثلون أكبر وأهم الأسواق، إلا ان المؤسسات والشركات وغيرها من أنماط السلوك الجماعي المنظم تُعد أسواقًا أيضًا. وعليه يمكن القول إن الأسواق تتشكل من الناس والشركات والمؤسسات. مع ذلك، يجب أن تتوفر في الناس أو الشركات عدد من المعايير الأساسية حتى يشكلوا سوقًا: يجب أن يكون هناك حاجة حقيقية، سواءً كانت ظاهرة أو كامنة، للمنتج أو الخدمة. يجب أن يكون الفرد/الشركة قادرًا على الدفع لشراء المنتج بوسائل مقبولة لدى المسوّق. يجب أن يكون الفرد/الشركة مستعدًا لشراء المنتج. يجب أن يكون الفرد/الشركة يمتلك صلاحيات شراء المنتج. يجب أن يكون إجمالي عدد الأفراد/الشركات الذين تنطبق عليهم المعايير السابقة كبيرًا بما فيه الكفاية لتحقيق الربح للمسوّق. يجب أن تنطبق جميع المعايير الخمسة السابقة على مجموع الأفراد أو الشركات حتى يشكلوا سوقًا، إذ أن غياب معيار واحد منها يلغي وجود السوق، ومثال ذلك صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية، فهناك العديد من الأمراض الخطيرة التي ما زالت بلا دواء، والسبب في ذلك عدم وجود عدد كافٍ من الأشخاص المصابين لتبرير تكاليف البحث وإنتاج الدواء المناسب، وتحقيق الربح لشركات الأدوية. ورغم تحقق المعايير الأربع الأولى في هذه الحالة، إلا أن قاعدة المستهلكين الصغيرة حالت دون وجود السوق لهذا المُنتج. السوق مكان ينظر العامّة إلى السوق عادةً باعتباره مكانًا تجري فيه المعاملات التجارية. وفي هذا السياق، يمكن إطلاق لفظ السوق على الأسواق العالمية، والدولية، والإقليمية، والولايات، والمدن، والأحياء، والمتاجر، وحتى المولات. صحيح أن "الناس" يمثلون جزءًا مهمًا من السوق، ولكن "المكان" لا يقل أهمية أيضًا، فالشركات تنقل بضائعها إليه، والزبائن يتوجهون إليه لإجراء المعاملات التجارية. كما أن العديد من العوامل تتأثر بموقع السوق الجغرافي وتشمل هذه العوامل مزايا المنتج، وسعره، ومكان المنشآت، وتوزيع مندوبي المبيعات، والتصميم الترويجي وغير ذلك. أخيرًا، قد لا يشغل السوق موقعًا جغرافيًا بالضرورة، فقد يكون السوق عبارة عن كتالوج أو إعلان يسمح للمستهلكين بشراء المنتجات التي يرغبون بها دون الحاجة إلى الاستعانة بالوسطاء، أو إجراء المكالمات الهاتفية. السوق نظام اقتصادي في معظم الحالات، يتسم السوق بوجود نظام متغيّر من القوى الاقتصادية، ولعل من أبرزها: العرض، والطلب، والمنافسة، وتدخل الحكومة. وتعكس بعض المصطلحات مثل "سوق المشترين" و"سوق البائعين" حالة القوة التفاوضية في السوق، فيما تعكس مصطلحات أخرى مثل "الاحتكار المطلق" و"احتكار القلة" و"المنافسة المثالية" حالة المنافسة في سوق معيّن، في حين ينتج عن مقدار الحرية الشخصية و مدى سيطرة الحكومة إمّا أسواق حرة، أو أسواق اشتراكية، أو غيرها من الأنظمة التجارية والاقتصادية. إن تصنيف السوق يسمح للمسوق بتصميم استراتيجيات ملائمة للوضع الاقتصادي، فكما نعلم يتميز سوق المشترين بوفرة المنتجات، وتدني الأسعار، وتحكم الزبائن بشروط البيع، لذلك تضطر الشركات الأمريكية إلى إجراء تعديلات هائلة على استراتيجياتها عند بيع منتجاتها في أسواق العالم الثالث. وباختصار، يمكن القول إن التفاعل بين جميع هذه العوامل الاقتصادية هو ما يصنع السوق. هناك أيضًا ضغط المنافسة الناتج عن دخول شركات جديدة إلى السوق ومغادرة أخرى. وفي إطار ضغط المنافسة يستعمل المسوقون أسلحة لحماية مكانتهم في السوق، وتشمل هذه الأسلحة الإعلان وضغط البيع، والسعر والسعر المقابل، والزعم والزعم المقابل، والخدمة والخدمة الإضافية. ولكن الحقيقة الثابتة هو أن تركيب السوق يتّسم بالتغيّر المستمر. أنواع السوق الآن وبعد أن عرّفنا السوق تعريفًا عامًا، سوف نناقش أبرز أنواع الأسواق ومواصفات كل منها، وهي: الأسواق الاستهلاكية. الأسواق الصناعية. الأسواق المؤسساتية. أسواق البيع بالتجزئة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه التقسيمات ليست واضحة دومًا، ففي بعض المجالات، قد تكون الشركة في تصنيف مختلف كليًا، وقد ينطبق عليها أكثر من تصنيف، أو التصنيفات الأربع مجتمعة. وبالتالي، من المهم معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات حول هذه الأسواق والفرق بينها، وذلك لبناء الأنشطة التسويقية الملائمة لها. الأسواق الاستهلاكية عندما نتحدث عن الأسواق الاستهلاكية، فنحن نقصد الأفراد والعائلات الذين يشترون ويستهلكون المنتجات والخدمات بصفة شخصية، أي أنهم ليسوا مهتمين بإعادة بيع المنتج أو استعماله لإنتاج منتج آخر. وبالنظر إلى آلاف المنتجات والخدمات التي تُطرح في السوق كل يوم، وزيادة قدرة المستهلكين على شراء هذه المنتجات، يمكن القول إن حجم وتعقيد نمو الأسواق الاستهلاكية مربك حقًا، ولذلك يتناول الباب القادم "بحوث التسويق: نحو قرارات أفضل" من سلسلة مقالاتنا عددًا من هذه القضايا. إعلان: نموذج من إعلانات الأسواق الاستهلاكية. الأسواق الصناعية تتكون الأسواق الصناعية من الشركات والأفراد الذين يعملون لديها، والذين يشترون المنتجات والخدمات لاستعمالها في شركاتهم الخاصة، أو لإنتاج منتجات أخرى. على سبيل المثال، قد يشتري مصنع للحديد والصُلب في إطار عمله برامج حاسوب، وأقلام رصاص. وبالمثل أيضًا، قد يشتري مصنع ثلاجات صفائح من الحديد، وأسلاك، ورفوف، وغير ذلك مما يلزم لصناعة المنتج النهائي الخاص بالشركة، فهذا النوع من الشراء يحدث في السوق الصناعية. وتؤكد التجارب أن الأسواق الصناعية تسير بشكل مختلف عن الأسواق الاستهلاكية وأن آليات الشراء فيها مختلفة أيضًا. الأسواق المؤسساتية يتكون هذا السوق من المؤسسات، سواءً كانت ربحية أو غير ربحية، مثل المستشفيات، والمدارس، والوكالات الحكومية. وتختلف المؤسسات عن الشركات الاعتيادية في أن هدفها الأساسي ليس الربح أو زيادة الحصة السوقية، كما أنها تميل إلى إشباع حاجات غير ملموسة لدى فئات معينة، وأما الأرباح المتبقية بعد دفع جميع المصاريف فيُعاد وضعها في المؤسسة مرة أخرى. وبما أن هذه المؤسسات تعمل ضمن قوانين وأُطر مختلفة، وتسعى لتحقيق أهداف متنوعة، فإن هذا يفرض على المسوقين أيضًا استعمال استراتيجيات مختلفة لتحقيق النجاح. إعلان: نموذج من الإعلانات في الأسواق المؤسساتية. أسواق البيع بالتجزئة يشمل هذا السوق جميع الوسطاء الذين يشترون منتجات نهائية أو شبه نهائية بهدف إعادة بيعها وتحقيق الربح. ويعمل في هذا السوق حوالي 383,000 تاجر جملة و1,300,000 تاجر تجزئة في الولايات المتحدة فقط. وباستثناء المنتجات التي يشتريها المستهلكون من المُنتِج مباشرة، تُباع جميع المنتجات الأخرى للمستهلكين عبر تجار التجزئة. وتتميز أسواق التجزئة بمواصفات فريدة، وهو ما يوجب التعامل معها بحذر، ويدرك المنتجون أن التسويق لتجار التجزئة لا يقل أهمية عن التسويق للمستهلكين. التعامل مع السوق يمتلك جميع أطراف التبادل بالعادة قدرة اختيار الطرف الآخر، إذ يُعد اختيار المنتجات عملية يومية لدى الزبائن، سواءً كانوا مستهلكين أو مصانع أو مؤسسات أو تُجّار تجزئة. في المقابل، يشير المنتجون إلى الزبائن المحتملين بعبارة "السوق المستهدف" إذ يجب على المُنتِج أن يسأل نفسه دومًا: بما أن منتجاتي ليست مرغوبة لدى الجميع، وبالنظر إلى نقاط القوة والضعف لديّ، ما هي الفئة التي يجب أن أستهدفها في السوق؟ الرسم التوضيحي رقم 2 يوضح هذه العملية. والخلاصة أن الشركات قد تتبنى التسويق الموحد، أو مبدأ تجزئة السوق، أو تعمل بخليط بين الطريقتين. وتوضح الأقسام التالية جميع هذه المفاهيم. التسويق الموحد (التسويق غير المتمايز) يمكن القول إن مسوقًا يتعامل مع السوق بصورة موحدة عندما يتجاهل التباينات الواضحة في السوق، ويتبنى استراتيجية تسويق تهدف لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الزبائن. وفي الواقع، ينظر المُسوّق في هذه الحالة إلى السوق على أنه كتلة متجانسة من الزبائن أو العملاء المحتملين. والحقيقة أن هذه الفرضية قد تكون خطيرة للغاية، فهناك احتمالية أن يعجز المُسوّق عن استقطاب أحد، أو أن تكون كمية المصادر أو التكاليف المهدرة في عملية التسويق هذه أكبر بكثير من إجمالي الربح العائد من المبيعات. ولكن التعامل مع السوق بصورة موحدة قد يكون ملائمًا لبعض أنواع السلع الاستهلاكية الشائعة (مثل البنزين، والمشروبات، والخبز). فقط تجوّل في محل البقالة وسوف تلاحظ وجود المئات من المنتجات الغذائية التي ينظر إليها المستهلك على أنها منتجات متطابقة، ويعاملها المنتجون بذات الطريقة أيضًا. وحتى ينجح التسويق الموحد لابدّ أولًا من تحديد هذه المنتجات الشائعة التي يكثر شراؤها، إذ يجب أن يكون عدد المستهلكين الذين يحتاجون إلى شراء هذا المنتجات (غير المتمايزة) كبيرًا بما فيه الكفاية لتحقيق أرباح مُرضية. على سبيل مثال، يتسم الحليب بكونه منتجًا شائعًا (غير متمايز) يحظى بسوق واسع، على خلاف أدوات تثقيب الخشب التي تستميل أصحاب المهنة فقط (متمايزة). مع ذلك، حجم السوق الملائم ليس محددًا بسقف معيّن، وهو ما يوجب دراسة كل منتج على حدة. هناك أيضًا عاملان آخران مهمان وهما: هامش الربح لكل وحدة، وحجم المنافسة. على سبيل المثال، يحظى الخبز بهامش ربح منخفض، في ظل وجود العديد من المنافسين، وبالتالي يتطلب قاعدة كبيرة جدًا من المستهلكين، في المقابل يتميز منتج آخر مثل السراويل الرجالية القصيرة بأنه يدر قدرًا كبيرًا من الأرباح في ظل وجود عدد قليل من المنافسين. ويعتمد نجاح التسويق الموحد على قدرة المسوق على تحديد الزبائن المحتملين بصورة صحيحة، وتصميم استراتيجية تنافسية فعّالة. وبما أن قيم الأفراد ومواقفهم وسلوكياتهم تتغير باستمرار، فمن المهم للغاية مراقبة هذه التغيرات. أضف إلى ذلك الاختلافات الثقافية المتعددة والتي تزيد الوضع تعقيدًا. فهناك احتمالية أن يستهدف المنتج عددًا كبيرًا من الناس على اختلاف ثقافاتهم وأذواقهم، ولكنه ليس جذابًا أو يستهدف ذوق أيًّا منهم بشكلٍ خاص. أخيرًا، قد تؤدي حالة التنافس إلى تبني استراتيجية موحدة في التعامل مع السوق، فقد تكون الشركة مسيطرة على السوق، وبالتالي لا يوجد لديها سبب لتجزئة السوق . ومن الواضح أن التسويق الموحد ملائم للشركات التي تحظى بحصة كبيرة للغاية من السوق، أما في حالة الشركات الصغيرة، فقد تكون هذه الطريقة كارثية. الرسم التوضيحي رقم 2 : التعامل مع السوق. تمييز المنتجات تنطوي معظم الأسواق الموحدة على قدر كبير من المنافسة، ولكن كيف يمكن لشركة أن تنافس في هذا الوضع الذي تتشابه فيه جميع المنتجات وتتنافس فيه مع الكثير من الشركات الأخرى؟ تكمن إجابة هذا السؤال في استراتيجية تمييز المنتجات، وهي محاولة لتمييز المنتجات في نظر المستهلكين سواءً بصورة ملموسة أو غير ملموسة عن المنتجات المنافسة. وقد تشمل هذه الاستراتيجية على سبيل المثال لا الحصر تحسين مزايا المنتج، وأداءه، ومدة عمله، ومكانه، وخدمات الصيانة. وكانت شركة كرايسلر للسيارات قد نجحت في تمييز منتجاتها من خلال عرض ضمانة لمدة 7 سنوات/70 ألف ميل على الموديلات الجديدة. كذلك استطاعت شركة بيبسي أن تقنع العديد من الزبائن بأن طعم منتجاتها أفضل من طعم منتجات شركة كوكا كولا. ومن طرق تمييز المنتجات أيضًا عرض المنتجات بسعر منخفض، أو بأسعار مختلفة، كما تفعل شركة Timex للساعات. ولكن بعض المنتجات في الحقيقة لا يوجد بينها أي اختلاف، وعليه فإن محاولة تمييزها بطرق ملموسة سوف تكون عديمة الجدوى، إضافة إلى إمكانية تقليد هذه المحاولات بسهولة. في هذه الحالات، يُفضل تمييز المنتج بوسائل غير ملموسة، أي بوسائل لا ترتبط بالمنتج ارتباطًا مباشرًا. على سبيل المثال، تحاول شركات العصائر التركيز على المتعة التي يحصل عليها الزبون عند تجريبه لمنتجاتها، وقد لا تكون عصائر شركة Snapple الأمريكية الأفضل من ناحية الطعم أو السعرات الحرارية، ولكنها تميزت بإعلانات تلفزيونية مضحكة ظلت محفورة في ذاكرة الزبائن. كذلك استعانت شركة Jell-O المختصة بصناعة الجيلاتين والحلويات بالممثل الكوميدي بيل كوسبي لتقديم إعلانات ممتعة وجذابة للجمهور، في حين أن شركة مايكروسوفت استطاعت أن تميز نفسها من خلال الابتكار وتقديم خدمات استثنائية لزبائن الشركة. ويمكن القول إن تمييز المنتجات بالوسائل غير الملموسة يركز على استعمال قنوات الترويج الجماهيري مثل الإعلانات. مع ذلك، ينطوي تمييز المنتجات على بعض المخاطر. أولًا، يجب على المسوق الذي يسعى إلى تمييز منتجه ألا ينشغل بذكر المزايا الإضافية عن المزايا الأساسية التي يبحث عنها الزبون في المنتج. على سبيل المثال، يمكن لشركة تنتج الخبز أن تمُيّز منتجاتها بالتركيز على محتواها الفريد من المعادن والفيتامينات، وهو أمر جيد طالما أن الشركة لم تغفل عن ذكر الميزة الأساسية التي يبحث عنها الزبون في الخبز، وهي أن يكون طازجًا. ثانيًا، إن تسليط الضوء على مزايا بعيدة للغاية عن المعتاد قد لا يكون فعالًا. أخيرًا، يجب على المسوق أن يتجنب تمييز المنتج من خلال مزايا غير مهمة أو مزايا قد يواجه الزبائن صعوبة في فهمها، ولهذا السبب باتت شركات السيارات تنأى عن ذكر التفاصيل التقنية في إعلاناتها فمعظم الزبائن لا يفهمونها أو لا يهتمون بها أصلًا. على الرغم من ذلك، هناك بديل آخر عن استراتيجية تمييز المنتجات، وهو استراتيجية تجزئة السوق. تجزئة السوق يُعد تمييز المنتجات استراتيجية فعّالة لإبراز منتجات شركتك في مواجهة منتجات الشركات المنافسة، وتمييز منتجاتك عن بعضها أيضًا. على سبيل المثال، تميّز شركات المعكرونة منتجاتها من خلال توفير أحجام ونكهات وأشكال مختلفة، والهدف من ذلك هو بيع المزيد من المنتجات، للمزيد من الأشخاص، بوتيرة أكبر. وقد فعلت ذلك شركة كرافت مع توابل السلطة الخاصة بها، وشركة زيروكس مع عدد من منتجاتها المكتبية. في الواقع إن المشكلة التي تعالجها استراتيجية تجزئة السوق ليست مشكلة المنافسة، وإنما وجود أنواع متعددة من الزبائن في السوق، وتلبية حاجاتهم المختلفة. وتفترض استراتيجية تجزئة السوق أن التعامل الفعّال مع الزبائن والشركات يقتضي إدراك الاختلافات بينهم والتعامل معهم على أساسها. وتساعد استراتيجية تجزئة السوق على تحسين عملية التبادل، إذ أنها تجعل الشركة أقدر على تلبية حاجات الزبائن بدقة. حتى شركات العصائر باتت تدرك هذه الحقيقة، وهو ما دفعها إلى تقديم منتجات خالية من السكر، وأخرى خالية من الكافيين، وأخرى خالية من السكر والكافيين. وعلى الرغم من أن التعرف على أنواع الزبائن المُحتملين (السوق المُستهدف) قد يكون أمرًا سهلاً نسبيًا، إلا أن معظم الشركات لا تمتلك القدرة أو حتى الحاجة لتسويق منتجاتها لجميع أنواع الزبائن، ولذلك تكتفي بتحديد نوع واحد أو أكثر من الأسواق المستهدفة. وفي الواقع، تُعد استراتيجية تجزئة السوق عملية تجزئة وتجميع في ذات الوقت. ففي حين أن الاستراتيجية تتطلب تقسيم السوق إلى شرائح صغيرة ومتجانسة، إلا أنها تقتضي أيضًا إيجاد العوامل المشتركة بين هذه الشرائح وتجميعها مجددًا في شرائح تسويقية مربحة وأكبر حجمًا. وبالتالي، يمكن القول إن تجزئة السوق عبارة عن عملية مزدوجة تتضمن: تصنيف الزبائن في شرائح متجانسة. ثم تحديد الشرائح التي تصلح لأن تكون أسواقًا مُستهدفة للشركة. وخلاصة القول إن استراتيجية تجزئة السوق تهدف إلى تحقيق أمرين: تقليل المخاطرة عند اختيار مكان ووقت وكيفية تسويق المنتج، وزبائنه المحتملين. زيادة فعالية التسويق من خلال تركيز الجهود على شريحة معيّنة من الزبائن على نحو يتلاءم مع صفات هذه الشريحة. استراتيجيات تجزئة السوق يمكن للشركات عند تجزئة السوق اتباع استراتيجيتين مختلفتين: استراتيجية التركيز، واستراتيجية الشرائح المتعددة. أما الشركات التي تتبنى استراتيجية التركيز فتصب جهودها التسويقية على جزء واحد فقط من السوق، ولا تطور سوى مزيجًا تسويقيًا واحدًا. فقد اختارت شركة روليكس للساعات، على سبيل المثال، التركيز على الساعات الفخمة فقط. وتكتسب الشركة بهذه الاستراتيجية تفوقًا على الشركات الأخرى، إذ أنها تركز على تحليل احتياجات ورغبات شريحة واحدة فقط من السوق، ثم تصب جميع جهودها التسويقية عليها، وذلك على خلاف الشركات الأخرى التي تستهدف هذه الشريحة من السوق ولكنها لا تركز جميع الجهود عليها. ولكن المشكلة الأساسية في استراتيجية التركيز هو ارتباط حجم الطلب بشريحة محددة فقط من السوق، وطالما أن الطلب في تلك الشريحة قوي ومستمر، فسوف يكون الوضع المالي للشركة قويًا أيضًا، أما إذا تراجع الطلب، فسوف يتراجع الوضع المالي للشركة كذلك. في المقابل، تركز الشركات -التي تتبنى استراتيجية الشرائح المتعددة- جهودها التسويقية على شريحتين أو أكثر من السوق، وتبني مزيجًا تسويقيًا وبرامج تسويقية ملائمة لكل شريحة منها. وتحقق الشركات عادةً في هذه الحالة ارتفاعًا إجماليًا في عدد المبيعات، وذلك لأنها تستهدف عددًا أكبر من الزبائن، لكنها قد تعاني من ارتفاع التكاليف بفعل الحاجة لأكثر من برنامج تسويقي. أسس التجزئة هناك العديد من الطرق المختلفة لتجزئة السوق، وتختلف الطريقة المختارة من منتج لآخر. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التجزئة تُعد نشاطًا مستمرًا ومتواصلاً، وأن أسسها تتغير باستمرار بتغيّر الأسواق والمنتجات والظروف المحيطة. أسس التجزئة أساس التصنيف السوق الاستهلاكي السوق الصناعي مواصفات الزبون أو الشركة المنطقة الجغرافية، الفئة العمرية، الجنس، العرق، الدخل، دورة الحياة، الشخصية، نمط الحياة المجال، الموقع، الحجم، التقنية، الأرباح، الجوانب القانونية، وضع الشراء طبيعة الشراء الغرض، الفوائد، طريقة الشراء، معايير الاختيار، الولاء للعلامة التجارية، الأهمية الحجم، الوتيرة، معايير الاختيار، آلية الشراء، الأهمية table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول رقم 3: أسس تجزئة الأسواق: الأسواق الصناعية والاستهلاكية في ضوء هذه التقسيمات الأساسية، سوف نناقش أسس تقسيم المستهلكين، ثم نتطرق بعد ذلك إلى العوامل الداخلة في تقسيم الزبائن الصناعيين في المقالات اللاحقة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Understanding and approaching the market) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: تجزئة المستهلكين في العملية التسويقية المقال السابق: مكونات التسويق الاستراتيجية النسخة العربية الكاملة من كتاب مدخل إلى التسويق
-
