اذهب إلى المحتوى

إذا كنت قد بدأت للتو رحلتك لتتعلم عملية التفكير التصميمي، فقد تبدو لك الأمور مربكةً بعض الشيء، خصوصًا في البدايات. لذا أعددنا لك في هذا المقال نظرةً عامةً على عملية التفكير التصميمي، بالإضافة إلى بعض أشهر أطر عمل التفكير التصميمي الأكثر استخدامًا من قِبل أشهر شركات التصميم العالمية.

بدايةً دعنا نلقي نظرةً عامةً وسريعةً على المبادئ الأساسية للتفكير التصميمي:

  • يبدأ التفكير التصميمي بمرحلة التعاطف والتركيز البشري العميق، بهدف اكتساب رؤى قد تكشف عن طرق جديدة وغير مكتشفة بعد، بالإضافة إلى مسارات عمل يؤدي اتباعها إلى الوصول إلى الحالات المرغوب ة للأعمال التجارية والمجتمع على نحو عام.
  • تتضمن إعادة صياغة المشكلة المتصورة أو التحدي المطروح والحصول على رؤية من منظور آخر، مما يتيح إمكانية إلقاء نظرة أكثر شموليةً على مسار هذه الحالات المرغوبة.
  • يشجع على العمل الجماعي التعاوني ذو التخصصات المتعددة، للاستفادة من المهارات والشخصيات وأساليب التفكير التي يملكها الأفراد، وذلك من أجل حل مشكلات متعددة الأوجه.
  • يستخدم في البداية أنماطًا متباينةً من التفكير لاستكشاف أكبر عدد ممكن من الاحتمالات، وتأجيل الحكم وخلق مساحة مفتوحة للأفكار لإتاحة أكبر عدد ممكن من الأفكار ووجهات النظر.
  • يستخدم في المرحلة اللاحقة أنماطًا متقاربةً من التفكير لعزل الحلول المحتملة وجمع وصقل الرؤى والأفكار الأكثر نضجًا والتي تمهد الطريق نحو الأمام.
  • يشارك في الاستكشاف المبكر للأفكار المختارة ونمذجة الحلول المحتملة بسرعة لتشجيع التعلم أثناء العمل، بالإضافة إلى السماح باكتساب نظرة ثاقبة إضافية حول جدوى الحلول المقترحة قبل إنفاق الكثير من الوقت أو المال عليها.
  • يختبر النماذج الأولية التي تنجو خلال عمليات التصفية، لإزالة أي مشكلات محتملة.
  • تكرر المراحل المختلفة بحسب ما تقتضيه الضرورة، ويعاد النظر في الأطر الذهنية المتعاطفة، ثم يعاد تعريف التحدي كلما اكتسبت معرفةً ورؤيةً جديدة.
  • تتدرج من أجواء فوضوية وضبابية نحو الوضوح حتى يظهر الحل المرغوب به ذو الدلالة والقابل للتطبيق.

كما رأينا من التعريفات والأوصاف، فإن التفكير التصميمي يختلف فيما يعنيه من شخص لآخر ومن مؤسسة لأخرى، ويستمر هذا الأمر في التنفيذ العملي أيضًا. حيث هناك مجموعة متنوعة من العمليات والتصورات والتي تتراوح عادةً بين 3 و7 خطوات. تجسد كل خطوة أو مرحلة عمليةً واحدةً أو أكثر من المكونات الأساسية للتفكير التصميمي، وهي: إعادة الصياغة والتعاطف والتفكير وبناء النماذج الأولية والاختبار. قد تسمى أطر أو نماذج التنفيذ بأسماء مختلفة أو يكون لها عدد مختلف من المراحل، لكنها تجسد نفس المبادئ المنصوص عليها في النقاط أعلاه.

نمذجة التفكير التصميمي بالاعتماد على مفاهيم التصميم التقليدية

لقد كان التعبير الأولي عن عملية التفكير التصميمي عبارةً عن نسخ مطابقة تقريبًا لمفاهيم عملية التصميم التقليدية، ثم أضيف له لاحقًا مفهوم تعاطف أعمق وأشكال أكثر تحديدًا للتعاون المتعدد التخصصات. وفي كتاب هربرت سيمون الذي صدر في عام 1969 بعنوان The Sciences of the Artificial، ذكر فيه مراحل عملية التصميم وهي: التعريف والبحث والتفكير وبناء النموذج الأولي والاختيار والتنفيذ والتعلم. حيث اعتبرت هذه المراحل أركان عملية التصميم التقليدي لعقود من الزمن.

