نستخدم نحن المطوّرين ومُصمّمي الواجهات CSS في التنسيق والتَمَوْضُع (positioning)، وفي إنشاء مواقع تتسم بالجماليّة والمظهر الخلّاب، ونستخدمها غالبًا في إضافة الحركة إلى الصفحات باستخدام التنقّل (transitions) أو التحريك (animations)، ولكنّنا عادةً لا نتعمّق، ولا ندخل في خفايا خاصّيات CSS المُعقّدة.
يُمكن للتحريك أنّ يكون أداةً قويّة في مُساعدة زوّار مواقعنا وعُملائنا على فهم تصميم الموقع بالشكل الصحيح، ولذلك يوجد بعض المبادئ والتي بتطبيقها يمكن الاستفادة من التحريك بالشكل الأمثل.
إنّ هذه المبادئ ليست بالجديدة، وهي عبارة عن مُمارسات عمليّة وتجارب طويلة من عالم ديزني، فقد نُشرت هذه المبادئ الاثنا عشر للتحريك بكتاب وهو بعنوان: "وهم الحياة: الرسوم المُتحركة في ديزني" في عام 1981، وصفت وصوّرت هذه المبادئ كيف يُمكن للتحريك أنّ يُستخدم في سلب عقل المُشاهدين في عالم وهميٍّ قابل للتصديق.
سأتناول في هذه المقالة، كلًا من المبادئ الاثنا عشر، ومُناقشة كيف لها أنّ تُطبّق في صناعة صفحات الويب مُستخدمًا الأمثلة التوضيحيّة، وإتاحة الوصول إلى مصدر شيفرة HTML و CSS الخاصّة بهذه الأمثلة عبر حساب الأكاديمية في Github.
التمدّد والانكماش (Squash and Stretch)
إنها المفهوم القائم على أنّ للأجسام كتلة فيزيائيّة، وبتحركها يجب أن تبقى الكتلة ثابتة دون أن تتغيّر، فستتوسّع الكرة عندما تصطدم مع الأرض، ولكنّها أيضًا ستصبح أقصر باعتبار أنّ كتلتها سيُعاد توزيعها.
يُمكن الاستفادة من هذا المفهوم عند إنشاء الكائنات الّتي نُريدها أنّ تبدو فيزيائيّة، مثل الأشخاص، الأشياء، أو تنطط الكرات.
يُمكن تجاهل هذه المبدأ عند التعامل مع عناصر صفحة الويب، فلا ترتبط عناصر الـ DOM بالضرورة مع الأجسام الفيزيائيّة، ويُمكن لها أنّ تكبر وتتقلّص على المُتصفّح كما تقتضي الحاجة، فعلى سبيل المثال، يُمكن للزر أنّ يكبر ومن ثم يتلاشى، أو يُمكن لرسائل الخطأ أنّ تظهر وتختفي كما يحلو لها.
ولكن في حقيقة الأمر، يُمكن الاستفادة من مبدأ التمدّد والانكماش في إعطاء الكائن أو الجسم صفات الكتلة الفيزيائيّة، ويُمكن للتغيرات الصغيرة في الشكل إنشاء تأثيرات طفيفة ولكنّها في نفس الوقت مُلفتة للنظر.
التهيئة (Anticipation)
لا تحدث الحركات فجأةً، ففي الواقع العمليّ، تَنتج الحركة عادةً تدريجيًا، سواءً كان ذلك في دوران الكرة قبل السقوط من على الطاولة، أو عندما يثني شخصٌ ما قدميه استعدادًا للقفز.
يُمكننا استخدام ذلك في جعل التحوّل (transitions) والتحريك (animations) في CSS أكثر حيويّةً وواقعيّة، ويُمكن لهذا المبدأ أنّ يكون على شكل ارتداد خفيف للكرة، ليُساعد المُستخدم على إدراك ما الّذي يتغيّر ويتتبّع مسار الجسم على الشاشة.
فعلى سبيل المثال، يُمكن لعنصر من عناصر الصفحة أنّ يتقلّص قليلًا قبل أنّ يكبر في الحجم عند حركة المرور (hover)، أو لنقل مثلًا عند إضافة عناصر قائمة (items) جديدة إلى قائمة، فيُمكن أنّ يُمهد لهذه الحركة عبر إبعاد باقي العناصر وإفساح المجال لها أوّلًا.
