اذهب إلى المحتوى

يجري تداوُلُ الأسهُم، والسندات، وغيرها من الأوراق المالية، في أسواق الأوراق المالية، وتسهمُ تلك الأسواقُ في تبسيط أنشطة الشراء والبيع التي يقوم بها المستثمرون، عبر السماح بإجراء المعاملات المالية بسرعة وبسعرٍ عادِل، وتُعرَّفُ الأوراقُ الماليةُ Securities بأنها شهاداتُ استثمارٍ تمثِّلُ إما حقوقَ ملكية Equity أي مُلكية في الشركةِ مُصدِرة الأوراق المالية، أو تمثِّلُ دَينًا Debt أي قرضًا يُمنَحُ للشركة مُصدرة الأوراق المالية، وتجمعُ الشركاتُ والحكوماتُ رأسَ المال لتمويل عملياتها، وعمليات التوسُّع التي تجريها، عبرَ بيع الأوراق المالية للمستثمرين الذين بدورهم يتحملون نسبةً محددة من المخاطر على أمل تحقيقِ أرباحٍ من استثماراتهم.

وتُعَد أسواقُ الأوراق المالية من الأماكنَ المزدحمة، فخلالَ يومٍ اعتياديّ، يتداولُ المستثمرون من أفرادٍ وهيئاتِ، استثمار مليارات الأسهُم في أكثر من 10,000 شركة عبر أسواق الأوراق المالية؛ فالمستثمِرون الأفراد Individual Investors يستثمرون أموالهم الخاصة لتحقيق أهدافهم المالية الشخصية، أما هيئاتُ الاستثمار Institutional Investors، فهي جهاتٌ محترفةُ استثمارٍ يُدفَع لها المالُ لإدارة أموال الأشخاص الآخرين، ويعمل معظمُ تلك الهيئات الاستثمارية الاحترافية لصالح مؤسساتٍ مالية، مثل: البنوك، وصناديق الاستثمار المشترك Mutual Funds، وشركات التأمين، وصناديق التقاعد، وتتحكم هيئاتُ الاستثمار بمبالغ مالية كبيرة، فتشتري -غالبًا- دفعاتِ أسهمٍ من 10,000 سهم لكل واحدة، مُستهدِفةً من ذلك تحقيقَ أهدافِ زبائنها، وتمثِّلُ هيئاتُ الاستثمار قوةً كُبرى في أسواق الأوراق المالية، حيث تستأثِرُ بحوالي نصف القيمة الدولارية للأسهم المتداوَلة.

أنواع الأسواق

يمكن تقسيم أسواق الأوراق المالية إلى أسواق أولية وأخرى ثانوية؛ فأسواق الأوراق المالية الأولية Primary Markets هي التي تُباعُ فيها أوراقٌ مالية جديدة للجمهور، وذلك بمساعدة بنوك الاستثمار عادةً، وفي أسواق الأوراق المالية الأولية -أيضًا- تحصل الجهةُ مُصدِرة الأوراق المالية على العائدات من المعاملات المالية، وتُباعُ الورقة المالية الواحدة مرةً واحدة -فقط- في سوق الأوراق المالية الأولية -وذلك عندما تُصدِرُها الحكومةُ أوِ الشركة. ومنَ الأمثلة على اكتتاب سوقِ أوراقٍ مالية أولية؛ الطرحُ الأولي للاكتتاب العام الخاص بشركة بلو أبرون Blue Apron.

أما المعاملات المالية اللاحقة، فتُجرى في سوق الأوراق المالية الثانوية Secondary Market، أي حيثُ تُباعُ الأوراق المالية القديمة (المُستخدَمة سابقًا)، وتُشترى، أو يجري تداوُلُها، بين المستثمرين بوجه عام، ولا تشتركُ الجهاتُ مُصدرة الأوراق المالية في هذه المعاملات المالية، وتُنجَزُ الغالبيةُ الساحقة للمعاملاتِ المالية الخاصة بالأوراق المالية، في أسواقِ الأوراق المالية الثانوية التي تتضمن سوق السماسرة Broker Market، وسوق الوسطاء لحسابهم الخاص Dealer Market، وسوق التداول خارج السوق (البورصة) Over-the Counter Market، وسوق السلع Commodities Exchange، وستجد إعلاناتِ إصداراتٍ مالية Tombstones -وهي إعلانات تشمل الاكتتاب على الأسهم والسندات في كلٍّ من أسواق الأوراق المالية الأولية والثانوية- في صحيفة وول ستريت جورنال Wall Street Journal، وغيرها من الصُّحُف.

