هل يصادفك أحيانًا عندما تترجم بالطريقة الاعتيادية، بوضع الملفين بجوار بعضهما البعض، أن تجد تكرارًا في بعض المصطلحات وربّما بعض العبارات أيضًا؟ هل ترجمت يومًا ملفًا بالغَ التّعقيد ومليئًا بالرموز والاختصارات، وبذلت جهدًا مضنيًا في البحث عن تلك الرّموز والاختصارات، ثمّ مرّت الأيّام وإذا بملفٍّ أخر يحوي بعض الرّموز والاختصارات التي سبق وأن ترجمتها، لكن للأسف تبخّر الكثير منها من رؤوسك وستضطر إلى أن تبحث عنها مجددًا؟
ما رأيك إذًا في مساعدٍ صغيرٍ يخزّن كل ما تترجمه، ثم يعرض عليك العبارات أو الكلمات أو المصطلحات المكرَّرة تلقائيًّا؟ بل وأكثر من ذلك، إذا كنت تعمل ضمن فريق على ترجمة ملفٍّ كبيرٍ، وبالطّبع تريدون أن يكون هناك اتساقًا في ترجمة المصطلحات المتكررة، فيمكنكم مشاركة ذاكرة الترجمة الخاصة بكم لتعملوا معًا، توفيرًا للوقت والجهد، وللخروج بترجمةٍ أكثرَ ما تكون احترافية.
هذا بالضبط ما يفعله برنامج ترادوس (Trados) أحد أشهر برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب (CAT Tools). وسنشرح كيفية العمل على هذا البرنامج بالتفصيل في سلسلة مقالاتٍ متتالية، فسواء كنت تخطط لاستخدامه أو كنت تستخدمه بالفعل، فستتيح لك تلك المقالات الكثير من المعلومات والشروحات المدعَّمَة بالصور، والتي لن تجدها في أي مكان آخر، وذلك حتى تستفيد من كل كبيرة وصغيرة من هذا البرنامج. ولكن ما الذي يميز ترادوس عن باقي برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب؟
نبذة عن تاريخ شركة ترادوس المنتجة لبرنامج (SDL Trados Studio)
تعدُّ شركة (TRADOS) من أقدم الشّركات المنتجة لبرامج الترجمة، حيث قامت بطرح أول منتج لها (MultiTerm) عام 1990م، لكنه كان قاعدة مصطلحاتٍ فحسب، ولم يكن ذاكرة ترجمة أو برنامج ترجمة (CAT Tool) بالشكل المتعارف عليه الآن. وفي عام 2005م استحوذت شركة (SDL) على شركة (TRADOS)، وطرحت منتج (SDL Trados 2007 Suite)، وبعد ذلك بعامين، أي في عام 2009م، طرحت الجيل التالي من برامج ذاكرات الترجمة، ألا وهو (SDL Trados Studio 2009)، وقد كان انطلاقة لسلسة برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب لشركة (SDL Trados)، وهو البرنامج الذي اخترناه لنشرحه في مجموعة من المقالات.
موازنة سريعة بين ترادوس (Trados) وميموكيو (MemoQ)
إذا بحثتَ في الإنترنت عن برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب (CAT Tools) فستجد -دون مبالغةٍ- العشرات من تلك البرامج، فإذا لم تعمل من قبل على أيٍ منها، وفي الوقت ذاته تملك حرية الاختيار من بينها، فدعني أساعدك في ذلك عن طريق عقد موازنة سريعة بين أشهر برنامجين من تلك البرامج، ألا وهما: ترادوس وميموكيو.
أولا: واجهة المستخدم وسهولة الاستخدام
نشر موقع Capterra، أحد المواقع التي تتيح مراجعات للبرامج، مراجعاتٍ شارك فيها 61 شخصًا في تقييم ترادوس و26 شخص في ميموكيو. حصل ترادوس على (3,6/5) في بند سهولة الاستخدام، بينما حصل ميموكيو على (3,8/5).
يمكنك الحكم بنفسك بالحصول على تجربة مجّانيّة للبرنامجين. في الإجمالي، أشادَ المستخدمون بسهولة استخدام برنامج ميموكيو وإمكانية تَعَلُمَهُ بنفسك عن طريق التعلم الذاتي، بينما انتقد البعض الآخر صعوبة الوصول إلى بعض الوظائف. في حين عزا أحد المستخدمين الذين قاموا بالتحويل من ميموكيو إلى ترادوس سبب ذلك التحول إلى أنَّ ترادوس مطلوب من العديد من شركات الترجمة، في حين رأي مستخدم أخر أنَّ ترادوس مزدحمٌ بالأيقونات ويحتاج للتدريب عليه.
ثانيا: الملفات المدعمة
كلا البرنامجين يدعمان العديد من الملفات. الصّورة التالية توضح بعضًا من تلك البرامج، مع الانتباه إلى أنَّ بعض تلك الملفات تحتاج إلى إعدادٍ قبل الشروع في ترجمتها. يمكنك معرفة المزيد من موقع ترادوس الرسمي للدعم، وكذلك موقع ميموكيو.
ثالثا: السعر
هناك العديد من النُسخ التي تقدمها تلك الشركتان بأسعار متفاوتة بحسب احتياجاتك، فهناك عروض للمترجمين المستقلين، وهناك عروض لشركات الترجمة. بافتراض أنَّ غالبية القُرَّاء من المترجمين المستقلين، فسنعرض لمحةً سريعةً عما تقدمه تلك الشركتان للمترجمين المستقلين.
