اذهب إلى المحتوى

سنبني خلال هذا المقال خط إنتاج Pipeline لنشر المشروع النموذجي الذي بدأناه في التمرين 11.2. إذ سننشئ نسخة خاصةً بنا من مستودع المشروع لكي نتعامل معها، ثم سنبني في آخر تمرينين خط إنتاج آخر لنشر بعض التطبيقات الخاصة بنا والتي بنيناها سابقًا.

يضم القسم 21 تمرينًا من المفترض إكمالها جميعًا حتى تنهي هذا المنهاج، وعليك أن تسلم حلول هذه التمرينات إلى منظومة تسليم التمارين بنفس الأسلوب المُتبع في القسم السابق، إذ تُسلَّم التمرينات إلى نسخة مختلفة من المنهاج.

ستعتمد المعلومات في هذا القسم على مفاهيم اطلعنا عليها سابقًا، لذلك ننصحك بإكمال الأقسام 0-5 قبل البدء بهذا القسم.

لن تكتب الكثير من أسطر الشيفرة في هذا القسم، فهو يغطي في معظم الأوقات مواضيع عن التهيئة. وعلى الرغم من أن تنقيح الشيفرة صعب، لكن تنقيح أوامر التهيئة أصعب بكثير، فعليك إذًا التحلي بالصبر والمثابرة في هذا القسم.

تجهيز التطبيقات لمرحلة الإنتاج

ستضطر بعد الانتهاء من كتابة الشيفرة عاجلًا أم آجلًا إلى نقل تطبيقك إلى مرحلة الإنتاج، أي إلى مستخدميه الحقيقيين، ثم ستضطر بعدها إلى صيانة هذا التطبيق باستمرار وإصدار نسخٍ جديدة منه والعمل مع مطورين آخرين لتوسيعه.

لقد استخدمنا حاليًا غيت هب GitHub لتخزين الشيفرة المصدرية، لكن ما الحل عندما نعمل ضمن فريق من المطورين؟

ستظهر عدة مشاكل عند تعاون عدة مطورين، فقد يعمل التطبيق جيدًا على حاسوبي، لكن قد يخفق على حواسيب مطورين آخرين يعملون على أنظمة تشغيل مختلفة، أو يستخدمون نسخًا مختلفة من المكتبات التي أدرجناها في التطبيق. يُشار إلى هذه المشكلة بالعبارة "التطبيق يعمل على جهازي works on my machine".

هناك مشكلة أخرى، فلو أجرى مطورين تعديلات على شيفرة التطبيق ولم يتفقا من سينشر التعديلات التي أنجزها، من سيمنع أحدهما من محي تعديلات الآخر وكتابة تعديلاته مكانها؟

سنغطي في هذا القسم أساليب العمل المشترك لبناء ونشر التطبيقات بطريقة منضبطة ومحددة جيدًا، يظهر فيها بكل وضوح ما الذي سيحدث وتحت أية ظروف.

بعض المصطلحات المفيدة

نستخدم في هذا القسم مصطلحات قد لا تعرفها أو لم تفهمها جيدًا، سنناقش هذه المصطلحات تاليًا، وحتى لو كنت على دراية بهذه المصطلحات، اطلع على هذه الفقرة لنكون على وفاق في فهم المصطلح عند وروده.

الفروع Branches

يسمح نظام غيت Git بوجود نسخ، أو مسارات streams، أو إصدارات مختلفة من الشيفرة تتعايش معًا دون الحاجة لإلغاء بعضها بعضًا؛ فعندما تُنشئ مستودعًا سيكون هذا المستودع بمثابة الفرع الرئيسي (ندعوه في غيت بالاسم "main" أو "master"، لكن الأمر مختلف في المشاريع القديمة). لا بأس بهذا الأسلوب إذا كان هناك مطور واحد يستخدم هذا الفرع، ويعمل على تطوير ميزة واحدة للتطبيق كل مرة.