دور بنوك الاستثمار وسماسرة السوق (البورصة)

يلعبُ نوعان من اختصاصيي الاستثمار دورًا رئيسًا في عمل أسواق الأوراق المالية، الأول- بنوكُ الاستثمار Investment Bankers؛ التي تساعد الشركاتِ في جمعِ تمويلٍ طويل الأجَل، وتعمل بنوكُ الاستثمار بوصفها جهاتٍ وسيطةً، فتشتري الأوراق المالية من الشركات والحكومات، ثم تعيد بيعَها للجمهور، وتُعَدُّ هذه العمليةُ -التي تسمى الاكتتاب Underwriting- النشاطَ الرئيس لبنوك الاستثمار؛ التي تستحوذ على الأوراق المالية مقابل سعرٍ مُتَّفّقٍ عليه، وتأمل أن تتمكنَ من بيعه بسعرٍ أعلى لتحقيق الربح، وتُسدي بنوكُ الاستثمار المَشورةَ لزبائنها حول سعر عمليات الاكتتاب على الأوراق المالية الجديدة وبُنيَتِها، إلى جانب تقديمها مشورة حول عمليات الاندماج والاستحواذ، وغير ذلك من أنواع التمويل، ومن بنوك الاستثمار ذائعة الصيت؛ مؤسسة غولدمان ساكس Goldman Sachs، ومورغان ستانلي Morgan Stanley، وجي بي مورغان JP Morgan، وبنك أوف أمريكا ميريل لينش Bank of America Merrill Lynch، وسيتي غروب Citigroup.

أما الثاني- فهو سمسار السوق (البورصة) Stockbroker، وهو شخصٌ مُرخَّصٌ له أن يشتري الأوراق المالية، ويبيعها، نيابةً عن الزبائن، كما يعملُ هؤلاء الأشخاص المحترفون -الذين يُسمّّونَ -أيضًا- "المسؤولون التنفيذيون للحساب Account Executive"- لصالح شركات السمسرة، ويُنفِّذون الطلبات التي يُقدِّمُها الزبائن بخصوص الأسهُم، والسندات، وصناديق الاستثمار المشترك، وسواها من أوراقٍ مالية، وفي الوقت نفسه، يستعين المستثمرون بالسّماسرة الذين لديهم فهمٌ، ووعي كافٍ لأهدافهمُ الاستثمارية، والذين يمكنهم مساعدة أولئك المستثمرين في السعي لتحقيق أهدافهم.

ويُدفَعُ لشركاتِ السمسرةِ عُمُولاتٌ مقابل إنجاز المعاملات المالية للزبائن، ومع أنَّه يمكن للسماسرة تقاضي ما يريدون من عمولات، فلدى معظم شركات السمسرة -عادةً- جداول تتضمنُ عمولاتٍ محددة مقابل إنجاز معاملاتٍ ماليةٍ صغيرة، وتعتمِدُ تلك العمولاتُ عادةً على قيمة المعاملة المالية وعدد الأسهم الداخلة فيها.

