إنَّ التطبيق العملي أمر ضروري لإتقان أي مجال تقني ولا سيما مجال الذكاء الاصطناعي، فإذا كنت مهتمًا بالعمل في هذا التخصص وبدأت تعلمه بالفعل لكنك لاتزال مبتدئًا ولا تعرف ماهي مشاريع الذكاء الاصطناعي التي يمكنك تنفيذها لتطبيق معلوماتك النظرية وتوظيفها في مشاريع عملية تحسن خبراتك وتعزز معرض أعمالك فهذا المقال لك، إذ نقترح لك فيه مجموعة من المشاريع العملية متفاوتة الصعوبة في مجالات الذكاء الاصطناعي المختلفة لتساعدك على تحسين مستواك وصقل مهاراتك.
مشاريع ذكاء اصطناعي في مجال تعلم الآلة
يعد تعلم الآلة Machine Learning (ML) من أهم المجالات الفرعية لتخصص الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (AI) فهو مجالٌ يسمح للأجهزة الحاسوبية بالتعلم من البيانات وحل المشكلات واتخاذ القرارات دون الحاجة إلى البرمجة الصريحة لكل جزء من أجزاء المشروع، ويهتم مهندسو تعلم الآلة بتطوير خوارزميات حاسوبية تتطور ذاتيًا باستخدام البيانات.
لمجال تعلم الآلة استخدامات وتطبيقات عديدة، من بينها أنظمة التوصية المدمجة في منصات عديدة، كالمتاجر الإلكترونية التي تقترح عليك سلعًا تلائمك، ومنصات الفيديو التي تقترح عليك مقاطع جديدة بناءً على تاريخ مشاهداتك، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تُظهِرُ لك منشوراتٍ تبعًا لإعجاباتك وتعليقاتك السابقة.
ومن أهم مشاريع الذكاء الاصطناعي المقترحة لمهندسي تعلم الآلة:
- مشروع تصنيف صور بالذكاء الاصطناعي.
- مشروع توقع أسعار العقارات بالذكاء الاصطناعي.
- مشروع كشف الاحتيال المالي بالذكاء الاصطناعي.
لنشرح المزيد عن كل مشروع من هذه المشاريع وآلية تنفيذه.
1. مشروع ذكاء اصطناعي لتصنيف صور
مستوى الصعوبة: سهل.
يعد نموذج تصنيف الصور باستخدام خوارزميات تعلم الآلة من مشاريع الذكاء الاصطناعي السهلة المناسبة للمبتدئين، إذ تقوم فكرة المشروع على بناء نموذج ذكاء اصطناعي يستطيع التمييز بين صورٍ مختلفة لأنواعٍ متعددةٍ من أشياء محددة، مثل: نموذج يميز بين صور الأنواع المختلفة من الحيوانات، ويكون هذا بمنح النموذج قاعدة بيانات بها عدد كبير من الصور المرتبة لكل نوع من الأنواع التي نريد أن يميز النموذج بينها مع نص يوضح ماهية كل نوع ومواصفاته، كأن نمنح النموذج صورًا لكلابٍ وقططٍ مع التوضيح النَّصي أنَّ هذه كلاب وقطط، ويتدرب النموذج على هذه البيانات محاولًا اكتشاف أنماط وسمات كل نوع، ففي مثالنا يحاول النموذج اكتشاف صفات الكلب والقطة، ثم يكون قادرًا على التعرف عليهما من صور أخرى لم يتدرب عليها قبلًا.
نمر خلال عملية تطوير نموذج تصنيف صور على خطوات متعددة، وهي:
- جمع البيانات: يمكنك جمع الصور التي سيتدرب عليها النموذج بنفسك، كما يمكنك العثور على مجموعة بيانات Dataset جاهزة عبر الإنترنت، مثل مجموعات بيانات CIFAR-10.
