اذهب إلى المحتوى

إذا كنت قد عملت لفترة طويلة، فيُرجَّح أنك صادفت مديرًا سيئًا. ما أكثر ما أزعجك في ذلك المدير؟ هل كان غير متسامح، أم دائم الانتقاد، أم مُتطلِّبًا، أم سيئ التعامل، أم عدوانيًا، أم مهملًا، أم حاد الطباع، أم غير كفوء؟ أم هل كان أكثر ما سبب لك معاناة نفسية مع ذلك المدير سلوكه الهادف إلى لفت الأنظار، أم موقفه المتمثل في لوم الآخرين وإهانتهم، أم فقدان ثقته بموظفيه، أم غياب النزاهة لديه؟

أجل، صدِّق أن المدير السيئ يجرد موظفيه من طاقتهم العاطفية والذهنية بحيث لا يبقى لديهم ما يكفي منها لإنجاز عمل حقيقي. فالحقيقة المرة هي أنه كلما أهدر الموظفون وقتًا في محاولة "إرضاء مديرهم" والتعامل مع "نوبات غضبه"، قلَّ الوقت المتاح أمامهم لإنجاز عمل جيد.

فبينما يعتقد كثير من المديرين أنهم يمهدون الطريق لموظفيهم ليقدموا عملًا ممتازًا، ينتهي الأمر بهم متسلطين عليهم، فيمنعونهم من التفكير بتأنٍّ. وبذلك، فإنهم في الواقع يقفون عقبة تمنع استغلال إمكانات موظفيهم الحقيقية على أحسن وجه. ومما يزيد الطين بِلّة أن أولئك المديرين لا يدركون تلك الحقيقة؛ وبذلك يكون أسوأ جانب في المدير السيئ أنه غافل عن جهله.

01.image.png

يمهّد سلوك المدير السيئ لفشل موظفيه، ومع ذلك، يتوهم أنه يُبلي حسنًا في أداء دوره. يتحاشى الموظفون الاقتراب منه خشية أن يعارِض أفكارهم، ورغم ذلك، يعتقد ذلك المدير أنه جدير بالثقة بما لديه من مخاوف. يحوِّل المدير السيئ الفشل والأخطاء -التي يفترض بها أن تمثل دروسًا للمستقبل- إلى ساحة لِسَوق الاتهامات وتوجيه اللوم. ولا يصدر قراراته على مستوى الفريق، بل يوظفها أداة للتسلط والسيطرة على الوضع ضمن الشركة. كما تراه يتحدث عن الحرية وتمكين الموظفين، لكن دون أي تطبيق عملي لذلك على أرض الواقع. وإذا أزعجه شخص أو أمر ما، يلتزم الصمت حيال ذلك، على نحو يتناقض مع حديثه العلني عن أهمية الانفتاح والنقاشات البناءة.

كيف يمكن الوثوق بالمدير الذي لا يتطابق قوله مع فعله؟ من شأن ذلك تحويل المدير -الذي يفترض به أن يلعب دورًا رئيسًا في نجاح موظفيه في العمل- إلى المسبب الرئيس لفشلهم.

يقول أندرو غروف Andrew Groove -وهو الرئيس التنفيذي السابق لشركة إنتل Intel- في كتابه High Output Management:

اقتباس

عندما لا يؤدي شخص ما عمله، فيمكن رد ذلك إلى سببين اثنين، هما: إما عجزه عن ذلك، أو فقدان الرغبة به؛ أي إنه غير قادر على أداء عمله، أو غير متحفز له. فعندما لا يؤدي الموظف عمله في الشركة، يفترض المدير السيئ دائمًا أن ذلك الموظف عاجز عنه، ويتجاهل تمامًا أن سلوكه يتسبب في انعدام التحفيز لدى موظفيه؛ أي إن الموظف في هذه الحالة يعلم كيف ينجز العمل، ولكنه مفتقد إلى التحفيز.

