اذهب إلى المحتوى

يتلخص "التوجه للعميل" في فكرة واحدة؛ هي: مساعدة الآخرين. فبهذه البساطة التي تبدو عليها، تمثل تلك الفكرةُ المفتاحَ لنجاح الشركة في تحقيق ذلك.

وبينما هناك العديد من المهارات التي تحتاج إليها لمساعدة العملاء بفعالية، فهناك نظرة أكثر عمقًا تحيط بالأعمال اليومية لجميع عناصر خدمة العملاء. وتضيف الخصائص الجوهرية التي تجعل الشركة موجهة للعميل إلى القدرة على تحقيق الهدف النهائي المتمثل بمساعدة الآخرين، بصرف النظر عن التحديات التي تظهر على طول الطريق.

سنستكشف في هذا المقال المفاهيم الرئيسة لثقاقة التوجّه للعميل، وسنعطي بعض الأمثلة عن شركات موجَّهة للعميل وكيفية عملها، كما سنقسّم الخطوات حول كيفية التشجيع على تبنّي منظور التوجّه للعميل ضمن فريقك أو شركتك.

ماذا يعني التوجه للعميل؟

هو نهج يقوم على حلّ مشاكل العميل أولًا قبل الالتفات إلى تلبية احتياجات الشركة. فبدلًا من التركيز على الطريقة المتاحة لتقديم الدعم للعملاء، الأكثرِ سرعة وتوفيرًا للنفقات، تكون فِرق الموظفين والشركات الموجهة للعميل متوائمة مع احتياجات العملاء بحيث تقدِّم تجربةَ عميل مريحةً ومذهلة إلى أبعد الحدود.

تتبنّى العديد من الشركات نهجًا موجّهًا للمبيعات، والتي بدلًا من التركيز على عملائها واحتياجاتهم، تختار ما من شأنه زيادة أرباحها. قد يبدو ذلك مثل فريق نجاح عملاء Customer Success Team يركّز على معايير الحجم والتوسّع، بدلًا من تطوير الأرقام الخاصة بتبنّي المنتج Product Adoption، والوفاء بالقصص التي يُخبرها عن الشركة. وتختار شركات أخرى التركيز على منتجاتها بدلًا من عملائها.

تُثبت الممارسةُ صحة العبارة التالية بالفم الملآن: لا تستمر شركتنُا بدون عملائنا؛ إذ ترى الشركات التي تتميز بنهجها الموجه للعملاء أن عملها متمحور حول مساعدة عملائها، وليس مقتصرًا على بيع المنتجات أو تقديم الخدمات.

تُركّز الشركاتُ الموجهة للعملاء هيكليةَ عملها التجاري برمتها على عملائها. لذا، وبالتوازي مع أهمية أن تستوعب فِرَق خدمة العملاء محورية عملها بالنسبة لهدف الشركة، تقع مسؤولية تنفيذ تلك الرؤية على جميع الفرق الأخرى في الشركة.

على جميع الأشخاص في شركتك -وليس فقط مَن يتعاملون مباشرة مع العملاء- الاضطلاع بما يلي:

  • استيعاب ما يحتاج إليه العملاء.
  • معرفة ما يهتمون له.
  • التفكير في تأثير العملاء على نحو مستمر.
  • الإصغاء إلى العملاء.
  • إعطاء العملاء ما يعدّونه ذا قيمة (بدلًا مما تراه شركتك كذلك).

عندما تتركز كل خطوة تخطوها شركتك على تلبية احتياجات العملاء، فيمكن لهم ملاحظة ذلك.

خمسة أمثلة على التوجه للعميل

بعدما استوعبتَ معنى التوجّه للعميل، ما رأيك في الاطلاع على قصص شركات تطبّق ذلك؟ إليك خمسة أمثلة على التوجّه للعميل لدى شركات كبرى.

1. شركة آبل Apple

تستوعب شركة آبل احتياجات عملائها على نحو استباقي، وتعمل على تلبيتها. خد منتجها آي بود iPod مثالًا؛ فقد كان هناك منتجات مماثلة له في السوق وقت إطلاقه، لكن معظمها لم يحتوِ على أكثر من ثلاثين أو أربعين أغنية. وكان ذلك كافيًا بالنسبة لمعظم المستخدمين المعتادين في ذلك الوقت على مشغل الأغاني من ماركة ووكمان Walkman، ومُشغّلات الأقراص المدمجة المحمولة.

