لقد تركت التكنولوجيا، والإنترنت على وجه الخصوص، آثارًا كبيرة في إدارة علاقات العملاء، وقد ساعدت في العديد من الحالات على تسهيل عملها والحد من تكاليفها.
الحوار وخدمة العملاء
لقد غيرت التكنولوجيا طريقة تواصلنا معًا على نحو مدهش، وبالمثل غيّرت أيضًا طريقة تواصل المؤسسات والشركات مع العملاء.
البريد الإلكتروني
ربما يكون البريد الإلكتروني أوّل تقنيات الإنترنت استخدامًا في مجال خدمة العملاء، فقد بات من الطبيعي أن تمتلك كل شركة عنوان بريدٍ خاصًا بها إلى جانب رقم الهاتف، وهو ما يتيح للعملاء قناة تواصل إضافيّة. كذلك يمكن استخدام رسائل البريد الآلية لإطلاع العملاء على تقدّم معاملاتهم، مثل تقدّم الشحن أو تقدّم دعاوى التأمين؛ ويمكن أتمتة البريد الإلكتروني بحيث يرسل رسالة إلى العميل عند كل تفاعل له مع الشركة، وذلك بهدف إبقائه مطلعًا على سير كل خطوة.
الهاتف المحمول
على غرار رسائل البريد الإلكتروني الآلية، يمكن أيضًا استخدام الهاتف المحمول لإبقاء العملاء مطلعين على سير تعاملاتهم، إذ من الممكن أتمتة الرسائل النصيّة القصيرة بنفس طريقة أتمتة رسائل البريد الإلكتروني، وذلك لتطمين العملاء إلى سير الأمور كما يجب.
مراكز الاتصال
تتيح بعض التقنيات، مثل تقنية الصوت عبر بروتوكول الإنترنت VoIP إمكانية إجراء المكالمات الهاتفيّة بتكلفة منخفضة من خلال الإنترنت، وقد بات الآلاف من الأشخاص حول العالم يتواصلون معًا من خلال خدمات مثل سكايب، الأمر الذي أثر أيضًا على مراكز الاتصال.
لقد بات من الممكن باستخدام تقنيات مشابهة، توجيه المكالمات الهاتفيّة إلى مراكز الاتصال في أي مكان في العالم، وهو ما دفع العديد من الشركات في الدول المتقدمة إلى نقل مراكز الاتصال والدعم الخاصّة بها إلى دول نامية، وذلك نظرًا لانخفاض الأجور والتكاليف الأخرى هناك. يساعد الإنترنت على إجراء هذه المكالمات بتكلفة أرخص مع الحفاظ على جودتها. فقد تتصل مثلًا بمركز الاتصال والدعم الخاص بشركة أمازون، ليجيب عليك شخص من الهند.
تخضع الطواقم في هذه المراكز لتدريبات مكثفة حول ثقافة العملاء الذين يتعاملون معهم، وأخلاقيات الشركة التي يمثلونها، وذلك بهدف التأكد من تقديم خدمة ملائمة لطبيعة العلامة التجاريّة حتى لو كان من يقدم الخدمة للعملاء يقبع في قارة أخرى.
التراسل الفوري وغرف المحادثة
تسمح برامج التراسل الفوري، مثل واتساب وماسنجر وفيسبوك، بتبادل الرسائل النصيّة بسرعة وفعاليّة، لذلك فهي تمثل قناةً ممتازةً لخدمة العملاء.
الشكل 2: مثال على استخدام برامج التراسل الفوري في المواقع الإلكترونيّة
عندما يدخل العملاء المحتملون إلى موقع ما، فقد تكون لديهم بعض الاستفسارات السريعة أو المخاوف التي يحتاجون إلى معالجتها قبل الشراء، ولكن إرسال هذه التساؤلات عبر البريد الإلكتروني قد يستغرق وقتًا طويلًا؛ كما أن العملاء قد لا يشعرون بالارتياح إزاء الاتصالات الهاتفيّة. وفي هذه الحالات، تمثل برامج التراسل الفوري حلًا سريعًا وسهلًا ومنخفض التكلفة للإجابة على هذا النوع من الاستفسارات.
