اذهب إلى المحتوى

لعل أول التحديات التي سيواجهها العامل الحر وأهمها هو دخوله إلى سوق العمل الحر على الإنترنت وتبنيه ثقافة العمل المستقل، ذلك أنك لا تدري من أين تبدأ وكيف ولا ما تحتاجه، ونحن نحاول أن نجيب عن هذا بإيجاز في السطور القليلة التالية ثم نفصل ذلك فيما يلي من الفصول.

وأنت محتاج ابتداءً إلى دراسة السوق جيدًا قبل دخولك فيه، وموازنة ذلك بما عندك من مهارات كي تضيف إليها وتطورها إن كانت تحتاج ذلك، ثم النظر في المجال المناسب لك من بين مهاراتك واختصاصاتك للعمل فيه، وفهم سلوك العملاء وما يريدون ومن هم وأين هم، وإدارة عملك بكفاءة في ظل هذه البيئة الجديدة عليك التي لا ترى عملاءك فيها، والتي تكون معاملاتك المالية إلكترونية في الغالب.

ومن ذلك أيضًا النظر في معضلة الحصول على أول عميل وثقة العامل الحر بنفسه التي قد تكون مهزوزة لأنه لم يتعامل مع عميل من قبل عبر الإنترنت، فلا يدري ما الذي يجعل العميل يثق فيه لأداء عمله، ثم ما الذي يضمن له هو أن العميل سيرسل إليه المال كاملًا دون أن يختفي ويتبخر دون أثر!

وإننا نرجو أن تكوّن بعد هذا المقال فكرةً عن آلية العمل بشكل حر ومستقل، وماهية السوق وتحليله، وتختار المهارات والمجالات المناسبة لك كمستقل، وتتخذ القرار المناسب بشأن بدء العمل، وتتعرف على أهم المجالات التي يعمل بها المستقلون بشكل عام مع تعلم كتابة العُروض على المشاريع التي يضعها العملاء، وكيفية تجنّب العديد من الأخطاء الشائعة في ذلك.

مجالات العمل الحر

بالنظر في الأمثلة الموجودة في السوق العربي أو الأجنبي فإنك ترى أن كثيرًا من الوظائف التقنية مثل البرمجة والتصميم بأنواعه المختلفة وإنتاج الفيديو وإدارة النظم وتحليلها هي المنتشرة في صورة العمل الحر أو عن بعد، وكذلك التسويق والتأليف والترجمة والمراجعة اللغوية والتعليم والمحاسبة والإدارة، والخدمات الاستشارية والمساعدة الافتراضية والسكرتارية وإدخال البيانات واستخراجها، وغير ذلك مما يناسب كل سوق. انظر هذه الصفحة من موقع مستقل كمثال حي على سوق نشط به خدمات مطلوبة في مثل تلك التصانيف.

ولئلا نضيق نطاق هذه المجالات، فإننا نرى أن من لديه منتج أو خدمة أخرى يبيعها بشكل حر دون التقيد بوظيفة فهو أيضًا عامل حر، خاصة إن كان عمله عبر الإنترنت، فمن يحيك المشغولات اليدوية ويبيعها من خلال حساباته الاجتماعية أو موقعه فهو يدخل تحت مظلة العمل الحر، وكذلك من يقدم خدمات الإصلاح والصيانة للآلات المختلفة على الويب من الساعات الدقيقة وصولًا إلى الشاحنات الثقيلة فهو أيضًا عامل حر! خاصة إن لم يكن لديه محل عمل تجاري أو لم يكن يعمل في شركة تقدم هذه الخدمة من خلال نفس قنوات التسويق التي يستخدمها (الشبكات الاجتماعية، المواقع، …).

وهكذا فإن منطق العمل الحر نفسه واسع كما بينا ها هنا وفي المقال السابق ويشمل كثيرًا من الأعمال والمجالات، لكننا نذكر في هذه السلسلة هذه أمثلة من الأعمال التقنية مثل البرمجة والتصميم، أو غير التقنية مثل الترجمة والمحاسبة وغيرها، لأنها الأعمال التي يطلبها العميل وتنفذها أنت له دون أن تحتاج في الغالب إلى إرسال واستقبال منتجات حقيقية أو مادية كالساعات أو المشغولات اليدوية في مثالنا، بل هي مستندات وملفات يمكن تناقلها على الويب بسهولة.

