اذهب إلى المحتوى

تطور الذكاء الاصطناعي تطورًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، وساهم بفعالية في كافة نواحي حياتنا، كما تنوعت الأهداف التي يسعى الذكاء الاصطناعي لتحقيقها من أجل تحسين الكفاءة وزيادة إنتاجيتنا وتوفير حلول مبتكرة للتحديات التي نواجهها نحن البشر في مختلف الصناعات، ونناقش في مقال اليوم أبرز هذه أهداف الذكاء الاصطناعي ونوضح أهم فوائده ومحدودياته.

مفهوم الذكاء الاصطناعي

قبل التعرف على أهداف الذكاء الاصطناعي لنوضح مفهوم الذكاء الاصطناعي وما يسعه فعله. فالذكاء الاصطناعي هو مجال يختص ببناء أجهزة وأنظمة حاسوبية تستطيع التفكير والتعلم والتصرف كالإنسان، كما يمكنها  تحليل البيانات واستخراج نتائج مفيدة منها واتخاذ قرارات فعالة بناء عليها كما لو أن إنسانًا هو من حلل هذه البيانات.

ولعلك تتساءل لماذا نستعين بالذكاء الاصطناعي لمحاكاة طرق تفكيرنا نحن البشر؟ والجواب هو أن الذكاء الاصطناعي يمكننا من تحليل البيانات الضخمة Big Data التي يستحيل على عقلنا البشري استيعابها وفهم العلاقات فيما بينها والأنماط التي تحكمها، وبهذا نستعين بالذكاء الاصطناعي للوصول إلى المعلومات والقرارات المناسبة التي لم نكن لنصل إليها بمفردنا ونطور تطبيقات ذكية لم يكن يتسنى لنا تطويرها دون الاعتماد عليه مثل السيارات ذاتية القيادة، وبرمجيات الترجمة الفورية وغيرها من التطبيقات الذكية الأخرى.

أهمية البيانات لتحقيق أهداف الذكاء الاصطناعي

يعتمد الذكاء الاصطناعي اعتمادًا كليًا على البيانات لتحقيق هذه الأهداف، فالبيانات هي وقود خوارزميات ونماذج الذكاء الاصطناعي، وهي الأدوات التي تمكّننا من اتخاذ قرارات مدروسة، والتعرف على الأنماط، وإجراء التنبؤات. فكلما زادت كمية وجودة البيانات التي تتدرب عليها نماذج الذكاء الاصناعي وكانت أكثر تنوعًا، كلما زادت خبرتها ودقتها في أداء المهام المختلفة.

على سبيل المثال، لا يمكن لأنظمة التعرف على الصور التمييز بين صورة قطة وصور كلب إلا إذا دربناها على عدد كبير من الصور المتنوعة للحيوانات. وبالمثل، تعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي الأخرى مثل الترجمة الآلية والمساعدات الذكية الافتراضية على مجموعات بيانات ضخمة Big Data لتحسين قدرتها على الفهم والتواصل. فالبيانات هي وقود الذكاء الاصطناعي وهي العامل الأساسي لتحقيق أهدافه المختلفة كالأتمتة، والتنبؤ، واتخاذ القرارات وتحقيق النتائج المرجوة منها.

أهداف الذكاء الاصطناعي

تتعدد أهداف الذكاء الاصطناعي، ومن أهمها:

  • أتمتة المهام
  • حل المشكلات
  • تحسين اتخاذ القرارات
  • رفع القدرات البشرية
  • خدمة المجتمعات
  • تعزيز البحث العملي

دعونا نتعمق في استعراض التفاصيل المتعلقة بهذه الأهداف.

