تفرض الترجمة الآلية نفسها على الساحة يومًا بعد يومًا، خاصةً وأن العديد من الجهود والأموال تُنفق على الأبحاث في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والترجمة الآلية، ولهذا فكل يوم هناك جديد. لكن للأسف هناك البعض يعيش حالة إنكار، منكرًا أن الترجمة الآلية سيكون لها دور أساسي في عملية الترجمة، وهناك من يعيش حالة هلع ويفكر في تغيير مهنته خوفًا من أن تحل الترجمة الآلية محل الترجمة البشرية تمامًا. تُعَد هذه ردود أفعال مبالغًا فيها، فالواقع يقول، وبشهادات وتوصيات شركات تقنيات الترجمة الكبرى مثل SDL Trados حول أهمية تعلم التحرير اللاحق، أن هناك تغييرات حدثت وستحدث في سوق الترجمة بسبب الترجمة الآلية، وهذا التغيير يفرض على من يعمل في هذا المجال تعلم عدة مهارات من أهمها: مهارات التحرير اللاحق للترجمة الآلية MTPE (اختصارًا للعبارة Machine Translation Post-editing). كما أكد مركز CSA Research في مقال نشره بعنوان تحول مزودي الخدمات اللغوية الأسرع نموًا إلى الترجمة الآلية على أن مزودي الخدمات اللغوية الأسرع نموًا يعتمدون على الترجمة الآلية في المراحل الأولية للترجمة، ومن ثم يطبقون المراجعة البشرية اللاحقة على الناتج.
قناعات شائعة غير صحيحة عن التحرير اللاحق للترجمة الآلية MTPE
هناك بعض القناعات الخاطئة عن التحرير اللاحق للترجمة الآلية، ناجمة عن عدم إدراك ماهية هذه العملية، ومن تلك القناعات ما يلي:
التحرير اللاحق للترجمة الآلية لا يكون بعلم العميل وطلبه
فالعكس هو الصحيح فالعميل هو من يطلب تلك الخدمة، مثل أي خدمة أخرى من خدمات الترجمة، ويكون الدافع وراء ذلك هو رغبته في الإسراع من عملية الترجمة مع خفض التكاليف، ولذلك فالتحرير اللاحق للترجمة الآلية، ليس له أدنى علاقة من قريب أو بعيد بالممارسات غير المهنية التي تصدر من البعض في اللجوء إلى الترجمة الآلية دون علم من العميل رغم أن المتفق عليه هو ترجمة بشرية 100%.
التحرير اللاحق للترجمة الآلية مثل المراجعة على الترجمة البشرية
فهذا غير صحيح أيضًا، إذ أن الأخطاء المتوقعة من الترجمة البشرية لمترجم مبتدئ غير تلك المتوقعة من الترجمة الآلية. ووفقًا لما تؤكده الدورة التدريبية المقدمة من شركة SDL Trados في التحرير اللاحق للترجمة الآلية، أن أهم مهارة في التحرير اللاحق للترجمة الآلية هو قدرة المحرر على توقع الأخطاء التي ستقع من الترجمة الآلية، وذلك يكتسبه من كثرة الممارسة، خاصةً عندما يعمل في ذات المجال وبذات الزوج اللغوي، لأن ذلك سيسرع من عملية التحرير ويجعلها أكثر كفاءةً ودقة. والجدير بالذكر، أن شركات الترجمة ومراكز التدريب على المهارات اللغوية قد اهتمت بوضع أصول لهذه العملية، كما أن المنظمة الدولية للمعايير ISO قد أرست معاييرًا للتحرير اللاحق للترجمة الآلية منذ عام 2017؛ أما معايير المنظمة الدولية للمعايير.
ستحتاج إلى إعادة الترجمة من الصفر في جميع حالات التحرير اللاحق للترجمة الآلية
يرفض بعض المترجمين الحديث عن التحرير اللاحق للترجمة الآلية اعتقادًا منهم أنهم سيضطرون -في جميع الحالات- لإعادة الترجمة من الصفر وهذا غير صحيح. ففي الغالب سيحتاج ناتج الترجمة الآلية لتعديلات تتراوح ما بين بسيطة إلى كثيرة بحسب تطبيق الترجمة المستعمَل، وبحسب مستوى النص ومدى رصانته، وإن كان يُنصح دومًا بالاطلاع على ناتج الترجمة الآلية قبل قبول المشروع والوقوف على مستواها، بحيث إذا استشعرت أنها ستحتاج إلى إعادة الترجمة من الصفر، فأخبر عميلك بذلك، ولكن بعدما تكون قد استخدمت عدة تطبيقات للترجمة الآلية لأن بالطبع الناتج يختلف من واحدة لأخرى.
استعمال تطبيق Wordfast Anyhwere في إجراء تحرير لاحق للترجمة الآلية
في حالة كان العميل شركةً كبرى، فغالبًا ما يكون لديها تطبيق الترجمة السحابية الخاص بها والمسجل عليه مصطلحاتها؛ أما في غير تلك الحالات فعليك استخدام الأدوات المتوفرة لديك، وإذا لم تكن لديك أدوات مثل أحد برامج Cat Tools مدفوعة الثمن، ففي هذه الحالة يمكنك استخدام Wordfast Anywhere المجاني، لأنه يفضل دائمًا استخدام أحد برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب Cat Tools في التحرير اللاحق للترجمة الآلية MTPE لأن كل ذلك سيعاونك في إجراء التحرير اللاحق للترجمة اللغوية بسرعة وكفاءة عاليتين.