- معالجة البيانات: إذا جمعت البيانات التي سيتدرب النموذج عليها بنفسك فعليك معالجتها وتصنيفها ووضع صور الكلاب تحت تصنيف واحد وتوضح أنَّ هذه صور كلاب، وتضع صور القطط تحت تصنيف واحد وتوضح أنها صور قطط، أمَّا إذا حمَّلت مجموعة بيانات جاهزة من الإنترنت فيمكنك الانتقال للخطوة التالية مباشرةً.
- بناء النموذج: يشير بناء النموذج إلى عملية إنشاء الشبكة العصبية Neural Network التي ستتدرب على البيانات وتتمكن من تصنيف الصور بعد التدريب، وغالبًا ما تستخدم في هذه المرحلة أطر عمل جاهزة لتسهيل وتسريع عملية التطوير مثل تينسرفلو TensorFlow.
- تدريب النموذج: تمنح النموذج مجموعة البيانات الجاهزة ليبدأ النموذج في محاولة استكشاف الأنماط بين الصور، ويسعى لفهم سبب وضع كل صورة ضمن تصنيفها، فيبدأ بفحص صور القطط ويحاول فهم السمات المميزة لكل قطة حتى يتمكن من التعرف على صور القطط خارج مجموعة البيانات التي تدرَّب عليها.
- اختبار النموذج: هنا يحين موعد اختبار مدى نجاح المشروع، فتسأل النموذج عن صور لكلابٍ وقططٍ أو أيٍّ كان ما درَّبتَ نموذجكَ عليه، على أن تكون هذه الصور خارج مجموعة البيانات التي تدرَّب عليها النموذج، فإن أجاب بدقة فقد نجح المشروع، وإن أخطأ فتأكد من دقة تصنيفك للبيانات أولًا، فإن كانت مصنفة وموصوفة بدقة فامنحه مزيدًا من البيانات للتدرب عليها ثم أعد اختباره.
2. مشروع توقع أسعار العقارات
مستوى الصعوبة: متوسط.
يعد نموذج توقع أسعار العقارات من أفكار مشاريع الذكاء الاصطناعي المفيدة متوسطة الصعوبة، ويساعدك نموذج توقع أسعار العقارات على تحديد السعر المناسب للعقار بناءً على معطيات عديدة، بدءًا من موقع العقار، مرورًا بمساحته وعدد الغرف فيه، وصولًا إلى رفاهيات العقار، مثل وجود فناء خلفي ومسبح.
لا تختلف خطوات تنفيذ مشروع نموذج توقع أسعار العقارات كثيرًا عن خطوات تنفيذ مشروع نموذج تصنيف الصور، وكذا سائر مشاريع الذكاء الاصطناعي في مجال تعلم الآلة، فكلُّ مشاريع تعلم الآلة تتفق في خطوات جمع البيانات ومعالجتها وبناء النموذج وتدريبه واختباره، ولكن تختلف المشاريع فيما بينها في أحجام البيانات ومدى تعقيدها، ووظائف النموذج ومدى تعقيد خوارزمياته وطريقة تعامله مع البيانات وتعلمه منها.
يمكنك في مرحلة جمع البيانات لهذا المشروع الاستعانة بمجموعات البيانات التي توفرها المواقع الرسمية للحكومات حول الإسكان، أو البحث في مواقع العقارات لجمع البيانات المُرادة، ثم معالجة بياناتك وتنظيفها، فإذا كانت هنالك بعض المعلومات المفقودة كمساحة عقار أو ما شابه فيمكنك ملؤها بمتوسط المساحات أو أن تحذف هذه القطعة من البيانات.
ينصح في مرحلة بناء النموذج استخدام خوارزميات الانحدار الخطي Linear Regression فهي قادرة على اكتشاف العلاقات بين البيانات المختلفة كالعلاقة بين مساحة العقار وموقعه وسعره، كما يمكنك الاستعانة بمكتبات التحليل التنبؤي للبيانات مثل مكتبة ساي كيت ليرن Scikit-Learn المكتوبة بلغة بايثون.