أتمتة المهام

من أبرز أهداف الذكاء الاصطناعي أتمتة المهام وإنجازها بسرعة وسهولة وتقليل الحاجة للموارد البشرية مما يوفر الوقت والموارد، فالذكاء الاصطناعي يفيد العاملين في خطوط الإنتاج كالمصانع وغيرها، وفي مواقع تقديم الخدمات، كما يهدف الذكاء الاصطناعي لمساعدة المبرمجين والمطورين على كتابة الشيفرات البرمجية وحل المشكلات، ويساعد العاملين في قطاع الرعاية الصحية على تحليل الصور الطبية وتشخيص الأمراض بدقة وسرعة، ويوفر للمعلمين أدوات مخصصة للتعلم لمساعدة الطلاب على تحسين أدائهم وتطوير مهاراتهم، كما يسهم الذكاء الاصطناعي المتخصصين في مجال التجارة الإلكترونية لتحسين تجربة العملاء من خلال أنظمة التوصية الذكية التي تعتمد على تحليل بيانات السلوك الشرائي مما يزيد المبيعات ويعزز رضا العملاء. كما تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على أتمتة المهام المتكررة مثل إدخال البيانات أو إعداد التقارير الإدارية الشركات على توجيه جهود موظفيها لتنفيذ أعمال أكثر إبداعًا.

حل المشكلات

تهدف نماذج الذكاء الاصطناعي لحل كثير من المشكلات المختلفة، سواء كانت هذه المشكلات برمجية كالمساعدة في كتابة الأكواد وتصحيح الأخطاء البرمجية، أو مشكلات عملية كمساعدة موظفي الموارد البشرية في اختيار أفضل المرشحين للوظائف واتخاذ القرارات المناسبة لسير العمل، أو حل غيرها من المشكلات التي نواجهها في الحياة أو العمل وهذه الأهداف تساعدنا نحن البشر على تخطي العقبات التي تعيق تقدمنا ويساعدنا على زيادة إنتاجيتنا وتسريع وتيرة أعمالنا.

تحسين اتخاذ القرارات

يعد اتخاذ القرارات الذكية أحد أهم وأبرز أهداف الذكاء الاصطناعي، حيث تتيح النماذج الذكية المتقدمة لأصحاب الأعمال اتخاذ قرارات دقيقة وفعالة ترتقي بأعمالهم إلى مستويات أعلى من النجاح. تعتمد هذه النماذج على تحليل شامل لكل جوانب العمل، مما يمكّنها من اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة، تعتمد على كميات هائلة من البيانات والتحليلات الدقيقة، والنتيجة اتخاذ قرارات تتسم بدرجة عالية من الدقة، وتتفوق في كثير من الأحيان على القرارات البشرية التي قد تتأثر بالعاطفة أو نقص المعلومات.

على سبيل المثال، تستخدم كبرى شركات التجارة الإلكترونية أنظمة متقدمة لإدارة سلاسل التوريد، وتساعد على تحليل بيانات المخزون والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية، مما يضمن توفر المنتجات المطلوبة في الوقت المناسب مع تقليل الفاقد. كما أصبحت أنظمة تحليل البيانات المالية أداة أساسية في عالم الاستثمار، إذ توفر رؤى دقيقة لصناديق الاستثمار لاتخاذ قرارات مثالية في شراء وبيع الأسهم، بناءً على تحليل تاريخ السوق والتوقعات المستقبلية.

رفع القدرات البشرية

من أعظم أهداف الذكاء الاصطناعي رفع القدرات البشرية، فهو يمنح البشر أدوات غير مسبوقة لتحقيق ما كان يومًا يبدو مستحيلًا. فالذكاء الاصطناعي لا يحل محل العقل البشري، بل يعززه ويثريه، مما يفتح آفاقًا جديدة للإبداع والابتكار. وعند الجمع بين الإبداع البشري وقدرة الذكاء الاصطناعي على التحليل العميق واستخراج الأنماط، ستظهر فرص هائلة لابتكار منتجات وخدمات تُحسن جودة حياة الإنسان وتحقق مزيدًا من الراحة والرفاهية.

على سبيل المثال، أصبحت روبوتات التنظيف المنزلية الذكية من الأدوات اليومية التي تسهّل الأعمال المنزلية، حيث يمكنها تنظيف الأرضيات بكفاءة دون تدخل بشري. كما مكّنت أنظمة التحكم الصوتي كتلك المستخدمة في المنازل الحديثة المستخدمين من التحكم بالإضاءة ودرجة الحرارة وتشغيل الأجهزة بكلمات بسيطة، مما يوفر الوقت والجهد.