سيكون استخدام الفروع مفيدًا عندما تتعقد بيئة التطوير، إذ سيعمل كل مطور على فرع أو أكثر، وسيمثل كل فرع نسخةً مختلفةً قليلًا عن نسخة الفرع الرئيسي. وعندما تكتمل الميزة التي يجري تطويرها في أحد الفروع ستُدمج مع الفرع الرئيسيٍ، وبالتالي ستصبح هذه التغييرات أو الميزات الجديدة جزءًا من التطبيق الرئيسي. وهكذا سيتمكن كل مطور من العمل على مجموعة من التعديلات بحيث لا يعيق بقية المطورين من العمل على أفكارهم الخاصة قبل إكمال هذه التعديلات.

لكن ما الذي سيحدث لبقية الفروع الخاصة بالمطورين الآخرين عندما يدمج أحد المطورين تعديلاته ضمن الفرع الرئيسي؟ إذ سيبتعد بقية المطورين عن النسخة القديمة التي يعملون عليها. وكيف سيعرف المطورون أن تعديلاتهم التي يجرونها على النسخة السابقة ستكون متوافقةً مع الحالة الجديدة التي يفرضها دمج التعديلات ضمن الفرع الرئيسي؟ سنحاول الإجابة عن هذا السؤال الجوهري في هذا القسم.

يمكنك الاطلاع على مزيدٍ من المعلومات حول الفروع من خلال قراءة المقالة "أساسيات التفريع (Branching) والدمج (Merging) في Git".

طلبات السحب Pull requests

يجري عادةً دمج فرع ضمن الفرع الرئيسي وفق آلية تُعرف بطلب السحب، أو كما يُعرف أحيانًا بالاختصار "PR"، إذ يطلب المطور الذي أجرى بعض التعديلات أن تُدمج التعديلات التي أجراها ضمن الفرع الرئيسي، وحالما يُقبل هذا الطلب أو يُفتتح للمراجعة، يمكن لمطور آخر أن يتحقق من أن كل شيء سيجري على مايرام بعد الدمج.

لو اقترحت مثلًا تعديلًا على مادة منهجنا، فقد قدمت فعلًا طلب سحب.

بناء التطبيق Build

لهذا المصطلح معانٍ مختلفة في لغات البرمجة المختلفة. فلا حاجة في بعض اللغات المترجمة، مثل روبي Ruby، أو بايثون Python إلى خطوة بناء فعلية إطلاقًا.

عندما نتكلم عن البناء عمومًا، فإننا نعني بذلك إعداد التطبيق ليعمل على المنصة التي صُمِّم لأجلها، وقد يعني ذلك، على سبيل المثال، أننا لو أردنا كتابة التطبيق بلغة TypeScript ثم تنفيذه على Node، فستكون خطوة البناء هي عملية نقل شيفرة TypeScript إلى جافا سكربت JavaScript.

ستغدو هذه الخطوة إجبارية وأكثر تعقيدًا في اللغات المُصرَّفة، مثل C و Rust، إذ تتطلب شيفرتها التصريف إلى شيفرة قابلة للتنفيذ.

وكنا قد اطلعنا في القسم 7 على برنامج webpack، وهو أداةٌ رائدة حاليًا في بناء نسخ إنتاج من تطبيقات React أو تطبيقات واجهة أمامية مكتوبة بلغة جافاسكربت JavaScript أو TypeScript.

نشر التطبيقات Deploy

يشير مصطلح "النشر" إلى وضع التطبيق في المكان الذي يمكن للمستخدم النهائي الوصول إليه واستخدامه؛ فقد يعني هذا المصطلح بالنسبة للمكتبات مثلًا وضعها ضمن حزم ثم دفعها إلى أرشيف للحزم (مثل npmjs.com) بحيث يمكن للمستخدمين إيجادها وتضمينها في مشاريعهم.

تختلف صعوبة نشر خدمة (مثل تطبيق ويب) حسب تعقيدها، فقد اشتمل مخططنا لنشر التطبيق في القسم 3 مثلًا على تنفيذ بعض السكربتات يدويًا ثم دفع شيفرة المستودع إلى خدمة استضافة Heroku.

