هل سبق وغادرت موقعًا إلكترونيًّا وأنت منزعج من عدم عثورك على معلومة ما؟ أو حذفت تطبيقًا مفيدًا لأنّك لم تتمكّن من استخدامه بسلاسة؟ هذه الظّاهرة شائعة للأسف، وعالم شبكة الإنترنت مليء بمثل هذه الأمثلة من تجارب الإستخدام السّيّئة.
لنفترض أنّك قرّرت تصنيع منتج ما لكنّك مختلف عن أصحاب تلك المواقع والتّطبيقات المحيّرة، فأنت ستجعل تجربة المستخدم من أعلى أولويّاتك. ولكن كيف ستفعل ذلك؟ إنّ قراءتك مقالين من مجلات تصميم تجربة المستخدم لن يجعلك مصمّما محترفًا؛ بل حتّى توظيفك للمصمّمين والمطوّرين المحترفين لن يضمن لك إنشاء تجربة مستخدم ممتازة. ولعلّ أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي اعتماد عمليّة قائمة بذاتها في تصميم تجربة المستخدم.
التفسير العلمي لعملية تصميم تجربة المستخدم
يقول الكاتب والمصمّم المحترف جويل مارش Joel Marsh في كتابه "تجربة المستخدم للمبتدئين UX for Beginners":
اقتباس"تتعدّى تجربة المستخدم الأزرار والأطر السّلكيّة، فهذه الأشياء البديهيّة ليست سوى الجزء الظّاهريّ من العمليّة؛ أمّا عناصرها المهمّة حقّا فمخفيّة تمامًا".
يُعَد التّصميم مكوّنًا واحدًا فقط من خمسة مكوّنات في تجربة المستخدم:
- علم النّفس
- قابلية الاستخدام
- التّصميم
- الكتابة
- التّحليل
نظرًا لارتباط عمليّة تصميم تجربة المستخدم بالإستراتيجيّة العامّة للعمل التّجاريّ، فإنّ وراءها كمًّا معتبرًا من العلم. ولهذا تنطوي عادةً على البحث والتّجربة والتّحليل.
أيضًا، تتبع عمليّة تصميم تجربة المستخدم -كأيّ دراسة علميّة أخرى- المراحل العمليّاتيّة المعتادة:
- البحث
- التّعريف
- التّفكير
- النّموذج الأوليّ
- التّجربة
- التّكرار
ونذكر مقاربةً مختلفةً لهذه العمليّة ممثّلةً في نموذج "سباق التّصميم من جوجل" أو جوجل ديزاين سبرينت Google Design Sprint. وهي عمليّة تجري خلال 5 أيّام قصد الإجابة عن أسئلة العمل التّجاريّ المهمّة عبر التّصميم، وبناء النّموذج الأوّليّ، وتجربة الأفكار مع العملاء؛ وبذلك يعالج نموذج سبرينت القضايا الأساسيّة في عمليّة تجربة المستخدم كل قضية بيوم مخصص لها على الترتيب الآتية:
- التشريح: حيث تعرّف المشكلة، وتختار جهة التّركيز الأساسيّة لسباق التّصميم.
- التّخطيط: ونعني به الرّسم التّخطيطيّ الّذي يلجأ إليه الرّسّامون بقلم رصاص قبل العمل بالقلم الدّائم أو الألوان. وغايتك هنا رسم فكرة عامّة عن الحلّ.
- اتّخاذ القرار: حيث تختار الفكرة أو مجموعة الأفكار الّتي ستعتمدها في المرحلة القادمة، وتكتب من خلالها نظريّةً تعمل على تأكيدها أوتفنيدها.
- إنشاء النّموذج الأوّليّ.
- التّجريب: حيث تفسح المجال لمستخدمين حقيقيّين -ما بين 6 و20 شخصًا- لتجربة النّموذج الأوّليّ.
