اذهب إلى المحتوى

كيف يمكن تطبيق الاحتكاك الإيجابي لتحسين تجربة المستخدم


Ahmed Abdelhamid5

في حين أنك تريد عادةً تقليل الاحتكاك في تجربة المستخدم، إلا أنّ إضافته قد تُحسن تجربة المستخدم وتُخرج تصميمًا جيدًا في كثير من الأحيان. يعرّف الباحثون في كلية لندن الجامعية الاحتكاك الإيجابي بأنه احتكاك "إمكانية تعطيل التفاعل التلقائي العشوائي، مما يزيد لحظات التفكير والتفاعل بوعي أفضل". قد يبدو هذا التعريف صعبًا، لكن لا داعي للقلق، إذ سنوضح الأمر فيما يلي.

تعريف الاحتكاك

يُشير الاحتكاك إلى نقاط تظهر أثناء تفاعل المستخدم فتُصعب عليه إتمام مهمة أو تحقيق هدف، مما يؤدي عادةً إلى تجربة مستخدم سيئة، وهذا ما يضطر المستخدمين لاتخاذ تدابير إضافية وقضاء أوقات انتظار لا داعي لها أو مربكة. هل جلست ذات مرة تُحدق في صفحة ويب فارغة منتظرًا تحميلها؟ أو هل كنت مضطرًا للنقر باستمرار على خمس صفحات لمجرد إلغاء الاشتراك في خدمة؟ هذا هو الاحتكاك.

الاحتكاك الإيجابي

يُقصد بالاحتكاك الإيجابي، إدراج خطوات إضافية تُعزز استفادة المستخدم، إذ ينبه الاحتكاك الإيجابي المستخدم حينما يُصدر أمرًا مهمًا أثناء التفاعل -وهو في وضع اللاوعي-، ويُبين عواقبه المحتملة؛ والغاية من ذلك التنبيه هي الحيلولة دون ارتكاب المستخدمين للأخطاء، والسماح لهم بالتحكم مجددًا ومنحهم فرصةً للتعلم أو لتغيير السلوكيات، وإليك أمثلةً على الاحتكاك الإيجابي:

تأكيد الأوامر المهمة أو التحقق منها

تشغلك حياتك لدرجة أنها تجعلك تنقر تلقائيًا على بعض أزرار لوحة المفاتيح، أو تضغط عليها لتصدر أمرًا ما دون أن تفكر مليًا، ولا ريب أنك تريد من مستخدميك تجنب ذلك لا سيما عند إصدار أوامر لا رجعة فيها (أو من الصعوبة بمكان التراجع عنها)، مثل معاملاتك المالية أو الخروج من لعبة فيديو دون حفظ مستوى تقدمك أو إرسال بريد إلكتروني إلى عميلك دون إرفاق المستند الذي نوهت عنه في رسالتك السابقة.

002_الاحتكاك الإيجابي_رسالة البريد الإلكتروني.png

تستعرض الصورة تنبيهًا منبثقًا من البريد الإلكتروني جيميل Gmail يطلب من المستخدم تأكيد ما إذا كان يرغب في إرسال الرسالة دون أي مرفقات. كم مرة أرسلت رسالة بريد إلكتروني ثم أدركت أنك نسيت إرفاق المستند المطلوب؟ يساعدك الاحتكاك الإيجابي في جوجل Google ويوفر عليك إرسال رسالة أخرى محرجة للاعتذار بسبب نسيان إرفاق الملف.

وللحيلولة دون نسيانك، أضافت منصات البريد الإلكتروني مثل أوتلوك Outlook وجيميل Gmail، احتكاكًا إيجابيًا يُظهر رسالةً منبثقةً تُذكرك أنك نسيت إضافة مرفق بمجرد النقر على زر الإرسال.

وتَبرُز أهمية تأكيد الأوامر عند مباشرة المعاملات المالية، لذلك تحرص التطبيقات المصرفية ومنصات التجارة الإلكترونية على منح عملائها فرصةً لمراجعة موجز الطلب أو المعاملة في نهاية العملية، وذلك لإعادة التحقق من تفاصيل الدفع سواءٌ من تطابق القيمة المالية أو من عدد العناصر المطلوبة.

يكفي أن تعرف أنّ الاحتكاك الإيجابي يحميك من ألم الصداع عندما تريد استرداد مدفوعاتك الزائدة أو استرجاع ما اشتريته بالخطأ. لذا تهدف العديد من منصات التجارة الإلكترونية إلى التخلص من "الاحتكاك" قدر الإمكان، مع الحفاظ على "الاحتكاك الإيجابي"، وتُظهر منصة شوبيفاي Shopify صفحة مراجعة واحدةً بها حقول منسدلة لإدخال التفاصيل وبها موجز الطلب، ويظهر زر "ادفع الآن" في أسفل الصفحة المتجاوبة مع الهاتف المحمول، وذلك بدلًا من إرباك المستخدمين بالنقر على صفحات متعددة.