سنطور في هذا القسم "خط إنتاج" لنشر كل جزء من شيفرتك آليًا إلى Heroku إن لم تسبب هذه الشيفرة أية مشاكل.

وقد يكون النشر أحيانًا على درجة عالية من التعقيد خاصةً إذا تطلب التطبيق احتياجات خاصة، كأن يكون متاحًا دائمًا للعمل أثناء تطويره "لا إيقاف من أجل النشر zero downtime deployment"، أو كان علينا أن نأخذ في الحسبان بعض الأمور مثل نقل قواعد البيانات. لن نغطي النقاط المتعلقة بالنشر الذي يحمل تعقيدات مثل التي ذكرناها، لكن من المهم أن تدرك وجودها.

ما هو التكامل المتواصل؟

يختلف المفهوم الدقيق لمصطلح التكامل المتواصل Continuous Integration -أو اختصارًا "CI"- عن كيفية استخدامه في مجال التطوير. ستجد نقاشًا قديمًا لكنه يحمل أثرًا كبيرًا عن استخدام هذا المصطلح في مدونة "مارتن فلور".

وإذا أردنا التحديد الدقيق للمصطلح CI سنقول أنه يعني غالبًا "دمج التغييرات التي نفذها المطور مع الفرع الرئيسي" ثم أضافت ويكيبيديا Wikipedia العبارة "عدة مرات في اليوم" إلى المصطلح. وهذا الأمر صحيح عادةً، لكن عندما نشير إلى CI في مجال البرمجيات، فنحن نتحدث غالبًا عما سيحدث بعد عملية الدمج الفعلية للتغيرات، إذ قد نحتاج إلى إنجاز بعضٍ من هذه الخطوات:

  • التدقيق lint: للحفاظ على الشيفرة واضحة وقابلة للصيانة.
  • البناء build: وضع كل الشيفرة المُنجزة في برنامج واحد.
  • الاختبار test: لضمان عدم إخفاق أية ميزات موجودة مسبقًا.
  • التحزيم packaging: وضع كل ما نحتاجه في حزمة سهل الحمل والنقل.
  • التحميل/ النشر deploy: لجعل البرنامج متاحًا للاستخدام.

سنناقش كل خطوة من تلك الخطوات (عندما نجد فائدةً من ذلك) بشيء من التفصيل لاحقًا. وعلينا أن نتذكر دائمًا أنّ هذه العملية ستكون محددةً بدقة.

يعيق التحديد الدقيق strict definition عادةً سرعة التطوير أو الإبداع في إيجاد الحلول، لكن من المفترض أن لا يكون هذا صحيحًا بالنسبة للتكامل المتواصل، إذ يجب وضع هذه القيود بطريقة مرنة تسمح بالتطوير والعمل المشترك. سيسمح استخدام أنظمة CI جيدة، مثل GitHub Actions الذي سنغطيه في هذا القسم بتنفيذ كل ما ذكرناه آليًا وبصورة سحرية.

التحزيم والنشر مثل جزء من نظام التكامل المتواصل CI

ينبغي التذكير من حين إلى آخر، أنّ عملية التحزيم وعملية النشر خاصة لا تُعدان أحيانًا جزءًا من نظام CI، لكننا سنعدّهما جزءًا من النظام، لأنه من المنطقي في العالم الحقيقي أن نضع كل الخطوات التي أشرنا إليها معًا. ويعود جزءٌ من ذلك للحفاظ على التسلسل في سياق العمل وخط إنتاج البرنامج (الطريق إلى إيصال المنتج إلى المستخدم النهائي)، بينما يعود الأمر في شقه الآخر إلى حقيقة أنّ هذه النقطة هي ما يسبب إخفاق العملية ككل.