خدمة المجتمعات

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، ومن أهدافه الأساسية خدمة المجمتع ومساعدته على التقدم والتحسن، فمثلًا صرنا نرى في المطارات استخدامات متعددة لأنظمة الذكاء الاصطناعي في تسريع عمليات الفحص الأمني، وروبوتات لتقديم خدمات مخصصة للمسافرين، مثل الإرشادات التفاعلية واستقبال الزوار بلغات متعددة، وكذلك بدأت السيارات ذاتية القيادة في الانتشار رويدًا رويدً ما ساعد على تقليل الحوادث، كما توجد صور أخرى عديدة ومختلفة لخدمة الذكاء الاصطناعي للمجتمعات، مثل الرعاية الصحية والمساعدة في إدارة الميزانية وتحسين الأنظمة الأمنية وغيرها.

تعزيز البحث العملي

صار الذكاء الاصطناعي مساعدًا للعلماء في أبحاثهم العلمية، إذ يساعدهم على نقد جميع جوانب نظرياتهم قبل اختبارها معمليًا وتضييع الموارد هباءً لخطأ مسهو عنه، وكذلك يساعد العلماء على زيادة سرعة تعلمهم للمفاهيم المعقدة، ويساعدهم في تطوير أبحاثهم، ويقدم لهم توصيات مستندة إلى البيانات لتحسين القرارات المتعلقة بالأبحاث العلمية. ولعلَّ أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تدخل في هذا الهدف هي الأنظمة الخبيرة Expert Systems فالنظام الخبير هو محاولة جمع الخبرة البشرية المتعلقة بمجال محدد ليحل محل الخبير، ويمكن القول أنّه برنامج ذكي مصمم لينفذ مهام متعلقة بالخبرة البشرية، وهذا يتضمن التحليل والتشخيص واتخاذ القرارات والتنفيذ أيضًا.

فوائد تحقيق أهداف الذكاء الاصطناعي

من أهم الفوائد التي ستعود علينا من تحقيق أهداف الذكاء الاصطناعي ما يلي:

  • رفع الإنتاجية الفردية والجماعية من خلال أتمتة المهام المتكررة، وتبسيط العمليات في مجالات متعددة مثل خدمة العملاء والصناعات
  • تخصيص التجارب والخدمات وفقًا للاحتياجات الفردية. على سبيل المثال، تساعد أنظمة التوصية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في تقديم محتوى أو منتجات ملائمة بناءً على اهتمامات وسلوك الأفراد، وتعزيز الرعاية الصحية بتصميم خطط علاج فردية
  • تسريع البحث العلمي والابتكار من خلال تسريع العمليات الحسابية المعقدة واختبار الفرضيات المختلفة، مما يوفر الكثير من الوقت والجهد
  • تحسين السلامة والأمان في العديد من المجالات، مثل تقليل حوادث الطرقات عبر السيارات الذاتية القيادة، وكذلك في مجال الأمن السيبراني من خلال الكشف عن الهجمات السيبرانية والتصدي لها
  • تحسين الابتكار من خلال معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعات تفوق القدرة البشرية، مما يسمح لنا باتخاذ قرارات صائبة مدعومة بالبيانات ويعزز ابتكاراتنا في مجالات عديدة كاكتشاف الأدوية والبحث المناخي

الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي

كما أنَّ للذكاء الاصطناعي مميزات وفوائد لا حصر لها، فإنّ له عيوبًا معدودة تجدر الإشارة لها كذلك، ومن أهمها:

  • تهديد الوظائف البشرية
  • التحيز والتمييز
  • فقدان الخصوصية
  • إضعاف القدرات البشرية
  • المسؤولية القانونية والأخلاقية

دعنا نناقش هذه المحدوديات ونتعرفْ على تفاصيلها عن كثب

تهديد الوظائف البشرية

كما لا يخفى على أحدٍ فقد بات الذكاء الاصطناعي يهدد العمالة البشرية تهديدًا كبيرًا، وذلك في شتى المجالات؛ بدءًا من السائقين الذي تستبدلهم السيارات ذاتية القيادة رويدًا رويدًا، مرورًا بالعاملين في مجالات الكتابة والتصميم والتسويق وغيرها، وصولًا إلى المبرمجين أنفسهم الذين صارت أدوات الذكاء الاصطناعي تنوب عنهم في أعمالهم، واستبدلت هذه الأدوات جزءًا كبيرًا منهم، والعمل الذي كان ينجزه فريق صار قادرًا على إنجازه مبرمجٌ واحدٌ مستعينًا بأدوات الذكاء الاصطناعي.

