قد تبدو لغة SQL أو لغة الاستعلام الهيكلية مُعقدة ومربكة للبعض في البداية، لكن مع التعلم والتعمق في اللغة ستصبح الأمور أوضح وأبسط فلغة SQL هي لغة سهلة التعلم بالعموم، وهي تُستخدم بشكل أساسي لتعريف ومعالجة والاستعلام عن البيانات المُخزنّة في قواعد البيانات العلاقية Relational، التي تعد أحد أشهر أنواع قواعد البيانات والتي تُنظّم البيانات فيها بدقة لتُناسب هيكلية أسطر (سجلات) وأعمدة (حقول) مُحدّدة مُسبقًا بشكل محدد وواضح.
ملاحظة: يمكنك الاطلاع على تفاصيل أكثر حول قواعد البيانات العلاقية، بما في ذلك تاريخها والمفاهيم الرئيسية المُتعلّقة بها واستخداماتها الشائعة، بالعودة إلى المقال السابق فهم قواعد البيانات العلاقية.
وبالعودة إلى موضوعنا، فقد ازدادت شهرة وشعبية لغة SQL منذ ظهورها في السبعينيات، وتوسّعت مجالات استخدامها على نحوٍ كبير منذ ذلك الحين. وتعدّ SQL في أيامنا من أبرز وأنضج اللغات المستخدمة في الاستعلام عن البيانات ومعالجتها في معظم القطاعات ومن أكثر الأدوات شهرةً. وبالتالي، فإن فرصة استخدام لغة SQL في مجال وظيفتك البرمجية كبيرة، فسواء كنت تعمل كمدير لقاعدة بيانات أو مصممًا لها أو مهندس برمجيات أو محلل بيانات، وحتى لو لم تكن تعمل في أي من الوظائف آنفة الذكر فستستفيد بالفعل من فهمك لأساسيات هذه اللغة وإن لم تستخدمها بشكل مباشر.
يُبرز هذا المقال أهمية تعلم لغة SQL، ويشرح كيف وأين يمكنك تطبيق معرفتك لهذه اللغة والاستفادة منها.
لغة SQL منتشرة بشكل واسع في عالم قواعد البيانات العلاقية
إذا تعاملت مع أي قاعدة بيانات علاقية مثل MySQL أو PostgreSQL أو Microsoft SQL أو Oracle SQL أو غيرها الكثير، فستصادف بالتأكيد تعليمات SQL. إذ تُستخدم هذه اللغة على نطاق واسع لتعريف ومعالجة والاستعلام عن البيانات في هذا النوع من قواعد البيانات، فهي الوسيلة الأساسية للتفاعل مع محرك قاعدة البيانات.
وبالرغم من أنّ العديد من أنظمة قواعد البيانات تُقدّم واجهات رسومية سهلة الاستخدام للتعامل مع بنية قاعدة البيانات وتعديل البيانات المُخزّنة فيها، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية تقنية SQL أو يجعلها غير ضرورية. فبالرغم من إمكانية إنجاز المهام البسيطة بسرعة دون الحاجة إلى كتابة تعليمات SQL، ستتطلّب المهام الأعقد في معالجة البيانات أو الاستعلام عنها استخدام لغة SQL لبناء الاستعلامات وجلب البيانات التي تحتاجها بكفاءة مستفيدًا من قوة محرك قاعدة البيانات.
وبالتالي بفهمك للغة SQL، ستتمكن من التعامل بسرعة مع أي نظام قاعدة بيانات علاقية مُستخدم اليوم تقريبًا، ولن تقتصر مهاراتك على برنامج محدد أو جهة عمل معينة.
SQL مُستخدمة أيضًا على نحو واسع في مجالات عديدة أخرى
استطاعت SQL بفضل شهرتها واستخدامها في أنظمة قواعد البيانات العلاقية المُعتَمَدة على نحوٍ متزايد، أن تجد طريقها إلى أنظمة قواعد بيانات وأدوات تحليل بيانات أخرى.
إذ تتمتّع SQL والعديد من اللغات المُشتقّة منها بالدعم في العديد من أنظمة التخزين ومحركات تحليل البيانات وأدوات ذكاء الأعمال وأدوات التنقيب عن البيانات، وحتى في العديد من قواعد البيانات غير العلاقية وقواعد البيانات التحليلية Online analytical processing - OLAP وحلول البيانات الضخمة.
وبغض النظر عن البرمجيات التي قد تصادفها لدى تحليل مجموعات البيانات الكبيرة، فهناك احتمالية عالية بأن تستفيد من معرفتك بلغة SQL للتعامل مع البيانات ضمن تلك الأدوات. إذ ستتمكن من اتباع منهجية مشابهة مع قواعد البيانات المتنوعة، الأمر الذي سيسهل عليك العمل ويجعله أشمل عبر مصادر البيانات المختلفة. وبالتالي تعدّ معرفة SQL من الأدوات الأساسية والضرورية التي يعتمد عليها محللو البيانات وعلماء البيانات على الدوام.