وعليه تكون قد دخلت هذا السوق بأقل الإمكانيات الممكنة، وهي مهاراتك وخبرتك ومعرفتك -أو قدرتك على تعلم هذه المهارات واكتسابها- وحاسوبك المتصل بالإنترنت، من غير أن تشغل نفسك بأمور مثل شحن المنتجات وبيعها والمرتجعات وغير ذلك، ثم لا حرج عليك إن شئت دخول هذا السوق أيضًا وبناء موقع لمتجر لك يبيع منتجات حقيقية أو رقمية أو حتى خدمات استشارية إن شئت، فقد حرصنا في سياقنا على بيان العمل الحر لأغلب القراء العرب على اختلاف أعمالهم وبيئاتهم وظروفهم.

الصفات اللازمة للمستقل

ربما يحسن الآن بنا أن نبين بعض النقاط التي ستظهر لك مدى استعدادك لبدء العمل بشكل حر لتزيد ثقتك بنفسك إن كانت لديك تلك الصفات، وتعرف أي الجوانب التي عليك تحسينها إن كانت تنقصك.

1- الالتزام: اعلم أن بدء العمل الحر يعني التزامًا بهذا النمط من أجل سمعتك التي ستكون على الإنترنت والتي لن تمحى بسهولة، بل قد ينهي تلك السمعة عميل واحد غاضب، كما يعني التزامًا أمام عملائك الذين سيطلبون منك أعمالهم إذ يرتبطون هم أيضًا بالتزامات أخرى تخصهم، إما لأنفسهم أو لعملائهم أو شركاتهم التي يمثلونها.

2- الجدّية: ونقصد بالجدية هنا أن تنظر لعملك الحر على أنه نمط حياة سواء كنت تعمل بشكل حر جزئيًا أو كليًا، ويلزم هذا أن تعرف تكاليفك ونفقاتك على نفسك وأهلك، وخطتك للخمس سنوات القادمة، وخطتك للتقاعد والإجازات ومكان العمل وغير ذلك.

ذلك أنك هنا مدير تنفيذي ومسؤول موارد بشرية ومحاسب ومدير إدارة مخاطر وبنية تحتية وكل إدارة أخرى وقسم آخر في أي شركة عادية ولو كانت من شخص واحد! ويقع على عاتقك التفكير في هذه الجوانب إن كنت تنوي الاستمرار في العمل بشكل حر أو مستقل وعدم إغفالها، سواء كنت ستفعل هذا بنفسك أو توظف أحدًا آخر أكثر خبرة ليجهزها من أجلك وفق ما يناسبك كمحاسب أو محامي قانوني لشؤون التقاعد مثلًا، وقس على ذلك ما يناسب كل شأن من الشؤون التي ترى وكالتها إلى غيرك لتنفيذها.

3- المرونة: ستجد نفسك تتعامل مع تغيرات في المناطق الزمنية مثلًا بينك وبين العميل، وقد تتغير متطلبات العمل وطريقة التواصل وغير ذلك. ويجب أن يكون لديك قدر كافي من المرونة والإعداد المسبق لمثل تلك الحالات بتجهيز سيناريو لكل حالة كي يكون بروتوكولًا تتبعه عند حدوثها، لئلا تبدو هاويًا لا يعرف ما يفعل.

كذلك فإن المستقل يتعامل مع عدد كبير من العملاء من مختلف الثقافات والعادات والعقليات والأذواق والتفضيلات، فما يراه المستقل مناسبًا قد يكون غير مناسب بالنسبة للعميل الذي سيطلب المزيد من التعديلات التي تناسبه، لذا عليه أن يكون صبورًا بما يكفي ليستطيع التواصل مع العملاء والاتفاق على نقاط العمل ومناقشة التعديلات، وأخيرًا إنجاز العمل.