بعد ذلك عليك أن تمرر مجموعة البيانات التي جمعتها للنموذج كي يتدرب عليها ويستكشف الأنماط المختلفة بين البيانات، ويفهم لماذا كان العقار باهظ الثمن في منطقة ما وكان زهيدًا في منطقة أخرى، ويتعلم العلاقة بين المساحة وسعر العقار وغيرها من البيانات ذات الصلة، ويمكنك أخيرًا اختبار مشروعك مع عقارات بمعطياتٍ غير تلك الموجودة في مجموعة البيانات التي تدرب عليها مسبقًا.
3. مشروع كشف الاحتيال المالي
مستوى الصعوبة: متقدم.
تقع نماذج الكشف على الاحتيال ضمن أهم مشاريع الذكاء الاصطناعي، ولا سيما تلك المتعلقة بالاحتيال المالي، حيث تساعد هذه النماذج على كشف العمليات الاحتيالية في المعاملات المالية بناءً على معطيات عديدة، منها مثلًا التاريخ الإنفاقي للعميل، فإن أُجريَت عملية مالية مفاجئة بمبلغ أعلى بكثيرٍ من متوسط إنفاق العميل تُصنَّف العملية احتيالًا، وكذلك إذا تتابعت العديد من العمليات دون فروق زمنية واسعة تصنفها نماذج الكشف عن الاحتيال كعملياتٍ احتيالية.
تكمن صعوبة تطوير مشروع ذكاء اصطناعي للكشف عن الاحتيال في صعوبة جمع ومعالجة البيانات التي سيتدرب عليها النموذج، حيث تحتاج لإنشاء مجموعة بيانات تحتوي على عدة تواريخ إنفاقية مع تفاصيل عن عملائها، وإضافة مجموعة من العمليات إلى مجموعة البيانات هذه ثم تصنيفها كعملياتٍ آمنة وعملياتٍ احتيالية، ثم ومعالجة البيانات والتأكد من اكتمال الخانات وعدم فراغ أيٍّ منها.
يمكنك استخدام عدة خوازرميات في تطوير نموذج الكشف عن الاحتيال، مثل خوارزمية الانحدار اللوجستي Logistic Regression التي تستطيع توقع احتماليات الاحتيال في العمليات المالية بناءً على المدخلات، كما يمكنك استخدام خوارزمية الغابة العشوائية Random Forest التي تستطيع اكتشاف العمليات المشبوهة والاحتيالية عن الطبيعية بدقة كبيرة، ويوجد خورازميات أخرى تفيد في هذا المجال مثل خوارزمية تعزيز التدرج Gradient Boosting.
بعد كتابة خوارزميات النموذج عليك تزويده بالبيانات ليتدرب عليها ويكتشف العمليات الاحتيالية من بين تاريخ العمليات لكل بطاقة أو حساب موجود في مجموعة البيانات، وما إن ينتهي من التدرب على البيانات يمكنك حينئذٍ اختباره على معاملات مالية جديدة.
مشاريع ذكاء اصطناعي في مجال معالجة اللغات الطبيعية
يعد مجال معالجة اللغات الطبيعية Natural Language Processing (NLP) واحدًا من المجالات الفرعية الحيوية في الذكاء الاصطناعي، وهو يختص بتمكين الآلات والحواسيب من فهم اللغات البشرية، كالعربية والإنجليزية وغيرها، سواءً كانت اللغة مدخلة نصيًا أو صوتيًا وله تطبيقات عديدة منتشرة، بدءًا من روبوتات الدردشة وأشهرها شات جي بي تي ChatGPT وجوجل جيميني Google Gemini، مرورًا بالمساعدين الصوتيين مثل مساعد جوجل Google Assistant وأليكسا Alexa وسيري Siri، وصولًا إلى أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب وأهمها ترجمة جوجل Google Translation.
تتعدد مشاريع الذكاء الاصطناعي المقترحة لمهندسي معالجة اللغات الطبيعية، ومنها:
- مشروع روبوت دردشة لخدمة العملاء باستخدام الذكاء الاصطناعي.
- مشروع ذكاء اصطناعي لتحليل مشاعر جمهور مواقع التواصل الاجتماعي.
- مشروع ذكاء اصطناعي للترجمة الآلية.
