اذهب إلى المحتوى

يمكن القول بأن الذاكرة الوهمية Virtual Memory هي طريقة لتوسيع الذاكرة RAM من خلال استخدام القرص الصلب بوصفه ذاكرة نظام إضافية ولكنها أبطأ، أي ينتقل النظام إلى القرص الصلب الذي يُستخدَم بوصفه ذاكرةً وهمية بمجرد نفاد الذاكرة في نظامك.

يُشار إلى الذاكرة الوهمية عادةً في أنظمة التشغيل الحديثة باسم ذاكرة سواب Swap Space، لأن الأجزاء غير المُستخدَمة من الذاكرة تُبعَد إلى القرص الصلب لتحرير الذاكرة الرئيسية، إذ لا يمكن تنفيذ البرامج إلا من الذاكرة الرئيسية. تُعَد القدرة على إبعاد الذاكرة إلى القرص الصلب أمرًا مهمًا، ولكنها ليست الغرض الأساسي للذاكرة الوهمية، بل لها تأثيرٌ آخر مفيد للغاية سنراه لاحقًا.

ما هي الذاكرة الوهمية Virtual Memory؟

تدور الذاكرة الوهمية حول فكرة الاستفادة من فضاء العناوين Address Space، حيث يشير فضاء العناوين الخاص بالمعالج إلى مجال العناوين المُحتمَلة التي يمكن استخدامها عند التحميل والتخزين في الذاكرة. يُعَد فضاء العناوين محدودًا بعرض المسجّلات Registers، لأننا نحتاج لتحميل عنوانٍ إطلاقَ تعليمة تحميل load مع العنوان الذي سيُحمَّل منه العنوان المُخزَّن في المسجّل، إذ يمكن مثلًا أن تحتوي المسجلات التي يبلغ عرضها 32 بتًا على عناوين في مجال المسجل من 0x00000000 إلى 0xFFFFFFF. يساوي 2‎32‎ ما مقداره 4 جيجابايت، لذلك يمكن للمعالج ذي 32 بت تحميلُ أو تخزين ما يصل إلى 4 جيجابايتات من الذاكرة.

المعالجات ذات 64 بتا

جميع المعالجات الجديدة هي معالجات 64 بتًا التي -كما يوحي اسمها- تحتوي على مسجّلات بعرض 64 بتًا، حيث يكون فضاء العناوين المتاح لهذه المعالجات كبيرًا.

تحتوي المعالجات ذات 64 بت على بعض المقايضات مقابل استخدام معالجات ذات عرض بتات أصغر، حيث يتطلب كل برنامجٍ مُصرَّفٍ Compiled في وضع 64 بتًا مؤشرات حجمها 8 بايتات، والتي يمكن أن تزيد من حجم الشيفرة البرمجية والبيانات، وبالتالي تؤثر على أداء كل من الذاكرة المخبئة الخاصة بالتعليمة والبيانات، ولكن تميل معالجات 64 بت إلى الحصول على عدد أكبر من المسجلات، مما يعني تقليل الحاجة إلى حفظ المتغيرات المؤقتة في الذاكرة عندما يكون المصرّف Compiler واقعًا تحت الضغط القادم من المسجّلات.

العناوين المعيارية Canonical Addresses

تحتوي معالجات 64 بت على مسجلات بعرض 64 بتًا، ولكن لا تطبّق الأنظمة جميع هذه 64 بتًا للعنونة، إذ لا يُعَد تحميل load أو تخزين store كل 16 إكسابايت من الذاكرة الحقيقية أمرًا ممكنًا. لذا تحدّد معظم المعماريات منطقةً غير قابلة للاستخدام Unimplemented من فضاء العناوين التي يَعُدّها المعالج غير صالحة للاستخدام.