تعرض شركة ميموكيو برنامجها (MemoQ Translator Pro) وقت كتابة المقال مقابل (620) يورو، في حين تعرض شركة ترادوس خطط دفع متنوعة للمترجمين المستقلين، فبدايةً هناك نسخة (starter)، وهي نسخة مُصغرة من البرنامج صالحة لمدة (365) يوم فقط، وذلك مقابل (99) يورو، ويمكنك تجديد الرّخصة لـ (365) يومٍ أخرين مقابل (99) يورو أيضا. أما إذا أردت أن تتمتع بكامل مزايا البرنامج ولكنك لست متأكدًا هل ستستمر في استخدامه أم لا، فيمكنك دفع اشتراكًا سنويًا قدره (295) يورو، وبعد انتهاء السنة يمكنك أخذ قرار إن كنت ستجدد الاشتراك أم ستختار برنامجًا أخر. أما إذا كنت قد حسمت أمرك في شراء نسخة دائمة من البرنامج، فسعرها (695) يورو (هناك حسم في الوقت الحالي بنسبة 30%، فسعره بعد الحسم (485) يورو. وأخيرًا، هناك عرض على رخصتي تنشيط بسعر (595) يورو بعد الحسم، فيمكنك استخدام تلك الرخصتين بنفسك إذا كنت تعمل على جهازين مختلفين، حاسوب شخصي بمكان العمل وحاسوب متنقل في المنزل مثلًا، أو ربما تفكر في مشاركة الرخصة الأخرى مع أحد زملائك. وأخيرًا كانت تلك محاولة لعقد موازنة سريعة بين البرنامجين الأكثر شهرة من بين برامج (CAT Tools). لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل تقتصر فائدة برنامج ترادوس (Trados) على حفظ الترجمة فقط؟ الإجابة: لا، فهناك العديد من الفوائد، وإليكم بعضها:
فوائد أخرى لـ ترادوس (Trados) غير حفظ الترجمة
ما ذكرناه في السابق جزء بسيط مما يقدمه لك ذلك البرنامج الرائع، فلا يزال هناك المزيد من الوظائف التي يقدمها على سبيل المثال:
تقسيم الملف
يقسم برنامج ترادوس الملفات إلى فقرات وعبارات، كما هو موضح بالصورة، ويضع النصين المصدر والهدف بجوار بعضهما البعض، مما ييسر لك الوصول إلى النقطة التي انتهيت عندها، ويقسم عملك إلى أجزاء، فيسهل عليك معرفة ما قمت بإنجازه وما هو متبقٍ.
إحصاء الكلمات
بمجرّد إلقاء نظرة على أسفل الشاشة يمينًا سيظهر أمامك العدد الإجمالي للكلمات، وما أن تشرع في الترجمة، حتى يبدأ البرنامج في إحصاء عدد الكلمات المترجمة وعدد الكلمات التي راجعتها واعتمدتها، وأخيرًا العدد المتبقّيَ من الكلمات التي لم تُترجَم بعد، وكذلك النِّسب المئوية لكلٍ منها، ففي الصورة التالية، عدد الكلمات المُعتَمَدَة 30 كلمة، والكلمات المترجَمة التي لم تُعتَمد بعد 241 كلمة، وأخيرًا المتبقّي من الكلمات التي لم تُترجَم 10046 كلمة. فإذا كنت تعمل مترجمًا حرًا، فيمكنك بكل بساطة معرفة إجمالي عدد الكلمات، وبالتالي إخبار عميلك بالوقت الذي ستحتاج إليه لإتمام العمل وتكلفته.
أمَّا إذا كنت تعمل في إحدى شركات الترجمة، والمطلوب منك كم محدد من الكلمات المترجمة يوميًا، فيمكنك حساب ذلك بكل سهولة، علاوة على أنَّ تلك الميزة ستجنبك تمامًا مشكلة إغفال ترجمة بعض الفقرات أو حتى الكلمات، بالإضافة إلى إمكانية قياس إنتاجيتك ومدى تقدمك في عملك بكل دقة.
التنسيق التلقائي
لو كنتَ مكان العميل، وقُدِّم لك عرضان، أحدهما يشمل تنسيق الملف المُترجَم تمًامًا مثل الملف الأصلي، والعرض الأخر يشمل الترجمة فقط، أي العرضين ستقبل؟ بالتأكيد الذي يشمل التنسيق أيضًا، صحيح؟
ما رأيك إذًا في أنَّ عملية التنسيق باستخدام برنامج ترادوس (Trados) تتم أتوماتيكيًّا، وبطريقة احترافية أيًا كان نوع الملف؟ إنه ينقل الصور والجداول وما إذا كان الخط ثخينًا أو مائلًا …إلخ. كلّ ذلك دون وقت إضافي منك أو جهد.
خاتمة
والآن، بعدما تعرفت على بعض مزايا العمل على ذلك البرنامج، هل تحمست للعمل عليه؟ هل يثيرك الفضول للاطلاع على واجهة المستخدم الخاصة به وعلامات التبويب الرئيسية (tabs) التي تتكون منها؟ هذا ما ستعرفه في المقالة القادمة.
اقرأ أيضًا
- المقال التالي: تعرف على برنامج ترادوس (Trados) للترجمة وأهم الأقسام فيه
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.