تتطور علوم الحاسوب بطريقة سريعة ومتزايدة، ويركز الاختصاصيون اليوم على تقنيات التعلم الآلي والتعلم العميق التي تعتمد على برمجيات معينة مثل المكتبات المتطورة في لغة البرمجة بايثون. يسعى الطلاب والباحثون إلى تعلم هذه التقنيات وبناء المشاريع باستخدامها، وبالتالي فإنهم يحتاجون بيئةً برمجيةً متطورة ومواصفات متقدمة ليتمكن النظام من تحمّل عبء الذاكرة الكبيرة ومعالجة البيانات الضخمة. والمشكلة أنه من الصعب تأمين هذه المواصفات العالية في أجهزتهم. ولذلك أطلقت غوغل منصة Google Colab لمساعدة الطلاب والباحثين على التعلم والتغلب على العقبات.
في هذا المقال، سنتحدث عن منصة جوجل كولاب Google Colab وأهم استخداماتها وميزاتها، ولماذا هي أداة مهمة للطلاب والمختصين بعلم البيانات.
ما هو NoteBook؟
لغات البرمجة هي اللغات المستخدمة لتطوير البرامج والتطبيقات، وتُشكل الوسيط بين اللغة التي يفهمها الإنسان واللغة التي تفهمها الآلة. كل البرامج والتطبيقات التي تعمل على الحواسيب والهواتف المحمولة أُنشئت باستخدام إحدى لغات البرمجة، حيث يبني المطورون التطبيقات برمجيًا ليتمكن أي شخص من استخدامها.
عندما يبرمج أحد المطورين نموذجًا لحل مشكلة معينة، سيكون عليه إرفاق النموذج بشرحٍ لطريقة عمله، ومن الصعب القيام بذلك من خلال التعليمات البرمجية فقط، لذلك سيضطر إلى إعداد عرض تقديمي منفصل.
لتسهيل عمل المبرمجين صُمم برنامج دفتر الملاحظات NoteBook، الذي يتضمن سطورًا خاصةً بالتعليمات البرمجية، ومساحةً لكتابة النصوص والتعليقات وإضافة الصور والجداول والرسوم البيانية. وتساعد مستندات NoteBook على فهم الشيفرات البرمجية وطريقة عمل البرنامج.
يعَد دفتر الملاحظات أو NoteBook مستندًا يمكن من خلاله كتابة التعليمات البرمجية مثل شيفرات لغة بايثون وكتابة النصوص وإضافة الصور، ويمكن تنفيذها وعرض النتائج.
يُعد Google Colab نسخةً سحابيةً محسنةً من Jupyter Notebook المخصص لكتابة وتشغيل الشيفرات البرمجية ومستندات Notebook، وذلك من خلال بيئة برمجية متكاملة أو مستعرض ويب. يوفر Google Colab وصولًا مجانيًا إلى وحدات معالجة الرسومات GPU وTPU، والتي تستخدم لبناء نموذج التعلم الآلي أو التعلم العميق.
ويُعد Google Colab خيارًا مثاليًا لملايين المستخدمين لأنه مجاني ولا يتطلب سوى امتلاك حساب غوغل، كما أنه لا يحتاج إلى سرعات اتصال عالية. ويأتي مع حزم مُثبتة مسبقًا وجاهزة للاستخدام، بالتالي لن يحتاج المستخدم إلى إعداد البيئة.
اقتباسملاحظة: وحدة TPU هي اختصار لـ "Tensor Processing Unit" وهي مسرّع ذكاء اصطناعي طُوّر باستخدام مكتبة Tensor Flow التي صممت من قبل شركة غوغل خصيصًا لمساعدة المطورين على تصميم وبناء وتدريب نماذج التعلم العميق ونماذج التعلم الآلي للشبكة العصبونية.
كيفية استخدام Google Colab
إذا كنت قد استخدمت منصة Jupyter Notebooks من قبل، فستلاحظ التشابه الكبير بينها وبين منصة Google Colab. تمكّنك منصة Google Colab من كتابة وتنفيذ التعليمات البرمجية المكتوبة بلغة بايثون من خلال متصفحك دون الحاجة إلى تثبيت أي محرر أو برنامج. ويمكن استخدام هذه المنصة بسهولة وربطها بحساب غوغل، وتوفر لك وصولًا مجانيًا إلى وحدات معالجة الرسومات GPU ووحدات المعالجة المركزية TPU.
