اذهب إلى المحتوى

نظرة معمقة حول دور مدير المنتجات ومسؤولياته


Mohammad Hout

يعود تاريخ مفهوم إدارة المنتجات إلى القرن العشرين، حوالي عام 1931، وذلك حينما ورد في مذكرة أرسلها نيل ماكلروي -مدير الإعلان في شركة بروكتر وجامبل (الشركة الأم لمنتجات مثل شامبو هيد أند شولدرز وشفرات الحلاقة جيليت ومسحوق الغسيل تايد)- إلى الفريق التنفيذي للشركة، معربًا عن حاجته إلى "Brand man" أو رجل العلامة التجارية، أي شخص مسؤول عن المنتج فقط، وليس عن النشاط التجاري للشركة كلها.

ارتبطت جذور مفهوم إدارة المنتجات لفترات طويلة بإدارة العلامات التجارية، فلم تكن لها صلة بالمجال الهندسي مثلًا؛ أما اليوم، فقد أصبحت ممارسةً حيويةً في كل شركة تصدر منتجًا مهما كان نوعه.

مع ذلك، فإن الكثير من الأشخاص لا يزالون يجهلون الاختلافات الجوهرية بين الأدوار الوظيفية لمدير المنتج ومدير المشروع ومدير تسويق المنتج. ولكي نفهم هذه الاختلافات، يجب أن نمتلك خلفيةً معرفيةً عن عملية ولادة المنتج ودورة حياته.

تتألف دورة حياة المنتج من مرحلتين:

  1. تطوير المنتج الجديد وإدارة النشاط التجاري الخاص به.
  2. التصنيع.

تطوير منتج جديد

يمكن تعريف هذه المرحلة على أنها العملية الكاملة لإطلاق منتج أو خدمة جديدة إلى السوق، وتشمل كل ما يجب أن تفعله المؤسسة من أجل تحديد المنتج الجديد وتطويره ومن ثم تقديمه إلى السوق. يمكن تقسيم هذه المرحلة إلى عدة مراحل، وفي كل مرحلة يجب اتخاذ قرار حاسم بخصوص التقدم إلى المرحلة التالية أو تكرار عملية ما أو التوقف. تجدر الإشارة هنا إلى أن كل مرحلة تستغرق الكثير من الوقت والجهد، كما أن هناك عدد هائل من الأنشطة التي تنفذ فيها، لكننا لن نخوض في التفاصيل تجنبًا للتعقيد الزائد؛ كما أننا لن نستعرض الأدوار والمسؤوليات لكل منصب وظيفي على حدة، بل سنتحدث عن كل منهم عندما يحين دوره في دورة حياة المنتج.

تبدأ رحلة المنتج مع مدير المنتج، فهو المسؤول العام عن جميع المراحل التالية:

  • توليد الأفكار: تنشأ الأفكار الخاصة بالمنتجات الجديدة عبر إجراء أبحاث عن السوق والعملاء، والاطلاع على توجهات الصناعة والمنتجات المنافسة، وتوجيه الاهتمام إلى التقنيات الجديدة، ثم تتوثق هذه الأفكار وتفرز لينظَر فيها في جلسة عصف ذهني، ثم يصطفى منها أخيرًا قائمةً مختصرةً ننتقل منها إلى المرحلة التالية.
  • تطوير تصور واختباره: في هذه المرحلة، تخضع الأفكار التي ترشحت من المرحلة السابقة إلى المعاينة للتأكد من جدواها بأقل قدر من الموارد المادية والزمنية، فالهدف هنا هو الحصول على تصور مبسط للمنتج بأسرع وقت ممكن، ثم يجري تقييم صحة التصور الذي أُنشئ عبر محاكاة السوق وبعض العملاء المحتملين، وبناءً على الآراء ونتائج التقييم، يكرر التصور ويحسَّن، ومن ثم ننتقل إلى المرحلة التالية.
  • إعداد خطة للمنتج: هنا يستعد مدير المنتج للعمل بجدية، فينشئ حالة عمل مقنعة ليحظى المنتج من خلالها على تمويل المديرين التنفيذيين. في هذه المرحلة، ستتجلى وتُفعّل مفاهيم مثل خطوط المنتج، وخريطة طريق المنتج، بالإضافة إلى تعريفات أخرى للمنتج عالية المستوى (وليس المواصفات التفصيلية). وفي هذه المرحلة أيضًا، سيأتي دور
  • مدير تسويق المنتج، لذا يجب إنشاء لوحة معاينة منتج/حالة عمل تتكون على الأقل مما يلي: مشكلة العميل والحل المقترح وإستراتيجية التسويق (يقدمها مدير تسويق المنتج) والتحليل التنافسي، وتنبؤات المبيعات وتقديرات التكلفة والجدول الزمني وخطة الإيرادات/خطة تحقيق الدخل.
  • تطوير مزيج تسويقي: ننتقل إلى هذه المرحلة بمجرد الموافقة على المنتج من قبل الإدارة العليا. يتكون المزيج التسويقي من 4 عناصر أساسية هي: المنتج والتسعير والعروض الترويجية والمكان.

