هل استخدمت قمعًا لتزيين كعكة العيد من قبل؟ قد تظن بأنّ استعمال هذا الغرض المخروطيّ الشكل يُعَد تصرفًا مفرطًا إذا كنت تنوي صبّ بعض السوائل فقط من حاويةٍ إلى أخرى، لكنّه في الحقيقة يلعب دورًا مهمًا، ويُوجّه القمع السوائل إلى حيث تُريدها بالتحديد، وليس إلى أيّ مكانٍ آخر، مانعًا تناثرها في الأرجاء، على المنضدة أو الأرض أو سُترتك، فبالتالي القُمع يحدّد مسار التدفُّق.
قُمع مسار التحويل يُطبق نفس الفكرة ولكن على استراتيجيّتك التسويقيّة، إذ تُساعدك مسارات التحويل في قيادة المستهلكين خلال رحلة الشراء، للتأكد من وصولهم إلى المكان الذي تريده بالضبط، وبالطبع الهدف النهائي هو (تحويلهم) نحو اتخاذ الإجراء النهائي المطلوب، ومن هنا جاءت التسمية.
لا يقتصر تطبيق نموذج قمع التحويل على عمليات الشراء أو على تسويق المنتجات الماديّة فقط، حيث يُمكن أن تكون عملية التحويل في موقعك هي أن يشترك شخصٌ ما في نشرتك الإخبارية، أو يوقع عريضةً، أو ينضم إلى مجموعتك في الفيسبوك، أو يحجز جولةً مع وكالتك، أو يقدم تبرعًا لمنظمتك.
عند تنفيذ مبادئ قُمع مسار التحويل وتحسينها، ستشهد زيادةً في قوائم العملاء المحتملين ومعدّل الإجراءات المُتخذة وارتفاعًا في الأرباح، إذًا كيف يُمكنك إنشاء مسار تحويلٍ مُحسَّن ومُصمم بصورةٍ جيّدةٍ لجذب العملاء المحتملين ورعايتهم وتحويلهم إلى الخطوة الإجرائية النهائية؟
ما هو قمع مسار التحويل؟
يُطلق عليه أحيانًا قُمع مسار المبيعات أو قُمع مسار التسويق، وهو عبارةٌ عن نموذجٍ عمليٍ للتسويق والبيع بخطواتٍ محدّدة بدورها تُساعدك على تصوّر رحلة الشراء التي يخُوضها العملاء المحتملون، حتى تتمكّن من توجيههم وتحويلهم إلى إجراء عملية شراءٍ في نهاية هذا المسار.
مسار التحويل المُحسَّن ليس مناورةً تُنفذها لمرةٍ واحدة بغرض توجيه مستخدمٍ من مكانٍ إلى آخر، بل إنه نهجٌ استراتيجيٌ شامل بدوره يربط بين أنشطة التسويق والمبيعات لديك في نظامٍ واحدٍ مبسّط لتمكين الجمهور من العبور خلاله وإكمال رحلتهم المرجوّة في موقعك.
في كل مرحلةٍ من مراحل المسار التي تبدو في الشكل البياني بهيئة قُمع، هناك نوعية محتوىً محددةٍ تلعب دور نقاطٍ إرشاديّةٍ للكيفية التي يُفترض أن يتقدم بها الجمهور من خطوةٍ لأخرى، مثل منشورات المدونات وصفحات الهبوط ومقاطع الفيديو ورسائل البريد الإلكتروني والرسوم البيانية التفاعليّة والإعلانات على المنصات الاجتماعية وحملات الدفع لكل نقّرة والمزيد.
من خلال مسار تحويلٍ جيّد التصميم، تتّحد جميع أنشطة التسويق والبيع لديك كي تجذب وترعى العملاء المحتملين والمؤهلين، ثم تحوّلهم إلى عملاءٍ حقيقيين يسدّدون المال أو يتّخذون خطوةً إجرائية، وفي وضعٍ مثالي، نجد بعض هؤلاء العملاء الذين تحولوا إلى الشراء في الجزء السفلي والأخير من قمع التحويل أصبحوا عملاءً مُناصرين ومروّجين للعلامة التجارية، ونظرًا لأن 90٪ من العملاء يثقون باقتراحات العائلة والأصدقاء، سوف يُؤثِر العملاء المُخلصون كثيرًا على ملء الجزء العلوي من قمع مسار التحويل من جديد، وبمجرد وصول هؤلاء كعملاءٍ جددٍ إلى قمة القُمع، سوف تتكرّر عملية الجذب والرعاية والتحويل؛ وهذه دورة الحياة من منظورٍ تسويقيّ.
مراحل قمع مسار التحويل: أي محتوى تحتاج وفي أي خطوة؟
بعيدًا عن زيادة حركة المرور ومعدّل الإجراءات، فإن مسار تحويل المبيعات يخلق أيضًا لحظات "آها!" لعملائك المحتملين، وهي النقطة في رحلة الشراء عندما يهتف عميلك المحتمل: "يا إلهي! هذا ما كنت أبحث عنه!"، ولكن جعل العملاء المُحتمَلين يلاحظون علامتك التجاريّة أو يتعلقوا بها لفترة تكفي لاختبار لحظة "آها"؛ ليس بالمهمّة السهلة، إذ يقرأ العملاء المحتملون في المتوسط 3-5 أجزاءٍ من المحتوى قبل الاتصال بمندوب المبيعات.
