اذهب إلى المحتوى

إذا صوّبنا النظر نحو الأسواق التجارية في يومنا هذا، فسنرى مشهدًا تنافسيًا طاحنًا بين الشركات والعلامات التجارية، إذ ترغب كل شركة في زيادة حصتها السوقية وأن تتغلب على المنافسين لذا تعمل على تحليل المنافسين المحيطين بها باستمرار؛ ولا يقتصر الأمر على الشركات العالمية فحسب، فحتى بائع الخضروات في قرية صغيرة يريد أن يجذب المشترين ويتفوق على جاره.

إحدى السياسات التي يلجأ إليها المنافسون للتفوق على بعضهم البعض هي تحليل المنافسين، وهي موضوع مقالنا هذا، الذي يُعَد بمنزلة دليل شامل للباحث عن مفهوم تحليل المنافسين، بدءًا من تعريف المفهوم والحديث عن أنواع المنافسين، مرورًا بخطوات تحليل المنافسين وشرح تحليل سوات الرباعي SWOT، وختامًا بالحديث عن أهمية تحليل المنافسين.

ما المقصود بتحليل المنافسين؟

تعتمد عملية تحليل المنافسين على جمع المعلومات والبيانات حول الشركات والأنشطة التجارية المنافسة، وذلك بغية المقارنة بين المنتجات والخدمات التي تقدمها كل شركة، وتحديد نقاط القوة والضعف فيها. فضلًا عن مراقبة الإستراتيجيات المتبعة، مثل مراقبة نتائج حملاتهم التسويقية، والاطلاع على سياسات التسعير لديهم.

تساعد عملية تحليل المنافسين على تقييم المنافسين، ومعرفة الحصة التي يشغلونها من السوق، وكيفية تغيّر هذه الحصة عبر الزمن، مما يساعد على إدارة المرحلة المستقبلية، ووضع الخطط والإستراتيجيات التي تعين على تحسين المنتجات والخدمات، ومن ثم زيادة حصة الشركة من السوق والتفوق على المنافسين.

أنواع المنافسين

يمكن تقسيم المنافسين إلى عدة أنواع، بناءً على طبيعة المنتجات التي يقدمونها والسوق الذي يستهدفونه، وفيما يلي نوعين أساسيين للمنافسين الذين يمكن أن تواجههم:

المنافسين المباشرين

هم المنافسون الذين يبيعون منتجات مماثلة لمنتجاتك تحقق نفس الفائدة، ويستهدفون ذات السوق الذي تستهدفه، وعادةً ما يتبادرون إلى ذهنك أولًا عندما تفكر في منافسيك. على سبيل المثال، يمكن أن تُعَد شركة بيبسي Pepsi منافسًا مباشرًا لشركة كوكا كولا Coca Cola، لأن كلاهما يقدّمان نفس المنتج وهو المشروبات الغازية.

المنافسين غير المباشرين

هم المنافسون الذين يقدمون منتجات مشابهةً لمنتجاتك ويمكن أن تعوض عنها، لكنها لا تماثلها تمامًا، فعلى سبيل المثال، تُعَد المطاعم التي تقدم البيتزا منافسًا غير مباشر للمطاعم التي تقدم اللحم المشوي، فكلاهما يقدمان وجبات سريعة للجائعين، مع اختلاف في طبيعة المنتجات.

المنافسين المحتملين

هم المنافسون الذين يستهدفون ذات السوق الذي تستهدفه أو سوقًا مشابهًا له، لكن الفارق أنهم يقدمون منتجات مختلفةً عن منتجاتك ويحلّون مشكلات مختلفة. في هذه الحالة، لا يشكل هؤلاء المنافسون خطرًا مباشرًا عليك، لكن تكمن المخاوف في أن يوسعوا نطاق عملهم، ويطلقون منتجات منافسة لمنتجاتك، وهو ما يجعلهم منافسًا مباشرًا لك.

على سبيل المثال، يُعَد متجر الألبسة في سوق تجاري منافسًا محتملًا لمتجر الأحذية الموازي له، لأنه من الممكن أن يتوسع يومًا ما وتشمل منتجاته الأحذية، لذا ينبغي مراقبة المنافسين المحتملين باستمرار، ومعرفة نشاطهم وتحركاتهم، لأنهم قد يتحولون فجأةً إلى منافسين شرسين يشاركونك في حصتك من السوق.

