تزداد أهمية اختبارات الاستخدام في المجالات الموجّهة للمستخدمين الذين يستخدمون منتجاتنا وخدماتنا وتطبيقاتنا، والهدف الأساسي من تلك الاختبارات هو تزويد عملية التصميم ببيانات من منظور المستخدم النهائي End user؛ ذلك أن التصميم المرتكز حول المستخدم يركِّز على التصميم من أجل المستخدم الحقيقي، وتخبرنا اختبارات الاستخدام من هو هذا المستخدم، وكيف يستخدم المنتج، وما الهدف الذي يسعى لتحقيقه.
طوّر الباحثون في مجال تجربة الاستخدام تقنيات عدة على مر السنين الفائتة لاختبار أفكارهم والتأكد من صلاحيتها، وتتنوع تلك الاختبارات من دراسات قابلية الاستخدام في المختبرات إلى تلك التي طُوِّرت حديثًا مثل تقييمات تجربة الاستخدام المفتوحة عبر الإنترنت، واختبارات Guerilla.
تشمل أشهر صور الاختبارات الحالية اختبارات قابلية استخدام Usability Testing، ومجموعات التركيز Focus Groups، واختبارات المرحلة التجريبية Beta Testing، واختبارات A/B، والاستبيانات Surveys. سنتعرض في هذا المقال لخمس أنواع من هذه الاختبارات.
اختبار قابلية الاستخدام Usability Testing
اختبار قابلية استخدام منتج ما هو مشاهدة / متابعة مستخدم حقيقي أثناء استخدام المنتج كي ترى مدى سهولة استخدامه حقيقةً ومدى تلبيته لحاجاته، وهو أفضل طريقة لفهم تجربة المستخدم الحقيقي لمنتجك أو موقعك. وميزة هذا الاختبار أنه يُيَسر عليك تجميع مدى واسع من المعلومات والبيانات عن المستخدمين، إضافة إلى سهولة ربطه بتقنيات وأدوات أخرى، لهذا يعد اختبار قابلية الاستخدام ركنًا أساسية في تجربة المستخدم.
تحديد ما إذا كانت جلسة الاختبار مراقبة أم لا هو أحد أهم القرارات التي ستتّخذها أثناء تنفيذ هذا الاختبار. دعنا نستعرض الحالتين لترى القرار المناسب للحالة التي لديك.
جلسة اختبار قابلية الاستخدام المراقَبة Moderated Usability Testing
تدار جلسات اختبار قابلية الاستخدام المراقبة من قبل محترفين يسعون لتجميع ودراسة تغذية راجعة Feedback من مستخدمين حقيقيين، ويتواجد أولئك المراقبون مع المشاركين في الاختبار سواء مباشرةً أو عن بعد، ليجيبوا عن أسئلتهم ويذللوا لهم أي عقبة قد يواجهونها، ويناقشوهم في أي تغذية راجعة قد يقدمها المشارك في الاختبار. إضافة إلى مشاهدة المستخدمين أثناء استخدام المنتج مع طرح أسئلة أثناء الاختبار لحث المستخدم على الجهر بملاحظاتهم وتساؤلاتهم.
تُعقد اختبارات قابلية الاستخدام المراقبة غالبًا داخل مختبرات (مصدر الصّورة: usabilitygeek)
متى يستخدم هذا الاختبار
ينصح باختبارات قابلية الاستخدام المراقبة أثناء مرحلة التصميم، حين يكون لديك تصميم لم ينتهِ تطويره بعد، فحينها تكون الاختبارات المراقبة وسيلة فعّالة لاكتشاف المشاكل المحتملة للنموذج الأولي الذي لديك عبر مشاهدة ردود أفعال المستخدمين على ذلك النموذج الأولي، الأمر الذي يمكّنك من جمع بيانات أساسية توفر عليك وقتًا في التصميم والتطوير على منتج صعب الاستخدام.
انتبه!
يستطيع المراقب أن يوّجه المشارك في الاختبار للخوض عميقًا داخل المنتج، ويبقيه على الطريق الصحيح، ويساعده في حل أي معضلة تستشكل عليه.
لكن مع كل هذا، يجب ألا ينساق المراقب في هذا الدور إلى حد إخبار المشارك بما عليه فعله، فهناك خط رقيق بين إرشاد المستخدم وبين مساعدته. وبناءً على ذلك، فمن الواجب عليك أن تحقق توازنًا بين الجانبين كي تبقي المشارك في اتجاه تطوير المنتج، دون أن تعبث بتجربته الطبيعية في استخدامه.
اختبار قابلية الاستخدام غير المراقب Unmoderated Remote Usability Testing
على عكس الاختبار السابق الذي توجد فيه مراقبة وإشراف من مطوري المنتج ومصممي تجربة الاستخدام، فهذا يستغني عنهم ليوفّر تجربة سريعة ويعتمد عليها، وقليلة التكلفة في نفس الوقت.