تعرِّف كلٌّ من المعماريتين x86-64 وإيتانيوم Itanium البت الصالح الأكثر أهمية في العنوان، ويجب بعد ذلك تمديد إشارته لإنشاء عنوان صالح، والنتيجة هي تقسيم إجمالي فضاء العناوين بفعالية إلى جزأين هما: جزء علوي وجزء سفلي مع وجود عناوين غير صالحة بينهما، وهذا موضح في الشكل الآتي. تُسمَّى العناوين الصالحة عنواين معيارية Canonical Addresses، بينما تُسمَّى العناوين غير الصالحة عناوين غير معيارية Non-canonical.

العناوين المعيارية Canonical Addresses

يمكن العثور على قيمة البت الأكثر أهمية للمعالج من خلال الاستعلام عن المعالج نفسه باستخدام تعليمة الحصول على المعلومات. ستكون قيمة البت الأكثر أهمية 48 بالرغم من أن القيمة الدقيقة تعتمد على التقديم Implementation، مما يؤدي إلى توفير 2‎48‎ = 256 تيرابايت TiB من فضاء العناوين القابلة للاستخدام.

يُعَد تقليل فضاء العناوين المُحتمَل أنه يمكن تحقيق توفيرٍ كبير مع جميع أجزاء منطق العنونة في المعالج والمكونات ذات الصلة، لأنها تعلم أنها لن تحتاج للتعامل مع عناوين 64 بت كاملة. يحدّد التقديمُ البتات العليا على أنه يجب تمديد إشارتها، مما يؤدي إلى منع أنظمة التشغيل القابلة للنقل التي تستخدم هذه البتات لتخزين أو تحديد المعلومات الإضافية وضمان التوافق عند الرغبة في تقديم مزيدٍ من فضاء العناوين مستقبلًا.

استخدام فضاء العناوين Address space

تعمل الذاكرة الافتراضية -كما هو الحال مع معظم مكونات نظام التشغيل- بوصفها تجريدًا بين فضاء العناوين والذاكرة الحقيقية المتوفرة في النظام، أي إذا استخدم برنامجٌ ما عنوانًا، فلن يشير العنوان إلى البتات الموجودة في الموقع الفعلي الحقيقي في الذاكرة، لذا نقول أن جميع العناوين التي يستخدمها البرنامج هي عناوين وهمية. يتعقّب نظام التشغيل العناوين الوهمية وكيفية تخصيصها للعناوين الحقيقية، فإذا طبّق أحد البرامج عملية تحميل أو تخزين من عنوانٍ ما، فسيعمل المعالج ونظام التشغيل مع بعضهما البعض لتحويل هذا العنوان الوهمي إلى العنوان الحقيقي في شرائح ذاكرة النظام.

الصفحات Pages

يُقسَم إجمالي فضاء العناوين إلى صفحات Pages. يمكن أن تكون الصفحات بأحجام مختلفة، حيث يمكن أن يبلغ حجمها حوالي 4 كيلوبايت KiB، ولكنها ليست قاعدة صارمة ويمكن أن تكون أكبر بكثير ولكنها ليست أصغر من ذلك. تُعَد الصفحة أصغر وحدة ذاكرة يمكن لنظام التشغيل والعتاد التعامل معها.

تحتوي كل صفحة على عدد من السمات التي يضبطها نظام التشغيل، وتشمل أذونات القراءة والكتابة والتنفيذ للصفحة الحالية، حيث يمكن لنظام التشغيل مثلًا تمييز صفحات الشيفرة البرمجية لعمليةٍ ما باستخدام راية قابلة للتنفيذ ويمكن للمعالج اختيار عدم تنفيذ أيّ شيفرة برمجية من الصفحات بدون ضبط هذه البتات.

تقسيم إجمالي فضاء العناوين إلى صفحات Pages

يمكن أن يفكر المبرمجون في هذه المرحلة في أنه يمكنهم بسهولة تخصيص كميات صغيرة من الذاكرة -أي أصغر بكثير من 4 كيلوبايتات- باستخدام الاستدعاء malloc أو استدعاءات مماثلة. تدعم عمليات تخصيص حجم الصفحة كومةَ Heap الذاكرة، حيث يقسمها تقديم الاستدعاء malloc ويديرها بطريقة فعّالة.