لنوضح المزيد حول كل مشروع من هذه المشاريع وآلية تنفيذه ومستوى صعوبته.
1. مشروع روبوت دردشة لخدمة العملاء بالذكاء الاصطناعي
مستوى الصعوبة: سهل.
يعد روبوت الدردشة لخدمة العملاء مشروع ذكاء اصطناعي للمبتدئين، ويتمحور بشكلٍ أساسيٍّ حول بناء روبوت دردشة يفهم استفسارات العملاء ويجيب عليها تلقائيًا بإجاباتٍ واضحةٍ كافيةٍ صحيحةٍ، ويعتمد روبوت الدردشة لخدمة العملاء على خوارزميات معالجة اللغات الطبيعية في المقام الأول، ثم على خوارزميات تعلُّم الآلة في المقام الثاني.
نبدأ بناء روبوت دردشة خدمة العملاء بتطوير كل جزء منه على حدة، بدءًا من أساس روبوت الدردشة والذي يمكنك بناؤه مستخدمًا إحدى منصات تطوير روبوتات الدردشة عبر واجهة أمامية بسيطة، مثل Chatfuel، أو أن تكتب شيفرات روبوت الدردشة بنفسك مستعينًا بمكتبات وأطر عمل مساعدة مثل مكتبة NLTK بلغة باثيون ثم نطور بعد ذلك نظام التعرف على النوايا Intent Recognition في روبوت الدردشة، والذي يحاول معرفة المغزى وراء الأمر المُدخل من العميل، كتحديد ما إن كان عميل متجر إلكتروني يتساءل عن سياسات الاسترجاع أو تتبع طلبه أو غيرها.
نشرع بعد ذلك في تطوير نظام استخراج الكيانات المُسمَّاة (named entity extraction)، والذي يعمل على استخراج التفاصيل المهمة من رسالة العميل، مثل رقم المنتج واسمه أو رقم الطلب وغيرها، وبعد ذلك نبني منهجية تدفق المحادثة التي تساعد روبوت الدردشة على إدارة المحادثة بكفاءة وكتابة ردود مناسبة لاستفسارات العميل ومساعدته على حل مشكلاته، وأخيرًا نجمع كل هذه الأجزاء ونُضمِّنها ليتكون روبوت الدردشة، ثم نبدأ في اختبار كفاءته في إدارة المحادثات.
2. مشروع ذكاء اصطناعي لتحليل مشاعر جمهور مواقع التواصل الاجتماعي
مستوى الصعوبة: متوسط.
يعمل نموذج تحليل مشاعر جمهور مواقع التواصل الاجتماعي على تحليل المنشورات والتغريدات، ومحاولة تحديد المشاعر العاطفية خلف الكلمات المكتوبة، فيصنف المنشورات بين منشورات إيجابيةٍ ومنشوراتٍ سلبيةٍ وأخرى طبيعية أو عادية، ويساعد هذا النوع من النماذجِ الأعمالَ على تخصيص حملاتهم التسويقية تبعًا للفئة المستهدفة، ويساعدهم كذلك على إطلاق حملات تسويقية ذات كفاءة، وذلك بتحليل أحجام ضخمة من المحتوى المكتوب من هذه الفئة المستهدفة.
نبدأ في العمل على تطوير نموذج تحليل مشاعر منشورات مواقع التواصل الاجتماعي بجمع البيانات، فالبيانات في حالتنا هي منشورات التواصل الاجتماعي، ولأنَّ هذا النوع من البيانات غالبًا ما يكون فوضويًا وغير مهيكل فنحتاج جهدًا كبيرًا في معالجة بيانات هذا المشروع، فيمكننا تطوير برنامج يعيد الجملة إلى تكوينها الأصلي، فيزيل الرموز ويحول الحروف الكبيرة إلى صغيرة، ثم يختصر الجملة ما أمكن.