يضع مدير المنتج في هذه المرحلة جميع المواصفات التفصيلية للمنتج، مثل مستند متطلبات المنتج PRD، كما يبدأ بإنشاء ما يسمى بقائمة مهام المنتج Product Backlog (سنشرح هذا المصطلح في الملاحظة التالية لهذه الفقرة) وقصص المستخدمين، في حين يعمل مدير تسويق المنتج على إنشاء إستراتيجية تسويق وترويج للمنتج، ويحدد آلية تسعير المنتج بإصداراته وأشكاله المختلفة، كما يبدأ بإنشاء ما يسمى بإستراتيجية إطلاق المنتج إلى السوق، ويركز عمله على جميع العلاقات والضمانات التسويقية اللازمة، والمؤتمرات والأحداث التي يجب استهدافها، وما إلى ذلك من أمور تحتاجها العملية التسويقية.

اقتباس

قائمة مهام المنتج Product Backlog: هي قائمة بالميزات الجديدة أو التغييرات على الميزات الحالية أو التصحيحات أو التغييرات في البنية التحتية أو أية ممارسات أخرى قد يقدمها الفريق من أجل تحقيق نتيجة محددة. وتأتي أهميتها في كونها تمثل تغذية راجعة لعدة جهات، مثل المطورين والمبيعات، والأهم من ذلك المستخدمين، إذ تؤخذ هذه الآراء وترتب وفقًا لأولويتها ليجري العمل عليها في المستقبل.

التطوير الفعلي: في هذه المرحلة يأتي دور مدير المشروع، فهو المسؤول عن ضمان إعداد قائمة مهام المنتج على نحو صحيح، وعقد اجتماعات سكروم يومية Daily Scrum واجتماعات التخطيط للسباقات Sprint Planning (كل ما يخص هذين المفهومين مشروح بالتفصيل في فقرة "ماذا المقصود بـ Scrum وSprint؟")، لضمان فهم جميع المطورين للأهداف وتوضيح ما يجب بناؤه. يعمل مدير المشروع أيضًا على التنسيق بين فريق التصميم وفريق الهندسة وفريق المنتج للتأكد من عدم وجود فجوات، ومن قدرة الفرق على تحقيق النتائج المتوقعة في كل خطوة.

في هذه المرحلة أيضًا يتخذ مدير المنتج بعض القرارات الحاسمة، مثل قرار بناء العناصر المطلوبة في المنتج مقابل شرائها من مورّد خارجي، وذلك بعد الموازنة بين قدرات الفريق من جهة وتأثير التكلفة من جهة أخرى، كما يراقب باستمرار متطلبات السوق المتغيرة ليعدّل في قائمة المهام وفقًا لذلك (إذا لزم الأمر).

تقع على عاتق مدير المنتج أيضًا مسؤولية التأكد من أننا نقدم في هذه المرحلة فقط نموذج MVP، وهو الحد الأدنى من المنتج الذي يمكن تطبيقه وإنجاز العمل المطلوب منه على نحو كافٍ بالنسبة لمعظم العملاء المستهدفين، بغرض التحقق من صحة السوق والمنتج نفسه، ونذكر هنا مقولة ريد هوفمان (الشريك المؤسس لمنصة لينكدين):

اقتباس

إذا لم تشعر بالحرج بعد إطلاق الإصدار الأول لمنتجك، فهذا يعني أنك تأخرت في إطلاقه.

