يمان نعساني
الأعضاء-
المساهمات
56 -
تاريخ الانضمام
-
تاريخ آخر زيارة
آخر الزوار
لوحة آخر الزوار معطلة ولن تظهر للأعضاء
إنجازات يمان نعساني
عضو نشيط (3/3)
7
السمعة بالموقع
-
يرغب المديرون دائمًا ببناء فريق عالِ الأداء، لكن يصعب عادةً فعل ذلك من البداية، بحيث يمرون مع فريقهم ببعض التحديات الصعبة من أجل اكتشاف الطريقة الأمثل للعمل والإنجاز سويةً. وتُعرف هذه المرحلة باسم مرحلة الصراع. مرحلة الصراع هي مرحلة طبيعية من تطور الفريق لكنها قد تكون صعبة. سيتناول هذا المقال طريقة دعم الفريق خلال هذه المرحلة ليخرج منها أقوى وأكفأ وأكثر ترابطًا. ما هي مرحلة الصراع؟ مرحلة الصراع هي المرحلة الثانية من تطور الفريق بحسب نموذج عالم النفس بروس تَكمانBruce Tuckman والذي يشرح خطوات نمو وتطور الفرق. مراحل تطور الفريق بحسب بروس تكمان مرحلة التشكيل: هي مرحلة تجمع الفريق الأولية. يغلب على الأعضاء الحماس للبدء في العمل لكنهم لا يمتلكون صورةً واضحةً عمّا يجب فعله أو كيف يعملون سوية أو كيف يساهمون في عمل الفريق ككلّ. مرحلة الصراع: هي مرحلة "تعصف" بالفريق الجديد بعد تشكيله، ويتكون فيها صراع بين أفراد الفريق. مرحلة التشكيل: هي عندما يبدأ الفريق بالترابط الحقيقي، فسيشعر أعضاء الفريق براحة أكبر عند العمل سويةً في هذه المرحلة ويفهمون أهداف وتوجهات الفريق فهمًا أفضل. مرحلة الأداء: يصبح الفريق هنا وحدةً مترابطةً ومتكاملة تَعي كيف تبلغ هدفها. يبلغ أداء الفريق هنا ذروته. وبالرغم من أن هذه المراحل مصممة للفرق حديثة التشكل، إلا أنها تنطبق أيضًا على الفرق القديمة. فقد يعود فريق ما من مرحلة الأداء إلى مرحلة الصراع عند مروره ببعض التغييرات الجوهرية في عمله. لذا من الضروري فهم مرحلة الصراع فهمًا كاملًا بغض النظر عن حداثة فريقك من عدمها. لماذا تمر الفرق بمرحلة الصراع؟ هناك عدّة أسباب لحدوث مرحلة الصراع ومنها: لا يزال الفريق في مرحلة بناء الثقة الثقة عنصر أساسيّ في أداء الفرق. لكن قد لا تمتلك الفرق المتشكلة حديثًا -أو الفرق التي تمرّ بتغيّرات كبيرة- ما يكفي لبناء هذه الثقة بعد، وقد يؤدي نقص الثقة هذا إلى تحديات ونزاعات. لا يزال فريقك يبحث عن الطريقة الأنسب للعمل معًا يمتلك كل شخص طريقته وأسلوبه الخاصين في العمل. كما تختلف معاملة الأشخاص للآخرين وأفكارهم عن آلية العمل وسيره. يحتاج الفريق لبعض الوقت لكي يصل إلى توافق في هذا الخصوص وقد يعاني الفريق ببعض الشيء حتى الوصول لذلك. ما زلت أنت تبحث عن الطريقة الأمثل لإدارة الفريق فمثلما يحتاج أعضاء الفريق وقتًا لإيجاد الصيغة المثلى للعمل، ستحتاج أنت أيضًا لبعض الوقت لمعرفة كيف تديرهم إدارةً أكثر كفاءة. هناك دائمًا تجارب ناجحة وأخرى فاشلة عند اختيارك لأسلوب الإدارة الأنسب لك ولفريقك. ماذا يحدث أثناء مرحلة الصراع؟ حصل فريقك حتى هذه المرحلة على بعض الوقت للتعارف والبدء بالتعاون معًا. كما بدأ أعضاء الفريق بالارتياح النسبي لمشاركة آرائهم ومناقشة آراء غيرهم. وقد شرع فريقك بالعمل لكن ذلك يصحب معه تحديات لا مفرّ منها وبعض التأخيرات والنزاعات. بعض المؤشرات على مرحلة الصراع ازدياد الإحباط. ازدياد الشكاوى من أعضاء الفريق. انخفاض الإنتاجية. عدم الاندماج بالعمل. نشوب نزاع شخصيّ بين أعضاء الفريق. نقص الاحترام تجاه الإدارة أو قيادة الفريق. مثال من الواقع شكلتَ فريقًا لتولي مهمة تحضير حملة تسويقية، وقد كان الجميع في البدء سعداء بالعمل معًا ومتحمسين لتحضير الحملة وكسب عميل جديد. لكن الأمور بدأت بالتغيير بعد بضعة أسابيع، فقد اختلف أعضاء الفريق على كل شيء، بدءًا من الأفكار التسويقية وصولًا للتصميم، وبدأ يشعر أعضاء الفريق بالإحباط من بعضهم ومن قيادة الفريق، فبدؤوا بالشكوى إليك عن العمل والمشروع وأعضاء الفريق الآخرين. إذ لا تُنجز المهام المطلوبة ويبدو أن الفريق يزداد إحباطًا يومًا بعد يوم. كل التحديات والإحباطات والعراقيل الّتي تواجهها مع فريقك هي مؤشرات على مرور الفريق بمرحلة الصراع. كيف أتجاوز مرحلة الصراع؟ مرحلة الصراع جزء من التطور الطبيعي للفريق رغم صعوبتها عليك وعلى أعضاء الفريق. ومن المفترض أن تجلب أنت -كونك مديرًا- الحلول لجعل الفريق يعمل من جديد. لكن إيجاد الفريق بنفسه للحلول المطلوبة هو أمر ضروري لتجاوز هذه المرحلة بنجاح. فيما يلي بعض الآليات المفيدة لمساعدتك على إدارة هذه المرحلة لتجاوزها بنجاح: 1. ركز على بناء الثقة تعتمد كيفية بناء الثقة على الفريق بحد ذاته. يفضّل بعضهم أن تترك الأمر لهم فيما يتعلق بأداء مهامهم، في حين يحتاج آخرون لتحديد الأهداف والتوقعات وبنية العمل بوضوح لبناء الثقة حولها. قد يبني بعض الموظفين الثقة عبر الانغماس في العمل المشترك مع الآخرين، بينما يفضل آخرون التريّث في بناء الشراكات مع من حولهم. من المهم معرفة مدى جوهريّة عملية بناء الثقة في مرحلة الصراع. ولتحقيق هذا الأمر ستحتاج أيضًا إلى النقطة التالية. 2. تعرف على أعضاء فريقك وساعدهم على التعرف على بعضهم يُكسبك التعرف على أعضاء الفريق المعطيات التي تحتاجها لبناء الثقة بين أعضاء الفريق وتشكيل الفريق بالطريقة الأمثل لتمكينه من الأداء الأفضل. اقضِ بعض الوقت في التعرف على فريقك. أمثلة عمّا يمكنك البحث عنه: ما هي أنماط شخصياتهم؟ ما هي أهدافهم الفردية والجماعية؟ كيف يؤدّون عملهم أداءً أمثل؟ ما الذي يشعرهم بالإحباط في العمل؟ هل يفضلون التوجيه من قبلك أم يرغبون باستقلاليّة أكبر؟ يمكنك إدارة الفريق إدارةً أفضل عندما تفهم أعضاء الفريق على الصعيد الشخصي. توازي أهمية تعرفك على الفريق أهمية تعرفهم على بعضهم. تأكّد من تخصيص الفريق لوقت كافٍ لأنشطة بناء الفريق والمناسبات الاجتماعية والاجتماعات الفردية بهدف بناء الثقة. 3. انشر ثقافة الصراحة والشفافية عندما تبني فريقًا يقدر أهمية الصراحة والشفافية، سوف تشعر بالأمان النفسي يسري في فريقك، إذ يشجّع هذا الشعور أعضاء الفريق على التحدث علانية وبصراحة كما يساعد على بناء الثقة ودفع الفريق لتجاوز مرحلة الصراع. إذًا عليك بناء ثقافة من الصراحة والشفافية وذلك يبدأ منك أنت، حيث يجب أن تكون صريحًا ومباشرًا مع فريقك لتشجيعهم على التصرف بالمثل. صارح موظفيك قدر الإمكان عند مناقشة المشاكل معهم واطلب آرائهم واحرص على أن يشعروا بقيمة آرائهم لديك. ناقش المشاكل والنزاعات مباشرةً عوضًا عن مواجهتها بعدوانيّة وشجّع فريقك على فعل ذلك أيضًا. 4. حسن باستمرار من التعاون بين أعضاء الفريق تساعد هذه الاستراتيجيّات فريقك على تخطّي مرحلة الصراع. لكن إيصال فريقك لمرحلة الأداء ليس خطوة بسيطة، إذ عليك أن تجعل فريقك يفكر دائمًا بآلية عملهم ويناقش نجاحها من فشلها. ومن أجل إبقاء أداء الفريق عالي المستوى، فادعم فريقك في تطبيق ما يفكرون به وشجعهم على التعاون أكثر. التقِ بفريقك باستمرار لقاءات جماعية وفردية. الاجتماعات التي تهدف لمناقشة المراحل السابقة مفيدة للغاية ليعرف الجميع ما يحتاج لتحسينه. من المهم أيضًا أن تلتقي بأعضاء فريقك في اجتماعات فردية لتتيح لهم فرصة مناقشة ما قد لا يرغبون مناقشته أمام الجميع. أمثلة عمّا يمكنك سؤاله: ما مدى جودة عمل الفريق مع بعضهم؟ ما النواحي التي يعانون فيها؟ هل هناك آلية أو عملية محددة يمكنك تغييرها للأفضل؟ تجاوز مرحلة الصراع لتصل لمرحلة الأداء قد يصعب تجاوز مرحلة الصراع على بعض الفرق. لكنّك الآن بتّ تعرف كيف تتعامل معها تعاملًا أفضل من أجل تجاوزها والخروج منها فريقًا أقوى وأنجح. ترجمة -وبتصرّف- للمقالة The storming phase: planning ahead to weather the storm لصاحبتها Deanna deBara.
-
قد يصعب على المديرين أحيانًا -لانشغالهم الشديد- ملاحظة الموظفين الذين لم يعودوا منخرطين مع الفريق، وتطلق عليهم تسمية الموظف غير المندمج. من المهم ملاحظة علامات عدم اندماج الموظفين لأن ذلك يجنبك ضياع الوقت الناجم عن إهمال مشكلة كهذه، سواءً كان السبب انشغالك بأمور أخرى أو عدم معرفتك بطرق حلها. يعني اندماج الموظفين في مكان العمل مدى شعور الموظفين بانخراطهم في عملهم وتكريسهم لهذا العمل ودرجة الجهد والطاقة المبذولَين في العمل. يسعى هذا المقال لمساعدتك على تحديد الأعراض الأولى للموظفين غير المندمجين وتطبيق الخطوات الأنسب وإعادة تفعيل أدوار هؤلاء الموظفين. ما علامات الموظفين غير المندمجين؟ هم ليسوا مجرد موظفين غير سعيدين، فلا يجب أن تتوقع زوال هذه المرحلة من تلقاء نفسها، ذلك أنّنا نرى مرارًا وتكرارًا ما ينجم عن هذه الحالات ما يلي: الاستقالة وزيادة معدل الدوران الوظيفي. عدم إنهاء المشاريع. النزاع داخل الفريق (بين الموظفين المندمجين وغير المندمجين). الأخطاء (الصغيرة منها أو حتى الكبيرة أحيانًا). إضاعة الوقت على حل هذه المشاكل بدلًا من الانشغال بمهام الفريق. وبحسب دراسة لجالوب Gallup: أثرك مهمّ حتمًا ولا يجب عليك الانتظار لكيلا تضيع فرصة تحقيق الأثر المطلوب. العلامات الباكرة للموظفين غير المندمجين بعض العلامات الباكرة التي يجب تقصّيها هي كما يلي: عضو من الفريق لا يشارك أفكاره كما كان يفعل من قبل. عضو من الفريق لم يَعُد يتواصل مع زملائه وبات منعزلًا. عضو من الفريق لم يَعُد يلتزم بمواعيده النهائية كما كان. عضو من الفريق لا ينخرط في فعاليات الفريق الأخرى خارج العمل كما كان يفعل. أنت تبحث باختصار عن تغير سلوكيّ. راقب معايير العمل لملاحظة علامات عدم اندماج الموظفين الطريقة المثلى لتحديد المشكلة قبل أن يفوت الأوان هي امتلاك سجل مستمر حول معايير اندماج الموظفين، وتستطيع بهذه الطريقة ملاحظة انخفاض مستويات الاندماج في مراحل باكرة. يمكن الاستعانة ببعض البرمجيات التي تراقب هذه الأفكار، فبعضها يجري استبيانًا أسبوعيًّا سريعًا على الموظفين لمراقبة حالتهم وسؤالهم عن آرائهم. وبهذه الطريقة يمكنك تلقي المعلومات هذه مهما بلغت درجة انشغالك، كما يمكنك الوصول لهذه المعلومات عبر هذه البرمجيات في أي مكان وفي كل وقت. علامات عدم الاندماج الجذرية فيما يلي بعض العلامات الأشد للموظفين غير المندمجين: يبدؤون بارتكاب أخطاء أكثر. لا يمتلكون الإجابة على أسئلة تتعلق بمهامهم اليومية. يؤجلون أو يلغون الاجتماعات المطلوبة مع زملائهم أو مديريهم. يرفضون التغيير عبر سلوكيات سلبية. يتوقفون عن اتباع آلية عمل الفريق. لازال بإمكانك فعل الكثير لتصحيح الموقف سواءً لاحظت علامات باكرة أو شديدة لعدم اندماج الموظفين. ما هي أسباب عدم الاندماج؟ يجب أن تعرف أولًا الأسباب الكامنة خلف هذه الحالات لتستطيع حل هذه المشاكل حلًا جذريًا. الأسباب الأكثر شيوعا لعدم اندماج الموظفين الشعور المستمر بضغط العمل. مستويات الشِدّة والتوتر المرتفعة. نقص فرص التطور الوظيفي. نقص الثقة. رداءة التواصل. قلة التعاون. التعويضات غير الكافية. عدم الاعتراف. نقص الموارد والدعم اللازمين لتحقيق أهداف الشركة. إدارة التغيير السيئة. عدم الاستماع للآراء. كيف تعيد دمج الموظفين غير المندمجين إليك مجموعة نصائح لقادة الفرق لمعرفة كيفية إعادة دمج الموظفين غير المندمجين. 1. راقب إحصائيات الفريق الخطوة الأولى للحل هي دائمًا تحديد المشكلة. عليك جمع البيانات اللازمة حول اندماج الموظفين سواءً عبر بعض التطبيقات المستخدَمة أو غيرها من الاستبيانات التي يمكن تطبيقها. حيث يمكّنك كل هذا من خلال الحفاظ على أداءٍ عالٍ للموظفين كما يسلط الضوء على نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم لتستطيع العمل عليها وتحسينها. 2. تعاطف مع موظفيك وفكر في الموقف الحاصل مليا بعد أن تحدّد المشكلة عليك الآن أن تضع نفسك في موقف الموظف وأن تتعاطف معه. حاول أن تشاركه وجهة نظره وترى الواقع كما يراه، واسأل نفسك الأسئلة الآتية: ماذا كنت لأفعل لو كنت مكانه؟ ما سلبيات التغييرات أو المواقف الحاصلة في الفترة الأخيرة على هذا الشخص أو هذا الفريق؟ هل حاولت أن أتأكد من أن الجميع يحصل على كل ما يحتاجه في هذه الفترة؟ تذكر اللحظات التي كان فيها هذا الشخص قيمًا بالنسبة للفريق. فكّر مليًّا في قيمة هذا الشخص وعمله. 3. حدد اجتماعا فرديا على الفور حدد اجتماعًا فرديًا مع الموظف غير المندمج حالما تُنهي الخطوة السابقة، واستخدم هذه المسودّة إن رغبت لمساعدتك في تحديد نقاط الحديث في هذا الاجتماع: صارحه منذ البداية بما تلاحظه من تغييرات عليه، واحرص على أن تخاطبه بلهجة متعاطفة ومن موقفِ راغبٍ بالمساعدة وليس كأنّك تقيّم أداءه لا أكثر. اذكر التغييرات المحدّدة التي لاحظتها بكل وضوح ودقّة. تحدّث عن النقاط الإيجابية التي فكرت بها حول قيمة هذا الفرد وما يضيفه إلى الفريق. أتِح له المجال ليخبرك بِما يفكر وبأسباب التغيير الحاصل من وجهة نظره، وأصغِ جيدًا لما يقول. حدد نقاط عمل تُظهر للموظف مدى التزامك واهتمامك بحل هذه المشكلة وأعلمه بما عليه فعله تاليًا. اذكر المواضيع التالية في اجتماعك مع الموظف واستخدمها مصدرًا لمساعدته على تحديد أفكاره وصياغتها. مستويات الضغط والتوتر المرتفعة من الطبيعي الشعور ببعض الضغط من الحين للآخر. لكنه يجب ألّا يكون مستمرًا وإلّا سيعاني أعضاء الفريق من الاحتراق الوظيفي ويصبحون غير مندمجين في الفريق. الأسباب الشائعة لضغط العمل هي: الحمل الزائد. نقص الموارد (مثل التدريبات والدعم اللازم). الأجر غير الكافي. حاول أن تلاحظ السبب الحقيقي عند تفكيرك السابق للاجتماع مع الموظف، فإن رأيت أنّ الضغط والتوتر سبب محتمل، فاذكره في حديثك مع الموظف واسأله عن رأيه في ذلك. نقص الثقة والتواصل والتعاون قد تؤثر طبيعة العمل عن بعد في الوقت الحالي على اندماج الموظفين، فليس من السهل نقل كل جوانب العمل المباشرة إلى العالم الافتراضي دون مشاكل. المؤثرات الشائعة على الثقة والتواصل والتعاون: مستوى الشفافية. القدرة على التعبير عن الرأي. مدى توافر وقت المدير. تأكّد من حديثك عن هذه المواضيع في حوارك مع الموظف وأعطِه الوقت الكافي لإبداء رأيه. التطور الوظيفي وعدم السؤال عن الآراء وقلة الاعتراف يرغب الجميع بالتطور المستمر، ومن المهم أن يرى الموظفون فرصًا دائمة للتطور والاعتراف ليبقوا مندمجين في عملهم. تساعد معرفة نقاط القوة في الفريق على التحسن وهي أساسية من أجل التطور الوظيفي، و أهم المؤثرات الشائعة على هذه العوامل بالنسبة للموظفين هي: التكرار. الجدولة الزمنية. عليك أن تركز على التطور المستمر والاعتراف والأخذ بالآراء إن أردت إعادة دمج موظف غير مندمج مع الفريق. واسأل فريقك عن الطريقة التي يفضلونها من أجل تقديم آرائهم وتنظيمها. شح الموارد والإدارة السيئة للتغيير تتطور الثقافات المؤسساتية باستمرار، وهذا أمر جيد بالطبع. لكن يجب الانتباه دومًا إلى المساعدة التي قد يحتاجها الفريق للتأقلم مع هذه التغييرات. الارتباط الأقوى من إدارة التغيير والموارد على الاندماج لدى الموظفين هو القدرة على التماهي مع قيم المؤسسة وأهدافها وما يتضمنه من قدرة قادة الفرق على إيصال هذه القيم والأهداف. خُذ الوقت الكافي للمرور على التغييرات الأخيرة الحاصلة في الشركة عند اجتماعك مع الموظف غير المندمج. اسأله وحاول أخذ صورة كاملة عن أثر هذه التغييرات عليه أو حاجته لدعم إضافي بسببها. الأجر غير العادل من الشائع أن يصبح الموظفون غير مندمجين إن لم يشعروا بكفاية أجرهم لقاء ما يقدمونه. وهذا ما يدفعهم أيضًا للبحث عن فرص أخرى خارج الشركة. وبما أنّ قادة الفرق لا يملكون دائمًا صلاحية تعديل الأجور الممنوحة، فماذا يمكنهم فعله حيال هذا الأمر؟ يُفضّل أخذ الوقت الكافي لمناقشة توقعات الموظف ورؤية المجهود المبذول وملاحظة حمل العمل الزائد -إن وُجد-. وجمع هذه البيانات من أجل مناقشة الإدارة حول إمكانية إجراء تغيير ما. اجمع البيانات التي حصلت عليها من اجتماعاتك الفردية مع أثرها الواضح على عمل الفريق واندماج الموظفين. دع البيانات تعكس الحقائق قدر الإمكان واربطها بمصلحة الشركة (كفاءة العمل والأداء وغيرها). وارفع كلّ هذا إلى إدارة الشركة لتحاول أن تشرح لهم وجهة نظر الموظفين حول الأجور غير العادلة. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Disengaged employees: all you need to reactivate engagement لصاحبته Ana Collantes.
-
تلعب طريقة تحديد الأهداف دورًا أساسيًا في كل مناحي العمل وخصوصًا انخراط الموظفين واندماج الفريق. وبمساعدة موظفيك على تحديد أهدافهم واستغلالهم مقدراتهم كاملةً، فأنت بهذا تساعد نفسك أيضًا لتحقيق أهداف المؤسسة وطموحاتها. ما شكل الأهداف التي يجب عليك مساعدة الموظفين على رسمها؟ سنذكر في هذا المقال بعض الأمثلة لتحقيق التصرف الأمثل في هذه الحالات لتتمكّن برفقة فريقك من رسم أهدافكم بطريقة أفضل. تحديد أهداف الموظفين بطريقة ذكية تختلف المقدرات الفردية من شخص لآخر. لذا يجب أن تمتلك أهدافنا بنيةً خاصة لنتمكن من تحقيقها، وهذا دور الأهداف الذكية SMART، والتي هي اختصار للتالي: محددة Specific: يجب أن يعرف الموظفون تمامًا ما يعملون من أجله ليستطيعوا الوصول إليه، فالأهداف المحدّدة أسهل تحقيقًا. قابلة للقياس Measurable: من المهم أن يتمكن الموظفون من قياس تقدمهم؛ لأنّ هذا يدفعهم للعمل أكثر تجاه أهدافهم. يعني هذا تحديد مؤشر أداء KPI ومعايير معينة لقياس الأداء كما يجب استعمال الآلية أو التقنية الصحيحة لتحقيق ذلك. قابلة للتحقيق Attainable: يجب ألّا يتخطى طموحنا في الأهداف حدود المنطق. يجب أن تكون الأهداف الموضوعة قابلة للتحقيق إن أردنا النجاح فيها. ذات صلة Relevant: يجب أن ترتبط أهداف الموظفين بكل من سياق العمل والطموحات المهنية لأعضاء الفريق. ابحث دائمًا عن مواءمة الأهداف التي تضعها للموظفين مع حوافزهم الشخصية وأهداف فرقهم. مبنية على الوقت Time-based: تجعل المعايير الزمنية الأهداف أكثر قابليةً للتحقيق، وتحافظ عليها كذلك مع تقدم سير العمل. كما تساعدك هذه المعايير على تجزئة أهداف الموظفين إلى مهام صغيرة يمكنك متابعتها بسهولة وشطبها عند التقدم في العمل. تحدد الأهداف الذكية آلية عمل لموظفيك من أجل تحديد أهدافهم الشخصية والوصول إليها في كل مرة. أنواع أهداف الموظفين: التطوير والأداء هناك نوعان من الأهداف التي يمكنك العمل عليها مع الموظفين، وهي أهداف التطوير وأهداف الأداء. أهداف الأداء هي أهداف قصيرة المدى مرتبطة بمسؤولية أو مهمة محددة، مثل: هدف المبيعات الربعيّ، أو العدد المطلوب من العملاء. أهداف التطوير وتركز على النمو والتعلم أكثر وتساهم في أهداف الشركة العامة بطريقة غير مباشرة، مثل: تحسين مهارات التواصل عند الإلقاء أمام العموم، أو الحصول على شهادات دراسية أعلى. كلا هذين النوعين مهمان في إدارة الأداء والتطوير المهني. تساعد أهداف الأداء الفريق على الوصول لمعايير محددة، في حين تساعد أهداف التطوير الموظفين على النمو واكتساب مهارات جديدة. من الواضح أن الأهداف الذكية ضرورية لمساعدة موظفيك على استخراج أفضل ما لديهم. لكن كيف يمكن تطبيق هذه الآلية على أرض الواقع؟ أمثلة على تحديد أهداف الموظفين هنا بعض الأمثلة الواقعية على أهداف الموظفين والتي يمكن أن تستلهم منها في جلساتك القادمة مع الموظفين. يشرح كل مثال كيفية تطبيق معايير الأهداف الذكية عليه. أمثلة على أهداف الأداء محدد: يجب أن يزيد الموظف مكالمات المبيعات. قابل للقياس: يجب أن تبلغ الزيادة نسبة 20%. قابل للتحقيق: الزيادة المرجوة منطقية ضمن سياق عمل الفريق ومستوى خبرة الموظف. ذات صلة: ستزيد زيادة المبيعات عند زيادة المكالمات وهو ما يساهم في نجاح الفريق والنجاح الفردي للموظف. مبني على الوقت: هناك فترة محددة مقدارها شهر واحد لتحقيق الهدف. محدد: يجب أن يتطوع الموظف لإدارة اجتماعٍ للفريق. قابل للقياس: يجب أن يدير الموظف اجتماعًا واحدًا على الأقل خلال المدة المحددة. قابل للتحقيق: تبدو فكرة إدارة الموظف لاجتماع واحد منطقية نظرًا لحجم الفريق وتكرار اجتماعاته. ذات صلة: الاجتماعات عنصر مهم في فعالية الفريق. وإدارة الموظف لأحد هذه الاجتماعات يدعم النمو ويسهم في تحقيق أهداف الفريق. مبني على الوقت: يجب تحقيق الهدف قبل نهاية الربع الحالي. محدد: على الموظف مشاهدة المقاطع التدريبية لكي يتعلّم العمل على النظام الجديد. قابل للقياس: يجب أن يشاهد 3 فيديوهات. قابل للتحقيق: يمكن أن يشاهد الموظف 3 فيديوهات بسهولة دون أن يتأثر مستوى عمله بناءً على طول الفيديوهات وتعقيدها. ذات صلة: ستمكّن هذه العملية الموظف من استعمال النظام الجديد استعمالًا أفضل. مبني على الوقت: على الموظف أن يشاهد هذه المقاطع خلال الأسبوع الحالي. أمثلة على أهداف التطوير محدد: يجب أن يتواصل الموظف مع زميله لمناقشة دوره في الشركة. قابل للقياس: يجب تحديد موعد لقاء واحد. قابل للتحقيق: يبدو تحديد موعد لقاء واحد فقط منطقيًا نظرًا للمدة الزمنية المحددة. ذات صلة: يسعى الموظف للوصول إلى منصب مشابه لمنصب زميله هذا يومًا ما؛ لذا فإنّ المحادثة ذات صلة وثيقة بمستقبل الموظف المهني. مبني على الوقت: يجب على الموظف القيام بهذه المهمة قبل نهاية الأسبوع. محدد: يجب أن يقرأ الموظف كتابًا ويسجل حوله ملاحظات لتحسين تواصله في العمل. قابل للقياس: يجب قراءة وتسجيل ملاحظات خلال يوم محدد كل أسبوع ولمدة محددة. قابل للتحقيق: تبدو فكرة قراءة كتاب لساعة واحدة أسبوعية منطقية، خاصةً أن الموظف يستطيع فعل ذلك خلال دوامه. ذات صلة: يفيد تعلم الموظف حول أساليب التواصل في تقدمه ونجاحه ويبني لتواصل أفضل مع الفريق. مبني على الوقت: سيتابع الموظف هدفه طوال الربع الحالي. محدد: يريد الموظف الالتحاق بدورة كتابة. قابل للقياس: من السهل قياس تحقيق الهدف فهو متعلق ببساطة بالتحاق الموظف بالدورة من عدمه. قابل للتحقيق: لهذا الهدف مهلة زمنية طويلة تُسهّل إيجاد الدورة المناسبة وإتمامها أيضًا. ذات صلة: مهارة الكتابة تُعَد مهمةً في عالم الأعمال، وسيتحسن مستوى عمل الموظف مثل فرصه المهنية المستقبلية بعد الالتحاق بدورة الكتابة. مبني على الوقت: على الموظف إتمام الدورة قبل نهاية العام. كيف تحدد أهداف الموظفين يمكنك طرح الأهداف المرصودة عند إجراء اجتماعاتك الفردية مع أعضاء الفريق. أعلمهم مسبقًا أنّك تود مناقشة أهدافهم بما يتماشى مع أهداف الفريق. وبذلك يحضرون الاجتماع بعد تجهيزهم لبعض الأفكار حول إمكانيات التطور الفردية فكلّ فرد منهم يمتلك أفكاره الخاصة حول هذا الموضوع. وظف هذه الأمثلة لتمكين فريقك مساعدة الموظفين على تحديد الأهداف الصحيحة أمر جوهري لنجاحهم ونجاح الفريق، وبما أنك الآن تملك فهمًا أفضل حول تطبيق الأهداف الذكية لتمكين الموظفين كما تمتلك هذه الأمثلة لمساعدتك. إذًا يمكنك الآن البدء بتطبيق هذه الأفكار ورفع مستوى فريقك. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Employee goal setting examples for performance development لصاحبته Deanna deBara.