بعد ذلك نبدأ في اختيار منهجية معالجة اللغة الطبيعية المناسبة، ولتكن النهج القائم على المعجم Lexicon-Based Approach، والذي يُقسِّم الجملة إلى كلماتٍ ويُحدِّد ماهية كل كلمة على حدة ما إذا كانت كلمة إيجابية أم سلبية أم عادية، فكلما زادت الكلمات الإيجابية في المنشورات صنَّفها ضمن المنشورات الإيجابية، وكذلك كلما زادت الكلمات السلبية في المنشورات صنَّفها ضمن المنشورات السلبية.
وأخيرًا بعد تجهيز البيانات وتحديد المنهجية نبدأ في تطوير النموذج، ونعطيه البيانات ليتدرب عليه، ثم نختبره على محتوى ليس ضمن مجموعة البيانات وننظر هل سيصنفه بشكلٍ صحيحٍ أم يخطئ في التصنيف. ولمزيدٍ من التفاصيل حول مشروع نموذج تحليل المشاعر ننصحك بمطالعة مقال تحليل المشاعر في النصوص العربية باستخدام التعلم العميق.
3. مشروع ذكاء اصطناعي للترجمة الآلية
مستوى الصعوبة: متقدم
يعد المترجم الآلي متعدد اللغات من أهم مشاريع الذكاء الاصطناعي، وتتمحور فكرته حول تمكين المستخدم من الترجمة بين لغة وأخرى، مع دعم لغات عديدة ومتنوعة، وذلك مع تحري الدقة في الترجمة والمقارنة بين الترجمات المختلفة للكلمة الواحدة واستخدام الترجمة الأنسب لها، وأخيرًا تكوين جملة واضحة مفهومة سليمة.
الخطوة الأولى من عملية تطوير مترجم آلي متعدد اللغات هي جمع البيانات وتنظيفها ومعالجتها، وتحتاج في هذا المشروع بالذات للبحث عن مجموعة بيانات جاهزة تحتوي على الكلمات بمرادفاتها في اللغات المختلفة مع أمثلة للكلمة في سياقات حديثية عديدة بكل لغة، ثم تعالج هذه البيانات بالبحث فيها عن الترجمات الناقصة أو المفقودة، ثم تترجمها بنفسك.
بعد ذلك تختار منهجية الترجمة ونقترح عليك منهجية الترجمة الآلية العصبية Neural Machine Translation (NMT) لدقة عالية في الترجمة، ومن بعد ذلك تكتب خوارزميات النموذج التي ستتدرب على البيانات، ثم تمنح مجموعة البيانات للنموذج ليتدرب عليها، وتجدر الإشارة لأنَّ هذا المشروع هو من مشاريع الذكاء الاصطناعي التي تتطلب الكثير من الموارد الحاسوبية وقدرات معالجة قوية قادرة على التدرب على البيانات الضخمة. ثم ما إذا انتهى النموذج من التدرب على البيانات يمكنك اختبار دقته في الترجمة بين اللغات المختلفة.
مشاريع ذكاء اصطناعي في مجال الرؤية الحاسوبية
يعد مجال الرؤية الحاسوبية Computer Vision أحد المجالات الحيوية من مجال الذكاء الاصطناعي ويمكن تنفيذ العديد من مشاريع الذكاء الاصطناعي التي تستفيد من قدرة الآلات على تفسير الصور ومقاطع الفيديو وسائر المرئيات والتعرف على محتوياتها مثل تطبيقات التعرف على الوجوه والتعرف على الأشياء وتتبع الحركة، كما تدخل فيه تطبيقات أعقد من ذلك، مثل أنظمة السيارات ذاتية القيادة، وأنظمة الروبوتات، وغيرها.
ومن مشاريع الذكاء الاصطناعي المهمة لمهندسي الرؤية الحاسوبية:
- مشروع التعرف على الوجوه بالذكاء الاصطناعي.
- مشروع ذكاء اصطناعي لتتبع الأشياء المرئية.
- مشروع سيارة ذاتية القيادة.
وإليك شرحًا أوفى عن كل مشروع من هذه المشاريع وطريقة تنفيذه.
1. نظام التعرف على الوجوه بالذكاء الاصطناعي
مستوى الصعوبة: سهل.
