اذهب إلى المحتوى

مجد اسماعيل

الأعضاء
  • المساهمات

    152
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

كل منشورات العضو مجد اسماعيل

  1. مهما تنوّعت جودة لحظاتك في العمل، فلا غنى عن وجود الأصدقاء هناك لتحقيق الرضا الوظيفي وتخفيف التوتر والمحافظة على تواصلك مع عملك. جاء في صحيفة Psychology Today حول هذا الموضوع: ولكنّ الصداقة قد تبدو أمرًا يصعب التعامل معه عندما تكون مدير الفريق، أو تمارس أحد الأدوار القيادية، خصوصًا عندما يكون من أصدقائك أشخاص تتولى إدارتهم. تحدثنا إلى مديرين حقيقيين مرّوا بهذه التجربة، فشاركونا بعض الملاحظات حول كيفية التعامل بثقة مع وضع مماثل، وبدون أن تفقد قدرتك على التطوّر الكامل بوصفك قائدًا وصديقًا في آن معًا، وبما أن بعض الأشخاص الذين التقينا بهم للاستفسار حول هذا الموضوع ما يزالون يعملون مع أصدقائهم ومديريهم الحاليين، فقد طلبوا منا إبقاء هواياتهم مجهولة. ما الذي يجعل أصدقاء العمل بتلك الأهمية؟ قد تعتقد أنك عندما تصبح مديرًا فستفقد القدرة على مصادقة أعضاء فريقك، خاصةً وقد سمعنا في مرات كثيرة مديرين يقولون أنك قد تشعر بالوحدة بما أنك المدير. ولكنّ السماح للوحدة بأن تسود لديك قد يأتي بنتائج تؤثّر في تطوّرك بوصفك مُحترِفًا، وكذا في قدرتك على مواجهة الصعوبات أيضًا، فإن شعرتَ بأنْ لا أحد هناك تتبادل معه الأفكار، أو تتواصل أو تشارك تجاربك معه؛ فيُتحمَل أن يتكون لديك شعور بالعُزلة وفقدان التواصل مع فريقك ومكان عملك. وفقًا لدراسة قائمة على الملاحظة أجراها كل من Sigal Barsade وHakan Ozcelic لفهم تأثير الوحدة على الأداء في العمل؛ فقد وجدا أنّ الوحدة أدّت فعلًا إلى انسحاب من العمل وإلى إنتاجية وتحفيز وأداء أقل. كيف توفر الصداقات في العمل دعما عاطفيا؟ ستمرّ بمواقف يكون عليك فيها التعامل مع موظفين صعبي المِراس، أو قد تحاول تخفيف حدة خلاف نشبَ بين أفراد الفريق، وهي مواقف جديدة عليك بوصفك مديرًا، ولا تخلو غالبًا من عواطف ترافقها. ورغم أن عليك تعلُّم كيفية التحكّم بالعواطف أثناء العمل والتعبير عنها، إلا أنه ستحصل مواقف مثل تلك لا محالة ما دام البشرُ مجبولين على العواطف. إنّ وجود صديق لك تتصرف معه على طبيعتك وتعبّر له عن عواطفك، أمرٌ لا غنى عنه لصحّتك عمومًا، وللنجاح في التعامل مع الضغط الذي يولّده دورُك في العمل، وللوصول إلى السعادة في العمل. نعلم أن وجود الأصدقاء في مكان العمل أمر مهم، ولكنّه ليس دائمًا بتلك السهولة عندما تمارس دورًا قياديًا، لذا إليك بعض النصائح لمساعدتك في العثور على أصدقاء بمكان العمل. من الوحدة إلى مصادقة الآخرين: العثور على أصدقاء في العمل أنشئ تواصلًا متينًا مع فريقك حتى لو رأيتَ أنّ مصادقة أفراد فريقك أمر صعب بسبب دورك القيادي بينهم بوصفك مديرًا، فلا يزال بوسعك نسج علاقات قوية معهم ولكن بحدود، حتى مع الأصدقاء منهم. قد لا تستطيع الاعتماد على واحد من أفراد فريقك لمناقشة خلاف ما ضمن الفريق، أو للحديث عن مشكلة حصلت بينك وبين رئيسك في العمل، لكن مع ذلك بوسعهم دعمك ومساعدتك والتواصل معك، وإذا أردتَ البدء بأمر ما، فليكُن بناء الثقة، فبحكم التجربة؛ يمكن أن يمثل ذلك نقطة تحوّل بخصوص العمق الذي يمكنك التواصل فيه مع أعضاء فريقك. تواصل مع مديرين آخرين داخل مؤسستك من أفضل النصائح المهنيّة التي يمكن إسداؤها حول هذا الموضوع هو العثور على مديرين آخرين في مؤسستك، ورغم أنه قد يكون مُقلِقًا أن تحاول الوصول إلى أشخاص من خارج فريقك -خاصةً في سياق العمل عن بُعد، حيث يمكن أن تتعامل مع أشخاص لم تلتقِ بهم قطّ-، فسيستوعب زميلُك المدير كثيرًا مما تمرّ به، إذ يدرك زملاؤك المديرون أمورًا، مثل ما يعنيه أن تكون صلةَ وصل بين مرؤوسيك ورؤسائك، وإيجادِ توازن سليم بين إدارة فريقك وضمان أن يُنجز عملُك، والتعاملِ مع الصعوبات، وحلّ المشاكل ضمن فريقك، وسوى ذلك من الأمثلة التي تجعل عملك -بوصفك مديرًا- مُجزِيًا ومُجهِدًا في آن معًا. إذًا، قد تساعدك هذه القواسم المشتركة مع المديرين الآخرين في بدء مناقشات وتعزيز صداقات معهم. وسع شبكتك عندما يكون العثور على أصدقاء في العمل صعبًا، بسبب انطواء دورك الإداري على كثير من المعلومات السرّية، أو لأن لديك تأثيرًا كبيرًا على الحياة اليومية للأشخاص المعنيين، فقد يكون تحقيق ذلك داخل مؤسستك أمرًا أكثر صعوبةً. ومن هنا تنبع أهمية العثور على شبكة من حولك، بحيث يمكنك البدء عبر بناء علامتك التجارية الشخصية على الإنترنت بوصفك مديرًا، أو بطلب المشورة عبر الإنترنت، ثم تبدأ ببطء خوض النقاشات. كما يمكنك الانضمام إلى مجموعات على الإنترنت تضم مديرين من ضمن مجال عملك، إذ لا حصرَ للفرص والخيارات، حيث يمكنك العثور على صداقات حقيقية حتى خارج مكان العمل حيث تعمل. محرج أم لا: عندما تصبح رئيس أصدقائك تختار العديد من الشركات التطوُّر من الداخل، فذلك أقل تكلفةً وأكثر استغلالًا للوقت، لأنه يحتاج إلى تدريب أقل، ويُعَدّ طريقةً ممتازةً للتعرّف على إمكانات الأشخاص. بهذه الطريقة يبدأ العديد من الناس وظيفتهم الجديدة بوصفهم مديرين، فقد يجدون أنفسهم يحصلون فيه على ترقية، فتتمثل وظيفتهم الجديدة في إدارة فريق كامل من الموظفين يُحتَمل أن يكون من أعضائه أصدقاء لهم. إليك ما قاله بعض المديرين الذين مرّوا بمثل تلك التجربة: سيبدو الأمر محرجا في البداية فقط يتمثل الأمر الأهم الذي عليك توقُّعُه هنا في تغيُّر الديناميكية، إذ يترافق التغيير دائمًا مع فترة تعديل؛ لذا توقَّعْ تلك الفترة التي تمر فيها واعلم أنها ستمضي مع الوقت. التواصل المبكر والمستمر أساسي يُعَد هذا قرارًا صعبًا، خصوصًا إذا كانت المعلومة سرية، بحيث لا يعود إليك القرار بالإفصاح عن ترقيتك المُقبِلة. ولكن ومن خلال نقاشاتنا مع المديرين وجدنا أن هناك أداة شائعة لمواجهة ذلك، ألا وهي التواصل، فإذا كنت قادرًا على ذلك؛ تحدّث إلى أصدقائك حالما تسنح الفرصة، فأغلبُ الظن أنهم سيسعدون لأجلك. إنّ الإبقاء على استمرار التواصل، وإدراك ضرورة مرور بعض الوقت قبل أن تجد الطرائق المناسِبة للعمل معًا، يمكنه أن يساعدك وصديقَك في الانتقال إلى الديناميكية الجديدة. سيعلم صديقك ما عليه توقُّعه منك بوصفك مديره، وهذا سيساعده في التعامل مع التغييرات المُقبلة. للتعاطف أهمية بالغة ينطبق ذلك على طرفي علاقة الصداقة. لذا فكِّر من جانبك لدقائق في كيف ستشعر إذا أصبح صديقُك مديرَك في العمل؛ وعلى صديقك أن يفكر في شعوره إذا أصبح مديرًا. وحتى لو أمضى صديقك وقتًا للتكيف مع وضعه الجديد، فسيكون التعاطف أفضل سبيل لفهم تصرفاته، فمن خلال نقاشاتنا مع المديرين وجدنا أن التعاطف كان غالبًا أول خطوة نحو تحقيق توازن بين الصداقة والعمل والقيادة. أرادنا الترقية نحن الاثنان الشفافية والإجراءات الواضحة تحققان العدالة بالنسبة لتقدير الموظفين والفرص والمزايا وتكوين الأفكار؛ فسيساعدك تبنّي خطة وإجراءات واضحة في إيصال فكرة لفريقك مفادها أنك لن تفضّل أحدًا منهم بذاته. تكلم في الأمر وخض النقاش غير المريح قد يسبب ذلك التوترَ، ولكنّ خوض تلك النقاشات العصيبة سيُعدّك لنجاح طويل الأمد، لهذا اسمح لنفسك بأن تكون غير مرتاح إلى حد ما، واستبِق الأمور بطرح مواضيع النقاشات بنفسك، وسجَّل ما ناقشته لتجنُّب سوء التفاهم لاحقًا. يحتاج الأمر إلى بعض الوقت وإلى التعاطف والشفافية، لكنّ بوسعك الوصول إلى توازن سليم بشأن صداقاتك في مكان العمل، لهذا تعلّمْ متى تتكئ على الصداقات بثقة، ومتى تلتزم بدورك بوصفك قائدًا ومديرًا. وما التوتر والضغط اللذَين تشعر بهما سوى دليل على أنك شخصٌ مُكترِث. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Navigating friendships at work and being your friends’ manager لصاحبه Ana Collantes. اقرأ أيضًا كيف تصبح مديرا ناجحا؟ الأساليب الستة للقيادة وطرق تطبيقها على فريق موظفيك التعريف بالذكاء العلائقي وكيفية بناء علاقات عمل ممتازة التوجهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية وعلاقات العمل في الشركات
  2. ليس بوسع معظم الشركاتِ استهداف السوق بكاملها بالنسبة لمنتجٍ محدد، ولذا، يجب على الشركة إنشاء مزيجٍ تسويقي خاصٍ بكل جزء منفصل من السوق، ذلك أنّ محاولة إنشاء مزيج تسويقي لكل جزء من السوق المستهدفة، ستكون مكلفة للغاية، ولذلك تقسّم الشركات تلك الأهداف إلى "قطاعات" محددة من السوق؛ التي تجعل الشركات في وضع أفضل، ويمكّنها من النجاح في استهدافها، كما يتنوع تقسيم السوق -أيضًا- تبعًا للسوق المستهدفة، بمعنى؛ هل هي سوق استهلاكية؟ أم سوق أعمال تجارية؟ في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سيتم التعرف جيدا على مفهوم تقسيم السوق، وعلى الأشكال الأساسية التي يتم اعتمادها للتقسيم سواء في السوق الخاصة بالاستهلاك؛ أو السوق التجارية. تقسيم السوق تساعد دراسةُ سلوك المشتري، مديري التسويق، على فهمٍ أفضلَ للسبب الذي يدفع الناس إلى الشراء، وبهدف تحديد الأسواق المستهدفة التي قد تحقق أعلى نسبة أرباح للشركة؛ يستخدم المسوقون تقسيم السوق (تجزئة السوق) Market Segmentation، وهي عملية فصل طبقات السوق، وتحديدها، وتقييمها، للعثور على السوق المستهدفة، فعلى سبيل المثال: قد تُقسَّم سوقٌ مستهدفة إلى مجموعتين؛ الأولى: عائلات لديها أطفال. والثانية: عائلات بلا أطفال. فالأولى؛ يُحتَمل أن تشتري حبوبًا حارّة، أو مُحَلّاةً مُسبَقًا، أما الثانية؛ فيحتمل أن تشتريَ حبوبًا صحية أكثر من تلك، وهنا تقوم شركاتُ الحبوب بتخطيط، المزيجَ التسويقي الخاص بها، مع أخذ الفكرة السابقة بالحسبان. أما سوق الأعمال التجارية، أو سوق الشركات، فقد يُقسَّمُ وفقًا لحجم الشركات المستهلِكة (كبيرة، أو صغيرة)، أو وفقًا للمنطقة الجغرافية. وهناك خمسة أشكال رئيسة لتقسيم السوق، هي: التقسيم السكاني الديموغرافي، والجغرافي، والتقسيم حسب العوامل النفسية، وتطلعات المستهلكين السيكوغرافية، والتقسيم وفقًا للمنفعة، ووفقًا للحجم. يتضمن الجدول 11.2 تلخيصًا لخصائص كل من أشكال التقسيم تلك، وسنناقشها في الأقسام القادمة من هذا الفصل. التقسيم الديموغرافي يصنف التقسيم السكاني (الديموغرافي) Demographic Segmentation المجتمعات إلى فئاتٍ متعددة، ومختلفة، مثل: العمر، والتعليم، والنوع الاجتماعي، والدخل، وحجم الأُسرة، الشيء الذي يساعد المتخصصين في مجال التسويق في التمييز بين الأسواق، ويعد هذا النمط من تقسيم السوق؛ الأكثرَ شيوعًا؛ بسبب سهولة الحصول على المعلومات السكانية. ففي الولايات المتحدة، يوفر مكتب تعداد سكان الولايات المتحدة US Census Bureau قدرًا كبيرًا من البيانات السكانية، وخصوصًا في مناطق المدن ذات الكثافة العالية، ويمكن للباحثين في مجال التسويق استخدام بيانات مكاتب الإحصاء؛ للعثور على مناطق ضمن المدن التي تحتوي على عدد كبير من المستهلكين؛ ذوي الدخل المرتفع، أو من غير المتزوجين، أو من العمال، ذوي الياقات الزرقاء، وهكذا. لكنْ، ومع أن الحصول على المعلومات السكانية أسهل من سواه من أنواع المعلومات، إلا أن ذلك قد لا تكون -دائمًا- هو أفضل طريقة للتقسيم؛ بسبب محدودية ما يمكن كشفه عن المستهلكين. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } أشكال تقسيم السوق الاستهلاكية الشكل العام لتقسيم السوق خصائصه التقسيم السكاني. العمر، التعليم، النوع الاجتماعي، الدخل، العِرق، الطبقة الاجتماعية، حجم الأسرة. التقسيم الجغرافي. الموقع المناطقي، مثل إقليم نيو إنجلاند، ومنطقة منتصف المحيط الأطلنطي، ومنطقة جنوب شرقي الولايات المتحدة، والبحيرات العظمى، ومنطقة السهول الكبرى، ومنطقة الشمال الغربي، وجبال روكي، ومنطقة الغرب الأقصى، والكثافة السكانية: (مدينة، ضاحية، ريف)، مدينة، أو حجم البلد، المناخ. التقسيم السيكوغرافي أي على أساس العوامل النفسية للسكان. نمط الحياة، الشخصية، الاهتمامات، القيم، والمواقف (الاتجاهات). التقسيم على أساس المنفعة. المنافع التي تقدمها السلع، أو الخدمات. التقسيم على أساس الحجم. كمية الاستخدام (خفيف مقابل ثقيل). الجدول 11.2 تقسيم السوق على أساس العمر بالنسبة لمنتجات فريتوس، ودوريتوس، وتوستيتوس الاسم المُشتقّ سنة الإنتاج المكونات الرئيسة التركيبة السكانية التخصص، وفقًا لشركة فريتو لاي Frito-Lay فريتوس Fritos "رقائق صغيرة مقلية" (إسبانيّة) 1932 ذرة، زيت نباتي، ملح الذكور من سن 33 وحتى 51 "إشباع الجوع" دوريتوس Doritos "رقائق بطاطس ذهبية" 1964 ذرة، زيت نباتي، جبنة شيدر، ملح مراهقون، غالبيتهم ذكور "تناوُل وجبات خفيفة بجرأة وشجاعة" توستيتوس Tostitos “رقائق صغيرة محمَّصة" (إسبانية) 1981 ذرة بيضاء، زيت نباتي، ملح المستهلكون الأثرياء المولودون بين عامي 1946 و1964 "التفاعل العادي بين العائلة والأصدقاء… طعامٌ ذو طبيعة اجتماعية يجمع الناس ببعضهم". الجدول 11.3 ويستهدف العديد من المنتجات مجموعاتٍ عمرية متنوعة؛ فمعظم أنواع أقراص سي دي CD الموسيقية، والمشروبات الغازية، ومنتجات شركة بيبسي Pepsi، والعديد من الأفلام، وسيارة هوندا فيت Honda Fit، والآلاف من المنتجات الأخرى تستهدف المراهقين، والأشخاص تحت سن الخامسة والعشرين، وبالمقابل، تستهدف خدماتُ الرحلات البحرية، والمنتجات الطبية، والمجوهرات الراقية، ومنازل العُطَل، ومنتجات شركة تسلا Tesla، والمنتجات الخاصة بأطقُم الأسنان، تستهدف جميعُها الأشخاصَ من سن الخمسين فما فوق. ويحتوي الجدول 11.3 أعلاه على مثال حول استهداف شركة الأطعمة فريتو لاي Frito Lay فئاتٍ عمريةً متنوعة بمنتجاتها الثلاثة الأكثر شعبية (فريتوس، دوريتوس، توستيتوس). كما يُعدُّ الدخل طريقة شائعةً أخرى لتقسيم السوق، إذ يؤثّر مستوى الدخل في رغبات المستهلكين، ويحدد قوتهم الشرائية، وتعد المنازل، والملابس، والسيارات من بين العديد من الأسواق التي تُقسَّمُ وفقًا للدخل؛ فأطعمة شركة بدجت غورماي Budget Gourmet المثلّجة تستهدف مجموعات الأشخاص ذات الدخل المنخفض؛ بينما تستهدف شركتا ستوفرز Stouffer's وكاليفورنيا بيتزا كيتشن California Pizza Kitchen، اللتان تنتجان بيتزا مجمَّدة، المستهلكين ذوي الدخل المرتفع. التقسيم الجغرافي يُقصَد بالتقسيم الجغرافي Geographic Segmentation تقسيم الأشخاص وفقًا للبلد، أو وفقًا لحجم المدينة، أو البلد، أو كثافة السوق، أو وفقًا للمناخ، وكثافة السوق Market Density أي: عددُ الناس، أو الشركات في منطقةٍ محددة، تُقسِّم معظمُ الشركات أسواقها نقسيمًا جغرافيًّا لتلبيةِ تفضيلات المستهلكين ضمن منطقة معينة، ومراعاة عاداتهم الشرائية، فشركة بيتزا هت Pizza Hut مثلًا، تضع لزبائنها في مناطق شرقي الولايات المتحدة جبنة إضافية، ولزبائنها؛ سكان المناطق الغربية؛ تضع مزيدًا من المكوَّنات، وكلا الأمرين بالنسبة لزبائنها هم سكانِ مناطق وسط الولايات المتحدة. كما تبيع شركتا السيارات فورد Ford، وشيفروليه Chevrolet عددًا من السيارات -التي تحتوي على صناديق كبيرة من الخلف، ومن قطع تلك السيارات- في المناطق الوسطى من الولايات المتحدة؛ يفوق ما تبيعه في منطقتي الساحل الشرقي والغربي، ويمتد "حزام تلك السيارات" التي تبيعها الشركتان المذكورتان من الغرب الأوسط في الولايات المتحدة، ويتجه جنوبًا عبر ولاية تكساس، وصولًا إلى منطقة دول ساحل الخليج الأمريكي، وتستأثر شركة فورد بمبيعات السيارات في القسم الشمالي من ذلك الحزام، بينما تهيمن شيفروليه على مبيعات القسم الجنوبي منه. التقسيم النفسي السيكوغرافي غالبًا ما تساعدُ متغيراتٌ مثل العِرق، والدخل، والمهنة، وسواها من المتغيرات السكانية، في وضع استراتيجياتٍ تسويقية، ولكنها لا تعطي صورة كاملة عن احتياجات المستهلكين، فالخصائص السكانية توفر معلوماتٍ، أو بيانات أساسية، يمكن ملاحظتُها حول الأفراد، ولكن الخصائص النفسية السيكوغرافية تقدِّم معلوماتٍ أساسية غالبًا ما تكون مفيدة جدًا لصياغة رسالةٍ تسويقية متقَنة. ويمكن تشبيه ذلك بأن خصائص التركيبة السكانية، تمثل الهيكل العظمي في التسويق، أما العوامل النفسية، فتضيف اللحم إلى عظام ذلك الهيكل، ويُعرَّف التقسيم النفسي السيكوغرافي Psychographic Segmentation يعرِّفُ السوق بأنه تجزئة السوق؛ وفقًا للشخصية، ونمط الحياة؛ إذ يجري وفقًا لهذا التقسيم تجميعُ الناس ذوي الأنشطة، والاهتمامات، والآراء المشتركة معًا، ويُعطَون "تسمية نمط حياة"، فعلى سبيل المثال: تقسِّم شركة هارلي- ديفيدسون Harley-Davidson زبائنها إلى سبع فئات ذات أنماط حياة مختلفة، ومنها: "منحرفو السلوك المتغطرسون Cocky Misfits"، الذين يميلون إلى افتعال المشاكل؛ و"محبو التخييم المسترخون Laid-back Camper Types" والملتزمون بركوب الدراجات، وحب الطبيعة؛ و"الرأسماليون؛ ذوو الأناقة، والرقيّ Classy Capitalists" من أصحاب الثروات، والمكانة الرفيعة. وللموازنة بين التقسيم السكاني للمستهلكين، وبين التقسيم النفسي لهم، يمكن طرح المثال التالي: إذا كان هناك مديران ذكران، فسيضعهما التقسيم السكاني ضمن خانة: "ذكور، ومديرين، وسن الخامسة والثلاثين، ودخل سنوي يبلغ 80 ألف دولار"، فالمسوِّق الذي لم يرَ سوى التقسيم السكاني السابق، للمديرَين المذكورين، قد يصنع إعلانًا واحدًا -فقط- لكليهما، أما لو علمَ ذلك المسوِّق أنَّ أحد المديرَين المذكورَين في المثال، كان رئيسًا لجمعية أصحاب البيوت التي ينتسب إليها، وقائدًا (كابتنًا) لأحد فِرَق رياضة الرغبي Rugby في الدوري، بينما كان المدير الثاني مسؤولًا عن بيع بطاقات دخول الأوبرا، ورئيسًا لإحدى جمعيات أصدقاء المكتبة العامة، فقد يصمم رسائلَه التسويقية تصميمًا مختلفًا تمامًا؛ لتحقق النجاج بصورة أفضل مما لو جعلها رسالة واحدة لكلا المديرين. التقسيم على أساس المنفعة يقوم هذا الشكل من أشكال تقسيم السوق على أساس المنفعة؛ التي سيؤديها المنتَج، بدلًا من خصائص المستهلك، فعلى مدى سنواتٍ مضت، كان معجون الأسنان نوعية كريست Crest يستهدف المستهلكين المهتمين بمنع تسوُّسِ أسنانهم، ولكن شركة كريست قد أعادت تقسيم السوق التي تستهدفها؛ فباتت اليوم تقدِّم منتجها كريست العادي، وكريست لمكافحة الجير Crest Tartar Control الذي هو طبقة صفراء تتكون على الأسنان وتؤدي إلى تسوُّسها، وهو منتج موجّه للأشخاص الذين يرغبون في منع التسوس، وتكوُّن طبقة الجير، إضافةً إلى منتج كريست للأطفال؛ يشبه طعمُه طعمَ العلكة، ومنتج آخر يمنع ظهور أمراض اللثة، وهناك منتج آخر لشركة كريست، يسمى كريست توبول Crest Topol، يستهدف الاشخاص الذين يريدون الحصول على أسنان أكثر بياضًا، من دون البقع التي تتركها القهوة، والشاي، وتدخين السجائر، أما معجون الأسنان سنسوداين Sensodyne، فيستهدف الأشخاص ذوي الأسنان شديدة الحساسية. التقسيم على أساس الحجم التقسيم على أساس الحجم Volume Segmentation هو الشكل الخامس الرئيس من أشكال تقسيم السوق، ويقوم على أساس كمية المنتجات المشتراة، ولا شك أنَّ لكل منتَج مستهلكون شرِهون، ومعتدلون، ومُقِلُّون، كما أنَّ هناك أشخاصًا لا يستخدمونه مطلقًا، ويعود الفضل إلى المستهلكين الشَّرِهين في شراء قسم كبير من مبيعات منتجِ ما، لذلك، حَريٌّ بشركةٍ ما، أن تستهدفَ شريحة المستهلكين الشرهين ضمن مزيجها التسويقي، فعلى سبيل المثال: يمثل المستهلك الشَّرِه (ذكر يافع، وعَازِب) في قطاع الأطعمة السريعة، واحدًا -فقط- من كل خمسة زبائن، ومع ذلك يقوم ذلك المستهلك بما يزيد على 60% من جميع الزيارات التي يقوم بها المستهلكون إلى مطاعم الوجبات السريعة. ويُدرِك بائعو التجزئة أنَّ المتسوقين الذين يشترون بكثرة، لا يُنفقون مالًا أكثر فحسب، بل ويزورون كل متجرٍ بوتيرة أعلى من المتسوقين الآخرين -أيضًا- فوسطيًا، يزور أولئك المتسوقون كثيرو التردد على المتاجر محلاتِ البقالة 122 مرة في السنة الواحدة، موازنةً بـ 93 زيارة سنوية من المتسوقين معتدلي الشراء، كما يزورون المتاجر الصغيرة؛ التي تبيع سلعًا يومية، ومحطات الوقود، أكثر من خمس مرات في كثير من الأحيان، وفي كل رحلة يقومون فيها، ينفق المتسوقون؛ الذين يشترون بكثرة، مالًا أكثر من أقرانهم؛ ذوي الشراء المعتدل. تقسيم سوق الأعمال التجارية تُقسَّمُ سوق الأعمال التجارية Business Markets بصورة مختلفة عن السوق الاستهلاكية Consumer Markets؛ إذ يمكن تقسيمها على أساس الجغرافيا، أو الحجم، أو المنفعة، تمامًا كما هو الحال في السوق الاستهلاكية، ولكن هناك تقسيمات أخرى لسوق الأعمال التجارية، لا نجدها في الأسواق الاستهلاكية، ومنها التقسيم على أساس استخدام المنتَج، مثل شركة بتروكيماويات لديها شريحة سوقية خاصة بالمشترين الذين يستخدمون متعدد الايثلين، أو بولي إثيلين Polyethylene من أجل لوحات أجهزة القياس، وشريحة أخرى تشمل المستهلكين؛ الذين يستخدمون متعدد الإثيلين لمقاعد سياراتهم، والتقسيم على أساس الوظيفة الشرائية، مثل اللجان الشرائية، ومديري الشراء، وأقسام الشراء، وعلى أساس حجم الزبون: (قسم للمستهلكين الكبار؛ الذين لديهم احتياجات مختلفة، موازنة بالمستهلكين الصغار)، أو على أساس المجال، أو القطاع التجاري، مثل تقسيم أنظمة الطعام إلى مطاعم، أو هيئات حكومية، مثل المدارس، أو القواعد العسكرية، وسوى ذلك من تقسيمات متعلقة بخصائص المستهلكين التجاريين (الشركات). استخدام بحوث التسويق لخدمة الزبائن الحاليين والعثور على آخرين جدد كيف تعلمُ الشركاتُ ما الذي يُعدُّ ذا قيمةٍ بالنسبة لزبائنها؟ بفضل بحوث التسويق، يمكن للشركات الوثوق بأنها تعلم تمامًا ما يريده زبائنها، وتُعرَّف بحوث التسويق Marketing Research بأنها: عملية تخطيط البيانات، ذات الصلة بقرارٍ تسويقي، وجمعُها، وتحليلُها؛ ثم إرسال نتائج تحليل تلك البيانات إلى إدارة الشركة، وتتضمن المعلوماتُ التي جُمِعَت خلال إجراء بحوث التسويق، تفضيلاتِ الزبائن، والفوائد الملموسة للمنتَج، وأنماط حياة المستهلكين، كما تساعد بحوثُ التسويق الشركاتِ في تحقيق استخدامٍ أفضل لميزانياتها الخاصة بالتسويق، وهناك مجموعةُ استخداماتٍ لبحوث التسويق، تبدأ من إجراء تعديلاتٍ بسيطة على المنتجات الموجودة، وانتهاءً بإيجاد مفاهيم تسويقية جديدة بالكامل. فعلى سبيل المثال، كل ما تحتويه مطاعم أوليف غاردن Olive Garden مبنيٌّ على بحوث التسويق، بدءًا بالديكور وانتهاءً بقائمة المشروبات التي لديها، إذ يجري إخضاعُ كلِّ صنفٍ على تلك القائمة لسلسلة من اختبارات الطعم، قبل إضافته إليها بشكل نهائي، وكذلك الأمرُ بالنسبة لبطاقات هولمارك Hallmark Cards التي يستخدم القائمون عليها بحوثَ التسويق لاختبار الرسائل التي تتضمنها، وتصميمات الغلاف، وحتى حجم البطاقة، ويعلم الخبراءُ القائمون على تصميم تلك البطاقات، نوعَ البطاقة الأفضل من بينها، والأماكن التي تناسب كل واحدة، فبطاقات الخِطبة مثلًا؛ تشهد أفضل مبيعات في منطقة شمال شرق الولايات المتحدة؛ حيثُ حفلاتُ الخطوبة شائعةٌ هناك، أما بطاقات أعياد الميلاد المكتوب عليها "Daddy (بابا / أبي/ والدي)"، فتشهد أعلى مبيعاتٍ لها في منطقة جنوب الولايات المتحدة؛ حيث ينادى البالغون حتى الآباء منهم بذلك اللفظ Daddy. وقد تستخدمُ بحوثُ التسويق البياناتِ الأولية التي تحصل عليها الشركات بنفسها، وتُخضِعها للتحليل، أوِ البيانات الثانوية التي تستخدم فيها الشركاتُ البياناتِ التي سبقَ أن حصلت عليها هيئاتٌ أخرى، ونشَرتْها، في حال كان ممكنًا لها الاستفادة منها لأهدافها الخاصة. وهناك ثلاث طرائق بحثية رئيسة لجمع البيانات الأولية، وهي: الدراسات المسحية Surveys، والبحث عن طريق الملاحظة Observation، والتجربة Experiment. ففي البحث عن طريق الدراسات المسحية Survey Research، تُجمَع البيانات من المجيبين المشاركين في الدراسة شخصيًا، أو عبر الإنترنت، أو الهاتف، أو بواسطة البريد الإلكتروني، كما يُستخدم في هذا النوع من بحوث التسويق، استباناتٌ تتضمن منهجيةً ذات ترتيب، وهيكلية منظمة لجمع البيانات، أما المقابلات الشخصية مع المستهلكين، فقد تجري في منزل المجيب، أو في مركزٍ تجاري، أو في مكان ما ضمن الشركة. أما البحث عن طريق الملاحظة Observational Research، فهو البحث الذي يراقب أفعال المجيبين، من دون تفاعلٍ مباشر معهم، إذ بات بإمكان الباحثين في ظل هذا النوع من الأبحاث؛ الذي يشهد نموًا سريعًا؛ استخدامُ آلات تسجيل النقود، المزودة بماسح ضوئي (سكانر) يقرأ الرمز الشريطي الباركود Barcode لتحديد المنتجات التي جرى بيعُها، هذا، وقد أسهم التقدم التقني إسهامًا مطردًا في تطوير البحث عن طريق الملاحظة. فقد طوَّرت شركةُ البحوث الاستهلاكية؛ التي كانت تسمّى أربيترون Aribtron- أما اليوم فاسمها نيلسن أوديو Nielsen Audio- جهازَ قياسٍ محمولًا للأشخاص People Portable Meter واختصارًا: PPM بحجمَ الهاتف الجوال تقريبًا، يقوم المشاركون في البحث، بربطه إلى أحزمتهم، أو إلى أي قطعة ثياب يرتدون، ويوافقون على ارتدائه طوال وقت استيقاظهم، حيث يضعون ذلك الجهاز قبل النوم، على قاعدةٍ ترسل البياناتِ تلقائيًا إلى شركة نيلسين أوديو (أربيترون سابقًا)، فيخبر ذلك الجهازُ PPM بدقة، الشركةَ التي تُجري البحثَ التسويقي، عن البرامج التلفزيونية التي شاهدها الشخص المشارك في البحث، وكَم من الوقت قد أمضى، كما يسجل ذلك الجهازُ البرامجَ الإذاعية التي استمع إليها الشخص المشارك، وأيَّ برنامجٍ، أو محتوىً جرى بثُّه عبر الإنترنت، وشاهده المشارك، أو استمعَ إليه، والموسيقى التي كانت مُشغَّلة داخل السوبرماركت الذي ارتادَه، أو أيَّ وسائط إلكترونية شاهدها، أوِ اسمتعَ إليها خلال ذلك اليوم؛ الذي كان يرتدي فيه جهازَ PPM المذكور أعلاه. أما في طريقة بحوث التسويق الثالثة، وهي التجربة Experiment، فيُبدِّلُ الباحثُ واحدًا، أو أكثر من المتغيرات -مثل السعر، أو التغليف، أو التصميم، أو الفراغ في أحد الرفوف، أو موضوع الإعلان، أو نفقات الإعلان- بالتزامن مع ملاحظة تأثيرات تلك المتغيرات على متغيرات أخرى وهي المبيعاتُ عادةً، ويتمثل الهدف من التجربة في قياس السببية، فمثلًا: قد تكشف إحدى التجارب التأثير الذي يُحدِثُه تغيير تصميم تغليف أحد المنتجات على المبيعات منه. ترجمة -وبتصرف- للفصل Creating Products and Pricing Strategies to Meet Customers Needs من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا المقال التالي: المنتج وتصنيفه ودورة الحياة التي يمر بها المقال السابق: اتخاذ الزبائن والمؤسسات لقرارات الشراء تجزئة الشركات في العملية التسويقية التخطيط للمنتج واستراتيجيات الدخول إلى السوق فهم السوق والتعامل معه
  3. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على سلوكيات المشتري، وكيفية اتخاذه لقرارات الشراء؛ سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، من خلال التطرق إلى أبرز العوامل التي تؤثر في قرارات الشراء، وخصائص سوق الأعمال التجارية الذي يكون خاصا بالشركات لمزاولة أنشطتها هي الأخرى اعتمادا على منتجات شركات مغايرة؛ من أجل التمكن من التمييز بين الأسس التي يتم اعتمادها لاتخاذ قرارات الشراء في الحالات التي تكون عمليات الشراء فيها لأغراض استهلاكية، وفي الحالات التي تكون فيها موجهة لأغراض تجارية. سلوك المشتري على الشركة التي تسعى للنجاح، أخذُ سلوك المشتري بالحسبان، عند صياغة المزيج التسويقي الخاص بها؛ فسلوك المشتري Buyer Behavior هو تلك الأفعال التي يتخذها الناس بخصوص شراء المنتجات، واستخدامها، وعلى المسوِّقين استيعابُ سلوك المشتري. كيف سيؤثر رفع السعر، أو تخفيضُه في نظرة المشتري إلى المنتَج، ثم في تقلبات المبيعات، أو كيف يمكن لمراجعةٍ (تقييم) بعينها على وسائل التواصل الاجتماعي؛ أن تُحدِثَ توجهًا جديدًا كليًا للمزيج التسويقي، بناءً على التعليقات (سلوك المشتري/ المُدخَل) التي يبديها أفراد السوق المستهدفة. وكي يفهم المسوِّقون سلوكَ المشتري، فعليهمُ استيعاب كيفية اتخاذ المستهلكين قراراتِ الشراء، إذ إنَّ للمستهلكين، والشركات، عملياتٌ، أو خطوات محسوبة، لاتخاذ قراراتٍ حول المشتريات، وتتأثر عملياتُ اتخاذ القراراتِ تلك بعوامل ثقافية، واجتماعية، وفردية، ونفسية، وهناك عدة خطوات لعملية اتخاذ القرار بالشراء من قبل المستهلك مبيَّنة في الصورة الموالية. الصورة 11.4: عملية اتخاذ القرار الشرائي من قبل المستهلك. حقوق الصورة محفوظة لجامعة رايس Rice University، أوبن ستاك OpenStax. تبدأ عملية اتخاذ قرار الشراء بالشعور بالحاجة Need Recognition، ومن الأمثلة البسيطة على ذلك: نفادُ القهوة من مطبخك، كما قد يستمر الشعور بالحاجة وقتًا طويلًا يمتد لعدة أشهر، ومن هذه الحالات: أن يحتاج أحدُ الأشخاص إلى إصلاح سيارته باستمرار لدرجة تؤثر فيه، وتدفعه إلى اتخاذ قرارٍ بشراءِ سيارةٍ جديدة (الخطوة الأولى في الصورة 11.4). وبعد مرحلة الشعور بالحاجة، يبدأ الشخص الذي يتخذ قرار الشراء بجمع المعلومات، فلو كان ذلك الشخص قد اتخذ قرارًا بشراء منزل، فسوف يبحث عن معلوماتٍ حول التمويل، والمنازل المتوفرة، وَطُرُزِهَا، ومواقعها، وما إلى ذلك (الخطوة 2)، ومتى انتهى المستهلك من جمع المعلومات حول ما يريد شراءه، يغدو عليه تقييمُ البدائل (الخطوة 3)، فعلى سبيل المثال: قد يستبعد ذلك الشخص (المشتري المحتمل) جميع المنازل التي يزيد سعرها على 150.000 دولار، أو التي تبعد عن مكان عمله ما يزيد على 30 دقيقة بالسيارة للوصول إليها، وبعد أن ينتهيَ الشخص من تقييم البدائل، فسوفَ يتخذ قرارًا بالشراء بناء على تلك البدائل، ثم يتخذ قرار فعليًا، سواء بالشراء، أو بعدم الشراء (الخطوة 4)، وأخيرًا، ينتقل المشتري إلى تقييم قراره ذاتِه، ومدى رضاه عن عملية الشراء التي لا تتعلق بالمنزل وحده، بل وبتجربة الشراء التي خاضها كذلك. العوامل المؤثرة على قرار الشراء يعد قرار الشراء -عومًا- من القرارات الإستراتيجية عند المشتري؛ لذا فهناك العديد من العوامل المهمة في سبيل تنفيذها، كالعوامل الثقافية، والاجتماعية، والفردية، والنفسية، ذات التأثير المباشر في عملية اتخاذ قرار الشراء، وذلك بدءًا من لحظة شعوره بالحاجة، وصولًا إلى السلوك الذي يلي عملية الشراء، وسنبحث في كلٍّ تلك العوامل بمزيدٍ منَ التفصيل؛ ذلك أنه من المهم بمكان، فهمُ علاقة تلك التأثيرات بعملية اتخاذ القرار. الثقافة تتأثر الأدوارُ الخاصة بعملية الشراء ضمن الأسرة الواحدة بالثقافة الخاصة بها، وتُعرَّفُ الثقافةُ Culture بأنها مجموعة القيم، والأفكار، والاتجاهات، أو المواقف، والرموز التي تُوضَع لرسم ملامح السلوك الإنساني، وهي جزءٌ من عاداتِ مجموعةٍ ما من الناس، وتقاليدها؛ التي تتعلق بالأحوال الخاصة بتلك المجموعة، في طعامها، وملابسها أو أزيائها، وأسلوب العمارة لديها، ولُغتها، وسواها من المظاهر الفريدة التي تُميِّزُ مجموعةً محددة من الأشخاص المرتبطين ببعضهم، وتُعدُّ الثقافةُ بيئيَّةَ التوجيه الحقيقية، فعلى سبيل المثال: طوَّرَ البدو الرُّحَّل في فنلندا ثقافةً للبقاء (النجاة) في القطب الشمالي؛ وكذلك الأمر بالنسبة لسكان الغابات البرازيلية الأصليين؛ الذين ابتدعوا ثقافةً ملائمةً للعيش في الأدغال. وتعرف الثقافة بأنها حالة اجتماعيةٌ بطبيعتها، فالتفاعل بين البشر هو الذي ينشئ القيم، ويفرض سلوكًا مقبولًا بين مجموعاتهم المختلفة، كما تعطي الثقافةُ النظامَ للمجتمع، عبر تكريس توقُّعاتٍ مشتركة، ويجري -أحيانًا- تقنينُ تلك التوقعات بقوانين توافق عليها مجموعة من الناس، فمثلًا: عندما تجد لون إشارة المرور أحمر، فإنك توقف سيارتك، وفي بعض الثقافات، يمر الذَّكرُ الشاب بطقوسٍ انتقالية من الشباب إلى مرحلة الرَّشد، فيُقام له احتفالٌ بمناسبةِ ذلك مثل طقس بار متسفا Bar Mitsvah لدى أتباع الديانة اليهودية، وفي ثقافات أخرى تمرُّ الإناثُ دون الذكور بطقوس انتقالية مثل احتفال كينسيانيرا Quinceañera في الثقافة الإسبانية؛ الذي يُقام للفتاة الإسبانية؛ التي بلغت سنَّ الخامسة عشرة من عمرها. ومادامت قيمةٌ ما، أو اعتقادٌ ما، يلبّيان احتياجات مجتمعٍ ما، فسيبقيان جزءًا من ثقافته، أما لو لم يعد للقيمة، أوِ الاعتقاد وظيفةٌ يؤديانها، فسيكون مصيرُهما الزوال، فعلى سبيل المثال: لم تعد غالبية الأمريكيين تنظر إلى كِبَر حجم العائلة على أنه أمر جيد، ويعود السبب في هذا التحوّل إلى أنَّ الأمريكيين بغالبيتهم باتوا يسكنون في المدن، وليس في الأرياف، ولم تعد هناك حاجةٌ إلى أن يؤدّيَ الأطفال الأعمال الزراعية. العوامل الاجتماعية ثمة احتمالٌ كبير أن يقوم المستهلكون بطلب رأي الآخرين ومشورتهم؛ لتخفيف عبء البحث، والتقييم، عن أنفسهم، أو الحيرة التي ترافق ذلك، ويرتفع ذلك الاحتمال، خصوصًا مع ازدياد الخطورة المرتبطة بقرار الشراء، كما قد يستجدي المستهلكون آراء الآخرين؛ لتوجيههم إلى منتجات، أو خدماتٍ جديدة، أو إلى منتجات ذات خصائص مرتبطة بصورة ذهنية ما، أو إلى منتجات تفتقر إلى معلوماتٍ حول صفاتها، كما يتفاعل المستهلكون -خصوصًا مع الجماعات المرجعية، وقادة الرأي، وأفراد العائلة- للحصول على معلوماتٍ حول المنتج، وموافقةٍ على قرار الشراء، كما تُعد الجماعاتُ الرسميةُ، وغير الرسمية؛ التي تؤثر في سلوك الشراء الخاص بفردٍ ما؛ جماعاتٍ مرجعيةً Reference Groups لذلك الفرد، وقد يستخدم المستهلكون المنتجاتِ، أو العلاماتِ التجارية، بقصد الانتماء إلى طبقة اجتماعية ما، فهُم يتعلمون من خلال مراقبة، وتقليد الطريقة التي يستهلك بها أفراد تلك الجماعة المرجعية؛ بغرض الانتماء النفسي لها؛ حيث يستخدمون المعاييرّ ذاتَها لتلك الجماعة المرجعية في اتخاذ قرارات الشراء الخاصة بهم، وقد تكون الجماعة المرجعية عبارة عن رابطةً أخوية، أو رابطة صداقة، أو ناديًا نسائيًا، أو مجموعةَ أشخاص تعمل أنتَ معهم، أو ناديًا تنتسب إليه، وعادة ما يكون تأثير تلك الجماعات المرجعية، أقوى من المستهلك نفسه. المؤثرات الفردية يمكن أن تتأثر قراراتُ الشراء الفردية بالخصائص الشخصية الفريدة لكل فرد، مثل النوع الاجتماعي (ذكرًا كان، أم أنثى) Gender والشخصية، وعادة ما تكون الخصائص الشخصية مستقرة بوجه عام، وملازمة لصاحبها طوال حياة الشخص، فعلى سبيل المثال: لا يغير معظم الناس نوعهم الاجتماعي، كما يتطلب تغييرُ الشخصية إعادةَ توجيهٍ كاملة لحياة الشخص. وينتج عنِ الاختلافاتِ الفسيولوجية بين الرجل، والمرأة احتياجاتٌ مختلفة، خاصة بكل منهما، ومنها منتجات الصحة، والجمال، كما أنَّ الأدوار الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية المميزة؛ التي يؤديها كل من الرجال، والنساء، وأهمية التأثيرات التي تُحدثها تلك الأدوار، لا تقل أهمية عما سبق بالنسبة لعمليات اتخاذ القرارات الشرائية، ولا شك في أنَّ طريقة تسوُّق الرجال، مختلفة عن تلك الخاصة بالنساء، إذ تكشفُ الدراساتُ أنَّ الرجال، والنساء يشتركون في تأثُّرِهم بعواملَ محفِّزةً، متشابهة، خاصة بمكان التسوق، أي البحث عن أسعارٍ معقولة، وسلع ذات جودة، وبيئة شراء لطيفة، ومريحة نفسيًا؛ ولكنهم (أي الرجال، والنساء) لا يتشاركون الشعورَ ذاته، تجاه التسوق بوجه عام، فمعظم النساء يستمتعن بالتسوق، في حين يزعم الرجال أنهم لا يحبونه، وأنهم لا يتسوقون إلا عند الحاجة؛ كما يفضل الرجالُ تجاربَ التسوق البسيطة، والمتاجرَ ذات التنوع المحدود، وما يلائم احتياجاتهم، كما تستمر الاختلافات على أساس النوع الاجتماعي، بين الرجال، والنساء فيما يخص التسوق عبر الإنترنت، فوفقًا لدراسة حديثة، تميل النساء إلى التسوق بناءً على احتياجاتهم المستقبلية، أما الرجال فيتسوّقون إرضاءً لاحتياجاتهم الآنية، كما تميل النساء إلى الشراء دون تخطيط مسبق؛ حيث يترتب على ذلك تكرار عملية التسوق أكثر مما يفعلِ الرجالُ؛ الذين يفكرون منطقيًا قبل اتخاذهم قرارًا بالشراء. كما تختلف طباع الأفراد بعضهم عن بعض، فلكل مستهلك شخصية مختلفة، والشخصية Personality هي مفهوم واسع، يمكن النظر إليه على أنه طريقة لتنظيم الكيفية التي يستجيب فيها -عادةً- فردٌ ما للظروف، وتصنيفها، وبذلك، تجمع الشخصيةُ بين التركيبة النفسية للفرد، وبين التأثير القوى للبيئية المحيطة به، كما تتضمن الطبائع العامة للناس؛ وخصوصًا خصائصهم النفسية السائدة، ومع أنَّ الشخصية هي من أقل المفاهيم فائدةً في مجال دراسة سلوك المستهلك، إلا أن بعض المسوِّقين يعتقدون أنَّها تؤثر في اختيار أنواع المنتجات المشتراة، والعلامات التجارية ذات الصلة بها، فعلى سبيل المثال: قد يكشف نوعُ السيارة، أو الملابس، أو المجوهرات التي يشتريها الفرد، جانبًا مهمًّا، أو أكثر من سماته الشخصية. العوامل النفسية تتأثر قرارات الشراء لدى المستهلك بالعوامل النفسية -كذلك- ومنها التصور الذهني، والمعتقدات، والاتجاهات؛ وتلك هي العوامل التي يستخدمها المستهلكون للتفاعل مع عالمهم، فهي الأدوات التي يستخدمونها للتعرف إلى مشاعرهم، وجمع المعلومات، وتحليلها، وتكوين الأفكار والآراء، واتخاذ الأفعال، وبخلاف المؤثرات الثلاثة الأخرى في سلوك المستهلك، يمكن أن تتأثر العواملُ النفسية ببيئة الشخص؛ لأنها تُطبَّق في مناسبات محددة، فعلى سبيل المثال: يستشعر الأفراد محفزاتٍ مختلفة، ثم يعالجونها بطرق مختلفة؛ اعتمادًا على ما إذا كان الفرد جالسًا في قاعة تدريس، ومركّزًا انتباهه على المحاضرة التي يلقيها المُدرِّس، أو جالسًا في الخارج يتحدث مع أصدقائه، أو في المنزل يشاهد التلفاز. قرارات الشراء بين الشركات تختلف سلوكياتُ الشراء بين الشركات B2B Purchase وتعني Business-to Business، والسوقُ التي تتعامل فيها الشركاتُ فيما بينها Business Market -عن السوق الاستهلاكية بين الأفراد، والشركات، أو المتاجر Consumer Market؛ إذ تتضمن أسواقُ الشركاتِ Business Markets مؤسساتٍ مثل: المستشفيات، والمدارس، وشركات التصنيع، وتجار الجملة، وتجار التجزئة، والفروع الحكومية المتنوعة؛ ويتمثل الفرق الأساس بين منتجات السوق الاستهلاكية، وبين تلك السائدة في أسواق الشركات، في الاستخدام المقصود للسلعة؛ فلو اشترى -مثلًا- أحدُ المستهلكين جهاز حاسوب من صنف معين؛ ليستخدمه في المنزل، فيعد ذلك الحاسوب سلعةً استهلاكية، أما لو اشترى وكيلٌ لشركة نتفليكس Netflix جهاز الحاسوب ذاته ليستخدمه كاتب سيناريو يعمل لديها، فيعد ذلك الحاسوب سلعة تجارية، وليس استهلاكية، ويعود السبب في ذلك إلى أن نتفليكس هي شركة، ولذلك سيُستخدَم ذلك الحاسوب ضمن بيئة تجارية. عملية اتخاذ القرار تنطوي عملياتُ الشراء التي تقوم بها الشركات على مخاطر أكبر من تلك الخاصة بالمستهلكين الأفراد؛ ولهذا السبب، تميل الشركاتُ وسواها من مؤسسات إلى تأسيس قرارات شرائها على بيانات أكبر، وتتخذ قراراتِ الشراء تلك، وفقًا لعملية صنع قرارٍ عقلانية؛ بحيث تمثل تلك المشترياتُ قيمةً للشركة، وتجنّبها المخاطر، وهذا هو السبب في اختلاف عملية اتخاذ القرارات من قبل الشركات، عنها من قبل المستهلكين الأفراد، ومع ذلك، تتشابه خطوات عملية اتخاذ قرارات الشراء، الخاصة بكل من الشركات، والمستهلكين الأفراد، وتلك الخطوات هي الشعور بالحاجة وتحديد المواصفات، وكذا البحث عن المعلومات بما في ذلك التعرف إلى المورِّدين، والتقييم الذي يتضمن تقييم الموردين، واتخاذ القرار الفعلي الخاص بالشراء سواءً بالشراء، أو عدم الشراء، والتقييم الذي يلي عملية الشراء، أما الاختلاف الرئيس بين عملية اتخاذ القرار بالشراء من قبل الشركات، وتلك الخاصة بالمستهلكين الأفراد، فيتمثل في أنَّ الشركات تحدد مسبقًا، وبدقةٍ، ما الذي تحتاج إلى شرائه (أي تحديد مواصفات ما تريد شراءَه)، وبعدها تبحث عن معلوماتٍ حول المنتجات التي تتوفر فيها تلك المواصفات، وبذلك تزداد احتمالية أن تلبيَ المشترياتُ احتياجات الشركة ككل، مما يقلل من المخاطر ذات الصلة. خصائص سوق الأعمال التجارية فيما يلي عرضٌ للاختلافات الرئيسة بين الأسواق الاستهلاكية، وأسواق الأعمال التجارية (الشركات): حجم الشراء: تشتري الشركات بكميات أكبر بكثير من المستهلكين الأفراد؛ فشركة الشوكولا، والسكاكر مارس Mars، على سبيل المثال، تشتري يوميًا كميات من السكّر تعادل حمولة عدة شاحنات لصنع الحصة اليومية من منتجها المسمى إم آند إمز M&Ms، أما شركة هوم ديبوت Home Depot، فتشتري آلاف البطاريات سنويًا؛ لإعادة بيعها إلى المستهلكين، وعلى الحكومة الفدرالية في الولايات المتحدة شراء ملايين الأقلام في اليوم الواحد واستخدامها. عدد المستهلكين: لدى المسوّقين في مجال التجارة مع الشركات، عددٌ من المستهلكين (الشركات) أقل بكثير من عدد المستهلكين الأفراد، وبذلك تكون مهمة تحديد المشترين المحتملين من الشركات، ورصد الاحتياجات الحالية لها، أسهل بكثير من تلك الخاصة بالمستهلكين الأفراد، فعلى سبيل المثال: يكون عدد مستهلكي الطائرات (شركات الطيران) أو الرافعات الصناعية، أقل بكثير من عدد مستهلكي السلع الاستهلاكية في ظل وجود أكثر من 125 مليون أسرة استهلاكية في الولايات المتحدة مثلًا. موقع المشترين: عادة ما تكون الشركات المستهلِكة متمركزة، أو متجمعة جغرافيًا، أكثر من المستهلكين الأفراد، فعلى سبيل المثال، تتركز صناعة أجهزة الحاسوب في الولايات المتحدة في وادي السيليكون Silicon Valley وفي مناطق أخرى قليلة العدد، كما تتركز صناعة الطائرات في مدينة سياتل Seattle بولاية واشنطن الأمريكية، وفي مدينة سانت لويس St. Louis بولاية ميزوري، وكذلك في مدينتي دالاس Dallas وفورت وورث Fort Worth في ولاية تكساس، وغالبًا ما يتركز المورّدون لتلك الشركات المصنِّعة قريبًا من منشآتها؛ لتخفيض تكاليف التوزيع، وتسهيل التواصل معها. التوزيع المباشر: غالبًا ما تجري عمليات البيع للشركات مباشرة؛ بين الشركة البائعة، والشركة المشترية؛ لأن تلك المبيعات تتضمن -عادةً- كميات ضخمة من المنتجات، أو منتجاتٍ مصنوعة بشكل مخصص مثل: المعدات الثقيلة، أما السلع الاستهلاكية، فتباع -غالبًا- عبر وسطاء بين المنتج، والمستهلك، مثل تجار الجملة، وتجار التجزئة. ترجمة -وبتصرف- للفصل Creating Products and Pricing Strategies to Meet Customers Needs من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا المقال التالي: الأشكال الرئيسية لتقسيم السوق الاستهلاكية وسوق الأعمال التجارية المقال السابق: كيفية تطوير مزيج تسويقي لبناء استراتيجية تسويقية قوية ثلاث قواعد للتعامل مع آراء العملاء آراء العملاء: ثلاث أنواع وست قواعد لجمع الآراء أنواع العملاء الخمسة الذين ستقابلهم أثناء عملك في الدعم الفني
