اذهب إلى المحتوى

كيف يصبح الاتصال البارد (cold calling) أفضل من AdWords


محمد طاهر5

عندما بدأت بالتسويق لتطبيق الإنترنت الأوّل لي قبل سنتين تقريبًا بدأت بالطريقة التي يتخيلها معظم الناس: بدأت على الإنترنت.

cold-call-vs-adwords.thumb.png.469114102

تُعدّ تهيئة المواقع لمُحرّكات البحث SEO أداة قويّة، ولكنه يحتاج إلى الكثير من الوقت، كما أني لست ملمًّا بالكثير حول موضوع التسويق ولم أكن أعرف المدّة الزمنية التي يصبح فيها فعّالًا. في المقابل يمكن إعداد وتهيئة محركات البحث التسويقية والإعلانات على الشبكة العنكبوتية في غضون دقائق، ويمكن لأيّ شخص أن يسجّل في الموقع ويطلق حملته على AdWords.

إذا، كيف سيعمل AdWords لأجلك؟

كنت أعتقد أنّي أفهم AdWords جيّدًا، حيث أنّي عملت في فريق AdWords API كمتدرّب في شركة Google. سجّلت الدخول في الموقع، وأنشأت حساباً جديدًا، ثم أضفت إليه بعض الإعلانات، وبدأت بانتظار النتائج. كان ذلك عظيمًا، لم أكن مضطرًا إلى مغادرة المكان أو تقديم العروض الفوضوية إلى الناس. يمكن لـ Google أن تخبرني بعدد الأشخاص الذين شاهدوا الإعلان يوميًا. حتى مع مكانتي الصغيرة وكلماتي المفتاحية ذات معدل الاستعمال المنخفض، فإنّي كنت أمتلك ما يكفي للانطلاق.

تبيّن لي أن AdWords ليس بسيطًا كما يبدو. ستحتاج إلى صفحات هبوط ذكيّة متقنة الصنع وجيّدة التصميم. لن تكون قادرًا على بيع أي شيء دون وجود حركة زوار ملحوظة، خصوصًا أن نسبة 80% من هذه الحركة لا فائدة منها حتى مع الحملات الجيدة، ومن الأفضل أن لا يكلّفك بعض هذه الحركة الأموال لكل نقرة.

بالإضافة إلى ذلك فقد جعل ارتفاع الأسعار من عملية تعلم كتابة الإعلانات، وإدارة الحملات واختبارات A/B وتصميم صفحات الهبوط أمرًا مكلفًا للغاية خاصة في المراحل التمهيدية من العمل.

تعدّ كتابة الإعلانات مهارة قيّمة للغاية، ويجب أن تكون هذه الإعلانات موجّهة بعناية لتدفع العميل المحتمل إلى فتح محفظته بدون تفكير.

واجهت صعوبة في الإعلان عن منتجي بشكل واضح وجليّ بسبب القيود التي تفرضها الإعلانات ذات النّصوص القصيرة، وقد أنفقت الكثير من المال لأدفع الناس إلى النّقر على الإعلان، ولكنّي كنت أتساءل دائمًا عن سبب عدم رغبتهم في الشراء، كان بالإمكان إضافة الاستبيانات ولكني لا أرى أن الإعلانات النصّية وسيلة صادقة في التواصل مع العميل، وغالبًا ما تساهم العناصر الإضافية في صفحة الهبوط في تقليص معدل التحويل.

وبعد عدد من النتائج المخيّبة وإنفاق 150 دولارًا على الإعلانات، لم أحصل على أي شيء، لم أحصل على زبائن جدد، ولم أستطع إدراك السبب الذي يدفع الناس إلى عدم الشراء بعد وصولهم إلى صفحتي، وكان هذا محبطًا جدًّا، فالفشل السريع مفيد فقط عندما تكون في طور التعلم.

تكلّمت بالطبع مع بعض الأشخاص بهدف تطوير المنتج، وحصلت على العديد من التعليقات الإيجابية والفرص الجيّدة، ولكن الخروج من دائرة علاقاتي كان هو التحدّي الجديد. أوقفت الحملة وقرّرت تجربة شيء جديد، وكنت مستعدًّا لاستنزاف جميع الخيارات، وبعد عدد من التجارب قرّرت تجربة الاتصال غير المرتّب Cold Calling.

