تُعد شبكة الإنترنت العمود الفقري للويب والبنية التحتية التقنية التي جعلت الويب واقعًا معاشًا. ببساطة شديدة يمكن أن نعرّف الإنترنت بأنها شبكة ضخمة من الحواسيب التي تتواصل مع بعضها.
يلف الغموض نوعًا ما تاريخ الإنترنت نظرًا لبدايته كمشروع بحثي مولَه الجيش الأمريكي في ستينات القرن الماضي، ثم تحوّل إلى بنية تحتية عمومية في ثمانينات القرن ذاته بدعم من عدة جامعات حكومية وشركات خاصة. تطورت مع الوقت تقنيات متنوعة تدعم الإنترنت، لكن آلية عملها لم تتغير كثيرًا: فالإنترنت وسيلة لربط الحواسيب مع بعضها بعضًا وتضمن بقاء هذه الحواسب متصلة ببعضها مهما حدث.
سنناقش في هذا المقال ماهية الإنترنت وآلية عمله. لفهم مبادئ البنية التحتية التقنية للويب ولمعرفة الفرق الدقيق بينها وبين الإنترنت.
الشبكة البسيطة
عندما تريد من حاسوبين التواصل، لابد من وصلهما سلكيًا عبر كابل شبكة (أو كما يُعرف باسم كابل إيثرنت) أو لاسلكيًا عبر أنظمة اتصالات لاسلكية مثل تقنية الواي-فاي أو البلوتوث. وستجد أن معظم الحواسب الحديثة تدعم كل وسائل الاتصال التي ذكرناها.
اقتباسملاحظة: سنتحدث خلال هذا المقال عن الكابلات الفيزيائية، لكن ما ينطبق عليها ينطبق على شبكات الاتصال اللاسلكية.
يمكن لهذه الشبكة أن تربط حاسوبين مع أي عدد تريده من الحواسب، لكن الوضع سيتعقد بسرعة. فلو حاولت أن تربط 10 حواسب مثلًا ستحتاج إلى 45 كابلًا وتسعة مقابس لوصلها لكل حاسوب.
لحل هذه المشكلة يتصل كل حاسوب على الشبكة بجهاز حاسوبي صغير خاص يُدعى الموجّه Router، وهذا الجهاز له وظيفة واحدة: وهي التأكد أنّ الرسالة التي يرسلها حاسوب معين ستصل إلى وجهتها الصحيحة؛ أي إلى الحاسوب الصحيح. فعند ارسال رسالة من الحاسوب A إلى الحاسوب B ستخرج الرسالة من الحاسوب A إلى الموجّه الذي سيحوّل الرسالة بدوره إلى الحاسوب B ويتأكد أن الرسالة لن تحوّل إلى حاسوب آخر مثل C.
عند إضافة موجّه إلى الشبكة المكونة من عشرة حواسب، سينخفض عدد الكابلات المطلوبة إلى 10 ومقبس واحد لكل حاسوب، كما سنحتاج إلى موجّه بعشرة مقابس.
شبكة مكونة من عدة شبكات
نلاحظ أن الأمر بسيط مع عشرة حواسيب، ولكن ماذا عن وصل مئات أو آلاف أو ملايين الحواسيب؟ لن يكفي موّجه واحد بالطبع، وطالما أن الموجّه هو حاسوب كبقية الحواسيب، فما المانع من وصل موجّهين معًا؟ لا شيء.
عندما نوصل الحواسيب إلى موجهات ونوصل الموجهات ببعضها يمكننا توسيع الشبكة إلى ما لانهاية نظريًا.
تتشابه هذه الشبكة التي بنيناها لشبكة الإنترنت، لكن ينقصها شيء ما. فعندما بنينا شبكتنا الخاصة التي تخدم أغراضنا، نسينا الشبكات الأخرى التي سيبنيها الآخرون لأن كل شخص قادر على بناء شبكته الخاصة ومن غير الممكن مثلًا توصيل كابلات بين منزلك وكل الشبكات المحيطة، فكيف سنحل الأمر إذًا؟ في الحقيقة هناك كابلات متعددة تصل بالفعل إلى منزلك مثل كابل الطاقة الكهربائية وكابل الهاتف. فالبنية التحتية للاتصالات الهاتفية تربط منزلك بالفعل مع أي شخص في العالم وبالتالي سيكون كابل الهاتف الخيار المثالي الذي نحتاج إليه. ولوصل شبكتنا بالبنية التحتية الهاتفية نحتاج إلى جهاز يدعى المودم Modem وهو يحول المعلومات التي توّلدها شبكتنا إلى معلومات تستطيع البنية التحتية الهاتفية فهمها وإدارتها والعكس بالعكس.