  4. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سيتم التعريف بمفهوم المزيج التسويقي، إستراتيجيات التسويق الممكن اتباعها من قبل الشركات من أجل الوصول إلى مزيج تسويقي خاص بها، يكون مناسبا لها. ما هو المزيج التسويقي؟ بعد أن تحددَ شركةٌ ما سوقًا مستهدَفة، وميزة تنافسية خاصة بها، يصبح بإمكانها عملُ مزيجٍ تسويقي Marketing Mix يقوم على مكوِّناتِ استراتيجية التسويق الخمسة التي ناقشنا سابقًا وهي: المنتَج والسعر والمكان والترويج والأشخاص، ويقدِّم منتجًا ذا قيمة متفوقة لمجموعة محددة من الزبائن، وتتطلب كلُّ سوقٍ مستهدَفةٍ مزيجًا تسويقيًا فريدًا، يلبّي احتياجاتِ الزبائن المستهدَفين، ويحقق أهدافَ الشركة، وينبغي بناءُ استراتيجيةٍ لكل من تلك المكونات الخمسة، كما يجب مزجُ الاستراتيجيات كافة مع تلك الخاصة بالمكونات الأخرى، وبذلك، لا يكون التسويق ناجحًا إلا بنجاح أجزائه كافة؛ فمثلًا: لو كان المنتَج ممتازًا، ولكنَّ نظام التوزيع سيء، فستُمنى محاولةُ تسويقه بالفشل؛ وكذلك هو الحال بالنسبة لمنتجٍ ممتاز، بنظامِ توزيعٍ ممتاز، ولكن سعره غير مناسب؛ لذا، يتطلب المزيجُ التسويقي الناجح تخطيطًا متأنيًا، فعلى سبيل المثال، قد يُظنُّ للوهلة الأولى أن لدى كل من شركة ماكدونالدز McDonalsd's وويندي Wendy المزيجَ التسويقي ذاتُه تقريبًا، فكلتاهما تعملان في مجال الوجبات السريعة، ولكن الاختلاف بينهما يكمن في أن ماكدونالدز تستهدف العائلات التي لديها أطفال يافعون، من خلال شخصية المهرّج رونالد ماكدونالد Ronald McDonald، والوجبات المسماة هابي ميلز Happy Meals المروَّج لها بقوة، وبفضل أماكن اللعب التي تضعها الشركة ضمن متاجرها لجذب تلك العائلات. أما شركة ويندي، فتستهدف جمهور المستهلكين الأكبر سنًّا، وليس لديها ملاعب للأطفال مثل ماكدونالدز، ولكنْ لديها شاشات تلفزيون مسطحة، وقوائم طعام رقمية، ومقاعد جلد مريحة، مع مواقِد نار في معظم محلاتها، أي لديها جوٌّ عام أنسبُ للبالغين؛ كما قامت شركة ويندي بتوسيع قائمة الأطعمة لديها، بحيث تتضمن وجباتٍ تناسب أذواق أولئك المستهلكين. استراتيجية المنتج عادةً ما تبدأ استراتيجية التسويق بالمنتج، إذ لا يمكن للمسوِّقين بطبيعة الحال التخطيط لنظامِ توزيعٍ، أو تحديد سعر، ما لم يعلموا ما هو المنتج الذي سيوفَّرُ في السوق، ويستخدم المسوقون لفظ المنتَج Product للدلالة على السلع، والخدمات، والأفكار، ومن الأمثلة على السلع Goods: إطارات السيارات، ومشغِّلات الموسيقى، والملابس، وتٌقسَّم السلعُ إلى سلع تجارية أو صناعية، وسلع استهلاكية، ومن الأمثلة على الخدمات Services الفنادقُ، وصالونات الشَّعر، وشركات الخطوط الجوية، والشركات الهندسية، وشركات المحاسبة، وتُقسَّمُ الخدماتُ إلى خدمات استهلاكية، مثل: خدمات العناية بالحدائق، وخدمات تصفيف الشعر، أو إلى خدمات مهنية مثل: الهندسة، والمحاسبة، والاستشارات، وبالإضافة إلى ما سبق؛ غالبًا ما يُستخدَمُ التسويق "للتسويق" لأفكار Ideas تستفيد منها الشركات التجارية مثل: فكرة "حافِظ على البيئة Go Green"، أو "تبرَّع بالدم Give Blood"، وغالبًا ما تستخدمُ الشركاتُ التسويق لتطويل أمد استمرارِ صناعاتها، ومنها الصناعات ذات الصلة بفاكهة الأفوكادو، والحليب، عبر وضع نقاط إعلانات، والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لتكوين صورة إيجابية عن منتجاتها بنظر المستهلكين، وبذلك تكون السلع، والخدمات، والأفكار، هي جوهر المزيج التسويقي. إنّ وضعَ استراتيجية منتج Product Strategy يتضمن اختيارَ اسم الصنف، والتغليف، وانتقاء الألوان، والكفالة، والملحقات، وبرنامج خدمة. ينظرُ المسوِّقون إلى المنتجات ضمن سياقٍ أوسع بكثير مما يُعتَقَدُ غالبًا، إذ تحتوي تلك المنتجات -إضافة إلى العنصر ذاته- على اسم العلامة التجارية، وسمعة الشركة؛ خذ ماركتي رالف لورين Ralph Lauren، وغوتشي Gucci مثالًا على ما ذكرنا؛ فاسم هاتين الشركتين كفيل وحدَه بإسباغ قيمة مضافة على المنتجات التي تُصنّعانها، من مستحضرات التجميل، إلى مناشف الحمام، ويعني ذلك أن المنتجات التي تحمل أسماء تلك الأصناف، تُباع بسعر أعلى من المنتجات المتطابقة التي لا تحملها، إذ يشتري المستهلكون المنتجات ليس -فقط- لحاجتهم إليها، بل لِما تحمله من معنىً كذلك. استراتيجية التسعير تقومُ استراتيجيةُ التسعير Pricing Strategy على الطلب الموجَّه نحو مُنتَجٍ ما، وعلى تكلفة إنتاجه، ولكنَّ سعر منتجٍ ما قد يكون له تأثيرٌ على ذلك المنتج، إذا لم يكُن هناك توازنٌ بين ذلك السعر، وبين المكونات الخمسة لاستراتيجية التسويق (المنتَج، والسعر، والمكان، والترويج، والأشخاص)، فبالنسبة لبعض المنتجات؛ (وخصوصًا المنتجات الخدمية)، قد يؤدي السعر المنخفض جدًا إلى تراجع حقيقي في المبيعات، ففي الخدمات؛ يرتبط السعر المرتفع بجودة الخدمة، ويُتوقَّعُ أن يكون السعر مرتفعًا في بعض أنواع المنتجات المتخصصة، مثل: أسعار الملابس التي يُنتجها مصصمو الأزياء، وأسعار السيارات الفارهة؛ حتى إنَّ المجوهرات غير الحقيقية المستخدمة مع الأزياء، غالبًا ما يُبالَغ في سعرها بما يزيد على 1000 ضعف قيمتها الحقيقة، وذلك بسبب الانطباع السائد عنها بأنها مرتفعة الثمن، وهناك اعتباراتٌ خاصة، قد تؤثر في السعر، كما يُستخدَم -أحيانًا- سعرٌ تمهيدي منخفض لجذب الناس إلى تجربة منتجات جديدة، وهناك بعض الشركات التي تدخل السوق بمنتجات منخفضة السعر، وتبقي على ذلك السعر منخفضًا، مثل شركة كرنفال كروز لاينز Carnival Cruise Lines لخدمات الملاحة البحرية، وشركة سوزوكي Suzuki للسيارات، وهناك بالمقابل شركاتٌ تدخل السوق بأسعار مرتفعة جدًا، ثم تخفِّضها بمرور الوقت، مثل الشركات المصنِّعة لشاشات التلفزيون عالية الدقة، والحواسيب الشخصية. استراتيجية مكان التوزيع استراتيجيةُ مكان التوزيع Place (Distribution) Strategy هي إنشاء الوسائل (القنوات)؛ التي ينتقل عبرها المنتَج من المنتِج إلى المستهلك، ويتضمن المكانُ أجزاءً عديدة من محاولة التسويق، إذ يشمل الموقع الحقيقي، والصفات المادية للمنتَج (لون، طعم، شكل … إلخ) إضافة إلى المخازن، وأنظمة التحكُّم، والنقل، وإدارة سلسلة الإمداد، وحتى الوجود على الإنترنت، ومن مظاهر استراتيجية التوزيع؛ تحديد عدد المتاجر، وتجار الجملة، والتجزئة، الذين سيتعاملون مع المنتَج ضمن منطقة جغرافية ما، فعلى سبيل المثال: تُوزَّعُ مستحضرات التجميل بطرق مختلفة؛ فشركة مستحضرات التجميل أفون Avon، لديها قوةٌ بَيعيَّة Sales Force قوامها مئات الآلاف من المندوبين؛ الذين يزورون الزبائن مباشرة؛ وتوزَّعُ منتجاتُ شركتَي كلينيك Clinique وإستي لودر Estee Lauder، عبر متاجر متعددة الأقسام، أما بالنسبة لشركتَي كوفر غيرل Cover Girl، وكوتي Coty، فتعتمدان على سلاسل الصيدليات التي تبيع مستحضرات تجميل، وعلى غيرها من المتاجر الشاملة؛ وتستخدم شركة ريفلون Revlon مجموعة متنوعة من قنوات التوزيع تلك، أما بالنسبة للخدمات؛ فغالبًا ما يغدو المكانُ مُرادِفًا لكل من الموقع الحقيقي (وصفات ذلك الموقع مثل: الأجواء العامة المحيطة به)، والوجود على الإنترنت. كما تتضمن استراتيجيةُ المكان بالنسبة للخدمات؛ مكوِّناتٍ مثل إدارة سلسلة الإمداد، فمثًلا: على الشركة الهندسية إنشاءُ مكاتب ذات أجزاء داخلية فارهة (لإظهار النجاح)، وعليها كذلك إدارة مستلزمات العمليات المستمرة، مثل: شراء أجهزة حاسوب لأغراض الرسم الهندسي بمساعدة الحاسوب. استراتيجية الترويج يشعر العديد من الناس بأنَّ الترويج هو الجزء الأكثرُ إثارةً في المزيج التسويقي؛ إذ تغطي استراتيجية الترويج Promotion Strategy البيعَ الشخصي، والإعلانات التقليدية، والعلاقاتِ العامةَ، وتنشيط المبيعات، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتجارة الإلكترونية، ويُطلَق على تلك المكونات مصطلح: المزيج الترويجي Promotional Mix؛ ويجري تنسيقُ كلِّ مكوِّنٍ مع المكونات الأخرى لإنشاء مزيجٍ ترويجي، فإعلانٌ واحد مثلًا يُساعد مُشتريًا على معرفة الشركة؛ صاحبة ذلك الإعلان، ويمهِّد الطريق لطلب منتجاتها، ومن شأن استراتيجيةٍ ترويجية جيدة أن تزيد من مبيعات الشركة. كما تلعب العلاقاتُ العامة دورًا خاصًا في الترويج، إذ تُستخدَم لتكريس سُمعةٍ حَسنة عن الشركة، وعن منتجاتها؛ فالدعاية السيئة لا تكلف شيئًا لكي تنتشر، ولكنَّ تأثيرها قد يتمثل بخسائر كبيرة للشركة المعنية، وهناك عدة أدوات تُستخدَم في العلاقات العامة، ومنها: الدعاية، واستراتيجية إدارة الأزمات، والتواصل معَ الموظفين ضمن الشركة، والدعاية الجيدة، مثل: قصة تُنشَر على شاشة التلفاز، أو في إحدى المجلات، حول مُنتَجٍ جديد للشركة؛ قد تكون ثمرةَ كثير من الوقت، والمال، والجهود المبذولة من قبل قسم العلاقات العامة في تلك الشركة، كما تعد الجهود الخاصة بالعلاقات العامة "أقل أدوات الترويج قابلية للتحكُّم بها"، وثمة حاجةٌ لقدرٍ كبير من الجهد، وبناء العلاقات؛ لتعزيز استمرارية شهرة الشركة، والتفاعل بين موظفيها، المطلوبَين لتحسين الصورة الذهنية عنها لدى المستهلكين. هذا، ويسهم الترويج للمبيعات في تنشيطها إسهامًا مباشرًا، ويتضمن المعارضَ التجارية، والكُتيّبات، والمسابقات، والألعاب، والجوائز، والقسائم (الكوبونات)، والعروض الخاصة، ويمثل ذلك الترويج حافزًا مباشرة للمستهلكين، يدفعهم إلى شراء المنتج على الفور؛ كما يتخذ أشكالًا عديدة، ويجب أن يُجرى بصرامة، وفقًا للقوانين، والأنظمة؛ فهناك بعض المسابقات، والهدايا غير المسموح بها في بعض الولايات الأمريكية، ومن الأمثلة على الترويج للمبيعات: القسائمُ التي تتضمن حسومات، والمنافسات التي تمنح مالًا، ووجباتِ طعامٍ مجانية؛ على هيئة جوائز، كالتي تقدمها، وتنفذها شركة ماكدونالدز. وتعد وسائل التواصل الاجتماعي عنصرًا رئيسًا في المزيج الترويجي هذه الأيام، إذ تمتلكُ معظمُ الشركات مواقع إلكترونية لها، إضافة إلى امتلاكها صفحاتٍ على منصات التواصل الاجتماعي، مثل: فيسبوك Facebook، وبينتريست Pinterest، وتويتر Twitter، وتتفوق وسائل التواصل الاجتماعي على الإعلانات التقليدية؛ بوصفها قناةً كفيلة بإيصال رسالة الشركة إلى أبعد من السوق المستهدفة من قِبلها أو إلى عامة الناس، وخصوصًا بالنسبة لبعض الأسواق المستهدفة، وتمكِّن وسائلُ التواصل الاجتماعي الشركاتِ وحتى الأفرادَ، من تكريس تمييزٍ لمنتجاتها Branding، أما التجارة الإلكترونية؛ فهي استخدامُ موقع الشركة على الإنترنت؛ لدعم الاستراتيجيات التسويقية الخاصة بالمكونات الخمسة لاستراتيجية التسويق (المنتَج، والسعر، والمكان، والترويج، والأشخاص)، وتوسيعها، ويمكن أن تتضمن التجارةُ الإلكترونية إمكانيةً حقيقية "لطلب منتَج أو خدمة عبر الإنترنت"، وإنشاء مجتمعات إلكترونية، كما يُمكن استخدام التجارة الإلكترونية لجمع البيانات من المستهلكين الحاليين، والمحتملين، وهناك بعض مواقع التجارة الإلكترونية التي توفر ألعابًا مجانية، وسواها من خياراتٍ تفاعلية لزبائنها. إن كلَّّ ما سبق ذِكرُه، يساعد في بناء علاقات طويلة الأمد بين الشركة، وزبائنها، وفي تعزيزها كذلك. التسويق غير الربحي ليستِ الشركاتُ الربحية هي الوحيدةَ التي تُحلل البيئة التسويقية، والتي تكرس لنفسها ميزةً تنافسية، وتنشئ مزيجًا تسويقيًا؛ بل إنَّ تطبيق مبادئ التسويق، وأساليبه، مهم، وأساس -أيضًا- بالنسبة للمؤسسات غير الربحية؛ فالتسويق يساعد تلك المؤسسات غير الربحية) في تحديد أسواق مستهدفة، وتطوير مزيج تسويقي فعال، وهناك حالاتٌ ساعد فيها التسويق فرقَ أوركسترا موسيقية، ومتاحف، وسواها من الجماعات الثقافية، ومنعَ توقّفَها عن العمل، أما بالنسبة لمؤسسات أخرى، مثل: جمعية القلب الأمريكية American Heart Association، فقد ساعدتِ الأفكارُ، والأساليب التسويقية المديرين على القيام بعملهم على نحو أفضل، وفي القطاع الخاص، يمثل الحافز نحو الربح، هدفًا لتوجيه القرارات، ومعيارًا لتقييم النتائج، ولا تسعى المؤسسات غير الربحية لجني الأرباحِ بهدف إعادة توزيعها على المالكين، أو المساهمين، بل ينصبُّ تركيزُها على توليد أموال كافية لتغطية نفقاتها، أو لتوسيع نطاق خدماتها؛ بحيث تساعد عددًا أكبر من الأشخاص، فعلى سبيل المثال: لا تقيسُ الكنيسةُ الميثودية Methodist Church نجاحَها بكمية الأموال التي تتلقاها، كما لا يبني القائمون على متحف العلوم، والصناعة Museum of Science and Industry تقييماتِ الأداء الخاصة به على القيمة الدولارية لرسوم الدخول إليه، وتجمعُ منظماتٌ مثل: الصليب الأحمر الأمريكي American Red Cross تبرعاتٍ بهدف تقديم خدمات أساسية، ولكن في حال نجحت في جمع مالٍ كافٍ، يتجاوز المطلوبَ لتغطية النفقات الأساسية، فيمكنها استخدامُه في توسيع خدماتها، أو تحسين الخدمات التي تقدمها حاليًا. ترجمة -وبتصرف- للفصل Creating Products and Pricing Strategies to Meet Customers Needs من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا المقال التالي: اتخاذ العملاء والمؤسسات لقرارات الشراء المقال السابق: كيفية وضع المديرين لاستراتيجية تسويقية ناجحة استراتيجية رواد الأعمال في التسويق ووضع خطة تسويقية التخطيط للمنتج واستراتيجيات الدخول إلى السوق أخطاء أساسية يجب تجنبها عند تخطيط استراتيجية التسويق
  5. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سيتم التعرف على كيفية وضع المديرين لاستراتيجيات التسويق، حيث يتم الانطلاق من تعريف الاستراتيجية التسويقية ومحتوياتها؛ إلى جانب التعرف على السوق المستهدفة التي يجب التعرف عليها جيدا ومعرفة أبرز خصائصها، من أجل اتخاذ استراتيجية تسويقية ملائمة، تضمن التميز للشركة عن باقي لشركات المنافسة لها. ما هي استراتيجي التسويق؟ يستخدم القائمون على التسويق عددًا منَ "الأدوات" المختلفة لتطوير السلع، والخدمات التي تُرضي الزبائن، وتلبي احتياجاتِهم، ورغباتهم؛ التي توفر لهم قيمةً ممتازة، وتتألف استراتيجيات التسويق من خمسة مكوناتٍ مختلفة؛ تُسمَّى بالإنجليزية "Five Ps"، أي مكونات استراتيجيات التسويق الخمسة التي تبدأ جميعُها بحرف "P" في اللغة الإنجليزية، التي سنتحدث عنها تاليًا، وتُمثِّلُ تلك المكوِّناتُ الأساليبَ، والأدواتِ، والعملياتِ؛ التي يستخدمها المسوِّقون لتطوير منتجاتهم، وتسويقها، وتُدعى تلك المكونات -أيضًا- "المزيج التسويقي Marketing Mix"، وهي: المُنتَج Product: هو الشيء الذي يجري تقديمُه بمقابل، والذي لأجله تُتَّخَذُ إجراءاتُ التسويق، وقرارتُه، والمنتَج قد يكون سلعةً وهي شيئ ذو وجود مادي مثل: الهاتف الذكي، أو خدمةً مثل خدمة الاتصالات التي لا بد منها لعمل الهاتف الذكي، أو قد يكون المنتج أفكارًا مثلَ الفكرة القائلة: إنَّ بقاءك على اتصال دائم عبر وسائل الاتصال، أمرٌ لا بد منه في يومنا هذا، و للمنتجات كافة جوانب ملموسة، وأخرى غير ملموسة. السعر Price: هو شيءٌ يُعطى مقابل منتجٍ ما، وقد يكون السعر ذا طبيعة مالية، أو غير مالية، مثل الانتظار في صفوف طويلة أمام أحد مطاعم الوجبات السريعة، أو التبرّع بالدم لدى إحدى مراكز نقل الدم المحلية، وللسعر أسماء عديدة مثل: بدل الإيجار، والرسوم، والثمن، وغير ذلك. المكان Place: وهو إحدى طرق الحصول على المنتَج، من المنتِج إلى المستهلك، ويتضمن المكان عددًا كبيرًا من المهام الأساسية، ومنها: النقل، والموقع، والوجود على الإنترنت، والمخازن، وإدارة سلسلة الإمداد (إدارة كل كيان، أو منشأة، لها علاقة بالمنتج في طريقه إلى الزبون)، والأجواء العامة (مظهر المكتب، والمتجر، وحتى الموقع الإلكتروني). الترويج Promotion: وهو الطرائق المُتَّبَعة لإعلام الزبائن بالمنتَج، والتأثير عليهم لشرائه، ويتضمن الترويجُ عدة مكوناتٍ مختلفة، وهي: الدعاية، والإعلان التقليديان، والترويج للمبيعات (تنشيط المبيعات)، والعلاقات العامة، والبيع الشخصي، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتجارة الإلكترونية، وغالبًا ما يجري الخلطُ خطأً بين الترويج، والتسويق، لأنَّ الترويجَ هو الجزءُ المرئيُّ، أوِ الملموسُ من التسويق؛ ولكنَّ التسويق أوسع بكثير من مجرد ترويج. الأشخاص People: يُستفادُ من موظفي الشركة لدعم استراتيجيات الشركة التسويقية، فللمنتجات كافة جوانبُ ملموسة، وأخرى غير ملموسة، ولا غنى عنِ الأشخاص بوصفهم أحد استراتيجيات التسويق لتطوير الجوانب غير الملموسة لمنتجات الشركة. يستفيدُ المسوِّقون من أدوات استراتيجيات التسويق لصنع منتجات جديدة، وبيعها في السوق، ولكنهم غير قادرين على تقديم منتجاتٍ بمعزلٍ عن المؤثرات المحيطة بهم، بل عليهم استيعابُ جوانب البيئة الخارجية كافة، وأخذُها بالحسبان، لوضع برامج تسويق (خطط) تكون ناجحةً في السوق السائدة، والأسواق المستقبلية، لذا، يقوم العديد من الشركات بتجميعِ فريق من المتخصصين؛ مهمته الجمع المستمر للمعلومات المتعلقة بالبيئة المحيطة، وتقييمها؛ وهي عمليةٌ تُدعى المسحَ البيئي Environmental Scanning حيث يتمثل الهدف منها في جمع البيانات الخاصة بتلك البيئة؛ لتحديد الفرص، والمخاطر السوقية الحالية، والمستقبلية. ويُدرِكُ مُصنِّعو أجهزة الحاسوب أهميةَ المسح البيئي؛ لرصدِ اهتمامات الزبائن سريعة التغيُّر، فمنذُ اختراع الحاسوب الشخصي، أصبح لدى فنيي الحواسيب، والمتحمسين لها أمران مُسَلَّمٌ بهما، هما: إنَّ سرعة المعالِج ستزدادُ بشكل متسارع؛ ولن تكون الحواسيب الشخصية متمايزة عن شاشات التلفزيون، حيث ستكون النتيجة "اندماجًا، أو تلاقيًا"، ويعني ذلك أنَّ قطاع الصناعة الرقمية (مصنِّعو الحواسيب، والهواتف الذكية، وغيرها من الهواتف النقالة) سيندمج مع قطاع الترفيه مثل التلفاز والراديو وتقنية بث الفيديوهات عبر الإنترنت والإنترنت، وقد بدأ ذلك الاندماج بالفعل يوفّرُ فرصًا كبيرة نحوَ ابتكار منتجاتٍ جديدة مثل: الساعات التي تحتوي حواسيب، وهواتف ذكية في آنٍ واحد معًا، والهواتف الخلوية المُستخدَمة لتحميل فيديوهات غير متوفرة سوى لدى منتجي وسائل ترفيه مستقلين غير مرتبطين بوسائل الإعلام، أو الوسائط التقليدية مثل: الراديو ومنها شركتا غوغل، وأمازون. ومن الشركات التي حققت نجاحًا واضحًا في هذا المجال؛ شركة آبل Apple، التي استثمرت منصتها الحاسوبية بجعلها سهلةً، وعصرية؛ بحيث بات زبائنها خبراء في العصر الرقمي، وقد استغلت شركة آبل ذلك، حيث طورت منصة آي تيونز iTunes، وهواتف آيفون iPhone، وآي باد iPad، وآبل ووتش وهي ساعة آبل الذكية iWatch، وتبيع آبل عددًا من أجهزة آي باد كل ثلاثة أشهر؛ يعادل تقريبًا عدد حواسيب ماكنتوش Macintosh، إضافة إلى بيعها عددًا كبيرًا من هواتف آي فون، أما شركة مايكروسوفت Microsoft، فتريد أن تكون جزءًا من هذا القطاع بأي ثمن، ولكن شركة هوليت-باكارد Hewlett-Packard، المعروفة اختصارًا بشركة إتش بي HP، قررت تحويل ولائها نحو شركة آبل؛ وبذلك تكون شركة مايكروسوفت هي الحلقة الأضعف حاليًا -فقط- أما الشركة الأخرى التي ينبغي توجيه الانتباه إليها في السنوات القليلة القادمة، فهي سامسونج Samsung، التي ضاعفت جهودها لجعل أجهزتها الإلكترونية المقدَّمة للمستهلكين، تنافس بقوةٍ منتجاتِ آبل. وأخيرًا، باتت خدمات البث المجانية على الأجهزة مثل: خدمة أمازون ميوزيك Amazon Music، وباندورا Pandora، وسبوتيفاي Spotify؛ باتت تمثل منافسةً لشركة آبل، بالتزامن مع إعادة الربحية إلى قطاع الموسيقى. وهناك بوجه عام ست فئاتٍ من البياناتِ البيئية؛ التي تُشكِّلُ معظم القرارات التسويقية: القوى الثقافية/ الاجتماعية: ومنها سلوكيات الشراء الخاصة بثقافات أو ثقافات فرعية محددة، والقيم الخاصة بالمستهلكين المحتملين، والأدوار الأُسريّة المتغيرة، والتوجهات الاجتماعية الحديثة مثل: عمل الموظفين من المنزل، وساعات العمل المرنة. العوامل السكانية (الديموغرافية): منها التغيرات في أعمار المستهلكين المحتملين (مثلًا جيل طفرة المواليد، وجيل الألفية)، ومعدلات الولادات، والوفيات، والمواقع الجغرافية لتوزيع المجموعات السكانية المتنوعة. العوامل الاقتصادية: ومنها الأجور المتغيرة، ومستويات البطالة، والركود. العوامل التقنية: منها التطورات في تقنيات الحاسوب، ووسائل الاتصال. العوامل السياسية، والقانونية: مثل التغييرات في القوانين، وأنشطة الهيئات التنظيمية، والحركات السياسية. العوامل التنافسية: مثل المنافسة الجديدة، والمتغيرة، من قبل شركات محلية، وأجنبية. تعريف السوق المستهدفة يجمعُ المسوِّقون معلوماتٍ حول البيئة المحيطة؛ لتكوين صورةٍ واضحة عن السوق الكلية، بخصوص المنتَج الذي يقدمون، بما في ذلك معلوماتٍ عن العوامل البيئية، وبمجرد أن يستوعب أولئك المسوَّقون العواملَ البيئيةَ المتنوعة، عليهم بعد ذلك اختيارُ سوقٍ مستهدفة بعينها من ضمن السوق الكلية، ويركز المسوقون على توفير قيمةٍ لسوقٍ، أو أسواقٍ، مستهدفة محددة تحديدًا واضحًا، والسوق المستهدفة Target Market هي المجموعة المحددة من المستهلكين (قد تكون شركاتٍ، أو مستهليكن أفرادًا) التي توجُّه إليها الشركةُ جهودَها التسويقية، فشركة الشوفان كويكر أوتس Quaker Oats مثلًا، توجّه منتجاتِها من دقيق الشوفان إلى المستهلكين ذوي الياقات الزرقاء في جنوب الولايات المتحدة، أما شركة ويليامز سونوما Williams Sonoma، فيتبعُ لها عدد من المتاجر المتنوعة، كلٌُ منها موجّهٌ نحو سوق مستهدفة منفصلة عن الأخرى، وتلك المتاجر هي: شركة بوتري بارن Pottery Barn المتخصصة بالأثاث المنزلي الراقي، ومتاجرها؛ (متاجر شركة ويليامز سونوما) المتخصصة، وهي: وست إلم West Elm، ومارك وغراهام Mark and Graham، وريجوفينيشن Rejuvention، المتختصصة بالمجوهرات، وغيرها من الإكسسوارات؛ إضافة إلى متاجر الأثاث المنزلي، وتحسين المنازل التي تتميز بأسعارها المقبولة، واستدامتها، وتعد تلك الأسواق المستهدفة كافة؛ جزءًا من سوق التجزئة الكلية للسلع المنزلية، وتلك الخاصة بنمط الحياة، إنَّ تحديد سوق مستهدفة، يساعد الشركة في تركيز جهودها التسويقية على أولئك الذين يُحتمل بشكل كبير، أن يشتروا منتجاتها، أو خدماتها، كما يسمحُ تركيز الشركة على زبائن محتملين لها باستخدام مواردها بفاعلية. يتضمن الجدول الموالي أمثلة على أسواق مستهدفة لبدائل الإقامة في الفنادق التابعة لشركة ماريوت Marriott Hotel Brands. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } أمثلة على الأسواق المستهدفة في الفنادق التابعة لشركة ماريوت اسم الفندق نطاق الأسعار السوق المستهدَفة فيرفيلد إن Fairfield Inn. 105-125 دولار مسافرو الأعمال الاقتصادية، والترفيه. تاون بليس سويتس TownePlace Suites 110-140 دولار مسافرو المستوى المعتدل الذين يبقون لثلاثة، أو أربعة أسابيع. سبرينغ هيل سويتس SpringHill Suites 120-165 دولار مسافرو الأعمال، والترفيه، الباحثون عن مزيد من المساحة، ووسائل الراحة. كورتيارد Courtyard 120-170 دولار المسافرون الباحثون عن إقامة ذات جودة، وأسعار معقولة مخصصة للأشخاص؛ الذين يعد السفر جزءًا من عملهم. ريزيدنس إن Residence Inn 126-175 دولار المسافرون الباحثون عن فندقٍ ذي طرازٍ سكني. فنادق، ومنتجعات ماريوت Marriott Hotels, Resorts, and Suites 135-410 دولار الأشخاص الناجحون، الساعون وراء جودة ثابتة. فنادق، ومنتجعات رينيسانس Renaissance Hotels & Resorts 135-415 دولار مسافرو الأعمال، والترفيه؛ السّاعون وراء اهتمامٍ إبداعي بالتفاصيل. ريتز-كارلتون Ritz-Carlton 295-1,500 دولار المديرون التنفيذيون؛ رفيعو المستوى الباحثون عن تجربة فريدة ومرفهة، وذات طابع شخصي. الجدول 11.1 تكريس ميزة تنافسية تُعرَّفُ الميزة التنافسية Competitive Advantage، أو التي يُطلَق عليها -أيضًا- الميزة التفاضلية Differential Advantage بأنها مجموعة من الخصائص الفريدة التي تُميِّزُ شركةً ما، ومنتجاتِها، والتي يدركُ المستهلكون في السوق أوِ الأسواق المستهدفة، أنها جديرة بالملاحظة، وتتفوق على ما لدى منافسيها، وتمثل الميزةُ التنافسيةُ العاملَ الذي يدعو المستهلكين إلى شراء سلع شركةٍ ما، أو خدماتها، بدلًا من تلك الخاصة بالمنافِسة لها، وهناك أربعة أنواع للميزة التنافسية، هي: ميزة التكلفة، والتميز السِّلَعي أو تميُّزُ المنتَج، والتميُّز الخدمي أو التميز في خدمة الزبائن، وميزة التخصص. ميزة التكلفة التنافسية يمكن للشركة التي لديها ميزة تكلفةٍ تنافسية Cost Competitive Advantage أن تصنّع سلعة، أو تقدم خدمة ما، مقابل تكلفة أقل من منافسيها كافة، مع الحفاظ على هامش ربحٍ مناسب في الوقت ذاته، وتنجح الشركاتُ في هذا المجال عبر حصولها على مواد أولية غير مرتفعة الثمن، وزيادةِ كفاءة عمليات مصانعها، وتصميمِ منتجات تُسهِّلُ عمليةَ التصنيع، وضبطِ النفقات الإضافية التي لا علاقة مباشرة لها بصنع السلعة، أو تقديم الخدمة، وتَجَنُّب المستهلكين الهامشيين. وقد تفشل ميزة التكلفة التنافسية لدى شركة ما، مع مرور الوقت، فبطبيعة الحال، إذا كان هناك شركة تستخدم تقنيات متطورة، لتخفيض نفقاتها، فستسخدم شركاتٌ أخرى تعمل في المجال ذاته تلك التقنية، وتخفض نفقاتها -أيضًا- وعلى سبيل المثال، اخترعت شركة مختبرات بل Bell Labs موصلات (كابلات) أليافٍ بصرية Fiber-Optic Cables قللت من تكلفة نقل البيانات، والصوت، من خلال زيادة كبيرة في عدد الاتصالات التي يمكن نقلُها نقلًا متزامنًا، عبر موصلٍ (كبلٍ) قياسُه إنشان اثنان، ولكن، وخلال خمس سنوات تلت ذلك، باتت تقنية الألياف البصرية منتشرةً في هذا المجال، ففقدت بذلك شركةُ مختبرات بل ميزةَ التكلفة التنافسية؛ التي كانت مستأثرة بها من قبل. وقد تفقدِ الشركاتُ ميزة التكلفة التنافسية الخاصة بها، في حال نجاح الشركات المنافسة لها في تخفيض التكاليف، عبر الاستعانة بالمورَّدين ذاتهم؛ ذوي التكلفة المنخفضة، وبذلك نجد أنَّ ميزة التكلفة التنافسية قد لا توفر ميزةً تنافسية طويلة الأمد. الميزة التنافسية الخاصة بالتميز السلعي إنَّ ميزة التكلفة التنافسية عُرضةٌ للاختفاء المستمر، ولكنْ هناك بالمقابل أنواعٌ أخرى من المزايا التنافسية أطول منها أمدًا، فديمومةُ الميزة التنافسية التفاضلية Differential Competitive Advantage قد تمثل نجاحًا أكبر لجهة استمرارية الشركة طويلة الأمد، ومن المزايا التنافسية التفاضلية الشائعة؛ أسماء العلامات التجارية مثل: منظفات تايد Tide، أو شبكة توزيع قوية كاتربيلر Caterpillar لمعدات البناء، أو موثوقية المنتج سيارات لكزس Lexus، أو سمعة الشركة نيمان ماركوس Neiman Marcus لقطاع البيع بالتجزئة، أو الخدمة فيديكس FedEx لإرسال الطرود، وهناك أسماءٌ لعلاماتٍ تجارية تمثل الجودة أينما ذُكِرَت حول العالم، مثل شانيل Chanel، وبي إم دبليو BMW، و كارتييه Cartier، وقد نجحَ المسوِّقون لدى تلك الماركات في تكريس ميزاتٍ تنافسية مستدامة، بفضل الابتكارات المستمرة في المنتجات، والتسويق، والاهتمام بالجودة، والقيمة؛ التي يقدِّمها القائمون عليها. الميزة التنافسية الخاصة بالتميز الخدمي لا غنى عن الخدمات في عالم اليوم؛ الذي تسوده وسائل التواصل الاجتماعي، والتواصل الآني، وذلك بالنسبة للمنتجات الملموسة، وغير الملموسة؛ إذ لا يكادُ يمرّ يومٌ من دون ورود تقارير، وأخبار، حول عواقب خدمة سيئة، تنتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد توثيق ذلك بفيديو سُجِّل لحظة الحدث، ونُشِرَ عبر الإنترنت، ويطالب الزبائن -حاليًا- بمستوى خدمةٍ أعلى لأنواع المنتجات كافة، وإذا لم تُلبِّ تلك الخدمةُ توقعاتِ المستهلكين، فقد ينشر أحدُ الأشخاصِ رأيًا سلبيًا عنها في أحد مواقع التقييمات على الإنترنت، أو أن يعبّر عن تجربته تلك على واحدة من منصات التواصل؛ فقد سبق أنِ اضطُرَّت بعضُ الشركاتِ الصغيرة إلى الإغلاق بسبب انتشار ردة فعلٍ سلبية على الإنترنت، من قبل مستهلكين، تجاه خدمة سيئة قدمتها تلك الشركات، وتُعَدُّ مستوياتُ الخدمة التي تُسعِدِ الزبائن، أكثر أهمية بالنسبة للمنتجات غير الملموسة، مثل: الهندسة والمحاسبة. إنَّ ما نسبته 80% من الناتج المحلي الإجمالي GDP الولايات المتحدة قائمٌ على الخدمات، ولذا تعد القدرة على تقديم مُنتَجٍ خدمي، وتحسين عملية تقديم الخدمة باستمرار، والتفاعل مع الزبائن المساهمين في تقديم الخدمة -أمرًا لا بُدَّ منه، كما تتطلب المستوياتُ الأعلى من الخدمات مزيدًا من التخطيط، وتنفيذًا أفضل، وتطوَّرًا مستمرًا من خلال العلاقات مع الزبائن، كما يمكن لاستخدامِ التميُّزِ الخدمي بوصفه ميزةً تنافسية؛ أن يمثّل واحدةً من أكثر أنواع الميزات ديمومةً بالنسبة للشركة. الميزة التنافسية المتخصصة قد تستهدفُ شركةٌ ما ذاتُ ميزةٍ تنافسية متخصصة، Niche Competitive Advantage قطاعًا واحدًا -فقط- منَ السوق، وتُخدِّمُهُ بفاعلية، وقد تكون الاستفادةُ من ميزة تنافسية متخصصة، الخيارَ الوحيدَ؛ الذي يضمنُ الاستمرار للشركات الصغيرة؛ محدودة الموارد؛ التي يُحتَمَلُ أن تواجه شركاتٍ منافسةً عملاقة، ومن القطاعاتِ السوقية التي تمثل خيارًا جيدًا لاستراتيجية متخصصة؛ قطاعٌ لديه احتمالاتُ نموٍّ جيدة، ولكنه ليسَ أساسًا لنجاح الشركات المنافِسة الكبرى، وبمجردِ أن تحدِّدَ شركةٌ ما قطاعًا محتملًا، يغدو عليها أن تضمنَ قدرتها على مواجهة منافسيها، من خلال تفوُّقِها في خدمة الزبائن في ذلك القطاع، فعلى سبيل المثال: يتبع بنكُ ريجنز بنك- ميوزيك رو برايفت بنك Regions Bank–Music Row Private Bank، الواقع في مدينة ناشفيل Nashville بولاية تينيسي الأمريكية؛ يتبع استراتيجيةً متخصصة بتركيزه على نجوم الموسيقى، وعلى محترفي قطاع الترفيه في تلك الولاية، ويقع مقرُّ ذلك البنك تحديدًا في منتصف قطاع الموسيقى Music District في مدينة ناشفيل، وقد قرر القائمون على البنك المذكور توسيعَ استراتيجيته المتخصصة إلى كل من مدينة ميامي Miami؛ في ولاية فلوريدا الأمريكية، التي تمثِّلُ "مركز" الموسيقى اللاتينية، ومدينة أتلانتا Atalanta، عاصمة ولاية جورجيا الأمريكية، وتعد أتلانتا عاصمة لموسيقى ريذم أند بلوز Rhythm and Blues منذ فترةٍ طويلة، وهي الآن مركزٌ للموسيقى المدنية المعاصرة Contemporary Urban Music -أيضًا- ولهاتَين السوقَين الجديدتين محترفون بالموسيقى، كالفنانين الموسيقيين، والمديرين التنفيذيين الموسيقيين، والمنتجين الموسيقيين، والوكلاء الموسيقيين، وغيرِهم؛ وبفضل ذلك؛ لاقى بنك ريجنز بنك- ميوزيك رو برايفت بنك نجاحًا كبيرًا في مدينة ناشفيل. ترجمة -وبتصرف- للفصل Creating Products and Pricing Strategies to Meet Customers Needs من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيفية تطوير مزيج تسويقي لبناء استراتيجية تسويقية قوية المقال السابق: المفهوم التسويقي ورضا الزبون استراتيجية رواد الأعمال في التسويق ووضع خطة تسويقية التخطيط للمنتج واستراتيجيات الدخول إلى السوق مكونات التسويق الاستراتيجية أخطاء أساسية يجب تجنبها عند تخطيط استراتيجية التسويق
  6. يلعب التسويقُ دورًا محوريًا في نجاح الشركات، وتتمثل المهمة التي يهدف إلى إنجازها في تحقيق مبيعاتٍ للشركة، فمن تلك المبيعاتِ تدفَعُ الشركةُ أجورَ موظفيها، وتشتري مستلزماتِ عملية الإنتاج، وتُغطّي نفقاتِ تشييد المباني الجديدة، وتكاليفَ التجهيزات، والمعدَّات، وتجني الأرباحَ المأمولة، حيث يبحثُ هذا الباب من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال في طبيعة التسويق، وفي صنع المُنتَج، ووضع خطط التسويق، الهادفة إلى تلبية احتياجات الزبائن، كما ستتعلم فيه ما يتعلق بمفهوم التسويق، ومخططاته، وقراراتِ الشراء الاستهلاكية، والتجارية، وكذا، كيفية استخدام المزيج التسويقي، لجلبِ فُرَصِ مبيعات، كما سنناقش كيفية صناعة منتجات جديدة، ومرورَها في فتراتٍ من النموّ، تليها فترات من التراجُع، وبعد الانتهاء مما سبق ذِكرُه، سترى كيفَ يُحدِّدُ المديرون الأسعار لتحقيق أهداف شركاتهم. وفي هذا المقال تحديدا سيتم التعريف عن مفهوم التسويق، قيمة الزبون، رضاه، وكيفية إنشاء العلاقات معه لضمان استمرارية أطول لاستهلاك المنتوج والولاء له. ما هو المفهوم التسويقي؟ التسويق هو عملية تقديم السلع، أو الخدمات، أو الأفكار المناسبة، أو المطلوبة، للأشخاص المناسبين، في المكان، والزمان المناسبَين، ووفقًا لسعر ملائم، وذلك باستخدام أساليب الترويج الصحيحة، وبالاستعانة بالأشخاص المناسبين، بهدف تقديم خدمة زبائن مرتبطة بتلك السلع، أوِ الخدمات، أو الأفكار، ويُشارُ إلى المفهوم التسويقي هذا بـ "المبدأ الصحيح Right Principle"، وهو أساس خطط التسويق برُمَّتها، وبوسعنا القولُ: إنَّ التسويق هو معرفةُ احتياجاتِ المُشترين المحتَمَلين، أورغباتِهم سواء أكانوا شركاتٍ، أو أشخاصًا، ثم تقديم السلع، والخدمات؛ التي تُلبّي توقعات أولئك المشترين، أو ربما تتجاوزها. ويتعلق التسويقُ بإنشاء تبادُلات Exchanges، إذ يحدثُ تبادلٌ عندما يعطي طرفان شيئًا ما ذا قيمةٍ لبعضهما بعضًا؛ تلبية لرغباتٍ، أو احتياجات لدى كل منهما، وفي عملية تبادلٍ اعتيادية، يدفعُ المستهلكُ مالًا مقابل حصوله على مُنتَجٍ، أو خدمة، ولكن، قد يجري -أيضًا- تبادل أشياء غير مالية، مثل حصول شخصٍ يتطوع للأعمال الخيرية، لدى إحدى الشركات؛ على قميص مقابل الوقت الذي أمضاه في ذلك العمل، ومن المغالطات الشائعة التي يقع فيها بعض الناس؛ أنهم لا يرون فرقًا بين التسويق Marketing، والمبيعات Sales؛ فهما في الواقع أمران مختلفان، وكلاهما جزءٌ منِ خطة الشركة؛ إذ تتضمن المبيعاتُ بيعَ سلع الشركة، أو خدماتها للزبائن، أما التسويق، فهو عملية إعلام الزبائن بقيمة خدمةٍ، أو سلعة، بحيث تُباع في النهاية لأولئك الزبائن. ويتّبعُ المسوِّقون المبدأ "الصحيح" لتشجيع عمليات تبادل المال بالسلعة، أو الخدمة التي يقدّمون، فلوِ افترضنا أنَّ أحد وكلاء شركة أفون Avon المحليين -وهي شركة مستحضرات تجميل- ليس لديه أحمر الشفاه المناسب للزبون المحتمل، عندما يريده ذلك الزبون، وبالسعر المناسب له -أيضًا- فلن يُبادلَ ذلك الزبونُ المالَ بأحمر شفاهٍ جديد من ذلك المتجر. فكِّر في آخر عملية تبادلٍ (شراء) أجريتَها: ماذا لو كان السعرُ أعلى بنسبة 30% من الذي اشتريتَ السلعة لقاءه؟ وماذا لو أنَّ المتجر، أو غيره من المصادر، كان أقل قابلية للوصول إليه؟ هل كُنتَ لتشتريَ أيَّ شي؟ يُخبِرُنا المبدأ "الصحيح" في التسويق أنَّ المسوِّقين يتحكمون في عوامل عديدة تُنجِحُ عمليةَ التسويق، وقد تبنَّت معظمُ الشركات الناجحة المفهوم التسويقي Marketing Concept المبنيَّ على المبدأ "الصحيح"، والمفهوم التسويقي هو: استخدام البيانات التسويقية؛ للتركيز على احتياجات الزبائن، ورغباتهم، بهدف تطوير الخطط التسويقية؛ التي لا تلبي تلك الاحتياجات، والرغبات فحسبْ، بل، التي تحقق أهداف الشركة -أيضًا- كما تستخدم الشركةُ المفهومَ التسويقي عندما تحددُ احتياجاتِ المشترين، وبعد ذلك تنتجُ السلع، وتقدِّمُ الخدماتِ، والأفكارَ التي تُلبّي تلك الاحتياجات باستخدام المبدأ الصحيح، والمبدأ التسويقي موجَّهٌ نحو إسعاد الزبائن سواء أكانوا أفرادًا، أم مؤسسات وذلك بتوفير شيءٍ ما، ذي قيمةٍ بالنسبة لهم، وبشكلٍ أكثر تحديدًا، يتضمن المفهومُ التسويقيُّ ما يلي: التركيزُ على احتياجات الزبائن، ورغباتهم، بما يُمَكِّنُ الشركةَ من تمييز منتجها (أو منتجاتها) عن عُروض المنتجات التي يقدِّمُها منافسوها، وقد تكونُ المنتجاتُ سِلَعًا، أو خدماتٍ، أو أفكارًا. دمجُ أنشطةِ الشركة كافة، ومن ضمنها الإنتاجُ، والترويج، بهدف تلبية احتياجاتِ الزبائن، وإشباع رغباتهم. تحقيقُ الأهدافِ بعيدة المدى للشركة، بتلبية رغبات الزبائن، واحتياجاتهم تلبية قانونيةً، ومسؤولة. وتطبق اليومَ الشركاتُ على اختلاف الأحجام، والمجالات التجارية، المفهومَ التسويقي، فقد وجدت شركة تأجير السيارات المسمّاة رينت- أ- كار Rent-A-Car والتي تُتَرجَم إلى استأجِر سيارةً، أنَّ زبائنها لم يريدوا الذهاب إلى مكاتبها بأنفسهم لاستئجار سيارة، ولذلك بدأت توصِلُ سياراتِها إلى منازلهم، أو أماكن عملهم، والحال مشابهة بالنسبة لشركة ديزني Disney التي اكتشفت أن بعضَ زبائنها لم يَرُقْ له الوقوفُ في صفوفٍ، منتظرًا دوره، فأنشأت خدمة المرور السريع المعروفة بخدمة فاست باس FastPass مقابل سعرٍ أعلى، حيث تتيح لزبائنها الذين يستفيدون من خدمتها تلك، تَجنُّبَ الوقوفِ في صفوفٍ طويلة بانتظار زيارة معالم مدينة ديزني Disney Land. ومن الأمور المهمة لاستيعاب المفهوم التسويقي؛ معرفةُ أنَّ صناعة المُنتَج تأتي بعدَ إجراء أبحاث السوق، واستخدامِها للوقوف على احتياجات الزبائن، ورغباتهم، فالمنتجات لا تُصنَع من قبل أقسامِ الإنتاج، وبعدها يأتي دور أقسام التسويق في الشركة، لتحديد طرقٍ لبيع تلك المنتجات، بناءً على ما خلصت إليه أبحاثُ السوق، بل تعتمد الشركة التي تُحسِنُ الاستفادةَ من المفهوم التسويقي، على البيانات المتوفرة حول الزبائن المُحتَمَلين من اللحظة الأولى لصنع المنتَج، بغرض تقديم أفضل سلعة، أو خدمة، أو فكرة ممكنة، إلى جانب خطط تسويقٍ أخرى لدعمها. قيمة الزبون قيمةُ الزبون (العميل) Customer Value هي نسبةُ المزايا التي يحصل عليها الزبون (شركة، أو مستهلك فرد) موازنةً بالتضحية الضرورية للحصول على تلك المزايا؛ فالزبون هو الذي يحدد قيمةَ كلٍ من المزايا التي يحصل عليها، والتضحيات التي يقدِّمها، ويُعَدُّ تقديمُ قيمةٍ للزبون؛ استراتيجيةً تجاريةً أساسية للعديد من الشركات الناجحة، كما إنَّ قيمة الزبون متجذِّرةٌ في الاعتقاد القائل بأنَّ السعر ليس الأمر الوحيد المهم، فالشركة التي تُركِّزُ على تكلفة الإنتاج، وعلى السعر بالنسبة للزبون، ستُدارُ، وكأنها تقدِّمُ سلعةً يجري التمييزُ بينها بالسعر -فقط- وبالعكس؛ تعتقد الشركاتُ التي تقدم قيمةً للزبون، أنَّ العديد من الزبائن سيدفعون سعرًا أعلى، مقابل حصولهم على خدمة زبائن أكثر رُقيًّا، أو أنهم سيقبلون بخدماتٍ أقل مستوىً، مقابل سعرٍ أدنى، يمثل صفقة ناجحة بالنسبة لهم، ومن المهم ألا تُبنى القيمةُ على أساس السعر بدلًا من الخدمة، أو الجودة، لأن الزبائن الذي لا يهتمون إلا بالسعر، سيشترون من المنافسين بمجرد أن يقدم أيُّ من أولئك المنافسين سعرًا أقل، بل من الأفضل بكثير استخدامُ استراتيجياتٍ تسويقية مبنية على العلاقات مع الزبائن، وعلى الخدمة المقدَّمة لهم، لأنهما أمران يصعب على المنافسين استنساخهما؛ فشركة الطيران ساوث ويست Southwest Airlines مثلًا، لا توفر مقاعد مخصصة لكل راكب بالاسم، ولا وجباتِ طعام، ولا أفلامًا خلال الرحلات؛ ولكنَّ هذه الشركة ذاتَ الأسعار المنخفضة توفّر ما تعد به، وهو: إقلاعُ طائراتها في الوقت المحدد تمامًا، وفي الدراساتِ الاستقصائية التي تُجرى بخصوص "الخدمة ذات القيمة بالنسبة للزبائن Service Value، عادةً ما تتفوق شركة ساوث ويست على شركات الطيران التي توفر خدماتٍ كاملة، مثل شركة الخطوط الجوية الأمريكية American Airlines، التي توفر لزبائنها رفاهية مثل: الأفلام، والأطعمة، خلال الرحلات الطويلة. رضا الزبائن لقد ركزنا في هذا الفصل على موضوع رضا الزبائن، كما سترى لاحقًا، ورضا الزبون Customer Satisfaction هو شعوره بأنَّ منتَجًا ما، كان على مستوى توقعاته، أو ربما تجاوَزَه، وعادةً ما تكونُ التوقعاتُ نتيجةً للتواصل؛ وخصوصًا الترويج، حيث تعد الاستفادةُ من أبحاث السوق؛ لتحديد توقعاتٍ معينة للزبائن، ثم صياغة استراتيجية تسويقٍ، تهدف إلى تلبية تلك التوقعات، أو تجاوزها -من العوامل الرئيسة المساهِمة في نجاحِ الشركة؛ فشركة لكزس Lexus مثلًا، لا تتوقف عن حصد جوائز؛ لقاء الرضا الكبير لزبائنها، أما شركة جي دي باور J.D.Power، فتُجري مسحًا استقصائيًا حول مالكي السيارات، خلال السنتين التاليتين لشرائهم السيارات، ومن الدراسات التي تُجريها شركة جي دي باور؛ واحدةٌ يُطلَق عليها مسمى دراسة رضا الزبون Customer Service Survey، وهي مقسَّمة إلى أربعة مقاييس؛ يصفُ كلٌّ منها عنصرًا واحدًا من عناصر الرضا الكلي حول الملكية خلال سنتين، وتلك المقاييس هي: جودة السيارة، أو موثوقيتها، والانجذاب للسيارة، وتكاليف ملكيتها، والرضا عن الخدمة المقدمة من قبل التاجر، وتستمر شركة لكزس في ريادة قطاع السيارات، كما صُنِّفَتِ السيارةَ الأولى في الولايات المتحدة لخمسة أعوام متتالية الصورة 11.2: تتباهى شركة جيكو Geico؛ وهي من كبرى شركات التأمين على السيارات، والمعروفة بالحراشف الجالبة للحظ؛ تتباهى بتحقيقها معدل رضا مستهلكين يبلغ 97%. ومع أنَّ ادعاء تلك الشركة قد يكون مُبالَغًا فيه قليلًا، إلا أنها تُوصِل للمسهلكين رسالةً مفادُها؛ أنها تقدم تأمينًا ذا جودة عالية بأسعار منخفضة. بناء العلاقات التسويقُ بالعلاقات Relationship Marketing؛ هو استراتيجيةٌ تُركِّزُ على نسجِ شراكاتٍ طويلة الأمد مع الزبائن، وتبني الشركاتُ علاقاتٍ مع زبائنها من خلال تقديم قيمةٍ لهم، وتحقيق رضاهم، وحالما تُبنى العلاقاتُ مع الزبائن؛ يميلُ هؤلاء إلى الاستمرار في الشراء من الشركة ذاتها؛ التي بَنَت علاقاتِها معهم، حتى لو كانتِ الأسعارُ التي تعرضها الشركاتُ المنافِسةُ لها أقلَّ من أسعارها، أو حتى لو كان أولئك المنافسون يقدمون عُروضًا على المبيعات، أو حوافز تشجعهم على الشراء، لا تقدمها تلك الشركة؛ فالزبائنُ، سواءٌ أكانوا شركاتٍ، أم أفرادًا مستهلكين، يميلون إلى شراء المنتجات من مزوّدين لديهم ثقةٌ بهم، ويشعرون بأن بينهم علاقةً مَّا، وذلك بصرف النظر عن العروض التي يقدمها المنافسون غير المعروفين، كما تستفيدُ الشركاتُ من مبيعاتها المتكررة، ومن الإحالات (التوصيات) التي تؤدي إلى زيادة في مبيعاتها، وأرباحها، وتوسيعِ حصتها السوقية، كما يساعدها ذلك في تقليل التكاليف؛ لأنَّ خدمةَ زبائن موجودين مسبقًا، تكون أقلَّ تكلفةً على الشركة من البحث عن زبائن جدد، ويمكن لاهتمام الشركة بالمحافظة على زبائنها الحاليين، أن يكون سلوكًا تكتيكيًّا مُربِحًا بالنسبة لها؛ إذ تُظهِرُ الدراساتُ أنَّ زيادة معدلات المحافظة على الزبائن بنسبة 5%، تزيد الأرباح بين 25 حتى 95%. كما يستفيد الزبائن -أيضًا- من علاقاتهم المستقرة بالمورِّدين، فقد وجدَ المشترون التجاريون؛ أصحاب الشركات Business Buyers أنَّ الشراكاتِ مع المورِّدين الذين يعملمون معهم أساسيةٌ؛ لصنع منتجاتٍ ذاتِ جودةٍ عالية، وتوفير نفقاتٍ في آنٍ واحدٍ معًا، كما يبقى الزبائنُ موالين للشركات التي توفر لهم قيمةً، ورضًا أكبر مما يتوقعون الحصول عليه من الشركات المنافِسة. وتمثِّلُ برامج الولاء التي تشملُ المشترين، أو الزبائن الذين يتكرر شراؤهم للخدمة، أو السلعة Frequent-Buyers Clubs وسيلةً ناجعة جدًا لبناء علاقاتٍ طويلة الأمد؛ إذ تمتلك شركات الطيران الكبرى كافة، برامج ولاء خاصة بالمسافرين على نحو مستمر، على متن طائراتها Frequent-Flyer Programs، فعندما تسافر على متن طائراتها عددًا محددًا من الأميال؛ تُصبح مؤهلًا للحصول على تذكرة سفرٍ مجانية، ويُلاحَظُ -حاليًا- أنَّ شركات الرحلات البحرية، والفنادق، ووكالات تأجير السيارات، وشركات بطاقات الائتمان، وحتى شركات الرهن العقاري، باتت تمنح "تذاكر طيران" مجانية مقابل كمية محددة من المشتريات، أو الخدمات التي يشتريها زبائنُها، ويشتري الزبائنُ خدمات شركات الطيران، وخدمات شراكائِها الآخرين على نحو متكرر، ليحصلوا على تلك التذاكر المجانية؛ وبذلك يبدو أنَّ برامج الولاء تلك، تساعد في بناء علاقة طويلة الأمد مع الزبون، وتوفر له مزايا مستمرة، كما خَطَتْ شركةُ الطيران ساوث ويست Southwest Airlines في برنامج الولاء الخاص بها، خطواتٍ أكبر من سواها، إذ يحصل الأعضاءُ في ذلك البرنامج على بطاقات تهنئة بأعياد ميلادهم، كما يجري إفرادُ مساحةٍ في المجلات التي توزَّع داخل الطائرة للحديث عن الزبائن المميزين! ترجمة -وبتصرف- للفصل Creating Products and Pricing Strategies to Meet Customers Needs من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا المقال التالي: كيفية وضع المديرين لاستراتيجية تسويقية ناجحة المقال السابق: التوجهات الحديثة في اﻹنتاج وإدارة العمليات أدوات وتقنيات التسويق التي يتبعها رواد الأعمال استراتيجية رواد الأعمال في التسويق ووضع خطة تسويقية التسويق والمزيج التسويقي لتوضيح رؤيتك ومهمتك وأهدافك تحسين ترتيب المواقع في نتائج البحث بالنسبة للشركات