003_منصة شوبيفاي Shopify صفحة مراجعة واحدة.png

أغراض الصحة والرفاهية والتغييرات السلوكية

يستطيع المصممون تطبيق الاحتكاك الإيجابي للحفاظ على صحة المستخدمين ورفاهيتهم وتحفيزهم على التغييرات السلوكية. في عام 2017، وضع بنك مونزو Monzo -وهو بنك جديد في المملكة المتحدة- خططًا لتطبيق خاصية الحد من التبذير، لا سيما في وقت متأخر من الليل، ويتبع هذا المبدأ الدراسة التي أجراها معهد سياسات المال والصحة العقلية، والتي خلُصت إلى أنّ العديد من المستخدمين الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب يميلون إلى التبذير أثناء تعرضهم لحالة من الهوس خلال الليل.

004_خاصية بنك مونزو Monzo  للحد من التبذير.png

تسمح العديد من التطبيقات للمستخدمين بوضع قيود للتحكم في نشاطهم، مثل المدة التي يقضونها في مشاهدة مقاطع الفيديو، أو في تصفح صفحاتهم على السوشيال ميديا، وتتلخص خاصية بنك مونزو في السماح للمستخدمين بمراجعة ما ينفقونه في وقت متأخر من الليل أثناء اليوم التالي.

بمجرد فتح التطبيق، تطلب خاصية بنك مونزو Monzo من المستخدم مراجعة ما اشتراه في وقت متأخر من الليل، وتُتيح له خيار إلغاء المعاملات في صباح اليوم التالي كلما أمكن. وعلى الرغم من أنّ بنك مونزو Monzo لم يطبق تلك الخاصية مطلقًا، إلا أن خطوات التأكيد الإضافية كانت تحمي المستخدمين؛ إما بطريقة سهلة هي إيقاف عمليات الشراء غير الضرورية، أو برسالة تذكيرية تجدي نفعًا عند طلب استرداد الأموال عاجلًا وليس آجلًا.

ومن المُحتمل أن يساعد الاحتكاك الإيجابي في الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة، خصوصًا مع الانتشار المتزايد للعمل من المنزل، ونظرًا لوجود حواسيب العمل في المنزل وحرص معظم الأشخاص على المصادقة بين بريدهم المهني وتطبيقات المراسلة في هواتفهم الشخصية، أصبح "تنبيه" إشعارات العمل كافيًا لتشتيت الأشخاص عن استغلال وقتهم، وذلك حتى لو تجاهلوها، إذ تظل أذهانهم مشتَّتةً ولو للحظة! بينما يمكن أن يتسبب تعطيل الإشعارات إلى التوتر والتساؤل: ماذا لو احتاج إليك شخص يتعرض لظرف طارئ؟

استخدم تطبيق سلاك Slack للمراسلة حلًا مماثلًا يسمح للمستخدمين بمعرفة ما إذا كان الشخص الذي يحاولون مراسلته قد عطّل استلام الإشعارات، ويستفسر منهم عما إذا كانوا يريدون إخطاره بالرسالة على أي حال، فإذا كان الأمر ضروريًا، أتاح للمستخدمين إرسال إشعار، وعدا ذلك يساعدهم الاحتكاك الإيجابي في معرفة وقت راحة هذا الشخص، وإمكانية تأجيل الرد حتى اليوم التالي كما في معظم الأحيان.

006_تطبيق سلاك Slack للمراسلة_الاحتكاك الإيجابي.png

تُظهر واجهة سلاك Slack رسالةً من Slackbot تسأل المستخدم عما إذا كان يرغب في إرسال الإشعار على الرغم من أنّ المستلم قد عطل وصولها إليه.

لقد أُهمل خلال مدة طويلة، استخدام الوسائل الرقمية والاحتكاك الإيجابي للتخلص من بعض العادات السيئة مثل التدخين، وانتقلت العديد من الأماكن العامة من مرحلة إعادة التصميم لفصل منطقة المدخنين، إلى حظر التدخين نهائيًا. يوضح الرسم البياني التالي التأثير الطفيف للمعلومات المنشورة بشأن المخاوف الصحية، كما يوضح ما شهدته حكومة الولايات المتحدة من انخفاض ملحوظ في استهلاك السجائر عندما طُبق الاحتكاك الإيجابي لحظر التدخين وزيادة الضرائب.