4- التحفيز الذاتي: تساعد بيئة العمل التقليدية الموظفين على خلق جو من الالتزام والمنافسة، لكن بما أن المستقل يعمل بمفرده غالبًا، فإنه يحتاج لتحفيز نفسه ليستمر بالعمل حتى لو شعر بالملل أو ببعض الضغط أو غير ذلك، إما بمحفزات ذاتية أو خارجية، كأن يؤجر مكتبًا في مساحة عمل مثلًا بها مستقلون مثله، فيكون حاله كمن في شركة بها موظفون كثر.

5- حب العلم: إن العمل الحر يعني أن المستقل عليه تعلم أمور جديدة دائمًا، سواء ضمن اختصاصه أو ضمن اختصاصات أخرى مثل التسويق أو الإدارة المالية أو غير ذلك، لذا فإن علو الهمة في طلب تلك العلوم مطلوب ليكون للمستقل مسار مهني ناجح.

6- القدرة على تحمل المسؤولية: إن المستقل يعمل لحسابه الخاص، أي أن المتضرر الرئيسي من سوء جودة العمل هو سمعته بحد ذاتها فالسمعة في العمل المستقل ضرورية جدًا، فينبغي أن يكون مسؤولًا أمام نفسه وأمام عملائه أيضًا.

وقد يقع العديد من المستقلين في خطأ قبول جميع عروض العمل حتى لو لم يسمحوقتهم بتنفيذها جميعها بأفضل جودة ممكنة، حيث يخشون تلك الفترات التي تمر بدون وجود أي عرض آخر.

لكن تذكر أن لو لم يكن لديك وقت للعمل وتقديم النتائج لتناسب توقعات العميل فلا تقبل ذلك العمل أبدًا، حيث يمكنك إما تأجيله أو حتى إلغاؤه، وستكسب احترام عميلك لاحترامك نفسك أولًا، ووقته ثانيًا.

وبشكل عام فمن الأفضل وجود معظم هذه الصفات في العامل المستقل قبل الشروع في العمل مع العملاء، لكن العلم بالتعلم، وليس المرء يولد عالمًا، فما من صفة ها هنا إلا يمكن إتقانها بالممارسة والمداومة عليها.

تحليل متطلبات سوق العمل

إن السؤال الأهم الذي سيطرحه أي شخص يرغب بدخول هذا المجال هو كيف أتبنى ثقافة العمل الحر؟ أو كيف أبدأ بدون تجربة سابقة؟

تحتاج في البداية إلى تحليل سوق العمل وتحديد متطلباته، ثم تتأكد من مطابقة متطلبات السوق الذي تريد دخوله مع مهاراتك، كي تطور مهاراتك إن كانت تحتاج إلى تطوير أو إذ كنت تحتاج إلى تعلم مهارات جديدة.

إذ يجب أن تلم بالاختصاص الذي ستعمل فيه إلمامًا يكفي لتقدم أعمالًا متقنة، وترد على أسئلة العملاء في المهام التي أنجزتها، وكذلك تطلع على جديد هذا الاختصاص لئلا تتخلف عن احتياجات العملاء.

1- اختيار التخصص

لعل هذه هي أول وأهم خطوة يجب أن تبدأ بها، فإن كنت تمتلك عدة خيارات بشأن اختيار التخصص الذي ستعمل به، فيمكنك استخدام معادلة بسيطة لتساعدك في ذلك:

التخصص الذي سأختاره = ما أستطيع القيام به بإتقان + ما يرغب الآخرون بالدفع لقاء الحصول عليه

2- التركيز والتطوير المستمر في التخصص

هل اخترت تخصصك الآن؟ هذا جيد، ركّز على تطوير نفسك فيه بشكل مكثف في البداية إن كان مستواك دون المطلوب، بالممارسة المستمرة والمراجعة والتدقيق لهذه الممارسة لتطويرها، والتعلم المستمر من الدورات والمساقات المتاحة في هذا التخصص، لتصل إلى مرحلة تؤهلك للبدء والتميز في العمل.