الذاكرة الحقيقية Physical Memory

يقسم نظام التشغيل فضاء العناوين المُحتمَلة إلى صفحات Pages، ويقسم الذاكرة الحقيقية المتاحة إلى إطارات Frames، حيث يُعَد الإطار الاسم التقليدي لقطعة كبيرة من الذاكرة الحقيقية لها حجم صفحة النظام نفسها.

يحتفظ نظام التشغيل بجدول الإطارات Frame-table الذي يُعَد قائمةً بجميع الصفحات المُحتمَلة للذاكرة الحقيقية ويحدد ما إذا كانت حرةً أو متاحة للتخصيص أم لا. إذا خُصِّصت الذاكرة لعمليةٍ ما، فستُميَّز على أنها مُستخدَمة في جدول الإطارات، وبذلك يتعقّب نظام التشغيل جميع عمليات تخصيص الذاكرة. يعرف نظام التشغيل الذاكرة المتوفرة من خلال تمرير المعلومات الخاصة بمكان وجود الذاكرة ومقدارها وسماتها وغير ذلك إلى نظام التشغيل باستخدام نظام BIOS أثناء عملية التهيئة Initialisation.

جداول الصفحات

تتمثل مهمة نظام التشغيل في تعقّب نقاط الصفحة الوهمية المقابلة للإطار الحقيقي، حيث يجري الاحتفاظ بهذه المعلومات في جدول صفحات. يمكن أن يكون جدول الصفحات في أبسط أشكاله جدولًا يحتوي كل صف فيه على الإطار المرتبط به، وهذا ما يسمى بجدول الصفحات الخطي Linear Page-table. وإن استخدمتَ هذا النظام البسيط مع فضاء عناوين بحجم 32 بتًا وصفحات بحجم 4 كيلوبايت، فسيكون هناك 1048576 صفحة يمكن تعقّبها في جدول الصفحات (أي 2‎32 ÷ 4096)، وبالتالي سيكون طول الجدول 1048576 مدخلةً لضمان أنه يمكننا دائمًا ربط صفحة وهمية مع صفحة حقيقية.

يمكن أن تحتوي جداول الصفحات على العديد من البنى المختلفة ويمكن تحسينها بدرجة كبيرة، إذ يمكن أن تستغرق عملية البحث عن صفحة في جدول الصفحات وقتًا طويلًا. سنتطرق إلى جدول الصفحات بمزيد من التفصيل لاحقًا.

يخضع جدول صفحات العملية لتحكم نظام التشغيل الحصري، فإذا طلبت إحدى العمليات ذاكرةً، فسيجد نظام التشغيل صفحة خالية من الذاكرة الحقيقية ويسجّل ترجمة الصفحة الوهمية إلى الصفحة الحقيقية Virtual-to-physical في جدول صفحات العمليات. بينما إن تخلت العملية عن الذاكرة، فسيُزال سجل ترجمة الصفحة الوهمية إلى الصفحة الحقيقية ويصبح الإطار الأساسي حرًا لتخصيصه لعملية أخرى.

العناوين الوهمية Virtual Address

لا يعرف أو يهتم البرنامج عند وصوله إلى الذاكرة بمكان تخزين الذاكرة الحقيقية التي تدعم العنوان، ولكنه يعرف أن الأمر متروك لنظام التشغيل والعتاد، بحيث يتعاونان للربط مع العنوان الحقيقي الصحيح وبالتالي توفير الوصول إلى البيانات التي يريدها. لذا نطلق على العنوان الذي يستخدمه البرنامج للوصول إلى الذاكرة عنوانًا وهميًا Virtual Address الذي يتكون من جزأين هما: الصفحة Page والإزاحة Offset في هذه الصفحة.

