تمثل مواقع الويب بوابات ومنافذ للجهات المالكة لها، فالموقع الإلكتروني لشركة أجهزة منزلية ما هو إلا فرع إضافي لمتاجر تلك الشركة على الأرض، أو قد يكون هو المتجر الوحيد الذي تبيع من خلاله أجهزتها وتشحنها إلى عملائها، وقد يكون موقع الكاتب/المترجم/المبرمج الفلاني هو مقر شركته الرقمي الذي يحصل منه على العملاء ويتواصل معهم من خلاله.
وهكذا تكون المواقع على الإنترنت سوقًا موازية للسوق الحقيقي على الأرض، بل تكون أحيانًا هي النسخة الوحيدة من السوق في مجالات قد لا يكون من السهل تحقيق انتشار على الأرض فيها لسبب أو لآخر، ومن هنا تظهر أهمية بناء وبرمجة مواقع الويب وحجم السوق النشط لذلك المجال.
ونقدم في هذه المقالة مدخلًا لغير المتخصصين لشق طريقهم في مجال برمجة المواقع، فنذكر فيها أنواع المواقع الإلكترونية وكيفية تصميمها، ومن ثم بناءها وبرمجتها، واللغات المستخدمة في برمجة مواقع الويب وتطبيقاته، والقسمين الأشهر في هذا المجال، وهما مجال الواجهات الأمامية Front-End والواجهات الخلفية Back-End، وما يكون تحتهما من أقسام فرعية.
مدخل إلى برمجة مواقع الويب
من الجميل في مجال برمجة مواقع الويب أنه من أسهل مجالات البرمجة في تعلمه، وأسرعه في الحصول على منتجات حقيقية -أي مواقع أو تطبيقات كاملة- ولا يحتاج إلى تعلم رياضيات متقدمة أو خوارزميات معقدة من أجل العمل فيه.
وتنقسم برمجة مواقع الويب إلى عدة أقسام رئيسية تمثل وظائف مستقلة، وإن كان السوق فيه تخصصات كثيرة إلا أن تلك الوظائف هي الأشهر، ومنها يستطيع المطور التخصص لاحقًا إن شاء:
-
مصمم واجهة الاستخدام UI Designer: يختص بتصميم الواجهة المرئية التي يتفاعل معها المستخدم ويراها، بما فيها من أزرار وأيقونات وقوائم وغيرها، ويختار الألوان المناسبة لطبيعة الموقع، ويستخدم برامج عدة لتصميم تلك المواقع والأيقونات التي يحتاج إليها.
-
مصمم تجربة الاستخدام UX Designer: يختص بدراسة المستخدمين النهائيين للموقع لفهم احتياجاتهم ومن ثم تصميم تجربة استخدام مناسبة، فيختار أحجام الأزرار وترتيب القوائم والعناصر فيها وعدد النقرات اللازمة للوصول إلى كل عنصر في الصفحة، والتأثيرات السمعية والبصرية المصاحبة لكل نقرة أو إجراء من المستخدم، ومواضع النصوص والوسائط المتعددة وأحجامها وغير هذا، ويجب أن يكون لديه فهم جيد لنظرية الألوان وتأثيرها النفسي على المستخدم. قد يجمع المصمم بين هذا التخصص والتخصص السابق.
-
مبرمج الواجهات الأمامية Front-End Developer: يستلم مبرمج الواجهة الأمامية ملفات التصميم من المصممين ليحولها إلى نسخة حية يتفاعل معها المستخدم، ويستخدم لغات برمجية تعمل في المتصفح مباشرة.
-
مبرمج الواجهات الخلفية Back-End Developer: يكون مسؤولًا عن معالجة البيانات الخاصة بالموقع وتنفيذ الإجراءات التي يتخذها المستخدم عليه (مثل عمليات الشراء والدفع وتسجيل الدخول وكتابة المنشورات وغيرها)، وضمان أمان الموقع وسلامة الخوادم التي تحمل بياناته، وكذلك كفاءة وسرعة عمل الموقع.