الهاتف، روبرت. روبرت، الهاتف

لا أحد يحبذ الاتصال بالغرباء أو ما يُعرف اصطلاحًا بـ"الاتّصال البارد" (Cold Calling)، فهو لا يجدي نفعًا، ولكنّي لم أشأ الاستسلام، فأجريت بحثًا وحصلت على قائمة من الأرقام، كانت لدي فكرة واضحة عن طبيعة الزبائن الذين سأتعامل معهم، ويمكنني انتقاء أفضل المرشّحين من صفحات المجلات وأدلة الهاتف وصفحات الإنترنت، ولن أخبرك عن قوة فيس بوك أو AdWords في هذا المجال، فقد جمعت معلومات لما يزيد عن 20 عميلًا دون بذل الكثير من الجهد.

سارت بسلاسة ودون مشاكل تذكر، ولكن فكرة الاتصال بأناس غرباء لتقديم عرض عن منتج أو ترتيب لقاء كانت فكرة مرعبة. لم أكن خائفًا من الرفض بقدر ما كانت خائفًا من معرفة أن فكرتي كانت سيئة وغير نافعة وأن ما أقوم به ليس سوى مضيعة للوقت. ولكن بعد أن أجريت اتصالًا أو اتصالين وسمعت طلب البريد الصوتي، هنّأت نفسي على تجاوزها لمخاوفها واعتبرت ذلك اليوم يومًا ناجحًا.

بعد أسبوع آخر من التهنئة الذاتية والأعذار السيئة، قمت بالفعل بالتواصل مع جهات مختلفة عبر الهاتف، وكانوا جميعًا سعداء بالتحدث معي لبضع دقائق، ولكن فقط عندما لا أحاول بيعهم أي شيء مقدّمًا. عندما راجعت ملاحظاتي من المكالمات السابقة، وجدت أني غالبًا ما كنت أنسى طرح أسئلة معيّنة، أو لا أفلح في جمع المعلومات الوافية التي كنت أرغب في الحصول عليها فعلًا. لديّ بعض التحفّظات من وجهة نظري حول مسألة أنّي أبدو بائعًا، وقد آذاني ذلك كثيرًا في مكالماتي الأولى، لأني اتّخذت من ذلك عذرًا لتجنّب الردّ على الرفض الذي قد ألقاه أو التحضير للمكالمة.

ولمعالجة ذلك، بدأت بكتابة جميع تفاعلاتي على الهاتف، ودوّنت الملاحظات حول ما قابلته من اعتراض أو قبول. كنت في بادئ الأمر أقدّم نفسي بعبارتين أو ثلاث أتكلّم فيها عنّي وما أنوي القيام به، وكانت بهذه الصيغة غالبًا:

"مرحبًا، أنا روبرت جراهام، وأنا رائد أعمال، وأعمل حاليًا على برنامج حول إدارة الغزلان. أعتقد أنك قد تكون مهتمًّا بهذا المشروع وأودّ التحدث معك حوله لخمس عشرة دقيقة".

لم يكن هذا جيّدًا، إذ أنّي أستهلّ كلامي بالكثير من المعلومات وأبدو وكأني أحاول بيع شيء ما مقدَّمًا، حتى وإن لم يكن هذا جليًّا؛ لذا أعدت صياغة النصّ بعد بضع مكالمات ليصبح كالتالي:

"مرحبًا، أنا روبرت جراهام، وأنا مهتمّ بالاطلاع بصورة أكبر على موضوع إدارة الغزلان. لفتّم انتباهي في [اذكر المكان هنا] وأنا معجب جدًّا بعملكم على [الشيء]. أتمنى أن يكون لديكم الوقت الكافي لنتحدّث معًا حول هذا الموضوع لبضع دقائق".

لقد تطوّر الأمر، إذ أنّي بدأت بالحديث عنهم مباشرة وبيّنت لهم أني قد قمت بواجبي تجاههم (أي أنني بحثت عنهم وعلمت ما يقومون به)، وهذا يساعد كثيرًا على التواصل مع الناس، ولكن كن حذرًا من المبالغة في ذلك، فمن المحتمل أن ينقلب الأمر عليك. دفعت هذه العبارات الناس إلى الحديث، وهي طريقة جيّدة لدفع العلاقة الرسميّة إلى الاستمرار، ولكنها ستحددّ كذلك المدى الذي يمكنك إيصال المحادثة إليه، وقد ساعد كلّ ذلك على أن أشعر بالطمأنينة، وأن أنهي المكالمة بشكل لائق.

أهمّ ما أدركته هو أنّ الرفض -سواء كان مباشرًا أو غير مباشر- ليس شيئًا مهمًّا بحدّ ذاته، فربما أتنبّه إلى ميزة يمكنني إضافتها، أو يذكّرني أحد العملاء لأمر كنت غافلًا عنه، أو لربّما تتكون عندي صورة واضحة عن طبيعة العملاء الّذين أودّ التعامل معهم بالفعل.