  7. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على أهم التوجهات الحديثة الرئيسة التي تؤثر في الطريقة التي تدير فيها الشركاتُ الإنتاجَ والعمليات، كما سنتعرف على أبرز التوجهاتُ الحديثةُ التي ستؤثر في اﻹنتاج وإدارة العمليات في الولايات المتحدة حاليًا ومستقبلًا التوجهات الحديثة التي ستؤثر في اﻹنتاج وإدارة العمليات في الولايات المتحدة حاليا ومستقبلا أضافَ التوظيفُ في قطاع التصنيع مليون وظيفة للمَعامل في ذلك القطاع، منذ نهاية الركود الكبير الذي سادَ بين عامي 2007 و2009، ليصل مستوى ذلك التوظيف إلى 12.5 مليون في ديسمبر من عام 2017، وقد تضاعفت الصادرات اﻷمريكية أربع مرات على مدى السنوات الخمسة والعشرين الماضية، كما جعل دمجُ التقنية في عمليات التصنيع، الشركاتِ المصنِّعةَ اﻷمريكيةَ أكثر تنافسية، وتكشف هذه اﻹحصاءات؛ أنَّ اﻻقتصاد اﻷمريكي آخذٌ في التقدم. ومع ذلك، فالتغيُّرات السريعة في التقنية، والمنافسة العالمية المُحتدِمة؛ وخاصة من قِبَل بعض دول آسيا، تثير القلق بشأن المستقبل؛ فهل ستحل التقنية محل كثير من الوظائف؟ أو هل يُعَدُّ اﻻعتمادُ المتزايد على التقنية أمرًا لا غنىً عنه، لقدرة الولايات المتحدة على المنافسة في السوق العالمية، في ظل توقعات بوجود عدد غير كافٍ من العمال المؤهلين؟ وهل ستفقد الولايات المتحدة مكانتها في السباق المستمر لقيادة اﻻبتكار؟ وماذا عليها أن تفعل لضمان أن يكون طلابُ اليوم مبتكرين، وعلماء في المستقبل؟ تكشف دراساتٌ استقصائيةٌ حديثة؛ أنَّ العثور على العمال المؤهلين ما يزال يمثّلُ مصدرَ قلق كبير، يواجه قطاع الصناعة اﻷمريكي في يومنا هذا، فإذا أرادت الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها التنافسي، فهناك حاجةٌ للمزيد من اﻻستثمار العلمي، والبحثي، على المستويَين الخاص، والفدرالي على حد سواء، وماذا عن الدور الحاسم للتقنية؟ هذه بعض التوجهات الحديثة التي تواجه الشركات اليوم، والتي سوف ندرسها فيما يأتي. لم يعد العمال اﻷمريكيون، ببساطة، ينافس بعضُهم بعضًا فحسب، بل أصبحوا ينافسون العمالَ في البلدان اﻷقل تقدُّمًا -أيضًا- الذين يتقاضون أجورًا أقل، ويتمتعونَ بتوظيف متزايد للتقنية الحديثة، وأساليب اﻹنتاج، وينطبق هذا بوجه خاص على الشركات المصنِّعة؛ التي تعد مسؤولةً عن الجزء الأكبر من صادرات الولايات المتحدة، والتي تتنافس مباشرة مع معظم الواردات. إنَّ من شأنِ اقتصادٍ عالميٍّ أكثر اندماجًا، مع مزيد من المنافسة المتعلقة بالواردات، وفُرص التصدير، أن يفرز تحدياتٍ، وفرصًا، جديدة بالنسبة للولايات المتحدة، وقوتها العاملة، وللحفاظ على مكانتها؛ بوصفها رائد الابتكار في العالم؛ فمن الضروري أن يستمر التزامُ الولايات المتحدة باﻻبتكار، وبتطويرٍ مُنسَّق لقوةٍ عاملة أكثر تعلُّمًا، ومهارة. أزمة قوة عاملة وشيكة تهدد القدرة التنافسية اﻷمريكية وفقًا ﻷحدث تقرير حول فجوة المهارات، الصادر عن الجمعية الوطنية للصناعيين في الولايات المتحدة National Association of Manufacturers Skill Gap Report؛ يصنف المسؤولون التنفيذيون الصناعيون "القوى العاملة عالية اﻷداء" على أنها العامل الأكثر أهمية في النجاح المستقبلي لشركاتهم، وتتفق هذه النتيجة مع أخرى توصلت إليها دراسةٌ أجرتها وزارة العمل في الولايات المتحدة، خلصت إلى أن 85% من الوظائف المستقبلية في الولايات المتحدة ستتطلب تدريبًا متقدمًا، أو الحصول على درجة دبلوم، أو شهادة جامعية من كلية تمتد الدراسة فيها لأربع سنوات، أما الحد الأدنى من المهارات، فسيكون كافيًا لما نسبتُهُ 15% فقط من الوظائف المستقبلية. لكن الجمعية الوطنية للصناعيين في الولايات المتحدة، تتوقع أن يُشغَل 3.5 مليون وظيفة جديدة خلال العقد المقبل، وفي المقابل، هناك مليونا وظيفة لن تُشغَل بسبب الفجوة في المهارات، وعندما طُلِب من المُستهدفين الذين شملتهم الدراسة تحديدَ المشكلة اﻷكثر خطورة لشركاتهم، صنَّفوا مشكلةَ "العثور على موظفين مؤهلين" على أنها أكثر خطورة من التكاليف المرتفعة لمصادر الطاقة، ومن أعباء الضرائب، واللوائح التنظيمية الفدرالية، والتقاضي، ولم يورِدِ المجيبون مخاوف أكثر خطورة من العثور على موظفين مؤهلين سوى تكلفة التأمين الصحي، والمنافسة على الواردات. ومع بدء تزايدِ الطلب على العمال اﻷفضل تعليمًا، واﻷكثر مهارة، فإن هناك توجهاتٍ حديثةً مقلِقةً، تتسبب بحدوث نقص شديد في هؤلاء العمال، وسيواجه أصحاب العمل في الولايات المتحدة -الذين كانوا وما يزالون يحاولون جاهدين العثورَ على عمال مؤهلين- سيواجهون نقصًا متزايدًا في تلك الفئة من العمال، خلال السنوات القادمة، ومما زاد الطين بلّة؛ تلك التوجهات الحديثة في التعليم الثانوي في الولايات المتحدة التي تشير إلى أن العمال المستقبليين الذين يتابعون تعليمهم لدراسة الرياضيات، والعلوم، قد لا يتلقون تعليمًا تنافسيًا على المستوى العالمي. الريادة اﻷمريكية للابتكار في خطر أظهر تقريرٌ نُشِرَ مؤخرًا؛ أن الولايات المتحدة أمامَ خطر فقدان الريادة العالمية في مجالَي العلوم، واﻻبتكار، ﻷول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، وقد أعدَّ ذلك التقريرَ فرقةُ العمل حول مستقبل اﻻبتكار اﻷمريكي Task Force on the Future of American Innovation؛ وتتألف مجموعةُ العمل تلك من قادة في مجالات الصناعة، والعلوم، والتعليم العالي، ومع أنَّ الولايات المتحدة ما تزال تتزعّمُ اﻻبتكار في العالم، فالدول المنافسة لها تسير -حاليًا- بخطا متسارعة في طريق الأخذ بأسباب التقنية، والطريقة الوحيدة التي تُمكِّن الولايات المتحدة منَ اﻻستمرار في توفير وظائف عالية الدخل، وذات قيمة مضافة؛ هي صعود سلّم اﻻبتكار أسرع من بقية دول العالم. وقد حددت مجموعةُ العمل المذكورة أعلاه، تراجُعَ اﻻستثمار الفدرالي في العلوم، والبحوث، بوصفه سببًا جذريًا للمشكلة؛ حيث انخفضت حصة البحث الفدرالي من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40% على مدى السنوات اﻷربعين الماضية، كما شهدت حصة الولايات المتحدة من صادرات التقنية عالية الجودة في جميع أنحاء العالم انخفاضًا لمدة 10 سنوات، منذ عام 2008، بعد أن حققتِ ارتفاعًا كبيرًا من 77 مليار دولار في عام 1990 إلى 221 مليار دولار في عام 2008، وتشير أحدث البيانات، إلى أن بلوغ صادرات الولايات المتحدة من المنتجات عالية التقنية 153 مليار دولار، وبالمثل، ينخفض مستوى التحاق الطلاب بالدراسات العليا في مجالَي العلوم والهندسة، في الولايات المتحدة، ويرتفع بالمقابل في الصين، والهند، وأماكن أخرى، باﻹضافة إلى ذلك، قد يؤدي التقاعد من وظائف العلوم، والهندسة في الولايات المتحدة إلى نقص خطير في المواهب اﻷمريكية، في المجالين المذكورين في المستقبل القريب. إذًا، ما الذي يجب فعله لعكس هذا التوجُّهِ المُقلِق؟ يُعَدُّ اﻻستثمارُ اﻷقوى، جزءًا من الحل، ﻷن التطورات العلمية الممولة من الحكومة الفدرالية، والمُحَكَّمة، والمحمية ببراءات اختراع؛ أساسيةٌ بالنسبة للابتكار، إذ يعود الفضل في ذلك كله للبحث العلمي الذي نجم عنه الحصول على تقنية الليزر، وشبكة الويب، والتصوير بالرنين المغناطيسي MRI، واﻷلياف البصرية، وقد أشار رئيسُ الجمعية الوطنية للصناعيين في الولايات المتحدة، جاي تيمونز Jay Timmons إلى أنّ "التصنيع الحديث يوفر وظائف عالية اﻷجر، وطويلة اﻷمد، كما أنه مجالٌ مميز، وعالي التقنية، فقد آن الأوانُ لتضييق فجوة المهارات، وتطوير الجيل القادم من القوى العاملة الصناعية". إدارة عمليات اﻷعمال التجارية BPM يعد القرن الحادي والعشرون عصرَ الشركة المتوزعة، أو المنتشرة، فبوجود مجموعة من الشركاء، وعدد كبير من المورِّدين الموزعين -غالبًا- عبر آلاف اﻷميال حول العالم، تجدُ كثيرٌ من الشركات نَفْسَهَا مرتبطة بسلاسل التصميم، واﻹمداد، والخدمات اللوجستية، إلى حدِّ يُثقِلُ كاهلها، وقليلةٌ هي اليوم الشركاتُ التي تستطيع تحمُّلَ تكاليف ذلك بمفردها، بالاعتماد على المواد الخام، وعمليات اﻹنتاج الداخلية، وأنظمة التوزيع الحصرية الخاصة بها. يقول إيريك أوستفولد Eric Austvold، وهو مدير اﻷبحاث لدى مؤسسة الأبحاث إي إم آر ريسترتش AMR Research: "تمثل إدارةُ عمليات اﻷعمال التجارية Business Operations Management السبيلَ لِرَبطِها كلها معًا". ويتابع قائلًا: "إنها توفر نظامًا موحَّدًا للعمل التجاري." إن لهذه التقنية القدرةَ على دمج وظائف الشركة الآخذة في الانتشار، والاستفادة منها، عبرَ أتمتةِ جزءٍ كبيرٍ من نشاطها، وتتحدث النتائجُ عن نفسها، فقد وفرت إدارةُ عمليات الأعمال على الشركات في الولايات المتحدة 117 مليار دولار سنويًا بخصوص تكاليف المخزون وحدها، وقد استعملت شركة الصناعات العسكرية لوكهيد مارتن Lockheed Martin مؤخرًا نظام إدارة عمليات الأعمال لإيجاد حلٍّ للاختلافات بين مئات الشركات؛ التي استحوذت عليها، فوحدتها جميعَها، ووفرت 50 مليون دولار سنويًا، من خلال اﻻستخدام الأفضل للموارد، والبيانات الموجودة. وتُعدُّ إدارة عمليات الأعمال مفتاح نجاح الشركات ذات القدرات الكبيرة، والطموح العالي، مثل: شركتي وول مارت Wallmart وديل Dell، التي تجمع أنواع البيانات الخاصة بالإنتاج كافة، والمبيعات، والشحن، وتستوعبها، وتستفيد منها لصقل عملياتها باستمرار، إذًا، كيف يعمل نظام إدارة عمليات الأعمال فعليًا؟ عندما يُطلَب نظامُ ديل Dell عبر اﻹنترنت، وبدلًا منِ انتظار شخصٍ ما، ليبدأ العمل استجابة لذلك، تتدفق موجةٌ إلكترونية ذهابًا، وإيابًا بين المورّدين، بحيث يصل كل جزء في غضون ساعات قليلة، كما تجري جدولةُ تجميع الحاسوب، وذلك بالتوازي مع جدولة البرمجيات، واختبارها، ويسير اﻹنتاج بسلاسة فائقة، فيحصل الزبائن بفضل ذلك على أجهزة الحاسوب التي طلبوها خلال وقت قصير، ويمكن لشركة ديل Dell استيفاء فاتورة الشحن منهم، ويمكن لنظامِ إدارة عمليات أعمالٍ مدروسٍ جيدًا؛ إعادة جدولة دورات اﻹنتاج، وإعادة توجيه عمليات التسليم، أو تحويل العمل إلى مصانع بديلة. يقول بايرون كانادي Byron Canady، وهو أحد المديرين الكبار في شركة ديل: إنَّ الأساس هو "البقاء على مقربة من الزبائن، ومن سلسلة التوريد". مذهلةٌ هي كميةُ البيانات المتاحة، ومنها ذكاء اﻷعمال Business Intelligence، وتخطيط موارد المؤسسة Enterprise Resource Planning، وإدارة علاقات العملاء Customer Relations Management، وغيرها من اﻷنظمة. "الشركات غارقة بالمعلومات"؛ هذا ما قالته جيني بيكر Jeanne Baker، وهي رئيس مجلس إدارة مجموعة الدعم الصناعية في مبادرة إدارة عملية الأعمال التجارية Business Process Management Initiative، ونائب رئيس شركة ستيرلينغ كوميرس Sterling Commerce. وتتابع قائلة: "يكمن التحدي الحقيقي في جعل تلك المعلومات ذات معنى، وتتمثل الميزة التنافسية الحقيقية في القرن الحادي والعشرين، بكيفية استثمار سلسلة القيمة " ووفقًا لها -أيضًا- "تدفعُ مبادرةُ إدارة عملية الأعمال التجارية النموَ عبرَ أتمتةِ العملياتِ التجارية، وخصوصًا العمليات التي تدمُجُ المؤسسات، وتوحدها، فتلك العمليات هي التي توفر أفضل فرص للنمو، وقد أظهرتِ الدراساتُ أنَّ الشركاتِ التي لديها عملياتٌ تعاونية جيدة، تشهد انخفاضًا في تخزين السلع لديها بنسبة 15%، وارتفاعًا في تلبية الطلبات يصل إلى 17%، ودورات نقدية، أو دورات تحويل نقد Cash-to-cash Cycles أقصر بنسبة 35%، ونفادًا لمخزوناتها أقلَّ بنسبة 10%، وارتفاعًا في العائدات الآتية من المدخرات بنسبة 7 إلى 8%، وزيادة إجمالية في المبيعات. ترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب introduction to business
  8. تُساعِدُ التقنية العديدَ من الشركات على تطوير كفاءة عملياتها، وقدرتها التنافسية، إذ تُمكِّنُ الأنظمةُ الحاسوبية -خصوصًا- المُصنِّعين من أتمتةِ مصانعهم بطرقٌ لم يسبق لها مثيل، ومنَ التقنيات التي تُساعِدُ في أتمتةِ التصنيع؛ أنظمةُ التصميم، والتصنيع، بمساعدة الحاسوب Computer-Aided Design and Manufacturing Systems، وعلم الجسمال (الروبوتات) Robotics، وأنظمة التصنيع المَرِن Flexible-Manufacturing Systems، والتصنيع المتكامل بالحاسوب Computer-Integrated Manufacturing. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على الأدوار التي تلعبها التقنية والأتمتة في إدارة عمليات التصنيع وقطاع الخدمات أنظمة التصميم والتصنيع بمساعدة الحاسوب غيَّرتِ الحواسيبُ عملياتِ التصميم، والتصنيع، في العديد من المجالات التجارية، ففي نظام التصميم بمساعدة الحاسوب Computer-Aided Design، تُستخدَم الحواسيبُ لتصميم منتجات جديدة، وتعديل أخرى موجودة مسبقًا، ويستخدم المهندسون تلك الأنظمة لرسم المنتجات، والنظر إليها من زوايا مختلفة، فبوسعهم تحليلُ المنتجات، وإجراءُ تغييرات، واختبار نماذجَ أولية، أو نُسخٍ تجريبية من المنتجات قبل تصنيعها. أما نظام التصنيع بمساعدة الحاسوب Computer-Aided Manufacturing، فيستخدم الحواسيبَ لتطوير عملية الإنتاج، والتحكم بها، وتحلل تلك الأنظمةُ الخطواتِ المطلوبةَ لصنع المنتج، ثم ترسل تلقائيًّا تعليماتٍ إلى الآلات التي تقوم بالعمل، ويجمع نظامُ التصميم بمساعدة الحاسوب Computer-Aided Design، ونظامُ التصنيع بمساعدة الحاسوب Computer-Aided Manufacturing مزايا التصميم، والتصنيع، بمساعدة الحاسوب عبر دمج التصميم، والاختبار، وضبط التصنيع في نظامٍ حاسوبي واحد. ويساعد هذا النظام المزدوج في تصميم المنتج، وضبط تدفق الموارد المطلوبة لصناعة المنتج، وتشغيل عملية الإنتاج، كما أنَّه بوسع الشركات إدخال مزيد من التطوير على عمليات التصميم، والتصنيع عبر استخدام ما يسمّى التصنيع التجميعي Additive Manufacturing، الشائع تسميته بالطباعة ثلاثية الأبعاد 3D Priting، إذ يمكن لطابعاتٍ متخصصة إنشاءُ منتجات، أو أجزاء، أو قِطَعٍ، للاستخدام في النماذج الأولية، كما تقوم بعض الشركات بطباعة مكوِّنات معينة في موقع الإنتاج، بدلًا من شحنها من مصادر خارجية. استخدمت شركةُ كارديانوف Cardianove Inc.، وهي مُصنِّعُ أجهزة طبية، وجراحية، برمجيةَ التصميم بمساعدة الحاسوب لتطوير أصغر مضخة قلبٍ Heart Pump في العالم، وتقول تلك الشركة: إنَّ استخدام التصميم بمساعدة الحاسوب؛ قد وفَّرَ سنيتن عادةً ما كان يستغرقهما تصميمُ أجهزة القلب، فقد تمكَّن برنامجُ التصميم، بمساعدة الحاسوب الخاصّ بالشركة، من تشغيل مُحاكاةٍ ثلاثية الأبعاد لتأكيد أنَّ التصميم سيعمل بطريقة صحيحة داخل جسم الإنسان، وباستخدامها برمجية التصميم بمساعدة الحاسوب، اختبرت شركة كارديانوف أكثر من 100 من النماذج الأولية الافتراضية قبل أن تنجح في إنتاج التصاميم الثلاثة الأولى الخاصة بالاختبار الحقيقي. علم الروبوتات الجسمال؛ أي: الجسم الآلي (الروبوت) هو آلة يتحكم فيها الحاسوب، ويمكنها تنفيذ المهام تنفيذًا مستقلًا، أما علم الجسمال (الروبوتات -Robotics، فهو التقنيات الداخلة في تصميم هذه الآلة، وبنائها، وتشغيلها، وقدِ استُخدِم الجسمال الأول "العامل ذو الياقة الحديدية" من قبل شركة جنرال موتورز General Motors في العام 1961، وهناك نوعان لهذا الجهاز، هما: النقالة، والمثبَّتة في المكان؛ ويُزوَّدُ الجسمال المُثبَّت في المكان، بذراع تتحرك، وتنفّذ ما يوجهها الحاسوبُ لفعله، فبعضُها بسيط للغاية، وذو حركة محدودة، ويُستخدَمُ لتنفيذ عدد قليل من المهام مثل: قص الألواح الحديدية، أو اللحام النُقَطي، وهناك الجسمال المعقد المزود بمقابض؛ يمكن برمجتُها لتنفيذ سلسلة من المهام، كما إنّ بعضها الآخر مزوَّدٌ بحسّاساتٍ للرؤية، واللمس. تعمل هذه الأجهزة -عادة- بتدخُّلٍ محدود من الإنسان، أو بدونه في بعض الأحيان، ويكون استبدالُ هذه الأجهزة بالجهد الإنساني، أكثر فاعلية بالنسبة للمهام التي تتطلب دقةً، وسرعةً وقوة، ومع أن استخدام الجسمال (الروبوتات) من قبل شركات التصنيع، مثل: هارلي-ديفيدسون Harley-Davidson، هو الأكثر ترجيحًا، إلا أن شركات الخدمات -كذلك- تجد استخدام هذا الجسمال مفيدًا لها، إذ يمكن للمستشفيات -مثلًا- استخدامُه لفرز عينات الدم، ومعالجتها، فتريح أفرادَ الطواقم الطبية من مهام مكررة، ومَمْلولة، بل، وخطيرة أحيانًا أخرى. أنظمة التصنيع المرن والتصنيع المتكامل بالحاسوب يؤتمِتُ نظامُ التصنيع المرن Flexible Manufacturing System المعملَ عبر دمج الحواسيب، والجسمال، والأدواتِ الآلية Machine Tools، ومعداتِ مناولة المواد، والأجزاء Materials-and-Parts Handling Machinery، ضمن نظام متكامل، وتدمجُ تلك الأنظمةُ محطاتِ العمل المؤتمتة، مع أجهزة نقلٍ متحكَّمٍ بها بواسطة الحاسوب، كما تنقل العرباتُ الآلية الموجَّهة Automatic Guided Vehicles الموادَ بين محطات العمل داخل النظام، وخارجه. .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } الأخلاق مطبقة هل يمكن للتقنية الحديثة أن تنقذ حياتك؟ كان يُنظَرُ في الماضي إلى استخدام الجسمال (الجسم الآلي) ﻹجراء عملياتٍ جراحية على أنه خيالٌ مستقبلي، لا أكثر، وقد أجري ما يقدر بنحو 1.5 مليون عملية جراحية بواسطة نظام دافنشي الجراحي da Vinci Surgical System وفقا لمبتكرها، وهي شركة إنتيوتف سيرجيكل Intuitive Surgical. إذًا، ما الذي يفسّرُ تلك الطَّفرة في العمليات الجراحية الجسمالية (الروبوتية)؟ تقترحُ بعضُ الدراسات اﻷولية أنَّ السبب في ذلك يعود إلى تحقيقها نتائجَ أفضلَ للمرضى، ويجد الجراحون الذين يستخدمون نظام دافنشي الجراحي، أن المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية جسمالية يفقدون كمية دمٍ أقل، ويعانون من ألمٍ أخف مما تسببه الجراحات التقليدية المفتوحة، وأنَّ مخاطرَ حدوث مضاعفاتٍ، منخفضةٌ في العمليات الجسمالية، كما تقصُر بعدها فترةُ إقامتهم في المستشفيات، ويتطلب تعافيهم وقتًا أقلَّ من أولئك الذين خضعوا لجراحة مفتوحة، أو حتى، في بعض الحالات، من الذين خضعوا لإجراءاتٍ تنظيرية تُجرى من خلال شقوق صغيرة متعددة في أجسادهم. في أكتوبر 2005، قام الطبيب فرانسيس سوتر Francis Sutter، رئيس قسم أمراض القلب في مركز أمراض القلب التابع لمستشفى لانكيناو Lankenau Hospital بالقرب من مدينة فيلادلفيا Philadelphia، بولاية بنسلفانيا الأمريكية، قامَ بإجراء أول جراحة فتح مجرى جانبي للشريان التاجي Double Bypass باستخدام نظام دافنشي الجراحي، وكان المريض الذي أجريت له تلك العملية، رَجُلًا في الخامسة والستين من عمره، ولم يتطلَّبِ الأمرُ سوى عمل شقٍّ واحد -فقط- على الجانب اﻷيسر من صدره؛ عَرضُه بوصتان اثنتان -فقط- وأصبح بإمكانه السَّيرُ لمدة 30 دقيقة في اليوم، بعد أسبوع ونصف -فقط- من الجراحة، وقد أظهرتِ الفحوصُ، أنَّ وظيفة قلبه عادت طبيعيةً مجدّدًا. ماذا عن سلبياتِ العمليات الجراحية باستخدام الجسمال إذًا؟ الجواب هو أنَّ سعر الوحدة 1.3 مليون دولار، وقد يُمثِّلُ هذا عائقًا أمام استخدام هذا الجهاز؛ نظرًا ﻷن شركات التأمين تدفع مبلغًا ثابتًا من المال، مقابل عملية جراحية واحدة، بصرفِ النظر عن كيفية إجرائها، ويلتزمُ المستشفى بدفع حِساب عمليات جراحية الجسمال اﻷكثر تكلفة، لذا فقد عمل مركزُ الطبيب سوتر على جمع التبرعات للمساعدة في دفع تكلفة نظام دافنشي الجراحي، ويتردد بعض الجراحين في المجازفة بالوقت اللازم لتعلُّمِ أساليب جراحة الجسمال. وهناك -أيضًا- قلق من أنه بمجرد أن يستثمر مشفىً في مثل هذا النظام المكلف، فقد يشعر الجراحون بأنهم مضطرون ﻻستخدامه، وتوجيه المرضى نحو الجراحة من هذا القبيل، بدلًا من خيارات العلاج اﻷخرى. وهناك أنواع أخرى من التقنيات التي تُطوِّرُ الرعايةَ الصحية، ففي المركز الطبي أورورا سانت لوك Aurora St. Luke’s Medical Center في مدينة ميلووكي Milwaukee، بولاية ويسكنسن الأمريكية، تفحص ممرضاتُ العناية المركزة مريضًا يخرج بعد خضوعه لجراحة فتح مجرى جانبي للشريان التاجي في القلب، وذلك في مبنىً يبعُد عدة أميال عن مكان إجراء تلك العملية، هذه هي وحدة العناية المُركَّزة الإلكترونية Electronic Intensive Care Unit، وتُعرَف اختصارًا بـ"eICU" في مركز أورورا سانت لوك الطبي Aurora eICU التي يراقب منها فريقٌ من اﻷطباء، والممرضات أكثر من 10 وحدات عناية مُرَكَّزة في أربعة مستشفيات مختلفة، منتشرة في شرق ولاية ويسكنسن. يقول ديفيد رين، المدير الطبي لوحدة العناية المركزة الإلكترونية في مركز أورورا الطبي: "ليسَ القصدُ جعلَ الرعاية أبعد، بل جلبُ الخبرة إلى غرفة المريض بشكل أسرع من أي وقت مضى". تعرض الشاشاتُ العلاماتِ الحيوية، والمخطط اﻹلكتروني لجسم المريض، مع تفاصيل عن اﻷدوية، والفحوصات المخبرية، ونتائج اﻷشعة السينية، وملاحظات عن حالته الصحية، ويمكن للكاميرات أن تكبِّر الصورة المأخوذة لمنطقة ما من جسم المريض، لدرجةٍ تُمكِّنُ الطاقم الطبي الذي يتولى مراقبته عن بُعد، من رؤية الشعيرات الدموية في عينيه. وقد توصَّلت دراسةٌ حديثة إلى أنَّ معدل وفيات المرضى كان أقل بنسبة 7.2% في المستشفيات "التي يُستخدَم الجسمال في الخدمات الطبية، والجراحية التي تقدم"، وهي دراسةٌ حفزتِ كثيرًا من الباحثين في مجال الرعاية الصحية، ومع أن تلك الدراسة لا تُثبِت أن التقنية الحديثة تؤدي إلى نتائج أفضل للمرضى، لكنها تُظهِر وجودَ ارتباطٍ قوي بينهما. ولا شكَّ في أنَّ جراحة الجسمال تثير بعض القضايا اﻷخلاقية، إذ تطرحُ التطوراتُ الأخيرة مشاكلَ أخلاقية؛ قد تنشأ عند تطبيق التقنية الحديثة في ممارسات الرعاية الصحية، وقد حدَّدَ الطبيب برتالان ميسكو Bertalan Mesko، مؤلِّفُ كتاب الدليل إلى مستقبل الطب The Guide to the Future of Medicine، بعضَ تلك المشكلات الأخلاقية، ومنها: اختراق اﻷجهزة الطبية، والدفاع عن خصوصيتنا، وفحصُ أنفسنِا في المنزل (بدون توجيه طبي)، وتغيُّرُ المجتمع في حالِ تمكَّنا من إطالة العُمْر، واﻹرهاب البيولوجي المحتمل بسبب التقدم التقني. إنَّ أنظمةَ التصنيع المَرِن باهظةُ الثمن، ولكن بمجرد وضعِ أحدها في الخدمة، فلا يتطلبُ سوى القليل من العمالة للتشغيل، كما أنه يوفر جودةَ منتجٍ متناسقة، إضافة إلى إمكانية تعديله بسهولة، وبتكلفة أقل، كما يمكن إعادة برمجة معدات نظام التصنيع المرِن بسرعة؛ ﻷداء مجموعة متنوعة من الوظائف، وتعمل هذه اﻷنظمة بشكل جيد، عندما يكون المطلوبُ مجموعةً صغيرة متنوعة من المنتجات، أو عندما يُصنَّعُ كل منتجٍ وفقًا للمواصفات الفردية التي يطلبها الزبائن، ويدمج التصنيع المتكامل بالحاسوب Computer-Integrated Manufacturing عملياتِ التصنيع المحوسبة (مثلا الجسمال، وأنظمة التصنيع المرن) معَ اﻷنظمة المحوسبة اﻷخرى، التي تتحكم في التصميم، والمخزون، واﻹنتاج، والشراء، وبفضل التصنيع المتكامل بالحاسوب، عند إعادة تصميم جزء في نظام التصميم بمساعدة الحاسوب، تُنقَل التغييراتُ بسرعة إلى كل من اﻵلات التي تُنتِجُ ذلك الجزء، وإلى اﻷقسام اﻷخرى التي تحتاج إلى معرفة ذلك التغيير والتخطيط له. التقنية واﻷتمتة في خدمتك ليستِ الشركاتُ المُصنِّعة الوحيدةَ هي المستفيدةَ من التقنيات الحديثة، بل تُستخدَم اﻷتمتة -أيضًا- من قبل أنواعٍ أخرى من الشركات، بهدفِ تحسين إنتاجيتها، وخدمتها للزبائن، فالبنوك مثلًا: تقدم خدماتها للزبائن عبرَ أجهزةِ الصرّاف الآلي Automated Teller Machines المعروفة اختصارًا بـ ATMs، وعبر أنظمة الهواتف المؤتمتة، وحتى عن طريق الإنترنت، وتستخدم متاجرُ البيع بالتجزئة -بجميع أنواعها- محطاتِ نقاط بيع Point-of-Sale Terminals (وهي نظام لمعالجة مدفوعات البطاقة في مواقع البيع بالتجزئة) تتعقب المخزون، وتحدد العناصر التي يجب إعادة طلبها، والمنتجات التي تحقق مبيعات جيدة، ولدى شركة وول مارت Walmart، الرائدةِ في مجال أتمتة تجارة التجزئة، نظامُ اتصالٍ عبر اﻷقمار الصناعية، يربط محطات نقاطِ البيع مباشرة بمراكز التوزيع، ومقراته. ترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب introduction to business
  9. تحتاج كلُ شركة إلى امتلاك أنظمةٍ مُفعَّلةٍ للتأكد من سير الإنتاج، والعمليات، مثلما هو مخطط، أو لتصحيح الأخطاء عندما لا يكون ذلك متحققًا، ويُطلَقُ على تنسيق المواد، والآلات، والموارد البشرية -بهدف تحقيق كفاءةٍ إنتاجية وتشغيلية- مصطلح ضبط الإنتاج Production Control. ومن مظاهره الرئيسة: التوجيه Routing والجدولة Scheduling. ويُعدُّ التنافُسُ في عالم الأعمال السائدِ اليوم مهمة صعبة، وعلى الشركات إذا ما أرادتِ المنافسة بفاعلية؛ أن تُبقيَ نفقات الإنتاج منخفضة، ولكن في الوقت ذاته، يزدادُ تعقيدُ مهمةِ صنع المنتجات، وتقديم الخدمات التي يطلبها الزبائنُ، بجودة عالية، ومن الوسائل الكفيلة بمواجهة تلك التحديات؛ أساليبُ إدارة الجودة، والتصنيع الرشيق، والتقنية الحديثة، والأتمتة. خلال هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على كيفية قيام مديري العمليات بجدولة الإنتاج والتحكم فيه، وكذا كيفية تطويره. التحكم في الإنتاج والعمليات كيف يجدول مديرو العمليات الإنتاج وكيف يتحكمون فيه؟ التوجيه يمثّلُ التوجيهُ Routing الخطوةَ الأولى في ضبط الإنتاج، فهو يحدد مسار العمل، وتسلسلَ الآلاتِ، والعمليات التي يتقدم عبرها المنتَجُ أوِ الخدمة من البداية، وحتى النهاية، حيث يعتمد التوجيه على نوع المنتجات التي تُصنَّع، وعلى تصميمِ المُنشأة كذلك، ومن شأن وجود إجراءاتِ توجيه جيدة أن يزيدَ الإنتاجية، ويخفض النفقات غير الضرورية. ومن أدوات التوجيه المفيدة؛ تخطيطُ تدفُّقِ القيمة Value-Stream Mapping الذي يرسم مديرو الإنتاج عبره المسارَ، بدءًا من المورّدين، مرورًا بالمصنع، ووصولًا إلى الزبائن، وتمثّلُ الرموزُ البسيطةُ الموادَ، والمعلوماتِ الضرورية، عند نقاطٍ محددة في مسار العمل، كما يمكن أن يساعد تخطيطُ تدفُّق القيمة، في تحديد إمكانية حدوث معوِّقاتٍ في عملية الإنتاج، وهو أداةٌ قيّمةٌ لإظهار كيفية تطوير عملية توجيه الإنتاج. وقدِ استخدمت شركة تصنيع المظلات ريدر أونينغ أبولستيري Rader Awning Upholstery تخطيطَ تدفقِ القيمة؛ لأتمتة بعضِ عملياتها، وبمساعدة مؤسسة نيو ميكسيكو مانيوفكتيرينغ إكستينشن بارتنرشيب New Mexico Manufacturing Extension Partnership، قيَّمَت تلك الشركةُ كيفيةَ معالجةِ الأوامر بدءًا بالمبيعات، ووصولًا إلى التصنيع، على مدى يومين، وبتطبيق تلك الشركة العملياتِ التي اقترحتها المؤسسةُ المذكورة أعلاه، ازدادتِ الإنتاجيةُ بنسبة 20% لكل بائع، وانخفضت عيوبُ الإنتاج بنسبة 15%، وهَوى معدلُ تصحيح التركيبات بواقع 25%. الجدولة تُعدُّ الجدولةُ Scheduling من الأمور وثيقة الصلة بالتوجيه Routing، إذ تتضمنُ تحديدَ الوقت اللازم لكل خطوةٍ، في عملية الإنتاج، والتحكُّمَ فيه، ويتولى مديرُ العمليات تحضيرَ جداول زمنية، تُظهِرُ سلسلةَ الإنتاجِ الأكثر كفاءة، ثم يحاوِلُ ضمانَ وجود المواد، والعمالة الضروريَّين في المكان، والوقت المناسِبَين. تُعدُّ الجدولةُ مهمةً لكل من شركات التصنيع، والخدمات، ويتولى مدير الإنتاج في المصنع جدولةَ توريدات المواد، وورديات العمل، وعملياتِ الإنتاج، كما تقوم شركاتُ الشحن بوضع جداول للسائقين، والموظفين، وصيانة الشاحنات، والتصليحات، وفقًا لاحتياجات النقل الخاصة بزبائنها، أما الجدولةُ في الكلّيات الجامعية، فتتضمن تحديدَ وقت إعطاء دوراتٍ بعينها، واختيارَ القاعات التي سيجري فيها ذلك، وانتقاء المحاضرين الذين سيتولون تلك المهمة، وعلى المتحف جدولةُ معارِض خاصة، وشحنُ أعمالٍ فنية لعرضها، والتسويقُ لعروضه، وتنفيذُ برامج، ورحلاتٍ تعليمية، وتتراوح الجدولةُ من جدولة بسيطة، إلى أخرى معقَّدة؛ ومن الأمثلة على الجدولة البسيطة؛ توزيعُ أرقام تسلسلية للزبائن المنتظرين دورهم في أحدِ المخابز، وإعطاءُ مواعيد لإجراء مقابلاتٍ مع المتقدمين إلى وظيفة، وبالمقابل، هناك شركاتٌ تواجه مشاكل جدولةٍ أكثر تعقيدًا، ومنها تلك التي عليها تصنيعُ كميات ضخمة من المنتجات، أو تقديم عدد كبير من المنتجات، أو خدمة قاعدة زبائن متنوعة. وهناك ثلاث أدواتِ جدولةٍ شائعٌ استخدامُها، مُكرَّسةٌ للحالات المعقَّدة، هي: مخططات غانت، وطريقة المسار الحرِج، وأسلوب تقييم المشروع، ومراجعته. تتبع التقدم بواسطة مخططات غانت سُمّيَت مخططاتُ غانت Gannt Chart تيمُّنًا بمخترعها هنري غانت Henry Gannt، وهي رسومٌ بيانيةٌ شريطية، مرسومة فوقَ خطٍّ زمني، يُظهِرُ العلاقةَ بينَ الإنتاج المُجَدوَل، أوِ المخطط له، وبين الإنتاجِ الواقعي المُتحقِّق، وفي المثال الذي تُظهِرُه الصورة 10.9، يحتوي الطرفُ الأيسر من المخطط على الأنشطة المطلوبة لإكمالِ العمل، أو المشروع، كما يظهَرُ فيه كلٌّ منَ الوقت المُجدوَل، أو المخطط له، والوقت الحقيقي لكل نشاط، بحيث يمكن للمدير أن يحكم بسهولةٍ على التقدُّمِ المُنجَز. وتقدّمُ مخططاتُ غانت أقصى مساعدةٍ في حال وجود عدد قليل من المهام، وعندما يكون وقتُ المهمة طويلًا نسبيًا (أي لأيام أو أسابيع، وليس لساعات فقط)، ومساراتُ العمل قصيرةً، وبسيطة، ومن العيوب التي تعتري مخططات غانت: أنها جامدة، ولا تُظهِر كيفية ارتباط كل مهمة بالأخرى، ولكنّ تلك المشاكل قابلةٌ للحل بواسطة أسلوبَي جدولةٍ آخرَين، هما: طريقة المسار الحرِج، وأسلوب تقييم المشروع ومراجعته. طريقة المسار الحرج وأسلوب تقييم المشروع ومراجعته على مديري العمليات إذا ما أرادوا التحكُّمَ بالمشاريع الكبيرة؛ ممارسة رقابةٍ لصيقة على الموارد، والنفقات، والجودة، والميزانيات، وعليهم -أيضًا- امتلاكُ القدرة على رؤية الصورة الشاملة، وهي العلاقات المتداخلة لمختلف المهام اللازمة لإنهاءِ المشروع، وعليهم في النهاية أن يكونوا قادرين على مراجعة جدولة المهام، وتحويل الموارد بسرعةٍ، في حال تخلُّفِ أي مهمةٍ عن الخطة الموضوعة لها، وتُمثِّلُ كلٌّ من طريقة المسار الحرِج Critical Path Method، وأسلوب تقييم المشروع، ومراجعته Program Evaluation and Review Technique أداتَي إدارة مشروعٍ مرتبطتين ببعضهما، وقد جرى تطويرهما في خمسينات القرن العشرين، لمساعدة المديرين في تحقيق جدولة المهام، وتحويل الموارد في حال عدم سير مهمة ما، وفقَ ما هو مخطط لها. ففي طريقة المسار الحرج، يحدد المديرُ الأنشطة المطلوبة كافة؛ لإكمال المهمة، والعلاقاتِ بين تلك الأنشطة، والترتيبَ الذي يجب إكمالُه وفقًا له، ثم يُنشئُ مخططًا يستخدم فيه سهامًا تُظهِرُ كيفية اعتماد المهام على بعضها بعضًا، وتُطلَقُ تسميةُ المسار الحَرِج Critical Path على المسار الأطول؛ الذي يمر عبر تلك الأنشطة، المرتبطة ببعضها، وإذا لم يجرِ إكمالُ المهام الموضوعة على المسار الحَرِج في الوقت المحدد، فسيتأخر المشروع بِرُمَّته عنِ الاكتمال في الموعد المحدد. ولفهمٍ أفضلَ لكيفية عمل طريقة المسار الحَرِج، فلتلقِ نظرةً على الصورة 10.10 التي تُظهِرُ مخططَ مسارٍ حرج لبناء منزل؛ فقد جرى فيه تحديدُ المهام اللازمة كافة، من أجل الانتهاء من البناء، وتقديرُ الوقت اللازم للانتهاء من كل مهمة، وتشير السهام إلى الصلات بين الخطوات المختلفة، وتسلسلها المطلوب، ومثلما هو واضح في المخطط، لا مجال للبدء بمعظم الأعمال المخطط لها، إلا بعد الانتهاء من وضع أساس المنزل، وإطاره، وسيتطلبُ الأمرُ خمسة أيام للانتهاء من تشييد أساس البناء، وسبعةً أخرى لتقويم إطاره، هذا، وتمثِّلُ الأنشطةُ الموصولة بسهام بُنّيةِ اللون، المسارَ الحرج لهذا المشروع، وهو مسارٌ يُعلِمُنا بأن أسرع وقتٍ ممكن لبناء المنزل خلاله هو 38 يومًا، وهو الوقت اللازم لإكمال مهام المسار الحرج كافة؛ أما بالنسبة للمهام الواقعة خارج المسار الحرج؛ وهي الموصولةُ بسهام سوداء اللون، فيمكن تأجيلُها قليلًا، أو تنفيذها باكرًا؛ فتأجيلُ تركيب الأجهزة، أو سقف المنزل لوقت قصير، لن يؤخِّر بناء المنزل، لأن أنشطةً مثل المذكورَين، لا تقع على المسار الحرج. الصورة 10.9: مخطط غانت نموذجي الصورة 10.10: طريقة مسار حَرِج خاصة ببناء منزل ومثلما هو الحال مع طريقة المسار الحَرِج، فسيُساعِدُ أسلوبُ تقييم المشروع، ومراجعته Program Evaluation and Review Technique المديرين في تحديد المهام الحرجة، وتقييم كيفية تأثير تأجيل مشاريع محددة في العمليات، أوِ الإنتاج، وفي كِلا الأسلوبين المذكورَين في بداية هذه الفقرة، يستخدمُ المديرون المخططاتِ، أوِ الرسومَ البيانية، لتتبُّعِ كيفية سيرِ العملياتِ، والإنتاج، ويختلف أسلوب تقييم المشروع، ومراجعته عن طريقة المسار الحَرِج في ناحية واحدة مهمة، إذ تفترضُ طريقةُ المسار الحرِج أنَّ الوقتَ اللازم لإكمال إحدى المهام معلومٌ على وجه التأكيد، ولذلك، فالمخطط البياني الخاص بتلك الطريقة، يُظهِرُ رقمًا واحدًا -فقط- للوقت اللازم لإكمال كل نشاط، وبالمقابل، ويحدد أسلوبُ تقييم المشروع، ومراجعته ثلاثة تقديرات وقتية لكل نشاط، هي: تقديرٌ وقتيٌّ متفائل بإكمال النشاط، وتقديرٌ حول الوقت الأكثر ترجيحًا، أوِ احتمالًا، وتقديرٌ وقتيٌّ متشائم. وتسمح تقديراتُ الوقتِ تلك، للمديرين بتوقُّعِ التأجيلات، والمشاكل المُحتملة، ويجدولتها وفقًا لذلك. البحث عن طريق أفضل من خلال تطوير الإنتاج والعمليات كيف تساعد أساليب إدارة الجودة، والتصنيع الرشيق، على تطوير الإنتاج، وإدارة العمليات؟ الأولوية للجودة تدركُ الشركاتُ الناجحةُ أنَّ الجودة، والإنتاجية، يجب أن يسيرا بالتوازي مع بعضهما، فالمنتجاتُ والخدمات ذاتُ الجودة، تحقَّق تطلُّعاتِ الزبائن عبر توفير أداءٍ موثوق به، أما المنتجات المَعيبة، فتمثِّلُ مضيعةً للوقت، وللمواد التي دخلت في عملية الإنتاج، وتؤدي إلى زيادةِ النفقات، وما يزيدُ الأمر سوءًا؛ هو أنّ الجودة المنخفضة تسبب سخط الزبائن، وهذا يؤدي عادةً إلى خسائر في المبيعات. ويقيِّمُ الزبائنُ الجودةَ بمدى كفاءةِ أداءِ منتجٍ ما، للهدفَ الذي صُنِعَ من أجله، أما من وجهة نظر الشركة المُصنِّعة، فتقيَّمُ الجودةُ بمدى توافقِ المنتج مع مجموعة من المعايير المحددة مُسبقًا، ويتضمَّنُ ضبطُ الجودةِ Quality Control وضعَ معايير جودة، وتصنيعَ منتجاتٍ تستوفي تلك المعايير، وتتوافق معها، ثم تقييم المنتجات، والخدمات النهائية، في ضوء تلك المعايير، ويقتضي تحقيقُ ذلك أكثر من مجرد فحصِ السلع في نهاية خطِّ التجميع، لضمانِ ضبطِ الجودة، إذ يستلزمُ ذلك تفانيًا، والتزامًا من قبل الأطراف المعنية كافة في الشركة في سبيل الإدارة، والعمل بطريقةٍ ينتجُ عنها تميُّزٌ يشملُ نواحي عمليات الشركة كافة. كان د. إدوارد ديمنغ Edward Deming، وهو مستشارُ إدارةٍ أمريكيُّ الجنسية، وأوَّل من قال: إنَّ ضبطَ الجودة يجب أن يكون هدفًا للشركة برمّتها، ويسعى إلى تحقيقه موظفوها كافة، وقد تبنَّى اليابانيون آراءه في خمسينات القرن العشرين، بعكس الأمريكيين الذي تجاهلوا أفكار ذلك المستشار، حتى سبعينات القرن العشرين، يعتقد ديمنع بأنَّ ضبط الجودة يبدأ بالإدارة العليا؛ التي تقع عليها مسؤوليةُ تعزيز ثقافةٍ تشمل الشركة برمَّتها، ومُكرَّسة لتحقيق الجودة. ويؤكدُ مفهومُ إدارة الجودة الشاملة Total Quality Management الذي جاء به ديمنع، على تطبيق مبادئ الجودة على النواحي المتعلقة بالإنتاج، والعمليات كافة، لدى شركةٍ ما، ويُقرُّ ذلك المفهومُ بأنَّ الموظفين المشتركين في تقديم مُنتَجٍ، أو خدمةٍ ما للزبائن، وهم موظفو التسويق، والمشتريات، والمحاسبة، والشحن، والتصنيع؛ يساهمون في تحقيق جودة ذلك المنتج أو الخدمة، ويركّزُ مفهومُ إدارة الجودة الشاملة على التطوير المستمر Continuous Improvement، وهو التزامٌ دائم بالسعي وراء أفضل الطرق للقيام بالأمور، بهدف تحقيق كفاءةٍ أكبر، وتطوير الجودة، ويعمل أعضاء فِرَق الموظفين على امتداد الشركة، معًا، لمنع حدوث مشاكل، ولتطوير العمليات الأساسية تطويرًا ممنهجًا، بدلًا منِ انتظار وقوع المشاكل، ثم محاولة حلّها، ويُقيِّمُ التطويرُ المستمر الأداءَ باستمرار، مستخدِمًا أساليبَ إحصائيةً، ويبحثُ عن طرق لتطبيق التقنيات الحديثة، وأساليبِ الإنتاج المُبتكرة. ومن الأساليب الأخرى لضبط الجودة؛ برنامج الحيود السداسي الخاص بالجودة، أو سداسية سيغما Six Sigma، وهو عملية شاملة للشركة، تركّز على قياس عدد العيوب التي تحدث، وتخفيضها بصورة ممنهجة، في محاولة للاقتراب قدرَ الإمكان من "صفر عيوب". وفي الواقع، يهدف الحيود السداسي للجودة، إلى عدم تجاوز أي عمليةٍ نسبةً قدرُها 3.4 عيبًا في كل مليون واحد، ولا يركز الحيود السداسي على تصميم المنتجات التي فيها نسبةٌ أقل من العيوب فحسب، بل وعلى تلبية احتياجاتِ الزبائن -أيضًا- وهناك في الحيود السداسي عملية رئيسة تُدعى دي إم إي آي سي DMAIC، وهي اختصارٌ لـ: حَدِّدْ Define، قِسْ Measure، حلِّل Analyze، طَوِّرْ Improve، وراقب Control. فالموظفون من المستويات كافة، يحددون ما يجب القيامُ به لضمان الجودة، ثم يقيسون، نتائج عملية الإنتاج، ويحللونها باستخدام الإحصاءات للتحقق من مراعاة المعايير، كما أن عليهم إيجادَ طرقٍ لتطوير الجودة ومراقبتها. لقد كانت شركة جنرال إلكتريك General Electric أولَ من طبَّقَ الحيود السداسي في مستوياتها كافة، إذ يُدرَّبُ موظفوها على مفاهيم الحيود السداسي، ويُجمِعُ العديدُ من المحليين على أنَّ قيامها بذلك قد أعطاها ميزةً إنتاجيةً تنافسية، وتطبق شركاتُ الخدمة، والهيئاتُ الحكومية -أيضًا- الحيود السداسي بخصوص مبادراتها المتعلقة بالجودة. جائزة مالكولم بالدريج Malcolm Baldrige الوطنية للجودة أُطلِقَت جائزة مالكولم بالدريج الوطنية للجودة Malcolm Baldrige National Quality Award، التي تحملُ اسمَ وزير تجارة سابق في الولايات المتحدة، من قبل الكونغرس الأمريكي في العام 1987، لتقدير الشركات الأمريكية التي تنتج سلعًا، وتقدم خدماتٍ؛ ذات جودة عالمية، وتُعزِّزُ تلك الجائزةُ الوعيَ بالجودة، وتسمح لمجتمع الأعمال التجارية بتقييم أيٍّ من برامج ضبط الجودة هو الأكثر فاعلية. تُدار جائزة مالكوم بالدريج من قبل المعهد الوطني للمعايير، والتقنية National Institute of Standards and Technologies التابع لوزارة التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأهم معيار بالنسبة لتلك الجائزة؛ هو مدى فاعلية شركة ما، في تلبية احتياجات الزبائن، وفي إظهارها أنها تقدم منتجاتٍ، وخدمات ذات جودة، للترشح لنيل تلك الجائزة، وعلى الشركة -إضافة لما سبق ذِكرُه- أن تُظهِرَ تطويرًا مستمرًا للعمليات الداخلية، كما ينبغي من رؤساء الشركة، وموظفيها أن يكونوا مشاركين فاعلين في برنامج الجودة الخاص بشركتهم، وعليهم كذلك الاستجابة بسرعة للبيانات، والتحليلات التي بين أيديهم. وقد ظفرت بجائزة مالكوم بالدريج مؤسسات من مختلف المجالات منذ تأسيسها في العام 1987، ففي العام 2017 مثلًا، كان من بين الفائزين بتلك الجائزة في قطاع المشاريع الصغيرة؛ مؤسسة بريستول تينيسي إسينشال سيرفيسز Bristol Tennessee Essential Services؛ وهي شركة تقدم خدمات كهرباء، وألياف بصرية؛ ومدينةُ فورت كولينز Fort Collins في ولاية كولورادو الأمريكية، وذلك عن فئة العمل الخيري، ومؤسسة ساوثسينترال فاونديشن Southcentral Foundation في مدينة أنكوراج Anchorage التابعة لولاية ألاسكا الأمريكية، عن فئة الرعاية الصحية. معايير الجودة الدولية المنظمة الدولية للمعايير International Organization for Standardization، المعروفة اختصارًا بـ "آيزو" ISO، ومقرها مدينة جنيف بسويسرا، وهي منظمة متخصصة بالأعمال التجارية، طورَّت معايير الجودة، التي تستخدمها الشركات من حول العالم، أما آيزو 9000 "ISO 9000"، التي طُرِحَت في ثمانينات القرن العشرين، فهي مجموعة من خمسة معايير فنّية، مصممة لتوفير طريقة موحَّدة تحدد ما إذا كانت معاملُ التصنيع، وشركات الخدمات، تلتزم بإجراءاتِ جودةٍ سليمة، وعلى الشركة الراغبة في التسجيل لنيل شهادة آيزو 9000؛ الخضوعُ لمراجعة عمليات التصنيع، وخدمة الزبائن الخاصة بتلك الشركة، وهي مراجعةٌ تغطي كل شيءٍ، بدءًا من كيفية تصميم شركة التصنيع لمنتجاتها، وتقديمها، وتركيبها، وصولًا إلى كيفية فحصها، وتغليفها، وانتهاءً بكيفية تسويقها، وهناك ما يزيد على 500 ألف مؤسسة، أو شركة حول العالم، تراعي معايير آيزو 9000. أما آيزو 14000 "ISO 14000"، فأُطلِقَت بعد آيزو 9000، وصُمِّمَتِ استجابةً للمشاكل البيئية مثل: الاحتباس الحراري، وتلوث المياه، كما إنها تطوِّرُ عملياتِ الإنتاج النظيف، وكي تنال شركةٌ ما شهادة آيزو 14000، فعليها الالتزام بالتطوير الدائم للإدارة البيئية، وبتخفيض التلوث الناجم عن عملياتها الإنتاجية. التصنيع الرشيق يخفض النفقات بات يتضحُ للمُصنِّعين أنَّ بوسعهم الاستجابة بشكل أفضل لمتطلبات الزبائن المتغيرة، بالتوازي مع إبقاء نفقاتِ الإنتاج، والمخزونات منخفضةً، وذلك عبرَ اتّباعِ أساليبِ التصنيع الرشيق، يُسهِّلُ التصنيعُ الرشيق Lean Production الإنتاجَ عبر استبعادِ الخطوات في عملية الإنتاج، التي لا تضيف مزايا يريدها الزبائن؛ أي بمعنىً آخر، تُوقَفُ عملياتُ الإنتاج التي لا تأتي بقيمة مُضافة بما يتيح للشركة تركيزَ إنتاجَها، ومصادرَ عملياتها على العناصر الأساسية لتلبية احتياجات الزبائن، وكانت شركةُ تويوتا Toyota رائدة في تطوير أساليب التصنيع الرشيق، وباتَ المُصنِّعون في العديد من المجالات يعتنقون فلسفة التصنيع الرشيق. وهناك مفهوم ياباني آخر يُدعى "بحلول الوقت المطلوب Just-in-Time"، يسير بالتوازي مع التصنيع الرشيق، وذلك المفهوم مبنيٌّ على اعتقادٍ يفيد بأنَّ المواد يجب أن تصِلَ بالضبط عند الحاجة إليها في الإنتاج، بدلًا من أن تُخزَّنَ قبل ذلك في مخازن الشركة، وبالاعتماد على أنظمةٍ مُحوسَبة مثل نظام تخطيط متطلبات المواد Materials Requirement Planning، وتخطيط موارد التصنيع Manufacturing Resource Planning، وتخطيط موارد المؤسسة Enterprise Resource Planning؛ يحدد المصنِّعون الأجزاءَ التي سيحتاجون إليها، وتوقيتَ ذلك، ثم يطلبونها منَ المورِّدين، بحيث تصل إليهم وفقًا لمفهوم "بحلول الوقت المطلوب"، الذي بموجبه يجري سحبُ المخزونات، والمنتجات، عبر عملية الإنتاج؛ استجابةً لطلبات الزبائن، ويتطلب ذلك المفهوم (بحلول الوقت المطلوب) عملَ فريقٍ بين البائعين من جهة، وبين موظفي الشراء، والإنتاج من جهة أخرى، لأنَّ من شأنِ أيَّ تأخيرٍ في إيصال مستلزمات الإنتاج أن يؤديَ إلى توقُّفه. ويمكن أن تتسبب أحداثٌ غير متوقعةٍ في حصول فوضى تعمُّ سلسلة إمداد المصنِّعين، فينتج عن ذلك مشاكل للشركات التي تُعوِّلُ على مفهوم (بحلول الوقت المطلوب)، ومن الأمثلة على تلك الأحداث غير المتوقعة: هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أو إغلاق الموانئ بسبب إعصار هارفي Harvey Hurricane، ودمارُ الفياضانات التي خلَّفها إعصارُ ماريا Maria Hurricane في بورتوريكو Pureto Rico. ولكن، في حال طُبِّقَ مفهومُ (بحلولِ الوقت المطلوب) تطبيقًا صحيحًا، وبصرف النظر عن تلك المخاطر؛ يمكن أن يساعد بشكل كبير في تخفيض نفقات الاحتفاظ بالمحزونات، ويقللَ من تبعات تقلَّباتِ الإنتاج. ترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب introduction to business