بعد اتصالنا بالبنية التحتية الهاتفية ستكون الخطوة التالية هي توصيل الرسائل من شبكتنا إلى الشبكة التي نريدها. ولإتمام هذا الأمر سنصل شبكتنا أولًا بما يسمى مزود خدمة الإنترنت Internet Service Provider واختصارًا ISP. ومزود خدمة الإنترنت هي شركة تدير مجموعة خاصة من الموجهات المرتبطة ببعضها ولديها القدرة على الولوج إلى الموجهات الموجودة في مزودات خدمة أخرى. وهكذا تنتقل الرسائل من شبكتنا إلى الشبكة التي نريدها عبر شبكات مزود خدمة الإنترنت. تتكون الإنترنت من هذه البنية التحتية من الشبكات.
إيجاد حاسوب معين
إذا أردنا إرسال رسالة إلى حاسوب ما، علينا أن تحدد تمامًا من هو مستقبل الرسالة. لهذا السبب يمتلك كل حاسوب متصل إلى الشبكة عنوانًا فريدًا يميزه عن غيره من الحواسيب يدعى عنوان آي بي IP address (وهو اختصار للعبارة Internet Protocol أي بروتوكول إنترنت). يتكون عنوان آي بي من مجموعات مكونة من أربع أرقام تفصل بينها نقاط كالعنوان التالي: 192.168.2.10
.
تتذكر الحواسيب هذه العناوين جيدًا لكن يصعب على البشر تذكرها. ولتسهيل هذا الأمر يمكن تحويل هذه العناوين المؤلفة من أرقام إلى أسماء يفهمها البشر تُدعى أسماء النطاقات Domain names. فمثلًا (حتى لحظة كتابة هذه السطور ولأن عناوين آي بي تتغير) يرتبط اسم النطاق google.com
بعنوان آي بي 142.250.190.78
. وهكذا يُسهل اسم النطاق الوصول إلى حاسوب عبر الإنترنت.
ما الفرق بين الإنترنت والويب؟
لا بدّ وأنك لاحظت أننا نستخدم أسماء النطاقات عادة عندما نتصفح الويب من خلال المتصفحات، فهل يعني ذلك أنّ الإنترنت والويب هو الشيء ذاته؟ في الحقيقة الأمر ليس بهذه البساطة.
يعد الإنترنت كما رأيناه كبنية تحتية تقنية تسمح لمليارات الحواسيب بأن تتواصل مع بعضها، ويمكن لبعض هذه الحواسب والتي تدعى خوادم ويب Web servers أن توصل رسائل مفهومة بالنسبة لمتصفحات الويب، وبالتالي فالإنترنت هي البنية التحتية الأساسية بينما الويب هي خدمات مبنية على هذه البنية. ومن المفيد الإشارة إلى وجود خدمات أخرى مبنية على الإنترنت مثل خدمة البريد الإلكتروني وخدمة المحادثة المبنية على إنترنت Internet Relay Chat واختصارًا IRC.
الشبكات الداخلية (إنترانيت) والخارجية (إكسترانت)
الإنترانت Intranet هي شبكات خاصة تسمح لأشخاص محددين فقط من منظمة محددة الوصول إليها. تشكل هذه الشبكات بوابة خاصة تساعد الأعضاء على الوصول إلى موارد مشتركة بطريقة آمنة وتسمح لهم التعاون والتواصل فيما بينهم، فيمكن أن تستضيف منظمات شبكة إنترانت خاصة بها لمشاركة صفحات ومعلومات ضمن القسم أو الفريق ومشاركة السواقات لإدارة المستندات الهامة وبوابات لإدارة مهام تتعلق بالأعمال وأدوات للتعاون مثل المنشورات التعاونية wikis ومنصات النقاش ومنظومات الرسائل.
تشبه الإكسترانت Extranet الإنترانت إلا أن الإكسترانت تتيح الوصول إلى شبكتها الخاصة كليًا أو جزئيًا للتعاون مع منظمات أخرى وتُستخدم بصورة أساسية لمشاركة المعلومات بأمان وسرية مع العملاء والمضاربين، وتتشابه وظيفيًا في الكثير من الأحيان مع الإنترانت فيما يتعلق بمشاركة الملفات والمعلومات وأدوات التعاون ومنصات النقاش وغيرها.
تعمل كلتا الشبكتين على البنية التحتية نفسها التي تعمل عليها الإنترنت كما تستخدم البروتوكولات ذاتها، وبالتالي يمكن الوصول إليها من قبل الأعضاء المفوضين بذلك ومن مواقع فيزيائية مختلفة.
ترجمة -وبتصرف- للمقال How does Internet work
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.