اذهب إلى المحتوى

الأشكال الرئيسية لتقسيم السوق الاستهلاكية وسوق الأعمال التجارية


مجد اسماعيل

ليس بوسع معظم الشركاتِ استهداف السوق بكاملها بالنسبة لمنتجٍ محدد، ولذا، يجب على الشركة إنشاء مزيجٍ تسويقي خاصٍ بكل جزء منفصل من السوق، ذلك أنّ محاولة إنشاء مزيج تسويقي لكل جزء من السوق المستهدفة، ستكون مكلفة للغاية، ولذلك تقسّم الشركات تلك الأهداف إلى "قطاعات" محددة من السوق؛ التي تجعل الشركات في وضع أفضل، ويمكّنها من النجاح في استهدافها، كما يتنوع تقسيم السوق -أيضًا- تبعًا للسوق المستهدفة، بمعنى؛ هل هي سوق استهلاكية؟ أم سوق أعمال تجارية؟

في هذا المقال من سلسلة مقالات مدخل إلى عالم الأعمال سيتم التعرف جيدا على مفهوم تقسيم السوق، وعلى الأشكال الأساسية التي يتم اعتمادها للتقسيم سواء في السوق الخاصة بالاستهلاك؛ أو السوق التجارية.

تقسيم السوق

تساعد دراسةُ سلوك المشتري، مديري التسويق، على فهمٍ أفضلَ للسبب الذي يدفع الناس إلى الشراء، وبهدف تحديد الأسواق المستهدفة التي قد تحقق أعلى نسبة أرباح للشركة؛ يستخدم المسوقون تقسيم السوق (تجزئة السوق) Market Segmentation، وهي عملية فصل طبقات السوق، وتحديدها، وتقييمها، للعثور على السوق المستهدفة، فعلى سبيل المثال: قد تُقسَّم سوقٌ مستهدفة إلى مجموعتين؛ الأولى: عائلات لديها أطفال. والثانية: عائلات بلا أطفال.

فالأولى؛ يُحتَمل أن تشتري حبوبًا حارّة، أو مُحَلّاةً مُسبَقًا، أما الثانية؛ فيحتمل أن تشتريَ حبوبًا صحية أكثر من تلك، وهنا تقوم شركاتُ الحبوب بتخطيط، المزيجَ التسويقي الخاص بها، مع أخذ الفكرة السابقة بالحسبان. أما سوق الأعمال التجارية، أو سوق الشركات، فقد يُقسَّمُ وفقًا لحجم الشركات المستهلِكة (كبيرة، أو صغيرة)، أو وفقًا للمنطقة الجغرافية.

وهناك خمسة أشكال رئيسة لتقسيم السوق، هي: التقسيم السكاني الديموغرافي، والجغرافي، والتقسيم حسب العوامل النفسية، وتطلعات المستهلكين السيكوغرافية، والتقسيم وفقًا للمنفعة، ووفقًا للحجم. يتضمن الجدول 11.2 تلخيصًا لخصائص كل من أشكال التقسيم تلك، وسنناقشها في الأقسام القادمة من هذا الفصل.

التقسيم الديموغرافي

يصنف التقسيم السكاني (الديموغرافي) Demographic Segmentation المجتمعات إلى فئاتٍ متعددة، ومختلفة، مثل: العمر، والتعليم، والنوع الاجتماعي، والدخل، وحجم الأُسرة، الشيء الذي يساعد المتخصصين في مجال التسويق في التمييز بين الأسواق، ويعد هذا النمط من تقسيم السوق؛ الأكثرَ شيوعًا؛ بسبب سهولة الحصول على المعلومات السكانية.

ففي الولايات المتحدة، يوفر مكتب تعداد سكان الولايات المتحدة US Census Bureau قدرًا كبيرًا من البيانات السكانية، وخصوصًا في مناطق المدن ذات الكثافة العالية، ويمكن للباحثين في مجال التسويق استخدام بيانات مكاتب الإحصاء؛ للعثور على مناطق ضمن المدن التي تحتوي على عدد كبير من المستهلكين؛ ذوي الدخل المرتفع، أو من غير المتزوجين، أو من العمال، ذوي الياقات الزرقاء، وهكذا.