تُعد دراسة الإدارة ومبادئها مُنطلقًا ضروريًا قبل دراسة أسس التسويق، فهي تمثل الإطار العام لعملية التسويق، والرابط الأساسي بين التسويق من جهة، والمجتمع والمستهلكين من جهة أخرى. ورغم وجود أشكال متعددة لعملية التسويق، لكننا في سلسلة مقالاتنا هذه سوف نستعمل العملية الموضحة في الرسم التوضيحي رقم 1. وتبدأ عملية التسويق كما هو موضح بالاعتبارات الإدارية الثلاث (المهمة، والأهداف، والاستراتيجية) والتي تحدد مسار الشركة بأكملها. صحيح أن هذه الاعتبارات هي اعتبارات إدارية محضة، لكننا سوف نتطرق إليها بإيجاز في المقالات القادمة. الرسم التوضيحي رقم 1 الاعتبارات التشغيلية إذا تبنت شركة التسويق الموجه إلى المستهلك والذي أشرنا إليه سابقًا، فيجب أن تشمل هذه الفلسفة جميع أقسام الشركة، وكذلك المؤسسات التي تتعامل معها. ويمكن تصنيف هذه الأقسام والمؤسسات إلى مؤسسات تسويقية ومؤسسات غير تسويقية. ويمكن للأقسام غير التسويقية أن تكون موجودة في داخل الشركة أو خارجها، ومن أمثلة الأولى أقسام المحاسبة والتخطيط المالي والموارد البشرية والهندسة والإنتاج والبحث والتطوير، وغيرها من أقسام الشركة المختلفة. لذلك يجب على قسم التسويق الاطلاع دومًا على قدرات الأقسام الأخرى والتخطيط بناءً على قدراتها وإمكانياتها المُتاحة، كما أن إقامة العلاقات الودية مع مديري الأقسام الأخرى والحفاظ على تنسيق متناغم معها يُعد أمرًا ضروريًا لكل مسوّق. أما المؤسسات غير التسويقية خارج الشركة فهي تلك المؤسسات التي تسهل عملية التسويق من خلال توفير خبرات وخدمات في مجالات لا ترتبط بالتسويق ارتباطًا مباشرًا، ومن أمثلتها المؤسسات المالية التي تقدّم القروض للمسوقين، والمؤسسات التشريعية التي تسن القوانين التي تنظم عملية التسويق، ووسائل الإعلام التي تنقل أنشطة التسويق إلى الجمهور. خطة التسويق يمكن القول إن الأنشطة التي تُنفذ على مستوى الإدارة هي -إلى حد بعيد- ذاتها الأنشطة التي تُنفذ على مستوى التسويق، إلا أن الفرق الأساسي بينها يكمن في أن خطة التسويق تخضع مباشرة لتأثير الخطة الإدارية العامّة، وكذلك تأثير أقسام الشركة الأخرى، وهو ما يوجب على المسوقين متابعة الخطة الإدارية وأي تغييرات قد تطرأ عليها، وإجراء التغييرات اللازمة على الخطة التسويقية بما يتناسب مع هذه التغييرات. وتسير خطة التسويق وفق خطوات محددة تقريبًا، فهي تبدأ من مهمة الشركة التي تعكس قِيَمها التي تؤمن بها. ما هي دلالة هذه المهمة؟ وكيف تعرف معنى النزاهة؟ وكيف تنظر إلى الناس الذين تخدمهم؟ إن كل شركة تحمل مهمة خاصة بها سواءً كانت مُعلنة أو ضمنية، وقد تتضمن مهمة الشركة كلمات مثل "المساواة" و"العالمية" و"الربح" و"التضحية". وبالتالي، فمهمة التسويق هي تعزيز مهمة الشركة وترجمتها إلى أنشطة تسويقية. فإذا كانت الشركة تركز مثلًا على التكنولوجيا، فسوف يكون التسويق موجهًا إلى الإنتاج، وإذا كان اهتمامها منصبًا على أرباح المساهمين أو رواتب الموظفين، فسوف يكون التسويق موجهًا إلى المبيعات، وأما إذا كانت تركز على القيمة أو الجودة، فسوف يكون التسويق موجهًا إلى المستهلك. وبمجرد صياغة المهمة، يمكن البدء بتحليل الوضع، وإرساء أسس واضحة للعملية والاستراتيجية التسويقيّة. ويساعد تحليل الوضع على تحديد العوامل والسلوكيات والتوجهات التي تؤثر مباشرة على خطة التسويق. ويجري جمع الكثير من هذه المعلومات إلى جانب معلومات إدارية أخرى، ولكن تركيز المسوقين ينصب على المعلومات المتعلقة بتوجهات الزبائن الحاليين والمحتملين. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية مستمرة على الدوام، وهي تستهلك الكثير من الوقت والمال. (يتطرق باب "فهم السوق" في موقفٍ لاحق من سلسلتنا إلى مفهوم البحث التسويقي.) كذلك يساعد تحليل الوضع على إنتاج مجموعة من الأهداف التسويقية المرتبطة بأهداف الشركة. وتتضمن أهداف الشركة في العادة زيادة الأرباح، وخفض التكاليف، وتحسين النمو، وزيادة حصة الشركة في السوق، وتقليل المخاطر، وتحسين سمعة الشركة، وغير ذلك. وقد تُترجم جميع هذه الأهداف إلى أهداف تسويقية محددة مثل "طرح عدد من المنتجات الجديدة"، وهذا من شأنه زيادة الأرباح، وزيادة حصة الشركة في السوق، والدخول إلى أسواق جديدة. المزيج التسويقي يجب على المسوّق بعد تحديد الأهداف أن يعرف سُبل وآليات تحقيق هذه الأهداف، وأن يبني استراتيجية تسويق عامّة يمكن ترجمتها إلى أنشطة قابلة للتنفيذ، وهذا هو دور المزيج التسويقي، الذي يشتمل على كلٍّ من المنتج، والتوزيع، والترويج، وأخيرًا السعر. المنتج تُعد المنتجات (والخدمات) العنصر الرئيس في المزيج التسويقي، فهو العنصر الذي يحتاج إليه المستهلكون ويبحثون عنه، وهو الرابط الأساسي بين الشركة وزبائنها، لذلك يجب أن تكون الشركات مستعدة دومًا لتعديل منتجاتها وفق ما تقتضيه المنافسة والبيئة المحيطة. وفي الوضع المثالي، يجب أن تحقق جميع منتجات الشركة الأرباح، ولكن الواقع يختلف في كثير من الأحيان، وهو ما يضطر الشركة لاتخاذ قرارات صعبة بشأن مدة بقاء المنتج غير الناجح في السوق. التوزيع ينقل التوزيع المنتج إلى المستهلك النهائي. ويتوجب على إدارة التسويق- في ظل وجود العديد من قنوات التوزيع- أن تفهم بوضوح طبيعة الموزعين، والتوجهات التي تؤثر على عملهم، ونظرة الزبائن إليهم. التواصل (الترويج) يجب على الشركة أن توصل مزايا منتجها إلى الموزعين والمستهلكين بطريقة مناسبة، وذلك من خلال الإعلانات، وحملات الترويج، ومندوبي المبيعات، وحملات العلاقات العامة، والتغليف الجيّد. السعر يجب على المسوقين أن يختاروا سعرًا عادلاً من وجهة نظر المستهلكين، فالسعر هو العنصر الأساسي الذي يحكم به المستهلكون على المنتج أو الخدمة، كما أنه انعكاس لجميع أنشطة الشركة. ويُعد السعر أيضًا أداة تنافسية، إذ أنه أساس الموازنة بين منتجات الشركات المختلفة. تتصف عناصر المزيج التسويقي بأنها متداخلة، وذلك يعني ضرورة التنسيق بين جميع هذه العناصر. ولنفترض أن شركة تمتلك منتجين (منتج فاخر ومنتج اقتصادي) وسعرين (6 دولار و3 دولار) وقناتي ترويج (الإعلانات والخصومات) وقناتي توزيع (المتاجر العامة والمتاجر المتخصصة). تشكل هذه العناصر عند أخذها معًا 16 مزيجًا تسويقيًا مُحتملاً. صحيح أن بعضها سوف يكون متناقضًا، مثل منتج فاخر بسعر منخفض، مع ذلك يجب على الشركة دراسة جميع هذه الخيارات. وتزداد المعادلة تعقيدًا بوجود المنافسين، حينها يتوجب على الشركة العثور على المزيج المناسب بين المنتج، والسعر، والترويج، والتوزيع، بما يضمن لها التفوق على منافسيها. (سوف نناقش جميع عناصر المزيج التسويقي بالتفصيل في فصول لاحقة من هذه السلسلة.) تُعد شركة نينتندو مثالًا جيدًا لشركة متعددة الجنسيات استطاعت أن تنفذ استراتيجية التسويق تنفيذًا فعالًا يحقق أهداف الشركة، فقد غدت الشركة رائدة في مجال وسائل الترفيه التفاعلية، ونجحت في تحويل منتجاتها إلى أيقونات اجتماعية. وتقدّم الشركة منتجات مبتكرة، وتعيد صياغة الأسواق التقليدية في مجال عملها، كما أنها ترتبط مع زبائنها من خلال توفير تجربة اجتماعية فريدة للزبائن . ولكن حتى لو صُمم البرنامج التسويقي تصميمًا جيدًا بعد دراسة متأنية لجميع الخيارات، فإنه سوف يفشل إذا كان التنفيذ سيئًا. ويتضمن التنفيذ العديد من العناصر، من ضمنها: اختيار المكان المناسب لترويج المنتج، وإيصال المنتج إلى الزبون النهائي، وطريقة وضع السعر على المنتج، وتحديد عمولة مندوبي المبيعات، فبمجرّد وضع الأساسات للبرنامج والاستراتيجية التسويقية يجب على المدير التسويقي تحديد الطريقة والأسلوب الأمثل لتطبيق تِلك الاستراتيجية. وتُعد شركة الخطوط الجوية الإسكندنافية مثالًا جيدًا لشركة نجحت في تنفيذ استراتيجية التسويق الخاصة بها، فقد امتازت الشركة بالمواعيد الدقيقة، ومعايير السلامة المرتفعة، بالإضافة إلى العديد من الخدمات الأخرى التي تسهل سفر زبائنها. ولكن ذلك لم يكن كافيًا لتحسين عائدات الشركة، لذلك كان لابدّ من تنفيذ إجراءات أخرى لجذب زبائن من فئة رجال الأعمال. وعليه تبنت الشركة عددًا من الخطوات، لكنها رمزية في معظمها، فقد سمحت لكل من يشتري بطاقة كاملة السعر بالجلوس في درجة الركّاب الخاصة، ومنحتهم بطاقة خاصة لصعود الطائرة، وخصصت لهم طابور انتظار خاص، وقدّمت لهم أدوات طعام معدنية، بالإضافة إلى دبوس لتثبيت منديل الطعام يمكن للمسافرين أخذه كتذكار. لقد قدّمت الشركة جميع هذه المزايا الإضافية دون زيادة التكلفة على الزبون، وقد أثبتت هذه الاستراتيجية فعاليتها، وأصبح المسافرون من فئة رجال الأعمال يٌقبِلون بكثافة على الشركة. الميزانية كما ذكرنا فإنه لا بُد من تقييم عناصر المزيج التسويقي في إطار استراتيجية التسويق العامة، وهو ما يُوجب على الشركة تحديد ميزانية التسويق استنادًا إلى تكاليف الجهود التسويقية اللازمة للتأثير على المستهلكين. وتمثل ميزانية التسويق خطةً لتوزيع المصروفات على كل عنصر من عناصر المزيج التسويقي. على سبيل التوضيح، يجب على كل شركة أن تحدد ميزانية الإعلان، وذلك في إطار ميزانية التسويق العامّة، وأن توزع المصروفات على قنوات الإعلان المختلفة (مثل الصحف والمجلات وقنوات التلفزيون). كذلك يجب على الشركة -في إطار تحديد الميزانية- أن تحدد ميزانية ترويج المبيعات، وأن تخصص المبالغ اللازمة للخصومات، ونماذج المنتجات المجانية. وذات الأمر ينطبق أيضًا على البيع الشخصي، وقنوات التوزيع، وآليات تطوير المنتج. وفي هذا الصدد يطرح المسوقون كثيرًا أسئلة مثل: كم يجب أن ننفق؟ هل ما ننفقه لترويج منتجاتنا كافٍ أم أنه أكثر من اللازم؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة، لابدّ من طرح أسئلة أخرى: ما الذي نسعى إلى تحقيقه؟ ما هي أهدافنا؟ بعد ذلك يجب أن يتركز النقاش حول آليات تحقيق الأهداف وسُبل تجاوز العقبات، ولكن المسوقين يتجنبون هذه الخطوة أو يقفزون عنها في كثير من الأحيان. فعند طرح سؤال "هل ننفق ما فيه الكفاية؟" تكون إجابات المسوقين عادةً عبارة عن موازنة مع ما ينفقه الآخرون. صحيح أن معرفة ما ينفقه الآخرون في ذات المجال مهم وخصوصًا إذا كانت الشركة متأخرة عن منافسيها، أو تعتقد أنها تنفق أكثر من اللازم، ولكن التفكير بهذه الطريقة يدفع الشركة إلى تبني ثقافة القطيع (وهي اتّباع نفس خطط واستراتيجيات الشركات المُنافسة)، كما أن ما يفعله المنافسون ليس صحيحًا بالضرورة. تقييم النتائج لا يوجد برنامج تسويقي مثالي تمامًا، ويجب على مديري التسويق توقع مواجهة العديد من المفاجآت خلال تنفيذ برامجهم التسويقية. ولكن للتأكد من سير البرامج وفق الخطة، يجب على الإداريين وضع ضوابط واضحة لتقييم النتائج، وإجراء التغييرات اللازمة عند الحاجة إليها. صحيح أن المفاجآت قد تقع، ولكن مسؤولي التسويق الذين يضعون ضوابط صحيحة يستطيعون التعامل مع هذه المفاجآت بسرعة وفعالية. وتقتضي هذه الضوابط اتخاذ عدد من القرارات، أولها تحديد الأقسام التي يجب مراقبتها، فقد تختار بعض الشركات مراقبة البرنامج التسويقي بأكمله، وقد تفضل شركات أخرى مراقبة جزء منه، مثل فريق المبيعات، أو برنامج الإعلانات. أما ثاني القرارات فيتعلق بتحديد معايير واضحة لقياس الأداء، مثل الحصة في السوق، أو الأرباح، أو المبيعات. وأما القرار الثالث فهو تحديد آليات جمع البيانات المستعملة في الموازنة بين الخطة والأداء الفعلي. وأما القرار الرابع والأخير فهو يتعلق بإجراء التغييرات اللازمة على البرنامج التسويقي عند اكتشاف اختلاف بين الخطة والأداء والنتائج. ويجب على مدير التسويق أن يبدأ من لحظة الشروع في تنفيذ الخطة بجمع المعلومات حول المبيعات والأرباح وردود أفعال الزبائن وردود أفعال المنافسين، وأن يحللها بهدف اكتشاف المشكلات والفرص المتاحة. مفاتيح التسويق الناجح المفتاح الأول: يجب على الشركة أن تجعل إرضاء الزبائن أولويتها الأولى، ولكن الشخص الوحيد الذي يعرف ما يريده الزبون هو الزبون نفسه، وإذا أدركت الشركة هذه الحقيقة فسوف تتمكن من تطوير عقلية تسويقية تستند إلى جمع البيانات عن الزبائن والتواصل معهم بصورة دائمة. المفتاح الثاني: يجب على الشركة أن تبني لنفسها صورة تعكس قيمها وتطلعاتها أمام موظفي الشركة أنفسهم، وأمام الزبائن، والوسطاء، والجمهور بصفة عامة. وقد استطاعت شركة فيليبس بتروليوم (Philips Petroleum) فعل ذلك منذ سنوات عديدة، وذلك بفضل حملتهم الإعلانية التي تركز على الفوائد التي تقدمها الشركة للمجتمع. المفتاح الثالث: صحيحٌ أن التسويق يتطلب استراتيجية عملٍ مختلفة عن باقي أقسام الشركة، إلا أنه يلعب دورًا محوريًا في عمل الشركة بأكملها، فهو بمثابة الواجهة التي يراها الزبائن، وإذا لم تعجبهم فسوف يبحثون عن طلبهم في مكانٍ آخر. المفتاح الرابع: يجب على الشركة أن تطور استراتيجية فريدة ملائمة للظروف التي تعيشها، وأن تُكيّف مبادئ التسويق لتتوافق مع المنتجات التي تقدمها، فاستراتيجية التسويق التي تصلح لشركة قد لا تصلح لأخرى. باختصار، تقليد ما تفعله الشركات الأخرى بغير دراسةٍ ولا تمحيص يُعد استراتيجية خطيرة. أخيرًا: التقدّم التكنولوجي هو ما يحدد آلية عمل التسويق في المستقبل، وبفضل الحاسوب، ازدادت قدرة كل من الشركات والزبائن على الوصول إلى المعلومات. لقد أصبح العالم سوقًا واحدًا، وباتت المعلومات تتغير بسرعة الضوء، وبالتالي فقد أصبحت المعرفة أهم ميزة تنافسية على الإطلاق. كن على إطلاع يلعب التسويق دورًا مهمًا في نجاح الشركات من خلال جمع المعلومات باستمرار حول حاجات الزبائن وقدرات المنافسين، ومشاركة هذه المعلومات مع الأقسام، والمؤسسات المعنية الأخرى، وذلك بهدف زيادة القيمة التي يحصل عليها الزبائن، وخلق ميزة تنافسية للشركة. وبالتالي يجب على الأفراد العاملين في أقسام التسويق أن يكونوا على معرفة بجميع عناصر العمل التي قد تؤثر على نجاح الجهود التسويقية. ويستمد التسويق أهدافه من رسالة الشركة، ويقدّم مجموعة من الاستراتيجيات لتحقيق هذه الأهداف. ويلعب التنفيذ دورًا أساسيًا في نجاح خطة التسويق، لذلك يجب على ميزانية التسويق أن تراعي تخصيص المصروفات اللازمة لكل عنصر من عناصر المزيج التسويقي. ويعتمد نجاح التسويق على عدد من العوامل، ولكن أهمها هو جعل إرضاء الزبائن الأولوية الأولى لدى الشركة. لكل هذه الأسباب يجب على المسوّق الإلمام بآخر التطورات في مجال عمله، ولا يتسنى له ذلك إلا من خلال القراءة المستمرة والاطّلاع على آخر المستجدّات وما يصدر في هذا المجال. والمواقع المتخصصة في مجال التسويق كثيرة ومتعددة، ومن أبرزها: موقع أكاديمية حسوب : تضم أكاديمية حسوب أبوابًا متعددة، تشمل البرمجة والتصميم والعمل الحر، بالإضافة إلى قسم مخصص للتسويق والمبيعات. ويعرض هذا القسم مقالات حديثة حول آخر مستجدات التسويق وتطوراته. هارفارد بزنس ريفيو: يشمل موقع هارفارد بزنس ريفيو مئات المقالات في عشرات التصنيفات المختلفة، والتي تشمل مواضيع مختلفة من الإدارة والقيادة ووصولًا إلى التسويق. احرص على زيارة هذا الموقع دومًا لمواكبة أحدث التطورات في مجال العمل. مثال واقعي عن قواعد التسويق شركة هارلي-ديفيدسون (Harley-Davidson) بعد عودة شركة هارلي-ديفيدسون (المتخصصة في صناعة الدراجات النارية) المبهرة إلى السوق خلال الثمانينات، أصبح لدى الشركة طلبات لعامين قادمين، ولكن هذا النجاح ذكّر الشركة بمشاكلها السابقة، وأصبحت أمام سؤال مهم: هل تتوسع وتخاطر بتراجع مبيعاتها في السوق مرة أخرى، أم تحافظ على مسارها وترضى بموقعها الجيّد في صناعة الدراجات النارية؟ ويشير فرانك سيميرمانسيك مدير قسم تخطيط الأعمال بالشركة "نستثمر أو لا نستثمر، هذا هو السؤال. لقد كان الموزعون يرجوننا لإنتاج المزيد من الدراجات النارية، ولكن يجب أن تفهم تاريخنا، فقد كان ضعف الجودة إحدى الأشياء التي سببت لنا الكثير من المشاكل في الماضي، وقد كان ذلك نتيجة التوسع غير المدروس في خط الإنتاج. وباختصار، نحن لم نرغب بالعودة إلى ذلك الوضع مرة أخرى." وفي عام 1989، أصبحت سمعة الشركة ممتازة للغاية، فقد صنعت 44,000 دراجة نارية في ذلك العام، في مقابل 30,000 دراجة نارية في عام 1985. كما ازدادت حصة الشركة في سوق الدراجات النارية الثقيلة من 27% إلى 57% خلال ذات الفترة الزمنية. أما أرباح الشركة فقد بلغت في ذات العام 53 مليون دولار. في ذات الوقت، كان سوق الدراجات النارية الثقيلة آخذًا بالتراجع، وكان على الشركة أن تعرف إن كان نموها سوف يتواصل أم يتوقف. ويقول سيميرمانسيك "لقد اعتقدنا أننا نستطيع عكس هذه الاتجاهات المعاصرة وأن نصبح شركة رائدة في المجال بعد غياب لسنوات عديدة." لقد كان مفتاح نمو الشركة في يد نوع جديد من الزبائن، وهم أبناء المدن الأثرياء المتحمسون لركوب الدراجات النارية، وقد بدأ هؤلاء الزبائن بالفعل بتعزيز مبيعات الشركة وصورتها منذ منتصف الثمانينات. ولكن تعيّن على الشركة معرفة إن كان هؤلاء الزبائن يمكن الاعتماد عليهم على المدى البعيد. كما توجب على الشركة معرفة إن كان يجب عليها تسويق منتجاتها بطرق مختلفة لفئات أخرى من الزبائن. وبعد البحث استطاعت الشركة اكتشاف سبعة فئات جديدة من الزبائن، وجميعهم كانوا يُقدّرون منتجات الشركة لذات السبب، وهو أن منتجات الشركة تمنحهم الشعور بالاستقلال والحرية والقوة، وجميعهم كانوا يدينون بالولاء الشديد للشركة. وقد دفع هذا الولاء الشركة إلى إنتاج وبيع المزيد من الدراجات النارية، ولكن دون أن ترهق نفسها، فقد زادت الشركة إنتاجها في عام 1990 إلى 62,000 دراجة نارية، واستمرت في زيادة الإنتاج إلى أن وصل إلى أكثر من 120,000 دراجة في عام 2000. واستنادًا إلى الأبحاث وقائمة الطلبات، تتوقع الشركة لنموها المذهل أن يتواصل، كما أنها تعمل أيضًا لتوسيع خط الإنتاج، فقد أدخلت إلى السوق في مطلع عام 2000 دراجة جديدة بسعر 4,400 دولار أمريكي، وهي تستهدف راكبي الدراجة المبتدئين والنساء. ملخص موجز تناولنا في مقدمة سلسلتنا الفريدة هذه في باب "مدخل إلى التسويق" نظرة عامة على أهمية التسويق ومهامه في الشركات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التسويق يتخذ أشكالًا متعددة، ويتطور بتطور التكنولوجيا، وقد بات التسويق على الإنترنت -والذي يُعرف أيضًا باسم التسويق الالكتروني- يتيح الكثير من الفرص أمام المسوقين، ولكنه يضع أمامهم الكثير من التحديات. لقد أشرنا في هذا الباب من سلسلتنا التمهيدية إلى أن التسويق يُعد إحدى الأدوات الاستراتيجية بحوزة الشركات، وتناولنا عددًا من التعريفات المبسطة والمفصلة للتسويق. وببساطة يستند التسويق إلى مهمة الشركة ورسالتها، كم أنه يعتمد على وجود إدارة فعالة لأقسام الشركة الأخرى. ويحقق التسويق النجاح عندما تكون جميع المهام والأساليب والاستراتيجيات ضمن الشركة الواحدة مُتّسقة ومتكاملة. كذلك ناقشنا السمات المشتركة بين الشركات التي توظف التسويق توظيفًا صحيحًا، وهي: إرضاء المستهلك، والموازنة بين قدرات الشركة، والتواصل مع الزبائن، والتنسيق بين الأقسام المختلفة، والتواصل مع المجتمع. كما تطرق أيضًا إلى تقسيم التسويق وفق عوامل معينة إلى أقسام وهي: التسويق الكلي والجزئي، وتسويق السلع والخدمات، والتسويق الربحي وغير الربحي، والتسويق الجماهيري والمباشر، والتسويق المحلي والإقليمي والوطني والدولي، وتسويق السلع الاستهلاكية والتسويق بين الشركات. ثم انتهينا بمناقشة لمستويات الإدارة الاستراتيجية الأربعة وتطبيقاتها في مجال التسويق وهي: المستوى الإداري، والمستوى التشغيلي، والمستوى التسويقي، والمزيج التسويقي. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Introducing marketing) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: فهم السوق والتعامل معه المقال السابق: أنواع التسويق الأساسية النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
-