يعد نظام التعرف على الوجوه مشروع ذكاء اصطناعي للمبتدئين، وتدور فكرة المشروع حول تطوير برنامج يمكنه تحديد الوجوه في الصور والتعرف على أصحابها، وذلك باستخدام تقنيات تعلم الآلة وتقنيات الرؤية الحاسوبية.
في أولى الخطوات وهي خطوة جمع البيانات نجد صور المشاهير خيارًا جيدًا لتدريب النموذج عليها، إذ تتوفر صورٌ لهم من زوايا مختلفة عبر الإنترنت، فيمكنك تحميل مجموعة من الصور لكل شخص وتصنيفها داخل مجموعة البيانات حيث تكون جميع صور الشخص تحت تصنيفٍ باسمه، ثم بعد ذلك تبني النموذج باستخدام المكتبات وأطر العمل الجاهزة، مثل مكتبة face_recognition في لغة بايثون.
ثم تسمح للنموذج بالتدرب على البيانات والتعرف على الوجوه وتحديد أصحاب هذه الوجوه، ثم إذا ما انتهى من التدرب على مجموعة البيانات يمكنك اختباره على صورٍ غير الموجودة في مجموعة البيانات لنفس الأشخاص الذين كانوا فيها.
طالع المزيد عن أنظمة التعرف على الوجوه بقراء مقال إعداد شبكة عصبية صنعية وتدريبها للتعرف على الوجوه.
2. مشروع ذكاء اصطناعي لتتبع الأشياء المرئية
مستوى الصعوبة: متوسط.
يشير نظام تتبع الأشياء المرئية إلى نظام برمجي يستخدم الذكاء الاصطناعي للتعرف على الأشياء المختلفة في مقاطع الفيديو وتتبعها، كالتعرف على السيارات وتتبعها في أنظمة الرادارات، والتعرف على الأجساد البشرية وتتبعها في أنظمة كاميرات المراقبة.
نبدأ تطوير النموذج بجمع مقاطع للأشياء المرئية التي تود تتبعها، مثل مقاطع متعددة لسياراتٍ تجري على طريقٍ سريع، مع إضافة مربعات حول الأشياء المراد تتبعها في مقاطع الفيديو، ثم تطور نموذجك بإحدى المنهجيتين YOLO أو SSD، ثم تمنح النموذج مجموعة البيانات ليتدرب عليها ويحاول التعرف على الأشياء الموجودة في مقطع الفيديو وتتبع الشيء المطلوب منه تتبعه، ثم تختبر النموذج.
3. مشروع سيارة ذاتية القيادة
مستوى الصعوبة: متقدم.
يعد بناء نظام لسيارة ذاتية القيادة أمرًا صعبًا، نظرًا لتعقيد هذه الأنظمة وكثرة وظائفها وخواصها، ولكنه مشروعٌ تتعلم منه الكثير، وتتضمن أنظمة السيارات ذاتية القيادة أنظمة تتبع للأشياء، كما تتضمن أنظمة لرسم الخرائط وتحديد الطرق.
تمر خلال مشروع تطوير نظام سيارة ذاتية القيادة بمراحلٍ ثلاث:
- الإدراك: تعمل في هذه المرحلة على بناء النظام الإدراكي للسيارة، والذي يساعدها على رسم الخرائط ثلاثية الأبعاد للمكان المحيط، ويساعدها على التقاط صور للطريق ومعرفة الأشياء أمامها، وكذلك يتضمن النظام الإدراكي نظامًا لتحديد السرعة والمسافة، ويعمل أيضًا على معرفة معلومات عامة عن الموقع المحيط باستخدام نظام تحديد الموقع العالمي GPS.
- تخطيط المسار: تبني لنظام السيارة ذاتية القيادة في هذه المرحلة نظامًا داخليًا لرسم الخرائط عالية الجودة، ونظامًا لتحديد أفضل المسارات وأسرعهم للسير فيه مع النظر للظروف الحالية من أجواءٍ وغيرها، كما نُعلِّم النظام كيفية تجنُّب الحواجز من بشرٍ وسياراتٍ أخرى وغيرها من الحواجز.
