نوضح في هذا المقال مجموعة من النصائح المفيدة للمطورين للاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي أعاد تشكيل الطريقة التي يكتب بها المطورون ومهندسو البرمجيات شيفراتهم البرمجية، واستطاعت هذه التقنية الحديثة التي غزت العالم من بضع سنوات فقط أن تنال شعبية كبيرة وتستخدم في العديد من المجالات.
الذكاء الاصطناعي التوليدي ومستقبل البرمجيات
كشف تقرير State of DevOps لعام 2023 أن 60% من المساهمين في الاستبيان استخدموا الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وتوليد الأكواد البرمجية وتحسينها، بالإضافة لتعليم أنفسهم مهارات وتقنيات جديدة، ويكتشف المطورون طرقًا جديدة باستمرار لاستخدام هذه الأدوات التي تتطور بشكل متسارع.
كما زعمت شركة Cognition Labs المتخصصة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في ربيع عام 2024 أن منتجها يمكنه أن يستبدل المطورين ومهندسي البرمجيات في حل المشكلات البرمجية المطروحة على جت هاب Github issues بنسبة 13.86% وقد لا يبدو هذا الرقم مبهرًا للوهلة الأولى لكنه سيكون كذلك عندما تعرف أن أفضل أداء مسجل لهذه المهمة في عام 2023 لم يتجاوز نسبة حله 1.96%، ينبغي ملاحظة أن إمكانيات ديفين Devin AI تم تضخيمها لتبدو أكثر من الواقع فتحقيق النسبة المزعومة يتطلب إشراف بشري، كما ولم يستطيع تنفيذ المهام على مواقع العمل الحر، لذا حتى الآن لا يمكننا أن نعتبر ديفين Devin AI ذكاء اصطناعي يضاهي البشر في البرمجة، ولكن مع تطور الذكاء الاصطناعي يمكن أن نرى الأدوات المماثلة تتحسن.
كما زعمت شركة Cognition Labs في ربيع 2024، منتجها ديفين Devin AI يمكنه أن يستبدل المطورين ومهندسي البرمجيات في حل المشكلات البرمجية المطروحة على جت هاب Github issues بنسبة 13.86% وقد لا يبدو هذا الرقم مبهرًا للوهلة الأولى لكنه سيكون كذلك عندما تعرف أن أفضل أداء مسجل لهذه المهمة في عام 2023 لم يتجاوز نسبة 1.96%، وتجدر الإشارة هنا لأن إمكانيات ديفين Devin AI لم تكن في الواقع كما زعمت الشركة فتحقيق هذه النسبة كان يتطلب إشرافًا بشريَّا، كما ولم يستطيع ديفن تنفيذ المهام على مواقع العمل الحر، لذا لا يمكننا حتى اللحظة اعتبار ديفين Devin AI ذكاء اصطناعي يضاهي البشر في البرمجة، ولكن مع تطور الذكاء الاصطناعي السريع يمكن أن يتحقق ذلك.