أتى منتَجُ آي بود عند إطلاقه للمرة الأولى بذاكرة تخزين بلغ حجمها 5 غيغابايت، وهو ما كان يكفي لتخزين 1000 أغنية تقريبًا؛ الأمر الذي حيّر عقول المستخدمين، ولكنه كان تمامًا ما أراده أولئك العملاء، الذين لم يخطر ببالهم حتى أن يطلبوا من الشركة أمرًا مثل ذاك.

لا يقتصر تطبيق شركة آبل نهجَ التوجّهَ للعملاء عبر تطوير المنتج فحسب، بل وفي تجارب الشراء عبر الإنترنت داخل متاجرها الإلكترونية أيضًا.

تشجّع هذه الشركة موظفيها على استيعاب السبب الذي يدفع عملاءها لشراء منتجاتها. إذ لا تقتصر تجربة الشراء من منتجات الشركة على قدوم العملاء إلى متاجرها واختيار جهاز حاسوب ثم المغادرة، بل ينخرط موظفو آبل في مناقشة واكتشاف مع عملائها أثناء عملية الشراء.

يسعى موظفو متاجر آبل جاهدين إلى استيعاب عما يبحث عملاؤهم بالتحديد، بحيث يخرجون وقد حصلوا على أفضل أجهزة تلبّي احتياجاتهم. أي لا تهدف الشركة إلى جمع مزيد من المال بقدر ما تسعى إلى تقديم تجربة أكثر مثالية وتخصيصًا لكل عميل يدخل متاجرها.

2. شركة إنتل Intel Corp

لم تكن شركة إنتل دائمًا الاسم المشهور الذي هي عليه اليوم. فحتى العام 2000، كانت في مرتبة متواضعة، واعتمدت بشدة على كونها "ذات المنتج الأفضل"، وليس المنتج الذي يلبّي احتياجات العملاء.

وقد بدأت تتراجع أمام علامات تجارية أخرى أكثر إبداعًا ومرونة، مثل شركة آبل التي استوعبت أكثر من شركة إنتل ما كان المستخدِم النهائي يفعله بالجهاز الذي يشتريه. ولكن، وبدلًا من أن تصنع منتجات تُلزِم بها العملاء، أجرت شركة إنتل دراسة مكثّفة حول حالات الاستخدام التجاري، وكيفية ارتباط ذلك باحتياجات العميل المتغيرة.

ثم انتقلت إنتل من شركة مشهورة بهندستها الممتازة ومنتجاتها التي تحتل الصدارة، إلى شركة أكثر مرونة تأخذ بالحسبان مزيدًا من جوانب تجربة المستخدِم، مثل الصناعة التي عمل فيها المشتري، والغرض من استخدامه للجهاز، وميزانيته حتى.

3. شركة ريتز كارلتون Ritz Carlton

أُلِّفَت كتبٌ عن شركة ريتز كارلتون حول كيفية تكريس تجربة عميل مميزة. وهناك عشرات القصص التي يرويها عملاء هذه الشركة حول الوقت الذي استغرقه موظفوها لجعلهم يشعرون بالاهتمام. ومن الأمثلة على ذلك كتابة ملاحظات في قسم خدمة العملاء الداخلي تتعلق بتفصيلات العملاء الخاصة بوجبة الفطور، ومشروباتهم المفضلة، وتسجيل المناسبات السنوية المهمة للعملاء، مثل الذكرى السنوية للزواج، وأعياد الميلاد.

لا يقتصر الأمر على تسجيل تلك الملاحظات؛ بل تُمكِّن هذه الشركة موظفيها من اتخاذ إجراءات تهدف إلى إرضاء العميل. إذ تمنح شركة ريتز كارلتون كل موظف لديها مبلغ 2000 دولار بعد كل حادثة تقع لكي يتوصلوا إلى حل للمشاكل. لاحِظ أن ذلك المبلغ مخصص لكل "مشكلة أو حادثة"، وليس "لكل عميل" ولا "لكل إقامة"؛ فيمكن للموظف هناك استخدام تلك الميزة عدة مرات في اليوم ذاته، لصالح عميل واحد، في حال احتاجت عدة مشاكل إلى إيجاد حلول لها.

