يُلاحظ أن أنظمة الترجمة الآلية وأنظمة الترجمة بمساعدة الحاسوب CAT tools قد أحدثت ضجةً كبيرةً في السنوات الأخيرة، فقد اقتحمت أوساط المترجمين والعديد من الشركات العاملة في قطاع الترجمة؛ واقتحم معها الخبراء والمهندسون هذا المضمار، فنجد أنهم يبدعون ويبتكرون ويطورون من أجل تصميم برمجيات متقدمة تعين المترجمين على تحسين محطة عملهم، في شكل أدوات مستندة على الخدمات السحابية في تعزيز كفاءة التقنات في فهم اللغة الأصل وتوليدها إلى اللغة الهدف.
ومن هنا نجد أن العديد من الشركات المعنية بتطوير تكنولوجيا الترجمة قد حرصت على تطوير أنظمة الترجمة الآلية خاصتها ودمجها في برمجيات الترجمة بمساعدة الحاسوب لتكييفها مع احتياجات ومتطلبات المستخدمين المختلفة.
من أهم أنظمة الترجمة بمساعد الحاسوب التي ظهرت كنتيجة حتمية لهذا التطور المتسارع، ما يسمى بمنصة سمارت كات Smartcat للترجمة التي لا شك بأنها حظيت بانتشار واسع بين المترجمين وبقسط وافر من الاهتمام عند شركات الترجمة، كونها أداة فعالة نجحت في تحويل الترجمة إلى صناعة متكاملة الأركان، وهذا ما جعل العمل عليها واجبًآ لا بد من نقله إلى المترجمين العرب لتعميم الفائدة عليهم.
سنحاول في هذا المقال وضع عدسة مكبرة حول ماهية المنصة وميزاتها، مع مقارنة موجزة بينها وبين برنامج ترادوس للترجمة، وأخيرًا خطوات التسجيل اللازمة للانتساب إليها.
نبذة مختصرة حول المنصة
سمارت كات هي شكل من أشكال الصناعات اللغوية التكنولوجية المتطورة وأحد أنواع أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب، وهي تتجسد في اعتمادها على التكنولوجيا السحابية في ترجمة النصوص أو الجمل أو الألفاظ من لغة إلى أخرى. صُمّمت المنصة خصيصًا لتسهيل وتحسين عمليات الترجمة وإدارة المشاريع الترجمية بشكل أكثر فعالية.
تتميز منصة سمارت كات للترجمة عن مثيلاتها من أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب بأنها لا تحتاج إلى التحميل أو التثبيت، ويمكنها التفاعل مع أي جهاز حاسوب متصل بالإنترنت، وتعمل بسلاسة على أي نظام تشغيلي سواء كان نظام التشغيل ويندوز، أو نظام ماك أو أس Mac OS أو لينكس Linux.
توفر المنصة على المستعملين الكثير من الوقت والكثير من المال، فهي تحتوي على مكتبة شاملة من ذواكر الترجمة والمسارد اللغوية ومحركات للترجمة الآلية المتنوعة. وعلاوةً على ذلك، تأتي سمارت كات للترجمة بـ 4 إصدارات مختلفة بأسعار متنوعة تبعًا لاحتياجات المستخدمين.
على سبيل المثال، تقدم النسخة المجانية الخدمات الأساسية للمترجمين المبتدئين، فيما تقدم نسخة العمل الحر (الفريلانسر) خيارات إضافية للمترجمين المستقلين؛ أما عن النسخة الاحترافية، فهي مخصصة للمترجمين المحترفين والشركات الصغيرة، في حين توفر نسخة المشاريع التجارية ميزات متقدمة لشركات الترجمة الكبيرة والمؤسسات. هذا التنوع يمكّن المستخدمين من اختيار الإصدار الذي يلبي تحديدًا احتياجاتهم، سواءً كانت التجربة بهدف التعلم، أو التطوير المهني، أو لإدارة مشروعات الترجمة على نطاق واسع.
ميزات منصة سمارت كات Smartcat
تتمتع منصة Smartcat بما يكفي من خصائص الأداء المرتفعة التي تمتاز بالكفاءة والأداء العاليين والسرعة في العمل والذاكرة القوية القادرة على تعظيم الإنتاجية وتلبية الطلب الضخم والمتسارع لترجمة المشاريع.