هذا يدفعنا للتساؤل كيف يتأقلم مهندسو البرمجيات مع تقنيات وبرامج الذكاء الاصطناعي التي يمكنها كتابة برمجيات أخرى؟ ما الذي ستؤول له مسؤوليات مهندسي البرمجيات مع مرور الوقت في عالم تستحوذ فيه هذه التقنية بشكل تدريجي على كتابة الأكواد؟ هل سنستغني عن العنصر البشرية أم ستكون هناك حاجة دائمة لمهندس برمجيات متخصص يوجه السفينة؟
نناقش في الفقرات التالية كل هذه التساؤلات ونوضح آراء خبراء في المجالات التقنية المتنوعة مثل تطوير الويب وتطوير الواجهات الخلفية backend وتعلم الآلة والطريقة التي يستخدمون بها الذكاء الاصطناعي التوليدي لصقل مهاراتهم وتعزيز إنتاجيتهم في أعمالهم اليومية. ونسلط الضوء على النقاط التي يبرع بها الذكاء الاصطناعي التوليدي ونقاط الضعف التي يعاني منها، وكيف يمكن للمطورين الآخرين تحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي التوليدي في تعزيز إنتاجيتهم خلال عملية تطوير البرمجيات، وما هو مستقبل صناعة البرمجيات في ظل صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
كيف يستخدم المطورون الذكاء الاصطناعي التوليدي
من أشهر برامج الذكاء الاصطناعي التي يعتمد عليها المطورون في تطوير البرمجيات نذكر شات جي بي تي ChatGPT و جت هاب كوبايلوت Github Copilot، حيث يوفر شات جي بي تي ChatGPT للمستخدمين واجهة نصية تفاعلية يمكن للمستخدم من خلالها توجيه النماذج اللغوية الضخمة Large Language Model باستخدام الموجهات المناسبة فهذه النماذج لديها معرفة شاملة عن مواضيع متنوعة من بينها الأكواد البرمجية بمختلف لغات البرمجة وأطر عملها ومكتباتها، وتنبع هذه المعرفة من التدريب الذي خضعت له هذه النماذج فقد جرى تدريبها على كم هائل من البيانات مفتوحة المصدر المتوفرة على الإنترنت، ويدمج كوبايلوت Copilot مباشرة في بيئة التطوير المتكاملة IDE ليوفر للمطور قدرات متقدمة في إكمال الأكواد البرمجية واقتراح الأسطر القادمة لكتابتها، فقد تدرّب على كل الأكواد مفتوحة المصدر المتوفرة على Github، وجمع هاتين الأداتين معًا من شأنه مساعدة المطور في حل أي مشكلة تقنية يمكن أن تواجهه.
الذكاء الاصطناعي في دور الخبير والمتدرب
يعتمد المطورون بشكل متزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين سير العمل وتبسيط العمليات البرمجية، حيث تُظهر هذه الأدوات مرونة وفعالية في تأدية دورين أساسيين الأول دور الخبير الذي يقدم الإرشاد والدعم الفني، والثاني دور المتدرب الذي ينجز المهام التكرارية والبسيطة.
وفيما يلي دراسة حالة لمطورين خبراء بتخصصات مختلفة يوضح كل منهم كيف اعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي لمساعدته في تأدية مهامه.
الحالة الأولى مطور ويب كامل
عند سؤال مطور ويب كامل full-stack web developer ومهندس ذكاء اصطناعي بخبرة تتجاوز 20 عامًا عن استخدام الذكاء الاصطناعي صرّح بما يلي
اقتباسأنا استخدم كوبايلوت copilot يوميًا، فهو يتنبأ بسطر الكود الذي أنوي كتابته أغلب المرات بدقة كبيرة. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي وظفتين، الأولى زميل خبير يساعد في العصف الذهني بمستوى يكافئ خبراتك وتفكيرك، والثانية كمطور مبتدئ يتولى المهام البسيطة والمتكررة في كتابة الكود.
وقد وضح هذا المطور أنه استفاد من الواجهة البرمجية OpenAI API لما هو أبعد من مجرد التنبؤ بسطر الكود، حيث طوّر إضافة مفتوحة المصدر لتطبيق أوبسيدين Obsidian وهو تطبيق مشابه لنوشن Notion مع ميزات مختلفة، إذ تستعمل هذه الإضافة الواجهة البرمجية التي تشغل كلًا من شات جي بي تي ChatGPT و كوبايلوت Copilot، وتسمح للمستخدمين بإنشاء شخصيات مخصصة بالذكاء الاصطناعي والتفاعل معها.
ويرى المطور أن مهام الذكاء الاصطناعي التوليدي الأكثر أهمية هي تلك التي تطلب وقتًا أطول لإكمالها يدويًا، ويمكن بسهولة التأكد من صحتها ودقتها في وقت قصير مثل تحويل الملف من تنسيق إلى آخر، كما يبرع جي بي تي GPT في توليد نصوص تلخص وظائف الأكواد البرمجية، مع ذلك مازلنا بحاجة لمطور خبير يمكنه فهم التفاصيل التقنية لهذا التلخيص.
