تُعتبر منصّة Xamarin في الوقت الحالي، من أهمّ منصّات تطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة المتوفّرة، والتي يبدو أنّها ستبقى على الواجهة لوقت ليس بالقليل، خصوصًا بعد استحواذ شركة مايكروسوفت على الشركة المنتجة لها والتي تحمل أيضًا نفس الاسم (Xamarin). قد تكون متحفّزًا للدخول في عالم تطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة (كما كنت عندما تعرّفت للمرّة الأولى على Xamarin) ومستعدًّا لكتابة الشيفرة مباشرةً، ولكن لنصبر قليلًا، ولنفهم بدايات الأمور، ومبدأ عمل Xamarin بشكل أفضل ضمن هذا المقال، الذي يُعدّ الأوّل في سلسلة مقالات سترشدك إلى كيفيّة تطوير تطبيقات باستخدام منصّة Xamarin مع إنشاء تطبيقات عمليّة من خلالها.
مقدمة
تمّ تأسيس شركة Xamarin (وتُقرأ زامارين) في عام 2011، من قِبَل نفس المهندسين الذين صمّموا مشروع Mono. ومشروع Mono وإخوانه مثل Mono for android و Mono Touch، هي عبارة عن منصّات لتشغيل تطبيقات مكتوبة بلغة سي شارب C# على أنظمة التشغيل: Linux و Android و iOS على الترتيب. يمكن باستخدام Xamarin إنشاء تطبيقات أصليّة Native Apps لأجهزة Android و iOS و Mac وويندوز بلغة برمجة ليست معتمدة رسميًا بالنسبة إليها. سنركّز في هذه السلسلة على بناء تطبيقات تعمل على نظام التشغيل Android.
لمن هذه السلسلة؟
إذا كان لديك إلمام جيّد بلغة سي شارب ومكتبة الأصناف الأساسيّة BCL ضمن إطار العمل دوت نت بالإضافة إلى معرفة أوليّة بطريقة استخدام بيئة التطوير Visual Studio 2015، وتمتلك الشغف والصبر لتعلّم كيفيّة برمجة تطبيقات للأجهزة المحمولة باستخدام Xamarin فإنّ هذه السلسلة هي بالتأكيد لك. لدينا هنا في أكاديميّة حسوب سلسلة تعليميّة خاصّة بلغة سي شارب يمكن الاستفادة منها.
الحاجة إلى Xamarin
برزت الحاجة إلى Xamarin بسبب طبيعة تطبيقات الأجهزة المحمولة وعملها على أنظمة تشغيل مختلفة تعود إلى شركات متنافسة. توجد في الوقت الحالي ثلاثة أنظمة تشغيل مسيطرة على السوق بصورة متفاوتة وهي: iOS لشركة Apple وAndroid لشركة Google وWindows Phone لشركة Microsoft. تختلف هذه الأنظمة في العديد من النواحي، التي سنناقشها فيما يلي.
تجربة المستخدم
بالنسبة إلى تجربة المستخدم يوجد تشابه في هذه الأنظمة من ناحية تقديم الواجهات الرسوميّة للمستخدم والتفاعل مع الجهاز من خلال اللمس أو اللمس المتعدّد، ولكنّ هناك اختلافات في التفاصيل. فلكلّ نظام تشغيل وسائل مختلفة في التنقّل بين صفحات التطبيق، وفي تقديم البيانات، وفي العمل مع القوائم، وغيرها من التفاصيل الأخرى التي تتطلّب أن يسلك المطوّر developer منحىً مختلفًا من أجل كلّ نظام تشغيل.
بيئات تطوير ولغات برمجة مختلفة
أمّا بالنسبة للغات البرمجة وبيئات التطوير، فهذا أمر آخر. فلكلّ نظام تشغيل متطلّباته الخاصّة التي ألخّصها بشكل سريع فيما يلي:
- لإنشاء تطبيقات على أنظمة iOS فأنت تحتاج إلى إتقان لغة البرمجة Objective-C أو لغة البرمجة Swift. وأن تمتلك حاسوب MacBook (أي إصدار) مع بيئة التطوير Xcode.