-
من أصعب المهام على عاتق قادة الفرق، نجد إدارة التغيير في المؤسسات. حيث سيُطلب منك إخبار فريقك بشتّى المعلومات سواءً كان تغييرًا في استراتيجية العمل أو تطويرًا لعملية داخلية. ومن المهمّ جدًّا إيصال هذه التغييرات بكفاءة حتّى يقف فريق العمل خلفها ويدعمها. سبب ذلك أن طريقة مشاركة المعلومات تؤثّر على كيفية استقبالها. من ناحية أخرى يرى 92% من الموظفين أن مديرهم يحافظ على مستوىً جيد من الشفافية، لهذا يمكنك بالتالي ردم الهوة بين رؤية الشركة وبين عمل الفريق اليومي عبر الحفاظ على الشفافية، كما يمكنك عبر المقاربة الصحيحة أن تجعل التغيير -الذي تحاول إيصاله- جاذبًا للموظفين لا منفّرًا لهم. المبادئ الأربعة لتحسين تواصلك مع الفريق بعد انتشار جائحة كوفيد-19 في عام 2020 اضطرت العديد من الشركات لنقل أعمالها إلى المنازل، فقد سببت هذه الجائحة تغييرًا كبيرًا في طبيعة العمل لدى الجميع، كما حفّزت تغييرات في طرق التواصل الاجتماعي في العمل، مثل: تسهيل التعاون الافتراضي، وضرورة الحفاظ على انخراط عالٍ للموظفين في العمل، وتعديل سلوكيات التواصل. ولدعم المديرين في تيسير هذه التغيرات الحاصلة، وُضِعت آلية العمل التالية من 4 خطوات من أجل التغلب على هذه العوائق كما يلي: الأهداف: ما النتيجة المرجوّة من هذا التواصل؟ الجمهور: من المعنيون برسالتك هذه وكيف ستؤثر عليهم؟ الرسالة: ما النقاط الرئيسية المرغوب إيصالها؟ الأفعال: كيف يمكنك مشاركة رسالتك مع الجمهور مشاركةً أفضل لتحقيق أهدافك؟ 1. حدد أهداف التواصل غالبًا ما نُخطئ الظن ونقول أنّ الهدف من التواصل الفعّال مشاركة المعلومات فحسب، لكن يمكنك في الحقيقة تحقيق أكثر من ذلك بكثير. ومن المهم عند إيصال معلومات عن تغيير ما يحدث في العمل، أن تعلم النتائج التي ترغب بها من هذا التواصل لتستطيع تخطيط ما ستقوله تخطيطًا أفضل. وسترغب غالبًا في أن يفهم فريقك ماهيّة التغيير وأثره عليهم، كما قد ترغب بأن يشعر الأفراد بالاطمئنان والدعم أو الحرية للتعبير عن أنفسهم. ولربّما تهدف إلى استلهام رؤى الموظفين حول التغيير بحدّ ذاته ودورهم فيه. خطوةً تلو الأخرى: قد تتسرّع وتذهب بعيدًا في خيالك عندما تضع قائمةً بالأهداف التي ترغب بها، لكن عليك أن تتجنب ذلك وتحاول تحديد هدفين أو ثلاثة فحسب. قد يبدو هذا صعبًا لكن في النهاية لن تستطيع إنجاز الكثير في التواصل الأول. أبقِ أهدافك الأخرى على الطاولة لحين استخدامها في المرات القادمة. 2. فكر بالمعنيين برسالتك ضع أهداف وقيم فريقك في الحسبان وحاول أن تعرف أكثر عن المحفّزات، والأهداف، وطرق تواصل كل فرد من أفراد فريقك، إذ سيساعدك كل هذا في تحديد طريقة التواصل المُثلى مع فريقك. أمثلة عندما يميل فريقك لمناقشة الأفكار من أجل فهمٍ أفضل لها، أتِح لهم المجال للسؤال وتبادل الأفكار والمخاوف. إن غلب على فريقك طابع التفاؤل، فيمكنك التركيز على النقاط الإيجابية والفرص الجديدة المتاحة مع التغيير القادم لإثارة حماسهم. عندما يفضّل فريقك المصداقية، فسيكون من الأفضل مشاركة منظورك الخاص ومشاعرك حول هذا التغيير. إن كان فريقك مقاومًا للتغير، فيمكنك طمأنتهم عبر ذكر ما سيبقى على ما هو عليه لكسب ثقتهم في عملية التغيير. ففي حين لا يمكن التنبّؤ بردة فعل الفريق حول التواصل الجاري، عليك أن تحاول توقّع أثره عليهم وماهيّة الأسئلة التي ستتكوّن لديهم. سيساعدك التفكير بهذه الأمور على إيصال النقاط الأهم فيما تودّ قوله، وهذا ما يأخذنا للخطوة الثالثة. 3. ما الرسالة المرغوب إيصالها؟ إن تحديد النقاط الأساسية المُراد إيصالها هو حجر الأساس في التواصل مع فريق العمل عند حدوث تغيير ما، حيث يجب أن يفهم الموظفون فكرة التغيير وأثرها عليهم فهمًا تامًا، ومن الأفضل لك أن يعلم فريقك الخطّة المطلوبة وأن يتوجه إليها في خطواته، لذا من المهمّ تجنّب الغموض في إيصال الفكرة، كما يجب عليك في الوقت ذاته أن تراعي كمّ المعلومات الممكن استيعابها في المرة الواحدة، ومن الطبيعي أن يرى البعض التغيرات المؤسساتية معقدةً بعض الشيء. لذا يجب أن تهدف لإعطاء الأفراد معلومات كافية لفهم ما يحدث دون أن تُدخلهم في تفاصيل محيّرة هم في غنىً عنها. نصيحة: ضع قائمةً بالنقاط الأساسية لفكرتك عبر الإجابة على الأسئلة (ماذا ولماذا ومتى ومن وأين وكيف) لكي تشمل كل التفاصيل المطلوبة قد لا تتواجد كل هذه العناصر في كلّ مرة لكن احرص على التأكّد منها. 4. خطط لطريقة التواصل بعد أن وضعت الأساسيات وحضّرت كل ما تحتاج إليه؛ عليك أن تجد الطريقة الأمثل لإيصال رسالتك إلى جمهورك (فريقك)، وكيف يؤدي هذا التوصيل لتحقيق أهدافك؟ كيف تخطط للتواصل؟ التوقيت: هل هناك يوم مفضل للتحدث مع فريقك؟ هل يوجد موعد نهائي عليكم اللحاق به؟ اللحظة: هل تجتمعون دوريًا مع بعضكم؟ هل يمكنك استخدام هذا الاجتماع للتواصل مع الجميع سويةً؟ أم أنت بحاجة لتجهيز لحظة خاصة بهذا التوصل؟ القناة: هل يُستحسن استخدام قناة تواصل عامة مثل منصة Slack؟ هل تشارك الإعلان عبر الفيديو؟ أم يُفضّل الاجتماع شخصيًا لهذا الأمر؟ البنية: ما ترتيب النقاط التي ستتناولها؟ هل ستتلقى الأسئلة في نهاية الاجتماع؟ هل ستنجز الأمر لوحدك أم ستتشارك مع أحد ما؟ يجب عليك التفكير في هذه الأسئلة وغيرها عند التخطيط لما ستقوله، إذ سيساعدك التحضير الأمثل للتواصل حول التغييرات الحاصلة على التخفيف من عبء الأمر والتوتر الناجم عنه. كيف تتابع نتائج التواصل بعد أن خططت للتواصل الذي رغبته وشاركت الأخبار مع فريق العمل، عليك أن ترصد وقعها على أعضاء الفريق لتتمكن من الإجابة على التساؤلات الموجودة أو المخاوف المنتشرة. اجتمع مع كل فرد من أفراد الفريق استغلّ اجتماعك الفرديّ القادم لتفهم انعكاس التغييرات المُعلنة على الأفراد كلٌّ على حدة. وادعو أفراد فريقك لاجتماعات قصيرة إن لم تكن هناك اجتماعات مُخططة سابقًا. من الضروري أن يرى موظفوك اهتمامك بالأثر الفردي للتغيرات الحاصلة عليهم، ليتمكنوا سويّةً من فهم الأثر الحاصل على أدوارهم وعلى سير عمل الفريق، كما قد يشعر الموظف بثقة أكبر في هذه الحالة لطرح أسئلته ومخاوفه عليك. من الطبيعي ألّا تمتلك إجابةً على كل الأسئلة، لكن الأهمّ هو اتّخاذ خطوات للبحث عن الإجابة ومتابعة الأمر في جلساتكم اللاحقة. نظم استبيانا لأعضاء الفريق من الجيد أن تتابع الأمر مع أعضاء الفريق بعد أن يأخذوا وقتهم لاستيعاب التغييرات الحاصلة والتفكير بها. فعندما يعملون في الأيام التالية للإعلان الّذي أجريته، سيلاحظون كيفيّة تأثير هذا التغيير على آلية عملهم وعلى هدفهم. تحمل هذه الفكرة خلفها استيعاب الأفراد للوضع الجديد وكيف ستسير الأمور من الآن فصاعدًا، وتعني أيضًا أنّهم قد يستلهمون أفكارًا جديدةً أو يلاحظون عوائق لم تكن في الحسبان. يمكنك الحصول على صورة واضحة حول خطة التواصل التي طبقتها وأثرها على الموظفين وعن المعلومات والدعم الذي يحتاجونه عندما تطلب منهم ملء استبيان خاص بذلك. قيادة التغيير ليس من السهل قيادة التغيير. تتطلب مشاركة التغييرات الحاصلة الكثير من الوقت ليستطيع فريقك استيعابها بالطريقة الأمثل، لذا تذكّر دائمًا أن تنفتح على الآراء والأسئلة والدعم المقدّم من أعضاء فريقك خلال عملية التغيير. يعني التواصل الفعّال الكثير من كونك قائدًا ناجحًا. ترجمة -وبتصرّف- للمقال Communicating change: 4 steps to get your team on board لصاحبته Nora St-Aubin.
-
تتشابه علاقتك مع العملاء مع علاقاتك الشخصية أكثر مما تظن، فسعادة العميل هي نتاج للكثير من الجهد والوقت والتعلّم مثل سعادتك عند وجودك بالقرب من أصدقائك والأشخاص الذين تحبهم، فهي لا تتعلّق بعمل واحد فحسب، بل بالأفعال المتراكمة مع مرور الوقت. انظر إليها من هذا المنحى: إن كنت تتعرّف على شخص ما وتصرّف بلطف في بادئ الأمر ثم تجاهلك في باقي الأوقات، فلن ترغب في توطيد علاقتك مع هذا الشخص أكثر من ذلك. ينطبق الأمر ذاته على علاقتك مع العميل فهو أيضًا يشعر بنفس هذه المشاعر تجاهك. هناك العديد من القصص المتداولة حول مواقف رائعة من خدمة العملاء مثل قصة موظف شركة Morton الذي جلب شريحة لحم مطهيّة إلى المطار لأحد زبائنه. لكن جعل عملائك يقعون في حب شركتك يتطلّب منك أكثر من هذه المبادرات. فهو يتطلّب انخراطًا طويل الأمد واستثمارًا في هذا المجال. قد تبدو درجة الالتزام هذه مخيفةً خاصةً إذا كانت شركتك صغيرة، وعلى الرغم من ذلك يمكنك إدخال بعض المبادئ الأساسية لنموذج العمل لديك لأجل ضمان سعادة العميل في كل مجالات العمل لديك. ما هي سعادة العميل؟ سعادة العميل هي درجة الرضا والولاء لدى عملائك بعد تعاملهم مع منتجك أو فريقك، وهي الشعور الذي يراود العميل عند تلبية احتياجاته باستمرار في الوقت الصحيح وبالطريقة الصحيحة. قد يبدو مفهوم "السعادة" غامضًا بعض الشيء، إذ لا توجد طريقة محدّدة لقياس مدى سعادة العميل على عكس مقاييس أخرى، مثل: مقياس الترويج Net Promoter Score، ومقياس جهد العميل Customer Effort Score، ومقياس رضا العميل Customer Satisfaction Score، إلا إذا ابتكرت أنت مقياسًا آخر لذلك. كيف يمكننا إذًا قياس سعادة العميل إن لم تتوفّر أداة محدّدة لذلك؟ عليك إذًا دمج جميع المعطيات المتوفّرة لديك حول تجربة المستخدم بالإضافة إلى المعطيات المقدّمة إليك من فرق خدمة العملاء. وبذلك أنت على الطريق الصحيح. بين سعادة العميل ورضاه يبدو من المهم قياس مدى رضا العميل نظرًا لصعوبة تحديد طريقة قياس لسعادة العميل. يُستخدم استبيان رضا العميل Customer satisfaction CSAT لقياس مدى الرضا حول خدمة أو منتج ما عبر السؤال: "ما مدى رضاك حول (الخدمة/المنتج) التي حصلت عليها اليوم؟" يُعَدّ رضا العميل مؤشرًا مهمًا على وضع العملاء لكنّه ليس مقياسًا حقيقيًّا لسعادة العميل. فقد يؤدي الرضا لسعادة العميل لكنه ليس بديلًا عنها. فَرِضا العميل لا يمثل سوى تجربةً منفردة ضمن السياق الزمني لتعاملات العميل في حين ترتبط فكرة سعادة العميل بالمدى الطويل لهذه التعاملات. يحمل قياس رضا وسعادة العملاء قيمةً مرتفعة. على الرغم من ذلك تكمن الأهمية القصوى في تشكيل اتصال عاطفي مع العميل. كما ذهبت شركة Gallup أبعد من ذلك إلى وصف مؤشر رضا العميل بأنه عديم القيمة بدون استجابة عاطفية تؤسس لاتّصال عاطفي معه. رضا العميل هو مؤشر مهم لخطواتك طويلة المدى للوصول إلى سعادة العميل. قد يتشابه المفهومان لكنهما ليسا متطابقين أبدًا. لماذا سعادة العميل مهمة؟ تزيد القيمة طويلة الأمد لاتصال العميل العاطفي مع شركتك على ضِعفَي قيمة رضا العميل. حيث يبتاع العملاء السعداء المزيد من شركتك. سيخبرون رفاقهم عن مدى روعتك. وسيقدمون على مساعدتك عبر إعطائك آراءً مهمة حول استخدامهم لمنتجه وما يرغبون برؤيته. تساعد سعادة العملاء أيضًا بكونها طريقة لتقييم وضع الشركة. فهي تمكّنك من تحديد نقاط ضعفك وكيفية تحسينها والنقاط التي يرغب العملاء بوجودها، كما ستعطي نتيجةً أفضل وأسرع في عملك عندما تعلم ما يراه العملاء في إجراءاتك وما يرغبون به عوضًا عن أن تتوقع ذلك. كما يحرض رفع مستوى الإنتاج والارتباط العاطفي المُتشكّل بدورهما السعادة الداخلية. يجب أن يتعامل فريق دعم العملاء لديك مع توابع إمكانية انعدام السعادة لدى شريحة من العملاء، فقد يُحبِطهم الأمر إن تلقّوا التوبيخ أو الصراخ من العملاء باستمرار؛ وفي المقابل، تمتلك سعادة الموظفين أثرًا مهمًّا على أداء الشركة طويل الأمد، ففي النهاية لا يرغب أيٌّ من العملاء الأوفياء للشركة في رؤية موظّفه المفضّل في خدمة العملاء مغادرًا الشركة بحثًا عن دخل أفضل. تُعَدّ سعادة العملاء أمرًا جوهريًا وقيّمًا ودوريًّا، وهي تلامس كل جوانب العمل وتزداد قوة في كل دورة تمرّ بها. 11 طريقة لتحقيق سعادة العملاء ربما تشوّقت الآن للبدء بعد أن تعرّفت على سعادة العملاء. ولحسن الحظ فالأمر ليس بتلك الصعوبة، إذ هناك العديد من الطرق الصغيرة والبسيطة التي تُمكّنك من البدء برفع مستوى سعادة العملاء لديك اليوم. 1. أتقن صقل شخصية العمل إن رغبت بجذب اهتمام العملاء بشركتك عليك أن تكون مُحَبّبًا، وأفضل طريقة لذلك هي خلق هوية للشركة تتماشى مع شريحة العملاء التي تستهدفها، فإذا لم تفهم شخصية علامتك التجارية، فلن تمتلك أساسًا تبني عليه صوتها. ولتحدّد ما هي شخصيّة علامتك وتتقن صوتها اسأل نفسك سؤالين: مَن؟ ولماذا؟ عليك أن تعرف الشريحة التي تخاطبها ولماذا تفعل ذلك. فإن كان منتجك مثلًا يستهدف الرجال فوق سن السبعين ستختلف طريقة مخاطبتك لهم حتمًا عمّا لو وجّهت منتجك للفتيات في سن المراهقة. إن كان هدفك بيع منتجات دوائية لمن يعاني من مرض عضال مثلًا، فعليك أن تغيّر المصطلحات التي كنت لتستخدمها في بيع مستلزمات الحفلات، إذ يجب أن تعرف من هو جمهورك لتستطيع إرضاءه. 3. استمع لعملائك وفّر لعملائك طرقًا لإيصال آرائهم حول عملك وكيف يمكن تحسينه. يحصل هذا الأمر تقليديًّا عبر استبيانات CSAT أو NPS، لكن توجد العديد من الطرق الأخرى لفعل ذلك: مجموعات النقاش المركّزة. دراسات نقاط المبيعات. وسائل التواصل الاجتماعي. معطيات دراسة (إدارة علاقات العملاء CRM customer relationship management). البريد الإلكتروني. الصفحات المقصودة. مجموعات المستخدمين. المجتمعات. أعطِ عملائك فرصةً للتحدث في هذه المساحات حول ما يهمّهم وما يحتاجونه. يمكنك أن تزيد من سعادة العملاء عبر فهم هذه الاحتياجات والعمل على أساسها، وبذلك سترفع من جودة منتجك وخدمة العملاء لديك. 4. اجعل تجربة العميل شخصية يرغب العملاء بالتعامل مع الأشخاص الودودين الدافئين والمُساعدين. يجب أن يتعامل جميع موظفيك -سواءً في قسم خدمة العملاء أو التسويق أو أيّ قسم كان- مع العملاء كما يتعاملون مع جيرانهم: بودّ واحترام. يمكنك تشييد علاقات مهمة مع عملائك الحاليين والمستقبليين عندما يعيشون تجربة شخصية في شركتك. يجب أن يعرف فريق الدعم لديك مع من يتحدّثون، كما يجب أن يلائم قسم التسويق حديثهم وفق اسم الشخص ومعلوماته الأساسية. ويجب أيضًا أن تبني تجربة المبيعات على عمليات الشراء السابقة والتعاملات مع العملاء، لهذا استخدم جميع الأدوات في جعبتك لإيجاد أفضل تجربة شخصية ممكنة للعميل. 5. عامل كل عميل على أنه عميل مميز VIP لِكون المرء من الشخصيات المهمة VIP مزايا عدّة ومن أهمها أنها توفر للشخص شعورًا إيجابيًّا بأن من يتعامل معه يقدّره حقًّا. لحسن حظّك يمكن تقديم هذا الشعور لكل العملاء لديك بِغضّ النظر عن ميزانيتهم أو حاجاتهم. ابدأ بتقديم محتوى مخصّص واهتمام كامل لكل عميل واجعلهم يتعاملون دائمًا مع واجهات شخصيّة. ستجعل من عملائك بهذا شخصيات مهمّة VIP ليبتاعوا أكثر و ينشروا خدمتك أكثر فأكثر. 6. تدرب على الامتنان الامتنان عاطفة مهمة للغاية. حيث يبني التعبير عن الامتنان مشاعر إيجابية تجاه شركتك ويحسّن صورتها البشرية أمام العالم، لهذا لا تبخل في التعبير عن الامتنان، وقُل شكرًا في كل رسالة إلكترونيّة وفي كل تعامل مع العملاء، إذ يزيد التعبير عن الامتنان من فرص مساعدة أحدهم لك في المستقبل أيضًا. فكّر في طرق مبتكرة أكثر للتعبير عن الامتنان أكثر من كلمة شكرًا، حيث يمكنك مثلًا إرسال بطاقات شكر أو هدايا في المناسبات الخاصة أو حتى عرض حسومات للمشتركين أو المستخدمين القدامى. وقد تكون الهدايا البسيطة مثل جوارب جميلة غير ذات تكلفة مهمة بالنسبة للشركة لكنها ستحمل الكثير من الأهميّة لعملائك. 7. قس وراقب معايير أدائك كيف ستعرف أن الأمور لا تجري على ما يرام إن لم تمتلك طريقةً لمتابعتها؟ طبّق معايير ومقاييس من أجل فهم أداء فريقك: استوعب مفاهيم العمل، مثل: الاستجابة الأولى، ورضا العميل، ومقياس رضا العميل NPS، وكيفية تغيرهم مع مرور الوقت. حلّل تفاعلات عملائك لفهم حاجاتهم واهتماماتهم بجاهزيّة أكبر. اربط هذه المدخلات ببعضها لفهم أثر التغيّرات البسيطة في تجربة العميل على سعادته عمومًا، وستتقدم خطوةً إلى الأمام في رفع سعادة العملاء لديك عندما تتسلّح بهذه البيانات. 8. حافظ على الاستمرارية إنّ جودة عملك في القطاع الخدمي تنعكس من جودة آخر خدمة قدمّتها فحسب، وينطبق هذا على أي عمل في مجال خدمة العملاء، فقد يتطلّب الأمر 12 تجربةً إيجابيةً لتتخطى أثر تجربة واحدة لم ترقَ للمستوى المطلوب. على الشركات أن تزوّد موظفيها بقيم ومعايير ومبادئ للتعامل مع العملاء من أجل الحفاظ على الجودة مع كل خدمة مُقدّمَة، كما يجب عليك الحفاظ على التوازن بين الاستمرارية في الأداء وبين تمكين أعضاء الفريق من استغلال نقاط قوتهم. 9. أوف بوعودك لا تقدّم وعودًا كاذبة ولا تعطِ التزامات لا يمكنك الالتزام بها، إذ سيشعر العميل بأنك غششته وكذبت عليه إن وعدته ولم تفِ بوعدك، وسينتهي بك الأمر بكسر العلاقة التي سعيت جاهدًا لتحقيقها. وستتطلّب إعادة بناء العلاقة هذه جهدًا أكبر من الجهد المطلوب للتواصل الفعّال مع العميل حتّى حول المواضيع الصعبة. إذ تثير الوعود الكاذبة المشاعر السلبية وقد تؤدي لنشر مراجعات سلبية على وسائل التواصل الاجتماعي أو انتقالها من شخص لآخر. اقرأ هذا الموقف على سبيل المثال: عوضًا من أن يشرح فريق المبيعات للعميل أن الخدمة التي يبحث عنها لا يوفّرها المنتج، أخبره أن فريق خدمة العملاء سيساعده للحصول عليها بعد إتمام الشراء، بحيث يلجأ العميل بعد أن يشتري المنتج لفريق خدمة العملاء من أجل الحصول للخدمة التي يبحث عنها. تخيّل الآن مدى الإحباط الذي سيشعر به العميل عندما يعلم أنه لن يحصل على الخدمة التي دفع المال للتوّ من أجلها. وعلى الرغم من أن فريق خدمة العملاء مؤهل لشرح الحالة للعميل إلّا أن العلاقة التي كُسِرت بين العميل وبين شركتك ستحتاج مجهودًا أكبر من ذلك بكثير لكي يُعاد بناؤها، والصراحة هي السياسة الأفضل فيما يتعلّق بسعادة العميل، وهي سياسة توفّر لك الوقت والمال على المدى الطويل حتّى لو كلّفتك بضع صفقات في بادئ الأمر. 10. اعترف بالأخطاء واعتذر عنها ستمرّ كل المنظمات بعوائق ومطبات تعرقل سير العمل، لذا عليك أن تصارح بالمشكلة سواءً كانت تسرّبًا للمعلومات أو مجرد حالة طقس سيئة. حافظ على الشفافية دائمًا، وشارك الموقف ومخاوفك مع الآخرين بالإضافة لأيّة خطوات ستتخذها لحل المشكلة. إن الاعتذار في مثل هذا المواقف أمر قطعيّ لكنه غير كافٍ دومًا. تمنح سلسلة فنادق Ritz Carlton لموظفيها صلاحية إنفاق 2000$ يوميًّا لكل عميل لتحسين جودة الخدمة المقدّمة له. قد لا تمتلك الميزانية الكافية لصرف مثل هذا المبلغ، لكن لا زال بإمكانك أن تعطي فريقك المرونة اللازمة لتقديم كل ما يمكن للعميل. دعهم يختارون متى يقدّمون للعميل فرصة استرداد الأموال أو غيرها من الخطوات الممكنة لمواجهة المشاكل الطارئة. لا تنسَ أن المجتمع أيضًا يرغب بسماع قصص مشوّقة عن خدمتك. ففي كلّ مرة تسير الأمور بطريقة غير مخطط لها، تمتلك فرصة لجعلها أداة لتسويق تجربة خدمتك. إذا توَاصلَ العميل مع الشركة وهو محبط من تجربته؛ فهذا يعني أنه يهتم بالأمر وهذا ما دفعه لأن يتواصل. كُن حكيمًا واغتنم هذه الفرص لبناء علاقات شيّقة مع مجتمع العملاء لديك. 11. قدم ميزات وجوائز حوّلت شركات، مثل: Southwest Airlines، وPatagonia، وNordstrom سعادة العملاء إلى شكل من أشكال الفنّ عبر تقديم قيمة حقيقية بما يعرضونه، فهم يعلمون أن الحافز المقدّم مرةً واحدة هو أمر ممتع للعميل، لكن عليك أيضًا أن تحافظ على الزخم الّذي اكتسبته مع مرور الوقت من أجل أن تصنع أثرًا حقيقيًّا. استثمر في الجوائز والحوافز والعروض الدورية التي يرغب بها الناس، وأضف عليها واحدةً أو اثنتين تحملان نوعًا من المفاجأة. سعادة العميل هي الأهم دائما إنّ اتّباع هذه النقاط الإحدى عشرة سيشعر فريقك أيضًا بالسعادة وليس فقط العملاء لديك، بحيث ستشكّل بيئةً مثاليةً للعمل لك ولفريقك عندما تكرّس مبدأ سياسة العميل في عملك. ترجمة -وبتصرّف- للمقال What Is Customer Happiness + 11 Ways to Inspire It لصاحبته Mercer Smith-Looper.