الاستثمار عبر الإنترنت

لقد مَكَّنتِ التطوراتُ التقنيةُ في مجال الإنترنت، المستثمرين من البحث عن الأوراق المالية عبر هذا الفضاء، وتحليلِها، وتداولِها، فحاليًا، تتيح جميعُ شركات السمسرة تقريبًا إمكانيةَ تداولِ الأوراق المالية عبر الإنترنت، فشركاتُ السمسرة عبر الإنترنت شائعةٌ بينَ المستثمرين الذين "يخدمون أنفسهم بأنفسهم "do-it-yourself" والذين يختارون أسهمهم شخصيًا، من دون أن يدفعوا لشركة سمسرة مقابل خدماتِ سمسرةٍ كاملة، وتمثلُ نفقاتُ المعاملات المالية الأكثر انخفاضًا ميزةً كبيرةً، فقد تتراوح الرسومُ التي تُستوفى من قبل شركات السمسرة عبر الإنترنت بين 4.95 و 8.00 دولارات، وذلك بناءً على عدد عمليات التداول التي يُجريها الزبون، وعلى حجم الحساب الذي يملكُهُ. ومع وجود العديد من شركات السمسرة عبر الإنترنت، إلا أن هناك أربعَ شركاتٍ تعد الأكبر، وتمثل أكثرَ من 80% من حجم التداول، وأصولًا بالمليارات في حسابات الزبائن، وتلك الشركات هي تشارلز شواب Charles Schwab، وفيديليتي Fidelity، وتي دي أميريتراد TD Ameritrade، وإي تريد E*Trade. كما يوفِّرُ الإنترنت للمستثمرين وصولًا إلى معلوماتٍ استثمارية ذات قيمة كبرى.

إدارة التغيير

المنافسةِ وأثرها في انخفاض الرسوم المفروضة على التداول عبر الإنترنت

مع وصول سوق الأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أعلى مستوىً في العام 2017، يستمر المستثمرون الخاصّون بالبحث عن طُرُقٍ لدخول تلك السوق، أوِ البقاء فيها دون أن يضطروا إلى دفعٍ رسومٍ باهظة مقابل إنجاز عمليات التداول الخاصة بهم، فخلال تاريخها، طالما كانت الرسوم المرتبطة بشراء الأوراق المالية وبيعها -ولا تزال- مرتفعةً، وعُدَّت أحدَ الأسباب التي دفعتِ المستثمرين إلى البحث عن بدائلَ عبر الإنترنت، متمثلة في منصات التداول الإلكتروني التي تُوفِّرها شركاتٌ مثل: تشارلز شواب Charles Schwab، وفيديليتي Fidelity، وتي دي أميريتراد TD Ameritrade، وإي* تريد E*Trade. فبالتزامُن مع التطوراتِ التقنية -بما في ذلك استخدامُ الذكاء الصناعي- شهدتِ النفقاتُ المرتبطة بتداول الأسهُم انخفاضًا مثيرًا (دراماتيكيًا) خلال العقد الماضي، وبات المستثمرون في بحثٍ دائم عن أفضل صفقة ممكنة.

ومع ظهورِ منافسةٍ من قبل شركات مثل روبن هود Robinhood -وهي تطبيقٌ ناشِئ لا يستوفي أيَّ رسومٍ على تداول الأسهم- سارعت شركاتُ التداول عبرَ الإنترنت إلى تخفيض الرسوم التي تفرضها لجذب مزيد من العمل التجاري، فاستعرت نارُ حرب الأسعار بين تلك الشركات؛ إذ خفَّضت شركتا فيديليتي وتشارلز شواب رسومهما على الأسهم، وصناديق المؤشرات المتداولة Exchange-traded Funds، التي يجري تداوُلُها عبر الإنترنت، إلى حدود 4.95 دولارات، أما شركتا تي دي أميريتراد وإي* تريد، فخفَّضتا رسومهما من 9.99 إلى 6.95 دولارات.

إذًا، كيفَ ستستمر تلك الشركاتُ في جَني المال؟ يعتقد القائمون عليها أن خفض سعر دخول أسواق التداول، سيتيح لهم جذبَ أموال الزبائن -أي إنَّ لدى الشركاتِ فرصةَ جذب زبائنَ جُدُد لن يستفيدوا -فقط- من رسوم التداول المنخفضة، بل وسيهتمون بالمنتجات المالية الأخرى التي توفرها شركاتُ الاستثمار المالي تلك، ومن الخدمات الأخرى التي تبيعها شركاتُ التداول الإلكتروني إقراضُ المال للمستثمرين لشراء الأسهم، وبيعُهم خدماتِ إدارة الثروة وغيرها من المنتجات الاستثمارية.