كانت تُستخدم منصة Google Colab في السابق كأداةٍ داخلية لتحليل بيانات غوغل. وأصبحت فيما بعد متاحةً للعامة ومُستخدمةً من قبل عدد كبير من الأشخاص. يستخدم الطلاب والباحثين منصة Google Colab لبناء المشاريع البرمجية التي تتضمن تقنيات التعلم الآلي أو التعلم العميق. وتؤمّن هذه المنصة الموارد اللازمة لتشغيل تجارب علوم البيانات وخاصةً لمن لا يمتلك وحدة معالجة رسومات متطورة في جهازه.
تُعَد النسخة المجانية من Google Colab مناسبةً للطلاب وللمبتدئين في علم البيانات، ولكنها غير مناسبة للمشاريع الضخمة والتي تتطلب معالجة كميات كبيرة من البيانات والصور، لذلك أصدرت غوغل في أوائل عام 2020 النسخة المدفوعة Google Colab Pro، والتي تؤمّن نظام معالجة رسومات أكثر سرعةً وذاكرة وصول عشوائي إضافية. وقد قدّم Colab Pro حلًا للعديد من المشكلات التي تواجه مهندسي التعلم الآلي وعلماء البيانات.
لا يزال Google Colab Pro حتى الآن (وقت كتابة المقال) غير متوافر في العديد من البلدان، ويقتصر على البلدان التالية: الولايات المتحدة وكندا واليابان والبرازيل وألمانيا وفرنسا والهند والمملكة المتحدة وتايلاند.
ماذا يقدم لك Google Colab؟
يسمح Google Colab لملايين الأشخاص بالتعلم وتنفيذ المشاريع بلغة بايثون، واستخدام المكتبات المثبتة مسبقًا، ويقدم حلًا للكثير من التحديات التي تواجههم. من السهل البدء باستخدام Google Colab، ولن تحتاج إلى تثبيت أي أدوات أو برامج، كما أنه لا يتطلب جهاز حاسوب بمواصفات خارقة. وستحتاج فقط إلى متصفح وستظهر واجهة Google Colab بشكل مشابه لواجهة jupyter Notebook.
يمكن استخدام وحدة معالجة الرسومات بنقرة واحدة، وتنفيذ الشيفرات البرمجية بسهولة؛ مما يجعله بيئةً مثاليةً لتنفيذ مشاريع التعلم الآلي والتعلم العميق وتحليل البيانات الضخمة.
يدعم كولاب لغة البرمجة بايثون، ويسمح لك بتشغيل التعليمات البرمجية في كتل، ويمكنك عرض النتائج والمخرجات الرسومية بسهولة، ولكن تقتصر مدة الجلسة الواحدة على 12 ساعة من الاستخدام المتواصل، وبعد انتهاء الوقت ستنتهي الجلسة.
تُحفظ مستندات Google Colab التي تُنشئها على منصة غوغل درايف، بالتالي سيكون من السهل مشاركتها مع عدة أشخاص، ويمكنهم جميعًا العمل على نفس الدفتر في نفس الوقت دون أية مشاكل.
توفّر غوغل استخدام وحدة معالجة الرسومات NVIDIA Tesla K80 المجانية. وإذا قمت بوصل Colab بـ Google Drive، ستحصل على 15 غيغابايت من مساحة القرص لتخزين مجموعات البيانات.
من سلبيات Google Colab صعوبة اكتشاف الأخطاء في التعليمات البرمجية قبل تشغيلها، ولكن لا تزال هي المنصة الأفضل للاستخدام بفضل الميزات العديدة الموجودة.
أما فيما يلي، فسنذكر أهم الميزات المتوفرة في هذه المنصة:
- محرر لكتابة التعليمات البرمجية باستخدام لغة البرمجة بايثون.
- إنشاء ومشاركة مستندات Notebook.
- خدمة سحابية مجانية مع GPU وTPU.
- حفظ واستيراد المستندات من وإلى خدمة غوغل للتخزين السحابي Google Drive.
- إمكانية توثيق الشيفرات البرمجية وشرحها وتوضيحها.
- استيراد قواعد البيانات من مصادر خارجية مثل Kaggle.