لا يقتصر التوجّه للعميل على معرفة عملائك؛ بل يمتد إلى تمكين موظفيك من البناء على تلك المعرفة.

4. شركة هارلي ديفيدسون Harley Davidson

عند التفكير في التوجه للعميل، يُستبعَد أن تكون شركة الدراجات النارية هذه من بين أوائل الشركات التي خطرت على بالك. ولكن الحقيقة أن القائمين عليها يعلمون جيدًا مدى أهمية التوجّه للعميل، خصوصًا إذا أرادوا الحفاظ على علوّ كعبها بين شركات الدراجات النارية حول العالم.

يتجلّى مستوى العناية هذا، والاهتمامُ بالتفاصيل، خير تجلٍّ في المقابلة التي يجريها القائمون على هذه الشركة للراغبين في الحصول على وظيفة لديها؛ إذ عليهم إثبات أن لديهم معرفة وفهمًا لآلية عمل الدراجة النارية من الداخل، كما يُمتَحَنون للوقوف على مدى إلمامهم بدراجات هارلي- ديفيدسون عمومًا.

توظِّف الشركةُ أشخاصًا استخدموا منتجاتها في السابق لأنهم الأكثر قدرة على استيعاب، ما يجده العملاء المحتملون مهمًا وذا قيمة، وشرحِه.

5. شركة يو بي إس UPS

بدأت شركة الشحن والخدمات اللوجستية يو بي إس UPS في ثمانينات القرن المنصرم تستشعر الخطر الذي كانت تمثّله شركاتٌ منافِسة بديلة ظهرت على الساحة آنذاك. فقد ظهر لدى العملاء مزيد من الاحتياجات المتعلقة بالشحن. وبالتزامن مع ذلك، بات يتوفر مزيد من خيارات الشحن لتلبية تلك الاحتياجات. وكان ذلك يعني أنّ على هذه الشركة أن تأتي بشيء مختلف عن منافسيها.

وكان عليها الغوص عميقًا لتستوعب طريقة تحقيق التغيير، ولتكتشف المكان الذي وجد فيه عملاؤها القيمة الكبرى. فطوّرت في نهاية المطاف خمسة عشر فريقًا متداخل الوظائف (Cross-Functional Team) مهمتها إيجاد حلول للمشاكل التي واجهها أكبرُ عملائها. فانتهى الأمر بتحوّر تلك الفرق إلى قطاع جديد كليًا خاص بالعمل التجاري لهذه الشركة؛ وهو قطاع الخدمات الاحترافية.

من أفضل علامات التوجه للعميل تحويل مسار استراتيجية عملك التجاري للتعامل مع احتياجات عملائك الحالية.

كيف تبني شركة وثقافة موجهتين للعميل

بعد الاطلاع على تجربة تلك الشركات الناجحة أعلاه، لا بد أنه بات واضحًا مدى تأثير بناء شركة موجهة للعميل. وبعيدًا عن النجاح التجاري، يُعدّ ذلك مؤثّرًا أيضًا بالنسبة لعملائك؛ إذ تحصد الولاء والثقة من جانبهم عندما تُظهر لهم أنك تهتم بهم؛ ويبدأ ذلك من القمة.

أي ينبغي للجميع في الشركة، بدءًا من فريقها التنفيذي، الالتزام بالنية والعمل الموجَّهَين لتحقيق ذلك. فعليهم استيعاب أنّ ذلك قد يعني أحيانًا التخلّيَ عن أرباح محددة قصيرة الأمد، وعن مكاسب طويلة الأمد، وذلك لتحقيق التوجّه للعميل. ويعني ذلك أنّ على كل شخص في الشركة الإيمان بالمهمة لإنجاحها. إليك فيما يلي كيفية إنجاز ذلك.

تكريس مستويات عالية من التعاطف

تعتمد معرفة كيفية مساعدة العملاء على قدرتك على التعاطف معهم في الصعوبات التي يمرون بها. فلو نجحت في استيعاب كيف يشعرون، يمكنك مساعدتهم نحو الأفضل؛ وهو ما يُعدّ جزءًا أساسيًا من عمل خدمة العملاء. وحتى لو يكن ممكنًا إجراء إصلاح سريع للموقف، فمن المستحسن إبداء بعض الاهتمام، والعناية، والتفهّم.