-
تريد الحكومات دعم ريادة الأعمال عمومًا لأنّ الأعمال التجاريّة الناجحة تولّد قيمة بين السكّان. تسمح هذه القيمة للشركات بتوفير الوظائف ودفع الضرائب للدولة وتمكين العمّال من دفع الضرائب أيضًا. تحصل الحكومات أيضًا على الثناء السياسي لدعمها التجارة وتجميع الثروة، بالإضافة إلى توفير فرص العمل. تضع الحكومة وتغير الشروط المؤسّساتيّة التي تشجّع أو تثبّط روّاد الأعمال على الابتكار أو السعي لتحقيق الربح بوسائل أخرى. يمكن للحكومة أن تدعم ريادة الأعمال من خلال تقليل الحوافز السلبيّة أو عن طريق زيادة الحوافز الإيجابيّة. يمكن للحكومة تحديدًا فعل التالي: تقليل الحواجز و العقبات أمام ريادة الأعمال التي أقامتها الحكومات السابقة أو البيئة الاجتماعيّة. حماية الملكيّة الفكريّة ورأس المال من خلال نظام براءات الاختراع وسيادة القانون. تزويد الأعمال بتكنولوجيا جاهزة للتسويق. زيادة الحوافز لريادة الأعمال والتي تأتي على حساب الأولويّات الأخرى. تقديم مزايا خاصّة للصناعات أو الشركات أو المناطق المفضّلة، على الرغم من أن هذه المحسوبيّة قد تأتي بتكلفة سياسيّة واقتصاديّة من خلال تشويه الأسواق وممارسة التفضيلات. تثبيط أقلّ: تقليل الحواجز تضع اللوائح والقوانين القواعد الّتي تساعد روّاد الأعمال على التنبّؤ بما سيحدث فيما إذا قرروا المخاطرة وإطلاق مشاريعهم الخاصّة. لذا يجب أن تكون اللوائح واضحة ولا يجب أن تتغيّر بسرعة أو بمجرد تولّي أغلبية سياسيّة جديدة السلطة. اللوائح هي قيود عامّة، وأيّ قيد يميل إلى تقليل الابتكار بسبب الحدّ من الخيارات المُتاحة. لذا يؤدّي الحدّ من اللوائح إلى إطلاق العنان للابتكار. هذا ليس الحال دائمًا. على سبيل المثال، قد تدفع قيود تقسيم المناطق الشركات المتشابهة لأن تكون قريبة من بعضها البعض؛ مما يؤدّي إلى زيادة التقاطع بين الأفكار. وعندما تفرض الحكومة حقوق الملكيّة بما في ذلك الملكية الفكريّة -ما يمنع الآخرين من استخدام تلك الملكيّة- يشعر روّاد الأعمال بمزيد من الأمان في توظّيف رؤوس أموالهم في مشاريع جديدة. كما يشعر روّاد الأعمال بمزيد من الأمان عندما تمتنع حكومتهم عن الاستيلاء على الممتلكات عن طريق عمليات التأميم الاشتراكيّة مثلًا. غالبًا ما تعكس القوانين واللوائح فترة سياسيّة واقتصاديّة معينة في الماضي ، وقد يكون عفا عليها الزمن بسبب سرعة الابتكار والتغيرات العصرية الحديثة. تتغيّر التكنولوجيا بسرعة أكبر مما يستطيع البيروقراطيّون مواكبته. فعلى سبيل المثال، تمتلك شركتان مختلفتان تقنيّة ثوريّة مماثلة: (Skype) و(Free World Dialup (FWD)). وفّرت الشركتان "مكالمات هاتفيّة" مجانيّة عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم. كان على (FWD) الانتظار 18 شهرًا في الولايات المتحدة حتى يقرّر المشرّعون أنّ الشركة معفيّة من لوائح الاتّصالات الأمريكيّة التقليديّة. وفي الوقت نفسه كان لدى (Skype) خارج الولايات المتّحدة سنوات لتطوير قاعدة مستخدميها بلا عمليّة التشريع الطويلة. لم تستطع (FWD) المنافسة وتركت العمل وأصبحت (Skype) البطل بلا منازع. تميل اللوائح أيضًا إلى تفضيل الشركات الكبيرة الراسخة الأقلّ ابتكارًا، في حين تثبّط المشاريع الرياديّة الصغيرة. غالبًا ما تحمي حواجز التجارة الدولية (مثل التعريفات الجمركية) الأنشطة التجاريّة القائمة في بلد ما وتجعل من الصعب نسبيًّا على الشركات الجديدة من البلدان الأخرى المنافسة. يمكن للبيروقراطيّة أيضًا أن تجعل بدء الأعمال التجاريّة أمرًا صعبًا ومكلفًا ويستغرق وقتًا طويلاً. قد يضطر المُلّاك في البلدان ذات مستويات الفساد المُرتفعة إلى دفع رسوم إضافيّة إلى البيروقراطييّن لتسريع عمليّة استخراج الموافقات المطلوبة. الضرائب أيضًا تمثّل عقبةً أمام تحقيق أرباح جيّدة في المشاريع الرياديّة، لذا فإنّ الضرائب تقلّل من رغبة روّاد الأعمال في المخاطرة وإطلاق مشاريع جديدة برأس المال المُتوفّر لديهم. تُعاقِب الضرائب التقدميّة -على عكس الضريبة الثابتة- الشركات بمعدّلات أعلى عند كسب المزيد من المال، وهو ما قد يثبّط أيضًا روح المبادرة. يمكن أن يؤدّي تخفيض الضرائب واللوائح إلى تشجيع ريادة الأعمال، على الرغم من أن هذه التغييرات يمكن أن تزيد أيضًا من القدرة التنافسيّة للشركات القائمة. كما أنّ تخفيض الإعفاء الضريبي للمؤسسات غير الربحيّة وريادة الأعمال الاجتماعيّة يشجّع مجموعة متنوّعة من الخدمات الّتي تسهم في توفير قيمة إيجابيّة في المجتمع المدنيّ. غالبًا ما توجد حواجز ثقافيّة بالإضافة إلى الحواجز الحكوميّة أمام ريادة الأعمال. يمنع التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين في بعض البلدان العديد من رجال الأعمال المحتملين من الحصول على الموارد الّتي يحتاجون إليها. يمكن للحكومة التدخّل لمنع هذا التمييز وحماية الحقوق المتساوية. يمكن للحكومة أيضًا أن تتصدّى للمواقف التمييزيّة والّتي تُعدُّ غير قانونيّة عن طريق الحملات التثقيفيّة. يمكن للحكومة أيضًا دعم القيود الخارجيّة على تنمية الأعمال التجاريّة، مثل دعم رعاية الأطفال حتى يتمكن روّاد الأعمال من قضاء المزيد من الوقت في عملهم بتكلفة أقلّ. تثبيط أكثر: زيادة الحوافز الإيجابية يمكن للحكومة التقليل من تكلفة الابتكار التقنيّ من خلال إعطاء التكنولوجيا الّتي تنتجها الحكومة للقطاع الخاصّ ليتمكّن من تسويقها. يمكن للحكومة أيضًا تغيير قواعد وسياسات التمويل لتقليل تكلفة تحويل الأموال أو التكلفة الفعليّة للحصول على الأموال. يمكن للحكومة مثلًا أن تجعل تلقّي الشركات قروضًا حكوميّةً أسهل أو أقلّ تكلفة، من خلال دعم الإقراض والاقتراض. تأتي كلّ هذه الجهود بتكلفة مباشرة على حساب الدعم أو غير مباشرة من خلال توفير أموال للمشاريع الأخطر ممّا قد يوفّره القطاع الخاصّ. يمكن للحكومة أيضًا توفير رأس مال استثماريّ لجذب مشاريع جديدة خاصّة في المجالات الّتي لا يستطيع القطاع الخاصّ فيها تحمّل مخاطرها باهظة الثمن أو لديه خبرة قليلة فيها. يمكن مع ذلك لرأس المال هذا أن يدعم الشركات منخفضة الجودة الّتي لن تنجح في النهاية. إنّ القطاع الخاصّ -الذي يخاطر برأس ماله الخاصّ بدلاً من أموال دافعي الضرائب- قد لا يدعم مثل هذه الشركات الأقلّ قابليّة للاستثمار. يمكن للحكومة أيضًا أن تختصر أنواعًا أخرى من الشركات من خلال التركيز على الشركات ذات إمكانيّة النموّ المرتفعة. وأخيرًا، تُشير الأبحاث إلى أنّ المشاريع عالية الجودة هي ما يجذب المال بدلاً من أن يجذب المال المشاريع الجيّدة القابلة للاستثمار. يمكن للحكومة أيضًا دعم عناصر أخرى للابتكار وبناء الأعمال مثل الدعم المباشر للبحث وتطوير التكنولوجيا أو من خلال بناء المرافق الضرورية لإجراء الأبحاث والمشاريع الرياديّة. ولكن هذا النوع من الدعم يميل إلى المحسوبية حيث تتلقّى صناعات أو مناطق معينة معاملة ودعمًا خاصًّا، على الرغم من أنها قد لا تكون الخيارات الاقتصادية الأفضل للدعم. قد تقتصر الحكومة مثلًا في عقودها التجاريّة على أنواع معيّنة فقط من الشركات الصغيرة، على الرغم من أن الأعمال التجاريّة الأكبر قد تقدم خدمة أفضل للدولة والمجتمع ككل. يمكن للحكومة أيضًا أن تخصّص الموارد اللازمة لبرامج التدريب، والّتي يمكن أن تشمل دورات رسميّة لريادة الأعمال أو دراسة إدارة الأعمال في مؤسّسات التعليم العالي أو تقديم المشورة في مجال الأعمال أو من خلال إجراء مؤتمرات علنيّة للتواصل غير الرسمي في المجتمعات المحليّة. تشمل المشاريع طويلة المدى التي يمكن للدولة تأمينها لنقطة بداية نشأة روّاد الأعمال كلًّا مما يلي: التمويل العامّ "لمحو الأميّة الماليّة" تخفيف مستوى المخاطرة والنماذج التاريخيّة لريادة الأعمال والقيادة لتطوير ثقافة تفكير ريادة الأعمال، والّتي يمكن أن تبدأ في مراحل دراسيّة باكرة، مثل المدرسة الابتدائيّة. يمكن للحكومة المحليّة تسويق قيمة ريادة الأعمال الاجتماعيّة والشركات الصغيرة للمجتمع وتقديم الدعم المعنويّ للعمل التطوعيّ والمشاريع الخدميّة منخفضة الربحيّة وغير الربحيّة والهياكل المؤسساتيّة الأخرى مثل غرف التجارة المحليّة. في الاقتصادات المزدهرة -حيث يتمتّع كثير من الناس بوقت فراغ لمتابعة مشاريع منخفضة الربحيّة وغير ربحيّة- هناك مجال لمزيد من الدعم لريادة الأعمال الاجتماعيّة. لذا قد تكون السياسات الداعمة للنموّ التي تدعم ريادة الأعمال عمومًا هي أفضل السياسات على المدى الطويل لزيادة نمو ريادة الأعمال اجتماعيًّا. وأخيرًا، يمكن للحكومة أيضًا دعم ريادة الأعمال عبر إتاحة التقنيّات المطوّرة في المختبرات الحكوميّة للسوق، كما هو موضّح في حالة (Right Stuff). الشكل 19.6 (The Right Stuff) بدلاً من استخدام طرق الإعلان التقليديّة مثل إعلانات المجلات والصحف والتلفزيون، يستخدم العديد من رواد الأعمال وسائل التواصل الاجتماعيّ للتواصل مع العملاء الحاليّين والمستقبليّين. يُعدّ نشر المعلومات حول المنتجات والخدمات هو استخدام مُنتشر للتواصل الاجتماعيّ. يمنح تويتر قناة ذات اتجاهين لروّاد الأعمال للاستماع إلى عملائهم ومعرفة المزيد حولهم: ما يعجبهم أو لا يعجبهم حول منتجاتهم وخدماتهم وكيف يشعرون تجاه العلامة التجارية وما هي اقتراحاتهم لتحسينها. (حقوق الصورة: David Belaga / Attribution 2.0 Generic (CC BY 2.0)) .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } إدارة التغيير التكنولوجيا والابتكار: (The Right Stuff) تمتّع دافيد بيلاغا (David Belaga) بحياة مهنيّة ناجحة لأكثر من 25 عامًا في (Pepsi) و(Wyeth) و(Hallmark) وغيرها من الشركات الرائدة، وكان عازمًا على بدء مشروعه التكنولوجيّ الخاصّ. وعلى الرغم من حصول بيلاغا على درجة جامعيّة في علم النفس إلّا أنّه سعى إلى الاستفادة من التكنولوجيا من المعامل الفيدرالية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأثناء البحث في قاعدة بيانات الإدارة الوطنيّة للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) لبراءات الاختراع المُتاحة للترخيص اكتشف بيلاغا براءة اختراع لعالم ناسا الدكتور جون غرينليف (John Greenleaf) لمعالجة الجفاف لدى رواد الفضاء المُعانين منه عند إعادة دخول الغلاف الجوي للأرض. اقترح بحث غرينليف ومن معه أنّ الصيغة ستكون مثاليّة أيضًا للرياضيّين الّذين يعانون من الجفاف بسبب الإجهاد أو التعرّض لأشعة الشمس أو الارتفاع عن الأرض ممّا قد يؤدّي بعد ذلك إلى صداع وتشنّجات العضلات ودوخة وآثار جانبيّة أخرى. المكونات الرئيسيّة هي: المياه المفلترة وسترات الصوديوم (للحماية من اضطرابات الجهاز الهضميّ) والملح البحريّ أو كلوريد الصوديوم (المكونات الرئيسية للعرق) ونكهات طبيعيّة بالكامل وحمض الستريك (لخفض الملوحة) ومُحلّيات عالية الكثافة ومواد حافظة. يضمن تركيز السائل امتصاصًا سريعًا من قبل الجسم ولا تحتوي الصيغة على أي مواد محظورة مدرجة في قائمة الوكالة العالمية لمكافحة المنشّطات (WADA) أو معادن ثقيلة أو شوائب أخرى. تتمثّل مهمة قسم الشراكة التكنولوجيّة في وكالة ناسا في تطوير الشراكات بين شركات ناسا والشركات الصناعيّة الأمريكيّة غير الفضائيّة لتسويق التقنيّات المُبتكرة. يقدّم قسم الشراكة التكنولوجية في وكالة ناسا الترخيص والبرامج واتفاقيّات الأعمال الصغيرة الأخرى، وتستفيد وكالة ناسا من اتفاقيّات ترخيص الأقسام في تمويل البحث والتطوير الحيويّ للمنتجات المستقبليّة. تمنح وكالة ناسا الأولويّة لشراكات "الأعمال الصغيرة" المصنّفة من قبل إدارة الأعمال الصغيرة الأمريكيّة على أنّها "…الشركات المملوكة والمُدارة بصورة مستقلّة والربحيّة وغير المهيمنة في هذا المجال. " أحبّ بيلاغا استخدام روّاد الفضاء للصيغة وقال لنفسه: "الحقيقة هي أنّه في وقت أقلّ من الوقت المُستغرق لقراءة هذه الفقرة، تستطيع Coke (Powerade) وPepsi (Gatorade) إيجاد صيغة بديلة، لكنّها لن تكون الصيغة المدعومة علميًّا". أطلق بيلاغا على الصيغة اسم "The Right Stuff" إشارةً إلى الكتاب والفيلم المرتبطين ببرنامج ناسا وبسبب الفعاليّة الفائقة للصيغة. بعد تقديم خطة عمل من 150 صفحة لتسويق المنتج وفترة تعليق عامّ لمدّة 60 يومًا على السجل الفيدرالي، حصل بيلاغا على الموافقة النهائيّة والحقوق الحصريّة للصيغة مع حصّة من الأسهم لناسا وضمان للإنتاج في الولايات المتحدّة. بدأ بيلاغا مشروعه بمبلغ 300 ألف دولار من أمواله الشخصيّة و 325 ألف دولار في استثمار من "الأصدقاء والعائلة". وطوّر شبكة من العقود مع المورّدين لإدارة سلسلة التوريد وأنشطة التصنيع والتسويق. استطلع بيلاغا قبل إطلاق مُنتجه آراء الرياضيين من الفئات الرياضيّة المُختلفة لتحديد النكهة المفضلة عند كُلٍّ منهم. عَلِمَ لاحقًا أن رياضيّي القوّة (مثل كرة القدم وكرة المضرب والهوكي وكرة السلّة) يفضّلون طعمًا أحلى من رياضّي التحمّل. على الرغم من أنّ أبحاث السوق الاستهلاكيّة الأوليّة اقترحت إمكانيّة الاستخدام من قبل لاعبي رياضات التحمّل الفرديّة (مثل العدّائين) المستجيبين الأوائل للطوارئ (مثل الجيش وقوى الإطفاء والشرطة)؛ ركّز بيلاغا على سوق الفرق الرياضيّة المحترفة والجامعات والنوادي الرياضيّة والمدارس الثانوية. تُستخدم اليوم (The Right Stuff) من قبل معظم الفرق الرياضيّة المحترفة في أمريكا الشماليّة (دوري كرة المضرب الأمريكيّ ودوري كرة السلّة الأمريكيّ ودوري كرة القدم الأمريكيّة وغيرها) ومئات الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
لا يبدأ العديد من روّاد الأعمال مشروعهم التجاريّ إن اعتقدوا أنّه سيتطلّب مبالغ كبيرة من التمويل وهم لا يمتلكون ذلك الكمَّ من الأموال. الوسيلة الأشيع لبدء مشاريع جديدة هي التشغيل الذاتيّ (bootstrapping) وهي محاولة تأسيس وبناء شركة من الموارد الماليّة الشخصيّة المُتاحة أو من عائدات تشغيل الشركة الجديدة. يمكن أن تكمّل هذه العمليّة مصادر التمويل التقليدية؛ ما يساعد روّاد الأعمال على تقليل اعتمادهم عليها أو الاستغناء عن هذه المصادر تمامًا. يصوّر الجدول 19.3 سبع استراتيجيات للتشغيل الذاتيّ. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } استراتيجيّات التشغيل الذاتيّ الاستراتيجيّة مثال 1. البقاء في مجال عمل تعرفه وتحبّه. حوّل خريجان حديثان من جامعة (Florida Atlantic University) حبّهما لركوب الأمواج و المحيط إلى شركة (4ocean) الّتي تبيع قِلادات ومنتجات أخرى. وتموّل الشركة عن طريق مبيعاتها صيّادي الأسماك المحليّين لينظّفوا النفايات البلاستيكيّة من الطرق المائيّة. 2. إيجاد أعضاء فريق يعملون سعيًا لحصّة بدلًا من المال. طلب شون باركر (Sean Parker) (رئيس مؤسّس لفيسبوك) في عام 2005 من دالفنّان افيد تشو (David Choe) أن يدفع له أجوره على شكل أسهم في فيسبوك لقاء طلاء غرف المكتب الرئيسيّ. أصبح ثمن هذه الأسهم فيما بعد 200 مليون دولار أمريكيّ. 3. التخطيط بناءً على ميزانيّتك لا على أمنياتك. أنشأ كام روس (Cam Ross) شركة (Celise) وهي مزوّد للبضائع القابلة للتحلّل عضويًّا (صديقة للبيئة) خلال دراسته الجامعيّة. كانت ميزانيّته محدودة فخطّط لشركته الناشئة بناءً على التمويل الموجود حينها والذي اعتمد على المبيعات الحاليّة والأرباح من خطّة العمل. 4. قاوم الحاجة لمكتب حقيقيّ قبل أن تحتاجه حقًّا. أنشأ جِف بيزوس (Jeff Bezos) شركة أمازون في يوليو من عام 2014 انطلاقًا من مرآب منزل مستأجر في مدينة (Bellevue) الأمريكيّة. 5. اطلب سِلفة ماليّة مقابل حقوق التأليف والبيع المستقبلي. يسعى العديد من مؤلّفي الأغاني في عالم الموسيقى لطلب سِلف ماليّة على أساس امتلاك الشركة لحقوق النشر والبيع المستقبليّة لأعمالهم الفنيّة. 6. فاوض آليّة إدارة السلع مع المورّدين والموزِّعين. شركة توصيل أطعمة الحيوانات الأليفة الناشئة (Petcircle) هي إحدى أسرع الشركات الأستراليّة نموًّا. تعزو الشركة نجاحها المُبكّر إلى التشغيل الذاتيّ عبر إدارة شروط التوريد بحذر. 7. اختر نموذج أعمال يرفع تدفّق إيراداتك لأقصى حدّ. يحجز مطعم (Alinea) في شيكاغو أماكن على طاولاته قبل شهر من تاريخها، وهو ما يسمح له بالحصول على تمويل كبير سريع لأنّ الدفع مسبق ونهائيّ وبالتالي فإنّ الإيرادات ثابتة وتأتي قبل بيع الوجبات. يقضي نموذج العمل هذا على سلبيّات نماذج المطاعم الحديثة الماليّة الأخرى. المصدر: مقتبس من from Martin Zwilling,“7 Ways to Bootstrap Your Business,” Entrepreneur Magazine, December 25, 2015, https://www\.entrepreneur\.com/article/254217; الجدول 19.3 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). أنواع رأس المال هناك نوعان رئيسيان لرأس المال لروّاد الأعمال. يمكن لأصحاب المشاريع الوصول إلى رأس مال المُقتَرَض (debt capital) وهو أموال مُقترضة يجب سدادها في تاريخ مستقبليّ مُتفّّقٌ عليه (من البنوك أو بطاقات الائتمان أو شركات التمويل مثلًا) ورأس المال السهميّ (equity capital) وهو استثمار المالك في الشركة وليس له تاريخ محدد للسداد (المستثمرين المُلّاك أو رأس المال الاستثماريّ مثلًا). الاقتراض متاح لمعظم روّاد الأعمال ويمكن أن يشمل قروضًا لفترات زمنيّة مختلفة. تتطلّب القروض قصيرة الأجل عادةً السداد في أقلّ من سنة واحدة، وغالبًا ما تتمّ بواسطة الائتمان أو القروض المصرفية. يجب سداد القروض قصيرة الأجل في فترة تتراوح بين السنة و10 سنوات وعلى دفعات عادةً، وهي مفيدة للشركات الصغيرة والمتوسّطة. تستمرّ القروض طويلة الأجل لأكثر من 10 سنوات. يجب أن تعمل الشركات لفترة طويلة من الوقت لتتمكّن من أخذ مثل هذه القروض وذلك لإظهار الاستقرار وموثوقيّة السداد. لا يتطلّب رأس المال السهميّ من الشركة التعهّد بسداد أيّ دين. رأس المال السهميّ هو استثمار في العمل، وكثيراً ما يأتي من بيع الأسهم العادية في الشركة مقابل الاستثمار فيها. مصادر رأس المال يمكن لروّاد الأعمال استقدام رأس المال من عدّة مصادر. المصدر الأكثر انتشارًا لرأس المال هو المدّخرات الشخصيّة. يتخلّص المشروع من مشكلة القروض عند استخدام المدّخرات الشخصيّة للاستثمار، ولا يواجه صاحب المشروع الكثير من الخسارات الماليّة عندما لا تلبّي الأرباح التوقّعات. غالبًا ما يكون الأصدقاء والأقارب طريقة سريعة لكسب رأس المال. ومع ذلك قد تسبّب المشكلات الماليّة توّترًا في هذه العلاقات. المستثمرون المُلّاك (angel investors) هم مستثمرون فرديّون أو مجموعات من المستثمرين ذوي الخبرة الّذين يقدّمون تمويلًا للمشاريع من أموالهم الخاصة. رأس المال الاستثماريّ (venture capital) هو التمويل الذي يُحصل عليه من أصحاب رؤوس الأموال وشركات الاستثمار المتخصّصة في تمويل الشركات الصغيرة ذات النموّ المرتفع والحصول على حصّة ملكيّة وصوت في الإدارة مقابل استثماراتهم. في حين تمثّل التمويلات الداخليّة أرباح الشركة ذاتها والتي يمكن إعادة استثمارها. تقدّم البنوك أنواعًا عديدة من خدمات القروض بما في ذلك التسهيلات الائتمانيّة والقروض التجاريّة المباشرة والقروض الفصلية (أو ما يُعرف بالقروض المُأجلة) وقروض الحسابات المَدينة (تمويل حسابات القبض) والفروض بضمانات إيصالات الإيداع وقروض الضمان (القروض مقابل الرهن). التسهيلات الائتمانيّة هي اتّفاق غير رسميّ بين البنك والمقترض (الشركة). تعتمد القروض التجاريّة المباشرة على البيانات الماليّة للمقترض وعادةً ما تُقّدّم لمدّة 30-90 يومًا. تُستَحَّق القروض الفصليّة خلال سنة إلى 10 سنوات. تٌقَدّم قروض الحسابات المّدينة مقابل الذِمم المَدينة للمُقترض، وبمجرد تحصيلها يتم السداد للبنك. تستخدم قروض إيصالات الإيداع عن طريق إيصالات تُبيّن البضائع المُخزّنة وقيمتها على أنها ضمانٌ للقرض، وعندما يُباع المخزون يُسدّد القرض. في حين تعتمد قروض الضمان على الرهون العقاريّة وسياسات التأمين على الحياة والأسهم والسندات ضمانًا لسداد القرض. التمويل الجماعيّ (crowdfunding) هو عمليّة جمع أموال المشاريع الجديدة من جمهور "حشد" كبير، هادةً من الإنترنت. أصبح التمويل الجماعيّ في وقتنا الراهن وسيلة شائعة لتمويل المشاريع الجديدة بسرعة، حيث جُمع أكثر من 1.04 مليار دولار في عام 2018 للشركات الأمريكيّة وحدها. يأتي التمويل الجماعي في ثلاثة أشكال رئيسيّة: (1) قائم على المكافأة: وفيه يتلقّى الداعمون نسخة مبكّرة من المنتج أو مكافأة أخرى (2) الأسهم: يحصل المستثمرون من خلالها على حصّة من الشركة (3) الديون: ما يسمح للداعم بربح فائدة من الدَين. أكبر منصّة للتمويل الجماعيّ في العالم هي (Kickstarter) الّتي تلقّت أكثر من 4 مليارات دولار من التعهّدات من 15.5 مليون داعم لما يُقارب 25,700 مشروع. متوسط الأموال المجموعة من حملة التمويل الجماعيّ هو 818 دولارًا. ومع ذلك فإنّ بعض الشركات تجمع ملايين الدولارات. عادةً ما يحدّد كل مشروع تمويل جماعيّ هدفًا لفترة زمنيّة محدّدة، وينشر روّاد الأعمال صفحات الويب لتصوير خدمات منتجاتهم. تحصيل الروح الريادية إبرام صفقة خياليّة أنت بحاجة إلى تمويل لأعمالك الناشئة. كيف تجعل المستثمرين المُلّاك مهتمّين بالاستثمار في مشروعك؟ إليك بعض النصائح الذهبيّة لتحقيق ذلك: قدّم لهم شيئًا يفهمونه. مثلًا: نشاط تجاريّ من صناعة ارتبطوا بها. أطلعهم على تفاصيل عملك: يرغب المستثمرون المحتملون في معرفة المبيعات السنويّة وإجمالي الربح وهامش الربح والمدفوعات. كن قادرًا على وصف عملك -ما هو وشريحة المُستهلكين المُستهدفة في أقلّ من دقيقة. حدّد عروضك التقديمية بعشر شرائح. يمكن للمستثمرين المُلّاك دائمًا ترك أموالهم في البنك أو الاستثمار في مشاريع واعدة أخرى. لذلك لا بُد لمشروعك أن يلفت انتباههم بشدّة لتحصيل استثماراتهم. التوقيت مهمّ أيضًا: معرفة متى يجب التواصل مع المستثمرين يمكن أن يُحدِث فرقًا كبيرًا. قدّم فريقًا إداريًا كفؤًا مع قائد قويّ وخبير يمكنه شرح الأعمال والإجابة على أسئلة المستثمرين المحتملين بأدقّ التفاصيل ويمكنه كسب ثقة واحترام المستثمرين المحتملين بسرعة. يفضّل المستثمرون المُلّاك شيئًا يمكن أن يضيفوا إليه قيمة وقد يرغبون في المشاركة مع شركتك بمقعد في مجلس إدارتك مثلًا. أكِّد على النتائج المحتملة للمستثمرين واعرف من هم منافسوك ولماذا منتجك أفضل وكيف ستكتسب حصّة في السوق عند استثمارهم وبدء التمويل. التفكير التصميميّ التفكير التصميميّ (design thinking) هو عملية شائعة الاستخدام من قبل المصمّمين لإيجاد حلول للقضايا المعقّدة والتعامل مع بيئات العمل الجديدة أو المُبهمة وتقديم مُنتج أو خدمة فريدة وجديدة للعالم. يستخدم التفكير التصميميّ عناصر الأساسيّة ومهارات اللعب والتعاطف والتفكير والإبداع والتجريب والتعاون والبناء على النتائج. لا يمثّل الفشل تهديدًا في التفكير التصميميّ بل وسيلةً للمزيد من التعلّم. يمكن لرجال الأعمال استخدام التفكير التصميمي لتحديد فرص المشاريع الفريدة من خلال الملاحظة وإيجاد البدائل والتفكير النقدي وتبادل الآراء والتمثيل المرئيّ والإبداع في طرح وحلّ المشكلات. يرحّب مستخدمو التفكير التصميميّ بالصعوبات والقيود فهي تمهّد الطريق للأفكار والحلول المبتكرة. من المهمّ مع ذلك أن تكون هذه الأفكار مُجدية وقابلة للتطبيق ومرغوبة من قبل العملاء. الشكل 19.5 (Ideo) لإظهار الابتكار في حلقة من برنامج قناة (ABC) الأمريكيّة الإخباريّ الليليّ (Nightline) في عام 1999، ابتكرت شركة (IDEO) مفهومًا جديدًا لعربة التسوّق مع مراعاة مشكلات مثل القدرة على المناورة وسلوك التسوّق وسلامة الأطفال وتكلفة الصيانة. ركّز العرض على عملية تصميم (IDEO) حيث قام فريق متعدّد التخصّصات بالعصف الذهني والبحث وتحضير النماذج الأوليّة وجمع تعليقات المستخدمين حول التصميم، الذي انتقل في نهاية المطاف من فكرة إلى نموذج عمليّ في غضون أربعة أيام فقط. هناك ثلاث مراحل رئيسيّة من التفكير التصميميّ، وهي: الإلهام والتفكير والتنفيذ. المشكلة أو التحدّيات التصميميّة هي تُشكّل مصدر الإلهام. التفكير هو عمليّة إبداعيّة لحلّ المشكلة بناءً على الملاحظات. تُحوّل الأفكار إلى أفعال في مرحلة التنفيذ. تُختَبَر الحلول الممكنة من خلال التجارب لإنشاء أفضل نسخة من المنتج. هناك نوعان رئيسيّان من التفكير في كل هذه المراحل، هما: التفكير المتقارب والتفكير المتباعد. ينتقل التفكير المتقارب من الأفكار الواسعة إلى الحلول المحصورة والموجّهة، وفيه يمكن تضييق الأفكار والاقتراحات، الناتجة عن التفكير المتباين، وحصرها في أفكار وحلول مُبتكرة بحيث تكون قريبة جدًا لمعالجة المشكلة أو تلبية رغبات الزبائن. يستخدم التفكير المتباعد الخيال لاكتشاف إمكانيّات وحلول جديدة أكثر توسّعًا وأكثر إبداعًا. التفكير التصميمي من ستانفورد إليك النصائح الجوهريّة الست من شركة “آي دي يو” IDEO: قل دائما نعم للعرض. سواء قدّم لك الشخص الآخر كوبًا من الماء أو وجبات خفيفة أو حتّى جولة في منزله، يجب أن تقبل ذلك دائمًا. تتيح لك هذه اللفتة الصغيرة الانتقال من باحث إلى ضيف في منزله. من المهمّ دائمًا قضاء بعض الوقت في بناء علاقة حتّى لو شعرت أنّ محادثتك الأولى خارج الموضوع تمامًا. ستتدفّق المحادثة بحريّة أكبر لاحقًا عندما تغوص في أسئلتك البحثيّة. ارتد ملابس عامّة. يمكن أن تنقل الملابس الحالة الاجتماعيّة أو تعكس الذوق الشخصيّ الّذي قد يختلف معه الآخرون. من الأفضل أن تجعل نفسك مُعتدلًا قدر الإمكان حتى تتوافق مع الأشخاص من جميع الخلفيّات والمستويات الاجتماعية. حاول تجنب ارتداء الشعارات أو الظهور بمظهر فاخر للغاية. عامل الناس على أنهم شركاء في البحث. الأشخاص الذين تقابلهم ليسوا مجرد مواضيع بحث أو مركز للبيانات. بل يجب أن تكون شفّافًا معهم وأن تُظهر أنّك تقدّر مساهمتهم في الاستطلاع أو البحث الذي تقوم به. تلعب قصصهم وتعليقاتهم دورًا كبيرًا فيما نصمّمه في نهاية المطاف، لذلك من الرائع إخبارهم عن كونهم جزءًا أساسيًا من مشروعنا الجديد. اترك فترات صمت مريحة. يشعر معظم الناس بالحاجة إلى الانتقال فورًا إلى السؤال التالي عندما يبدو أنّ الشخص الآخر قد انتهى من التحدث. يجب عليك بدلًا من ذلك أن توفّر بعض المساحة بمجرد الإيماء وتدوين الأشياء، فهذا يمنح الشخص الآخر مجالًا لمواصلة التحدّث بما يتجاوز معايير السؤال السابق وربما يكشف معلومات عن نفسه لم تكن لتعلمها بطريقة أخرى. خُذ الأضواء من الشخص الآخر. نودّ إثارة حفيظة الأفراد في جلسات البحث كونه جزء من عملية التصميم الخاصة بنا. هذا يعني أنّنا نرسم مفاهيم تقريبيّة للشخص الآخر ونطلب منهم أن يعلّقوا على ذلك. يمكننا من خلال تحويل انتباهنا من الشخص إلى شيء آخر إزالة أيّ ضغط يشعرون به. تسمح هذه الأشياء الخارجيّة أيضًا للمشاركين بالتواصل بطريقة غير لفظيّة، والطريقة الّتي يتفاعلون بها معهم يمكن أن تكشف عن المواقف أو السلوكيّات الضمنية. ستحصل علاوةً على ذلك على بعض الأفكار القيّمة الّتي يمكنك الرجوع إليها أثناء عمليّة التصميم. حاول عن قصد إبداء الاهتمام وإظهار المودّة لكل شخص (حتى لو كان ذلك قليلاً). حتّى إن لم تندمج طبيعيًّا مع شخص ما، يمكنك دائمًا العثور على شيء تقدّره حقًا بشأنه سواء كان صوته أم شغفه بالموضوع المطروح. عندما تريد أن تُظهر الاهتمام تجاه شخص ما فإنّ كل شيء يتغيّر، فضولك بشأن قصّة حياته ولغة جسدك وتعاطفك تجاه موقفه. ستُظهٍر هذه التحولات الصغيرة للشخص الّذي تجري معه المقابلة أنّه لا يتعين عليه أداء أو إظهار الأجزاء "الأفضل" في نفسه، لأنّه يعلم أنّك تقف إلى جانبه بشدّة. ستجد نفسك تأتي بأفكار أفضل حتّى بعد المقابلة لأنّه من الأسهل بكثير أن تصمّم مُنتجًا أو خدمةً لشخص اقتنعت واهتممت برأيه حقًّا. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
يصف نموذج الأعمال (business model) الأساس المنطقيّ لكيفيّة توفير المؤسّسة لمُنتجات أو خدمات ذات قيمة وتقديمها للعملاء. يحتاج روّاد الأعمال إلى تطوير وصقل نموذج عمل لأنفسهم أثناء سعيهم لاستكشاف ما يريدون القيام به، كما يحتاجون للمناقشة مع الزملاء والشركاء وأصحاب المصلحة الآخرين. يساعدهم نموذج العمل هذا أيضًا على تحديد الفرص في بيئتهم الداخليّة والخارجيّة. يغطّي مخطّط نماذج الأعمال (business model canvas) -المطوّر بواسطة أليكس أوسترو الدر (Alex Osterwalder) وزملاؤه- المجالات الرئيسيّة الأربع لأيّ مشروع: العملاء والعروض والبنية التحتيّة والجدوى الاقتصاديّة. هناك تسعة كتل تصف وتقيّم نموذج الأعمال، وهي: شرائح العملاء وعروض القيمة والقنوات وعلاقات العملاء وتدفّق الإيرادات والموارد الرئيسيّة والأنشطة الرئيسيّة والشراكات الرئيسيّة وبنية التكلفة. يصوّر الجدول 19.1 مخطط نماذج الأعمال. مخطط نماذج الأعمال الشراكات الأساسيّة: من هم شركاؤنا وموّردونا الأساسيّون؟ من أيّ الشركاء تأتي كلّ من الموارد الأساسيّة؟ ما هي الأنشطة الأساسيّة الّتي يقوم بها الشركاء؟ النشاطات الأساسيّة: ما هي الأنشطة الّتي تتطلّبها عروض القيمة والقنوات وعلاقات العملاء وتدفّق الإيرادات؟ عروض القيمة: بماذا نزوّد زبائننا؟ ما المشاكل الّتي نحلّها؟ ماذا نعرض على كل شريحة من العملاء؟ علاقات العملاء: ما نوع العلاقة الّتي ترغب بها كلّ شريحة من العملاء؟ ما تكلفة العلاقات؟ كيف ندمج العلاقات بباقي نموذج الأعمال الخاصّ بنا؟ شرائح العملاء: من هم عملاؤنا؟ من أي تتشكّل القيمة لدينا؟ شرائح العملاء: من هم عملاؤنا؟ من أي تتشكّل القيمة لدينا؟ القنوات: كيف سنصل لشرائح عملائنا؟ كيف تندمج شرائح عملائنا؟ أيّ القنوات هي الأعلى كفاءةً؟ بنية التكلفة: ما هي التكاليف الأهمّ في نموذج الأعمال لدينا؟ أيّ الأنشطة الأساسيّة أعلى تكلفةً؟ تدفّق الإيرادات: كم يمكن أن يدفع العملاء؟ كم يدفع العملاء الآن وكيف؟ بكم يساهم كلّ تدفّق للإيرادات في إجماليّ العائدات؟ table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 19.1 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). كتل البناء التسع الأساسية في مخطّط نموذج الأعمال تتمثّل الكتلة البنائيّة التسع لمخطط نموذج الأعمال في: شرائح العملاء: لا يمكن للشركات النجاة بدون العملاء. يجب على الشركات تحديد وفهم عملائها ويمكنها تقسيمهم لقطاعات ذات خصائص مشتركة. عروض القيمة: تُؤسّسُ الشركة قيمة أو فائدة للعملاء من خلال حلّ مشكلة ما أو تلبية حاجة ما. عرض القيمة هو السبب الّذي يجعل العملاء يختارون مُنتجًا معيّنًا بدلًا من الآخر عند اتخاذ قرار الشراء. من العوامل التي قد يأخذها العملاء بالحسبان، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: الحداثة والأداء والتخصيص والتصميم والعلامة التجارية والسعر وخفض التكلفة وتقليل المخاطر وقابليّة الوصول والراحة. القنوات: تقدّم القنوات عرض القيمة للعملاء من خلال الاتّصال والتوزيع والمبيعات. يمكن للشركات الوصول إلى شرائح عملائها من خلال مزيج من القنوات، سواءً المباشرة (من خلال المبيعات عبر الإنترنت مثلًا) أم غير المباشرة (مثل المتاجر الخاصّة والمتاجر الشريكة وتجّار الجملة) لزيادة الوعي والسماح بالشراء والتسليم وتقديم الدعم للعملاء. علاقات العملاء: تحتاج الشركات إلى الحفاظ على علاقات جيّدة مع عملائها لإكتساب عملاء جدد والاحتفاظ بالعملاء القدامى وزيادة المبيعات. يمكن أن تؤثّر العلاقات القويّة مع العملاء تأثيرًا كبيرًا على تجربة العملاء عمومًا. هناك العديد من فئات علاقات العملاء، بما في ذلك المساعدة الشخصيّة والخدمة الذاتيّة والخدمة الآليّة ومجتمعات المستخدمين. تدفّق الإيرادات: هناك نوعان من تدفّق الإيرادات، هما: الإيرادات من العملاء لمرة واحدة والإيرادات الجارية. تختلف آليّات تسعير الإيرادات بين آليّة ثابتة (مثل الأسعار المحدّدة مسبقًا بناءً على متغيّرات ثابتة) إلى آليّة ديناميكيّة (مثل تغيّرات الأسعار بناءً على ظروف السوق). يمكن إنشاء تدفّقات الإيرادات من خلال مبيعات الأصول (بيع منتج مادي) ورسوم الاستخدام ورسوم الاشتراك والترخيص ورسوم السمسرة والإعلان والبيع المؤقّت لحقوق استخدام أصل معين (مثل الإقراض أو التأجير). الموارد الرئيسيّة: يحتاج أيّ عمل إلى موارد مادّيّة وماليّة وفكريّة و/أو بشريّة للعمل. تمكّن هذه الموارد الشركة من تقديم منتجاتها أو خدماتها لعملائها. الأنشطة الرئيسيّة: الأنشطة الرئيسيّة هي المهامّ الحاسمة الّتي تقوم بها الشركة للنجاح. تركّز الشركات المختلفة على أنشطة مختلفة في فئات مثل الإنتاج وحلّ المشكلات والشبكات. الشراكات الرئيسيّة: تبني الشركات شراكات متنوّعة لتحسين أعمالها أو تقليل المخاطر أو اكتساب الموارد. هناك أربعة أنواع رئيسيّة من الشراكات، وهي: التحالفات الاستراتيجيّة بين غير المتنافسين والتحالفات الاستراتيجيّة بين المتنافسين (التعاون) والمشاريع المشتركة والعلاقات بين المشتري والمورّد. هيكل التكلفة: تتحمّل جميع الشركات تكاليف تشغيليّة ثابتة أو متغيّرة. تضع الشركات، في هياكل التكلفة الخاصة بها، استراتيجيّتين اثنتين في الحسبان، وهما: استراتيجيّة التكلفة؛ حيث تُخَفّف التكاليف حيثما أمكن ذلك، واستراتيجيّة القيمة؛ حيث تركّز على إيجاد قيمة أكبر للمُنتج. غالبًا ما تأخذ هياكل التكلفة في الحُسبان التكاليف الثابتة والتكاليف المتغيرة. تطبيق مخطّط نموذج الأعمال: آبل (Apple) لتوضيح مخطّط نموذج العمل توضيحًا أفضل يمكننا إلقاء نظرة على نموذج شركة آبل في الجدول 19.2. والكتل البنائيّة التسع في نموذج عمل آبل هي كما يلي: شرائح العملاء: شريحة المستهلكين الرئيسيّة لشركة آبل هي السوق بأكمله، فهي تبيع منتجاتها على المستوى العالميّ. يميل هؤلاء العملاء لأن يكون لديهم احتياجات ومشاكل متشابهة يمكن معالجتها من خلال العروض والمُنتجات الموحدّة عالميًا والتي تقدّمها آبل، مثل آيفون وآيباد (الأجهزة) وكذلك (iTunes) (البرامج). عرض القيمة: يجب أن تقدّم آبل مجموعة من المنتجات والخدمات الّتي تلبّي احتياجات شريحة العملاء في سوق تنافسيّ. يوفّر (iTunes) مثلًا تجربة موسيقيّة سلسة، ويمكن للعملاء العثور على الموسيقى وشرائها وتنزيلها بسهولة في مكان ومصدرٍ واحد. القنوات: يمكن للعملاء التفاعل مع آبل شخصيًّا من خلال متاجر البيع بالتجزئة ومتاجر آبل، وكذلك عبر الإنترنت من خلال متجر (iTunes) وموقع الشركة الرئيسي. علاقات العملاء: عملاء آبل ملتزمون بالعلامة التجاريّة وغالبًا ما يكون لديهم العديد من منتجاتها، مثل أجهزة آيفون وآيباد وحواسبها المحمولة (MacBooks). كذلك أصبحت (Apple lovemark) رمزًا لمكانة الشركة لدى عملائها. تدفّقات الإيرادات: تربح آبل معظم إيراداتها من بيع منتجات، مثل آيبود ويحميها متجر (iTunes) من المنافسة. الموارد الرئيسيّة: تشمل الموارد الرئيسية لشركة آبل اسم العلامة التجاريّة والأجهزة والبرامج والمحتوى. الأنشطة الرئيسيّة: تتمتّع منتجات آبل بالتسويق المتميّز وتصميم الأجهزة الفريد. الشراكات الرئيسيّة: تُعد مكتبة متجر (iTunes) التابع لشركة آبل إحدى أكبر مكتبات الموسيقى على الإنترنت في العالم، وذلك من خلال المفاوضات والعقود. هيكل التكلفة: تأتي معظم تكاليف آبل من التصنيع والتسويق، بما في ذلك رواتب الموظفين. مخطط نماذج الأعمال الشراكات الأساسيّة: شركات التسجيل الموسيقيّ نظام إدارة دخول الطلبات الناس المحتوى والاتفاقيّات النشاطات الأساسيّة: التسويق تصميم الأجهزة عروض القيمة: تجربة موسيقيّة فريدة من نوعها علاقات العملاء: Lovemark تكاليف التغيير شرائح العملاء: السوق الأشمل الموارد الرئيسيّة: متاجر التجزئة متاجر آبل موقع الويب متجر (iTunes) القنوات: علامة آبل آيباد iTunes المحتوى والاتفاقيّات بنية التكلفة: الأفراد التصنيع التسويق/المبيعات تدفّق الإيرادات: متجر (iTunes) أكبر إيرادات أجهزة بعض إيرادات الموسيقى الجدول 19.2 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). يمكن استخدام لوحة نموذج الأعمال لتحديد الآليّة الأنجع للتنافس في سوق العمل. غالبًا ما تكون المؤسسة الرياديّة المحرّك الأول (first mover) من خلال تقديم منتج أو فئة خدمة جديدة، بحيث يمكنها صياغة وترسيخ خصائص المُنتج هذا في أذهان العملاء والحصول على شهرة إيجابيّة وولاء جيّد للعلامة التجاريّة. يمكن للمحرك الأول أيضًا تأمين الموارد الرئيسية (مثل قنوات توزيع معينة) وتحديد المعايير التقنيّة للمنتج. يتمتّع المحركّون الثانويون(second movers) بميّزة محتملة، تتمثّل في التعلّم من جهود المحّرك الأوّل وتحسينها. يمكن للمحرك الثاني مثلًا الاستفادة من العملاء الحاليّين وتحسين منتج المحرك الأوّل بإضافة ميّزات جديدة، خاصّةً عندما يكون العملاء على استعداد لتبديل المنتج بين الشركتين. تشير الأبحاث حول المعركة بين المحرّكين الأول والثاني إلى امتلاكهما احتمالات متساوية للفوز بالسوق. ومن الأمثلة على المحرّك الأول والثاني هو مجال الدفع عبر الهاتف المحمول التنافسيّ في الصين. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } التوسّع حول العالم "حرب الحصانين": المحرّكان الأول والثاني في مجال الدفع عبر الهاتف المحمول في الصين استغلّ الصينيّون ميّزة الدفع عبر الهاتف المحمول على مدى العقد الماضي بمنهجيّة وتسارع مستمر، وتُعدّ هذه الميّزة من خدمات الدفع المُجراة عبر الهاتف المحمول. بدأ هذا التوجّه مع أوّل منصة بيع بالجملة للتجارة الإلكترونيّة في الصين "علي بابا" (Alibaba) الّتي أسّسها جاك ما (Jack Ma) من شقّته المتواضعة في هانغتشو في الصين في عام 1999. كما أطلق جاك ما موقع (taobao.com) استجابةً لنفوذ إيباي (eBay) المتنامي في الصين بعد بضع سنوات، وهو منصّة بيع من المستهلك إلى المستهلك (C2C) ومن الشركات إلى المستهلك (B2C) عبر الإنترنت. كما أطلق (Jack Ma) منصّة ( Alipay) في وقت لاحق من ذلك العام لدعم معاملات موقع (taobao.com) على أنّه "نظام دفع عبر الإنترنت تابع لطرف ثالث". أصبح الدفع بواسطة الهاتف المحمول أمرًا واقعيًّا في الصين عندما أصدرت (Alipay) تطبيق الهاتف المحمول في عام 2008 والّذي يمكن استخدامه لدفع فواتير المياه والكهرباء والغاز وكذلك رسوم الهاتف المحمول. وبعد عام 2011 عندما أُصدِر أوّل ترخيص دفع لطرف ثالث لمنصّة (Alipay)، استبدل المزيد من المستهلكين الصينيّين بطاقات الائتمان خاصّتهم بنظام (Alipay). تفوّقت (Alipay) على (PayPal) بحلول عام 2013 وغَدَت أكبر منصّة دفع عبر الهاتف المحمول في العالم. سيطرت (Alipay) على 69.6% من سوق الدفع عبر الهاتف المحمول في الصين. كان (Jack Ma) هو "الحصان الوحيد" (اللقب (Ma) يعني "الحصان" باللغة الصينيّة) في الميدان وكان المحرّك الأول بوضوح، لكنّه واجه منافسًا قويًا في المحرّك الثاني، وهو (Tencent)، عملاق تكنولوجيا المعلومات. أسّس ما هواتينغ (Ma Huateng) شركة (Tencent Inc) في عام 1998. ركزت الشركة في سنواتها الأولى على المنتج الفريد (QQ)؛ وهو منتج المراسلة الفوريّة الأوّل في الصين. كما توسّعت شركة (Tencent) في مجالات الإنترنت الأخرى، مثل الألعاب والموسيقى والمدوّنات الصغيرة والتسوّق عبر الإنترنت. بحلول عام 2011 كان برنامج (QQ) هو أكثر برامج المراسلة الفوريّة نجاحًا في الصين بأكثر من 700 مليون مستخدم نشط، وأصدرت الشركة برنامج (WeChat) وهو منتج آخر للمراسلة الفوريّة. كلا المُنتجان الأساسيان لشركة (Tencent) يتنافسان في نفس المجال، حيث يعتمد (QQ) بشكل أساسيّ على الكمبيوتر الشخصي مع حالة "متصّل" و"غير متصّل"، في حين يستند (WeChat) على الهاتف الذكيّ بدون حالة "غير متصّل". سرعان ما اكتسب (WeChat) أكثر من 300 مليون مستخدم حول العالم. غالبًا ما تُوصَف شركة (Tencent) بأنّها "المحرّك الثاني" الناجح، حيث أنّها حاكَت نموذج الأعمال التجاريّة الواعدة الذي قدمته المحرّكات الأولى، وما لبثت أن تجاوزتها في العديد من النواحي. تصادم عملاقا تكنولوجيا المعلومات وجهًا لوجه في عام 2013 عندما استثمر كلّ منهما في تطبيق سيارات أجرة: (Didi) بواسطة (Tencent)، و(Kuaidi) بواسطة علي بابا. في الإصدار 5.0 من تطبيق (WeChat) في أغسطس 2013 تفاجأ المستخدمون بإضافة وظيفة "المحفظة" للتطبيق لكنّ معظمهم لم يعرف كيف يستخدمها. ومع ذلك أصبح كلّ شيء واضح بالنسبة لجاك ما وما هواتينغ: "الحصانان"، إذ كانا في طريقهما للحرب. عرضت (Tencent) ثلاثة تطبيقات تبدو للوهلة الأولى غير مترابطة، ثمّ ربطت بينهم: (WeChat) على الهواتف الذكية وتطبيق حجز سيارات الأجرة (Didi) ووظيفة المحفظة الجديدة. رُبطت محفظة (WeChat) بتطبيق (Didi) في يناير من عام 2014. حصل الركّاب الذين يستخدمون (WeChat) لدفع أجرة التاكسي على دعم سخي من (Tencent) ممّا جعل أجرة التاكسي أقلّ من أجرة الحافلة. بالمقابل استجابت (Alipay) وتطبيق (Kuaidi) بطريقة مماثلة. كلّفت هاتان الحملتان كلّ جانب حوالي 1.5 مليار يوان (244 مليون دولار أمريكي) في ظلّ ترحيب العمّال الإداريّين ودعم أصحاب المصالح. لا تتعلّق الحملة بالنسبة إلى هواتينغ باحتلال سوق تطبيقات حجز سيارات الأجرة حديث الولادة في الصين فحسب، ولكن أيضًا باختراق حصة جاك ما الثمينة في سوق الدفع عبر الهاتف المحمول من خلال "تعليم" مستخدمي (WeChat) كيفيّة استخدام عمليات الدفع عبر الهاتف المحمول. واصل ما هواتينج "تعليمه" لعد أسابيع في حملة الظرف الأحمر الافتراضيّ خلال عيد الربيع الصيني، حيث صُمّم الظرف الأحمر الافتراضيّ على غرار الظرف التقليد الصيني، المتمثل في تبادل حزم الأموال بين الأصدقاء وأفراد الأسرة خلال الأعياد. قدّم (WeChat) "هزّة الظرف الأحمر" في حفل مهرجان الربيع الصينيّ، حيث دُعِيَ المستخدمون لهزّ هواتفهم الذكية للحصول على فرصة للفوز بالظروف الحُمر، شارك ثمانية ملايين مستخدم في هذه الحملة الترويجيّة. يمكن لمستخدمي (WeChat) حفظ الأموال التي ربحوها في "الظرف الأحمر" في محفظة (WeChat) ثمّ إرسالها إلى الآخرين باستخدام ظرفهم الأحمر الخاصّ. أرسل 1.2 مليار مستخدم ظرفًا أحمر بقيمة تزيد عن نصف مليار يوان (82 مليون دولار أمريكيّ) خلال العرض الترويجيّ. ومع ذلك لاستخدام الأموال من الظرف الأحمر، كان على مستخدمي (WeChat) إضافة بطاقتهم المصرفية إلى حساب (WeChat) الخاصّ بهم؛ وبالتالي تنشيط وظيفة الدفع عن طريق (WeChat) بالكامل. عدَّ جاك ما الترويج للظرف الأحمر لتطبيق (WeChat) بمثابة "هجوم بيرل هاربور" على أراضيه. استمرت لعبة حرب حرق الأموال بعد عيد الربيع الصينيّ بين المحرّك الأوّل (Alipay) والمحرّك الثاني (WeChat). قدّم كلا الجانبان دعمًا كبيرًا لركّاب سيارات الأجرة على تطبيقات حجز سيارات الأجرة خاصّتهم حتّى عام 2014. في الربع الثالث من عام 2014، وصلت حصة (Alipay) في السوق إلى ذروتها بنسبة 82.6%، لكنّ حضور (WeChat) المتزايد في سوق الدفع عبر الهاتف المحمول كان قد وصل إلى حدٍّ عجزت فيه (Alipay) عن إيقاف تقدّمه. انخرط الجانبان في حملة "ظرف أحمر" جديدة خلال عطلة عيد الربيع التالية. وبينما كانت (Alipay) تناضل بجدّ للدفاع عن حصّتها في السوق، تمكّن تطبيق (WeChat) بميّزاته وطبيعته الاجتماعيّة تحويل المُستخدمين شيئًا فشيئًا إلى عملاء مُستعديّن لدفع الأموال. شهد كلا الجانبين بحلول نهاية عام 2016 نموًّا مستمرًّا في عدد المستخدمين، مع ذلك انخفضت حصة (Alipay) في السوق إلى 54.10% وارتفعت حصة (Tencent) و(WeChat) إلى 37.02%. فأنفق المستهلكون في ذلك العام 157.55 تريليون يوان صينيّ (23.72 تريليون دولار أمريكيّ) على الأجهزة المحمولة في الصين، ويمكن العثور على أكواد (QR) وآلات نقاط البيع التي تدعم كل من (Alipay) و(WeChat) لدى بائعي الأطعمة في الشوارع والمتاجر ومحلّا البقالة وأسواق الإنترنت. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