من أهم المزايا التي تنفرد بها أنها قادرة على إنشاء ذاكرة ترجمة Translation Memory ™: كغيرها من برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب، تعمل ذاكرة الترجمة في Smartcat على تجزئة النص إلى مقاطع صغيرة segments على مستوى الجملة، أو الفقرة مع مقابلاتها في اللغة الهدف، لتكوّن ما يعرف بـ وحدة الترجمة Translation unit؛ ومن ثم تحفظ وحدات الترجمة في قاعدة بيانات ذات نسق منتظم وسجل متكامل. وبمجرد تخزين وحدات الترجمة في قاعدة بيانات النظام، يصبح بإمكان المترجم الشروع في استخدام ذاكرة الترجمة، تاركاً له الحرية في قبول المقترحات أو تعديلها أو حتى رفضها.
تكمن الفكرة الجوهرية لنظام ذاكرة الترجمة في أنها تتيح للمترجم إمكانية إعادة استخدام نصوص تمت ترجمتها في السابق والاستفادة منها مرةً أخرى ضمن نص جديد آخر، أو يمكن إعادة تدوير ما تم تخزينه والتحديث عليه متى ما شاء المترجم. بمعنى آخر، كلما أراد المترجم ترجمة جملة جديدة مطابقة أو شبيهة بجملة من الجمل المخزنة، تقوم تلك الذاكرة الترجمية بعرضها على المترجم، وهكذا يكون بمقدور المترجم الاستفادة منها في ترجمته الجديدة.
وكلما انتهينا من ترجمة مقطع ما، يجب علينا تأكيد الترجمة لنتأكد أنه دخل إلى ذاكرة الترجمة لنعاود استرجاعه مرةً أخرى عند الحاجة. ويظهر الشكل التالي علامة الصح الخضراء التي تؤكد أن المقطع خُزّن بنجاح في الذاكرة.
يوفر نظام الترجمة الخاص بسمارت كات أنواعاً مختلفة من التطابقات، مثل:
- التطابق التام في السياق أو المضمون exact matches 100%: يتيح للمترجم إمكانية العثور على جملة مكافئة تمامًا للجملة الجديدة، ومتطابقة معها بنسبة 100%، وذلك من حيث الإملاء، والتصريف، والأرقام، والعلامات، والتنسيقات.
- التطابق الجزئي fuzzy matches: يسمح للمترجم بالعثور على جملة مشابهة للجملة الجديدة المراد ترجمتها إلى الهدف، لكنها ليست متطابقة معها 100%، ويتميز التطابق الجزئي في سمارت كات بأنه يعرض أكثر من اقتراح متكافئ جزئيًا، وللمترجم حرية الاختيار في الاعتماد أي واحدة أفضل من بينها؛ كما تتراوح درجة التطابق في سمارت كات ما بين 1% و102%، وتظهر الدرجة حسب ما إنْ كانت الجملة المخزنة مسبقًا في ذاكرة الترجمة قريبة جدًا من النص الجديد، أم بعيدة عنه إلى حد كبير.
- التطابق الكامل full match: يتيح للمترجم إمكانية العثور على جملة شبيهة للجملة المراد ترجمتها إلى اللغة الهدف.
- إدارة قاعدة المصطلحات بشكل مرن: يتميز نظام إدارة قاعدة المصطلحات بأنه مرن للغاية؛ إذ يوفر للمترجم إمكانية بناء قاعدة مصطلحات ثنائية أو ثلاثية أو حتى متعددة اللغة دون أي مشاكل. إذ تلقائياً يستعرض للمترجم عندما يبدأ في ترجمة نص جديد مقترحات جاهزة لترجمة تلك المصطلحات، وللمترجم القرار في قبولها أو رفضها. وتجدر الإشارة إلى أن النظام يرسل إشارات تنبيهية على شكل دلالات لونية لتوضيح أن ترجمة المصطلح مختلفة كثيراً عن الترجمة التي سبق وخزّنها سابقاً في قاعدته.
- الميزة التشاركية: تعد سمارت كات للترجمة خير مثال على الترجمة التشاركية أو ما تسمى بالترجمة التعاونية collaborative translation؛ فهي تفضي في أن يتشارك مترجمان أو أكثر فيما بينهم لتكون الترجمة النهائية ثمرة ذلك التعاون. ويمكنهم الدردشة عبر نافذة التعليقات المدرجة في النظام نفسه، مما يمكنّهم من مناقشة وحل المشكلات التي قد تصادفهم أثناء عملهم.