لكنْ، ومع أن الحصول على المعلومات السكانية أسهل من سواه من أنواع المعلومات، إلا أن ذلك قد لا تكون -دائمًا- هو أفضل طريقة للتقسيم؛ بسبب محدودية ما يمكن كشفه عن المستهلكين.

أشكال تقسيم السوق الاستهلاكية
الشكل العام لتقسيم السوق خصائصه
التقسيم السكاني. العمر، التعليم، النوع الاجتماعي، الدخل، العِرق، الطبقة الاجتماعية، حجم الأسرة.
التقسيم الجغرافي. الموقع المناطقي، مثل إقليم نيو إنجلاند، ومنطقة منتصف المحيط الأطلنطي، ومنطقة جنوب شرقي الولايات المتحدة، والبحيرات العظمى، ومنطقة السهول الكبرى، ومنطقة الشمال الغربي، وجبال روكي، ومنطقة الغرب الأقصى، والكثافة السكانية: (مدينة، ضاحية، ريف)، مدينة، أو حجم البلد، المناخ.
التقسيم السيكوغرافي أي على أساس العوامل النفسية للسكان. نمط الحياة، الشخصية، الاهتمامات، القيم، والمواقف (الاتجاهات).
التقسيم على أساس المنفعة. المنافع التي تقدمها السلع، أو الخدمات.
التقسيم على أساس الحجم. كمية الاستخدام (خفيف مقابل ثقيل).

الجدول 11.2

تقسيم السوق على أساس العمر بالنسبة لمنتجات فريتوس، ودوريتوس، وتوستيتوس
  الاسم المُشتقّ سنة الإنتاج المكونات الرئيسة التركيبة السكانية التخصص، وفقًا لشركة فريتو لاي Frito-Lay
فريتوس Fritos "رقائق صغيرة مقلية" (إسبانيّة) 1932 ذرة، زيت نباتي، ملح الذكور من سن 33 وحتى 51 "إشباع الجوع"
دوريتوس Doritos "رقائق بطاطس ذهبية" 1964 ذرة، زيت نباتي، جبنة شيدر، ملح مراهقون، غالبيتهم ذكور "تناوُل وجبات خفيفة بجرأة وشجاعة"
توستيتوس Tostitos “رقائق صغيرة محمَّصة" (إسبانية) 1981 ذرة بيضاء، زيت نباتي، ملح المستهلكون الأثرياء المولودون بين عامي 1946 و1964 "التفاعل العادي بين العائلة والأصدقاء… طعامٌ ذو طبيعة اجتماعية يجمع الناس ببعضهم".

الجدول 11.3

ويستهدف العديد من المنتجات مجموعاتٍ عمرية متنوعة؛ فمعظم أنواع أقراص سي دي CD الموسيقية، والمشروبات الغازية، ومنتجات شركة بيبسي Pepsi، والعديد من الأفلام، وسيارة هوندا فيت Honda Fit، والآلاف من المنتجات الأخرى تستهدف المراهقين، والأشخاص تحت سن الخامسة والعشرين، وبالمقابل، تستهدف خدماتُ الرحلات البحرية، والمنتجات الطبية، والمجوهرات الراقية، ومنازل العُطَل، ومنتجات شركة تسلا Tesla، والمنتجات الخاصة بأطقُم الأسنان، تستهدف جميعُها الأشخاصَ من سن الخمسين فما فوق. ويحتوي الجدول 11.3 أعلاه على مثال حول استهداف شركة الأطعمة فريتو لاي Frito Lay فئاتٍ عمريةً متنوعة بمنتجاتها الثلاثة الأكثر شعبية (فريتوس، دوريتوس، توستيتوس).

كما يُعدُّ الدخل طريقة شائعةً أخرى لتقسيم السوق، إذ يؤثّر مستوى الدخل في رغبات المستهلكين، ويحدد قوتهم الشرائية، وتعد المنازل، والملابس، والسيارات من بين العديد من الأسواق التي تُقسَّمُ وفقًا للدخل؛ فأطعمة شركة بدجت غورماي Budget Gourmet المثلّجة تستهدف مجموعات الأشخاص ذات الدخل المنخفض؛ بينما تستهدف شركتا ستوفرز Stouffer's وكاليفورنيا بيتزا كيتشن California Pizza Kitchen، اللتان تنتجان بيتزا مجمَّدة، المستهلكين ذوي الدخل المرتفع.