تسع علامات تدل على أنك مدير سيئ

قد يكون صعبًا العمل مع مدير سيئ، لكن من السهل أن تحدد المديرين السيئين بوصفهم أسوأ المديرين الذين لديهم بعض الخصائص المشتركة. وإذا كنتَ مديرًا جيدًا ربما (أو ربما تعتقد أنك جيد) فقد حان الوقت الذي تُخضِع نفسك فيه لاختبار واقعي. يتطلب تحديد سلوك المدير السيئ النظر إلى الكيفية التي يعمل وفقًا لها:

1. يدمرون الثقة داخل فريقهم

عندما يرتكب أحد الموظفين خطأً، أو يخفق في أمر ما، أو لا يعرف كيف ينجز العمل، يُشعِره مديره السيئ بأنه غبي، فيقول له مثلًا:

اقتباس

هل حقًا لا تعرف كيف تفعل ذلك؟ يبدو أنني وظّفتُ الشخص الخطأ!

يبرع المديرون السيئون في استصغار أعضاء فريقهم قياسًا إلى الآخرين. فبدلًا من الموازنة بين أدائهم الحالي والماضي، يذكِّرونهم باستمرار بأنهم يفتقرون إلى كذا وكذا، فيتفوهون بعبارات مثل: "لقد كانت الموظفة الفلانية ذات الأداء الأفضل. لِمَ لا تكون مثلها؟ أتمنى لو أنّ بإمكانك فعل كذا وكذا."

والمديرون السيئون ماهرون في انتقاد نقاط الضعف لدى أعضاء فريقهم، ولا تراهم بالمقابل يعترفون بنقاط قوتهم. فبدلًا من مساعدة موظفيهم على التطور والاستثمار في نموهم، يختلقون الأعذار وفقًا لذهنية جامدة مفادها أن للناس مهارات ثابتة، ولا يمكن لمن ليسوا جيدين فعل الكثير للتطوّر، فيقولون عبارات مثل: "لن تصبح موظفة جيدة بما فيه الكفاية!" أو مثل: "ليس لديه الإمكانات اللازمة لإنجاز ما يتطلبه هذا العمل!"، وباعتناقهم هذه الذهنية، يتخلى المديرون السيئون عن أعضاء فريقهم الذين لا يُبلون حسنًا، وذلك بدون منحهم الفرصة لإثبات أنفسهم.

فبدلًا من أن يرتقي المديرون السيئون بأعضاء فريقهم عبر بناء الثقة بهم، تجدهم ماضين في إحباطهم باللوم والاتهامات. هناك مقولة مشهورة للشاعرة الأمريكية مايا أنجيلو Maya Angelou:

اقتباس

ينسى الناس ما قلت، وينسون ما فعلت، لكنهم لا ينسون أبدًا كيف جعلتهم يشعرون.

وفي الخلاصة، يهدم المديرون السيئون الثقة لدى أعضاء فريقهم، وبالنتيجة، يقتلون التحفيز الذي يدفعهم لإنجاز الأفضل.

2. لا يتقنون التعامل مع العواطف

تجري الأمور على ما يُرام أحيانًا، لكن الوضع لا يكون كذلك في أحيان أخرى؛ إذ إن بعض الأيام سيكون مشرقًا وساطعًا، وبعضها الآخر باهتًا. فالمشاعر الجيدة والسيئة جزء من الحياة والعمل، ومثلها مثل السكة الأفعوانية في مدينة الملاهي التي ترتفع بك وتنخفض؛ فإنك تارة تشعر بالابتهاج وطورًا بالإحباط.

قلتُ ذلك سابقًا؛ ليس سهلًا أن تكون مديرًا، إذ لا يتعلم الجميع كيف يتعاملون مع المشاعر المؤلمة التي هي جزء من العمل، لكن ذلك هو ما يميّز المدير السيئ من الجيد.

غالبًا ما يقفز المديرون السيئون إلى الاستنتاجات ليطلقوا الأحكام أثناء التعامل مع خلاف ما، وذلك بدلًا من التأني وانتظار الوضوح في مشاعرهم وأخذ وقتهم في التوفيق بين الحقائق. أي إنهم يتبعون موقفًا "إما معي أو ضدي"، فتجدهم يتصرفون على نحو دفاعي بالصراخ، أو التنابز بالألقاب (القدح)، أو بالتصغير والاستهزاء، أو باستخدام لغة جسد عدائية، وغيرها من التصرفات غير اللائقة التي من شأنها تكريس بيئة عمل مشحونة.