- لإنشاء تطبيقات على أنظمة Android فستحتاج إلى لغة جافا Java مع بيئة التطوير Android Studio التي تعمل على العديد من أنظمة التشغيل.
- أمّا لإنشاء تطبيقات تعمل على Windows Phone أو Windows 10 Mobile فأنت بحاجة إلى لغة البرمجة سي شارب C# مع حاسوب يشغّل ويندوز، وإلى بيئة التطوير Visual Studio.
واجهات برمجية مختلفة
تعتمد جميع أنظمة التشغيل السابقة على واجهات تطبيق برمجيّة API مختلفة. مع أنّه يوجد بعض الشبه بالنسبة للكائنات المتعلّقة بواجهة المستخدم user-interface. فعلى سبيل المثال، جميع الأنظمة السابقة توفّر وسيلة للمستخدم لاختيار حالة منطقيّة Boolean والتي يمكن تمثيلها بـ True أو False ففي iOS يصنّف هذا الكائن على أنّه view اسمه UISwitch، أمّا في أندرويد فهو widget اسمها Switch، وفي ويندوز فهو control ويسمّى ToggleSwitch.
الحل الذي توفره Xamarin
يمكن تجاوز جميع النقاط السابقة من خلال Xamarin لأنّها توفّر لغة برمجة وحيدة وهي سي شارب يمكن استخدامها لكتابة تطبيقات على أيّ نظام تشغيل. كما أنّها توفّر بيئة تطوير متقدّمة ووحيدة وهي Visual Studio 2015 لكتابة هذه التطبيقات (يمكن استخدام بيئة التطوير Xamarin Studio أيضًا بالنسبة لنظام Mac). بالإضافة إلى أنّها وحّدت الواجهات البرمجيّة المختلفة API ضمن واجهة برمجيّة وحيدة يتعامل معها المطوّر.
لغة سي شارب غنيّة عن التعريف. فهي لغة قويّة ومرنة وغنيّة جدًا ودائمة التطوير. لقد أصبحت بحق من أكثر لغات البرمجة تطوّرًا وحداثةً. ولسنا هنا بصدد تفضيل لغة برمجة على أخرى، ولكن بحسب خبرتي الشخصيّة، واطّلاعي على العديد من لغات البرمجة الأخرى، تستطيع القول بأنّ سي شارب تحتلّ موقعًا مرموقًا بينها.
يستطيع المطوّرون من أجل تطبيق محدّد، كتابة شيفرة واحدة مشتركة لجميع أنظمة التشغيل السابقة بدون أيّة تعديلات تُذكر عليها فيما يتعلّق بمنطق العمل business logic داخل التطبيق وبما يتضمنّه من عمليّات برمجيّة لا تتعلّق بنوع الجهاز المحمول أو نظام التشغيل الذي يعمل عليه. نسمّي هذه الشيفرة بالشيفرة المستقلة عن نظام التشغيل platform independent. أمّا إذا تطلّب الأمر من التطبيق أن يتعامل مع العتاد الصلب للجهاز الذي يعمل عليه (مثل الكاميرا أو حسّاس GPS مثلًا)، فيمكن عندها كتابة أجزاء من الشيفرة التي تراعي خصوصيّة كل نظام تشغيل، نسمّي مثل هذه الشيفرة بالشيفرة المرتبطة بنظام التشغيل platform dependent.
المكونات الرئيسية لمنصة Xamarin
ركّزت شركة Xamarin منذ نشأتها على التكنولوجيا الخاصّة بالمترجمات Compilers. وقد أصدرت الشركة ثلاث مجموعات أساسيّة من مكتبات دوت نت .NET وهي: Xamarin.Mac و Xamarin.iOS و Xamarin.Andorid التي تشكّل بمجموعها منصّة Xamarin. تسمح هذه المكتبات للمطوّرين بكتابة تطبيقات أصليّة native apps لكلّ من أنظمة التشغيل الموافقة.