المنافسين البدلاء

يتشابه المنافسون البدلاء مع المنافسين غير المباشرين في العديد من الأوجه، فكلاهما يقدمان منتجات تحل نفس المشكلة التي تحلها منتجاتك، لكنها لا تماثلها تمامًا. يكمن الفارق بين المنافسين البدلاء والمنافسين غير المحتملين في الفئة المستهدفة، إذ يستهدف المنافسون غير المباشرين يستهدفون فئةً مختلفةً عن الفئة التي تستهدفها، على عكس المنافسين البدلاء الذين يستهدفون ذات الفئة التي تستهدفها، مما يجعلهم أكثر خطورةً.

خطوات تحليل المنافسين

تتطلب عملية تحليل المنافسين الالتزام بمجموعة من الخطوات المتتالية، مما يضمن نجاح العملية وتكامل محاورها، وإليك فيما يلي خطوات متتالية يجب مراعاتها عند تحليل المنافسين:

1. تحديد المنافسين

الخطوة الأولى التي يجب عليك اتخاذها هي إعداد قائمة بالمنافسين، مع فرزهم إلى منافسين مباشرين ومنافسين غير مباشرين، بما يتسنى لك التعامل معهم بناءً على الأولوية، إذ يُعَد المنافسون المباشرون أوّل من يجب استهدافهم وتحليلهم، وفيما بعد، يمكنك توسيع تحليلاتك لتشمل المنافسين غير المباشرين.

2. تحديد المنتجات التي يقدمونها

بعد تحديد المنافسين المباشرين وغير المباشرين، ينبغي إعداد قائمة تشمل جميع المنتجات التي يقدمها المنافسون، فقد تجد بعض منتجاتهم منافسةً لمنتجاتك، في حين تجد منتجات أخرى بعيدةً عن أنواع المنتجات التي تقدمها. لا تنسَ أيضًا أن تجمع بيانات عن حالة منتجاتهم في السوق ومدى إقبال الناس عليها، إضافةً إلى حصة السوق التي يشغلونها.

3. تحديد مزايا منتجاتهم

من المهم عند تحليل المنافسين أن تحدد المزايا التي يقدمونها لعملائهم. إذا كنت تريد أن تسبق منافسيك، فلا بُدَّ أن تنظر إلى نقاط قوتهم والعوامل التي تدفع المستخدمين إلى اقتناء منتجاتهم. يمكنك أن تجري استطلاعات تجمع فيها آراء العملاء، أو أن تراجع مواصفات منتجاتهم، والتي غالبًا ما تتضمن أقوى المزايا التي يقدمونها.

بعد أن تحدد مزايا منتجاتهم، يجب أن تسأل نفسك: "هل تحتوي منتجاتي على هذه المزايا؟" أو على الأقل: "هل أقدم مزايا تعوض المستخدمين عن تلك المزايا التي يقدمها المنافسون؟" إذا كان الجواب "لا"، فاعلم أنك قد خسرت جولةً لصالح المنافسين، ويجب عليك أن تجري التعديلات المناسبة على منتجاتك، لتوفر للمستخدمين ما يحتاجونه من مزايا.

4. تحديد سلبيات منتجاتهم

على الجانب الآخر، لا يكفي أن تعرف مزايا منتجات المنافسين، بل تشتمل عملية تحليل المنافسين على تحديد سلبيات منتجاتهم ونقاط الضعف فيها. يمكنك أن تبحث عن أكثر الجوانب التي يشتكي منها عملاء المنافسين، مما يساعدك على تحسين هذه الجوانب في منتجاتك، وكسب جولة أمام المنافسين.

5. دراسة الأسعار

هناك العديد من العوامل التي تؤثر في تحديد السعر النهائي لمنتجك، مثل تكلفة صناعة المنتج ومقدار الطلب عليه والمزايا الحصرية التي يتحلى بها وغير ذلك، لكن ثمة عامل آخر يؤدي دورًا أساسيًا في تسعير المنتجات، وهو أسعار منتجات المنافسين.

ليس من الضروري أن يكون سعرك مماثلًا لأسعار المنافسين أو منخفضًا عن أسعارهم، لكن الأهم أن يحقق تناسبًا ملائمًا مع الجودة، فعلى سبيل المثال، إذا كان سعر منتجك مرتفعًا عن أسعار منتجات المنافسين، فينبغي أن يتفوق عليهم بالجودة أو المزايا أو سهولة الاستخدام أو أي أمر آخر يقنع المستخدمين بالحاجة إلى دفع هذه الزيادة.