الحالة الثانية مطور تطبيقات iOS
عند سؤال مطور تطبيقات جوال خبير عن استخدام الذكاء الاصطناعي في عمله أفاد بأنه لاحظ تحسنًا ملحوظًّا في سير عمله اليومي منذ أن دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي به، فهو يستخدم شات جي بي تي ChatGPT وكوديوم Codeium وهو تطبيق ينافس Copilot لحل المشكلات البرمجية وصرح بما يلي:
اقتباسيساعدني الذكاء الاصطناعي التوليدي في حل 80% من المشكلات البرمجية بسرعة وفي تفادي هذه المعرقلات في غضون ثواني، دون الحاجة لوقت طويل من الذهاب للبحث والعودة للتجربة من أجل إيجاد حل المشكلات المعرقلة.
فهو يرى أن هذه أدوات الذكاء الاصطناعي تلعب دور الخبير الموضوعي والمتدرب الذي لا يكل ولا يمل من تنفيذ المهام البسيطة والمتكررة، وتساعده في تفادي المهام المرهقة واليدوية عند كتابة الكود مثل الأنماط المتكررة في الكود أو إجراء تحسين هيكلية الكود البرمجي وإعادة تصميمه Refactoring أو هيكلة طلبات الواجهات البرمجية API بشكل صحيح، فقبل ظهور هذه الأدوات، كانت المشكلات غير المألوفة تشكل عائقًا كبيرًا أمام التقدم في المهام. ويظهر هذا التحدي بشكل خاص عند العمل على مشاريع تتطلب التعامل مع واجهات برمجية APIs أو أطر عمل غير مألوفة تحتاج لبذل جهد ذهني إضافي لفهم كيفية حل مشكلاتها.
الحالة الثالثة مهندس تعلم آلة
أشار مهندس تعلم آلة خبير لأهمية التأكد من صحة الأكواد المهمّة وخلوّها من الأخطاء قبل تشغيلها فهذه خطوة أساسية وضرورية جدًّا، ولن يكون من الحكمة مطلقًا نسخ الكود الذي يولده الذكاء الاصطناعي، ولصقه مباشرةً وافتراض أنه يعمل بشكل صحيح، فحتى لو تغاضينا مشكلة الهلوسة التي قد يعاني منها الذكاء الاصطناعي سيكون هناك في الغالب أسطر من الكود تحتاج للتعديل من طرف المطور البشري، فالذكاء الاصطناعي لا يمتلك السياق الكامل للمشروع ولا يدري ما هي أهدافه وتفاصيله.
وأسدى نصيحة للمطورين الراغبين في تحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي التوليدي في كتابة الأكواد، بعدم إعطائه الكثير من المسؤوليات المهمة مرة واحدة، فهذه الأدوات تعمل جيدًا عندما نعطيها مهامًا محددة ومعرّفة بوضوح وتتبع أنماط الحل المتوقعة والشائعة، ففي حال أعطيناه مهام أكثر تعقيدًا أو مهام عامة غير محددة فهذا سيتسبب بجعله يعاني من الهلوسة ويعطي نتائج غير صحيحة.
الذكاء الاصطناعي كمعلم شخصي وباحث
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في تعلم أدوات ولغات برمجية جديدة، على سبيل المثال أشار مهندس تعلم الآلة أنه تمكن من تعلم أساسيات تيرافورم Terraform في غضون ساعة باستخدام GPT-4، وذلك من خلال كتابة موجهات لكتابة الأكواد البرمجية ثم شرحها، ثم طلب منه بعض التغيرات على الكود وتوفير العديد من المزايا والخواص والتحقق فيما إذا كانت قابلة للتطبيق، ويعقّب أنه وجد هذه الطريقة في التعلم أسرع وأكثر فعالية من محاولة اكتساب نفس القدر من المعلومات من خلال البحث في المتصفح أو قراءة الدروس التعليمية.
وللتأكيد، تنجح هذه الطريقة مع المطورين الذين يمتلكون خبرة تقنية مسبقة ومعرفة بكيفية سير الأمور فقط، فهؤلاء يمكنهم اكتشاف الحالات التي يخطئ فيها النموذج. لكن ستبدأ هذه الأدوات في الفشل عندما نظن أنها ستكون دقيقة 100% لذا لا يمكننا أن نعتمد عليها بالمطلق وبثقة عمياء، وعندما نواجه مهام حساسة لا تتحمل أي نسبة خطأ فيجب علينا التحقق دومًا من صحة الكود بدمج طرق بحث المتصفح التقليدية ومخرجات الذكاء الاصطناعي للتأكد من صحة المعلومات من مصادر موثوقة.