واعلم أن تطويرك لنفسك في تخصصك لا يتوقف هنا، ذلك أنك قد تنغمس في تنفيذ المشاريع وتنسى النظر في مستجدات مجالك من أدوات وتقنيات جديدة، فالمهارة التي لا تتابع تطويرها كل شهر مرة على الأقل تكون معرّضة للتقادم ومن ثم قلة طلبها في السوق بالصورة التي لديك، هذا ليس قانونًا حتميًا لكنه منطقي في ظل التغيرات الدائمة والتقنيات التي يمكن استغلالها دائمًا في زيادة الإنتاجية والكفاءة في العمل مهما كانت المهارة المستخدمة.

3- بناء معرض أعمال من أعمال غير مدفوعة

تشكل أول خدمة هاجسًا لدى المستقلين، حيث يشعرون أنهم بحاجة لمشروع مكتمل يمكن تقديمه للعملاء المحتملين كنموذج عن العمل، إذًا لماذا لا تجعل أول خدمة تطوعية بما أنها متاحة أكثر من الخدمة المدفوعة؟

وهذا يعني ألا تنتظر عميلًا يطلب منك عملًا فتنفذه ثم تعرضه في معرض أعمالك، بل إن كنت مصمم مونتاج أو مهندسًا صوتيًا أو معلقًا أو مهندس ديكور أو معماريًا فأنشئ بعض التصميمات الجميلة أو مقاطع الفيديو أو التعليقات الصوتية أو نحو ذلك لتعرضها في معرض أعمالك.

وكذلك إن كنت مترجمًا أو كاتبًا أو رسامًا أو مبرمجًا أو غير ذلك، فلا حرج أن تنشئ أعمالًا بنفسك دون طلب من عميل ثم تعرضها كنموذج على تخصصك وجودة عملك.

بل تستطيع في البداية أن تطلع على المشاريع المعروضة في مجالك على منصة عمل حر مثل مستقل لتختار واحدًا منها وتنفذه كاختبار لنفسك لترى في مثال حي إن كنت تستطيع تنفيذ طلب لعميل في الوقت الذي يحدده أم لا.

بمعنى أن تختار أحد المشاريع التي يصف العميل فيها ما يريده أو يرفق ملفًا توضيحيًا للمشروع، وترى في نفسك قدرة على تنفيذ المطلوب، لكن لا تقدم عرضًا للعميل ولا تفعل شيئًا على المنصة نفسها، بل خذ المشروع كمثال تدريبي لنفسك.

وهذا الاقتراح نعرضه عليك كي تزيد ثقتك بنفسك إن نجحت في تنفيذه، إذ تعرف أنك نجحت في تلبية حاجة حقيقية لعميل من السوق الذي تريد الدخول فيه.

4- التشبيك: تكوين شبكة علاقات قوية

كوّن شبكة من العلاقات مع المستقلين الآخرين ضمن مجال اختصاصك أو ضمن المجالات المتعلقة به على المنصات والمواقع الاجتماعية والمنتديات وغيرها مما يجتمع فيه أهل مجالك، وحاول أن تستفيد من خبراتهم، وتعلم منهم أساليب وتقنيات العمل ومستجداته.

5- تعلم أساسيات التسويق عمومًا والتسويق الذاتي خصوصًا

تُعد هذه المهارة في المراحل الأولى من عملك كمستقل ضرورية إذ يجب عليك أن تقدّم نفسك بشكل مقنع للعملاء المحتملين، فيوصل خطابك التسويقي للعميل رسالة مفادها أنك أفضل من ينفذ هذا العمل الذي يطلبه، بسبب كذا وكذا من المهارات التي لديك.

6- الاهتمام بمعرض أعمالك

احرص على بناء معرض أعمالك وترتيبه بشكل يناسب نوعية الخدمات التي تقدمها، وادعمه بنماذج حيّة -في المجالات التي تحتاج ذلك كتطوير البرمجيات مثلًا- وواقعية عن عملك، وركّز على شرح عملك وخبراتك في وصف تلك الأعمال، والشاهد أن تجعل معرض أعمالك يتكلّم عنك ويمثل الصورة التي ترغب في إظهارها لعملائك.