ستظهر المشاكل غالبًا في مرحلة التحزيم من نظام CI كونها مرحلةٌ لا تختبر محليًا، فمن المنطقي إذًا اختبار عملية تحزيم المشروع خلال سير العمل في CI حتى لو لم نضع هذه الحزمة موضع العمل، كما يمكن في بعض مسارات العمل أن نختبر حزمةً قد بُنيت فعلًا مسبقًا. سيؤكد ذلك أننا اختبرنا الشيفرة بنفس الشكل الذي سننشرها فيه خلال مرحلة الإنتاج.

إذًا ما هو وضع عملية النشر؟ سنتحدث عن الاستمرارية وإمكانية التكرار مطولًا في الفصول القادمة، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أننا نحتاج إلى عملية تبدو متماثلةً دائمًا، سواءٌ أجرينا الاختبارات في فرع تطوير أو في الفرع الرئيسي. نحتاج في الواقع إلى العملية نفسها "حرفيًا" بحيث يظهر الاختلاف فقط في نهايتها، وذلك عند تحديد ما إذا كنا في الفرع الرئيسي أم لا، وإن كنا نريد النشر أم لا. وفي هذا السياق من المنطقي تضمين خطوة النشر في سير عمل CI طالما أنها ستخضع للصيانة في نفس الوقت الذي نطورها فيه.

يشير المصطلحان: "التسليم المتواصل Continuous Delivery" و"النشر المتواصل Continuous Deployment" -أو اختصارًا CD- إلى منظومة CI عندما تتضمن مرحلة النشر. لن نزعجك بالتعريف الدقيق، إذ يمكنك الاطلاع عليه من خلال Wikipedia، أو منشورات مدونة "مارتن فلور"، أو من خلال أكاديمية حسوب، لكننا نستخدم الاختصار CD ليشير إلى أسلوب ممارسة عملي يقتضي إبقاء الفرع الرئيسي متاحًا للنشر والتطوير في أي وقت.

لكن ماذا عن المنطقة الغامضة بين مصطلحي CI وCD؟ فلو كان علينا مثلًا أن نجري بعض الاختبارات قبل أن ندمج أية شيفرات جديدة ضمن الفرع الرئيسي، هل نعد ذلك شكلًا من أشكال CI لأننا سنجري دمجًا متواصلًا مع الفرع الرئيسي؟ أم شكلًا من أشكال CD لأننا نتحقق بذلك أن الفرع الرئيسي قابلًا للنشر باستمرار؟

تقع بعض المفاهيم إذًا على الخط الفاصل بين المصطلحين، فمن المنطقي كما أشرنا سابقًا، أن نعد CD جزءًا من CI. لهذا السبب، سيُستخدم غالبًا المصطلح CI/CD للدلالة على العملية برمتها. وانتبه إلى أننا سنستخدم المصطلحين CI و CI/CD بالتناوب طوال الوقت في هذا القسم.

أين تكمن أهمية استخدام نظام CI؟

لقد ذكرنا سابقًا مشكلة "يعمل على جهازي" ومشكلة نشر تغييرات متعددة المصادر، لكن ماذا عن بقية المشاكل؟ ماذا لو حملّت "سارة" الشيفرة مباشرةً إلى الفرع الرئيسي؟ ماذا لو استخدم "أحمد" فرعًا ولم يكلف نفسه عناء إجراء بعض الاختبارات قبل دمج ما عدّله ضمن الفرع الرئيسي؟ ماذا لو حاول "عبد الله" بناء نسخة إنتاج من التطبيق لكن بمعاملات خاطئة؟

سيمكِّننا استخدام التكامل المتواصل وفق طريقة منهجية في العمل في:

  • منع رفع الشيفرات مباشرةً إلى الفرع الرئيسي.
  • تنفيذ عملية CI لكل طلبات السحب إلى الفرع الرئيسي وتمكينها من دمج التغييرات.
  • بناء حزم إنتاج للبرامج التي نطورها في بيئة معروفة تمتلك نظام CI.