انشئ حسابًا على Wordfast من صفحة إنشاء حساب ثم سجل الدخول ثم اضغط على قائمة مشروع Project بأعلى اليسار، اكتب اسم المشروع والزوج اللغوي، ثم اضغط حفظ المشروع Save Project كالآتي:
ستجد بمحاذاة اسم المشروع علامة زائد، لهذا اضغط عليها واختار الملف المراد ترجمته. يمكن الاختيار من الملفات المحفوظة لديك بجهازك، أو المحفوظة بغوغل درايف Google Drive، أو دروب بوكس DropBox، أو وان درايف One Drive، أو حتى بالنسخ واللصق في المستطيل كما هو مبين بالصورة التالية، ثم اضغط ارفع وافتح Upload and Open، كما توضحه الصورة الآتية:
سيظهر لك النص المراد ترجمته مقسمًا في عدة صفوف أو خلايا فوق بعضها البعض، وهنا انقر على "Translate FM" من قائمة "Translate"، حيث ستظهر لك الترجمة الآلية، وهنا عدِّل عليها ثم انتقل للخلية التالية حتى تنتهي من عملية التحرير لكامل الملف.
وأخيرًا بعد انتهائك من تحرير كامل الملف يمكنك تنزيله من Download بقائمة File، إذا كنت ترغب في تنزيله بصيغة وورد فاختار الملف المترجم Translated document، أما إذا كنت ترغب في أن تكون صيغة الملف Xliff -وهي صيغة الملفات الخاصة ببرامج الترجمة بمعونة الحاسوب CAT Tools- فاختر خيار ثنائي اللغة Bilingual، ثم اضغط موافق OK واختر مكان حفظ الملف.
في حالة واجهتك أية صعوبات، يمكنك الاستعانة بدليل استخدام ووردفاست
قواعد التحرير اللاحق للترجمة الآلية
- أولًا: عليك قراءة النص المراد ترجمته وفهمه جيدًا قبل الاطلاع على ناتج الترجمة الآلية، بعدها حاول أن تتوقع الأخطاء التي ستقع فيها الترجمة الآلية، وهي مهارة كما سبق وأن قلت ستتطور لديك بالخبرة والممارسة، لكن عادةً الترجمة الآلية تخطئ في تحليل التعبيرات المجازية، وبالتالي تترجمها ترجمة حرفية، كما لا يمكنها صياغة جمل مركبة تركيبًا لغويًا سليمًا خاصة في اللغة العربية، وأخيرًا عادةً ما تخطئ في ترجمة المصطلحات المستجدة وغير الشائعة.
- ثانيًا: اقرأ ناتج الترجمة الآلية وابدأ في تصحيح الأخطاء، إذا كان العميل قد أعطاك تعليمات محددة أو قاموس مصطلحات خاص به، فتأكد من أن تطبّق تلك التعليمات وأن المصطلحات قد تُرجمت وفقًا لما زودك به العميل.
- ثالثًا: قبل الانتقال للفقرة التالية اقرأ النص المترجم مرةً أخرى وتأكد من انضباطه نحويًا، وأن المصطلحات قد تُرجمت بصورة صحيحة وأن تراكيب الجمل سلسلة وسليمة.
وبها تكون قد انهيت تحرير المستند، في البداية قد يتطلب الأمر منك وقتًا طويلًا - لا تقلق لن يصل أبدًا إلى ذات الوقت في ترجمة الملف من الصفر- لكن مع الممارسة ستتطور مهاراتك وستصبح أكثر كفاءةً وسرعة.
خاتمة
وفي النهاية عزيزي المترجم، إذا كان لا يزال لديك شك في التغيير الكبير الذي سيحدث -بل لنقل أنه قد بدأ فعليًا- في مجال الترجمة، فدعنا نطرح عليك سؤالًا، هل هناك من لا يزال يعمل في مجال الترجمة بالورقة والقلم؟ هل هناك من لا يزال يعتمد على القواميس الورقية؟ بالتأكيد لا، وإن وُجد فقد أصبح أمرًا نادرًا للغاية. وهذا التغيير حسب رأيي الشخصي ورأي الكثيرين من الباحثين في هذا الموضوع؛ يٌعَد أمرًا ايجابيًا للغاية، فوفقًا لما قاله آرل لوميل، الباحث بمركز CSA:
Quote"ستساعد هذه القوة الحاسوبية اللغويين على أن يكونوا أكثر اتساقًا واستجابة وأكثر إنتاجية، مع السماح لهم بالتركيز على الأجزاء التي تستحق الاهتمام من مهامهم بدلاً من "الترجمة مثل الآلات"
مقال Augmented Translation Powers up Language Services لآرل لوميل
وقد شبَّه وضع المترجمين اليوم بما حدث مع المحاسبين سابقًا، فالحواسيب لم تُفقد المحاسبين وظائفهم، بل على العكس، حررتهم من العمل الروتيني من الجمع والطرح، لتفسح لهم المجال للتركيز أكثر على المهام التي لا يمكن للآلة أن تنجزها.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.