ما المقصود بـ Scrum وSprint؟

في مجال إدارة المشاريع، يُعَد سكروم scrum إطار عمل لعملية تطوير المنتجات وتقديمها والحفاظ عليها في بيئة مناسبة، وهو مخصص لمجال تطوير البرمجيات. ومع ذلك يستخدَم في مجالات أخرى، مثل المبيعات والتسويق والتقنيات المتقدمة، وهو مصمم لفرق العمل المكونة من عشرة أعضاء أو أقل، إذ يقسمون عملهم إلى أهداف مرتبطة بالوقت تسمى سباقات السرعة/ سبرينت، والتي لا تزيد مدتها عن شهر واحد، وغالبًا ما تكون أسبوعين.

يُقيّم فريق سكروم التقدم المحرز في اجتماعات يومية تسمى The Daily Scrum، وهي اجتماعات محددة بمدة زمنية لا تتجاوز 15 دقيقة، وتسمى هذه الاجتماعات اليومية أيضًا بـ Stand-up meetings، أي اجتماعات الوقوف (يمضي أعضاؤها اجتماعهم واقفين على أرجلهم).

في نهاية السباق، يعقد الفريق اجتماعين آخرين؛ أحدهما هو اجتماع مراجعة السباق، الذي يوضح العمل المنجز بالنسبة للأطراف المعنية من أجل الحصول على ردود فعلهم؛ والآخر هو اجتماع السباق الرجعي، الذي يتيح للفريق مجالًا للتفكير والتحسين.

اختبار المنتج: في هذه المرحلة، يختبر المنتج داخليًا (اختبار ألفا) لإصلاح الأخطاء، ثم يختبر خارجيًا في بيئة خاضعة للرقابة (اختبار بيتا)، ثم تُجمع الآراء والملاحظات وتحلَّل وتعالَج لتطبيقها في الإصدارات اللاحقة للمنتج. تُعَد عملية إصلاح الأخطاء والاختبار الفعلي من مسؤوليات مدير المشروع؛ أما تحليل الآراء والملاحظات، فيقع على عاتق مدير المنتج الذي يقرر ما يجب مراجعته في المنتج بناءً على ذلك.

إدارة النشاط التجاري للمنتج

تندرج المراحل التالية من دورة حياة المنتج تحت مرحلة "النشاط التجاري للمنتج"، أو كما تسمى بالإنكليزية Commercialization، والتي تقع مسؤوليتها على عاتق مدير تسويق المنتجات بصورة رئيسية. لنلقِ نظرةً تفصيليةً على هذه المراحل فيما يلي:

اختبار السوق: تقع مسؤولية هذه المرحلة على عاتق مدير تسويق المنتجات بصورة رئيسية، ويجرى فيها اختبار نموذج MVP وإستراتيجيته التسويقية، إما في بيئة محاكية للسوق، أو في سوق حقيقي صغير (حسب ميزانية الشركة وحجمها). على سبيل المثال، أحيانًا تطلق الشركات منتجاتها في منطقة جغرافية صغيرة، ثم تعدل المواصفات بناءً على الآراء والملاحظات الواردة قبل إطلاق المنتج في جميع أنحاء العالم.

النشاط التجاري للمنتج: إن كان كل شيء يجري على ما يرام حتى الآن، فيمكننا أن نهنئك ونقول مبارك لك! فمنتجك الآن جاهز لاكتساح السوق. في هذه المرحلة يجري إطلاق المنتج على نطاق واسع، ولا داعي أن نذكر أن مسؤوليتها تقع على عاتق مدير تسويق المنتجات بصورة رئيسية. تُجمع شهادات العملاء وآراؤهم الإيجابية لتوظَّف في ما يسمى بضمانات التسويق Marketing Collaterals والتسويق عبر البريد الإلكتروني والتسويق بالمحتوى من أجل جذب عملاء آخرين، ثم يطلق المنتج ويروج له في مختلف المؤتمرات والفعاليات الصناعية.

بعد ذلك يجب أن يمر المنتج بأربع مراحل مختلفة من دورة حياته. عند الإطلاق يكون المنتج بالطبع في مرحلة المقدمة، ثم يتابع المراحل الأربعة اللاحقة كما يلي:

  1. المقدمة.
  2. النمو.
  3. النضج.
  4. التراجع.
  5. الانسحاب.

1.png

ترجمة -وبتصرّف- للمقال A Deep Dive Into Product Manager Roles and Responsibilities لصاحبه Ayush Jain.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...