يتسم التسويق بكونه عملية تتطلب قدرًا كبيرًا من التفرد والإبداع. ورغم ظهور الحواسيب والبرمجيات المعقدة القادرة على تحليل كميات هائلة من البيانات، ما زال التسويق فنًا أكثر من كونه علمًا قائمًا بحدّ ذاته. ويجب على كل شركة أن تخصص جهود التسويق لتتوافق مع بيئتها المحيطة وأسلوب العمل فيها، وعليه يستحيل وجود استراتيجيتي تسويق متطابقتين تمامًا. وبما أن التسويق يلعب أدوارًا متنوعة بحسب ما تقتضيه ظروف الشركة، فقد أدى ذلك إلى تقسيم التسويق إلى عدد من التصنيفات المختلفة. مع ذلك، لا ننفي وجود قواعد تسويقية عامة تصلح لمعظم الشركات، وهي موجودة بالفعل، ولكن ما نريده قوله هو أن عوامل معيّنة تحتّم على الشركات إجراء بعض التعديلات على خطة التسويق الأساسية لتصبح أكثر ملاءمة لاستراتيجية الشركة وأهدافها ومعالم بيئة العمل المحيطة بها. التصنيف مثال سبب التصنيف التسويق الكلي تخفيض قيمة عملة الين الصيني مجال الدراسة التسويق الجزئي استراتيجية التسعير لدى وول مارت وجهة النظر، والجهة التي تقع عليها نتائج التسويق تسويق السلع مجموعة موندليز الدولية الملموسية، المعيارية، التخزين، الإنتاج، مشاركة الزبون تسويق الخدمة بنك تشيس مانهاتن التسويق الربحي مصاعد أوتيس البحث عن الربح التسويق غير الربحي متحف نيويورك للفنون الحالة الضريبية التسويق الجماهيري شركة سوني طبيعة معلومات التواصل، عملية الشراء والتسليم التسويق المباشر مجلة تايم التسويق الإلكتروني موقع trip.com التسويق المحلي مطعم الحديقة الملكية (Imperial Garden Restaurant) قرب الزبائن، والمنطقة الجغرافية، ونطاق التوزيع، وطبيعة التسويق، وحجم التزام الشركة تجاه البلد التسويق الإقليمي شركة Olympia Brewery للكحول التسويق الوطني الصليب الأحمر الأمريكي التسويق الدولي شركة فورد للسيارات التسويق العالمي شركة كويست للاتصالات تسويق السلع الاستهلاكية مجموعة كرافت فودز طبيعة المستهلكين التسويق بين الشركات آي بي إم (IBM) عمل المنتج table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } التسويق الكلي والجزئي يعد تقسيم التسويق إلى كلي وجزئي تقسيمًا حديثًا إلى حد ما، وقد ظهر هذا التقسيم في البداية نتيجة الجدل الدائر حول حدود مسؤولية التسويق. هل يقتصر دور التسويق على نجاح الشركة فقط، أم يجب عليه أن يأخذ في الحسبان تحقيق الرفاهية الاقتصادية للمجتمع بأكمله؟ لقد غيّرت وجهة النظر الثانية، أو التسويق الكلي، طريقة عمل التسويق تغييرًا جذريًا، وأصبح من الضروري تقييم قرارات التسويق من ناحية تأثيرها على الأفراد والمؤسسات في المجتمع، سواءً إيجابًا أو سلبًا. وفي عام 1982، أجرى بونت (Bunt) وبورنيت (Burnett) استطلاعًا للرأي في المجتمع الأكاديمي للتفريق بين التسويق الكلي والجزئي بدقة، وقد وجدوا أن التفريق بينهما يعتمد على عدد من العوامل، منها: مجال الدراسة في كل منهما، والمنظور الذي تُؤخذ منه، هل هو من جهة المجتمع أم من جهة الشركة، بالإضافة إلى الجهة التي تقع عليها نتائج النشاط التسويقي. ومن الأمثلة على التسويق الكلي دراسة أنظمة التسويق في الدول المختلفة، ونتائج القرارات التسويقية على المجتمع، وتأثير بعض التقنيات على صفقات التسويق، مثل استعمال الماسحات الضوئية وأجهزة الصرّاف الآلي في المصارف. أما التسويق الجزئي فمن أمثلته تحديد حجم حصة الشركة في السوق، وآليّة تسعير المنتجات وكيفية تقييم الحملات التسويقية. إعلان: صناعة المستحضرات الطبية تحاول البقاء على اتصال ومواكبة متطلّبات زبائنها. تسويق الخدمات وتسويق السلع قد لا يكون التفريق بين تسويق الخدمات وتسويق السلع واضحًا دومًا، ولكن بصفة عامّة، تتسم الخدمات بأنها غير ملموسة، وأن استهلاكها قد يتزامن مع إنتاجها، كما أنه يصعب وضع معايير محددة لها؛ وذلك لاعتمادها على الجهد البشري، ومشاركة المستهلك في إنتاج الخدمة التي يريدها في بعض الأحيان. أما السلع فهي على النقيض تمامًا. بالتالي تختلف استراتيجيات التسويق في حالة السلع عن تلك التي تُستعمل في حالة الخدمات. على سبيل المثال، يحاول الطبيب أن يجعل خدماته ملموسة من خلال توفير بيئة للخدمة تشمل غرفة للانتظار، وغرفة للفحص، وشهادات معلقة على الحائط، وذلك لإقناع المرضى بأنهم يتلقون رعاية صحيّة جيّدة. في المقابل، يحاول منتجو القهوة تقديم خدمات غير ملموسة للتميّز عن الشركات المنافسة، ويشمل ذلك استعمال أغلفة جذابة، وتمويل إعلانات تظهر أشخاصًا ناجحين لا لشيء سوى أنهم يحتسون القهوة في صبيحة كل يوم. إعلان: تُعد وجبات الهوت دوغ من السلع، وبالتالي تتطلب طريقة تسويق مختلفة. التسويق الربحي وغير الربحي كما يشير المصطلح، فالفرق الأساسي بين التسويق الربحي وغير الربحي هو الهدف في كل منهما، ففي حالة التسويق الربحي يعتمد نجاح المسوقين على حجم الأرباح، وقدرة الشركة على دفع الرواتب وتسديد الديون ورفع قيمة حصصها في السوق، وبالمحصلة يمكن القول إن بقاء الشركة في هذا النوع من التسويق يعتمد على حجم الأرباح التي تحققها. في حين أن المؤسسات غير الربحية تسعى لإفادة المجتمع، بغض النظر عن الأرباح، وعليه فهي تخضع لقوانين ضريبية مختلفة تمامًا. ورغم أن القانون يسمح لهذه المؤسسات بجني الأرباح، لكنه يلزمها باستعمال هذه الأموال بطرق معيّنة وذلك حتى تحافظ على تصنيفها في إطار المؤسسات غير الربحية، وهذا ما يتطلب -إلى جانب عوامل أخرى- تعديل استراتيجيات التسويق لتصبح مناسبة لعمل هذه المؤسسات. التسويق الجماهيري والمباشر والإلكتروني يختلف التسويق الجماهيري عن التسويق المباشر من ناحية المسافة بين الجهة المصنعة والمستخدم النهائي للمنتج، ويتّسم بالانتشار الواسع والتواصل غير المباشر. وتُعد شركة نايك من أمثلة الشركات التي تستعمل التسويق الجماهيري، فتواصل الشركة مع الزبائن محدود للغاية، وهو ما يحتّم عليها توزيع منتجاتها عبر متاجر أخرى، حيث تُعرض منتجات الشركة إلى جانب منتجات الشركات المنافسة. وتبتعد الشركة عن التواصل الشخصي مع الزبائن، وهو ما ظهر جليًا في الإعلانات التلفزيونية، والمطبوعة، وكوبونات الخصومات، ومعارض البيع الخاصة بالشركة. ويعتمد التسويق الجماهيري على مخاطبة جمهور كبير من الزبائن المحتملين، ويفترض أن عدد كافيًا منهم سوف يظهرون الاهتمام بالمنتج. أما التسويق المباشر فهو يعتمد على إقامة علاقة شخصية مع الزبون، وذلك من خلال السماح للزبون بشراء المنتج من الجهة المصنعة مباشرة، والتواصل معه بصفة دائمة. ويشهد هذا النوع من التسويق نموًا هائلًا، ومن الواضح أن المسوقين قد سئموا من ضياع الفرص الذي يصاحب التسويق الجماهيري، وأن الزبائن باتوا يرغبون بقدر أكبر من الاهتمام الشخصي بمتطلباتهم. علاوة على ذلك، ساعدت تقنيات جمع ومعالجة القوائم البريدية على زيادة فعالية التسويق المباشر بدرجة كبيرة. كذلك طورت بعض الشركات نوعًا جديدًا من التسويق المباشر وذلك من خلال السماح للزبون بطلب المنتج عبر الاتصال على رقم مجاني، أو إرسال طلب الشراء عبر البريد. ورغم أن التسويق الإلكتروني يُعد ضربًا من ضروب التسويق المباشر، إلا أنه تطور بسرعة واستحوذ على اهتمام العديد من الشركات، وهذا ما دفعنا إلى إفراده في مقالات خاصّة في سلسلتنا. والحقيقة أن الإنترنت، والذي يتطور في كل لحظة، قد خلق طريقة جديدة لممارسة الأعمال التجارية، فلم تعد عبارة "اتصل الآن" جذابة للزبائن الذين باتوا قادرين بفضل الإنترنت على التسوق متى وأينما وكيفما أرادوا. وسوف نناقش التسويق الإلكتروني بالتفصيل في مقالات لاحقة. إعلان: مثال على التسويق الإلكتروني. التسويق المحلي والإقليمي والوطني والدولي والعالمي من البديهي أن يختلف حجم ومكان السوق من شركة لأخرى، وهو ما يقتضي وجود أنواع مختلفة من التسويق. وفي حالة التسويق المحلي، يكون المستهلكون قريبين من الشركة المصنعة، وهو ما يمنحها قدرة التعرف على الزبائن عن قرب وإجراء التغييرات اللازمة بسرعة. أما حجم السوق المحتمل فيكون محدودًا بالعادة، وذلك يعني أن ظهور شركة منافسة أو بعض العوامل البيئية الطارئة قد ينهي عمل الشركة. أما التسويق الإقليمي فيغطي منطقة جغرافية أوسع وقد يتطلّب وجود عددٍ من المصانع، وقنوات توزيع أكثر تعقيدًا. وعلى الرغم من تركيز التسويق الإقليمي على خدمة مدن أو ولايات في ذات البلد، إلا أنه قد تكون هناك حاجة لإجراء تغييرات كبيرة في استراتيجية التسويق من مدينة إلى أخرى. وأما التسويق الوطني فيغطي جميع أنحاء البلد، وقد يتضمن أيضًا العديد من المصانع، بالإضافة إلى نظام توزيع معقّد يشمل مخازن وشاحنات نقل خاصة، وهو ما يتطلب بناء أشكال متعددة من المزيج التسويقي أو تأسيس دعائم استراتيجية التسويق العامّة. ويوفر هذا النوع من التسويق إمكانية تحقيق أرباح هائلة، ولكنه يتطلب منافسة شركات جديدة وقوية على المستوى الوطني. وأما التسويق الدولي فيعني العمل في أكثر من دولة. وكما سيتضح لاحقًا في هذه السلسلة الفريدة فإنه قد يتطلب العمل في دول مختلفة إجراء تعديلات كبيرة على المزيج التسويقي، فالاختلافات القانونية والثقافية وحدها كفيلة بالتأثير على استراتيجية التسويق العامّة. وأما التسويق العالمي فيختلف عن التسويق الدولي من عدة نواحٍ. ففي حين أن التسويق الدولي يعني بيع الشركة لمنتجاتها وخدماتها في دولة أخرى، لكنه مع ذلك لا ينطوي على أي التزامات أخرى تجاه تلك الدولة، فالمنتج يُصنع عادةً في الدولة الأم، ويتولى مواطنوها بيعه وتسويقه، وأما الأرباح فتعود إلى الدولة الأم مرةً أخرى. بالمقابل يتضمّن التسويق العالمي هيكلة التزامات الشركة ضمن البلد الذي تسوّق فيه لمُنتجاتها والانخراط في اقتصاده، وشركة هوندا موتورز اليابانية خير مثالٍ على ذلك، فقد تبنت نموذج التسويق العالمي، وأقامت مصانع في الولايات المتحدة، وعيّنت مواطنين أمريكيين للعمل في داخلها، واستعانت بقنوات التوزيع ووكالات الإعلان الأمريكية، وأعادت استثمار جزء كبير من أرباحها في الولايات المتحدة. تسويق السلع الاستهلاكية والتسويق بين الشركات (أو التسويق الصناعي) يركز تسويق السلع الاستهلاكية على بيع السلع للأفراد الذين يستهلكون المنتج في صورته النهائية، أما التسويق بين الشركات فهو يركز على البيع للشركات والمؤسسات التي تستهلك المنتج في إطار عملها، أو تستعمله لصناعة منتج نهائي آخر للمستهلكين. ويتّسم التسويق بين الشركات بالاعتماد على العلاقات الشخصية أكثر من الإعلانات العامة، كما أن الشركات في هذه الحالة تكون أكثر استعدادًا لإجراء تعديلات كبيرة على استراتيجية التسويق، وتشمل هذه التعديلات كلًّا من سعر البيع، ومزايا المنتج، وشروط التسليم، وغير ذلك، أما تسويق السلع الاستهلاكية، فتتصف عناصر التسويق فيه بالثبات النسبي، كما أن المسوقين يصارعون دومًا من أجل إيصال منتجاتهم إلى منافذ البيع. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Introducing marketing) من كتاب Core Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي: مكونات التسويق الاستراتيجية المقال السابق: مقدمة إلى علم التسويق النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
-
يشكّل التسويق محور عمل الشركات على اختلاف أحجامها، فهو الأساس الذي يُبنى عليه نجاح كافّة المشاريع والأعمال على كافة الصعائد، فالكثيرون ينظرون لمفهوم التسويق على أنه فتيل الأعمال الذي لا تتّقد ولا تنجح هذه الأعمال دونه، وفي هذا السياق سنقدّم في سلسلة مقالاتنا الفريدة هذه مقدّمة مفصّلة منقّحة عن مفاهيم التسويق وأسسه ومبادئه المُعاصرة- أطلقنا عليها "مدخل إلى التسويق"، لتكون ذُخرًا قيّمًا ثمينًا في رحلتك لإدارة مجال التسويق في مؤسستك بفعاليّة. وسنستهلّ سلسلتنا في بابها الأول بجُملة من المقالات التي سنخوض فيها عن أهميّة التسويق في نجاح الشركات، وسنستعرض فيها أنواع التسويق المتعدّدة، ونسلّط الضوء على آلية عمل أساليب التسويق المختلفة. إلفيس بريسلي ما زال حيًا! لقد مرّت أكثر من 40 عامًا على رحيل مغني الروك آند رول الأمريكي الشهير بلقب إلفيس بريسلي، ولكن إرثه ما زال موجودًا حتى اليوم. في الحقيقة، لم يكن أحد ليتخيل أن ينفق معجبو إلفيس 250 مليون دولار أمريكي سنويًا لشراء دمًى وأطباق وعلّاقات مفاتيح ومناشف تحمل اسمه أو صورته. لقد بلغت قيمة قصر إلفيس بعد عامين من وفاته أقل من قيمة الضرائب المتراكمة عليه، ثم وفي عام 1979 أصبحت زوجته السابقة بريسيلا بريسلي وصية على العقار نيابة عن ابنتها. لقد بيعت تسجيلات إلفيس قبل سنوات، وقد كان أمام بريسيلا فرصة وحيدة للحفاظ على إرثه، لذلك راهنت على اسم إلفيس وصورته وشعبيته وحوّلت قصره إلى متحف، وذلك لتمويل معركتها القانونية لاستعادة كل ممتلكات إلفيس. لقد كان أمام بريسيلا طريقة واحدة لإنقاذ قصر إلفيس وهي بيع التذاكر لمئات المعجبين الذين يتجمعون يوميًا أمام بوابة القصر. في ذات الأثناء، فكرت بريسيلا أيضًا ببيع بعض المجوهرات الرخيصة لأولئك المعجبين بدلاً من شرائهم لها من المتجر المقابل. وبعد استثمار بقيمة 560,000 دولار، فتح قصر إلفيس أبوابه أمام الجمهور في عام 1982، وقد عاد رأس المال المستثمر خلال 38 يومًا فقط، وزار القصر 350,000 شخص خلال العام الأول فقط. من جهتها، تقول بريسيلا عن قرار تحويل القصر إلى متحف "لقد شعرت أنني أخون إلفيس، فقد كان ذاك القصر مصدر فخره وسعادته، ولكني شعرت بضرورة ذلك من أجل مستقبل ابنتي." واليوم يزور القصر 750,000 شخص سنويًا، 52% منهم تحت سن الخامسة والثلاثين، وهو ما يعكس وجود مستقبل لهذا العمل. وقد جرى توسيع القصر وتطويره مرات عديدة على مدار السنوات، مع ذلك لم تدخل إليه ماكينات البيع، ولم تُحول أرضيته العشبية إلى موقف للسيارات. كذلك تضاعفت مساحة القصر من 24 فدانًا (97,125 مترًا مربعًا) إلى 80 فدانًا (323,749 مترًا مربعًا)، كما كانت بريسيلا تخطط لبناء فندق في داخل المجمع. كذلك هناك خطط لبناء صالة أفراح في لاس فيغاس وسلسلة مطاعم عالمية جميعها تحمل اسم إلفيس بريسلي. ويعمل اليوم فريق يتكون من 10 محامين بدوام كامل لدى شركات إلفيس بريسلي لحماية صورة إلفيس من المتطفلين. موقع شركة إلفيس بريسلي على الإنترنت لم يكن نجاح شركات إلفيس بريسلي سوى ثمرة لرؤية وشجاعة بريسيلا بريسلي، ورغم عدم امتلاكها لشهادة في التسويق، لكنها أظهرت قدرًا كبيرًا من الإبداع في هذا المجال، وهو ما نحتاج إليه في القرن الحادي والعشرين. لقد أصبح التفكير الإبداعي شرطًا أساسيًا للنجاح في عالمنا اليوم، الذي أضحى يعج بملايين المنتجات المتشابهة والشركات المتنافسة، ولذلك لم يعد يكفي الحفاظ على الوضع القائم، بل أصبحت هناك حاجة لتغيير متواصل وفق استراتيجيات واضحة. ويساهم التسويق -إلى جانب أنشطة أخرى تشمل البحث والإنتاج والتمويل والمحاسبة- في قدرة الشركة على الوصول إلى النجاح. وقد يحتل التسويق أهمية قصوى في بعض الشركات، وقد يلعب دورًا أقل أهمية في شركات أخرى، ولكن المحصلة هي أن بقاء أي شركة يعتمد على توفير خدمات ومنتجات ناجحة، وهو ما يعتمد بدوره على التسويق الناجح. ولهذا السبب، يُعد التسويق مفيدًا لكل رجال الأعمال، وليس ذلك فحسب، فقد طبقت العديد من المؤسسات غير الربحية مبادئ التسويق تطبيقًا فاعلاً منذ أكثر من ثلاثين عامًا. وقد استفاد من مبادئ وأسس التسويق كلٌّ من موظفو البنوك، والأطباء، وشركات المحاسبة، ومحللو الاستثمارات، والسياسيون، ورجال الدين، وشركات الهندسة والجامعات، والجمعيات الخيرية. ولكن احذر من الخرافة الشائعة حول سهولة التسويق، فبعد قراءتك لهذه السلسلة، قد تجد التسويق ممتعًا وشيقًا ومثيرًا، ولكنك لن تجده سهلًا بالتأكيد. وسواءً كنت تحب الأرقام أم تكرهها، أو تحب الناس أم تكرههم، أو تحب الروتين أم تكرهه، ثق تمامًا أن التسويق سيلبي حاجتك ويسع اهتماماتك وسوف يفتح أمامك فرصًا لا حصر لها. تعريف التسويق وشرحه تعريف التسويق يشير أستاذ التجارة المعروف في جامعة هارفارد ثيودور ليفيت (Theodore Levitt) إلى أن هدف جميع الشركات هو "العثور على الزبائن وجذبهم ومن ثم الحفاظ عليهم." ولكن الطريقة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف هي إيجاد ميزات تنافسية، وبمعنًى آخر، إقناع الزبائن المحتملين بأن عرضك يلبي احتياجاتهم في تلك الفترة الزمنية المحددة. وإذا استطعت تقديم هذه الميزة باستمرار، فلن يبحث الزبون عن أية بدائل أخرى وسوف يصبح شراء منتجك أشبه بعادة لديه. ويشبه هذا الولاء سلوك الكثير من الأمريكيين الذين لا يقودون إلا سيارات فورد ولا يستخدمون سوى فرشاة Crest ولا يستعملون سوى حواسيب ديل. إن بناء وتوطيد هذا الالتزام الأعمى تجاه علامة تجارية أو متجر أو شخص أو فكرة دون النظر إلى أية بدائل أخرى هو الحلم الذي تسعى جميع الشركات إلى تحقيقه، ولكن ذلك غير ممكن بدون برنامج تسويقي فعّال. وباختصار، يمكن القول إن دور التسويق يتلخص في مساعدة الشركات على إيجاد الزبائن وإشباع رغباتهم والحفاظ عليهم. وعلى الرغم من أن المهام العامة للتسويق تتسم بالوضوح إلى حد ما، إلا أن إيجاد تعريف مقبول لمفهوم التسويق بحد ذاته قد يكون أمرًا صعبًا، فقد كتب أحد المؤلفين ذات مرة "تعريف التسويق ليس أمرًا سهلًا، إذ لم يستطع أحد صياغة تعريف واضح ومختصر يحظى بالقَبول لدى الجميع." مع ذلك يجب علينا أن نضع تعريفًا ما لنحدد حدود ما يمكن اعتباره "تسويقًا". كيف تختلف أنشطة التسويق عن غيرها من الأنشطة؟ وما هي الأنشطة التي تُعد أنشطة تسويقية؟ وما هي المؤسسات التي يمكن أن تُعد مؤسسات تسويقية أيضًا؟ بالنسبة إلى وكالات الدعاية والإعلان فالتسويق هو الوجه الآخر للإعلانات، وبالنسبة إلى منظمي الفعاليات فالتسويق هو الفعاليات، وبالنسبة إلى مندوبي المبيعات فالتسويق هو الطرق على أبواب الناس والحديث إليهم، بمعنًى آخر، الجميع ينظر إلى التسويق من منظوره الخاص. والحقيقة أن التسويق لا يتعلق بمجموعة من الأساليب أو الأدوات، ولكنه يتعلق بنظرتك إلى العمل نفسه. إن التسويق يتجاوز مجرد بيع المنتجات وجمع الأموال، فهو الرابط بين الناس والمنتجات، وبين الزبائن والشركات. ويشبه التسويق غصن الشجر، إما أن ينمو أو يموت، لكنه لا يبقى ثابتًا أبدًا. ولذلك يمكن القول إن العلاقة مع الزبائن -وإن كانت علاقة قويّة وقديمة- تعتمد على آخر المواقف التي واجهها العميل مع المُنتج. لقد تتبعتُ تطور تعريفات التسويق خلال الأعوام الثلاثين الماضية، وقد وجدت أنها تشير إلى توجهين رئيسيين: توسيع تطبيق مبادئ التسويق ليشمل المؤسسات غير الربحية وغير التجارية مثل الجمعيات الخيرية، ومؤسسات التعليم، والرعاية الصحية. وتوسيع مسؤوليات التسويق من الحفاظ على الشركة إلى المساهمة في تحسين المجتمع عمومًا. وقد ظهر هذان العاملان جليًا في التعريف الرسمي الصادر عن رابطة التسويق الأمريكية (American Marketing Association) في عام 1998، والذي يتضمّن ما يلي: ورغم أن هذا التعريف يساعدنا على فهم معالم التسويق فهمًا أفضل، لكنه لا يقدم صورة كاملة. لذلك أقترحُ أخذ عدد من القواعد بالحسبان لتعزيز هذا التعريف، وتكوين فهم أفضل حول دور التسويق في الشركات: تمتلك كل شركة رسالةً تحدد مهامها وأهدافها، وتعكس فلسفتها ورؤيتها وطبيعة عملها. تمتلك كل شركة عددًا من الأقسام (مثل المحاسبة، والإنتاج، والتمويل، ومعالجة البيانات، والتسويق) والتي تعمل على تنفيذ المهام الضرورية لنجاح الشركة، وهو ما يقتضي وجود إدارة فعّالة لتحقيق أعلى مستوى من الأداء. يعمل كل قسم وفق فلسفة خاصة مستمدة من رسالة الشركة وأهدافها، وتحكم تعامله مع المهام المختلفة. يختلف قسم التسويق عن الأقسام الأخرى، إذ ينصب عمله على العلاقات المتبادلة في السوق، أي أن عمله يتركز خارج نطاق الشركة. يحقق التسويق أكبر نجاح ممكن عندما تكون فلسفة ومهام وآليات تطبيق التكنولوجيا والمبادئ الحديثة فيه متسقةً ومتكاملة. ولتوضيح هذه القواعد، إليك المثال التالي: تُعد شركة L.L. Bean شركة ناجحة للغاية وهي تبيع منتجاتها عبر البريد. وتستند الشركة في نجاحها بصفة أساسية إلى رسالة واضحة ومباشرة "إرضاء الزبائن غايتنا " (القاعدة الأولى). وتسود هذه الفلسفة في جميع مستويات الشركة، وهو ما ظهر جليًا من خلال تقديم منتجات عالية الجودة بسعر منصف، وفوق كل شيء التزام الشركة الدائم بخدمة الزبون وإرضائه (القاعدة الثانية). وقد حتّمت هذه الفلسفة على الشركة وضع معايير إنتاج مرتفعة للغاية، واستخدام أنظمة بريدية فعالة، وأنظمة ضريبية عمليّة ومُرضية، وشبكات اتصالات كبيرة وممتدة، بالإضافة إلى استعمال الأنظمة المحوسبة، وأدوات مبتكرة لضبط التكاليف، وغير ذلك. كما فرضت هذه الفلسفة وجود تواصل مستمر وتنسيق كامل بين جميع الأقسام العاملة، وذلك لتأسيس بيئة إيجابية تساعد على تحقيق الأهداف المشتركة (القاعدة الثالثة). أما فلسفة التسويق فهي تتسم بالانسجام الكامل مع رسالة الشركة، إذ تعمل جميع أقسام التسويق على تحقيق مفهوم "إرضاء الزبون" (القاعدة الرابعة). وبموجب هذه الفلسفة، يجب أن تكون