007_رسم بياني يوضح الانخفاض الملحوظ في استهلاك السجائر بمجرد تطبيق الاحتكاك الإيجابي.png.jpg

رسم بياني يوضح ارتفاع استهلاك البالغين للسجائر حتى عقد الثمانينيات

وعلى نفس المنوال، نجحت شركة جوجل في تشجيع موظفيها على تناول وجبات صحية من مطبخ الشركة بعدما "أخفت" الحلوى في عبوات غير شفافة، ووضعت الفاكهة في عبوات زجاجية، كما يوضح كتاب قواعد العمل Work Rules للكاتب لازلو بوك Laszlo Bock.

تعزيز أمان الحسابات

يمنع الأمن السيبراني دائمًا أخطارًا متزايدةً، فقد ظهر أسلوب الاستيثاق بعاملين، إذ لم يعد تسجيل الدخول بكلمة مرور كافيًا، لذا يجب عليك، عندما تحاول الوصول إلى حسابك ولا سيما إذا كان يحتوي على معلومات سرية، تأكيد هويتك بإدخال رمز يُرسل إليك عبر البريد الإلكتروني أو عبر رسالة نصية أو إشعارات التطبيق.

008_أسلوب الاستيثاق بعاملين لحساب Google.png

يقدم البريد الإلكتروني جيميل Gmail مجموعةً متنوعةً من خيارات الاستيثاق بعاملين لتعزيز أمان الحسابات، وربما تحتاج إلى إدخال رمز الاستيثاق لمرة واحدة أو قبول إشعار أو إدخال رقم النسخ الاحتياطي.

تطلب منك التطبيقات المثبتة على هاتفك عادةً توثيق الهوية بتأكيد القياسات الحيوية، أي بمطابقة بصمة إصبعك أو صوتك أو وجهك، بدلًا من استخدام وسيلة ثانوية لإرسال رمز إلى هاتفك، ويُعَد هذا التوثيق أسرع قليلًا، إلا أنه لا يزال من صور الاحتكاك الإيجابي.

تقليل وقت الانتظار

تلقى مطار هيوستن قبل سنوات شكاوى عديدةً بشأن فترات الانتظار الطويلة أثناء تفتيش الأمتعة، وظلت الشكاوى تنهال حتى بعد تقليل أوقات الانتظار إلى ثماني دقائق حسب المعايير المعمول بها في هذا القطاع. وبعد إجراء استقصاء، أظهرت النتائج أنّ الركاب لا يستغرقون سوى دقيقة يسيرون خلالها من البوابة إلى منطقة تفتيش الأمتعة التي يتعين عليهم الانتظار أمامها لمدة سبع دقائق منتظرين استلام حقائبهم، وقد اتضحت المشكلة، ألا وهي اضطرار الناس إلى الانتظار دون فعل شيء وشعورهم أنّ الوقت ينقضي بوتيرة أبطأ، بينما يشعرون أنّ الوقت ينقضي بسرعة إذا انخرطوا في نشاط معين. لذلك قررت إدارة مطار هيوستن نقل بوابة الوصول بعيدًا عن المبنى الرئيسي ووضع الحقائب على أبعد سير حقائب، مما أدى إلى زيادة مدة المشي إلى ست دقائق وتقليل وقت الانتظار إلى دقيقتين فقط، ثمّ انخفض عدد الشكاوى انخفاضًا ملحوظًا لأن الوقت الذي يقضيه المسافرون في الانتظار أصبح أقل مما يتخيلون.

ينطبق مبدأ وقت الانتظار على الأوقات المستغرقة أثناء تحميل مواقع الويب أو التطبيقات، أو أي وضع يجبر المستخدمين على الانتظار دون تفاعل، لذا تضيف العديد من المواقع أو التطبيقات رسومًا متحركةً أو مؤشرات أو رسائل أثناء تحميل المحتوى، مما قد يُثير انتباهك لفترة وجيزة، فينقضي وقت الانتظار أسرع مما لو كنت تُحدق في صفحة فارغة.

009_ استراتيجية سلاك تقليل وقت الانتظار على المستخدمين.png

يُظهر سلاك Slack للمستخدمين اقتباسًا أو رسالةً من Slackbot ومؤشرًا دائريًا يُوضح مستوى التحميل، بالإضافة إلى معاينة واجهة المستخدم يمين وأعلى الصفحة، وذلك لتقليل وقت الانتظار على المستخدمين.