  10. كونها جزء من عملية تخطيط اﻹنتاج، على الشركات التأكد من أن الموارد اللازمة للإنتاج -مثل المواد الخام، وقطع الغيار، والمعدات، والعمالة- ستكون متوفرة في اللحظات المهمة من عملية اﻹنتاج، وقد يمثِّلُ ذلك تحدّيًا كبيرًا بالنسبة لها، فعددُ المكونات المستخدمة في بناء طائرةٍ واحدة -فقط- من طراز بوينغ مثلًا، قد يصل إلى ملايين المكونات، كما تُمثِلُ التكلفة -أيضًا- عاملًا مهمًا في العديد من الصناعات، إذ تبلغ تكلفة المواد، واللوازم المستخدمة في عملية اﻹنتاج، نصف إيرادات المبيعات تقريبًا، ولذا يمثِّلُ تخطيطُ الموارد جزءًا رئيسًا من استراتيجية إنتاج أي شركة. في هذا المقال سنتعرف على تخطيط الموارد كيف يتم، وعلى أبرز مهامه مثل إدارة المخازن لضمان سير العملية الإنتاجية دون توقف لأطول فترة ممكنة، وبأقل التكاليف. اصنع أو اشتر؟ على الشركة أن تقرر ما إذا كانت ستصنع مواد اﻹنتاج بنفسها، أو ستشتريها من مصادر خارجية، هذا هو قرار: اصنع أو اشتر Make-or Buy Decision. ومن الاعتبارات التي ترد في هذا السياق، كميةُ العناصر المطلوبة، ففي حال كان هناك جزءٌ، يُستخدَمُ في منتج واحد -فقط- من بين العديد من المنتجات، فقد يكون شراؤه أكثر توفيرًا من جهة التكلفة من صنعه، فشراء العناصر القياسية، مثل: البراغي، والمسامير -عادة- ما يكون أرخص، وأسهل من إنتاجها داخل الشركة، كما أنَّ شراء مكوناتٍ أكبر حجمًا من مصنع آخر، يمكن أن يكون فعالًا في توفير التكلفة، ويُطلَقُ على عملية شراء العناصر من مصدر خارجي بدلًا من تصنيعها داخل الشركة التعهيد Outsourcing؛ أي: اﻻستعانة بمصادر خارجية، فشركة هارلي-ديفيدسون Harley Davidson مثلًا، تشتري الإطاراتِ، وأنظمةَ المكابح، وسواها من مكونات الدراجاتِ النارية، من مُصنِّعين ينتجونها وفقًا للمواصفاتِ التي تطلُب، ومع ذلك، إذا كان لمنتَجٍ ما ميزاتُ تصميمٍ خاصة، يجب المحافظة على سرّيتها؛ حمايةً للميزة التنافسية لشركة ما، فقد تقرر تلك الشركة إنتاجَ جميع أجزاء ذلك المُنتَج بنفسها. وعندَ اتخاذ شركةٍ ما، قرارًا بتصنيع مكوناتِ منتجاتها، أو شرائها، فعليها أن تأخذَ بالحسبان، ما إذا كانتِ المصادر الخارجية قادرةً على توفير المكونات ذات الجودة العالية؛ التي تحتاجها احتياجًا أكيدًا، فقد تكون الاضرارُ التي تتكبدها الشركة جراء إيقاف اﻹنتاج، بسبب عدم تسليم اﻷجزاء الأساسية في الوقت المحدد، مشكلةً باهظة التكلفة بالنسبة لها، ولا يقلُّ سوءًا عما سبقَ؛ استعمالُ الشركة أجزاءً، أو موادَ رديئة، لأن ذلك قد يضُرُّ بسمعتها في حال كان معروفًا عنها إنتاجُ سلع عالية الجودة، لذا، على الشركات التي تشتري بعض المواد التي تستخدمها في عملية الإنتاج، أو كُلّها، من مصادر خارجية؛ جعلُ بناءِ علاقاتٍ قوية مع مُوَرِّدين يزودونها بمكوناتٍ عالية الجودة، أولويةً بالنسبة لها. إدارة المخزون ليست مجرد أجزاء مخزون الشركة A Firm's Inventory هو الإمدادُ من السلع التي تحتفظ بها لاستخدامها في اﻹنتاج، أو لبيعها للزبائن، ومن بين أكبر التحديات التي يواجهها مديرو العمليات، تحديدُ كمية المخزون الذي يجب أن تحتفظ به الشركة، فمن ناحية، فإن وجودَ مخزوناتٍ كبيرة، وشراءها، يمَكِّنُ الشركةَ من تلبيةِ معظم متطلبات اﻹنتاج، واحتياجات الزبائن، واﻻستفادةِ من الحسومات التي تُمنَح مقابل شراء كميات كبيرة من المواد، أما من ناحية أخرى، فشراءُ الشركة مخزوناتٍ كبيرة يُجمِّدُ أموالها، كما يتطلَّبُ تخزينُ تلك الكميات الكبيرة من المواد نفقاتٍ باهظة، إلى جانب احتمال تَلَفِها. تتضمن إدارة المخزون Inventory Management تحديدََ كميةِ كلِّ نوعٍ من أنواع المخزون؛ التي يجب اﻻحتفاظ بها في متناول اليد، ومن ثم طلبَها، وتَسَلُّمَها، وتخزينَها، وتَتَبُّعَها، ويتمثَّلُ الهدفُ من إدارة المخزون في تخفيض تكاليف طلب المخزونات، واﻻحتفاظ بها، بالتوازي مع اﻻحتفاظ بما يكفي منها للإنتاج، والمبيعات، وتُعزِّزُ اﻹدارةُ الجيدة للمخزون؛ من جودة المنتج، وكفاءة العمليات، كما تزيد اﻷرباح، وبالمقابل، يمكن أن يتسبب سوء إدارة المخزون، بسخطِ الزبائن، وبصعوبات مالية، وربما باﻹفلاس، ومن الطرق المُتَّبَعةِ في تحديد أفضل مستويات التخزين؛ النظرُ إلى ثلاث تكاليف؛ هي: تكلفة اﻻحتفاظ بالمخزون، وتكلفة الطلب المتكرر، وعدم اﻻحتفاظ بما يكفي من مخزوناتٍ في متناول اليد، وعلى المديرين قياسُ تلك التكاليف الثلاثة، ومحاولة تخفيضها. وبهدف ضبط مستويات المخزون؛ غالبًا ما يتتبَّعِ المديرون استخدامَ عناصر مخزونٍ محددة، إذ تحتفظُ معظمُ الشركات بمخزونٍ دائم Perpetual Inventory، وهو قائمةٌ تتضمن مستوياتِ المخزون، والطلبات، والمبيعات، والإيصالات، ذات الصلة بجميع عناصر المخزون الرئيسة، أما اليوم، فتستخدم غالبيةُ الشركات أجهزةَ الحاسوب؛ لتتبُّعِ مستويات المخزون، وحساب كميات الطلبات، وإصدار أوامر الشراء في اﻷوقات المناسبة. تخطيط الموارد المحوسب اعتمدَ العديدُ من شركات التصنيع أنظمةً محوسَبَة؛ للتحكم في تدفق الموارد، والمخزون، ويُعدُّ تخطيط متطلبات المواد Materials Requirement Planning أحد تلك اﻷنظمة، هذا ويستخدم تخطيطُ متطلبات المواد جدولًا احترافيًا، للتأكد من أن المواد، والعمالة، والمعدات اللازمة للإنتاج، موجودةٌ جميعُها في اﻷماكن المطلوبة، وبالكميات، واﻷوقات المناسِبة، ويُبنى ذلك الجدولُ على توقعات الطلب الخاص بمنتجات الشركة، كما يُظهِرُ بدقةٍ، ما الذي سيُنتَجُ خلال اﻷسابيع، أوِ اﻷشهر القليلة القادمة، ومتى سيجري العمل. وتُنسِّقُ برامجُ الحاسوب المتطورة، جميعَ عناصر تخطيط متطلبات المواد، إذ يُبيِّنُ الحاسوبُ متطلباتِ المواد، من خلال موازنة ما يحتاجه اﻹنتاجُ منها بتلك الموجودة فعلًا لدى الشركة، ثم توضَعُ الطلبات؛ بحيث تكون العناصر في متناول اليد، عند الحاجة إليها في عملية الإنتاج، كما يساعد تخطيط متطلبات المواد، في ضمان تدفُّقٍ سَلِس للمنتجات النهائية. لقد جرى تطويرُ تخطيط موارد التصنيع Manufacturing Resource Planning في أواخر ثمانينات القرن العشرين، للتوسع في تخطيط متطلبات المواد، ويستخدم تخطيطُ موارد التصنيع أنظمةً محوسبة معقدة، لدمج البيانات من عدة أقسام، بما فيها المالية، والتسويق، والمحاسبة، والهندسة، والتصنيع، كما يمكن لنظام تخطيط موارد التصنيع أن يُنشِئ خطة إنتاج للشركة، باﻹضافة إلى تقارير اﻹدارة، والتنبؤات، والبيانات المالية، ويتيح ذلك النظامُ للمديرين إجراءَ تنبّؤاتٍ أكثر دقة، وتقييم تأثير خطط اﻹنتاج على الربحية، وفي حال تغيّرتْ خططُ أحدِ اﻷقسام، تُنقَلُ تأثيراتُ تلك التغيرات إلى اﻷقسام اﻷخرى عبر الشركة. وفي الوقت الذي تكون فيه أنظمة تخطيط متطلبات المواد، وتخطيط موارد التصنيع، مركَّزة داخليًا؛ فإن أنظمةَ تخطيط موارد المؤسسة Enterprise Resource Planning تخطو خطوة أبعد من ذلك، حيث تُدرِجُ معلوماتٍ حول مورِّدي الشركة، وزبائنها، ضمن محتوى البيانات، كما يوحِّدُ تخطيط موارد المؤسسة جميع اﻷقسام الرئيسة في الشركة، ضمن برمجيةٍ حاسوبية واحدة؛ فعلى سبيل المثال: يمكن أن يستدعيَ اﻹنتاجُ معلوماتِ المبيعات، وأن يعرف على الفور، عدد الوحدات التي يجب إنتاجها لتلبية طلبات الزبائن، ومن خلال تقديم معلومات عن توفُّر الموارد، بما في ذلك الموارد البشرية، والمواد اللازمة للإنتاج؛ فإن النظام يتيحُ ضبطًا أفضلَ للتكاليف، ويضع نهايةً للتأخُّرَ في اﻹنتاج، كما يلاحظ النظام أيَّ تغييراتٍ تحصل، ويسجِّلها تلقائيًا، مثل: إغلاقِ المصنع للصيانة، أوِ اﻹصلاحات في تاريخ معين، أو عدمِ قدرة المُورِّد على تسليم المواد في التوقيت المحدد؛ بحيث تتعدَّلُ الوظائف كلها وفقًا لذلك، وتستخدم كلٌّ منَ المؤسسات الكبيرة، والصغيرة، نظامَ تخطيط موارد المؤسسة لتحسين العمليات. المحافظة على تدفق البضائع وإدارة سلسلة التوريد في الماضي، كانتِ العلاقة بين المُشترين، والموردين، في كثير من الأحيان؛ تنافسية، وعدائية، وقدِ استخدمتِ الشركاتُ كثيرًا من المورِّدين، إذ كانت تنتقل من التعامل مع مورّد إلى آخر بشكل متكرر، وأثناء تفاوضهم على العقود؛ سيحاول كلُّ طرفٍ الحصول على بنودٍ عقديةٍ أفضل، على حساب الطرف الآخر، وغالبًا ما كان اﻻتصال بين المشترين، والمورِّدين، يقتصر على طلبات الشراء، وكشوف الفواتير. ولكنْ، يتّجهُ اليومَ العديدُ من الشركات، نحو مفهوم جديد في العلاقات معَ الموردين، إذ ينصبُّ التركيزُ انصبابًا متزايدًا على تطوير سلسلة إمدادٍ Supply Chain متماسكة، ويمكن النظرُ إلى سلسلة الإمداد على أنها التسلسل الكامل لتأمين المُدخَلات، وإنتاج السلع، وتسليم البضائع للزبائن، وإذا كان أيٌّ من الروابط في تلكَ العملية ضعيفًا، فيُحتَمَلُ أن ينتهيَ الأمرُ إلى شعور الزبائن بالسخط من جراء ذلك، فهم نقطة النهاية في سلسلة الإمداد. تُخفِّضُ استراتيجياتُ سلسلة الإمدادِ الفاعلةُ من التكاليف، فعلى سبيل المثال: يتيحُ دمجُ الشاحِن (شركة الشحن) وسلاسل الإمدادِ الخاصة بالزبون، الشركات، أتمتةَ المزيد من العمليات، وتوفير الوقت، كما تُحسِّنُ التقنيات من كفاءة سلسلة الإمداد، عن طريق تتبُّعِ السِّلع عبرَ مراحل سلسلة الإمداد المختلفة، والمساعدةِ في الخدمات اللوجستية، ومع وجود معلومات أفضل عن اﻹنتاج، والمخزون، يمكن للشركات طلبُ السِّلَع، واستلامُها في الظروفِ الأمثل، للحفاظ على انخفاض تكاليف اﻻحتفاظ بالمخزون. كما تحتاج الشركات -أيضًا- إلى خطط طوارئ في حال حصول أي خلل في سلسلة الإمداد، يؤدى إلى توقُّفِها، أو عرقلة حُسنِ سيرها، وعليها أن تجد مصدرًا بديلًا للإمداد، في حال تسببت عاصفةٌ ثلجيّة في إغلاقِ أحد المطارات؛ بحيث لا تتمكن طائرات الشحن من الهبوط، أو إذا أدّى الجفافُ إلى تلفِ المحاصيل الزراعية في منطقةٍ تُعدُّ مُنطَلقًا لسلسلة الإمداد. ويمكن للشركات -من خلال التفكير في المستقبل- أن تتجنب خسائر كبيرة، ومن الاعتباراتِ التي يجدرُ أخذُها بالحُسبان؛ طولُ خط اﻹمداد، والمسافة التي يقطعها، فاستيراد القِطَع، والأجزاء اللازمة للتصنيع، أو اﻻستعانة بمصادر خارجية في آسيا للتصنيع، ينتج عنه سلسلة إمدادٍ طويلة بالنسبة لشركةٍ مُصنِّعة في أوروبا، أو الولايات المتحدة، وقد يكون هناك مورِّدون، أو مصنِّعون، أقرب، يمكنهم تلبية احتياجات الشركة بتكلفة إجمالية أقل، وعلى الشركات -أيضًا- إعادةُ تقييم قرارات التعهيد (اﻻستعانة بمصادر خارجية) تقييمًا دوريًّا. استراتيجيات إدارة سلسلة الإمداد يتطلب ضمانُ سلسلة توريد قوية؛ تنفيذَ الشركات استراتيجياتِ إدارة سلسلة الإمداد؛ وتركز إدارة سلسلة الإمداد Supply-Chain Management على تبسيط التحوُّلات، على طول سلسلة الإمداد؛ لتحقيق الهدف النهائي، المتمثل في إرضاء الزبائن بمنتجاتٍ وخدمات عالية الجودة، ومن العناصر الحاسمة في تحقيق إدارة فاعلة لسلسلة الإمداد، تطويرُ روابط قوية مع المورِّدين، وقد يعني ذلك تقليلَ عدد المورِّدين المُستعَان بهم، والطلب إليهم تقديم خدماتٍ أكثر، أو عروضَ أسعارٍ أفضل، مقابل علاقة مستمرة معهم. الصورة 10.8: تُعدُّ إدارةُ سلسلة إمدادٍ فعالةٌ أساسيةً بالنسبة للشركات، وخصوصًا عندما يكون المُنتَج المُورَّدُ طاقةَ زهورٍ مقطوفةٍ حديثًا، ولضمان وصولِ أفضل تشكيلاتِ الزهور حديثة القطاف، وأزهاها لونًا، إلى الشخص المميَّز المقصود؛ تعملُ خدمةُ توصيل الزهور في الولايات المتحدة؛ بوصفها موقعًا إلكترونيًا وطنيًا، يقدم خدماته للزبائن عبر متاجر زهور محلية، ذات سمعة عَطِرة، تتولى توصيل الطلبات في اليوم ذاته، ويستخدمُ الموقعُ خدماتِ ويب لجذب الزبائن عبر خاصية البحث، بالتوازي مع جدولةٍ مُنسَّقةٍ للتوصيل، ومراجعةٍ لجودة الزهور المحلية، التي يتيح توصيلها بحالة أفضل من منتجات الزهور التي يوفرها المنافسون. تحاول شركةُ جنرال موتورز General Motors تقليصَ عدد مورِّديها، بهدف منح عقودٍ أكبر، وأطول أمدًا، لإحدى المجموعات المُنتقاة بشكل استراتيجي، والتي سيكون موقعها في مُجمَّعِ توريد (إمداد) جديد، يقع بالقرب من مصنع الشركة المذكورة، بولاية تكساس الأمريكية، وتعد شركة جنرال موتوز واحدة من العديد من الشركات التصنيعية؛ التي تعيد التفكير في الاستعانة بمُوَرّدين بعيدين جغرافيًّا، ومتوزعين على نطاق واسع في سلاسل الإمداد الخاصة بها، وطالما كانتِ الشبكاتُ العالمية للتزوُّدِ بالقطع اللازمة للتصنيع أساسيةً لتخفيض النفقات، ولكنَّ العديد من الشركات، باتت ترى في الاستعانة بتلك الشبكات رهانًا؛ يحمل في طيّاته مجازفةً مردُّها إلى التحولات السياسية، والإجراءات الحمائية (سياسة اقتصائية لتقييد الواردات)، والكوارث الطبيعية، وتقول شركة جنرال موتورز: إنَّ خطوتها الجديدة، كان مخططًا لها قبل أن ينتقد الرئيسُ الأمريكي دونالد ترامب Donald Trump حصولها على وارداتٍ من المكسيك، وإنَّ مجمَّع التوريد الجديد، سيقلل من النفقات اللوجستية، وسيحقق مكاسب أخرى بفضل قرب القطع، والأجزاء التي تحتاجها الشركة من مصنع التجميع التابع لها. وبدلًا من أن يُنظَر إلى المورَّدين بوصفهم "دُخلاء" على عملية الإنتاج، يلعبُ العديدُ منهم دورًا مهمًا في دعم عمليات زبائنهم، إذ يُتوقَّعُ منهم استيفاءُ معايير جودةٍ عالية، وتقديمُ مقترَحاتٍ يمكن أن تُساعد في تخفيض تكاليف الإنتاج، وحتى المساهمة في تصميم منتجاتٍ جديدة. .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } التوسع من حول العالم استراتيجيات سلاسل الإمداد المتطورة تبقي على حركة المنتجات أخذت شركةُ الشحن إم أو إل MOL، وهي اختصارٌ لـ: "ميتسوي أو. إس. كي. لاينز، ليميتد Mitsui O.S.K Lines Ltd، التي يقعُ مقرها في طوكيو؛ عاصمة اليابان، والتي لديها مكاتب منتشرة حول العالم كذلك - في الاندماجَ مع زبائنها إلى مستويات جديدة، وتشترك هذه الشركة مع زبائنها ضمن سلسلة من المشاريع المشتركة، لبناء سفن مخصصة، وتشغيلها على مدى 25 سنة، ومن تلك المشاريع المشتركة؛ واحدٌ جمَعها مع مصنع فولاذٍ صيني؛ لبناء السفنٍ، وتسييرها؛ لشحنِ خامات الحديد، والفحم البرازيلي عبر المحيط الأطلسي، ومعالجتها. تمثل أنظمةُ سلاسل الإمداد -التي تتحكم بكل جوانب الإنتاج، والنقل- مفتاحََ العمل المتعلق بالتصنيع خارج الحدود، وتكفلُ البرمجية الخاصة بسلسلة الإمداد، التي تراقب العمليات، وتُجري تعديلات باستمرار؛ تشغيلَ العمليات كلها بأقصى كفاءةٍ ممكنة، ويمكن لإدارة سلسلة الإمداد، عبر تحديد مُحكَمٍ لسلسلةٍ كاملة؛ تمتد من وقت طلبها، وحتى إيصالها، وأتمتتها قدر الإمكان - يمكن لها إيصالُ المنتجات من حول العالم، بالتوازي مع تخفيض النفقات، كما أنّ قدرة الشركات على نقل مخزونٍ صغير، والحصول على أجرة ذلك النقل، خلال وقتٍ قصير، كفيلةٌ بزيادة ربحيتها، وتدفق المال إليها. وتجلبُ شركة أيسر Acer -وهي شركةُ تايوانية الجنسية، متخصصة بتصنيع حواسيب، وأجهزة إلكترونية- المكوِّنات التي تستخدمها في عملية التصنيع من حول العالم، ثم تُجمِّعُها لتنتجَ حواسيبَ مُفكَّرَةٍ محمولة PC Notebooks، وشاشات تلفزيون، ضمن مصانع تابعة لها في تايوان، والصين، ثم تعكِسُ عمليةَ استيراد مكونات أجهزتها، بتصديرها إلى الأسواق العالمية. يقول سوميت أغنيهوتري Sumit Agnihotry؛ الذي شغلَ منصبَ مدير تسويق منتجات شركة أيسر في الولايات المتحدة: "باعت شركةُ أيسر أربعة ملايين جهازٍمحمول، ولم يكنُ لنا أن نأملَ تحقيق ذلك، لولا وجودُ بُنيةٍ تحتية قوية، لسلسلة الإمداد الخاصة بنا". وتُعدُّ مزامنةُ التجارة أمرًا لا غنى عنه، فإذا لم تصلِ السِّلعُ إلى المخازن في الوقت المحدد، فقد تخسرِ الشركةُ مبيعاتها، أو سيغدو عليها شحنُ مخزونات أكبر لتجنُّبِ نفادِ السلع من مخازنها، ومن شأن ذلك تخفيضُ أرباحها، وعلى الشركات مراقبة الطلب باستمرار، والاستجابة له سريعًا، عبر تعديل الإنتاج، و"يزدادُ الأمرُ صعوبةً بشكل متزايد، عندما تمتد سلسلةُ الإنتاج عبر آلاف الأميال، وعشرات المناطق الزمنية"، هذا ما قاله ديفيد بوفيت David Bovet؛ وهو مدير الإدارة لدى شركة ميرسر مانجمنت كونسالتينغ Mercer Management Consulting المتخصصة في مخططات (تكتيكات) العمل التجاري؛ ومقرها مدينة بوسطن Boston في الولايات المتحدة؛ ويتابع قائلًا: "هناك استراتيجياتٌ تستخدمها الشركاتُ الذكية لتخفيض التكاليف، إذ يقتضي الوصول إلى أخفض تكاليف للعمالة خارج الحدود؛ تركيزًا على النقل، وتعدُّ مهاراتُ سلسلة الإمداد شرطًا أساسًا لا غنى عنه"، أما نصيحتُه للمصنِّعين الدوليين، فهي أن يتعاونوا مع شركات الشحن، وأن يدمجوا سلاسل الإمداد ضمن نظامٍ واحدٍ متماسك. ومن الجوانب المهمة لسلسلة إمدادٍ متماسكة، توفُّرُ المخزونات، لأنه لا سبيل إلى تلبية احتياجاتِ الزبون من دون وجود إمدادٍ من المنتجات داخل المخازن، ويمكن أن تشيرَ المخزوناتُ إلى مكوِّنات، مثل: السلع، والخدمات، بحيث تكون في متناول اليد، ومن العوامل التي يجب أخذُها بالحسبان فيما يخص الإمداد العالمي؛ مدى توفُّرِ العمال، والجغرافيا، والأنظمة المحلية للدول. كما يجب أن تكون هناك استراتيجيةٌ مطوَّرةٌ تطويرًا جيدًا؛ للحصول على سلسلةِ إمدادٍ ناجحة، وتتضمن الاستراتيجياتُ معرفةَ زبائنك، وإدراكَ احتياجاتهم، والتخطيط لما تريد تحقيقه، وطريقة فعل ذلك. ومن شركاتِ سلسلة الإمداد المشهود لها بالتميُّز والحيوية (الديناميكية)؛ شركةُ ديل Dell، التي لديها غرفة تحكُّمٍ عالمية؛ ذات طبيعة لوجستية، مع شاشاتٍ كبيرة، تراقب خطوطَ الشحن الخاصة بها طوال الوقت، وإلى جانب مسؤولي شركة ديل التنفيذيين، نجد لديها ممثلين عن الجهات اللوجستية المورِّدة؛ يتولون التوجيه، والتحرك بسرعة في حال حدوث أي خطأ. ومن الجدير ذكره، أن الخطرُ مُلازمٌ للتجارة الدولية، لذا على الشركات أن تقرر اتخاذ الحيطة عبر مخزوناتٍ إضافية، أو أن تهرعَ إلى التصرُّف في حال وقوع كارثة ما؛ كحدوث إضراب في أحد الموانئ على سبيل المثال، وفي كلتا الحالتين، على الشركات أن يكون لديها خطط طوارئ، وأن تكون مستعدة للاستجابة السريعة، ومن شأنِ وجود استراتيجيات سلاسل إمدادٍ متماسكة؛ ضمانُ جهوزية الشركات لأيِّ احتمالات. الشراء والتبادل الإلكتروني للبيانات وسلسلة الكتل تعتمدُ فاعليةُ إدارة سلسلة الإمداد على التواصل القوي مع المورِّدين، وتتيح التقنيات الحديثة في يومنا هذا، وخصوصًا الإنترaنت، طراىق جديدة لتحقيق ذلك التواصُل، حيث يشهد الشراء الإلكتروني E-Procurement ازدهارًا، وهو عمليةُ شراء المستلزمات، والمواد عبر الإنترنت، إذ تستخدم العديدُ من شركات التصنيع، الإنترنت؛ لإبقاء مزوِّديها الرئيسين مطلعين على احتياجاتها، فشركة إنتل Intel، مثلًا، أنشأت موقعًا إلكترونيًا خاصًا بمورِّديها الحاليين، والمحتمَلين، ويمكن للمورّدين المحتملين زيارة ذلك الموقع؛ للحصول على معلوماتٍ حول التعامل التجاري مع شركة إنتل، وفي حال حصولهم على موافقتها، يغدو بإمكانهم الوصول إلى منطقة آمنة لتقديم عروضٍ حول حاجات تلك الشركة الحالية، والمستقبلية من الموارد. وتسهّلُ شبكةُ الإنترنت عملياتِ الشراء عبر توفير وصولٍ الشركات بسرعة إلى قاعدة بياناتٍ ضخمة، تتضمن معلوماتٍ حول المنتجات، والخدمات؛ التي يقدّمها مئاتُ المورّدين المحتملين، وتشترك -حاليًا- العديد من الشركات الكبرى في ما يسمى المزادات العكسية Reverse Auctions عبر الإنترنت، تلك التي من شأنها تخفيض تكاليف الشراء، ففي المزاد العكسي، تنشر الجهةُ المُصنِّعة مواصفاتِ المواد التي تحتاج إليها، ثم يتقدم المزوّدون المحتَملون بعروضهم ضد بعضهم بعضًا؛ للحصول على العمل، ولكنّ المزاد العكسي لا يخلو من مخاطر تتمثل في صعوبة تأسيس علاقة مستمرة مع مورِّدين محددين؛ لأن العمل يحصل عليه في النهاية المورِّدُ الأقلُّ عرضًا، وهذا ما لا يجعل من المزادات العكسية عمليةَ شراءٍ فاعلة، فيما يخص مواد الإنتاج الأساسية، وخلافًا لما سبق؛ يمكن لبعض المؤسسات الاستفادة استفادة جيدة من المزاد العكسي. فالجيش الأمريكي -مثلًا- يلجأ إلى المزاد العكسي للاستفادة من التقنيات الحديثة، وإثبات عكس حقيقة، وفكرة، افتقاره إلى الكفاءة، فيما يخص ممارساته الخاصة بالمشتريات، وقد وجدت إدارة الخدمات العامة General Services Administration، في الولايات المتحدة، أنَّ لدى الهيئات الحكومية 31 جهة مورِّدة، كانت تتقاضى بين 9.76 دولارات، و48.77 دولارًا؛ ثمنًا للمطرقة ذاتها. وفي العام 2005، بدأ الجيش الأمريكي شراكةً مع شركة فيدبيد FedBid Inc. التي تعد أكبر سوقٍ للمزاداتِ العكسية؛ بدءًا من الورق، مرورًا بأجهزة الحاسوب، ووصولًا إلى المروحيّات الحوامة (طائرات هيلكوبتر)، ووفقًا لتقديرات مستقلة، حول النفقات الحكومية، فقدِ انخفضتِ النفقاتُ بمقدار 388 مليون دولار خلال العقد الأخير. ومن أدوات التواصل الأخرى؛ التبادل الإلكتروني للبيانات، أو نظام تبادل البيانات إلكترونيًا Electronic Data Interchange، الذي وفقًا له، يتبادلُ طرفان تجاريان المعلومات إلكترونيًا، ويمكن القيام بذلك التبادل عبر نظامٍ حاسوبيٍّ، يحتوي على أجهزة متصلة ببعضها، أو عبر الإنترنت، ومن مزايا تبادل المعلومات إلكترونيًا مع المورّدين؛ السرعة، والدقة، وتكاليف وسائل اتصالٍ منخفضة، حيث يلعب التبادلُ الإلكتروني للبيانات دورًا مهمًا لمصلحة شركة فورد موتور Ford Motor في سياق جهودها الرامية إلى إنتاج سياراتٍ، وتوزيعها على مستوى العالم، ومع ظهور تقنية سلسلة الكُتل Blockchain Technology، يُحتَملُ أتمتة هذه الأنواع من العمليات؛ لتغطية صفقات متعددة مع مجموعة متنوعة من المؤسسات المشارِكة iترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب ntroduction to business
  11. من القرارات المهمة التي على المديرين اتخاذُها باكرًا في سياق تخطيط الإنتاج، والعمليات؛ مكانُ تأسيس المنشأة، سواء أكانت معملًا، أو مكتب خدمة؛ فموقع المنشأة يؤثر في تكاليف العمليات، والشحن، حيث يؤثر ذلك في النهاية على المُنتَج، أوِ الخدمة، وعلى قدرة الشركة على المنافسة، هذا، ويمكن للأخطاء التي تُرتَكبً في هذه المرحلة أن تكون باهظة الثمن؛ إذ من الصعب، والمكلف، نقلُ مصنعٍ، أو مكتب خدمةٍ، بعدما يكون الإنتاج فيهما قد بدأ فعلًا، كما على الشركات أن تأخذ بالحسبانِ عددًا من العوامل؛ للوصول إلى اتخاذِ القرار الصحيح. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على كيفية اختيار الشركات مكان منشآتها التصنيعية، وعلى الخيارات التي يجب اتخاذُها في عملية تصميم المنشأة الصورة 10.6: تحت تأثير المنافسة المحتدِمة من قبل شركات سياراتٍ أخرى، وانخفاضِ الطلب على سياراتها من قبل الزبائن في ألمانيا؛ افتتحت شركةُ بي إم دبليو BMW الألمانية (المعروفة -أيضًا- باسم شركة المحركات البافارية Bavarian Motor Works مصنعًا لها في سبارتنبرغ Spartanburg بولاية كارولينا الجنوبية في الولايات المتحدة، وكان ذلك في العام 1994، وقد وصلَ مؤخرًا العددُ الذي أنتجه ذلك المعمل من السيارات إلى أربعة ملايين سيارة، ويوظِّفُ حاليًا 9000 عامل ضمن ستة ملايين قدم مربعة، وهي مساحة ذلك المعمل. عوامل تحديد موقع الشركة توفر مدخلات الإنتاج مثلما ناقشنا سابقًا؛ تحتاجُ الشركاتُ إلى موارد محددة لصنع منتجات، وتقديم خدماتٍ، تستطيع بيعَها، ويعد الوصول إلى تلك الموارد، أو المدخلات؛ من المسائل شديدة الأهمية في اختيار الموقع؛ فعلى المسؤولين التنفيذيين تقييم توفُّرِ المواد الخام، وقطع الغيار، والمعدات، والقوى العاملة المتاحة بالنسبة لكل موقع قيد النظر، ويمكن أن تصل تكلفة شحن المواد الخام، والسلع النهائية إلى 25 % من إجمالي تكلفة الشركة المُصنِّعة، لذلك فإن تحديد موقع المصنع؛ حيث تكون هذه التكاليف، وغيرها، منخفضةً قدر الإمكان؛ يمكن أن يساهم مساهمة كبيرة في نجاح الشركة. وقد تختار الشركاتُ التي تستخدم المواد الخام الثقيلة، أو الضخمة، على سبيل المثال؛ أن تكون قريبة من مورِّديها؛ فشركات التعدين تريد أن تكون قريبة من الرواسب الخام، ومصافي تكرير النفط؛ بالقرب من حقول النفط، ومصانع الورق؛ بجانب الغابات، ومنشآت معالجة الأطعمة؛ بالقرب من المزارع، ويكتشف أصحابُ معامل تعبئة المياه، والعصائر؛ أن المجتمعات الريفية الغربية، في الولايات المتحدة، التي تحتاج إلى تنشيطٍ اقتصادي؛ تُعدُّ مصدرًا غنيًا للمياه، ففي مدينة لوس لوناس Los Lonas، التابعة لولاية نيو مكسيكو الأمريكية، كان من المنطقي بالنسبة لشركة نياغارا بيوريفايد درينكينغ ووتر Niagara Purified Drinking Water أن تُنتِج مياهًا نقية معبَّأة في زجاجات في مبنى مساحته 166.000 قدم مربع كان شاغرًا، وقد ساعدَ هذا المشروعُ التجاري في تنويع اقتصاد المدينة، ووفَّرَ 40 وظيفة كانت هناك حاجة ماسّة إليها. إنَّ توفُّر العمالة وتكلفتها، أمران حاسمان -أيضًا- لكل من شركات التصنيع، والخدمات، كما أنَّ تنظيم العمالة المحلية نقابيًا، هي نقطة أخرى يجب أخذها بالحسبان في العديد من الصناعات، ويمكن أن تختلف الرواتب اختلافًا كبيرًا من موقع إلى آخر؛ بسبب الاختلافات في تكلفة المعيشة، وفي عدد الوظائف المتاحة، وحجم القوة العاملة المحلية، ومهاراتها، وإنتاجيتها، ففي حالة شركة تعبئة المياه التي تحدثنا عنها أعلاه، كان هناك مجموعة جاهزة من العمالة غير المكلفة -نسبيًا- بسبب ارتفاع نسبة البطالة في تلك المناطق. عوامل التسويق على الشركات تقييم كيفية تأثير موقع المنشأة في قدرتها على خدمة زبائنها، فبالنسبة لبعض الشركات، قد لا يكون ضروريًا وجودُها بالقرب من الزبائن، ولكنها بالمقابل ستحتاج إلى تقييم صعوبة توزيع سلعها للزبائن من موقعها المختار، وتكاليف عملية التوزيع تلك، وقد تجد شركات أخرى أن إقامة موقعها قريبًا من الزبائن، يمكن أن يوفّر لها مزايا تسويقية؛ فعندما يكون المصنع، أو مركز الخدمة، قريبًا من الزبائن؛ يمكن للشركة -غالبًا- تقديمُ خدمة أفضل بتكلفة أقل، كما قد تكتسب شركاتٌ أخرى ميزة تنافسية من خلال اختيار موقعٍ لمنشآتها يُمَكِّنُ الزبائنَ من شراء منتجاتها، أو خدماتها بسهولة، وقد يكون موقع الشركات المنافسة أحد الأمور الأخرى التي تؤخَذ بالحسبان، كما قد تحتاج الشركات التي لديها أكثر من منشأة واحدة، إلى التفكير في مدى انتشار مواقعها من أجل زيادة تغطيتها للسوق. البيئة التصنيعية تُعد البيئة التصنيعية في موقع محتمل، إحدى العوامل الأخرى التي تؤخذ بالحسبان، إذ إنَّ هناك لدى بعض المنشآت قاعدة تصنيعٍ قوية موجودة، فعندما يكون عددٌ كبير من شركات التصنيع في مجالٍ صناعي ما، موجودًا بشكل مُسبَق في إحدى المناطق؛ فمن المحتمل أن توفر تلك المنطقة قدرًا أكبر من الموارد، مثل: عمال التصنيع، ووصولًا أفضلَ، إلى المورِّدين، ووسائل النقل، إضافة إلى عوامل أخرى؛ يمكن لها أن تزيد الكفاءة التشغيلية للمصنع. فشركة نستله Nestle تسعى إلى افتتاح مصنع جديد لتعبئة المياه في صحراء فينيكس Phoenix Desert بولاية أريزونا الأمريكية، وقد وفرتِ المصانعُ فرص عمل كثيرةً، كان الناسُ بحاجة ماسة إليها، وعوَّضت عن الوظائف التي خسروها في الكساد الاقتصادي الذي ساد عامَ 2008، هذا، وقد واجهت مدينةُ فينيكس معارَضةً لإنشاء ذلك المصنع، لاعتقاد بعض السكان المحليين أنَّ تحويل المياه من الصنابير إلى مياهٍ توفرها منشأةٌ ربحية، لم يكن فكرة مُستساغة، ولكنَّ المسؤولين في المدينة يؤكدون بأنَّ مصدر المياه هناك يكفي لعقودٍ قادمة. الحوافز المحلية يمكن للحوافز التي تقدمها السلطات في الدول، أو الولايات، أو المدن، أن تؤثر -أيضًا- في اختيار الموقع، وتعد التخفيضات الضريبية إحد الحوافز الشائعة، فقد تُخفِّضُ سُلطةٌ محلية، القيمة الضريبة التي على شركة ما دفعُها على أساس الدخل، أو العقارات، أو المرافق، أو الرواتب، وقد توفر الحكوماتُ المحلية مساعدةً مالية، وإعفاءاتٍ من إجراءات تنظيمية معينة، أو إحداهما، لجذب المنشآت الإنتاجية إلى مناطقها، أو للمحافظة على وجودها هناك، فعلى سبيل المثال، تتنافس العديد من مدن الولايات المتحدة؛ لتكون المقر الثاني لشركة أمازون Amazon، باﻹضافة إلى ترويج تلك المدن للمعالم المحلية لديها، وإظهار مزايا قوتها العاملة، ويقدِّم معظم تلك المدن مجموعة من الحوافز الضريبية. مواصفات تحديد الموقع الدولي غالبًا ما تكون هنالك أسباب مالية وجيهة للتفكير في تأسيس موقع في دولة أجنبية، وهناك دولٌ تكون تكاليفُ العمالة فيها أقلَّ بشكل ملحوظ من سواها، ومنها سنغافورة، والصين، والهند، والمكسيك، كما قد يكون لدى دولٍ أجنبية معينة، عدد أقل من الإجراءات التنظيمية الخاصة بكيفية تشغيل المصانع، وقد يؤدي تأسيسُ موقعٍ أجنبيٍّ -أيضًا- إلى تقريب اﻹنتاج من اﻷسواق الجديدة، فشركاتُ صناعة السيارات مثل: تويوتا Toyota، و بي إم دبليو BMW، وهيونداي Hyundai، هي أمثلةٌ على العديد من الشركات التي تبني مصانع في الولايات المتحدة لتقليل تكاليف الشحن. تصميم المنشأة بعد اتخاذ قرار تحديد موقع المنشأة، تتمثل الخطوةُ التالية في مخطط اﻹنتاج، في اختيار مخطط المنشأة، أو تصميمها، ويتمثلُ الهدف من ذلك، في تحديد التصميم اﻷكثر كفاءة، وفاعلية، بالنسبة لعملية اﻹنتاج المقصودة، فقد تختار شركةٌ مصنِّعةٌ خطَّ إنتاجٍ على شكل حرف U مثلًا، بدلًا من خطٍّ طويل، ومستقيم، للسماح للمنتجات، والعمال بالتحرك بسرعة أكبر من منطقة إلى أخرى. وعلى شركات الخدمة -أيضًا- مراعاةُ تخطيط المنشأة، أو تصميمها، ولكنّ اهتمامَ تلك الشركات يتركز تركيزًا أكبر على كيفية تأثيرها في سلوك زبائنها، فقد يكون أفضلَ بالنسبة لمستشفًى، وضعُ مصعدِ نقلِ حمولات المواد التي يحتاجها، في وسط المبنى مثلًا، ولكنَّ فعلَ ذلك قد يعيقُ حركة المرضى، والزوار، والطاقم الطبي بين الطوابق، واﻷقسام. وهنالك ثلاثة أنواع رئيسة لمخططات المنشآت، هي: مخطط العملية Process Layout، ومخطط المنتج Product Layout، ومخطط المكان الثابت Fixed-Position Layout، وجميعُها مبيَّنَةٌ في الصورة 10.7. ومن الأنواع الأخرى لتخطيط المنشآت مخطط التصنيع الخلوي، أو مخطط الخلايا Cellular Manufacturing Layout. الصورة 10.7: أنواع تصاميم المنشأة مخطط العملية Process Layout ينظِّمُ مخططُ العملية Process- Layout سيرَ العمل حول عملية الإنتاج، إذ يجري تجميعُ العمال كلهم؛ الذين يؤدون مهامَّ متماثلةً معًا، كما تنتقل المنتجات من محطة عمل إلى أخرى، (ولكن ليس بالضرورة إلى كل محطة عمل)، فعلى سبيل المثال: ستُجرى عمليات الطحن كافة في منطقة واحدة، وعمليات التجميع كافة في منطقة أخرى، وعمليات الفحص في منطقة أخرى كذلك، ويعد مخطط العملية اﻷفضلَ للشركات التي تنتج أعدادًا صغيرة من مجموعة واسعة ومتنوعة من المنتجات، وعادة ما تستخدمُ آلاتٍ ذات أغراض عامة، يمكن تغييرها بسرعة إلى عمليات جديدة؛ من أجل تصاميم منتجاتٍ مختلفة، ومن الأمثلة على شركات تستخدم مخطط العملية Process Layout شركةُ تصنيع آلاتٍ حسب الطلب Custom Machinery. مخطط المنتج Product Layout يُستخدَم ع المنتجات التي تتطلب عملية إنتاج مستمرة، أو متكررة مخططُ المنتج Product-Layout، أو مخطط خط التجميع Assembly-Line Layout، فعندما يكون معالجةُ كميات كبيرة من منتَجٍ ما بشكل مستمر ضروريًّا، يجري ترتيبُ محطات العمل، أو اﻷقسام، بالتوازي مع المنتجات التي تتحرك على طول الخط، وعادة ما يُستخدم مخططُ المنتج من قِبل مصنّعي السيارات، واﻷجهزة، ومصانع معالجة الأطعمة، كما قد تستخدم شركاتُ الخدمات -أيضًا- مخطط المنتج لعمليات المعالجة التقليدية اليومية (الروتينية). مخطط المكان الثابت Fixed-Position Layout لا يمكن وضع بعض المنتجات على خط التجميع، أو نقلها ضمن مصنع، ويأتي مخطط المكان الثابت Fixed-Position Layout ليسمح ببقاء المنتج في مكان واحد، بينما ينتقل العمال، واﻵلات، إليه حسب الحاجة، وعادة ما يجري تصنيعُ المنتجات التي يستحيلُ تحريكُها، مثل السفن، والطائرات، ومشاريع البناء، باستخدام مخطط المكان الثابت، وتعني المساحةُ المحدودة في موقع المشروع -غالبًا- أنه يجب تجميع أجزاء من المنتج في مواقع أخرى، ونقلها إلى الموقع الثابت، ثم تجميعها، كما أن مخطط المكان الثابت شائع -أيضًا- بالنسبة للخدمات التي تجري في الموقع، مثل خدمات تنظيف المنازل، ومكافحة اﻵفات، والحشرات، وتعديل المعالم الطبيعية. التصنيع الخلوي Cellular Manufacturing يجمع التصنيع الخلوي Cellular-Layout بين بعض جوانب كل من مخطط المنتج Product Layout ومخطط المكان الثابت Fixed-Position Layout، وخلايا العمل في التصنيع الخلوي؛ هي وحداتُ إنتاج صغيرة، وذاتُ احتواءٍ ذاتيّ، تتضمن عمالًا يجري تنظيمهم، وآلاتٍ متنوعةً تُرتَّبُ، ترتيبًا متراصًّا، وتسلسليًّا؛ وتؤدي كلُّ خلية المهام اللازمة منها تمامًا؛ ﻹكمال حصتها من عملية التصنيع، أو معظمها، وعادة ما يكون هناك من 5 إلى 10 عاملين في كل خلية، يُدرَّبون ليكونوا قادرين على تنفيذ أي خطوة من خطوات عملية اﻹنتاج، ويتمثل الهدف من ذلك في خلق بيئة فريقٍ يشارك أعضاؤه في عملية اﻹنتاج؛ من الألِف إلى الياء. ترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب introduction to business
  12. قد تكون معرفة كيفية كتابة مقترح مشروع تجاري مهمةً معقدًة. فماذا لو بالغت في مدح نفسك؟ أو بالعكس، ماذا لو خشيتَ إظهار ما لديك من مهارات؟ كيف تُوصِل انطباعًا بأنك الشخص المناسب للعمل بطريقة تُعجِب العميل المحتَمَل؟ مع وجود أساسيات للطريقة التي تُنظِّم فيها مُقتَرَحك على نحو صحيح، والتي قد تُشعرك بالخوف وفقدان الثقة. الصورة بواسطة Unsplash ليس هذا كل شيء، بل تحتاج أيضًا إلى مقترح مشروع متماسك ومقنِع لتظفر بالصفقة التي تريد، فإذا اعترى مقترحَك نواقصًا ما، فقد تخسر عملاءً مهمين حتى لو قدَّمت أحسن عرض وكنتَ الخيار الأفضل للعمل. لكن ولحسن الحظ، ليست كتابة مقترح مشروع بالتعقيد الذي تبدو عليه. حيث يمكنك التفكير فيه بوصفه شبيهًا بخطة العمل التجاري، مع اختلاف وحيد؛ وهو أنك تستخدِم خطة العمل داخل المؤسسة، أو تقدمها للمستثمِرين؛ بينما تقدّم مقترح المشروع لإحدى الشركات على أمل توظيفها لك بفضل عملك. ما هو مقترح المشروع؟ هو مستند ترسله الشركة (أ) إلى الشركة (ب)، مُفصِّلةً فيه الأسباب التي تجعل منها المرشح الأفضل للعمل الذي تريد الشركة (ب) رؤيته مُنجَزًا. وهو أحد أشكال العروض التقديمية مع اختلاف مفاده أنك بدلًا من طلب التمويل، فإنك تقدّم خدماتك، وتطلب إكمال مشروع ما لصالح شركة أخرى. متى عليك تقديم مقترح مشروع تجاري؟ تُعلن الشركاتُ التي تريد العمل منجَزًا عما يُسمى "طلب اقتراح" عمومًا، فطلب الاقتراح هو ما يتضمن تفاصيلًا عن العمل الذي تريد الشركة مُصدِرتُه أن يؤدّى لصالحها، ومعلومات عن الكيفية التي تريد أن يسير المشروع وفقًا لها، وأيَّ معلومات أخرى ذات صلة ضمن نطاق ذلك المشروع. ويسمى ذلك التماس (استدراج) عروض، أو مُقتَرحًا مُلتَمَسًا؛ وهو أن تعلن الشركة (ب) عن طلب اقتراح، فتحضِّر الشركة (أ) مُقتَرَحها، ثم ترسله للشركة (ب) التي تُراجعه مع باقي المقترحات التي قدمتها شركات أخرى، وبعدها تختار المقترح الفائز. وتجدر الإشارة إلى أنّه يمكنك تقديم مقترح لم تطلبه الشركة، وذلك بأن تقصدها وتفصِّل لها العمل الذي تريد إنجازه لصالحها. ولكن ذلك غير شائع، فقد لا يكون لدى تلك الشركة نيةٌ لتوظيف أحد لإنجاز ذلك النوع من العمل خلال ذلك الوقت. الصورة بواسطة Unsplash كيف تكتب مقترح مشروع: ثلاث نواح عليك أخذها بالحسبان رغم أنّ محتوى أي مقترح مشروع تجاري يتنوع بوضوح وإلى حد كبير بحسب المشروع، والعميل، والصناعة ذات الصلة؛ فلا يخلو أيٌّ منها من معالجة أمور ثلاثة، هي: بيان المشكلة. الحل المقترَح. معلومات التسعير. ولتلخيص كل منها بعُجالة، فبيان المشكلة هو الأمر الذي تقدّم خدماتك بوصفها حلًّا له، ويمثل ذلك سببَ حاجة العميل إلى إنجاز العمل في الأصل؛ أما الحل المقترح، فهو خدمتك التي تقدِّم؛ بينما معلومات التسعير، فهي غنية عن الشرح. ومع أنه من الأفضل أن يكون كل مقترح مشروع مُعدًّا خصيصًا لعميلك، فيمكن إنشاء نماذج لمعظم الأمور التي تغطّيها أثناء إعداد ذلك المقترح. وسنشرح فيما يلي عن كل من الأمور الثلاثة المذكورة أعلاه -التي لا يخلو منها أيّ مقترَح مشروع- بمزيد من التفصيل. بيان المشكلة حذارِ من أن يُستغنى عن خدماتك بسبب استخدامك كلمة "مشكلة"، فقد يبدو غريبًا أن تفكِّر في الحاجة إلى الخدمات التي تقدِّم على أنها مشكلة، رغم أنّ التفكير فيها بهذه الطريقة سيساعدك بخصوص مقترَح مشروع تجاري. فمثلًا، لنفترض أنّ هناك عميلًا بحاجة إلى تصميم جرافيك (جرافيك ديزاين) ليحصل على عناصر متعددة لِوُسوم (مميِّزات) علامة تجارية لصالح شركته؛ فما المشكلة هنا؟ تكمن المشكلة في الافتقار إلى إيسام (تمييز) علامة تجارية احترافي ومتماسك يصوِّر على نحو كامل لكل ما يخص العمل التجاري لذلك العميل. فعندما تصوغ الأمر بهذه الطريقة، فسيتضح بجلاء أنّ هذه مشكلة فعلية. وإذا كنت حائرًا إلى حد ما حول كيفية التفكير في ذلك من زاوية عملك الخاص؛ فلتعُد إلى تخطيطك الأولي ذي الصلة بعملك، وإلى مستنداتك للعصف الذهني. فما المشكلة التي تتولى حلّها لصالح عملائك؟ ما الحاجة، أو الرغبة، أو الحل، الذي تُقدِّم؟ استخدِم لغةً مشابهةً عند مناقشة بيان المشكلة مع عميلك ضمن مقترح المشروع التجاري خاصتك. حيث ينبغي أن يُركِّز هذا القسم من مقترح مشروعك على توضيح تفهمك للسبب الذي يجعل مشكلة العميل مهمةً بالنسبة له. كما أنك تريد إظهار امتلاكك لفهم واضح لأهمية العمل، وللكيفية التي سيستفيد منها عميلك من اكتمال مشروعه. ومن الأمور الأخرى التي تريد إظهارها لعميلك، فهي أنك تستوعب احتياجاته الخاصة. ولنعُد إلى المثال الذي طرحنا سابقًا، والخاص بمصمم الجرافيك؛ فإذا كانت العلامة التجارية الخاصة بعميلك مُعاصرةً، واحترافيةً، وقانونية؛ فأنت بحاجة إلى التعبير عن فهمك لأهمية الحصول على عناصر تصميم لشركة العميل تُجسِّد تلك الخصائص. ولكنك لا تحتاج إلى إمضاء وقت في التحدّث حول حاجة الشركات إلى علامة تجارية مواكبة للتطور، لأنّ ذلك ليس الانطباع الذي يسعى وراءه العميل. يمثّل هذا القسم من مقترَح المشروع فرصةً لك لتوضيح استيعابك ليس فقط للمشكلة الحقيقية التي يواجهها عميلك، بل وللطريقة التي يريد التعامل مع الحل وفقًا لها. الحل المقترح بالحديث عن الحلول، فالكُرة في ملعبك لتطرح حلولك، وهنا يحين الأوان لتُباهيَ قليلًا؛ وإياك أن تتردد، فأنت بحاجة إلى هذا القسم من مقترح المشروع لتُقنع عميلك المحتمل لماذا أنت الشخص الأفضل على الإطلاق لحل المشكلة، كما تحتاج إلى استخدام هذا المثال لرسم صورة لعميلك عن رؤيتك الخاصة. فصِّل بالتحديد كيف تخطط لاستخدام عملك لحل المشكلة الحالية لذلك العميل، واستغل هذا القسم لتدمج خبرتك بشرحٍ واضح لما تتصوّر حول مشروعه في حال اختار العمل معك. وبالنسبة للمثال الخاص بتصميم الجرافيك، فقد يبدو هذا نقاشًا حول أيّ نوع من أعمال التصميم سيجسّد روحَ العلامة التجارية الخاصة بالعميل وقصده على أكمل وجه، وكذلك حول ما ستقدِّم، والذي سيساعد العميل على تكوين صورة علامة تجارية أكثر تماسكًا. معلومات التسعير يتسم هذا القسم من مقترَح المشروع بالوضوح إلى حد كبير؛ فهنا تفصّل كم ستتقاضى لقاء خدماتك. احرص على الخوض في تفاصيل حول جدول تسعير -إذا خطَّطت لاستخدام أحدها-، واذكر في هذا القسم أيّ معلومات حول ودائع مدفوعة مُسبقًا في حال طلبتها من العميل، كما يمكنك استخدام هذا القسم لإعطاء تفاصيل حول ما ستقدِّم، وفي أيّ وقت ستفعل ذلك، وعلى كم من المال تتوقع أن تحصل في كل مرحلة وقتية إذا كنتَ تتّبع تلك الطريقة في عملك. ومن البديهي أنه لو كنت تطلب مجرد وديعة، مع إبقاء المبلغ الكامل الذي تستحق إلى ما بعد الانتهاء من عملك، فيمكنك توضيح ذلك هنا أيضًا. ومن الأمور الأخرى الجديرة ببذل الجهد والوقت في إنجازها، فهي أن تُقسِّم تكلفة خدماتك ضمن سطور منفصلة، فقد يتفاجأ العميل عندما يطّلع على رقم المبلع النهائي الذي تطلب لقاء خدماتك، ولكنك عندما تبيّن له كيف قسَّمتَ ذلك المبلغ (وفقًا لعدد الساعات التي عملت، والأنواع المختلفة للعمل الذي تحتاج إلى إنجازه لكل خطوة، وهكذا دواليك)، فيمكنك إظهار القيمة التي تقدِّم لعميلك المحتمل، وتوضيح أنك تستحق المبلغ الذي تطلب فعلًا. الصورة بواسطة Unsplash صيغة مقترح مشروع تجاري بعد أن تحدثنا عن الجوانب الرئيسة التي يجب أن يغطيها مقترحك؛ فقد آن الأوان للحديث عن أساسيات صياغة مقترحك وبنائه. تُعَدّ هيكلية مقترح المشروع مشابهةً لتلك الخاصة بخطة العمل التجاري، ولكنَّ من المهم ملاحظة أنهما ليسا الشيء ذاته. لذا أبقِ على استراتيجيتك الداخلية، ونقاشك المُستفيض لرؤية شركتك، وعلى البيانات المالية، خارج مقترحك؛ فالأمر برمَّته هنا متعلق بعميلك، وبالكيفية التي ستساعده وفقًا لها، وليس بتفاصيل عملك عمومًا. لذا، نقدم لك نموذج مخطط يمكنك العمل على غراره. وتذكَّر أنّ هذا المخطط شامل، أي أنك قد لا تحتاج إلى تضمينه في كل تلك المَحاور، وذلك بحسب عملك الخاص والمشروع الذي تطمح إلى إنجازه. صفحة العنوان في البداية، يجب أن يُستهلَّ مقترحُك بصفحة العنوان، والتي ينبغي أن تتضمن اسمك، واسم شركتك، واسم الشركة، والأشخاص اللذَين تقدم لهما المقترَح، وتاريخ تقديمك له. جدول المحتويات مع أنه غير ضروري، ولكنَّ تضمنيك في المقترحَ جدولَ محتويات -لغرض إضافة مزيد من التفصيل-، يمثّل لمسةً جميلة، ويساعد في تنظيم مقترحك بالنسبة للقارئ. الملخص التنفيذي إذا كان لديك خطة عمل تجاري (ولنقل أنه قد ينبغي أن يكون لديك واحدة تعمل عليها بانتظام)، فيمكنك الاستفادة من ملخّصك التنفيذي الموجود لديك مسبقًا في إعداد مقترح المشروع هذا. وعلى أي حال، ركِّز أكثر على الترويج لعملك هنا، أي أكثر قليلًا من المتوقع في ملخص تنفيذي لخطة عمل. إنها فرصتك الأولى لجذب القارئ وجعله يقتنع بجدارتك أنت وشركتك، بأن تُؤخدا بالحُسبان لإنجاز هذا العمل. ويمكنك الخوض في بعض التفاصيل حول تاريخ شركتك أو عملك، والخدمات التي تقدّم، وعملائك السابقين، وأي معلومات أخرى قد تظن أنها ستكون مُقنِعة. الخلفية ووصف المشكلة بالعودة إلى القسم أعلاه، ستخوض هنا في تفاصيل المشكلة الماثلة، فبينما عليك صياغة فكرة بيان المشكلة والحل المقترَح -عندما يمكنك ذلك- ضمن مقترح المشروع الذي تُعِدّ، يمثّل هذا القسم المكان المحدد الذي يمكنك فيه شرح المشكلة التي يواجهها العميل. الأغراض والأهداف والنطاق يمثل هذا القسم -على نحو مشابه للملاحظة المذكورة حول القسم السابق- المكانَ الذي تعطي فيه تفاصيلًا حول الحل الذي تقترح. ليس هذا فقط، بل يمثّل هذا القسمُ المكانَ الذي يمكنك فيه صياغة "السؤال" الكامن وراء الحل الذي تقترح. فصِّل في كيفية مقاربة خطتُك للمشكلةَ، واذكر الخطوات التي ستتخِذ، والموارد التي ستوظِّف، والعملية التي ستمر فيها. ومن الواضح أنّ التفاصيل المطلوبة هنا ستتنوع كثيرًا بحسب المجال، أو الصناعة ذات الصلة، ولكن يمكنك هنا تحديدًا توضيح كيف ستُنجز عملك في حال اختار العميل توظيفك. وعلى سبيل الملاحظة، احرص على تقليل استخدام المصطلحات، والخصائص المميزة للمجال، أو الصناعة ذات الصلة، أي لا تكشف كل المعلومات التي سيكون عميلك مهتمًا بها. كما ستتنوع التفاصيل وفقًا للمجال أو للصناعة ذات الصلة، ولكنك لا تريد المخاطرة في فقدان الاهتمام بمقترحك عبر الخوض في تفاصيل شاملة لن يكون العميل مهتمًا بها (أو لن يفهمها حتى). المؤهلات بينما قد تكون عرَّجتَ على خبرتك السابقة في الملخَّص التنفيذي الذي تحدثنا عنه أعلاه، يمثّل قسم المؤهلات هذا مُتّسعًا يتيح لك الخوض في مزيد من التفاصيل التي تجعل منك الشخص المناسب لإنجاز العمل. فهل درستَ في مؤسسة تعليمية مرموقة لديها برنامج رصين ضمن مجال عملك؟ أو خضعت لتدريب داخلي مع إحدى الشركات أو الجهات المؤثّرة ذات السمعة الحسنة؟ ولْتقدّمْ أيضًا معلومات حول الوقت الذي أمضيت في عملك هذا، وحول التعليم الإضافي الذي انخرطتَ فيه، والجوائز أو الأوسمة التي تلقّيت، وأيَّ معلومات أخرى تعتقد أنها ستعزز فرصتك. المتطلبات والجدول الزمني قد يكون هذا القسم طويلًا أو موجزًا، وذلك بحسب نطاق المشروع. فقد يتضمن مجرد تاريخ نهائي لتحقيق النتائج المتوخاة، أو قد يمثل جدولًا مُفصّلًا يناقش ما سيُنجَز وفي أي وقت، ومتى ستعقد لقاءات بغرض التواصل، وهكذا دواليك. احرص على أن تكون واقعيًا في هذا القسم، فليس من الجيد المبالغة في الوعود دون الوفاء سوى بالقليل منها. فرغم أنك قد ترغب في إثارة إعجاب عميلك بقدرتك على إنجاز العمل بوقت أقصر من المنافسين، لكنّ الخطر الذي قد يهدد علاقتك بذلك العميل (وسمعتك ككل) -في حال فشلت في إكمال المشروع بحلول الموعد النهائي المحدد-، أهم بكثير من مجرد حصولك على العمل المحتمل، والذي قد تتعثر في إنجازه خلال الوقت المحدد. بالإضافة إلى ما سبق، يمكنك وضع قسم خاص بالمتطلبات هنا، والذي يتضمن أي شيء تحتاج إليه من العميل المحتمل لإكمال المشروع. فقد تحتاج مثلًا للولوج إلى موقعه الإلكتروني للعمل عليه، أو إلى دخول أبنية شركته خلال أوقات أو أيام محددة. ميزانية المشروع يقع هنا مكان "معلومات التسعير" ضمن مقترح مشروعك، إضافةً إلى المعلومات الخاصة بطريقة الدفع التي تقبل، وأي معلومات أخرى ذات صلة. ومثلما ذكرنا سابقًا، فقد يكون هذا القسم مُسهَبًا أو موجزًا، بحسب الجدول الزمني الخاص بإنجاز العمل، وطريقة الدفع التي ترغب فيها. فقد يكفي أن تُعَنوِن هذا القسم "ملخص الرسوم"، أو قد ترغب في تقسيمه تحت عنوان "جدول الرسوم" لتعرض فيه كم ستتقاضى وميعاد ذلك. الموظفون وأصحاب المصلحة إذا كان أنت، أو شخص غيرك ضمن فريقك، من سيتولى حل المشكلة المحدَّدة، فستذكر ذلك في هذا القسم، وقد يُنجز ذلك بعمل قائمة بسيطة بالأشخاص الذين سيشتركون في إكمال المشروع، إضافةً إلى أيّ معلومات أخرى حول الهيكلية الإدارية المهم تضمينها هنا. الجوانب القانونية إذا كان هناك جوانب تتطلب الحصول على تراخيص أو تصاريح، فلتورِد في هذا القسم المعلومات المهمة حول الأمور القانونية؛ أمّا إذا لم يكن ذلك ينطبق على المجال أو الصناعة التي تعمل فيها، فيمكنك إلغاء هذا القسم نهائيًا من مقترحك. الصورة بواسطة Unsplash الرقابة والتقييم ما الذي يحتاج إليه العميل المحتمَل للتأكد من سير المشروع بسلاسة، ومن إكماله في الموعد المحدد؟ هذا ليس كل شيء، بل ماذا يعني "إكمال" جوانب معيّنة من المشروع، أو كيف يبدو ذلك؟ ستودّ مناقشة هذه الجوانب في هذا القسم من مقترح المشروع الخاص بك. احرص على الدقة أثناء ذِكر ما ستنجِز، وفي أي وقت، وكيف يمكن لعميلك تحديد ما إذا أُكمِلَت كل مرحلة على نحو مُرضٍ بالنسبة له. مخاطر تولي المشروع من الواضح انطباق هذا القسم على مجالات أو صناعات معيّنة دون غيرها، لأن بعضها ذو مخاطر عالية بطبيعته. فإذا كنت تقدِّم خدمات تصميم الجرافيك -كما في المثال الذي ذكرنا بدايةً- فلا يتضمن هذا العمل خطرًا مرتبطًا بالمدة الزمنية. ولكن، إذا كنت تتعامل مع مواد فيزيائية، أو بيانات حساسة، أو أنواع معينة من الملكية الفكرية، فستحتاج إلى تفصيل تلك المخاطر في هذا القسم. معايير النجاح عرَّجنا في القسم الخاص بالرقابة والتقييم أعلاه، على أنك ستحتاج إلى توضيح معايير إكمال العمل المطلوب منك؛ أما هنا، فعليك توضيح ذلك بخصوص إكمال المشروع النهائي ككل. فصّل هنا معايير نجاح العمل النهائي التي ستقدّم، والنتيجة التي سيحصل عليها العميل، كما يمكنك تقسيم معايير النجاح إلى خطوات متعدِّدة -إذا كان ذلك مطلوبًا- ما دام مُحتملًا ألا يكون لديك سوى القليل من الجوانب التي -في حال تحقيقها- تؤشِّر إلى النجاح وإكمال المشروع. يمثل هذا طريقةً يهتدي بها العميل لتحديد ما إذا كنتَ قد أنجزت العمل الذي اختارك له، كما يمثل ضمانةً بالنسبة لك، لأنك إذا استوفيتَ معايير النجاح التي اتفقتما عليها، فيمكنك أن تثبت بوضوح إكمالك للمشروع على النحو المتفق عليه بينكما. التصديقات والخطوات التالية والمزايا والملاحق قد تحتاج إلى إرفاق معلومات تكميلية نهائية، وذلك بحسب مقترحك والمجال الذي أنت جزء منه. إذا كان المشروع قد مُنِح المصادقة أو التأييد من أشخاص رئيسيين، فأورِد أسماءهم هنا، وأضف معلومات الاتصال الخاصة بهم. كما يمكنك إضافة قسم تحت عنوان "الخطوات التالية"، لتشير فيه إلى ما على متلقّي المقترح فعله للاتصال بك. بوسعك العمل أيضًا على قسم "مزايا" نهائي. فمثلما يفيد قسم "الخطوات التالية" في الدعوة إلى العمل، فسيتيح لك قسم المزايا فرصةً واحدةً أخيرة لبيع خدماتك للزبون المحتمل. وهنا لا تتردد، بل قدّم نقاشك الأكثر إقناعًا حول السبب الذي سيجعله يختارك لتنجز له العمل بدلًا من المنافسين (دون أذيّتهم بكلامك). كرِّر ذِكر ما يجعلك الخيار الأفضل، والرؤية التي لديك عن مشروعهم، والأسباب التي تسمح لخبرتك، أوعملك السابق بإظهار مهارتك، ومدى مناسبتك للمشروع. ثم اختتِم مقترح المشروع بمُلحَق إذا دعت الحاجة. وإذا كان بحوزتك مواد داعمة تحتاج إليها لتعزز موقفك (مثل: دراسات بحثية، وإحصاءات، واقتباسات خارجية، ومعلومات مالية، وما إلى ذلك)، فأرِفق ملحقًا، ودعِّم مقترحك بتلك المعلومات. ترجمة وبتصرّف للمقال How to Write a Persuasive Project Proposal لصاحبته Briana Morgaine.