ويشدد المطورون الخبراء على ضرورة استخدام النسخ الأحدث من النماذج، فالنسخ الأحدث لها قدرة أفضل على فهم المنطق المعقد مقارنة بالنسخ القديمة فوفقًا لأوبن أيه آي OpenAI يوفر GPT-4 على سبيل المثال دقة أكبر متجاوزًا سلفه بمقدار 40%، ولذا يجب على من يرغب في استخدام أحد نماذج الذكاء الاصطناعي كمعلم شخصي أن يستخدم النسخ الأحدث فهو قادر على دعم الحقائق التي يولدها بالمصادر التي يمكنك تصفحها والتأكد منها مما يقلل من احتمال النتائج الخاطئة.
يفيد استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي أيضًا لدراسة الواجهات البرمجية APIs الجديدة وفي العصف الذهني لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجه المطورين، فعند استغلال قدرات النماذج اللغوية الضخمة بأقصى حد يمكن تقليل وقت البحث ليقارب الصفر بفضل نافذة السياق الضخمة لتلك النماذج.
نافذة السياق Context Window هي حجم المعلومات التي يمكن للنموذج استيعابها والعمل عليها في لحظة معينة، فبينما يستطيع البشر التفكير في بضعة أمور مرتبطة بالسياق في نفس الوقت كحد أقصى، يمكن للنماذج اللغوية الضخمة معالجة عدد متزايد من الملفات المصدرية والوثائق في نفس الوقت، يمكن توضيح الفرق من خلال مثال قراءة كتاب فنحن البشر يمكننا أن نتصفح صفحتين في ذات الوقت بحد أقصى ويمكننا أن نعتبر أن هذا هو حجم نافذة السياق البشرية، ولكن بالنسبة للنماذج اللغوية الضخمة فهي تمتلك القدرة على رؤية كل صفحات الكتاب بشكل متزامن، لقد غير هذا بشكلٍ جزي طريقتنا في تحليل البيانات وإجراء البحوث.
اقتباسبدأ ChatGPT بنافذة سياق تتسع 3000 كلمة، وقد وصل حاليًا باستخدام نموذج GPT-4 إلى دعم نافذة سياق تصل إلى 100 ألف كلمة، بينما يمتلك Gemini سعة استيعاب ما يصل إلى مليون كلمة، وهي سعة تجعل البحث عن كلمة أو جملة تطبيقًا فعليًا لمثال البحث عن إبرة في كومة قش، ويستطيع جيميناي التعامل مع هذه النافذة الضخمة من السياق بدقة عالية. كان بالإمكان سابقًا إعطاء النسخ الأولية من هذه الأدوات أجزاء ومقاطع من الكود كسياق من المشاريع التي تعمل عليها، وأصبح من الممكن لاحقًا إعطاؤها ملف اقرأني README مع الكود المصدري للمشروع بالكامل فأصبح إرفاق المشروع كاملًا كنافذة سياق قبل طرح الأسئلة أمرًا في غاية البساطة.
نصائح لتحسين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي
يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تعزيز إنتاجية المطورين في كتابة الأكواد والتعلم والبحث شريطة التعامل معه بشكل صحيح، فبدون سياق كافي، يصبح ChatGPT أقرب للهلوسة ولتوليد ردود غير مناسبة، وقد أظهرت دراسة تجريبية لخصائص إجابات ChatGPT على أسئلة Stack Overflow أن ردود GPT 3.5 في الأسئلة البرمجية تحتوي على معلومات خاطئة بنسبة 53%، ويمكن للسياق الخاطئ أن يكون أسوأ من عدم وجود سياق على الإطلاق، فإن قدمت حلًا ضعيفًا لمشكلة ما في الكود على أنها حل جيد سيفترض ChatGPT أن بإمكانه توليد الردود القادمة على بناء على هذا الأساس الضعيف.
ولتحقيق الاستفادة القصوى من أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ينبغي أن نحدد له المهام بوضوح، ونقدم المعلومات التقنية ذات الصلة، وحدد الدور المطلوب منه والنتائج المتوقعة، كما يفيد توفير السياق للنموذج في تحسين في أداءه بشكل ملحوظ.