وبالعودة لتنسيق معرض أعمالك، فقد حصلت سارة على العديد من عروض العمل الرائعة بعد إضافتها لقسم معرض الأعمال في موقعها الشخصي، حيث حرصَت على جعله واضحًا ويضم كافة التفاصيل التي يرغب العميل بالاطلاع عليها.

فعامل نفسك على أنك علامة تجارية مميزة لتعطي للعميل انطباعًا جيدًا عنك كمستقل، فبناء تلك السمعة مع قاعدة مناسبة من العملاء هو نصف الطريق لكسب العملاء.

9- تقديم عينات مجانية للعملاء عند الحاجة

لنفترض أن لديك عميل محتمل الآن لكنك لا تمتلك مشاريع أو نماذج عمل سابقة تؤهلك لإقناعه، فتستطيع هنا تقديم للعميل عينة مجانية من العمل لتثبت جودة عملك، كما أنها تجنّبك سوء الفهم المحتمل بعد بدء المشروع، حيث يجعلك تقف على طبيعة توقعات ومتطلبات العميل، كما أنها تقدم للعميل نفسه فكرة عن أسلوب عملك.

تقديم العروض

العمل الحر يخضع -كغيره من الأعمال والتجارات- لآلية معروفة وهي العرض والطلب، حيث يعرض العميل مشروعه أو يعرض المستقل خدماته ليوافق الطرف المقابل أو يرفضها، وذلك في السوق الذي يضم العديد من المستقلين والعملاء الآخرين -وهو الإنترنت هنا بشكل عام، أو منصات العمل الحر مثلًا-، وهنا يمكن التمييز بين شكلين من أشكال التعامل:

الأول: يعرض المستقل خدماته والمشاريع التي يستطيع تنفيذها في صفحة شخصية له أو موقع أو منصة للعمل الحر، وهنا يتواصل العميل مع أكثر من مستقل والتفاوض معهم لاختيار المستقل الأفضل والذي يمتلك المهارات الأنسب لتنفيذ المشروع. انظر موقع خمسات كمثال على هذا النوع.

khamsat.png

الثاني: يعرض العميل المشروع الذي يرغب أن ينفذه له أحد المستقلين، ليضع المستقلون هنا عروضهم لتنفيذ هذا المشروع، وهذا ما يمكن رؤيته في موقع مستقل الذي يضع فيه العملاء مشاريعهم مع التفاصيل الخاصة بها، ومن ثم يضع المستقلون عروضهم.

mostaql.png

وعليه فإن مهارة عرض عملك وما يمكنك القيام به للعميل هو إحدى الخطوات الهامة والرئيسية التي يجب على كل مستقل أن يتقنها، ويمكن إضافة هذه لتكون تمامًا على ما ذكرناه من قبل حول مهارات التفاوض والتسويق الشخصي معًا.

ذلك أنه عند عرض عملك أو التواصل مع العميل بشأن فرصة أو مشروع معين عبر تقديم عرضك له، يجب أن تقنعه بضرورة اختياره لك من خلال كتابة العرض المناسب لحاجة العميل بطريقة تزيد من احتمال اختياره هو وحده لذلك المشروع، ولا تكون مضللة في نفس الوقت بحيث تعده بشيء لا تستطيع الوفاء به، أو تدعي مهارة أو شهادة ليست عندك.

وهذا العرض الذي تضعه هو العامل الحاسم في إقناع العميل بالعمل، وهو أهم حتى من معرض أعمالك، لأن العميل لن يتكلف عناء البحث عن معرض أعمالك وتصفحه إن لم يجذبه عرضك.

نصائح لكتابة عروض مميزة

والنصائح التي نسردها فيما يلي قد تكون مفيدة لأي أحد سواء لصياغة عرضه في مواقع العمل الحر أو حتى لاستخدامها في تقديم عروض العمل الأخرى خارج المنصة.