  13. إذا حاولتَ وصف خصائص المدير الناجح، فيُحتَمل مرورك بالعديد من سمات الشخصية، مثل: العاطفي، والمسؤول، والمنفتِح فكريًا، والموثوق، إلخ. كما تزخر شبكةُ الويب بتوصيفات رنّانة لشخصية المدير الناجح. ولكن، ما الغرض من كل تلك الأوصاف الجامدة ما دمتَ تبحث عن تعزيز مهاراتك القيادية على نحو نشِط وملموس. هل تود معرفة كيف تصبح مديرًا أفضل؟ إذًا، أنت بحاجة إلى اتّباع بعض القواعد الذهبية، حيث تُجمِل هذه المقالة تلك القواعد في خمس شعارات إدارية. تعلم كيف تصبح مديرا أكثر نجاحا باتباع هذه الاستراتيجيات الخمس البسيطة 1. يفكر المديرون العظماء مثل المدربين ماذا يعني أن تفكر مثل المدربين؟ حاوِل مقاطعة الفكرة التي لديك عن المدرب مع تلك الخاصة بالمدير في العمل، إذ يضع المدير الرؤساء في مواجهة المرؤوسين، كما يريد الحصول من كل موظف لديه، على أكبر قدر ممكن من العمل. وبالمقابل، يطوِّر المدربون الأشخاصَ مُتلقِّي التدريب، فيتواصلون معهم غالبًا لاستيعاب احتياجاتهم وإمكاناتهم. ووفقًا لمؤسسة غالوب: كيف تنمي ذهنية المدرب؟ فكِّر في الأسئلة، لا في الإجابات: ساعِد الموظفين في إيجاد حلولهم الخاصة، وذلك بطرح أسئلة، مثل: "ما الذي ستفعلونه بصورة مختلفة في المرة القادمة؟" بدلًا من إخبارهم مباشرةً بما عليهم فعله. تواصَل في أغلب الأوقات: اعقد اجتماعات فردية مع الموظَّفين للحديث وطرح أسئلة عن كل شيء، مثل: كيفية سير العمل، والصعوبات التي يواجهونها، وعمّا يستمتعون بفعله، وعن الأفكار التي لديهم. أي ببساطة، تحدَّث في الجوهر، وتحدّث في أغلب الأوقات. وسِّع المَدارِك: لكي تساعد موظفيك على النمو، عليك دفعُهم خارج حدودهم. فكِّر في وضع "أهداف ممتدة" تُطوِّر الموظفين. ما فوائد ذهنية المدرب؟ يقدِّم الموظَّفون كل ما لديهم عندما يعلمون أنك تتوخّى مصلحتهم في الأساس. يُنجِز الموظفون بكل ثقة عندما يشعرون بأنهم ممنُوحُوها. ما دام المدرِّب جزءًا من الفريق وليس رئيسًا يمارس سلطته عليه، فسيعزِّز الروح التعاونية بدلًا من تكريس جو يتّسم بالعدائية. 2. لا تكن مغترا بنفسك يقتضي منك العمل مديرًا التحلي بالتواضع إذا ما أردتَ تحقيق النجاح، فالمدير الناجح لا يكون مغرورًا ولا مُنغلِق الفكر، بل تجِده مع موظفيه في أحلك الظروف، ويُمهّد لهم الطريق نحو النجاح. فلا يكفي أن يكون المدير رفيع المرتبة في الهرم المؤسسي للجزم بمعرفته للطريقة الأفضل في كل المسائل. وهذا ما يقتضي منك التخلُّص من النهج المُتعالي في التعامل مع موظفيك لصالح آخر يتّسم بالتعاون معهم، وذلك بالرغم من المتعة المصاحِبة لتقديمك توجيهات دقيقة في المهام والمشاريع التي تُدير. تذكَّر أنه بوسعك تعلُّم الكثير من الخبراء ضمن فريقك. كيف تتخلص من غرورك؟ اطلب مساهمة الموظفين: عندما تخطط لمشروع أو مهمة، اجمع كلَّ من سيشارك فيهما، واطلب منه المساهمة بأفكاره، لتحظى برؤىً جديدة. أثنِ على أداء موظفيك: عندما ينجح فريق موظفيك في تحقيق الأهداف المطلوبة، أو يتفوَّق أحدهم في أمر ما، فلتُقدِّر جهودهم، ولتسألهم عن الطريقة التي عملوا وفقًا لها بحيث تتعلم منهم أيضًا. تحمَّلِ العبء: عند ظهور عَقَبة في أي مشروع أو مهمة، فلا تجعل همَّك البحثَ عن المُخطِئ ولومَه، بل تحمَّل بعض المسؤولية بوصفك مديرًا ناجحًا، واسأل نفسك ما إذا كان بوسعك توجيه فريقك على نحو مختلف، ولكنك لم تفعل. ما النتائج الإيجابية للإدارة بتواضع؟ سينظر إليك الموظَّفون بوصفك شريكًا، وليس رئيسًا يتملّكه الغرور، مما يعني أنهم سيصبحون أكثر رغبةً في اتّباع تعليماتك، وأكثر جرأةً في اقتراح أساليب جديدة. إذا وجدكَ الموظفون مغرورًا، فقد يُحجِمون عن إعلامك بالمشاكل. أي بعبارة أخرى، يُجنّبك التواضع إخفاء الموظَّفين لتلك المشاكل عنك. يتعزَّز اندماج الموظَّفين، وتحفيزُهم، ورضاهم، عندما يشعرون بأنهم أكثر انخراطًا في عملية اتخاذ القرارات، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بمهامهم وأدوارهم. نصيحة: اعترِف بأخطائك. فإذا وضعتَ أهدافًا مبالغًا فيها، أو ارتكبت خطأً متهوِّرًا بمشاركة معلومات، أعلِن أنك قد أخطأت. فهذا تواضعٌ منك، ويُمثِّل سابقةً سيقتدي بها موظفوك. 3. ابتعد عن الإدارة التفصيلية قد تظنُّ أنّ القاعدة الأهم للإدارة الناجحة هي معرفة ما يفعله كل موظف لديك على نحو دائم، غير أنّ ذلك من شأنه كبت إبداع موظفيك وتحفيزهم، كما أنه يكرِّس جوَّ عمل سيّئًا يسوده الخوف وفقدان الشعور بالارتياح. وبالنتيجة، يؤدي اتباع المدير منهجَ الإدارة التفصيلية إلى إظهار موظفيه بمظهر المتفانين في العمل، ولكن النتائج في الحقيقة تكون بالكاد كافية، لأنَّ الخوف هو ما يدفعهم للعمل على تحقيق تلك النتائج. وتعني الإدارة الكلّية- أي المقتصرة على ممارسة أقل قدر من الإشراف المباشر من طرف المدير، وهي عكس الإدارة التفصيلية-، التحقق من المشاريع عالية المستوى التي يعمل عليها موظَّفوك، ولا تتضمن مراقبة الكيفية التي يختارون تنفيذها وفقًا لها. حيث يساعد امتلاكك لهذه النظرة عالية المستوى للمبادرات ضمن فريق موظفيك، على تحذيرهم بخصوص النقاط التي يغفلون عنها، وعلى تدريبهم عبر التشكيك في قراراتهم للتأكد من صوابها. كيف توسع نظرتك؟ لا تمارس دور الرَّقيب: إياك أن تدور حول مقعد أحد الموظَّفين لترى ما يفعل، ولا تبعث برسائل وبريد إلكتروني، لطلب إبلاغك بكل جديد. حدِّد أوقاتًا للتواصل بموظفيك: بعدما تحدِّد المهام مع موظفيك، اسألهم عن الوقت الذي سيحتاجونه قبل تفقِّدك للتقدم الذي أحرزوه في إنجازها. استوعبِ العمليات: لا تكتفِ بالمطالبة برؤية العمل المُنجَز والحكم عليه، بل استفسر عن العملية التي أُجريَ وفقًا لها، وعن سبب اتخاذ القرارات، بحيث تخطى برؤية شاملة حولها. مزايا الإدارة الكلية قد يساعد تخفيف الضغط المُرافق للإدارة التفصيلية في تقليل الأخطاء الناتجة عنه، وفي تخفيض معدَّل غياب الموظَّفين عن العمل. قد يجد الموظفون سُبُلًا جديدةً أكثر فعالية لإنجاز المهام، أو تنظيم أعباء العمل؛ أو قد يقدِّمون نتائج أفضل من المتوقع. يوصِل المديرون التفصيليون رسالةً مفادها أنَّ نِتاج الموظف يعود لهم. وبالمقابل، يُشعِر المديرون الكُلِّيون الموظَّف بأنه أكثر ارتباطًا بنتائج عمله. نصيحة: لا يعني ابتعادُ المدير الكلي عن مراقبة عمل موظفيه أن يختفيَ تمامًا من المشهد، بل عليه تذكير موظَّفيه بسياسة الباب المفتوح التي يتبنّى؛ فيمثِّلُ ذلك طريقةً ممتازةً ليطّلع ذلك المدير على المرحلة التي وصل إليها موظفوه دون مراقبته لهم عن كثب. 4. استقطب التقييمات تتمثل القاعدة الرابعة للمدير الناجح، في التقييم الدائم لطريقة استجابة موظفيه لقيادته. ويعني ذلك إبقاءُ التواصل متاحًا ومستمرًا لضمان ديمومة الحوار المتعلق بالتطوّر. وتكمن المشكلة في أنَّ الموظفين ليسوا مستعدين دائمًا لإعطاء مديرهم تقييماتٍ بنّاءة، مما يجعل طلب التقييمات والملاحظات من موظفيك أمرًا مهمًا على الصعيد الاستراتيجي، وذلك ضمن بيئة يرتاحون فيها للإفصاح عما يدور في أذهانهم من أفكار وآراء. كيف تحصل على تقييمات صادقة ومنتجة اجعلها مجهولة المصدر: امنح موظفيك خيار مشاركة تقييماتهم وآرائهم دون الكشف عن أسمائهم. فلا تخفى أهمية تطبيق هذا المستوى من الأمان على المحادثات في الحصول على تقييمات وآراء أكثر صدقًا وموضوعيةً حول مهاراتك الإدارية. كرِّسها عادةً: كلما ازداد تكرار طلبك لتقييمات موظفيك وآرائهم، زاد ارتياحُهم بمشاركتها معك. اجعل من ذلك عادةً بعدَ المشاريع الكبرى التي تنجزون بحيث يمكنهم إبداء تقييماتهم، وآرائهم حول انخراطك في العملية وتوجيهك لها. تصرَّف بناءً على تلك التقييمات: إنَّ تصرُّفك وفقًا للتقييمات والآراء التي تتلقى من موظفيك، والتي تحتاج إليها للتقدم، هو خير سبيل لضمان استمرارهم في إبدائها. أي بعبارة أخرى، إن لم تفعل شيئًا لأخذ تلك التقييمات والآراء بالحسبان، ووضعها موضع التنفيذ، فستفقد ثقة موظفيك فيك وفي الجدوى من إبدائها. ما مزايا تلقي تقييمات بانتظام؟ إظهار أنك تصقل مهاراتك القيادية والإدارية على نحو دائم، بدلًا من الرُّكون إلى الأساليب والإمكانات الحالية بوصفها ثابتة، وتمثل أقصى ما يمكن تطبيقه. إنَّ إظهار تَوقِك إلى تلقي تقييمات موظفيك يجعلهم يدركون قيمتها. يُجسِّدُ المديرون طالِبو التقييمات ديناميكيةً تبثُّ الروح في مكان العمل، إذ لا تجد موظفًا يريد العمل في جو يسوده الجمود ولا يُجرى فيه أي تغيير كان. 5. انظر للأمام تتمثل القاعدة الأخيرة لتكون مديرًا ناجحًا، في التطلُّع نحو المستقبل. ويعني ذلك- من ناحية الإلهام- استنفار جهود موظفيك نحو مهمة مشتركة وحِسٍّ هادف، إذ سيضمن لك تحفيزهم برؤية وبصيرة، تحويل العمل اليومي إلى أداء مهني منتِج، وهو الشغل الشاغل للمديرين المتميزين. ويعني ذلك -على الصعيد الاستراتيجي- توقُّع الخطوة التالية أو التنبؤ بالعوائق التي قد تظهر مستقبلًا، ويتلخص الأمر في تبنّي ذهنية استشرافية تستبق الأمور بخطوة تركّز بثبات على القادم بدلًا من الانشغال فيما فات. كيف تصبح قائد فريق ذا رؤية مستقبلية؟ اربط العمل بالهدف: عندما يتمكن الموظفون من الربط بين مهامهم اليومية من جهة، وبين مهمة المؤسسة وأهدافها البعيدة من جهة أخرى، فسيمكنهم تكريس معنىً لعملهم والإحساس بالتأثير الذي يُحدِثون. خطِّط للمستقبل: قد يكون تركيز فريقك مُنصبًّا على العمل المطلوب منه في الربع الأول من العام، ولكنَّ عليك توقع الآتي. راقب بعناية المنافسين الجدد، وتوجهات السوق الحديثة، والتغيرات الوشيكة في استراتيجيات الشركات، والخصائص المستقبلية للمنتج خاصتك، إلخ. ناقِش فرص التطور: اعقد لقاءات فردية لمناقشة مساهمة موظفيك بعيدًا عن مهامهم اليومية، وتحدَّث عن كيف يرون تطوُّرهم الذاتي ضمن المؤسسة، وكيف يريدون توظيف نقاط قوتهم بالتزامن مع تطور الشركة. النتائج المذهلة للرؤية المستقبلية يُضفي الحديثُ عن المستقبل معنى للحاضر، فيجعل الصعوبات اليومية تبدو استثمارًا في المستقبل بدلًا من مجرد مهام يومية. إنَّ ربط موظفيك بين عملهم اليومي ومستقبل الشركة، يجعلك تقدم رؤيةً تجعلهم يلمسون التقدم الذي يحرزونه بالتوازي معك ومع الشركة ككل. ويعني ذلك مزيدًا من الالتزام طويل الأمد، وانخفاض معدّل تبديل الموظَّفين. يساعد التفكير خارج دائرة الحاضر موظَّفيك على استشراف المستقبل، إذ تمثّل الاستباقية والتوقع عنصرين رئيسين للتخطيط الناجح. ترجمة وبتصرّف للمقال How to be a good manager: 5 golden strategies to live by لصاحبه Michael Scheiner.
  14. إنَّ أول قرار يُتَّخذُ في تخطيط الإنتاج؛ هو ذلك المتعلق بنوعِ عملية الإنتاج، أي طريقة إنتاج السلعة، أو تقديم الخدمة الأكثرِ ملاءمة لأهداف الشركة، ورغبة الزبائن، ومن الاعتبارات الأخرى المهمة؛ نوعُ السلعة التي تُصنّع، والخدمة التي تُقدَّم، لأن عمليات الإنتاج تختلف باختلاف نوع السلع التي تُنتَج و في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على أنواع عملية الإنتاج التي تستخدمها شركات التصنيع والخدمات التي هي عموما؛ ثلاثة أنواع للإنتاج، هي: الإنتاج الشامل، أو الضخم، Mass Production، والتخصيص الشامل Mass Customization، والتخصيص Customization، وإلى جانب نوع الإنتاج، يصنِّفُ مديرو العمليات، عملياتِ الإنتاج بطريقتين؛ هما: وفقًا لطريقة تحويل المُدخلات إلى مُخرجات. وفقًا لتوقيت العملية. الإنتاج الشامل لقد كانَ الإنتاجُ الشامل Mass Production، وهو تصنيع العديد من السلع المتطابقة، نتاجَ الثورة الصناعية، ومن الأمثلة الجيدة على بواكير الإنتاج الشامل سيارة هنري فورد Henry Ford، موديل تي Model T؛ فقد كانت جميع السيارات التي ينتجها مصنع فورد متطابقة، وقدِ انطبق ذلك على لونها -أيضًا- فلو أردتَ لونًا لسيارة فورد في تلك الحقبة غير اللون الأسود، فلم يكن ليحالفك الحظ، ومن الأمثلة الأخرى على السلع التي تُنتج إنتاجًا شاملًا؛ الأطعمة المُعَلَّبة، والدواء الذي يُباع دون وصفة طبية، والأجهزة المنزلية، ويجري التركيزُ في الإنتاج الشامل على إبقاء التكاليف منخفضة عبر تصنيع منتجات متماثلة، باستخدام عمليات نموذجية مكررة، وكلما زاد تصنيعُ المنتجات تعقيدًا؛ زاد تعقيدُ الإنتاج الشامل -أيضًا- ومن الأمثلة على ذلك؛ أنه بات على مصنِّعي السيارات الآن، إدخال مزيد من الأنظمة الإلكترونية إلى تصاميم السيارات التي ينتجون، ونتيجة لذلك، فقدِ ازداد عدد محطات التجميع في معظم مصانع تجميع السيارات. السلع المخصصة في التخصيص الشامل Mass Customization، تُنتَج السلعُ باستخدام أساليب الإنتاج الشامل Mass Production، ولكن حتى نقطةٍ محددة -فقط- يجري بعدها تخصيصُ المنتَج، أوِ الخدمة؛ وفقًا لاحتياجاتِ الزبائن الأفراد، ورغباتهم، فعلى سبيل المثال، تستخدم شركةُ أميريكان ليذر American Leather، وهي شركة تصنيع أثاثٍ منزليٍّ؛ مقرُّها مدينة دالاس Dallas بولاية تكساس الأمريكية، تستخدمُ التخصيصَ الشامل لإنتاج أرائك، وكَرَاسٍ؛ وفقًا للمواصفات التي يطلبها زبائنها خلال 30 يومًا؛ إذ تكون إطاراتُ الأثاث، وهياكله هي ذاتُها، ولكن يجري قَصُّ نوعِ الجِلد الذي يطلبه الزبون، ولونِه، مسبقًا، بواسطة آلات قصٍّ مؤتمتة، ثم يُضاف الجلد المقصوص ذي النوع، واللون المطلوبَين، إلى هيكل كل قطعة أثاث. أما التخصيص Customization؛ فهو عكس الإنتاج الشامل Mass Production، وتنتِجُ الشركاتُ وفقًا له سِلعةً واحدة، أو تقدم خدمةً واحدة، -فقط- في كل مرة، وذلك وفقًا لاحتياجات الزبائن، أو رغباتهم، وفي التخصيص Customization، وبعكس التخصيص الشامل Mass Customization، يتصف كلُّ منتَجٍ، وخدمة بأنهما فريدان، فعلى سبيل المثال، قد ينجز محلُّ طباعةٍ مجموعةً متنوعة من المشاريع، بما في ذلك الصحف، والكُتيِّبات، والقرطاسية، والتقارير المطبوعة، وتتنوع كلُّ مطبوعةٍ من ناحية الكمية، ونوع عملية الطباعة، وطريقة الربط التجليد، ولون الحبر، ونوع الورق المستخدم، وتُسمَّى الشركةُ التي تنتج سلعًا وفقًا لطلبات الزبائن -ورشة عمل بنظام إنتاج طلبيات Job Shop. الصورة 10.5: تصنيف أنواع الإنتاج table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الإنتاج الشامل التخصيص الشامل التخصيص منتجات، أو خدمات مماثلة إلى حدٍّ كبير، وتُصنَّع العديد من المنتجات تصنيعًا متتاليًا. إنتاجٌ نموذجي متماثل حتى نقطةٍ محددة -فقط- ثم تُضافُ خصائصُ فريدة لكل مُنتَج. يُصنَّعُ كلُّ منتَجٍ، أو تُقدَّمُ كلُّ خدمةٍ، وفقًا لمتطلبات الزبائن الفردية. أمثلة: حبوب غذائية للفطور، ومشروبات غازية، ولوحات مفاتيح الحواسيب. أمثلة: أجهزة حاسوب من ماركة ديل Dell، والمنازل المتماثلة؛ التي تُبنى معًا على قطعة أرض واحدة، وعِصِيّ الغولف من صنع شركة تايلور ميد غولف TaylorMade Golf. أمثلة: المنازل المخصصة، والخدمات القانونية، وقصّات الشعر. وهناك بعض أنواع شركات الخدمات؛ التي تقدم خدمات مخصَّصة، فعلى الأطباء -مثلًا- أن يأخذوا بالحسبان الأمراض الخاصة بكل متداوٍ لديهم، وظروفه، قبل تقديم خطة علاج مخصص لكل منهم، وينطبق الأمرُ ذاتُه على وكلاء العقارات؛ الذين قد يقدمون خطة خدمة مخصصة لكل زبون؛ وفقًا لنوع المنزل الذي يُريد بيعه، أو شراءه، وتُبيِّنُ الصورةُ 10.5 الاختلافات بين كل من الإنتاج الشامل، والتخصيص الشامل، والتخصيص. تحويل المدخلات إلى مخرجات مثلما سبق أن بيَّنا، يتضمن الإنتاجُ تحويلَ المُدخلات (الموارد الطبيعية، والمواد الأولية، والموارد البشرية، ورأس المال) إلى مُخرجات (منتجات، وخدمات). وفي شركة تصنيع، عادة ما تكون المُدخلات، وعملية الإنتاج، والمُخرَجات (المنتجات) النهائية، واضحة، فشركة هارلي-ديفيدسون Harley-Davidson مثلًا تُحوِّلُ الصُّلب، والمطّاط، والطلاء إلى دراجاتٍ نارية، أما عملية الإنتاج في شركة خدمات، فتتضمن عملية تحويلٍ أقل وضوحًا، فالمستشفياتُ على سبيل المثال تحوِّلُ المعرفة، والمهارات التي يمتلكها أفرادُ طاقمها الطبي، بالتوازي مع التجهيزات، والإمدادات التي تأتيها من مختلف المصادر، إلى خدماتِ رعايةٍ صحية للمرضى. ويقدِّمُ الجدولُ 10.1 أمثلةً للمُدخلات، والمُخرَجات التي تستخدمها شركات متنوعة أخرى. وهناك عمليتان رئيستان لتحويل المدخلات إلى مخرجات؛ الأولى هي عملية التصنيع Manufacturing Process التي يجري خلالها تحويل المُدخلات الرئيسة (الموارد الطبيعية، والمواد الأولية) إلى مُخرَجٍ واحد، أو عدة مُخرَجات؛ فخامُ البوكسيت Bauxite (وهو المُدخَل) مثلًا، يُعالَج ليُستخرَج منهُ الألومنيوم (المُخرَج/ المُنتَج)، أما عملية التجميع Assembly Process فهي على النقيض من عملية التصنيع، ووفقًا لها، إما أن تُجمَعَ المُدخلاتُ الرئيسة، مثل الموارد الطبيعية، والمواد الأولية، أو الموارد البشرية، لإنتاج مُخرَج، أو أن تُحوَّل إلى مُخرَج، فالطائرة -مثلًا- تُصنَع عبر تجميع آلاف القطع، التي تُعدُّ مدخلاتها من المواد الأولية، كما يستخدم مُصنِّعو الصلب الحرارةَ لتحويلِ الحديد، وغيره من المواد إلى صلب؛ أما في مجال الخدمات، فيمكن للزبائن أن يلعبوا دورًا في عملية التحويل، فمثلًا تجمعُ عمليةُ إعداد الضريبة بين المعرفة التي يمتلكها من يتولى ذلك، وبين المعلومات التي بحوزةِ الزبون حول أموره المالية الشخصية، بهدف استكمال إعداد الإقرار الضريبي. توقيت الإنتاج التوقيت هو الأمرُ الثاني الذي ينبغي أخذه بالحسبان عند اختيار نوع عملية الإنتاج، فعملية الإنتاج المستمرة Continuous Process تستخدم دوراتِ إنتاجٍ طويلة، قد تستمر لأيام، أو أسابيع، أو أشهر، من دون إطفاء الآلات المستخدمة فيها، ويعد ذلك النوع من عمليات الإنتاج، الأفضل بالنسبة للمنتجات التي تُصنَع بكمياتٍ ضخمة، وبتنوعٍ محدود مع أجزاءٍ نموذجية مثل المسامير، والزجاج، والورق، وهناك بعض الخدمات التي تستخدم عمليةَ الإنتاجِ المستمرة، ومن الأمثلة عليها: شركة الكهرباء المحلية، وفي عملية الإنتاج المستمرة تكون تكاليف إنتاج الوحدة من المنتَج منخفضة، وتسهل فيها جدولة الإنتاج. تحويل المُدخلات إلى مُخرَجات نوع الشركة المُدخَلات المُخرَجات شركة خطوط جوية طيارون، مضيفون، نظام حجوزات، موظفو بيع تذاكر، زبائن، طائرات، طواقم صيانة، منشآت أرضية. حركة مسافرين، وبضائع. متجر بقالة بضائع، مبنى، محاسب، مشرف، تجهيزات ثابتة للمتجر، عربات تسوُّق، زبائن. حاجيات يشتريها الزبائن. مدرسة ثانوية هيئة تدريس، منهاج دراسي، مَبانٍ، قاعات تدريس، مكتبة، قاعة، صالة ألعاب رياضية، طلّاب، فريق عاملين، مستلزمات. خريجون، وخدمة عامة. شركة تصنيع آلات، مواد خام، معمل، عمال، مديرون. منتجات نهائية للزبائن، وغيرهم من شركات. مطعم طعام، معدات طبخ، نُدُل، طهاة، آلات غسل الأطباق، مُضيف، زبائن، أثاث، تجهيزات ثابتة. وجباتٌ للزبائن الجدول 10.1 أما في عملية الإنتاج المتقطعة Intermittent Process، فتُستخدَمُ دوراتُ إنتاجٍ قصيرة؛ لتصنيع دفعاتٍ من المنتجات المتنوعة، وتُطفأ خلالها الآلاتُ لتغييرها؛ بهدف تصنيع منتجات مختلفة في أوقات مختلفة، إذ تعدُّ عمليةُ الإنتاج تلك، الأنسبَ للمنتجات المُصنَّعة بكمياتٍ قليلة، وكثيرةِ التنوع، مثل المنتجات التي تُصنَع وفقًا للتخصيص الشامل، أو التخصيص، ومن الأمثلة على الشركات التي تستخدم عملية الإنتاج المتقطع؛ ورشاتُ العمل بنظام إنتاج طلبيات Job Shops. ومع أن بعض شركات الخدمة تستخدم عمليات الإنتاج المستمرة؛ فإن أغلبها يعتمد على عمليات الإنتاج المتقطعة، ومن الأمثلة على ذلك: المطاعمُ التي تُحضِّرُ وجبات طعامٍ فاخرة حسب طلب الزبون، والجرّاح الذي يجري عملية جراحية للمريض، وشركات الدعاية، والإعلان؛ التي تصمم حملات لزبائنها التجاريين، هذا وتشترك كل الأمثلة السابقة في تخصيص خدماتها؛ لتناسبَ رغبات كل زبون لديها، إذ تستخدم جميعُها عملية الإنتاج المتقطعة، ولك أن تلاحظ أن "دورات الإنتاج" الخاصة بالأمثلة السابقة، قد تكون قصيرة جدًا، مثل شواء سمكة سلمون في مطعم، أو إجراء فحص لأحد المرضى من قبل طبيب. introduction to businessترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب
  15. هناك عدة نظريات حول الأساليب المختلفة للقيادة، نُفضِّل منها نظرية دانيال جولمان المعروفة بنظرية "أساليب القيادة الستة"، والتي يناقشها في كتابه بعنوان القيادة البدائية؛ أما عن سبب تفضيلنا لها، فلأنها لا تُركِّز فقط على المهارات الصلبة؛ كما نتفق معها لجهة أنَّ القادة العظماء إنسانيون وأذكياءُ عاطفيًا في جوهرهم. سنأخذك عبر هذه المقالة في جولة على الأساليب القيادية الستة المختلفة التي عليك تطبيقها بوصفك قائدًا. ما هي أساليب القيادة الستة ومتى تطبقها؟ تشير عبارة أساليب القيادة إلى السلوكيات التي يستخدمها القادة للتفاعل مع موظفيهم. فلنلق نظرةً على تلك الأساليب وأولئك القادة. 1. القائد المتبصر يوجِّه القائد المتبصر جهود موظفيه نحو رؤية مشتركة، ويُعنى هذا الأسلوب بجعل الموظفين متوائمين مع هدفهم الموحد. العناصر الرئيسة لأسلوب القيادة هذا: التشجيع على الابتكار والتجريب واتخاذ الأفعال. متى عليك تطبيقه؟ اتّبع هذا الأسلوب القيادي عندما تغدو الحاجة إلى التوجيه مُلحّة جدًا. أهميته: غالبًا ما يُفضي الاتجاه غير الواضح إلى قلة تحفيز الموظفين وإدماجهم. لذا يُساعِد القادةُ المتبصرون في تحسين سلوك موظفيهم الذين أضاعوا الهدف، وتعزيز فهمهم للخطوة التي عليهم اتخاذها تاليًا. كيف تصبح قائدًا متبصرًا؟ تحلَّ بالشجاعة، فلا تخشَ تجربة أشياء جديدة. تصالَح مع احتمال الفشل مُستقبلًا. حدِّد بدقة هدفًا طَموحًا يمكن للفريق بأكمله المساهمة في تحقيقه. راقِب المهام التي تقودك نحو تحقيق هدفك، أو التي تبعدك عنه، ثم عدِّل مسارك وفقًا لذلك. شارِك رؤية الفريق بنوع من التحفيز، وحدِّد توقعات فريقٍ واضحة. المتبصرون يفوِّضون المهام للآخرين. اطلب المساعدة من موظفيك، وشجعهم على مشاركة ما لديهم من نقاط قوة، وعبِّر عن وجهات النظر المتنوعة. 2. القائد الموجه يتبنى القادةُ الموجِّهون ذهنية تدريب للمساعدة في تطوير مجموعة المهارات لدى موظفيهم، وتشجيعهم على إظهار نقاط قوتهم بالنظر إلى الأمور كما هي. وتُعَدّ مساعدة الآخرين على تطوير أنفسهم لِلعب الدور المنوط بهم، والإحساس بالتحدي، والدعم، جميعها جزءًا من كونك قائدًا موجِّهًا. العناصر الرئيسة لأسلوب القيادة هذا: تعزيز التقدم والثقة. متى عليك تطبيقه؟ على الموظفين الذين هم في طور النمو. فبينما يزداد العمل تعقيدًا، لن يقتصر ما يحتاج إليه موظفوك على أهداف واضحة، بل سيحتاجون إلى تشجيعك لتطوير مهاراتهم وقدراتهم بحيث يعززون ثقتهم في قدرتهم على الأداء. أهميتة: يسعى المدير والقائد العظيم جاهدًا نحو التوازن لتجنُّب ذهنية الإدارة التفصيلية. وفِّر الأدواتِ الصحيحة والموارد المتوفرة لموظفيك ليشعروا بأنهم جاهزون لتحقيق النجاح. يساعدك أسلوب القيادة هذا أيضًا في تطوير تواصل وثيق بموظفيك. كيف تصبح قائدًا موجهًا؟ اعقد لقاءات فردية متكررة بموظفيك. قدّم تقييمات عميقة تشجع الموظفين على تطوير نقاط قوتهم. فكِّر مليًّا في كل موظف لديك، وحدد ما يؤديه جيدًا، لتحقيق أفضل ما بوسعه الوصول إليه. 3. القائد المتناغم تكون القيادة متناغمةً عندما يشعر القائد بالارتياح لتحقيق تواصل عبر المؤسسة؛ إذ ينصبُّ التركيز هنا على إنشاء مكان عمل يسوده التناغم، فيشعر فيه أفراد الفريق بأنهم وصلوا إلى كيمياء مشتركة بينهم، وكرسوا نوعًا من الراحة مع بعضهم بعضًا. العناصر الرئيسة لأسلوب القيادة هذا: العلاقات بين الأشخاص، وتفويض المهام، والثقة، والتعاون ضمن المؤسسة. متى عليك تطبيقه؟ إذا شعرتَ بقلة التواصل بين فِرَق العمل لديك، إذ يكتسب أسلوب القيادة هذا أهميةً بالغةً في ظروف العمل عن بُعد، بحيث يمكننا بسهولة العمل في عزلة، ونكون منفصلين عما يحدث فعلًا. أهميته: يُعَدّ حل خلافات الفريق السمة المميِّزة للقادة المتناغمين؛ فهُم يدعمون فِرق الموظفين، ويطورون تلك التي تعمل في عزلة عن البقية. كيف تصبح قائدًا متناغمًا؟ كرِّس ثقافةَ تقدير الجهود. فعندما يشعر الموظفون بالتقدير، سيزداد احتمال إسهامهم في إجراء تواصل مُنتِج. سهِّل الترابط بين الموظفين، وذلك عبر أنشطة بناء فِرَق موظفين منتظمة تلقي الضوء على نقاط القوة الفردية وأساليب التواصل. كن صريحًا بخصوص المناقشات الصعبة. ولتحرص على توفير بيئة آمنة وداعِمة لتطوير التعرضية ضمن الفريق (أي مشاركة المشاعر والأخطاء مع الآخرين). لطِّف جو المناقشات المحتدِمة، وشجِّع على الشفافية واللطف بوصفهما أساسًا. 4. القائد الديمقراطي يعلم المدير الذي يتّبع أسلوب القيادة الديمقراطية كيف يطبق الخطوات الشاملة التالية بطريقة تعاونية؛ ويركز جهوده على إنجاز تقدم سليم لكل موظف، وعلى المستويات كافة. العناصر الرئيسة لأسلوب القيادة هذا: حِسُّ تعاون قوي، وحل مشكلات، وإدارة عمليات وتطبيقها. متى عليك تطبيقه؟ ينجح هذا الأسلوب القيادي في المواقف التي تكون مساهمة كل فرد فيها مطلوبةً لدعم القرارات والتخطيط الاستراتيجي، اللذَين سيؤثران على فريق الموظفين برمّته. أهميته: يُنتِج الذكاء الجماعي حلولًا متنوعة، كما يمكن لأسلوب القيادة هذا أن يساعد أفراد فريقك على العمل معًا لتحقيق الأهداف المشتركة، وإيجاد طرائق كافية لفعل ذلك. كيف تصبح قائدًا ديمقراطيًا؟ ثِق في دعم موظفيك لبعضهم بعضًا، وينطبق ذلك عليك أيضًا. وما دمت وظّفتَ أشخاصًا أذكياء قادرين على تحقيق إنجازات كبرى، فلتقوِّهم ولْتدعمهم. كن واضحًا بخصوص توقعاتك وأسلوب تواصُلِك. حدِّد أهدافًا واضحة، ووفِّر أرضيةَ أفكار متينة تعصف بأذهان فريق الموظفين لديك. أجرِ استطلاع جسِّ نبض (أو استطلاع جمع آراء) لمراقبة النتائج المبنية على البيانات التي قد تساعد في اتخاذ القرارات. خذ كل فكرة بالحسبان، وتحلَّ بالوضوح حول سبب تبنّيها، أو تحييدها جانبًا، بالنسبة لخطواتك المستقبلية. 5. القائد بتحديد وتيرة العمل يُركّز القائد الذي يحدد وتيرة العمل على الأهداف أو الوسائل الموصِلة إلى تحقيق الهدف النهائي، ويطالب هذا النوع من القادة موظفيهم بإنجاز الكثير من العمل بوتيرة سريعة. ولكن عليهم تحقيق توازن بين هذه القيادة المتطلِّبة من جهة، وتقدير جهود الموظفين من جهة أخرى. العناصر الرئيسة لأسلوب القيادة هذا: اتخاذ القرارات، ووضوح التوقعات المطلوبة من الموظَّفين، والتفكير الناقِد، وعدم الثبات، وممارسات تقدير جهود الموظفين، وجعل ذلك التقدير جزءًا من ثقافة الفريق. متى عليك تطبيقه؟ يُعَدّ هذا الأسلوب فعالًا جدًا بالنسبة للأهداف قصيرة الأجل. ومن الحكمة استخدامه بدايةً إذا كان هذا النوع من الضغط يؤدي إلى نجاح الفريق. أهميته: مساعدة موظفيك على تحقيق النمو السريع ورؤية القيمة التي يُنتِجون، إذ سيشعرون بالتحفيز لمواكبة الفريق ككل. كيف تصبح قائدًا يحدد وتيرة العمل؟ اشرح أنَّ هذا ليس سوى إجراء مؤقت، وتحلَّ بالوضوح حول سبب تبنّي ذلك. كن شفافًا بخصوص الجدول الزمني، لإعلام موظفيك بأن هذا الوضع لن يستمر إلى الأبد. شارِك النتائج، وألقِ الضوء على ما كان له تأثير إيجابي، وعلى كيفية مساهمته في تحقيق ذلك. قدِّر جهود فريق موظفيك، إذ تتساوى أهمية إظهار ذلك التقدير بصورة فردية لأشخاص بعينهم، وجماعية للفريق ككل. 6. القائد الاستبدادي أسلوبُ القيادة هذا هو ببساطة تصرُّف قيادي مبني على تكريس ذهنية قائمة على الخوف. حيث قد يتسم هذا النهج بالقسوة والصرامة، ويترك تأثيرًا سلبيًا على ثقافة المؤسسة. ولِنقُلْها بصراحة، يُعَدّ القادة الذين يديرون الآخرين بالخوف غير فعّالين. يُنصَح عمومًا بتجنُّب اتباع هذا الأسلوب القيادي نهائيًا إلا في حالات الطوارئ التي تُضطر فيها إلى اتخاذ القرارات بسرعة، حتى ولو لم تكن مرغوبة. إذا شعرتَ أنك قد أصبحتَ تتّبع هذا الأسلوب القيادي، فننصحك بما يلي: بدلًا من توجيه الأوامر إلى موظفيك ومطالبتهم؛ حاوِل إلهامهم، واتّباع القيادة بالتعرّض، والتعاطف، والتعاون. بدلًا منِ اتباع نهج الإدارة التفصيلية مع موظفيك، وفِّر مجالًا آمنًا لمناقشات فردية معهم. حاول التركيز على نقاط القوة، والإمكانات المتوفرة، والنمو والتقدم، بدلًا من نقاط الضعف والأهداف التي لم تُحقَّق. إنّ العثور على أسلوب قيادة مختلف يناسب فريق موظفيك، سيشجع على جعله متماسكًا ومُنتِجًا. سنقدم لك فيما يلي بعض الأفكار الرئيسة التي تتيح لك ترك بصمتك بوصفك قائدًا عظيمًا لترك تأثير يحقق التغيير. أفكار رئيسة حول أساليب القيادة نوِّع بين أساليب القيادة المختلفة التي تستخدم، إذ يجد القادة الناجحون الطريقة الأنسب لإدارة موظفيهم. ولاحِظ أنَّ كل أسلوب منها يؤثر في فريق موظفيك بصورة مختلفة عن الآخر. يعلم القائد الجيد متى يطلب المساعدة. ليس عليك تحمّل العبء وحدك، ففريق موظفيك موجود لمساعدتك. مِن المميزات الواضحة للقائد الناجح والعظيم إلهامُه الآخرين ليكونوا عظماء: أفسح المجال لموظفيك للازدهار والنمو. يمثّل التعلّم المستمر جزءًا من الرحلة؛ فتكوينُ ذكائك العاطفي الخاص، كفيلٌ بتطوير مهاراتك، بالإضافة إلى الذين يرون فيك قائدًا. إن النهج الأفضل لاستيعاب الحاجة إلى تطبيق أساليب قيادة مختلفة يدخل ضمن مفهوم "القيادة الخادِمة". أي يجب أن يهدف أسلوب القيادة الذي تتبع إلى تقديم المساعدة والدعم. وما دام لديك تلك الذهنية، فستحقق إنجازات عظيمة لفريقك. ترجمة وبتصرّف للمقال 6 leadership styles: how and when to apply them on your team لصالحبه Sophie Choukah.
  16. في المقال الأخير من هذا الباب لسلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنعرض أهم التوجهات الحديثة في مجال إدارة الموارد البشرية والأمور التي تؤثّر في إدارتها كما هو مطلوب، وعلاقات العمل. تنوع الموظفين والميزة التنافسية إنَّ المجتمع الأمريكي، وقوتُه العاملة، آخذان في التنوع بوتيرة متزايدة فيما يخص الحالة، أو الوضع العِرقيَّ، والإثني، والعمر، والخلفية التعليمية، والخبرة في العمل، والجنس، وقد تكون الشركةُ ذاتُ تركيبةِ الموظفين المتنوعة، المشابهةِ لتركيبة زبائنها، في وضعٍ يتيحُ لها اكتساب ميزة تنافسية (Competitive Advantage)، وهي مجموعة من الخصائص الفريدة التي تتمتع بها شركة ما، إلى جانب منتجاتها وخدماتها، والتي يُنظَرُ إليها من قبل زبائن السوق المستهدف، بوصفها متفوقةً على الخصائص التي لدى منافسيها، والميزة التنافسية هي العامل الذي يدفع الزبائن إلى تأييد شركةٍ ما، دون منافسيها، ولتلك الميزة مصادر عديدة: فشركة خطوط ساوث ويست الجوية (Southwest Airlines) على سبيل المثال، تستمد ميزتها التنافسية من هيكلية المسارات الخاصة بها، ومن الاستفادة العالية من الأصول التي تملكها، أما بالنسبة لشركة الضيافة ريتز كارلتون (Ritz-Carlton)، فميزتُها التنافسية تأتي من خدمات الضيافة عالية الجودة التي تقدِّمها، وبالحديث عن شركة السيارات تويوتا (Toyota)، فيعود الفضل في الميزة التنافسية التي تملكها إلى كفاءتها التصنيعية، ومتانة منتجاتها، وديمومتها، أما شركة ستاربكس (Starbucks)، فتستمد ميزتَها التنافسية من الموقع، والخدمة، ومنتجات القهوة الممتازة التي تقدِّمها لزبائنها، كما يعود الفضل -أيضًا- في الميزة التنافسية التي تتمتع بها تلك الشركاتُ، إلى ممارسات قسم الموارد البشرية لديها. وتحقق الشركات كثيرًا من النجاح بسبب تنوّع الموظفين لديها، والذي من شأنه الإتيانُ بحلولٍ أكثر فاعلية للمشاكل، وإعطاءُ الشركة سمعةً حسنة بفضل توظيفها نساء، وأفراد أقليات، وتعزيز تنوع الموظفين، وتحقيق تكيُّفٍ أسرعَ مع التغيرات، وتوفير حلولٍ إنتاجية أقوى؛ لأن فريق العمل المتنوع قادرٌ على ابتداعِ خياراتٍ أكثر نحو التطور. ولكي تستخدم مؤسسةٌ ما تنوُّعَ الموظفين بما يخدم الميزة التنافسية لديها، فعلى الإدارة العُليا في تلك المؤسسة الالتزامُ بتوظيف النساء، وأفراد الأقليات، وتطوير أدائهم، ومن المؤسسات المشهود لها بتقدير التنوع في الموظفين؛ مؤسسة الخدمة البريدية للولايات المتحدة (US. Postal Service). ففي العام 1992، أطلقتِ المؤسسةُ المذكورة برنامجَ تطوير تنوُّعٍ، يكون بمثابة "الضمير الاجتماعي للمؤسسة، ويهدف إلى زيادة وعي الموظفين بالتنوع الأخلاقي، والثقافي، وتقديره ضمن مجال العمل البريدي لديها، وبين أوساط الزبائن كذلك"، وبعد مضي 25 سنةً على إطلاق ذلك البرنامج، بات أفرادُ الأقليات يمثِّلون 39% من موظفي مؤسسة الخدمة البريدية للولايات المتحدة: 21% منهم أمريكيون من أصول إفريقية، و8% أمريكيون من أصول إسبانية، وأكثر من 8.0% من أقليات أخرى، وبالإضافة إلى ذلك، تمثِّلُ النساءُ 40% من القوة العاملة في تلك المؤسسة. تعهيد التقنية والموارد البشرية لقد شهد دور خبراء الموارد البشرية تغيُّرًا ملحوظًا على مدى السنوات العشرين الأخيرة، ومن التغيرات الكبرى تلك؛ استخدامُ التقنية في التعامل مع المهام الروتينية للموارد البشرية، مثل: معالجة كشوف المُرتّبات، والفحص الأولي لطالبي الوظائف، وتسجيل المستحقات والمزايا. وتشتري شركاتٌ كبرى مثل: شركة نوكيا (Nokia)، وشركة لوكهيد مارتن (Lockheed Martin) برمجياتٍ متخصصة: (برنامج ساب (SAP) وأوراكل (Oracle) و بيبول سوفت (PeopleSoft)) لتنفيذ المهام الخاصة بمعالجة المعلومات في مجال الموارد البشرية، وهناك شركات أخرى، مثل: المجموعة الهندسية جاكوب (Jacobs Engineering Group)، إحدى كبرى شركات الخدمات المهنية، تلجأ إلى تعهيد تلك المهام، أو تتعاقد خارجيًا لتنفيذها، مع مزوِّدي خدماتِ موارد بشرية، مثل: شركة أيون هيويت (Aon Hewitt)، وشركة وورك فورس سوليوشنز (Workfoce Solutions). ويُلجًأ إلى تعهيد خدمات الموارد البشرية من قبل شركة ما، أي الاستعانة بشركات خارجية لأدائها، عندما تكون الشركةُ المُستعانُ بخدماتها أقدرَ على تنفيذ تلك المهام، وبكفاءة أكبر، وعلى نحوِ أفضل، ومن شأن ذلك توفير النفقات، وأحيانًا يكون سببُ تعهيد خدمات الموارد البشرية عائدًا إلى أن متطلباتها استثنائية، وأكبر من أن تتمكن شركةٌ واحدة من تنفيذها ضمن الوقت المطلوب، وكثيرًا ما يكون الدافع وراء تعهيد خدمات الموارد البشرية هو ببساطة؛ أنَّ الجهة المزوِّدة لتلك الخدمات ذاتُ خبرةٍ أكبر في هذا المجال، فعلى سبيل المثال: أعلنت المجموعة الإعلامية سي بي إس كوربوريشن (CBS Corp.) أنها قد استعانت مؤخرًا بشركة فيديليتي للاستثمارات (Fidelity Investments) لإدارة خطة التقاعد 401(k)، والتي تبلغ قيمة أصولها أكثر من 4 مليارات دولار. الثقافة المؤسسية وتوظيف من يتبنونها وبعيدًا عن الظروف الاقتصادية، والتجارية العامة، فإن شركات عديدة آخذةٌ في توسيع عملياتها، وتعيين موظفين إضافيين لديها، وبالنسبة لشركات عديدة ممن تشهد نموًّا، قد تُمثِّلُ الثقافةُ المؤسسيةُ جانبًا أساسًا من تطوير الموظفين فيها، بحيث يغدون لبِنة ميزةٍ تنافسية تتمتع بها الشركة، ويشيرُ مصطلحُ ثقافة الشركة إلى القيم، والسياسات المفصلية التي تدعم مهمةَ الشركة، ونموذجَها التجاري، وتوجِّه سلوك موظفيها، إذ توظِّف شركاتٌ مثل: شركة الخطوط الجوية جيت بلو (JetBlue)، وريتز كارلتون (Ritz-Carlton)، وسايبرس (Cypress)، على نحوٍ متكرر، أشخاصًا يناسبون ثقافاتِها، ويتبنّون قيمها الأساسية، ويقتضي ذلك توظيف أشخاصٍ يُظهِرونَ قِيَمَ الشركة الموظِّفة، وتستخدم شركتا ريتز كارلتون وسايبرس استباناتٍ مُصاغةً بعناية للمتقدمين إلى وظائف لديهما، لفحص القيم، والسلوكات التي تدعم ثقافتهما، أما شركة الخطوط الجوية جيت بلو، فتستعين في المقابلات التي تجريها مع المتقدمين لوظيفة لديها، بأسئلة مبنية على السلوكات، ومستمدَّة من قيمها المؤسسية الخاصة بالسلامة، والنزاهة، والحرص، والمرح، والطموح، ولدى شركة الخطوط الجوية ساوث ويست (Southwest Airlines)، يُجري موظفون -لا ينتمون إلى قسم الموارد البشرية: مضيفو طيران، موظفو بوابة، وطيارون، وحتى ركَّابٌ يسافرون على متن طائراتها بشكل متكرر- مقابلاتٍ مع المتقدمين لوظيفة لدى تلك الشركة، للتحقق من موقفهم من قيمها، ومن مدى تبنّيهم لثقافتها، ومناسبتهم لها، إلى جانب التوجيه القوي الخاص بخدمة الزبائن. وإلى جانب ضرورة وجود توافقٍ ثقافي بين الموظف، والشركة، نجدُ الشركاتِ توظِّف أشخاصًا بناء على المعرفة الفنية، والمهارات التي تناسب الوظيفة التي يتقدمون لشغلها، فشركاتٌ مثل آي بي إم (IBM)، وأمازون (Amazon)، ومايكروسوفت (Microsoft) تتلقى آلاف السِّيَر الذاتية، وطلبات التوظيف كل عام، ولا تنفكُّ تبحثُ عن الأفضل، والألمع من بين طالبي التوظيف فيما يخصُّ المعرفة الفنّية، والمهارات التي يملكونها، وعلى سبيل المثال: تركِّزُ شركةُ آي بي إم جهودها حاليًا على النهج الذي يعطي أهميةً لمهارات المتقدم لوظيفة لديها تفوق تلك الخاصة بمستواه التعليمي، وعدد الشهادات الأكاديمية التي يحملها، أما شركةُ أمازون، التي يعد الزبائنُ محورَ عملها، فتبحث عن أشخاصٍ "ذوي فضولٍ لا يكِلُّ ولا يَمَلّ". وبالحديث عن شركة مايكروسوفت، يبدو أنها قد رفعت سقف المواهب المطلوبة لديها، وذلك باستقبالها متقدمين لوظائفها أظهروا روحًا قيادية، وحققوا نتائج ملموسة، وبوسعهم إثباتُ شغفهم بالتعلُّم. انضمام مزيد من عاملي الخدمات إلى النقابات العمالية شهد مجالُ العمل المنظَّم في الولايات المتحدة فتراتٍ من عدم الاستقرار خلال العقود الأخيرة؛ مردُّها إلى التناقص الذي تشهده عضوية النقابات، وخسارة الوظائف في المصانع، وتضاؤل حجم التأثير السياسي، ونقل الوظائف إلى خارج البلاد، ومع وصول العضوية في النقابات العمالية هناك إلى حوالي 10% من مجموع القوة العاملة في الولايات المتحدة، يتساءلُ بعضُ المتابعين عما إذا ما يزالُ هناك موظىُ قدمٍ للنقابات العمالية التي تمثل جبهةً متحدة في وجه ظروف العمل السيئة، ويبدو أنَّ ماري كي هنري (Mary Kay Henry)، وهي الرئيسة الدولية للاتحاد الدولي لموظفي الخدمات (Service Employees International Union)، متفائلة بأنَّ النقاباتِ ستشهدُ تجدُّدًا عبر تنظيم العدد المتزايد من عمال الخدمات ضمن النقابات العمالية، ويعدّ الاتحادُ المذكور أعلاه، الأسرعَ نموًا في الولايات المتحدة، فقد قفز عددُ أعضائه من 1.1 مليون عضو إلى 2 مليون خلال عَقدٍ واحد. ويتمثَّلُ الهدف الذي تسعى السيدة ماري إلى تحقيقه، في استقطاب ملايين عمال الخدمات، ذوي الأجور الضعيفة في البلاد، إلى جانب العاملين في وظائف تشغل الجزءَ الأكبر منها طبقةُ العمال الفقيرة التي تضمُّ بشكل غير متكافئ النساءَ، والمهاجرين، وأفراد الأقليات، الذين طالما كانوا أكثر تقبُّلًا للانضمام إلى النقابات، وانفتاحًا عليها، وترى ماري كي هنري أنه في حال نجح استقطابُ أولئك العمال إلى الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات، فسترتفعُ أجورهم، وتزدادُ مكاسبهم، بالطريقة ذاتها التي نقلت فيها النقاباتُ عمالَ المصانع إلى مصافّ الطبقة الوسطى خلال ثلاثينات القرن العشرين. ويعتقدُ القائمون على الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات أنَّ القطاع الخدمي يمثِّلُ فرصةً ينبغي السعي إلى استغلالها، في ظل أكبر نموٍّ توظيفي متوقَّع حتى عام 2026 في الخدمات المحلية ذات الأجر المنخفض، مثلما يوضِّح الجدول التالي: العمل table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } العمل النمو المتوقع المساعدات الطبية المنزلية 47% مساعدات الرعاية الشخصي 39% تحضير الطعام. 17% خدمات الحراسة، والتنظيف 10% ويعتقد متابعون كثر، أنَّ مستقبل العمل يعتمد اعتمادًا رئيسًا على نجاح جهود استقطابِ الأعداد الكبيرة من الموظفين، في أعمال ذات نمو بطيء، وأجور منخفضة، ثم تسجيلهم، فعلى سبيل المثال: فقد حقق الاتحادُ الدولي لموظفي الخدمات موخرًا نجاحًا في ضمِّ مئات الموظفين، الذين يقدِّمون خدمات لأشخاصٍ ذوي إعاقة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، إلى نقابات عمالية، مع التركيز على رفع معايير عملهم، والأجور التي يتقاضونها بالساعة، إضافة إلى زيادة المزايا التي يتمتعون بها، ولن تمرَّ عمليةُ عكسِ الانخفاض في العمال بدون تحديات، ولكنَّ الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات ينظرُ إلى المستقبل بعين الإيجابية. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Managing Human Resources and Labor Relations) من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا المقال التالي: المقال السابق: البيئة القانونية للموارد البشرية وعلاقاتهم وإدارة المظالم والنزاعات إدارة الموارد البشرية وعلاقات العمل سلسلة علاقات العمل ما يجب أخذه في الحسبان عند إدارة الفرق مبادئ الإدارة مفهوم امتثال الموارد البشرية
  17. هل تتذكر موقفًا تلقيت فيه ملاحظة لم تعجبك، وسرعان ما بدأت تدافع عن نفسك رافضًا ذلك؟ أو موقفًا وجهت فيه انتقادًا لفظيًا لموظف أحبطك تَصرف بَدرَ منه، مما أضرّ بعلاقتكما؟ لقد طُرِح هذا السؤال التالي على مجموعة منَ المديرين في دراسة أجريناها حديثًا حول العواطف في مكان العمل: لا بد أنك خمنت الإجابة الصحيحة على السؤال السابق؛ فقد أجاب جميع من طرحناه عليهم بالإجابة "نعم". ولكن الهدف أن يسهم الشغف الذي يشعر به الناس أثناء العمل في نجاح فريق موظفيك، وليس إعاقة تحقيقه، فمِن شأن تعلُّم التعامل مع عواطفك وعواطف موظفيك أن يساعدك في دعم كل فرد منهم بطريقة أفضل. دور العواطف في مكان العمل تشجّع ثقافات العمل الحديثة الأشخاص على التصرف على طبيعتهم، لأنها الطريقة المثلى لتحفيزهم على تقديم أفضل الأفكار لديهم، وتفتح الباب أمام إظهار ما لديهم من إمكانات. لا شك في أن ذلك يبدو أمرًا بالغ الإيجابية، ولكنه يعني أيضًا أنّ تعلُّم كيفية التحكم بالعواطف، والتعامل مع عواطف الآخرين، أصبح يُصنَّف من المهارات الإدارية الرئيسة. تَصِفُ ليز فوسلين، ومولي ويست دافي في كتابهما بعنوان لا ضَغائِن: القوة الخفيّة لِتَقبُّلِ المشاعر في العمل: تأججت المشاعر بعد انتشار جائحة فيروس كورونا، واضطرار الناس إلى ترك مكاتبهم والعمل من منازلهم. فباتوا يشعرون بالتوتر، والاغتراب، والاحتراق النفسي، وبأنهم مغلوبون على أمرهم. ومن الصعب عليك قياس المشاعر التي تنتاب أعضاء فريقك من وراء الشاشة. يُعَدّ توفير مُتنفّس للعواطف أثناء العمل مهمةً ينبغي إنجازها بقدر منَ المسؤولية، لأن العواطف تؤثّر في المواقف، وفي معنويات الموظَّفين، وإدماجهم؛ ويمتد تأثيرها على الأداء الوظيفي في نهاية المطاف. أنواع العواطف الإيجابية والسلبية سألنا مجموعة من المديرين حول العواطف السائدة في مكان العمل، فجاءت إجاباتهم سلبية بمعظمها: الغضب. الدفاعية. الإحباط . نفاد الصبر. التوتر. القلق. انعدام الثقة بالنفس. فقدان الأمان. تنصرف أفكار العديد من الناس إلى السلبية لدى سؤالهم عن العواطف التي تنتابهم أثناء العمل. ولكننا نمرّ بكثير من العواطف الإيجابية في العمل، مثل: الحماس. الرضى. الشعور بالإنجاز. السعادة. الثقة. الإلهام. الفضول. التمكين. تؤثّر جميع تلك العواطف في طريقة أداء الأشخاص لأعمالهم، وتَعاونِهم، ومساهمتهم في تحقيق أهداف فريقهم ومؤسستهم. عندما تتعلم كيف تستغل الإيجابي والسلبي من عواطفك، فأنت بذلك تعزّر الذكاء العاطفي لديك. ويعني هذا أنه بوسعك البدء بتلمّس كيف يمكن للبشر استثمار عواطفهم لتحقيق النتائج، والوصول إلى عملية اتخاذ قرارات، أفضل. كيف تستغل عواطف الموظفين في مكان العمل كيف بوسعك استثمار المشاعر الإيجابية لموظفيك، والتعامل مع السلبية منها؟ إليك بعض النصائح والتكتيكات لتكريس ثقافة عاطفية مفيدة لهم. حدد مبادئ فريق موظفيك وقيمَه تساعد مجموعة واضحة من مبادئ توجيه فريق الموظفين كل فرد منهم على مواءمة نفسه مع القيم المشتركة للمجموعة التي يمثلون، كما توفّر لهم الأمان النفسي. لهذا رتِّب لاجتماع، أو أفسِح مجالًا، يتمكن فيه أفراد الفريق من مشاركة أفكارهم، كلٌّ على حِدة، واحرص على أن يشارك كل موظف ما لديه من أفكار على قصاصات لاصقة (أو جرّب السبورة الافتراضية)، ثم اجمع النقاط المشتركة. أسئلة العصف الذهني الرئيسة بالنسبة لفريق الموظفين ما الذي نُحسِن إنجازه معًا بوصفنا فريقًا؟ ما الذي لا نُبلي حَسنًا بإنجازه؟ ما الأفكار التي لدينا لتعزيز طريقة عملنا معًا؟ ما قيمنا المشتركة؟ ما مبادئ الفريق التي يمكننا وضعها لتجسيد نتاج هذا العصف الذهني؟ مثال تطبيقي: بوسعك الاستعانة بتلك المبادئ عند حدوث انفعال عاطفي يتسبب بحدوث خلاف أو يعيق الإنتاجية؛ أو يمكن للمبادئ المذكورة أعلاه تشجيع الأشخاص على تبنّي عاطفة إيجابية وتعزيزها. فمثلًا، لو رأيت أحد موظفيك يلقي باللوم على زميل له بسبب خطأ ارتُكب، يمكنك التوجه له بالقول: "نخسر معًا بوصفنا فريقًا". أو يمكنك القول: "نكسب معًا بوصفنا فريقًا"، وذلك بخصوص قرار للترتيب لاجتماع غداء طويل احتفاءً بتحقيقكم إنجازًا ما. اعقد باستمرار لقاءات فردية مع موظفيك كلما ازداد تواصلك الفردي بكل موظف لديك، ازدادت قدرتك على قراءة تعابيرهم العاطفية؛ فضلًا عن أنّ تلك اللقاءات الفردية تجعلك مواكِبًا لكل ما يحفزهم، أو يعيق نجاحهم، وتعطيك تصوّرًا عن مستوى رضاهم الوظيفي. كما تساعدك تلك الحوارات في إدراك عواطفهم، وتفسح لهم مجالًا للتعبير عن صحتهم النفسية وحياتهم الشخصية. أسئلة تطرح في اللقاءات الفردية بالموظفين لمعرفة عواطفهم ما الذي يحفزك للمجيء إلى العمل؟ ما الذي يجعلك غير مرتاح في العمل، فيمنعك بالنتيجة من التركيز على مهمة محددة؟ هل لديك أمثلة ملموسة عن مواقف تشعرك بالتوتر تمر بها أثناء العمل؟ ما الذي يروق لك في عملنا الحالي عن بُعد؟ خطِّط لجداول لقاءات فردية بسرعة وبساطة باستخدام الأسئلة المذكورة أعلاه، والعشرات من المحادثات الأخرى، ليُشارَك التخطيط لتلك الجداول مع الموظفين بحيث يمكنهم التعبير عن أفكارهم أو مشاعرهم في مكان العمل. اجمع تقييم أداء شامل وشاركه يساعد تقييم النظير للنظير، أوالتقييم الشامل (المحيطي)، أعضاءَ فريقك الوظيفي على فهم أكثر ما يُقدّره زملاؤهم حول عملهم. كما يلقي الضوء على النواحي التي يرى فيها زملاؤهم فرصةً لهم للتقدّم. حيث يسهم ذلك في كبح الافتراضات التي تتكون لدى الموظفين حول الطريقة التي يُنظَر إليهم وفقًا لها، ويمكِّنهم مِن زيادة نقاط قوتهم وتحدي أنفسهم. اجمع تقييم أداء شامل مقترن بأسماء المعنيين به، أو بإبقائهم مجهولين، وشارك النتيجةَ مع كل فرد في فريق الموظفين أثناء الاجتماع بكلٍ منهم على حدة. أسئلة التقييم الشامل: ما الذي على فلان أن يستمر في فعله؟ ما الذي على فلان أن يكفّ عن فعله؟ ما الذي على فلان أن يبدأ بفعله؟ كيف أسهم فلان إيجابيًا في ثقافة الفريق؟ ما الذي بوسع فلان تطويره خلال إسهامه في ديناميكيات الفريق؟ هل من أفكار أخرى تريد مشاركتها؟ أمثلة عن توقيت التعامل مع عواطفك أثناء العمل قد تكون إدارة الأشخاص مهمةً صعبة. ووفقًا لدراستنا حول تجارب المديرين العاطفية أثناء العمل، وجدنا أنّ المشاعر السلبية تأتي من: الضغط الذي تُثقِل به كاهلك بوصفك مديرًا. المواقف العصيبة مع الموظفين. المواقف العصيبة مع رئيسك في العمل. المواقف العصيبة مع المديرين الآخرين. إليك بعض التكتيكات التي تساعدك في التحكم بعواطفك في مواقف مثل تلك. الضغط الذي تثقل به كاهلك بوصفك مديرا من الطبيعي أن تمرّ ببعض الضغط بوصفك مديرًا، ولكن ذلك الضغط ينبغ من داخلك في أغلب الأوقات. حاوِل تقويةَ نفسك بدلًا من ممارسة ضغط عليها؛ لأنك عندما تفعل ذلك ستتغلب على الشعور بعدم الأمان، أو على ما يُعرَف بمتلازمة المحتال، وتفسح مجالًا للنجاح على الصعيد المهني. نصائح لتقوية نفسك في الدور الذي تؤدي اعثر على مرشدين لك في مجال عملك. ابدأ عَقْد جلسات تطوير مشتركة مع مديرين آخرين تتشاركون فيها الخبرات والتعلم. اطلب تقييمات لأدائك من المديرين والموظَّفين. قد يفاجئك ذلك التقييم إيجابيًا؛ أما الانتقاد، فسيكون حافزًا لك للتطور. اجمع التقييمات مِن فريقك باستمرار مستخدِمًا أداة تقييم مجهول المصدر، بحيث تساعدك هذه الأداة في الحصول على آراء صادقة حول شعور موظفيك تجاه القيادة التي تمارس عليهم وفي إلقاء الضوء على المشاكل، بحيث تتخذ إجراءات لحلها عندما يقتضي الأمر ذلك. المواقف العصيبة مع الموظفين يواجه كل مدير مواقف عصيبة مع موظفيه، ومنها التعامل مع سلوك بعضهم المُخلّ بالنظام، أو السماح بترك أحدهم للوظيفة. من الطبيعي أن يتكون لديك ولدى أعضاء فريقك ردة فعل عاطفية عند حدوث ذلك، ولكن سيكون من الأسهل التعامل مع مناقشة يسودها التوتر باستخدام أدوات للتنظيم العاطفي. إطار العمل المكون من الموقف والتصرف والتأثير يساعدك إطار العمل هذا -المبني على الصراحة الخالصة- في مناقشة المواقف بموضوعية. ويكون مفيدًا خصوصًا عندما تتأجج العواطف خلال النقاشات المُحتَدمة. قسِّم المعلومات التي تحتاج إليها باستخدام إطار العمل التالي: الموقف: أعطِ وصفًا للظروف يكون وافيًا قدر الإمكان، مثل أن تقول: "كان الخميس الماضي الموعدَ النهائي لتسليم التقرير". التصرف: وصِّف التصرفات التي لاحظت، بدون افتراضات، مثل: "سلَّمتَ تقريرك يوم الجمعة، وكان ناقصًا". التأثير: وصّف التأثير الذي تركه التصرف عليك وعلى فريق الموظفين، مثل: "أصاب تصرّفكَ عملاءَنا بالإحباط، وأدى إلى فشل الفريق بتحقيق أهدافه". المواقف العصيبة مع رئيسك في العمل من أصعب المواقف التي قد تمر بها هي أن تكون وسيطًا بين رئيسك في العمل من جهة، وفريق موظفيك من جهة أخرى. فقد تتعارض الاتجاهات التي لديك مع الأولويات أحيانًا، وهذا ما يقتضي منك الدفاع عن موظفيك، ولعِبَ دور الوسيط الذي يهمه أن يسير العمل على ما يرام. كيف تحسن لعب دور الوسيط بين رئيسك في العمل وموظفيك؟ أدرِك اللغة التي يفهمها رئيسك في العمل، سواءً كانت تقديم أرقام، أو إعطاء أمثلة، أو طرح أسئلة، أو إجراء تسويات، أو عرض خيارات. ادخل النقاش بذهن منفتح، واحترِم خبرة رئيسك العملية والتجارب التي مرّ بها في العمل، وتذكّر أنكما في الفريق ذاته. فكّر في الطريقة التي تريد من موظفيك أن يقاربوك وفقًا لها. اجعل من ذلك مُنطلَقًا للتعامل مع رئيسك في العمل. وصِّف احتياجاتك، وتلك الخاصة بموظفيك، بوضوح وموضوعية، واشرح كيف يمكن أن تساعد تلبيةُ تلك الاحتياجات، وما الذي قد يحدث إذا لم تُلبّ. المواقف العصيبة مع المديرين الآخرين لكل مدير أهدافه ومحفزاته ومشاكله الخاصة، والتي قد تسبب له التوتر. إليك هذه النصائح للحفاظ على هدوئك: كيف تحافظ على هدوئك عند التوتر الشديد تذكَّرْ أنّ الآخرين قد لا يمرون بالظروف ذاتها التي لديك. رغِّبْ نفسك في تقديم شرح أوفى للأفكار، أو أعطِ مزيدًا من التفاصيل حول الأهداف وتحلَّ بالصبر. ابحث عن مُتنفَّس، كأن تذهب في رحلة قصيرة، أو تبلل وجهك بالماء، أو تتناول وجبة طعام خفيفة. وسِّع نظرتك، ثم عد إلى المحادثة بمنظورٍ متجدد. إذا قلت شيئًا ندمت عليه، توقّف واعتذِر، كأن تقول: "آسف! يبدو أني لم أوفَّق في التعبير، دعني أُعيده بصيغة أخرى". فكر فيما بدر منك وأصلحه إذا لم تنجح في ضبط نفسك بلحظة انفعال، خذ وقتك للتفكير فيما فعلت، ولتُقرّ بخطئك، إذ لم يفت الأوان لأخذ العِبرة مما حدث، خصوصًا إذا كان ذلك نمطَ تصرف متكرر لديك. أسئلة التفكير العميق ما الذي دفعك إلى ذلك حقًا، ولماذا؟ حلِّل الأمر. كيف قد تنظر إلى أمر مشابه لهذا في المستقبل؟ ما الطريقة الأخرى التي ربما كان بإمكانك التصرف وفقًا لها؟ دوِّنها بحيث يكون لديك هدف للمحادثة المقبلة. يمكن توقُّع العواطف لدى أفراد فريق قوامه موظَّفون متّقدون شغفًا، يقدِّمون كل ما لديهم، ويتصرفون على طبيعتهم. حيث تُمثّل الاستفادة من هذه العواطف، وإيجادُ سبل لجعلها مُنتِجة، الطريقةَ التي يقود فيها أفضلُ المديرين نجاحَ فريقهم. ترجمة وبتصرّف للمقال Managing emotions in the workplace (employees’ and yours) لكل من Alison Robins، وNora St-Aubin.