التقديم (Staging)
يتأكّد هذا المبدأ من أنّ الجسم أو الشيء هو عنصر المشهد الرئيسي، وهو عندما تفسح باقي الأجسام الأخرى أو جوانب المشهد المجال لمكان حدوث الفعل الرئيسي، يعني هذا إما وضع الفعل الرئيسي في مكان بارز للعيان، أو حجب باقي العناصر بهدف التركيز على ما يجب للمُستخدم أنّ يراه.
إن أردنا قولها بلغة ومُصطلحات الويب، فإن أحد الأساليب قد يكون في استخدام تغشية لمُحتوى مُعيّن دون آخر، أو ربما إضافة طبقة داكنة على الصّفحة، ومن ثُمّ وضع المُحتوى في الواجهة ليَظهر هذا المُحتوى بارزًا للنظر والاهتمام.
يُمكن استخدام أسلوب آخر وهو الحركة، فعندما تتحرّك أجسام عدّة، فمن الصعب معرفة أي منها جديرٌ بالاهتمام والمُتابعة، ولكن إنّ توقّفت جميع التحركات وجسم واحد تحرّك، ولو بحركة صغيرة، فمن السهل جدًا اكتشافه.
يُستخدم هذا الأسلوب عادةً مع زر الحِفظ (save)، بحيث يتذبذب أو يتمايل أو يومض بخفّة ليوضّح للمُستخدم أنّ عليه حِفظ المُستند قبل المُتابعة، مع الحفاظ على بقية أجزاء الصفحة ساكنة وبدون أدنى حركة، مع العلم أنّ أي حركة ولو طفيفة ستبرز وتكون واضحة للعيان.
الحركة المُفصّلة والحركة من توقّف إلى توقّف (Straight-Ahead Action and Pose-to-Pose)
إن الفعل straight-ahead يكون عندما يتمّ رسم كل إطار صورة (frame) لإتمام التحريك، أما الفعل pose-to-pose (توقّف إلى توقّف) يكون عندما يتمّ رسم سلسلة من الإطارات المفتاحيّة (keyframes) وتُرسم الفترات فيما بينها لاحقًا، عادةً من قِبل مُساعد.
يُستخدم في عالم الويب معظم الأحيان التحريك من نوع pose-to-pose، فمثلًا الانتقال (transition) بين الإطارات المفتاحيّة (keyframes) يُمكن أنّ تتم معالجتها من قبل المُتصفّح، والذي يُقحم الاختلاف بين كل إطار ويرسم عددًا منها أيضًا بهدف جعل التحريك أكثر سلاسةً وواقعيّة.
يوجد استثناء وحيد، وهو دالة التوقيت steps، فمع هذه الدالة، سيخطو المُتصفّح خطوات على عدد الإطارات المُحدّدة، وبهذه الطريقة ستتمكن من رسم سلسلة من الصور وجعل المُتصفّح يعرض كل منها تتابُعيًا، ليُنشئ بذلك حركة بالأسلوب **Straight Ahead Action”.
توابع الفعل وتداخله (Follow Through and Overlapping Action)
لا تحدث الأشياء دائمًا في نفس الوقت، فعندما تتوقّف سيارة فجأةً، فإنّها تميل إلى الأمام، مع تصاعد الدخان نتيجة احتكاك العجلات مع الأرض، ومن داخل السيارة يواصل السائق ميلانه نحو الأمام إلى حين توقّف كل حدث بشكل مُنفصل.
إن هذه التفاصيل ما هي إلا أمثلة على توابع الحركة وتداخل الحركة، ويُمكن استخدام هذا المبدأ على الويب للمُساعدة على التأكيد أنّ شيئًا ما قد توقّف الآن لأنّه يجب أن يتوقّف، وليس أنّه قد توقّف عن التحريك بشكل مُطلق، على سبيل المثال، عنصر قائمة أُضيف إلى القائمة قد ينزلق، ليتقدّم شيئًا ما أكثر من اللازم، ومن ثُمّ يُصحّح نفسه إلى التَمَوْضُع الصحيح.