ووفقًا لبعض المحللين في هذا المجال، قد يكون هناك جانبٌ سلبيٌّ لمطابقة الرسوم المنخفضة للمنافسين؛ يتمثل في استراتيجيةِ اندماجٍ ضمن قطاع التجارة الإلكترونية، فما لم تتمكنِ الشركاتُ من زيادة أعمالها التجارية الإجمالية، بوصولها إلى الزبائن الحاليين والمُحتَمَلين -قد يُضطرُّ بعضُها إلى الانضمام لمنافسيه.

الاستثمار في السندات

عندما يفكر العديدُ من الناس في الأسواق المالية، فإنهم يتصوَّرون أسواقَ الأسهُم في أذهانِهم، ولكنَّ أسواق السندات ضخمة جدًا- ويُقدِّرُ اتحاد صناعة الأوراق المالية والأسواق المالية The Securities Industry and Financial Markets Association- المعروفُ اختصارًا بــ: SIFMA- قيمةَ تداولات سوقِ الأسهُم العالمية بـ 88 مليار دولار تقريبًا، وفي الولايات المتحدة، باعتِ الشركاتُ والهيئاتُ الحكوميةُ حوالي 2 مليار دولار على هيئة سندات جديدة في العام 2016، ويتجاوز متوسطُ حجمِ التداول اليومي 760 مليار دولار، كما تمثل سنداتُ الخزينة في الولايات المتحدة أكثر من 60% من إجمالي سوق الأوراق المالية العالمية تلك.
ويُمكِنُ أن تُباع السنداتُ وتُشترى في أسواق الأوراق المالية، ولكنَّ سعر السند يتغير مع الوقت بسبب التقلُّباتِ التي تشهدُها مُعدَّلاتُ الفائدة، فإذا انخفضَ معدلُ الفائدة في السوق إلى ما دونَ معدل الفائدة المحدد في السند، يُصبح أعلى قيمةً ويرتفعُ السِّعر؛ أما إذا ارتفعَت معدلاتُ الفائدة، فسينخفضُ سعر السند، هذ ا، ويجري إصدارُ سندات الشركات Corporate Bonds من قِبل الشركات (مثلما يدَلُّ اسمُها) ولها قيمةٌ تعادلية (اسمية) تبلغ 1,000 دولار، وقد تكون سندات الشركات مضمونةً أو غيرَ مضمونة (تسمى السنداتُ غيرُ المضمونة "Debentures"، أو قد تتضمن بنودًا خاصة بالاسترداد المبكِّر للسندات Early Retirement، أو يمكن تحويلُها إلى أسهُمٍ عاديّة، كما يمكن للشركات إصدارُ سنداتِ رهنٍ عقاري؛ وهي السنداتُ المضمونة بمُلكيةٍ ما، مثل: أرض، أو بناء، أو معدَّات، وقد جرى إصدارُ سنداتِ شركاتٍ جديدة بقيمة 1.5 تريليون بقيمة 1.5 تريليون دولار في العام 2016.

وبالإضافة إلى إصدارات الدَّين من قبل الشركات Corporate Debt Issues، كما يمكن للمستثمرين شراء سنداتٍ مرتفعة العائد high-yield، أو سندات رديئة Junk Bonds؛ وهي سندات عالية المخاطر وذات عائدات مرتفعة في آنٍ معًا، تسخدمها غالبًا الشركاتُ ذاتُ الخصائص الائتمانية التي لا تتيح لها دخولَ أسواق سندات الدين بطريقة أخرى، وتجني تلك الشركاتُ حوالي 3%، أو أكثر، زيادةً على عائدات سندات الشركات ذات الجودة العالية، وقد يجري إصدارُ سندات الشركات مع خيارٍ لحامل السند، يتيح له تحويله إلى سهمٍ عادي Common Stock، كما تتيح وبوجه عام تلك السنداتُ القابلةُ للتحويل لحامل السند تداوُلَ كلِّ سندٍ مقابلَ عدد محدد من الأسهُم.

 إيلون ماسك Elon Mask

الصورة 16.5: أصدرَ إيلون ماسك Elon Mask وشركتهُ تسلا Tesla، المتخصصة بصناعة السيارات الكهربائية، أسهُمًا عالية المخاطر والأرباح في الوقت ذاته، وذلك في شهر أغسطس من العام 2017، لتمويل إنتاج سيارة تسلا موديل 3 Tesla Model 3 الجديدة، وإطلاقها. ما هي مخاطر ومزايا شراء أسهم عالية المخاطر والأرباح؟ حقوق الصورة محفوظة لـ: ستيف جرفستون "Steve Jurveston"/ فليكر.