ثمة طريقتان رئيسيتان لاستخدام التراسل الفوري في مواقع الإنترنت؛ ففي الطريقة الأولى، يبدأ العميل بالمحادثة، أمّا في الطريقة الثانية، فتبدأ المحادثة من خلال نص مسبق في الموقع الذي يستعرضه العميل.
في الطريقة الأولى، يلفت الموقع انتباه العميل بوضوح إلى توفر قناة للتواصل الفوري، ويقدّم له توجيهات واضحة حول كيفيّة استخدامها، وفي هذه الحالة يمكن بسهولة استخدام العديد من برامج المحادثة المجانيّة، مثل سكايب؛ أمّا في الطريقة الثانية، فيبدأ الموقع المحادثة مع العميل وفق نص محدد مسبقًا، إذ عندما يأتي زائر إلى الموقع ويمضي مدّةً من الوقت دون أن يتخذ أي إجراء (أو ينقر على أي رابط مثلًا)، فسوف تظهر نافذة في المتصفح تسأله عما إذا كان يرغب بالتحدث مع أحد حول المنتجات المعروضة. وحينها يستطيع الزائر أن يغلق النافذة ويواصل التصفح، أو أن يختار المحادثة. وفي حال انتقاء العميل للخيار الثاني، فإن مندوبًا عن خدمة العملاء سوف يبدأ بمحادثته.
قد تكون هذه الوسيلة فعالةً للغاية في المبيعات المعقدة أو باهظة الثمن، فهي تتيح للشركات تقديم الدعم والتطمينات اللازمة للعميل عند اتخاذ قرار الشراء.
إدارة بيانات التفاعل
يمكن استخدام برمجيات إدارة علاقات العملاء لأتمتة عمليات استقطاب المبيعات والعملاء المحتملين، وجمع بيانات العملاء في مكان موحد.
لقد باتت الشركات كبيرةً للغاية، وهو ما يحتم على العملاء في بعض الأحيان الحديث إلى أفراد مختلفين من أقسام مختلفة، ولكن حاجة العميل إلى شرح جميع تعاملاته السابقة مع الشركة في كل مرة، قد تكون أمرًا محبطًا للعميل؛ إضافةً إلى أن عجز الشركة عن معرفة الموظفين الذين تواصلوا مع العميل في المرّات السابقة أيضًا أمر مرهق بالنسبة إليها.
لحسن الحظ، ثمة العديد من التقنيات التي تساعد على تسجيل معلومات العملاء، سواءً كانوا حاليين أو محتملين أو سابقين، في مكان واحد. ولا يقتصر دور هذه التقنيات على تسجيل البيانات فحسب، إذ إن معظمها يمتلك القدرة على جدول المبيعات، والتذكير بإجراءات المتابعة في الوقت الملائم.
وتُعد SalesForce و Genius من أبرز هذه البرمجيات.
تحليل البيانات
إن من أبرز ما يميّز الإنترنت هو قدرته على تسجيل جميع التفاعلات والتعاملات في سجلات الخادم، والتي تقدّم كنزًا من البيانات المفيدة التي يمكن استخدامها في اتخاذ القرارات. أمّا من ناحية إدارة علاقات العملاء، فذلك يعني القدرة على تسجيل وتحليل استقطاب العملاء في مقابل مبيعات أولئك العملاء، وبالتالي حساب العائد على الاستثمار بدقة متناهية، واكتشاف المواطن التي تحتاج إلى مزيد من التركيز سواءً في التسويق أو إدارة علاقات العملاء.
