قد يبدو أن مثل هذا العنوان لا يحتاج إلى مقال كامل للحديث عنه، لكن الحقيقة هي أن لقابلية الاستخدام أهمية بالغة في تحسين تجربة المستخدم UX، فهي تساعدك على تصميم موقعك الإلكتروني ليكون ذا فاعلية أكبر، الأمر الذي يزيد من عدد مستخدمي موقعك الإلكتروني إلى حد كبير.
جاء مصطلح "قابلية الاستخدام Usability" ليحُل بديلًا عن المصطلح "سهولة الاستخدام user-friendly" والذي قد عفا عليه الزمن منذ عام 1990. واجه مصطلح "قابلية الاستخدام" صعوبةً في تحديد تعريف له، فقد عُرّف تارةً على أنه سهولة استخدام المنتج بالنظر إلى المنتج بعينه مثل امتلاكه لتصميم مريح، بينما عرّفه آخرون على أنه سهولة استخدام المنتج من وجهة نظر المستخدم، مثل أن يكون راضيًا عن أدائه أو ساخطًا عنه.
يشير مصطلح "قابلية الاستخدام" في الوقت الحالي إلى سهولة استخدام منتج أو موقع إلكتروني، وهو أحد المجالات التي تتفرع عن تصميم تجربة المستخدم UX. وعلى الرغم من أن مصطلحي تصميم تجربة المستخدم وقابلية الاستخدام كانا يُستخدمان سابقًا للغرض ذاته، إلا أنه في يومنا الحالي، تساعد قابلية الاستخدام على تحسين تجربة المستخدم، لكنها لا تقود التجربة بأكملها.
يتحدد مدى كون التصميم قابلًا للاستخدام بالمزايا التي يقدمها للمستخدم، وبالبيئة التي يوفرها في أداء المهام، وتمتلك واجهة المستخدم الجيدة ثلاث خصائص رئيسية يمكن توضيحها في الآتي:
- يجب أن يكون من السهل على المستخدمين التعرف على واجهة المستخدم، وأن يتمكنوا من استخدامها بكفاءة في أول مرة يتصفحون بها الموقع، فإذا أخذنا على سبيل المثال موقعًا إلكترونيًا تابعًا لوكالة سفر، فيجب أن يكون المستخدم قادرًا على التنقل بين الإجراءات بسلاسة ليتمكن من حجز تذكرة سفر بسرعة.
- يجب أن يكون من السهل على المستخدمين تحقيق أهدافهم التي دفعتهم إلى استخدام الموقع، فإذا كان المستخدم يريد حجز تذكرة رحلة على سبيل المثال، فسيرشده التصميم الجيد إلى خطوات شراء تلك التذكرة.
- يجب أن يكون من السهل على المستخدمين تذكر واجهة المستخدم وكيفية استخدامها، لذا فإن التصميم الجيد لموقع وكالة سفر مثلًا، يعني أنه يجب على المستخدم تعلم استخدام الواجهة منذ المرة الأولى التي يزور فيها الموقع.
هذه ليست الخصائص الوحيدة التي تحتاجها لتصميم واجهة سهلة الاستخدام، فهناك أمور أخرى يجب عليك أن تأخذها في الحسبان، مثل أن تكون واجهة موقعك الإلكتروني خاليةً من الأخطاء نسبيًا عند استخدامها.
يمكنك قياس تطور قابلية الاستخدام من خلال موازنة النماذج الأولية لموقعك الإلكتروني مع التصميم النهائي له، ومن المهم أن تحلل تجربة المستخدمين وأن تعرف المشكلات التي يواجهونها في تصميم موقعك الإلكتروني في أقرب وقت ممكن.
يجب عليك أن تضع المستخدم نصب عينيك عندما تريد تصميم موقعك الإلكتروني، فإن كان موقعك الإلكتروني قابلًا للاستخدام، فهذا يعني قدرته على تخطي الاختبارات في أقل عدد ممكن من النقاط السلبية، وإليك بعض العناصر التي يجب أن يمتلكها موقعك الإلكتروني ليكون قابلًا للاستخدام.
عناصر قابلية الاستخدام
علاوةً على اهتمامك بمحتوى موقعك، يجب عليك أن تهتم بتصميم موقعك الإلكتروني وتطويره ليكون قابلًا للاستخدام، وإليك أهم النقاط التي يجب التركيز عليها.
