إنّ اختراع طابعة جوتنبيرج Johannes Gutenberg القابلة للتحريك يُعتبر طفرة كبيرة في مجال نشر المعلومات من شخص إلى آخر، ومن جيلٍ إلى آخر. وقد ازدهرت اكتشافاتٌ أخرى بعد هذا الاختراع الهامّ، . وبطبيعة الحال، لن يكون بالإمكان اختراع الطباعة بدون اختراع طابعة جوتنبيرج، ولأصبحت جميع تلك الاختراعات طي النسيان، من ضمنها الأنترنت الذي يعتبر من أكثر الاختراعات المُعوّل عليها التي صنعها الإنسان قط.
إنّ اختراع الطباعة يُعتبر الأب غير الرسميّ للتكنولوجيا، سواءً اعترفنا بذلك أم لا. وبدون الطباعة ستقتصر التكنولوجيا على التطوير الميكانيكي. وكذا البرامج؛ ربّما ما كانت لتوجد، ولكان العالم مكانًا أكثر عتمة. لقد أنقد الاختراع المذهل لطابعة جوتنبيرج القابلة للتحريك البشرية، وبحق، من الانحدار إلى ظلمات الجهل.
هذا هو السبب الذي يُحتّم على مصمّمي المواقع معرفة أهميّة النصوص. وبالرغم من أن الوسائط الإعلامية المطبوعة تُعتبر مقبلة على الانقراض، ألا إنّ مصمّمي ومطوّري المواقع لم يضعوا أهمية النص في نشر المعلومات موضع الإشْكال. ما تزال الكلمات هي الوسيلة الرئيسية في نشر المعلومات مهما بدت منسيّة، وما تزال تمتلك القدرة على إيصال المعلومات، التأثير، والإيحاء. ولهذا السبب يحاول عدد كبير من الخبراء على الانترنت تعظيم قوّة النصوص. فهم يحاولون دمج النصوص مع الأوساط الناشئة لغرض الاستفادة الكاملة من قدراتها، وهذا يقود في النهاية إلى فن تنسيق النصوص Typography (يُعرف أيضًا بفن الطباعة).
تصِف مجلّة Smashing Magazine فن تنسيق النصوص بأنّه روح التصميم. ويشتمل هذا الفن على الاختيار المناسب للخطوط، محاذاة النصوص مع بعضها، وتنسيقها وفق نمط معيّن لغرض خلق تأثير أفضل، لكي يخدم التصميم الهدف الذي صُمّمَ من أجله بشكل أفضل. يمكن لفن التنسيق أن يجلب الحياة إلى النصوص الجرداء. وقد تطوّر هذا الفن تبعًا لازدهار العصر الرقميّ. اليوم، أصبح فنّ تجميل الحروف يتضمّن مجموعة واسعة من الموضوعات والتطبيقات من واقع الحياة. كما إنّ فنانيّ تنسيق النصوص يركّزون على المفهوم التواصلي من هذا الفن، جاعِلين إياه أسهل للقراءة، أسهل للتمييز، قابلًا للبيع، وبالطبع أكثر إثارة للاهتمام. نحن نُصادف هذا الفن في حياتنا كلّ يومٍ تقريبًا؛ في الكتب التي نقرأها، أو في الصحيفة التي يتصفّحها شخص جالسٌ بجانبنا، في الإعلانات، في الإنترنت، في الإشارات في الشارع؛ في كلّ مكان. إنّ أهمية فن تنسيق النصوص تتسع أكثر وأكثر كلّما تطوّر استخدام هذا الفن في مخططات التصميم.
قد يكون من السهل بمكان أن تدرس فن تنسيق النصوص. ربّما يقول البعض: "إنّها مجرّد حروف؛ كيف يكون الأمر صَعبًا؟"، لكن مهما بدا سهلًا، فإنهّ يبقى فنًّا صعبًا جدّاً للاحتراف. يواجه معظم المصمّمون صعوبات في محاولة إتقان مهارات هذا الفن، حتّى إنّ بعضهم ينفق مبالغ كبيرة من المال في سبيل ذلك، وفي النهاية لا يفلحون. نعم، الأمر محبطٌ في بعض الأحيان، لكنّ دراسة هذا الفن وإتقانه هي من الفرص الرائعة لاكتسابها ومعرفتها.
وبطبيعة الحال، لن تتعلم فن تنسيق النصوص ما لم تبدأ بالتعلّم، وأفضل وقت لفعل ذلك هو الآن.
وهنا تبرز الحاجة الضرورية إلى مناقشة ما يجب تجنّبه في هذا الفن، لأن فن تنسيق النصوص هو مجالٌ معقّدٌ جدًّا.