اعتمد فريق آلتيكس سوفت AltexSoft نهجًا مشابهًا، وقابلًا التّخصيص الشّامل حسب تفاصيل مشروعك. وتتبع خطّة تطوير تجربة المستخدم عادةً المراحل التّالية:
المرحلة | النّتائج | المنفّذون | النّشاطات |
---|---|---|---|
الاكتشاف | متطلّبات العمل والتّنفيذ الأساسيّة الموثّقة. | العميل - ممثّل المبيعات - محلّل الأعمال - مصمّم تجربة المستخدم | يشارك العميل المتطلّبات عالية المستوى، وأهداف العمل مع الفريق. |
التّحليل والبحث | هندسة المعلومات، وبنية الواجهة الأساسيّة للمنتج. | محلّل الأعمال - مصمّم تجربة المستخدم | يحلّل مصمّم تجربة المستخدم ومحلّل الأعمال BA المتطلّبات، ويحدّدان الجمهور المستهدف وشخصيّات المستخدمين، ويجريان البحث السّوق والمنافسين للتأكّد من أنّ المنتج المستقبليّ ممكن التّنفيذ قادر على المنافسية. |
بناء النموذج الأوّليّ | الإطارات السّلكية للمنتج (في نموذجها الأوّليّ) وتمثيل بصريّ | مصمّم تجربة المستخدم - محلّل الأعمال - مهندسو البرامج ومصمّمو واجهة الاستخدام (في أدوار استشاريّة عرَضيَّة) | بناءً على المعلومات المحصّلة والموافَق عليها، يبني خبراء تجربة المستخدم الإطارات السّلكيّة المبدئيّة لمنتجك. |
الاختبار والتّحسين | الإطارات السّلكيّة المحسّنة الّتي تلبّي متطلّبات المستخدم ومعايير الصّناعة، والمعدّة للتحوّل إلى تصاميم واجهة استخدام. | مصمّم تجربة المستخدم - مجموعة تركيز من المستخدمين | يجري خبراء آلتكس سوفت اختبارات قابلية الاستعمال الأوّليّة، ويحسّنون النّماذج الأوّليّة بناءً على التّغذية الرّاجعة. |
يمكن في هذه المرحلة التحقّق من فكرتك عبر أنواع الاختبار التّالية:
- اختبار الرِّواق: اختبار بسيط معدّ خصّيصًا لإجرائه مع عيّنة عشوائيّة من النّاس كعابرٍ في رواق المكتب، أو زائر للمحلّ؛ وهو موجّه للحصول على تغذية راجعة سريعة.
- اختبار قابليّة الاستعمال عن بعد (غير مراقَب): تجرى هذه العمليّة عادةً باستعمال أدوات خاصّة مثل موقع UserTesting.com أو Userlytics أو UserBob، والّتي تسمح لك بنشر نموذجك الأوّليّ والحصول على مراجعات من أناس حقيقيّين يختبرونه عن بعدٍ لقاء مقابل مادّيٍّ بسيط.
- اختبار خاضع للإشراف: هو اختبار شبيه بسابقه، غير أنّه أكثر تطلّبًا وتكلفة، إذ تحتاج فيه محاوِرًا فعليًّا يقود الاختبار، وأدوات تسجيلٍ وتعقّبٍ للعين لتوثيق العمليّة والنّتائج.
- مراجعة خبير: يعتمد اختبار قابليّة الاستخدام هذا على رأي خبيرٍ محايدٍ. ويتمثّل في وكالات متخصّصة أو قادة الصّناعة المعروفين عوض المستخدمين العاديّين.
حسب مجموعة نيلسون نورمان the Nielsen Norman Group، فإنّ 80% من مشاكل قابليّة الاستعمال يحدّدها عادةً 5 مختبرين فقط، لذا لا حاجة في مرحلة بناء النّموذج الأوّليّ إلى مجموعات تركيز كبيرة، واستثماراث هامّة في العمليّة. ورغم هذا إلا أنّ لمرحلة الاختبار المبكّرة هذه قيمة عظيمة على المدى الطّويل. إذ إنّ اكتشافك وإصلاحك المشاكل الممكنة باكرًا يوفّر عليك الجهد والمال. وذلك أنّ إدخال تغييرٍ واحدٍ على الإطار السّلكي قد يستغرق ساعةً واحدةً، لكنّه يستغرقُ يومًا كاملًا إذا كنتَ تنوي إدخاله على تصميم واجهة المستخدم؛ وقد يستغرق وقتًا أطول وجهدًا أكبر بكثير إذا حاولتَ تنفيذهُ بعد إطلاق المنتج.
طالما اتّبعتَ مقاربة أجايل Agile في تطوير منتجات االبرمجيّات فإنّ العمليّة الموصوفة أعلاه متكرّرة. ستقوم مع كلّ نسخة جديدة من منتجك بالاكتشاف، والتّحليل، وإنتاج النّموذج الأوّليّ، والاختبار، واعتماد الميزة الجديدة، ميزةً ميزةً. ولهذا فإنّ هذه العمليّة مفتوحة على الدوام.