التقسيم الجغرافي

يُقصَد بالتقسيم الجغرافي Geographic Segmentation تقسيم الأشخاص وفقًا للبلد، أو وفقًا لحجم المدينة، أو البلد، أو كثافة السوق، أو وفقًا للمناخ، وكثافة السوق Market Density أي: عددُ الناس، أو الشركات في منطقةٍ محددة، تُقسِّم معظمُ الشركات أسواقها نقسيمًا جغرافيًّا لتلبيةِ تفضيلات المستهلكين ضمن منطقة معينة، ومراعاة عاداتهم الشرائية، فشركة بيتزا هت Pizza Hut مثلًا، تضع لزبائنها في مناطق شرقي الولايات المتحدة جبنة إضافية، ولزبائنها؛ سكان المناطق الغربية؛ تضع مزيدًا من المكوَّنات، وكلا الأمرين بالنسبة لزبائنها هم سكانِ مناطق وسط الولايات المتحدة.

كما تبيع شركتا السيارات فورد Ford، وشيفروليه Chevrolet عددًا من السيارات -التي تحتوي على صناديق كبيرة من الخلف، ومن قطع تلك السيارات- في المناطق الوسطى من الولايات المتحدة؛ يفوق ما تبيعه في منطقتي الساحل الشرقي والغربي، ويمتد "حزام تلك السيارات" التي تبيعها الشركتان المذكورتان من الغرب الأوسط في الولايات المتحدة، ويتجه جنوبًا عبر ولاية تكساس، وصولًا إلى منطقة دول ساحل الخليج الأمريكي، وتستأثر شركة فورد بمبيعات السيارات في القسم الشمالي من ذلك الحزام، بينما تهيمن شيفروليه على مبيعات القسم الجنوبي منه.

التقسيم النفسي السيكوغرافي

غالبًا ما تساعدُ متغيراتٌ مثل العِرق، والدخل، والمهنة، وسواها من المتغيرات السكانية، في وضع استراتيجياتٍ تسويقية، ولكنها لا تعطي صورة كاملة عن احتياجات المستهلكين، فالخصائص السكانية توفر معلوماتٍ، أو بيانات أساسية، يمكن ملاحظتُها حول الأفراد، ولكن الخصائص النفسية السيكوغرافية تقدِّم معلوماتٍ أساسية غالبًا ما تكون مفيدة جدًا لصياغة رسالةٍ تسويقية متقَنة.

ويمكن تشبيه ذلك بأن خصائص التركيبة السكانية، تمثل الهيكل العظمي في التسويق، أما العوامل النفسية، فتضيف اللحم إلى عظام ذلك الهيكل، ويُعرَّف التقسيم النفسي السيكوغرافي Psychographic Segmentation يعرِّفُ السوق بأنه تجزئة السوق؛ وفقًا للشخصية، ونمط الحياة؛ إذ يجري وفقًا لهذا التقسيم تجميعُ الناس ذوي الأنشطة، والاهتمامات، والآراء المشتركة معًا، ويُعطَون "تسمية نمط حياة"، فعلى سبيل المثال: تقسِّم شركة هارلي- ديفيدسون Harley-Davidson زبائنها إلى سبع فئات ذات أنماط حياة مختلفة، ومنها: "منحرفو السلوك المتغطرسون Cocky Misfits"، الذين يميلون إلى افتعال المشاكل؛ و"محبو التخييم المسترخون Laid-back Camper Types" والملتزمون بركوب الدراجات، وحب الطبيعة؛ و"الرأسماليون؛ ذوو الأناقة، والرقيّ Classy Capitalists" من أصحاب الثروات، والمكانة الرفيعة.