ولكنَّ الأمرَ ليس معتمًا جدًّا، فكما يغلق الذكاء الاصطناعي أبوابًا لبعض الوظائف فإنَّه يفتح أبوابًا أخرى لوظائف جديدة، منها مثلًا وظائف تحليل البيانات وهندسة الذكاء الاصطناعي، ويُتوَقع أن تبدأَ وظائف أخرى في الظهور مع استقرار الذكاء الاصطناعي وتوغله في كل شيءٍ ومع تطوره المستمر، كما حدث عند اختراع الحواسيب؛ حين استبدلت الأنظمة الذكية العمال في المصانع، ثم بعد سنوات قليلة أظهرت لنا هذه الأنظمة حاجة لوظائف لا حصر لها في مجالات الهندسة وغيرها.

التحيز والتمييز

تنتج بعض التحيزات والتمييزات أحيانًا في إجابات الذكاء الاصطناعي ونتائجه، وهو ما يُعرف بمصطلح AI Bias، وتكون هذه التحيزات ناتجة عن تلف في مجموعات بيانات التدريب، أو احتواء مجموعات البيانات على ما يسيء لجماعة معينة عندها سيكون النموذج متحيزًا لأنه سيطلق الأحكام بناء على هذه المجموعة من البيانات.

فقدان الخصوصية

يعتمد الذكاء الاصطناعي كليًّا على البيانات، فبذلك صار التساؤل عن خصوصية بيانات المستخدمين وعن مصير هذه البيانات مطروحًا، ولا تزال الأبحاث قائمةً لتحديد أكثر الطرق الموثوقة لتأمين بيانات المستخدمين، ومنع الذكاء الاصطناعي من استخدام هذه البيانات هذه في مآرب أخرى غير مساعدة المستخدم صاحب البيانات.

إضعاف القدرات البشرية

ذكرنا أن الذكاء الاصطناعي سيزيد من إنتاجية البشر وكفاءتهم، ولكن مع الاعتمادية المفرطة عليه سيزيد كسل البشر، وستقل حاجة الإنسان للتفكير والعمل، وهذا يثير مخاوف حول إمكانية ضعف القدرات البشرية في التفكير والتحليل، وقلة قدراتهم الإبداعية، ولتجنب هذه المشكلة ينصح بالاعتدال في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، فتصير لنا أدوات مساعدة ولا نعتمد عليها اعتمادًا كليًا، بل نستخدمها لتحسين مهاراتنا والمساعدة في البحث واتخاذ القرارات، فلا نستغني بها عن التفكير العميق والابتكار.

المسؤولية القانونية والأخلاقية

تشكل المسؤولية القانونية والأخلاقية أبرز العوامل التي يتوجب مراعاتها في أنظمة الذكاء الاصطناعي، فحينما يرتكب الإنسان جريمة تسهل معاقبته وردعه عن جريمته، لكن ماذا إذا ارتكب الذكاء الاصطناعي جريمة سواءً كانت عن أخطاء تقنية أو بتوجيه بشري دون معرفة صاحب النظام فكيف ستعاقبه السلطات حينها، هذا من الأسئلة التي لا إجابة عليها إلى الآن. لذا من الضروري تطوير أسس قانونية وأخلاقية تضمن أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تُستخدم بشكل آمن وعادل، مع تحديد واضح لمسؤولية الأفعال الناتجة عن هذه الأنظمة.

الخلاصة

تعرفنا في مقال اليوم على أبرز أهداف الذكاء الاصطناعي، وما الفوائد التي سنجنيها من تطبيقه كما ذكرنا بعض التحديات المرتبطة به. والسؤال الذي يطرح نفسه هل يشكّل الذكاء الاصطناعي تهديدًا لنا نحن البشر أم أنه على العكس يسهم في جعل مستقبلنا أكثر سهولة وازدهارًا وتطورًا، وهل من أهداف أخرى تجد أنها مهمة وتستحق أن نسعى لتحقيقها بتطبيقه. نرحب بمشاركاتكم في التعليقات أسفل المقال.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...