أصبحت خرائط رحلة العميل أداةً مفضلةً لاستعراض تجربة المستخدم، لكن ما هي بالتحديد؟ وكيف تُنشَأ؟ وما هي أفضل طريقة لاستخدامها؟
رغم أن العديد من المواد المنشورة تؤكد على فعالية خرائط رحلة العميل في استعراض تجربة المستخدم، إلا أن الكثيرين يخافون من فكرة إنشاء هذه الخرائط، وهذا ما يجب تصحيحه، فالأمر ليس معقدًا أو غير واضح المعالم، بل يمكن لأي أحد أن ينجزه.
يهدف هذا الدليل إلى توضيح عملية إنشاء خرائط رحلة العميل من الألف إلى الياء، بالإضافة إلى تقديم قوالب عملية لخرائط رحلة العميل.
ما هي خرائط رحلة العميل؟
يخشى بعض الناس من فكرة خرائط رحلة العميل بسبب أخذهم فكرةً خاطئةً عنها، فهم يظنون أنها يجب أن تمثل بدقة كل التفاصيل والفروقات الدقيقة لتجربة العميل، لكنّ هذا في الواقع أمرٌ مستحيل.
تمثل خرائط رحلة العميل شخصيةً محددة الملامح تعكس التجربة النموذجية للعملاء، فهي شبيهة بالشخصية إلى حد كبير، لكن الفرق هو أنها تركّز أكثر على المهام والأسئلة، بالإضافة إلى أنها تعبر عن تجربة العميل على مر الزمن، وليس في حيّز زمني معين، مما يعني أن من المفيد دراسة كلٍّ من شخصية العميل وخرائط رحلة العميل معًا. تركز شخصية العميل على الأشخاص، في حين تركز خريطة رحلة العميل على تجارب الأشخاص.
لا شك بأن ذلك يشير إلى أن رحلة العميل تتطلب جهدًا أكبر لإنشائها، مما قد يجعلك تنشئ عددًا قليلًا من خرائط رحلة العميل. غالبًا ما يعمل الناس على إنشاء رحلة عميل للعملاء الأبرز فقط، كما يركزون على النظرة العامة للرحلة بأكملها، بدلًا من الخوض في كثيرٍ من التفاصيل. ومع ذلك، يمكنك مع الزمن تجسيد الرحلات والبحث في ثناياها بمزيد من التفصيل، أو حتى دراسة العملاء الثانويين.
اقتباسخريطة رحلة العميل هي قصة مصممة لإعطاء تلميحات حول الرحلة التي يخوضها العميل، وليست مصممةً لتمثّل 100% من التجارب الواقعية بجميع اختلافاتها الدقيقة.
يمكن تعريف خريطة رحلة العميل أيضًا على أنها قصة مصممة لإعطاء تلميحات حول الرحلة التي يخوضها العميل، فهي تُعَد نسخةً أوليةً تمثل التشابك الكامن خلف الرحلة الحقيقية بصيغة أكثر قابليةً للفهم، وهذا يعني أن خريطة رحلة العميل لن تكون دقيقةً بنسبة 100%.
ما أهمية خريطة رحلة العميل
خريطة رحلة العميل أداةٌ فعالة لا غنى عنها.
إذا كنت مصممًا، فإنها تساعدك على فهم حالة المستخدم وأخذ فكرة واضحة عن الجهة التي جاء منها وما يطمح للوصول إليه.
إذا كنت كاتبًا تسويقيًا، فهي تساعدك على معرفة الأسئلة التي يطرحها المستخدمون وفهم شعورهم.
إذا كنت مديرًا، فهي تعطيك فكرةً عامةً عن تجربة العميل، وتمكّنك من رؤية كيفية انتقال العملاء في قمع المبيعات، مما يساعدك على اقتناص الفرص من أجل تحسين التجربة. سترى من خلال الخريطة كيف يمكن أن يحدِث تحسين خدمة العملاء فارقًا في التجربة الرقمية للمؤسسة.
بالنسبة لمديري المبيعات والتسويق ومديري التجارة الإلكترونية، فهي تساعدهم على تحقيق أهدافهم. وفقًا للأبحاث التي أجرتها مجموعة أبردين Aberdeen Group فإن الشركات التي تنشئ خرائط رحلة العميل بنجاح يزداد معدل الإيرادات لديها بنسبة 24.9% في حملاتها التسويقية الموافقة.