يكمن سر الاستغلال الفعال لتقنيات إدارة علاقات العملاء في التكامل، لذا يجب أن تحرص على تتبع جميع القنوات وتوفير المعلومات لجميع الأطراف في داخل الشركة. إن معرفة المصادر التي يأتي منها العملاء لن تكون مجديةً إذا لم تقترن بمعرفة ماذا يشترون، إذ يجب مقابلة هذه المعطيات معًا لإنتاج رؤى وأفكار يمكن البناء عليها.
إدارة علاقات البائعين: نظرة جديدة على العلاقات
إدارة علاقات البائعين VRM هي الشكل المعاكس لإدارة علاقات العملاء، وهي تعبّر عن مجموعة من الأفكار والتقنيات والأدوات والخدمات المتقدّمة التي تساعد العملاء على إدارة علاقاتهم مع البائعين، ولكن هذه الأدوات والخدمات ما زالت في بدايتها.
تسعى إدارة علاقات البائعين إلى معالجة غياب التوازن في القوة بين العملاء والبائعين. ففي العادة، يجمع البائعون المعلومات حول العملاء ويستخدمونها لتحقيق الاستفادة المثلى، والتي تتلخص غالبًا في تحقيق أكبر قدر من الإيرادات بأقل تكلفة ممكنة من عميل أو مجموعة من العملاء. مع ذلك، تستند فكرة إدارة علاقات البائعين إلى امتلاك العملاء لمعلومات مفيدة جدًا للبائعين. على سبيل المثال، تجمع شركة أمازون البيانات حول تاريخ الشراء والتصفح الخاص بالعميل، وتقدّم له توصيات على هذا الأساس؛ لكن مع ذلك، يمتلك العميل معلومات لا تملكها أمازون، فالعميل يعرف مثلًا أي الكتب التي تُشترى كهدايا، والتي لا تشير بالضرورة إلى ميول العميل.
مع ذلك، لا تهدف إدارة علاقات البائعين إلى منح البائعين القدرة على الوصول إلى هذه المعلومات، وإنما منح العملاء القدرة على السيطرة على هذه المعلومات، ومشاركتها مع البائعين على النحو الملائم لهم. تعتمد إدارة علاقات العملاء في صورتها التقليديّة على علاقة واحدة يسيطر عليها البائع، ولكن العلاقات في إدارة علاقات البائعين تعتمد على كل من البائع والعميل. تمثل إدارة علاقات البائعين نظرةً جديدةً في علاقات البائعين والعملاء، وذلك في ظل حالة الإحباط تجاه الممارسات الحالية في هذا المجال.
لمزيد من المعلومات حول إدارة علاقات البائعين، يُرجى زيارة صفحة ويكي الخاصة بمشروع إدارة علاقات البائعين في جامعة هارفرد أو الاطلاع على مدونة المشروع.
دراسة حالة: Virtual Works وPG Glass
على غرار العديد من المجالات الخدماتيّة الأخرى، تتطلب صناعة استبدال الزجاج السرعة والكفاءة. فعندما ينكسر لوح زجاج أو يتشقق، فإنه من الطبيعي أن يرغب العميل بإصلاحه أو استبداله بأسرع ما يمكن.
لقد كانت شركة PG Glass – الرائدة في صناعة الزجاج في جنوب إفريقيا – منتبهةً لحاجة العملاء إلى السرعة والكفاءة، لذلك سعت باستمرار إلى البحث عن طرق جديدة لتوفير الخدمة على نحو أسرع من المنافسين. وبعد الكشف عن وجود 4.6 مليون مستخدم بانتظام للإنترنت في جنوب أفريقيا، بدأت الشركة بالبحث عن طرق لاستغلال هذه القناة للتميّز عن منافسيها.