صيانة المنتج وتطويره بعد نشره
لا مجال لتفنيد أهمية عملية تصميم تجربة المستخدم. ولكنّ هذا لا يغلق الباب أمام التّحسينات حتّى بعد إطلاق المنتج، خاصّةً في ظلّ التّطوّر السّريع للتّكنولوجيا، والارتفاع الكبير لتوقّعات المستخدمين.
إنّ ضمان التّنافسيّة والرّبح منوطٌ بتأهّبك لهذه التّحدّيات، ولعلّ أفضل الطّرائق وأكثرها اقتصاديةً في تحسين منتجك بعد إطلاقه هي الاستثمار في استشارة احترافيّة لتجربة المستخدم.
كمّ المعلومات في اختبارات قابلية الاستخدام المجراة في مرحلة التّصميم لا يمكن أن يقارَن بكمّ المعلومات القيّمة الّتي تجمعها بعد إطلاقك المنتج واستعمال النّاس له. وللاستفادة من تلك المعلومات يمكنك اتّباع الإجراءات التّالية:
- التّجريب: ويسمّى تجريب الخيارات أو التّجريب المنقسم: حيث تقدّم عدّة اختيارات للصّفحة أو العنصر ذاته وتكتشف أيّ تلك الاختيارات أفضل أداءً.
- تحليل تجربة المستخدم
- تدقيقات الواجهة
- تحسين معدّل التّحويل
يجمع في هذه المرحلة مستشارو تجربة المستخدم المحترفون آراء المستخدمين، ويقيسون مؤشّرات الأداء المفتاحيّة، ويقدّمون إرشاداتٍ ونصائح قابلةً للتّنفيذ فيما يخصّ تحسين واجهة منتجك ومعدّل تحويلها. وهذه العمليّة عادةً ما تكون مخصّصةً لتناسب أهداف مشروعك، وتتطلّبُ أدواتٍ ومهاراتٍ خاصّةً.
إثبات الجدوى الاقتصادية لتصميم تجربة المستخدم
من الأقوال الشّائعة أنّ كلّ دولار تستثمره في تجربة المستخدم يعود عليك بما قد يصل إلى 100 دولار من الإيرادات. وهو عائد مدهشٌ، ولكن كيف يتحقّق هذا فعليًّا؟ هناك أربعة مناطق يمكن أن تستفيد منها شركتك في هذا الشّأن:
- تجربة مستخدم أفضل تعني تحويلًا وعائدا أعلى: جاء في تقرير تحسين تجربة العميل أنّ 94% من المستجيبين سجّلوا معدّلات تحويل أعلى نتيجة التزامهم بتجربة العميل. وحالة زرّ الـ 300 مليون دولار الشّهيرة مثال ممتاز عن السّهولة الّتي تصنع بها تحسينات تجربة المستخدم فارقًا؛ إذ رفعت الشّركة معدّل تحويلها بـ 45% بمجرّد إزالة العوائق من عمليّة التّسديد، وذلك بجعل التّسجيل اختياريًّا. وقد حقّق هذا زيادةً بـ 15 مليون دولار من الإيرادات في شهرٍ واحدٍ، ومجموع 300 مليون دولار من الإيرادات السّنوية.
- تجربة مستخدم أفضل تعني تكاليف ملكيةٍ وتطويرٍ أقلّ: يصف روبرت بريسمان Robert Pressman في كتابه "هندسة البرمجيّات: نهج ممارس" حالةً يمكن أن تساعدك فيها عملية تجربة المستخدم الحسنة على توفير المال على المدى البعيد، فيشرح أنّ المشكلة الّتي تكلّف دولارًا واحدًا لإصلاحها في مرحلة التّصميم، قد تكلّف 10 دولارات للإصلاح في مرحلة التّطوير، وربّما 100 دولار بعد إطلاق المنتج.
وتُظهر دراسةُ أنّ 50% على الأقلّ من وقت وجهود التّطوير إنّما يُقضى في تغييراتٍ وتصليحاتٍ كان يمكن تفاديها. فإذا افترضنا فريقًا من 4 أشخاص تسعيرتهم 50 دولارًا للسّاعة الواحدة، فإنّ ذلك سيكلّف 4000 دولار من المال المهدور أسبوعيًّا، وما يفوق 200 ألف دولار سنويًّا.