كما يتخذ المديرون السيئون القرارات بناء على العواطف، إذ ينطوي كل قرار يصدر عنهم على السؤال التالي: "كيف يجعلني ذلك أبدو؟" بدلًا من: "هل أتخذ القرار الصحيح؟" أي إنهم ينظرون إلى الاختلاف معهم في الرأي على أنه هجوم شخصي عليهم، وينم عن قلة احترام تجاههم، بدلًا من عد ذلك فرصة للوصول إلى إجابات صحيحة. يخشى المديرون السيئون من خسارة سلطتهم إذا عارض الآخرون وجهة نظرهم.

لا يصغي المديرون السيئون للآخرين، بل يريدون أن يستمع الآخرون إليهم فقط. ولا يقبلون المسؤولية، بل يودون فقط تلقي الإشادة والتعظيم. كما لا يريدون اتخاذ القرار الصحيح، بل القرار الذي يرضيهم.

يسمح المديرون السيئون لعواطفهم بأن تقود تفكيرهم وتغلفه بحيث لا يصدرون الأحكام على نحو موضوعي، بل على أساس تلك العواطف.

3. يفرضون التواصل عبر سلسلة القيادة

تتمثل الطريقة الأفضل لحل المشاكل ضمن الشركة في تمكين الأشخاص عبر الوظائف وفِرَق الموظفين المختلفة من التحدث إلى بعضهم بعضًا، وفي إشعار الموظفين هناك بالراحة في التعاون بدون قيود، وبعدم السماح للهرمية الإدارية بإبطاء التواصل أو بأن تكون سببًا للتأجيل.

أما المديرون السيئون، فيفعلون العكس، إذ يفرضون التواصل بين موظفي الشركة عبر سلسلة القيادة، والتي تعني أن كل خطوة في التواصل ينبغي أن تمر عبر المدير. فيُجبر أعضاء الفريق على التحدث إلى مديرهم، الذي بدوره يتحدث إلى مدير آخر في فريق موظفين آخر لتأمين التواصل مع الشخص المطلوب في ذلك الفريق. ولا تنتهي تلك الدورة عند هذا الحد؛ فبينما تتدفق المعلومات بالاتجاه المعاكس، تُطبّق سلسلة القيادة غير الفعالة ذاتها مجددًا. وبذلك، يستغرق الأمر -الذي يمكن الانتهاء منه بدقائق قليلة عبر الحديث إلى الشخص المقصود وجهًا لوجه- أيامًا وأكثر. ويترافق ذلك مع جميع أنواع المشاكل بدءًا بالالتباس، مرورًا بقلة الوضوح، وسوء التفاهم، وعدم الاتساق. وعندما ينخرط كثير من الأشخاص في هذه المعادلة، يتحول كل حل سهل إلى عملية شديدة التعقيد.

تجعل الممارسة غير الفعالة ضمن الفريق المدير بمثابة عنق الزجاجة الذي يعيق جميع أشكال التواصل ضمن فريق الموظفين وخارجه. فصحيح أن سلسلة القيادة قد تعزز سلطة المدير، لكنها تفشل في خدمة الشركة وموظفيها. يرغب المديرون السيئون في البقاء في موقع السلطة حتى وإن كانت نتيجة ذلك إبطاء عمل فريقهم.

4. يرفضون الاعتراف بالأفكار الجيدة

يرفض المديرون السيئون كل ما من شأنه كسر الروتين، وكل ما ينطوي على مخاطرة، والذي لا يتناسب مع النجاحات التي حققوها في الماضي، ولا ينسجم مع أفكارهم الخاصة. فتجدهم منهمكين في إجهاض الأفكار التي لا يستطيعون الإصغاء إليها بفعالية.