يقول غاريث غو Gareth Goh من شركة البرمجيات إنسايت سكويرد InsightSquared:

اقتباس

لا يمكن لخدمة العملاء اجتراح الحلول دائمًا، لكن يمكنها دائمًا إبداء التعاطف.

يعني التعاطفُ مع العميل تلطيفَ قولكِ له "لا" أو "لا أستطيع مساعدتك في هذا الأمر"، وذلك باستخدام حوار أكثر عمقًا. فمثلًا، إذا كنت تتحدث على الهاتف إلى عميل ساخط، وعليك تحويله إلى قسم آخر، فتخيّل كيف سيكون شعوره، وأخبره بعبارة تتناسب مع الموقف.

مثال على ردّ يخلو من التعاطف:

اقتباس

سأتركك على الانتظار، ثم أحوّلك إلى الموظف المعني بمعالجة مشكلتك، حسنًا؟

مثال على ردّ متعاطِف:

اقتباس

لا بد أن ما حدثَ أشعَرك بالإحباط، سأحوّلك للحديث مع متخصصة هي الشخص الأنسب لحل مشكلتك؛ إنها سوزان، وهي تعلم أنك معي على الخط الآن.

عندما يمارس الموظفون التعاطف مع العملاء في كل جانب من جوانب عملهم (سواء مباشرة كما في قسم خدمة العملاء، أو غير ذلك)، فإنهم بذلك يمثّلون جزءًا من الشركة مبنيًا على علاقات مُجدية تستمر أهميتها بمرور الزمن.

شجع على المتابعة والمواكبة الاستثنائية

أسوأ ما قد تفعله شركة ما ارتكابُ الأخطاء، ثم الفشل في الوفاء بوعودها الخاصة بخدمة عملائها عبر المتابعة والمواكبة. تخيّل أن يشتكي عميل للشركة من مشكلة ما دون أن تحلها له، ودون أن تتواصل معه بعد ذلك!

لو حصل ذلك مع العميل، فذلك كفيل بتحويله من شخص غير راضٍ إلى مُستشيط غضبًا. ورغم أن المتابعة مع العملاء -بعد أن شكوا من مشكلة ما، ومواكبتهم لحين حلها- ليست بالضرورة مجموعة محددة من المهارات، لكنها ميزة تتقنها الشركات الناجحة. فمثلما يقدّر الناس تلك الخاصية (المتابعة والمواكبة لمعرفة ما حصل) لدى أصدقائهم وزملائهم، فإنهم يقدّرونها في فريق خدمة العملاء لدى الشركة أيضًا.

لقد بات حل مشكلة ما للعميل (والتأكد من ألا تعود) أهم من أي وقت مضى، وذلك في مجالٍ يمكن لتجربة عميل واحدة سيئة أن تترك أصداء لا تنتهي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

باختصار، تُظهر متابعة مشكلة العميل ومواكبتها أن الشركة تحيط عملاءها بعناية فائقة. وعلى المنوال ذاته، عندما تستخدم الشركات حلولًا مؤتمَتة للمتابعة والمواكبة، ينبغي أن تكون تلك الحلول مخصصة؛ إذ يحتاج العملاء إلى الشعور بأنهم يتواصلون مع شركة من أناس طبيعيين وليس روبوتات.

وظف الأشخاص المناسبين ودربهم

بينما يظن بعض الناس أنه لكي تُبليَ حسنًا في تقديم الدعم للآخرين يكفي أن تكون لطيفًا، فهناك في الواقع عشرات المهارات الأساسية التي ينبغي أن تتوفر لديك لتكون عضوَ فريق دعمٍ مميز.

لذا، احرص أثناء بحثك عن موظفين على اختيار الأشخاص ذوي المؤهلات المناسبة، وعلى أن يكون التوجّه للعميل أحد تلك المؤهلات. إليك بعض الخصائص التي قد ترغب في البحث عنها عند إجراء مقابلات مع المرشحين للعمل لديك في هذا المجال:

  • الفضول.
  • المهارة التقنية أو التعلّم التقني.
  • حل المشاكل.
  • مهارات خفض التصعيد أو امتصاص الغضب.

يعطي توظيفُ أشخاص مندمجين ومتّقدين حماسةً تجربة أفضل لعملائك، ولكن لذلك فوائد أخرى أيضًا. فقد ينتج عن وجود علاقة عملاء أكثر عمقًا وديناميكية زيادة في مبيعاتك، وأرباحك الصافية، تصل إلى حوالي 20%.