على سبيل المثال تحوّلت إحدى المكالمات التي أجريتها إلى حوار ممتع مع رجل يعيش في الجوار، ولديه شغف كبير بمجال ريادة الأعمال، إذ أنه درس هذا المجال في جامعة هارفرد وكان تنفيذيًّا في الشركة الناشئة التي تولّت مهمة بناء أول سكّة قطار من قلب الأراضي الزراعية في البرازيل إلى مدينة ساوباولو، وقد اتّخذ من رعاية الغزلان هواية لما بعد التقاعد، وكان هذا حال الكثير من الأشخاص الذين تكلّمت معهم، إذ أنّ أغلبهم كان رائد أعمال سابق وقد بدأ العمل في مجال رعاية الغزلان ذات الذنب الأبيض كهواية ما بعد التقاعد.

منحني ذلك القدرة على التواصل بصفتي شابًّا يحاول البدء بمشروع تجاريّ جديد، وكان للّهجة التي أستخدمها وطبيعة الأسئلة التي أطرحها الأثر الكبير في توطيد العلاقة، فقد استخدمت عبارات مثل "أحاول البدء بمشروع جانبيّ" أو "أحاول فهم السوق" أو "أحاول تلبية احتياجات السوق" وما إلى ذلك من عبارات، وقد توصّلت إلى حقيقة مفادها أنّ بإمكاني تطوير علاقتي بالزبائن تدريجيًّا إلا أنّ عليّ تجنب الظهور بمظهر البائع، كما يجب علي إيجاد سبب يدعوهم إلى الحديث معي مرّة أخرى.

قرّرت كذلك أن أجري مقابلات مع هؤلاء العملاء في مدونتي وأوفّر لهم إمكانية عرض مواهبهم فيها، وقد ساهم هذا في توفير المحتوى للمدونة، كما أتاح لي شخصيًّا فرصة إضافة المزيد من العملاء إلى قائمتي الشخصيّة، وكذلك الاستزادة في العديد من جوانب العمل. كان هذا هو السبب الذي سيدعو كلّ هؤلاء إلى التحدّث معي مرّة أخرى.

"مرحبًا، أنا روبرت، أنا أدير مدوّنة تهتمّ بموضوع رعاية الغزلان. أتطلّع إلى زيارة بعض الأشخاص لمنشأتك والتجول فيها والتحدث إليك حول العمل. يمكنني بعدها كتابة هذه التجربة في المدونة وإطلاعك على ذلك."

لقد تطوّر الأمر كثيرًا؛ لأنّه سيفتح آفاقاً جديدة في العلاقات، وهو كذلك دعوة مركّزة للعمل، ويقدّم على الفور شيئًا ما للعملاء، ويجعل من المكالمة الأولى مكالمة قصيرة جدًّا. يمكنني التحدّث بما أريده عندما أقابل العميل شخصيًّا وتساعد لغة الجسد على تنظيم ما سأقوله بكل سهولة ويسر. كنت أجلب معي عادة مجموعة من الأسئلة بالإضافة إلى فكرة عن مقالة في المدوّنة، كما كنت أمطرهم بوابل من الأسئلة حول ما يفعلونه عادة لحلّ المشاكل التي كنت أعمل عليها وكنت حريصًا دائمًا على معرفة ما إذا كان بإمكاني تقديم أي نوع من المساعدة إليهم.

كان أحد الأشخاص الذي كلّمتهم عبر الهاتف مرتابًا وقد أخبرني بذلك بالفعل، وسألني عن الذي سأجنيه من كل هذا العمل، وقد وضحت له ذلك بكل أمانة وصدق.

"أنا أعمل على برنامج على الإنترنت لرعاية الغزلان، وأنا أحاول التعلم ممن يعمل في هذا المجال كما أحاول تكوين بعض العلاقات، وأعتقد أن المدونة هي الخيار الأفضل للقيام بذلك".