كما تُعد لغة SQL ضمن أول عشر لغات برمجة وفق مؤشر مجتمع البرمجة TIOBE، وهو مؤشر يُظهر شعبية لغات البرمجة وانتشارها.
تساعدك لغة SQL في التواصل مع الآخرين بخصوص البيانات
لربما تُمثّل مناقشة البيانات تحديًا في العديد من الأحيان، فقد يفهم الأشخاص اللغة المحكية بطرق مختلفة قليلًا عما هو مطلوب، ما يُنشئ غموضًا قد يؤدي بدوره إلى سوء الفهم وأخطاء في التواصل. ولكن بمعرفتك لأساسيات SQL، كفهم كيفية هيكلة البيانات وكيفية الاستعلام عنها بنفسك، وستكون أدق لدى التواصل مع زملائك وأعضاء فريقك.
فحتى إن لم تكن تنوي كتابة تعليمات SQL بنفسك، يمكنك استخدام خبرتك فيها لتوضيح متطلباتك وتوقعاتك بدقة. كما ستكون قادرًا على تحديد المشكلات المتعلقة بالبيانات التي تتلقاها، وتقديم تغذية راجعة واضحة وعملية لمحللي البيانات الذين يساعدونك في إعداد تلك البيانات.
وبالتالي، يمكنك النظر إلى SQL على أنها لغة مشتركة يفهمها الجميع في عالم البيانات. فحتى إن لم تستخدمها على نحوٍ مباشر، فإن الاستناد إلى المفاهيم المُستمدّة منها ستجعل تواصلك بخصوص البيانات أدق وأوضح.
تساعدك لغة SQL في تصميم قواعد بيانات أفضل
من الضروري لدى تكليفك بتصميم قاعدة بيانات، أن تأخذ أنماط البيانات التي ستُخزّن وكيفية الوصول إليها أو التعامل معها مُستقبلًا في الحسبان. فبالرغم أنّه من الممكن بالطبع تصميم قواعد البيانات اعتمادًا على الفهم الجيد لنظرية تصميم قواعد البيانات فقط، إلّا أنّ الانتقال من التصميم النظري إلى قاعدة البيانات الفعلية قد يكون صعبًا، وستعترض المصمم مفاجآت غير متوقعة في الغالب.
إذ سيُستخدم نوع من استعلامات SQL مع كل عملية استرجاع بيانات من قاعدة البيانات، وسواءً كتبت هذه الاستعلامات من قبل مُحلل البيانات أو أُنشئت عبر برمجيات مُتخصّصة. فإن فهمك لأنماط الاستخدام المطلوبة ومعرفتك لكيفية ترجمتها إلى استعلامات SQL قابلة للتنفيذ، سيمكنك من فهم كيفية وصول SQL إلى قاعدة البيانات الأساسية لاسترداد البيانات، وما الذي سيتعين على محرّك قاعدة البيانات إنجازه كاستجابةً لهذا الاستعلام.
وبالتالي، يمكنك تصميم قواعد بيانات تلبي الغرض المطلوب باستخدام المعرفة التي اكتسبتها. وبمراعاتك لحالات الاستخدام التي يجب أن تدعمها قاعدة البيانات، يمكنك اختيار هيكلية لها تُسهّل إجراء استعلامات أبسط وأكفأ تُناسب سيناريوهات الاستخدام الشائعة.
كما يمكنك هيكلة الجداول على نحوٍ مدروس، مُسهلًا الوصول إلى البيانات باستخدام أنماط البيانات والعلاقات المُعتمدة على المفاتيح الخارجية والفهارس. بمعنى أنّك ستتعلم كيفية تصميم قواعد بيانات تُناسب أهدافك على نحوٍ أفضل.
تساعدك لغة SQL في كتابة تطبيقات أفضل
تستفيد العديد من أطُر التطوير الحديثة مثل أطُر تطوير الويب المشهورة لارافيل Laravel أو Symfony أو جانغو Django أو Ruby on Rails من طبقات تجريد البيانات، لاسيما أدوات التخطيط بين الكائنات وقواعد البيانات العلاقيَّة object-relational mappers إذ تهدف هذه الأدوات إلى تبسيط عملية الوصول إلى البيانات وتقديمها بشكل مبسّط للمبرمج. فبينما توفر هذه الأطُر طرقًا بديلة للتفاعل مع البيانات اعتمادًا على التعليمات البرمجية البسيطة الخاصّة بها موفرّةً البيانات التي تطلبها بسلاسة، إلا أن فهمك للغة SQL سيمكّنك من التعامل مع البيانات بشكل أكثر فعالية ودقة، حتى وإن لم تستخدم SQL مباشرة في عملية التطوير.
