يغطي هذا المقال الخطوة الأولى والأهم للانطلاق في أيّ مشروع، وهي تحديد ما نريده من مشروعنا وخصوصًا مواقع الويب، إذ يركِّز الكثيرون في هذا المضمار على الجانب التقني من المشروع، لكن ما يهم فعلًا -وعلى الرغم من أهمية التقنية التي يستخدِمها المرء في حرفته- هي الغاية التي ينشد الوصول إليها، فالكثير من المشاريع التي أخفقت لم يكن سبب إخفاقها هو الناحية التقنية أو المعرفية، وإنما ضبابية أهدافها ورؤيتها، لهذا السبب، عندما تخطر في بالك فكرةً وتريد نقلها لتصبح موقع ويب، لا بد لك من الإجابة على بعض الأسئلة قبل أيّ شيء آخر:
- ما الذي أريد إنجازه بدقة؟
- كيف سيساعدني موقع الويب في الوصول إلى أهدافي؟
- ما الذي يتوجب علي فعله وبأي ترتيب للوصول إلى أهدافي؟
تُدعى هذه الخطوات فكرة المشروع أو التصور الأولي للمشروع project ideation، وهي ضرورية للوصول إلى هدفك سواءً كنت مبتدئًا أم مطوّرًا محترفًا.
لا يبدأ المشروع عادةً بالالتفات إلى نواحيه التقنية، فلا يؤلف الموسيقيون مقطوعاتهم حتى يتكون لديهم تصوّر أولي لما يرغبون في عزفه، ولا الرسامون ولا الكتَّاب ولا مطورو مواقع الويب، إذ تأتي التقنية ثانيًا، كما لا ينفي ذلك اطلاقًا الدور الحيوي للتقنية، فلا بد أن يتقن الموسيقيون العزف على الآلات، لكنهم لا يقدِّمون أعمالًا دون تصوّر لما سيقدِّمونه، لهذا عليك التروِّي والعودة إلى التفاصيل لتقرِّر ما تريده قبل القفز إلى كتابة الشيفرة واستخدام أدوات البناء.
سيساعدك الجلوس ومناقشة أفكارك مع أصدقائك، لكن لا تتوقع فائدةً كبيرةً، إذ عليك الجلوس وتنظيم أفكارك لتصل إلى رؤية واضحة للطريق الذي ستمشيه لتحويل أفكارك إلى واقع، فجُلّ ما تحتاجه في هذه المرحلة قلم وورقة وبعض الوقت للإجابة على الأسئلة التي سنطرحها تباعًا في مقالنا.
اقتباسملاحظة: الطرق كثيرة جدًا لوضع تصوّر لمشروعك ولا يمكن إجمالها في مقال (ولا حتى في كتاب)، وما سنعرضه هنا طريقة بسيطة لوضع ما يسميه المحترفون تصوّرًا أوليًا لمشروع والتخطيط لمشروع وإدارة مشروع.
ما الذي أريد إنجازه بالتحديد؟
يبدو أنّ هذا السؤال هو الأهم لأنه يقود كل شيء آخر، لذا ضع قائمةً بكل الأهداف التي تريد تحقيقها مثل بيع البضائع لكسب المال أو التعبير عن آراء سياسية أو التعرف على أصدقاء جدد، أو أيّ شيء تريده.
افترض أنك موسيقي وقد ترغب بأن:
- يستمع الناس إلى موسيقاك.
- تبيع بعض المنتجات.
- تتعرف على موسيقيين آخرين.
- تناقش الآخرين بموسيقاك.
- تعلم الموسيقى من خلال الفيديوهات.
- تنشر صورًا لقططك.
- تتعرف على أصدقاء جدد.
عندما تنتهي من وضع قائمة الأهداف، فلا بدّ من ترتيبها حسب الأولوية التي تراها من الأكثر إلى الأقل أهمية والتي قد تكون بالصورة التالية:
- التعرف على أصدقاء جدد.
- استماع الناس إلى موسيقاك.
- مناقشة الآخرين بموسيقاك.
- التعرف على موسيقيين جدد.
- بيع بعض المنتجات.
- تعليم الموسيقى من خلال الفيديوهات.
- نشر صور لقططك.
سيساعدك التمرّن على كتابة أهدافك بهذه الصورة على اتخاذ القرارات (هل عليّ تنفيذ هذه الميزات أو استخدام هذه الخدمات أو اعتماد تصاميم معينة)، وبعد ترتيبنا لقائمة الأهداف، فلننتقل إلى السؤال الثاني.
كيف سيقربني موقع الويب من أهدافي؟
وضعتَ قائمةً بأهداف وترى أنك بحاجة إلى موقع ويب لتحقيق هذه القائمة، ولنعد قليلًا إلى عناصر القائمة، سنجد أنها تضم خمسة أهداف تتعلق بالموسيقى، وهدف يتعلق بالعلاقات الشخصية، وأخيرًا هدف ليس له علاقة إطلاقًا بالموسيقى وإنما بصور القطط، فهل من المنطقي بناء موقع ويب يحقق كل هذه الأهداف؟ هل الأمر ضروري؟ فقد تجد أن خدمات الويب الموجودة قد تحقق أهدافك دون عناء بناء موقع ويب جديد، فالتعرف على أصدقاء جدد مثلًا هي حالة واضحة للاستفادة من تلك الخدمات، إذ ستمُضي وقتك في تصميم وبناء وصيانة موقع بدلًا من البحث جديًا على أصدقاء جدد.