يمكن إجراء اختبار قابلية الاستخدام غير المراقَبة من أي مكان في العالم وفي أي وقت، وبمشاركة أي أحد يطابق المواصفات التي تريدها (حقوق الصورة: UserZoom).
تعتمد هذه الطريقة على استخدام أدوات وبرامج مصممة لاختبار الاستخدام تجمع ملاحظات المستخدمين آليًّا، كما تسجِّل سلوكهم أثناء الاختبار أيضًا.
تطلب الأدوات والمواقع التي تقدم اختبارات قابلية الاستخدام من المشاركين إكمال سلسلة مهام باستخدام المنتج وتسألهم معلومات وملاحظات عن تجربتهم.
مزايا الاختبارات غير المراقبة
يجرّب المشاركون المنتج في بيئاتهم الطبيعية، حيث سيستخدمون المنتج الحقيقي عادة، دون وجود إشراف أو مراقبة، مما يؤدي إلى نتائج أكثر دقة بسبب الاستخدام الطبيعي للمنتج.
يكون الاختبار أقرب إلى استبيان بمهام محددة في الحالات التي تستخدم فيها برامج أو مواقع لمتابعة الاختبار، وهو ما يزيح توترًا من على كاهل المستخدم، حيث يتحرر من القلق بشأن مواعيد انتهاء الاختبار.
يمكن إجراء الاختبار على حالات كثيرة في نفس الوقت، كما أن زمن الاختبار ككل أقصر بكثير من الاختبار العادي، وتستطيع جمع البيانات في بضع ساعات اعتمادًا على حجم العينة التي لديك ومعايير الاختبار.
تكلفة الاختبار قليلة بما أنك لن تحتاج إلى دفع المال للمشاركين أو المراقبين أو حتى لبيئة الاختبار ومعداته، وما عليك سوى وصف مهام الاختبار بوضوح كي تضمن أفضل النتائج بأقل تكلفة ممكنة.
متى تستخدم الاختبار غير المراقب
- حين تحتاج إلى عينة كبيرة كي تثبت استنتاجًا خرجت به من بحثك الأوّلي والذي تم تحت مراقبة مشرفين.
- حين تكون لديك أسئلة محددة عن كيفية استخدام الناس لواجهة منتجك لإنجاز مهام بسيطة وبديهية.
انتبه!
- لا تظنّنّ أن الاختبارات غير المراقبة بديل للاختبارات التي تتم تحت إشراف ومراقبة من مصممي تجربة الاستخدام ومطوري المنتج لديك؛ فالاختبارات غير تستخدم إلى جانب الاختبارات المراقَبة، سواء لتوضيح بعض النتائج التي خرجت من الاختبارات التي تمت تحت إشراف، أو الإجابة على بعض التساؤلات التي قد تكون لدى فريق التطوير أو غير ذلك.
- غياب المراقب يعني سيطرة أقل على الاختبار، ومراقبة أقل لشخص المشارك في الاختبار، ومخاطرة باحتمال ارتباك للمستخدم، لهذا تحتاج أن تضع توقعات واضحة للمشاركين، بأن تجعل المهام واضحة وسهلة الفهم.
- انتبه إلى الوقت الذي يستغرقه المشاركون في الاختبار، يُقتَرح أن يستغرق الاختبار غير المراقب من 15-30 دقيقة، ويكون به 3-5 مهام، إذ أن معدل ترك الاختبار دون إتمامه يزيد إن استغرقت المهام أكثر من ذلك.
مجموعات التركيز Focus Groups
تعد مجموعات التركيز من الطرق المجربة للتواصل بين باحث ما وبين المستخدمين للمنتج، وتتكون الجلسة الواحدة من مجموعة من ستة مستخدمين إلى اثنيْ عشر مستخدما يناقشون المشاكل والتخوفات المحتملة في خصائص واجهة الاستخدام، وتستمر هذه الجلسات لمدة ساعتين في المتوسط لكل جلسة منها، وتدار من قبل مراقب يحافظ على تركيز المجموعة.
متى تستخدم مجموعات التركيز
تسلط مجموعات التركيز الضوء على احتياجات العميل وشعوره تجاه المنتج قبل تصميمه وبعد إطلاقه بفترة كبيرة على السواء، فمثلًا في حالة تصميم موقع أو تطبيق، فإن دور مجموعات التركيز ليس تحديد مدى قابلية التصميم للاستخدام، بل اكتشاف ما الذي يريده المستخدم من المنتج، إضافة إلى تفضيلاتهم الشخصية وخواطرهم أو ملاحظاتهم عن المنتج.
انتبه!
- لا تعتمد بالكامل على مجموعات التركيز في جمع بيانات اختبار العملاء للمنتج، فهي لا تقدم فائدة يعتمد عليها في قابلية الاستخدام، إذ أن المستخدم نادرًا ما يحصل على فرصة اكتشاف المنتج بنفسه.
- يُنصح بإجراء أكثر من جلسة لمجموعات تركيز، إذ أن نتائج الجلسة الواحدة قد لا تمثل الصورة الكاملة.