موظفوك هم المدافعون الرئيسيون عن عملائك في الشركة؛ إنهم أفضل الممثلين لما يُعدّ مهمًا بالنسبة للعملاء، وهُم مَن سيطرح أي رؤىً أساسية أثناء اجتماعات الشركة.

ولذلك، فمعاملة موظفيك على نحو جيد، ومنحهم فرص النمو، وتشجيعهم على متابعة تكريس مزيد من الولاء لدى العملاء، كلها مؤشّر أساسي للتوجه نحو العميل.

لا تجعل عميلك يؤدي العمل كله

هل تفضّل أن يأخذك أحدُهم عبر عملية خدمة العملاء لإيجاد حلٍّ لمشكلتك؟ أم أن يحلّها لك دون أي جهد منك؟

استشهدت شركة البرمجيات هب سبوت Hubspot بدراسة أجراها مجلس اتصالات العملاء (Customer Service Council)، وهو أحد أقسام شركة سي بي إس Corporate Executive Board. شملت تلك الدراسة 75,000 عميلًا، وأظهرت أن معظمهم يريد أن يُنجَز العملُ لأجلهم. فتقليل الوقت المطلوب لحل مشكلة العميل له أكبر التأثير على ولائهم.

يُفترَض بأفضل فِرَق الموظفين الموجَّهة للعميل أن تتولى مسؤولية حل مشاكل العملاء وتذليل الصعوبات التي يواجهونها، بدلًا من نقل عبئها مجددًا إلى أولئك العملاء. فإذا احتاج عميلٌ إلى حل لمشكلة واجَهتْه، فلتتولَّ حلها له، ولْتقلِّل من الجهد المطلوب منه في سبيل ذلك.

ورغم أن تلك الفكرة ليست ثورية، لكنها يمكن أن تترك أكبر التأثير على علاقتك بالعميل. كما يخفف ذلك من التوتر الذي ينتاب عملاءك عند طلب المساعدة من شركتك. إنّ الرغبة في تسهيل ذلك (وجعله فعّالًا) أساسية إذا ما أرد فريقك أن يصبح موجَّهًا للعميل.

أنشئ معايير

كيف تتأكد من أنك تُبلي حسنًا ما لم يكن لديك ما تقيس عليه؟ إن وضع معايير لما تريد تحقيقه لعملائك خطوةٌ أساسية لتعميق توجُّهك للعميل.

وبينما قد تأخذ تلك المعايير شكل مقاييس مثل درجة رضا العميل Customer Satisfaction Score، اختصارًا CSAT، وصافي نقاط الترويج Net Promoter Score، فبوسعك الاستعانة بخيارات أكثر دقة وذات أوجه أكثر تعددًا، مثل:

  • درجة تبنّي المنتج Product Adoption Score: هي مقياس يبين مدى استخدام عملاء محددين لوظيفيّة منتجك.
  • درجة جهد العميل Customer Effort Score: هي دراسة استقصائية تُرسَل بعد حصول تفاعل خاص بالدعم المقدم للعميل، فيمكنه تصنيف مدى السهولة أو الصعوبة التي اتّسمَ بها حل مشكلته.
  • بطاقات تقييم درجة المبيعات Sales Scorecards: هي مجموعة قواعد يمكن لفِرَق المبيعات في الشركة استخدامها بغرض تقييم مدى فعالية الاتصالات التي أجرتْها مع العملاء المحتملين لتنشيط مبيعات الشركة.

تمنح تلك المعاييرُ أعضاء فريقك طُرقًا ذاتية التوجيه لقياس مدى كونهم موجهين نحو العميل، ومكامن فرصهم. علاوة على ذلك، تقدّم تلك المعايير لفريقك فهمًا للأداء الكلي الذي ينجزه أعضاؤه، ولمَوَاطن التأخير المحتملة.

عندما تضع معايير، وتوفر منهجيات للقياس، فإنك تعدّ العدة لنجاح فريقك وعملائك.

كما يعني امتلاكُك المعايير أنّ بوسعك إعداد تقارير على أساسها. فتكريسك وقتًا لإعداد تقارير حول مقاييس التوجّه للعميل يوصل رسالة لموظفيك حول الأهمية الكبرى لهذا الأمر. كما إنّ تخصيص وقت لذلك في الاجتماعات الدورية لموظفي الشركة، وفي اجتماعاتهم المختَصَرة أيضًا، يجعل عملاءك في مقدمة أولويات فريقك.