الصفحة

يُقسَم فضاء العناوين المُحتمَل إلى صفحات ذات حجم ثابت، حيث يتواجد كل عنوان ضمن صفحة، ويعمل مكون الصفحة الخاص بالعنوان الوهمي بوصفه فهرسًا إلى جدول الصفحات. تُعَد الصفحة أصغر وحدة لتخصيص الذاكرة في النظام، لذلك هناك مقايضة بين جعل الصفحات صغيرة جدًا مع وجود عدد كبير جدًا منها ليديرها نظام التشغيل وبين جعل الصفحات أكبر مع وجود احتمال في هدر الذاكرة.

الإزاحة Offset

تُسمَّى البتات الأخيرة من العنوان الوهمي بالإزاحة Offset التي تعبّر عن الفرق في الموقع بين عنوان البايت الذي تريده وبداية الصفحة، إذ يجب وجود بتات كافية في الإزاحة لتتمكن من الوصول إلى أيّ بايت في الصفحة، حيث تحتاج بالنسبة لصفحة بحجم 4 كيلوبايتات إلى 12 بتًا للإزاحة حيث 4K = 4 * 1024 = 4096 = 2‎12‎. تذكر أن أقل قدر من الذاكرة يتعامل معه نظام التشغيل أو العتاد يساوي صفحة، لذا يوجد كل بتٍ من 4096 بايتًا ضمن صفحة واحدة ويجري التعامل معها على أنها كتلة واحدة.

ترجمة العنوان الوهمي Virtual Address

تشير ترجمة العناوين الوهمية إلى عملية اكتشاف الصفحة الحقيقية المربوطة مع الصفحة الوهمية. سنتعامل فقط مع رقم الصفحة عند ترجمة عنوان وهمي إلى عنوان حقيقي، حيث نأخذ رقم الصفحة من العنوان المُعطَى ونبحث عنه في جدول الصفحات للعثور على مؤشر إلى عنوان حقيقي مع إضافة الإزاحة من العنوان الوهمي إليه، مما يؤدي إلى إعطاء الموقع الفعلي في نظام الذاكرة.

تخضع جداول الصفحات لسيطرة نظام التشغيل، فإن لم يكن العنوان الوهمي موجودًا في جدول الصفحات، فسيعرف نظام التشغيل أن العملية تحاول الوصول إلى الذاكرة التي ليست مخصَّصةً لها ولن يُسمَح لها بالوصول.

ترجمة العنوان الوهمي

ترجمة العنوان الوهمي

يوضّح المثال السابق جدول صفحات خطي بسيط، حيث سيتطلب فضاء العناوين ذو 32 بتًا جدولًا مؤلفًا من 1048576 مدخلةً عند استخدام صفحات بحجم 4 كيلوبايتات، وبالتالي ستكون الخطوة الأولى لربط العنوان 0x80001234 هي إزالة بتات الإزاحة. نعلم في هذه الحالة أن لدينا 12 بتًا (2‎12‎ = 4096) من الإزاحة مع صفحات بحجم 4 كيلوبايتات. لذا سنزيح 12 بتًا من العنوان الوهمي إزاحةً يمنى، وبالتالي يبقى لدينا 0x80001، وستكون القيمة العشرية الموجودة في السطر رقم 524289 من جدول الصفحات الخطي هي الإطار الحقيقي المقابل لهذه الصفحة.

يمكن أن ترى مشكلة في جدول الصفحات الخطي، حيث يجب حساب كل صفحة سواء كانت قيد الاستخدام أم لا، وبالتالي لا يُعَد جدول الصفحات الخطي الحقيقي عمليًا تمامًا مع فضاء عناوين 64 بت. ضع في حساباتك فضاء عناوين 64 بت المقسَّم إلى صفحات مؤلفة من 64 كيلوبايت (كبيرة جدًا)، حيث ينشئ هذا الفضاء 2‎64/2‎16=2‎52‎ صفحة لإدارتها. لنفترض أن كل صفحة تتطلب مؤشرًا بحجم 8 بايتات لموقع حقيقي، فسيتطلب ذلك 2‎52*2‎3=2‎55‎ أو 512 جيجابايت GiB من الذاكرة المتجاورة لجدول الصفحات فقط.