لكن احذر من إعطاء معلومات خاصة أو حساسة للنماذج العامة، فمن الممكن أن تستخدم هذه البيانات للتدريب عليها وغالبًا ستفعل ذلك، وقد وجد الباحثون أن من الممكن استخراج مفاتيح واجهات برمجية ومعلومات خاصة باستخدام كوبايلوت Copilot و بعض النماذج الأخرى نتيجة لخطأ المطورين بتركهم تلك المعلومات والمفاتيح السرية غير مشفرة في تطبيقاتهم، ووفقًا لتقرير آي بي ام IBM عن تكلفة تسريبات البيانات فإن السبب الأكبر عالميًا لحدوث تسريبات للبيانات هي بيانات الاعتماد السرية التي تستخدم لتوثيق هوية المستخدم credentials والتي يتم تسريبها.
استراتيجيات هندسة الموجهات لتوليد حلول أفضل
تختلف طرق استخدام المُوجّهات prompts مع الذكاء الاصطناعي التوليدي في تأثيرها على جودة الردود المستلمة، ومن أهمية هذه الطرق فقد أصبحت طاغية التأثير حتى أصبحت مجالاً فرعيًا للدراسة يسمى هندسة الموجهات، وهو مجال يصف عملية كتابة وتحسين الموجهات لتوليد مخرجات عالية الجودة، فبالإضافة لاستفادة الذكاء الاصطناعي من السياق فإنه يميل لتوليد إجاباتٍ أكثر فائدة عندما يعطى وصفًا دقيقًا ومحددًا للرد المطلوب، وهذا مثال لكتابة موجه "اكتب قائمة مرقمة ورتبها حسب الاهمية."
تؤثر طرق استخدام الموجهات prompts مع الذكاء الاصطناعي التوليدي على جودة الردود المستلمة. لقد أصبحت هذه الطرق محورية للغاية لدرجة أنها أصبحت مجالًا فرعيًا للدراسة يُسمى هندسة الموجهات، وهو يركز على كتابة وتحسين الموجهات بهدف توليد مخرجات عالية الجودة. تعتمد هندسة الموجهات على فكرة أن الذكاء الاصطناعي يستفيد بشكل أكبر من السياق وينتج إجابات أفضل عندما يعطى وصفًا دقيقًا ومحددًا للرد المطلوب.
على سبيل المثال، بدلاً من توجيهه بطلب عام مثل "اكتب قائمة"، يمكننا كتابة مُوّجه أدق مثل: "اكتب قائمة مرقمة ورتب عناصرها حسب الأهمية". فهذه التوجيهات المحسّنة تساعد الذكاء الاصطناعي في فهم المطلوب بشكل أفضل وتوليد استجابات مفيدة.
تطبق هندسة الموجهات العديد من الممارسات والحيل لتستخرج من النموذج أفضل الردود الممكنة، ومن هذه الطرق:
- تجربة تقنيات التعلم بصفر محاولة zero-shot وبمحاولة واحدة one-shot وببضعة محاولات few-show: فهذه لتحدد كيفية التعامل مع المهام دون تدريب مخصص أو مع تدريب محدود، فيمكنك أن لا توفر للنموذج أية أمثلة أو توفر له مثال واحد أو بضعة أمثلة للحصول على المطلوب، الفكرة هي توفير أقل سياق ممكن للنموذج مع التركيز على المعرفة المسبقة لدى النموذج وقدراته المنطقية دون الحاجة إلى تدريب مكثف
- توجيه النموذج من خلال تسلسل الأفكار Chain-of-thought prompting: فهذا الأسلوب يساعد الذكاء الاصطناعي في تقديم إجابات دقيقة من خلال شرح خطوات تفكيره بشكل منطقي قبل الوصول إلى الإجابة النهائية ويمكننا من فهم الكيفية التي توصل من خلالها لهذه الإجابات
- التوجيه التكرار وهو يعني ضرورة توجيه الذكاء الاصطناعي للمخرجات المطلوبة وتحسين نتائجه من خلال تعديل الموجهات بشكل متتابع وتكراري.