متطلبات العمل في برمجة المواقع الإلكترونية
يحتاج من يتعلم كيفية برمجة مواقع الويب -وكذلك أي مجال برمجي آخر- معرفةً جيدة بالإنجليزية بحيث يستطيع قراءتها وكتابتها على الأقل، ذلك أن البنية اللغوية نفسها بالإنجليزية، وأغلب توثيقات اللغات البرمجية والمجتمعات الموجودة حولها تكون بالإنجليزية.
لكن الجميل هنا في حالة المتعلم العربي أن شركة حسوب سعت في الأعوام الماضية لتوفير مصادر عربية لأشهر التوثيقات المتاحة للتقنيات واللغات المستخدمة في تطوير وبرمجة الويب عبر موسوعة حسوب، إضافة إلى الشروح والمقالات والكتب والدورات في أكاديمية حسوب، لتقرب الطريق على من يرغب بالدخول إلى المجالات البرمجية والعمل فيها، فهذا يسهّل كثيرًا على من يرغب بالعمل البرمجي من العرب عما كان الأمر عليه من قبل.
أما ما يحتاجه مبرمج الويب من عتاد فلا يعدو أكثر من حاسوب جيد المواصفات متصل بالإنترنت، فلا تحتاج برمجة مواقع الويب إلى عتاد خاص بها، وأما البرمجيات فتختلف وفقًا للتخصص الذي يريد المبرمج أن يعمل فيه، فمصممو المواقع يستخدمون برمجيات تصميم مرئية ساكنة مثل Adobe Illustrator أو تفاعلية مثل Adobe XD، في حين يستخدم مبرمجو الواجهات الأمامية أو الخلفية لغات برمجية يكتبون شيفراتها في محررات نصية وبيئات برمجة، إضافة إلى متصفحات الويب لا ريب التي يكون لديهم أشهر إصداراتها وأحدثها لاختبار الموقع عليها.
اللغات والأدوات المستخدمة في برمجة مواقع الويب
تنقسم الأدوات المستخدمة في برمجة المواقع إلى قسمين أساسيين هما البرامج واللغات، والغالب على البرامج أن من يستخدمها المصممون، في حين يستخدم المبرمجون اللغات البرمجية المختلفة لبناء المواقع.
أشهر البرامج التي يستخدمها مصمم الويب
لا يوجد برنامج واحد يجمع كل ما يحتاجه مصمم الويب، بل يستخدم عدة برامج وفقًا لما يحتاج إليه المشروع أو الموقع الذي يعمل عليه، ووفقًا كذلك للميزانية المتاحة، ولبيئة العمل التي يعمل فيها، فقد يستخدم برامج مغلقة المصدر من شركة أدوبي Adobe، أو أدوات تصميم تشاركية مثل Figma، أو حتى برامج مفتوحة المصدر مثل Gimp و Inkscape، وفيما يلي أشهر تلك البرامج:
- أدوبي إكس دي XD: أحد برامج التصميم في حزمة أدوبي Adobe، يُستخدم لإنشاء التصاميم المرئية للمواقع والتطبيقات وحتى الألعاب في صورة قريبة للشكل النهائي لها، بحيث تعطي كلًا من العميل والمطور فكرة عن النموذج النهائي للموقع. قد تُستخدم بعض الأدوات الأخرى لهذا الغرض مثل Figma، والتي تتميز عن برامج أدوبي في أنها تطبيقات للعمل المشترك بين المصممين، بنفس مبدأ تطبيقات جوجل السحابية مثلًا.
- أدوبي إليستوريتور Adobe Illustrator: برنامج آخر للتصميم يعتمد على التصاميم المتجهية Vector Graphics التي لا تتأثر جودتها بتكبيرها، يُنشأ به عناصر الموقع من أزرار وقوائم وصفحات وغيرها. قد يُستخدم برنامج Inkscape مفتوح المصدر لذلك الغرض أيضًا، وذلك يتبع بيئة العمل التي يفضلها المصمم، والميزانية المتاحة للمشروع.
- أدوبي فوتوشوب: قد يُستخدم برنامج فوتوشوب PhotoShop الشهير لإنشاء تصميمات المواقع أيضًا، لكن إليستوريتور أفضل بسبب جودة التصميمات التي يخرجها، رغم احتياج مصمم الويب إلى برنامج مثل فوتوشوب -أو Gimp في حالة البرامج مفتوحة المصدر- لمعالجة بعض التصميمات التي يخرجها وإضافة تأثيرات عليها.