طالما أنّ أهم ما في الأمر هو الوصول إلى أهدافنا، فمن الأفضل استغلال إمكانياتنا في تجريب الأدوات الموجودة بدلًا من البدء من الصفر، وكذلك الأمر بالنسبة إلى نشر الصور، إذ توجد فعلًا خدمات كثيرة لهذه الغاية، ولا مبرر أبدًا لإهدار الوقت في بناء موقع ويب لنشر صور القطط، كما ترتبط الأهداف الخمسة الأخرى بالموسيقى، وستجد الكثير من خدمات الويب التي تغطي هذه الأهداف، لكن من المنطقي في هذه الحالة التفكير في بناء موقع ويب خاص بك لهذه الغايات، فقد يساعدك موقع الويب في تجميع كل الأشياء التي تحتاجها في مكان واحد (وهذا أمر مفيد في تحقيق الأهداف 3 و5 و6) ويعزز العلاقات بينك وبين العامة (تكمن فائدته في تحقيق الهدفين 2 و4).
باختصار، وطالما أن الأهداف تحوم حول الموضوع نفسه، فقد يساعدنا تجميع كل شيء في المكان نفسه على تحقيق أهدافنا، كما يساعد متابعينا في التواصل معنا، وبالتالي ستجد الطريق الأفضل لبلوغ أهدافك دون أن تبدد جهودك سدًى عند الإجابة على السؤال "كيف يساعدني موقع الويب في الوصول إلى أهدافي؟".
ما الذي يتوجب علي فعله وبأي ترتيب للوصول إلى أهدافي؟
الآن وقد حددت أهدافك، فقد حان الوقت لتحويل هذه الأهداف إلى خطوات قابلة للإنجاز، وعليك التذكُّر دائمًا بأنّ الأهداف تتطور مع الوقت حتى عند تنفيذ المشروع وليست جامدةً، وخاصةً عندما تصادف عقبات غير متوقعة أو عندما ستغير رأيك بمسألة ما.
لنعد إلى مثالنا السابق بدلًا من الإسهاب في التفسيرات ولنوضح الأمر:
- ليستمع الناس إلى موسيقاك عليك ما يلي:
- تسجيل بعض الألحان.
- تحضير بعض الملفات الصوتية التي يمكن استخدامها على الويب (هل يمكن الاستفادة من خدمة موجودة؟).
- امنح الآخرين إمكانية الوصول إلى موسيقاك في بعض أقسام موقعك.
- لمناقشة الآخرين بموسيقاك عليك ما يلي:
- كتابة بعض المقالات لبدء الحوار.
- حدِّد الطريقة التي ستظهر عليها مقالاتك.
- انشر هذه المقالات على الويب.
- للتعرف على موسيقيين جدد عليك ما يلي:
- زوّد متابعيك بقنوات للتواصل معك (بريد إلكتروني، فيس بوك، هاتف، بريد).
- حدد الطريقة التي سيصل فيها الآخرون إلى قنوات الاتصال التي توفرها عبر موقعك.
- لبيع بعض المنتجات عليك ما يلي:
- حضِّر منتجاتك وخزّنها.
- جِد طريقةً مناسبةً لشحنها.
- جِد طريقةً مناسبةً للدفع.
- جِد آليةً مناسبةً على موقعك تسهِّل على الناس طلب منتجاتك.
- لتعليم الموسيقى من خلال الفيديوهات عليك ما يلي:
- سجِّل مقاطع فيديو لدروسك.
- اجعل فيديوهاتك مناسبةً للاستعراض عبر الويب (مجددًا، هل يمكن الاستفادة من خدمة موجودة؟).
- امنح الآخرين إمكانية الوصول إلى فيديوهاتك في بعض أقسام موقعك.
تجدر الإشارة هنا إلى نقطتين:
- الأولى: وهي أنّ بعض الأعمال لا تتعلق بالويب مثل تسجيل الموسيقى وكتابة المقالات، ولهذه النشاطات التي تجري دون اتصال بالإنترنت أهمية كبيرة قد تفوق الجانب المرتبط بالويب في مشروعك، فعندما تهتم ببيع منتجات على سبيل المثال، فمن الأجدى والأوفر من ناحية الوقت إيجاد حلول لتأمين المنتجات وطريقة للدفع والشحن قبل الشروع في بناء الموقع الذي سيستخدِمه الآخرون في طلب تلك المنتجات.
- الثانية: تحضير خطوات قابلة للتنفيذ سيقودك غالبًا إلى أسئلة جديدة عليك البحث عن إجابة لها. إذ ستجد عادةً مزيدًا من الأسئلة أكثر مما قد تتوقع مثل هل عليَّ تعلّم كل هذه الأمور بنفسي؟ هل أطلب من شخص آخر ذلك؟ هل استخدم خدمات تؤمنها أطراف أخرى؟
الخلاصة
كما رأينا، قد تقودك فكرة بسيطة مثل "أريد بناء موقع ويب" إلى قائمة طويلة من الخطوات التي ينبغي تنفيذها والتي تنمو أكثر كلما فكرت بتفاصيلها أكثر، وقد يطغى الأمر على تفكيرك بسرعة، فلا حاجة للإجابة على كل الأسئلة، ولن تضطر إلى تنفيذ كل ما وضعته على قائمتك، فالأهم هنا أن يكون لديك تصوّر عما تريد وكيف ستصل إلى مبتغاك، وحالما تتوضَّح الرؤية، عليك أن تقرِّر متى وكيف تبدأ، وجزِّء المهام الضخمة إلى خطوات أصغر قابلة للتنفيذ بحيث تصل بك في النهاية إلى الإنجاز الذي تنتظر.
نأمل أن ترشدك هذه المقالة إلى رسم ملامح خطتك لبناء موقع ويب، وربما سيكون مناسبًا الاطلاع على الطريقة التي تعمل بها شبكة الإنترنت على أساس خطوة ثانية.
ترجمة -وبتصرف- للمقال ?How do I start to design my website.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.