العلاقة بين السعر والمنتج والجودة متناسبة، وأن يعكس الإعلان جودة المنتج المرتفعة، لذلك تعلن الشركة عن خدماتها عن طريق إرسال قوائم منتجاتها عبر البريد مباشرة، أو من خلال إعلانات مطبوعة في مجلات مرموقة (مثل مجلة ناشيونال جيوغرافيك)، بالإضافة إلى امتلاك الشركة لموقع مُحترم وذي تصنيف عالمي على الإنترنت. ويتمحور عمل الشركة حول تسليم المنتجات وتوفير إمكانية إعادتها، وهو ما يحتم على فريق التسويق إجراء أبحاث معمقة حول ما يفضله الزبائن، والتأكد من تسليم المنتجات أو إعادتها وفق الآليات التي يرغب بها الزبائن (القاعدة الخامسة). وقد يظن البعض أن التسويق هو أهم مهام الشركة، ولكن الحقيقة خلاف ذلك، فكما أن الشركة قد تخسر الزبائن نتيجة إعلان مضلل (مشكلة تسويقية)، قد تخسر الشركة الزبائن أيضًا نتيجة فاتورة غير صحيحة (مشكلة في المحاسبة) أو مُنتجٍ تالف (مشكلة في المنتج). إعلان 1: يُعد موقع شركة L.L. Bean من أحدث طرق التسويق عبر الانترنت. من المسلّم به أن التسويق يمثل جزءًا أساسيًا من نجاح الشركة، لكن أهميته مع ذلك تتراوح من شركة إلى أخرى، فالعديد من الشركات الصناعية العملاقة مثل بروكتر وغامبل، ومايكروسوفت، وتويوتا، وسانيو تعتمد بشكل كبير على جهود التسويق؛ ولذلك تخصص له جزءًا كبيرًا من المخصّصات، سيّما في مجال التسويق الرقمي، في المقابل، قد لا يتجاوز التسويق بضعة كتيبات إعلامية في مجالات أخرى (مثل مؤسسات الخدمات العامة، والخدمات الاجتماعية، والرعاية الصحية، وحتى الشركات الصغيرة التي تقدّم نوعًا واحدًا من المنتجات). وتوجد الآلاف من أمثلة الشركات الصغيرة التي لا تمتلك الموارد الكافية لتمويل استراتيجيات تسويق متقدّمة، وهي تعتمد في عملها على المنطق السليم أكثر من الأبحاث. وبأي حال من الأحوال، فبرنامج التسويق لا يستحق التكلفة ما لم يكن ملائمًا للشركة ويساعدها على تحقيق أهدافها. وضع "تصور" لرسالة الشركة تمتلك الفنانة ليندا أرمانتروت (Linda Armantrout) شركة تصميم جرافيكي تدعى Armantrout Graphic Design and Illustration وهي تساعد الشركات على وضع تصور لرسالتها، وذلك بالمعنى الحرفي لكلمة "تصوّر". فبدلًا من رسالة الشركة المكتوبة والتي تسلمها الإدارة عادةً للموظفين، تجلس أرمانتروت مع الموظفين والإداريين، ثم ترسم صورة لرسالة الشركة. ويكون المنتج النهائي عبارة عن لوحة تجمع كل ما هو مهم بالنسبة إلى الشركة والعاملين فيها، مثل الزبائن والمنتجات والخدمات وأخلاقيات الشركة. وتُوضع هذه اللوحة في إطارٍ مناسب وتُعلق في الشركة لتذكير الموظفين بالأهداف التي يسعون إليها، كما يمكن أن توضع على أكواب القهوة، وسترات العاملين، وحواسيبهم. وكانت شركة BancOne Leasing لخدمات التأجير قد استعانت بأرمانتروت وحصلت على لوحة جميلة للكرة الأرضية تمثل حضور الشركة في جميع أنحاء العالم، وتحيط بها رسومات لطائرات وحافلات، والتي تمثل طبيعة الخدمات التي تقدمها الشركة. أسباب دراسة التسويق تساعد دراسة التسويق على استكشاف مدى ملاءمته لشركة أو مؤسسة معينة. ورغم تطور التسويق تطورًا كبيرًا في فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات، إلا أنه ما زال هناك الكثير من المفاهيم المغلوطة حول معنى التسويق واستعمالاته، وما زال التسويق في نظر معظم الناس مقتصرًا على الإعلانات أو البيع الشخصي، والحقيقة أن التسويق يشمل الأمرين، ولا يقتصر عليهما. يرجع السبب في عدم وجود فهم دقيق لمعنى التسويق إلى تفاوت الشركات في تعاملها معه، فبعض الشركات ما زالت تعيش في العصور المظلمة عندما كان تعريف التسويق "بيع كل ما ينتجه المصنع"، وبعضها الآخر تقدّم قليلاً، فعيّن مديرًا للتسويق وأصبح يجري الأبحاث ويطور المنتجات ويروجها، وينفذ الكثير من الأنشطة التسويقية. في المقابل، باتت الكثير من الشركات تعتقد أن الهدف من التسويق هو جعل البيع أمرًا بديهيًا، أي أن المسوق يعرف الزبون واحتياجاته حقّ المعرفة، فيقدّم له منتجًا يلبي احتياجاته تمامًا، وبالتالي يبيع المنتج نفسه بصورة تلقائية. وذلك لا يعني بالتأكيد أن يتجاهل المسوّق هندسة الإنتاج أو أهمية الأرباح، وإنما يعكس ضرورة الاهتمام بالزبائن لتحقيق مصالح الشركة على المدى البعيد. وبصفتك طالب تجارة أو أعمال، يجب أن تفهم بدقة الدور الذي يلعبه التسويق في عالم الأعمال اليوم. هناك أيضًا العديد من الأسباب الثانوية الأخرى لدراسة التسويق، منها تطبيق التسويق بصورة متزايدة في المؤسسات والشركات غير الربحية، مثل المؤسسات الخيرية، والسياسية، والمتاحف، التي بدأت تنهج سياسة التسويق وتعتمدها في أعمالها، وهو ما وفّر الآلاف من فرص العمل للمختصين في مجال التسويق. وحتى لو لم تكن مختصًا في التسويق، اعلم أن المعرفة بالتسويق تساعدك على تطوير نفسك في مجال عملك أيًا كان، وتأمّل الأمثلة التالية: بول مور (Paul Moore) مهندس متخصص في معدات تحريك الأرض، ولكنه يعمل باستمرار مع فرق المبيعات وتطوير المنتجات لبناء منتجات أفضل. كريستي وود (Christy Wood) محاسب معتمد ومتخصص في الضرائب، ولكنه يقضي الكثير من وقته في بناء العلاقات مع الزبائن، ويخصص ثلاثة أيام على الأقل من كل شهر للعثور على زبائن جُدد. ستيف جاكوبسون (Steve Jacobson) محلل نُظم وخبير برمجة، ولكنه يستعمل مهاراته لإيجاد المنتج الملائم لكل زبون من زبائنه. دوريس كيلي (Doris Kelly) مديرة أفراد، ولكنها بارعة في إيجاد وتوظيف وتدريب الأفراد القادرين على تعزيز جهود التسويق الخاصة بالشركة. كريج روبرتس (Craig Roberts) مهندس سابق في شركة مايكروسوفت، ولكنه أنشأ مؤخرًا شركة مختصة بالإنترنت، وهو الآن في طور جمع رأس المال. هناك سببان آخران يجعلان دراسة التسويق أمرًا مهمًا لكل الأفراد. السبب الأول هو أننا جميعًا من وجهة نظر تسويقية إما مستهلكون أو مسوقون، وعليه فإن فهم أساسيات التسويق يحسن مستوى إدراكنا بصفتنا مستهلكين، ويجبر الشركات على أداء عملها بصورة أفضل. أما السبب الثاني، فهو تأثير التسويق على المجتمع بأكمله، إذ أن بعض المفاهيم، مثل عجز الميزان التجاري، والعقوبات الاقتصادية، وتخفيض قيمة العملة الأجنبية، وتثبيت السعر، والإعلانات المضللة، وأمان المنتج، تأخذ معنًى جديدًا تمامًا عندما يُنظر إليها في سياق تسويقي. هذه المعرفة تجعلك مواطنًا أكثر وعيًا وقدرةً على فهم تأثير الأحداث الاجتماعية والسياسية عليك وعلى مجتمعك. الصفات العامة للتسويق في الشركات لقد أشرنا سابقًا إلى أن التسويق يختلف اختلافًا كبيرًا من شركة إلى أخرى، فتراه يتراوح بين التسويق المعتمد على الحدس والمنطق السليم، إلى التسويق الذي يعتمد على أقسام منفصلة تضم آلاف الموظفين وتعمل بميزانية تُقدر بملايين الدولارات، ولكن هناك الكثير من الصفات المشتركة بين أنشطة التسويق في كلتا الحالتين، وتتميز جميع هذه الصفات بأنها تبدأ بالحرف الإنجليزي (C). إرضاء المستهلك (Consumer content) يعتمد بقاء أي شركة على وجود عدد كبير من الأشخاص الذين يحتاجون منتجًا أو خدمةً تقدمها هذه الشركة، ولكن إذا أصبح عدد هؤلاء الأشخاص قليلاً، أو أصبحت هذه الحاجة غير موجودة، أو ظهرت شركة أخرى تلبي هذه الحاجة على نحو أفضل، فسوف تنتهي الشركة. هكذا تجري الأمور في الاقتصاد الحُر. وذات الأمر ينطبق أيضًا على سياسي فشل في الفوز في الانتخابات، أو منظمة خيرية أغلقت أبوابها، أو منتجع سياحي أعلن إفلاسه. وفي حالة الشركات التجارية، والشركات التي تتبنى التسويق على وجه الخصوص، يُطلق على الأشخاص الذين يحتاجون إلى منتج أو خدمة اسم "المستهلكين" أو "الزبائن". وفي عالم التسويق، يُطلق على عملية الحصول على شيء من شخص ما من خلال عرض شيء ذي قيمة في مقابله اسم عملية "التبادل". وتتسم عملية التبادل بين الزبون والشركة التي تقدم المنتج بأنها علاقة اقتصادية بطبيعتها، بحيث يقدّم الطرف الأول (الزبون) المُقابل المادي (المال أو أي مقابل ذي قيمة) من أجل حصوله على الأمر الذي يريده من الشركة (مُنتج أو خدمة أو فكرة معيّنة) ويُطلق على عملية التبادل في هذه الحالة اسم "الصفقة". وتتضمن الصفقة عادةً مفاوضات بين الطرفين، إذ يسعى كل منهما إلى تحقيق أكبر ربح بأقل قدر ممكن من التكاليف. وفي الوضع المثالي، تنتهي الصفقة بحلٍ مرضٍ لجميع الأطراف. وتختلف أحيانًا نظرة الأطراف إلى الصفقة، فقد يسود بعض الصفقات الكذب والخداع، وقد تتسم صفقات أخرى بالإنصاف، وهي الصفقات التي يحصل فيها كل طرف على مراده، فيحصل الزبون على حاجته وتحقق الشركة قدرًا معقولًا من الأرباح. ومع ظهور الإنترنت والتجارة الإلكترونية خلال تسعينات القرن الماضي، تغيّرت طبيعة الصفقات تغيرًا جذريًا، فقد أضحى المستهلكون اليوم قادرين على الوصول إلى معلومات أكثر وأفضل، وأصبح لديهم الكثير من الخيارات، وهو ما يحتّم على الشركات تقديم مستوًى مشابه من المعلومات، والتعامل مع منافسين أكثر سرعةً وذكاءً ويقدمون خدماتهم على مدار الساعة. وتدرك الشركات التي توظف التسويق توظيفًا صحيحًا أن تسهيل اطلاع الزبائن على المعلومات التي يريدونها يتطلب التواصل المستمر، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة مراسلة الزبائن أو الاتصال بهم بصفة دائمة -رغم إمكانية فعل ذلك- وإنما يعني معرفة الشركة بصفات الزبائن واهتماماتهم وسلوكهم، ومراقبة تغيّر هذه العوامل بمرور الوقت. وفي حين أن هذه العملية ليست دقيقة للغاية، لكن أظهرت التجارب أن المسوقين الذين يفعلون ذلك أكثر قدرة على تحقيق النجاح. وإذا كانت الشركة تسعى لمعرفة كل ما تستطيع معرفته عن زبائنها، واستندت إلى هذه المعرفة في قرارات التسويق لديها، فيُقال في هذه الحالة أن الشركة تتبنى التسويق الموجه إلى المستهلك، أي أنها تعمل انطلاقًا من حاجات المستهلك، لا من قدرات التصنيع لديها. مع ذلك، نأت كثير من الشركات في الماضي والحاضر عن هذا المفهوم، إذ تتبنى بعض الشركات التسويق الموجه إلى المنتج، فهي تركز على الابتكار التكنولوجي وخفض تكاليف الإنتاج، وذلك استنادًا إلى فرضية أن المنتج الأفضل من الناحية التقنية أو الأقل تكلفة سوف يبيع نفسه تلقائيًا. وتتبنى شركات أخرى التسويق الموجه إلى المبيعات، وهو مفهوم يفترض أن مندوب المبيعات الجيّد يستطيع بيع أي شيء، وغالبًا ما يتجاهل هذا المفهوم الزبائن، أو ينظر إليهم كأشخاص يمكن التلاعب بهم. أما الشركة الناجحة فهي تقر بأهمية الإنتاج والمبيعات على حدٍّ سواء، ولكنها تتبنى آلية تسويق من ثلاث خطوات لتحقيق أفضل النتائج، وهذه الخطوات هي: جمع المعلومات باستمرار عن حاجات الزبائن وقدرات المنافسين. وإطلاع الأقسام المختلفة على هذه المعلومات. واستعمال هذه المعلومات لإيجاد ميزة تنافسية وزيادة قيمة وجودة المُنتج أو الخدمة المقدمة إلى الزبائن. هذا هو التسويق الحقيقي. قدرات الشركة (Company capabilities) تسعى جميع الشركات إلى الموازنة بين قدرتها الإنتاجية وقدرتها على تلبية حاجات الزبائن في الوقت الحالي والمستقبل، وفي حال وجود خلل في هذه العلاقة المتوازنة، عندها سيتوجب على الشركة التحرك بأقصى سرعة لتنفيذ التغييرات اللازمة، فعندما أدركت شركة تويوتا أن منتجاتها عاجزة عن استقطاب الزبائن الذين تقل أعمارهم عن سن الخامسة والثلاثين، قررت الشركة التحرك مباشرة، وفي عام 1999 جمعت ثمانية موظفين في العشرينات والثلاثينات من العمر لتشكيل مجموعة تسويق جديدة وشابة ومتنوعة عرقيًا، وقد كانت أولى المهام التي كُلفت بها هذه المجموعة إطلاق ثلاث سيارات جديدة ملائمة للزبائن الأصغر سنًا. ورغم أن تقييم قدرات الشركة يبدأ من قدرتها التسويقية، لكن الواجب على الشركة تقييم جميع أقسامها الأخرى. هل نمتلك المعرفة التقنية اللازمة لإنتاج منتج منافس؟ هل نمتلك القدرة على تصنيعه؟ هل نمتلك رأس المال اللازم؟ هل نمتلك إدارة عليا جيّدة؟ اعلم أن إجابة أي من هذه الأسئلة بـ "لا" من شأنه أن يعطل جهود التسويق. في المقابل، قدرة الشركة على ضبط التكاليف، ووجود إدارة قوية، من شأنه أن يساعد الشركة على تحقيق ميزة تنافسية تقودها إلى النجاح. التواصل (Communication) لا يشك أحد في أن سر نجاح أي علاقة يكمن في التواصل، وهذا ينطبق بشكل خاص على العلاقة التسويقية والتي يسودها الشك، والحذر، ويغيب عنها الطابع الشخصي، ولهذه الأسباب يلعب التواصل دورًا مهمًا في التسويق. يدرك المسوقون أن الزبائن يبنون مواقفهم وآرائهم حول الشركة استنادًا إلى معايير معيّنة، وتخضع بعض هذه المعايير لسيطرة الشركة، مثل تصميم المنتج، وجودته، وسعره، وتغليفه، وقنوات بيعه، وإعلانه، وتوفر الخصومات. وفي هذا الحالة، يتّبع المسوقون مبادئ التواصل الأساسية التي سوف نناقشها في سلسلة مقالاتنا الفريدة هذه ويحاولون عبر هذه المعايير تقديم رسالة واضحة ومتناسقة يفهمها ويفسرها جميع الزبائن بذات الطريقة. في المقابل، لا تخضع بعض المعايير لسيطرة المسوقين، ولكنها قد تلعب دورًا أكثر أهمية في ترك انطباعٍ إيجابي ورسم الوعي لدى الزبائن، وهو ما يوجب على المسوقين الاستعداد الدائم للتعامل معها. على سبيل المثال، أشار تقرير نُشر مؤخرًا إلى حصول خطوط يونايتد إيرلاينز الجوية على تقييم منخفض من ناحية رضا الزبائن عن خدمات الشركة، وقد أدى ذلك إلى هبوط أسهم الشركة، وتراجع عدد الحجوزات. ورغم وجود العديد من المصادر لهذه التقييمات السلبية، لكن أهم ثلاثة مصادر تلخصت في الموظفين، والمنافسين، ووسائل الإعلام. إذ يُعد الموظفون، من الرئيس ونزولًا إلى أصغر موظف في الشركة، ممثلين عنها. ويفترض الزبائن في أغلب الأحيان أن سلوك الموظفين وحديثهم وملابسهم هي في الواقع تمثيل دقيق وإنعكاس لصورة الشركة بأكملها، وهو ما أدى إلى ظهور مفهوم "التسويق الداخلي" والذي يدعو إلى تحويل الموظفين - وحتى الموظفين السابقين - إلى سفراء وممثلين ينقلون صورة إيجابية عن الشركة. أما المنافسون فيُرَوّجون الكثير عن بعضهم، وقد يكون ما يُرَوّجونه حقيقة أو كذبًا، لذلك يجب على فريق التسويق في الشركة إدراك هذه الحقيقة والاستعداد دومًا لمواجهتها. لقد استعملت شركات السيارات الموازنة بين منتجاتها منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وتبادلت شركتا كوكا كولا وبيبسي الهجوم والهجوم المضاد لذات الفترة تقريبًا. كذلك يكثر استعمال الرسائل السلبية في عالم السياسة، رغم عدم اعتراف الكثير من السياسيين باستعمال هذه الاستراتيجية. وأخيرًا، تُعد وسائل الإعلام من أكبر العقبات التي تواجه المسوقين، ففي الشركات الكبيرة، تقع مسؤولية التواصل مع وسائل الإعلام على عاتق فريق العلاقات العامة، والذي يكتب البيانات الصحفية حول الشركة على أمل استخدامها في وسائل الإعلام. أما إذا لم تستعمل وسائل الإعلام هذه البيانات الصحفية، فحينها يجب على المسوّقين التأكد من دقة المعلومات المنشورة عن الشركة في وسائل الإعلام. أما في الشركات الصغيرة، يُعد التعامل مع وسائل الإعلام مسؤولية الجميع. وفي العصر الحالي أصبحت الشركات في مواجهة الإعلام العصري الجديد وعالم الإنترنت الواسع، كما أصبحت الحملات الإعلامية التي تهدف إلى تلطيخ سمعة الشركات أمرًا شائعًا. وتعمد بعض الشركات التي تسعى إلى بناء علاقات وطيدة مع العملاء في عملها، إلى اتبّاع أسلوب التواصل التسويقي وهو فرعٌ من التسويق يهتم ببناء علاقة تسويقية إيجابية وطويلة مع الزبائن وأصحاب المصالح الآخرين. وباختصار يساعد "التواصل التسويقي" على تحديد الزبائن ذوي القيمة المرتفعة والتواصل معهم من أجل ربطهم بالعلامة التجارية الخاصة بالشركة من خلال التركيز على اهتماماتهم الشخصية. المنافسة (Competition) لقد ذكرنا بالفعل أهمية الدور الذي تلعبه المنافسة في مجال التسويق، وهو ما يوجب على الشركات فهم نقاط الضعف والقوة لدى الشركات المنافسة على الأقل، وذلك لا يعني الخروج باستنتاجات عامة حول المنافسين فقط، وإنما اتخاذ قرارات تسويقية ذكية بناءً على المعلومات المتوفرة حول طريقة عمل المنافسين. ويُعد التعرف على المنافسين أمرًا بسيطًا في أغلب الأحيان، فهذا المنافس هو السوبرماركت الموجود في الحي المجاور، أو الشركات الثلاثة الأخرى التي تصنع الزجاج الأمامي للسيارات، ولكن هناك بعض الحالات التي لا يكون فيها المنافس واضحًا. وكان خبير التسويق ثيودور ليفيت قد طرح قبل عدّة سنوات مصطلح "قِصَر النظر التسويقي" للإشارة إلى الشركات التي تعجز عن تحديد منافسيها تحديدًا صحيحًا. قد ضرب ليفيت مثالاً بشركات القطارات التي ارتكبت خطأً عندما اقتصرت على منافسة شركات السكك الحديدية الأخرى، بدلاً من المنافسة مع جميع بدائل المواصلات الأخرى، مثل السيارات وخطوط الطيران وحافلات النقل. واليوم ترتكب الشركات العاملة في مجال الترفيه (مثل دور السينما، والمطاعم، والمنتجعات) ذات الخطأ وذلك عندما تفترض أن المنافسة تقتصر على الشركات الأخرى العاملة في ذات المجال. وفي ظل عدم وجود شركة تمتلك احتكارًا مُطلقًا، ترتبط معظم القرارات الاستراتيجية التي يتخذها المسوق بالمنافسة، إذ يمكن تصور استراتيجية التسويق بأنها لعبة شطرنج عملاقة يبني كل لاعب فيها خطواته على تحركات خصمه. وتلعب بعض الشركات الأمريكية مثل كوكا كولا وبيبسي، وماكدونلدز وبرجر كينج، وفورد وجينرال موتورز هذه اللعبة منذ أمد بعيد، ولكنها غالبًا ما تصل إلى نهاية مسدودة، فحصة كوكا كولا وبيبسي في السوق لم تتغير سوى واحد أو اثنان بالمئة، رغم إنفاق مليارات الدولارات على التسويق من الطرفين. لقد أدت رغبة الشركات في معرفة قدرات الشركات المنافسة بدقة إلى صعود مفهوم جديد يُطلق عليه اسم "الاستخبارات التنافسية"، ويتضمن هذا المجال جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المنافسين بجميع الوسائل المتاحة، طالما أنها لا تخرج عن إطار القانون. تجدون المزيد من المعلومات حول هذا المفهوم في صندوق التسويق المتكامل أدناه. مفهوم التسويق المتكامل تحت المجهر التجسس للبقاء في الصدارة يتجنب معظم المحققين العاملين في الشركات استعمال مصطلح "التجسس" ويفضلون استعمال المصطلح الألطف "الاستخبارات التنافسية" ولكن بغض النظر عمّا يسمونه، أصبح التلصص على الشركات المنافسة ممارسة راسخة في مجال التسويق. وتمتلك كل الشركات الأمريكية الكبرى تقريبًا مكاتب للاستخبارات، فقد أقامت شركة موتورولا على سبيل المثال وحدات في جميع أنحاء العالم، مهمتها مراقبة المنافسين، والتحسس من أخبار الصفقات، والتقنيات الجديدة التي قد تؤثر على أداء الشركة. وقد تأسست وحدة الاستخبارات في الشركة في عام 1982 على يد ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA). وتعتمد استخبارات الشركات في عملها على عدد من الأدوات، بعضها يتسم بالبساطة والبدائية، مثل زيارة المعارض التجارية، وتصفح مواقع الإنترنت الخاصة بالمنافسين، ومتابعة أخبار براءات الاختراع، ومراقبة الرحلات الجوية القادمة والمغادرة، وبعضها الآخر يشمل عمليات تحري معقّدة، مثل التقاط الصور لمصانع المنافسين، واستعمال برمجيات حديثة للتنقيب والبحث عن البيانات والتي تسمح بالبحث في الإنترنت بسرعة كبيرة للغاية للحصول على معلومات عن المنافسين. التنسيق بين الأقسام المختلفة (Cross-functional contact) يجب على الشركة ألا تخطئ بالسماح لأقسام العمل المختلفة بالانفصال أو الاستقلال عن بعضها، فعندما يعدُّ قسم التسويق نفسه القسم الأكثر أهمية لنجاح الشركة، دون الحاجة إلى المحاسبة أو الإنتاج أو الموارد البشرية، فهو يحكم على نفسه بالفشل. ويدرك المسوقون الحقيقيون أنهم لا يستطيعون العمل لوحدهم، فغياب التفاهم والثقة بين التسويق والإنتاج قد يؤدي إلى بيع المنتج في وقتٍ غير ملائم، أو بيع منتج لا يتوافق مع المواصفات الصحيحة، لذلك يجب على المسوقين أخذ آراء نظرائهم من المهندسين في الحسبان، فقد