السندات الحكومية والسندات البلدية في الولايات المتحدة

تُصدِرُ كُلٌّ منَ الهيئات الفدرالية والمحلية في الولايات المتحدة السنداتِ -أيضًا- وهناك ثلاثة أنواع رئيسة لسندات الدَّين الفدرالية التي تصدرها وزارة الخزانة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي: أُذونات الخزينة Treasury Bills، وسندات الخزينة Teasury Notes، وسندات الخزينة القابلة للتداول Treasury Bonds، وتُعَدُّ أنواعُ سندات الدين المذكورة آنفًا بمنأىً عن مخاطر التخلف عن الوفاء؛ لأنها مدعومة من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وتصبح أذونات الخزينة Treasury Bills مستحقة الوفاء خلال أقل من سنةٍ واحدة، ويجري إصدارُها بقيمةٍ تعادلية (اسمية) تبلغ 1,000 دولار، أما سندات الخزينة Treasury Notes، فلها فتراتُ استحقاقٍ تبلغ 10 سنوات أو أقلّ، بينما قد تصل فترات استحقاق سندات الخزينة القابلة للتداول Treasury Bonds إلى 25 سنة أو أكثر، ويُباع كلٌّ من سندات الخزينة، وسندات الخزينة القابلة للتداول، بعملاتٍ من فئة 1,000 و 5,000 دولار، وتخضعُ الفائدةُ المترتبة على الأوراق المالية الحكومية لضريبة الدخل الفدرالية، ولكنها لا تخضع لضرائب الدخل المحلية، ولا للضرائب التي تفرضها سُلُطات الولايات في الولايات المتحدة. ووفقًا لاتحاد صناعة الأوراق المالية والأسواق المالية The Securities Industry and Financial Markets Association، فقد جرى إصدارُ سنداتِ دَينٍ من قبل وزارة الخزانة الأمريكية بقيمة 1.7 تريليون دولار في العام 2016، أي أقل من العام 2015 بنسبة 20%.

أما السندات البلدية Municipal Bonds، فتصدر عن الولايات، والمدن، والمقاطعات، وغيرها من هيئات الولايات والهيئات الحكومية المحلية في الولايات المتحدة، وقد جرى إصدارُ سنداتٍ بلدية بقيمة 445.8 مليار دولار في العام 2016. ولتلك السندات قيمةٌ تعادلية (اسمية) تبلغ 5,000 دولار، وهي إما سنداتُ التزامٍ عام بالوفاء General Obligation Bonds، أو سنداتُ إيراد Revenue Bonds، فسنداتُ الالتزام العام بالوفاء مدعومة بائتمانٍ وثقةٍ كامِلين (وبسُلطة فرض الضرائب أيضًا) من قبل الحكومة التي تصدرها، أما سندات الإيراد، فيُعادُ دفعًها -فقط- من الدَّخل الذي يولِّدُهُ المشروع المحدد الذي يجري تمويله، ومن الأمثلة على مشاريع سندات الإيراد: الطرقُ السريعة، والجسور، ومحطات توليد الطاقة، وهياكل ركن السيارات، التي تُفرَضُ رسومًا على مستخدميها، ونظرًا لعدم وجود التزام قانوني على الجهة مُصدِرة سندات الإيراد يدعمها، فتعد أكثر خطورة من سواها، ولذلك تُعَدُّ مُعدلات الفائدة المترتبة عليها أعلى من تلك الخاصة بسندات الالتزام العام بالوفاء.