يتحقّق العملاء من نفس المحتوى في عدةّ مواقعٍ إلكترونيةٍ مختلفة قبل الانتقال إلى المرحلة التالية من رحلتهم، لذا فإن مهمّتك إذا اخترت أن تتبع نموذج القمع، هي إنشاء محتوىً خاصٍ لكل مرحلةٍ من المراحل الثلاث لمسار التحويل، وبالتالي أنت تريد توجيه جمهورك من مرحلة الوعي بالمنتج إلى الاهتمام والتفكير به، وصولًا إلى مرحلة نيّة الحصول عليه وأخيرًا الشراء.
1. قمة القمع
وهو المكان الذي يبدأ منه كل مشترٍ، فعندما يصبح المشترون على درايةٍ بمشاكلهم، سيبدأون بالبحث عن حلٍ لها بنشاط، ويستخدمون أسئلةً مثل: ماذا عليّ أن أرتدي عندما أذهب للتزلُّج؟ أو كيف أبقى دافئةً أثناء ممارسة التزلُّج؟ إذا تعاملت مع هؤلاء الأفراد بأسلوب البيع الجاد في هذه المرحلة، فسوف تحصل على رفضٍ صريحٍ منهم، فهم ليسوا مستعدين للشراء بعد.
لجذب انتباههم، عليك أن تُولي لهم الاهتمام من خلال الاستماع إلى أسئلتهم والإجابة عليها، كذلك استخدم المدونات والمقالات والإعلانات وصفحات الهبوط ومنشورات الوسائط الاجتماعية وقوائم التحقّق وأنواع المحتوى الأخرى؛ للإجابة على الأسئلة التي يطرحها المشتري المُحتمل في هذه المرحلة.
هدفك في هذه المرحلة هو بناء الثقة وجعل علامتك التجارية هي المسيطرة، إذًا ثقّف جمهورك ورفّه عنه وألهمه خلال إجابتك على الأسئلة المتعلّقة بالمشكلة التي صُمم منتجك لحلّها، وبهذه الطريقة عندما يكونون مستعدين للشراء ستبرز علامتك التجارية في أذهانهم أولًا قبل منافسيك.
2. منتصف القمع
إذا كنت محظوظًا، فإن بعضًا من المحتوى المعروض في المرحلة السابقة، سيحقّق تصاعدًا في اهتمام العملاء، ويقرّر بعضهم أن يمنحوك معلومات الاتصال بالتسجيل بالموقع مقابل مواد قابلة للتنزيل، والتي كنت قد عرضتَها عليهم، فهذه هي اللحظة التي يتحوّل فيها الزوار إلى عملاءٍ محتملين.
الهدف من هذه المرحلة هو تعزيز الثقة ورعاية العملاء المتوقعين ومراقبة نيّة الشراء، وفي هذه المرحلة يفكِّر العملاء المحتملون فيما إذا كانوا سيصبحون عملاءً يدفعون المال أم لا؛ إذ إنهم يجمعون المزيد من المعلومات حول حلولك أو منتجاتك المُقدمة، وأنت تحاول جمع معلوماتٍ عنهم أيضًا.
أفضل طريقةٍ لرعاية العملاء المحتملين هي بالتحدُّث إليهم مباشرةً، مع تركيز جهودك على إنشاء محتوىً وعروضٍ وبدء حملات بريدٍ إلكتروني مبنيّة على احتياجات العملاء المحتملين والتحديات التي يواجهوها والتفاصيل الشخصيّة لهم، حيث قد يتضمّن ذلك إنشاء بدائلٍ متعددةٍ تُخاطب شرائحٍ ديموغرافيّةٍ أو نفسيّةٍ مختلفة.
غالبًا ما تتضمّن أنواع المحتوى في هذه المرحلة حملات البريد الإلكتروني وحلقات النقاش عبر الإنترنت والمقابلات الشخصيّة ودراسات الحالة والأدلّة الاجتماعية من الجمهور، مثل شهادات العملاء السابقين وتقييمهم للمنتجات؛ نظرًا لأنّك تعلم أن العملاء المحتملين يدرسون خياراتهم في هذه المرحلة، ويمكنك منحهم دفعةً بسيطةً نحو القرار باستخدام آراء العملاء السابقين والموازنات مع منتجاتٍ أخرى، ولكن الهدف هو توفير معلوماتٍ مفصّلةٍ للمساعدة في توجيه الجمهور خلال عملية تفكيرهم.
3. قاع القمع
بافتراض أنّك قدمت حججًا مقنعةً لمنتجك عبر محتوى المرحلة الثانية، فإن المرحلة الثالثة والنهائية هي المكان الذي يتخذ فيه العميل المحتمل قرار الشراء، وللمساعدة في إتمام هذه العملية، ستحتاج إلى تطبيق بعض أساليب الإلحاح، مثل رسائل التذكير بالبريد الإلكتروني والعروض الترويجيّة ذات المدّة المحدّدة وإعلاناتٍ تُعيد التوجيه للشراء، وغيرها.