وللموازنة بين التقسيم السكاني للمستهلكين، وبين التقسيم النفسي لهم، يمكن طرح المثال التالي: إذا كان هناك مديران ذكران، فسيضعهما التقسيم السكاني ضمن خانة: "ذكور، ومديرين، وسن الخامسة والثلاثين، ودخل سنوي يبلغ 80 ألف دولار"، فالمسوِّق الذي لم يرَ سوى التقسيم السكاني السابق، للمديرَين المذكورين، قد يصنع إعلانًا واحدًا -فقط- لكليهما، أما لو علمَ ذلك المسوِّق أنَّ أحد المديرَين المذكورَين في المثال، كان رئيسًا لجمعية أصحاب البيوت التي ينتسب إليها، وقائدًا (كابتنًا) لأحد فِرَق رياضة الرغبي Rugby في الدوري، بينما كان المدير الثاني مسؤولًا عن بيع بطاقات دخول الأوبرا، ورئيسًا لإحدى جمعيات أصدقاء المكتبة العامة، فقد يصمم رسائلَه التسويقية تصميمًا مختلفًا تمامًا؛ لتحقق النجاج بصورة أفضل مما لو جعلها رسالة واحدة لكلا المديرين.

التقسيم على أساس المنفعة

يقوم هذا الشكل من أشكال تقسيم السوق على أساس المنفعة؛ التي سيؤديها المنتَج، بدلًا من خصائص المستهلك، فعلى مدى سنواتٍ مضت، كان معجون الأسنان نوعية كريست Crest يستهدف المستهلكين المهتمين بمنع تسوُّسِ أسنانهم، ولكن شركة كريست قد أعادت تقسيم السوق التي تستهدفها؛ فباتت اليوم تقدِّم منتجها كريست العادي، وكريست لمكافحة الجير Crest Tartar Control الذي هو طبقة صفراء تتكون على الأسنان وتؤدي إلى تسوُّسها، وهو منتج موجّه للأشخاص الذين يرغبون في منع التسوس، وتكوُّن طبقة الجير، إضافةً إلى منتج كريست للأطفال؛ يشبه طعمُه طعمَ العلكة، ومنتج آخر يمنع ظهور أمراض اللثة، وهناك منتج آخر لشركة كريست، يسمى كريست توبول Crest Topol، يستهدف الاشخاص الذين يريدون الحصول على أسنان أكثر بياضًا، من دون البقع التي تتركها القهوة، والشاي، وتدخين السجائر، أما معجون الأسنان سنسوداين Sensodyne، فيستهدف الأشخاص ذوي الأسنان شديدة الحساسية.

التقسيم على أساس الحجم

التقسيم على أساس الحجم Volume Segmentation هو الشكل الخامس الرئيس من أشكال تقسيم السوق، ويقوم على أساس كمية المنتجات المشتراة، ولا شك أنَّ لكل منتَج مستهلكون شرِهون، ومعتدلون، ومُقِلُّون، كما أنَّ هناك أشخاصًا لا يستخدمونه مطلقًا، ويعود الفضل إلى المستهلكين الشَّرِهين في شراء قسم كبير من مبيعات منتجِ ما، لذلك، حَريٌّ بشركةٍ ما، أن تستهدفَ شريحة المستهلكين الشرهين ضمن مزيجها التسويقي، فعلى سبيل المثال: يمثل المستهلك الشَّرِه (ذكر يافع، وعَازِب) في قطاع الأطعمة السريعة، واحدًا -فقط- من كل خمسة زبائن، ومع ذلك يقوم ذلك المستهلك بما يزيد على 60% من جميع الزيارات التي يقوم بها المستهلكون إلى مطاعم الوجبات السريعة.

ويُدرِك بائعو التجزئة أنَّ المتسوقين الذين يشترون بكثرة، لا يُنفقون مالًا أكثر فحسب، بل ويزورون كل متجرٍ بوتيرة أعلى من المتسوقين الآخرين -أيضًا- فوسطيًا، يزور أولئك المتسوقون كثيرو التردد على المتاجر محلاتِ البقالة 122 مرة في السنة الواحدة، موازنةً بـ 93 زيارة سنوية من المتسوقين معتدلي الشراء، كما يزورون المتاجر الصغيرة؛ التي تبيع سلعًا يومية، ومحطات الوقود، أكثر من خمس مرات في كثير من الأحيان، وفي كل رحلة يقومون فيها، ينفق المتسوقون؛ الذين يشترون بكثرة، مالًا أكثر من أقرانهم؛ ذوي الشراء المعتدل.