الخادم
تُعَد الخوادم المستخدمة لاستضافة المواقع الإلكترونية واحدةً من أهم الأمور الذي يجب أن تُؤخذ في الحسبان، وهناك عاملان رئيسيان يجب عليك مراعاتهما عند اختيار الخادم:
- سرعة تحميل الموقع: يعتمد ترتيب جوجل للمواقع الإلكترونية في نتائج البحث على العديد من العوامل، ويُعَد عامل سرعة تحميل الموقع أهم هذه العوامل، كما أن لسرعة تحميل الموقع أهميةً كبيرةً في تحسين محركات البحث SEO، إذ ينفر المستخدمين عادةً من المواقع الإلكترونية بطيئة التحميل، لكن الخوادم ليست الوحيدة التي تؤثر على سرعة تحميل الصفحة، إذ يمتلك مصمم الموقع تأثيرًا كببرًا أيضًا، وذلك من خلال الطريقة التي يقدم بها الصور والرسومات وما إلى ذلك.
- تعطّل الموقع: يتعذر الوصول أحيانًا إلى بعض المواقع الإلكترونية نتيجة خلل في الخادم، ومن الإنصاف أن نقول أن معظم المواقع الإلكترونية ستواجه تلك اللحظات، لكن اختيار خادم موثوق سيتيح لك إمكانية تقديم تجربة مستخدم أفضل. وتذكر أن تجربةً واحدةً سيئةً قد تدفع المستخدم إلى تجاهل موقعك الإلكتروني مؤقتًا ومن ثم يعود إليه لاحقًا، ولكن إن تكررت تلك التجربة السيئة مرارًا وتكرارًا، فكن على يقين بأن عيناه لن تبصر موقعك مرةً أخرى.
لغة البرمجة
ركز على أن تستخدم لغة برمجة تُعينك على تقديم تجربة مستخدم أفضل. تستفيد في الوقت الحالي المواقع الإلكترونية المخصصة للهواتف المحمولة فقط من تجربة المستخدم، إذ تساعدها على الحصول على ترتيب عالٍ في مقدمة نتائج البحث، لكن يُتوقع أن ينطبق الأمر مستقبلًا على جميع المواقع الإلكترونية، وإليك بعض الخطوات التي يجب عليك أن تأخذها في الحسبان عند استخدامك لغة البرمجة:
- استخدم النصوص البديلة عن الصور ALT: تُستخدم تلك النصوص جنبًا إلى جنب مع الصور، فهي تتيح لك إمكانية نقل معلومات إضافية حول الصور حينما لا تكون تلك المعلومات جزءًا من النص الرئيسي للصور، وتكمن أهمية تلك النصوص في أنها تساعد محركات البحث على التعرف على محتوى الصور، كما أنها تساعد أصحاب البصر الضعيف على معرفة محتوى الصور.
- صفحة غير موجودة 404: تتعطل الروابط أحيانًا، وخاصةً على المواقع الإلكترونية الكبيرة، ومع ذلك يجب عليك اختبار جميع الروابط بانتظام وإصلاح أي روابط معطلة، فمن الجيد أن تكون لديك خطة عندما يواجه المستخدمون رابطًا معطلًا، وهذه الخطة أن تصمم صفحة "لم يتم العثور على الموقع 404"، إذ تساعدك صفحة 404 المصممة جيدًا على تقديم فكرة إيجابية لزوار موقعك، مما يمنحهم دافعًا للعودة إلى موقعك وتجربته مجددًا، في حين تعطي صفحة 404 الافتراضية انطباعًا سيئًا للمستخدمين عن موقعك، ونادرًا ما يعودون إلى تجربة الوصول إلى موقعك مرةً أخرى.
العوامل المرئية
يُقصد بالعوامل المرئية تلك العوامل التي تؤثر على تجربة المستخدم الإجمالية، والتي تتمتع فيها أنت المصمم بأكبر قدر من التحكم، وإليك بعض النصائح:
- حجم الخط ولونه: اختر الخطوط التي يسهل على المستخدمين قراءتها، لذا يجب عليك أن تختار ألوانًا واضحةً ومتباينةً مع الخلفية، كما يجب عليك أن تختار أحجام خطوط كبيرة ليتمكن المستخدمون من قراءتها بسهولة، وإذا كان بعض مستخدميك من كبار السن أو ضعاف البصر، فاحرص على أن تتخيّر خطوطًا أكبر.
- العلامة التجارية: تساعد العلامة التجارية المستخدمين على معرفة الموقع الذي يتصفحونه، وتُعَد الزاوية العلوية اليمنى من الشاشة، المكان الأمثل لتضع شعار شركتك، إذ يُرجح أن تكون تلك الزاوية أول ما ينظر إليه المستخدمون عندما يقرأون محتوى موقعك من اليمين إلى اليسار.