أشهر أطر عمل التفكير التصميمي

1. القلب العقل اليد

إن عملية التفكير التصميمي هي مزيج يجمع بين القلب والعقل واليد. وهذا يعني أن بداية العملية ستكون مبنيةً على الرؤية والحاجة والعاطفة والشعور، ثم تأتي مرحلة المعالجة المعرفية من أجل التفكير والتقييم، ثم يأتي الغوص في الإبداع العملي عبر اليد. هي عملية شاملة تتطلب مدخلات من جميع مَلَكاتنا حتى تنجح.

2. الغوص العميق

إن مصطلح الغوص العميق أو Deep-Dive هو أول مصطلح جاءت به شركة التصميم العالمية IDEO لتعبر به عن العملية، وذلك أثناء بث حي على قناة ABC في أواخر التسعينيات، حيث تتكون عملية الغوص العميق من الخطوات التالية:

  • الفهم.
  • المراقبة.
  • التصور.
  • التقييم.
  • التنفيذ.

وقد استحوذت شركة Deloitte المتخصصة في مجال تقديم الاستشارات والخدمات المحاسبية على عملية Deep-Dive في عام 2006.

3. مدرسة التصميم في جامعة ستانفورد

01image.png

بدأت مدرسة ستانفورد للتصميم أو كما يطلق عليها d.school، والمعروفة اليوم باسم معهد هاسو بلاتنر للتصميم، بتدريس عملية التفكير التصميمي من خلال الخطوات الثلاث التالية:

  • الفهم.
  • التحسين.
  • التطبيق.

ثم انتقلوا منذ ذلك الحين إلى صياغة ونشر عمليتهم ذات المراحل الخمس الشهيرة، بحيث أصبحت تُستخدم على نطاق واسع. وهي العملية التي نوصي بها أيضًا:

  1. التعاطف.
  2. التعريف.
  3. التفكير.
  4. بناء النموذج الأولي.
  5. الاختبار

تعبر مدرسة d.school عن العملية المكونة من 5 مراحل بمصطلح عدسات التفكير التصميمي Design Thinking Lenses. وقد اختير هذا المصطلح حتى يُنظر إليها على أنها عوامل تمكين أو أنماط تفكير، بدلاً من عدها خطوات خطية ملموسة.

4. عملية التفكير التصميمي من شركة IDEO

تستخدم شركة IDEO عمليةً مختلفة، وعلى الرغم من أنها تتكون من ثلاث مراحل فقط، إلا أنها تغطي إلى حد كبير نفس الأرضية التي تغطيها العمليات الأخرى التي ذكرناها في هذا المقال. وهذه المراحل الثلاث هي:

  • الإلهام: المشكلة أو الفرصة التي تحفز البحث عن حل.
  • التفكير: عملية توليد الأفكار.
  • التنفيذ: المسار الذي يودي من غرفة المشروع إلى السوق.

أصدرت IDEO أيضًا مجموعةً من الطرق الخاصة بها، والتي تغطي أوضاعًا مماثلةً لكل من: تعلم وانظر واسأل وجرّب، مع مجموعة الأساليب الخاصة للحصول على دورة ابتكار كاملة.

5. التصميم المتمحور حول الإنسان HCD

طورت IDEO أيضًا مجموعات أدوات سياقية، والتي أعادت تجميع عمليات التفكير التصميمي، بحيث تركز على بيئة الابتكار الاجتماعي في البلدان النامية. وبسبب ذلك، كانت هناك حاجة إلى تبسيط المصطلحات وجعلها لا تُنسى وإعادة هيكلتها لتناسب أنواع نموذجية من التحديات التي تواجهنا. حيث أعيدت ترجمة مصطلح عملية التصميم المتمحور حول الإنسان Human Centred Design والذي يرمز له بالأحرف HCD ليصبح Hear أي الاستماع، Create أي الإنشاء، Deliver بمعنى التسليم.