هل ستنضمّ إلى الملايين من روّاد الأعمال في العالم؟ لا تكفي الرغبة في أن تكون رائد أعمال بل يجب أن يكون الفرد قادرًا على تطوير وتحسين فرصة عمل جديدة، كما يتطلّب الأمر شخصيّة فريدة، بالإضافة إلى مهارات أساسيّة. الشخصية الريادية وجدت دراسات الشخصيّة الرياديّة أنّ روّاد الأعمال يشتركون في سمات رئيسيّة معيّنة. فمعظم رواد الأعمال هم: طموحون - تنافسيّون مع حاجة ماسّة للإنجاز. مستقلّون - فرديّون ويفضلّون القيادة بدلاً من أن يكونوا أتباعًا. واثقون بأنفسهم - يفهمون تحديّات بدء وتشغيل الأعمال التجاريّة، حازمون وواثقون في قدرتهم على حلّ المشكلات. مُخاطرون - على استعداد لقبول درجة معتدلة (وأحيانًا كبيرة) من المخاطر بالنسبة إلى العوائد المحتملة. ذوو بصيرة - يحدّدون اتّجاههم ويخطّطون جيدًا للمستقبل ويتّصرفون بناءً على خططهم. مُبدعون - يقدّمون حلولًا مبتكرة، مثل تصميمات المنتجات الإبداعيّة واستراتيجيّات التسويق الجريئة. نشيطون - يقدّمون مستويات عالية من الطاقة والمثابرة، وغالبًا ما يعملون في وظيفة بدوام كامل إلى جانب البدء بمشروعهم الجديد. شغوفون - يحبّون أفكارهم ويسعدهم طرحها في السوق ويحوّلون أحيانًا هواياتهم إلى مشاريع فريدة. ملتزمون - على استعدادٍ لتقديم تضحيات شخصيّة لتحقيق أهدافهم. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } تطبيق الأخلاقيات تحويل الخيارات الأخلاقيّة لمهنة العائلة إلى علامة تجاريّة دوليّة لطالما عَلِمَت أبولونيا (Apollonia) ما تريد القيام به عندما تكبر منذ أن كانت فتاة صغيرة في باريس: تولّي أعمال العائلة. لكنها لم تتوقّع مدى سرعة حدوث ذلك. توفّي والدها ليونيل بويلان (Lionel Poilâne) ووالدتها في حادث تحطّم طائرة مروحيّة في عام 2002 وفقدت فرنسا حينها خبّازها الأكثر شهرةً واضطرّت أبولونيا للتدخّل. كانت أبولونيا تبلغ من العمر 18 عامًا فقط في ذلك الوقت، وكانت تخطط للالتحاق بجامعة هارفارد في الخريف، لكنّ اللحظة الّتي أعدّها والداها لها قد جاءت. وكما قالت في خطاب قبولها في جامعة هارفارد: "يقف عمل أجيال عديدة على المِحكّ". أدارت أبولونيا أحد أفضل المخابز الباريسيّة في العالم بتنظيم وإصرار، وذلك من شقتها في كامبريدج في ولاية ماساتشوستس الأمريكيّة. كانت تستيقظ عادةً قبل ساعتين من دروسها لتضمن إجراء جميع المكالمات الهاتفيّة الضروريّة للعمل. تقول أبولونيا: "بعد الدروس أتحقّق من مُجريات العمل التي تتعلّق بالشركة ثمّ اتفرّغ لواجباتي المنزليّة". "اتّصل قبل أن أنام بمدير الإنتاج في باريس للتحقّق من جودة الخبز." نظرًا لأن اسم عائلة بويلان اكتسب مكانةً عريقة لم يبلغها إلا قلّة قليلة من الخبّازين المرموقين، فقد صمّمت الفتاة البالغة من العمر 18 عامًا على الحفاظ على رضا العملاء والجودة التي أفنى جدها عمره في بنائها منذ 1932. كرّس والدها ليونيل نفسه بعمر 28 سنة -بعدما أصيب جدّها بسكتة دماغيّة في عام 1973- للعمل وجعل عمل الأسرة العلامة التجاريّة العالميّة الّتي هي عليها اليوم. افتتح ليونيل مخبزين آخرين في باريس وآخر في لندن. طوّر ورعى شبكة عالميّة من تجّار التجزئة والمشاهير حيث يشحن الخبز يوميًّا عبر (FedEx) إلى المطاعم الراقية والعملاء الأثرياء في جميع أنحاء العالم. إنّ تجربة العجين المخمّر هو ما يميّز منتجات بويلان عن خبز المخابز الأخرى في باريس ويبقى هذا المنتج هو السمة المميّزة للشركة. تُخبز العجينة بحرف "P" مدموغًا على القشرة في إحياءً ذكرى الأيّام التي كان يُجبر فيها الخبّازون على طبع أحرفٍ تشير إليهم للتعرّف على أرغفتهم بسبب استخدام الأفران الجماعيّة، بالإضافة إلى أن هذا يضمن عدم انفجار الرغيف أثناء الخبز. تبيع بويلان اليوم أيضًا المعجّنات وبعض الخبز المُخصّص، ولكن العنصر المميز للشركة لا يزال هو (miche) والخبز الريفيّ و(pain Poilâne). تقول جولييت سارازين (Juliette Sarrazin) مديرة فرع المخبز في لندن: "إنّ أبولونيا شغوفة حقًّا بوظيفتها. إنّها تؤمن بعمل والدها وبالشركة وتتطلّع إلى المستقبل، وهو أمرٌ في مُنتهى الروعة ومدعاة للاحترام." لطالما اندفعت أبولونيا بأخلاقياتها وشغفها حتّى عندما كانت طالبة. مثّل كل يوم تحدّيًا لمشاكل جديدة يجب أن تحلّها في باريس، بينما ينام الطلاب الآخرون في هارفارد. كما قالت أبولونيا لمراسل طلّابيّ من مجلّة (The Harvard Crimson) "الساعة أو الساعتان الّلتان تقضونهما في المماطلة أقضيها أنا في العمل. لا أحد يجبرني على فعل ذلك، بل هذا كان حلمي دائمًا". أتى تفانيها بثماره واحتفظت أبولونيا بالسيطرة على القرارات المهمّة والاستراتيجيّة وأهداف العمل واصفةً نفسها بأنّها "قائدة السفينة" الّتي تحدّد الاتجاه العام للشركة. اليوم بويلان هي شركة بقيمة 18 مليون دولار لديها 160 موظّفًا. كما تمتلك بويلان ثلاثة مطاعم تسمى (Cuisine de Bar) في باريس ولندن وتقدم وجبات خفيفة، مثل الحساء والسلطات و(tartines). تعمل الشركة على شحن أكثر من 200,000 رغيف سنويًّا لعملاء في 20 دولة حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدّة واليابان والمملكة العربيّة السعوديّة. تقول أبولونيا: "أصبح الناس يفهمون ما الذي يجعل خبزنا عالي الجودة وما قضى والدي سنوات في دراسته، أنا سعيدة بذلك". يجمع معظم روّاد الأعمال بين العديد من الخصائص المذكورة أعلاه. أحبّت سارة ليفي -23 سنة- (Sarah Levy) وظيفتها طاهيةً حلويّات في مطعم، ولكن لم تحبّ الأجر المنخفض والضغط العالي وساعات العمل الطويلة. لذلك أسّست مشروعًا جديدًا -في منزل والديها- وأطلقت على هذا المشروع اسم معجنات وحلويات سارة (Sarah’s Pastries and Candies). يساعدها الموظّفون بدوام جزئيّ على ملء طلبات المعجنات والحلوى على صوت مقاطع موسيقيّة هادئة في الخلفيّة. بدأ كونور ماكدونو (Conor McDonough) -خرّيج جامعة كورنيل (Cornell University)- شركته الخاصة لتصميم مواقع الويب (OffThePathMedia.com) بعد أن أصيب بخيبة أمل كبيرة من وظيفته التي لم تكن تُشبع رغباته وطموحاته. يقول كونور: "لم تكن هناك فُرص ولا مساحة كافية للتعبير عن نفسي وعن قدراتي". كما تقول الفنانة المشغولة آنا سانشيز (Ana Sanchez): "إنّ العمل الحرّ يبقيني أعمل دائمًا ويجبرني ذلك على بذل قصارى جهدي لأنّني أعرف أن وظيفتي التالية تعتمد على أدائي." القدرة الإدارية والمعرفة التقنية قد يفتقر الشخص المتمتّع بجميع خصائص ريادة الأعمال إلى المهارات التجاريّة اللازمة لإدارة شركة ناجحة. يحتاج روّاد الأعمال إلى المعرفة التقنيّة لتنفيذ أفكارهم وإلى القدرة الإداريّة على تنظيم الشركة وتطوير استراتيجيّات التشغيل والحصول على التمويل والإشراف على الأنشطة اليومية. خاطب جيم كرين (Jim Crane) -الّذي أنشأ شركة إيجل العالمية للخدمات اللوجستية (Eagle Global Logistics) وحوّلها من شركة ناشئة إلى شركة عملاقة بقيمة 250 مليون دولار- خاطب مجموعة من الأفراد في اجتماعٍ قائلاً: "لم أدُر شركة بقيمة 250 مليون دولار من قبل، لذا يجب أن تبدأوا يا رفاق في إدارة هذه الشركة." تعدّ المهارات الشخصيّة ومهارات التواصل الجيّدة ضرورة مُلحّة عندما يتعلّق الأمر بالتعامل مع الموظّفين والعملاء وشركاء الأعمال الآخرين، مثل المصرفيّين والمحاسبين والمحامين. يعتقد روّاد الأعمال أنه يمكنهم تعلّم هذه المهارات المطلوبة، كما سنناقش لاحقًا في مقالات في هذا الباب من سلسلتنا. عندما بدأ جيم ستاينر (Jim Steiner) عمله في إعادة تصنيع خراطيش الحبر (Quality Imaging Products) كان استثماره الأوّلي 400 دولار فحسب. أنفق 200 دولار على خبير استشاريّ لتعليمه العمل و200 دولار على الموادّ لإعادة بناء وإصلاح أولى الخراطيش. كان يجري مكالمات المبيعات من الساعة الثامنة صباحًا حتى الظهر ويسلّم المنتجات للعملاء من الظهر حتى الساعة الخامسة مساءً. يعود للمرآب بعد عشاء سريع حيث يملأ خراطيش الطابعات حتّى منتصف الليل وحينها يذهب منهكًا للنوم ويكون أحيانًا مغطى بآثار العمل. ولم يكن روتين العمل هذا قصيرًا لشهري أو اثنين، بل كانت هذه هي حياته لمدّة 18 شهرًا. لكنّ رواد الأعمال عادةً ما يكتشفون بسرعة أنّهم لا يستطيعون فعل كلّ شيء بأنفسهم. غالبًا ما يختارون التركيز على ما يفعلونه بشكل أفضل وتوظيف آخرين للقيام بالأعمال الثانوية الأخرى. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
في ختام سلسلة مقالاتنا الفريدة عن السلوك التنظيمي في بابها التاسع عشر والأخير، سنسوق لك عزيزي القارئ إحدى المواضيع الجوهريّة في عصرنا والتي حازت على اهتمامٍ وإقبال مُتزايدين في عالم الأعمال، وأضحت شرطًا أساسيًّا للتميّز في خضمّ سوق التنافس الشديد في وقتنا الراهن، ألا وهو ريادة الأعمال. سنستعرض في مقالاتنا القادمة الأنواع المختلفة لريادة الأعمال، وسنذكر بشيءٍ من التفصيل الخصائص التي تقود الأفراد لكي يصبحوا روّاد أعمال ناجحين، كما سنسلّط الضوء على مخطط نماذج الأعمال وكيف يساعدنا على وصف وتقييم نماذج الأعمال الحاليّة، سنذكر أيضًا كيف يموّل روّاد الأعمال أفكارهم الجديدة وكيف يمكنهم الاستفادة من مجال التفكير التصميمي الإبداعي لحل المشاكل المعقّدة التي تواجههم في بيئة العمل العصريّة المُتغيّرة باستمرار، وأخيرًا سنسوق الخطوات التي يمكن للحكومات من خلالها أن تدعم وترفع من سويّة مجال ريادة الأعمال في المؤسسات المختلفة. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } استكشاف المهن الإدارية ماريا روز بلدينغ (Maria Rose Belding) قاعدة البيانات (MEANS) ذات يومٍ أثناء التطوّع في ملجأ طعام محليّ في ولاية آيوا في الولايات المتّحدة اضطرّت طالبة المدرسة الإعداديّة ماريا روز بلدينغ إلى التخلّص من مئات صناديق المعكرونة والجبن مُنتهية الصلاحيّة. وبينما كانت ماريا تحمل الصناديق إلى سلّة المهملات سارت بجوار العائلات الجائعة الّتي تنتظر الطعام وراودتها أفكار حول الحجم الهائل لمشكلة الجوع في العالم. تُهدر الولايات المتّحدة وحدها من أكثر من 133 مليار رطل (أكثر من 60 مليون طن) من الطعام (يتضمّن الطعام مُنتهي الصلاحية أو بقايا الطعام) سنويًّا، وهناك أكثر من 45 مليون مواطن أمريكيّ ليس لديهم ما يكفي من الطعام. قادت هذه التجربة بلدينغ إلى إنشاء قاعدة بيانات (MEANS) (Matching Excess and Need for Stability ربط الفائض للحاجة من أجل الاستقرار) وهي منظّمة غير ربحيّة طوّرت شبكةً عبر الإنترنت تتضمّن مخازن الطعام والملاجئ والمطاعم وغيرها من الجهات التي قد يكون لديها فائض من الطعام أو بحاجة له، بحيث تتواصل مع أيّ شخص قد يكون لديه طعام إضافيّ مثل المطاعم ومحلّات البقالة. يرسل الطعام الزائد، الذي كانت المطاعم أو المقاصف بصدد التخلص منه، من خلال تطبيق وموقع (MEANS) إلى مأوى أو مخزن طعام بحاجةٍ له. أدركت بلدينغ أنّها بحاجة إلى إنشاء منصّة لربط مخازن الطعام بفوائض الطعام لكنّها لم تكن تعرف كيف تفعل ذلك. شارك جرانت نِلسون (Grant Nelson) (طالب القانون في جامعة جورج واشنطن) في تأسيس (MEANS) برفقة بلدينغ. أدار نلسون القسم العلميّ والتقنيّ وجهّز البنية التحتيّة السحابيّة الّتي احتاجتها شركة (MEANS) للنجاح في تحقيق هدف بلدينغ المتمثّل في ربط الأشخاص أو المنظّمات ممّن تفيض لديهم بعض الأغذية بمن هم بحاجة لهذا الغذاء. تستخدم قاعدة بيانات (MEANS) البرامج المستندة إلى التقنيّات السحابيّة والاتّصالات المستندة إلى البريد الإلكتروني لربط مخازن الأغذية مع فائض الطعام. يتبرّع الكثير من الناس بالطعام إلى الملاجئ بحسن نيّة ولكنّه غالبًا لا يكون طعامًا مناسبًا أو صالحًا للتخزين أو حتى للأكل في بعض الأحيان. تخدم بعض الملاجئ مثلًا كبار السن الذين يعانون من مشاكل صحيّة مثل ارتفاع ضغط الدم، ما يتطلّب اتباع نظام غذائيّ منخفض الصوديوم. عندما يتلقّى مخزن الطعام تبرعًا بشعيريّة الرامن (ramen noodles) على سبيل المثال، لا ينبغي للموظفين تقديمه لكبار السن وقد يرمون الطعام في القمامة في هذه الحالة. تسمح شبكة (MEANS) لموظفي المخزن بنشر الطعام غير المرغوب فيه على الشبكة ويمكن لمخزن آخر الحصول على هذا الطعام. العملية مباشرة بالنسبة لكلّ من مُتلقّي الطعام والمتبرّعين، ويمكن إنشاء حساب على شبكة (MEANS) مجّانًا. يوفّر المأوى المُشترِك بالخدمة موقعه واحتياجاته من الطعام والمسافة التي يمكن لموظفيه قطعها لجلب الطعام المُتبرّع به. بالمقابل يمكن لمأوى أو مطعم أو أيّ متبرع مُحتمل للطعام الفائض أن يُبْلِغ عن نوع وكمّيّة الطعام الذي يرغبون بالتبرّع به، وتُرسِل الشبكة عندها بريدًا إلكترونيًّا إلى المخازن المحليّة التي تبحث عن هذا النوع من الطعام. تُتيح شبكة (MEANS) عمليّة تبادل الطعام بين الطرفين بسهولة وسلاسة. واصلت بلدينغ بناء قاعدة بيانات (MEANS) أثناء دراستها في المدرسة الثانويّة، ولاحقًا أثناء تحصيلها العلمي في الدراسات قبل الطبّيّة في الجامعة الأمريكية. حصلت على العديد من التكريمات لجهودها بما في ذلك (L'Oréal Women of Worth) وكانت واحدة من أكثر عشرة متلقين لجائزة "بطل الأسبوع" لعام 2018 من شبكة (CNN). تخطّط بلدينغ لنقل الإدارة اليوميّة للشبكة إلى موظّفيها والبقاء في مجلس الإدارة خلال فترة دراستها في كلّيّة الطبّ. نقلت قاعدة بيانات (MEANS) ما يقارب الألف طنّ من الطعام عبر 48 ولاية أمريكيّة، وما زالت بصدد التطوّر وتوسيع إمكانيّات خارج الولايات المتّحدة. ماريا روز بلدينغ هي واحدة من ملايين روّاد الأعمال في العالم، وهم الأفراد الّذين يدركون الفرص ويسعون خلفها ويتحمّلون المخاطر ويحوّلون هذه الفرص إلى مشاريع ذات قيمة يمكنها النجاة في السوق التنافسيّة بل وتصدّرها. ينحدر روّاد الأعمال من مختلف الخلفيّات والفئات العمريّة، وتمثّل بلدينغ روّاد الأعمال من المدارس الإعداديّة والثانويّة والجامعة. يشترك روّاد الأعمال في دوافعهم للإنجاز والنموّ والاستعداد لأخذ المبادرة والمسؤوليّة. يحتاج روّاد الأعمال في كثير من الأحيان إلى موارد أخرى، مثل المؤسّسين المساعدين وفرق العمل ومن ثمّ يجب عليهم بناء شبكة كبيرة من العملاء والمورّدين وأصحاب المصلحة الآخرين. في حين أن شبكة (MEANS) هي منظّمة غير ربحيّة مسجّلة فإنّها تمتلك العديد من المنافسين والشركاء الربحيّين. نظرة عامة على ريادة الأعمال ريادة الأعمال ظاهرة عالميّة. يوجد أفراد في جميع أنحاء العالم بمراحل ومستويات مختلفة في ريادة الأعمال. هنالك العديد من التعريفات لرواد الأعمال (entrepreneurs) وريادة الأعمال (entrepreneurship)، لكننا سنعتمد على المجال العلميّ -كما حدّده شين (Shane) و فينكاتا رامان (Venkatarman)-، ألا وهو: روّاد الأعمال هم الأفراد الذين يسعون إلى فهم كيفيّة اكتشاف الفرص وتوليدها واستغلالها ومعرفة من يقوم بذلك وما هي النتائج. عندما يفكر معظم الناس في ريادة الأعمال قد يخطر في بالهم أناس مثل ماريا روز بلدينغ وجيف بيزوس (أمازون) وايلون موسك (تيسلا وسبيس إكس). ومع ذلك هناك العديد من أنواع ريادة الأعمال الأخرى التي سنسلّط عليها الضوء في هذا مقالاتنا اللاحقة. قاعدة بيانات (MEANS) هي مثال على ريادة الأعمال الاجتماعية (social entrepreneurship)، وهي إيجاد حلول مبتكرة لمشاكل اجتماعيّة و/أو بيئيّة وحشد الموارد لتحقيق التحوّل الاجتماعي الإيجابي. توضّح قاعدة بيانات (MEANS) كيف يواجه ويعالج روّاد الأعمال الاجتماعيّون المشكلات بفعاليّة أكثر من الحكومة. يمكن لروّاد الأعمال أيضًا العمل داخل المنظّمات القائمة: تتضّمن ريادة الأعمال المؤسّساتيّة (corporate entrepreneurship) إنشاء منتجات وعمليّات ومشاريع جديدة داخل المؤسّسات الكبيرة. هناك نوع آخر من ريادة الأعمال وهو ريادة الأعمال العائليّة (family entrepreneurship) وتتمثّل بامتلاك عدّة أفراد من العائلة ذاتها الشركة، بحيث يديرونها لأكثر من جيل واحد عادةً. تشير ريادة الأعمال المتسلسلة أو الاعتياديّة (serial or habitual entrepreneurship) إلى الأفراد الذين يبدؤون العديد من الأعمال التجاريّة في وقت واحد أو الواحد تلو الآخر. يمكن أيضًا تصنيف ريادة الأعمال وفقًا للأهداف المرغوبة. ينشئ الأفراد الّذين ينشطون في ريادة الأعمال الحياتية (lifestyle entrepreneurship) عادة مشروعًا يناسب نمط الحياة الشخصيّة، وليس لغرض تحقيق الأرباح فحسب. تنطوي ريادة الأعمال في مجال التكنولوجيا (high-technology entrepreneurship) على مشاريع في مجال المعلومات والاتّصالات والتكنولوجيا، والّتي عادةً ما يكون لها توقّعات عالية لنموّ الإيرادات. يمكن أيضًا تصنيف روّاد الأعمال وفقًا لمرحلة تطوير مشروعهم كما هو موضّح في برنامج بحث "مراقب ريادة الأعمال العالميّ" (Global Entrepreneurship Monitor (GEM)) في الفقرة التالية. انتشار ريادة الأعمال العالميّة تجمع دراسة "مراقب ريادة الأعمال العالميّ" كلّ عام بيانات من أكثر من 60 دولة لتحديد عدد الأفراد المشاركين في مختلف مراحل ريادة الأعمال. تضمّ المرحلة الأولى روّاد الأعمال المحتملين (potential entrepreneurs) المؤمنين بامتلاكهم القدرة والمعرفة اللازمتين لبدء مشروعهم ولا يخشون الفشل. إذا كنت تقرأ هذا المقال وتعتقد أنّك تمتلك المهارة والشجاعة اللازمين لبدء شركتك الخاصة في يوم من الأيام وتعتقد أن الفوائد التي يمكن أن تحصل عليه من ثمار مشروعك واعدة أمام الأخطار الممكنة، فأنت تلائم هذا التعريف لرائد أعمال محتمل. الفئة التالية من (GEM) هي روّاد الأعمال الوليدون (nascent entrepreneurs) الّذين أنشأوا أو هم بصدد إنشاء مشروع يمتلكونه/يشتركون في امتلاكه ويبلغ عمره أقلّ من ثلاثة أشهر، بحيث لم يُثمر المشروع بعد أرباحًا حقيقية. يدير أصحاب الأعمال الجدد (new business owners) نشاطًا تجاريًا لأكثر من ثلاثة أشهر، ولكن أقلّ من ثلاث سنوات. وأخيرًا، يدير أصحاب الأعمال الراسخون (established business owners) نشاطًا تجاريًّا يزيد عمره عن ثلاث سنوات ونصف. يحسب باحثو (GEM) المعدّل الإجماليّ لنشاط ريادة الأعمال (TEA Total Entrepreneurial Activity)) وهو النسبة المئويّة للسكان البالغين (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عامًا) والذين هم إمّا روّاد أعمال ناشئون أو أصحاب أعمال جدد. يوفّر الشكل 19.2 نظرة عامّة على نموذج (GEM) لقياس نشاط ريادة الأعمال في اقتصاد معيّن. تجمع بيانات (GEM) سمات رجل الأعمال الفرديّ وقطاع الصناعة ككلّ والتأثير المتوقّع لنموّ الأعمال المُحتمل واستخدام الابتكار وحصة العملاء الدوليّين. يوضّح الشكل 19.3 أحدث المعدّلات المُتاحة لأنشطة ريادة الأعمال وفقًا لتوزّع المناطق الجغرافيّة. وتصنّف هذه المناطق حسب وضعها التنمويّ، حيث أن البلدان النامية (سنُطلق عليها البلدان التي تدفعها العوامل الأساسية) أظهرت معدلات أقلّ لنمو ريادة الأعمال، تعيش هذه البلدان في المقام الأول على أعمال الزراعة والحصاد وتعتمدّ بشدة على العمالة غير الماهرة والموارد الطبيعيّة. إن الاقتصادات التي تعتمد على الكفاءة أكثر تنافسيّة وتَستخدم عمليات إنتاج أكثر تقدّمًا وكفاءةً لتقديم منتجات وخدمات أعلى جودةً. الاقتصادات التي يدفعها الابتكار هي الأكثر تطوّرًا وتعتمد عادةً على الصناعات الغنيّة بالمعرفة وقطاع الخدمات الموسّع. تتراوح معدلات نشاط ريادة الأعمال بين 20% من السكّان البالغين في الإكوادور، إلى أقلّ من 5% في العديد من البلدان، مثل بلغاريا والبوسنة والهرسك وإيطاليا واليابان. يمكن أن تكون معدّلات ريادة الأعمال مرتفعة للغاية في البلدان التي تدفعها العوامل الأساسية، حيث يوجد عدد أقلّ من الشركات التقليديّة وقد تكون ريادة الأعمال هي الفرصة الجيّدة الوحيدة في سوق العمل. تتمتع الولايات المتحدة بأحد أعلى مستويات (TEA) من بين الاقتصادات الّتي يدفعها الابتكار، ربّما يعود ذلك إلى الثقافة الأمريكيّة التي تشجّع النشاطات الفرديّة، بالإضافة إلى وجود العديد من المنظّمات الّتي تدعم ريادة الأعمال. سنذكر في الفقرة التالية عاملًا رئيسيًّا آخر هو القيمة المجتمعيّة. الشكل 19.2 نموذج وقياسات النشاط الرياديّ المصدر: مقتبس من Global Entrepreneurship Monitor 2017/2018 report, page 22 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). الشكل 19.3 النشاط الرياديّ في 2017/2018 المصدر: مقتبس من Global Entrepreneurship Monitor 2017/2018 report, pages 34-35 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). القيمة المجتمعية لريادة الأعمال العالمية يدرس مشروع بحث (GEM) أيضًا القيمة المجتمعيّة لريادة الأعمال والّتي يمكن أن الارتقاء أو إضعاف مفهوم ريادة الأعمال. في تقرير 2017/2018 عبر 52 اقتصادًا لدول مختلفة؛ كان هناك دعم قويّ لريادة الأعمال على أنّه خيارٌ مهنيّ جيد ومُحبّز. سُجِّلت أدنى مستويات في الاقتصادات المدفوعة بالابتكار؛ ربّما بسبب وجود العديد من الخيارات الوظيفيّة الجيّدة للشركات. حدد باحثو GEM أنّ حوالي 70% من السكّان البالغين يعتقدون أنّ روّاد الأعمال يتمتعون بمكانة عالية في مجتمعاتهم. توجد اختلافات طفيفة حيث أبلغت البلدان التي تدفعها العوامل الأساسية عن مستويات أعلى مقارنة بالدول المدفوعة بالابتكار والكفاءة. يعتقد حوالي 61% من البالغين في الدول المدروسة أنّ روّاد الأعمال يحظون باهتمام إعلاميّ كبير، مع نسبة أعلى في البلدان ذات الاقتصادات القويّة. فحسب هذه البيانات، عندما يُعرض روّاد الأعمال عرضًا إيجابيًّا في وسائل الإعلام ستتغير نظرة المُجتمع تجاه هذا المفهوم المهني، وسيفكّر الأفراد أكثر في اتّخاذ ريادة الأعمال مهنةً لهم. الشكل 19.4 معدّلات مجموعات التطوّر للقيم المجتمعيّة لريادة الأعمال في 52 اقتصادًا حول العالم المصدر: Adapted from Global Entrepreneurship Monitor 2017/2018 report, page 27 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
نأتي الآن إلى أهمّ سؤال من وجهة النظر الإداريّة: ما الّذي يمكن فعله للحدّ من ظاهرة الشِدّة والتوتّر المرتبطين بالعمل؟ ناقشنا العديد من الاقتراحات للتعامل مع الشِدّة. ومع ذلك يمكن تلخيص العديد من الإجراءات المهمّة الّتي يمكن أن يتّخذها الموظفون والمديرون لتوفير بيئة عمل أكثر راحةً وتحسين تكيّف الموظف مع العمل. الاستراتيجيّات الفرديّة هناك العديد من الاستراتيجيات الّتي يمكن للناس نهجها للمساعدة في القضاء على الشِدّة أو للمساعدة في التعامل مع استمرار الشِدّة العالية على الأقلّ. ما يلي بعض منها: تنمية الوعي الذاتيّ. يمكن للأفراد أن يَعوا تصرفاتهم وعيًا أكبر في العمل. يمكنهم تعلّم التعرّف على حدودهم الخاصّة وعلى علامات المشاكل المُحتملة قبل حدوثها. يجب أن يعرف الموظّفون متى ينسحبون من موقف ما (يمكن للبعض أخذ "يوم إجازة للصحّة النفسيّة" بدلاً من التغيّب) ومتى يطلبون المساعدة من الآخرين في العمل في محاولة لتخفيف عبء العمل. تطوير الاهتمامات الخارجيّة. يمكن أيضًا للأفراد تطوير اهتمامات خارجيّة لإبعاد فكرهم عن العمل. هذا الحل مهمّ خاصّةً للشخصيّات من النمط (أ)، الّذين تعتمد صحتهم الجسديّة على تخفيف حدّة سعيهم للنجاح. يمكن للموظّفين الحصول على تمرين بدني منتظم لتخفيف الشِدّة المكبوتة. ترعى العديد من الشركات الأنشطة الرياضيّة وتبني بعضها منشآت رياضيّة في مباني الشركة لتشجيع نشاط الموظّفين. مغادرة المنظمة. قد لا يتمكّن الموظّف أحيانًا من تحسين وضعه وقد يجد نتيجةً لذلك أنّه من الضروري (والصحّيّ) مغادرة المنظّمة والعثور على عمل بديل. من الواضح أنّ هذا القرار صعب الاتّخاذ، إلّا أن هنالك أوقات يكون فيها الحلَّ الوحيد. إيجاد حل شخصيّ فريد. يمكن للأفراد التعامل مع الشِدّة أيضًا من خلال مجموعة متنوعة من الحلول الشخصيّة. إليك مثلًا كيف وصف أحد المديرين ردّ فعله على موقف مُرهق: "إذا ضايقني أحدهم فسأغلق الهاتف بأدب ثمّ أتناول الآلة الكاتبة وأكتب كلّ ما أردت قوله لهذا الشخص على الهاتف. تعمل هذه الآليّة كلّ مرّة. ثمّ أقوم بتمزيق الورقة ورميها في سلة المهملات. إذا لم يتمكّن الموظّف من ترك موقف مرهق فقد تكون الحلول الفرديّة الخاصّة وسيلة مؤقتة جيّدة للخروج منه. التمرين الجسديّ. يمكن أن يكون التمرين وسيلة فعّالة لتمكين الجسم من التعامل بفعاليّة مع الآثار الجسدية للشِدّة لأنّ ردّ الفعل الجسديّ للجسم هو أحد أسباب الإرهاق الناتجة عن الشِدّة. يمكن أن يكون التمرين المنتظم استراتيجيّة فرديّة مهمّة وفعّالة. المنظور المعرفيّ. أخيرًا، يمكن أن يكون التحكّم في المنظور المعرفيّ للأحداث استراتيجيّة فعّالة لأنّ أحد عناصر الشِدّة الأساسيّة هو كيفيّة فهم الأحداث وتفسيرها. على الرغم من أنّ المرء لا يرغب في الذهاب إلى حدّ الفهم المقلوب للأحداث، إلّا أن تأطير المواقف تأطيرًا إيجابيًّا، بالإضافة إلى العوامل المميّزة التي تقع داخل وخارج نطاق سيطرتك وتأثيرك، يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتخفيف آثار الشِدّة. الاستراتيجيّات التنظيميّة نظرًا لأنّ المديرين عادةً ما يكون لديهم سيطرة على بيئة العمل أكثر من المرؤوسين فمن الطبيعي أن يكون لديهم فرصة أكبر للمساهمة في الحدّ من الشِدّة المرتبطة بالعمل. يمكن للمديرين اتّباع الاستراتيجيّات الثمانية التالية لتخفيف الشدّة والتوتر في بيئة العمل: اختيار الموظّفين. أولاً، يمكن أن يولي المديرون المزيد من الاهتمام لعملية الاختيار والتناسب بين المتقدّمين للوظيفة والوظيفة ذاتها ومكان العمل. تُكرّس إجراءات الاختيار الحاليّة لمنع التحميل النوعيّ الزائد للدور من خلال ضمان حصول الأفراد على التعليم اللازم والقدرة والخبرة المطلوبة للوظيفة. يمكن للإداريين توسيع معايير الاختيار هذه لتشمل النظر في مدى تحمّل المتقدّمين للغموض والإبهام في بيئة العمل والقدرة على التعامل مع تضارب