- اتخاذ القرارات: نجعل النظام قادرًا على السير في المسار الذي خططه قبلًا، ونزده بنظام توقعٍ لحركات المركبات المجاورة، ونحرص في هذه المرحلة على تطوير منطق اتخاذ القرارات التي تؤدي إلى سلامة وأمان الراكب والسيارة.
مشاريع ذكاء اصطناعي في مجال برمجة الروبوتات
تشير برمجة الروبوتات Robotics Programming إلى عملية استخدام إحدى لغات برمجة الروبوتات لتطوير النظام الذي يستطيع به جسد الروبوت أن يبدأ في تنفيذ مهامه، وتساعد برمجة الروبوتات الروبوت على أن يدرك بيئته، ويضع خططًا، ويتخذ قراراتٍ، وينفذ مهامًا، فمثلًا عند تطوير روبوت للتنقل الأرضي نحتاج إلى تزويد نظامه بخوارزميات الرؤية الحاسوبية التي تسمح له بالإدراك والتعرف على الأشياء من حوله، كما نحتاج إلى جعل النظام قادرًا على رسم خرائط، ويحتاج أيضًا إلى خوارزميات لتخطيط مسارٍ والسير فيه، وخوارزميات للتحكم في محركاته وأجزائه الفيزيائية، وغيرها.
ومن أهم مشاريع برمجة الروبوتات:
- مشروع تحريك ذراع روبوت في مسار محدد.
- مشروع مساعدة روبوت على تجنب العقبات.
- مشروع روبوت يتفاعل مع البيئة ويتعلم ويتطور باستقلالية.
وإليك المزيد حول كل مشروع من هذه المشاريع الذكية.
1.مشروع لتحريك ذراع الروبوت في مسار محدد
مستوى الصعوبة: سهل
يهتم هذا المشروع بتطوير خوارزمية لذراع الروبوت تجعله قادرًا على التحرك في مسار محدد مسبقًا لحمل شيء من مكان إلى آخر، ونرى تطبيقات هذا المشروع بكثرة في المصانع المعتمدة كليًا أو جزئيًا على الآلات في تصنيع منتجاتها، إذ تتواجد فيها أذرع روبوتات تنقل المنتجات وتدخلها وتخرجها من آلات التصنيع، ثم تغلفها وتجعلها جاهزة للبيع.
تحتاج أولًا في هذا المشروع إلى ذراع روبوت لتطور الخوارزمية له وتختبرها عليه، فما إن حصلت عليه فابدأ بفحصه وتعرف على مواصفاته وعدد مفاصله والنطاق الحركي لكل مفصل، وتعرف على سائر المستعشرات المدمجة فيه، ثم ابدأ بتحديد المسار المناسب للذراع بناءً على هذه المواصفات، وبعد ذلك ابدأ في تحويل هذا المسار إلى شيفرات برمجية تساعد الذراع على التحرك حركةً بحركة، وحدد سرعة تنفيذ كل حركة في المسار، ثم ثبت النظام على ذراع الروبوت واختبر مدى دقته في التحرك من مكان إلى آخر.
2. مشروع مساعدة روبوت على تجنب العقبات
مستوى الصعوبة: متوسط
يهدف مشروع تطوير نظام يساعد الروبوت على تجنب العقبات إلى تمكين الروبوت من التحرك الحر في بيئة مع تجاوز العقبات المختلفة وعدم الاصطدام بها.
يعتمد هذا المشروع على كتابة خوارزميات لمستشعرات الروبوت، ونمر فيه بثلاث خطوات، أمَّا الأولى فهي تحصيل المستشعرات وبرمجتها بحيث يعرف الروبوت من خلالها ما حوله من مرئيات وماديات، ويتعرف على العقبات المحتملة في طريقه، وأمَّا الخطوة الثانية فهي تحديد الخوارزمية المناسبة للنظام حسب حجم الروبوت والهدف منه وسرعته، وتختار بين الخوارزميات الثلاث: خوارزمية متابعة الحائط Wall-Following أو خوارزمية الميادين المحتملة Potential Fields أو خوارزميات الأخطاء Bug Algorithms، وهذه الخوارزميات مسؤولة عن رسم مسار الروبوت وتجنب العقبات أثناء السير في المسار، وأمَّا الخطوة الثالثة والأخيرة هي اختبار النظام على روبوت حقيقي ومراقبة مدى كفاءته في تجاوز العقبات.