- التوجيه السلبي أي إخبار الذكاء الاصطناعي بما لا ينبغي عليه فعله، فمثلًا يمكننا توجيه لعدم توليد محتوى معين
ومن المهم أيضًا إلى جانب ما سبق توجيه أنظمة الدردشة الآلية الذكية لجعل ردودها مختصرة فغالبية الردود التي يولدها GPT حشو لا فائدة منه، ويمكننا اختزالها عن طريق موجه prompt لتوليد ردود مختصرة، وينصح أيضاً بطلب تلخيص الموجهات والتعليمات التي طلبناها منها لتضمن أنه يدرك جيدًا ما تريده.
وعند استخدام النماذج اللغوية الضخمة للمساعدة في تحسين الموجهات بنفسها من المفيد اختيار عينة لم يقم فيها النموذج بتنفيذ المطلوب كما نرغب والاستفسار منه عن سبب توليد هذا الرد، حيث يحسن هذا من صياغة الموجّهات في المرات التالية، ويمكنك في الواقع أن تطلب من النموذج اللغوي الضخم اقتراح التعديلات التي يمكن تنفيذها على الموجه للحصول على الردود التي تتوقعها.
كما أن المهارات البشرية في التواصل لازالت مفيدة حتى عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي، فالذكاء الاصطناعي يتعلم بقراءة النصوص البشرية، لذا الالتزام يمكن الالتزام ببعض القواعد المستخدمة في التواصل البشري فهي فعالة أيضًا من قبيل كن مهذبًا، أو كن واضحًا واحترافيًا. تواصل معه كأنك المدير. على سبيل المثال يمكن توجيه الذكاء الاصطناعي المتقمص لدور مراجع باستخدام نصوص الموجهات التاليي الذي يوضح للذكاء الاصطناعي من هو وما المتوقع منه من خلال كتابة سلسلة الموجهات التالية:
اقتباسأنت ذكاء اصطناعي يراجع الأكواد، ومصمم لتدقق وتراجع وتحسن ملفات الأكواد المصدرية، ودورك أن تتصرف كناقد يراجع الكود التي يوفرها المستخدم ويقترح التحسينات المطلوبة عليها، فأنت خبير في تحسين جودة ملف الكود بدون تغيير وظيفته. ينبغي أن تكون محترفًا في تعاملك مع المستخدم وأن تكون طريقة كلامك مهذبة ومهنية، وأن تكون مراجعتك بناءةً وتوفر شرحًا واضحًا للتحسينات المقترحة، وعليك منح أولوية للتعديلات التي تصلح الأخطاء، موضحًا أي هذه التعديلات اختياري وأيها غير اختياري. هدفك مساعدة المستخدم بتحسين جودة الكود الخاص بهم تحسينًا لا يمكنك بعده أن تجد أي شيء قابل للتطوير أبعد من ذلك، وعند وصولك لهذا المستوى وضح للمستخدم أنه لا يمكنك إيجاد شيء لتحسينه مشيرًا إلى جهوزية الكود للتشغيل أو الاستخدام. استلهم عملك من مبادئ أنماط التصميم البرمجية واعتمده كدليل أساسي في تصميم البرمجيات، عليك أن تجتهد في تطبيق ثلاثة مبادئ في الأكواد التي تراجعها وتحللها مشددًا على ضمان صحة الكود وتنسيقه الجيد وتصميمه المتقن. امنح أولوية لصحة الكود وللتحسينات، فضع دومًا التعديلات الأهم والأخطر أولًا قبل التعديلات الأقل أهمية. وقسم مراجعتك إلى ثلاثة أقسامٍ رئيسية وهي التنسيق والتصحيح والتحليل ويحتوي كل قسم على قائمة من التحسينات الممكنة تحت عنوان القسم.
اتبع هذه التعليمات
- ابدأ بمراجعة تنسيق الكود، مكتشفًا أي خطأ في المسافات أو محاذاة العناصر النصية للكود، فتحسن الكود من الناحية الجمالية وتجعله أسهل في القراءة.
- تاليًا، ركز على صحة الكود وخلوه من الأخطاء النصية والوظيفية.