اختبار المرحلة التجريبية Beta Testing
يسمح لك هذا الاختبار بإخراج منتج شبه مكتمل لأفراد مستعدين لتقديم تغذية راجعة تفيد المنتج، ومن ثم تستطيع سؤالهم بعد حصولهم على المنتج بالفعل، وتتعقب طريقة استخدامهم الطبيعي له، مع طلب الإبلاغ بالأعطال بالطبع.
متى تستخدم اختبار المرحلة التجريبية
حين يكون منتجك شبه مكتمل لكنك تريد وضعه في يد مستخدمين نهائيين لتجمع ملاحظات وتغذية راجعة، وهو أسلوب ممتاز لتسويق منتجك والحصول على نقد بناء في نفس الوقت من أجل تنقيح التصميم وتطوير المنتج بشكل عام.
انتبه!
يجب أن تجري اختبارات كافية قبل إطلاق المنتج للعملاء، فما تريده من عملائك الذين سيختبرون النسخة التجريبية ليس البحث عن الأخطاء والإبلاغ عنها، بل مجرد ملاحظاتهم عن مزايا المنتج، ومدى قابليته للاستخدام.
اختبار A/B
حين يحتار المصممون لديك في اتخاذ قرار بين أحد تصميمين في الواجهة، فإن الاختبار المناسب الذي تجريه في هذه الحالة هو عرض أحد الخياريْن أو التصميميْن عشوائيًّا على مجموعة من المستخدمين، وعرض الخيار الآخر على مجموعة مطابقة لنفس مواصفات المجموعة الأولى من حيث العدد والفئة العمرية، …إلخ؛ ثم استخدام الإحصاءات التي خرجت بها من التجربتين لترى أي خيار أنسب لك.
يسمح لك اختبار A/B بدراسة سلوك المستخدمين وكيف يتصرفون في السيناريوهات المختلفة لاستخدام المنتج.
متى تستخدم اختبار A/B
حين تريد اكتشاف الأثر الذي يحدثه فرق أو اختلاف طفيف في تصميم المنتج، خاصة حين تقارن إصدار المنتج الحالي بإصدار أحدث، لترى أثر التصميم الجديد.
الاستبيانات
الاستبيانات طريقة سهلة لجمع كمية كبيرة من المعلومات عن المستخدمين دون استثمار كثير وقت يذكر، يستطيع الباحث إنشاء استبيان باستخدام أدوات مثل Wufoo، SurveyMonkey، أو Google Forms، ثم يرسلها ويستقبل مئات الردود في بضع دقائق. والمعيار الذي تتبعه في وضع أسئلة الاستبيان هنا هو مدى تغطيتها – أي الأسئلة - لحاجات المستخد ورغباته ومشاكله.
متى تستخدم الاستبيانات
تُراكِم الاستبيانات كميات من البيانات عن الرضى العام للمستخدم، أو تجمع بيانات كمية لدعم نتائج أبحاث تتعلق بالجودة، حيث تحتاج الأخيرة إلى دعائم من تجربة المستخدمين للميزة، إذ لا يكفي أن تكون جيدة فقط، بل يجب أن تلقى قبولًا لدى المستخدمين أيضًا كي لا تكون تكلفة اقتصادي مهدرة.
تتيح الاستبيانات رؤية أثر مئات الردود في نفس الوقت (حقوق الصورة: SurveyMonkey)
انتبه!
- لا تعتمد على الاستبيانات في دراسة سلوك المستخدم.
- قد يبدو إنشاء استبيان لمنتج ما وكأنه أمر هين يتكون من وضع بضعة أسئلة، لكن على خلاف ذلك، فإنه يستغرق وقتًا غير قليل في تحضيره كما يجب، فالأسئلة يجب أن تكون واضحة وتستخلص إجابة شافية من المستخدم، ويجب أن ينشر هذا الاستبيان بعدها في وسط الفئة المناسبة من المستخدمين.
خاتمة
اختبار المستخدم هو ركن أساسي في عملية التصميم، وهو طريقة رائعة لفهم كيف تتفاعل قاعدة المستخدمين مع منتجك، فكما رأيت في هذا المقال أن الأنواع المختلفة من اختبارات قابلية الاستخدام تناسب أهدافًا مختلفة أيضًا من الاختبار نفسه.
لكن على نحو عام، فإن أفضل صورة لاختبار المستخدم يعتمد كلية على ما هو منتجك أصلًا، وما البيانات التي تود معرفتها من المستخدمين بشأنه، وكم من الوقت لديك لتخصصه لهذا الاختبار، لذا فإن الأمر يعود إليك لترى أي طريقة تناسب احتياجاتك من أجل جمع تغذية راجعة مفيدة من تجربة المستخدم لمنتجك.
ترجمة -بتصرف- لمقال The Top 5 User Testing Methods لصاحبه Nick Babich.
حقوق الصورة البارزة محفوظة لـ Freepik
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.