بالنسبة لمصممي تجربة المستخدم، فهي تساعدهم على تحديد الفجوات والمشاكل في تجربة المستخدم المفكّكة أو المجهِدة، مثل:
- الفجوات بين الأجهزة عندما ينتقل المستخدم من جهاز إلى آخر.
- الفجوات بين الأقسام، والتي يمكن أن تسبب شعور المستخدم بالإحباط.
- الفجوات بين القنوات (مثلًا عندما يكون هناك تحسينات ممكنة على تجربة الانتقال من وسائل التواصل الاجتماعي إلى موقع الويب).
الأهم من كل ما سبق أن خريطة رحلة العميل تجعل المستخدم محور اهتمام المؤسسة، بدلًا من الميل الطبيعي للتركيز على أولويات المؤسسة، فكثيرًا ما تشغلك أهداف المشروع عن الاهتمام بمتطلبات المستخدم.
يفيد التفكير بحالة المستخدم في جميع مراحل المشروع في تصحيح بوصلة العمل على الدوام، إذ تتغير أسئلة المستخدم ومشاعره وأهدافه خلال رحلته في الاستخدام، وهو ما يجب أخذه بالحسبان.
بالإضافة لذلك، فإن خريطة رحلة العميل تحدد سياق المشروع بالمجمل، وتساعد على تحديد الموضع الذي يجب أن يركّز عليه المشروع من تجربة العميل.
لنفترض مثلًا وجود موقع ويب متخصص بالتسويق يعمل على توليد الرغبة بشراء المنتج لدى المستخدم، ويجيب عن أهم الأسئلة حوله، لكن عملية الشراء تحدث خارج الموقع. الموقع نفسه يمكن أن يوفر أيضًا إمكانية إنشاء طلبية أو حتى الحصول على الدعم التالي لعملية الشراء. في الحالتين كلتيهما، إذا كنت تعرف المقدار الذي يغطيه المشروع من رحلة العميل، فهذا يساعد على تحديد نطاق عملك.
نموذج لخريطة رحلة العميل لمؤسسة Samaritans الخيرية لتقديم الدعم العاطفي، ويظهر من خلالها كيف يمكن للجانب الرقمي أن يحسن التجربة.
أخيرًا، يمكن أن تكون خرائط رحلة العميل أداةً مساعِدة على التحول الرقمي الواسع، فالتحول الرقمي يعني أساسًا التكيف مع التغيرات في توقعات المستهلك.
تساعد خرائط رحلة العميل على الكشف عن هذه التغيرات في سلوك العميل، وتضمن عدم وقوع المؤسسات في فخ وضع خطط بناءً على فرضيات قديمة. تكمن المشكلة في أن الإدارة العليا ترى الجوانب الرقمية مجرد إضافة جانبية على عروضها، إذ أنها لا تدرك مدى تأثير الجانب الرقمي على سير العمل. يمكن تسليط الضوء على هذه التغيرات عند إعداد خرائط رحلة العميل.
تمكّن خرائط رحلة العميل أيضًا فرق الإدارة من التفكير فيما هو أبعد من هواجسها الحالية، فمثلًا قد تكون الإدارة معتادةً على التركيز على أمور مثل الجوال ووسائل التواصل الاجتماعي وتحسين محركات البحث، لكن يجب عمليًا أن تضع هذه الأمور في سياقها، وهنا يأتي دور خريطة رحلة العميل التي تساعد على توفير هذا السياق.
يفيد توفير هذا السياق في تسليط الضوء على الثغرات والعيوب، وبذلك تتمكن الإدارة من تحديد المواضع التي لم ينجح فيها عملها في تلبية حاجات العملاء وتطلعاتهم، كما يساعدها ذلك على التركيز على العميل بدلًا من التركيز على المنتَج أو الخدمة أو المؤسسة. في الواقع فإن الكثير من المؤسسات -وخصوصًا الكبيرة منها- تفتقر إلى هذه العقلية في خدمة العملاء.
إذًا كيف يمكن إنشاء خريطة رحلة العميل؟ يجب أن تبدأ عملية إنشاء خريطة رحلة العميل من التعرف على المستخدمين.
كيفية إجراء أبحاث حول خريطة رحلة العميل
لدى الكثير من المؤسسات بعض المعلومات السابقة حول المستخدمين، وقد تواجه بعض المصاعب في إقناع الأشخاص الذين يَعُدّون تكرار عملية البحث مضيعةً للوقت، لهذا فمن الجيد أن تكون البداية من جمع الأبحاث المتوفرة مسبقًا، والتي غالبًا ما تكون ذات تاريخ قديم أو مهمَلةً في مكانٍ ما.