- تجربة مستخدم أفضل تعني احتفاظًا أعلى بالمستخدمين وولاءً أكبر للعلامة التّجاريّة: تُظهر دراسةٌ أنّ 23% من المستخدمين يزيلون تطبيقًا ثبّتوه بعد استخدام واحدٍ فقط، وأنّ 62% يستخدمونه أقلّ من 11 مرّةً. وقد لا تكون تجربة المستخدم هي المنفّر الوحيد لمستخدميك، ولكنّها بالتّأكيد واحدةٌ من الأشياء الّتي يمكنك، بل ويجدر بك، تصليحها.
إذا أردت الاحتفاظ بالمستخدمين، فيجب أن يكون ما تعرضه سهلَ الاستعمال ومُرضيًا بغضّ النّظر عن منتجك أو خدمتك. سواءٌ قدّمتَ موقعًا تجاريًّا، أو تطبيق إنتاجيّةٍ؛ إذا كان محيِّرًا فإنّه لن يبلي حسنًا. وسيهجره غالب المستخدمين ويستخدمون أيّ بديل يقدّم تجربة مستخدمٍ أفضل. وإذا افترضنا أنّك في المملكة العربيّة السّعودية حيث متوسّط شراء الفرد من الإنترنت سنويًّا هو 495 دولارًا، فإنّ خسارتك لـ 100 مشترٍ محتملٍ سيضيّع عليك 49500 دولارًا من الإيرادات.
- تجربة مستخدم أفضل تعني كفاءةً أعلى بدعم أقلّ وينطبق هكذا انطباقًا أكبر على منتجات وتطبيقات الشّركات؛ إذ تتطلّب الأدوات البسيطة سهلة الاستعمال تدريبًا أقلّ، وتقلّل من نسبة الوقوع في الخطأ، كما تحسّن الفاعليّة في عمليّاتك التّجاريّة. تخيّل أنّ تحسين الفعاليّة التّنفيذيّة لفريق من 10 أشخاص بنسبة 10% فقط يمكن أن يُنتج 40 ساعة عمل إضافيّة، و1000 دولار أسبوعيًّا على اعتبار أنّ التّكلفة المتوسّطة للسّاعة الواحدة 25 دولارًا لكلّ موظّف.
ومن أمثلة ذلك شركة مكافي McAfee Inc الّتي تمكّنت من خفض جهود وتكلفة الدّعم بنسبة 90%، وذلك ببساطةٍ بتوفيرها تصميمًا واضحًا ومدفوعًا بنظرة العميل. فإذا افترضنا أنّ مكالمة الدّعم الواحدة تكلّف 10 دولارات، فإنّ الشّركة خفّضت كلّ 100 مكالمة دعم إلى 10 فقط، ما يعني توفير 900 دولار.
الدروس المستفادة
كتب سكوت جنسون Scott Jenson وهو محترف تجربة المستخدم ذا خبرة 30 سنة من العمل في آبل Apple، وسيمبيان Symbian، وجووجل Google:
اقتباس"تجربة المستخدم الجيّدة سهلة، لكنّها ليست من الأولويّات".
وبالفعل، إذ يفضّل العديد من المديرين التّنفيذيّين التّركيز على القيمة الحاليّة بدل إنشاء قاعدة للنّجاح المستقبليّ؛ وبرغم ضمان عائد الاستثمار على عمليّة تجربة المستخدم الفعّالة إلّا أنّه يبقى استثمارًا كبيرًا.
لتحسين إستراتيجيّة تجربة المستخدم لديك، ورفع قيمة جهودة، يقترح موقع مكينزي أن تطرح على نفسك الأسئلة التّالية أولًا:
- هل لديك كبير مصمّمين ذا دور قياديّ وسلطة فعليَّة؟
- هل تراجع مقاييسك باستمرار؟
- هل يتعاون المصمّمون مع الأشخاص المناسبين في المنظّمة؟
- هل عرفت حقًّا ما يحفّز عملاءك؟
- كيف يمكنك تسريع العمليّة؟
نظرًا لتوقّعات واحتياجات المستخدمين دائمة الارتفاع، فإنّ معايير المنتجات الجديدة عاليةٌ جدًّا هي الأخرى. ولهذا فإنّ امتلاك إستراتيجيّة تجربة مستخدم جيّدة تعبر عن جانبٌ مهم في الأعمال؛ كما أنّ التّصميم الجيّد لتجربة المستخدم ذو أثر كبير على عائد الاستثمار في الأعمال، ويلعب أيضًا دورًا كبيرًا في تطوير المنتجات البرمجيّة عمومًا، مساهمًا في إنشاء منتجاتٍ أعلى جودةً، وأكثر فائدةً واستمرارًا.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال User Experience (UX) Design in Software Product Development: How to Create Exceptional Product Value
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.