إتاحة فرص تعليمية

جُبل البشر على حب تعلم أشياء جديدة، وبدونه ربما نصبح أغبياء وكسولين مثل مجتمع الإيلوي في رواية آلة الزمن للكاتب هربرت جورج ويلز.

تُستخدم أشهر أنواع الاحتكاك الإيجابي -ألا وهو الدروس التعليمية- في ألعاب الفيديو، فبدلًا من ترك مقاليد الأمر لك من البداية وتعزيز جميع قدراتك؛ ستطلب منك الألعاب أولًا أن تجتاز مستوًى مبتدئًا أو منطقةً سهلةً مصممةً بعناية لتعريفك بأبسط آليات اللعب.

وينطبق المبدأ ذاته عند تنزيل تطبيق جديد، فغالبًا ما تتضمن التطبيقات تدفقًا داخليًا يشرح أهم عناصر واجهة المستخدم واحدًا تلو الآخر، ويمكنك في كثير من الأحيان تخطي الدروس التعليمية أو النقر عليها بسرعة، كما يمكنك إزالة الاحتكاك؛ ولكن احذر هنا من إزالة باقي عناصر التحميل المعرفي، فقد تضطر إلى التعامل مع التطبيق بناءً على معرفتك المحدودة.

موازنة مناطق الاحتكاك الرمادية بالاحتكاك الإيجابي

في عام 2018، كتب كاس سونستاين Cass Sunstein -وهو أحد واضعي المفهوم الشائع الوكزة nudge في علم الاقتصاد السلوكي- مقالًا عن كدارة الإجراءات sludge التوأم الشرير للوكزة nudge، وفي معظم الأحيان، يُستخدم مصطلح كدارة الإجراءات sludge لوصف الاحتكاك.

بدأ سونستاين مقاله بما فرضته الحكومة الأمريكية 9.78 مليار ساعة من الأعمال المكتبية في عام 2015 للحصول على تراخيص ومزايا مهمة، وقد زعم سونستاين أنّ معظم المواطنين لن يستكملوا الأعمال المكتبية بسبب التحيزات السلوكية للبشر، وبالتالي لن يحصلوا على منتجات وخدمات قد تُغير حياتهم.

وعلى الرغم من سهولة الحصول على المزايا، إلا أنه من المُحتمل حرمان ذوي الحاجة الماسة بسبب إقبال الأشخاص غير المحتاجين على تقديم طلبات الحصول على تلك المزايا، وبالتالي يُحرم المحتاج إلى المال لعدم قناعة غير المستحِقين.

في هذه الحالة، يمكن المفاضلة بين زيادة المنتجات والخدمات المحتمَل الحصول عليها، وبين إضافة ما يكفي من الاحتكاك لمنع أي شخص غير مستحِق يقدم طلب الحصول عليها، لذا يستحسن التضحية بتجربة مستخدم جيدة تحقيقًا للمصلحة العامة، وهذا الحل ليس مثاليًا على الإطلاق، لأن ذوي الحاجة الماسة إليها يجب أن يواجهوا تحدي استيفاء الأعمال المكتبية، إلا أنه يظل حلًا مؤقتًا لحين سنّ تشريع أفضل يضمن حصول المستحقين على المزايا (تحدٍّ تصميمي في حد ذاته).

الخلاصة

يمكن أن يساهم إضافة الاحتكاك الإيجابي إلى تجربة المستخدم على الصعيدين الرقمي والواقعي، فعند تصميم الاحتكاك الإيجابي جيدًا، سيجعلنا هذا أكثر إدراكًا لأفعالنا ويُتيح لنا فرصًا تعليميةً.

إذا كنت تخطط لدمج الاحتكاك في تصميمك، فعليك تأمل الأسئلة التالية:

هل الاحتكاك:

  1. يمنع الأخطاء التي قد يرتكبها المستخدم عند عدم دمجه؟
  2. يحدث تغييرات سلوكيةً إيجابيةً؟
  3. يحمي حساب المستخدم أو بياناته؟
  4. يجعل المستخدم يشعر وكأن أوقات الانتظار تنقضي أسرع؟
  5. يُتيح للمستخدم فرصةً للتعلم؟

إذا كانت الإجابة على أي من هذه الأسئلة بنعم، فعليك تضمين الاحتكاك في تصاميمك، وتذكر أنه إذا لم تحسن تضمين الاحتكاك، فسيحظى المستخدم بتجربة سيئة، لذا ينبغي لك إجراء بحث المستخدم واختبار كل قرار تصميمي باستفاضة قبل إطلاق تجربة تضمين.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Positive Friction: How You Can Use It to Create Better Experiences لصاحبه Sandro Spano.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...