ستتمكن من خلال عملية جمع الأبحاث القديمة من معرفة المعلومات المتوفرة لدى المؤسسة ومدى ملاءمة هذه المعلومات للمطلوب، وهذا يساعدك على إقناع المعارضين للبحث، كما قد يوفر عليك بعض الجهود البحثية.
للأبحاث نوعان: تحليلية وقصصية، وفيما يلي بعض التفاصيل حولهما.
الأبحاث التحليلية
هناك الكثير من المصادر المتوفرة لجمع البيانات حول المستخدمين، وأبرزها تحليلات مواقع الويب، والتي توفر الكثير من المعلومات حول الجهة التي جاء منها المستخدمون وما الذي يحاولون الوصول إليه، كما تساعد على معرفة النقطة التي غادروا فيها الموقع أو العملية، لكن عليك أن تكون حذرًا من تفسير التحليلات على نحوٍ خاطئ، فمثلًا قد تظن أن كثرة النقرات أو فترات السكون الطويلة تدل على أن المستخدم سعيد؛ إلا أنها قد تكون بسبب ضياعه أو ارتباكه.
وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا مصدرٌ مفيد للحصول على البيانات، وهناك أدوات مثل SocialMention تتتبّع الأماكن التي ذُكرت فيها العلامة التجارية وما إذا كان هذا الذِّكر سلبيًا أم إيجابيًا.
يمكن استخدام SocialMention لجمع تعليقات المستخدمين التي تفيد بإغناء خرائط رحلة العميل.
تعطي أيضًا بيانات البحث تلميحات مهمة عما يبحث عنه المستخدمون، مما يكشف ما إذا كان موقعك الحالي يقدّم المعلومات والخدمات الصحيحة.
أخيرًا، استعن بإجراء الاستبيانات، فهي تساعدك على أخذ أفكار واضحة عن أسئلة المستخدمين ومشاعرهم والعوامل المحفزة لهم.
الأبحاث القصصية
قد توفّر البيانات التحليلية معلوماتٍ مقنعة، إلا أنها لا تعطي قصةً متكاملة عن تجربة المستخدم.
يتمثل أحد التحديات بإمكانية الوصول إلى العملاء، فقد يكون من الصعب إيجاد عملاء يقبلون تخصيص بعض الوقت للحديث معك (حتى عبر الهاتف)، لكن الأمر يستحق المحاولة.
هناك أدوات مفيدة مثل Reframer تساعد على تنظيم التعليقات القصصية بصورة مباشرة.
في حال فشلت كل المحاولات، يمكنك التحدث مع الأشخاص الذين يحتكّون كثيرًا بالعملاء، بدلًا من التحدث مع العملاء أنفسهم. ومن أمثال هؤلاء، مندوبو المبيعات وموظفو دعم العملاء، بالإضافة إلى العديد من الأمثلة الأخرى التي تختلف وفقًا للشركات. لكن تذكر أن هؤلاء الأشخاص لم يعيشوا رحلة العميل بأكملها، لذا عليك أن تتحدث مع الكثير منهم لتجمع التفاصيل المختلفة المكمّلة لبعضها.
قد يحدّ الوقت والميزانية من إمكانية إجراء أبحاث عميقة، وفي حال كانت هناك عدة مجموعات مختلفة من المستخدمين لدى المؤسسة، فقد يكون إنشاء رحلات عميل تفصيلية مختلفة لكلٍّ منها أمرًا صعبًا، لذا يُنصح بالتركيز على جمهورك الرئيسي.
يمكنك تقدير رحلة العميل بالنسبة للجمهور الثانوي على ضوء المعلومات المتوفرة، وذلك من خلال دراسة الحلول الممكنة في ورشات عمل مع الموظفين الرئيسيين وغيرهم من الجهات المعنية في المؤسسة. على الرغم من أن هذه الطريقة المختصرة في تدبير الأمر لن تكون دقيقةً بما يكفي، إلا أنها أفضل من لا شيء، مع التأكيد على أن يكون الجميع على دراية بمحدودية نتائجها.
كن حذرًا وواضحًا في تحديد الجوانب التي تغطيها الأبحاث وتلك التي لا تغطيها، فاتخاذ العديد من القرارات اعتمادًا على الافتراضات أمرٌ خطير. وعندما تدرك الإدارة فوائد الأبحاث، فإنها ستخصص المزيد من الوقت من أجل إجراء المزيد من هذه الأبحاث.