الاستماع H

على نحو مشابه للمراحل الأولية لعمليات التفكير التصميمي الأخرى، تتمحور مرحلة الاستماع حول تطوير فهم تعاطفي لفهم احتياجات المستخدمين، بالإضافة إلى تحديد المشكلة التي يحاول الفريق حلها، بحيث يخدم الهدف من الحصول على أساس متين في سياق المشكلة وإعادة صياغتها على نحو كافٍ. في هذه المرحلة من العملية، يحتاج مفكرو التصميم إلى:

  • تحديد التحدي الخاص بهم.
  • التعرف على المعلومات الحالية في التحدي.
  • تحديد الأشخاص من أجل التفاعل معهم لفهم الجانب الإنساني الأعمق من التحدي.
  • التفاعل في مجموعة من الأنشطة البحثية لكشف الرؤى البشرية الكافية.
  • تطوير وجهات نظر لتوجيه مرحلة إنشاء الحلول.

الإنشاء C

على نحو مشابه لمرحلتي التفكير وبناء النموذج الأولي في نهج مدرسة ستانفورد للتصميم والمكون من 5 مراحل، فإن مرحلة الإنشاء هنا تهتم بالاستكشاف والتجريب والتعلم عبر التصنيع، حيث أنها تنطوي على تحديد مجالات الاستكشاف المحتملة، ثم إشراك الأشخاص الأقرب إلى المشكلة في عملية إيجاد الحلول، وهذا يسمح لفرق التصميم بالحفاظ على أعلى مستويات من التعاطف خلال مراحل التصميم الأولية، بالإضافة إلى التخلص من الافتراضات الإشكالية المحتملة التي وضعها المصممون الذين لم يفهموا سياق المشكلة على نحو كافٍ.

  • إلقاء الضوء على الفرص من أجل استكشافها بواسطة الرؤى المكتسبة في مرحلة الاستماع.
  • تجنيد المشاركين من أجل مهمة التصميم المشترك عبر اختيارهم من مجموعة متنوعة من المتأثرين.
  • الحفاظ على وعي بالحساسيات المحتملة عن طريق تجنب إلقاء الأحكام.
  • تشجيع السرد القصصي والتعبير.
  • تسهيل عملية إنشاء حل ملموس.

التسليم D

تتمحور مرحلة التسليم حول التنفيذ اللوجستي والتغلب على أي عقبات قد تكون موجودة عند طرح حل ضمن السياق المطلوب. وعلى الرغم من أن الحلول المطروحة يمكن أن توفر تصحيحًا وظيفيًا لمشكلة ما، إلا أن الوصول إلى المجتمعات المحلية وتجاوز أي عقبات أخرى أثناء التنفيذ يعد أمرًا ضروريًا لإتمام العملية بنجاح.

6. مجلس التصميم في المملكة المتحدة

إن مجلس التصميم في المملكة المتحدة Design Council of the UK هو مؤسسة خيرية تعنى في مجال تقديم استشارات وبرامج في مجال التصميم وتطوير الأعمال، حيث ارتأت أن تستقر على أربعة مصطلحات تبدأ جميعها بحرف D وبسبب ذلك أطلقوا عليها اسم 4 D's، وهي: Discover أي اكتشف وDefine حدد وDevelop طوّر، Deliver وتعني التسليم. بحيث يستفيدون من مخطط عملية الماسة المزدوجة Double Diamond process للإشارة إلى دورتي التباعد والتقارب.

إن مصطلح الماسة المزدوجة Double Diamond هو اسم أطلق على نموذج عملية التصميم الذي اشتهر به مجلس التصميم البريطاني في عام 2005، وقد تم اقتباسه وتعديله من نموذج التباعد والتقارب (والذي سنشرحه لك في الفقرة التالية) الذي اقترحه اللغوي المجري الأمريكي Béla H. Bánáthy في عام 1996.