لماذا يجد المديرون السيئون دائمًا الأسباب لرفض الأفكار الواعدة؟

الجواب: لأنهم يخشون من انعكاس الفشل على كفاءتهم، إذ سيضر ذلك بمصداقيتهم ومسيرتهم المهنية. فهم لا يريدون إحراج أنفسهم أمام موظفيهم، وذلك عبر الالتزام بالإيجابية الكاذبة؛ فيصوِّرون الأمر على أنه سيكون كارثة في حال الفشل، لكنه لا يعدو أن يكون إخفاقًا لا مشكلة فيه. فيعتقد المديرون السيئون أنَّ رفض فكرة ممتازة لا ينطوي على أي تكلفة، وأنَّ البقاء ضمن دائرة الأمان يحافظ على صورتهم ما دام أنّ الآخرين لا يرون الإخفاقات غير المرئية.

يتمسّك المديرون السيئون بالرهانات الآمنة، مدفوعين بالرغبة في أن يظهروا بمظهر جيد ويحافظوا على ماء وجههم، وهو ما يعني رفضَهُم جميع الأفكار التي قد تكون ممتازة. تأسرهم ذهنيتُهم اللامعة ضمن الحدود التي رسموها لأنفسهم، والتي يفشلون في اتخاذ خطوة واحدة خارجها لاستكشاف الاحتمالات.

يُجهِض المديرون الأفكار الجيدة، فيحوّلون المكاسب المحتملة إلى خسائر غير مرئية.

5. يفشلون في التوجيه

يمارس المديرون السيئون القيادة بالغموض بدلًا من الوضوح. إذ لا يُمنَح أعضاء الفريق توقعاتٍ واضحة، وليس لديهم معيارُ فصل بين مسؤولياتهم وبين المهام المكلفين بها، كما يفتقدون السياق اللازم لاتخاذ القرارات. ولا يعلم أعضاء الفريق -على المستوى الفردي- أين هم ذاهبون، ولا مدى تناسُب عملهم مع أهداف فريقهم.

وما دام أن أعضاء الفريق لا يعرفون ما الذي يمضي بهم قُدُمًا، وما الذي يرجع بهم إلى الوراء، فإنهم يستمرون في أداء عمل لا أهمية له على حساب تقديم إسهامات كبرى فيه. لا يستطيع أعضاء الفريق تمييز الحلول التي تتطلب مزيدًا منَ الشرح من تلك التي تكون المعلومات ذات الصلة بها ناضجة بما يكفي لوضعها موضع التطبيق. ويضيع كثير من الوقت في النقاشات التي لا تضيف الكثير من القيمة، بالتوازي مع عدم إيلاء اهتمام كافٍ بالعمل، وهو ما سيعيق نموهم إلى حد كبير.

تقول سيدة الأعمال جولي زو Julie Zhuo: "يتمثل الجزء الأهم من عملك مديرًا في ضمان أنّ فريقك يعلم كيف يبدو النجاح، وأن يهتم بتحقيقه". فإذا لم يكن المدير قد أبلغَ موظفيه ما المتوقع منهم، فكيف لهم أن يحققوا تلك التوقعات؟ ثم كيف للأشخاص أن يتخذوا القرارات الصحيحة عندما لا يكون لديهم أدنى حس بالتوجيه؟

يقلق المديرون السيئون حيال النتائج من دون تحديد الأهداف أو توفير السياق الذي يقود إلى تلك النتائج.

6. لا يضعون معايير السلوك المقبول

يحبّ كل موظف أن يُقرّ مديرُه بالعمل الشاق الذي أنجزَه، وأن يحظى بتقديره عليه. فالكل يريدون أن يلاقوا الاحترام والإعجاب. ويشعر الأشخاص بأنهم أكثر التزامًا بالعمل، وبأنهم متحفزون لإنجازه بجدّ أكبر، والاستمتاع بالجهد الذي يبذلون، عندما يعلمون أن إسهاماتهم تُحدِث فرقًا. وهنا يُطرَح سؤالٌ مفاده: ما الطريقة الأفضل لجعل الناس يشعرون بأنهم يحظون بالتقدير؟ والجواب: بإعطائهم تقييمًا إيجابيًا، أي بالاعتراف بجهودهم. وإذا كان المدير واضحًا بشأن أفعال موظفيه، فمن شأن ذلك أن يُحدث فرقًا لأنه يعطيهم فرصة تكرار تلك الأفعال الجيدة، ويدفع بتميّز الفريق إلى الأمام.