سواء كان لديك بحث مفصَّل أم لا، فغالبًا ما تكون أفضل طريقة للبدء بعملية إنشاء خريطة رحلة العميل هي إجراء ورشة عمل.
كيفية إنشاء خريطة رحلة العميل
من أكثر الأخطاء التي يرتكبها الناس عند إعداد خريطة رحلة العميل هي إنشاؤها بمعزل عن مساعدة جهات أخرى، إذ يشعرون أنهم تبادلوا الآراء بما فيه الكفاية وجمعوا الكثير من الأبحاث، وأنهم مستعدون لتصميم الرحلة بأنفسهم، لكنها طريقة غير صحيحة.
هناك طريقتان رئيسيتان لإنشاء خريطة رحلة العميل، إما عبر ورشات عمل وجهًا لوجه وإما عن بُعد.
غالبًا ما تكون ورشات العمل الطريقةَ الأفضل، لإتاحتها إمكانية تبادل الآراء مع الجهات المعنية المختلفة، كما أنها طريقة فعالة لحثّ المؤثرين الرئيسيين على البدء بالتفكير بتجربة المستخدم.
لإجراء ورشات عمل كهذه، يجب عليك أولًا أن تعرف ما الذي تريده من ورشة العمل.
ضع أهدافا واقعية لورشة إنشاء خريطة رحلة العميل
لا تقتصر غايات ورشة عمل رحلة العميل على إنشاء خريطة رحلة العميل، حتى أنه من غير المحتمل أن تكون قادرًا على إنشاء خريطة مفصلة في يومٍ واحد، بل عليك أن تتوقع أن تخرج من الورشة بمسودة رحلة واحدة لنمط واحد من المستخدمين، أو رحلتين على الأكثر (وهو احتمال بعيد). الهدف من إنشاء خريطة رحلة العميل ليس رسم جميع التفاصيل الدقيقة لتجربة المستخدم، بل محاولة صياغة الأمر على شكل قصة تُتداول في الشركة لتحثّّ الأشخاص الذين لديهم أفكار تتعلق بخدمة العملاء، وتشجعهم على التفكير والإبداع.
اقتباسأهمية عملية إنشاء خريطة رحلة العميل توازي أهمية الأفكار الناتجة عن حثّ الأشخاص على التفكير بتجربة المستخدم.
تساعد ورشة العمل على تحقيق ذلك، من خلال جعل المؤثرين المهمين في المؤسسة يركزون اهتمامهم على تجربة المستخدم، كما أن ورشة العمل هذه تزيد من وعيهم حول كيفية تقديم خدمات أفضل للعملاء، وكيفية إجراء أبحاث متقدمة.
تساعد عملية إنشاء خريطة رحلة العميل أيضًا على تحديد نقاط الضعف في رحلة العميل، والمواضع التي تسبب الإحباط للعميل، والإجراءات التي تحتاج إلى تغيير.
من الضروري أن تبقى هذه الأهداف نصب عينيك، فمن السهل الانجرار وراء النقاشات التي لا تنتهي حول السبل المختلفة التي قد يسلكها العميل. عليك أن تختار إحدى هذه الرحلات المحتملة وترسم القصة المتعلقة بها.
بمجرد أن تتضح الأهداف لديك، عليك أن تتخذ القرار حول الخطوة التالية المتعلقة بالأشخاص الذين يجب أن تدعوهم إلى ورشة العمل.
من يجب أن يحضر ورشة عمل إنشاء خريطة رحلة العميل؟
هناك فئتان من الأشخاص الذين يجب أن يحضروا هذه الورشة؛ الذين يفهمون رحلة العميل، والمؤثرين في المؤسسة ممن قد لا يفهمون رحلة العميل.
غالبًا ما تتضمن الفئة الثانية الإدارة العليا، فكلما كانت رتبتك أعلى، قلَّ ما يترتب عليك فعله تجاه العملاء، لكن ازدادت قوة تأثير قراراتك على تجربتهم. لهذا السبب، ينبغي على هؤلاء حضور ورشة عمل رحلة العميل، فهذا يساعدهم على فهم حاجات العميل ومعرفة عواقب بعض قراراتهم، لكنّ هذا لا يتحقق إلا بمشاركة أشخاص يفهمون رحلة العميل أيضًا في الورشة.