ذكرنا قبل قليل أنّ هناك جزء من شيفرة التطبيق البرمجيّة يتكرّر عادةً من أجل كل نظام تشغيل، يمكن عزل هذا الجزء ووضعه ضمن مشروع منفصل في برنامج Visual Studio. لهذا المشروع نوعين:
- مشروع الأصول المشتركة Shared Asset Project أو اختصارًا SAP. وهو عبارة عن مجموعة من ملفات الشيفرة بالإضافة إلى ملفّات الأصول assets مثل الصور وغيرها الموجودة ضمن المشروع والتي يمكن مشاركتها مع باقي المشاريع الأخرى ضمن نفس الحل Solution في Visual Studio.
- مكتبة الأصناف المحمولة Portable Class Library أو اختصارًا PCL. وهي تضمّ الشيفرة التي نرغب بمشاركتها وذلك ضمن مكتبة ربط ديناميكي dynamic link library أو اختصارًا DLL. سنركّز في هذه السلسلة على هذا النوع.
أمّا بالنسبة للشيفرة التي تتعلّق بنظام التشغيل، فتوضع ضمن مشروع منفصل ضمن Visual Studio لكلّ نظام تشغيل نرغب بأن ندعمه. ففي الحالة العامّة، يمكن أن يكون لدينا ثلاثة مشاريع منفصلة لكل من Android و iOS و Windows Phone. تستفيد جميعها من الشيفرة المشتركة والمستقلّة عن نظام التشغيل الموجودة في PCL أو SAP. وبالمجمل تكون جميع تلك المشاريع ضمن نفس الحل Solution ضمن Visual Studio. انظر إلى الشكل التالي الذي يوضّح كيفيّة تفاعل التطبيق المكتوب لأنظمة التشغيل المختلفة مع مكوّنات Xamarin:
يمثّل الشكل السابق تطبيقًا واحدًا. نلاحظ في السطر الثاني الأشكال المختلفة لهذا التطبيق على أنظمة التشغيل المختلفة. انظر كيف تتفاعل هذه الأشكال المختلفة مع مشروع PCL أو SAP للاستفادة من الشيفرة المشتركة التي لا تتعلّق بنظام تشغيل محدّد. انظر إلى تطبيق iOS مثلًا كيف يتفاعل أيضًا مع المكتبة Xamarin.iOS التي توفّر وسيلة للربط bindings بينه وبين واجهة التطبيقات البرمجيّة API لنظام التشغيل iOS. ينطبق نفس الأمر تماماً بالنسبة لتطبيق أندرويد. الاستثناء الوحيد هو بالنسبة لتطبيق ويندوز الذي لا يحتاج إلى وسيط (وسيلة للربط) في هذه الحالة، حيث يمكنه الاتصال مباشرةً مع واجهة API لنظام التشغيل ويندوز (بصورة أدق Windows Phone).
نماذج Xamarin
ابتكرت شركة Xamarin في عام 2014 ما يُعرف بنماذج Xamarin أو Xamarin Forms. تسمح هذه المنصّة للمطوّرين بأن يكتبوا شيفرة برمجيّة لواجهة المستخدم user interface بحيث يمكن تحويل هذه الشيفرة مباشرةً إلى تطبيقات تعمل على أجهزة أندرويد و iOS وويندوز. في الحقيقة أصبحت Xamarin Forms تدعم إنشاء تطبيقات عامّة Universal Windows Platform على الأجهزة التي تشغّل نسخ ويندوز المختلفة مثل Windows Phone و Windows 10 و Windows 10 Mobile و Windows 8.1 و Windows 8.1 Phone.