فبغض النظر عن العديد من الاختصارات والسهولة الكبيرة التي تقدمها أطر العمل، فإنها تُبنى استعلامات في محرك قاعدة البيانات الأساسي باستخدام جمل SQL خلف الكواليس من المدخلات الخاصة بك. وبالتالي فإن فهم كيفية عمل SQL يمكن أن يساعدك في استخدام ميزات الإطار البرمجي الذي اخترته لجعل الاستعلامات أسرع وأكثر فعالية، وبهذا يمكنك الاعتماد على معرفتك بكيفية بناء الإطار للاستعلامات في توجيه بنائها وتنفيذها على نحوٍ أمثل وصولًا إلى البيانات المطلوبة.
ناهيك عن إمكانية تصحيح أي مشكلات في الاستعلام عن البيانات ومعالجتها على نحوٍ أسهل. فغالبًا ما تُعيد محركات قواعد البيانات أخطاء تُشير إلى الجزء الذي فشل من الاستعلام المُنفّذ فعليًا باستخدام SQL. وبالرغم من دقة هذه الأخطاء، يبقى تحديد مصدر المشكلة ضمن الصياغة الخاصة بالإطار المستخدم أمرًا صعبًا، ولكن فهمك لأخطاء قواعد البيانات سيمكنك من تحديد المشكلة بدقة.
وأخيرًا وليس آخرًا، ستكون أكثر وعيًا بالمخاطر الأمنية الناتجة عن استخدام استعلامات SQL على نحوٍ غير صحيح وخطير، مثل هجمات حقن SQL، كما ستكون قادرًا على مواجهتها والتصدي لها.
فبفضل معرفتك بلغة SQL، ستمتلك السيطرة الكاملة على كيفية الوصول إلى البيانات، سواء قررت استخدام SQL مباشرةً أو اخترت العمل مع طبقات التجريد وأدوات التخطيط بين الكائنات وقواعد البيانات العلاقية ضمن الأطُر البرمجية.
لغة SQL سهلة التعلم للمبتدئين
هناك العديد من الفوائد المرتبطة بفهم وتطبيق لغة الاستعلام الهيكلية في الواقع العملي. ولعلّ أحد أبرز ما يميزها هو سهولة تعلمها للمبتدئين. إذ تمتاز هذه اللغة بوضوحها ودقتها واستخدامها لكلمات إنجليزية شائعة كأسماء للعمليات والمُرشحات (عوامل التصفية) وغيرها من الواصفات (العناصر التي تغير أو تحدد سلوك الاستعلام). فيمكنك قراءة استعلامات SQL في كثير من الأحيان على هيئة جمل مكتوبة باللغة الإنجليزية، ما يجعلها مفهومة حتى دون وجود خلفية برمجية.
ربما تجد بعض الجوانب الصعبة والمعقدة في اللغة والتي تحتاج إلى جهد لفهمها والتمرن عليها. ولكن بالمقابل يمكنك فهم وتعلم أساسيات لغة SQL بشكل ميسر. ومع استخدامك المتواصل لها في عملك اليومي، ستصبح عملية تعلم الأمور الأصعب أكثر فعالية لأنها تتم وفقًا لاحتياجاتك الفعلية للبيانات. وبالتالي يمكنك البدء مع أساسيات SQL، ومن ثم تطوير فهمك للغة تدريجيًا كلما احتجت لاستخدام طرق استعلام جديدة. والجيد في الأمر أنّ إجراء التجارب والتعامل مع SQL أثناء الاستعلام عن البيانات أمر سهل وخالٍ من المخاطر من ناحية فقدان البيانات، ما يوفّر لك الشعور بالأمان والراحة أثناء رحلة التعلّم.
ستحصل بتعلمك للغة SQL على فوائد تتجاوز بكثير الوقت المستغرق في ذلك، وتكتسب طرقًا جديدة لاسترجاع البيانات من عدة المصادر وتحليلها وتحقق الاكتفاء الذاتي في حاجتك لتحليل البيانات، ما يفتح آفاق وظيفية جديدة في مجالات متعددة.
الخلاصة
غدت لغة SQL أكثر لغات الاستعلام عن البيانات ومعالجتها شيوعًا وشهرة بفضل مرونتها وسهولة استخدامها وتطبيقها في مجالات متعددة ذات صلة بالبيانات. وبالتالي، سيوفر لك تعلمها العديد من الفوائد الجليّة، حتى وإن لم تكن وظيفتك الرئيسية مرتبطة مباشرةً بقواعد البيانات أو بتطوير البرمجيات.
ترجمة -وبتصرف- للمقال Why You Should Learn SQL لصاحبه Mateusz Papiernik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.