من المؤكّد أنّ كل جانب استخدمت فيه هذا العرض ـ سواء أكان مثيرًا للشكّ أم لا ـ قد كان مفيدًا، فقد تجاوزت المواعيد المحدّدة للمقابلات عتبة الأسبوع. لقد حقّقت نجاحًا كبيرًا، ووصلت إلى مرحلة كنت مجبرًا فيها على تأجيل المواعيد إلى ما يتجاوز شهرًا كاملًا، إذ كان لدي الكثير من المواعيد والكثير من التدوينات التي يجب عليّ كتابتها. لقد كان العرض الذي قدّمته السبب الرئيسي في تحوّلي الكامل إلى الخطوة التالية، دون أن أتجاهل دور كل تجربة خضتها وكل درس تعلّمته في تحقيق هذا النجاح، فقد تعلّمت الكثير عن عملي من كل زيارة كنت أقوم بها، ومع أنّي لم أحقق نسبة 100% من المبيعات، إلا أنّ هذه العلاقات أسهمت وبشكل كبير في الاقتراب من هذه النسبة. اتّصل بي العديد من الأشخاص بعد مضيّ أسابيع أو أشهر من لقائنا الأول مستفهمين عمّا إذا ما كنت لا أزال أحلّ المشكلات التي تحدّثنا عنها.

ولكن...

أليس سبب المشكلة أني لم أتعامل مع AdWords بشكل جيّد؟

من المؤكّد أن هذا كان سببًا في المشكلة، ولكني أعتقد أني أدرت الحملة بنفس الطريقة التي يديرها أغلب المهندسين أمثالي. من جهة أخرى لم أكن أملك أي خبرة في مجال التسويق عبر الهاتف، إلا أنّ فيه القليل من العناصر والكثير من حلقات الاستجابة المباشرة.

أليس من الأفضل استخدام طرق تسويق مثل AdWord بشكل مستمر؟ ألم يكن ما أنفقته من مال قليلًا؟

نعم ولا. يفضّل استخدام AdWords عندما تكون على دراية بطبيعة عملائك ولغاتهم، كما يساعدك في الحصول على معلومات حول ما يمكنك إنفاقه والحصول على الأرباح. لن يكون الثبات والاستمرار مفيدًا في AdWords إلا إن كنت تجني الأموال باستمرار أيضًا، وتختلف طرق التسويق الأخرى عن بعضها البعض بشكل بسيط، وبغض النظر عن الطريقة التي اتّبعتها فإنّي على يقين بأنّ ما أنفقته كان كثيرًا جدًّا.

لا يُمكن القيام بها على نطاق واسع

لا يُمكن القيام بشكل شيء على نطاق واسع (scale) لا أحد يشتري مُنتجًا لأن الشّركة التي تبيعه تقوم بإنتاجه بشكل مُؤتمت، إذ يفضّل الناس اللمسة الشخصية.

إن الوصول إلى عشرات الطلبات ومعرفة ما يفكّر فيه العملاء بشكل جيّد وكيف يتحدّثون فيما بينهم عن مشاكلهم الخاصّة وعن المنتج الذي أقدمه لهم، هو أمر في غاية الأهمية، إذ أنّه سيساعدني على معرفة الطريقة التي أثير بها إعجابهم وأدفعهم إلى شراء المنتج. ولا يحتاج كلّ ذلك إلى عمليات التّوسيع Scaling بقدر ما يحتاج إلى الإنجاز، والطريقة الوحيدة هي التكلّم إلى أكبر قدر ممكن من الناس.

تأكّد في البداية من أن ما تقوم به هو فعلا نشاط تجاري صالح قبل أن تلقي بالًا لتوسيعه وللقيام به على نطاق واسع، إذ تعدّ المشاكل المُتعلّقة بالتّوسّع من المشاكل المفيدة، والتي إن وقعت فيها وكنت تواجه صعوبات في توسيع نشاطك التّجاري فهذا دليل على صحّة ما تقوم به، فهذه مشاكل تختلف كلّيًّا عن المشاكل التي تواجهها في بداية العمل.

في الختام

لا تقلّد الآخرين في كلّ ما يفعلون، بل وسّع آفاقك ومداركك، وحاول الوصول إلى العملاء وطوّر العلاقات الشخصيّة، وستغيّر تلك العلاقات كل شيء في عملك بصورة تختلف كثيرًا عن المحادثات عبر الإنترنت.

قد لا يكون مجال عملك ملائمًا للاتصال الهاتفي بالغرباء، ولكن عليك أن تجرّب، فهذه هي الطريقة الوحيدة للتأكد من ذلك، وحتى لو انتهى بك الأمر إلى عدم القدرة على التّوسّع بعملك بواسطة هذه الطريقة، فمن المؤكّد أنك ستحصل على الكثير من المعلومات القيّمة.

ترجمة ـ وبتصرّف ـ للمقال How cold calling (properly) works better than AdWords لصاحبه روبرت كراهام.

حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...