ربما يتبادر للأذهان أن أفضل من يفهم رحلة العميل هو العميل نفسه، لكن ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك، فالعميل يفهم حالته الخاصة التي قد لا تمثّل الحالات الأخرى. لذا فمن الأفضل أن يشارك موظفو خدمة العملاء، فهم يتعاملون يوميًا مع عدد كبير من المستخدمين، ولا شك أن لديهم قصص قيّمة جدًا عن عوامل فشل تجربة المستخدم، والتي يمكن الاستفادة منها في إعداد خريطة رحلة العميل.
بالإضافة إلى ذلك، عليك أن تحرص دائمًا على مشاركة بعض العملاء أيضًا، لتمكين اجتماعهم مع أعضاء الإدارة العليا بصورة رئيسية. في حال تعذر توفر هذا الأمر فلا بأس في ذلك، فوجود موظفين ممن يتعاملون بصورة مباشرة مع العملاء قد يفي بالغرض، إلى جانب إعداد الأبحاث التي سبق ذكرها.
هناك أشخاص آخرون لديهم ما يساهمون به في هذه الورشة أيضًا، مثل المسوِّقين الذين يملكون بعض المعلومات حول سلوك المستخدم وفقًا لأبحاث السوق التي قد أجروها، بالإضافة إلى الفريق الرقمي الذي يملك الكثير من المعلومات المهمة أيضًا فيما يتعلق باختبار قابلية الاستخدام وتحليلات الويب.
احرص على تذكير جميع هؤلاء المشاركين في الاجتماع بجلب أي أبحاث أو بيانات لديهم تتعلق بالمستخدمين، فكلما توفرت معلومات أكثر، كانت الجلسة أكثر فعاليةً وأقل اعتمادًا على الأهواء الشخصية.
كيفية إجراء ورشة عمل خريطة رحلة العميل
الأمر ليس بالصعوبة التي قد يتخيلها البعض، وتختلف طريقة إجراء الورشة باختلاف الأشخاص، لكن سنتحدث عن طريقة سهلة ومباشرة يمكن اتباعها دون الوقوع في أية مشاكل.
1. حدد النطاق
من أصعب مراحل إجراء ورشة عمل خريطة رحلة العميل تحديد نطاق الرحلة الذي يجب رسم خريطة له، ومدى دقة التفاصيل التي يجب العمل عليها.
لنوضح ذلك من خلال المثال التالي، بفرض أنك تريد إعداد خريطة لتجربة العميل في الحصول على قرض من أجل شراء منزل. يمكن أن يكون نطاقك واسعًا، من خلال إنشاء خريطة تتضمن تجربة العميل الشاملة ابتداءً من قرار شراء منزل وصولًا إلى إتمام إيفاء القرض بعد سنوات؛ أو أن يكون نطاقك أضيق، فتركز على اللحظات الحاسمة التي يقدّم فيها المستخدم طلب القرض.
لا توجد طريقة مختصرة لمعرفة النطاق الذي يجب أن تعمل عليه، إذ يعتمد ذلك على السبب الذي تنشئ من أجله خريطة رحلة العميل. فمثلًا إذا كان الدافع استعراض الأبحاث العامة حول المستخدم، فمن الأفضل رسم خريطة عامة تظهِر الرحلة الكاملة من بعيد، أما إذا كان الدافع إيصال فكرة أو مشكلة معينة، فمن المفيد التركيز على جزء رئيسي معين يعطيك معلومات مفصلة حول حاجات العميل وكيفية تلبية فكرتك لهذه الحاجات.
من ناحية أخرى، فإن النطاق الذي تختاره يحدد مدى التفاصيل التي ستتمكن من إضافتها، فكلما كان نطاق التجربة أضيق، تمكنتَ من إدراج تفاصيل أكثر. وبالنسبة لمثال تسديد القرض لشراء منزل، من غير المتوقع أن تغطي الخريطة الكثير من التفاصيل.
2. حدد المراحل الرئيسية لتفاعل المستخدم
بمجرد أن تقرر النطاق الذي ستعمل عليه، حدد المراحل الرئيسية التي يمرّ بها العميل خلال تفاعله مع شركتك أو خدماتك. غالبًا ما تكون المراحل على الشكل التالي:
- الاكتشاف
- البحث
- الشراء
- التوصيل
- ما بعد البيع
من المهم ملاحظة أن هذه المراحل تختلف اعتمادًا على طبيعة المنتج أو الخدمة التي تقدمها، فليس هناك ترتيب صحيح بالمطلق أو خاطئ بالمطلق لهذه المراحل، لذا لديك حرية اتخاذ القرار حول الترتيب الملائم بالمشاركة مع الأطراف الأخرى خلال ورشة العمل.