لا يقتصر الأمر على ذلك فقط، كما تتيح لهم إمكانية توزيع وتحديد الأدوار بين المترجمين، كل حسب اسمه ودوره والمهام المترتبة عليه في إكمال المشروع، وهكذا يضمن المترجم أن المشروع يسير بشكل صحيح نحو ما هو مطلوب. نجد أن هذه الخاصية ذات فائدة كبيرة للشركات التي تبحث عن إمكانية إشراك أكثر من مترجم للعمل على نفس المشروع في الوقت؛ فضلًا عن إمكانية مشاركة قاعدة المصطلحات وذواكر الترجمة مع آخرين دون أي شروط أو قيود.
- توفيرالوقت: يعلم كل مشتغل في ميدان الترجمة أن عامل الوقت الممنوح له لينجز النص الذي بين يديه أمر في غاية الأهمية، فهو يتطلب من المترجم(ة) مراعاة أهمية الوقت وتقدير الزمن الذي يحتاجه للترجمة، وأن يحسن استغلاله أفضل استغلال ممكن. وكما يشير دركر في كتابه
اقتباس"عِ الوقت know the time، لأن الوقت أندر المصادر، فإذا لم تستطع إدارته فلا يمكنك إدارة أي شيء آخر".
وفي كثير من الأحيان يفرض الوقت على المترجم عبئا كبيرًا ويضعه تحت ضغط كبير، خصوصًا إذا كان النص طويلًا ومحتواه ليس بسيطًا إلى حدٍ ما؛ لا سيما أنه ملزم بإخراج نص مطابق للأصل وتحقيق القصد من الترجمة في النص الهدف -والمتمثل بتبليغ المعنى ورسالة النص-، دون أي تشويه للنص الأصلي؛ لكن في بعض الأحيان ودون أي قصد، قد يقع المترجم في زلات لغوية ونحوية أو هفوات في ترجمة التعابير الاصطلاحية أو حتى خطأً في ترجمة بعض المصطلحات المتخصصة الموجودة في النص الأصل.
وبهذا الصدد يجب أن يتمرس المترجم(ة) على سرعة إنجازه في ترجمة النص المكلف به، ويمكنه تحقيق ذلك الهدف المنشود عبر استفادته من التطورات التكنولوجية الحديثة المصممة خصيصًا لمساعدته على التغلب على عامل الوقت، مثل أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب، أبرزها منصة سمارت كات.
ما هو الفرق بين سمارت كات Smartcat وترادوس Trados للترجمة؟
تتمثل الفروقات بين سمارت كات وترادوس للترجمة في مجموعة من الجوانب، والتي يتم توضيحها بالتفصيل في الجدول أدناه:
المقارنة من حيث | ترادوس Trados | سمارت كات Smartcat |
---|---|---|
السعر | يأتي ترادوس في نسختين، وهما: الإصدار المجاني، وهو صديق للمترجمين الجدد، والإصدار المدفوع، المزود بميزات فائقة لتلبية احتياجات المحترفين والمؤسسات. | النظام مجاني ويوفر 4 حزم مختلفة التسعير تعتمد على حجم الأدوات والمزايا المضافة في النظام، مما يسمح للمترجمين باختيار الأنسب لهم بناء على احتياجاتهم. |
اللغات المدعومة وإمكانية الوصول | يدعم ترادوس 9 لغات والعديد من اللهجات المختلفة سواء كانت بالعربية أو بأي لغة أخرى. وفيما يتعلق بإمكانية الوصول، فيمكن تثبيته على أكثر من جهاز حاسوب، وتبعاً لذلك يمكنك مشاركة مشروع عملك بين جهازين والعمل عليه في أطار برنامج واحد وضمن قاعدة بيانات موحدة. | يدعم أكثر من 250 لغة، ويمكن العمل على المشروع من أي جهاز آخر. كما يمكن لأكثر من مترجم العمل على ترجمة المشروع نفسه في الوقت ذاته دون أن يستدعي من أحدهم مغادرة المنصة. |