أما طريقة التباعد والتقارب The diverge-and-converge collaboration method فهي تتكون من مرحلتين أولاهما هي مرحلة التباعد، والتي يعمل خلالها أعضاء الفريق على نحو مستقل للتفكير والمجيء برؤى فردية، ثم تأتي بعدها مرحلة التقارب، ليناقشوا بها النتائج التي أنتجت خلال مرحلة التباعد، ضمن مجموعة واحدة تجمع جميع أعضاء الفريق من أجل اتخاذ قرار بشأن بعض المخرجات الجماعية.

7. شركة Frog Design الألمانية

استبدلت ثلاثة من المصطلحات التي تبدأ بالحرف D وهي Discover الاكتشاف وDesign أي التصميم وDeliver بمعنى التسليم. لتصبح Explore استكشاف وConverge أي التقارب وSupport بمعنى الدعم، لتشير بذلك إلى التركيز على أكثر من مجرد العمل على مشاريع أو منتجات محدودة، بل لتكون علاقة دائمة مع عملائهم حتى بعد تاريخ التسليم.

8. الأسئلة الأربعة

يقدم كتاب Designing for Growth لمؤلفيه جين ليدتكا وتيم أوجيلفي، مسارًا فريدًا آخر، بحيث أعاد صياغة المصطلحات لتكون على هيئة أربعة أسئلة تبدأ بكلمة What وتسمى 4 What، فيضاف إليها جرعة أكبر من الفضولية والبديهية. جين ليدتكا أستاذة إدارة الأعمال في كلية داردن بجامعة فيرجينيا، بينما تيم أوجيلفي هو مؤسس شركة الاستشارات المبتكرة بير انسايت، وكلاهما خبيران في التفكير التصميمي والتفكير الاستراتيجي. تتضمن عملية 4W التي قدموها السؤال بأربعة أسئلة:

  • ما هو؟ أي استكشاف الواقع الحالي.
  • ماذا لو؟ أي تصور مستقبل أو مسار بديل.
  • ما الأمور التي تذهل؟ أي طلب آراء من المستخدمين لمساعدتنا في اتخاذ بعض الخيارات الصعبة.
  • ما الذي سيعمل في حالتنا؟ أي جعلها تعمل وتعطي نتائج في السوق وكعمل تجاري.

02image.png

تعرض هذه الصورة الأسئلة الأربعة التي تبدأ بكلمة What

9. نظام LUMA

إن معهد LUMA هو شركة عالمية تدرس الابتكار والتصميم المتمحور حول الإنسان، وقد وضعت تعبيرًا خاصًا بها لتعبر به عن أوضاع التفكير التصميمي وهي: Looking المظهر وUnderstanding الفهم وMaking الصنع. يأتي هذا عبر سلسلة من الخطوات لكل وضع من الأوضاع الثلاثة مع دليل مستخدم يشرح كل منها، بحيث يسمح خلط هذه الأوضاع بإعادة خلط مجموعة واسعة من العمليات لتناسب احتياجاتك.

03image.png

توضح هذه الصورة العمليات الفرعية مع دليل مستخدم لكل وضع من الأوضاع الثلاثة (Looking المظهر - Understanding - Making)

في الختام

يطول الحديث عن موضوعنا هذا وقد تقضي أسابيع عديدة تستكشف عمليات التفكير التصميمي والاختلافات والتشابهات بينها ومزاياها المتنوعة، لكن من المهم بالنسبة لنا أننا قد وضعناك على بداية الطريق الصحيح لتفهم الأساسيات، فمن يسمع عن التفكير التصميمي للوهلة الأولى، يعتقد أنها عملية غامضة وفوضوية ومعقدة. ولكنه عبارة عن نظام ينمو داخلك عبر الممارسة المباشرة. وأفضل طرق التعلم هي الطرق العملية، والتي لا يمكن لأي خبرة نظرية أن تنافس الثقة التي تحصل عليها مع كل تجربة جديدة. قد يخطر على بالك أن تطور تعبيرك الخاص عن هذه الخطوات والأوضاع والمراحل لتكون في سياق جديد كليًا، وهذا هو أحد جماليات التفكير التصميمي التي تمسح لك بذلك.

ترجمة وبتصرّف للمقال 03 Design Thinking: A Quick Overview لصاحبيه Rikke Friis Dam  وTeo Yu Siang.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...