لا يكفي أن تقول للموظفين عما يفعلونه على نحو صحيح، فلا يقل أهمية عن ذلك أن تكون قدوةً لهم، وذلك بألا تتسامح مع السلوك السيئ. إذ يحتاج الموظفون إلى أن يعرفوا ما الذي يفعلونه على نحو صحيح، وعلى نحو خاطئ كذلك؛ فلا تقل أهمية تعزيز السلوكيات الجيدة عن أهمية وضع حد للسيئ منها.

يقول ضابط البحرية الأمريكية السابق ليف بابين Leif Babin: "بوصفك قائدًا، وعندما يتعلق الأمر بالمعايير، فلا يهم ما تعِظ به، بل ما تتسامح فيه". فإذا حظي أحدُ الإنجازات الذي دون المعايير المطلوبة بالقبول عند وضع التوقعات -بصرف النظر عما كُتِب أو قيل- ولم يُحاسَب أحد (أي لم يترتب على ذلك أي نتائج)، يغدو ذلك السلوك الذي لا يرقى للمعايير الموضوعة هو المعيار الجديد.

لا يحرك المديرون السيئون ساكنًا لمواجهة السلوك السيئ، فيتركون انطباعًا مفاده أنّه يمكن لأي أحد التملّص من نتائج الأداء المتواضع أو السلوك غير المقبول. كما لا تجد لدى المديرين السيئين أي اهتمام بموظفيهم، ويخفقون في ملاحظة العمل الجيد الذي يؤدونه، وفي تقديرهم له؛ فلا يمتدحونهم عليه. علاوة على ذلك، لا يدافع أولئك المديرون عن أعضاء فريقهم، ولا ينصرونهم عندما يقعون في خلاف مع غيرهم، ويفضلون التزام الصمت عندما يضايق موظفٌ من قسم آخر واحدًا من فريقهم.

يحدّ المديرون السيئون -الذين لا يكترثون كفاية لإعطاء تقييمات لأعضاء فريقهم- من إنجازات أولئك الموظفين، فيسمحون لموظف متقاعس بأن يضرّ بالفريق برمّته.

7. يقودون من منطلق الخوف

تتملّك المديرين السيئين مجموعةٌ من المخاوف، منها: الخوف من الفشل، ومن ارتكاب الأخطاء، ومن فقدان المصداقية، والخوف من الحال الراهنة، ومن المجهول، والخوف من التعرّض للانتقاد، ومن التغيير، إلخ… إذ لا يقود المدير السيئ بالخوف فقط، بل يفتقر إلى الوعي الذاتي الذي يحتاج إليه للإقرار بالتأثير السلبي لأفعاله على مَن حوله. كما يتجاهل ذلك المدير التقييمَ الذي يتناقض مع معتقداته الخاصة حول نفسه.

يتصرف المدير السيئ تارة بوصفه مديرًا تفصيليًا يتدخل في أدق تفاصيل عمل موظفيه وكأنه صقرٌ لا تفوته صغيرة ولا كبيرة، وطورًا باتّباعه استراتيجية ترهيب لدفع الموظفين إلى إنجاز عملهم. كما يُسمّي الأخطاء قبل أن تُرتَكَب حتى، وتراه يتجنب التحديات ويبقى ضمن دائرة المعلوم لينجوَ من الفشل بأي ثمن، وينجرّ وراء الآراء الشائعة بدلًا من تكوين أخرى خاصة به، ويُسكِت الآراء المُخالِفة له في ممارسة للانحياز التأكيدي. كما يتحاشى القرارات الشجاعة ليقيَ نفسه المشاكل لاحقًا.