النوع الأول: منصات المشاريع

هذا النوع يتقدم فيه أصحاب الطلبات من العملاء بفتح مشاريع يصفون فيها المشروع الذي يرغب أحدهم بتنفيذه، فتعرض أنت كيفية تنفيذك له وميزانيتك ووقتك كذلك.

ربما تجدر الإشارة هنا إلى أن الإرشادات التالية إيجاز لما قد تراه مفصلًا ومشروحًا في مدونة مستقل، فننصحك بالاطلاع على مقالاتها ومتابعتها لتكون مجلتك الدورية لكل جديد في هذا الشأن

1- اختر المشروع المناسب لك

إن اختيار المشروع لا يعني فقط اختيارك للمجال الذي ترغب في العمل ضمنه أي ترجمة أو تصميم أو غير ذلك، بل يعني اختيار المشروع الذي يلائم قدراتك ومهاراتك ويلائم المستوى الذي تعمل به حاليًا ومناسب لأهدافك المرتبطة بمسارك المهني.

2- اقرأ متطلبات العميل بدقة

اقرأ شرح العميل لطبيعة العمل ومتطلباته والمدة الزمنية بهدف الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • هل تتناسب مهاراتي مع متطلبات العميل؟
  • مدة تنفيذ المشروع المناسبة للعميل ولي في نفس الوقت.
  • خطة تنفيذ المشروع
  • الملاحظات والتعليمات التي يرغب العميل بمراعاتها.
  • آلية التسعير المتبعة لتسعير الخدمة المقدمة.
  • السعر المناسب لي كمستقل، وهل يقع ضمن المدى الذي حدده العميل؟

ليس من الضروري أن يكون سعر المستقل مناسبًا للعميل دائمًا، فقد تكون ميزانية العميل محدودة أو أنه غير مطلع على طبيعة العمل المطلوب ومدى صعوبته أو غير مطّلع على الأسعار السائدة في السوق، لذا للمستقل حرية الاختيار فيما إذا كان يرغب بتخفيض سعر الخدمة أم لا.

3- اكتب العرض وحدد مدة التسليم والميزانية

يُفترض بعد إجابتك عن الأسئلة السابقة أن تستطيع كتابة تفاصيل العرض ومدة التسليم وقيمة العرض كذلك، واعلم أن العرض الذي تكتبه يجب أن يحتوي على ما يلي:

  • المهارات التي تملكها ومدى ملاءمتها للمشروع وكيف يمكن أن تنفذ المشروع على أكمل وجه.

  • يُفضل أن تذكر أعمالًا سابقة لك ومشابهة للمشروع الذي يطلبه العميل لتريه أنك تدرك أبعاد المشروع أو الخدمة التي يطلبها، وذكرّه دائمًا بزيارة معرض أعمالك للاطلاع على تلك الأعمال. لكن إن لم تكن لديك هذه الأعمال فلا بأس، رغم تشديدنا على أهمية ذكرها إن كانت موجودة.

  • لا تتردد بسؤال العميل عن أي استفسار بشأن العمل لا يكون العميل قد ذكره، تجنبًا لأي شكل من أشكال سوء الفهم لاحقًا.

  • قد يطلب العميل عينة عن العمل مثل ترجمة جزء من النص المطلوب، فاحرص على تنفيذها إن كان ذلك متاحًا لديك، فهذا يبني الثقة التي يريدها العميل في عملك إن لم تكن عندك أعمال سابقة، لكن انتبه فقد يطلب بعض العملاء عينات كبيرة من العمل بحيث لا يمكن تقديمها مجانًا.

النوع الثاني: منصات الخدمات المصغرة

هذا النوع تكتب أنت فيه الخدمات التي تقدمها وتعرضها بشكل جميل ومنظم وواضح في موقعك أو منصة العمل الحر التي تعمل عليها، وتكون هذه المنصة معدة لذلك كما في حالة موقع خمسات مثلًا إذ يرشدك إلى تفصيل خدماتك التي تقدمها، ويبحث العملاء في الموقع عن الخدمة التي يطلبونها من بين الخيارات المتاحة من قِبل المستقلين، على عكس النوع الأول الذي يكتب فيه العميل تفاصيل مشروعه ويراه المستقلون فيكتبوا عروضهم ليختار منها.