إذًا، ما الذي يجب عليك تجنّبه؟
لا تستخدم العديد من عائلات الخطوط typefaces في صفحة واحدة
بالتأكيد يمتلك الجميع ما يفوق الآلاف من أنواع الخطوط محفوظةً على الأقراص الصلبة، ويمكن الجزم بأنّ أغلبنا يرغب باستخدامها، أليس كذلك؟ لكن دعوني أخفّف من حماسكم بهذا التذكير؛ استخدم أقل عدد ممكن من أنواع الخطوط في الصفحة. عندما تحتوي الصفحة على العديد من أنواع الخطوط التي لا قيمة لها سيؤدّي ذلك إلى عدم التناسق في نمط التصميم، ويمكن أن يسبب ذلك صعوبة للقرّاء عند القراءة. تصوّر الأمر بهذه الطريقة، إذا قمت بشراء أنواعٍ عديدةٍ من الأطعمة من المتجر، هل تقوم بأكلها جميعها دفعة واحدة؟
لا تستخدم خطوط Serif وSans Serif بدل بعضهما البعض
يميل معظم الأشخاص إلى استخدام الخطوط من عائلتي Serif وSans Serif بشكل متبادل (interchangeably). وفي الحقيقة، إن القيام بذلك قد يؤثر في سهولة قراءة الصفحة. تستخدم خطوط عائلة Sans Serif للصفحات التي يُفترض رؤيتها من بعيد، لأن هذه الخطوط سهلة القراءة حتّى من مسافات بعيدة جدًّا. بينما تُستخدم خطوط عائلة Serif في أعمال القراءة الخاصّة. وهذا هو السبب الذي يجعل معظم الكتب تُكتب بخطوط Serif.
لا تستخدم الحروف الكبيرة caps دائمًا
WHAT DO YOU FEEL WHEN YOU READ THIS PARTICULAR SENTENCE?
بماذا تشعر عندما تقرأ الجملة أعلاه؟ ألا تشعر بالزحمة والانزعاج؟ تُستخدم الحروف الكبيرة (بالنسبة للغة الإنجليزية) لغرض التأكيد على أهمية رسالة ما في النص. لكن عندما تكتب نص مكون من 100 كلمة جميعها بالحروف الكبيرة فإن ذلك يعتبر مُبالغة، وسيعطي ذلك انطباعًا على Hنّك غاضبٌ أو تصرخ. تذكّر، ليست كلّ الرسائل مهمّة؛ يجب عليك معرفة الفرق.
حاول قدر الإمكان ألّا تستخدم الخطوط Comic Sans، Papyrus، أو Curls MTz
قد تتساءل عن سبب ذلك، لذا دعنا نفكّر به بهذه الطريقة. أنت تستمع إلى أغنية، الأغنية جيّدة جدًّا، الكلمات رائعة، واللحن مذهل، ولأنك أحبب هذه الأغنية أصبحت تستمع إليها طوال الأسبوع بدون توقّف. ثم في الأسبوع الذي يليه تكره الأغنية.
وهذا بالضبط ما حدث لهذه الخطوط؛ أصبحت سائدةً جدًّا، لقد استُخدمت مرارًا وتكرارًا حتى ملّ وسئِم منها الجميع. جرّب شيئًا جديدًا؛ توجد أنواع كثيرة من الخطوط، وربّما لن تستطيع حتّى أن تختار من بينها جميعًا.
فيما يخص الخطوط العربية فقد ينطبق الأمر على خطّي النسخ والكوفي أيضّا. هل لاحظت بأنه يتم استخدام هذين الخطّين في كل مكان؟
لا تستخدم التقنين التلقائي
التقنين Kerning هو مقياس للمسافات بين الحروف. إنّ التقنين يضبط كل حرف على حِدة في أيّ نص، ويخلق جاذبيّة بصريّة لهذا النص. فوتوشوب برنامج رائع، ونحب استخدامه في إنشاء النصوص. يحتوي فوتوشوب على دالة التقنين التلقائي auto-kerning، ولكّنه لن يكون أبدًا دقيقًا كالعينين. العينان أفضل في الحكم، لأنه في بعض الأحيان يكون التقنين التلقائي خاطئًا، وينتج نصوص صحيحة رياضيًّا ولكنها مشوّهة بصريًّا.
لا تستخدم حجم أقل من 10 للنصوص في المحتوى
لا يمكن لكل شخص أن يُقرأ بين السطور، لذلك احرص على جعل النصوص بحجم أكبر من 10 ليكون سهل القراءة. إذا كنت تواجه مشكلة في تنسيق كمية كبيرة من النصوص في مساحة صغيرة، فعليك أن تفكّر مليًّا فيما إذا كنت ستقلل حجم النص أو تعدّل على المساحات المتوفرة لديك. لكن لا تقلل حجم النصّ إلى 10 أو أقلّ، إلّا إذا كنت تريد أن تتعرّض رسالتك للتّجاهل؛ فأنت لا تكتب النصوص من أجل النمل.
الخلاصة
إن النصوص ذات النسق السيئ هي مثل الخبزة العفِنة، تمتلكها، لكنّك لا تستطيع أكلها ولا مضغها. أهمّ شيء عليك تذكّره عندما تكتب نصوصًا هو أن الرسالة تعلو على كلّ شيء؛ فالقارئ يجب أن يفهم الرسالة قبل أيّ شيءٍ آخر.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال How to Not Suck at Typography And Become A Professional لموقع: 1stwebdesigner.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.