تُعَدُّ السنداتُ البلدية جاذبةً للمستثمرين؛ لأنَّ الفوائد التي يحصلون عليها منها مُستثناةٌ من ضريبة الدخل الفدرالية، وللسبب ذاته، يكون معدل القسيمة Coupon Interest Rate (وهو الفائدة السنوية المدفوعة على القيمة الإسمية للسند) بالنسبة للسندات المحلية أقل منه بالنسبة لسند شركةٍ ذي جودةٍ مشابهة، وإضافةً إلى ما سبق، تُستثنى الفائدةُ المستوفاةُ من السندات البلدية -التي تُصدرها الحكوماتُ ضمن الولاية الأم لدافع الضرائب- من ضريبة الدخل التي تفرضها سلطات تلك الولاية -أيضًا- وبعكس ما سبق، تخضعُ للضريبة الفائدةُ التي تُكتَسَب من السندات التي تصدرها الشركاتُ.

تصنيف السندات

تتنوع جودةُ السندات بحسب القوة المالية للجهة التي تُصدِرُها، ولأنَّ لمطالبات حاملي السندات Bondholders أسبقيةٌ على مطالبات حاملي الأسهم Stockholder، فتُعَدُّ السنداتُ بوجه عام ذات مخاطر أقل من المخاطر المرتبطة بالأسهُم، ولكنْ، هناك بعض السندات ذات المخاطر الكبيرة للغاية، فقد تتخلف الشركات عن الوفاء -أي تعجز عن دفع الفائدة، أو أداء الدفعات الرئيسة من الدَّين، حسب الجدول الزمني المحدد لسنداتها، ويمكن للمستثمرين استخدامُ تصنيف السندات Bond Ratings، وهي درجاتٌ ممثلة بأحرف Letter Grades تُقرَن بالسندات عند إصدارها، للإشارة إلى جودتها أو مستوى المخاطر المرتبطة بها، ومن السهل جدًا العثور على تصنيفات للسندات، وهناك وكالتان للتصنيف الائتماني هما الأكبر والأكثر شهرةً: الأولى وكالة موديز Moody's، والثانية ستاندرد آند بورز Standard & Poor's، اللتان تُوزَّعُ منشوراتُهُما في معظم المكتبات ولدى شركات الوساطة المالية، ويتضمن الجدولُ 16.2 أدناه درجاتِ التصنيف الائتماني الممثلة بالأحرف، والتي تمنحُها وكالتا موديز وستاندرد آند بورز، ويمكن أن يتغير تصنيف السند في حال تغيُّرِ الوضع المالي للشركة.

سندات شائعة أخرى

إلى جانب الأسهم والسندات، يمكن للمستثمرين شراءُ ما يُعرَف بصناديق الاستثمار المشترك Mutual Funds، التي تُعَدُّ من الفئات الاستثمارية الشائعة جدَا، أو بوسعهم شراء ما يسمى صناديق المؤشرات المتداولة Exchange-traded Funds، أما العقود الآجلة وعقود الخيارات Future Contracts and Options، فتُعدَّان استثماراتٍ أكثرَ تعقيدًا بالنسبة للمستثمرين ذوي الخبرة.

صناديق الاستثمار المشترك

هَبْ أنَّ لديكَ 1,000 دولار تريد استثمارها، ولكنك لا تعلم أيًّا من الأسهم أو السندات تريد شراءه، ولا توقيت شرائه، ولا توقيت بيعه، فبوسعك، عبر الاستثمار في صندوق استثمارٍ مشترك، أن تشتريَ أسهُمًا بمحفظةٍ، أو مجموعة، ماليةٍ كبيرة تُدارُ إدراة احترافية، ويُعرَّفُ صندوقُ الاستثمار المشترك Mutual Fund بأنه شركةُ خدمةٍ مالية تقوم بتجميع أموال المستثمرين فيها، لشراء مجموعة مختارة من الأوراق المالية -مثل الأوراق المالية القابلة للتداول، والأسهم، والسندات، أو مزيجٍ من الأوراق المالية- التي تحققُ أهدافها الاستثمارية المنصوص عليها، ويركِّزُ كلُّ صندوقِ استثمارٍ مشترك على واحد من الأهداف الاستثمارية المحتملة، مثل: النمو أو الدَّخل، وتبيع العديدُ من شركاتِ الخدمات المالية الكبرى، مثل: شركة فيديليتي Fidelity وفانغارد Vanguard، مجموعةً متنوعة من صناديق الاستثمار المشترك، لكلٍّ منها هدفٌ استثماري مختلفٌ عما سواه، ويمكن للمستثمرين اختيارُ الصناديق التي تحقق مصالحهم، وهناك بعض الصناديق المتخصصة التي تستثمر في نوعٍ محدد من الشركات أو السلع، أي في مجالٍ واحد مثل: الرعاية الصحية أو التقنية، أو في منطقة جغرافية محددة مثل: آسيا، أو في سلعةٍ محددة مثل: المعادن الثمينة. تُعَدُّ صناديقُ الاستثمار المشترك واحدةً من أكثر أنواعِ الاستثمارات شيوعًا بين الأفراد في وقتنا الراهن، إذ يمكن لهم الاختيار من بين 9,500 صندوقٍ مختلف، وتبلغ قيمة الاستثمار في تلك الصناديق على المستوى العالمي أكثر من 40 تريليون دولار، وتستأثر تلك الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من 19 تريليون دولار منها، كما يمتلك حوالي 94 مليون شخص في الولايات المتحدة صناديقَ استثمار مشترك، ويُمثلون نسبة 55% من جميع الوحدات الأُسرية. وتجذب صناديقُ الاستثمار المشترك المستثمرين لأسباب ثلاثة، هيَ:

تصنيف السندات وفقًا لوكالَتَي موديز و ستاندرد آند بورز
تصنيف وكالة موديز تصنيف وكالة ستاندرد آند بورز الوصف
Aaa AAA سندات استثمار ممتازة الجودة: وهي السندات ذات التصنيف الأعلى؛ وتدل على قدرةِ موثوقة جدًا على الوفاء.
Aa, A AA, A سندات استثمار عالية الجودة: تُعَدُّ -أيضًا- سنداتٍ آمنةً جدًا، على الرغم من أنها ليست بمستوى أمان السندات ذات التصنيف Aaa/ AAA؛ وتعد السندات ذات التصنيف Aa/AA أكثر أمانًا من السندات ذات التصنيف As لوحده (أي لديها مستوى خطورةِ تخلُّفٍ عن الوفاء أقل من السندات ذات التصنيف As.
Baa BBB سندات استثمار متوسطة الجودة: وهي السندات ذات الجودة الأكثر انخفاضًا من ناحية الدرجة الاستثمارية؛ ويُنظَرُ إليها بوصفها تفتقر إلى الحماية ضد الظروف الاقتصادية السيئة.
Ba
B
BB
B
سندات عالية المخاطر Junk Bonds: توفر حماية ضئيلة ضد التخلُّف عن الوفاء، وتعد سندات ذات مخاطر عالية.
Caa
Ca
C
CCC
CC
C
D
سندات ضعيفة الجودة Poor-Quality Bonds: تتخلف بالفعل، أو تكاد تتخلف، عن الوفاء.

الجدول 16.2

  • تعد طريقةً جيدة لامتلاك محفظةٍ مالية متنوعة، وبالتالي أقل خطورة، فالأشخاص الذين يستثمرون فقط بـ 500 أو 1,000دولار لا يمكنهم تنويعُ الأوراق المالية كثيرًا بمفردهم، لكن بالمقابل، يُمكِّنُهم شراءُ الأسهم في صندوق استثمارٍ مشترك من امتلاك جزءٍ من محفظةٍ مالية قد تتضمن 100 أو أكثر من الأوراق المالية.
  • تُدارُ صناديقُ الاستثمار المشترك بطريقةٍ احترافية.
  • يمكن أن تُنتِجَ صناديقُ الاستثمار المشترك عائداتٍ أعلى مما يمكن للمستثمرين الأفراد جَنيُهُ بمفردهم.