ونستطيع القول أن إرشادات وضع العروض في النوع الأول تصلح هنا أيضًا، مع القول بأن هذه الاعتبارات تأخذها أنت في حسابك مفترضًا سؤال العميل عنها، فتذكرها مسبقًا في الخدمة التي تعرضها، فتذكر اسمها واضحًا غير مبهم، وتذكر ما الذي سيحصل عليه العميل بالضبط من هذه الخدمة.

وكذلك نشير عليك هنا أيضًا بمتابعة المدونة الخاصة بموقع خمسات، إذ فيها نصائح للمستقلين الذين يختارون تقديم الخدمات المصغرة، لتستفيد من مقالاتها ومن تجارب العاملين من المستقلين عليها كذلك.

أخطاء شائعة يجب تجنبها في كتابة العروض للعملاء

1- عدم الكتابة بلغة سليمة مع الكثير من الأخطاء الإملائية واللغوية: لنفترض أنك تعمل في مجال التدوين وكتابة المقالات على سبيل المثال، لكن عرض العمل الذي قدمته مليء بالأخطاء الإملائية، فلا شك هنا أن العميل سيصرف نظره فورًا عن عرضك، فقد خسرت في أول محطة بينك وبينه.

2- مخاطبة العميل بشكل غير مهني أو لائق: نستطيع القول هنا أن تتجنب المبالغة في التبسط مع العميل بأن تستخدم الأسلوب الذي تتبعه مع أصدقائك في المحادثات النصية، فطبيعة العمل مع العملاء تتسم بالرسمية أكثر. وتجنب سؤاله عن أمور شخصية أو التعريض بشيء من ثقافته ودينه، إذ ستتعامل مع أعراق وأجناس مختلفة في منصات العمل الحر، فيحسن بك أن تكون على قدر من المهنية والأخلاق. سنشرح هذه النقطة بمزيد من التفصيل في المقال الخامس: التعامل مع العملاء.

3- استخدام العبارات والكلمات غير المهنية وغير اللائقة بالماهر في مجاله: مثل "اخترني ولن تندم" أو "معك محترف في مجال" وغير ذلك. فالمستقل المحترف سيضيف معرض أعماله ليجعل عمله يتحدث عنه بدلًا من إقناع العميل بهذه الطريقة التي لا تعبّر عن ثقة العميل بعمله واحترافيته.

4- نسخ العرض ذاته لأكثر من عميل، وعدم تخصيص العرض ومحتوياته حسب كل مشروع بشكل منفصل: حيث يعتقد بعض المستقلين بأن العملاء لا يبحثون. تأكد دائمًا أن العميل يحب أن يشعر بأنك توليه حقًا الاهتمام والوقت الكافيين لخدمته التي يطلبها، وذلك يمكن التعبير عنه منذ البداية عند كتابة عرض العمل.

خلاصة المقال

إن دخول السوق والبدء بالعمل يحتاج إلى العديد من المهارات التي يجب على المستقل اكتسابها، لعل أهمها مهارة التسويق الذاتي التي يستطيع المستقل من خلالها إثبات نفسه ولفت النظر إلى وجوده وجودة الخدمات التي يقدمها.

وهكذا، بعد أن اطلعت على كيفية تقييم السوق ومهاراتك، واتخذت القرار المناسب بشأن بدء عملك والانتقال لثقافة العمل الحر، أصبح من الضروري أن تقيم نفسك مرة ثانية وفقًا لذلك، وتعلم كيفية إظهار ذاتك كعميل مميز وقادر على جذب العملاء والتفاوض معهم وأيضاً كيفية إدارة عملك كأي علامة تجارية.

كتبت سارة شهيد المسودة الأولية لهذه المقالة.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...