إن إنشاء حركة ذات طابع تداخلي، يتطلّب إنشاء عناصر تتحرّك خطًا مُختلفة وذات فروقات طفيفة عن بعضها البعض، وفي الحقيقة هذا الأسلوب مُستخدم بشكل جيّد في أنظمة التشغيل iOS، فعندما يتمّ التنقل بين صفحات التطبيق، بعض الأزرار والعناصر ستتحرّك بمُعدّل مختلف عن بعضها، ليظهر التأثير الكلي في النهاية بشكل مُفعم بالمرونة والسلاسة وأقل سطحيّة من إذا كان كلُ شيءٍ يتحرّك دفعة واحدة وبنفس المُعدّل، وهذا التنقل المتوحد في كينونة واحدة يُعطي المُشاهد أو المُستخدم فترةً زمنيّة ليُدرك هذا التغيير الحاصل بالشكل المطلوب، والابتعاد عن الالتباسات.
قد يُستخدم هذا الأسلوب في عالم الويب عبر تجميع التنقلات (transitions) أو التحريك (animations) تتابعيًا، بهدف إنشاء تأثيرات تظهر بمُعدّل سرعة مُختلف فيما بينها.
التباطؤ والتسريع (Slow In and Slow Out)
لا تنتقل الأجسام من السكون التام إلى السرعة القصوى فورًا، بل تميل الأجسام إلى رفع السرعة تدريجيًا، والتَبْطيء منها قبل التوقّف، فبدون التسارع والتباطؤ، ستكون الحركة وكأنها حركة آلة (روبوتي)
يُعرَف التباطؤ والتسريع في عالم CSS بالمُصطلح easing (تسهيل)، ويُستخدم كدالة توقيت (timing function)، وهو طريقة في وصف وتحديد مُعدّل التغيّر خلال مسار التحريك.
يُمكن وباستخدام دالات التوقيت جعل الأجسام المُتحركة تبدأ بطيئةً وترفع من السرعة (الدالة ease-in)، أو تبدأ سريعةً وتخفّف من السرعة (الدالة ease-out)، ويُمكن من أجل التأثيرات الأكثر تعقيدًا استخدام دالّة التوقيت cubic-bezier.
التقوّس (Arc)
لا شك أنّ الأجسام ستبدو أكثر حيويّة باستخدامها حركات التباطؤ والتسريع المُتبعة في المبدأ السابق، ولكن في حقيقة الأمر إن الأجسام نادرًا ما تتحرك بحركة مستقيمة، فهي تميل إلى اتباع انحناءات مقوّسة.
يُمكننا تحقيق هذه النوع من الحركات المُقوّسة مع CSS بطريقتين، تكون الطريقة الأولى بالجمع بين أكثر من تحريك، فالحركة الخاصّة بتنطط وارتداد الكرة، يُمكن تطبيقه عن طريق عمل تحريك أوّل يجعل الكرة تتحرّك صعودًا ونزولًا، بينما تحريكٌ ثاني يجعل الكرة تتحرّك إلى جهة اليمين في نفس الوقت، عندها ستظهر الكرة عبر الشاشة وهي ترتد من الأرض وبشكل مقوّس.
تكون الطريقة الثّانية عبر تدوير العنصر نفسه، حيثُ بإمكاننا التعديل على مركز دوران الجسم عبر ضبط مبدأ التغيّر (transform origin) ليُصبح خارج جسم العنصر، فعندما ندوّر الجسم، فإنه سيدور في تقوّس.
الفعل/الحدث الثانوي (Secondary Action)
بينما الحدث الرئيسي يحدث، يُمكن لحدثٍ ثانويٍ أن يُساعد على التأكيد منه أو حتَّى أنّ يزيد عليه، ربما على سبيل المثال، تأرجح ذراعي شخص يمشي (المشي حدث رئيسي والتأرجح حدث ثانوي) أو تنطط كرة (حدث رئيسي) مع ظهور بعض الغبار (حدث ثانوي) عند الارتطام.