يكونون غير قادرين على إنتاج المنتج بالسعر الذي حدده فريق التسويق، وبالمثل، قد لا يكون قسم الموارد البشرية قادرًا على إيجاد موظف "يمتلك عشر سنوات من الخبرة في مجال تسويق البضائع" كما طلب مدير قسم التسويق. والخلاصة أن فريق التسويق سوف يكون أقدر على النجاح إذا كان العاملون فيه يتعاملون بذكاء وصراحة وتكامل مع أفراد الأقسام الأخرى، وهو ما يعكس أهمية بناء العلاقات بين الأقسام المختلفة ضمن الشركة الواحدة. وفي ظل توجه الشركات إلى تقليص أعداد العاملين وغيرها من الأنشطة التي تهدف إلى خفض التكاليف، أصبحت الحاجة ملحّة لتوطيد أركان الانسجام والتنسيق بين الأقسام المختلفة أكثر من أي وقتٍ مضى. وقد ظهرفي مجال التسويق مصطلح "التسويق المتكامل"، والذي يعني ضرورة ألا يقتصر العاملون في مجال التسويق على المعرفة بالتسويق فحسب، وإنما يجب عليهم أيضًا الإلمام بجميع جوانب العمل التي قد تؤثر على نجاح التسويق. أما على مستوى الشركة، فيجب أن يحمل جميع الإداريين رؤية الشركة، وأن يضعوا هيكلية إدارية تتيح لجميع الأقسام تبادل المعلومات والمشاركة في التخطيط. وقد باتت العديد من الشركات تتجه لتبني هذه الطريقة، مثل شركتي كرافت وديزني. مع ذلك، يتطلب تحقيق التكامل الحقيقي أن تكون القرارات في كل مستوى من مستويات الشركة متلائمة مع القرارات في المستويات الأخرى. ولتوضيح ذلك دعنا نفترض أن هدف الشركة هو زيادة الأرباح، حينها يتوجب على فريق التسويق وضع خطة لزيادة المبيعات من خلال تسويق منتجات جديدة، وبالتالي تحقيق الهدف العام للشركة. التواصل مع المجتمع (Community contact) المسوقون فضوليون بطبعهم، فتراهم يراقبون باهتمام جميع ما يجري في مجتمعاتهم. ورغم أن كلمة "مجتمع" تشير عادةً إلى مدينة أو بلدة أو حيّ، لكنها هنا تشير إلى معنًى أوسع بكثير، إذ نعني بالـ "مجتمع" البيئة التي يعمل فيها المسوّق. وبالنسبة إلى إستر وجيم ويليامز (Esther and Jim Williams) اللذين يمتلكان مطعمًا للوجبات السريعة في مدينة ماتون بولاية إلينوي الأمريكية فالمجتمع صغير إلى حد ما، ولكن بالنسبة إلى شركة فيرايزون للاتصالات فالمجتمع يشمل العالم بأسره، بل يمتد إلى الفضاء الخارجي. ويجب على المسوق الحفاظ على التواصل الدائم والمستمر مع مجتمعه مهما كان حجمه. وقد يأخذ هذا التواصل أشكالاً متعددة، منها قراءة الصحف المحلية والاستماع لأحاديث العامة، أو الاشتراك في النشرات الصادرة عن الشركات المتخصصة في مجال بحوث التسويق، والتي تراقب مجريات الأحداث في العالم على مدار الساعة. ورغم فارق التكلفة، إلا أن كلتا الحالتين تؤديان المطلوب. وسوف نناقش في باب "بحوث التسويق واتخاذ القرار" من سلسلتنا مزيدًا من الاتجاهات المهمة في المجتمع العالمي. كذلك يتطلب التواصل الصحيح مع المجتمع السعيَ لتنفيذ الأنشطة وطرح الخطط المفيدة لأفراد للمجتمع ككل، وممارسة الأعمال بصورة أخلاقية، لذلك تتبرع العديد من الشركات بملايين الدولارات لصالح المجتمعات، أو من أجل الحفاظ على البحيرات والأنهار، وقد تقدّم منتجات مجانية للمحتاجين، وتعيد تدوير منتجاتها للحفاظ على البيئة، إلى غير ذلك. ولا شك أن حاجة التسويق لتنفيذ مثل هذه الأنشطة آخذة في التزايد. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Introducing marketing) من كتابCore Concepts of Marketing اقرأ أيضًا المقال التالي : أنواع التسويق الأساسية النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
-
يساعد المسوقون شركاتهم على تحقيق النمو، مع ذلك قد ينسى المسوقون أحيانًا أهمية العمل على المدى البعيد، فتراهم يطاردون النمو بأي تكلفة وأي ثمن، وهو ما يدفعهم أحيانًا إلى اتخاذ قرارات سيئة جدًا، إما عن جهل أو غير قصد، أو بسبب الحماسة المفرطة. إذًا، كيف تحمي نفسك من نفسك؟ وكيف تصبح مسوقًا ورجل أعمال في ذات الوقت؟ لفعل ذلك يجب عليك أن تغير طريقة تفكيرك قليلًا، وأن تركز على التكاليف. كيف تدرس تكاليف استراتيجية استقطاب الزبون؟ تخيل أنك تمر بأهم موسم في السنة، وتجري تجربة لمعرفة أي الإعلانات سوف يحقق أكبر قدر من العائدات. لديك ثلاثة إعلانات، وقد أظهرت التجربة أن كل واحد منها قادر على استقطاب عشرة زبائن. إذا كان استقطاب الزبائن هو جل اهتمامك، فقد تعتقد أن هذه الإعلانات الثلاث متساوية وقد توزع ميزانيتك بينها على هذا الأساس. ولكن هل هذه هي الطريقة الصحيحة للنظر إلى الأمور؟ هل يمكن لمعاملة الإعلانات الثلاث بتساوٍ المساعدة على زيادة النمو؟ الإجابة قولًا واحدًا هي: لا. صحيح أن مؤشرات استقطاب الزبائن شائعة الاستعمال لقياس نمو الشركات، لكنها لا تتسم بالدقة. لذلك إذا كنت تريد النمو على نحو يحقق لك الربح، فيجب عليك النظر إلى ما هو أبعد من استقطاب الزبائن، على سبيل المثال: تكلفة استقطاب الزبون القيمة الدائمة للزبون فترات الاسترداد ما هي تكلفة استقطاب الزبون؟ تكلفة استقطاب الزبون هي أفضل تقدير لإجمالي تكاليف استقطاب زبون جديد، ويمكن حسابها بجمع تكاليف الإعلانات، ورواتب خبراء التسويق، وتكلفة مندوبي المبيعات …إلخ، ثم قسمة المجموع على عدد الزبائن الذين جرى استقطابهم. ويساعد احتساب تكلفة استقطاب الزبون على تحسين الاستثمار، والتأكد من اتخاذ القرارات الصحيحة باتجاه تحقيق النمو. لماذا تُعد تكلفة استقطاب الزبون مهمة؟ ببساطة، إذا كانت تكلفة استقطاب الزبون أكبر من عائداته لفترة زمنية طويلة، فذلك يعني أنك في طريقك إلى الإفلاس. الأمر خطير، أليس كذلك؟ هيا بنا نتعرف على آلية عمل تكلفة استقطاب الزبون بالتفصيل. نحو فهم أفضل لتكلفة استقطاب الزبائن بالعودة إلى الإعلانات الثلاث السابقة تجد أنها متساوية لأنها تستقطب ذات العدد من الزبائن، أليس كذلك؟ حسنًا، ذلك ليس صحيحًا بالضرورة. افترض أنك اشتريت 100 نقرة في كل إعلان، ولكنك دفعت مبالغ مختلفة لقاء هذه النقرات، فدفعت في الإعلان الأول 5$ لكل نقرة، ودفعت في الإعلان الثاني 10$ لكل نقرة، ودفعت 20$ لكل نقرة في الإعلان الثالث. وبضرب عدد النقرات في تكلفة النقرة الواحدة يتبين لك أنك دفعت 500$ مقابل 10 زبائن في الإعلان الأول، و1000$ و2000$ مقابل ذات العدد من الزبائن في الإعلانين الثاني والثالث. وحتى تصبح الصورة أكثر وضوحًا، اقسم عدد الزبائن على تكلفة كل إعلان، وسوف ينتج لديك تكلفة استقطاب الزبون الواحد في الإعلانات المختلفة. وبذلك تكون تكلفة استقطاب الزبون الواحد في الإعلان الأول هي 50$ فقط! ويبدو من هذه النتيجة أنه يجدر بك استعمال الإعلان الأول بأكبر قدر ممكن، ووقف الإعلانين الآخرين في أقرب وقتٍ ممكن. لقد وصلت الآن إلى مرحلة جديدة في فهم تكلفة استقطاب الزبون، ولكن هل هذا أفضل ما يمكنك فعله؟ لا، ما زال أمامك الكثير. صحيح أن احتساب تكاليف الإعلانات يساعد على تحسين أساليب واستراتيجيات التسويق، ولكن لا تنسَ أن الإعلانات ليست سوى جزءًا من إجمالي تكاليف استقطاب الزبون، فهناك أيضًا: رواتب المسوقين. وكالة الدعاية والإعلان. كاتب الإعلان ومصممه. رسوم تحويل الأموال المدفوعة. رواتب وامتيازات فريق المبيعات. وبالتالي يجب عليك أخذ جميع هذه العوامل في الحسبان عند حساب تكلفة استقطاب الزبون للتأكد من الوصول إلى الرقم الصحيح. تذكر أيضًا أن البيانات تتدفق من مصادر مختلفة وفي أوقات مختلفة، وذلك يعني العمل بمسارين مختلفين. المسار الأول هو احتساب تكلفة استقطاب الزبون وحجم الزبائن على أساس يومي، وأسبوعي، وشهري وذلك وفق تقارير فريق التسويق الالكتروني. أما المسار الثاني فهو احتساب تكلفة استقطاب الزبون على المدى البعيد، أي على أساس شهري، وربعي، وسنوي، وذلك وفق تقارير فرق التسويق والمبيعات والتمويل. المزج بين تكلفة استقطاب الزبون وقيمته الدائمة على الرغم مما تقدم، لكن التركيز الكبير على تكلفة استقطاب الزبون قد يلحق الضرر بشركتك، وذلك لأن التكاليف ليست بالضرورة أمرًا سيئًا. إذ يجب على الشركات النامية النظر إلى التكاليف على أنها استثمارات، بعضها قد يكون استثمارات جيدة، وبعضها الآخر ليس له معنى، ولكن كيف تعرف الفرق؟ تستطيع معرفة الفرق بالنظر إلى قيمة الزبون الدائمة، أو بمعنى آخر، العائدات التي تحصل عليها من الزبون طوال فترة تعامله مع شركتك. ما هي قيمة الزبون الدائمة؟ قيمة الزبون الدائمة هي باختصار حجم العائدات التي تحصل عليها الشركة من زبون معين خلال فترة زمنية محددة. وتحسب معظم الشركات قيمة الزبون الدائمة على أساس سنة واحدة أو ثلاث سنوات أو خمس سنوات. أما إذا لم يكن عمر شركتك قد تجاوز السنة، فتستطيع ببساطة استعمال معدلات تجديد الاشتراك، أو معدلات إعادة الشراء (بحسب طبيعة عمل الشركة) للوصول إلى هذه القيمة. وقد تواجه الشركات الناشئة والشركات الرقمية صعوبة في فهم قيمة الزبون الدائمة في ظل عدم وجود بيانات تاريخية كبيرة، ولكنها مؤشر قياس مهم يساعدك على فهم التكاليف فهمًا أفضل، ويزيد من قدرتك على اتخاذ القرارات الصحيحة. كيف توازن بين قيمة الزبون الدائمة وتكلفة استقطاب الزبون، وما أهمية ذلك؟ ببساطة تساعد هذه المعادلة على إجابة السؤال المهم: هل سيقدم الزبون عائدات أكبر من تكلفة استقطابه؟ إذا نجحت في تعريف كل من القيمة الدائمة للزبون وتكلفة استقطابه تعريفًا يلائم شركتك، ثم دمجت التعريفين معًا، فسوف تحصل على نتائج مذهلة. فلنعد إلى الإعلانات الثلاث لفهم تأثير إضافة القيمة الدائمة للزبون إلى المعادلة فهمًا أفضل. تلاحظ أن تصورك حول الإعلان الأفضل قد تغيّر بعد إضافة مفهوم القيمة الدائمة، فرغم أن الإعلان الأول كان الأفضل من ناحية القيمة في البداية، لكن الإعلان الثاني يقدّم قيمة أكبر بمرور الوقت، وعليه فالإعلان الثاني هو الإعلان الأفضل الذي يجب الاستثمار فيه. كيف تساعد قيمة الزبون الدائمة على رفع سقف تكلفة استقطابه؟ يتيح فهم العلاقة بين قيمة الزبون الدائمة وتكلفة استقطاب الزبون للمسوقين الحصول على ميزانيات إضافية لتنفيذ برامجهم التسويقية. فعلى سبيل المثال، يساعدك ذلك على استكشاف إمكانية إنفاق المزيد لاستقطاب زبائن أكبر حجمًا وأطول بقاءً وأكثر إنفاقًا خلال فترة تعاملهم مع الشركة. وهذا ما يُعرف بـ "سقف تكلفة استقطاب الزبون" وهو أقصى تكلفة يمكن إنقاقها على الزبون. ويتفاوض المسوقون عادةً على هذا السقف مع فريق التمويل، إذ يستطيعون المطالبة برفع سقف تكلفة استقطاب الزبون إذا كانت القيمة الدائمة للزبون أعلى من هذا السقف. وفيما يلي طرائق أخرى لدراسة العلاقة بين قيمة الزبون الدائمة وتكلفة استقطابه، بالإضافة إلى أسئلة مهمة للإجابة عليها: مؤشرات قياس قنوات التسويق: بحسب القناة: ما هي الفوائد العائدة من قناة الإعلان الخاصة بك مقابل الإعلان بالمشاركة؟ بحسب القناة الفرعية: ما هي الفوائد العائدة من الإعلان بواسطة Google مقابل الإعلان في فيسبوك؟ بحسب الحملة: ما هي الفوائد العائدة من الإعلان على Google بدون العلامة التجارية مقابل الإعلان بالعلامة التجارية؟ بحسب الكلمة المفتاحية: ما هي الفوائد التي تعود عليك من كل كلمة مفتاحية؟ مؤشرات قياس قطاع العمل بحسب الحجم: ما هي الفوائد العائدة من زبون متوسط الحجم مقابل شركة كبرى؟ بحسب الجغرافيا: ما هي الفوائد العائدة من زبون من البرازيل مقابل زبون من فرنسا؟ بحسب المنتج: ما هي الفوائد العائدة من زبون يشتري طعام الكلاب مقابل زبون آخر يشتري ألعابًا للكلاب؟ وكما يتضح، فهناك عدد لا يحصى من الاحتمالات، ولكن نصيحة لك: لا تستغرق كثيرًا في هذه التفاصيل، وبدلاً من تقسيم عملك إلى 75 بُعدًا مختلفًا في محاولة للبحث عن فرصة لتحقيق النمو، ركز فقط على أبعاد العمل المهمة لإنجاز المطلوب. الطريقة الأمثل لتقييم تكلفة استقطاب الزبون يتوقف معظم المسوقون في تحليلاتهم عند العلاقة بين قيمة الزبون الدائمة وتكلفة استقطابه، ولكنهم يغفلون عن عامل مهم آخر وهو فترات الاسترداد. وتُعد فترات الاسترداد من العوامل المهمة التي يدرسها الخبراء الماليون، ولكن رجال الأعمال (وخصوصًا المسوقين) يغفلون عنها. ويمكن تعريف فترة الاسترداد بأنها سرعة الحصول على الأموال من الزبائن، وهو ما ينعكس على سرعة إعادة الاستثمار، وبالتالي فهي جزء أساسي من دراسة تكلفة استقطاب الزبون. وتكمن أهمية فترات الاسترداد في توفير السيولة النقدية، إذ الأفضل أن تحصل على مالك اليوم لتنمو وتتوسع، لا أن تحصل عليه بعد 5 سنوات من الآن. كيف توزع تكلفة استقطاب الزبون على القنوات المختلفة؟ تميل الشركات الصغيرة جدًا إلى النمو باستعمال استراتيجية أو قناة واحدة (مثل الفعاليات) وهذا يعني أن حساب التكاليف يتسم بالبساطة والوضوح، ولكن كلما أصبحت الشركة أكثر تعقيدًا، ازداد عدد قنواتها وطرائق تفاعل الزبائن معها، وذلك يعني ضرورة التفكير بطريقة جديدة لحساب تكلفة استقطاب الزبون. أما الشركات الكبرى ذات النمو السريع فتميل إلى استعمال استراتيجية تسويق تضم العديد من الأساليب، ولكل أسلوب تكلفته الخاصة، فبعضها يتسم بانخفاض التكلفة (مثل بناء مدونة فعّالة) وبعضها الآخر باهظ التكلفة (مثل الإعلان عبر محرك البحث Google). وعليه إذا استطعت أن تفهم تكلفة استقطاب الزبون في كل قناة من القنوات، فسوف تستطيع أن توزع ميزانيتك بين هذه القنوات المختلفة بما يحقق احتياجات الشركة. فإذا كنت تسعى إلى تحقيق نمو سريع بأي ثمن، فيجب عليك الإنفاق على قنوات كبيرة الحجم حتى لو كانت تكلفة استقطاب الزبون مرتفعة. أما إذا كنت تريد تحسين قيمة الشركة، فركز على العلاقة بين قيمة الزبون الدائمة وقيمة استقطاب الزبون لزيادة عدد الزبائن الذين يدفعون أكبر قدر ممكن ولأطول فترة ممكنة. وأما إذا كنت ترغب بتحسين التدفق النقدي، فابحث عن وسائل منخفضة التكاليف للعثور على زبائن بفترات استرداد سريعة. كيف تساعد المحادثات الفورية على خفض تكلفة استقطاب الزبون؟ تُعد المحادثات الفورية من أهم الأدوات لدى مسوقي الأداء، وذلك لأنها إحدى قنوات التواصل القليلة التي تصاحب الزبون خلال رحلته من زبون محتمل إلى زبون مخلص للشركة. 1. إزالة العوائق أمام الزبائن المحتملين يمكن للمحادثات الفورية أن تساعدك على الانتقال بالزبون المحتمل إلى مرحلة الشراء في جلسة واحدة، والأكثر من ذلك أنك تستطيع باستعمال الأدوات الصحيحة التفاعل مع الزائرين الفاعلين والذين يتوافقون مع معايير محددة، وذلك يعني تقليل الإنفاق على جهود التسويق. 2. رفع قيمة الزبون الدائمة تظهر بيانات شركة Intercom أن الزبائن الذين خاضوا محادثات فورية مع الشركة قد دفعوا أكثر بـ 13% خلال فترة تعاملهم معها. ويرجع ذلك إلى بقاء هؤلاء الزبائن لفترة أطول، فهم أكثر إخلاصًا للشركة وارتباطًا بها على المدى البعيد. 3. زيادة فرص البيع تمنح المحادثات الفورية للشركات فرصة الحديث إلى الزوار والزبائن في اللحظة التي يريدون فيها معرفة المزيد عن الشركة، وزيادة فرص الحديث إلى الزبائن تعني زيادة فرص البيع. ويمكن القول إن البائع الجيّد هو من يبيع فقط الخدمات والمنتجات التي تساعد زبائنه على أداء أعمالهم بصورة أفضل. النمو بأي ثمن يقود إلى الهاوية قد يكون حساب قيمة الزبون الدائمة وتكلفة استقطابه وفترات الاسترداد وأخذها جميعًا في الحسبان أمرًا صعبًا، فالبيانات قد لا تكون دقيقة أو متوافقة، كما أن العمر القصير للشركات الناشئة لا يسمح لها بالحصول على بيانات عالية الجودة. مع ذلك، يجب على المسوقين الذين يسعون إلى تحقيق النمو استعمال هذه المؤشرات عند تخطيط برامجهم التسويقية. وأما إذا كان جل ما بوسعك هو حساب التكاليف بواسطة التقارير الخاصة بأدوات الإعلان، فلا بأس في ذلك، فهو أفضل من لا شيء. أما لو استطعت التعاون مع فريق التمويل لحساب قيمة الزبون الدائمة وفترة الاسترداد، فذلك أفضل بكثير. ولكن بأي حال من الأحوال، تذكر أن السعي وراء النمو بأي ثمن وأي تكلفة يمثل طريقة خطيرة لإدارة الشركة. ترجمة -وبتصرف- للمقال What is customer acquisition cost and why does it matter لصاحبه Brian Kotlyar
-
يحتوي موقع Wistia على مئات الآلاف من مقاطع الفيديو، كما أنه يتيح للمستخدمين اختيار لون مشغل الفيديو من لوحة تضم ملايين الألوان، أو بالتحديد 16,777,216 لونًا. وفي ظل هذه الخيارات الكثيرة، حاول موقع Wistia معرفة الألوان التي يختارها زبائن Wistia لمشغلات الفيديو الخاصة بهم، وأن يكتشف إن كان لهذه الألوان تأثير على عدد مرات تشغيل الفيديو. هيا بنا نكتشف المزيد. اللون 7b796a# يضم اللون الرمادي مئات الدرجات المختلفة، ولكن درجة واحدة هي موضع الاهتمام في هذا المقال، وهي الرمادي الدافئ أو ""#7B796A والذي يُعد اللون الافتراضي لمشغلات الفيديو في موقع Wistia. وعليه، إذا لم يخصص المستخدم لون المشغل الخاص به، فإن المشاهدين سوف يشاهدون مقاطع الفيديو باللون الرمادي الدافئ. وتجدر الإشارة إلى أن معظم المستخدمين يستخدمون اللون الافتراضي، إذ أن 60,000 فيديو من العينة* التي اخترناها يعتمدون على "#7B796A": في الحقيقة، إن اللون الرمادي الدافئ أكثر استخدامًا بخمس مرات من جميع الألوان الأخرى مجتمعة. وقد احتسب الموقع أيضًا عدد مرات التشغيل، والتي تُعد مؤشر قياس مهم إذ ما الفائدة من الفيديو دون تشغيله؟ وقد وجدنا أن الفيديوهات التي تحمل لون التشغيل الافتراضي تشكل الغالبية العظمى من عدد مرات التشغيل الفريدة: إن الفيديو الذي يُعرض في مشغل Wistia الرمادي أكثر تشغيلاً بتسع مرات من أي لون آخر. ويبدو أن البيانات (حتى الآن) تشير إلى أنه يجب الاحتفاظ باللون الافتراضي للحصول على الكثير من المشاهدات. ولكن هل هذه فكرة جيّدة حقًا؟ عند النظر إلى البيانات بعمق، وجد الموقع أن الرمادي الدافئ ليس الخيار الأمثل بالضرورة، إذ تشير البيانات إلى أن أن مقاطع الفيديو التي تحمل اللون الافتراضي قد جرى تشغيلها 46,577,051 مرة، فيما جرى تنزيلها 400,173,986 مرة، وذلك يعني أن مقاطع الفيديو التي تحمل اللون الرمادي قد جرى تنزيلها على صفحات المستخدمين 400 مليون مرة، ولكن المشاهدين لم يضغطوا لتشغيل هذه المقاطع سوى 46 مليون مرة فقط. وهو ما يجعل معدل تشغيل هذه الفيديوهات منخفضًا. ويمكن تعريف معدل التشغيل على النحو التالي: وبالتالي يكون معدل تشغيل مقاطع الفيديو المحاطة بمشغل رمادي اللون هو 11,64%: بعيدًا عن الرمادي لقد وازن موقع Wistia هذه الأرقام بمقاطع الفيديو التي لا تستخدم اللون الافتراضي. وكما اتضح سابقًا، فإن هذه الفيديوهات تمثل عينةً أصغر حجمًا، إذ وجد الموقع 10,732 فيديو بالمجمل توافق المعايير المحددة للعينة، ولا تستخدم اللون الافتراضي. وتشير المعطيات إلى أنه قد جرى تنزيل هذه الفيديوهات 42,365.480 مرة وتشغيلها 5,260,868 مرة، وهو ما يعني أن معدل التشغيل لمقاطع الفيديو التي لا تستخدم اللون الافتراضي هو 12.42%: ذلك يمثل تحسنًا بمعدل 7% في تشغيل مقاطع الفيديو التي لا تستخدم اللون الافتراضي. ولكن ما السبب في ذلك؟ هل يرجع ذلك إلى أن اللون الرمادي الدافئ ليس دافئًا بما فيه الكفاية؟ إن الموقع لا يعتقد أن اللون الافتراضي هو السبب الوحيد في انخفاض معدل تشغيل مقاطع الفيديو، وإنما يرجع السبب في ذلك إلى جملة من الأسباب المترابطة. إذ أن المستخدمين الذين يختارون لون مشغل الفيديو الخاص بهم، يميلون أيضًا إلى اختيار صور مصغرة مميزة، ويضبطون إعدادات المشغل لتلائم احتياجاتهم، وينشرون مقاطع الفيديو بين المتابعين، وبالمحصلة فإنهم أشخاص يبذلون مزيدًا من الجهد لتحقيق إنجازات أفضل. وبالتالي فإن هذه العوامل مجتمعة هي ما تزيد من معدل تشغيل الفيديو، ولكن في النهاية، تخصيص لون مشغل الفيديو لن يضر. تحسين معدل التشغيل إذا كنت ستغير لون مشغل الفيديو عن الرمادي الدافئ، فما هي الألوان الأخرى التي يمكنك اختيارها؟ عند استثناء اللون "7B796A#" من المعادلة، يصبح بالإمكان التعرف على أداء الألوان الأخرى. الألوان الأكثر شيوعًا يأتي اللون الأسود ""#000000 في المرتبة الثانية من ناحية عدد مرات التشغيل الفريدة، فهو يمثل 14,9% من الفيديوهات التي لا تستخدم اللون الافتراضي، و30,5% من مجمل عدد مرات التشغيل لهذه الفيديوهات: ورغم أن اللونين الأسود والأحمر يحظيان بمعظم المشاهدات الفريدة، إلا أن اللون الأزرق هو اللون الأكثر استعمالاً في مشغلات الفيديو، إذ أن ستة من أفضل عشرة فيديوهات ملونة من ناحية عدد مرات التشغيل الفريدة تستعمل إحدى درجات اللون الأزرق. معدل المشاهدة يشبه اللون الأسود اللون الرمادي الدافئ من ناحية أنه يمتلك عددًا كبيرًا من مرات المشاهدة الفريدة، ولكن معدل تشغيله منخفض نسبيًا. إن اللون الذي يتمتع بمعدل المشاهدة الأعلى هو "#C7C7C7" المعروف باللون الفضي: تحظى مقاطع الفيديو ذات اللون الفضي بمعدل مشاهدة يُقدر بـ 47.3%، إذ أن نصف الفيديوهات المنزلة تقريبًا يجري تشغيلها، وبالتالي فإن اللون الفضي يحظى بأربعة أضعاف معدل تشغيل الفيديوهات التي تحمل اللون الافتراضي. ورغم أن اللون الفضي متأخر عن اللونين الرمادي الدافئ والأسود من حيث عدد مرات التشغيل الفريدة، إلا أن معدل تشغيله يساوي 26,000 مرة من 54,000 مرة تنزيل، وهو معدل كبير بالفعل. ولكن هناك عامل آخر يتضح عند النظر إلى الألوان التي تحظى بمعدل مشاهدة مرتفع في الرسم البياني أعلاه. وازن بين هذا الرسم والرسم البياني الخاص بعدد مرات المشاهدة الفريدة، والذي كان يحتوي في معظمه على درجات مختلفة من اللون الأزرق. ذلك في الحقيقة يشير إلى أن هذه الألوان تخص علامات تجارية مختلفة، وهو ما يؤكد الفكرة التي تقول إن العلامة التجارية والتصميم بشكل عام هما ما يزيد من معدلات المشاهدة. إذًا، ماذا بشأن الألوان في أسفل قائمة معدل المشاهدات: وبشكل عام، إن الألوان ذات معدل المشاهدة المنخفض أغمق من الألوان ذات معدل المشاهدة المرتفع. وبالنظر إلى إضاءة الألوان وفق نظام الفضاء اللوني (صبغة، إشباع، إضاءة) يتضح أن أعلى عشر ألوان من ناحية معدل التشغيل تحظى بمتوسط إضاءة 0.47 (علمًا أن إضاءة اللون الأسود تمثل القيمة صفر وإضاءة اللون الأبيض تمثل القيمة 1)، وأن اللون الفضي يحظى بقيمة إضاءة 0.78 وأن قيمة الإضاءة في أربع ألوان من الألوان العشرة الأولى تزيد عن القيمة 0.5. في المقابل، فإن متوسط قيمة الإضاءة في أقل عشر ألوان من حيث معدل المشاهدة هو 0.35 كما أن قيمة الإضاءة لا تزيد في أي من هذه الألوان عن 0.5. وذلك يشير إلى أن اختيار ألوان أكثر سطوعًا لمشغل الفيديو الخاص بك قد يزيد من معدل التشغيل، حيث أن ذلك يُبرز مشغل الفيديو الخاص بك. كيف تخصص لون مشغل الفيديو الخاص بك في هذه المرحلة أمامك خياران: تحريك الدائرة في داخل لوحة الألوان إلى حين العثور على اللون المناسب. أو إدخال الكود الخاص باللون مثل "#7b796a" إذا كنت تعرف اللون الذي تبحث عنه. هنا تستطيع تعلم المزيد حول هذه الأكواد وكيفية ترجمتها إلى ألوان. اختر لونًا يلائم علامتك التجارية ما زال عليك اختيار اللون الملائم لمشغلك، ولكن الاختيار من بين 16 مليون لون مختلف ليس بالأمر السهل. إن علامتك التجارية تمثل أفضل مكان قد تبدأ منه البحث عن اللون الملائم. وإذا نظرت إلى الرسم البياني الخاص بالألوان ذات معدل المشاهدة المرتفع، سوف تلاحظ لونًا مألوفًا وهو: أزرق Wistia. أزرق Wistia هو لون العلامة التجارية الخاصة بشركة Wistia، لذلك خصصت الشركة غالبية مقاطع الفيديو الخاصة بها لتلائم تصميم موقعها. وعليه فإنه يُفضل أن تختار لون مشغلك من الألوان الرئيسية أو المكملة في علامتك التجارية، وأن يكون اللون ملائمًا لبقية الألوان في موقعك الإلكتروني. وهذا بالضبط ما فعله موقع InsightSquared المتخصص في تحليل المبيعات. فعلى غرار العلامة التجارية الخاصة بشركة Wistia، تتسم علامتهم التجارية أيضًا باللون الأزرق ("#00B3E9" في حالتهم) وقد استخدموا هذا اللون في مقاطع الفيديو الخاصة بهم: أما إذا لم يكن لديك قواعد معينة تتعلق بالألوان، فيُفضل أن تستخدم نظرية الألوان لاكتشاف الألوان الملائمة لفيديوهاتك وعلامتك التجارية. إن نظرية الألوان هي العلم الذي يفسر الانطباعات المختلفة التي تتركها الألوان في نفوس البشر، إذ أن بعض الألوان ترتبط بخلايا معينة في الدماغ، وبالتالي فإن اختيار اللون الملائم يُعد أمرًا مهمًا لإبراز أعمالك. على سبيل المثال، وجدت دراسة في عام 2012 أن الشركات التي تمتلك علامات تجارية يطغى عليها اللون الأحمر يُنظر إليها على أنها شركات مثيرة وحيوية، وأما تلك التي تحمل علامتها التجارية اللون الأزرق فإنه يُنظر إليها على أنها شركات جديرة بالثقة. الألوان الملائمة فيما يلي بعض الألوان ودلالاتها: أحمر: مثير، حيوي، عاطفي. أزرق: جدير بالثقة، مستقر، ودي. أخضر: طبيعي، صحي، هادئ. أرجواني: فخم، روحاني. أسود: قوي، راقٍ. انتبه: تملك الألوان دلالات مختلفة باختلاف الثقافات. اهتم بالتفاصيل يظهر من البيانات أن العديد من مستخدمي Wistia ما زالوا يستخدمون اللون الافتراضي، أو الرمادي الدافئ. ورغم أن هذا اللون يحصل على الكثير من المشاهدات، إلا أن معدل تشغيله ليس مرتفعًا كالألوان الأخرى. ربما يبدو لون مشغل الفيديو أمرًا ثانويًا بالنسبة إليك، ولكن في عالم التصميم هذه التفاصيل الصغيرة تصنع فرقًا. لذلك جرّب تخصيص لون مشغل الفيديو الخاص بك ليتلاءم بشكل أفضل مع تصميمك ومع علامتك التجارية. إنك بذلك تخلق انطباعًا أوليًا جيدًا، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة معدل المشاهدة لديك. *هذه البيانات لا تشمل جميع الفيديوهات على Wistia، فقد اكتفى الموقع بتحليل 74 لونًا مختلفًا من بين ملايين الألوان الأخرى، وقد اختار العينة عن طريق استثناء الفيديوهات التالية: مقاطع الفيديو التي يقل عدد المشاهدات فيها عن 35 مرة: وبهذه الطريقة ضمن الموقع تحليل الفيديوهات التي شاهدها كم كبير من الناس. الفيديوهات التي يزيد معدل تشغيلها عن 50%: بما أن الفيديو قد يُنزل مرة ويُشغل مرة، فإن معدل تشغيله قد يكون 100%، لذلك جعل الموقع الحد الأدنى 50% حتى يستثني القيم المتطرفة من هذا التحليل. ترجمة -وبتصرف- للمقال The Color of Your Video Player is Affecting Your Play Rate لصاحبه Ezra Fishman
-
- 1
-
- التسويق بالفيديو
- الألوان
-
(و 2 أكثر)
موسوم في:
-
يتوجب على كل شركة أن تطور خطة مبيعات ناجحة. وقد تستطيع الشركة أن تؤجل خطة المبيعات إلى حين الحصول على أول 100 أو 1000 زبون، ولكن في مرحلة ما سوف يتحتم عليها أن تحافظ على شعبيتها في السوق، وأن تزيد المبيعات. إن بناء استراتيجية مبيعات واضحة ومحددة هو الطريق الأمثل لتحقيق نمو مستمر. وإذا بنيت استراتيجية مبيعات صحيحة فسوف تضع شركتك على أول طريق النجاح، أما إذا اخترت العمل بدون استراتيجية مبيعات فأنت تعرض شركتك للفشل. وصياغة استراتيجية المبيعات صياغة صحيحة من شأنه أن يساعد فريق المبيعات لديك على العمل بتركيز أكبر، وذلك سواءً كنت تدير شركة صغيرة أم عملاقة، أو كنت تتبنى التسويق الضمني أم التسويق المكثف، أو كنت تسعى لاستقطاب زبائن جُدد، أم الحفاظ على الزبائن الحاليين. ويمكن القول إن سر النجاح يكمن في التركيز على استراتيجية المبيعات الملائمة لطبيعة عملك وتنفيذها بدقة واستمرارية. ولمساعدتك على بناء استراتيجية المبيعات، اختار موقع Intercom مجموعة من نصائح الخبراء العاملين في هذا المجال في شركة Intercom وخارجها، والتي تمثل خلاصة تجاربهم والدروس التي تعلموها في صياغة استراتيجيات المبيعات الناجحة. ولكن أولاً وقبل كل شيء.. ما هي استراتيجية المبيعات؟ تُعد استراتيجية المبيعات المحرك الرئيس لقدرة الشركة على المنافسة وتحقيق الأرباح. وهي تمثل خطة عملية لاستقطاب زبائن جُدد، وتطوير المبيعات للزبائن الحاليين. وبغض النظر عن عدد فريق المبيعات لديك، يمكن القول إن استراتيجية المبيعات تلعب دورًا مهمًا في قدرة الشركة على عقد الصفقات بسرعة وفعالية. وبصفة عامة، تتضمن استراتيجية المبيعات السوق المستهدف، ومواصفات الزبون المثالي، وكيفية الدخول إلى السوق، وطرق البيع وآلياته. لكن تذكر دومًا أنه يتوجب عليك تطوير استراتيجية مبيعاتك على نحو يتلاءم مع نمو شركتك. 1. فهم احتياجات الزبون المستهدف ديس تراينور Des Traynor المؤسس المشارك ومدير الاستراتيجيات في شركة Intercom سواءً كنت تقدم خدمة برمجية أو مادية، يجب عليك أن تفهم كيف تجذب الزبون المستهدف، وأن تقرر حجم الأرباح التي تريد أن تحصل عليها منه، إذ أن ذلك يمنحك القدرة على معرفة كيفية الوصول إلى الزبائن، ويضعك أمام ثلاثة خيارات: لقد وضع جويل يورك (Joel York) هذه المحاور، وهي تمثل ثلاثة نماذج أساسية للمبيعات في عالم الخدمات البرمجية، وهي تُعد وسيلة رائعة حتى تفهم خطوتك التالية. (الربع السفلي الأيمن يمثل استعمال طريقة مبيعات معقدة لاستقطاب زبائن ذوي قيمة منخفضة، وبالتالي فهو ليس قابلاً للتطبيق ولا يستحق أن يؤخذ في الحسبان.) وتجد العديد من الشركات الناشئة نفسها في الربع السفلي الأيسر عند استعمال هذا النموذج، فهو الأسهل لتحقيق التوسع، ولكن مشكلة هذا الربع تتمثل في وجود عدد كبير من الزبائن ذوي القيمة المنخفضة، وهو ما يحد من القدرة على استقطاب زبائن جدد، فإنفاق 300$ من أجل استقطاب زبائن لمنتج قيمته 99$ ليس فكرة جيدة من ناحية اقتصادية. ولذلك يجب أن تختار ربعك بناءً على مجال عملك، إذ أن اختيار الربع الخطأ قد يحكم عليك بالفشل قبل أن تبدأ. وإليك بعض الأمثلة: بعض المجالات معروفة بصعوبة الوصول إليها. على سبيل المثال، قد لا يكون التسويق بالمحتوى خيارًا ملائمًا لأطباء الأسنان، كما هو ملائم للمطورين، وذلك يعني أنه يتوجب عليهم الدفع من أجل استقطاب الزبائن. بعض المجالات تتعامل بالعقود السنوية، واتفاقيات الحفاظ على السرية، واتفاقيات مستوى الخدمة، وهذا يعني أنك بحاجة إلى الاستثمار في آلية للمبيعات. بعض المجالات تعتمد على عروض الباوربوينت، وتأهيل الموظفين الجدد، وتدريبهم في الموقع، وهو ما يعني أنك بحاجة إلى عقود ذات قيمة مرتفعة لتحقيق الأرباح من الزبائن. إن فهم المبيعات الذاتية والمبيعات المركبة، والاختيار بينهما، وتحديد قيمة الزبائن، يساعد بلا شك على معرفة كيفية الوصول إليهم. 2. معرفة مواضع استعمال المبيعات الذاتية والمبيعات المركبة جون باروز John Barrows مدرب مبيعات إذا كنت تبيع عقودًا ذات قيمة منخفضة للغاية، ولنقل 1000 دولار سنويًا، فمن الصعب بمكان استعمال نموذج المبيعات المركبة. ولكن إذا كانت دورة المبيعات لديك في حدود 20-30 يومًا، وكنت تتلقى مكالمتين أو ثلاثة من الزبائن على الأقل، فذلك يعني ضرورة استعمال نموذج المبيعات المركبة للتأكد من سير الأمور على ما يُرام. لا يشعر الناس عادةً بالقلق عند الشراء من الإنترنت، ولكن عندما يتعلق الأمر بمبلغ كبير مثل 5,000-10,000 دولار فهم يفضلون الحديث إلى شخص ما في البداية. ورغم عشوائية الرقم السابق لكن هذه العتبة موجودة بالفعل. 3. توزيع المهام بوضوح ودقة بين أفراد فريق المبيعات إل بي هارفي LB Harvery نائب رئيس المبيعات في شركة Intercom يحاول العديد من مندوبي المبيعات، وخصوصًا المبتدئين منهم، أن يتبعوا طرائق متعددة، ولكن ذلك ليس صحيحًا، إذ أن التركيز يقود إلى التفوق، لذلك احرص عند صياغة استراتيجية المبيعات أن تحدد أدوارًا منفصلة لأفراد فريقك، وأن تحفز طرق البيع الصحيحة وأن تمنحها الأولوية. لنأخذ التسويق الضمني والتسويق المكثف مثالاً، فهما يتطلبان مهارات وآليات عمل مختلفة تمامًا، إذ يتوجب على فريق التسويق الضمني أن يهتم بتحليل اتجاهات الزبائن على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن يسعى إلى جلب زيارات عالية الجودة، وأن يزيد من معدل تحويل الزيارات إلى فرص باستعمال أساليب معينة مثل المحادثات الفورية، في المقابل يتوجب على فريق التسويق المكثف أن يبرز مزايا المنتج أمام الزبائن. والخلاصة، أنهما فريقان مختلفان يتطلبان مندوبين مختلفين وطرق بيع مختلفة. وأيًا كان النموذج الذي تختاره، فمن المهم اختياره عن اقتناع شخصي، وإدراك لإيجابيات وسلبيات كل نموذج، ومعرفة بكيفية استغلال هذه الإيجابيات. 4. تحديد مواصفات الزبون المثالي توماسز تونجوز Tomasz Tunguz شريك في Redpoint Ventures هل تستطيع بصفتك مديرًا لشركة ناشئة أن تصف زبونك المثالي؟ يجب أن تعلم أنك كلما كنت دقيقًا في وصف زبونك المثالي كان ذلك أفضل. ولكن وصف الزبون يجب ألا يكون مبهمًا على نحو يدفع الشركة إلى التركيز على قاعدة كبيرة للغاية من الزبائن المحتملين، ويؤدي إلى إضاعة الوقت والجهد في محاولة جذب عملاء غير مؤهلين. كذلك يجب ألا يكون وصف الزبون المثالي محددًا للغاية، فلا يجب أن يكون مثلاً: ميكانيكي محبط في الثلاثينات من العمر يحب لعب ألعاب الطاولة الألمانية ويقرأ لـ "نيتشه" ويشاهد فنون القتال المختلطة. وإنما يجب أن يكون وصف الزبون المثالي دقيقًا على نحو يمكنك وغيرك من التعرف عليه. ولكن كيف سأتعرف على الشخص في المثال إذا أردت أن أبيعه شيئًا؟ من أين أبدأ؟ من اجتماع الميكانيكيين؟ أم من لقاءات ألعاب الطاولة؟ أم في منتديات معجبي "نيتشه"؟ ويمكن القول إن وصف الزبون المثالي يجب أن يحقق ثلاثة أغراض: أن يتيح التعرف على الزبون المحتمل بسرعة. أن تستطيع وصفه بسهولة لشخص آخر حتى يستطيع بدوره أن يعثر على الزبائن المحتملين. أن يكون الوصف محددًا حتى يتسنى بناء أنظمة حاسوب تتعرف على الزبائن المحتملين. ومن الأمثلة الجيدة لوصف الزبون المثالي ما يلي: نائب رئيس التسويق في المناطق الخاضعة للنظام الأوروبي العام لحماية البيانات. رؤساء المبيعات الذين يعملون في مجال التكنولوجيا ويرأسون فرقًا يزيد عدد أفرادها عن 50 شخصًا. المدراء التنفيذيون لشركات التوريد الناجحة. إن كل مثال أعلاه يمثل وصفًا جيدًا للزبون المثالي الذي يسهل العثور عليه باستعمال أدوات جذب الزبائن، ويسهل وصفه لأعضاء الفريق الآخرين ليتدربوا عليه، ويسهل أيضًا إدخال وصفه إلى أنظمة الحاسوب وبرمجتها للعثور على هذا الزبون المحتمل. وبالتالي يجب على الشركات الناشئة أن تحدد بدقة مواصفات الزبون المثالي، إذ أن وجود وصف دقيق ومحدد يُعد أمرًا أساسيًا لتحقيق النمو. 5. تقديم النصيحة والمشورة للزبائن مارك روبيرج Mark Roberge محاضر بكلية هارفارد للأعمال، والمدير السابق للإيرادات في شركة Hubspot يتساءل كثير من الناس "ما الذي تغير في عالم المبيعات؟" قبل عشرين عامًا، كان يتوجب عليك الحديث لمندوبي المبيعات فقط عند الحاجة لشراء منتج ما، فهم يمتلكون المعلومات التي تحتاج إليها. وقد كان مندوبو المبيعات المتمرسون يمنحونك هذه المعلومات مقابل معلومات أخرى يحصلون عليها منك، مثل: كم ميزانيتك؟ وما هي احتياجاتك؟ ولكنك اليوم تستطيع أن تعثر على أفضل خمسة موردين في مجال معين، وأنت جالس في منزلك وعلى فراشك. إنك تستطيع أن تعرف ماذا يقدمون، وأوجه الاختلاف بينهم، وتكلفة الخدمات التي يقدمونها. كما تستطيع أيضًا أن تجرب العديد من المنتجات مجانًا. وبالتالي فقد أصبحت الحاجة إلى إدارة المبيعات في موضع شك، أليس كذلك؟ إن ذلك يُوجب على العاملين في مجال المبيعات أن يبذلوا المزيد من الجهد لتقديم خدمات ذات قيمة إضافية، لذلك: كن بمثابة المستشار والناصح لزبائنك. افعل ما بوسعك لتحسين التفاعل مع الناس. افهم الأهداف التي تسعى الشركة إلى تحقيقها والتحديات التي تسعى إلى التغلب عليها، واحرص على أن تكون استراتيجية التسويق العامة متوافقة مع طبيعة عمل الشركة. اروِ القصة من منظور زبائنك. لا تنسى أن تحافظ على التواصل مع الزبائن حتى بعد انتهاء العمل. هذه هي المهارات التي يستعملها أفضل مندوبو المبيعات لتطبيق استراتيجية المبيعات على نحو فعّال. 6. التأني قبل الصعود في السوق جويل يورك، مدير التسويق في شركة Accellion مع تطور شركة الخدمات البرمجية الناشئة من شركة صغيرة إلى شركة ناضجة، تظهر لديها طموحات بالنمو، ورغبة في توسيع استراتيجية التسويق للوصول إلى زبائن جدد، وزيادة تأثير المنتج لدى الزبائن الحاليين. ويُعد دخول السوق وفق نموذج المبيعات الذاتية المسار الطبيعي للتطور والنمو، إذ يتيح هذا النموذج لشركة خدمات برمجية ناشئة نجحت في بناء قاعدة زبائن كبيرة لمنتجات في غاية البساطة أن تدخل ميزات إضافية، وأن تقدم عروض سعر جديدة، وأن تضيف عددًا من مندوبي المبيعات إلى الطاقم، وذلك حتى تبدأ سعيها نحو زيادة متوسط سعر المبيعات الشهرية من 10$ إلى 100$ أو 1000$ أو 10,000$ أو حتى أكثر. مع ذلك، قد لا تكون هذه الأساليب البسيطة والمباشرة متلائمة مع الاستراتيجية العامة، والتحولات التشغيلية والثقافية اللازمة للوصول إلى النجاح. إذ أن نموذج المبيعات الذاتية، ورغم بساطته، ينطوي على سوق ضخم، ويتسم بانخفاض التكلفة وبالقدرة على المنافسة. في المقابل، يتمتع نموذج المبيعات المركبة لدى الشركات الكبرى بوجود منتج مميز يعتمد بالعادة على ابتكار متطور. إن الحفاظ على بساطة نموذج المبيعات الذاتية في شركات الخدمات البرمجية الناشئة سوف يؤدي إلى خلق منتجات وطرق بيع أكثر تعقيدًا، رغم أنها قريبة من المنتج الأصلي الذي يتسم بالبساطة. ويجدر التأكيد هنا أن هذه المنتجات والآليات سوف تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنفيذًا متأنيًا. هل يجب أن تُعرض المنتجات في عروض منفصلة، أم في أجزاء مختلفة من عرض واحد؟ هل يجب زيادة المبيعات السريعة من خلال التركيز على زبائن المبيعات الذاتية، أم أن الواجب هو إيجاد طرق جديدة للوصول إلى الزبائن؟ يُقال عادةً أن الصعود في السوق أسهل من النزول، وقد يكون ذلك صحيحًا، ولكن ليس من السهل الصعود دون التخلي عن زبائنك في الأسفل. 7. تجريب استراتيجية المبيعات قبل اعتمادها إليزابيث كين Elizabath Cain شريكة في Venture OpenView Partners يشعر مدير المبيعات، أو مؤسس الشركة، أو حتى مديرها التنفيذي أحيانًا بالحماسة تجاه بعض الأفكار الجديدة، ويرغب أن تسعى الشركة بأكملها وراء تنفيذ فكرته. ولكن التحرك السريع في اتجاهات مختلفة لن يخلق سوى حالة من الارتباك ويعيق تقدم الشركة. وعليه يجب ترسيخ ثقافة التجربة لدى الإدارة العليا نزولاً إلى الشركة بأكملها. إن إجراء الاختبارات والفشل والعودة مجددًا يتطلب قدرًا من الشجاعة، لذلك يجب على الإدارة أن تتيح المجال أمام التجربة، وأن تشجع الإبداع بدون عواقب. إذًا كيف تجري تجربة منضبطة؟ ابدأ بطرح الفرضية "ماذا تريد أن تختبر بالضبط؟" ثم حدد العوامل المختلفة، وصمم آلية التجربة، وحدد الإطار الزمني. كن واضحًا فيما يتعلق بالأهداف، ومعايير القياس ومؤشرات الأداء التي سوف تستعملها لتقرر نجاح التجربة من عدمه. بعد الانتهاء، قيّم التجربة على نحو صارم. وفي حال نجاح التجربة، فالخطوة التالية هي معرفة كيفية الاستفادة منها إلى أقصى درجة ممكنة. 8. الاستعانة بالشركاء لتسريع النمو، لا إيجاده من العدم ستيلي إيفتي Steli Efti المدير التنفيذي لشركة Close أولاً وقبل كل شيء: إذا كنت تسعى للحصول على أول 10 زبائن أو 100 زبون، فإن الموزعين واتفاقيات الشراكة في مجال المبيعات ليسوا قنوات ملائمة لك. إذا وجدت للتو منتجًا قابلًا للنمو وتحاول بيعه حتى تتعلم من الزبائن الحقيقيين، فإن هذه القنوات ليست ملائمة لك. إذا لم تكن تملك مستوىً ثابتًا ومستقرًا من الزبائن والدخل الشهري، فإن هذه القنوات ليست ملائمة لك. والسبب في ذلك: أن الموزعين واتفاقيات الشراكة هي استراتيجيات لتسريع نمو موجود بالفعل، لا لإيجاد نمو من العدم. أن هذه الاستراتيجيات جيدة فقط في حال وجود منتج فعّال، إذ أن الحافز لدى الموزعين والشركاء هو إرضاء العملاء وجني الأرباح، وإذا لم يكن منتجك يحقق لهم ذلك، فإنهم لن يستثمروا أي جهد لتسويقه. مع ذلك، إذا كان عمر شركتك يتراوح بين ستة أشهر إلى عام واحد، وكنت تمتلك منتجًا يحظى بشعبية واسعة ونمو متزايد، وإذا جربت التسويق بالمحتوى، والإعلانات المدفوعة، والتسويق الضمني، والتسويق المكثف، ونجحت في جلب دخل بمئات الآلاف أو ملايين الدولارات، فتلك إذًا قصة أخرى. والخلاصة لا تستعن بهذه القنوات إلا في الوقت المناسب عندما تكون مستعدًا لهذا النوع من التوسع. اجذب عملاء مستهدفين وحقق أهدافك التسويقية استعن بأفضل خدمات وحلول التسويق الرقمي من خمسات وحقق مبيعات استثنائية اطلب خدمتك الآن ترجمة -وبتصرف- للمقال 8 steps to create your winning sales strategy, according to industry leaders Rate لصاحبه Courtney Chuang