مفاهيم متعلقة بالعناوين الوهمية والصفحات وجداول الصفحات

تُعَد العناوين الوهمية والصفحات وجداول الصفحات أساس كل نظام تشغيل حديث، لأنها تشكّل أساس معظم الأشياء التي نستخدم أنظمتنا من أجلها.

فضاءات العناوين المفردة

يمكن لكل عملية التظاهر بأنها تستطيع الوصول إلى فضاء العناوين الكامل المتاح من المعالج من خلال إعطاء كل عملية جدول صفحات خاص بها، إذ يمكن أن تستخدم عمليتان العنوان نفسه، حيث ستربط جداولُ الصفحات المختلفة العمليةَ مع إطار مختلف من الذاكرة الحقيقية، إذ توفّر أنظمة التشغيل الحديثة لكل عمليةٍ فضاءَ عناوين خاص بها.

تصبح الذاكرة الحقيقية مجزأة Fragmented بمرور الوقت، مما يعني أن هناك ثقوب في الفضاء الحر من الذاكرة الحقيقية.

سيكون الاضطرار إلى حل مشكلة هذه الثقوب أمرًا مزعجًا في أحسن الأحوال ولكنه سيصبح أمرًا خطيرًا للمبرمجين، فإذا نفّذتَ الاستدعاء malloc لتخصيص 8 كيلوبايتات من الذاكرة مثلًا، فسيتطلب ذلك دعم إطارين بحجم 4 كيلوبايتات، وبالتالي لن تكون هذه الإطارات متجاورة، أي بجوار بعضها البعض فعليًا. لا يُعَد استخدام العناوين الوهمية أمرًا مهمًا بقدر ما يتعلق الأمر باحتواء العملية على 8 كيلوبايت من الذاكرة المتجاورة، حتى لو كانت هذه الصفحات مدعومة بإطارات متباعدة جدًا. يمكن للمبرمج ترك مهمة حل مشكلة التجزئة لنظام التشغيل من خلال إسناد فضاء عناوين وهمية لكل عملية.

الحماية

يُدعَى الوضع الوهمي للمعالج 386 بالوضع المحمي Protected Mode، وينشأ هذا الاسم من الحماية التي يمكن أن توفرها الذاكرة الوهمية للعمليات التي تعمل عليها.

تتمتع كل عملية في نظام بدون ذاكرة وهمية بوصولٍ كامل إلى ذاكرة النظام بأكملها، وهذا يعني أنه لا يوجد شيء يمنع عمليةً ما من الكتابة فوق ذاكرة عمليات أخرى، مما يؤدي إلى تعطّلها أو إعادة قيم غير صحيحة في أسوأ الأحوال خاصة إذا كان هذا البرنامج يدير حسابك المصرفي مثلًا. لذا يجب توفير هذا المستوى من الحماية لأن نظام التشغيل يُعَد طبقة تجريد بين العملية والوصول إلى الذاكرة، فإذا أعطت العملية عنوانًا وهميًا لا يغطيه جدول الصفحات الخاص بها، فسيعلم نظام التشغيل أن هذه العملية تطبّق شيئًا خاطئًا ويمكنه إبلاغ العملية أنها تعدّت حدودها.

تمتلك كل صفحة سمات إضافية، لذا يمكن ضبط الصفحة للقراءة فقط أو للكتابة فقط أو غيرها من الخاصيات الأخرى. إذا حاولت العملية الوصول إلى الصفحة، فيمكن لنظام التشغيل التحقق مما إذا كان لديها أذونات كافية وإيقافها إن لم تكن كذلك مثل محاولة الكتابة في صفحة للقراءة فقط.