الأدوار والتحدّيات المُعاصرة في المؤسسة. وبعبارة أخرى، يمكن للمديرين أن يكونوا متيقّظين أكثر (في مقابلات العمل وعمليّة التوظيف اللاحقة) للمشكلات المحتملة المرتبطة بالشِدّة وقدرة مقدّم الطلب على التعامل معها بنجاح. تدريب المهارات. ثانيًا، يمكن تقليل الشِدّة في بعض الحالات من خلال التدريب على المهارات المتعلّقة بالوظائف تدريبًا أفضل، حيث يتعلّم الموظّفون كيفيّة أداء وظائفهم بفعاليّة أكبر مع تقليل الشِدّة والإجهاد. قد يتعلّم الموظّف مثلًا كيفيّة تقليل الحمل الزائد عن طريق استخدام اختصارات أو مهارات جديدة موسّعة. ومع ذلك لن تكون هذه التقنيّات ناجحة إلّا إذا اتّبعت الإدارة إجراءات ملائمة لها. يمكن أن يُكرّس المديرون جُهدًا ووقتًا أكبر لتحديد وتوضيح واجبات الوظيفة للحدّ من الإبهام وتضارب الأدوار. يمكن تدريب الموظّفين أيضًا على مهارات العلاقات البشريّة من أجل تحسين قدراتهم الشخصية ليواجهوا نزاعات أقلّ بين الأفراد والمجموعات. إعادة تصميم الوظيفة. ثالثًا، يمكن للمديرين تغيير جوانب معينة من الوظائف أو طرق أداء الأشخاص لهذه الوظائف. هنالك العديد عن فوائد إعادة تصميم الوظائف. قد يؤدّي إثراء الوظيفة إلى تحسين الاستقلاليّة والمسؤوليّة وتبادل الآراء. ستشكّل هذه الوظائف تحدّيًا مُرحبًّا به بالنسبة للكثير من الأشخاص، وهذا النهج من شأنه أن يحسّن من ملاءمة الفرد لوظيفته ويقلل من الشِدّة في العمل. تجدر الإشارة إلى أنّ معظم الأفراد لا يتوقّعون الحصول بالضرورة على الوظيفة المثالية المُتكاملة من كل الجوانب، يكفي أن تُلبي احتياجاتهم وطموحاتهم الأساسيّة. إن إثراء وظيفة شخص ذو حاجة منخفضة للإنجاز أو موضع خارجيّ للتحكّم قد يزيد فقط من القلق والخوف من الفشل لديه. يجب توخّي الحذر في إثراء العمل لمطابقة هذه الجهود مع احتياجات ورغبات الموظّفين. هناك تقنية ذات صلة أيضًا تهدف إلى تقليل الشِدّة وهي التناوب الوظيفيّ. التناوب الوظيفيّ هو في الأساس وسيلة لتقليل التوتّر بين الموظّفين وتوفير فترة راحة -وإن كانت مؤقّتةمن الوظائف الُمسبّبة للشِدّة خاصّةً. يُعدُّ تناوب الوظائف شائعًا في اليابان لكونه وسيلة لتوزيع المهامّ الأكثر مللًا أو رتابةً بين مجموعة كبيرة من الموظّفين بحيث تُقلّل مدّة تقلّد ذلك المنصب أو العمل المُمل أو المُسبب للتوتر على الفرد، ويتوّزع بالتالي الأثر السلبي لطبيعة ذلك العمل على الأفراد كلّهم بدلًا من تركّزه لدى عاملٍ واحد. تعمل اليابان أيضًا على تخفيض عدد أيّام أسبوع العمل من أجل الحدّ من الشِدّة والتوتر في العمل. برامج الاستشارة الّتي ترعاها الشركة. بدأت العديد من الشركات تجربة برامج الاستشارة كما تقترح الاستراتيجيّة الرابعة هذه. يتضمّن البرنامج التنفيذيّ بجامعة ستانفورد (Stanford University) مثلًا وِحدةً حول التعامل مع الشِدّة، في حين تدير مؤسسة (Menninger Foundation)، على سبيل المثال، ندوة لمدّة أسبوع لمكافحة الإجهاد في مدينة توبيكا الأمريكيّة. أُجريت تجربة بين رجال الشرطة تهدف إلى دراسة وإدارة الشِدّة التي يعاني منها أفراد الشرطة في العمل، في البرنامج (الذي يتألّف من ستّ جلسات مدّتها ساعتين) شُرِح للشرطيّين عن طبيعة وأسباب الشِدّة وعن تمارين استرخاء مفيدة ووُضِعوا في محاكاة للعديد من المواقف المُجهِدة (مثل أنشطة لعب دور تحاكي عمليّة اعتقال الأفراد الجُناة). ركّز البرنامج طوال الوقت على تعزيز ثقة الضباط بقدرتهم على التعامل بنجاح مع الشِدّة أثناء العمل. وأظهرت نتائج البرنامج أن رجال الشرطة الّذين اجتازوا البرنامج كان أداؤهم أفضل وأظهروا قدرًا أكبر من ضبط النفس وشهدوا ضغوطًا أقلّ من رجال الشرطة الّذين يشغلون مناصب مماثلة لكن لم يُشاركوا في هذا البرنامج. أظهر برنامجٌ مماثل نتائج متوافقة في مجموعة متنوّعة من المنظّمات الأخرى. يمكن تقليل الكثير من الشِدّة المرتبطة بالعمل ببساطة عن طريق تشجيع المديرين على توفير الدعم الكافي والأدوات اللازمة للأفراد العاملين من أجل التعامل الأمثل مع الشِدّة والتوتّر. زيادة المشاركة والتحكّم الشخصيّ. خامساً، يمكن للمديرين السماح للموظّفين بقدر أكبر من المشاركة والتحكّم الشخصيّ في القرارات الّتي تؤثّر على طبيعة عملهم. تزيد المشاركة من انخراط الموظفين في العمل وتقلّل من الشِدّة في نفس الوقت، عن طريق تخفيف الإبهام وتضارب الأدوار لدى الأفراد العاملين. وعلى الرغم من أنّ فوائد المشاركة كثيرة، تجدر الإشارة إلى أن اعتماد تلك الاستراتيجية وتحويلها إلى واقع ليست بالمهمّة السهلة بالنسبة لبعض المشرفين. وجدت إحدى الدراسات مثلًا اختلافات كبيرة في المدى الّذي يسمح فيه المشرفون المختلفون لمرؤوسيهم بالمشاركة في صنع القرار. وُجد أنّ الإناث يُسمح لهنَّ بمشاركة أكبر من الذكور. وأظهرت النتائج أيضًا ميل المشرفين ذوو احتياجات الإنجاز العالية والمستويات العالية من الثقة في قدرات مرؤوسيهم والمشاعر المنخفضة للتهديد، أظهرت ميلهم إلى مشاركة الموظفين في صنع القرارات التي تتعلّق بهم. لا يبدو أن مسألة المشاركة هي ما إذا كان المرؤوسون يرغبون فيها، بل فيما إذا كان الرؤساء سيسمحون بذلك في بادئ الأمر. تماسك مجموعة العمل. سادسًا، يمكن للمديرين محاولة بناء تماسك أكبر لمجموعة العمل. جهود بناء الفريق شائعة في عالم الإعلام اليوم. تركّز هذه الجهود على تطوير مجموعات أكثر إنتاجيّة بدعم متبادل أكبر. من العناصر الحاسمة في مدى الشِدّة في العمل هو مقدار الدعم الاجتماعيّ الذي يتلقّاه الموظّفون. يمثّل بناء الفريق المُتماسك طريقةً ممتازةً لتحقيق هذا الدعم. تحسين التواصل. يمكن للإداريين فتح قنوات التواصل حتّى يكون الموظّفون أكثر اطّلاعًا على ما يحدث في المنظّمة. ينخفض مستوى إبهام الدور وتضارب الأدوار مع زيادة المعرفة لدى الموظّفين. يجب أن يدرك المديرون مع ذلك أنّ التواصل هو طريق ذو اتّجاهين، إذ يجب على المديرين أن يسمحوا ويتقبّلوا النقد من المرؤوسين وأن ينخرطوا في حوارٍ مُتبادلٍ من الطرفين لا من طرفٍ واحد، بحيث يشعر المرؤوسون بأن المديرين يعيرون اهتمامًا جيّدًا لمشكلاتهم وشكاويهم، والنتيجة ستكون تقليل الشِدّة وتفادي أي سلوك عدواني أو سلبي على المؤسسة ناتج عن التوتر وضغط العمل الكبيرين دون أي اهتمامٍ من الإدارة. برامج تعزيز الصحّة. أخيرًا، بدأت العديد من الشركات مؤخّرًا باتّباع نهج أكثر منهجيّة وشمولًا للحدّ من الإجهاد ورفع مستوى الرفاه في مكان العمل. عادة ما يُشار إلى هذه البرامج باسم برامج تعزيز الصحة (health promotion programs)، وهي تمثّل مزيجًا من أنشطة التثقيف وتعديل السلوك الّتي تهدف إلى تحقيق الصحّة الجيدة لدى الأفراد والحفاظ عليها. يتضمّن برنامج تعزيز الصحّة النموذجيّ تقييمًا للمخاطر ودروسًا تعليميّة واستشارات وإحالات. تعالج برامج تعزيز الصحّة مجموعة واسعة من المخاوف المتعلّقة بالصحّة، بما في ذلك اللياقة البدنيّة ومراقبة الوزن والاستشارات الغذائيّة والإقلاع عن التدخين ومراقبة ضغط الدم ومشاكل الإدمان وتعديل نمط الحياة العامّ. الشكل 18.9 كرة التوتّر استُخدمت كرات التوتّر لقرون خاصّة في الثقافة الصينيّة للمساعدة في تخفيف القلق وتحسين تنسيق اليد. لا يزال الناس الآن يلجؤون إليها لتخفيف القلق. (حقوق الصورة: Katy Warner / Flickr / Attribution 2.0 Generic (CC BY 2.0)) سُرعان ما تُلاحظ الشركات المشاركة في مثل هذه البرامج أنّ التكاليف المُستثمرة لتشغيلها تأتي أُكُلها من خلال تحسّن الحالة النفسيّة والبدنية للموظفين، الذي ينعكس إيجابيًّا على مستويات الإنتاجيّة، بالإضافة إلى تقليل التغيّب عن العمل والأمراض المرتبطة بالشِدّة. وجدت العديد من الشركات أيضًا أنّ توفير مثل هذه الخدمات يمثّل حافزًا مهمًّا عند البحث عن موظّفين في سوق عمل ضيّقة. ينتج الإجهاد عن بيئة العمل وكيفية تلقّي الفرد لظروف العمل ومُستجدّاته وتفسيره وتأويله الشخصي لها. يشارك كل من الجسم والعقل في العملية. من المهمّ لكل من الشركات والأفراد اتّخاذ إجراءات وقائيّة قبل أن تظهر الآثار التراكميّة للإجهاد بطرق تكلّف الفرد والشركة. الشِدّة المثاليّة (Eustress) هو مصطلح يشير إلى مستوى الشِدّة النافعة إمّا نفسيًّا أو جسديًّا. صيغ هذا المصطلح باستخدام البادئة اليونانية "eu" الّتي تعني "جيّد" وكلمة الشِدّة "stress" بمعنى حرفيّ "الشِدّة الجيّدة". اُستُكشفت الشِدّة المثاليّة في الأصل في نموذج الشِدّة لريتشارد لازاروس (Richard Lazarus). إنّ طبيعة الاستجابة المعرفيّة الإيجابيّة للتوتر هي العامل الأساسي الذي يمنح المرء شعوراً بالرضا أو المشاعر الإيجابيّة الأخرى. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
رأينا كيف تؤثّر مجموعة متنوعة من العوامل المؤسّساتيّة والشخصيّة على مدى تعرّض الأفراد للشِدّة في العمل. على الرغم من تحديد العديد من العوامل أو مسبّبات الشِدّة، إلا أن تأثيراتها النفسيّة والسلوكيّة لا تكون ذا وقعٍ شديدٍ دائمًا (ذا أثرٍ سلبي على الفرد أو على إنتاجيّة المؤسسة). يشير هذا النقص في العلاقة المباشرة بين الشِدّة والنتائج إلى وجود متغيّرات وسيطة محتملة تخفّف من آثار مسبّبات الشِدّة المحتملة على الأفراد والمؤسسات. حدّدت الأبحاث الحديثة عاملين من شأنهما تقويض وكبح النتائج السلبيّة للتوتّر على الأفراد، وهما: درجة الدعم الاجتماعيّ الّذي يحصل عليه الفرد والدرجة العامّة لما يسمى بصلابة الفرد. وكلاهما مذكور في الشكل 18.2 في مقال الشدة والرفاه في العمل. الدعم الاجتماعي سنناقش أوّلًا الدعم الاجتماعيّ. الدعم الاجتماعي (social support) هو ببساطة مدى شعور أعضاء المنظّمة بالثقة بأقرانهم والاهتمام برفاهية بعضهم واحترام بعضهم وبأنّ لديهم نظرة إيجابيّة لبعضهم. يشعر الأفراد عند وجود الدعم الاجتماعيّ أنّهم ليسوا وحيدين الذين يواجهون مسبّبات شدّة منتشرة. الدعم الاجتماعيّ هو الشعور بأنّ من حولك يهتمّون حقًا بما يحدث لك وهم على استعداد للمساعدة في تخفيف حدّة الضغوطات المحتملة، هذا الدعم يُساهم في تخفيف حدّة النتائج السلبيّة للتوتّر. يمكن أن يكون دعم الأسرة مثلًا بمثابة حاجز حماية للمديرين التنفيذيّين في مهمّة في بلد أجنبيّ ويمكن أن يقلّل من الضغط المرتبط بالتكيّف مع الثقافة الجديدة. استهدفت العديد من الأبحاث الآثار الوقائيّة للدعم الاجتماعيّ من وجهة نظر الطب بشكل متّصل بالسلوك المؤسّساتيّ. عُثِر باستمرار في سلسلة من الدراسات الطبيّة على أنّ دعم الأقران العالي يُقلّل من النتائج السلبيّة المُحتملة للتوتر في العمل (عمليّة جراحيّة وفقدان الوظيفة والاستشفاء) وزيادة النتائج الإيجابيّة. تشير هذه النتائج بوضوح إلى أهميّة الدعم الاجتماعيّ بالنسبة للفرد. تشير هذه النتائج أيضًا إلى أنّ المديرين يجب أن يكونوا على دراية بأهميّة بناء مجموعات عمل متماسكة ومتقاربة اجتماعيًّا، خاصّة بين الأفراد الأكثر تعرّضًا للشِدّة أو في مجموعات العمل التي تعمل باستمرار تحت وطأة عملٍ شديد. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } القيادة الإدارية الانفصال عن ثقافة العمل الدائم من النادر جدًا أن تبتعد عن هاتفك الذكيّ. تشعر بالقلق عندما لا تكون هناك شبكة إنترنت في غرفة الفندق وتستشيط غضبًا إذا كانت بطاريّة هاتفك منخفضة مُتخيّلًا ما يمكن أن يفوتك. ترتبط مسبّبات الشِدّة هذه، الناتجة عن ضرورة بقائك مرتبطًا بالعمل عن طريق هاتفك طوال الوقت، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالشِدّة المرتفعة والآثار الصحيّة الأخرى. تُولي العديد من أماكن العمل اهتمامًا كبيرًا بسرعة استجابة موظّفيها لنداء العمل (مثل المهن الطبيّة). قد تتطلب مهنٌ أخرى (مثل فرق المبيعات) أوقات استجابة معيّنة للرسائل الإلكترونيّة أو المكالمات أو الرسائل النصيّة مع شرح سبب عدم تحقيق هذه الأوقات. وفقًا للدراسة الأخيرة التي أجرتها أكاديمية الإدارة (The Academy of Management) يُخصِّصُ الموظّفون في المتوسّط 8 ساعات أسبوعيًّا للردّ على رسائل البريد الإلكترونيّ المتعلّقة بالعمل بعد مغادرتهم المكتب. يمكن أن يشمل ذلك أيضًا إنجاز بعض الأعمال بانتظام في المنزل أو العمل أثناء الإجازات والعُطل، ويمكن أن يسبّب كلّ هذا بالإجهاد وقلّة النوم ويقلّل من التركيز والتفاعل خلال ساعات العمل. كشفت الاستطلاعات في المملكة المتحدّة عن تأثير التكنولوجيا على العمل، حيث اعترف 72.4% من المشاركين بأنّهم كانوا يؤدون مهامّ عمل خارج ساعات العمل العاديّة . تزداد الشِدّة والتأثيرات السلبيّة المحتملة عندما تُستَخدم الهواتف الذكيّة قبل النوم ومباشرة عند الاستيقاظ. قد يكون سبب الشعور بالإرهاق في الصباح وعدم الحصول على قسط جيد من النوم ليلاً هو استخدام الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التلفاز خلال آخر ساعتين قبل النوم. كما أظهرت دراسات أخرى أنّ الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة يمكن أن يعطّل الإيقاعات اليوميّة والساعة البيلوجيّة الداخلية والّتي تساعد على تحديد ساعات النوم والاستيقاظ. غيّرت العديد من الدول طرقها وطبّقت سياسات لمواجهة القاعدة الثقافيّة "العمل الدائم" المنتشرة في بيئة العمل الحديثة. أصبح لدى الموظفين الفرنسيين ابتداءًا من عام 2017 قانون جديد هو "الحقّ في قطع الاتصال". يسمح هذا القانون للموظّفين بالابتعاد عن هواتفهم الذكيّة ولا يسمح لأصحاب العمل بفصل الأفراد الذين لا يستجيبون للاستفسارات المتعلّقة بالعمل خارج أوقات الدوام. الصلابة ثاني عوامل الحماية والتعديل للشِدّة هو الصلابة. تمثّل الصلابة (Hardiness) مجموعة من الخصائص الشخصيّة التي تشمل قدرة المرء على تحويل مسبّبات الشِدّة السلبية، إدراكيًّا أو سلوكيًّا، إلى تحدّيات إيجابيّة. تتضمّن هذه الخصائص شعورًا بالالتزام بأهميّة ما يقوم به المرء، ومحرّكها مركزُ تحكّمٍ داخليّ (كما هو مذكور أعلاه) وإحساس بالتحدّي في الحياة. وبعبارة أخرى، فإنّ الأشخاص المتميّزين بالصلابة لديهم إدراك واضح لوجهتهم وهدفهم ولا يمكن أن تردعهم العقبات بسهولة. لا يردعهم عدم وصولهم لهدفهم لأنهم يستغلّون الوضع ويندفعون إلى الأمام. هؤلاء ببساطة هم الأشخاص الّذين يرفضون الاستسلام. تدعم العديد من الدراسات أهمية عامل الصلابة لكونه حاجزًا حاميًا من الشِدّة. وجدت إحدى الدراسات بين المديرين أن من يتميّز بالصلابة كان أقلّ عرضة للإصابة بالمرض بعد ضغوط العمل الطويلة. ووجدت دراسة أخرى بين الطلاب الجامعيّين أن الصلابة ترتبط ارتباطًا إيجابيًا بتصوّرات شخصيّة مفادها أن الشِدّات المحتملة كانت في الواقع، من منظور الأفراد العازمين، مجرّد تحدّيات يجب عليهم تجاوزها. يجب بالتالي مراعاة عوامل أخرى مثل الصلابة الفرديّة ودرجة الدعم الاجتماعيّ في أيّ نموذج لعملية الإجهاد. تبعات ضغوط العمل ذات الصلة عند حديثنا عن المؤثّرات أو المسبّبات الرئيسيّة للشِدّة، أشرنا إلى أنّ مدى معاناة الشخص من الشِدّة يتعلّق بعوامل مؤسّساتيّة وعوامل شخصية ويؤثّر عليها ويضبطها درجة الدعم الاجتماعيّ في بيئة العمل والصلابة. نأتي الآن إلى فحص العواقب الرئيسية للشِدّة في العمل. هنا سنحاول الإجابة على سؤال "ماذا إذًا؟". لماذا يجب أن يهتمّ المديرون بالشِدّة والإجهاد الناتج عنه؟ سنميّز ثلاثة مستويات من الشِدّة: لا شِدّة - شِدّة منخفضة - وشِدّة عالية، وسندرس نتائج كلّ مستوى. تظهر هذه النتائج بشكل تخطيطيّ في الشكل 18.6. سنُسلّط الضوء على أربع فئات رئيسية لنتائج التوتّر، وهي: (1) الشِدّة والصحة (2) الشِدّة والسلوك المُضاد للإنتاجيّة (3) الشِدّة والأداء الوظيفي ، (4) الشِدّة والإنهاك الوظيفي. الشكل 18.6 التبعات الرئيسيّة للشِدّة في مكان العمل (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). الشدة والصحة تترافق الدرجات العالية من الشِدّة عادةً مع القلق الشديد و/أو الإحباط وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الكوليسترول. تساهم هذه التغيّرات النفسيّة والفيزيولوجيّة في تدهور الصحّة العامّة بُطرق مختلفة. والأهم من ذلك، تساهم الشِدّة المرتفعة في الإصابة باضطرابات القلب والأوعية الدموية. العلاقة بين الشِدّة الوظيفيّة المرتفعة وأمراض القلب حقيقة مُسلّمة أثبتها الكثير من الدراسات. وفي ضوء وفاة أكثر من نصف مليون شخص سنويًّا بسبب أمراض القلب فإنّ تأثير الشِدّة على ذلك أمر مهمّ وعاملٌ جوهري يجب أخذه في الحسبان في بيئة العمل المؤسساتيّة. تساهم الشِدّة المرتفع في العمل أيضًا في مجموعة متنوّعة من الأمراض الأخرى بما في ذلك القرحة الهضمية والتهاب المفاصل والعديد من الاضطرابات النفسية والسلوكيّة. على سبيل المثال في دراسة أجراها كوب (Cobb) وكاسل (Kasl) وُجد أنّ الأفراد ذوي التحصيل العلميّ العاليّ ولكن منصبهم الوظيفيّ منخفض أظهروا مستويات عالية غير طبيعيّة من الغضب والتهيّج والقلق والتعب والاكتئاب وقلّة تقدير الذات. في دراسة أخرى، فحص سلوت (Slote) آثار إغلاق مصنع في ديترويت على الشِدّة ونتائجها. وعلى الرغم من أنّ إغلاق المصانع شائع إلى حد ما، إلّا أنّه نادرًا ما تُدرس آثار وتبعات هذا الإغلاق على الأفراد العاملين فيه. وجد سلوت أن إغلاق المصنع أدى إلى "زيادة مُقلقة في القلق والمرض" حيث عانى نصف الموظّفين على الأقل من القرحة والتهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم الشديد والإدمان والاكتئاب، وحتّى تساقط الشعر. من الواضح أنّ هذا الحدث أثّر سلبًا على الصحّة النفسيّة والجسديّة للقوى العاملة. أخيرًا، أجرى كورنهاوزر (Kornhauser) دراسة كلاسيكيّة للصحّة النفسيّة للعمّال الصناعيّين على عيّنة من عمّال خطّ تجميع السيّارات. من بين الموظّفين في الدراسة وُجد أن 40% منهم أظهر أعراضًا واضحة لمشاكل نفسيّة. يمكن تلخيص نتائج الدراسة الرئيسيّة على النحو التالي: تفاوَتَ الرضا الوظيفيّ مع تفاوت مستويات مهارة الموظّف. أظهر العمال اليدويّون الّذين يعملون في وظائف عالية المستوى (تتطلّب مهارةً عالية) صحّة نفسيّة أفضل من أولئك الذين يشغلون وظائف منخفضة المستوى. كان عدم الرضا عن العمل والتوتّر والتغيّب مرتبطين ارتباطًا مباشرًا بخصائص وطبيعة الوظيفة نفسها. ارتبطت الوظائف الرتيبة والمتكرّرة التي لا تتّحدى الذات بتدهور الحالة النفسيّة. انتشرت مشاعر اليأس والانسحاب والاغتراب والتشاؤم في جميع أنحاء المصنع. لاحظ كورنهاوزر مثلًا أنّ 50% من عمال خطّ التجميع شعروا بأنّ تأثيرهم ضئيل على المسار المستقبليّ لحياتهم. هذا مقارنةً بـ17% فقط للموظّفين غير العاملين في المصنع. يميل الموظّفون ذوو الصحّة العقليّة الأقلّ إلى أن يكونوا أكثر سلبية في أنشطتهم غير العمليّة عادةً، فهم لم يصوّتوا أو يشاركوا في أي أنشطة أو فعاليّات اجتماعيّة. يقول كورنهاوزر في الخلاصة: يجب أن يُعير المديرون مشاكل الصحة الجسديّة والنفسيّة لموظّفيهم انتباهًا مضاعفًا؛ بسبب عواقبها الوخيمة على كل من الفرد والمؤسسة. غالبًا ما ترتبط الصحّة بالأداء، وبقدر ما تعاني الصحة تعاني كذلك العديد من العوامل المرتبطة بالأداء. ونظرًا لأهمية الأداء للكفاءة المؤسّساتيّة، سندرس الآن كيف يتأثر أداء العمل بالشِدّة والتوتّر. الشِدّة والسلوك المضرّ بالإنتاجيّة من المفيد من وجهة نظر إداريّة دراسة وتحرّي السلوك المضرّ بالإنتاجيّة، الناتج عن الشِدّة لفترات طويلة، من عدّة زوايا. وتشمل هذه السلوكيّات معدّل الدوران والتغيّب الوظيفيّ والإدمان والعدوانيّة والتخريب. الدوران الوظيفيّ والتغيّب. يمثّل معدل دوران الموظفين وغيابهم شكلًا واردًا من أشكال انسحاب الفرد من الوظيفة المرهقة للغاية. أشارت نتائج العديد من الدراسات إلى وجود علاقة ثابتة -وإن كانت ضعيفة- بين الشِدّة وما ينتج عنها من معدّل دوران وغياب الموظّفين. قد يمثّل الانسحاب إحدى أسهل الطرق للتعامل مع بيئة العمل المسبّبة للشِدّة (على المدى القصير على الأقلّ). يمثّل الدوران الوظيفيّ والتغيّب اثنتين من العواقب الأقلّ سوءًا للشِدّة، خاصّة عند مقارنتهما بالعواقب الأخرى، مثل الإدمان أو العدوانيّة. على الرغم من أنّ معدل الدوران والتغيّب المرتفعين قد يؤثّران سلبًا على الإنتاجية، إلّا أنّهما لا يلحقان أيّ ضرر جسديّ يذكر بالفرد أو زملاء العمل. ومع ذلك هناك العديد من الحالات الّتي لا يتمكّن فيها الموظّفون من المغادرة بسبب الالتزامات العائليّة أو الماليّة أو عدم توفّرُ فُرص العمل البديلة وما إلى ذلك. من الممكن حينها رؤية المزيد من السلوك المضادّ للإنتاجيّة. العدوانيّة والتخريب. يمكن أن يؤدّي الإحباط الشديد أيضًا إلى العدائيّة الصريحة، والتي تتظاهر على شكل عدوانيّة تجاه الآخرين وتجاه الأشياء الجامدة. يحدث العدوان عندما يشعر الأفراد بالإحباط ولا يتمكّنون من العثور على حلول مقبولة. قد يُطلب مثلًا من السكرتيرة المشغولة كتابة مجموعة من الرسائل، ليَعزها المدير لاحقًا بأنه غيّر رأيه ولم يعد بحاجة إلى الرسائل المكتوبة. قد تتفاعل السكرتيرة المُحبطة من خلال الإساءة اللفظيّة السريّة أو التباطؤ المتعمّد في العمل اللاحق. يمكن رؤية مثال أسوأ للعدوانيّة في مقالات كثيرة تُنشر بشكل مستمر في الصحف عن العامل الذي "يهتاج" (عادة بعد التوبيخ أو العقوبة) ويهاجم زملائه الموظفين. التخريب هو أحد الأشكال الشائعة للسلوك العدوانيّ في العمل. كما وجدت إحدى الدراسات أنّ جذور التخريب -وهو شكل متكرر من العنف المقصود في بيئة العمل- موضّحة في الاقتباس التالي عن عامل في صناعة المعادن : في عالم المنتجات حيث كل شيء متساوٍ، يكون التخريب انتهاكًا لقوانين النقابة أو المؤسسة، وهذا السلوك يمثّل طريقة لتأكيد الفرديّة في بيئة العمل، الطريقة الوحيدة ليقول العامل ‘هذا ملكي‘ أ, "هذا العمل عملي وإن لم أكن راضيًا عن العمل فلي أن أجعله كما أشاء". وقد تكون أيضًا طريقة للرد على الأشياء المعادية الجامدة الّتي تتحكّم في وقت العامل وعضلاته ودماغه. قد يكون كسر الآلة من أجل الحصول على قسط من الراحة سلوكًا منطقيًّا للعامل المُنهك. يتأثّر مدى تحوّل الإحباط إلى سلوك عدوانيّ بعدة عوامل تكون، في معظم الأحيان، تحت سيطرة المديرين. يميل العدوان إلى أن يكون هادئًا عندما يتوقّع الموظفون أنه سيُعاقبون عليه أو أنه سترفضه مجموعة الزملاء أو أنه كان ذا نتائج سلبيّة في الماضي (أي عندما فشل السلوك العدواني في تحقيق نتائج إيجابيّة). يتعين بالتالي على المديرين تجنّب تعزيز السلوك غير المرغوب فيه، وفي الوقت نفسه توفير منافذ بنّاءة للأفراد لتنفيس ضغوطهم النفسيّة دون اللجوء إلى التخريب. وفرت بعض الشركات في هذا الصدد قنوات رسميّة لتصريف الميول العدوانية. جرّبت العديد من الشركات مثلًا توظيف أفراد بمنصب** أُمناء المظالم**، والّذين تتمثّل مهمّتهم في أن يكونوا وسطاء محايدين في نزاعات الموظفين وكانت النتائج إيجابية. هذه الإجراءات أو المنافذ مهمّة خاصّةً للأفراد غير النقابيّين الّذين ليس لديهم إجراءات تظلّم في عقودهم. الشِدّة والأداء الوظيفي من الشواغل الرئيسيّة للإدارة هي آثار الشِدّة على الأداء الوظيفيّ. العلاقة ليست بسيطةً كما يُفترض. يشبه منحنى العلاقة بين الشِدّة والأداء حرف (J) المقلوب كما هو موضّح في الشكل 18.7. عند مستويات منخفضة جدًا من الشِدّة أو بدون شِدّة يحافظ الأفراد على مستويات أدائهم الجيّدة. لا يتنشّط الأفراد في ظلّ هذه الظروف ولا يعانون من أي إجهاد جسديّ مرتبط بالشِدّة وربّما لا يرون أي سبب لتغيير مستويات أدائهم. لاحظ أنّ مستوى الأداء بحدِّ ذاته قد يكون مرتفعًا أو منخفضًا (تبعًا لخبرة الفرد في مجال عمله). على أيّ حال، عدم وجود شِدّة لن يسبب أيّ تغيير في مستوى الأداء. من ناحية أخرى، تشير الدراسات إلى أنّه في ظل ظروف الشِدّة المنخفضة يُنَشَّط الأشخاص ويُحفّزون ذاتيًّا على رفع الأداء. يكون مندوبو المبيعات والعديد من المديرين مثلًا أفضل أداء عندما يشعرون بقلق أو إحباط خفيف. تعمل الشِدّة بكميات خفيفة كونها دافعًا للفرد عندما يكون لدى المدير مشكلة صعبة الحلّ. غالبًا ما تدفع شدّة المشكلة المديرين إلى حدود أدائهم. ويمكن بالمثل أن تكون الشِدّة الخفيفة مسؤولةً عن الأنشطة الإبداعيّة لدى الأفراد أثناء محاولتهم حلّ المشكلات الصعبة (المسبّبة للشِدّة). الشكل 18.7 العلاقة بين الشِدّة والأداء الوظيفيّ (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). أخيرًا، في ظل الشِدّة المرتفعة ينخفض الأداء الفرديّ انخفاضًا ملحوظًا. هنا تستهلك الشِدّة انتباه وطاقة الفرد، ويركّز الأفراد عندها جهودًا كبيرة على محاولة تقليل الشِدّة (غالبًا ما يستخدمون مجموعة متنوعة من السلوكيّات العكسية كما هو موضّح أدناه). والنتيجة كمّق ضئيل من الطاقة تتبقّى لتكريسها لأداء العمل مع تراجع ملحوظ في حصيلة الأداء. الشِدّة والإنهاك الوظيفيّ ينتقل الأداء الوظيفيّ الضعيف الموصوف أعلاه إلى مرحلة أكثر خطورة عندما تطول مدّة الشِدّة في العمل، تُعرف هذه المرحلة باسم الإنهاك الوظيفيّ. الإنهاك الوظيفيّ (Burnout) هو شعور عامّ بالإرهاق يمكن أن يتطوّر عندما يعاني الشخص من الكثير من ضغط العمل وقلة مصادر الرضا في آنٍ معًا. الأفراد الذي يتعرضون لظاهرة الإنهاك الوظيفيّ يُظهرون خصائص متماثلة؛ أي أنّ العديد منهم هم من أصحاب الإنجازات المثاليّة والدوافع الذاتيّة وغالبًا ما يبحثون عن أهداف لا يمكن تحقيقها ولديهم قليل من آليّات الحماية ضدّ الشِدّة. ونتيجةً لذلك فإنّ هؤلاء الأشخاص يطلبون الكثير من أنفسهم؛ ولأنّ أهدافهم عالية جدًا غالبًا ما يفشلون في الوصول إليها. كما تؤثّر عليهم مسبّبات الشِدّة مباشرةً لأنّهم لا يملكون آليّات حماية كافية. ويظهر ذلك في الشكل 18.8. يُطوّر ضحايا الإنهاك الوظيفيّ مجموعة متنوّعة من المواقف السلبية والمعادية في كثير من الأحيان تجاه المنظمة وأنفسهم نتيجة للشِدّة والضغوط التي يقعون تحت وطأتها في العمل، بما في ذلك الملل والسخط والسخريّة والشعور بانعدام الكفاءة. ويقلّل الشخص نتيجةً لذلك من مستوى طموحه وأدائه في العمل ويفقد الثقة بذاته ويحاول الانسحاب من العمل تدريجيًّا أو بخطوة أو سلوكٍ واحد (مثل الاستقالة أو حتى التخريب والطرد). تشير الأبحاث إلى أنّ الإنهاك الوظيفيّ منتشر على نطاق واسع بين الموظّفين، بما في ذلك المديرين والباحثين والمهندسين الذين يصعب استبدالهم عادةً في المؤسسات الكبيرة. ويُقدَّر أنّ 70% من أكبر الشركات الأمريكيّة لديها شكل من أشكال التدريب على مكافحة الإنهاك الوظيفيّ /الشِدّة. الشكل 18.8 المؤثّرات المؤدّية للاحتراق الوظيفيّ (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