3. مشروع روبوت يتفاعل مع البيئة ويتعلم ويتطور باستقلالية
مستوى الصعوبة: متقدم
يعد نظام روبوت يتفاعل مع البيئة ويتعلم ويتطور باستقلالية واحدًا من أهم وأصعب مشاريع الذكاء الاصطناعي وبرمجة الروبوتات، وكما يتضح من اسم المشروع فإنَّ الهدف منه هو تطوير نظام روبوت يدرك البيئة المحيطة به ويفهم ماهية الأشياء من حوله، ويستطيع أن يتعامل مع المهام المختلفة في مجال محدد ويعالجها، ويتمكن كذلك من التعلم المستمر عن المجال الخاص به والتطور وزيادة القدرة على تنفيذ المهام المتنوعة.
تحتاج أولًا إلى جسد روبوت لتنفيذ هذا المشروع، فإذا ما حصلت عليه فابدأ بتطوير المهام الأساسية للروبوت، بدءًا من التعرف على الأشياء والتقاطها، مرورًا بتخطيط المسارات، وصولًا إلى تخطي العقبات، وغيرها من المهام الأساسية للروبوت، وبعد ذلك طوِّر النظام الحركي للروبوت وطوِّر كذلك النظام الإدراكي له، والذي يساعده على معرفة الأشياء في البيئة حوله والتفاعل معها.
ابدأ بعد ذلك في تطوير خوارزميات تعلم الآلة الخاصة بالروبوت، ونقترح عليك تطويرها بنهج التعلم المعزز Rainforcement Learning، وزوِّد الروبوت بمجموعات ضخمة من البيانات التي تضم معلومات عن المجال التي تود من الروبوت فهمه بعمق وإتقانه، وغالبًا ما تأخذ هذه المرحلة من تطوير الروبوت الوقت الأطول، ولكنها ضرورية لتمكين الروبوت من فهم المجال المختار جيدًا وتعلمه دون الحاجة إلى إشراف بشري، فإذا ما أنهيتها فأعطِ الروبوت مهامًا في هذا المجال لاختباره وتحديد مدى دقته ومدى نجاح المشروع.
تنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي بلغة البايثون
إذا كنت تتساءل ما هي أفضل لغة برمجة لتنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي فإننا ننصحك باعتماد لغة بايثون فهي تعد لغة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتسهل عليك تنفيذ مشاريعك لما تتضمنه من مكتبات وأطر عمل ذكاء اصطناعي قوية من أبرزها:
- تنسرفلو (TensorFlow)
- بايتورش (PyTorch)
- كيراس (Keras)
- نومباي (NumPy)
- سايباي (SciPy)
- سكيت-ليرن (Scikit-learn)
- بلوتلي (Plotly)
- ماتبلوتليب (Matplotlib)
وإن أردتَّ التعرف على مزيد من مشاريع الذكاء الاصطناعي غير المذكورة في هذا المقال بلغة بايثون فيمكنك الاطلاع على كتب الذكاء الاصطناعي المتنوعة التي توفرها أكاديمية حسوب مجانًا، وأهمها كتاب عشرة مشاريع عملية عن الذكاء الاصطناعي.
وإن كنت مهتمًا بالتأسيس السليم في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم على يد خبراءٍ في المجال، مع التطبيق العملي المستمر على كل مصطلح من مصطلحات الذكاء الاصطناعي ننصحك بمطالعة دورة أكاديمية حسوب في الذكاء الاصطناعي، والتي تُحدَّث دوريًا بالمصطلحات والمفاهيم الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتساعدك على تنفيذ العديد من مشاريع الذكاء الاصطناعي العملية المفيدة والتي توائم متطلبات سوق العمل.
اقرأ أيضًا
- 1
- 1
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.