كُتب في اﻹعلان في الصورة: مع اقتراب شهر أغسطس، تأكّد من عدم تفويت الأيام المهمّة في عملك وحياتك، فمع تقويمنا المجاني ستكون منتبهًا لكل مناسباتك المبهجة.
كما هو الحال في مرحلة منتصف القمع، فإن أيّ تكتيكٍ تقرر اعتماده في هذه المرحلة لا بدّ أن يكون مُصمَمًا حسب احتياجات العميل المحتمل وسلوكه الشرائي.
تُعَد هذه المرحلة عاطفيةً للغاية بالنسبة إلى العميل المحتمل، وقد يكون الالتزام بالشراء قرارًا كبيرًا ومرهقًا! تأكّد من أن نصوصك الإعلانيّة تُخاطب مباشرةً نقاط ضعفهم المال، واجعل اقتناء منتجك يُعالج حاجةً ماديةً وعاطفية.
حسن مسار البيع وساير التدفق
يُمكن أن يساعد مسار التحويل في الحفاظ على جمهورك حيث تريدهم أن يكونوا، وذلك طوال مراحل رحلتهم، إذ تعمل هذه الأنواع من مسارات التحويل أفضل إذا نفذتها بعناية وبحثت عن فرصٍ لتحسينها بانتظام.
أولًا: انظر إلى كيفية تدفق حركة مرور الزوار لموقعك عبر مسار التحويل، بحثًا عن الفرص المخفيّة في أنماط المرور. يمكنك استخدام أداة جوجل لتدفق الهدف Goal Flow للتحقيق في أسئلة مثل:
- هل يدخل مستخدمو موقعي مسار التحويل في الخطوة الأولى؟ أم أنهم يقفزون في مكانٍ ما في منتصف القمع؟
- هل هناك الكثير من نقاط الخروج غير المتوقّعة من خطوةٍ في منتصف مسار التحويل؟
- هل هناك مكان تتراجع فيه حركة المرور؟
- هل أداء شريحةٍ معينةٍ من زوار الموقع مختلف عن الشرائح الأخرى؟ هل يتم (التحويل) أكثر أم أقل من هذه الفئة؟
بعد ذلك، ألقِ نظرةً على حملات البريد الإلكتروني والتي تُعَد جزءًا من رحلة الشراء لجمهورك مثل رسائل الترحيب، ثم التعريف بالمنتجات والعروض الترويجيّة والشكر على التسوّق من الموقع والمزيد، ومن خلال النظر في معدّلات فتح الروابط والنقر ومعدّلات إلغاء الاشتراك وموازنتها بمعايير البريد الإلكتروني، يُمكنك تحديد رسائل البريد الإلكتروني عالية الأداء التي يُمكنك الاعتماد عليها أو رسائل البريد منخفضة الأداء التي يُمكن أن تكون في حاجةٍ إلى المزيد من الاهتمام والتطوير.
يُمكنك أن تفعل الشيء نفسه مع الأدوات الأخرى التي تستخدمها لزيادة حركة المرور وجذب العملاء، وذلك باتباع الآتي:
- انظر إلى أيّ بياناتٍ اجتماعيةٍ متاحة لتحديد المنشورات أو الأنشطة التي تميل إلى توليد مشاركةٍ عالية ونقرات للدخول وتحوّل العملاء إلى خطوة الإجراء.
- افحص أداء حملات الدفع لكل نقّرة، بغرض التطوير وزيادة التحويلات.
- راجع أي شيءٍ يُمثل عامل جذبٍ للعملاء المحتملين، مثل المحتوى المحمّي بأوامر معينّةٍ مقابل فتحه، لمعرفة أيهما يرتبط بأعلى معدّلات التحويل للشراء.
تريد أيضًا مراجعة صفحات هبوطك بعناية لأنها تلعب دورًا حيويًا في فعاليّة مسار التحويل، فلا تُؤثر صفحات الهبوط فقط على نقاط الجودة عبر أيّ حملةٍ للدفع مقابل النقر، ولكنّها غالبًا ما تكون أيضًا المحطة النهائيّة لجمهورك ما بين التفكير والشراء.
صفحة الهبوط التي تُوجد بها مشاكل قد لا تجعل الأشخاص يتجاوزون خطّ النهاية لإجراء عملية شراءٍ فقط، ولكنها قد تكون أيضًا عقبةً أمام شخصٍ كان مستعدًا للشراء لو سارت الأمور بطريقةٍ أخرى، وابحث عن فرصٍ لتحسين المحتوى الإعلانيّ، والعبارات التي تحُث المستخدم على اتخاذ إجراء، ولا تنسَ أزرار الإدخال، والرسوم التوضيحيّة والصور والعناصر الأخرى على صفحات الهبوط.
ترجمة -وبتصرُّف- للمقال Why Your Marketing Strategy Needs a Conversion Funnel (and How It Works) لصاحبته: Melanie Deziel.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.