صناديق المؤشرات المتداولة

هناك نوعٌ آخر من الاستثمار باتَ رائِجًا بكثرة بين المستثمرين يُسمّى صناديق المؤشرات المتداولة Exchange-Traded Funds، وهي مشابهة لصناديق الاستثمار المشترك Mutual Funds، لأنها تحملُ سلَّةً واسعة من الأسهُم ذاتِ موضوعٍ مشترك، ألا وهو منحُ المستثمرين تنويعًا فوريًّا في الأوراق المالية Instant Diversification، ويجري تداولُ صناديق المؤشرات المتداوَلة في أسواق الأسهم (أغلبها يجري تداوله في "السوق (البورصة) الأمريكية "American Stock Exchange"، وهذا ما يجعل أسعارها تتغير خلال اليوم الواحد، في حين أنَّ أسعار أسهم صناديق الاستثمار المشترك- المسماة صافي الأصول Net Asset Value، واختصارًا: "ANVs"- تُحسَب مرة واحدة في اليوم، وذلك عند نهاية التداوُل، وعلى المستوى العالمي، فقد بلغت أصولُ صناديق المؤشرات المتداولة أكثر من 3.5 تريليون دولار في العام 2016، ومثَّلَت سوقُ صناديق المؤشرات المتداولة الأمريكية نسبةَ 73% من السوق العالمية لتلك الصناديق.

هذا، ويمكن للمستثمرين الاختيار من بين أكثر من 1,700 نوع من صناديق المؤشرات المتداولة التي تَتبَعُ أيَّ قطاعٍ سوقيٍّ تقريبًا، من مؤشر قطاعٍ سوقيٍّ عريض، مثل: مؤشر إس و بي 500 "S&P 500"- الذي سنتحدث عنه لاحقًا في سياق هذا الفصل- إلى قطاعاتٍ صناعية مثل: الرعاية الصحية والطاقة، إلى مناطق جغرافية مثل: دول محددة (اليابان)، أو مناطق بعينها (أمريكا اللاتينية)، ولصناديق المؤشرات المتداولة نِسَبُ نفقاتٍ Expense Ratios منخفضة جدًا؛ ولأنها تُباع بوصفها أسهُمًا، يدفع المستثمرون عمولاتٍ مقابل بيع تلك الأسهم وشرائها.

العقود الآجلة وعقود الخيارات

العقود الآجلة Future Contracts هي التزاماتٌ قانونية بشراء كمياتٍ محددة من السلع، (منتجات زراعية أو خاصة بالتعدين)، أوِ الأدوات المالية (أوراق مالية أو عملات)، أو بيعها، وذلك مقابل سعرٍ مُتَّفَقٍ عليه، خلال موعدٍ مستقبلي، ويمكن للمستثمر شراءُ سلعٍ بعقودٍ آجلة مثل: الماشية، واللحوم، والبيض، والقهوة، والطحين، والبنزين، وزيت الوقود، والأخشاب، والقمح، والذهب، والفضة، وتتضمنُ العقودُ الآجلةُ سنداتِ خزينة Treasury Securities، وعملاتٍ أجنبية مثل: الجنيه البريطاني والينّ الياباني، ولا يترتب على العقود الآجلة أيًّ فائدةٍ أو أرباح موزَّعة، بل تعتمد تلك العقودُ على التغيرات المُواتية في الأسعار -فقط- وتُعد تلك العقودُ استثماراتٍ عاليةَ المخاطر، بسبب احتمالية تقلُّب الأسعار بنسبةٍ كبيرة جدًا.

أما عقودُ الخيارات Options، فهي عقودٌ تُمكِّنُ المُشترين من شراء كمياتٍ محددة من الأسهم العادية، أو غيرها من الأدوات المالية، أو من بيعها، مقابل سعرٍ محدد وخلال موعد مُتَّفقٍ عليه، ومثلما هي الحالُ بالنسبة للعقود الآجلة، على المستثمرين في عقود الخيارات أن يُخمِّنوا تحركاتِ (تقلُّباتِ) الأسعار المستقبلية في الأداة المالية ذات الصلة، ليحصلوا على عائدٍ إيجابيّ، وبعكس العقود الآجلة، لا تفرض عقودُ الخياراتِ على المشتري التزامًا قانونيًا بالشراء أو البيع، ويمثل السعرُ الذي يُدفَع مقابل أحد الخيارات، المبلغَ الأقصى الذي يُمكن أن يخسره المشتري، ولكنْ، لعقود الخياراتِ فتراتُ استحقاقٍ قصيرةٌ جدًا، وهذا ما يجعل من خسارة مبالغ مالية كبيرة أمرًا سهلًا جدًا.

ترجمة -وبتصرف- للفصل Understanding Financial Management and Securities Markets من كتاب introduction to business

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...