وهنالك أيضًا بعض الإيجابيات لتوسيع هذه الإعدادات:

  • إذا استخدمنا CD في كل مرةٍ ننفذ فيها عملية دمج مع الفرع الرئيسي، سنكون واثقين من عمل الفرع الرئيسي وفق نظام الإنتاج.
  • إذا سمحنا بإتمام عملية الدمج فقط في الحالة التي يكون فيها الفرع الرئيسي محدّثًا، سنضمن أن لا يلغي المطورون التغييرات التي نفذها غيرهم.

تنبيه: سنفترض في هذا القسم أن الشيفرة الموجودة في الفرع الرئيسي ("mian" أو "master") ستعمل وفق نظام الإنتاج. ونظرًا لوجود عدد هائل من مخططات العمل (workflows) على git، قد يكون هناك على سبيل المثال حالات يظهر فيها فرع خاص للإصدار release branch يحتوي على الشيفرة التي تعمل وفق نظام الإنتاج.

مبادئ هامة

من المهم أن نتذكر أنّ CI/CD ليس هدفًا بحد ذاته، لكن الهدف هو تطوير أسرع وأفضل للتطبيقات بأقل عددٍ من الثغرات، وتحقيق أفضل تعاون بين المطورين.

ولهذا لا بدّ من تهيئة نظام CI بما يلبّي المهمة التي ننفذها والمشروع بحد ذاته، كما ينبغي أن نبقي الهدف الرئيسي من استخدامه في حساباتنا دائمًا. يمكننا التفكير بنظام CI بمثابة جوابٍ على الأسئلة التالية:

  • كيف سنتأكد أنّ جميع الاختبارات ستُطبّق على كامل الشيفرة التي ستُنشر؟
  • كيف سنضمن جاهزية الفرع الرئيسي للنشر في كل الأوقات؟
  • كيف سنتأكد أنّ النسخ التي تُبنى ستكون متوافقة، وستعمل دائمًا على المنصات التي صُمِّمت للنشر عليها؟
  • كيف سنضمن أن التغييرات الجديدة لن تلغي التغييرات الأقدم؟
  • كيف سننجز عملية النشر بضغطة زر أو بطريقة آلية، عندما يدمج مطور التغييرات التي أجراها مع الفرع الرئيسي؟

وهناك أيضًا دلائل علمية على الفائدة الهائلة التي يقدمها نظام CI/CD، فبناءً على دراسة واسعة في كتاب ": Building and Scaling High Performing Technology Organizations"، يقترن استخدام CI/CD بشدة مع النجاحات على صعيد المؤسسات (تحسين الأرباح وجودة المنتج وزيادة الحصة السوقية وتقليل زمن التسويق)، وكذلك من ناحية المطورين، فقد جعلتهم أكثر سعادةً وأقل إرهاقًا.

سلوك موثق

تشيع في أوساط المبرمجين طرفةٌ مفادها أنّ الثغرات هي "ميزات غير موثقة". لكن يجب علينا تفادي أية حالات لا نعلم تمامًا نتيجتها. فلو اعتمدنا مثلًا على عنوان طلب السحب لنحدد ما إذا كان إصدار البرنامج رئيسيًا major، أو ثانويًا minor، أو ترميميًا patch (سنتحدث عن معنى كل إصدار لاحقًا)، سيكون علينا الانتباه إلى الحالة التي يُغفل فيها المطور من وضع عنوانٍ لطلب السحب الذي قدمه. وماذا لو وضع هذا العنوان بعد بدء عملية البناء أو الاختبار؟ أو أنه غيَّر العنوان خلال مرحلةٍ ما، فما الذي سيكون عليه هذا الإصدار؟

من الممكن أن تغطي جميع الحالات التي قد تتوقعها، ومع ذلك، قد تظهر بعض الثغرات عندما يُنفّذ المطور شيئًا "إبداعيًا" لم تتوقعه إطلاقًا، فمن الجيد إذًا أن تنتهي العملية التي ستخفق بأمان في هذه الحالة.