احصل على دعم شامل

لنفترض أنك تعتقد بأنه يمكن (بل وينبغي) أن يُمنَحَ العملاءُ الأولوية. لكنّ هذا النموذج التجاري لن ينجح ما لم يقترن بدعم شامل على امتداد شركتك؛ وهذا أكثر تعقيدًا مما يبدو عليه.

وكما أفادت الموظفة السابقة لدى شركة هيلب سكاوت Help Scout، إيميلي تريبليت لينتز Emily Triplett Lentz، فهناك بعض الشركات التي تعطي أولوية للأقسام الفردية داخل الشركة على حساب احتياجات عملائها. وقد يؤدي ذلك إلى قلة ترابط، وضعف الفعالية في خدمة العملاء (حتى إن كان فريق الدعم ممتازًا).

إليك مثالًا اعتياديًا على ذلك: تخيّل أنك ضمن فريق الدعم لأحد منتجات البرمجيات كخدمة SaaS product، فيقدّم البائعون مبيعات أو منتجات إضافية للعملاء الذين لن يستفيدوا منها، في حين تمنعك سياسات الشركة المترهّلة من إعادة الأموال إلى أولئك العملاء.

فيكون عليك التعامل مع عواقب ذلك، وبصرف النظر عن مدى كفاءتك، تجد أن لا أحد مسرور بتلك النتيجة. وإذا لم يكن هناك اهتمام شامل ضمن الشركة بالتوجّه للعميل، فستصبح المشاكل التي مثل هذه هي القاعدة السائدة.

ومن جهة أخرى، إذا ركّز كل موظف -بدءًا من قادة الشركة، مرورًا بالبائعين والمطوِّرين والمصممين- على مساعدة العملاء، يتكون اهتمامٌ شامل بهذا الهدف المشترك، وهو التوجّه للعميل، إذ يُنشئ حس الوحدة هذا بيئة مثالية لروّاد خدمة العملاء كي يؤدوا دورهم على أكمل وجه.

تساعد الفرقُ متداخلة الوظائف على تعميق هذا الاهتمام بالهدف المشترك. فعندما يكون لديك مجموعات مختلفة ملتزمة بالعمل معًا لتحقيق هدف العميل، يكون الجميع يدًا واحدة، ويسيرون في الاتجاه ذاته. اسعَ جاهدًا لجعل أهداف الشركة -على أعلى مستوياتها- موجهةً نحو العملاء وتلبية احتياجاتهم.

احرص على أن يعلم الجميع ما يهم العملاء

تضع غالبية فرق الموظفين كثيرًا من الافتراضات حول ما يريده العملاء، وما لا يريدونه:

  • قد يعتقد فريق المنتَج لديك أنهم يعلمون احتياجات المنتج وحالات استخدامه أفضل من سواهم.
  • وقد تعتقد فِرَق نجاح العملاء Customer Success Teams، وفِرَق الدعم، أنها تعلم بالضبط ما الذي يجد العملاء فيه قيمةً فيما يخص وقت الاستجابة، أو تهيئتهم (تعريفهم بمنتجات الشركة أو خدماتها) بوصفهم عملاء جدد.

لكنك إن لم تسأل العملاء مباشرة، وبعدها تأخذ وقتك لإيصال تلك المعلومات إلى جميع أعضاء فريقك متداخل الوظائف، فيُحتمَل أن تكون افتراضاتك خاطئة.

احرص إذًا على سؤالك عملائك مباشرة، وعلى التواصل عبر فِرق الموظفين المختلفة في شركتك لتعميم إجابات العملاء عن الأسئلة التالية:

  • ما احتياجات عملائك وتوقعاتهم؟
  • كم صار لهم من الوقت يستخدمون المنتَج، أو يبحثون عن المنتج المناسب؟
  • ما الخصائص التي يفضلونها أكثر من غيرها، أو ما الأهمّ بالنسبة لهم خلال عملية الشراء؟
  • ما الخصائص التي يستخدمون؟
  • ماذا عن تجربة عميلك، والمنتج الذي يستمتع به أكثر من غيره؟

فبفضل وجود تلك المعلومات بحوزتك، يصبح بإمكان شركتك وفرق موظفيها اتخاذ قرارات موجهة للعميل حول الاستراتيجيات الجديدة والكيفية التي تريد تحقيق التقدّم وفقًا لها؛ أي إن من الأفضل دائمًا أن تتحقق من افتراضاتك.