  18. يحتاجُ كلُّ نوعٍ من أنواع مؤسسات الأعمال التجارية -تقريبًا- إلى إيجاد الوسائل الأكثر كفاءةً، وفاعلية لإنتاج السلع، وتقديم الخدمات للزبائن، وتُجبِرُ التطوراتُ التقنية، والمنافسةُ المستمرة، وتوقعاتُ الزبائن -الشركاتِ، على إعادة التفكير في المكان، والزمان اللذيَن ستُنتج فيهما السلع، وتقدّم الخدمات، وفي طريقة قيامها بذلك. يدرس هذا الباب من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال كيفية إدارة شركات التصنيع، والخدمات، وعمليةَ الإنتاج، وتقديم الخدمات، وسنناقش فيه تخطيط الإنتاج، بما في ذلك الخياراتُ التي على الشركات اتخاذها بخصوص نوع العملية الإنتاجية التي ستستخدم، والموقع الذي سيجري فيه الإنتاج، وتصميم المنشأة، وإدارة الموارد المطلوبة لعملية الإنتاج، ثم سنشرح التوجيه، والجدولة اللتين تُعَدَّانِ مَهمتين أساسيتين لضبط كفاءة الإنتاج والعمليات، ثم سنطّلع على الطريقة التي يمكن للشركات فيها تطوير الإنتاج، والعمليات، عبر توظيف إدارة الجودة، وأساليب التصنيع الرشيق، كما سنراجع أخيرًا بعضَ التوجهات الحديثة التي تؤثر في الإنتاج، وإدارة العمليات. وفي هذا المقال سنلقي نظرةً عامة حول الإنتاج وإدارة العمليات، مراحل الإنتاج، والقرارات الواجب اتخاذها عند كل مرحلة لم يعد الإنتاج وإدارة العمليات مهمين بالنسبة لكل من شركات التصنيع والخدمات؟ يُعَدُّ الإنتاج Production، الذي هو صنعُ المنتجات، وإنشاء الخدمات، وظيفةً رئيسة في كل شركة، فهو يحوِّلُ المُدخَلات Inputs، مثل: موارد الغاز الطبيعي، والمواد الأولية، والموارد البشرية، ورأس المال -إلى مُخرَجات Outputs، وهي المنتجات، والخدمات. وتُبيِّنُ الصورةُ 10.3 هذه العملية، أما إدارة عملية التحويل تلك، فتجري بموجب إدارة العمليات Operations Management. باتتِ الولايات المتحدة اليوم تنافس المملكة العربية السعودية، بفضل الاحتياطات الجديدة من النفط؛ التي يمكن الوصول إليها عبر التصديع الهيدرولي Fracking، ويُتوقّعُ أن تصبح أحد مزوِّدي النفط الكبار على مستوى العالم؛ وبعكس البترول الذي يُستخرج بسلاسةٍ، والذي يندفع من الآبار في المنطقة العربية اندفاعًا، بينما يحتاجُ النفط الأمريكي في موقعي مارسيلوس Marcellus وباكين Bakken، وغيرهما من المناطق التي تحوي نفطًا صخريًا، إلى الاستخراج عن طريق الحفر أفقيًا؛ بواسطة تقنيات جديدة؛ وهي عملية دقيقة جدًا، إذ تحفر شركات النفط، والغاز في باطن الأرض؛ لاستخراج النفط الخام، والغاز الطبيعي من الطبقات الصخرية المدفونة على عمق آلاف الأقدام تحت سطح الأرض، وحالما يجري الوصول إلى تشكيلات النفط، يُملأُ بئرُ النفط بآلاف الغالونات من الماء، والرمال، وبتشكيلة واسعة من المواد الكيماوية من صنع الإنسان تحت ضغطٍ عالٍ، وتؤدي تلك المواد -التي تدخل البئر النفطي- إلى تصديع الصخور؛ فيتحرر منها النفط، والغاز الطبيعي، ويُتوقَّعُ أن الغاز الموجود ضمن تلك التشكيلات، قد يكفي حاجة الولايات المتحدة لأجيال قادمة، بالتوازي مع تطور تقنيات الحفر تحت سطح الأرض. لا شك إنَّ هدفَ إرضاءِ المستهلك هو جزءٌ مهمٌ من العمليات، والإنتاج الفاعلَين؛ ففي الماضي، كانتِ الوظيفة الخاصة بالتصنيع -في معظم الشركات- متجهةً نحو الداخل بشكل رئيس، فلم يكُنِ القائمون على عملية التصنيع يحتكون كثيرًا بالزبائن، ولم يفهموا -دائمًا- احتياجاتهم ورغباتهم، وفي ثمانينات القرن العشرين؛ خسرت العديد من الشركات في الولايات المتحدة -التي تعمل في قطاعاتٍ مثل: السيارات، والصُّلب، والإلكترونيات- خسرت زبائنها لصالح منافسين أجانب؛ لأن أنظمتها الإنتاجية فشلت في تقديم الجودة التي طلبها زبائنها، ونتيجة لذلك، باتت معظم الشركات في الولايات المتحدة، كبيرِها، وصغيرها، تَعُدُّ التركيزَ على الجودة عنصرًا رئيسًا في الإدارة الفاعلة للعمليات. تُشجِّعُ الصِّلاتُ القوية بين التسويق، والتصنيع، مديري الإنتاج على التركيز أكثر نحو التوجُّه خارج الشركة، وعلى أن يفكروا فيما يتخذون من قرارات في ضوء تأثيرها على رضا زبائنهم، كما تجدُ شركاتُ الخدمة أنَّ اتخاذ قراراتٍ تشغيلية -مع أخذ رضا الزبائن بالحُسبان- يمكن أن يُمثِّلَ ميزةً تنافسيةً. هذا ويلعبُ مديرو العمليات -وهم المسؤولون عن إدارة عملية التحويل، والإشراف عليها- دورًا حيويًا في شركات اليوم، فهم يتحكمون في حوالي ثلاثة أرباع أصول الشركة، وموجوداتها، بما في ذلك المخازن، والأجور، والمزايا، كما يعملون عن كثب مع الأقسام الأخرى الكبرى في الشركة، مثل: قسم التسويق، والقسم المالي، والمحاسبة، والموارد البشرية؛ لضمان ربح الشركة في إنتاج تلك السلع، وتُرضي زبائنها، ويساعد أعضاءُ فريق التسويق مديري العمليات في اتخاذ القرارات المتعلقة باختيار المنتجات التي سيصنعون، والخدمات التي سيقدمون؛ أما أعضاء فريق المحاسبة، والموارد البشرية، فيساعدونهم في مواجهة التحديات المتعلقة بالجمع بين الأشخاص، والموارد؛ لإنتاج سلعٍ بجودة عالية في الوقت المحدد، وبتكلفةٍ معقولة، كما يُعنى مديرو العمليات بتطوير السلع، وتصميمها، وتحديد أيٍّ من عمليات الإنتاج سيكون الأكثر فاعلية. وتتضمن إدارة الإنتاج، والعمليات، ثلاثة أنواعٍ رئيسة من القرارات، تُتَّخَذُ عادةً خلال ثلاث مراحل مختلفة، وهي: تخطيط الإنتاج Production Planning: إنَّ أُولى القرارات التي على مديري العمليات اتخاذُها، تأتي في مرحلة تخطيط الإنتاج؛ وهي مرحلةٌ يقرر فيها أولئك المديرون المكان الذي سيجري فيه الإنتاج، وزمانه، وكيفيته؛ فيحددون المواقع المخصصة لذلك الهدف، ويحصلون على الموارد الضرورية. ضبط الإنتاج Production Control: تركِّزُ عمليةُ اتخاذ القرارات في هذه المرحلة على ضبط الجودة، والنفقات، وعلى وضع جداول زمنية، وعلى العمليات اليومية الخاصة بإدارة مصنع، أو منشأةِ خدمة. تطوير الإنتاج، والعمليات Improving Production and Operations: تُركِّزُ المرحلةُ الأخيرة من إدارة العمليات على تطوير وسائل أكثر فاعلية؛ لإنتاج سلع الشركة، أو تقديم خدماتها. وجميع القرارات السابقة ذاتُ طبيعة مستمرة، وقد تُتَّخَذُ -أحيانًا- بشكل متزامن، وفي الأقسام التالية، سنلقي نظرة أقرب على القرارات، والاعتبارات، التي تواجه الشركةَ في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، وإدارة العمليات. الاستعداد: تخطيط الإنتاج يُعَدُّ تخطيط الإنتاج جزءًا مهمًا من إدارة العمليات، إذ يتيحُ للشركة أن تأخذ بحسبانها البيئة التنافسية المحيطة، وأن تدرك أهدافها الاستراتيجية؛ للعثور على أفضل الأساليب الإنتاجية، وعلى تخطيط الإنتاج الجيد؛ أن يحقق توازنًا بين الأهداف التي قد تتعارض مع بعضها، مثل: تقديم خدمة ذات جودة عالية، مع إبقاء نفقات التشغيل منخفضةً، أو المحافظة على الأرباح عاليةً، مع إبقاء مخزونات المنتَج النهائي كافيةً، وقد يصعبُ -أحيانًا- تحقيق جميع تلك الأهداف. ارتبطت سُمعة دراجة فيسبا Vespa الإيطالية بالرومنسية، والثورة، والأناقة منذ ظهور أولى الروايات التي تحدثت عن صنعها في إيطاليا بعد الحرب؛ وصولًا إلى تخليدها على الشاشة بعد ظهورها في فيلمَي عطلة رومانية Roman Holiday، وكوادروفينيا Quadrophenia. وتُشاهَد تلك الدراجة، التي أنتجتها مجموعة بياجيو Piaggio Group، ذاتُ الهيكل الرشيق المصنوع من معدن ستاينليس ستيل Stainless-Steel المقاوم للصدأ، والتصميم المُستوحى من الملاحة الجوية، في كل مكان في أوروبا، وبشكل متزايد في الولايات المتحدة الأمريكية. وتشغّلُ مجموعة بياجيو المصنّعة لتلك الدراجة معاملَ في كل من إيطاليا، وفيتنام، والهند، والصين. يتضمن تخطيط الإنتاج ثلاث مراحل، فلتخطيط الإنتاج بعيد المدى إطارٌ زمني يستغرق من ثلاث سنوات إلى خمس، ويركز على السلع التي ستُنتَج، وعددها، وعلى مكان إنتاجها، أما القرارات الخاصة بالتخطيط متوسط المدى، فيمتد إطارُها الزمني لمدة سنتين تقريبًا، وتتعلق بمخطط المعمل، أو منشأة الخدمة، وبمكان الحصول على الموارد اللازمة للإنتاج، وطريقته، وبالمسائل الخاصة بالعمالة، وبالوصول إلى التخطيط قصير المدى؛ الذي يمتد لسنة واحدة، فهو يحوِّلُ تلك الأهداف الكبيرة إلى خطط إنتاجٍ محددة، واستراتيجيات إدارة مواد. وهناك أربعة قرارات مهمة يجب اتخاذُها خلال عملية تخطيط الإنتاج، وهي: نوع عملية الإنتاج التي ستُجرى، واختيار الموقع، ومخطط المنشأة، وتخطيط الموارد. ترجمة -وبتصرف- للفصل Achieving World-Class Operations Management من كتاب introduction to business
  19. لماذا يغادر الموظفون الأكفاء؟ لِنفترِضْ أنك وظّفتَ فريقًا من خِيرة الأشخاص، وأنهم بدؤوا بالعمل بطريقة ممتازة تمامًا كما أردت، وأثناء سيرِ الأمور على نحو طبيعي، ودونَ سابق إنذار، يتقدّم إليك أحدُهم بطلبِ استقالة يصيبك بالدهشة، فيجعلك تتساءل عن الخطأ الذي ربما ارتكبتَ، والذي قد يكون سبب فشلك في الاحتفاظ به. هل يبدو ذلك مألوفًا بالنسبة لك؟ تتنوع الأسباب التي قد تدفع الموظفين الأكفاء إلى ترك العمل مع الفريق، ومنها: ثقافات الفريق السلبية، وقلة فرص التقدّم، وانعدام الثقة داخل المؤسسة. يمكنك -باستخدام مجموعة من الأدوات، وبتكريس ثقافة فريق تسودها الثقة والتعاون والتواصل- مساعدة موظفيك على الشعور بالرضا في العمل، وتقليل احتمالية رحيلهم. الإشارات والدلالات: كيف تكتشف الموظفين الذين يحاولون ترك العمل؟ لِحُسن الحظ، لا يقتضي الأمر منك لعب دور المحقق للوقوف على الدلالات التي تشير إلى الموظَّفين غير الراضين عن وضعهم الوظيفي لديك، بل ما عليك سوى الانتباه إلى المحاذير الثلاثة التالية: صعوبات التأقلم مع التغيير من المهم لدى مرور شركتك بأي نوع من التغيير -سواءً كان طفيفًا مثل دخولها بعملية جديدة، أو كبيرًا مثل الانتقال إلى العمل عن بُعد- أن تتنبه إلى الموظَّفين الأكفّاء لديك الذين يفشلون في التكيف مع ذلك الوضع. فعندما يحدث ذلك، قد تلاحظ لديهم زيادةً في اللامبالاة أثناء عملهم، ومعدل غياب أكثر تواترًا، وقلّة انخراط في الاجتماعات موازنةً بما قبل ذلك التغيير، وضُعفَ اهتمام في القيام بالعمل الذي كانوا يستمتعون بإنجازه في الماضي؛ إذ يبدون منزعجين، أو محبَطين، من كل شيء. إذا لاحظتَ تغييرات في سلوك أحد الموظَّفين لديك، فعليك اتباع الخطوات التالية: كرِّس وقتًا للتواصل: سيساعدك هذا في ملاحظة التغييرات حالَ حدوثها، سواءٌ من خلال الاجتماعات التي تتناول فيها القهوة مع أعضاء فريقك، أو بالاستماع إلى كل ما هو جديد لديهم، وابحث عن أي تغيير في الإشارات اللفظية لديهم، مثل طريقة تحدُّثهم مع زملائهم؛ أو في الإشارات غير اللفظية، كغياب تعابير وجوههم. اجمع الملاحظات أو التقييمات من أعضاء فريقك بعد كل تغيير في المؤسسة: قف على مدى تكيفهم مع ذلك التغيير، واطرح أسئلةً خاصةً بالوضع الراهن، مثل: "لقد اندمجَ فريقنا مع فريق الحسابات، هل لديكم أي هواجس تجاه ذلك؟" دع أعضاء فريقك يجيبون على نحوٍ متدرج، أو عبر ملاحظات مكتوبة، بحيث يمكنك الرد عليهم لاحقًا. قلة الاهتمام في مناقشة الأهداف المهنية هناك أمر واحد لا يختلف عليه اثنان، وهو أن الموظفين المُندمِجين يبحثون دائمًا عن سبل لبناء مسيرتهم المهنية وتحقيق التقدم ضمن المؤسسة التي يعملون فيها. تذكَّرْ نقاشًا جرى مؤخرًا بينك وبين أحد موظفيك حول المسيرة المهنية. كيف سار ذلك النقاش؟ هل طرح / طرحت أسئلةً حول الفرص؟ أم هل أظهر / أظهرت لامبالاة تجاه تحقيق تقدم مهني؟ وحتى لو لاحظتَ قلة اهتمامٍ لدى الموظف في خوض نقاش حول مسيرته المهنية، فقد يعود ذلك إلى انشغاله في استكشاف ذلك. تذكَّر أن أفضل النقاشات هي التي تفضي إلى إنجاز أفضل الأعمال. وإن كنتَ ترى أن ذلك يحدُث فعلًا، فقد آن الأوان لتعزيز حس التعاطف لديك بوصفك مديرًا. هل تدرك الصعوبات التي يواجهها الموظَّف لديك يوميًا في عمله؟ قد يرجع سبب اللامبالاة لديه إلى غياب الصعوبات في عمله، أو إلى وجود الكثير منها، لذا فمن خلال تعرُّفِكَ إلى تلك الصعوبات، يمكنك البدء في تذليل بعض العقبات التي تقف في طريق التحفيز. إنجاز الحد الأدنى لطالما أحبَّ ذلك الموظفُ العمل على مشاريع جديدة، وطرْحَ أفكار جديدة، والاضطلاع بمشاريع تتجاوز معرفته أو مهاراته؛ أما الآن، فلا ترى ذلك الموظف -الذي كان يومًا ما يضجُّ نشاطًا- يقدّم سوى القليل. فما المشكلة إذًا؟ إذا بدا لك أنّ ذلك الموظف يستسهل العمل برضىً منه، بدلًا من بذل جهد كما في السابق، فحاوِل مناقشة الأمر معه بلقاء شخصي يجمعك به، فمِن شأن ذلك النوع من اللقاءات، مَنْحَكَ الوقت للتواصل مع موظفيك. جرِّب قولَ أشياء مثل: ما الذي بوسعك فعله لمنع رحيل موظف كفء؟ تتمثل الطريقة الأفضل لمنع الأشخاص من ترك مؤسستك، في تكريس ثقافة جيدة ضمن فريقك، وهي ثقافة تجعل من ذلك الرحيل أمرًا مُستبعَدًا. نقدم لك فيما يأتي بعض النصائح التي تقتضي منك اتخاذ خطوات لمساعدتك في إرساء ثقافة مِلؤها الثقة، والأمان، والتواصل الذي لا حدود له. احرص على استخدام المهارات الخاصة بكل عضو من فريقك هذا ما يقوله شين عن موظفيه، إذ إنَّ أكثر الموظَّفين اندماجًا هم الذين يشعرون بتوسيع مهاراتهم وخبراتهم في اتجاهات جديدة، بالتوازي مع عملهم على مشاريع تملؤهم بالإثارة والتحفيز، وذلك بناءً على مجموعة المهارات التي يمتلكون. عليك اتخاذ الخطوات التالية لضمان تطوير موظفيك لمهاراتِهم باستمرار: كرِّس وقتًا كل أسبوع ليتعلم فيه موظفوك أشياءً جديدة: سواءً بعقد اجتماعات غداء عمل، أو من خلال التعليم المستقل عبر دورات على الإنترنت. مارِس التوجيه والتدريب طالما تمكّنتَ من ذلك: عندما يواجه موظفوك مشكلةً ما، فحاوِل تدريبهم على كيفية حلها بأنفسهم بدلًا من أن تتولى ذلك عنهم. اطرح عليهم أسئلةً، مثل: "ما الذي جرَّبتَ للتو؟" أو "ما الذي ستفعله لو أُزيلت جميع العقبات من طريقك؟" سيساعدهم ذلك في تحقيق تقدم. كرس دائما وقتا للتواصل واللقاءات تشرح ألينا قائلةً إنه مهما بلغ انشغالها بالعمل، فهي تصغي باستمرار إلى الأفكار الجديدة، وتبقى منفتِحةً على إجراء لقاءات مع موظفيها. تذكَّر أنه بينما قد تجد صعوبةً لدى التفكير في إجراء لقاءات فردية مع موظفيك، أو في عقد اجتماعات افتراضية معهم، فالوقت الذي يتطلبه توظيف شخص جديد، وجعلُه يعتاد على العمل، أطول بكثير من الذي تستغرقه في الترتيب لتلك اللقاءات وعقدها. لذا، لا تنتظر لوقت لا ينفع معه الندم؛ ولتحرِصْ على جعل اللقاء بأعضاء فريقك جزءًا لا يتجزأ من ثقافته. ولكي تضمن التركيز على التواصل على نحو دائم، عليك اتخاذ الخطوات التالية: أفسِح مجالًا لنقاش جِدّي مع أعضاء فريقك: حيث يعطي هذا الأمر فرصةً لموظفيك لطرح نقاط مهمة عليك. احرِص على خوض نقاشات صادقة مع موظفيك: أي لا تكتفِ بالنقاشات التي تُعنى بالتعرف إلى ما هو جديد لدى كل منهم. اصقل مهارات التواصل لديك يمكن لأي مدير الاستفادة من تطوير مهارات التواصل لديه، سواءٌ كان جديدًا، أو ذا باع طويل في هذا المجال. فمن شأن شعورك بأنّ مديرك لا يشاركك توقعاته، أو يحجب عنك معلومات مهمة، أن يمثِّل تجربةً مُحبطةً لك بوصفك موظفًا. وللأسف، يمكن لذلك دفع موظفيك إلى ترك العمل لديك والبحث عن وظيفة في مكان آخر. وفقًا لشركة الخدمات المهنية ديلويت: عزِّز حِس التعاطف لديك باتباع الخطوات التالية: تكُن لغتك وافية: قُل ما تحتاج قوله ببساطة وبالطريقة مباشرة أكثر. كرِّر المعلومات المهمة أكثر من مرة وعبر قنوات مختلفة: ومن هذه القنوات تطبيق التراسل سلاك Slack، وعبر البريد الإلكتروني، وشفهيًا خلال اجتماع أعضاء الفريق. بحيث يتطلب إيصال رسالة ما 7 مرات حتى يبدأ شخص آخر معالجتها. استمع بنشاط، ثم أعد تلخيص ما سمعت بحيث يدرك من تستمع إليه فهمك لما قال: أجب على مخاوفهم بعبارات، مثل: "أفهم ما تقول"، أو "لا بد أن هذا صعب بالنسبة لك". تولَّ قياس شعور أعضاء فريقك تجاه تواصلك معهم: وذلك باستخدام الدراسات الاستقصائية البسيطة. ما الذي عليك فعله إذا ترك الموظفون الأكفاء العمل؟ عليك- بوصفك مديرًا- التفكير دائمًا بِخطط طوارئ. فمثلًا، لو افترضنا أن أفضل موظف لديك سيترك العمل في اليوم التالي، فما الخطة التي ستطبّقها لتنفيذ العمل الذي كان ذلك الموظف الوحيد الذي يمكنه إنجازه؟ كيف سيكون تأثير تركه العمل؟ ومَن الذي بوسعه الحلول مكانه؟ هنا تحديدًا تبرز فائدة الإحلال الوظيفي، أو تخطيط التعاقب الوظيفي. وإذا لم تكن قد مارستَ ذلك النشاط بعد مع أعضاء فريقك، فهذا هو الوقت الأنسب لفعل ذلك! للحفاظ على هدوء أعضاء فريقك في فترة ترك أحد زملائهم العمل، احرص على اتخاذ الخطوات التالية: تحدّث إليهم مباشرةً: رتّب للقاء معهم بالسرعة الكلية لجعلهم يدركون وقوفك بجانبهم خلال تلك الفترة الانتقالية، فقد ينتابهم القلق، أو ربما يمرون بحالة أسوأ من ذلك، بسبب قرار زميلهم مغادرة الفريق. تأكَّد من التواصل معهم لِجَس نبضهم حول ما يشعرون به، ولتجيبهم على أي أسئلة قد يطرحون، وكن واضحًا تمامًا بشأن الخطوات القادمة، والكيفية التي ستساعد بها على إدارة تأثير مغادرة زميلهم. واشرح كيف ستعيد ترتيب أولويات العمل، ومتى ستبدأ عملية التوظيف، وما هي الخطة القادمة. تحرَّ عن السبب: التقِ شخصيًا بالعضو الذي يريد مغادرة الفريق، واسأله عن سبب اتخاذه تلك الخطوة، فقد يُطلعك على السبب، أو قد لا يرغب بذلك. وعلى أي حال، يمكن لأي ملاحظات أو رؤىً تستشفها من ذلك اللقاء أن تساعدك في المضي قُدمًا بوصفك مديرًا. وبصرف النظر عن مدى كونِك مديرًا رائعًا، أو عن تميز في ثقافة فريق عملك، فلا يمكنك الحيلولة دون مغادرة أيّ مِن موظفيك العمل. لذا احتفِ بالنجاح الذي حقّقه الموظف الذي يترك العمل لديك، واحرص على تقديم العرفان بالتأثير والإسهام اللذين تركَهما بالنسبة لفريق العمل. وبنهاية آخر يوم عمل لذلك الموظف، تَمنَّ الخير له، وأرسل إليه ملاحظةً إيجابية، لأنك لا تعلم متى قد تلتقيان مُجددًا. ترجمة وبتصرّف للمقال Why good employees leave and what you can do to keep them لصاحبه Stacy Pollack.
  20. توضح الموادُ المقدمة حتى اﻵن في هذا الباب مجموعةً متنوعة من أفكار أصحاب النظريات، والدراسات البحثية؛ التي ساهمت في فهمنا الحالي لتحفيز الموظفين؛ أما الآن، فنحوِّلُ اهتمامَنا إلى أمورٍ أكثر عملية، وهي الطرق التي يمكن بها تطبيق هذه المفاهيم في مكان العمل؛ لتحقيق اﻷهداف المؤسسية، وتحسين الأداء الفردي. كيفية إعادة تصميم الوظائف لزيادة تحفيز الموظفين وتطوير أدائهم تصميم الوظيفة التحفيزية تُستخدَمُ الثلاثة الخياراتُ على نطاق واسع في مكان العمل: التوسُّع الوظيفي: تُطلَقُ عبارةُ التوسع الوظيفي، أو توسيع نطاق الوظيفة Job Enlargement على توسيع الوظيفة توسيعًا أفقيًّا، وذلك عبر زيادة عدد المهام التي يؤديها شخصٌ ما، وتنوّعِها، ويمكن لزيادة تنوع المهام أن تُعزِّزَ الرضا الوظيفي؛ خاصة عندما تكون الوظيفة بسيطةً، ومكرَّرة بطبيعتها، ومن السلبيات المحتملة المترتبة على التوسع الوظيفي؛ شعور الموظفين أنه يُطلَب منهم العمل بجدٍّ أكبر، وأن يقوموا بالمزيد، دون تغييرٍ في مستوى مسؤوليتهم، أو تعويضهم، ويمكن لذلك أن يؤدّيَ إلى استيائهم، وشعورهم بعدم الرضا. اﻹثراء الوظيفي: Job Enrichment هو التوسع الرأسيّ لعمل الموظف، فبينما يختص التوسع الوظيفي Job Enlargement بنطاق الوظيفة، أو اتساعها الأفقي؛ فإن الإثراء الوظيفي Job Enrichment يسعى -في المقابل- إلى زيادة عمق الوظيفة، من خلال منح الموظف مزيدًا من اﻻستقلالية، والمسؤولية، ومن سلطة اتخاذ القرار. ففي وظيفة خاضعة للإثراء الوظيفي Enriched Job، يمكن للموظف استخدامُ مجموعة متنوعة من المواهب، والمهارات، ولديه سيطرة، وتحكُّمٌ أكبر في تخطيط المهام المطلوبة، وتنفيذها، وتقييمها، وبوجه عام، أُوجِدَ الإثراءُ الوظيفيُّ ليزيد من الرضا الوظيفي، ويقللَ منَ التغيُّب عن العمل، واستبدال الموظفين. التناوب الوظيفي (تدوير العمل): يُطلَق على التناوبِ الوظيفي Job Rotation، أما التدريب المتقاطع Cross-Training، فهو نقل العمال من وظيفة إلى أخرى، وقد يكون الهدفُ من التناوب الوظيفي؛ توسيعَ قاعدة مهارات الموظف، أو قد يُلجَأُ إليه؛ ﻷن أحد الموظفين توقَّفَ عن اﻻهتمام بوظيفةٍ معينة، أو لم يعد يرى فيها تحديًّا له، وقد تستفيد المؤسسةُ منَ التناوب الوظيفي، ﻷنه يزيد المرونة في الجدولة، واﻹنتاج، ويتيح نقلَ الموظفين من وظيفة لأخرى؛ لتغطية تغيُّب زملائهم، أو مراعاةً للتغييرات في الإنتاج، أو عمليات الشركة، وبالإضافة إلى ذلك، يُعَدُّ التناوب الوظيفي أداةً قيِّمةً لتدريب المديرين من مستوياتٍ أدنى في مجموعة متنوعة من النواحي الوظيفية. ومن عيوب التناوب الوظيفي؛ أنه يزيد في تكاليف التدريب، ويخفِّضُ اﻹنتاجيةَ، في وقتٍ يسيرُ فيه الموظفون مثلما هو مطلوب، أو متوقَّعٌ منهم، فيما يخص المهام الجديدة. خيارات جدولة العمل بينما تحاول الشركاتُ تلبيةَ احتياجات القوى العاملة المتنوعة، والاحتفاظَ بالموظفين ذوي الكفاءة العالية -بالتوازي مع بقائها في المنافسة، وتحقيقها ازدهارًا ماليًا- يواجه المديرون صعوبة في إيجاد طرق جديدة لإبقاء الموظفين متحفزين وراضين، وتشهد بدائل جدول العمل التقليدي شعبيةً متزايدة، ومن تلك البدائل: ساعاتُ العمل المرنة، وأسبوع العمل المضغوط، وأسبوع العمل لمدة أربعة أيام، والعمل عن بعد، ومشاركة الوظائف. ومن الخيارات المتاحة للموظفين الذين يرغبون في جدول عملٍ قابل للتعديل؛ ساعاتُ العمل المرنة، المعمول بها في 57% من الشركات في الولايات المتحدة، حيث تسمح ساعات العمل المرنة للموظفين بتحديد الساعات التي يعملون خلالها، ويُتوقع من الموظفين -عمومًا- العملُ لعدد معين من الساعات أسبوعيًا، ولكنْ لديهم بعض السلطة التقديرية، والتحكُّم، بشأن وقت وصولهم إلى العمل، ومتى ينهون يوم عملهم. هناك خيارٌ آخر للموظفين الذين يرغبون في زيادة وقت فراغهم إلى أقصى حد، واﻻستمتاع بعطلة نهاية أسبوع لمدة ثلاثة أيام، وتجنُّبِ التنقل خلال ساعات الذروة الصباحية، والمسائية؛ وذلك الخيارُ هو أسبوع العمل المضغوط Compressed Workweek الذي يعمل الموظفون خلاله لمدة 40 ساعة كالعادة، ولكنهم يمضون ساعاتِ عملٍ أطول خلال اليوم الذي يعملون فيه، بحيث يستوفون تلك الساعات، خلال عدد أيامٍ أقل من سبعة، أما الأكثر شيوعًا، فهو جدول العمل المعروف بـ 4-40 الذي يعمل الموظفون خلاله أربعة أيام؛ يمتدُّ وقتُ العمل في كلٍّ منها لعشر ساعاتٍ في اﻷسبوع، وتؤكِّدُ المنظماتُ التي تُتيحُ هذا الخيار؛ أنه يوفر مزايا تتراوح بين زيادة التحفيز، واﻹنتاجية، إلى تقليل التغيب عن العمل، واستبدال الموظفين، ووفقا لجمعية إدارة الموارد البشرية Society for Human Resource Management، عرضت 29% من الشركات في الولايات المتحدة على الموظفين، أسبوع عمل مضغوطًا في العام 2017، في مقابل بلوغ تلك النسبة 35% في العام 2013، وقد يكون أحد اﻷسباب وراء الانخفاض في ذلك التوجه؛ هو زيادة شعبية أسبوع العمل لمدة أربعة أيام. وفي العام 2017، بدأت جمعية إدارة الموارد البشرية، في تتبُّعِ شعبية أسبوع العمل لمدة أربعة أيام، الذي وفّرته 13% من الشركات في الولايات المتحدة آنذاك، ووفقًا لخيار العمل المذكور، يعمل الموظفون أربعة أيام -فقط- في اﻷسبوع، تمامًا مثلما هو الحال بالنسبة لأسبوع العمل المضغوط، ولكنهم يعملون فيه (في أسبوع العمل المكون من أربعة أيام) لعدد ساعات يبلغ 32 ساعة، أو أقل. وفي العام السابق، أي: 2016، أعلنت أمازون عن مشروعٍ تجريبي، يتيح لبعض أعضاء فِرق العمل التقنيين في قسم الموارد البشرية، العملَ لساعاتٍ أقل مقابل 75% من أجورهم، ولكن مع احتفاظهم بالمزايا ذاتها؛ التي يتمتع بها الموظفون بأجر كامل، وبالمقابل، حوَّلت شركة تاور بادل بوردس Tower Paddle Boards مشروعها التجريبي؛ الذي يحدد ساعات العمل اليومية بخمس ساعات -فقط- إلى نظامٍ عملٍ دائم في كافة أقسام الشركة، ولم يترافق ذلك مع أيِّ تغيُّرٍ، سواء من ناحية أجور موظفي تلك الشركة، أو من ناحية مسؤولياتهم؛ ويمثل ذلك تحدّيًا لهم ليكونوا أكثر إنتاجية خلال وقتٍ أقل، وإضافة إلى ما سبق، بدأت تلك الشركةُ تطبيق خطة مشاركة أرباح بنسبة 5%، ويقول مؤسسها، السيد ستيفان أرستول Stephan Aarstol: إنه توقَّعَ خسارة الشركة بعضًا من إيرادتها من جراء ذلك، ولكن هذا لم يحدث، بل وصلت تلك العائداتُ إلى 40%. يُعَدُّ العمل عن بعد Telecommuting أحد خيارات جداول العمل التي تتيح للموظفين العمل من المنزل؛ عبر أجهزة حاسوب متصلة بمكاتبهم، أو بمقرات الشركة، أو بحواسيب زملائهم في الوظيفة، وغالبًا ما سيستخدم الموظفون مزيجًا من خيارات جدولة العمل تلك وفقًا لظروفهم، فقد كانت جاكلين باويلا-كرو Jacqueline Pawela-Crew قائدة مجموعة موظفين في وحدة هندسة الإدارة بشركة إنتل Intel، وقدِ اعتادت العمل وفق جدول عملٍ مضغوط، بدءًا من يوم الاثنين، وحتى الخميس من كل أسبوع، وعملت عن بُعد خلال يومين منها، أما في اليومين المتبقيَين، فقد عملت وفقًا لجدول عملٍ مَرِن، إذ كانت -أحيانًا- تصل إلى مكتبها في الساعة 6 صباحًا، بحيث تعود إلى المنزل مع عودة أطفالها من المدرسة، أما مديرها السابق، دان إنلو Dan Enloe، فكان جنديّ احتياط في البحرية، وأبًا مُطلَّقًا، ولذلك استخدمَ جدولَ العمل المرن؛ الذي توفره شركة إنتل لتلبية احتياجاته العسكرية والعائلية، ويرى دان أنَّ تلك المرونة تمثِّلُ مُحفِّزًا رئيسًا لموظفي إنتل، حيث يقول: "كان لديَّ موظفون يقولون لي بالفم الملآن: إنهم سيتركون العمل لدي شركة إنتل، ما لَم يحظَوا ببعض المرونة في دوامهم". ويلخِّصُ ريكاردو سيملر Ricardo Semler؛ وهو الرئيس التنفيذي للتكتل البرازيلي سيمكو Semco الذي يضم 3000 موظفٍ، جدولَ العمل المرن بقوله: "الأصلُ بالنسبة لنا في شركة سيمكو، هو أنَّ الناس الأحرار الذين بوسعهم العملُ وفقًا لمصالحهم الذاتية، وتحقيقُ توازنٍ في حيواتهم الخاصة، هم أكثرُ سعادةً، وأعلى إنتاجية، ولا يقتصر الأمرُ على اختيار موظفي سيمكو جداولِ العمل الخاصة بهم، بل غالبًا ما يختارون الجزءَ الذي سيؤدونه من العمل، وكم سيُدفَعُ لهم من أجرٍ كذلك. تُعَدُّ مشاركة الوظيفة Job Sharing إحدى خيارات جدولة العمل التي تسمح لشخصين بتقاسُمِ المهام، والمسؤوليات، وساعات العمل، في إحدى الوظائف التي تتضمن 40 ساعة عمل في الأسبوع، وعلى الرغم من قلة استخدام مشاركة الوظيفة، مقارنة بساعات العمل المرنة، وأسبوع العمل المضغوط؛ فإنه يمكن لهذا الخيار أن يوفر مرونة في عمل الموظفين، وتتمثل الميزة الرئيسة التي تحققها مشاركةُ الوظيفة للشركة؛ في أن هذه الأخيرة "تحصل على خدمتين، وتدفع لقاء واحدة منهما -فقط- أو تصطادُ عصفورين بحجر واحد، إن صحَّ التعبير"؛ أي أنها تعتمد على مجموعتين من المهارات، والإمكانات؛ لتحقيق مجموعة واحدة من أهداف العمل. تشغل ماري كاي ستيوارت Mary Kaye Steuart منصب مدير حسابات تنفيذي لدى إحدى شركات البث في مدينة أوستن Austin بولاية تكساس الأمريكية، وقد سعت إلى مشاركة وظيفتها بعد أن حذَّرَها طبيبُها من أن الضغط والتوتر اللذين يسببهما تنقُّلُها إلى مكان عملها؛ الذي يبعُد حوالي 100 ميل عن منزلها، كفيلان بتقصير حياتها، فشكّلت فريقًا مع زميلة سابقة لها، وباتت كل منهما تعمل بمفردها ثلاثة أيام في الأسبوع، وتجتمعان أيام الأربعاء -فقط- وتقول ميليسا نيكلسون Melissa Nicholson: إن "مشاركةُ الوظيفة حلٌّ عظيم لمشكلة إرهاق الموظفين بسبب العمل، كما تقلل من حالاتِ استبدال الموظفين". لذا فإنَّ لدى ميليسا قناعةً راسخة بفائدة مشاركة الوظيفة، لدرجة أنها بعد سنوات من القيام بها شخصيًا، أسست شركة وورك ميوز Work Muse لمساعدة الشركات الأخرى في عمل ترتيباتٍ خاصة بمشاركة الوظائف، وتُقِرُّ ميليسا أنه لم تكن كل الشراكات ناجحة، ولكن عندما يُكتب لها النجاح، يروق لها امتلاكُ القدرة على أن تكون مرِنةً، ومساعدةُ العمال، ودعمُهم، وتصف تجربتها هذه بقولها: "بوسعيَ التوقفُ عن التفكير في رسائل البريد الإلكتروني، والعمل لأربعة أيامٍ في الأسبوع، وهذا مستحيل بالنسبة لمعظم الناس" وعلى الرغم من عدم خلوّ خياراتِ جدولة العمل تلك من سلبياتٍ تعتري كُلًّا منها بالنسبة للمؤسسات التي تتبناها، إلا أن إيجابياتها -بالمقابل- تطغى على سلبياتها إلى حدٍّ كبير. لقد باتَ عددُ الشركات التي توفر خيارات عملٍ مرنةً يشهدُ تزايدًا في الآونة الأخيرة، ويبدو أن هذا التوجه آخِذٌ في الاستمرار. تقدير أداء الموظفين وتمكينهم لدى الموظفين احتياجاتٌ خاصة بكل منهم، يسعون إلى تلبيتها من خلال وظائفهم؛ وعلى المؤسسات ابتكارُ مجموعةٍ كبيرة من الحوافز لضمان تلبية رغبات طيفٍ واسعٍ منهم في بيئة العمل، مما يزيد منِ احتمالية تحفيز أكبر عدد ممكن من الموظفين، ونناقش هنا عينةً من تلك الأدوات التحفيزية. ويُعَدّ التقديرُ Recogintion الرسمي لجهودٍ مضنية بذلها موظفٌ فرد، أو مجموعةُ موظفين، في مكان العمل، أحدَ وسائل تعزيز تحفيز الموظفين، إذ يمثلُ تقييمًا، وتعزيزًا إيجابيَين؛ يجعلُ الموظفين يدركون ما الذي أحسنوا إنجازه، وأنَّ الشركة تُقدِّرُ مساهمتهم وتُثمِّنُها، ويأخذ التقدير عدة أشكال، رسمية وغير رسمية، إذ تلجأ بعضُ الشركات إلى إقامة احتفالاتِ تكريمٍ رسمية للاحتفاء بإنجازات موظفيها، والاعتراف بأهميتها، أما بعضُها الآخر، فيستغل التفاعل غير الرسمي لتهنئة الموظفين على عملٍ أحسنوا إنجازه، والتشجيع على تقديم أداءٍ مستقبلي أفضل، وقد يأخذ التقدير شكل مكافأة مالية، أو يوم عطلة، أو رسالة تهنئة عبر البريد الإلكتروني، أو التربيت على الكتف، مع تهنئة شفهية، ولا يُشترَطُ أن يأتيَ التقديرُ من جانب من هُم أعلى في الترتيب الوظيفي ليكون ذا معنىً، ففي شركة موتلي فول Motley Fool مثلًا -وهي شركة خدمات مالية تساعد الناس على الاستثمار بشكل أفضل- يستخدم الموظفون التطبيق المسمى يو إيرند إت YouEarnedIt لتقدير إسهاماتِ زملائهم في العمل، إذ يُمنَحُ الموظفون في التطبيق "ذهبًا" لإنفاقه عبر شُكرِ، أو إطراء بعضهم بعضًا، مع عبارةٍ تُفصِحُ عما أنجزه الموظفُ المعني ليكسب مكافأته تلك، ثم يصرف الموظف المتلقي للجائزة ذلك الذهب، فيحصل مقابله على جائزة عينية، أو بطاقة جوائز، ويقول الموظفون: إنَّ هذا النوع من التقدير قد يكون أفضل من ذلك الذي يتلقونه من طرف الإدارة. أمّا تمكين الموظفين Employee Empowerment، الذي يُطلَق عليه أحيانًا إشراكُ الموظفين Empolyee Involvement أو الإدارة التشاركية Participative Management، فيتضمن تفويضَ سلطةِ اتخاذ القرارات للموظفين من مستويات الشركة كافة، وإعطاءَهمُ الثقةَ الذي تخوِّلُهم اتخاذ القرارات المناسبة، كما يُمنَح الموظفون مسؤوليةً أكبر للتخطيط، والتنفيذ، وتقييم نتائج القرارات التي يتخذونها، ويقوم تمكينُ الموظفين على الافتراض القائل: إنَّ الموارد البشرية، -وخصوصًا الموظفين في المستويات الدنيا داخل الشركة- هي ثروة غير مُستغلَّةٍ استغلالًا كافيًا، إذ إنَّ بوسع الموظفين الإسهام بمهاراتهم، وإمكاناتهم إسهامًا أكبر بكثير، إذا ما أُتيح لهم المشاركةُ في عملية اتخاذ القرارات، ومُنِحوا الوصولَ إلى الموارد اللازمة لتطبيق قرارتهم، فشركة نتفليكس Netflix، مثلًا، تُزيل العقباتِ من طريق الموظفين باتجاه النجاح؛ عبر تخفيف القيود التي تفرضها سياساتُها، وإجراءاتُها، لتُظهِرَ للموظفين ثقتها في اتخاذهم القرارات، بما في ذلك القراراتُ الخاصة بالنفقات والعُطَل؛ حيث توظِّفُ تلك الشركةُ "أشخاصًا مكتملي النضج"، وتوجههم إلى استخدامِ أفضل محاكمة لديهم في سبيل العمل لمصلحة الشركة التي يعتقدُ القائمون عليها، أنَّ الموظفين سيكونون أكثرَ إنتاجيةً في حال لم تحدَّ الإجراءاتُ من قدراتهم، ونتيجةً لاتباع تلك الممارسات، تشتهر شركة نتفليكس بوصفها إحدى الشركات ذات الإنتاجية الأعلى بنسبة 40% عن سواها. الحوافز الاقتصادية لا يمكن أن يخلوَ حديثٌ عن تحفيز الموظفين منِ استعمال الحوافز المالية لتعزيز الأداء، وتستخدم الشركاتُ -حاليًا- مجموعة متنوعة من برامج الدفع المتغيِّرة، مثل خطط الأجر بالقطعة، ومشاركة الأرباح، والمكاسب، وخيارات الأسهم، والعلاوات، لتشجيع الموظفين على أن يكونوا أكثر إنتاجيةً، وبعكس الراتب الثابت، أو الأجر على أساس ساعات العمل، يعني الأجرُ المتغير أنَّ جزءًا مما يتقاضاه الموظف من مال مرتبطٌ بأدائه، أو أداء الشركة التي يعمل لها، بوصفهما مقياسًا لذلك الأجر؛ فبالنسبة لـ خطط الأجر بالقطعة Piece-Rate Pay Plans مثلاً، يُدفَع للموظفين مبلغٌ محدد من المال عن كل قطعةٍ، أو وحدةٍ ينتجونها، مما يربِطُ ربطًا مباشرًا بين المبلغ الذي يتقاضونه، وبين إنتاجيتهم، وترتبط خطط مشاركة الأرباح Profit-Sharing Plans بالربحية العامة للشركة، إذ توزِّعُ الشركةُ قسمًا من أرباحها على موظفيها باستخدام صيغةٍ محددة مُسبقًا، أما خطط مشاركة المكاسب Gain-Sharing Plans، فهي برامجُ تحفيزية، تؤسَّسُ على إنتاجية الجماعة؛ إذ يتشاركِ الموظفون المكاسب المالية المرتبطة بزيادة إنتاجية تلك الجماعة، وهذا ما يشجع الموظفين على زيادة إنتاجيتهم ضمن مجال عملهم المحدد، بصرف النظر عن الربح الكليّ للشركة. ومن أساليب التحفيز المالي الأخرى المعروفة خياراتُ الأسهم Stock Options، أو منحُ الموظفين حقَّ شراءِ كميةٍ محددة من الأسهم بأسعارٍ تقِلَّ عن أسعار السوق، ويمكن لخيارات الأسهُم أن تُمثِّلَ حافزًا قويًا؛ لأنها تتيح لمن يتلقاها فُرصةً لجَنْي كثير من المال، وقد باتتِ التغييرات التي تجريها الحكومة في مجال الحوافز الضريبية، تؤثر في كمية الأسهم التي تقدِّمُها الشركاتُ كلَّ عام، مما يشير إلى أنَّ خيارات الأسهم تشهد تناقصًا في شعبيتها. وتأتي العلاوة Bonus بوصفها إحدى الحوافز المالية الرائجة، والعلاوة هي مكافأة مالية تأتي على شكل مبلغٍ مقطوع، وتُدفع لمرة واحدة، وفي حالاتٍ عديدة، يتلقى الموظفون علاواتٍ مقابل مستوى أداءٍ معين، مثل تحقيقهم بنجاح حصة المبيعات المحددة لهم أو تجاوزها، ومن الشائع أن يكون مبلغ العلاوة كبيرًا، فقد أحدثت شركة غوغل Google جائزةَ مكافأة المؤسِّسين Founder's Award ومنحتِ الفائزين ذات مرةٍ مبلغ 12 مليون دولار على شكل سهمٍ مُقيَّد، وهي علاوة فورية كبيرة مُنِحَت مقابل عملٍ عظيم أُنجِزَ في أحدِ المشاريع، فبالنسبة للموظفين التنفيذيين، والاستشاريين، قد تبلغ علاواتُهم من 3 إلى 5% من أجرهم السنوي؛ ويرتفع هذا الرقم إلى نطاق النسبة المئوية المنخفضة المكونة من رقمين بالنسبة لمديري الإدارة المتوسطة؛ أما بالنسبة للمديرين التنفيذيين، وتحديدًا رفيعي المستوى، فقد تُمثِّلُ العلاواتُ حتى 50% من تعويضهم السنوي. ولا يعني ذلك أنَّ العلاوات ذات المبالغ الصغيرة ليست حوافز جيدة، فقد وجدت شركةُ غوغل أنَّ المكافآتِ ذات المبالغ الكبيرة تُثير الغيرةَ في نفوس الموظفين، بدلًا من تطوير عمل الفريق نحو الأفضل، وقد غيَّرت غوغل نهجها في هذه الناحية من منح مكافآتٍ مالية، إلى تقديم مكافآتٍ تتضمن تجربةً ما، مثل الهدايا العينية، والرحلات، وهذا ما جعل الجميع أكثر سعادةً ورضًا. إنَّ العلاوات "الفورية" تسمح للشركات باستهداف الموظفين ذوي التأثير على صافي الأرباح، ويمكن لها أن تساعد في تحفيز الموظفين العاديين؛ فعلى سبيل المثال: تلقّت سارة كلاوسن Sarah Clausen أوَّل علاوةٍ من شركة أسوسيا Associa؛ ومقرها مدينة دالاس Dallas في الولايات المتحدة؛ وهي شركةُ إدارة ملكيات عقارية، لقاء إشرافها على التمهيد لإطلاق فعالياتٍ قائمة على تقنية الفيديو، وتقول سارة في ذلك: "ينتابُكَ شعورٌ بأنّ هناك من يُقدِّرُ عملك، ويدفعُني ذلك حقًا إلى الرغبة في البقاء هنا، والقيام بعملٍ جيد". وبصرف النظر عن مبلغها، فقد باتتِ العلاواتُ تحلُّ محل زيادة الأجور، وذلك بوصفها الطريقة التي تُكافئُ فيها الشركاتُ موظفيها على عملٍ أدّوه أداءً جيدًا، وتحفّزهم على تقديم الأفضل، ولهذا السبب تتنوعُ العلاواتُ تبعًا لنتائج العمل، وتُعرَفُ الحوافزُ المالية التي تسمح بالتنوع في توزيع التعويض، وفقًا لإسهاماتِ الموظف ببرامج ربط الأجر بالأداء Pay-for-performance Programs، ومن بين العديد من الشركات التي تستخدم ذلك النوع من البرامج شركةُ أول ستيت Allstate التي تُصنِّف أداء الموظفين على مقياسٍ يتراوح من درجة واحدة إلى خمس درجات، ويعتمدُ مبلغ العلاوة الذي يحصل عليه موظفٌ لدى تلك الشركة، على الدرجة التي يحصل عليها وفقَ ذلك المقياس، فعلى سبيل المثال: قد تحصل موظفةٌ على علاوة قدرها 5.5% من أجرها السنوي، مقابل حصول زميلة لها في المكتب المجاور، تؤدي العمل ذاته تمامًا، ولكن بفاعلية، وإنتاجية أقل منها، على علاوة نسبتها 2% -فقط- من أجرها السنوي، ويمكن -أيضًا- استخدامُ برامج ربط الأجر بالأداء، بالنسبة للرؤساء التنفيذيين، فقد أعلنت شركة تيسلا Tesla مثلًا، أن تعويض رئيسها التنفيذي إيلون ماسك Elon Musk قد يساوي 55.8 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة، وهو تعويض مرتبط بالقيمة السوقية لشركة تيسلا، ولقد شهدتِ النسبةُ المئوية لكشوف الرواتب السنوية التي تخصصها الشركات للعلاوات المتعلقة بالأجر المرتبط بالأداء، تقلباتٍ طفيفةً خلال السنوات الأخيرة، ولكنها ما تزال فوق نسبة 12%، ويُتوقَّعُ استمرارها على تلك الحال. ترجمة -وبتصرف- للفصل Motivating Employees من كتاب introduction to business اقرأ أيضًا المقال التالي: التوجهات الحديثة في تحفيز الموظفين المقال السابق: وجهات النظر المعاصرة حول التحفيز الثورة الصناعية في عالم الإدارة الأخلاق والمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والاستدامة كيف تزيد حافز الموظف بفعالية العوامل المؤثرة على أداء الموظفين ودافعيته
  21. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على كيفية تُسوَّية المظالمُ بين الإدارة، والعمال، والأساليب المُتَّبَعة لإنفاذ تسويةٍ عَقْدِيَّةٍ، لننتقل لاحقا للحديث عن القوانين، والهيئات الفيدرالية الأساسية في الولايات المتحدة، ذاتُ التأثير في إدارة الموارد البشرية، وعلاقات العمل. إدارة المظالم والنزاعات يتّبِعُ الموظفون -ضمن بيئة عملٍ نقابية- عمليةً ذات خطوات متعاقبة للتعامل مع المظالم، أو النزاعات بين الإدارة، والعمال، ولكنَّ تسوية النزاعات حول العقود تكون -عادة- أكثر صعوبة من سواها، وقد ينتج عنها فرضُ ضغطٍ اقتصادي من قبل النقابة، أو الجهة الموظّفة، وهذا ما سنشرحه في هذا المقال التعامل مع المظالم والتحكيم يُعدُّ الإجراء التظلُّمي وسيلةَ النقابة الرئيسة لتنفيذ العقد بقوة القانون، والتظلُّم (Grievance) هو شكوى رسمية من قبل الموظف ذي الصلة، أو النقابة، يُدَّعى فيها أنَّ الإدارة قدِ انتهكت بعض أجزاء العقد، وبموجب عقد اعتيادي، يشتكي الموظف بداية إلى المشرف عليه شخصيًا، أو كتابةً، وتوضح الصورةُ 8.13 إجراء التظلُّم الاعتيادي، ومن الأمثلة على سبب التظلُّم: عندما يُعاقَب موظفٌ ما بتعليق عمله يومًا واحدًا، مع حرمانه من الأجر في ذلك اليوم، بسبب تأخُّره عن العمل عدة مرات خلال شهر واحد. الصورة 8.12: إيزكيل إليوت (Ezekiel Elliot) هو لاعب الدفاع في فريق كرة القدم الأمريكية دالاس كاوبويز (Dallas Cowboys) الذي أوقف عن اللعب لست مباريات في العام 2017 من قبل روجر غوديل (Roger Goodell)، وهو مفوض الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية (NFL). وقد استأنف ذلك اللاعب المثير للجدل قرار الإيقاف مراتٍ عديدة، بدعم من اتحاد لاعبي الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية (NFLPA)، ولكنه في النهاية خسر دعوى حظيت بتغطية إعلامية واسعة أمام إحدى المحاكم الفيدرالية، فقد قررت القاضي كاثرين بولك فايلا (Katherine Polk Failla) أنَّ قرار الإيقاف الصادر عن مفوض الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية لم يخالف اتفاقية العمل. وإذا لم تُحَلّ المشكلةُ، تُقدَّم المظلمةُ، أوِ الشكوى كتابيًا، ثم يناقشها كل من الموظف، وشخص أو أكثر من موظفي النقابة، والمشرف على الموظف، وقد يشاركهم ذلك مديرُ المعمل، وفي حال لم يُسوَّ النزاع بعد كل ذلك، يُعقَد اجتماعٌ آخر بحضور ممثلين عن الطرفين من مستويات أعلى، وإذا فشل كل من مدير الإدارة العليا، ورئيس النقابة المحلية في الوصول إلى تسوية للنزاع، يُلجَأُ إلى التحكيم. التحكيم (Arbitration) هو عملية تسوية نزاع بين عامل، وإدارته، بالاستعانة بطرف ثالث هو مُحَكَّمٌ، أو هيئة محكَّمين، لاتخاذ قرارٍ يسوّي النزاع، ويكون ذلك القرار نهائيًا، وملزِمًا لكل من النقابة، والإدارة، ويطلع المحكَّم على مظلمة العامل في جلسة استماع، ثم يصدر قراره الذي يَرِدُ في وثيقة تُسمّى "حُكم" (Award). فبالنسبة لقرار الإدارة تعليق عمل الموظف المشتكي -في المثال المذكور آنفًا- قد يقرر المُحكِّم أنَّ إجراء التأديب ذاك قد اتُّخِذ بشكل غير صحيح، لأن سِجلّ حضور الموظف عن ذلك الشهر لم يُمسَك مسكًا دقيقًا من قبل الشركة. الصورة 8.13: إجراء التظلُّم الاعتيادي التكتيكات المتبعة للضغط باتجاه الوصول إلى تسويةٍ عقدية من الناحية الافتراضية، تتضمن اتفاقات العمل كافة وسائل سلمية لتسوية النزاعات، وذلك عبر اللجوء إلى التحكيم عادة، ولكن، عندما تنتهي مدة العقد، ولمّا يجرِ التوصُّلُ إلى إبرام عقدٍ جديد بعدُ، يصبح بوسع النقابة تنفيذ إضراب، أو الانخراط في جهود أخرى لممارسة ضغطٍ اقتصادي على الجهة الموظِّفة، ويحدثُ الإضرابُ عندما يرفض موظف ما العمل، وقدِ استخدمت نقابةُ عمال صناعة السيارات المتحدين (United Auto Workers) سياسة الإضراب الانتقائي (Selective Strike Strategy) ضد شركة جنرال موتورز (General Motors)، ويجري وفقًا للسياسة المذكورة تنفيذ إضراب في معمل أساس، يتولى تزويد معامل أخرى بقِطعٍ، وأجزاء لا غنى لها عنها في عملية الإنتاج، فقد نفّذت تلك النقابةُ إضرابًا ضمن منشأة مكابس، وقطع غيار، في مدينة فلينت (Flint) بولاية ميتشيغن الأمريكية، تتولى تزويد معامل أخرى بقطع، وأجزاء أساسية، لعملية التصنيع، وقد أدى ذلك الإضراب الذي استمرَّ 54 يومًا إلى إيقاف عجلة الإنتاج في العديد من معامل التجميع التابعة لشركة جنرال موتورز، لأن تلك القطع، والأجزاء التي كانت تزودها بها المنشأة التي أضرب عمّالُها، لم تكن متوفرة في معمل مدينة فلينت، وقد أدى ذلك النزاع إلى خسارة الشركة حوالي مليارَي دولار، وبطريقة مماثلة، يمكن للجهة الموظِّفة ممارسة ضغط على النقابة عن طريق الإغلاق، أو عبر توظيف أشخاص جدد بدلًا من المضربين، في حال دعتِ النقابة إلى إضراب، وعلى سبيل المثال: قامت شركة ألكوا (Alcoa) المنتجة للألمنيوم، بمنع حوالي 1000 عامل من الدخول إلى إحدى منشآت الصَّهر التابعة لها، والواقعة في مقاطعة كيبيك (Quebec) الكندية، بعد تنفيذ عمالها النقابيين إضرابًا عن العمل هناك. ويقدِّم الجدول 8.5 ملخَّصًا عن خطط، وسياسات كل من النقابات، والجهات الموظِّفة لفرض تسويةٍ عقدية. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } خطط وسياسات النقابات، والجهات الموظِّفة خطط النقابات خطط الجهة الموظِّفة الإضراب يرفض الموظفون العمل. الإغلاق ترفض الشركة السماح للموظفين بدخول المعمل للعمل. المقاطعة يحاول الموظفون إبعاد الزبائن وغيرهم عن التعامل تجاريًا مع الشركة. استبدال موظفين آخرين بالموظفين الأصليين تُشغِّل الشركة موظفين غير منتمين إلى النقابة لأداء وظائف العمال النقابيين المضربين. الاعتصام يتجمّع الموظفون بالقرب من مدخل الشركة للترويج لوجهة نظرهم حول النزاع، وثنيِ الزبائن عن التعامل مع الشركة. اتفاق المساعدة المتعددة تحصل الشركة على مال من شركاتٍ أخرى في مجال النشاط التجاري ذاته، لتغطية بعض الخسائر في الدخل جرّاء الإضراب. الحملة المؤسسية تعيق النقابةُ اجتماعاتِ المساهمين في الشركة، أو تشتري أسهمها، لإيقاع مزيد من التأثير في الإدارة. نقل الإنتاج تنقل الشركة الإنتاج إلى معمل لا ينتمي موظفوه إلى نقابة عمالية، أو إلى خارج البلد. الجدول 8.5 البيئة القانونية للموارد البشرية وعلاقات العمل ما هي القوانين، والهيئات الفيدرالية الأساسية في الولايات المتحدة، ذاتُ التأثير في إدارة الموارد البشرية، وعلاقات العمل؟ تساعد القوانينُ الفيدرالية في ضمان معامَلة الموظفين، والمتقدمين إلى عمل على أساسٍ عادل، وألا يتعرَّضوا لأيّ تمييزٍ ضدهم، ويجب ألا يكون التوظيف، أو التدريب، أو التعيين في العمل متحيِّزًا، كما يجب اتخاذ قرارات الترقية، والتعويض، على أساس أداء الموظف، إذ تساعد تلك القوانين كل من لديه مهارة، وتدريب، ورغبة في المضيّ قُدُمًا. ويتضمن الجدول 8.6 أدناه، القوانين الأساسية التي تحكُم إدارة الموارد البشرية، وعلاقات العمل، حاليًا في الولايات المتحدة. هناك قوانين متعددة تحكم الأجور، والمعاشات، وتعويضات البطالة، فعلى سبيل المثال: يحدد قانون معايير العمل العادلة (Fair Labor Standards Act) الحد الأدنى للأجور، الذي يُرفَع دوريًّا من قبل الكونغرس الأمريكي، حيث توجد وظائف عديدة، ذات أجور متدنية في شركات الخدمة مثل: سلاسل مطاعم الوجبات السريعة، ومحلات البيع بالتجزئة، كما يحمي قانونُ الإصلاح المعاشي (Pension Reform Act) في الولايات المتحدة الدخل التقاعدي للموظفين، والمتقاعدين، كما تؤثِّر قوانين الضرائب الفيدرالية هناك في التعويض، ويشمل ذلك مشاركة الأرباح، وخطط شراء الأسهم. وعندما وقَّع الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي (John F. Kennedy) على قانون المساواة في الأجور (Equal Pay Law) عام 1963، كان يهدف إلى إيقاف التمييز على أساس الجنس ضد النساء اللواتي كُنَّ يتلقين أجورًا أقل من أجور الرجال للعمل ذاته، فكانت النساء في تلك الفترة تحصل على أجر يتراوح بين 59 إلى 64 سنتًا من كل دولار واحد كامل، يتقاضاه الرجال عن العمل ذاته الذي يؤدينه معهم، وبالرغم من أن قانون المساواة في الأجور الذي تحدثنا عنه معمول به منذ عقود، لكن التقدم في تطبيقه تقدمًا فعالًا ما يزال بطيئًا، وفي 17 نيسان 2012، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما (Barak Obama) اليوم الوطني للمساواة في الأجور (National Equal Pay Day)، منوِّهًا إلى أنَّ النساء يحصلن على 77 سنتًا مقابل كل دولار يتقاضاه أقرانهن من الرجال، وفي العام 2016، ضاقتِ الفجوة بين الأجور شيئًا طفيفًا مع بدء حصول النساء على 85.5 سنتًا مقابل كل دولار يتقاضاه الرجال. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } القوانين المؤثرة في إدارة الموارد البشرية القانون الهدف منه الهيئة المسؤولة عن تطبيقه قانون الضمان الاجتماعي لعام 1935 (Social Security Act). يُقدِّم دخلًا تقاعديًا، ورعاية صحية لكبار السن. إدارة الضمان الاجتماعي (Social Security Administration). قانون فاغنر لعام 1935 (Wagner) يمنحُ العمالَ حقَّ الانتساب إلى النقابات. ويمنع ممارسات العمل غير العادلة. المجلس الوطني لعلاقات العمل (National Labor Relations Board). قانون معايير العمل العادلة لعام 1938 (Fair Labor Standards Act) ينص على الحد الأدنى للأجور، ويقيِّد عمالة الأطفال، ويحدد أجر العمل الإضافي. قسم الأجور، وتقسيم ساعات العمل في وزارة العمل الأمريكية (Wage & Hour Division, Department of Labor). قانون تافت-هارتلي لعام 1947 (Taft-Harley) يُلزِم النقابة بالتفاوض بحسن نية، ويمنع ممارسات العمل غير العادلة. الهيئة الفيدرالية للوساطة، والتوفيق (Federal Mediation and Conciliation Service). قانون المساواة في الأجور لعام 1963 (Equal Pay Law) يلغي الاختلاف في الأجور على أساس الجنس. هيئة فرص التوظيف المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission). قانون الحقوق المدنية لعام 1964، العنوان السابع (Civil Rights Act, Title VII). يمنع التمييز في التوظيف على أساس العرق، واللون، والدين، والجنس، والأصل الوطني. هيئة فرص التوظيف المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission). قانون مكافحة التمييز على أساس السن لعام 1967 (Age Discrimination Act). يمنع التمييز على أساس السنّ ضد من هم فوق سن الأربعين. هيئة فرص التوظيف المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission). قانونُ السلامة، والصحة المهنية لعام 1970 (Occupational Safety and Health Act) يحمي صحة العمال، وسلامتهم، وينص على توفير مكان عمل خالٍ من المخاطر. إدارة السلامة، والصحة المهنية (Occupational Safety and Health Administration). قانون المساعدة في إعادة تأهيل المحاربين القدامى في حرب فيتنام لعام 1974 (Vietnam Veteran's Readjustment Act). يشترط توظيفًا مؤكّدًا للمحاربين القدامى في حرب فيتنام. هيئة توظيف المحاربين القدامى، وزارة العمل الأمريكية (Veterans Employment Service, Department of Labor). قانون ضمان دخل التقاعد للموظف لعام 1974 (Employee Retirement Income Security Act) والمعروف -أيضًا- بقانون الإصلاح المعاشي. يحدد الشروط الدنيا لخطط المعاشات التقاعدية الخاصة. دائرة الإيرادات الداخلية، وزارة العمل الأمريكية (Internal Revenue Service, Department of Labor)، ومؤسسة ضمان استحقاقات المعاشات التقاعدية (Pension Benefit Guaranty Corporation). قانون منع التمييز ضد النساء الحوامل لعام 1978 (Pregnancy Discrimination Act). يُعامل الحمل بوصفه إعاقة، ويمنع التمييز في التوظيف بسبب الحمل. هيئة فرص التوظيف المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission). قانون إصلاح الهجرة، ومراقبتها لعام 1986 (Immigration Reform and Control). يتحقق من الأهلية للتوظيف، ويمنع توظيف الأجانب الذين يكون وجودهم غير شرعي في الولايات المتحدة. أنظمة التحقق من التوظيف (Employment Verification Systems)، ودائرة خدمات الهجرة، والتجنيس (Immigration and Naturalization Service). قانون "الأمريكيون ذوو الإعاقة" لعام 1990. يمنع التمييز في التوظيف على أساس الإعاقة الجسدية، أو العقلية. وزارة العمل الأمريكية (Department of Labor). قانون الإجازة الطبية، والعائلية لعام 1993 (Family and Medical Leave Act). يُلزم الجهات الموظِّفة بمنح إجازات في حالات الولادة، والتبنّي، أو المرض. هيئة فرص التوظيف المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission). الجدول 8.6 وعلى الموظفين الاطلاعُ على التغيرات التي تُجرى على القوانين المتعلقة بأمانهم، وصحتهم، وخصوصيتهم، ويشترط قانونُ السلامة والصحة المهنية (Occupational Safety and Health Act) في الولايات المتحدة على الجهات الموظِّفة، توفير مكان عمل خالٍ من المخاطر الصحية، أو المتعلقة بالسلامة، فعلى سبيل المثال: على الجهات الموظِّفة إلزام موظفيها العاملين على أرصفة التحميل، بانتعال أحذية حديدية من جهة أصابع القدم بحيث لا يتعرضون لأذىً في حال سقوط مواد عليها، كما تُنظِّمُ القوانين الفيدرالية فحوصات المخدرات، وفيروس متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). ومن القوانين الأخرى التي تخص الموظفين في مكان العمل في الولايات المتحدة على سبيل المثال: قانون "الأمريكيون ذوو الإعاقة" (The Americans with Disabilities). ويُعَدَّ شخصٌ ما ذا إعاقة إذا كان يعاني من عجز جسدي، أو عقلي، يحدُّ بوجه من الوجوه -واحدًا أو أكثر- من أنشطته الحياتية الأساسية، وفي العام 2015، كان هناك أكثر من 40 مليون شخص يعاني من إعاقة في الولايات المتحدة، أي بنسبة تصل إلى 12.6 من السكان هناك، وذلك وفقًا لمكتب تعداد سكان الولايات المتحدة. ولا يجوز للجهات الموظِّفة التمييزُ ضد ذوي الإعاقة، كما أنَّ عليهم اتخاذُ "ترتيبات تيسيرية معقولة" بحيث يتمكن الموظفون المؤهلون من أداء العمل، ما لم يكُن فعلُ ذلك يرتِّبُ "مشقَّةً لا مبرر لها" بالنسبة للشركة، أو المشروع التجاري، ومن الترتيبات المعقولة التي على الجهة الموظِّفة اتخاذها؛ تغييرُ جداول العمل، وإدخال تعديلات على المعدات، ليصبح بمقدور شخصٍ جليسِ كرسي متحرك استخدامُها، وتزويد المباني بمزالق، ومصاعد تُمكِّنُ ذوي الإعاقة من دخولها، وهناك شركتان أُشيدَ بجهودهما في توظيف ذوي الإعاقة، هما ماكدونالدز (McDonald's) و دو بونت (Du Pont). وقد دخل قانون الإجازة الطبية، والعائلية حيز التنفيذ في الولايات المتحدة عام 1993، ويضمن هذا القانونُ استمرارَ المستحقات الصحية المدفوعة، إلى جانب الإعادة إلى الوظيفة ذاتها، أو أخرى مماثلة لها، ويُطبَّق على الشركات التي لديها 50 موظفًا فما فوق، ويشترط ذلك القانون على الجهات الموظِّفة منح إجازة غير مدفوعة تصل إلى 12 أسبوعًا خلال أيِّ مدةٍ من 12 شهرًا، للعمال الذين مضى على توظيفهم سنة واحدة، وعملوا 1,250 ساعة على الأقل خلال السنة الفائتة، وتتضمن أسبابُ منحِ الإجازة: ولادةَ طفلٍ، أو تبنّيه، أو إصابة أحد أطفال الموظف، أو زوجه، أو أحد والديه بمرضٍ خطير، أو إصابة الموظف بمرض خطير يمنعه من مزاولة عمله. ووفقًا لمكتب إحصاءات العمل (Bureau of Labor Statistics) في الولايات المتحدة، لا يحصل على إجازات عائلية مدفوعة سوى 11% من العاملين في القطاع الخاص، ويعاني من يتقاضون أجرًا منخفضًا من وضعٍ سيء، كما لا تحصل سوى 5% من النساء على إجازة أمومة مدفوعة الأجر، ومن المرجح ألا يطلب نصفُهم أيَّ إجازاتٍ، بسبب عدم قدرتهن على تحمُّل البقاء دون دخل، والولايات المتحدة هي إحدى الدول الأربع الوحيدة في العالم إلى جانب: ليبيريا، وسورينام، وبابوا غينيا الجديدة، التي لا تكفل إجازةً ولادة (Parental Leave) مدفوعة الأجر. ويحكم قانونا فاغنر (Wagner) و تافت-هارتلي (Taft-Hartley) العلاقة بين النقابة، والجهة الموظِّفة، وللموظفين الحق في الانتساب إلى نقابات، وفي المفاوضة الجماعية مع الشركة، أو الجهة الموظِّفة التي عليها التعامل بإنصافٍ مع النقابة، والتفاوض بحُسن نية، وألا تُميِّز ضد موظفٍ منتمٍ إلى نقابة، وعلى النقابة بالمقابل تمثيلُ الموظفين كافة؛ الذين تشملهم اتفاقية العمل بإنصاف، والتعاملُ بحسن نية مع الجهة الموظِّفة. وفي الولايات المتحدة عدد من الهيئات الفيدرالية التي تراقب التوظيف، والسلامة، والتعويض، وغير ذلك من نواحٍ ذات صلة، فإدارة السلامة، والصحة المهنية (Occupational Safety and Health Administration) تضع معايير الصحة، والسلامة في مكان العمل، وتقدِّمُ تدريبًا على السلامة، وتفتّش أماكن العمل مثل: مصانع تجميع، ومواقع بناء، ومنشآت تخزين؛ لتحديد مدى التزام الجهة الموظِّفة بأنظمة السلامة. الصورة 8.14 هناك بعض المهن التي يعد الخطرُ جزءًا من الوصف الوظيفي الخاص بها، ودائمًا ما تتضمن حصيلةُ الإصابات المرتبطة بالعمل الفئاتِ الآتية بوصفها الأعمال الأكثر فتكًا، وهي: عمال المناجم، والحطّابون، والطيارون، وصيادو السمك لأغراض تجارية، وعمال الحديد، والصُّلب، وغالبًا ما تُعزا الوفيات الناجمة عن العمل إلى استعمال آلاتٍ، ومعداتٍ ثقيلة، أو قديمة، لم تعد صالحة للاستخدام، وبالإضافة إلى الأسباب المذكورة أعلاه، يقع العديد من الوفيات المرتبطة بالعمل؛ بسبب حوادث الطرق السريعة، أو جرائم القتل، ويظهر في الصورة أعلاه عمال مناجم ضمن النصب التذكاري لعمال مناجم الفحم (Coal Miner's Memorial) ومركز الترحيب في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. ويفرض قسم الأجور، وتقسيم ساعات العمل في وزارة العمل الأمريكية (Wage & Hour Division, Department of Labor) تطبيق أحكام الحد الأدنى للأجور، ونصوص العمل الإضافي التي يتضمنها قانون معايير العمل العادلة (Fair Labor Standards Act). وعلى الجهات الموظِّفة التي يطبق عليها هذا القانون، أن تدفع للموظفين نسبة استثنائية من الأجر، أو ما يعادل أجرًا واحدًا ونصف الأجر، عن الساعات التي عملوها كلها، زيادة على 40 ساعة أسبوعيًا. وقد أُنشئت هيئة فرص التوظيف المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission) بموجب قانون الحقوق المدنية لعام 1964 (Civil Rights Act)، وهي واحدة من أكثر الهيئات المسؤولة عن تطبيق قوانين التوظيف تأثيرًا، ولها ثلاث وظائف: معالجة شكاوى التمييز، وإصدار الأنظمة المكتوبة، وجمع المعلومات، وتعميمها. ويمكن لأي موظف أو مجموعة موظفين لدى شركة ما، رفعُ شكوى تمييز ضدها، وقد تتألف تلك المجموعةُ من إحدى الفئات المحمية، مثل: النساء، أو الأمريكيين من أصول إفريقية أو إسبانية، كما قد ترفع إحدى الفئات المحمية شكوى جماعية يمكن أن تتحول في نهاية المطاف إلى دعوى قضائية، ومن الإجراءات التي يتخذها العديد من الجهات الموظِّفة -لتتجنب التمييز في التوظيف- ما يُسمّى برامج العمل الإيجابي (Affirmative Action Programs) لتوسيع فرص العمل، بحيث تشمل النساء، وأفراد الأقليات. وعلى الرغم من برامج العمل الإيجابي تلك، والجهود التي تبذلها الجهات الموظِّفة للالتزام بالقانون، تتلقى هيئة فرص التوظيف المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission) عشرات آلاف الشكاوى من موظفين حاليين، أو سابقين، وقد نمتِ المستحقاتُ المالية التي تُحصِّلُها الهيئة المذكورة أعلاه، لصالح الموظفين نموًّا كبيرًا خلال العشر السنوات الأخيرة، وتشهد الولايات المتحدة تسوياتٍ مالية كبيرة، عندما ترفع تلك الهيئة دعوى جماعية ضد إحدى الجهات الموظِّفة، فعلى سبيل المثال: دفعت شركةُ فورد موتور (Ford Motor) مبلغًا يفوق 10 ملايين دولار لتسوية دعاوى تحرش جنسي، وعِرقي رفعتها ثلاثون امرأةً يعملن في معامل تصنيع، تابعة لتلك الشركة، واقعة في منطقتين ضمن مدينة شيكاغو (Chicago) في العام 2017، والحال مشابه بالنسبة لشركات سيرز (Sears)، وموتورولا (Motorola)، وإي تي آند تي (AT&T)، والتي كان عليها منح مبالغ كبيرة مستحقة، وتوفير تدريب خاص لموظفين من الأقليات، بعدما تبيَّنَ للمحكمة أنهم تعرضوا للتمييز. وقد تأسسَ المجلس الوطني لعلاقات العمل في الولايات المتحدة (National Labor Relations Board) لفرض تطبيق قانون فاغنر (Wagner Act)، ويُعيَّنُ أعضاؤه الخمسة من قبل الرئيس الأمريكي، ويقع المكتب الرئيس لذلك المجلس في واشنطن العاصمة، أما المكاتب الإقليمية، والميدانية فموزعة على امتداد أراضي الولايات المتحدة، كما يحقق وكلاء المجلس المذكور أعلاه في الاتهامات التي تزعم أنَّ الجهة الموظِّفة، أو النقابة قدِ ارتكبت مخالفات، أو ممارسات عمل غير عادلة، كما يراقبون الانتخابات التي تُجرى لتقرير التمثيل النقابي، كما يعقد القضاةُ جلساتِ استماع ليقرروا بعدها ما إذا كانتِ الجهة الموظِّفة، أو النقابة قد خالفتِ القانون أم لا. وتساعد الهيئةُ الفيدرالية للوساطة والتوفيق (Federal Mediation and Conciliation Service) النقاباتِ، والجهات الموظِّفةَ على التفاوض بشأن إبرام اتفاقات عمل، ويستخدم خبراءُ الهيئة المذكورة، الذين يعملون بوصفهم طرفًا ثالثًا حياديًا، بين النقابة، والشركة -عمليتين اثنتين، هما: التوفيق (Conciliation) والوساطة (Mediation)، وكلاهما يحتاجان إلى تواصل، وإقناع، من قبل أطراف ذوي خبرة؛ ففي الوساطة، يساعد الخبراءُ الإدارةَ، والنقابة، في التركيز على القضايا الأساسية في النزاع الذي ينشأ بينهما، ويعملون بوصفهم قناة تواصل بين تلكما الجهتين، اللتين ترسلان لبعضهما رسائل، وتتشاركان المعلومات عن طريق خبراء الهيئة الفيدرالية للتوفيق، والوساطة، أما في الوساطة، فيلعبُ أولئك الخبراءُ دورًا أقوى منه في التوفيق، إذ يقترحون تسوياتٍ للمؤسستين؛ طرفي النزاع: النقابة، والجهة الموظِّفة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Managing Human Resources and Labor Relations) من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا المقال التالي: التوجهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية وعلاقات العمل المقال السابق: سلسلة علاقات العمل العلاقات ضمن وبين المجموعات إدارة الموارد البشرية وعلاقات العمل التعريف بالذكاء العلائقي وكيفية بناء علاقات عمل ممتازة إدارة مجموعات العمل بكفاءة ساعد فريقك على التفكير الإبداعي
  22. وضع علماء اﻹدارة اﻷوائل اﻷسس التي مكَّنتِ المديرين من فهمٍ أفضل لعمالهم، والطريقة المثلى لتحفيزهم، ومنذئذ، زودتنا بنظريات جديدة، وبفهم أفضل لتحفيز العامل، ويشرح هذا المقال أربعًا من تلك النظريات، وهي: نظرية التوقع، ونظرية المساواة، ونظرية تحديد اﻷهداف، ونظرية التعزيز. نظرية التوقع إن أفضل نظريات التحفيز دعمًا، وأكثرها قبولًا على نطاق واسع، هي نظرية التوقع Expectancy Theory، التي تركز على العلاقة بين التحفيز، والسلوك، وبحسب هذه النظرية، تعتمدُ احتمالية تصرُّف الفرد بطريقة ما على قوة اعتقاده بأن التصرف ستكون له نتيجة معينة، وعلى ما إذا كان ذلك الفرد يُقدِّر تلك النتيجة، وتعتمد الدرجةُ التي يُحفَّزُ فيها الموظف على ثلاث علاقات مهمة تُبيِّنُها الصورةُ 9.6، وهي: العلاقة بين الجهد، واﻷداء، أو قوة توقع الفرد، بأن قدْرًا معينًا من الجهد سيؤدي إلى مستوى أفضل للأداء. العلاقة بين اﻷداء، والنتيجة، أو قوة توقُّع أن مستوى معينًا من اﻷداء سيؤدي إلى نتيجة معينة. العلاقة بين النتائج، واﻻحتياجات الفردية، أو الدرجة التي يتوقع معها الفرد أنَّ النتائج المنشودة تُشبِعُ اﻻحتياجاتِ الشخصية، ويوجد في بعض النتائح تكافؤٌ، أو قيمة، للأفراد أكثر مما في نتائج أخرى. الصورة 9.6 كيف يمكن للتوقعات أن تقود إلى التحفيز. نظرية المساواة هناك تفسير آخر مُعاصر للتحفيز -أيضًا- وهو نظرية المساواة Equity Theory التي تستند إلى تصورات اﻷفراد عن كيفية التعامل معهم بمساواة، بالمقارنة مع زملائهم في العمل؛ فالمساواة تعني العدل، أو اﻹنصاف؛ وفي مجال العمل، تشير إلى الإنصاف الذي يشعر به الموظفون من الطريقة التي يُعامَلون بها، والمكافآت التي يكسبونها، فمثلًا: تصوَّر أنه قُدِّمَت إليك وظيفةٌ بعد التخرج براتب 55,000 دولار سنويًا، مع مكاسب ومزايا كبيرة، فمن المتوقع أنك ستشعر بسعادة غامرة، وستزداد سعادتك لوِ اكتشفتَ أن زميلك في المكتب المجاور كان يجني 45,000 دولار سنويًا -فقط- مقابل الوظيفة ذاتها، ولكن ماذا لو كان زميلُك ذاتُه يجني 59,000 دولار على الوظيفة ذاتها؟ من المحتمل أنك ستعدُّ ذلك ظلمًا، وخاصة إذا كان لدى زميلك المؤهلاتُ ذاتها التي لديك، وبدأ العمل في الوقت ذاته؛ الذي بدأت فيه أنت. إن تحديدك لعدالة الوضع سيعتمد على كيفية إحساسك تجاه مقارنتك مع الآخَر، فالموظفون يقيّمون نتاجاتهم (مثل الراتب، والمزايا) بالنسبة إلى مدخلاتهم (مثل: عدد ساعات العمل، والتعليم، والتدريب) ثم يقارنون نسبة نتاجاتهم مقابل مدخلاتهم مع واحد مما يأتي: تجربتهم السابقة في منصب مختلف في الشركة الحالية. تجربتهم السابقة في شركة مختلفة. تجربة موظف آخر في الشركة الحالية. تجربة موظف آخر خارج الشركة. وبحسب نظرية المساواة، إذا وجدَ الموظفون أنَّ هناك ظُلمًا، فسيتخذون واحدًا من الخيارات التالية: تغيير عاداتهم في العمل (سيبذلون جهدًا أقل في وظائفهم). تغيير دخلهم، والمزايا التي يحصلون عليها في الوظيفة (سيطالبون بزيادة أجورهم، ويسرقون من رب العمل). تشويه نظرتهم إلى أنفسهم (كأن يقول أحدُهم: " كنت لوقتٍ طويل أظن نفسيَ ذكيًا، ولكنني اﻵن متأكد من أنَّ زملائي في العمل أذكى مني بكثير). تشويه نظرتهم إلى اﻵخرين ("إنَّ وظيفة زميلي جو هي حقًا أقل مرونة بكثير من وظيفتي"). النظر إلى الوضع من زاوية مختلفة ("أنا لا أقوم بكثير من العمل مثل: رؤساء اﻷقسام اﻷخرى، لكنني أنجز أكثر بكثير من معظم مصممي الجرافيك). التخلص من الوضع الذي يشعرون فيه بالظلم (يتخلون عن الوظيفة). وبوسع المديرين استعمالُ نظرية المساواة لتحسين رضا العمال، ومع علمهم بسَعي كلِّ موظفٍ إلى معاملة عادلة ومنصفة؛ يغدو المديرون قادرين على بذل جهدٍ لفهم تصورات الموظف عن اﻹنصاف، واتخاذِ خطوات للحد من المخاوف بشأن الظلم. الصورة 9.7: يؤمن مؤسِّسا شركة الآيس كريم بن آند جيري Ben & Jerry، وهما بن كوهين Ben Cohen، وجيري غرينفيلد Jerry Greenfield، إيمانًا راسخًا بالمبدأ القائل "احصدِ النجاحَ بفعل الخير". وقد أدت هذه المثالية بالمؤسسين إلى أن يقسِما ذات مرة قسمهما الشهير، ومفاده أنْ لا أحدَ من مديري شركتهما سيحصل على أكثر من سبعة أضعاف مرتب أدنى عمالها، ولكن، عندما تطلَّبَ النمو اجتذاب إدارة استثنائية عالية المستوى، تخلتِ الشركةُ في النهاية عن النسبة المفروضة ذاتيًا عليها؛ بين أدنى معدلات التعويض، وأعلاها. نظرية تحديد اﻷهداف تعتمد نظرية تحديد الأهداف Goal-Setting Theory على افتراض أنَّ نية الفرد في العمل لتحقيقِ هدفٍ ما؛ هي مصدرٌ أساس للتحفيز، فما إن يحددُ الفردُ هدفًا ما، حتى يوضِّح له ذلك الهدفُ ما يجب إنجازه، ومقدارَ الجهد المطلوب ﻹكماله، ولهذه النظرية ثلاثة مكونات رئيسة، هي: تؤدي اﻷهداف المحددة إلى مستوى أداءٍ أعلى من اﻷهداف العامة ("ابذل قُصارى جهدك"). تؤدي اﻷهداف اﻷكثر صعوبة إلى أداء أفضل من اﻷهداف السهلة (بشرط أن يتقبل الفردُ الهدفَ). تُعزِّزُ التقييماتُ التي تُعطى حول التقدُّم باتجاه الهدف الأداء المُنجَز. ولتلك التقييمات أهمية خاصة ﻷنها تساعد الفرد على تحديد الفجوة بين الواقع (اﻷداء الفعلي) والمثالية (النتيجة المرجوّة التي حددها الهدف). وبالنظر إلى التوجُّه الخاص بتمكين الموظفين في أماكن العمل، فهناك المزيد من الموظفين الذين يساهمون في عملية تحديد الأهداف. وفي العام 2017، وبهدف مساعدة الموظفين أثناء موسم الذروة في تسليم الطرود أيام العُطَل، فقد منحتهم شركاتُ يو بي إس UPS، وفيديكس Fedex، والخدمة البريدية للولايات المتحدة US. Postal Service أجرًا إضافيًا مقابل العمل الإضافي الذي أدَّوه لمساعدتها في تحقيق أهدافها؛ حتى إن شركة يو بي إس نشرت بعضَ موظفي المكاتب؛ للمساعدة في تسليم الطرود، ووضعت أهدافًا لفِرَق العمل، لضمان وجود تعاون، كما شاركتِ المكافآتِ مع موظفيها من أقسام مختلفة ضمن الشركة. ويبدو أنَّ تلك الاستراتيجية قد كُلِّلَت بالنجاح، إذ وردت تقارير من تلك الشركة المذكورة تفيد بتحقيق نسبة تسليم طرود بلغت 99.1% خلال الأسبوع الذي سبق عيد الميلاد. نظرية التعزيز تقول نظرية التعزيز Enforcement Theory إن السلوك تابعٌ لعواقبه (نتائجه)، أو ناتجٌ عنها؛ أي، بعبارة أخرى: يفعل الناسُ أشياء بذاتها، ﻷنهم يعرفون أن أشياء أخرى ستتبعها؛ لذا، واعتمادًا على نوع العواقب التي ستأتي بعد الفعل، فإما أن يأتيَ الناسُ بتصرُّفٍ ما، أو أن يمتنعوا عنه، وهناك ثلاثة أنواع رئيسة من العواقب، أو النتائج، وهي: إيجابية، أو سلبية، أو لا شيء مما سبق. ونحن بشكل عام نفكر في العواقب اﻹيجابية على أنها مكافآت، ولكن المكافأة هي أي شيء يزيد من سلوكٍ أو تصرُّفٍ ما. وبالمقابل، فإن العقاب هو أي شيء يقلل منه. قد يكون التحفيزُ باستخدام نظرية التعزيز خادعًا، لكونها نظريةً وظيفيّة. وتُحدَّدُ جميعُ مكوناتِها من خلال وظيفة تلك المكونات بدلًا من هيكليتها، أي: إن العواقب يمكن أن تأتيَ بشكل مختلف بالنسبة ﻷشخاص مختلفين، وفي مواقف مختلفة، وفي الواقع، ما يعُدُّه أحدٌ ما عقابًا، قد يكون مكافأةً بالنسبة لشخص آخر، ومع ذلك، يمكن للمديرين استخدامُ نظرية التعزيز بنجاحٍ لتحفيز العمال نحوَ الإتيان بتصرفات محددة، وتَجَنُّبِ أخرى، وغالبًا ما يستخدم المديرون كلًا من المكافآت، والعقوبات لتحقيق النتائج المرجوّة. فعلى سبيل المثال: يحتاج تجار التجزئة منذ فترة طويلة إلى مساعدة إضافية خلال أيام الذروة في المبيعات مثل: الجمعة السوداء Black Friday، والاثنين الخرافي Cyber Monday في الولايات المتحدة، وللمساعدة في تلبية هذه اﻻحتياجات، قامت شركة البيع بالتجزئة المسمّاة أُربن آوتفيترز Urban Outfitters بتشغيل عمال برواتب للعمل بالتناوب في ورديات من ست ساعات في منشأتها الجديدة؛ لتلبية احتياجات الزبائن، ومساعدة بعض زملائهم، وحثَّتِ الفكرة الموظفين ذوي الرواتب بوصفها فعاليةَ بناء فريق، وقد جرى تأمين وسائل النقل، ووجبات طعام لهم، وطُلِبَ منهمُ انتعال أحذية مريحة، وعلى الرغم من أن ذلك لم يكن إلزاميًا، فقد صرَّحَ المتحدثُ الرسمي باسم تلك الشركة بالقول: "بعد الافتتاح الناجح لمركز تلبية الطلبات الجديد في شهر يونيو، طلبنا من موظفينا العاملين في مقر الشركة الرئيس، الذين يتقاضون رواتب، التطوعّ للعمل ضمن ورديات من شأنها أن تساعد في دعم المركز الجديد خلال شهر أكتوبر؛ الذي يشهد ازدحامًا في الزبائن، ولم يكن مستغربًا أن نتلقى استجابة هائلة من موظفينا، ومن ضمنهم العديد من أعضاء إدارتنا العليا". ترجمة -وبتصرف- للفصل Motivating Employees من كتاب introduction to business. اقرأ أيضًا: المقال التالي: التحفيز: من النظرية إلى التطبيق المقال السابق: دراسات ونظريات حول فاعلية تحفيز الموظفين للوصول إلى النتائج المرجوة تحفيز الموظفين ونظرية تايلور كيف تزيد حافز الموظف بفعالية نظرية التوقع وتأثيرها على الدافعية في العمل مكان العمل المتغير وتحدياته
  23. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال نعرض أهم ما يتعلق بعلاقات العمل بين الموارد البشرية الموجودة داخل المؤسسة، والتعرف على ما يسمى بالنقابات العمالية والمفاوضات على العقود النقابية، أنواعها، وكيفية القيام بها وتنظيمها. ما هي النقابة العمالية وكيف تنظم؟ ينتسب الملايين من عمالِ عشرات الآلاف من الشركات الأمريكية، إلى نقابات عمالية؛ وتاريخيًا، كانت، وما تزال قطاعات التعدين، والتصنيع، والبناء، والنقل، منظَّمةً نقابيًا تنظيمًا كبيرًا، وفي السنوات الأخيرة، انضمت إلى الاتحادات النقابية شركاتُ الخدمات، ومن بينها مؤسساتُ الرعاية الصحية. وتُعَرَّفُ النقابة العمالية -مثل نقابة الأخوّة الدولية لسائقي الشاحنات (International Brotherhood of Teamsters)- بأنها منظمةٌ تُمثِّلُ العمال في التعامل مع الإدارة بخصوص النزاعات حول الأجور، وساعات العمل، وظروف العمل، وتتألف سلسلة علاقات العمل التي يتولد عنها علاقة بين الإدارة، والنقابة العُمّالية من ثلاث مراحل، هي: تنظيم النقابة، والتفاوض حول اتفاقية عمل، وإدارة الاتفاقية. في المرحلة الأولى، يمكن لمجموعة من الموظفين في شركةٍ ما، تشكيل نقابة من تلقاء أنفسهم، أو قد تستهدف نقابةٌ موجودة مسبقًا (مثل نقابة عمال السيارات المتحدة (United Auto Workers) في الولايات المتحدة) -إحدى الجهات الموظِّفة، فتنظِّم العديد من عمال تلك الجهة ضمن اتحادٍ عمالي محلي. أمّا المرحلة الثانية، فتتألف من المفاوضة الجماعية (Collective Bargaining)، وهي عملية التفاوض للوصول إلى اتفاقية عمل تنص على تعويضات، وترتيبات عمل يقبلها كل من الإدارة، والنقابة العمالية. وتشتمل المرحلة الثالثة، والأخيرة على سلسلة من علاقات العمل؛ والإدارةَ اليومية لاتفاقية العمل، ويجري ذلك على وجه الخصوص عبر التعامل مع مظالم العمال، وشكاواهم، وسواها من مشاكل القوة العاملة التي تتطلب تفاعلًا بين المديرين، والمسؤولين في الاتحاد العمالي. الحركة العمالية الحديثة يتألف الهيكل الأساس للحركة العمالية الحديثة من ثلاثة أجزاء، هي: النقابات المحلية، والنقابات الوطنية والدولية، والاتحادات النقابية. وهناك حوالي 60,000 نقابة محلية، و75 نقابة وطنية، ودولية، واتحادان نقابيان، وتشهد العضوية في النقابات العمالية تناقصًا على مدى ثلاثة العقود الأخيرة، إذ تبلغ اليوم نصف ما كانت عليه من قبل، أما عدد أعضاء نقابات الموظفين، فقد انخفض بنسبة 2.9 مليون منذ العام 1983 الذي كان بداية تسجيل الإحصاءات الخاصة بالنقابات، وفي ذلك العام، كانت نسبة الموظفين الأعضاء في النقابات العمالية 20.1%، فقد بلغ عددهم وقتها 17.7 مليون موظف نقابي، وقد انخفضت تلك النسبة إلى 10,7% من العمال في العام 2017، وهي نسبة تساوي 14.8 مليون عضو. فالنقابة المحلية هي إحدى فروع، أو وحدات نقابة وطنية تمثل العاملين في معمل معين، أو المتوزعين على امتداد منطقة جغرافية ما، فالنقابة العمالية المُعرَّفة بــ لوكال 276، التابعة ل نقابة عمال صناعة السيارات المتحدين (United Auto Workers) في الولايات المتحدة، تُمثِّلُ موظفي التجميع في معمل شركة جنرال موتورز (General Motors) الواقع في مدينة أرلينغتون (Arlington) بولاية تكساس الأمريكية، وتحدد النقابةُ المحلية -وفقًا للقوانين النقابية الوطنية المطبقة عليها- عدد موظفيها، وإجراءات انتخاب الموظفين، وجدول الاجتماعات المحلية، والترتيبات المالية مع المؤسسة، أو النقابة الوطنية، ودور النقابة المحلية في التفاوض على اتفاقيات العمل. وللنقابة الوطنية ثلاث وظائف، هي: المفاوضة الجماعية، وعلاقات العمال، وخدمات العضوية، والأنشطة المجتمعية، والسياسية، وتُجرى المفاوضة الجماعية مرة كل ثلاث، أو أربع سنوات، ويشرف موظفو النقابة المحلية، وممثلو النقابة في العمل على علاقات العمل إشرافًا يوميًّا. وممثل النقابة (Shop Steward) هو موظف نقابي مُنتخَب، يمثل أعضاء النقابة في مواجهة الإدارة، عندما يكون لدى العمال شكاوى معينة، وبالنسبة لمعظم أعضاء النقابة، يكون الاتصال الرئيس بالنقابة من قبل ممثّل النقابة، عبر موظفيها على المستوى المحلي. وقد يتراوح حجم النقابة الوطنية من آلاف عدة من الأفراد -مثل نقابة سكرين أكتورز غيلد (Screen Actors Guild))- إلى أكثر من مليون عضو؛ مثل نقابة الأخوّة الدولية لسائقي الشاحنات (Teamsters، كما قد يتبع لنقابة عمالٍ وطنية بعضُ النقابات المحلية، أو آلاف عدة منها، وقد شهد عدد النقابات الوطنية تناقصًا منتظمًا منذ أوائل القرن العشرين، ويعود ذلك التناقص -في جزء كبير منه- إلى الاندماج بين الاتحادات، ففي عام 1999 على سبيل المثال، اتفق كل من الاتحاد الدولي لصنّاع الورق المتحدين (United Papermakers International Union) واتحاد عمال النفط، والكيماويات، والطاقة الذرية (Oil, Chemical, and Atomic Workers Union)، على الاندماج تحت اسم جديد هو بايس (PACE)، وهو اختصار لاسم الاتحاد الجديد: الاتحاد الدولي للصناعات الورقية، والكيماوية، والطاقة المتحدة (Paper Allied-Industrial, Chemical, and Energy International Union). ولدى هذا الاتحاد الجديد حوالي 245000 عضوٍ. وعلى مدى خمسين عامًا، هيمنَ اتحادٌ نقابي واحد على الحركة العمالية في الولايات المتحدة، وهو الاتحاد الأمريكي للعمل - مؤتمر المنظمات الصناعية (American Federation of Labor-Congress of Industrial Organization)، المعروف اختصارًا بـ (AFL-CIO). أما الاتحاد النقابي (Federation)، فهو مجموعة من النقابات المرتبطة ببعضها، بهدف تعزيز أهداف أعضاء الاتحاد في التنظيم، والعلاقات العامة، والسياسة، وسواها من الأهداف المتفَق عليها، وفي صيف العام 2005، انفصلَت نقابات عديدة عن الاتحاد الأمريكي للعمل - مؤتمر المنظمات الصناعية، وشكَّلت اتحادًا جديدًا سُمِّيَ تحالف التغيير من أجل النصر (The Change to Win Coalition)، وتلك النقابات هي (نقابة الأخوّة الدولية لسائقي الشاحنات (Teamsters) والاتحاد الدولي لموظفي الخدمات (Service Employees International Union)، والاتحاد الدولي للعمال (Laborer's International Union)، وعمال المزرعة المتحدة (United Farm Workers)، ونقابة النجارين (Carpenters and Joiners)، ونقابة متحدون هنا (United Here)، ونقابة (United Food and Commercial Workers Union) عمال الأغذية والعمال التجاريين المتحدين، ويمثِّل ذلك الاتحاد الجديد (تحالف التغيير من أجل النصر) أكثر من 5.5 من العمال النقابيين، ويعود السبب في انفصال أعضاء هذا الاتحاد الجديد عن الاتحاد الأمريكي للعمل - مؤتمر المنظمات الصناعية إلى خلافاتٍ حول القيادة، وإلى اتباعه سياسات تنظيمية غير فعالة، ومن الأهداف الرئيسة لذلك الاتحاد الجديد؛ تقوية دوافع التنظيم النقابي، وزيادة العضوية النقابية. التنظيم النقابي ينتسب الموظف غير المنتمي لنقابة، إلى نقابة ما عبر حملة تنظيمية، وتبدأ تلك الحملة من الداخل بواسطة موظف غير راضٍ عن وضعه الوظيفي، أو من الخارج، وذلك من قبل نقابة ما، تتبنى الموظف لدافعٍ تنظيمي، وبعد أن يُبرِم كل من النقابة، والموظف عقدًا بينهما، يحاول أحد الموظفين النقابيين إقناع كل العمال للتوقيع على بطاقات تفويض، وتثبِت تلك البطاقاتُ رغبةَ العامل في تمثيله من قبل النقابة، وفي معظم الحالات، تحاول الجهات الموظِّفة معارضة حملة توقيع البطاقات تلك، من خلال رفع صوتها ضد النقابات عبر الرسائل، والملصقات، وتجمعات الموظفين، ولكن من غير القانوني أن تتدخل الجهات الموظِّفة تدخلًا مباشرًا في حملة توقيع بطاقات تفويض النقابات لتمثيل العمال، أو أن تُكره موظفيها على عدم الانضمام إلى النقابة. ومتى حصلت النقابة على بطاقات تفويض موقَّع عليها من قبل 30% من الموظفين على الأقل، يصبح ممكنًا لها أن تطلب من الهيئة الوطنية لعلاقات العمل في الولايات المتحدة (National Labor Relations Board) إجراء انتخاباتِ تفويضٍ نقابيّ، وتحدِّد تلك الانتخاباتُ التي تجري باقتراع سريّ، ما إذا كان العمال يريدون أن تمثِّلهم نقابة ما، وتصدر الهيئة المذكورة آنفًا إعلانَ انتخاب، وتُسمّي الوحدة المفاوِضة؛ وهي مجموعة الموظفين المؤهلين للتصويت الذين سيُمثَّلون من قبل النقابة ذات الصلة في حال حصلت على تصديق، ولكن المديرين، والمشرفين، لا يملكون حق التصويت، وبعدها تدخل النقابة، والجهة الموظِّفة في حملة ما قبل الانتخابات التي تُجرى عن طريق الخطابات، والاجتماعات، والمذكرات، أو الرسائل، ويحاول كل طرف منهما (النقابة والجهة الموظِّفة) إقناع العمال بالتصويت لصالحه، ويتضمن الجدول 8.4 المزايا التي تؤكِّد عليها النقابة خلال الحملة، والنقاشات، أو الجدالات الشائعة التي تدلي بها الجهة الموظِّفة، لإقناع الموظفين بعدم ضرورة التمثيل النقابي لهم. وتُجرى الانتخاباتُ من قبل الهيئة الوطنية لعلاقات العمل، وفي حال صوَّتتِ الأغلبيةُ لصالح النقابة، تُصادق تلك الهيئة على النقابة بوصفها الوكيل المفاوض الحصري، نيابة عن العمال المؤهلين للتصويت كافة، وعلى الجهة الموظِّفة بعد ذلك التفاوضُ مع النقابة حول الأجور، وساعات العمل، وسواها من أحكام التوظيف، وتتضمن الصورة 8.10 تلخيصًا لعملية التنظيم كاملة. في بعض الأحوال، وبعد مضي سنة واحدة -إذا لم يجرِ التوصل إلى اتفاق بين النقابة، والجهة الموظِّفة- يتقدم العمال بعريضة تطالب بانتخاباتِ سحبِ ترخيصٍ، المشابهة لانتخابات الترخيص، ولكنها تتيح للعمال التصويت لصالح الخروج من النقابة، كما تُجرى انتخاباتُ سحب الترخيص عندما يغدو العمال غير راضين عن النقابة التي مثلتهم لوقتٍ طويل، وقد ازدادت انتخاباتُ سحبِِ الترخيص في السنوات الأخيرة حتى بلغت عدة مئات. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } المزايا التي تؤكد عليها النقابات في حملات التنظيم، والنقاشات الشائعة الموجّهة ضد النقابات المزايا التي يؤكَّد عليها على نحوٍ دائم تقريبًا المزايا التي يؤكَّد عليها غالبًا المزايا التي نادرًا ما يؤكَّد عليها إجراءات التظلُّم. تأثير أكبر في عملية اتخاذ القرار. منتجات أعلى جودةً. الأمن الوظيفي. ظروف عمل أفضل. تدريب فني. المزايا المُحسَّنة. فُرَص ممارسة ضغوط. رضا وظيفي أعلى. أجور أعلى. إنتاج متزايد. النقاشات، والحجج التي تُدلي بها الجهة الموظِّفة ضد التمثيل النقابي: بوسع الموظف -دائمًا- تقديم شكواه، وعرض مشكلته أمام الإدارة؛ فلا ضرورة للطرف الثالث (النقابة). بوصفك عضوًا في نقابة، عليك دفعُ رسوم نقابية شهرية تتراوح بين 15 و40 دولارًا. القرارات المُتَّخَذة بناءً على الاستحقاق (الترقية) أفضل من تلك المتخدة على أساس الأقدمية. الأجور، والاستحقاقات (المزايا) مشابهة جدًا لتلك التي تدفعها الشركات الرائدة في المجال التجاري ذي الصلة. نلتزم بمعايير الأمان، والصحة التي حددتها الإدارة الاتحادية للصحة، والسلامة المهنية (Federal Occupational Safety and Health Administration) في الولايات المتحدة. الأداء، والإنتاجية، أهم من التمثيل النقابي فيما يخص زيادة الأجور. الجدول 8.4 الصورة 8.10: عملية تنظيم النقابة، وانتخاب أعضائها التفاوض على العقود النقابية عبر المفاوضة الجماعية يُبرَمُ عقدُ العمل، أو العقد النقابي، من خلال المفاوضة الجماعية، وعادة ما يُشكَّلُ فريقا التفاوض التابعان للإدارة، والنقابة من عدد قليل من الأشخاص، ويكون لكل فريق منهما متحدث رسمي، تبدأ المفاوضة بإعداد المفاوِضين من كل طرف لائحة بالقضايا العقدية التي ستُناقَش، ويُجرى الجزء الأكبر من المفاوضة على تفاصيل معينة من خلال الاجتماعات وجهاً لوجه، وعبر تبادل الاقتراحات المكتوبة. وتشهدُ عدةُ جولات من المفاوضة تبادُلَ المطالب، والمقترَحات، والمقترحات المقابِلة، ويجب الموافقة على العقد الذي ينتج عن تلك المفاوضة من قبل الإدارة، وتصديقه من قبل أعضاء النقابة، وبعد موافقة كل طرف على العقد، يصبح وثيقةً ملزِمة قانونيًا، وتشمل مسائل مثل: الضمان النقابي، وحقوق الإدارة، والأجور، والمستحقات، والأمن الوظيفي. تشرح الصورة 8.11 عملية المفاوضة الجماعية، وسنستكشف الآن بعضًا من المسائل التفاوضية. الصورة 8.11: عملية التفاوض على اتفاقات العمل الضمان النقابي (Union Security) ترغب النقابة في أن يكون العمال ذوو الصلة جميعهم، منتمين إليها، ويمكن تحقيق ذلك عبر التفاوض على بند ضمانٍ نقابي، ومن ترتيبات الضمان النقابي الأكثر شيوعًا؛ المُنشأة النقابية (Union Shop) التي يمكن بموجبها توظيف عمال غير نقابيين من قبل الشركة، ولكنْ عليهم الانضمام إلى النقابة لاحقًا، وذلك خلال 30 إلى 60 يومًا -عادةً- أما منشأة الوكالة (Agency Shop)، فلا تشترط على الموظفين الانضمام إلى النقابة، بل يبقون موظفين، مقابل التزامهم بدفع رسم نقابي (يُعرَف ب رسم وكالة (Agency Fee)) وذلك لتغطية نفقات النقابة المترتبة على تمثيلها لهم، وعلى النقابة تمثيل العمال كافة تمثيلًا عادلًا، بمن فيهم أولئك الذين في الوحدة المفاوِضة، ممن لا يُعَدُّونَ أعضاءً. ووفقًا لقانون تافت-هارتلي (Taft-Hartley) لعام 1947 في الولايات المتحدة، يمكن لولاية ما، أن تجعل أيَّ شكل من أشكال الضمان النقابي غير قانوني، عبر سنِّ قانون الحق في العمل (Right-to-Work-Law). وفي الولايات الثماني والعشرين التي لديها ذلك القانون، يمكن للموظفين العمل لدى شركة غير منتمية إلى نقابة، من دون الحاجة للانضمام إلى النقابة، ويُعرَف هذا الترتيب ب المنشأة المفتوحة (Open Shop)، التي لا يلتزم فيها العمال بالانضمام إلى النقابة، ولا دفع رسوم لها. حقوق الإدارة عندما تصبح شركةٌ ما ذاتَ ارتباطٍ بإحدى النقابات، تفقد إدارتُها بعضًا من سلطة اتخاذ القرارات، ولكن، يبقى للإدارة حقوق محددة يمكن التفاوض عليها خلال المفاوضة الجماعية، ومن الوسائل التي تمنع تدخُّلَ النقابة في شؤون الإدارة؛ إدارجُ بند حقوق الإدارة (Management Rights Clause) ضمن اتفاقية العمل، وتتضمن معظمُ عقود العمل ذلك البند، إذ يُعطي البندُ الاعتيادي الجهةَ الموظِّفة حقوق إدارة الشركة كافة، باستثناء ما يحدده العقد، فعلى سبيل المثال: إذا لم يحدد العقدُ معيارًا لمنح الترقية، يكون لدى المديرين الحق في استخدام أي معيار يختارون، وذلك في حال وجود بند حقوق الإدارة ضمن اتفاقية العمل، وهناك طريقةٌ أخرى للحفاظ على حقوق الإدارة، وهي وضع قائمةٍ تضمُّ النواحي التي لا تخضع للمفاوضة الجماعية، ويمكن لتلك القائمة أن تضمنَ حقوق الإدارة في جدولة ساعات العمل، وتوظيف الأشخاص، وفصل العمال، ووضع معايير الإنتاج، وتحديد عدد المشرفين في كل قسم، وترقية الموظفين، وتخفيض رُتبهم، ونقلهم. الأجور والمستحقات تركز معظمُ جهود المفاوضة على تعديل الأجور، وعلى التغيرات في المستحقات، والمزايا، وفي حال الاتفاق حول ما سبق، يبقى معمولًا به طوال مدة العقد، ففي العام 2015 على سبيل المثال، أجرت نقابة عمال صناعة السيارات المتحدين (United Auto Workers) مفاوضات حول عقد مدته أربع سنوات، يتضمن زيادات متواضعة على الأجر، على أساس الساعة، مع مصنِّعي السيارات في الولايات المتحدة، فكانت نسبة زيادة الأجور حوالي 3% خلال الثلاث السنوات الأولى، و4% في السنة الرابعة لذلك العقد. ويمكن أن تزداد معدلات الأجر على أساس الساعة، بموجب اتفاقاتٍ معينة، عندما ترتفع تكلفة المعيشة فوق مستوى معين كل عام، كأن تصل إلى %4 ولا تُجرى أيُّ تعديلات على تكلفة المعيشة عندما يكون ارتفاع تكلفة المعيشة السنوي أقل من 4%، وهو ما حصل فعلًا خلال السنوات الأولى من القرن الحادي، والعشرين. وإلى جانب المطالبات برفع الأجور، تطالب النقابات عادة بمزايا، أو مستحقات أفضل للعمال، وفي مجالات تجارية معينة مثل: صناعة الصُّلبِ، والسيارات، تكون المزايا، أو المستحقات بنسبة 40% من تكلفة التعويض الكلية، وقد تتضمن المستحقات، أو المزايا أجورًا أعلى، مقابل العمل الإضافي، والعمل خلال العطلة، والورديات، أو المناوبات ذات الأوقات غير المرغوب بها، وبرامج التأمين، أو الضمان، مثل: التأمين على الحياة، والتأمين الصحي، والاستشفائي، والرعاية الخاصة بالأسنان، والدفع مقابل أوقات التعطُّل عن العمل، فترات الراحة، والعُطلة، والإجازة، والمرض، والمعاش التقاعدي، وخطط الحفاظ على الدخل، وتُقدَّم مستحقات البطالة التكميلية: الحفاظ على الدخل لدى قطاع صناعة السيارات في الولايات المتحدة، من قبل الجهة الموظِّفة، وذلك إلى جانب تعويض البطالة الذي يُمنَح للعمال المُسرَّحين من قبل الجهات ذات الصلة في كل ولاية، ويؤمِّن تعويضُ البطالة الممنوح من قبل الولاية -إلى جانب تعويض البطالة التكميلي الذي تدفعه الجهة الموظِّفة- ما يصل إلى 80% من الأجر العادي للموظف. الأقدمية والأمن الوظيفي من الأمور التي تمنح الموظفين المشمولين بعقود نقابية بعضَ الأمن الوظيفي: تعديلاتُ الأجر، وزيادات الأجر بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة، وتعويض البطالة التكميلي، وغيرها من المزايا، والمستحقات، ولكن الجزء الأكبر من الأمن المالي، له ارتباط مباشر بالأمن الوظيفي، أي الضمان، إلى حدٍّ يجعل العمال يتمسكون بوظائفهم، ولا شك أنَّ الأمن الوظيفي يعتمد اعتمادًا رئيسًا على النجاح المستمر والوضع المالي الجيد للشركة، فعلى سبيل المثال: فقدَ الآلافُ من موظفي شركات الطيران وظائفهم بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001، وقد كان أولئك الموظفون الأحدث من حيث الأقدمية. وتجري مناقشة مسألة الأقدمية، -وهي مدة خدمة الموظف المستمرة لدى شركة ما- في حوالي 90% من عقود العمل كافة، كما تلعب الأقدمية دورًا في الأمن الوظيفي، فعادةً ما ترغب النقابات أن يحظَى العمال -الأكثر أقدمية- بأكبر قدر من الأمن الوظيفي. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Managing Human Resources and Labor Relations) من كتاب introduction to business. المقال التالي: البيئة القانونية للموارد البشرية وعلاقاتهم وإدارة المظالم والنزاعات المقال السابق: تعويضات الموظفين واستحقاقاتهم إدارة الموارد البشرية وعلاقات العمل إدارة مجموعات العمل بكفاءة التعريف بالذكاء العلائقي وكيفية بناء علاقات عمل ممتازة العلاقات ضمن وبين المجموعات دليل المدير في التعامل مع نزاع الموظفين بالعمل