تُعَد الأنظمة التي تستخدم الذاكرة الوهمية أكثر استقرارًا لأنه يمكن للعملية في نظام تشغيل مثالي أن تعطّل نفسها فقط دون تعطيل النظام بأكمله، حيث تُبرمَج أنظمة تشغيل مع تجاهل الأخطاء التي يمكن أن تتسبّب في تعطل الأنظمة بأكملها.

التبديل Swap

يمكننا الآن أن نرى كيفية تقديم تبديل ذاكرة، حيث يمكن تغيير مؤشر الصفحة ليؤشّر إلى موقع على القرص الصلب بدلًا من التأشير إلى منطقة من ذاكرة النظام. يحتاج نظام التشغيل عند الرجوع إلى هذه الصفحة إلى نقلها من القرص الصلب إلى ذاكرة النظام، إذ لا يمكن تنفيذ شيفرة البرنامج إلا من ذاكرة النظام. إذا كانت ذاكرة النظام ممتلئة، فيجب إخراج صفحة أخرى من ذاكرة النظام وتبديلها بالقرص الصلب قبل وضع الصفحة المطلوبة في الذاكرة. إذا كانت هناك عملية أخرى تريد الصفحة التي أُخرِجت للتو، فستتكرر هذه العملية مرةً أخرى.

يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشكلةٍ كبيرة في تبديل الذاكرة، حيث يُعَد التحميل من القرص الصلب بطيئًا جدًا بالموازنة مع العمليات التي تُنجَز في الذاكرة، وسيكون معظم الناس متآلفين مع فكرة الجلوس أمام الحاسوب أثناء توقف القرص الصلب مرارًا وتكرارًا مع بقاء النظام غير مستجيب.

mmap

تُعَد عملية ربط الذاكرة Memory Map أو mmap (من اسم استدعاء النظام) عمليةً مختلفة ولكنها ذات صلة، حيث إن لم يؤشّر جدول الصفحات إلى الذاكرة الحقيقية أو لم يؤشّر تبديل جدول الصفحات إلى ملف على القرص الصلب، فسنقول أن الملف مربوط بالذاكرة mmap.

تحتاج عادةً إلى فتح open ملف على القرص الصلب للحصول على واصف الملف ثم قراءته read وكتابته write في صيغة تسلسلية. إذا كان الملف مربوطًا بالذاكرة، فيمكن الوصول إليه مثل الذاكرة RAM الخاصة بالنظام.

مشاركة الذاكرة

تحصل كل عملية على جدول صفحات خاص بها، لذلك يُربَط أيّ عنوان تستخدمه مع إطار فريد في الذاكرة الحقيقية، ولكن إن أشّر نظام التشغيل إلى مدخلتَين من جدول الصفحات إلى الإطار نفسه، فهذا يعني التشارك في هذا الإطار، وستكون أيّ تغييرات تجريها إحدى العمليتين مرئية للعملية الأخرى.

يمكنك أن ترى الآن كيفية تقديم الخيوط Threads. يمكن للدالة clone()‎ الخاصة بنظام لينكس مشاركة قدر كبير أو صغير من العملية الجديدة مع العملية القديمة وفق ما هو مطلوب. إن استدعت عمليةٌ الدالة clone()‎ لإنشاء عملية جديدة، ولكنها تطلب أن تشترك العمليتان في جدول الصفحات نفسه، فسيكون لديك خيط حيث ترى كلتا العمليتين الذاكرة الحقيقية الأساسية نفسها.

كما يمكنك معرفة كيفية إجراء النسخ عند الكتابة، حيث إذا ضبطتَ أذونات إحدى الصفحات لتكون للقراءة فقط، فسيجري إعلام نظام التشغيل عندما تحاول إحدى العملياتُ الكتابةَ في الصفحة. إذا عَلِم نظام التشغيل أن هذه الصفحة هي صفحة نسخ عند الكتابة، فيجب إنشاء نسخة جديدة من الصفحة في ذاكرة النظام ويجب أن توشّر الصفحة في جدول الصفحات إلى هذه الصفحة الجديدة. يمكن بعد ذلك تحديث سمات الصفحة للحصول على أذونات الكتابة ويكون للعملية نسختها الفريدة من الصفحة.