- 2 تعليقات
-
- 1
-
- استراتيجية المبيعات
- آليات البيع
- (و 4 أكثر)
-
لقد كُتب الكثير حول كيفية بناء شركات الإنترنت لبرمجياتها، بدءًا من الكتب مثل كتاب "The Lean Start-Up" (بناء الشركات بسلاسة) وحتى منشورات شركة (Google Ventures)، مع ذلك لا توجد الكثير من الأمثلة لشركات ناشئة تتحدث حول آلية عمل فرق المنتجات لديها. وفي عام 2013 تحدثت شركة Spotify عن آلية عملها، مع ذلك لا توجد الكثير من هذه الأمثلة. ويرجع السبب في ذلك ربما إلى عدم ارتياح الشركات تجاه الحديث أمام جمهورها عن واقع عملها، والذي قد تسوده الفوضى في بعض الأحيان. صحيح أن هنالك الكثير من النصائح المقتضبة، ولكن هناك غياب واضح لأمثلة عملية حول آلية عمل الشركات الناشئة، وخصوصًا تلك التي تحقق نموًا سريعًا، لذلك قررت شركة (Intercom) مشاركة طريقة عملها مع الجمهور. خلال الشهور الـ 12-18 الماضية، أنجزت الشركة العشرات من التحسينات التدريجية، بالإضافة إلى العديد من عمليات إعادة التصميم، وقد تعلمت الشركة خلال هذه الفترة الكثير حول كيفية توسيع فرق بناء المنتجات، وتفاصيل إخراج المنتج إلى النور في أسرع وقتٍ ممكن. وتستند آلية عمل الشركة إلى أربعة مبادئ رئيسية: تحديد قواعد اتخاذ القرار توزيع المسؤوليات وضع خارطة طريق بسيطة وشاملة وشفافة تبني ثقافة تحديد الأهداف ولكن تذكر دومًا: هذه الآلية ليست ملائمة بالضرورة لجميع الشركات، فهي تنبع من الثقافة الخاصة بشركة Intercom أما شركتك فلها ثقافتها الخاصة، وهو ما يتطلب آلية عمل مختلفة. هذه الآلية ليست مثالية بأي حال من الأحوال، إذ تعمل شركة Intercom على إعادة صياغتها باستمرار. وربما تكون الشركة قد غيرت هذه الآلية أو جزءًا منها، وأنت تقرؤها الآن. هذه الآلية ملائمة بالنسبة لشركة Intercom في الوقت الحالي، وفي ظل الفريق الحالي (أربعة مدراء مشاريع، أربعة مصممين، 25 مهندسًا) لكنها لم تكن ملائمة عندما كان الفريق أصغر حجمًا، وربما لن تكون ملائمةً أيضًا عندما يتضاعف حجم الفريق. مع ذلك تأمل الشركة من نشر آلية عملها أن تساعد الآخرين على بناء آليات العمل الخاصة بهم. 1. تحديد قواعد اتخاذ القرار تحتاج الشركات إلى وجود مجموعة من القيم التي تؤمن بها وتساعدها على اتخاذ قرارات صحيحة تتفق مع ما تؤمن به الشركة. وتؤمن شركة Intercom بعدد من القواعد المهمة لتحقيق النمو وتوسيع فريق المنتجات: خطوات صغيرة ومتتابعة أفضل من القفزات الكبيرة تؤمن شركة Intercom بأن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة، لذلك تراها تميل دائمًا إلى اتخاذ أسهل وأسرع وأبسط الطرق التي تقربها من تحقيق الهدف الكلي. وتقسم الشركة جميع مشاريعها إلى إصدارات صغيرة ومستقلة يضيف كل منها قيمة إلى الزبائن. ويسعى العاملون في الشركة دومًا إلى تبسيط الأمور والتحرك بالسرعة، وعدم إهدار الوقت على أمور ليست مهمة. التركيز على المهام اليومية والأسبوعية تسابق شركة Intercom الزمن، فكل يوم مهم ويجب أخذه في الحسبان، لذلك تكلف الفرق العاملة بمهام أسبوعية تنقسم إلى مهام يومية، وبذلك يعرف كل فرد في بداية كل يوم ما الذي يجب عليه فعله، وكيف يرتبط عمله بالهدف الأسبوعي الخاص بالفريق، وكيف يرتبط عمل الفريق بالمشروع الكلي. التعاون وجهًا لوجه تعتقد شركة Intercom أن الأمور تسير على نحو أسرع عندما تُدار وجهًا لوجه، إذ يستطيع شخصان إنتاج أفكار أكثر وعلى نحو أسرع عندما يكونان معًا. نعم، هناك مزايا للعمل عن بُعد، ولكن سرعة وفعالية اتخاذ القرار ليست من بينها. ولهذا السبب تعمل جميع فرق الشركة في مكان واحد، ويمتلك كل فريق منها غرفة عمليات خاصة به. وتسير الشركة على مبدأ إنجاز الأعمال وجهًا لوجه طالما كان ذلك ممكنًا. البُعد عن التعقيد إن استعمال برنامج لبناء برنامج يستغرق في أغلب الأحيان وقتًا أطول من استعمال اللوحة البيضاء وأوراق الملاحظات. لذلك تميل الشركة إلى آلية عمل مبسطة تتضمن استعمال الحد الأدنى من الأدوات البرمجية لإنجاز العمل. وعندما تتطلب إدارة المنتج استعمال كل من Google Docs وTrello وGithub وBasecamp وAsana وSlack وDropbox وConfluence فهناك مشكلة كبيرة للغاية. النتائج أهم من الخطة الخطة مهمة للنجاح، ولكن الأمور لا تسير دائمًا بحسب الخطة، فالخطط تُوضع عادةً وفق البيانات المتاحة، ولكن البيانات تصبح أكثر وضوحًا بمجرد البدء في التنفيذ. وتتسم أفضل الفرق بالقدرة على استيعاب المعلومات الجديدة والتفاعل معها بحسب المتغيرات، والعمل من أجل الوصول إلى ذات النتيجة في ذات الإطار الزمني. 2. توزيع المسؤوليات تعمل شركة Intercom ضمن فرق منتجات صغيرة الحجم يتولى كل فريق منها جزءًا من عمل الشركة، ويتكون كل فريق من مدير مشاريع، ومصمم منتجات، وكبير مهندسين، وما بين مهندسيَن إلى أربعة مهندسين. ولهذا السبب، يجب أن تكون حدود المسؤولية واضحة لدى الجميع، وهو ما دفع الشركة إلى وضع القائمة التالية: إذا لم يكن تحليل المشكلة صحيحًا، فالمسؤولية تقع على عاتق مدير المشروع، إذ يجب عليه التأكد من إجراء بحث وافٍ حول المشكلة. إذا لم يكن التصميم يعالج المشكلة، فالمسؤولية تقع على المصمم، إذ يتوجب عليه فهم البحث والمشكلة. إذا كان التصميم يعالج المشكلة، ولكنه ضعيف أو لا يتوافق مع سياسات الشركة، فالمسؤولية تقع إذًا على المصمم، الذي يجب عليه فهم سياسات الشركة ومبادئها. إذا لم يسلّم المهندس التصميم، أو سلمه متأخرًا، فتلك مسؤولية كبير المهندسين والذي يتوجب عليه فهم المشكلة والتصميم، ووضع خطة دقيقة وملائمة قبل البدء بكتابة الكود البرمجي. إذا كان هناك الكثير من المشاكل البرمجية ومشاكل الاستخدام، فالمسؤولية تقع على عاتق مدير المشاريع إذ الواجب عليه التأكد من إجراء اختبارات واقعية للبرامج قبل إصدارها. إذا كان الفريق يقضي الكثير من الوقت في إصلاح الأخطاء والمشاكل دون إضافة أي قيمة وفقًا لخارطة الطريق الموضوعة، فتلك مسؤولية كبير المهندسين والذي يجب عليه التأكد أن كل مشروع يحسن جودة الكود البرمجي بصفة عامة. إذا لم يكن هناك تقييم واضح لأداء البرنامج، فتلك مسؤولية مدير المشاريع والذي يتوجب عليه تحديد معايير النجاح بوضوح. إذا لم يكن المنتج يوفر حلًا للمشكلة، فتلك مسؤولية مدير المشاريع والذي يجب عليه التأكد من عدم إجراء أي تغييرات ما لم تكن تعالج المشكلة بالكامل. يتسم عمل فرق بناء المنتجات بالكثير من الضبابية، وهو ما يستوجب التعاون والتنسيق لتحقيق أفضل النتائج، ولذلك يجب على الأفراد العاملين في هذه الفرق الجلوس معًا لتحديد حدود المسؤولية تحديدًا واضحًا للغاية. 3. وضع خارطة طريق بسيطة وشاملة وشفافة خارطة الطريق هي خطة المنتجات التي ستبنيها الشركة على مدار الشهور التالية، وهي تتكون من ثلاثة أطر زمنية: 4-6 أسابيع قادمة: مواعيد مؤكدة لإصدار البرمجيات. الشهور القادمة: خطط مصحوبة بمعلومات واضحة ومفصلة حول المشاكل والفرص المتاحة. ما وراء الشهور القادمة: أفكار عامة ترتبط بطبيعة عمل الشركة. تضع الشركة جميع أفكار المنتجات التي قد تبنيها في قائمة واحدة تخضع لإدارة مدير المشاريع، ويطلع عليه بقية أفراد الفريق بانتظام. وتستمد الشركة خارطة طريقها من ثلاثة مصادر أساسية وهي: معتقدات الشركة: لا تستند المعطيات في هذا المصدر إلى البحث، وإنما لآراء العاملين في الشركة وأفكارهم، وخصوصًا فريق إدارة المنتجات. ردود فعل الزبائن: وهناك ثلاثة مصادر لهذه الردود: ردود فعل تسعى الشركة للحصول عليها بواسطة الدراسات التي يجريها فريق البحث، والحوارات التي يجريها مدراء المشاريع مع الزبائن. ردود فعل تطوعية يقدمها الزبائن عبر موقع الشركة، إذ يختار فريق مساعدة الزبائن مئات الحوارات في كل أسبوع ليطلع عليها مدراء المشاريع، وذلك قبل إضافتها إلى قائمة المنتجات التي قد تبنيها الشركة في المستقبل، أو إضافتها إلى خارطة الطريق الخاصة بالشركة. ردود فعل يجمعها فريق المبيعات من واقع حديثه مع الزبائن ويشاركها مع مدراء المشاريع، وذلك حتى يتسنى لهم فهم المعيقات التي تواجه الزبائن عند استعمال منتجات الشركة. وتستعرض كل من إدارة المبيعات والمنتجات خارطة الطريق بصفة شهرية للتأكد من إزالة هذه المعيقات. بيانات نوعية مستمدة من قياس أداء المنتجات الحالية: وهناك مصدران لهذه البيانات النوعية في هذه الحالة: معايير النجاح المحددة في كل مشروع. معايير نجاح المنتج والفريق القائم عليه. وكما يتضح هنا، تُقسم خارطة الطريق إلى أهداف موزعة على الفرق، ويُقسم كل هدف إلى مشاريع متعددة، ويُقسم كل مشروع إلى عدد من الإصدارات البرمجية المنفصلة. وتسعى الشركة من خلال هذه الاستراتيجية إلى تزويد المستخدمين بأكبر قيمة في أسرع وقتٍ ممكن، ولكن هناك سمات استراتيجية تشترك فيها جميع المنتجات، والفرق، والأهداف، والمشاريع. وفيما يلي ملخص لآلية عمل الشركة في جميع هذه المراحل. السمات العامة لاستراتيجية المنتجات تملك شركة Intercom في الوقت الحالي ثماني سماتٍ عامة تلخص عمل الشركة بأكملها، ولهذا السبب وضعت الشركة لوحة لكل سمة من هذه السمات على جدران المكتب. وتحتوي كل لوحة على عنوان السمة، وسبب أهميتها، والمشكلة التي تعالجها، والفرصة التي توفرها، بالإضافة إلى رسومات توضيحية لمفهومها. أهداف الفرق يمتلك كل فريق منتجات هدفًا استراتيجيًا يستغرق بضعة شهور لإنجازه، ويمثل مجموع هذه الأهداف استراتيجية المنتجات العامّة. وصف المشروع وصف المشروع هو عبارة عن وثيقة تقع مسؤولية إعدادها على عاتق مدير المشروع، وهي تتكون من صفحة واحدة فقط لا غير، وتتناول بإيجاز المشكلة، ومعايير قياس النجاح، ونطاق المشروع، ولكنها لا تقترح أية حلول والتي تأتي في مرحلة لاحقة. وتهدف هذه الوثيقة إلى خلق فهم مشترك للمنتج الذي تسعى الشركة إلى بنائه، وسبب ذلك. خارطة الطريق في Trello تتحرك شركة Intercom بسرعة كبيرة، فقد تتراوح فترة إصدار البرمجيات بين يوم واحد وأسبوعين، كما أنها قد تعمل على 5 أو 6 مشاريع، إضافةً إلى عشرات الإصدارات البرمجية في ذات الوقت. ولهذا السبب تستخدم الشركة موقع Trello لضبط إيقاع العمل. ويخضع كل شيء في Trello لمدير المشاريع والذي يخصص بطاقة لكل إصدار برمجي، وتتضمن هذه البطاقة روابط لأعمال التصميم الجارية. ويشير لون البطاقة إلى فريق المنتجات المسؤول عن العمل فيها، إذ تمتلك الشركة خمسة فرق مختلفة. وتخول الشركة فريقًا واحدًا لكل إصدار برمجي، وذلك لتعزيز المسؤولية والمحاسبة، وفي حال وقوع خلل تُوضع علامة حمراء على البطاقة الخاصة بالإصدار البرمجي لمتابعته. بطاقة المشروع في Trello يمتلك كل مشروع بطاقة خاصة في Trello وتضم هذه البطاقة الروابط الخاصة بوثيقة وصف المشروع، وجميع الإصدارات البرمجية في إطار ذلك المشروع، كما أنها تحتوي قائمة مهام للتأكد من عدم نسيان أي شيء. بطاقة الإصدار البرمجي في Trello تخصص الشركة بطاقة لكل إصدار برمجي، وتتضمن هذه البطاقة روابط أعمال التصميم، وجميع الوثائق المساعدة التي توضح المنتج وآليات تصميمه. كذلك تحتوي البطاقة قائمة مهام مقسمة إلى خمسة أقسام وهي: التصميم، البناء، ضمان الجودة، الإصدار التجريبي والكامل، وما بعد الإصدار. 4. تبني ثقافة تحديد الأهداف الأهداف الأسبوعية تسعى الشركة إلى التركيز والحفاظ على مسارها من خلال تحديد أهداف أسبوعية لكل فريق، وتشمل هذه الأهداف إصدار برمجيات وفق خارطة الطريق، أو تقليل عدد الأخطاء البرمجيات، أو تحسين النظام على نحو يمكن الشركة من المضي قُدمًا في المستقبل. ولتحقيق هذه الغاية أنشأت الشركة أداةً أطلقت عليها اسم Hustle وهي تجمع في مكان واحد كلاً من الأهداف، وخارطة الطريق من الواجهة الخاصة بموقع Trello، وكذلك ملخص المشاكل البرمجية المفتوحة في موقع Github. والخلاصة أن الفرق تضع أهدافًا أسبوعية، وتُحاسب عليها. الأهداف اليومية واللوحة البيضاء يضع العاملون في الشركة أهدافًا يومية، وحتى أقل من ذلك، لضمان تحقيق الأهداف الأسبوعية، وهو ما ينبع من اعتقاد الشركة بأهمية كل يوم، لذلك يمتلك كل فريق منتجات في الشركة لوحة بيضاء يستعملها لتسجيل ومتابعة أهدافه اليومية. اللقاءات الأسبوعية في نهاية كل أسبوع يتجمع العاملون في الشركة أمام الشاشة الكبيرة في مطعم الشركة، ويستعرض المهندسون المنتجات التي كانوا يعملون عليها خلال الأسبوع. وتعزز هذه اللقاءات إيمان الشركة بأهمية ضبط إيقاع العمل، فهي في سباق مع الزمن، لذلك تقسّم العمل إلى خطوات يمكن إنجازها خلال أسبوع واحد فقط. هذه الآلية تغيّرت تدرس شركة Intercom آلية عملها وتعدلها باستمرار، إذ يتعلم العاملون في الشركة أشياء جديدة في كل أسبوع. وقد تناول هذا المقال دروسًا لم يكن تعلمها سهلًا أبدًا، ولكنهم استطاعوا الوصول إليها بالمحاولة مرةً بعد مرة، وخصوصًا أن بناء منتج في شركة سريعة النمو يُعد أمرًا صعبًا للغاية. وفي الختام، تأمل الشركة أن يساعدك هذا المقال على تحسين آلية عملك. ترجمة -وبتصرف- للمقال Lessons learned from scaling a product team Rate لصاحبه Paul Adams
- 1 تعليق
-
- 1
-
- فريق المنتجات
- تطوير المنتجات
- (و 3 أكثر)
-
تعتمد كتابة الإعلانات على عدد من الأسس، من أهمها كسب ثقة الجمهور، وفهم احتياجاته، ثم إقناعه بأن منتجك يستطيع أن يحل مشكلاته بكفاءة وفعالية. ولكن قبل أن تبيع أي شيء للجمهور، يجب عليك في البداية أن تزرع بذور الثقة، وإذا نجحت، فسوف يصبح البيع بعد ذلك أمرًا في غاية السهولة. فكر في الأمر: ما الذي قد يدفعك لشراء منتج؟ نصيحة من صديقك، أم تقييم عشوائي على موقع أمازون؟ عندما تطلب من شخص شراء منتج ما، فأنت تطلب منه المخاطرة بالاستثمار في منتج قد يتبين لاحقًا أنه لا يستحق. وعليه فإن الهدف الرئيسي من الإعلان هو أن تقنع الزبائن على اختلاف أنواعهم بأن منتجك يستحق كل فلس يُدفع من أجله. لذلك يمكن القول إن كل شيء يبدأ بالثقة. وقد لا تدفع الثقة الزبائن إلى شراء منتجاتك فحسب، بل تجعلهم أيضًا أكثر تقديرًا للوقت والجهد الذي تبذله. لذلك إذا كان منافسك يعرض أسعارًا أقل بـ 20%، وكان الزبائن يثقون بك أنت، ففارق السعر لن يُحدث فرقًا. وذلك يرتبط بالمخاطر التي تصاحب شراء منتج جديد (وخصوصًا من الإنترنت) إذ أن الزبائن في هذه الحالة أمام خيارين: اختيار المنتج الأرخص والمجازفة بإضاعة الوقت والمال، أو دفع المزيد لشراء منتج يضمن لهم الحصول على النتائج التي يسعون إليها. وإليك فيما يلي عددًا من الخطوات لبناء الثقة مع الجمهور… اعرف الجمهور المستهدف إذا كنت تريد كسب ثقة القراء أو الزوار، فيجب أن تفهم في البداية من هم، وأن تبني عملك على هذا الأساس. لذلك إليك آلية بسيطة من ثلاث خطوات لفهم جمهورك فهمًا أفضل. 1. حدد طبيعة زبائنك خصص بعض الوقت لتسأل نفسك عن طبيعة الزبائن الذين تحاول الوصول إليهم. وإذا كان منتجك يستهدف مجموعات مختلفة من الزبائن، فاحرص على التفريق بينها، فقد تشتري مجموعتان ذات المنتج ولكن لأسباب مختلفة. ولذلك من المهم أن تظهر فهمك لهذه الأسباب عند بناء الثقة مع الجمهور. 2. تعرف على مشكلاتهم بعد تحديدك لطبيعة زبائنك، حاول أن تتعرف على مشكلاتهم، ومخاوفهم، والأسئلة التي يطرحونها. وهناك طرق متعددة لذلك، منها البحث عن أسئلتهم في موقع "كورا" أو زيارة المنتديات المختصة بمجال عملك للتعرف على أبرز المواضيع التي تشغل بال الزبائن. هل يواجهون صعوبة في أمر معين؟ ما هي المشكلات الموجودة في المنتجات المتوفرة؟ ما هو المنتج المثالي بالنسبة إليهم؟ وكيف تستطيع مساعدتهم للحصول على منتج أفضل؟ وإذا كنت تمتلك قائمة بريدية تضم زبائنك الحاليين والمحتملين، فربما يجدر بك استغلالها أيضًا. كل ما عليك فعله هو أن تطلب من الزبائن دقيقتين من وقتهم لإرسال تساؤلاتهم وقصصهم وتطلعاتهم إليك عبر البريد الإلكتروني. إن هذه الخطوة من شأنها أن تساعدك على بناء الثقة من ناحيتين. فمن جهة، تمنحك هذه الخطوة كنزًا لا يعوض من المعلومات حول السوق، كما تتيح لك معرفة الأمور التي يبحث عنها زبائنك بالتحديد. ومن جهة أخرى، عندما تدعو الزبائن للحوار، وتقدم لهم محتوًى ومنتجات تركز على احتياجاتهم الشخصية، فسوف يلاحظ الزبائن هذا الاهتمام ويقدرونه بشدّة. 3. ساعدهم في العثور على الحل يجب عليك بعد التعرف على احتياجات السوق أن تجعل منتجاتك مرتبطة بهذه الاحتياجات. ما هي الفوائد التي يقدمها منتجك؟ وكيف يمكن لخبراتك أن تساعد الزبائن؟ وسوف يتطرق المقال إلى هذا الأمر بالتفصيل بعد قليل، ولكن المهم هو أن تجعل حل مشكلات الزبائن هدفك في كل خطوة تخطوها. اكتب كما لو كنت تتحدث عندما تكتب محتوًى لتدوينة، أو رسالة بريد إلكتروني، أو نصًا لمقطع فيديو، فمن المهم أن تحافظ على البُعد الشخصي. من المهم أن تبدو إنسانًا حتى في المجالات التي يغلب عليها الطابع الرسمي مثل الخدمات القانونية والهندسة الفضائية. وتذكر دومًا أنك تسعى إلى خلق حوار مع القارئ. ورغم أن الأمر يبدو بسيطًا ولا يحتاج إلى توضيح، إلا أن هناك بعض النصائح التي قد تفيدك في فتح قنوات الحوار مع الزبائن. 1. استخدم صيغة المتكلم إن الكتابة بصيغة المتكلم تمثل دعوةً للقارئ ليتعرف عليك أكثر، فعندما تتحدث عن تجربتك الشخصية في مجال التسويق لدى عدة شركات، فأنت تزيد بذلك الألفة والتي تفضي لاحقًا إلى الثقة، ولن تكون في نظر القارئ مجرد كاتب أو مدون. امنح القارئ فرصة للتعرف على شخصيتك الفريدة، فذلك يساعدك على بناء علاقة فريدة من نوعها. 2. لا تتقيد بالقواعد بصراحة، هل تبدأ جملة بـ "لكن" أو "عطفًا على ذلك" عندما تتحدث؟ هل تحرص أن تكون كل جملة تخرج من فمك مثالية وخالية من الأخطاء، أم أنك تتحدث بعبارات بسيطة؟ لا أقول أن تكتب عبارات غير مفهومة أو مترابطة، فذلك قد يعطي انطباعًا بأنك شخص مهمل أو غير مثقف. ولكن إن شعرت أن كسر بعض قواعد اللغة يجعلك تبدو أكثر طبيعية، فافعل ذلك. كذلك تستطيع الكتابة بصيغة الجمع، كأن تكتب مثلًا "الآن نستطيع أن نزيد المبيعات". إن هذه العبارة ومثيلاتها تعكس وجود علاقة من نوع ما بينك وبين القارئ، فالقارئ لا يعمل وحده على المشروع، لأنك تقف إلى جانبه حتى يتخطى الصعاب. 3. اكتب بسرعة وعدل في وقت لاحق عندما تبدأ بكتابة إعلان أيًا كان نوعه، فكل ما عليك فعله هو أن ترسم تصورًا في البداية، ثم تجلس وتكتب ما يتبادر إلى ذهنك. بالطبع لن يكون الإعلان مثاليًا، ولكن لا بأس بذلك، فأفضل كتاب الإعلانات يلقون المسودة الأولى في سلة المهملات في أغلب الأحيان. ورغم أن ذلك يستغرق الكثير من الوقت في الظاهر، إلا أن ذلك ليس صحيحًا. إن الكتابة بدون توقف من أجل التحقق من القواعد أو اختيار الكلمات تتيح لك كتابة محتوى طبيعي وسلس بسرعة كبيرة. بعد ذلك ارجع لما كتبت ونقحه وتأكد من كونه مترابطًا. وتكمن فائدة هذه الطريقة في أنها تجعل أفكارك تتدفق من دماغك إلى الورق مباشرة، وهو ما يجعل كتابتك تبدو طبيعية وسلسة. 