وانطلاقًا من هذا المستوى فصاعدًا، فكّر في جعل فِرَق أخرى تتفاعل مع عملائك. فبهذه الطريقة، لا يقع عبء مشاركة المعلومات دائمًا على كاهل فرق الموظفين الذين يواجهون العملاء مباشرة. فعّل الدعم من جميع الفرق ضمن الشركة، أو أشرِك موظفي الدعم من الفرق الأخرى لمساعدة أعضاء الفريق -الذين يتعاملون مباشرة مع العملاء- على إيجاد تواصل مباشر مع عملائك.

اطلب تقييما وملاحظات من عملائك وأصغ إليها

يمثّل كل عميل جديد لديك فرصة لتتعلم المزيد، وذلك بصرف النظر عن مدى معرفتك بعملائك، وعن عدد الأسئلة التي طرحتَ عليهم. فكل شخص في الحياة متميز عن الآخر، ولديه احتياجات ورغبات فردية خاصة به، وينطبق ذلك على عملائك أيضًا.

اسأل عملاءك بانتظام عن شعورهم تجاه المنتج الذي تقدمه لهم، وعن علاقتهم بفريقك، وعن الميزات التي تقدمها لهم. يُظهر طلبك ملاحظات وتقييمات من عملائك أنك تهتم بهم، مما يزيد احتمال أن يأتوا إليك ليبلغوك بأمر ما خارج دورة التقييم الاعتيادية.

هناك كثير من العملاء الذين لا يقصدون الشركة ليشتكوا من منغّص ما، بل ينزعجون بصمت. لكنك إن كرّست وقتًا بالفعل لتُظهِرَ لهم أنك تقدّر وقتهم، فسيغدون أكثر مَيلًا للتواصل معك بهذا الشأن لإبداء ملاحظاتهم وتقييماتهم الإيجابية منها والسلبية.

لا تحتاج بالضرورة إلى استطلاع تقييمات عملائك وملاحظاتهم عبر الدراسات التقليدية؛ فهناك بعض الطرق المختلفة التي تُمكّنك من جمع رؤىً حول ما يشعرون به تجاه منتجاتك أو خدماتك، منها:

  • مقابلات الخروج Exit Interviews.
  • اختبار المستخدِم User Testing.
  • مراجعات الأعمال ربع السنوية QBRs.
  • تعقُّب تجربة العميل، مثل تطبيق فول ستوري FullStory.

وبمجرد أن تمتلك المعلومات ذات الصلة، احرص على نشرها عبر الشركة. تخصص بعض الشركات وقتًا أثناء اجتماعاتها الدورية للتحدث عن الملاحظات والتقييمات المباشرة من عملائها.

تحول إلى التوجه للعميل

ليس عليك إعادة صياغة ثقافة شركتك، ولا إعادة هيكلة الشركة برمّتها لتصبح أكثر توجّهًا نحو العميل. بل تكفي بعض التعديلات البسيطة على الهيكلية والاستراتيجية والسياسات الحالية لشركتك لدفع شركتك قُدمًا إلى مرحلة أكثر توجّهًا للعميل.

خصّص وقتًا لتكريس التعاطف بين أعضاء فريقك، ثم شجعهم على إجراء متابعة حثيثة للعملاء، وتقديم حلول لهم. وظّف الأشخاص المناسبين، واحرص على أن مَن توظفهم سيطبّقون المعايير التي تضعها لضمان نجاح فريقك.

وأخيرًا، اعثر على طرق لتقليل العبء الملقى على عاتق عملائك. إن من شأن الدعم الشامل من فِرَق شركتك للعمل الذي تنجزه أن يجعل العملية أسهل بكثير؛ فإذا اهتم الجميع بالعميل، ستغدو شركتك أكثر توجّهًا نحو عملائها، وستمنحهم المزيد من الأولوية.

ترجمة وبتصرّف للمقال Building a Customer-Oriented Company: Strategies & Examples لصاحبته "Mercer Smith".

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...