ذاكرة القرص الصلب المخبئة Cache

توجد في الأنظمة الحديثة ذاكرة متوفرة أكثر مما يستخدمه النظام حاليًا بدلًا من وجود ذاكرة قليلة جدًا والاضطرار إلى تبديل الذاكرة. يخبرنا تسلسل الذواكر الهرمي بأن الوصول إلى القرص الصلب أبطأ بكثير من الوصول إلى الذاكرة، لذلك يُفضَّل نقل أكبر قدر ممكن من البيانات من القرص الصلب إلى ذاكرة النظام إن أمكن ذلك.

ينسخ نظام لينكس والعديد من الأنظمة الأخرى البيانات من الملفات الموجودة على القرص الصلب إلى الذاكرة عند استخدامها. يُحتمَل أن يرغب البرنامج في الوصول إلى بقية الملف مع استمراره في المعالجة حتى إن طلب في البداية جزءًا صغيرًا فقط من الملف، ويتحقق نظام التشغيل عند قراءة ملف أو الكتابة فيه أولًا مما إذا كان الملف موجودًا في الذاكرة المخبئة Cache. يجب أن تكون هذه الصفحات هي أولى الصفحات التي ستُزال عند زيادة ضغط الذاكرة في النظام.

ذاكرة الصفحة المخبئة Page Cache

المصطلح الذي يمكن أن تسمعه عند مناقشة النواة Kernel هو ذاكرة الصفحة المخبئية Page Cache التي تشير إلى قائمة الصفحات التي تحتفظ بها النواة والتي تشير إلى الملفات الموجودة على القرص الصلب، حيث تندرج صفحة التبديل والصفحات المربوطة بالذاكرة وصفحات ذاكرة القرص الصلب المخبئية ضمن هذه الفئة. تحتفظ النواة بهذه القائمة لأنها تحتاج إلى أن تكون قادرة على البحث عنها بسرعة استجابةً لطلبات القراءة والكتابة.

مواصفات الذاكرة الوهمية في لينكس

تبقى مفاهيم الذاكرة الوهمية الأساسية ثابتة، إلّا أن تفاصيل التقديمات تعتمد بصورة كبيرة على نظام التشغيل والعتاد.

مخطط فضاء العناوين

يقسم لينكس فضاء العناوين المتاح إلى مكون نواة Kernel مشترك وفضاء عناوين خاص بالمستخدم، وهذا يعني أن العناوين الموجودة في منفذ النواة لفضاء العناوين ترتبط مع الذاكرة الحقيقية نفسها لكل عملية، بينما يكون فضاء عناوين المستخدم خاصًا بالعملية، ويوجد في نظام لينكس فضاء النواة المشترك في أعلى فضاء العناوين المتاح. يحدث هذا الانقسام على المعالج x86 الأكثر شيوعًا المكون من 32 بت عند حجم 3 جيجابايتات، وبما أن 32 بت يمكنها ربط 4 جيجابايتات كحد أقصى، مما يؤدي إلى ترك المنطقة العليا بمقدار 1 جيجابايت لتكون منطقة النواة المشتركة.

مع ذلك، تريد العديد من الأجهزة دعم أكثر من 4 جيجابايتات لكل عملية، حيث يسمح دعم الذاكرة العالي للمعالجات بالوصول إلى 4 جيجابايتات كاملة باستخدام توسّعات خاصة.