6. دراسة الأساليب والحملات التسويقية

من الجوانب التي يجب الاهتمام بها أثناء تحليل المنافسين هي دراسة الأساليب التسويقية للشركات المنافسة، والنظر إلى مدى تأثيرها في مبيعاتهم، فعلى سبيل المثال، قد تلاحظ صعودًا مفاجئًا في مبيعات أحد المتاجر الإلكترونية المنافسة، وعندما تفتش عن السبب، تجد أنهم قد طرحوا عرض الشحن المجاني على منتجاتهم، مما قد يلهمك ببعض الإستراتيجيات والأساليب التسويقية الفعالة.

من المهم أن تشمل أبحاثك جميع الوسائل التسويقية المُستَخدمة، مع تقييم فاعلية هذه الوسائل. وفيما يلي بعض الأسئلة المهمة التي يجب أن تطرحها أثناء دراسة النشاط التسويقي للمنافسين:

  • ما هي المنصات الاجتماعية التي يتواجدون فيها؟: من الضروري أن تدرس صفحاتهم وقنواتهم في مختلف الشبكات الاجتماعية، وأن تعرف الطرق والأساليب التي يستخدمونها في التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب قياس تفاعل المستخدمين مع المحتوى الذي ينشرونه.
  • هل لديهم مدونة؟: تهدف هذه الأبحاث إلى مراقبة نشاطهم في التسويق بالمحتوى، وتحديد مدى نجاحهم في التصدر على كلمات البحث الأساسية.
  • هل يعتمدون على الترويج عبر المؤثرين؟: واحدة من الإستراتيجيات التي تهتم بها الكثير من الشركات في الفترة الأخيرة هي التسويق عبر المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يُدعَون بالإنفلونسرز Influencers، فقد يؤدي إهمالك لهذا الجانب مع اهتمام المنافسين به إلى تراجع الوعي بعلامتك التجارية.

يجب أن تولي الجانب التسويقي اهتمامًا كبيرًا أثناء تحليل المنافسين، ففيه ستجد أفكارًا تسويقيةً ثمينةً لم تكن تخطر لك من قبل، ومن خلاله ستتمكن من فهم الجمهور المستهدف والعوامل التي تحثه على إكمال عمليات الشراء؛ والأمر الأهم، أنك لن تدع الفرصة للمنافسين لاتخاذ خطوات متقدمة عنك.

7. دراسة موقعهم أو متجرهم الإلكتروني

في خضم كل الخطوات السابقة، من البديهي أن تلقي نظرةً عميقةً على مواقع المنافسين ومتاجرهم الإلكترونية، ففيها ستكتشف بنية موقعهم وسهولة استخدامه، وقد تلاحظ فرقًا شاسعًا على مستوى تجربة المستخدم بينه وبين موقعك الإلكتروني، وهناك يجب أن تسعى إلى إعادة تصميم موقعك أو متجرك بما يجعله متفوقًا على موقع المنافسين، أو على الأقل مماثلًا له.

لا يقتصر الأمر على تجربة المستخدم فحسب، بل إن بحرًا من المعلومات سيكون أمامك أثناء تصفح مواقع المستخدمين، بما في ذلك:

  • كيفية عرض المنتجات.
  • أوصاف المنتجات.
  • العروض وكوبونات الحسم.
  • برامج ولاء العملاء.
  • تسلسل عملية الشراء.

كانت هذه بعض الفوائد التي ستحصل عليها عند تصفح مواقع المنافسين ومتاجرهم الإلكترونية، لذا احرص على منح هذا الجانب الأولوية والوقت الكافي عند تحليل المنافسين.

تحليل سوات الرباعي SWOT لتحليل المنافسين

هو أسلوب تحليلي يُستَخدم لتقييم حالة الشركة في السوق، ومعرفة نقاط قوتها وضعفها، إضافةً إلى تحديد الفرص المتاحة السوق، وكذلك المخاطر المحتملة، فهو إطار تحليلي يهدف إلى تحليل حالة الشركة نفسها، فضلًا عن تحليل المنافسين.

تأتي كلمة SWOT من اختصار للكلمات الأربعة التالية:

  1. نقاط القوة = Strengths
  2. نقاط الضعف = Weaknesses
  3. الفرص = Opportunities
  4. التحديات = Threats

تكمن فائدة تحليل سوات في أنه يساعد الشركات على وضع الخطط والاستراتيجيات المستقبلية، واستغلال الفرص المتاحة أمامها، والتفكير في طرق مناسبة للتعامل مع التحديات والمخاطر المحتملة، الأمر الذي يعزز من فرصها في التفوق على المنافسين وتحسين مركزها في السوق.