- أخيرًا، أجري تحليل عالي المستوى للكود، باحثًا عن طرق لتحسين معالجة الأخطاء error handling والتعامل مع الحالات الخاصة بالإضافة لضمان جعل الكود موثقًا ويعمل بكفاءة وقابلاً للصيانة والتحديث.
يمكن القول أن هندسة الموجهات Prompt engineering هي فن أكثر من كونها علم، وهي تتطلب قدرًا معينًا من التجربة والمحاولة والخطأ للخروج بالمطلوب، إذ تفرض طبيعة تقنيات معالجة اللغات الطبيعية NLP عدم وجود حل واحد يناسب جميع المشكلات، تمامًا كما أن محادثتك مع أشخاص مختلفين تتطلب اختيارًا مختلفًا للكلمات، والموازنة بين الوضوح والتعقيد والإيجاز والإسهاب، فلكل هذا تأثير على فهم الآخرين لاحتياجاتك ولقصدك.
مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير البرمجيات
بعد تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وأدواته ظهرت ادعاءات ومزاعم عديدة تفترض أن المهارات البرمجية ستصبح عديمة النفع، وأن الذكاء الاصطناعي سيلغي عمل المطورين ويكون قادرًا على بناء تطبيق كامل من الصفر، ولن تشكل معرفة المطورين وقدرتهم على كتابة الأكواد البرمجية أي فرق، وردًا على هذه المزاعم والافتراضات فإنه من الصعب حدوث هذا على الأقل في المدى القريب، فالذكاء الاصطناعي التوليدي لا يمكنه أن يكتب تطبيقًا مكتاملًا لنا، ولا زال يعاني من قصور في تصميم واجهات المستخدم، فلا يوجد حتى الآن أي أداة ذكاء اصطناعي حاليًا قادرة على تصميم واجهات تطبيق تتناسب مع الهوية البصرية الموجودة بالفعل.
وهذا القصور ليس نتيجة لنقص المجهود في هذا المجال، فقد ظهرت منصة v0 التي تقدم خدماتها عبر السحابة كواحدة من الأدوات المتخصصة في عالم واجهات المستخدمين المولدة بالذكاء الاصطناعي، ولكنها مازالت مقتصرة على استخدام أكواد رياكت ومكوناتها الموجودة في شاد سي إن shadcn ui components، ويمكن أن تكون نتائجها النهائية مفيدة للنماذج الأولية من المشروع ولكنها تحتاج لمطور واجهة ماهر ليستطيع أن يبني واجهات تناسب الهوية البصرية، وعلى ما يبدو لازالت هذه التقنيات تحتاج المزيد من التطوير قبل أن تصبح تقنيات تنافس الخبرة البشرية.
وقد أصبح تطوير البرمجيات كمنتج منتشرًا بكثرة اليوم، فالمطورون الآن مطالبون بفهم مشكلات العملاء واستخدام الأكواد لحلها بدلاً من مجرد كتابة الكود. وهذا التحول يعني أن الدور التقليدي للمطورين يتغير، ويجب عليهم التركيز على تحقيق أهداف الأعمال بدلاً من مجرد تنفيذ المهام البرمجية. وبالرغم أن هذه التحديات قد تكون صعبة للبعض، فإن تبني تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يمنح المطورين ميزة تنافسية.
الخلاصة
يمكن أن نخلص من حالات الاستخدام والنقاشات الواردة في هذا المقال إلى أن الذكاء الاصطناعي سيظل بحاجة مستمرة للخبراء في توجيه واختبار مخرجاته، ولن يكون بديلاً كاملاً للمطورين المحترفين. لكن في الوقت ذاته، سيصبح أداة قوية لتعزيز إنتاجية المطورين، مما يستدعي الاستعداد لمخاطر استخدامه في تطوير البرمجيات بشكل آمن وفعال.
فقد تُرك الحبل على الغارب لإنتاج الكثير من النماذج اللغوية الضخمة، ويبدو أن استخدام الذكاء الاصطناعي سيكون جزءًا أساسيًا في تطوير البرمجيات ولا يمكن تجاهله، لذا، يجب على المؤسسات المعنية تجهيز فرقها بأدوات جديدة لزيادة الإنتاجية ولتوضيح المخاطر الأمنية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في سير العمل.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.