فلو عدنا إلى المثال السابق عندما يغير المطور عنوان الطلب أثناء تنفيذ عملية البناء. إذا لم نتمكن من توقع سيناريو مثل هذا مسبقًا، فمن الأفضل ربما أن تتوقف عملية البناء، وأن نبلِّغ المستخدم بأنّ شيئًا غير متوقع قد حدث، فنشر إصدار خاطئ سينتج حتمًا مشاكلًا أكبر، وسيكون إيقاف العملية وإخطار المستخدم هو الحل الأكثر أمانًا.

يحدث الشيء ذاته في كل مرة

قد نملك أفضل اختبارات لبرمجياتنا يمكن تخيلها، وقد تكون قادرةً على اصطياد أية مشكلة محتملة، لكنها ستبقى عديمة الجدوى إن لم ننفذها على الشيفرة قبل نشرها.

علينا أن نضمن أنّ الاختبارات قابلةً للتنفيذ، كما نريد أن نضمن أنها ستعمل مع الشيفرة التي سننشرها فعليًا. فلن يفيدنا الاختبار الذي ينجح مثلًا ضمن فرع "سارة" ويفشل عند دمجه مع الفرع الرئيسي. وطالما أننا سننشر محتويات الفرع الرئيسي، لذا علينا أن نتأكد من نجاح الاختبارات على نسخة من الفرع الرئيسي بعد أن ندمج معه فرع "سارة".

ستوصلنا المناقشة السابقة إلى مبدأ جوهري وهو التأكد أنّ السلوك نفسه سيحدث كل مرة، أو أنّ المهام المطلوبة ستُنفَّذ جميعها وبالترتيب الصحيح.

يجب أن تبقى الشيفرة قابلة للنشر دائما

إنّ وجود شيفرة قابلة للتوزيع والنشر دائمًا أمر مريح جدًا وخاصةً عندما يحتوي الفرع الرئيسي على شيفرة تعمل في وضع الإنتاج؛ فإذا ظهرت ثغرةٌ مثلًا وتطلب الأمر معالجتها، يمكنك سحب نسخة من الفرع الرئيسي (وهي الشيفرة التي تُنفًّذ في وضع الإنتاج) وحل المشكلة، ثم تقديم طلب سحب لإعادة الشيفرة إلى الفرع الرئيسي (دمج من جديد). ويجري هذا الأمر عادةً مباشرةً دون أية مشاكل.

إذا اختلفت الشيفرة الموجودة في الفرع الرئيسي عن شيفرة الإنتاج ولم يكن الفرع الرئيسي قابلًا للنشر، سيكون عليك البحث عن الشيفرة التي تعمل في وضع الإنتاج وسحب نسخة عنها، ثم إيجاد الثغرة ومعالجتها، كما عليك إيجاد طريقة لإعادة الشيفرة إلى الفرع الرئيسي والعمل على نشر الجزء المحدد الذي أصلحته. لن يكون هذا الأمر مريحًا وستكون طريقة تنفيذه مختلفةً كليًا عن مخطط نشر التطبيقات الاعتيادي.

معرفة أجزاء الشيفرة المنشورة- مجموع SHA/الإصدار

من المهم غالبًا تحديد الشيفرة التي تعمل فعليًا في وضع الإنتاج. ولقد ناقشنا سابقًا أن شيفرة الفرع الرئيسي هي من تعمل في هذا الوضع في الحالة النموذجية، لكن هذا الأمر ليس ممكنًا دائمًا؛ فقد تتعرض عملية البناء للإخفاق عندما نحاول تشغيل شيفرة الفرع الرئيسي في وضع الإنتاج، وقد نجري عدة تغييرات على الشيفرة ونريدها أن تُنشر جميعها مباشرةً.

ما نحتاج إليه في حالات مثل هذه (وهي فكرة جيدة عمومًا)، هو معرفة الشيفرة التي تعمل في وضع الإنتاج بالضبط؛ إذ يمكن معرفة ذلك أحيانًا عن طريق رقم الإصدار version، وأحيانًا بمجموع SHA sum (وهو جدول HASH يعرِّف بصورةٍ فريدة اعتماد git) متصل بالشيفرة. سنناقش موضوع تحديد رقم الإصدار لاحقًا في هذا القسم.