- استيراد مستندات Notebook من GITS.
- تتواجد العديد من مكتبات علوم البيانات والتعلم الآلي ُمثبتة مسبقًا على منصة كولاب مثل مكتبة Pandas وNumPy وTensorflow وKeras وOpenCV.
الفرق بين Jupyter وGoogle Colab؟
من بين أبرز الفروقات بين كل من Jupyter وGoogle Colab، نذكر الآتي:
- يعمل Jupyter على جهاز حاسوب محلي، أما كولاب فيعمل على خادم غوغل.
- عند استخدام Jupyter تُحفظ الملفات على القرص الثابت على جهاز الحاسوب، بالمقابل تخزّن الملفات في حساب غوغل درايف عند استخدام غولاب.
- يستهلك Jupyter ذاكرة الوصول العشوائي RAM ووحدة المعالجة المركزية وأقراص التخزين المثبتة على حاسوبك الشخصي؛ أما Google Colab، فيعتمد على التخزين السحابي، ويمنحك وصولًا إلى ذاكرة وصول عشوائي أعلى، و70 وحدة تخزين على القرص، وقدرة على استخدام وحدة معالجة الرسومات المجانية GPU.
- يعتمد تشغيل Jupyter على حد ذاكرة النظام على جهازك، أما Google Colab، فيحدد وقت التشغيل بمقدار 12/24 عند استخدام النسخة المجانية، ويمكن أن تحدث انقطاعات أثناء الجلسات.
- عند استخدام Google Colab لن تضطر إلى تثبيت أي مكتبة لأن معظم المكتبات مثبتة مسبقًا، بينما عند استخدام Jupyter، يجب عليك تثبيت جميع المكتبات المطلوبة حسب حاجتك.
- يُفضل استخدام Jupyter إذا كان عملك سريًا ويتطلب الخصوصية. وبالمقابل، يُعد Google Colab الخيار الأفضل إذا كان مشروعك يتطلب قدرات تخزين عالية ولا يمكنك شراء جهاز بالمواصفات المطلوبة.
ما هو GPU ولماذا نحتاجه للذكاء الاصطناعي؟
صُممت وحدات معالجة الرسومات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق. تضم هذه الوحدات عددًا كبيرًا من النوى التي تسمح بتنفيذ العديد من العمليات المتوازية. البرامج التي تستخدم تقنيات التعلم العميق تحتاج إلى التعامل مع كميات هائلة من البيانات، وتوفر وحدات GPU عرض نطاق ترددي مناسب.
تتطلب معالجة البيانات الضخمة استخدام أجهزة متطورة وسريعة. وتكمن التحديات التي ترافق هذا النوع من البيانات في تخزينها ومعالجتها ومشاركتها ونقلها. ولأن البيانات الضخمة حجر الأساس للذكاء الاصطناعي، فإن التعامل معها يشكّل عائقًا للطلاب والباحثين، نتيجة صعوبة توافر الأجهزة ذات المواصفات العالية.
الميزة الأساسية التي تقدّمها منصة غوغل كولاب هي توفير وحدات معالجة الرسومات GPU وTPU المجانية، والتي تمكّن المستخدمين من تدريب نماذج التعلم العميق المعقدة مع مجموعات البيانات الضخمة، وقد تستغرق هذه العملية عدة ساعات على الحواسيب العادية. وبالمقابل، هي تستغرق بضعة دقائق باستخدام وحدات معالجة الرسومات المتطورة.
يفضل الباحثون استخدام وحدة معالجة الرسومات المدمجة في غوغل كولاب بسبب القوة السحابية المطلقة وسرعة التنفيذ التي تتمتع بها.
خاتمة
أدى التطور في العلم والاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات إلى زيادة كمية البيانات الرقمية وأصبح من الصعب التعامل معها بالتقنيات العادية. وازدادت الحاجة إلى وجود أدوات تسمح لنا بتحليل البيانات لاستخدامها في الذكاء الاصطناعي وتطوير تطبيقات التعلم الآلي. إذا كنت ترغب بالدخول إلى عالم البيانات والذكاء الاصطناعي، يجب أن تكون على اطلاع ومعرفة بأهم الأدوات المتوافرة مثل غوغل كولاب، الذي يمنحك فرصةً مثاليةً للتعلم واكتساب الخبرات.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.