صيغ الملفات المدعومة | يتيح البرنامج دعمًا شاملاً لملفات متنوعة، بما في ذلك امتدادات ملفات الأوفيس مثل DOCX، XLS XLSX، PPTX، PPS، بالإضافة إلى الصيغ الأخرى المرتبطة ببرامج Microsoft Office. كما يُمكنه التعامل مع ملفات المتصفحات بشكل فعّال، مثل CSS لصفحات الأنماط، JS لملفات السكريبت، JSON لتبادل البيانات، وXML لتنظيم البيانات، إلى جانب العديد من الصيغ الأخرى المتعلقة ببرمجة الويب. | تدعم سمارت كات أكثر من 300 صيغة للملف، بما في ذلك ملفات PDF ومستندات Office (.doc و .docx و .ppt و .pptx و .xls و .xlsx) وملفات الوسائط المتعددة، وملفات المتصفحات مثل HTML، وغيرها. كما يمكنها التعامل مع تنسيقات الملفات غير المدعومة مثل CSV وAdobe Illustrator، وغيرها من التنسيقات. |
النسخة المجانية | يقدم ترادوس نسخة مجانية لمدة 30 يوم، وبعد انتهاء المدة المحددة يتعذر تحميل كافة الأدوات والميزات الخاصة بالبرنامج بشكل كلي. | نظام مجاني لكن يوفر نسخة مجانية غير مقيدة لمدة 45 يوم يمكن من خلالها استخدام العديد من الأدوات والمزايا، وبمجرد انتهاء المدة لن يعد بمقدورك استخدام تلك الأدوات والمزايا نفسها. |
سهولة الاستخدام والتسجيل | يوفر واجهة مستخدم بسيطة تسهل آلية العمل على المترجم، لكن يحتاج إلى دورات تدريبية قبل بدء العمل عليه. بالنسبة لـ آلية التسجيل فهي ليست معقدة، بمجرد تثبيت البرنامج على الحاسوب يمكن للمرجم استكمال خطوات التسجيل بسهولة. | سهل ولا يتطلب التحميل أو التثبيت، أما عن آلية التسجيل فهي سلسة للغاية. |
خطوات التسجيل في سمارت كات للترجمة
كما سبق وأسلفنا، فإن منصة سمارت كات مجانية، ويمكنك التسجيل فيها دون أي قيود من خلال اتباع الخطوات التالية:
- بعد زيارة الموقع الرسمي لمنصة Smartcat، اُنقر على خيار ابدأ مجانًا لإنشاء حساب مجاني على الموقع وتصبح عضوًا رسميًا في مجتمع سمارت كات للترجمة.
- بعدها ستظهر لك نافذة جديدة ستطلب منك إدخال البريد الإلكتروني الخاص بك، أو يمكنك تسجيل الدخول عبر حسابك على جوجل Google أو عبر حسابك على لينكد إن Linkedin (إن كان لديك حساب)؛ أو بإمكانك التسجيل في المنصة عبر حسابك الرسمي على موقع بروز Proz.
- وبمجرد اختيار الآلية المناسبة للتسجيل في الموقع، اذهب إلى بريدك الإلكتروني أو إلى أي منصة قد حددتها مسبقًا للتسجيل وستجد رسالة تحقق من 6 أرقام، أدخلها في الخانة المحددة.
- بعد اكتمال إدخال كود التحقق ستظهر لك نافذة أخرى تطلب منك إدخال معلوماتك الشخصية وإنشاء كلمة سر جديدة لك، كما يظهر في الصورة أدناه:
- أصبح بإمكانك الآن استكشاف الواجهة والتعرف على الأدوات والميزات المتاحة.
خاتمة
حاولنا في هذا المقال إلقاء الضوء على منصة الترجمة سمارت كات التي شهدت تقدمًا ملحوظًا في صناعة أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب؛ لتفردها في دمج تقنيات الترجمة الآلية مع واجهة مستخدم فعالة.
بهذا الصدد، لا يستطيع المترجم الاستغناء عن أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب إذا أراد أن يتطور مع الزمن ويساير موكب الحياة، ونحن في هذا العصر أحوج إلى أدوات الترجمة منا في أي عصر مضى، لأننا في عصر رقمي سريع التفاعل والشاطر الذي يسبق أولًا.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.