مخطط فضاء العناوين في لينكس

مخطط فضاء العناوين في لينكس

جدول الصفحات المكون من المستويات الثلاثة

هناك العديد من الطرق المختلفة لنظام التشغيل لتنظيم جداول الصفحات، ولكن يختار نظام لينكس استخدام النظام الهرمي. تستخدم جداول الصفحات تسلسلًا هرميًا بعمق ثلاثة مستويات، لذلك يُشار إلى نظام لينكس باسم جدول الصفحات المكوَّن من ثلاثة مستويات. أثبت جدول الصفحات المكون من ثلاثة مستويات أنه اختيار قوي بالرغم من أنه لا يخلو من بعض المساوئ. تختلف تفاصيل تقديم الذاكرة الوهمية بين المعالجات، مما يعني أن جدول الصفحات العام الذي يختاره نظام لينكس يجب أن يكون قابلًا للنقل وعامًا نسبيًا.

لا يُعَد مفهوم مستويات جدول الصفحات الثلاثة أمرًا صعبًا، لأننا نعلم أن العنوان الوهمي يتكون من رقم صفحة وإزاحة في صفحة الذاكرة الحقيقية، إذ يُقسَم العنوان الوهمي إلى مستويات مُرقَّمة في جدول الصفحات المكون من ثلاثة مستويات. يُعَد كل مستوًى جدولَ صفحات بحد ذاته، أي أنه يرتبط مع رقم الصفحة الحقيقية. ترتبط مدخلة المستوى 1 مباشرةً مع الإطار الحقيقي في جدول صفحات مؤلفٍ من مستوًى واحد، بينما يعطي كل مستوًى من المستويات العليا عنوان إطار الذاكرة الحقيقية الذي يحتفظ بجدول صفحات المستويات الدنيا التالي في الإصدار متعدد المستويات من جدول الصفحات.

جدول صفحات لينكس المكون من ثلاثة مستويات

جدول صفحات لينكس المكون من ثلاثة مستويات

يتضمن المثال السابق الانتقال إلى جدول الصفحات ذي المستوى الأعلى، والعثور على الإطار الحقيقي الذي يحتوي على عنوان المستوى التالي، وقراءة مستويات ذلك الجدول وإيجاد الإطار الحقيقي الذي يوجد فيه جدول صفحات المستويات التالية من جدول الصفحات وما إلى ذلك.

يبدو أن هذا النموذج معقدًا في البداية، ولكن السبب الرئيسي لتنفيذ هذا النموذج هو متطلبات الحجم. تخيل مثلًا عملية ما لها صفحة واحدة مرتبطة بالقرب من نهاية فضاء العناوين الوهمية، حيث قلنا سابقًا أنه يمكن العثور على مدخلة جدول الصفحات بوصفها إزاحةً من مسجل جدول الصفحات الأساسي، لذلك يجب أن يكون جدول الصفحات مصفوفةً متجاورةً في الذاكرة، وبالتالي تتطلب الصفحة القريبة من نهاية فضاء العناوين المصفوفةَ بأكملها والتي يمكن أن تشغَل مساحةً كبيرة، أي العديد والعديد من صفحات الذاكرة الحقيقية.

يكون المستوى الأول في نظام مؤلفٍ من ثلاثة مستويات هو إطار ذاكرة حقيقي واحد فقط، ويرتبط مع المستوى الثاني الذي هو إطار ذاكرة واحد، والذي بدوره يرتبط مع المستوى الثالث، وبالتالي يقلّل نظام المستويات الثلاثة من عدد الصفحات المطلوبة إلى جزء صغير فقط من الصفحات المطلوبة لنظام المستوى الواحد.

هناك عيوب واضحة في هذا النظام، إذ يتطلب البحث عن عنوان واحد مزيدًا من المراجع، ويمكن أن يكون ذلك مكلفًا. يتفهم لينكس أن هذا النظام يمكن ألّا يكون مناسبًا للعديد من أنواع المعالجات المختلفة، لذلك يمكن أن تقلل بعض المعماريات من مستويات جدول الصفحات بسهولة مثل المعمارية x86 الأكثر شيوعًا التي تستخدم نظامًا مؤلفًا من مستويين فقط في التقديم الخاص بها.

ترجمة -وبتصرُّف- لأقسام من فصل Virtual Memory من كتاب Computer Science from the Bottom Up لصاحبه Ian Wienand.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...