تتفرع بعض الخرائط لتغطي رحلات مختلفة للعميل، أو تتضمن سهمًا راجعًا يعيد المراحل في مواضع معينة، لكن من الأفضل أن تحاول تجنب الخوض في هذا المستوى من التعقيد، وتذكر أن خريطة رحلة العميل عبارة عن قصة تروي سير العملية، وليس من الضروري أن تكون دقيقةً بنسبة 100%. تؤدي إضافة الكثير من التفاصيل إلى جعل الخريطة صعبة القراءة، مما يقوّض من قيمتها.
3. حدد المعلومات التي تريد تضمينها في الخريطة
يتعلق القرار التالي الذي يجب أن تتخذه بماهية المعلومات التي ترغب بتضمينها في الخريطة حول المستخدم، وما الذي تريد أن تعرفه في كل مرحلة من المراحل الرئيسية لتفاعل المستخدم، وهنا أيضًا يرجع الأمر لحالة الشركة ولا توجد قاعدة ثابتة، لكن هناك بعض المعلومات والتساؤلات التي قد تنطبق على حالات كثيرة، مثل:
- المَهمات: ما الذي يحاول المستخدم الوصول إليه في هذه المرحلة؟
- الأسئلة: ماذا يريد المستخدم أن يعرف في هذه المرحلة؟
- نقاط الاتصال: كيف يتفاعل المستخدم مع المؤسسة في هذه المرحلة؟
- المشاعر: ماذا يشعر المستخدم في هذه المرحلة من العملية؟
- نقاط الضعف: ما مسببات الإحباط المحتمَلة لدى المستخدم في هذه المرحلة؟
- المؤثرات: ما العوامل التي تؤثر على عملية اتخاذ القرار لدى المستخدم في هذه المرحلة؟
4. أنشئ جدول رحلة العميل
يمكنك البدء بإنشاء جدول يتضمن معطيات القرارين الذين اتخذتهما من خلال الخطوتين السابقتين، حيث تضع المراحل على أحد محوري الجدول، والمعلومات التي ينبغي جمعها على المحور الآخر.
مثال عن قالب مبسط لخريطة رحلة العميل.
يجب أن نؤكد على أن خريطة رحلة العميل النهائية ليس من الضروري أن تتوافق مع هذه المعطيات المبدئية، لكن هذه الخطوة ضرورية لتوفير إطار عام يمكن البدء بالعمل على ضوئه. يُنصح بإنشاء هذا الجدول على مساحة كبيرة لتوسيعه قدر الإمكان.
5. البدء بالعمل الجماعي
في البداية يجري العمل بصورة جماعية على العمود الأول، من خلال كتابة المعلومات المطلوبة على ورقة ملاحظات ثم لصقها على الجدول. على سبيل المثال، ما المهمات التي يحاول المستخدم تحقيقها في مرحلة الاكتشاف؟ اكتب كل مهمة على ورقة ملاحظات منفصلة ثم أضفها إلى الخلية المناسبة من الجدول.
الغاية من كتابة المعلومات على أوراق ملاحظات لاصقة وليس على الجدول مباشرةً هو أنك قد تحتاج إلى إعادة ترتيب الجدول مع مرور الوقت، كأن تقرر إزاحة مهمةٍ ما إلى مرحلة لاحقة من العملية.
استخدم البيانات والمعطيات التي جلبها المشاركون في الورشة لإرشادك إلى المعلومات التي يجب تدوينها على أوراق الملاحظات عند الإمكان، وفي حال عدم توفر بيانات ملائمة تستند إليها، الجأ إلى تقدير الحالة، ثم يمكنك التحقق من صحة الافتراضات لاحقًا بعد الورشة. من الأفضل المحافظة على الاندفاع في إنجاز العمل، وعدم إمضاء وقت طويل في جزء معين من الجدول.
6. العمل بمجموعات صغيرة
عندما تصل إلى أسفل العمود الأول من الجدول، سيكون الحاضرون قد فهموا كيف يسير العمل، وعندها يمكنك تقسيمهم إلى أزواج أو مجموعات صغيرة حسب عددهم، ثم توكيل كل مجموعة بإتمام عمود، مما يسرّع وتيرة العمل ويقلل من الملل والرتابة.
بمجرد أن تنهي كل مجموعة عملها، تجتمعون مرةً أخرى للنقاش، مما يضمن قبول الجميع للنتائج، وإن لم يكونوا قد ملؤوا الأعمدة بأنفسهم.