فيما يلي مثال توضيحي على تحليل سوات SWOT لشركة المراعي، والذي قد يساعد على فهم تحليل سوات بصورة أفضل:

تحليل سوات SWOT لشركة المراعي من أجل تحليل المنافسين

المصدر: دليلك إلى تحليل سوات الرباعي – SWOT Analysis.

أهمية تحليل المنافسين

بعد مناقشة خطوات تحليل المنافسين، قد تتساءل: ما الفوائد التي أبحث عنها خلف كل هذه المتاعب والتكاليف المادية؟ فيما يلي 4 فوائد أساسية ستحصل عليها من خلال تحليل المنافسين.

تحسين المنتجات

ستتمكن من خلال تحليل المنافسين من التعرف على منتجات المنافسين ومقارنتها بالمنتجات التي تقدمها، وهو الأمر الذي قد يساعدك على تعيين الثغرات ونقاط الضعف في منتجك، فتعمل على إصلاحها وتحسينها؛ كما قد تكتشف العديد من خيارات التطوير أمامك، فيدفعك ذلك إلى إضافة المزايا والتطويرات المفيدة للمستخدمين.

التغلب على المنافسين

اقتباس

تقول الحكمة الشهيرة: "الخطوة الأولى للتغلب على خصمك هي أن تعرفه جيدًا".

لا يمكنك تحقيق أي تقدم على المنافسين ما لم تتمكن من فهم طريقة تفكيرهم والإستراتيجيات التي يتبعونها في عملهم، وهو ما يتيحه لك تحليل المنافسين. فمن خلاله يمكنك استلهام أفكار عمل جديدة، وتطوير الخطط والسياسات التي تساعد على التغلب على المنافسين.

فهم الجمهور المستهدف

بطريقة غير مباشرة، ستصل بعد تحليل المنافسين إلى معلومات كافية عن طبيعة جمهورك المستهدف، إذ تشترك أنت والمنافسين في نفس الفئة المستهدفة من الجمهور تقريبًا أو في طبيعة المنتج ودوره. فعلى سبيل المثال، قد تلاحظ أثناء دراسة صفحات المستخدمين على الشبكات الاجتماعية أن معظم الجمهور هم من فئة المراهقين، وهذا ما يساعدك على فهم التوزيع الديموغرافي للجمهور، ومن ثم إنشاء حملات تسويقية متلائمة مع خصائص جمهورك.

تُعَد مراجعات العملاء وتقييماتهم على منتجات المنافسين كنزًا ثمينًا لاستلهام الأفكار، فمن خلالها ستفهم طبيعة المزايا التي يحبها المستخدمون، وكذلك المشكلات التي يواجهونها؛ كما يمكنك مقارنة آراء العملاء حول منتجاتك مع آراء عملاء المنافسين، وتحديد الفوارق الإيجابية والسلبية بينهما.

جزء مهم من إدارة تطوير المنتجات

تتضمن إدارة تطوير المنتجات العديد من الجوانب المتنوعة، منها دراسة السوق وبناء النماذج الأولية ومعرفة احتياجات العملاء، فضلًا عن تحليل المنافسين، والذي يمثل أحد الدعائم الأساسية لعملية إدارة تطوير المنتجات. وتتصف المنتجات الجيدة بخضوعها إلى إدارة تطوير ناجحة، يقودها مدير منتجات خبير، ولديه القدرة على تحويل الأفكار والمخططات الورقية إلى مشاريع حقيقية، إذ تستلزم إدارة عملية تطوير المنتجات اتباع خطوات متسلسة لبناء منتج مميز.

لذا فإن كنت تطمح لبناء مشروع ناجح وإعداد منتجات مميزة، فيمكنك متابعة دورة إدارة تطوير المنتجات والتي يقدمها نخبة من المدربين على أكاديمية حسوب، إذ يمكنك من خلالها الانتقال إلى عالم تطوير المنتجات للحصول على فرص عمل راقية.

في الختام

تطمح جميع الشركات والأنشطة التجارية إلى زيادة حصتها من السوق وتحقيق دخل أعلى، لكنها تصطدم بالكم الهائل من المنافسين الشرسين، الذين لا يفوتون فرصةً للتقدم إلا واغتنموها.

تتمثل الخطوة الأولى لتصدر السوق في تحليل المنافسين؛ المباشرين منهم أولًا، ومن ثم المنافسين غير المباشرين، حيث لا بُدَّ من فهم المنافسين ومنتجاتهم وأساليبهم حتى تتمكن من تحقيق التقدم عليهم.

المصادر

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...