تقسيم سوق الأعمال التجارية

تُقسَّمُ سوق الأعمال التجارية Business Markets بصورة مختلفة عن السوق الاستهلاكية Consumer Markets؛ إذ يمكن تقسيمها على أساس الجغرافيا، أو الحجم، أو المنفعة، تمامًا كما هو الحال في السوق الاستهلاكية، ولكن هناك تقسيمات أخرى لسوق الأعمال التجارية، لا نجدها في الأسواق الاستهلاكية، ومنها التقسيم على أساس استخدام المنتَج، مثل شركة بتروكيماويات لديها شريحة سوقية خاصة بالمشترين الذين يستخدمون متعدد الايثلين، أو بولي إثيلين Polyethylene من أجل لوحات أجهزة القياس، وشريحة أخرى تشمل المستهلكين؛ الذين يستخدمون متعدد الإثيلين لمقاعد سياراتهم، والتقسيم على أساس الوظيفة الشرائية، مثل اللجان الشرائية، ومديري الشراء، وأقسام الشراء، وعلى أساس حجم الزبون: (قسم للمستهلكين الكبار؛ الذين لديهم احتياجات مختلفة، موازنة بالمستهلكين الصغار)، أو على أساس المجال، أو القطاع التجاري، مثل تقسيم أنظمة الطعام إلى مطاعم، أو هيئات حكومية، مثل المدارس، أو القواعد العسكرية، وسوى ذلك من تقسيمات متعلقة بخصائص المستهلكين التجاريين (الشركات).

استخدام بحوث التسويق لخدمة الزبائن الحاليين والعثور على آخرين جدد

كيف تعلمُ الشركاتُ ما الذي يُعدُّ ذا قيمةٍ بالنسبة لزبائنها؟ بفضل بحوث التسويق، يمكن للشركات الوثوق بأنها تعلم تمامًا ما يريده زبائنها، وتُعرَّف بحوث التسويق Marketing Research بأنها: عملية تخطيط البيانات، ذات الصلة بقرارٍ تسويقي، وجمعُها، وتحليلُها؛ ثم إرسال نتائج تحليل تلك البيانات إلى إدارة الشركة، وتتضمن المعلوماتُ التي جُمِعَت خلال إجراء بحوث التسويق، تفضيلاتِ الزبائن، والفوائد الملموسة للمنتَج، وأنماط حياة المستهلكين، كما تساعد بحوثُ التسويق الشركاتِ في تحقيق استخدامٍ أفضل لميزانياتها الخاصة بالتسويق، وهناك مجموعةُ استخداماتٍ لبحوث التسويق، تبدأ من إجراء تعديلاتٍ بسيطة على المنتجات الموجودة، وانتهاءً بإيجاد مفاهيم تسويقية جديدة بالكامل.

فعلى سبيل المثال، كل ما تحتويه مطاعم أوليف غاردن Olive Garden مبنيٌّ على بحوث التسويق، بدءًا بالديكور وانتهاءً بقائمة المشروبات التي لديها، إذ يجري إخضاعُ كلِّ صنفٍ على تلك القائمة لسلسلة من اختبارات الطعم، قبل إضافته إليها بشكل نهائي، وكذلك الأمرُ بالنسبة لبطاقات هولمارك Hallmark Cards التي يستخدم القائمون عليها بحوثَ التسويق لاختبار الرسائل التي تتضمنها، وتصميمات الغلاف، وحتى حجم البطاقة، ويعلم الخبراءُ القائمون على تصميم تلك البطاقات، نوعَ البطاقة الأفضل من بينها، والأماكن التي تناسب كل واحدة، فبطاقات الخِطبة مثلًا؛ تشهد أفضل مبيعات في منطقة شمال شرق الولايات المتحدة؛ حيثُ حفلاتُ الخطوبة شائعةٌ هناك، أما بطاقات أعياد الميلاد المكتوب عليها "Daddy (بابا / أبي/ والدي)"، فتشهد أعلى مبيعاتٍ لها في منطقة جنوب الولايات المتحدة؛ حيث ينادى البالغون حتى الآباء منهم بذلك اللفظ Daddy.