هذا كل ما في الأمر، لكن إجراء ورشة العمل قد يرتّب عليك بعض التحديات، فمثلًا قد يكون من الصعب جمع الناس في مكان واحد لأسباب مختلفة، وفي هذه الحالة، يجب أن تتوفر طريقة بديلة.
كيفية إعداد خريطة رحلة العميل عن بعد
عندما يتعذر عليك عقد ورشة عمل وجهًا لوجه، يمكنك إنشاء خريطة رحلة العميل كاملة عبر هذه الطريقة البديلة، ويتطلب الأمر منك إجراء بعض التغييرات في طريقة العمل.
سواء كانت الورشة وجهًا لوجه أم عبر الإنترنت، فإنها تتألف من الخطوات نفسها، ويجب في الحالتين:
- تحديد مراحل الرحلة.
- تحديد المعلومات المرغوب تضمينها.
- جمع البيانات الملائمة.
الخطوتان الأولى والثانية هما الأسهل، وغالبًا ما يمكن إنجازهما بسرعة عبر مكالمة جماعية مع الأطراف المعنية الرئيسية، لكن إذا كان هناك الكثير من الأطراف المعنية، فقد يكون من المفضل الابتعاد عن المكالمات الجماعية، لأن كثرة المشاركين تقلل من إنتاجية هذا النوع من المكالمات.
يمكنك بدلًا من ذلك أن تلجأ إلى إعداد استبيان قصير تطلب فيه من المشاركين اقتراح المراحل والمعلومات التي يجب جمعها، ثم استخدام أدوات تسمح للمشاركين بالتصويت على أفكار الآخرين بالقبول أو الرفض، مثل ترايسايدر Tricider. بعد أن تجمع قائمةً بالمراحل والمعلومات المحتمَلة، يمكنك اختيار الملائم منها لإعداد القائمة النهائية بنفسك أو بالاستعانة بأدوات فرز البطاقات المساعِدة، مثل UXOps.
يساعد UXOps على تسهيل عملية اختيار المراحل بصورة مدروسة للوصول إلى القائمة النهائية.
في هذه الطريقة، عليك أن تطلب من المشاركين تصنيف المراحل والمعلومات المتشابهة في فئات وإعادة تسميتها، بصورة مشابهة لعملية فرز البطاقات التي تُجرى في سياق هندسة المعلومات لمواقع الويب.
أخيرًا، لا مشكلة على الإطلاق في إجراء مقابلات فردية مع الأطراف المعنية الأكثر أهمية لديك، للتأكد من رضاهم عن نهجك.
بمجرد أن تختار المراحل وتحدد ما يجب فهمه في كل مرحلة، يمكنك البدء بجمع الاقتراحات، وهنا لديك خياران؛ إما إجراء مقابلات فردية وإما إجراء استبيانات.
الاستبيانات خيار ممتاز للحصول على الكثير من المعطيات من عددٍ كبير من الأطراف المعنية، وقد تكون هذه الأطراف المعنية إما مستخدمين نهائيين وإما خبراء داخليين (الأشخاص نفسهم الذين كنت ستدعوهم إلى المشاركة في حال اخترت طريقة ورشة العمل). من ناحية أخرى، تزوّدك المقابلات برؤى متعمقة أكثر من الاستبيانات، كما يمكن أن تساعدك على الحصول على الدعم من الأطراف المعنية الداخلية، وبالنتيجة فمن الأفضل الجمع بين الخيارين قدر الإمكان.
تذكر أنك في الحالتين كلتيهما تسعى إلى جمع الأسئلة والمهمات والمشاعر المختلفة للعميل في كل مرحلة، والحكم على أهميتها.
على سبيل المثال، يمكنك إجراء استبيان تطلب فيه من الناس اقتراح الأسئلة التي تراودهم أثناء رحلة استخدامهم، ثم تسمح لهم بالتصويت على الأسئلة التي اقترحها الآخرون من حيث أهميتها بالنسبة لهم.
تسمح منصة Pollunit بجمع البيانات والحكم على أهميتها.
لتبسيط الأمر، يُنصح بعدم مطالبة الناس بتحديد المرحلة الموافقة لكل سؤال مقترَح ضمن الاستبيان، إذ يمكنك على الأرجح معرفة موضع كل سؤال في رحلة العميل بديهيًا من خلال خبرتك بالعملية.