يمكن إيجاد المؤثّر الرئيسيّ الثاني على الشِدّة المرتبطة بالعمل في الموظّفين أنفسهم. سوف نفحص هنا ثلاثة عوامل فرديّة من شأنها أن تؤثّر على الإجهاد في العمل، وهي: (1) التحكّم الشخصيّ (2) الشخصية من النوع (أ) (3) معدل تغيّر نمط الحياة. التحكم الشخصي يجب أن نعترف بدايةً بأهميّة عامل التحكّم الشخصيّ (personal control) في الشِدّة ضمن العمل. يُشير التحكّم الشخصيّ إلى مدى سيطرة الموظّف على العوامل المؤثّرة على الأداء الوظيفيّ الفعّال. إذا كُلّف الموظّف بمسؤوليّةٍ ما (هبوط طائرة أو إكمال تقرير أو الالتزام بموعد نهائيّ) ولكن لم يُمنح فرصة كافية (وقتًا أو دعمًا) لإنجاز تلك المهمّة (بسبب كثرة الطائرات أو عدم كفاية المعلومات أو الوقت غير الكافي) يفقد الموظف السيطرة الشخصيّة على العمل ويرتفع مستوى الشِدّة والتوتر لديه. يبدو أن التحكّم الشخصيّ يعمل من خلال عملية مشاركة الموظّف؛ أي أنّه كلما سُمح للموظّفين بالمشاركة في الأمور المتعلقة بالوظيفة، زاد شعورهم بالتحكّم في إنجاز المشروع. من ناحية أخرى، إذا استُبعدت آراء الموظّفين ومعرفتهم ورغباتهم وتجاهلها الإداريون من عمليّات المؤسّسة فإنّ غياب بالإحساس بالمساهمة الفعّالة لدى الفرد لا يؤدي إلى زيادة الشِدّة فحسب بل إلى انخفاض الإنتاجيّة أيضًا. تنعكس أهميّة مشاركة الموظّفين في تعزيز التحكّم الشخصيّ وتقليل الشِدّة في دراسة فرينش وكابلان المذكورة سابقًا. وبعد جهد كبير للكشف عن سوابق الشِدّة المتعلّقة بالعمل، خلُص الباحثون إلى ما يلي: "نظرًا لارتباط المشاركة بانخفاض إبهام الدور ارتباطًا وثيقًا والعلاقات الجيدة مع الآخرين وانخفاض الحمل الزائد؛ فمن الممكن أن تنتشر حالة المُساهمة على نطاق واسع وأن نتمكّن من الربط بين مدى مشاركة الشخص بالعلاقات وبين مختلف مسبّبات الشِدّة في العمل. هذا الاستنتاج غدا واقعًا مُعاشًا، عندما نتحكّم أو نثبّت مقدار مشاركة الشخص -نعني تثبيت إحصائيّ- ستنخفض الارتباطات بين جميع مسبّبات الشِدّة المذكورة أعلاه والرضا الوظيفيّ والتهديد المرتبط بالوظيفة انخفاضًا ملحوظًا. هذا يعني أنّ المشاركة المنخفضة تولّد هذه الضغوط وأنّ زيادة المشاركة هي وسيلة فعّالة للحدّ من الضغوط الأخرى الّتي تؤدّي أيضًا إلى الشِدّة والتوتّر النفسيّ في العمل. استنادًا إلى هذه الدراسة والدراسات الأخرى ذات الصلة، يمكننا أن نستنتج أنّ زيادة المشاركة والتحكّم الشخصيّ على وظيفة الفرد ترتبط بالعديد من النتائج الإيجابيّة، بما في ذلك إنقاص الشِدّة النفسيّة والتوتّر وزيادة استخدام المهارات وتحسين علاقات العمل وتطوير مواقف عمل أكثر إيجابيّة مستقبلًا. تساهم هذه العوامل بدورها في زيادة الإنتاجيّة. يعرض الشكل 18.5 هذه النتائج. يتعلّق مفهوم موضع التحكّم (locus of control) بموضوع التحكّم الشخصيّ (تخفيف أثره تحديدًا). يمتلك بعض الناس مركزًا داخليًّا للتحكّم ويشعرون أنّ الكثير مما يحدث في حياتهم تحت سيطرتهم. يمتلك البعض الآخر مركزًا خارجيًا للتحكّم ويشعرون بأن العديد من أحداث الحياة خارجة عن سيطرتهم. يؤثّر هذا المفهوم على كيفيّة استجابة الناس لمقدار التحكّم الشخصيّ في مكان العمل. أي أنّه من المرجّح أن ينزعج الشخص من التهديدات الداخليّة للتحكّم الشخصيّ أكثر من التهديدات الخارجيّة. تشير الدلائل الحديثة إلى أنّ الأشخاص ذوي مركز التحكّم الداخليّ يتفاعلون بعدوانيّة مع المواقف التي يتحكّمون بها قليلًا أو لا يتحكّمون بها على الإطلاق، وذلك في محاولة لإعادة بسط السيطرة على الأحداث الجارية. من ناحية أخرى، يميل الأفراد ذوو مركز التحكّم الخارجيّ إلى الاستسلام أكثر للسيطرة الخارجيّة، وهم أقلّ مشاركة بكثير في بيئة العمل المقيّدة، ولا يتأثرون بمسبّبات الشِدّة والتوتر المؤسّساتيّة. لذا يجب تحديد طبيعة مركز التحكّم كونه وسيطًا مهمًّا ومُحتملاً لآثار التحكّم الشخصيّ من حيث صلته بالشِدّة والتوتّر في بيئة العمل. الشكل 18.5 نتائج التحكّم الشخصيّ العالي (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). نمط الشخصية (أ) ركزت الأبحاث على ما قد يكون التأثير الشخصي الأخطر على الشِدّة في العمل والضرر الجسدي اللاحق لها. قُدّمت هذه الخاصية لأوّل مرة بواسطة فريدمان (Friedman) وروزنمان (Rosenman) وسُمّيت بنمط الشخصيّة (أ) (Type A personality). تعدُّ أنماط الشخصيّة (أ) و(ب) مستقرّة نسبيًّا. تتميّز الشخصية من النمط (أ) بالصبر القليل والأرق والعدوانيّة والقدرة التنافسيّة والأنشطة متعددة الأطوار (أي القدرة على إنجاز عدّة مهامّ في آنٍ واحد) وتحمّلها لضغوط عمل طويلة. تهمّ أنشطة العمل الأفراد من النمط (أ)، وهم يميلون إلى قضاء ساعات طويلة في العمل بغية الالتزام بالمواعيد النهائية الملحّة (والمتكرّرة). من ناحية أخرى، يعاني الأشخاص من النمط (ب) من عجزهم على الالتزام بمواعيد العمل النهائيّة أو النزاعات الأصغر وهم لا يرتبطون بالوقت أو العداء، ويكونون بشكل عام أقلّ قدرة على المنافسة في العمل. يلخّص الجدول 18.3 هذه الاختلافات. صفات أنماط الشخصيّة (أ) و(ب) النمط (أ) النمط (ب) تنافسيّة عالية يفتقر للتنافسيّة مدمن عمل العمل أحد اهتماماته لا أكثر رغبة عارمة ومُلحّة توجّه زمنيّ أكثر راحة تعدّد المهام يُنجز بمهمّة واحدة كلّ مرّة موجّه نحو الهدف بقوّة توجّه أخف نحو الهدف table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 18.3 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). توجد شخصية النمط (أ) كثيرًا لدى المديرين. وجدت إحدى الدراسات في الحقيقة أنّ 60% من المديرين ينتمون بوضوح للنمط (أ) في حين انتمى 12% فقط منهم للنمط (ب). من المقترح أنّ الشخصيّة من النمط (أ) تساعد الشخص على الصعود في المناصب الوظيفيّة. يتجلّى دور شخصية النمط (أ) في إنتاج الشِدّة من خلال العلاقة بين هذا السلوك وأمراض القلب. درس روزنمان وفريدمان 3500 رجلًا على مدى 8 سنوات ونصف، ووجدا أنّ الأفراد من النمط (أ) أكثر عُرضة بمرتين للإصابة بأمراض القلب وبخمس مرات لنوبة قلبيّة ثانية وبمرتين للنوبات القلبيّة المميتة عند مقارنتهم بـالأفراد من نمط الشخصيّة (ب). وبالمثل، درس جنكنز (Jenkins) أكثر من 3000 رجل ووجد أنّ من بين 133 مصابًا باضطرابات القلب التاجيّة هنالك 94 ينتمون للنمط (أ). يشير الارتفاع السريع للنساء في المناصب الإداريّة إلى أنّهن قد يعانين من المشكلة ذاتها في المستقبل القريب. أي أنّ نمط الشخصيّة (أ) هو محفّز قويّ وواضح لواحدة من أخطر نتائج الشِدّة والتوتّر في العمل، الأمراض القلبيّة الوعائية. إحدى المفارقات في النمط (أ) هي أنّه على الرغم من أن هذا السلوك مفيد في تأمين الترقية السريعة إلى قمّة الهرم الإداري للمؤسس، إلا أنه قد يغدو سلبيًّا بمجرد وصول الفرد للمستويات الإدارية العليا. أي أنّه على الرغم من كون الموظفين من النمط (أ) يشكّلون خامةً جيّدة لمديرين ناجحين (ومندوبي مبيعات متميّزين)، إلا أنّ معظم المديرين التنفيذيّين اللامعين يميلون إلى أن يكونوا من النمط (ب). فهم يظهرون صبرًا واهتمامًا واسعًا بتداعيات القرارات. يقول الدكتور إلمر غرين (Dr. Elmer Green)، عالم النفس في مؤسسة (Menninger) الّذي يعمل مع المديرين التنفيذيّين، يقول: "هذا الزميل -القائد من النمط (أ)- لا يمكنه الاسترخاء بما يكفي للقيام بعمل عالي الجودة في المكتب أو في المنزل؛ قد يصل إلى مستوى عالٍ بعمله الشاق ودأبه المستمر، ولكن لن يصل في كثير من الأحيان إلى ذروة عمله أو إنجازه، لأن ذلك يتطلّب تفكيرًا رصينًا وهادئًا ومتوازنًا. إذًا المفتاح هو معرفة كيفيّة تحويل السلوك من النمط (أ) إلى النمط (ب). كيف يحقّق المدير ذلك؟ الجواب الواضح هو الهدوء والاسترخاء. ومع ذلك يرفض العديد من مديري النمط (أ) الاعتراف بالمشكلة أو الاعتراف بالحاجة للتغيير لأنّهم يشعرون أنّه قد يُنظر إلى ذلك على أنّه علامة ضعف. يمكن في هذه الحالات اتّخاذ العديد من الخطوات الصغيرة، بما في ذلك جدولة أوقات محدّدة كل يوم لممارسة الرياضة وتفويض أعمال تحمل طابع التحدّي والرضا النفسي للمرؤوسين وإلغاء الأنشطة الاختياريّة من الجدول اليومي. بدأت بعض الشركات بتجربة المُعتَزَلات (retreats) حيث يخرج المديرين من بيئة العمل وينخرطون في العلاج النفسيّ الجماعيّ حول المشاكل المرتبطة بشخصية النمط (أ). تبدو النتائج الأوليّة من هذه البرامج واعدة. يجب مع ذلك القيام بالمزيد إذا أردنا تقليل الشِدّة المرتبطة بالوظيفة وآثارها الصحّيّة الخطيرة. معدل تغير الحياة التأثير الشخصيّ الثالث على الشِدّة في العمل هو درجة استقرار الحياة أو اضطرابها، بمعنى آخر مستوى رتابة حياة الفرد. حاول مشروع بحثيّ طويل الأمد من قبل هولمز (Holmes) وراه (Rahe) توثيق مدى معدّل تغيّر الحياة (rate of life change) الّذي يولّد الشِدّة لدى الأفراد ويؤدّي إلى ظهور المرض. حُدّدت مجموعة متنوعة من الأحداث في الحياة نتيجة لعملهم وخُصّصت نقاط لهذه الأحداث بناءً على مدى ارتباط كل حدث بالشِدّة والمرض. يُعدُّ وفاة الزوج أو الزوجة المسبّب الأكبر للشِدّة وخُصّص له 100 نقطة. قيست الأحداث الأخرى بشكل يتناسب مع ذلك من حيث تأثيرها ووقعها على الشِدّة والمرض. وقد وُجد أنه كلّما زادت شدّة وتواتر الأحداث الأخيرة زاد احتمال إصابة الفرد بالمرض. ينجُم تأثير تغييرات مُجريات الحياة على الشِدّة والمرض، ينجم عن نظام الغدد الصمّ. يوفّر هذا النظام الطاقة اللازمة للتعامل مع المواقف الجديدة أو غير العادية. عندما يتجاوز معدّل التغيير مستوى معيّنًا يعاني النظام الغدّي من الحمل الزائد ولا يتمكّن من التوفيق وموازنة الحالة الهرمونيّة وبالتالي النفسيّة للفرد. والنتيجة هي مناعة منخفضة ضد الفيروسات والأمراض. ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
سننظر الآن إلى العوامل المؤثّرة على الإحباط والقلق والمُحفّزة لها. سنُقدّم نموذجًا عامًا للشِدّة، بما في ذلك أسبابها الرئيسية ونتائجها. سوف نستكشف بعد ذلك الآليّات التي يتعامل من خلالها الموظفون ومديروهم مع الضغوط في المنظّمات أو يقللون من وقوعها. يعتمد النموذج المعروض هنا بشكل كبير على دراسات وأبحاث علماء النفس الاجتماعي في معهد البحوث الاجتماعية بجامعة ميشيغان، بما في ذلك جون فرينش (John French) روبرت كابلان (Robert Caplan) روبرت خان (Robert Khan) ودانيال كاتز (Daniel Katz). يحدد النموذج المُقترح مصدرين رئيسيّين للشِدّة والتوتر، وهما: المصادر المؤسّساتيّة والمصادر الفرديّة، كما يأخذ هذا النموذج في الحسبان الآثار المعتدلة للدعم الاجتماعيّ وقدرة التحمّل. تظهر هذه التأثيرات في الشكل 18.3. الشكل 18.3 الآثار الكبرى للشِدّة المتعلّقة بالعمل (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). سنبدأ بالتأثيرات المؤسّساتيّة على الشِدّة. على الرغم من أنّ العديد من العوامل في مكان العمل تؤثّر على مدى تعرّض الناس للشِدّة، فقد أظهرت الدراسات ذات الصلة أنّ أربعة من هذه العوامل قويّة بشكل خاصّ، وهي (1) الاختلافات المهنيّة (2) إبهام الدور (3) تضارب الأدوار (4) الحِمل الزائد للدور أو قلّة المهام. سننظر في كلّ من هذه العوامل كلًّا على حدا. الاختلافات المهنية التوتر والشِدّة في العمل منتشرتان في مجتمعنا المعاصر ويمكن ملاحظة التوتر في طائفةٍ واسعة ومتنوعة من الوظائف. لنأخذ على سبيل المثال الاقتباسات التالية من المقابلات مع العاملين. الأوّل من سائق حافلة: الاقتباس الثاني من محاسبة في أحد المصارف: تؤثّر أدوار العمل التي يلعبها الأشخاص تأثيرًا كبيرًا على درجة معاناتهم من الشِدّة لا تتبع هذه الاختلافات الانقسام التقليدي بين العمال اليدويّين والموظّفين المكتبيّين. تُشير الأدلة المتاحة عمومًا إلى أنّ المهن ذات التوتر النفسي العالي هي تلك التي يكون شاغلو الوظائف فيها قليلي السيطرة على وظائفهم أو يعملون تحت ضغوط زمنية لا هوادة فيها أو تحت ظروف خطيرة أو يتحمّلون مسؤوليّات كبيرة (سواءً بشريّة أم ماليّة). حاولت دراسة حديثة تحديد المهن الأكثر (والأقلّ) إجهادًا. ترد نتائج الدراسة في الجدول 18.1. كما هو موضّح، فإنّ المهن عالية الشِدّة (رجال الإطفاء وسائقو سيارات السباق وروّاد الفضاء) صُنّفت على أنها من أكثر المهن تسبّبًا للتوتر والشدّة النفسيّة كما ذُكِر. في حين أنّ المهن منخفضة الشِدّة (فنّي إصلاح الآلات الموسيقيّة وفنّي السجلات الطبيّة وأمينة المكتبة) ليست كذلك. يمكن بذلك استنتاج وجود مصدرٍ رئيسيّ للشِدّة العامّة ينبثق من طبيعة مهنة المرء نفسه. الوظائف الأكثر والأقلّ إجهادًا الأعلى إجهادًا مواقف ملائمة 1. رجل الإطفاء 1. فّني تصليح آلات موسيقيّة 2. سائق سيارة السباق 2. فنّي تصليح آلات صناعيّة 3. رائد الفضاء 3. فنّي سجلّات طبيّة 4. طبيب جرَاح 4. صيدليّ 5. لاعب كرّة قدم أمريكيّة محترف 5. مساعد طبيب 6. رجل شرطة في المدن 6. كاتب على الآلة الكاتبة 7. مقوّم العظام 7. أمين مكتبة 8. رجل شرطة في الولايات 8. عامل تنظيفات 9. مراقب ملاحة جويّة 9. محاسب 10. عمدة بلدة / رئيس بلديّة منطقة 10. سائق رافعة مشبكيّة المصدر: مقتبس من The Jobs Rated Almanac by Les Krantz. 1988 Les Krantz. table { width: 100%; } thead { vertical-align: middle; text-align: center; } td, th { border: 1px solid #dddddd; text-align: right; padding: 8px; text-align: inherit; } tr:nth-child(even) { background-color: #dddddd; } الجدول 18.1 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). درست إحصائيّة أخرى من قبل جمعية علم النفس الأمريكية أسباب الشِدّة. أظهرت نتائج الدراسة أن الأسباب الأكثر شيوعًا للشِدّة بين الموظّفين الإداريّين هي مُتطلّبات العمل غير المحدّدة (38%) والتدخّل في الوقت الشخصيّ (36%) وانعدام الأمن الوظيفيّ (33%) وعدم القدرة على المشاركة في صنع القرار (33%). أخيرًا، وجدت دراسة أُجريت بين المديرين أنّهم يخضعون لضغوط كبيرة أيضًا ناشئة عن طبيعة العمل الإداريّ وتحدّياته المختلفة. إنّ مسبّبات الشِدّة الأشيع لدى المديرين تظهر في الجدول 18.2. مسبّبات الشِدّة لدى المديرين المسبّب مثال إبهام الدور واجبات غير واضحة تعارض الأدوار كون المدير مسؤولًا عن الغير ومرؤوسًا في ذات الوقت فرط المهامّ الكثير من العمل في قليل من الوقت توقّعات غير منطقيّة يُطالب المدير بفعل المستحيل قرارات صعبة على المديرين اتّخاذ قرارات تؤثّر على مرؤوسيهم فشل إداريّ فشل المدير في تحقيق النتائج المرجوّة فشل المرؤوسين خذلان المرؤوسين لمديرهم في أداء مهامهم المصدر: مقتبس من D. Zauderer and J. Fox, “Resiliency in the Face of Stress,” Management Solutions, November 1987, pp. 32–33. الجدول 18.2 (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). تتراوح هذه المسبّبات من إبهام المهمّة وتضارب الأدوار إلى العمل الزائد وإمكانية الفشل. تمثّل المسؤولية عن الآخرين العامل ذو أثر الشِدّة والتوتر النفسيّ الأكبر على الإطلاق بالنسبة للمديرين. تشير الدراسات في الولايات المتحدّة وخارجها إلى أنّ المديرين والمشرفين يعانون من القرحات الهضميّة ومن ارتفاع ضغط الدم أكثر من مرؤوسيهم. وُجِد أنّ مسؤوليّة المديرين عن الآخرين لها تأثيرٌ أكبر على الشِدّة من المسؤولية عن العوامل الأخرى غير البشريّة، مثل الميزانيّات والمشاريع والمعّدات والممتلكات. كما قال فرينش وكابلان: وبالتالي فإنّ مهنة الشخص تمثّل سببًا رئيسيًّا للمشاكل المرتبطة بالتوتّر في العمل. تكمن المشكلة أيضًا في توقّعات المرء لدوره في المنظّمة. سنخوض في ثلاث عناصر مترابطة، وهي : إبهام الدور وتضارب الأدوار والحمل الزائد أو قلّة المهامّ. إبهام الدور أول ما سيُناقَش هنا هو إبهام الدور (role ambiguity). عندما يمتلك الأفراد معلومات غير كافية بشأن أدوارهم فإنّهم يعانون من إبهام الدور. لإبهام الدور عدة أشكال، بما في ذلك عدم معرفة مستوى الأداء المتوقّع وعدم معرفة كيفيّة تلبية تلك التوقعات وعدم معرفة عواقب التقصير الوظيفيّ. يؤثّر إبهام الدور خاصّةً على الوظائف الإدارية حيث تفتقر تعريفات الدور وتحديد المهام إلى الوضوح (راجع الجدول 18.2). على سبيل المثال، قد لا تمتلك مديرة الحسابات معايير الجودة والكمية المطلوبة الواجب على فسمها إنتاجه. إن عدم اليقين بشأن المستوى المطلوب لمعايير الأداء أو أهميّتهما النسبية يجعل التنبؤ بالنتائج (تقييمات الأداء أو زيادة الرواتب أو فرص الترقية) أمرًا صعبًا. يساهم كلّ هذا في زيادة الضغط والشِدّة على المدير. يمكن أن يوجد إبهام الدور أيضًا بين الموظّفين غير الإداريّين. يوجد على سبيل المثال الأفراد الّذين يفشل مشرفوهم في تخصيص الوقت الكافي لتوضيح توقّعات الأدوار ومستوى الأداء المطلوب، الأمر الذي يجعلهم غير متأكّدين من أفضل طريقة للمساهمة في أهداف الإدارة والتنظيم والوصول إلى المطلوب. ما مدى انتشار إبهام الدور في العمل؟ وُجِد -في دراستين إحصائيتين مستقلتين- أنّ 35% من أوّل عيّنة (عيّنة عشوائية من الموظّفين الذكور في الولايات المتّحدة) و 60% من العيّنة الأخرى (في المقام الأول علماء ومهندسون) عانوا من شكل من أشكال إبهام الدور. لذا نرى أنّ إبهام الدور ليس حدثًا فريدًا أو نادرًا في بيئات العمل المختلفة. يؤدّي إبهام الدور إلى العديد من النتائج السلبيّة المتعلقة بالشِدّة. لخّص فرينش وكابلان نتائج دراستهما على النحو التالي: إنّ إبهام الدور -الّذي يبدو أنّه منتشر على نطاق واسع- (1) ينتج عنه إجهاد نفسي واستياء ذاتي (2) ويؤدّي إلى سوء استغلال الموارد البشريّة (3) ويؤدّي إلى مشاعر مُتضاربة حول كيفية التعامل أو توجيه السلوك القويم مع مكان العمل. وبعبارة أخرى، فإنّ إبهام الدور له نتائج بعيدة المدى تتجاوز الشِدّة، بما في ذلك معدّل دوران الموظّفين وغيابهم عن العمل وسوء التنسيق واستخدام الموارد البشريّة وزيادة تكاليف التشغيل بسبب عدم الكفاءة. تجدر الإشارة إلى أنّ الجميع لا يستجيبون بالطريقة نفسها لإبهام الدور. وقد أظهرت الدراسات أن بعض الناس لديهم درجة أعلى من تحمّل الإبهام (tolerance for ambiguity) وهم أقلّ تأثرًا به (من حيث الشِدّة أو الأداء المنخفض أو الميل إلى ترك العمل) من أولئك ذوي التحمّل المنخفض له. يمكننا بذلك أن نرى مجدّدًا دور الفروق الفرديّة في التخفيف من آثار المؤثّرات البيئيّة على السلوك والأداء الفرديّ. تضارب الأدوار العامل الثاني المتعلق بالشِدّة هو تضارب الأدوار (role conflict). ويُعرّف بأنّه وجود مجموعتين (أو أكثر) من الضغوط أو التوقّعات في وقتٍ واحد، بحيث يؤدي الامتثال لأحدهما إلى عرقلة الامتثال الآخر. يحدث تضارب الأدوار مثلًا عندما يُوضع موظّف في موقف تُطلب فيه مطالب مُتناقضة منه. قد يجد عامل المصنع نفسه مثلًا في موقف يَطلبُ فيه المشرف إنتاجًا أكبر لكن مجموعة العمل تطالب في الوقت نفسه بتقييد الإنتاج. وبالمثل فإنّ السكرتير الذي يرفع تقاريره إلى أكثر من مُشرف قد يواجه نزاعًا حول أوّلويات العمل لكلّ مُشرف. قدّم روبرت خان وزملاؤه في جامعة ميشيغان إحدى أشهر الدراسات حول تضارب الأدوار والشِدّة. حيث درس خان 53 مديرًا ومرؤوسيهم (ما مجموعه 381 شخصًا) ودرس طبيعة دور كل شخص وكيف أثّر في السلوك اللاحق. أثمرت هذه الدراسة الاستنتاجات التالية: تؤدّي التوقّعات المتناقضة للدور إلى ضغوط متعارضة (تضارب الأدوار)؛ والّتي تولّد التأثيرات التالية على مشاعر الشخص المعنيّ: الصراعات الداخلية المكثّفة وزيادة التوتّر حول مختلف جوانب الوظيفة، بالإضافة إلى انخفاض الرضا عن الوظيفة وانخفاض الثقة في الرؤساء وفي المنظّمة ككلّ. يؤدّي الإجهاد الذي يعاني منه أولئك الأفراد في حالات الصراع إلى استجابات مختلفة وانسحاب اجتماعيّ ونفسيّ (انخفاض في التواصل) بينهم. أخيرًا، يميل وجود التضارب في دور المرء إلى تقويض ردود فعله مع من حولها وإنتاج روابط ثقة واحترام هشّة. من الواضح تمامًا أن تضارب الأدوار مُنهك للفرد من الناحية العاطفيّة والشخصيّة. كما قد يكون مكلفًا للمنظمة الّتي تعتمد على التنسيق والتعاون الفعّالين داخل أجزائها وفيما بينها من أجل النجاح في سوق العمل. توصلّت دراسات أخرى إلى نتائج مماثلة فيما يتعلق بالآثار الجانبيّة الخطيرة لتضارب الأدوار على الأفراد والمنظّمات. يجب أن نلاحظ من جديد بأنّ الاختلافات الشخصيّة قد تعمل على تخفيف تأثير تضارب الأدوار على الشِدّة. وُجِد تحديدًا أن الانطوائيّين والأشخاص الذين يفتقرون إلى المرونة الاجتماعيّة يستجيبون استجابةً سلبيّةً أكثر لتضارب الأدوار. يجب أن يكون المديرون بأيّة حال على دراية بمشكلة تضارب الأدوار والبحث عن طرق تجنّب عواقبها وتداعياتها السلبيّة على المؤسسة. إحدى الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك هي التأكد من عدم وضع المرؤوسين في مواقع مُتناقضة داخل المنظمة، بمعنى أنّه يجب أن يكون لدى المرؤوسين فكرةٌ واضحة عن توقّعات عمل المدير ولا يجب وضعهم في مواقف "ربح-خسارة" أبدًا. الحمل الزائد أو الناقص بالإضافة إلى تضارب الدور وإبهامه، فقد وُجد أيضًا وجود جانب ثالث يؤثّر على الشِدّة والتوتّر في العمل، ألا وهو مدى شعور الموظفين بالحمل المفرط عليهم أو شُحّ المهامّ. الحمل الزائد للأدوار (Role Overload) هو حالة يشعر فيها الأفراد بأنّه يُطلب منهم إنجاز أكثر ممّا يسمح لهم الوقت أو ما يفوق قدرتهم على القيام بالعمل. غالبًا ما يعاني الأفراد من الحمل الزائد للدور على شكل تضارب بين كميّة ونوعيّة الأداء المطلوب. يتكون الحمل الزائد الكمّيّ عندما يكون هنالك مهامُّ عملٍ أكثر مما يمكن القيام به في فترة زمنية معيّنة (مثل محاسب يُطلب منه معالجة 1000 طلب في اليوم، في حين تتّسع قدرته ووقته لمعالجة 850 فقط). يمكن تصوّر الحمل الزائد على أنه سلسلة متصلة تتراوح بين القليل من العمل والكثير منه. من ناحية أخرى، يتكوّن الحمل الزائد للدور النوعيّ من طلب مهامّ تتجاوز مهارات الفرد وقدراته ومعرفته. يمكن النظر له على أنه سلسلة متصلة تتراوح من العمل السهل للغاية إلى العمل الصعب للغاية. على سبيل المثال، المدير الذي يُطلب منه أن يزيد المبيعات وهو لا يدري ما هو سبب انخفاض المبيعات في المقام الأوّل، أو ما يجب فعله لزيادة المبيعات، هؤلاءُ الإداريين يمكن أن يواجهو زيادة في حمل الدور النوعي. من المهم أن نلاحظ أن كِلا حالتيّ زيادة الحمل الكمّيّة والنوعيّة تمثّلان سوء توافقٍ بين قدرات الموظف ومتطلّبات بيئة العمل. يحدث التوفيق الجيّد في أوامر العمل (في كلا نوعي الحمل، النوعي والكمّي) عندما تتوافق قدرات الفرد نسبيًّا مع متطلبات الوظيفة. هناك أدلة على أن زيادة حمل الدور الكمّيّ والنوعيّ منتشران في بيئة العمل الحاليّة. تشير دراسة إلى أنّ ما بين 44% و73% من الموظّفين الإداريّين يعانون من شكل من أشكال الحمل الزائد. ما الذي يسبّب هذا الحمل الزائد؟ خلُص فرينش وكابلان - نتيجةَ سلسلةٍ من الدراسات- إلى أنّ العامل الرئيسي الذي يؤثّر على الحمل الزائد هو مُتطلّبات وحاجات الإنجاز العالية لدى العديد من المديرين. ترتبط الحاجة إلى الإنجاز ارتباطًا كبيرًا للغاية مع عدد ساعات العمل في الأسبوع ومع الحمل الزائد للدور. وبعبارة أخرى، يبدو أن سبب الحمل الزائد في كثيرٍ من الحالات مردّه دوافع ذاتيّة من قبل الفرد عينه. وبالمقابل، ينبغي الاعتراف بمفهوم الحمل الناقص للدور (role underutilization) بدوره مسبّبًا للشِدّة والتوتر أيضًا في العمل. يحدث نقص استخدام الأدوار عندما يُسمح للموظفين باستخدام القليل فقط من مهاراتهم وقدراتهم، على الرغم من أنهم مُطالبون باستخدام مقدار أكبر أو بإمكانهم بذل جُهدٍ أكبر والحصول على رضا وظيفي أو نفسي أو مادي أكبر. السِمة الأكثر شيوعًا لنقص استخدام الدور هي الرتابة؛ أي عندما يؤدي العامل نفس المهمّة الروتينيّة (أو مجموعة المهامّ) مرارًا وتكرارًا. المواقف الأخرى التي تمثّل نقص الاستخدام تشمل الاعتماد الكلّي على الآلات لتحديد سرعة العمل. وقد وجدت العديد من الدراسات أن نقص الاستخدام يؤدّي إلى تدنّي احترام الذات وانخفاض الرضا عن الحياة وزيادة تواتر الشكاوى والأعراض العصبية. ثَبُت أن كلًّا من حمل الدور الزائد والناقص يؤثّران على التفاعلات النفسيّة والفيزيولوجيّة للأفاد في عملهم. يوضّح الشكل 18.5 العلاقة (الممثّلة على شكل حرف U مقلوب) بين مدى استخدام الدور والشِدّة. يكون هناك أقلّ توتّر في العمل عندما تكون قدرات الموظف ومهاراته متوازنة مع متطلبات الوظيفة، كما هو موضّح في الشكل. هذه هي الحالة الّتي يكون فيها الأداء في أعلى مستوياته. يجب أن يكون الموظّفون مندفعين للغاية ويجب أن يتمتّعوا بمستويات طاقة عالية وإدراك حادّ. ولُحسن الحظ فإن العديد من الجهود الحاليّة لإعادة تصميم الوظائف وتحسين جودة العمل تهدف إلى تقليل الحمل الزائد أو الناقص في مكان العمل وتحقيق توازن أفضل بين القدرات التي تمتلكها والمهارات المستخدمة في العمل. عندما يعاني الموظفون من نقص في الاستخدام سيُعانون من شعور عارمٍ بالملل وانخفاض الدافع واللامبالاة والاستهتار أو الغياب الوظيفي. في حين يمكن أن يؤدّي الحمل الزائد للدور إلى أعراض مثل الأرق والتهيّج وزيادة الأخطاء والتردّد وعدم الثقة بالنفس أثناء أداء المهام. تمتلك العوامل الوظيفيّة وعوامل حمل الدور مجتمعةً تأثيرًا كبيرًا على إمكانيّة معناة الموظّف من مستويات شِدّة وتوتّر عالية أم لا. تمثّل مراقبة الملاحة الجويّة مثالًا على وظيفة تشكّل فيها المهنة وأدوارها المطلوبة ضغوطًا كبيرة. فكّر للحظة ما إذا كنت تريد الحصول على هذه الوظيفة. الشكل 18.5 نتائج التحكّم الشخصيّ العالي (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } التوسع حول العالم هل يفني اليابانيون أنفسهم في العمل؟ تعني كلمة "كاروشي" (Karoshi) اليابانيّة حرفيًّا الموت بسبب العمل الزائد. تشير التقديرات غير الرسميّة إلى أن عدد الّذين يموتون كل عام بسبب ذلك يساوي عدد الّذين يموتون بسبب حوادث المرور في اليابان سنويًّا (ما يقارب 10000 حالة وفاة سنويًّا). ارتفعت الادعاءات القانونيّة لحالات "كاروشي" في عام 2016 إلى مستوىً قياسيّ بلغ 1456 حالة وفقًا للأرقام الحكوميّة. أُبلِغ أيضًا عن ما يقرب 2000 حالة انتحار مرتبطة بالعمل. أحدث وفاة لموظّف ضجّةً إعلاميّة كبيرة في وسائل الإعلام، والتي حدثت في أكتوبر من عام 2017 للصحافّية ميوا سادو (Miwa Sado) البالغة من العمر 31 عامًا، وقبل ذلك قفزت ماتسوي تاكاهاشي (Matsui Takahashi) البالغة من العمر 24 عامًا -وهي موظّفة تعمل في وكالة دنتسو للإعلان (Dentsu advertising agency)- من سطح أحد المباني في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 2015. هاتان الحادثتان ليستا سوى اثنتين من العديد من الحوادث التي تحدث بتكرار في اليابان بسبب ثقافة العمل الإضافيّ والشِدّة داخل بيئة العمل. سجّلت كلًّا من هاتين المرأتين أكثر من 100 ساعة عمل إضافيّ على مدار شهر واحد. غالبًا ما تشمل أسباب الوفاة قصور القلب والسكتة الدماغية والانتحار بسبب الشِدّة وقلّة النوم والحرمان من النوم الناجم عن العمل الزائد. غرّدت تاكاهاشي على تويتر مرّةً: "الساعة الرابعة صباحًا الآن. يرتجف جسدي، سأموت. أنا متعبة جدًّا." استقال رئيس (Dentsu) من منصبه بعد وفاتها بفترة وجيزة. تشير العديد من التقارير إلى أنّ مراجعات الأداء تأتي سلبيّةً لمن لا يعمل كثيرًا من الوقت الإضافيّ، في حين يقترح البعض الآخر أن الموظّفين يجب أن يسعوا دائمًا لترك انطباعات جيّدة لدى رؤسائهم. ويُعدٌّ البقاء متأخّرًا أو العمل الإضافيّ بمثابة ولاء لوظائفهم وشركاتهم. خَطَت الحكومة اليابانيّة خطوات واسعة مُذ تلك الحادثتين لتطبيق سياسات للمساعدة على محاربة ظاهرة "كاروشي". إحدى المحاولات التي نُفِّذت في عام 2016 هي خطة (Premium Friday) وتضمّنت السماح للعمّال اليابانيّين بفرصة المغادرة الساعة 3 مساءً في يوم الجمعة الأخير من كل شهر. لقد جعل هذا بعض الموظفين أكثر انشغالاً؛ لأنّ بعض الشركات نظّمت خططها الماليّة الشهريّة لتحقيق أهداف المبيعات في فترة ما قبل نهاية الشهر. وقد لوحظ نجاح ضئيل فقط من هذه المبادرة. أجبرت إحدى الشركات الرائدة في خدمات تكنولوجيا المعلومات في طوكيو الموظّفين على ارتداء قبّعات أرجوانيّة يوم الأربعاء الثالث من الشهر إذا عملوا لوقت متأخّر، وهو أسلوب جريء ومرئي للغاية لبيان أنّ "العمل المتأخّر ليس شيئًا جميلًا". نجح هذا الأسلوب المُحرِج ممّا قلّل العمل الإضافيّ بنسبة 50% في الشركة. نفّذت بعض الشركات تغييرات فرديّة مثل عروض الإفطار والسماح بإجازة حسب الحاجة. سيستغرق تغيير ثقافة العمل اليابانيّة بعض الوقت. وعلى الرغم من أنّ خطوات التغييرات الصغيرة هذه لم يكن لها وقعٌ كبير حتى الآن، إلّا أّن هذه الخطط الرامية لتقليل الإجهاد والتوتّر الوظيفي آخذة في الاتساع، وأصبحت أماكن العمل أكثر وعيًا بالحاجة إلى تغييرات جذريّة في السياسة لمواجهة مشكلة الشِدّة المتزايدة في مكان العمل. الشكل 18.4 متتاليّة الحمل المفرط والناقص في العمل المصدر: مقتبسة من Behavior, Structure, Processes 14th edition by James L. Gibson, John M. Ivancevich, and Robert Konopaske, McGraw Hill, 2013. (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior
-
مع اقتراب سلسلة مقالاتنا الفريدة عن السلوك التنظيمي من نهايتها في بابها الثامن عشر يبرُز في عنوانٌ عريض مهم قلّما يلتفت ويحيد الإداريون وروّاد الأعمال باهتمامٍ إليه، على الرغم من حساسيّته في أداء الأفراد في البيئات المؤسساتيّة، العنوان هو الشدّة والتوتر والراحة والرفاهية في العمل. سنخوض في رحاب المقالات القادمة في كيفيّة تمييز أعراض الشدة والتوتر لدى الأفراد والأسباب التي تؤدي وتسوق الشدّة والتوتر في نفوسهم، كما سنسلّط الضوء على كيفية تقليل عواقب السلوك المُرهق والذي يعود بنتائج سلبيّة على الإنتاج، وسنختتم هذا الباب بتفصيل الخيارات المُتاحر لمعالجة مشكلة الإنهاك الوظيفي وكيفية دفع الموظفين للمشاركة في جهود وخطط رفع المستوى الصحي والنفسي للأفراد التي تنظّمها المؤسّسة. .anntional__paragraph { border: 3px solid #f5f5f5; margin: 20px 0 14px; position: relative; display: block; padding: 25px 30px; } استكشاف المهن الإداريّة هل تأتي حوافز العمل بثمارها؟ عادةً ما توفّر الشركات التقنيّة الكبرى أفضل فرص العمل من حيث الحوافز المُقدّمة، لكنّ الدراسات الحديثة تُظهر مثل هذه الشركات على أنّها بيئة خصبة لانتشار التوتّر والإرهاق بين موظّفيها. يمكن توقّع معدّلات دوران وظيفيّ أعلى في شركات فيسبوك وأمازون ومثيلاتها بسبب انتشار عدم الرضا بين موظّفيها وانخفاض الإحساس بأهميّة العمل، وذلك وفقًا لدراسة أجراها موقع (PayScale.com). كما حلّت أمازون في المركز الأوّل من حيث مستويات الشِدّة والتوتر، بما يعادل 64%، وهو أعلى من المعدّل الوسطيّ للشركات التقنيّة (المعدّل الوسطي 58%). يقول موظّف سابق في خدمة أمازون السحابيّة: "ستجعلك أمازون تعمل حتّى الموت! سواءً غادرت بعد سنتين أم بقيت في العمل للأبد لحبّك لهذا العمل". تأتي ثقافة الشركة لتضيف شِدّة وتوتّرًا إضافيًّا على بيئة العمل، مثل العمل لساعات طوال، خاصّةً أيّامَ العُطَل وتوقّع الردّ على البريد الإلكترونيّ على مدار الساعة. تقول ليديا ليونغ (Lydia Leong) المحلّلة والباحثة لشركة (Gartner): "تمثّل شركة أمازون بيئةً حاضنة لمُدمني العمل، كما أنها تتّبع نهج التوفير ولا تعوّض موظّفيها أو تكافئهم كما في الشركات الأخرى في وادي السيليكون". قد يرى بعض الأفراد هذه الظروف مقبولة ويختارون العمل في أمازون مدفوعين برغبتهم في العمل والمساهمة في بيئة العمل المتغيّرة والمثيرة للإهتمام، ولكنّ هذا قد يسبّب مخاطر صحيّة وفقًا للمعهد الأمريكيّ للشِدّة (American Institute of Stress). عانى 62% من الأفراد ضمن دراسة المعهد من آلام رقبيّة مع نهاية اليوم كما عانى 44% من إنهاك في العينين و38% من أوجاع في اليدين و34% من مشاكل في النوم بسبب التوتّر. تُعدّ الشِدّة والتوتّر في العمل أحد أبرز القضايا والتي تُكلّف المؤسسات مبالغ كبيرة لمعالجة تداعياتها. تُكلّف الشِدّة الجسديّة والنفسيّة عالم الأعمال 300 مليار دولار سنويًّا بحسب منظّمة الصحّة العالميّة، ناهيك عن أثرها على إنتاجيّة الشركات. يؤثّر التوتّر والشِدّة والمشاكل المتعلّقة بهما تأثيرًا مباشرًا على إدارة المنظّمات بكفاءة، وعلى المديرين المعاصرين أن يتجهّزوا لإيلاء الأمر الطاقة والموارد اللازمة بهدف تخفيفه وتخفيض عواقبه الضارّة، ذلك بالطبع إن كانوا راغبين بالوصول لأعلى مستويات الكفاءة. مشاكل التأقلم مع العمل يمثّل الفشل في التأقلم مع العمل مشكلة كبيرة في يومنا هذا. وتُعزى 80% إلى 90% من الحوادث والأخطاء البشريّة الصناعيّة إلى عوامل شخصيّة. كما يبقى الدوران الوظيفيّ ومعدّل التغيّب عن العمل والإدمان والتخريب عوامل ثابتة تواجه المنظّمات الحديثة. كما يؤثّر مدى تأقلّم الأفراد على سلوكيّاتهم السلبيّة في العمل. حدّد نيف (W. S. Neff) خمسة أنماط للأشخاص الّذين يعانون في التأقلم مع العمل. كما يقترح أنّ كل نمط منهم يمثّل صورةً سريريّة لأشكالٍ سيكوباتيّة (نفسيّة جسديّة) مختلفة، وهذه الأنماط: النمط I: أشخاص لا يمتلكون الحافز للعمل. يمتلك هؤلاء مفهومًا سلبيًّا عن دور العمل ويسعون لتجنّبه. النمط II: أشخاص يستجيبون لطلب الإنتاجيّة بالخوف والقلق. النمط III: أشخاص تغلب عليهم صفات العدوانيّة. النمط IV: أشخاص يمتلكون شخصيّة مُعتمِدة على الآخرين. يظهرون عدم الحيلة ويطلبون النصح من الآخرين دائمًا وليسوا قادرين على المبادرة بعملٍ من تلقاء نفسهم. النمط V: أشخاص يظهرون درجة ملحوظة من السذاجة الاجتماعيّة. يفتقد هؤلاء إدراك المشاعر وآثار أفعالهم على الآخرين. لا يدرك هؤلاء عادةً السلوك الاجتماعيّ المقبول. يلي هذا التحليل عدّة نقاط مهمّة. أولاً، نلاحظ أنّ الفشل في التأقلم مع وظيفة عاديّة أو جدول عمل ما لا يعني كون الفرد كسولًا أو غبيًّا. تمنع العديد من المشاكل النفسية المتأصّلة في الأشخاص من التأقلم في كثير من الحالات. ثانيًا، نلاحظ أنّ واحدًا فقط من الأنماط الخمسة (النمط الأوّل) يعاني من مشكلة تحفيزيّة. يجب على المديرين أن ينظروا إلى ما وراء الدافع للحصول على إجابات وحلول للأنماط الأخرى لمشاكل التأقلم. يُظهِر نمط واحد (النمط الخامس) شكلًا من أشكال اضطراب الشخصيّة، أو على الأقل عدم النضج الاجتماعيّ. لكن الأنماط الثلاثة المتبقية الّتي تُظهر القلق أو العدوانيّة أو الاعتماديّة لديها مشاكل لا تتعلق فقط بالشخصيّة ولكن بتأثير طبيعة الوظيفة على الشخصية. إنّ القلق والعدوان والاعتماديّة حقيقةً هي عوامل رئيسيّة متأصّلة ونتائج حتميّة في الوظائف المُجهِدة في المنظّمات. وبالتالي يبدو أن ثلاثة على الأقل من الأسباب الخمسة للفشل في التأقلم مع العمل تتعلّق بمدى التعرّض للضغط النفسيّ وتجعل الفرد يرغب في الانسحاب. كما يُلاحظ أنّه "إذا انهار شخص ما في خضمّ العمل فغالبًا ما تكون النتيجة طلب رؤسائه منه أن يتمالك نفسه، ولكن التصرّف الأفضل هو مساعدته على استدراك انهياره وفهم أسباب هذا الانهيار النفسي أو الجسدي”. هذا هو دور المدير المعاصر في التعامل مع الإجهاد والشِدّة في العمل. لا يمكن للمديرين ببساطة تجاهل وجود الشِدّة بل عليهم -بدلاً من ذلك- أن يتحملوا مسؤوليّة فهم الشِدّة وأسبابها. سوف نستكشف موضوع الشِدّة المرتبطة بالعمل في المقالات القادمة على عدة مراحل: أولاً سنستفيض في الحديث عن أثر المؤسّسة والشخصيّة على الإجهاد والشِدّة. ثم سنلقي نظرة على نتائج الشِدّة، وأخيرًا سنستكشف طرق التعامل مع الشِدّة في العمل. سنركّز دائمًا على تأثير الشِدّة وعواقبها على الأشخاص في العمل والدور الذي يمكن أن يلعبه المديرون في تقليل هذه الآثار على كل من الفرد والمنظّمة. وسنطرح أمثلةً عمليّة في ذلك الصدد. الشِدّة الناجمة عن العمل سنعرّف الشِدّة (Stress) على أنّها ردّ فعل جسديّ وعاطفيّ لعوامل بيئيّة قد تكون مُهدّدة للفرد. يشير هذا التعريف إلى ضعف التوافق بين الأفراد وبيئاتهم، وهذا الخلل إما نتاج طلباتِ وأوامرِ العمل المُفرطة وغير العادلة أو أنه وليدُ الضعف وعدم كفاءة الفرد رغم منطقيّة صعوبة الأوامر. لا يستطيع الأفراد تحت الضغط الاستجابة للمنبهات البيئيّة دون ضرر نفسيّ و/أو فيزيولوجيّ لا داعي له (مثل التعب المزمن أو التوتّر أو ارتفاع ضغط الدم). عادة ما يُشار إلى هذا الضرر الناتج عن الشِدّة باسم الإجهاد (Strain). قبل أن نتعمّق في مفهوم الشِدّة في العمل نحتاج لتوضيح عدّة نقاط مهمة: أولاً: الشِدّة ظاهرة وموجودة في كل تفصيل في بيئة العمل. يعاني معظمنا من الشِدّة في وقت ما فقد تتطلب الوظيفة الكثير أو القليل جدًا منّا. إن أي جانب تقريبًا من بيئة العمل قادر على توليد الشِدة في حقيقة الأمر. يمكن أن ينجم الإجهاد عن الضوضاء المفرطة أو الإضاءة أو الحرارة أو إعطاء مسؤولية كبيرة جدًا أو صغيرة جدًا أو الكثير أو القليل من العمل الواجب إنجازه أو وجود إشراف أو إدارةٍ صعبةٍ أو ربما مُتساهلة جدًا. ثانيًا، من المهم أن ندرك أنّ جميع الناس لا يتفاعلون بنفس الطريقة مع المواقف الموتّرة، حتى في نفس المهنة. قد يؤدّي فرد ما أداءً أفضل تحت قدرٍ معيّن من الشِدّة المرتبطة بالوظيفة؛ فقد تنشّط الشدّة دافع الإنجاز لديه. قد يستجيب فرد آخر للشِدّة ذاتها بالقلق من عدم القدرة على التعامل مع الموقف. يجب على المديرين التعرّف على دور الاختلافات الفرديّة في تحديد أثر الشِدّة على الأفراد. غالبًا ما يكون السبب الرئيسي لاختلاف ردود الفعل هو التفسيرات المختلفة من الأفراد لحدث معيّن، خاصّة فيما يتعلّق بالعواقب المحتملة أو الممكنة للحدث نفسه. فعلى سبيل المثال إن طُلِب التقرير نفسه من الطالب (أ) والطالب (ب) في نفس اليوم. يرى الطالب (أ) التقرير على أنّه مُرهقٌ للغايّة ويتخيل جميع العواقب السلبية إن سلّم تقريرًا ضعيفًا، في حين يفسّر الطالب (ب) التقرير بشكل مختلف ويراه فرصةً لإثبات الأشياء الّتي تعلّمها ويتخيّل النتائج الإيجابيّة لتقديم تقرير عالي الجودة. فعلى الرغم من مواجهة كلا الطالبين للحدث نفسه إلّا أنّهما يفسّرانه ويتفاعلان معه بطرق مختلفة. ثالثًا، ليست جميع حالات الشِدّة سيّئة. فعلى الرغم من أنّ الشِدّة العالية لها دائمًا عواقب سلبيّة؛ إلّا أنّ المستويات المعتدلة من الشِدّة قد تخدم أغراضًا مفيدة أيضًا. يُبقينا مقدارٌ معتدلٌ من الشِدّة في العمل يقظين للمنبهات من حولنا (الأخطار والفرص المحتملة) كما يُحفّزنا على العمل بجد. يدّعي بعض الخبراء أنّ أفضل عمل يقوم به الموظّفون وأكثره إرضاءً هو العمل الذي يتمّ تحت شِدّة أو ضغط عملٍ معتدل. قد تكون بعض الضغوط ضروريّة للنموّ النفسيّ والأنشطة الإبداعيّة واكتساب مهارات جديدة. يولّد تعلّم قيادة السيارة أو العزف على البيانو أو تشغيل آلة معيّنة عادة توتراً وشِدّة. تظهر المشاكل الجسديّة والنفسيّة فقط عندما يزداد مستوى الشِدّة أو عندما تطول مدّته. متلازمة التكيف العام يُعتقد أن الاستجابة الفيزيولوجيّة العامّة للشِدّة تتبع نمطًا متّسقًا يُعرف باسم متلازمة التكيف العامة (general adaptation syndrome). تتألّف متلازمة التكيف العامة من ثلاث مراحل (راجع الشكل 18.2). المرحلة الأولى (الإنذار): تحدث عند أوّل علامة على الشِدّة. هنا يستعدّ الجسم لمواجهة الشِدّة عبر إطلاق الهرمونات من الغدد الصماء. تزداد سرعة التنفّس وسرعة ضربات القلب خلال هذه المرحلة الأوليّة ويرتفع مستوى السكّر في الدمّ وتتوتّر العضلات وتتّسع حدقتا العينين وتتباطأ عمليّة الهضم. في هذه المرحلة يستعدّ الجسم استعدادًا كاملًا لاستجابة "المحاربة أو الفرار". أي أنّ الجسم يستعدّ للابتعاد عن التهديد أو لمكافحته. ينتقل الجسم بعد هذه الصدمة الأوليّة إلى المرحلة الثانية (المقاومة). يحاول الجسم في هذه المرحلة إصلاح أيّ ضرر طرأ والعودة إلى حالة الاستقرار والتوازن. إذا نجح في ذلك ستختفي علامات الشِدّة الجسديّة. إذا استمرّت الشِدّة لفترة طويلة يغدو الجسم مُرهقًا ويعجز عن التكيف ومتابعة مقاومة الجهود أو ضغوط العمل. تُنهَك الدفاعات في المرحلة الثالثة (الإرهاق) ويختبر الفرد مجموعة متنوّعة من الأمراض المرتبطة بالشِدّة، بما في ذلك الصداع والقرحة وارتفاع ضغط الدم. هذه المرحلة الثالثة هي الأكثر خطورة وتمثّل أكبر تهديد للأفراد والمنظّمات على حد سواء. الشكل 18.2 متلازمة التكيّف العامّة (حقوق النشر: جامعة Rice، منظّمة OpenStax، مرخّصة برخصة المشاع الإبداعيّ CC-BY 4.0). أنواع الشِدّة: الإحباط والقلق هناك طرق مختلفة لتصنيف الشِدّة. يوجّهنا التركيز من منظور إداري إلى شكلين فقط للشدّة: الإحباط والقلق. يشير الإحباط (Frustration) إلى رد فعل نفسيّ على وجود عراقيل أو عوائق أمام السلوك الموجّه نحو الهدف. يحدث الإحباط عندما يرغب الفرد في متابعة مسار معيّن للعمل ولكن يُمنع من القيام بذلك. قد يكون سبب هذه الإعاقة خارجيًّا أو داخليًّا. تشمل الأمثلة على الأشخاص الذين يواجهون عقبات تؤدي إلى الإحباط: مندوب مبيعات يخفق باستمرار في إجراء عملية بيع أو مشغل آلة لا يمكنه إصلاح الآلة أو حتى شخصٌ يطلب قهوة من آلة لا تعطيه السعر الصحيح. انتشار الإحباط في منظمات العمل أمرٌ واضحٌ من خلال هذه الأمثلة وغيرها. وفي حين أن الإحباط هو رد فعل على عرقلة الأنشطة أو السلوكيّات، فإنّ القلق (anxiety) هو الشعور بعدم القدرة على التعامل مع الضرر المتوقّع. يحدث القلق عندما لا يكون لدى الأفراد استجابات أو خطط مناسبة للتعامل مع المشاكل المُتوقعة الناتجة عن الإخفاق في إنجاز المهمّة المُناطة بهم. يتميّز القلق بشعور من الرهبة والترقّب والنظر المستمر للمستقبل لأسباب غير معروفة في بعض الأحيان للفرد ذاته. ما الذي يسبب القلق في منظمات العمل؟ يقترح هامنر (Hamner) وأورجان (Organ) عدّة عوامل: الاختلافات في السلطة الّتي تجعل الناس يشعرون بالضعف تجاه القرارات الإدارية التي تؤثّر عليهم سلبًا. التغيّرات المتكرّرة في المنظّمات الّتي تجعل خطط السلوك الحالية قديمة. المنافسة الّتي تولّد حتميّة أنّ بعض الأشخاص يفقدون احترامهم ومكانتهم. والإبهام الوظيفيّ (خاصة عندما يقترن بالضغط). وقد تُضاف إلى هذه العوامل بعض العوامل ذات الصلة مثل الافتقار إلى تبادل الآراء والتقلّبات في البيئة الاقتصاديّة للمؤسّسة وانعدام الأمن الوظيفيّ ووضوح أداء المرء ومهامه تجاه مديره (النجاح والفشل). ومن الواضح أن العوامل الشخصيّة غير المؤسّساتيّة تلعب دورها أيضًا ، مثل المرض الجسديّ والمشاكل العائليّة والأهداف الشخصيّة العالية غير المنطقيّة والابتعاد عن الزملاء أو الأقران والانعزال بعيدًا عنهم." ترجمة -وبتصرف- للفصل (Stress and Well Being) من كتاب Organizational Behavior