وقد تستخدمُ بحوثُ التسويق البياناتِ الأولية التي تحصل عليها الشركات بنفسها، وتُخضِعها للتحليل، أوِ البيانات الثانوية التي تستخدم فيها الشركاتُ البياناتِ التي سبقَ أن حصلت عليها هيئاتٌ أخرى، ونشَرتْها، في حال كان ممكنًا لها الاستفادة منها لأهدافها الخاصة. وهناك ثلاث طرائق بحثية رئيسة لجمع البيانات الأولية، وهي: الدراسات المسحية Surveys، والبحث عن طريق الملاحظة Observation، والتجربة Experiment.

ففي البحث عن طريق الدراسات المسحية Survey Research، تُجمَع البيانات من المجيبين المشاركين في الدراسة شخصيًا، أو عبر الإنترنت، أو الهاتف، أو بواسطة البريد الإلكتروني، كما يُستخدم في هذا النوع من بحوث التسويق، استباناتٌ تتضمن منهجيةً ذات ترتيب، وهيكلية منظمة لجمع البيانات، أما المقابلات الشخصية مع المستهلكين، فقد تجري في منزل المجيب، أو في مركزٍ تجاري، أو في مكان ما ضمن الشركة.

أما البحث عن طريق الملاحظة Observational Research، فهو البحث الذي يراقب أفعال المجيبين، من دون تفاعلٍ مباشر معهم، إذ بات بإمكان الباحثين في ظل هذا النوع من الأبحاث؛ الذي يشهد نموًا سريعًا؛ استخدامُ آلات تسجيل النقود، المزودة بماسح ضوئي (سكانر) يقرأ الرمز الشريطي الباركود Barcode لتحديد المنتجات التي جرى بيعُها، هذا، وقد أسهم التقدم التقني إسهامًا مطردًا في تطوير البحث عن طريق الملاحظة.

فقد طوَّرت شركةُ البحوث الاستهلاكية؛ التي كانت تسمّى أربيترون Aribtron- أما اليوم فاسمها نيلسن أوديو Nielsen Audio- جهازَ قياسٍ محمولًا للأشخاص People Portable Meter واختصارًا: PPM بحجمَ الهاتف الجوال تقريبًا، يقوم المشاركون في البحث، بربطه إلى أحزمتهم، أو إلى أي قطعة ثياب يرتدون، ويوافقون على ارتدائه طوال وقت استيقاظهم، حيث يضعون ذلك الجهاز قبل النوم، على قاعدةٍ ترسل البياناتِ تلقائيًا إلى شركة نيلسين أوديو (أربيترون سابقًا)، فيخبر ذلك الجهازُ PPM بدقة، الشركةَ التي تُجري البحثَ التسويقي، عن البرامج التلفزيونية التي شاهدها الشخص المشارك في البحث، وكَم من الوقت قد أمضى، كما يسجل ذلك الجهازُ البرامجَ الإذاعية التي استمع إليها الشخص المشارك، وأيَّ برنامجٍ، أو محتوىً جرى بثُّه عبر الإنترنت، وشاهده المشارك، أو استمعَ إليه، والموسيقى التي كانت مُشغَّلة داخل السوبرماركت الذي ارتادَه، أو أيَّ وسائط إلكترونية شاهدها، أوِ اسمتعَ إليها خلال ذلك اليوم؛ الذي كان يرتدي فيه جهازَ PPM المذكور أعلاه.

أما في طريقة بحوث التسويق الثالثة، وهي التجربة Experiment، فيُبدِّلُ الباحثُ واحدًا، أو أكثر من المتغيرات -مثل السعر، أو التغليف، أو التصميم، أو الفراغ في أحد الرفوف، أو موضوع الإعلان، أو نفقات الإعلان- بالتزامن مع ملاحظة تأثيرات تلك المتغيرات على متغيرات أخرى وهي المبيعاتُ عادةً، ويتمثل الهدف من التجربة في قياس السببية، فمثلًا: قد تكشف إحدى التجارب التأثير الذي يُحدِثُه تغيير تصميم تغليف أحد المنتجات على المبيعات منه.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Creating Products and Pricing Strategies to Meet Customers Needs من كتاب introduction to business.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...