وحتى لو تركَ اتّباعُ المديرين السيئين لأسلوبَ القيادة بالخوف تأثيرًا هائلًا على الأشخاص ضمن الشركة، يبدأ الموظفون التصرف على نحو دفاعي بدلًا منه فضوليًا، ويهدرون وقتهم وجهدهم رغبة منهم في أن تكون تصرفاتهم صحيحة، دون أن يتعلموا ويعملوا، مدفوعين إلى ذلك بالرغبة في حماية الاحترام الذاتي، وذلك بدلًا من أن يشعروا بالأمان عند المخاطرة والتعرًّض لكل جديد.

يقود المديرون السيئون أعضاء فريقهم إلى التصرف بخوف أيضًا، وذلك بسبب جعلهم من الخوف الحاكمَ الرئيس على القرارات التي يتخذونها.

8. تطغى عواطفهم على إنصافهم

يتخذ المديرون السيئون قراراتهم على أساس حبهم للشخص بدلًا من مدى كونه شخصًا جيدًا فعلًا. إذ يعدّون بعضَ الموظفين جديرين بالتقدير، وبعضهم الآخر لا نفع منهم. ويرون أن هناك موظفين موهوبين، وآخرين بلا فائدة، وموظفين يستحقون الترقية، في حين لا يستحق آخرون منهم الوقت حتى.

يميل المديرون السيئون إلى الانحياز التأكيدي على نحو انتقائي، فيأخذون بالمعلومات التي تعزز ما يعتقدون به، ويرفضون بالمقابل أيَّ دليل يعارض ذلك. وهم ماهرون في تحريف المعلومات وفبركة قصص تتماشى مع المعتقدات والافتراضات التي يعتنقون، فينظرون مثلًا إلى الإجازة المَرَضية التي يقدمها أحد الموظفين على أنها تكاسُل، وإلى إخفاق الموظف في تسليم العمل خلال الموعد المحدد على أنه قلة كفاءة، وإلى غيابه عن اجتماع بوصفه قلة احترام، وإلى طرحه الأسئلة على أنه إظهارٌ للتفوّق. لا يفعلون شيئًا في سبيل التثبّت من افتراضاتهم المسبقة، ويسارعون في التوصل إلى نتائج متوافقة مع تلك الافتراضات.

يمكن للجميع ملاحظة أنهم أشخاصٌ مُحابُون، فيُرقّون أعضاء فريقهم على أساس محبتهم لهم، وليس على ما لدى أولئك الموظفين من إمكانات، ويوظِّفون الأشخاص الذين يُقدّرونهم بوصفهم مديرين، دون الذين يُعدّون جيدين للشركة. يمكن للجميع ملاحظة ذلك، إلا هُم؛ فعيونهم لا تُبصر انحيازهم.

لا يمنح المديرون السيئون فرصًا متكافئة لأعضاء فريقهم؛ إذ يطغى انحيازهم لموظف يحبونه، وازدراؤهم لمن سواه، على قدرتهم على التصرف بإنصاف.

9. يحاولون لجم الموظفين ذوي الأداء العالي

ينظر المديرون السيئون إلى موظفيهم المُجدّين ضمن فريقهم على أنهم يمثلون تهديدًا لصورتهم، فيقول أحدُهم لنفسه أمورًا من قبيل: "كيف سأبدو في عيون الآخرين إذا كان لدى الآخرين ضمن فريقي معرفة أكثر، أو أدوات أو مهارات أفضل من التي لديّ؟ "هل سيشككون بسُلطتي؟ هل سيحترمونني؟ هل سأخسر عملي؟"

إنّ خوف المديرين السيئين من تفوّق الموظفين المُجدّين عليهم يمنعهم من استغلال إمكاناتهم الحقيقية، ويجعلهم يعزفون عن استغلال الفرص المناسبة؛ مما يجعلهم بعيدين عن الأضواء، ويتصرفون وكأنهم عارفون بكل شيء، ويقدمون نصائح لم تُطلَب منهم للأشخاص ضمن مجالات خبرتهم واختصاصهم.