- ألوان التصميم: يجب أن تختار ألوانًا متسقةً ومناسبةً في شعار علامتك التجارية، مما يمنحه طابعًا جماليًا، كما تساعد الألوان المناسبة على قراءة شعار علامتك التجارية بسهولة.
- التنقل: لكي يحصل المستخدمون على أقصى استفادة من موقعك الإلكتروني، يجب عليك أن تمنحهم إمكانية الانتقال إلى المحتوى الذين يبحثون عنه بسرعة، لذا يجب عليك توفير أنظمة تصفح مفيدة، بما في ذلك ميزة البحث للمواقع الكبيرة.
-
المحتوى: قد يكون مصمم الموقع مسؤولًا عن إنشاء محتوى جيد لموقعك، وقد لا يكون مسؤولًا عن ذلك، ولكن هناك بعض العناصر الأساسية التي تساعدك على تنظيم محتوى موقعك الإلكتروني، والتي يمكن توضيحها في الآتي:
- العناوين: قسّم محتوى موقعك إلى عدة أجزاء من خلال استخدام العناوين الأساسية والعناوين الفرعية وما إلى ذلك، مما يساعد على تقديم محتوى مُنظَّم للمستخدمين، كما تساعدهم العناوين على التنقل بسهولة ضمن المحتوى.
- الفقرات: اجعل الفقرات واضحةً على المستخدمين، وابتعد عن الفقرات الطويلة كونها تجعل القراء يتثاءبون.
أدوات قابلية استخدام
يُعَد اختبار تجربة المستخدم في موقعك الإلكتروني أمرًا سهلًا بفضل الكثير من الأدوات، وهي على ثلاث حالات، فأولها الأدوات مجانية الاستخدام تمامًا، وهي تشكل معظم تلك الأدوات؛ أما الحالة الثانية، فهي الأدوات المجانية لميزات محدودة، والحالة الأخيرة أن تكون الأدوات مدفوعة.
اختر أداةً تناسب موقعك الإلكتروني، ومن ثم دعها تجمع البيانات وتجري الاختبارات حول قابلية الاستخدام في موقعك، وهو ما سيمنحك فكرةً أفضل عن مستخدمي موقعك، ومعرفة الأمور التي تعجبهم، وكذلك الأمور التي لا يحبونها، وإليك بعض الأدوات المفيدة:
- أداة Usabilla: وهي أداة تختبر قابلية الاستخدام في المواقع الإلكترونية، إذ يمكنها توفير المعلومات بناءً على الاستخدام الفعلي لموقعك الحالي.
- أداة WebPage FX: وهي أداة لاختبار قابلية قراءة المحتوى على المواقع الإلكترونية.
- أداة Pingdom: تقدم لك هذه الأداة معلومات عن سرعة الاستجابة في موقعك الإلكتروني.
تجربة المستخدم
سيكون أمرًا رائعًا لو تمكنا من رسم حدود تجربة المستخدم كما لو أنها دولة على الخريطة، لكن لسوء الحظ، فإن الواقع غامض إلى حد ما، فبقدر ما نحب فهم الظواهر وتطبيق القواعد، يجب أن نتذكر أن المستخدمين بشر في نهاية المطاف، إذ يقودهم كل من المنطق والعاطفة لاتخاذ القرارات.
يشعر العديد من المصممين بالارتباك عند محاولة التفريق بين قابلية الاستخدام وبين تجربة المستخدم، والحقيقة أن مصطلح تجربة المستخدم يشمل أمورًا أوسع، وإليك بعضًا من تلك الأمور التي يشملها:
- قابلية الاستخدام: وهو مقياس لقدرة المستخدم على الوصول إلى موقع ما واستخدامه بسهولة وإكمال المهمة التي يريدها. تذكر أنك يجب أن تسعى إلى تصميم موقعك الإلكتروني ليحصل على كثير من الزوار، لا أن تركز على تصميم الصفحة فحسب وافتراض أن الزوار سيأتون لاحقًا.
- محتوى مفيد: يجب أن يتضمن موقعك الإلكتروني معلومات كافيةً وبتنسيق جيد، بحيث يمكن للمستخدمين اتخاذ القرارات المناسبة.