لقد أدرك المدير الإداري روب كيرل أن قدرة تقنيات الإنترنت الحديثة تتجاوز مجرد عرض كتيبات المنتجات، وقد عزم على استخدام تقنيات الهاتف والإنترنت بطريقة أكثر فعاليّةً لإشباع حاجات العملاء. وبعد دراسة معمقة، وقع اختيار PG Glass على شركة ذا فيرتوال ووركس The Virtual Works، وذلك لتوفير الأنظمة والخبرة المتخصصة اللازمة لإنشاء موقع يساعد الشركة على تحقيق أهدافها الاستراتيجيّة. وقد طورت The Virtual Works نظام V3 على نحو ملائم لإدارة الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة، فقد سهل النظام على العملاء طلب الخدمات دون الحاجة إلى تصفح الموقع بأكمله؛ كما اعتمد على قواعد منطقيّة لربط ملف العميل وحاجته للخدمة بالقسم الصحيح في الشركة، ومن ثم توجيه الاستفسار مباشرةً إلى رقم هاتف الشخص الملائم. ومن مميزات النظام أيضًا أنه كان يمنح كل عميل رقم إحالة خاصًا به، ومن ثم يتابع تقدّم الخدمة وفق قواعد محددة، وينبه الطاقم والمديرين من خلال البريد الإلكتروني والرسائل القصيرة عند وجود أي تأخير. كذلك، كان النظام يزود فريق الشركة بتقارير مفصلة تتضمن معطيات الخدمة الرئيسيّة لتحديد مواطن التشويش على الخدمة أو المواطن التي تحتاج إلى تحسين، إلى جانب المعلومات اللازمة لمكافأة الموظفين على الأداء المميّز، كما عمل النظام على تخزين بيانات العملاء بطريقة آمنة وموحدة، مع إتاحة إمكانيّة وصول أي شخص من الشركة إلى هذه البيانات من خلال الإنترنت شريطة امتلاك معرف مستخدم وكلمة مرور ملائمين.
وبفضل هذا النظام، أصبح معظم الزبائن المحتملين يتوجهون إلى القسم الملائم في غضون ثوانٍ معدودة، وباتت استفسارات العملاء تصل إلى الأفراد الملائمين في الشركة قبل أن يتوجهوا إلى المنافسين.
لقد أظهرت النتائج أن الاستثمار في تقنيات إدارة علاقات العملاء يُعد أمرًا حيويًا للشركات، ويساعدها على تحقيق أرباح هائلة، ففي الشهور الثمانية الأولى من عمل النظام، شهدت الشركة زيادة بنسبة 110% في معدّل استقطاب العملاء المحتملين من خلال الإنترنت، وهو ما تُرجم إلى زيادة كبيرة في المبيعات، وأدى إلى تحقيق عائد مذهل على الاستثمار في هذه التقنية؛ كما حصلت الشركة في أعقاب تنفيذ فكرة الخدمات الإلكترونيّة على العديد من الفوائد الأخرى، والتي تشمل الآتي:
- أدت سرعة الاستجابة لاحتياجات العملاء إلى تحسين سمعة العلامة التجاريّة.
- أدى قياس أداء الخدمة إلى زيادة تركيز الموظفين على تقديم الخدمات للعملاء.
- وفرت الشركة تكاليف كبيرة بسبب انخفاض تكاليف الاتصال عبر الإنترنت، كما أدى النظام إلى خفض تكاليف توزيع وإدارة العملاء المحتملين.
- رصدت التقارير جميع التعاملات بدءًا من مرحلة استقطاب العملاء وحتى انتهائها، وذلك بهدف قياس أبرز مؤشرات الأداء.
أسئلة دراسة الحالة
- لماذا تعتقد أن الاستثمار في هذا النظام كان مهمًا بالنسبة لشركة PG Glass؟ ماذا تكشف هذه الخطوة عن الشركة؟ ماذا يعتقد العملاء برأيك عن خدمات الشركة، وخصوصًا مقارنة بمنافسيها؟
- ما هي عناصر برنامج الشركة المخصص لإدارة علاقات العملاء والتي تجعله أكثر كفاءة وفعالية من غيره؟
ترجمة وبتصرف للفصل Customer Relationship Management، من كتاب eMarketing: The Essential Guide to Online Marketing.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.