أبرز لغات برمجة مواقع الويب
تنقسم اللغات المستخدمة في برمجة الويب إلى قسمين رئيسيين، هما لغات الواجهة الأمامية واللغات المستخدمة لبرمجة الواجهات الخلفية، وفيما يلي أشهر تلك اللغات ووظائفها.
لغات برمجة الواجهة الأمامية Front End
-
HTML: لا تُصنف لغة HTML على أنها لغة برمجية، وإنما هي لغة تصف هيكل صفحة الويب ومواضع العناصر فيها، فهي لغة وصفية تتكون من وسوم بسيطة لكل عنصر من عناصر الصفحة، ولا يستغرق تعلمها بضعة أيام لإتقانها.
-
CSS: تُستخدم لغة CSS في تخصيص مظهر عناصر الموقع من ألوان الخطوط وأحجامها وتأثيرات الانتقال وغيرها، وعليه فهي من لغات برمجة الواجهة الأمامية، وهي سهلة التعلم ويكفي أسبوع مثلًا لإتقانها، ويمكن إنشاء مواقع كاملة باستخدام HTML و CSS فقط.
-
JavaScript: تُستخدم لغة جافاسكربت في إضفاء الحياة على عناصر الموقع، والاستجابة لتفاعلات المستخدم أثناء استخدام الموقع أو التطبيق، ولها الكثير من المكتبات وأطر العمل المبنية عليها والتي يستطيع مبرمج الواجهات الأمامية استخدامها لتسريع عملية إنشاء الموقع، وهي اللغة الأشهر في برمجة مواقع الويب.
لغات برمجة الواجهة الخلفية Back End
- PHP: من أشهر لغات برمجة مواقع الويب وأكثرها استخدامًا، وتُستخدم لبرمجة تطبيقات الويب التي تعمل على الخوادم، أي في الواجهات الخلفية، كما تُبنى بها أنظمة إدارة المحتوى مثل ووردبريس.
- Ruby: لغة برمجة عامة الأغراض يمكن بناء الخوادم ومعالجة البيانات بها وكذلك بناء تطبيقات ويب باستخدام إطار العمل Ruby on Rails.
- Python: لغة برمجة عامة الأغراض كذلك يُستخدم فيها إطار العمل Django أو Flask لبناء تطبيقات الويب.
- JavaScript: كما تُستخدم لغة جافاسكربت في برمجة الواجهات الأمامية فهي كذلك تُستخدم في برمجة الواجهات الخلفية باستخدام إطار العمل Node.js.
تُستخدم لغات برمجة غير هذه التي ذكرناها قطعًا في برمجة مواقع الويب مثل جافا وغيرها، وتخرج أطر عمل جديدة كل فترة مبنية على تلك اللغات، وإنما ذكرنا الأشهر فقط، ويكفي اختيار لغة واحدة في كل قسم وتعلمها ومن ثم تعلم أطر العمل المبنية عليها لاستخدامها، ويتحكم في هذا الاختيار تفضيل المبرمج نفسه وطبيعة المشاريع التي يريد العمل عليها، لكن بأي حال من السهل على من تعلم إحدى اللغات البرمجية أن ينتقل إلى غيرها في خلال بضعة أسابيع، انظر مقال مقدمة إلى أطر عمل تطوير الويب من طرف العميل للاطلاع على أشهر تلك الأطر.
خطوات برمجة مواقع الويب
يبدأ العمل على موقع الويب لعميلك بالاجتماع معه لمعرفة الهدف الذي يريده من الموقع والأقسام والعناصر التي ستكون فيه من أجل تحديد ميزانية للمشروع، وطبيعة المستخدمين النهائيين للموقع لمعرفة الألوان والتصاميم التي يجب استخدامها، ثم تأتي المراحل التالية:
- التصميم: ينشئ مصمم تجربة الاستخدام ومصمم الواجهات المرئية التصميم المرئي للموقع لعرضه على العميل، وعند اعتماده تبدأ مرحلة برمجته.