  24. يركز هذا الباب على استيعاب العوامل التي تحفزُ الناس، وعلى الأثر الذي يُحدِثُهُ تحفيزُ الموظفين، ورضاهم على الإنتاجية، وأداء المؤسسة، ويمكن للمؤسسات تعزيزُ الأداء عبرَ الاستثمار في الأشخاص، وفي معرض مراجعتنا للطرق التي تختارها الشركات اليوم للاستثمار في مواردها البشرية؛ يمكن تحديد أربعة توجهاتٍ إيجابية، وهي: (1) التعليم، والتدريب. (2) تملُّك الموظفين. (3) مزايا العمل والحياة. (4) رعاية العمال ذوي المهارة المعرفية، وتُدرِكُ الشركات كافة؛ التي تحتل المراتب المئة الأولى على قائمة مجلة فورتشن Fortune السنوية "لأفضل 100 شركة للعمل لديها 100 Best Companies to Work for" أهميةَ معاملة الموظفين معاملةً صحيحةً؛ ولدى جميع الشركات المذكورة برامج تتيح لها الاستثمار في موظفيها، ويواجه عالمُ الأعمال في يومنا هذا تحدّيًا يتمثل في ارتفاع تكاليف تغيُّبِ الموظفين؛ الآخذ في الازدياد، ويناقش هذا المقال كُلًًّا من تلك التوجهات الحديثة في مجال تحفيز الموظفين. التعليم والتدريب تجني الشركاتُ التي توفر فُرَصًا تدريبية، وتعليمية، لموظفيها، مزايا تنعكس في قوةٍ عاملة أكثر تَحفُّزًا، ومهارة، ويتّسمُ الموظفون الذين تلقَّوا تدريبًا صحيحًا في مجال التقنيات الحديثة؛ أنهم أكثر إنتاجيةً، وانفتاحًا على التغيير في مجال العمل، كما يوفر التعليمُ، والتدريب مزايا إضافية عبر تعزيز شعور الموظفين بالكفاءة، والقيمة الذاتية، وعندما تنفق الشركاتُ المالَ لتطوير المعرفة، والمهارات لموظفيها، فهي توصِلُ لهمُ الرسالة التالية: "إننا نقدِّركم، ونلتزم بتطويركم". مثال ناصع على الروح الريادية .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } الكل مدير مالي أراد آندرو ليفاين Andrew Levine، رئيسُ شركة دي سي آي DCI؛ وهي شركة علاقات عامة؛ مقرها نيويورك -أراد تطبيق أسلوبِ إدارةٍ مُنفتِح في شركته، فأضاف فقرةً ماليّة إلى الاجتماعات الشهرية لفريق الموظفين لديه، التي كان يُطلِعُهم خلالها على النتائج، والتوجهات الحديثة، وقد تفاجأ كثيرًا؛ لكون موظفيه يشعرون بالملل، فسألهم ذات مرةٍ في أحد اجتماعاته عن كيفية حساب الفائدة، ولكن، لم يعرف الإجابة سوى عامل الاستقبال المدعو سيرجيو باريوس Sergio Barrios، فصُدِمَ آندرو بجهل موظفيه بالمفاهيم الرياضية من جهة، وببراعة سيرجيو؛ موظف الاستقبال في الأرقام؛ فقرر بعدها إلزام موظفيه بعرض التقارير المالية بأنفسهم، وخلال الاجتماع المالي التالي مع موظفيه، عيَّن الرئيسُ آندرو موظفَ الاستقبال سيرجيو باريوس مديرًا ماليًا لذلك اليوم، فشرح لهم المصطلحات بطريقة تفهمها عامَّةُ الناس، ومنذ ذلك الحين، لاحظ الرئيسُ أنَّ موظفيه قد غدوا بارعين فيما يخص الأمور المالية في الشركة، وصارَ كلُّ موظفٍ يُختار مديرًا ماليًا خلال الاجتماعات؛ يلتقي بالمدير المالي الأصلي في الشركة، قبل يومٍ من عقد ذلك الاجتماع، فيراجعان خلاله الدخل، والنفقات، والبياناتِ، والنِّسَبَ المالية، كما كانا يناقشان التوقعات الخاصة بالإيرادات، والتوجهات المالية العامة، وبعدها يعرضُ الموظفُ الذي يُختار مديرًا ماليًا تلك المعلومات في الاجتماع المالي الشهري. وترى ماريا مانتز Maria Mantz؛ وهي موظفة مبتدِئة في الشركة -أنّ التدريب مفيدٌ جدًا، فتقول: "أنا موظفة جديدة، وصغيرة السن، أتلقى تدريبًا ليس -فقط- بصفتي مديرة علاقات عامة، بل، بصفتي مديرة أعمال كذلك"، وعندما حان دورُها في أحد الاجتماعات للحديث عن الأمور المالية في الشركة، وقفت أمام ثلاثين من زملائها، وبدأت بشرح الحسابات، وتفصيلها، وطلبت منهم الإشارة إلى جدول الإيرادات الموجود ضمن الوثائق؛ التي كانوا يحملونها، ثم سألت إن كان أيٌّ منهم يعلم ما المشترك بين الزبائن الخمسة الذين أظهروا زيادة في النشاط، لتمنح مكافأة لزملائها الذين عرفوا الإجابة الصحيحة (كانت جميعُها حساباتٍ قائمةً على الأداء)، وهي بطاقاتُ دعوة إلى متجر سندويشات محلي، وبعدها فتحتِ النقاش بسؤالها: "هل ذلك أمرٌ سيءٌ، أم جيّد؟". لا شك أنَّ برنامج "مدير اليوم المالي CFO of the day" كان خطوة جيدة لشركة دي سي آي؛ التي باتت تحقق الأرباح منذ أن أسس رئيسُها ذلك البرنامج، وأصبح موظفوها يبقون معها لمدة خمس سنوات في المتوسط، في حين لم يكن يتجاوز متوسط بقائهم معها سنتين ونصف قبل إنشاء ذلك البرنامج، كما ازدادت مدة بقاء الزبائن مع تلك الشركة؛ بعدما تضاعفت؛ لتبلغ ما يزيد على خمس سنوات، وقد تبنّى الرئيسُ ليفاين دروس الإدارة المفتوحة، أوِ الإدارية التشاركية، التي يُعدُّ جاك ستاك Jack Stack وشركة سبرينغفيلد لإعادة التصنيع Springfield Remanufacturing Corporation رائِدَين لها، وسواءٌ كانتِ التسميةُ مدير اليوم المالي، أو الإدارة التشاركية، أو إدارة الكتاب المفتوح، أو لعبة الأعمال العظيمة، فالغرض هو تعليم الموظفين العمل التجاري، وبالتالي إدماجُهم فيه، ويعتقد القائمون على الشركات التي تأتي بتلك الممارسات، أنّ الموظفين سيغدون أكثرَ إنتاجيةً في حالِ استيعابهم للأمور المالية، وشعورهم بأنهم مالكون، وفي المثال الذي عرضناه أعلاه عن شركة دي سي آي DCI، لم يَعُدِ الموظفون يشعرون بالملل خلال الجزء المُكرَّس للمراجعة المالية في الاجتماع الشهري. تملك الموظفين ثمة توجُّهٌ حديث يبدو أنه يشهد استقرارًا؛ إنّه تملُّكُ الموظفين Employee Ownership، والشكل الأكثر شيوعًا لتطبيقه هو خطة امتلاك الموظفين للأسهم Employee Stock Ownership Plan والمعروفة اختصارًا بـ "ESOP". تختلف تلك الخطة عن خيارات الأسهم Stock Options، فوفقًا لخطة امتلاك الموظفين للأسهم، يتلقى الموظفون التعويضات في شكل أسهم شركة. تَذكَّر أنَّ خيارات الأسهم تعطي الموظفين فرصة شراء سهم الشركة بسعر محدد، حتى لو زاد سعر السهم في السوق عن ذلك السعر المحدد، ولأنه يجري تعويضُ الموظفين المستفيدين من خطة امتلاك الأسهم، عن طريق الأسهم، فيمكنهم أن يتملّكوا الشركةَ بمرور الوقت، وهي استراتيجيةُ خروجٍ جذّابة للمالكين الحاليين ليحققوا انتقالًا سَلِسًا، وثمة اعتقادٌ وراء برامج تملُّكِ الموظفين مفاده أنَّ الموظفين الذين يفكرون كالمالكين، يكونون أكثر تحفُّزًا للاعتناء باحتياجاتِ الزبائن، وتخفيض النفقات غير الضرورية، وجعل العمليات الإنتاجية أكثرَ سلاسةً، والبقاءِ فترةً أطول مع الشركة. الصورة 9.8: تمنحُ بعضُ الشركاتُ -أحيانًا- مزايا غير اعتيادية لجذب الموظفين الموهوبين، والاحتفاظ بهم لديها، إذ يحصل موظفو شركة تمبرلاند Timberland مثلًا على مبلغ 3000 دولار لشراء سيارة هجينة، أما شركة ورثينغتون إندستريز Worthington Industries، فتوفر لموظفيها حلاقة شعر في مقر عملهم مقابل 4 دولار -فقط- وفي شركة إس سي جونسون SC Johnson، يحصل المتقاعدون على اشتراك لمدى الحياة في مركز اللياقة البدنية التابع للشركة المذكورة. ولكن، هناك سلبياتٌ تعتري خطط امتلاك الموظفين للأسهم؛ إذ يتمثَّلُ أكبر المخاوف منها، في أنَّ بعض الموظفين يربطون جزءًا كبيرًا من مدخراتهم بتلك الخطط التي تتبناها شركاتُهم، فإذا ما بدأ أداءُ الشركة في التراجع، يقع أولئك الموظفون في خطر خسارة جزءٍ كبير من ثروتهم، وهذا ما حصل لإحدى سلاسل متاجر البقالة في كاليفورنيا بالولايات المتحدة المسماة بيغلي ويغلي كارولينا Piggly Wiggly Carolina التي بدأ نشاطُها التجاري في التراجع، وشاهدَ الموظفون، والمتقاعدون الإدارةَ العليا وهي تتخذ قراراتٍ لرفع الأسعار، لتقررَ بعدها بيع متاجرها، ثم بدأ السهم يفقد قيمته عامًا بعد آخر، حتى وصل إلى نسبة انخفاضٍ بلغت 90%، إلى أن تلقى الموظفون إشعارًا من الشركة يفيد بعدم امتلاكها ما يكفي لتوزيع المال عليهم تلك السنة، كما تضمَّنَ الإشعارُ أنَّ الأُمناءَ خططوا للاستمرار في بيع أصول الشركة، وموجوداتها، على أمل الوفاء بمدفوعاتها المستقبلية، فرفع موظفون سابقون لدى تلك الشركة دعوى قضائية بمواجهتها، مدّعين أن قرارات الإدارة العليا فيها، أدت إلى كسبها المال منهم بدون وجه حق، وذلك على حساب قيمة الشركة. ومع ذلك، هناك العديد من الشركات التي تطبق خطط امتلاك الموظفين للأسهم بنجاح، فشركة أكسيا هوم لونز Axia Home Loans، وهي شركة إقراض عقاري؛ مقرُّها مدينة سياتل في الولايات المتحدة، حققت مستوى إنتاجٍ قياسيًا، واستطاعتِ اجتذابَ ذوي المهارات العالية خلال السنة الأولى من إنشائها خطة امتلاك الموظفين للأسهم الخاصة بها. وبعد تلقّي غيليرت دورني Gellert Dornay؛ رئيس شركة أكسيا هوم لونز، ومديرها التنفيذي، أسئلة من قبل مساهمين غير إداريين حول الاستراتيجيات درسَ، وبحث في خطة امتلاك موظفين للأسهم، ورأى أنها ستناسب ثقافة الشركة الابتكارية، والتفكير التقدمي ذاته. ويقول دورني: "تُظهِرُ الدراسات أنَّ تجربة الشركات المملوكة من قبل موظفين، قد زادت من رضا الموظفين، ومن الاحتفاظ بهم لفترة أطول، ومن المكاسب الخاصة بالإنتاجية". ويضيف قائِلًا: "إنَّ من شأن خطة امتلاك الموظفين للأسهم، مكافأةُ الموظفين الذين يسهمون في نجاح الشركة، عبر السماح لهم بالمشاركة في زيادة قيمة الشركة المستقبلي". إذًا، ما الذي يجعل من شركة ما، لديها خطة امتلاك الموظفين للأسهم، مثل شركة أكسيا هوم لونز، أكثرَ نجاحًا من شركة أخرى مثل بيغلي ويغلي؟ إنَّ للأمر صلةً قوية بالطريقة التي تُعامِلُ فيها الشركات موظفيها؛ فلا يمكنك أن تُطلِق على موظفيك لقبَ مالكين فحسب، ثم تنتظر منهم ردة فعل إيجابية، بل عليك فعلُ شيءٍ لجعلهم يشعرون شعور المالكين، ودمجُهم بعدها بصفتهم مالكين، وتوضِّح شركةُ بيغلي ويغلي أنَّ مُلكية الموظفين ليست عصًا سحرية، حيث يقول دورني، رئيسُ شركة أكسيا هوم لونز، ومديرُها التنفيذي: "عندما يدير الموظفون الشركة، تكون منهجيتنا الخاصة باتخاذ القرارات مختلفة، فكل شيء يكون لمصلحة المساهمين، وأولئك المساهمون همُ الموظفون". مزايا العمل والحياة هناك توجُّهٌ حديثٌ متنامٍ، بدأ يُلاحَظ في أماكن العمل، وهو أنَّ الشركات -حاليًا- تُساعد موظفيها لإدارة متطلبات كثيرة، وأحيانًا المتعارضة، في حياتهم، فقد أصبحتِ المؤسساتُ تلعبُ دورًا أكثر فاعلية لمساعدة موظفيها في تحقيق توازنٍ بين مسؤولياتهم في العمل، وبين التزاماتهم الشخصية، وتتمثل النتيجة المرغوب فيها لذلك، في شعور الموظفين بالارتياح النفسي، وتركيزهم على عملهم تركيزًا أفضل، وبالتالي تحقيقهم إنتاجية أكبر، ومن الأدوات التي تستخدمها الشركات، لمساعدة الموظفين في تحقيق التوازن بين حياتهم، وعملهم -إجازات العمل الطويلة Sabbatical، وتعود تلك الإجازات -تاريخيًا- إلى ظهور حاجة لحافزٍ يجذب أعضاء هيئات التدريس المحتملين إلى جامعة هارفارد Harvard أوائل القرن التاسع عشر؛ أما اليوم، فقد تكون تلك الإجازاتُ لمدة شهر، أو أكثر، مدفوعة أو غير مدفوعة. وتحاول الشركاتُ في بيئة الأعمال الحالية، إحداث توازنٍ بين تخفيض النفقات، وجني الأرباح، بالتزامن مع سعيها جاهدةً نحو إبقاء موظفيها متحفزين، وإيجابيين فيما يخص العمل، وقد تُمثِّلُ تلك الإجازاتُ أداةً مهمة بيد المديرين؛ ليحققوا من خلالها ذلك التوازن الذي تحدثنا عنه. وتتباين التقارير حول ما إذا كان اللجوء إلى منح إجازات طويلة للموظفين، يشهد تزايدًا أم تناقُصًا، ولكنْ، هناك إجماعٌ على أن كافة الأطراف المعنية، تستفيد في حال مُنحَ الموظفون تلك الإجازات، ومن تلك الفوائد أنَّ الموظفين يعودون إلى العمل أكثر نشاطًا؛ فشركة موريس فاينانشال كونسيبتس Morries Financial Concepts، على سبيل المثال؛ وهي شركة تخطيطٍ مالي صغيرة، تمنح موظفيها بدوامٍ كامل إجازة عملٍ مدفوعة لمدة شهر كامل مرةً كلَّ خمس سنوات، وتقول كايرا موريس Kyra Morries، رئيسةُ الشركة ومالكتُها، إنَّ الموظفين كانوا يعملون أثناء عطلتهم، على الرغم من حثِّهم على ألا يفعلوا ذلك، ولذلك عليهم الاسترخاء، والتوقف عن العمل خلال تلك الإجازات، وتتابع كايرا موريس بالقول: إنَّ تلك الإجازات تعد ناجحةٌ بالنسبة لكلٍ من أفراد جيل الألفية، وللموظفين الأكبر منهم سِنًّا، كما تمثل تلك الإجازاتُ أداةً توظيفيةً عظيمة. أما شركة زيلو Zillow، عملاق العقارات عبر الإنترنت، فتمنح موظفيها كافة إجازاتٍ نصف مدفوعة لمدة ستة أسابيع، بعد ست سنوات من بدء توظيفهم لديها، وتقول إيمي بوهيوتينسكي Amy Bohutinsky؛ وهي مديرة العمليات لدى مجموعة زيلو Zillow Group: إنَّ شركتها تريد مكافأةَ الموظفين الذين يبقون معها لفترة طويلة، وتشجيعَهُم على الاستمتاع بحياتهم خارج العمل، وجعلهم يعودون إلى وظائفهم نشطين ومتحفزين، ومن الفوائد الأخرى لإجازات العمل تلك، إتاحة فرصةِ تعلُّمِ مهاراتٍ جديدة، والتي قد تكون بديلًا لتسريح الموظفين، وبالانتقال إلى الحديث عن شركة بافر Buffer؛ وهي إحدى منصات إدارة وسائل التواصل الاجتماعي، فقد تجنَّبَتْ تسريحَ أحد الموظفين لديها، وذلك بمنحه إجازة عملٍ نصف مدفوعة لمدة 12 أسبوعًا يقضيها في المنزل، بهدف إفساح المجال أمامه كي يتعلَّمَ مهاراتٍ جديدة، تحتاج إليها الشركة؛ لينتقل بنجاحٍ إلى قسمٍ وظيفيٍّ آخر لديها. إنَّ إجازات العمل المُكرَّسة للتعلُّم، تناسب قيمة الشركة المتمثلة في التطوير الذاتي. رعاية العمال ذوي المهارة المعرفية لدى معظم المؤسسات موظفون متخصصون، حيث تمثِّلُ إدارتهم بشكل فعال تحديًا كبيرًا، وقد تجدُ لدى العديد من الشركات مشرفين على الموظفين من أصحاب المعرفة العلمية، ولكنَّ هؤلاء ليسوا "مرؤوسين"، بل هم "زملاءُ عمل"، ويُطلَب من الموظفين أصحابِ المعرفة العلمية توظيف ما لديهم من مهاراتٍ في سياق تخصصهم المعرفي، ولا يكون أولئك الموظفون متشابهين، أو متجانسين؛ لأنَّ المعرفة لا تكون فاعلةً، ما لم تكُن متخصصة، وخصوصًا المنتمين منهم إلى مجموعة الاختصاصيين التقنيين، سريعة النمو، مثل: اختصاصيي الأنظمة الحاسوبية، والمحامين، والمبرمجين، وسواهم، ونظرًا إلى أنَّ العمل المعرفيَّ متخصص، فهو مُقسَّمٌ تقسيمًا عميقًا. تختلف قوةُ العمل المعرفية عن تلك الأقلِّ مهارةً من الناحية النوعية، إذ يعتمد نجاحُ أيِّ شركةٍ، أو بقاؤها بالأحرى، على أداء قوتها العاملة ذات المعرفة العلمية، ويتجلى التحدي المتعلق بإدارة الموظفين؛ أصحابِ المهارات العلمية، في إيجاد طُرُقٍ لتحفيزهم على التعاون، ومشاركة الشركة خبرتَهم، بما يضمن توسيع آفاق معارفهم، لما فيه مصلحة المساهمين في الشركة، ومصلحة المجتمع برمّته، ولتحقيق ذلك الهدف الواعِد، أنشأتِ العديدُ من الشركات ما تسمِّيه "جماعات الممارسة Communities of Practice". الصورة 9.9: تُطوِّرُ الجهاتُ الموظِّفةُ السَّاعيةُ إلى مواجهة ظاهرة تغيُّب الموظفين المتصاعدة، مزايا مُبتَكرةً، ومَرنةً لموظفيها، فشركة إس سي جونسون SC Johnson، مثلًا، توفِّر لموظفيها خدمة رعاية الأطفال طبيبًا، داخل الشركة، وإجازة أبوة، أما شركة برودينتيال Prudential، فتسمح لموظفيها بأخذ إجازة لرعاية أطفالهم المرضى، أو والديهم الكبار في السن، وتتباهى شركة هوليت - باكارد Hewlett-Packard بمجموعة من خيارات العمل المرنة التي تناسب حياة موظفيها المليئة بالمشاغل. التأقلُم مع تكاليف تغيُّبِ الموظفين المتصاعدة في ظلِّ سعي الشركات -حاليًا- إلى تحقيق أداءٍ عالٍ بعددِ موظفين أقلَّ، يتعيَّنُ على المديرين التنبُّهُ إلى توجُّهَين حديثين رئيسَين، يؤثران في معنويات الموظفين، وأدائهم، هما: تغيُّبُ الموظفين، واستبدالُهُم؛ فوفقًا لمكتب إحصاءات العمل Bureau Labor of Statistics في الولايات المتحدة، بقيَ مُعدَّلُ تغيُّب الموظفين بدوامٍ كامل مُستقِرًا نسبيًا خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغ أقل بنسبةٍ ضئيلة من 3%، وذلك بالنسبة للتغيّب بسبب مرض الموظف، أو تعرُّضه لإصابة، أو مشاكل صحية، أو بسبب مشاكل متعلقة برعاية أطفال الموظفين، أو التزاماتٍ عائلية، أو شخصية أخرى، أو بسببب الخدمة المدنية، أو العسكرية، أو بسبب إجازات الأمومة، أو الإجازات الوالديّة، وفي كل يوم، يتغيّبُ حوالي 3% من الموظفين بدوام كامل، وهذا الوضع يُكلِّفُ الشركات مليارات الدولاراتِ كل عام، ولكن ليست جميعُ الأسباب وراء التغيُّبِ الطارئ حقيقيةً، إذ تكشف تقارير من شركة كارير بيلدر CareerBuilder -وهي شركة حلول رؤوس أموال عالمية شاملة- أنَّ 40% من حالات تغيُّب الموظفين الطارئ في العام 2017 شهدت ادعاءاتٍ من قبل موظفين؛ بأنهم مرضى، وتبيَّن أنهم لم يكونوا صادقين في ادعائاتهم تلك، أما السببان الرئيسان اللذان أعطاهما الموظفون لتبرير تغيٌّبهم، فهما: إما موعد مع طبيب، أو شعورهم بعدم الرغبة في الذهاب إلى العمل، ومن الأسباب الأخرى التي أُدرِجت بصفتها مبرراتٍ لتغيُّبِ الموظفين، الحاجةُ إلى الاسترخاء، والراحة، والرغبة في النوم، وقضاء بعض الحوائج (مثل شراء شيء ما)، والقيام بأعمال منزلية، وتنفيذ خططٍ مع العائلة، والأصدقاء. ويترتب على تغيُّبِ بعض الموظفين ليوم واحد، اضطرارُ آخرين إلى بذل مزيد من الجهد في العمل، لتغطية ذلك الغياب، وهو ما يؤدي إلى انخفاض إنتاجيتهم، ومعنوياتهم، خصوصًا إذا لم يجرِ التعامُلُ مع مشكلة تغيب الموظفين المستمر بفاعلية، وفي المقابل، يمكن -إلى جانب سياسة الحضور في العمل- تخفيض معدلات تغيُّبِ الموظفين عبر منح حوافز على الحضور، وتوفير برامج ترفيهية، وبرامج مساعدة الموظفين، وغير ذلك من مزايا. .addtional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } إدارة التغيير استخدام جماعات الممارسة لتحفيز الموظفين ذوي المهارة المعرفية لقد أُطلِقَت تسميةُ "جماعات الممارسة Communities of Practice" منذ أوائل تسعينات القرن العشرين، بوصفها طريقة لتحفيز الموظفين من أصحاب المهارة المعرفية، ومن الشركات التي حققت نجاحًا كبيرًا مع جماعات الممارسة؛ شركةُ شلمبرجير المحدودة Schlumberger Limited؛ وهي شركة خدمات نفطية تبلغ عائداتها السنوية حوالي 28 مليار دولار، ومَثَلُها مَثَل باقي جماعات الممارسة، وتتألف الجماعات التي تُسمّيها شركةُ شلمبرجير المحدودة جماعات يوريكا Eureka groups من موظفين احترافيين، متشابهين، ينتمون إلى أقسام المؤسسة كافة، ويشترك الموظفون في واحدة، أو أكثر من جماعات يوريكا؛ التي تتراوح بين الكيمياء، وهندسة آبار البترول، وقبل تأسيس جماعات الممارسة، عمل مهندسو شركة شلمبرجير، وفيزيائيوها، وجيولوجيوها، عملًا جيدًا على المشاريع الفردية، ولكن الشركة كانت غافلةً عن كيفية مساعدة موظفيها على تحسين الجوانب الاحترافية من حيواتهم، وبما أنَّ الشركة تبيع خدماتٍ، وخبرات، فيُعَدُّ تحفيز موظفيها ذوي المهارة المعرفية، وصقلُ خبراتهم، عاملين لا بد منهما للنجاح، وقد شعر الرئيس التنفيذي السابق للشركة، يوان بيرد Euan Baird، أنه فعل كل ما بوسعه لإدارة موظفي الشركة الاحترافيين، وتحفيزهم، ولكنه فشل؛ وهنا قرر تركَهم يديرون أنفسهم، ثمَّ كلَّفَ الموظفَ المُخضرم في شركة شلمبرجير، ويُدعى هنري إدموندسون Henry Edmundson بتطبيق جماعات الممارسة، حيث تُمثِّلُ جماعات يوريكا التابعة لشركة شلمبرجير نجاحًا كبيرًا، وتساعد الشركةَ في زيادة مواردها المعرفية، كما تُنشَر اليوم السِّيَرُ الذاتية، المُنشأة ذاتيًا، على الموقع الداخلي للشركة؛ مما يسمح للموظفين من 85 بلدًا -حيث تنشط تلك الشركة- بطلب استشارة حول السير الذاتية لكل موظف شركةٍ تقريبًا للعثور على أحدٍ ذي معرفة، أو خبرة محددة، ومن الأسباب الأخرى التي تجعل من جماعات يوريكا ناجحةً إلى ذلك الحد الكبير؛ أنها ديمقراطيةٌ بشكل كامل، إذ يُصوَِتُ الموظفون المشاركون لمن سيقود كلَّ جماعة، ويمكن لأي موظفٍ مدعومٍ من قبل مديره، ومن طرف عضو جماعة أخرى واحدٍ على الأقل، أن يتولى المنصب لمدة عام واحد، ويُكلِّف القادةُ المنتخَبون في جماعات يوريكا بشركة شلمبرجير هذه الأخيرةَ حوالي مليون دولار في العام، وفي هذا يقول إدموندسون: "إنها رخيصة مقارنة بالمبادرات المعرفية الأخرى". وقد ترشَّح جون أفيلاكا John Afilaka -وهو مهندس جيولوجي كان يشغل منصب مدير تطوير الأعمال التجارية لشركة شلمبرجير- للانتخابات؛ سعيًا منه لتولّي منصب رئيس جماعة تحديد خصائص الصخور في الشركة؛ وهي مجموعة يزيد قوامها على 1000 شخص من ذوي الخبرةٍ في تحديد ما قد يحتويه مخزونٌ احتياطي تحت الأرض، وقد نجح في هزيمة خصمه، وأمضى من 15 إلى 20% من وقته في تنظيم المؤتمر السنوي للجماعة، وعلى ورشات العمل التي تُعقَد من وقتٍ لآخر، وفي الإشراف على موقع الجماعة الإلكتروني، وتنسيق الجماعات الفرعية، وأمورٍ من هذا القبيل، ويقول الرئيس التنفيذي المتقاعد آندرو غولد Andrew Gould: إنه لا غنى عن ميزة الإدارة الذاتية؛ لنجاح جماعات يوريكا، وإنه -غالبًا- ما يتم تحفيزُ الموظفين التقنيين عبر مراجعة النُّظراء Peer Review واحترامهم Peer Esteem؛ ويُفهَم من كلامه أنّ خيارات الأسهم، والمكاتب الواقعة في زاوية الغرفة، ليستا ميزتين كافيتين، ويتابع بالقول: "إنَّ انتخاب القادة يضمن نزاهة الأحكام التي يصدرها الأقران" كما أنَّ استخدامَ شركة شلمرجير لجماعات الممارسة، معروفٌ على مستوى العالم، وقد ورد اسمُها عشرات المرات في الدراسة المسمّاة يوروبيان ميك European MAKE، وكلمة MAKE هنا هي اختصار لــ: Most Admired Knowledge Enterprises أي: (المشاريع المعرفية الأكثر احترامًا)، كما حازت على لقب الفائز المُطلَق في ثلاث مناسبات، كان آخرُها في العام 2017. أسئلة التفكير الناقد: كيف باعتقادك تُساعِدُ جماعاتُ الممارسة شركاتٍ مثل شلمبرجير على الإدارة في بيئاتِ أعمال حيوية (ديناميكية)؟ مع أن أنَّ جماعاتِ الممارسة تُعَدُّ ذات صلةٍ بموظفي المهارة المعرفية، فهل يمكن لها أن تُحفِّز بنجاحٍ موظفين آخرين أيضًا؟ برِّر إجابتك. أما التوجُّهٌ الحديثٌ الآخر، فذو صلة بتغيُّب الموظفين، ومعنوياتهم، وهو استبدالُ الموظفين، ويشهد عددُ الموظفين الباحثين عن عملٍ ازديادًا ملحوظًا؛ إذ كشفت دراسة استقصائية حديثة أجرتها شركة غالوب (Gallup) أنَّ 51% من الموظفين الحاليين يخططون لترك وظائفهم، ولكنَّ دراسةً أخرى من قبل شركة آي بي إم IBM وجدت أنَّ 16% -فقط- من الموظفين، يَسعَونَ بنشاط للحصول على وظيفة جديدة، وتمثِّلُ كِلتا الدراستين المُشار إليهما أعلاه، سببًا يدعونا إلى القلق؛ فقد يكون ارتفاعُ معدَّلِ استبدال الموظفين مُكلفًا من الناحية المادية، وينتج عنه انخفاض معنويات الموظفين الذين يشاهدون زملاءهم يتركون العمل لدى الشركة، أمّا أهمُّ سببين يدعوان الموظفين إلى ترك العمل فهما: العثور على فُرصِ عملٍ أفضل لدى شركات أخرى، والتخلُّصُ من مديرٍ سييء. إنَّ من شأن ارتفاع معدل استبدال الموظفين (أو تغيّبهم) على مستوى الإدارة، أن يتسبب للموظفين بحالة من عدم الاستقرار؛ التي تدفعهم إلى تطوير استراتيجياتٍ، للتعامل مع تدفُّقِ رؤساء العمل الجُدُد، ويأتي ارتفاع معدل استبدال الموظفين (أو تغيُّبُهم) على حساب قدرة الشركة على أداء العمل في مستوياتها العليا، فإذا ما أرادتِ الشركاتُ أن تبقى في دائرة المنافسة، يجب أن يكون لديها برامج مُفعَّلة لتحفيز الموظفين على المجيء يوميًا إلى العمل، والبقاء مع الشركة عامًا تِلوَ آخر. ترجمة -وبتصرف- للفصل Motivating Employees من كتاب introduction to business إقرأ أيضًا المقال التالي: المقال السابق: التحفيز: من النظرية إلى التطبيق كيف تزيد حافز الموظف بفعالية العوامل المؤثرة على أداء الموظفين ودافعيتهم دراسات ونظريات حول فاعلية تحفيز الموظفين للوصول إلى النتائج المرجوة نظرية التوقع وتأثيرها على الدافعية في العمل
  25. في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سنتعرف على أهم الدراسات، والنظريات؛ التي تمت لمعرفة أثر التحفيز على تحسن الأداء، ونخص هنا كلًّا من: دراسة هوثورن، نظرية ماسلو، نظرية ماكغريغور، نظرية ويليام أوتشي، وأخيرًا نظرية هيرزبرج. دراسات هوثورن ما الذي كشفتْهُ دراسات هوثورن؛ التي أجراها إلتون مايو عن تحفيز العمال؟ جاء بعد الحقبة الكلاسيكية للإدارة حقبة العلاقات الإنسانية Human Relations Era التي بدأت في ثلاثينات القرن العشرين، وركَّزت تركيزًا رئيسًا على كيفية تأثير السلوك الإنساني، والعلاقات الإنسانية في الأداء المؤسسي، وقد مثَّلت دراساتُ هوثورن Hawthorne Studies بدايةَ تلك الحقبة، وغيَّرت نظرةَ العديد من المديرين إلى التحفيز، وإنتاجية العمل، ورضا الموظفين، وقد بدأت تلك الدراساتُ في مصنع هوثورن، التابع لشركة الكهرباء الغربية Hawthorne Western Electric في الولايات المتحدة، عندما قرر المهندسون في ذلك المصنع، دراسة تأثيرات مستويات متنوعة من الضوء على إنتاجية العمال، وهي تجربة كانت مثيرة لاهتمامَ فريدريك تايلور؛ أبو الإدارة العلمية، وتوقَّعَ المهندسون أن يؤدّيَ الضوءُ الساطعُ إلى مزيدٍ من الإنتاجية، ولكنَّ النتائج أظهرت أنَّ تنويع مستوى الضوء (سواءٌ بجعله أكثر سطوعًا، أو أكثر خفوتًا) أدَّى إلى زيادة إنتاجية مجموعة العمال الذين أُجريت عليهم التجربةُ، وفي عام 1927، طلب مهندسو مصنع هوثورن من الأستاذ في جامعة هارفارد Harvard، وهو إلتون مايو Elton Mayo، ومن فريقٍ من الباحثين الآخرين مشاركتهم تلك الدراسة. وبين عامَي 1927 و1932 أجرى الأستاذ مايو مع زملائه تجارب على إعادة تصميم العمل؛ طولِ يوم، وأسبوع العمل، وأوقات الاستراحة، والخطط الخاصة بالحوافز، وقد أشارت نتائجُ تلك الدراسات إلى أنَّ الزياداتِ في الأداء، قد ارتبطت بمجموعة معقدة من مواقف الموظفين، واتجاهاتهم، وادَّعى الأستاذ مايو أنَّ أفراد المجموعتين المشاركتين في الدراسة؛ وهما المجموعة التجريبية، والمجموعة الضابطة، قد أظهرتا إحساسًا بالفخر؛ لوقوع الاختيار عليهم؛ كي يكونوا جزءًا من الدراسة، وهو إحساسٌ حفَّزَ العمال لزيادة إنتاجيتهم، كما تبيّنَ أن المشرفين الذين سمحوا للعمال بممارسة بعض التحكُّم، والسيطرة، في ظل الظروف التي كانوا يعملون فيها، قد نجحوا في زيادة تحفيز أولئك العمال، وقد أفضت نتائجُ تلك الدراسة إلى اكتشافِ ما يسمَّى تأثير هوثورن Hawthorne Effect، الذي يفيد بأنَّ الموظفين سيقدمون أداءً أفضل؛ عندما يشعرون بأنهم يُخَصُّونَ، أو يُقصَدون، بنوعٍ خاصٍ من الاهتمام، أو عندما يشعرون بأنَّ الإدارةَ مهتمةٌ برفاههم وراحتهم، كما قدمت تلك الدراسةُ دليلًا على أنَّ مجموعاتِ العمل غير الرسمي (أي العلاقات الاجتماعية بينَ الموظفين)، والتأثيرَ الجماعي الناتج عنها، لهما تاثير إيجابي على إنتاجية جماعة الموظفين تلك، وقد عزَّزت نتائجُ دراسات هوثورن من فهمِنا لما يُحفِّزُ الأشخاص في مكان العمل، كما تشير تلك الدراسات إلى أنَّه إضافةً إلى الاحتياجات الاقتصادية الشخصية التي جرى التأكيدُ عليها، خلال الحقبة الكلاسيكية للإدارة؛ فإن الاحتياجات الاجتماعيةَ تلعب دورًا مهمًا في التأثير على المواقف، والاتجاهات ذات الصلة بالعمل. تراتبية الاحتياجات عند ماسلو ما هي تراتبية الاحتياجات الإنسانية لدى ماسلو، وكيف ترتبط تلك الاحتياجات بتحفيز الموظفين؟ هناك صاحبُ نظرياتٍ آخر مشهورٌ منتمٍ إلى الحقبة السلوكية Behavioral Era من تاريخ الإدارة، وهو عالِم النفس أبراهام ماسلو Abraham Maslow، الذي اقترحَ نظرية للتحفيز، قائمةً على الاحتياجات الإنسانية العالمية، ويعقتد ماسلو أنَّ لكل فردٍ تسلسلٌ هرميٌّ من الاحتياجات، أو تراتبيّةُ احتياجات، تتألف من الاحتياجات الفسيولوجية، واحتياجات الأمان، والاحتياجات الاجتماعية، والحاجة للاحترام، أو التقدير، والحاجة لتحقيق الذات، مثلما تُظهِرُ الصورة 9.4. تؤكِّد نظرية التحفيز لدى ماسلو على أنَّ الناس يتصرفون؛ إشباعًا لاحتياجاتٍ غير مُلبَّاة؛ فعندما تشعر بالجوع مثلًا، تبحث عن طعام، فتتناوله، فتُشبِعُ بذلك حاجةً فسيولوجية (عضوية) أساسية، ومتى أشبعتَ حاجةً ما، تتناقصُ أهميتُها بالنسبة إليك، فيزدادُ احتمالُ أن تُحفِّزك حاجةٌ أخرى أعلى مستوىً. ووفقًا لتراتبية الاحتياجات عند ماسلو، أو تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات Maslow's Hierarchy of Needs، فالاحتياجات الإنسانية الأكثر أهمية هي الفسيولوجية، أي الحاجة إلى الطعام، والمأوى، والملبس، وتحفّز الاحتياجاتُ الفسيولوجية الشخصَ لإيجاد عمل بنسبةٍ كبيرة، فالناس بحاجة لكسب المال لتأمين الطعام، والمأوى، والملبس لهم، ولعائلاتهم، وحالما يُشبِعُ الناسُ تلك الاحتياجات الأساسية، يصلون إلى المستوى الثاني في تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات، الذي يتضمن احتياجات الأمان Safety Needs، إذ يحتاجُ الناس إلى الشعور بالأمان، وإلى الحماية من الأذى الجسدي، وتجنُّبِ الأمور غير المتوقَّعة، وفي سياق العمل، يحتاج الناس إلى أمانٍ وظيفي وحماية من مخاطر العمل. تُعَدُّ الاحتياجاتُ الفسيولوجية، واحتياجات الأمان جسديةَ الطابع، مهمة لدى الأشخاص، وبعد أن تُشبَعَ تلك الاحتياجات، يركِّزُ الأشخاصُ على الاحتياجات التي تتضمن علاقاتٍ مع الآخرين، حيث تحتل الاحتياجاتُ الاجتماعية، أو الحاجاتُ إلى الانتماءِ (القبول من الآخرين)، وتبادلِ الصداقة، والحُب...تحتل المستوى الثالثَ في هرم الاحتياجات لدى ماسلو، كما تساعد المجموعاتُ الاجتماعية غير الرسمية -ضمن العمل وخارجه- في إشباع تلك الاحتياجات الاجتماعية؛ أما المستوى الرابع من هرم الاحتياجات لدى ماسلو، فيشمل الاحتياجات المتعلقة بالاحترام والتقدير، والتي تمثّل الحاجة إلى الاحترام من قِبَلِ الآخرين، وإلى الإحساس بالإنجاز، وتحقيق الأهداف، وينعكس إشباعُ تلك الاحتياجات شعورًا بالقيمة الذاتية، أو تقدير الذات، وأخيرًا، تأتي الحاجة إلى تحقيق الذات، أو إلى بلوغ الفرد أقصى إمكاناته، أو إلى استخدامه لكل طاقته، في المستوى الأعلى من هرم الاحتياجات لدى ماسلو، وبهدف إحاطتك بفهمٍ أفضل حول كيفية تطبيق تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات في عالم الأعمال الواقع؛ نلقِ نظرة على المثال التفصيلي حول متاجر شركة ويغمانس Wegmans. إذ عندما تفكِّر في عملٍ يمثل خيارك الأول، فغالبًا لن يكونَ العملُ في سوبرماركت على رأس قائمة الأعمال التي ستختار، وذلك بسبب ساعاتِ العمل الشاقة هناك، والأجر المنخفض، واستبدال الموظفين بشكل سنوي، والذي يكاد يقترب من نسبة 100%؛ وهي أسبابٌ لا تجعل السوبرماركت أفضل الأماكن للعمل بوجه عام، باستثناء تلك التابعة لشركة ويغمانس Wegmans التي لم يغِب اسمُها عن قائمة مجلة فورتشن Fortune "لأفضل الشركات للعمل لديها Best Company to Work for" ولا سنةً واحدة منذ بدئها، وحتى اليوم، مما منحها مكانًا ضمن قائمة "أساطين أماكن العمل العظيمة Great Place to Work Legends" في المجلة المذكورة. ومما يجعل شركة ويغمانس ناجحة؛ هو اهتمامُها باحتياجات موظفيها في جميع مستويات تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات، حيث تدفع تلك الشركة أجورًا تفوق متوسط الأجور التي تُدفَع في السوق (ليست رخيصةَ الأجر، فموهبةٌ بحجم تلك التي يمتلكها مساعد رئيس طباخين، عمِلَ سابقًا لدى مطعم الغسيل الفرنسي French Laundry في وادي نابا Napa Valley، لصاحبه توماس كيلر Thomas Keller، الذي يعمل -حاليًا- في أحد متاجر مدينة بيتسبرغ Pittsburgh، وحتى عام 2003، كانت شركة ويغمانس تدفع كامل تكاليف اشتراكات التأمين الصحي لموظفيها (احتياجات فسيولوجيّة)، ويبلغ معدّل استبدال الموظفين لديها 5% فقط، في حين أنَّه يصل لدى أكبر منافسيها إلى 19%، وهي نسبة لا تقترب منها على كل الأحوال، وقد بدأ أكثرُ من نصف مديري المتاجر لدى ويغمانس العمل لصالحها منذ سنوات مراهقتهم (احتياجات الأمان). ولأن الموظفين يبقون طويلًا مع شركة ويغمانس، فقد غدت ثقافتُها أقوى، وأكثرَ تَجَذُّرًا بمرور الوقت. يقول إدوارد ميكلوكلن Edward McLaughlin؛ وهو مدير برنامج جامعة كورنيل لإدارة صناعة الطعام Cornell's Food Industry Management Program: "إنَّ آخر شيءٍ تودُّ فعله عندما تكون في السادسة عشرة من عمرك؛ هو أن ترتديَ قميصًا غريب المظهر، وأن تعمل في سوبرماركت، ولكنَّ العمل في سوبرماركت تابع لشركة ويغمانس؛ هو وسام شرف، إذ لن يكون هناك مُحاسبَ صندوقٍ غريب الأطوار، بل ستكون جزءًا من النسيج الاجتماعي" (احتياجات اجتماعية)، وهناك طالبة جامعية ذات تسعة عشر ربيعًا تُدعى سارة غوغنز Sara Goggins حازت مؤخرًا على ثناءِ رئيس مجلس إدارة شركة ويغمانس شخصيًا، وهو داني ويغمان Danny Wegman، لما قدمته من مساعدةٍ في تحضير حلوياتٍ مُستوحاة من الطريقة الفرنسية، خلال أحد العروض (احتياجات الاحترام، والتقدير)، ولا تزال سارة محتفظةً بصورتها مع داني ويغمانس، تعرضها خلف طاولة البيع التي تجلس إليها في الشركة، ومن الأمثلة الأخرى؛ فتاةٌ تُدعى ماريا بنيامين Maria Benjamin، التي اعتادت تحضير كعك الشوكولا الكروي chocolate meatball cookies احتفالًا بأعياد ميلاد زملائها في العمل، وقد بلغت تلك الحلويات من الشهرة ما دفعها إلى الطلب من داني ويغمان السماح لها ببيعها في قسم المخبوزات التابع للشركة، فوافق، وكان لها ما أرادت، وعادة ما يتلقى موظفون مثل: سارة، و ماريا، التقديرَ بفضل ما يقدمون لشركاتهم من مساهمات (احتياجات الاحترام، والتقدير). لقد أنفقت شركة ويغمانس ما يزيد على 54 مليون دولار على المنح الجامعية، لما يزيد على 17,500 موظف من موظفيها العاملين بدوام جزئي، وكامل، على مدى 20 سنة، ولا يرى مديرو الإدارة العليا في الشركة أيَّ مشكلةٍ في إرسال مديري قسم المتاجر في بعثاتٍ تدريبية، فقد يُرسَل مدير الجبنة في الشركة ضمن رحلة عمل تستغرق عشرة أيام لزيارة صانعي الجبنة، وتعلُّم صناعتها في باريس، أو لندن، أو روما (احتياجات تحقيق الذات). ومع ذلك، لم تسلم نظرية ماسلو من الانتقاد؛ إذِ ادَّعي أنَّها لا تُلبَّى حاجة من مستوىً أعلى، إلا بعد أن تُشبَع حاجةٌ أدنى منها مستوىً؛ وأنَّ الحاجة المُشبَعة لا تمثل حافزًا، فالفلاح الذي لديه وفرة في الطعام، لا يحفزه مزيدٌ منه (الحاجة الفسيولوجية المتمثلة بالجوع)، ولمَّا يتحققِ الباحثون من تلك المبادئ تحققًا دقيقًا، كما أن نظرية ماسلو تركِّزُ على الاتجاه نحو الأعلى، عبر هرم الاحتياجات من دون الحديث حديثًا وافيًا عن إعادة الاتجاه؛ نزولًا عبره، ولكن، على الرغم من تلك القيود؛ إلا أن أفكارَ ماسلو مازالت تقدم مساعدةً كبيرة في فهم احتياجات الناس خلال العمل، وتحديد ما الذي يمكن فعلُه لإرضائهم. 4 النظريتان X وY لماكغريغور كيفُ تُستخدَم النظريتان X وY للأستاذ دوغلاس ماك غريغور، والنظرية Z للعالِم الياباني أوتشي، في شرح تحفيز الموظفين؟ تركَ دوغلاس ماك غريغور Douglas McGregor، وهو أحد تلاميذ ماسلو، بصمةً في دراسة التحفيز، من خلال صياغته لمجموعتين متناقضتين من الافتراضات حول الطبيعة البشرية، وهما النظريتان X و Y. يُبنى نمطُ الإدارة حسب النظرية X على وجهة نظر متشائمة للطبيعة البشرية، ويفترض ما يلي: يكره الشخصُ العادي العملَ، وسيتجنَّبُه إذا استطاعَ ذلك. نظرًا إلى أنَّ الناس لا يحبون العمل، فلا بد من إخضاعهم للرقابة، والتوجيه، والتلويح بالعقوبة، لجعلهم يبذلون جهدًا. يفضِّلُ الشخصُ العادي أن يوجهه الآخرون، ليتجنب تحمُّلَ المسؤولية، وهذا الشخص يتصف -عادة- بأنه عديم الطموح نسبيًا، ويريد الأمان قبل كل شيء. تقترحُ هذه النظرةُ إلى الآخر، أنَّ على المديرين حثُّ العاملين حثًّا مستمرًّا على العمل، وممارسةُ رقابة لصيقة على سلوكهم، أثناء تنفيذهم العمل المطلوب منهم، ويتّصفُ المديرون وفقًا للنظرية X بأنهم يُمْلون على الأشخاص ما عليهم فعلُه، وبأنهم توجيهيّون إلى حدٍّ كبير، ويحبون أن يكونوا في موقع سيطرة، ولا يظهرون ثقةً كبيرة بالموظفين، وغالبًا ما يؤدي أسلوبهم ذاك في الإدارة إلى جعل مرؤوسيهم اتكاليين، وسلبيين، وممتعضين. وبخلاف النظرية X، تُبنى النظريةُ Y على نظرةٍ أكثر تفاؤلًا تجاه الطبيعة البشرية، وتفترضُ ما يلي: العملُ أمرٌ طبيعي مثلُ اللعب، أو الراحة، ويريد الأشخاصُ -وبوسعهم ذلك- أن يكونوا ذاتيي التوجيه، وذاتيي الرقابة، وسوف يحاولون تحقيق أهداف المؤسسة التي يؤمنون بها. يمكن تحفيز العمال باستخدام الحوافز الإيجابية، وسيحاولون جاهدين تحقيق أهداف المؤسسة، إذا اعتقدوا أنهم سيُكافَؤون على ذلك. وفقًا للظروف الملائِمة، فإنَّ الشخص العادي لا يقبلُ المسؤوليةَ فحسب، بل، ويسعى نحوها -أيضًا- ولدى معظم العمال درجة عالية نسبيًا من الخيال، والإبداع، ويرغبون في المساعدة بحل المشاكل. يُقرّ المديرون الذين يعملون على افتراضات النظرية Y بوجود فوارق فردية، ويشجّعون العمال على التعلم، وتطوير مهاراتهم، فقد يُكلَّفُ مساعدٌ إداري بمهمة إعداد تقرير شهري، وقد تكون المكافأة مقابل قيامه بذلك، الإشادةَ بأدائه خلال أحد الاجتماعات، أو فوزه بدورة تدريبية خاصة، لتعزيز مهاراته على الحاسوب، أو زيادةً في الأجر. باختصار، تعمل النظرية Y على فكرة أنَّ مصالح العمال هي ذاتُها مصالح المؤسسة، ومن السهل العثور على شركاتٍ كرَّست ثقافاتٍ مؤسسيةً، بناء على افتراضات النظرية Y. وفي الواقع، تعُجُّ قائمةُ مجلة فورتشن Fortune، التي تتضمن "أفضل 100 شركة للعمل لديها"، وقائمة جمعية إدارة الموارد البشرية "Society for Human Resource Management" التي تضم "أماكن عظيمة للعمل"، تعجُّ بالشركات التي تعمل وفقًا لنمط الإدارة الخاص بالنظرية Y. ومن الأمثلة على شركاتٍ تشجِّعُ موظفيها، وتدعمُهم؛ شركةُ ستاربكس Starbucks، وشركة جي إم سماكر J.M. Smucker، و معهد ساس Sas Institute، وهول فود ماركت Whole Food Market، وشركة ويغمانس Wegmans. فشركة التقنيات الحيوية جينينكور Genencor، التي سبق أن أُدرِجَت على قائمة "أفضل الشركات الأمريكية للعمل لديها" لخمس مرات؛ لديها ثقافة تحتفي بالنجاح في كافة مظاهر عملها التجاري، إذ يمكن للموظفين مكافأةُ زملائهم بشكل فوري، مقابل الجهد الاستثنائي الذي يبذلون، ووفقًا للرئيس التنفيذي السابق لتلك الشركة، روبرت ماير Robert Mayer: "تعد شركة جينينكور -إحدى الشركات الفريدة بحق- بين الشركات الأمريكية من أي حجمٍ كانت؛ إنها نموذجٌ للابتكار، والعمل الجماعي، والإنتاجية، وهذا كله، نتيجة مباشرة لفلسفتنا القائمة على (العمل المتفاني، والجادّ، وعلى تغيير العالم)، ولطالما كان استثمارُنا في موظفينا عملًا رابحًا لشركتنا جينينكور". النظرية Z اقترحَ عالم الإدارة الياباني لدى جامعة كاليفورنيا؛ ويليام أوتشي William Ouchi، نظريةً تجمع بين ممارسات الأعمال التجارية اليابانية، وتلك الخاصة بالولايات المتحدة، وقد سَمَّاها النظرية Z. يُقارن الجدولُ 9.1 بين نمطَي الإدارة؛ الياباني، والأمريكي، وبين منهج النظرية Z. وتشدد هذه النظرية على التوظيف طويل الأمد، والتطوُّر المهني البطيء، والتخصص المعتدل، واتخاذِ القرارات بصورة جماعية، وعلى المسؤولية الفردية، والرقابة على الموظفين غير الرسمية إلى حدٍّ ما، والحرص على العمال، وللنظرية Z عناصر يابانية عديدة، ولكنها تعكس القِيَمَ الثقافية الأمريكية. خلال العقد المنصرم، تراجع الإعجابُ بالفلسفة اليابانية في الإدارة، التي تركز على إنشاء علاقاتٍ طويلة الأمد؛ فقد عفا الزمن على المعتقداتِ الثقافية العائدة للتفكير الجماعي، وتجنُّبِ المخاطرة، وعدمِ تفكير الموظفين بأنفسهم، وأدّى التزامُ اليابانيين بما سبق من معقتداتٍ إدارية، إلى تقييد قدراتهم التنافسية في السوق العالمية، وثمة اليوم إدراكٌ لحاجة الشركات اليابانية إلى أن تكون أكثر سَبقًا ونشاطًا، وفطنة، وسرعة؛ إذا ما أرادتِ الازدهار، وهذا ما دفعَ شركة سوني Sony اليابانية إلى تعيين رئيسٍ تنفيذي أجنبي، إذ شهد أداءؤها انخفاضًا على مر السنوات، حتى شهر أبريل من العام 2005، وهو التاريخ الذي سجَّلت فيه تلك الشركةُ أكبرَ خسارةٍ مرَّت بها، وقد ورث الرئيس التنفيذي السابق لشركة سوني، السيد نوبوكي إيدي Nobuki Idei، ديونها الضخمة، وخطوط إنتاجها التي كانت تشهد ركودًا، ثم أدرك أنَّ استراتيجيته لم تكن ناجحة، فصمَّمَ على تعيين خَلَفٍ له سيتمكن من تحويل تلك الشركة من وضعها الذي كان سائدًا وقتها، إلى شركة ذاتِ تفكيرٍ تقدُّمي، وهذا ما نجح في تحقيقه، فجاء بعده السيد هاورد سترينجر Howard Stringer، وهو أمريكيٌّ من مواليد ويلز التابعة للمملكة المتحدة، والذي كان مديرًا لعمليات شركة سوني في الولايات المتحدة، وكان السيد نوبوكي إيدي يأمل في مفاجأة من يعملون في شركة سوني، إلى جانب المحللين في المجال الذي تعمل فيه، على حدٍّ سواء. فيقول: "من المضحك أنَّ كل الناس هنا يتفقون على أننا بحاجة لتغيير، ولكنَّ 90% منهم لا يريدون تغيير حتى أنفسهم، ولذلك خَلُصتُ إلى أنَّ إدارتنا العليا بحاجةٍ -تحديدًا- إلى تغيير نهجها". وبعد مضي 7 سنوات على شغله منصب الرئيس التنفيذي لشركة سوني، تولّى السيد هاورد سترينجر منصب رئيس مجلس إدارتها، وعَيَّنَ السيدَ كاز هيراي Kaz Herai رئيسًا للشركة، ومديرًا تنفيذيًا لها. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الاختلافات في مناهج الإدارة العامل الإدارة التقليدية للولايات المتحدة الإدارة اليابانية النظرية Z (الجمع بين الإدارة اليابانية، وإدارة الولايات المتحدة) طول مدة التوظيف مدة قصيرة نسبيًا، والموظفون عُرضةٌ للتسريح في حال كان العمل التجاري سيئًا. مدى الحياة، ولا يُسرَّحُ الموظفون أبدًا بهدف تخفيض النفقات. مدة طويلة، ولكن ليس لمدى الحياة بالضرورة. لا يُحبَّذُ تسريحُ الموظفين. توظيف مستقر. قوة عاملة ذات ولاء. لا يستدعي تطوُّرُ ظروف العمل فتح الباب للتوظيف، أو التدريب. معدل التقييم، والترقية. سريع نسبيًا. بطيء نسبيًا. بطيء وفقًا للتصميم. يُقيَّمُ المديرون، ويُدرَّبون تدريبًا معمَّقًا. التخصص في ناحية وظيفية معينة. عالٍ؛ يكتسب العامل خبرةً في ناحية وظيفية محددة. منخفض؛ يكتسب العامل خبرة عامة في المنظمة، بدلًا من الخبرة في تخصص وظيفي بعينه. معتدل؛ يختبر الموظفون نواحيَ وظيفيةً متنوعة في الشركة، ويراعون ما فيه مصلحتُها بدلًا من التخصص في ناحية وظيفية محددة. اتخاذ القرارات على أساس فردي. من قبل كافة الأطراف المعنية. بشكل جماعي لاتخاذ قراراتٍ، وتنفيذها تنفيذًا أفضل. المسؤولية عن النجاح أو الفشل فردية. جماعية. فردية. رقابة المدير رسمية وصريحة جدًا. أكثر ضمنيةً وأقل رسمية. غير رسمية نسبيًا ولكن بمقاييس أداء صريحة. الحرص على الموظفين التركيز على مناحي حياة العامل المرتبطة بوظيفته. تمتد لتشمل كافة مناحي حياة العامل. تهتم نسبيًا بحياة العامل برمّتها، بما فيها عائلته. الجدول: 9.1. نظرية العامل الثنائي (أو الحافز - الصحة) لهيرزبرج؟ ما المضامين اﻷساسية لهذه النظرية؟ ما هي المكونات الرئيسة لنظرية "العامل الثنائي" التي وضعها فريدريك هيرزبرج؟ ثمة إسهام آخر مهم في إدراكنا للحافز (الدافع) الذاتي، تقدمه لنا دراسات فريدريك هيرزبرج Frederick Herzberg، التي عالجت سؤالًا: "ما الذي يسعى إليه الناس حقًا من ممارستهم للعمل؟ في أواخر خمسينات القرن العشرين، أجرى هيرزبيرج مسحًا استقصائيًا على العديد من الموظفين؛ لاكتشاف العناصر الخاصة بالعمل، التي تجعلهم يشعرون بالرضا، أوالسُّخط في وظائفهم، وقد أشارت النتائج إلى أن عوامل محددة في الوظيفة، ترتبط باستمرار برضا الموظفين عن عملهم، بينما هناك عوامل أخرى يمكنها -أيضًا- أن تؤدي إلى السخط، وعدم الرضا عن العمل، ووفقًا لهيزربرج، فالعوامل المحفِّزة، (والتي تُسمَّى -أيضًا- العوامل المُرضية عن العمل) هي أساسًا العناصرُ الداخلية، أو الذاتية المرتبطة بالعمل، والتي تؤدي إلى الرضا، أما العوامل الصحية، (وتدعى -أيضًا- مُسخطات العمل)، فهي عناصر خارجية لبيئة العمل. ويتضمن الجدول 9.2 ملخصًا عن العوامل المحفزة، والصحية. ومن أكثر نتائج دراسات هيرزبرج متعةً؛ هو تلميحُها إلى أنَّ الرضا ليس عكس السخط، إذ يعتقد هيرزبرغ أن اﻹدارة المناسبة لعوامل الصحة، يمكن لها أن تمنع سخط الموظفين، ولكنَّ تلك العوامل لم تكُن مصدرًا للرضا، والتحفيز، فشروط العمل الجيد، مثلًا، كفيلة بأن تبقيَ الموظفين في وظائفهم، ولكنها لن تجعلهم يعملون بجدٍّ أكثر، أما شروط العمل السيئة، والتي هي مثبطات للعمل، فقد تجعل الموظفين يتركون وظائفهم، ووفقا لهيرزبرج؛ يحتاجُ المدير الذي يهدف إلى زيادة رضا الموظف، إلى التركيز على العوامل المحفزة، أو اﻻسترضاءات، فالعمل الذي يتضمن استرضاءات كثيرة؛ من شأنه أن يحفِّزَ العمّال -عادةً- ويضمن رضاهم عن العمل، ويحثهم على أداءٍ فعّال، ولا تؤدي قلةُ اﻹرضاءات في العمل -دائمًا- إلى السخط، وهزالة اﻹنجاز، ولكنها بالمقابل تجعل العمال يقدِّمون أداءً يفي بالمراد -فقط- بدلَ أن تدفعهم إلى بذل قصارى جهدهم. مع أن أفكار هيرزبرج تُقرأ على نطاق واسع، ويُعمل بتوصياته على مدى السنوات التي تلت طرحَه تلك الأفكار، من قبل عدد هائل من الشركات، إلا أن هناك بعضَ المخاوف المشروعة بشأن عمله، ومع أن استنتاجاته قد استُخدِمت لشرح تحفيز الموظفين، فقد تركزت دراساته في الواقع على الرضا الوظيفي، وهو مفهوم مختلف عن التحفيز (مع أنه متعلق به)، وهناك انتقادات أخرى تركزت على عدم واقعية منهجية هيرزبرج؛ أي على حقيقة أن نظريته تتجاهل تأثير المتغيرات الظرفية، والعلاقةَ المفترضة بين الرضا واﻹنتاجية، ومع ذلك، فالأسئلة، والقضايا التي يطرحها هيرزبرج حول طبيعة الرضا الوظيفي، وتأثيرات العوامل الذاتية، والخارجية على سلوك الموظف، مثَّلت إسهامًا قيِّمًا في نشوء نظريات التحفيز، والرضا الوظيفي. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } العوامل المحفزة، والصحية لدى هيرزبرج العوامل المحفزة العوامل الصحية الإنجاز سياسة الشركة التقدير الإشراف العمل بحد ذاته ظروف العمل المسؤولية العلاقات الشخصية في العمل التقدُّم الراتب، والمزايا النمو الأمان الوظيفي الجدول: 9.2 ترجمة -وبتصرف- للفصل Motivating Employees من كتاب introduction to business اقرأ أيضًا المقال التالي: وجهات النظر المعاصرة حول التحفيز المقال السابق: تحفيز الموظفين ونظرية تايلور هرمية ماسلو للاحتياجات الإدارة بالأهداف: أسلوب للتخطيط والرقابة نظرية التوقع وتأثيرها على الدافعية في العمل نموذج عن السلوك التنظيمي والإدارة
×
×
  • أضف...