- محتوى ممتع: تأتي أفضل تجارب المستخدمين عندما يتمكن المستخدمون من تكوين علاقة عاطفية مع المنتج أو مع الموقع الإلكتروني، وهذا يعني أنه يجب عليك ألا تكتفي بتقديم معلومات مفيدة، بل يجب أن تكون تلك المعلومات ممتعةً للمستخدمين، فقد يقدم موقع لتعليم اللغة الإنجليزية مثلًا، معلومات مفيدةً للمستخدمين بطريقة تساعدهم على تذكرها، ولكن عندما تكون تلك المعلومات مضحكةً أو ممتعةً أيضًا، فلن يكتفي المستخدمون بتذكرها، بل إنهم سيعودون لتعلم المزيد منها.
- إمكانية الوصول: قد تبدو تجارب الاستخدام محبطةً للغاية بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مستويات مختلفة من الإعاقة، لذا فإن هناك مجموعةً من معايير الوصول التي يجب عليك الالتزام بها، ليتوافق موقعك الإلكتروني مع ضعاف البصر وضعاف السمع وضعاف الحركة، وما إلى ذلك.
- المصداقية: يُعَد بناء الثقة مع مستخدمي موقعك الإلكتروني أمرًا مهمًا في تحسين تجربة المستخدم، ففي كثير من الأحيان يخشى المستخدمون من سرقة بياناتهم أو معلوماتهم الشخصية، ويمكن معالجة هذه المخاوف من خلال اتخاذ بعض الخطوات، مثل إظهار ميزات الأمان التي يمتلكها موقعك، مما يساعد على كسب ثقة المستخدمين.
على أي حال، لقابلية الاستخدام أهمية كبيرة، ولكن يجب عليك مراعاة الخطوات السابقة جنبًا إلى جنب مع قابلية الاستخدام، إذ سيساعدك ذلك على خلق تجربة مستخدم رائعة، وبقدر ما تساعد التصميمات الرسومية والتصميمات التفاعلية والمحتوى الجيد على تحسين تجربة المستخدم، فإن لقابلية الاستخدام ذات الأهمية وذات التأثير.
في الختام
تشير قابلية الاستخدام إلى مدى سهولة تفاعل المستخدم مع موقع إلكتروني أو مع منتج، وهي تندرج ضمن تصميم تجربة المستخدم، ولكنها لا تحدد وحدها تلك التجربة، ويجب على المصممين التركيز على ثلاثة جوانب على وجه الخصوص:
- يجب أن يجد المستخدمون سهولةً في التعامل مع تصميم واجهة موقعك الإلكتروني.
- يجب أن يكونوا قادرين على تحقيق هدفهم بسهولة من خلال استخدام هذا التصميم.
- يجب أن يكونوا قادرين على تعلم الواجهة بسهولة، وأن يتذكروا استخدامها عندما يعودون إليها في الزيارات القادمة.
يجب عليك تحليل تصميم موقعك الإلكتروني عند تحديد قابلية الاستخدام، مع مراعاة كل التفاصيل التي ذكرناها، وذلك بدءًا من إمكانية الوصول ووجود محتوى مفيد وممتع، وصولًا إلى الأمان والحفاظ على الخصوصية. كذلك يجب عليك أن تفهم مستخدمي موقعك الإلكتروني جيدًا، وأن تبحث عن المشكلات التي يواجهونها وأن تسعى لحلها، لذا اسأل نفسك دائمًا:
- هل يجد المستخدمون صعوبةً في قراءة محتوى موقعي الإلكتروني؟
- هل يمكن لهذا المحتوى أن يرسم البسمة على وجوههم؟
- هل سيرغب المستخدمون في العودة إلى موقعي الإلكتروني مرةً أخرى؟
- هل يشعر المستخدمون بالاطمئنان عند استخدام موقعي الإلكتروني؟
يجب عليك أيضًا العثور على خادم موثوق يساعد على تحميل موقعك بسرعة. وعلى مستوى لغة البرمجة HTML، احرص على استخدام النصوص البديلة عن الصور ALT، وصمّم صفحة 404 جيدة في حال تعطل الرابط.
ولا تنسَ في خضم كل هذا الاهتمام بالعوامل المرئية -بما في ذلك ألوان التخطيط وتنسيق المحتوى-، لأن امتلاك موقع جيد المظهر أمر مهم جدًا في تحديد تجربة المستخدم.
في الأخير، اختبر موقعك الإلكتروني مرارًا وتكرارًا، ويمكن الاستعانة بالعديد من الأدوات المجانية عبر الإنترنت، واحذر أن تقلل من قيمة الاختبار وخاصةً في المراحل الأولى من إطلاق موقعك الإلكتروني.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال Usability: A part of the User Experience لصاحبه Mads Soegaard.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.