- برمجة الواجهة الأمامية Front End: يعمل مبرمج الواجهات الأمامية على تحويل التصميمات المرئية إلى موقع حي يتفاعل معه المستخدم ويتنقل بين صفحاته وقوائمه وعناصره، مستخدمًا لغات برمجة الواجهة الأمامية التي ذكرناها.
- برمجة الواجهة الخلفية Back End: ينشئ مبرمج الواجهة الخلفية الخوادم وقواعد البيانات وآليات معالجتها، ويضمن أمان حركة البيانات -خاصة في حالة إجراء معاملات مالية على الموقع-، وسرعة استجابة الموقع لإجراءات المستخدم وكفاءة التشغيل وضمان عمل الموقع لأقصى حد ممكن دون انقطاع، وقد تيسر هذا في الأعوام الأخيرة بعد خدمات الاستضافة السحابية مثل Azure من مايكروسوفت و AWS من أمازون، والتي يستخدمها مبرمج الواجهة الخلفية في تخزين بيانات الموقع عليها مستخدمًا إحدى الحلول التي توفرها تلك الخدمات، وفقًا لحجم الموقع والميزانية المتاحة.
- حجز النطاق والخوادم: يتولى مبرمج الواجهة الخلفية -أو مهندس العمليات DevOps Engineer- في الغالب مهمة حجز النطاق -وهو اسم الموقع مثل google.com- الذي سيستخدمه الموقع وشراؤه من إحدى الشركات التي تقدم هذه الخدمة وكذلك تأجير الخوادم التي سيكون عليها الموقع من Azure أو AWS كما ذكرنا أعلاه.
مصادر تعلم برمجة مواقع الويب
من مزايا العمل في تطوير الويب أنه لا يحتاج إلى شهادة جامعية متخصصة، وأن مصادر تعلمه متاحة عبر الويب بأشكال شتى، ويكفي بناء معرض أعمال جيد بعد تعلم اللغات والأدوات المطلوبة للبدء في العمل فيه عملًا مستقلًا أو عملًا منتظمًا في وظيفة مع شركة.
وتوفر حسوب دورات باللغة العربية الفصحى عالية الجودة، لبرمجة الواجهات الأمامية باستخدام HTML و CSS ولغة JavaScript، وكذلك دورات لبناء تطبيقات الويب باستخدام لغة Ruby و PHP و Python و JavaScript وغيرها، وتحدَّث تلك الدورات كل فترة لتواكب التغيرات في السوق.
ويكون معك في هذه الدورات مدربون محترفون للإجابة على أسئلتك، كما تضمن استرداد قيمة الدورة في خلال ستة أشهر، إضافة إلى معين زاخر بالمقالات والشروح والكتب عالية الجودة في أكاديمية حسوب لنفس المجالات، وتوثيقات اللغات البرمجية نفسها في موسوعة حسوب.
إضافة إلى ما سبق، يزخر الإنترنت بمصادر تعلم أطر العمل ولغات البرمجة، سواء كانت المصادر مجانية أو مدفوعة، ومن المواقع الرسمية لتلك اللغات البرمجية أو من غيرها، ويبقى على المتعلم الجِد في الطلب وتطبيق ما يتعلمه في مشاريع وتطبيقات لصقل خبرته، ويُرجع إلى مقالة المدخل الشامل لتعلم تطوير الويب وبرمجة المواقع للاطلاع على مسارات التعلم والتخصصات المتاحة في مجال تطوير الويب كي تستطيع اختيار المسار المناسب لك، وانظر أيضًا مقال الدليل الشامل لتعلم البرمجة باستخدام المصادر العربية.
خاتمة
صحيح أن تعلم أي مهارة جديدة قد يستغرق بعض الوقت والجهد والمال أحيانًا، إلا أن الاستثمار في مهارة يكثر الطلب عليها مثل البرمجة عمومًا وتطوير مواقع الويب وتطبيقاته خاصة قرار غاية في الحكمة، خاصة في ظل التقلبات الحادثة في السوق وازدياد الطلب على اﻷيدي العاملة التقنية وأتمتة المهام وانتقال السوق إلى فضاء الإنترنت، كما يوفر مصدرًا لكسب الرزق بعملة صعبة مع حرية العمل من المكان الذي تريده في الغالب إذ أن كثيرًا من شركات برمجة المواقع تتيح العمل من المنزل لموظفيها.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.