يُمكن رؤية هذا المبدأ على مواقع الإنترنت، عندما تبعد العناصر من نفسها لإفساح المجال للعنصر الجديد، كما يحدث عند سحب عنصر قائمة ووضعه في منتصف القائمة.
التوقيت (Timing)
إن توقيت التحريك هو الوقت المُستغرق في إتمام حركته، فيُمكن للتوقيت أنّ يُستخدم في جعل الأجسام الوزنة تبدو بطيئة في حركتها، أو في إضافة طابع مُميّز وحيوي في الحركة نفسها.
إن التعديل وتسوية/ضبط الوقت في صفحات الويب بسيطٌ للغاية، فكل ما يتطلب فعله هو التعديل على قيمتي الخاصيتين animation-duration أو transition-duration.
المُبالغة (Exaggeration)
يُستخدم أسلوب المُبالغة بشكل كبير مع أفلام الرسوم المُتحرّكة، فيُمكن باستخدامه جذب نظر المُشاهد إلى حركات أو أفعال مُعيّنة، لتجعل هذه المُبالغة من الرسومات أكثر إثارة أو ربما في بعض الأحيان أكثر هزليّة، فعندما يُحاول الذئب الانقضاض على فريسته، فربما يجعل الرسام من فكاه مفتوحان على مصراعهما أكثر من المُعتاد بهدف إضافة شيء من الرعب أو الهزليّة إلى المشهد.
وفي صفحات الويب، يُمكن للأجسام أنّ تتوسّع وتتقلّص بهدف التأكيد عليها وجذب الانتباه إليها، على سبيل المثال عند ملئ نموذج ما (form)، فيُمكن للقسم النشط أنّ يكبر بينما بقية الأقسام تنكمش أو تتلاشى (fade).
الرسم المتين (Solid drawing)
عند تحريك الأجسام في الأبعاد الثلاثة (three dimensions)، يجب أنّ يكون الاهتمام مُنصبًا على أنّ هذه الأجسام تتبع قواعد الرسم المنظوري، فالناس مُعتادة على العيش والتعامل مع عالم ثلاثيّ الأبعاد، ولذلك عندما لا يبدو على الأجسام كما لها أنّ تكون في الواقع، فستبدو للمُشاهد غريبةً وغير مقبولة.
تدعم آخر إصدارات المُتصفّحات الأبعاد الثلاثيّة جيّدًا، يعني هذا أنّه يُمكننا تدوير وتوضيع الأجسام في الصفحة ليتولّى المُتصفّح عمليّة التحوّل بنفسه.
عامل الجذب (Appeal)
إن عامل الجذب هو خصائص ومُميّزات العمل الفني وكيف يُمكن له أنّ يجعل منا مُتصلين ذهنيًّا مع مقصد ونيّة الفنان، فهو كجاذبيّة المُمثّل (الكاريزما)، ففي النهاية الانتباه إلى التفاصيل واتحاد الحركات مع بعضها البعض تناغميًا تجعل من النتائج نتائج مُميّزة وذات ظهور خلاب.
يُمكن للتحريك المصنوع بأيدٍ احترافيّة وبعناية خاصّة أنّ يُنشئ جاذبيّة ومظهر ذو شأن على صفحات الويب، وقد أدركت بعض الشركات ذلك، فاستفادت Stripe من التحريك وسخرته في إضافة مصداقيّة إلى شاشة الدفع (checkout) الخاصّة بهم.
استخدم التحريك
إن استخدام المبادئ السابقة له فضلٌ كبير في تحسين التحريك، فالرسوم الّتي تحافظ على الوزن الفيزيائي للأجسام والتغييرات ذات الطابع الحدسي، وتستفيد من الحدث الثانوي مع التوقيت المُناسب سيجعل منها ذو جودة عالية لُساعد في تقديم إضافة نوعيّة وذات جودة إلى المُحتوى.
يُنصح، وعندما تكون الفرصة سانحة، في إضافة بعض من التحريك والرسوم إلى صفحات الويب، وخاصّة مع استخدام هذه المبادئ، والّتي ستُضيف شيئًا من الجماليّة والجاذبيّة للموقع ليتميّز عن بقيّة أقرانه.
ترجمة – وبتصرّف– للمقال Animation Principles for the Web.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.