بالنسبة لبنية الحل Solution في Visual Studio فلن يتغيّر كثيرًا، باستثناء أنّ المشاريع المنفصلة الخاصّة بأنظمة التشغيل السابقة ستكون صغيرة على نحو ملحوظ بسبب وجود كميّة قليلة من الشيفرة البرمجيّة ضمنها. سيتضمّن مشروع PCL أو SAP في هذه الحالة الشيفرة المشتركة والمستقلّة عن أنظمة التشغيل كما اتفقنا على ذلك من قبل، بالإضافة إلى الشيفرة البرمجيّة المسؤولة عن الإظهار والتعامل مع واجهة المستخدم. أي أنّ منصّة Xamarin Forms تسمح لنا بكتابة شيفرة برمجيّة واحدة تعمل مباشرةً على أنظمة التشغيل المختلفة. انظر الشكل التالي لفهم آليّة عمل التطبيقات التي تعتمد Xamarin Forms.
تعتمد التطبيقات المكتوبة لأنظمة التشغيل المختلفة في هذه الحالة على مشروع PCL أو SAP بشكل كليّ في التواصل مع الواجهات البرمجيّة API. وهكذا من الممكن في الكثير من التطبيقات كتابة شيفرة واحدة فقط تعمل على جميع الأجهزة! باستثناء الحالات التي يكون من الضروري فيها كتابة شيفرة مخصّصة لنظام تشغيل محدّد. في المستقبل قد يتغيّر هذا الأمر، فقد يكون من الممكن كتابة شيفرة واحدة فقط تعمل على جميع الأجهزة مهما كان نوع هذه الشيفرة. سنتحدّث في هذه السلسلة عن Xamarin Forms بشكل أساسيّ.
كيفية عمل Xamarin
بالنسبة لتطبيقات iOS فيعمل مترجم سي شارب الخاص بـ Xamarin على ترجمة الشيفرة البرمجيّة إلى لغة مايكروسوفت الوسيطيّة MSIL، ثمّ يُستخدم مترجم Apple على نظام تشغيل Mac لتوليد رُماز أصليّ native code يعمل على iOS كما لو أنّه تطبيق مكتوب بلغة Objective-C تمامًا.
أمّا بالنسبة لتطبيقات Android، فسيولّد المترجم أيضًا لغة MSIL التي ستعمل في هذه الحالة على بيئة تنفيذ مشتركة CLR مخصّصة للعمل على أندرويد. وستكون التطبيقات الناتجة في هذه الحالة تشبه أيضًا إلى حدّ كبير تلك المنشأة باستخدام لغة جافا وبيئة التطوير Android Studio الخاصّة بأندرويد.
وأخيرًا بالنسبة للتطبيقات التي تعمل على Windows Phone و Windows 10 Mobile، فالتطبيقات مدعومة بشكل واضح، وستعمل كالتطبيقات الأصليّة المنشأة باستخدام Visual Studio بدون استخدام Xamarin.
الخلاصة
منصّة Xamarin واعدة، ولها تاريخ عريق وتجارب غنيّة من قبل أن تظهر شركة Xamarin إلى الوجود. ولعلّ مايكروسوفت قد أدركت الأهميّة الكبيرة لها، فتمّت عمليّة الاستحواذ التي كانت متوقعّة. أنصحك بأن تبادر إلى تعلّم Xamarin وخصوصًا في حال كنت مبرمج سي شارب، أو لديك معلومات أوليّة عنها. ولعلّ الأيّام القادمة قد تحمل المزيد من الدعم والمفاجآت لمنصّة Xamarin التي كان أوّلها هو جعلها مجّانيّة للاستخدام الشخصيّ أو للفرق البرمجيّة الصغيرة. سنبدأ اعتبارًا من الدرس القادم في هذه السلسلة التعليميّة، تنصيب برنامج Visual Studio 2015 وبدء العمل مع Xamarin.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.