الآلية الأكثر فائدةً هي ربط معلومات الإصدار مع تاريخ جميع الإصدارات، فلو اكتشفنا مثلًا وجود ثغرة في اعتماد محدد، يمكننا أن نعرف متى أُصدر هذا الاعتماد وكم عدد المستخدمين الذين تأثروا بالثغرة. وتظهر فائدة هذه المقاربة عندما تسبب الثغرة أخطاءً في بيانات قواعد البيانات، وهكذا من الممكن تقفي أثر البيانات الخاطئة بناءً على تاريخ إنشائها.

أنماط إعدادات منظومة CI

علينا تخصيص خادم منفصل لتشغيل مهام منظومة التكامل المتواصل CI لكي نلبي بعضًا من المتطلبات التي ذكرناها سابقًا، إذ سيقلل وجود خادم منفصل المخاطر الناتجة عن اختلاط عمليات أخرى بعملية منظومة CI/CD جاعلةً نتيجتها غير متوقعة.

هنالك خياران: استضافة خادم خاص بنا أو الخدمة السحابية cloud service.

استضافة Jenkins وإعدادات بيئة الاستضافة الذاتية self-host

تُعد استضافة Jenkins الخيار الأكثر شعبيةً من بين خيارات الاستضافة الذاتية، فهي مرنةٌ جدًا وتمتلك عدة إضافات plugin لكل شيء تقريبًا (ماعدا الشئ الوحيد الذي تريده). تمثل هذه الاستضافة خيارًا جيدًا للعديد من التطبيقات. يعني استخدام الاستضافة الذاتية أن تكون بيئة الاستضافة تحت سيطرتك بالكامل، وكذلك جميع الموارد، ولن تكون أسرارك عرضةً للكشف من قبل الآخرين، كما ستتمكن من فعل ما تشاء بالعتاد الصلب.

لكن ولسوء الحظ هناك جانبٌ مظلم لاستضافة Jenkins فهي صعبة الإعداد، إذ تتطلب المرونة الكبيرة في الإعداد وجود العديد من قوالب template الشيفرة التي تتطلب الإعداد ليعمل كل شيء، ويتطلب استخدام Jenkins بالتحديد إعداد منظومة CI/CD باستخدام لغة Jenkins الخاصة بالنطاق domain-specific. ولا ننس مخاطر إخفاق العتاد الصلب والذي قد يسبب مشكلةً في حالات الازدحام.

تعتمد فاتورة الاستضافة الذاتية على العتاد الصلب الذي تختاره غالبًا، فأنت تدفع مقابل الخادم وما ستفعله على الخادم لن يغير من فاتورتك.

استخدام GitHub Actions وحلول أخرى معتمدة على الاستضافة السحابية

لن تضطر للتفكير كثيرًا عند إعداد بيئة الاستضافة في الاستضافة السحابية، فكل ما عليك فعله هو أن تطلب من الاستضافة ما تريده، ويتضمن ذلك عادةً وضع ملف في مستودعك (ثم إخبار منظومة CI بقراءته)، أو التحقق من وجود ملف كهذا في المستودع.

سيكون ملف تهيئة CI في الاستضافة السحابية أبسط قليلًا، وخاصةً إن لم تتعدّى الحدود "الطبيعية" للاستخدام، لكن قد تغدو خيارات هذه الإستضافة محدودةً قليلًا إن أردت فعل أشياء خاصة بين الفينة والأخرى، أو قد تجد صعوبةً في ذلك، خاصةً في إنجاز مهام محددة لم تُبنى المنصة السحابية لكي تنجزها.

سنركز في هذا القسم على الاستخدامات التي تعد "طبيعية"، فقد تتطلب إعدادات بعض المهام الخاصة عتادًا صلبًا خاصًا على سبيل المثال.