والمديرون السيئون أقل تركيزًا على الحفاظ على أفضل مهاراتهم وعلى تعزيز ثقافة تميُّز، وأشدّ قلقًا من إمكانية أن يقلل أداءُ الآخرين من شأنهم ومن القيمة التي يُعطونها لمنصبهم في الشركة. وعندما يترك الموظفون المُجدّون الوظيفةَ بسبب السلوك غير الناضج لمديريهم، وبسبب التكتيكات التي يتبعونها للبقاء في موقع التحكُّم والسيطرة، تجد أولئك المديرين يلقون باللوم على الموظفين الذين تركوا العمل، بدلًا من النظر بصورة موضوعية إلى تصرفاتهم التي كانت السبب الرئيس في هروب موظفيهم. والأسوأ من ذلك أن بعض المديرين يشعرون بالارتياح عندما يترك أحد الموظفين المُجدّين الوظيفة لديهم، وكأنهم يقولون لأنفسهم حينذاك: "أخيرًا أصبح بإمكان فريقي رؤية نبوغي، يمكنني أن أشعّ من جديد!".

لا يستغل المديرون السيئون وجود موظفين مُجدّين لديهم بوصفه محرّكًا للنمو، بل يحاولون لَجمَهم بحيث لا يتأثر احترامهم لذواتهم.

هل تودّ إصلاحَ ذلك؟ إليك إذًا هذه النصائح من روبرت سوتون Robert Sutton:

  1. اعتنق الآراء القوية، ولِيَكُن لديك معتقدات على نحو أسبوعي.
  2. لا تُعامل الآخرين كما لو أنهم مُغفّلون.
  3. أصغِ بانتباه إلى موظفيك، ولا تتظاهر بذلك فقط.
  4. اطرح كثيرًا من الأسئلة الجيدة.
  5. اطلب مساعدة الآخرين، واقبل دعمهم بامتنان.
  6. إذا كنت لا تعرف الإجابة، فلا تتردد في القول إنّك لا تعرف.
  7. سامِح الأشخاص عندما يفشلون، وتذكَّر الدروس، وعلّمها للجميع.
  8. دافِع عن نفسك كما لو كنت مُصيبًا، واستمِع للآخرين كما لو كنت مُخطئًا.
  9. لا تُضمِر الحقد تجاه أحد بعد خسارة نقاش أو جدال معه، بل ساعده على تطبيق أفكاره بكل ما أُوتيتَ من قوة.
  10. اعرف أخطاءك ونقاط ضعفك، واعمل مع من يقويك ويجبر ضُعفك.
  11. عبّر عن امتنانك لمن حولك.

الملخص

  • يقوّض المديرون السيئون الثقة بين أعضاء فريقهم، والتحفيز لإنجاز الأفضل.
  • يسمحون لعواطفهم بأن توجّه تفكيرهم، فتشوِّش قدرتهم على المحاكمة العقلية بوضوح.
  • يفضّلون البقاء في مركز سلطة بالرغم من تسببهم بإبطاء نمو فريقهم.
  • يرفضون تطبيق الأفكار الجيدة فيتسببون بتحويل المكاسب المحتملة إلى خسائر غير مرئية.
  • القلق من النتائج دون تحديد الأهداف أو توفير السياق الذي يُوصِل إلى تلك النتائج.
  • لا يكترثون كفاية لإعطاء تقييمات إلى أعضاء فريقهم، فيحدون بذلك من إنجازاتهم ويسمحون لموظف متقاعس بأن يضر بالفريق ككل.
  • بسبب جعل المديرين السيئين من الخوف المحركَ الرئيس لجميع قراراتهم، فإنهم يدفعون أعضاء فريقهم إلى التصرف على أساس الخوف.
  • لا يُعطون فرصًا متكافئة لأعضاء فريقهم، فانحيازهم لشخص دون آخر يمنعهم من التصرّف بإنصاف.
  • لا يستغلون موظفيهم المُجدّين بوصفهم محركًا للنمو، بل يقيدونهم ليحافظوا على احترامهم الذاتي.

ترجمة وبتصرف للمقال How Bad Managers Work: 9 Signs of a Terrible Manager لصاحبته Vinita Bansal.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...