وبالنتيجة، تتوفر إمكانية إنشاء خريطة لرحلة العميل عبر حضور ورشة عمل أو عن بُعد، لكن في الحالتين كلتيهما فإن المرحلة التالية لا تقل أهميةً عن عملية إنشاء الخريطة.
كيف تحسن استخدام خرائط رحلة العميل
هناك نوعان من المخاطر التي يمكن أن ترافق ورشة رحلة العميل.
الأول أن تكون الرحلة غير صحيحة؛ بالطبع لن تكون الرحلة مطابقة للواقع أبدًا، ولكن يجب أن تكون ممثِّلة له بشكلٍ ما على الأقل، لهذا السبب يجب تخصيص القليل من الوقت بعد الورشة لتقييم النتائج، وليس بالضرورة جعلها خطوةً معقدة، بل يكفي عرض النتائج على بعض العملاء ومعرفة آرائهم حولها.
الثاني أن ينتهي الحال بخريطة رحلة العميل الناتجة بوضعها في زاويةٍ ما، دون الاستفادة منها أو ذكرها. لتجنب حدوث ذلك، يجب إعدادها بطريقة تفاعلية يمكن أن يراها ويستفيد منها كل الأشخاص في الشركة.
يجب أن تكون خريطة رحلة العميل غير معقدة، وأن يكون أخذ المعلومات منها سهلًا.
الهدف من ذلك إبقاء قصة المستخدم نصب أعين الأشخاص في الشركة. اطلب من مصمم محترف تصميم الرسوميات لتضمن أن تكون مفهومةً قدر الإمكان ولافتةً للانتباه.
مهما كان شكل الخريطة، يجب أن تحتوي على أدلة إحصائية وقصصية، وأن تسلط الضوء على حاجات المستخدم وأسئلته ومشاعره أثناء تفاعله مع المؤسسة أو الخدمات المقدَّمة.
نماذج لخرائط رحلة العميل
كما أسلفنا، لا يوجد طريقة صحيحة بالمطلق أو خاطئة بالمطلق لإعداد خريطة رحلة العميل. عادةً ما تكون الخريطة على شكل مخطط معلومات رسومية (إنفوجرافيك) مع ترتيب زمني لتجربة المستخدم، لكن يمكن أن تكون أيضًا على شكل قصة مصورة أو حتى مقطع فيديو.
هناك الكثير من القوالب الممتازة لخرائط رحلة العميل التي يمكنك الاستفادة منها للبدء، وفيما يلي بعض النماذج التي قد تلهمك في هذه العملية.
عادةً ما تكون خريطة رحلة العميل على شكل مخطط معلومات رسومية (إنفوجرافيك)، لكن يمكن أن تكون أيضًا على شكل قصة مصورة أو حتى مقطع فيديو.
لا تجعل الخريطة شديدة التعقيد، وابتعد عن الانشغال بتعدد الطرق التي قد يسلكها العميل، فهذا يجعل القصة مشوشة.
الهدف من الرسوميات ليس فقط التعبير عن كل نواحي تجربة العميل، بل أيضًا جعل الأمر أشبه بقصة بسيطة، من أجل تركيز اهتمام المشاهدين على حاجات العميل.
هذا نموذج شائع لخريطة لرحلة العميل، لكنه مع ذلك لا يُعَد نموذجًا جيدًا بسبب شدة تعقيده.
خريطة رحلة العميل أشبه ما تكون بلوحة توجيهية مثبَّتة على جدار المكتب، قادرة على لفت انتباه الناس إلى نقاط الاتصال الحرجة التي يواجهها المستخدم بمجرد إلقاء نظرة سريعة عليها، لكي تذكّرهم بإبقاء حاجات العميل في طليعة أولوياتهم.
حاول أن تكون خريطة رحلة العميل بسيطة بما يكفي للسماح بعرضها على شكل لوحة جدارية.
حاول أن تجعل الأمر أشبه بسرد قصة، وليس حشوًا لكمية كبيرة من المعلومات.
خاتمة
خرائط رحلة العميل ليست عصا سحريةً تحلّ كل مشاكل تجربة المستخدم، لكنها أداة فعالة ولها فوائد كثيرة. وكما هو الحال في شخصية المشتري وخرائط التعاطف وبطاقات القصص، فهي تساعد أيضًا على تركيز اهتمام الجميع على تجربة المستخدم والابتعاد قليلًا عن الانشغال بالشؤون الداخلية للمؤسسة، ولذلك فهي تستحق الجهود المبذولة لإنشائها.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Customer Journey Mapping: Your Definitive Guide لصاحبه Paul Boag.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.