وبعيدًا عن إعدادات التهيئة التي ذكرناها سابقًا، قد تواجهنا مشاكلًا تتعلق بمحدودية الموارد على الاستضافة السحابية، فلو بدت النسخة بطيئة على الاستضافة الذاتية، يمكنك ببساطة حجز خادم أقوى وتضع ما تحتاجه من الموارد ضمنه، لكن هذا الأمر قد يكون مستحيلًا في الاستضافة السحابية. ستعمل العقد التي تبنيها في GitHub Actions مثلًا على معالجين افتراضيين (vCPU) و8 جيجابايت من ذواكر الوصول العشوائي.

ستعتمد فاتورتك في الاستضافة السحابية على الوقت المستغرق في بناء تطبيقك، وهذا أمر يجدر أخذه بالحسبان.

لماذا نفضل خيارا على آخر؟

إن كان مشروعك صغيرًا إلى متوسط الحجم ولن يحتاج أية متطلبات خاصة (مثل الحاجة إلى بطاقة رسومية لتنفيذ الاختبارات)، ستكون الاستضافة السحابية الحل المناسب غالبًا، إذ ستكون الإعدادات بسيطةً ولن تدخل دوامة إعدادات النظام الخاص بك، كما ستكون الكلفة أقل للمشاريع الصغيرة خاصة؛ أما بالنسبة للمشاريع الأضخم والتي تحتاج إلى موارد أكبر أو بالنسبة للشركات الكبيرة التي تضم عدة فرق للتطوير وعدة مشاريع، قد يكون اختيار منظومة استضافة ذاتية هو الخيار الأنسب.

لماذا استخدمنا GitHub Actions في هذه السلسلة؟

يُعدّ GitHub Actions الخيار الأنسب كوننا نستخدم غيت هب GitHub، إذ سيؤمن لنا منظومة CI قوية تعمل مباشرةً دون الحاجة إلى إعداد خادم أو خدمة سحابية يؤمنها طرف ثالث.

إضافةً إلى سهولة استخدامه، يُعد GitHub Actions خيارًا جيدًا من عدة جوانب، فقد يكون أفضل خدمة سحابية موجودة حتى اللحظة، إذ يحظى بشعبية كبيرة منذ إصدار النسخة الأساسية منه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019.

التمرين 11.1

قبل أن ننغمس في إعداد خطوط إنتاج لأنظمة CI/CD، لا بدّ من مراجعة ما قرأناه.

لنتهيأ للانطلاق

فكر بحالة افتراضية نكون فيها أمام تطبيق يجري تطويره من قِبل فريق من 6 مطورين وسيصدر قريبًا.

لنفترض أنّ اللغة المستخدمة في تطوير التطبيق ليست JavaScript/TypeScript فلنقل Python، أو Java، أو Ruby، أو أية لغات قد تفكر بها. اكتب موضوعُا بسيطًا من 200-300 كلمة تجيب فيه أو تناقش النقاط التي سنطرحها تاليًا. يمكنك التحقق من عدد الكلمات التي تكتبها عبر موقع wordcounter. خزّن إجابتك في ملف اسمه "exercise1.md" في جذر المستودع الذي ستنشئه في التمرين 11.2

ناقش النقاط التالية:

  • بعض الخطوات الشائعة في إعداد CI بما فيها التدقيق والاختبار والبناء، وكذلك الأدوات اللازمة لتنفيذ هذه الخطوات في بيئة عمل اللغة التي تختارها. يمكنك البحث عن الأجوبة عبر غوغل Google.
  • ما هي بدائل إعداد منظومات CI عن GitHub Actions أو Jenkins؟ يمكنك الاستعانة بمحرك البحث غوغل.
  • أين سيكون تطبيق هذه الإعدادات أفضل، على استضافة ذاتية أو استضافة سحابية؟ لماذا؟ ما هي المعلومات التي ستحتاجها لاتخاذ قرارك؟

تذكر أنه لا توجد إجابات صحيحة أو خاطئة لجواب هذا السؤال.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Introduction to CICD من سلسلة Deep Dive Into Modern Web Development

اقرأ أيضًا

تم التعديل في بواسطة رقية بورية


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...