4. تجنب الكلمات الكبيرة والمصطلحات إن كان هناك من شيء نتعلمه من الانتخابات الأمريكية في عام 2016 فهو مدى فعالية لغة ترامب البسيطة في مخاطبة الناس. وبغض النظر عن توجهات ترامب السياسية، إلا أنه نجح بفضل أسلوبه المبسط في الوصول إليهم. ويحاول بعض الناس إبهار الآخرين بالكلمات الصعبة والمصطلحات التقنية، ورغم أهمية هذه الكلمات لإظهار معرفتك وسعة إطلاعك، لكن لا تكثر من استخدامها. وباختصار يجب أن يكون القراء قادرين على فهم ما تقول دون الحاجة إلى الاستعانة بـ Google. فإذا كان الناس بحاجة إلى مصدر آخر لفهم ما تقول فقد فشلت في عملك. اصنع لنفسك مكانة مرموقة تميل الناس بالفطرة لأصحاب السلطة والأماكن الرفيعة، ولا أدل على ذلك من اختبار ملغرام، والذي أظهر أن ارتداء معطف مختبر كفيل بإقناع غالبية الناس بصعق أشخاص آخرين بصدمات كهربائية قاتلة. وهذه ليست بالتأكيد دعوة إلى المغالاة في فرض السلطة على الناس، أو التلاعب بالجمهور كما في التجربة السابقة، وإنما دعوة لأن تقوم بكل ما بوسعك للوصول إلى موقع ريادي في مجال عملك. وفي حين أن ذلك قد يستغرق سنوات عديدة، إلا أنك تستطيع فعل الكثير من الأشياء للوصول إلى هذه المرحلة. 1. استخدم البيانات والإحصائيات دعّم مزاعمك دومًا بالدراسات والأرقام، فذلك يمنحك قدرًا أكبر من المصداقية. إنك تستطيع أن تجمع هذه البيانات بنفسك أو أن تستشهد بدراسات واستطلاعات رأي من مصادر أخرى، وفي كلتا الحالتين ذلك يظهر سعة معرفتك بالموضوع الذي تتحدث عنه. 2. استعن بشهادات الآخرين تُعد التوصيات إحدى أهم العناصر المساعدة في بناء الثقة مع السوق، فهي تمنح زبائنك المحتملين دليلاً خارجيًا على أنك قادر على الإيفاء بوعودك. الشهادة ليست مجرد زبون يتحدث لبضعة دقائق حول مساعدتك له في حل مشكلة ما، فهي تتضمن آليات أخرى أكثر إقناعًا مثل رواية القصص، وتقييم المنتجات، والاستشهاد بآراء الزبائن، وتسجيل مقابلات فيديو كاملة. على سبيل المثال، يعرض موقع Single Grain على صفحته الرئيسية شعارات معظم زبائنه المشهورين، وهي شهادة من هذه الشركات بأن الموقع استطاع تقديم حلول عالية الجودة وأن يساعدها على بناء الثقة مع زبائن جدد. ] 3. عزز موقعك في وسائل الإعلام إذا ذُكرت شركتك في إحدى الصحف أو المواقع الإعلامية المهتمة بمجال عملك، فاحرص على نشر ذلك في موقعك الإلكتروني مع صورة كبيرة لشعار الصحيفة ورابط موقعها على الإنترنت. إن ذلك يقدم دليلاً واقعيًا على أن شركتك تحظى بمكانة مرموقة وسمعة جيدة في الأوساط المعنية. 4. استعمل دراسة الحالة تُعد دراسة الحالة نوعًا من رواية القصص، ولكنها تُظهر خبرتك بدلًا من الحديث عنها. فعوضًا عن قول "أمتلك 10 سنوات من الخبرة في مجال التسويق الإلكتروني"، الأفضل أن تقول "لقد عملت في مجال التسويق الإلكتروني لدى شركة أوبر" والأفضل من ذلك كله أن تضيف "وإليكم النتائج التي حققتها، وكيف نجحت في تحقيقها." ركز على المشاريع الناجحة من خلال توثيق القصة ونشرها بالمجان حتى يتسنى للجميع مشاهدتها. إن فهم الناس لما تفعله بالضبط يجعلهم أكثر ثقة بك، وبقدرتك على استنساخ تلك التجارب الناجحة على نحو فعال يسهم في علاج مشكلاتهم. وعلى سبيل المثال، يستعمل موقع Single Grain في كثير من الأحيان دراسة الحالة ضمن المحتوى الذي يقدمه، بل يمتلك صفحة مخصصة لبعض الحالات الخاصة بعملاء الموقع. 5. استشهد بالخبراء إذا كنت في بداية العمل، أو بداية التوسع باتجاه جديد، فأفضل ما تقوم به لإثبات خبرتك في المجال هو الاستعانة بشهادات الخبراء. إن الاستشهاد بالخبراء في كتاباتك يعكس مدى معرفتك وسعة اطلاعك. صحيح أنك لست بمستوى هؤلاء الخبراء، ولكن ذلك يظهر على الأقل أنك تعرف من أين تستقي معلوماتك. إنك تقول لزبائنك "إنني أقدم خدمات بجودة توازي هؤلاء الخبراء، لأنني ببساطة أتبع ما يفعلونه ويقولونه." يمنحك ذلك أيضًا فرصةً لبناء علاقة مع هؤلاء الخبراء، وربما التعاون معهم، أو استضافتهم في موقعك في المستقبل. وكل ذلك يساعدك على الانتقال من الاعتماد على الخبراء الخارجيين إلى بناء خبرتك الخاصة. أوف بوعودك هذه أهم نصيحة في هذا المقال. بمجرد أن يبدأ الزبون المحتمل بالتعامل معك، فالواجب عليك هو أن تتفوق دومًا على توقعاته. إن تفاعل الزبون المحتمل معك بأي طريقة كانت (التعليق على منشور، أو الاشتراك في النشرة البريدية، أو طلب منتج تجريبي، …إلخ) يعني أنك قد نجحت في غرس بذور الثقة في داخله، وقد حان الوقت لترسيخ هذه الثقة وتعزيز هذه العلاقة في كل فرصة ممكنة. وعندما نتحدث عن الوعود فإننا نتحدث عن الوعود المكتوبة والشفهية. وفيما يلي أبرز الطرق لتظهر لقرائك أنك جدير بالثقة. 1. اطرح سؤالًا وأجب عليه ابدأ مدونتك بعنوان على شكل سؤال، ثم ألحقه بإجابة شاملة لهذا السؤال. وإذا قلتَ للقراء أنك سوف تحدثهم عن كيفية إطلاق حملة لإعادة التسويق عبر فيسبوك، فيجب أن يكون كل شيء واضحًا لدى القراء بمجرد انتهائهم من قراءة المقال. كما يمكن استغلال هذه الاستراتيجية باستعمال البريد الإلكتروني. كل ما عليك فعله هو أن تسأل الزبائن في القائمة البريدية لديك عن المشكلات التي يعانون منها، ثم تتناول أبرز هذه المشكلات بعد يوم أو اثنين. إن ذلك يظهر أنك تستمع للزبائن، كما أنه يمنحك فرصة الإجابة على الاعتراضات على نحو مباشر. 2. حافظ على استقرارك حتى أكثر الأصدقاء المقربين إليك إنما يحصلون على نظرة عن حياتك من خلال الحوار، والتجارب المشتركة، ومنشوراتك على مواقع التواصل الاجتماعي. إنك تبني صورة متكاملة للأشخاص الذين تعرفهم من خلال هذه اللمحات الصغيرة. لكن هل شاهدت الارتباك، وربما القلق، في وجه شخص فقط لأنك أخبرته أنك تراجعت عن قرار كبير في حياتك، أو غيرت خطة كنت تسير عليها؟ سبب ذلك هو سعينا الحثيث نحو الاستقرار. لذلك إذا كنت ترغب ببناء علاقة مع شخص ما، وخصوصًا على الإنترنت، فيجب أن تظهر أنك تمتلك شخصية مستقرة وأن تكون متفقًا مع نفسك. على سبيل المثال، ينشر بعض الكتاب مقالًا واحدًا في يوم محدد من الأسبوع، وهو بذلك يحجز لنفسه مكانًا في الروتين الأسبوعي للقراء. وذلك يزيد أيضًا من مؤشرات التفاعل مثل تفقد البريد الإلكتروني لقراءة المقال المنتظر، كما أنه يعطي انطباعًا عن دقة الكاتب والتزامه الشديد بالمواعيد، ويشير إلى دقته في سائر الأمور الأخرى مثل مواعيد التسليم على سبيل المثال. 3. ركز على الحوارات القصيرة حاول أن تعمق علاقتك بالقراء، وذلك بأن تطلب منهم أمورًا صغيرة، مثل الانضمام إلى القائمة البريدية، أو تحميل النسخة الالكترونية من كتابك الجديد، أو المشاركة في بث مباشر. إن المفتاح هنا هو تخطي توقعات القراء في كل مرة تطلب منهم شيئًا كهذا، فإذا طلبت مثلًا تحميل كتاب الكتروني، فقدمه لهم فورًا، ولا تجعلهم يدخلون البريد الإلكتروني ثلاث مرات ورمزًا للتحقق. ومن بديهي القول أنك يجب أن توفر لهم كتابًا يستحق القراءة مرتين. إن هذه الحوارات الصغيرة تنطوي على شيء من المجازفة والثقة، فالزبون يجازف ببريده الإلكتروني ووقته وماله، ولكنه يثق بك. لذلك احرص على أن تظهر لهم أن الثقة يقابلها نتائج عالية الجودة. ثق تمامًا أن الزبائن سوف يتذكرون هذه التجارب عندما يحين وقت شراء المنتج. نصيحة أخيرة: قدّم لهم الضمانات النصيحة الأخيرة هي إزالة مخاوف الزبون بالكلية، وذلك بأن تضمن له استعادة أمواله إذا لم يكن المنتج يلبي توقعاته. إذا كنت تسعى لبناء الثقة مع الزبون، أو تعزيز الثقة الموجودة بينكما، فهذه الطريقة هي أسرع طريقة لتحقيق ذلك، فهي تزيل المخاطرة المالية من المعادلة، وبالتالي ليس لدى الزبون ما يخسره. صحيح أن هذه الطريقة تقوم على مبدأ الاستغناء عن الثقة، لا على بناء الثقة، إلا أنك تقول للزبون "إنني أقدم منتجًا جيدًا وأنا متأكد أنك سوف تتركني أحتفظ بأموالك بعد تجربته والتعرف على فوائده." وبالتالي ثقتك بنفسك تدفع الزبون للوثوق بك. ولكن من المهم أن تتذكر أن المال ليس العقبة الوحيدة أمام الزبائن، لذلك احرص على تقديم ضمانات أخرى. الخلاصة هناك العشرات من الأساليب النفسية التي يمكن أن تستخدمها من أجل التسويق لمنتجك، ولكن تذكر دومًا أن أهم خطوة في البداية هي وضع الأسس الصلبة لعلاقة قائمة على الثقة. إن التواصل يعتمد دومًا على السياق، فقد يشعر البعض أن إعلانك مصطنع ومتكلف، بينما قد يشعر آخرون أنه حقيقي ونابع من الصميم، وخصوصًا إذا كانوا يعرفونك ويعرفون علامتك التجارية، ولهذا السبب بالتحديد يجب أن تمنح الأولوية في استراتيجية المحتوى لبناء العلاقة مع الزبائن. ويجب أن تسأل نفسك دومًا: ماذا أفعل لبناء الثقة مع جمهوري؟ ورغم أن تأثير بناء الثقة قد يصعب قياسه، على خلاف معدل الزيارات مثلًا، لكن تذكر أن كل العلامات التجارية الكبرى والشخصيات المؤثرة يجعلون بناء الثقة الأولوية الأولى. ترجمة -وبتصرف- للمقال Copywriting Hacks: How to Build Trust With Your Audience Rate لصاحبه BRIAN BARR
-
يتطلب النجاح في عالم الكتابة الحرة الكثير من الجهد. في البداية قد يصيبك الإحباط من كثرة الكتّاب في هذا السوق، وصعوبة الحصول على عمل، وخصوصًا عندما لا تمتلك الكثير من الخبرة. ولكن لا تقلق. في هذا المقال سوف تجد العديد من النصائح التي تساعدك على الدخول إلى عالم العمل الحُر. فقط تمعّن في هذه النصائح واحرص على تطبيقها للحصول على أفضل النتائج سواءً في مجال الكتابة أو التسويق. 1. اكتب حول ما تعرفه فقط أفضل نصيحة للكتّاب هي الكتابة باستمرار لتحسين مهاراتهم وذلك حتى يكونوا قادرين على كتابة مقالات ممتازة عندما يتوفر لديهم العمل. مع ذلك، يُنصح الكتّاب بالكتابة حول المواضيع التي تثير اهتمامهم، وخصوصًا في بداية العمل. هل أنت شغوف بمجال السيو، أو إعلانات جوجل، أو كتابة الإعلانات؟ ابدأ من هناك. اكتب مقالًا في مجال تخصصك أو اهتمامك، وأرسله إلى مواقع التسويق. قد تواجهك مئة "لا" ولكنك بحاجة إلى "نعم" واحدة فقط، المهم ألا تقلل من شأنك. بعد ذلك، تستطيع توسيع مجال عملك عندما تصبح مرتاحًا في عالم العمل الحُر. لا تحصر نفسك في موضوع معيّن فقد يصبح شيئًا من الماضي بمرور الوقت، لذلك تُعد المرونة والتنوع من أهم سمات المدون في عالم العمل الحُر. فلو كنت خبيرًا في تطبيق ما من تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال، فالواجب عليك هو تنويع عملك ليشمل جميع قنوات التواصل الاجتماعي، وذلك خشية إغلاق هذا الموقع في يوم من الأيام. 2. أنشئ موقعك الخاص يُعد إنشاء موقع إلكتروني أمرًا أساسيًا لعرض مهاراتك وبناء الثقة مع الزبائن المحتملين، لذلك يوصي الخبراء كل شخص يعمل في مجال العمل الحر بإنشاء موقع خاص باستعمال قالب يتسم بالبساطة والوضوح. اعرض أمثلة لمقالاتك، وآرائك الشخصية مصحوبة ببعض الصور اللطيفة، فذلك يميزك عن آلاف العاملين الآخرين الذين يقابلهم أصحاب العمل عند البحث عن الكتّاب. ومهما كانت مدونتك صغيرة، إلا أنها تصنع فرقًا كبيرًا. حاول أيضًا تحسين ظهور موقعك في محركات البحث للحصول على المزيد من الزيارات، فكلما حصلت على زيارات أكثر ازدادت فرصة حصولك على الزبائن وطلبات العمل. وفيما يلي بعض النصائح المفيدة لتحسين ظهور موقعك في محركات البحث: اكتب محتوًى يحسن ظهور موقعك في محركات البحث. وذلك يعني البحث عن المصطلحات والكلمات المفتاحية التي يكثر استخدامها في محركات البحث، واستعمالها في عنوان ونص منشوراتك كلما كان ذلك ممكنًا. فقط تذكر ألا تفرط في استعمال هذه الكلمات، فذلك قد ينعكس سلبًا على ترتيب موقعك في محركات البحث. حسّن ظهور منشوراتك. استعمل أكثر الكلمات المفتاحية ارتباطًا بالموضوع في عنوان كل صفحة من صفحات الموقع، ولكن احرص على اختيار عناوين قصيرة تتراوح بين 50 إلى 60 حرفًا. كذلك، اكتب وصفًا للمقالات، وذلك لإعطاء لمحة للقراء حول طبيعة محتوى صفحات الموقع، واجعل هذا الوصف في حدود 150 حرفًا. تذكر أن اتباع هذه الإرشادات البسيطة يجعل موقعك أكثر جذبًا للقراء، ويرفع ترتيب موقعك في نتائج محركات البحث. ضع روابط لمصادر موثوقة في منشوراتك. تُعد الروابط الخارجية ذات الجودة العالية أمرًا أساسيًا يسمح لعناكب محركات البحث بالوصول إلى موقعك وتقييم محتواه، وفي النهاية زيادة مصداقية موقعك ورفع ترتيبه في نتائج البحث. استعمل الصور. يجب أن تمتلك كل صورة في موقعك عنوانًا، ووصفًا، ونصًا بديلاً، واسمًا للملف، وأن تكون جميعها مرتبطة بالكلمات المفتاحية، فهذه التفاصيل من شأنها أن تحسن ظهور الصور، وأن ترفع ترتيب الموقع في محركات البحث. 3. كن مقنعًا يُعد إقناع الزبائن المحتملين بمقالاتك جزءًا أساسيًا من العمل في مجال الكتابة الحرة، وإذا فشلت في ذلك فلن تحصل على أي عمل. ولكن لا تصعب الأمور على نفسك بمحاولة الكتابة في مواضيع جديدة وغير مألوفة وأنت لا زلت كاتبًا مبتدئًا، فقط ركّز على كتابة المقالات في مجال خبرتك. لا تزعم أبدًا امتلاك مهارات ليست لديك، وقدّم المهارات التي لديك فقط مهما بدت قليلة أو صغيرة. عند إقناع الزبائن تحدّث عن مشكلاتهم في البداية قبل الحديث عن مهاراتك، ثم اطرح في النهاية سؤالًا جوهريًا حول طبيعة العمل فذلك يظهر جديتك، وقد يدفع الزبائن للرد عليك، وهو ما يبرزك من بين المتقدمين الآخرين. كذلك احرص دائمًا على تصفح موقع الزبون الذي تحاول إقناعه قبل إرسال بريدك الإلكتروني وذلك حتى لا ترسل محتوًى حول بستنة الحدائق إلى وكالة تسويق رقمي. استعمل الأساليب التالية لإقناع الزبائن من أول مرّة: استغل الملخص استغلالًا جيدًا. يُعد ملخص عرضك فرصة ممتازة لإظهار مهاراتك في الكتابة، فلا تضيعها، إذ يمنح هذا الملخص المحررين فرصة التعرف على مهاراتك دون الحاجة إلى كتابة مقال كامل، لذلك حاول أن تجعل ملخصك مختصرًا وواضحًا. أبهر المحررين بالعناوين. لم تكن العناوين في يوم من الأيام أكثر أهمية من الآن، فالمحررون والقراء يصادفون الكثير من المحتوى في كل يوم، ولذلك يجب اختيار عناوين تجذب انتباههم. في ذات الوقت، يجب ألا يأتي ذلك على حساب الوضوح. قد تجيد التلاعب بالكلمات، ولكن إذا كان عنوانك مربكًا فقد فشلت في تحقيق المطلوب. لذلك جرّب عرض عناوينك على صديق أو زميل يستطيع تقديم تعليقات صريحة عليها. ناقش الموضوع من زاوية فريدة. كلما كانت زاوية مناقشتك للموضوع فريدة وإبداعية سوف يصبح المحرر أكثر اهتمامًا بقراءة مقالك. يجب أن تحاول مناقشة المواضيع من زاوية مختلفة لتبرز نفسك من بين الآخرين، لذلك اقض بعض الوقت في العصف الذهني قبل كتابة عرضك. 4. قدم محتوى عالي الجودة في الوقت المحدد يلعب أوائل المحررين الذين تتواصل معهم دورًا مهمًا في نجاح مسيرتك المهنية، لذلك حافظ في تعاملك معهم على الإيجاز واللباقة، وفوق كل شيء المهنية. سلّم عملك في الوقت المحدد ووفق المواصفات المطلوبة، فأسرع طريقة لخسارة العمل في المستقبل هو تسليم مقال طويل ويتطلب الكثير من التحرير. ويُعد تسهيل العمل على المحررين من أبرز السُبل للحصول على الاحترام والتقدير في عالم الكتابة. لذلك دقق مقالاتك دومًا، ووضّح مصادرك (لا تسرق، ولا تُعد استعمال مقالات كتبتها لمواقع أخرى دون إعادة كتابتها على نحو كامل، ولا تستعمل صورًا دون نسبتها إلى مصادرها) وسلّم عملك في الموعد المحدد، فتسهيل عمل المحررين الذين تعمل معهم يمنحك سمعة بأنك شخص جدير بالثقة ويمكن الاعتماد عليه، حينها سوف تبدأ المواقع بالتواصل معك وعرض فرص العمل عليك، بدلًا من بحثك عنها. 5. حافظ على معدل عملك عند رفع الأسعار رفع الأسعار قد يتسبب في عدم حصولك على عمل بصفة مستمرة، وهذه إحدى أكبر المشكلات التي تواجه العاملين في مجال العمل الحُر. يقول بيترسون تيكسيرا (Peterson Teixeira) وهو رائد أعمال وخبير في مجال التسويق امتهن الكتابة الحرة منذ عام 2014: إذا استطعت معرفة أسعار الكتاب الآخرين في ذات المجال، فسوف يساعدك ذلك على رفع أسعارك أو تثبيتها عند حد معيّن. تابع اتحاد العمل الحُر لمزيد من المقالات المفيدة، أو تواصل مع غيرك من الكتاب العاملين في مجال العمل الحُر للتعليق على أعمالهم، أو الاستفادة من خبراتهم. أما إذا وجدت نفسك خاملًا بلا عمل، فيجدر بك استغلال الوقت المتاح لتطوير مهاراتك وتعزيز سيرتك الذاتية. 6. اعلم أن العام الأول هو الأصعب يعتمد حجم دخلك المتوقع في العام الأول على الوظائف التي تحصل عليها، وعلى مستوى خبرتك. وبصفة عامة، لا تتوقع جني الكثير من المال حتى تبني لنفسك سمعة جيّدة، ولذلك قد يكون من الأفضل لك البدء بالعمل الحُر إلى جانب مصدر دخلك الأساسي. مع ذلك قد يكون هناك العديد من المزايا للاعتماد على العمل الحُر اعتمادًا كاملًا، إذ يتيح لك ذلك الكثير من الوقت أكثر من الموظف المثقل بالالتزامات، والذي يرتبط بساعات دوام محددة. ولكن هيئ نفسك لمواجهة المصاعب المالية لمدة عام أو أكثر إلى حين الوصول إلى مستوى الدخل الذي تتطلع إليه، واعلم أيضًا أن أرباحك سوف تتأرجح من عام إلى آخر، فقد تجني الكثير في بعض السنوات، وقد تعجز عن ذلك في سنوات أخرى. ومن الصعوبات التي قد تواجهك أيضًا تخلي العملاء عن مشاريعهم بدون سابق إنذار، وهو ما يتركك بلا خطة احتياطية لكسب المال. صحيح أن ذلك ليس تصرفًا سليمًا، ولكن هذا هو واقع العمل. 7. ابق على اطلاع على ما يقوم به الآخرون كن مطلعًا دومًا على آخر مستجدات المجال الذي تكتب فيه، وكذلك على المستجدات في عالم الكتابة الحرة، فمعرفة اتجاهات السوق تساعدك على العثور على العمل، وتحديد أسعارك، واختيار المواضيع التي يجب عليك الكتابة فيها. كذلك احرص على التفاعل مع غيرك من العاملين في المجال من خلال الرد على مدوناتهم، وإعادة نشر تغريداتهم، والتعليق على منشوراتهم في فيسبوك، وكلما كنت نشيطًا في ذلك، زادت فرصتك في العثور على عمل، إلى جانب التعلم من خبرات الآخرين. تفقد أيضًا المواقع التالية للاطلاع على آخر المستجدات والاتجاهات في عالم التسويق: أكاديمية حسوب خمسات تواصل إكسباند كارت زوّار كذلك قد يكون تفعيل تنبيهات (Google) لبعض الكلمات والمصطلحات فكرة جيّدة. جرّب مثلًا تفعيل التنبيهات لبعض المصطلحات العامة مثل "التسويق" و"كتابة الإعلانات" و"السيو" أو بعض المصطلحات الخاصة بمجال عملك مثل "وظائف كتابة موقع مستقل." وإذا كان هناك زبائن بعينهم ترغب بمتابعتهم، فجرب تفعيل تنبيه يتضمن اسم الشركة وذلك حتى تظل مطلعًا على آخر المستجدات، وتتمكن من إرسال عرضك بسرعة عندما تُتاح فرصة للعمل. 8. لا تجهد نفسك يُعد الإجهاد مشكلة حقيقة في عالم الكتابة الحرة، فقد تفترض في بداية الأمر أنك تستطيع كتابة عدد معيّن من المقالات خلال فترة زمنية محددة، ولكنك لست آلة، وبالتالي فهذه الفرضيات خطأ من أساسها. تتطلب الكتابة الحرّة وجود دافع للكتابة، ولا أحد يستطيع إيجاد هذا الدافع سواك أنت، لذلك جرّب تغيير مكانك بين الحين والآخر وذلك حتى لا ينضب مخزون الإبداع لديك. فقد تفجر بعض المناظر والأصوات وحتى الروائح شرارة الإبداع في داخلك حتى في الأيام التي لا تشعر فيه بالدافعية للكتابة. وتتطلب الكتابة الكثير من التفكير، ولكن زيارة مقهًى مختلف عن المقهى المعتاد قد تساعدك على الخروج بأفكار جديدة وكتابة مقالات ممتازة. أما إذا كنت تفضل العمل في المنزل حيث الهدوء والسكينة بعيدًا عن ضجة المقاهي، فخصص لنفسك مكانًا للكتابة، فذلك يزيد من إنتاجيتك أكثر من مجرد الاستلقاء مع حاسبك المحمول في السرير. وختامًا، تذكر أن بناء سمعة قوية في عالم الكتابة الحرة يتطلب الكثير من الإصرار والمثابرة، فلا تشعر بالإحباط عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، واعلم أن الجهد المتواصل والتعلم المستمر سوف يوصلانك إلى حيث تريد، ولكن في الوقت المناسب، فقط تحلّ بالصبر وواصل العمل. ترجمة -وبتصرف- للمقال How to Establish Yourself as a Reputable Freelance Writer Rate لصاحبه Alec Sears