اذهب إلى المحتوى

كانت الساعة الرابعة عصرًا قبيل حلول السنة الميلادية الجديدة، وكان ولد راي ريزو في المدينة لحضور التجمع العائلي السنوي، لكنه نسي إحضار بدلته، والسيئ في الأمر أن حجم الرجل لم يكن اعتياديًا، لذا فقد كانت رحلته مع ابنه إلى متجر ميتشلز Mitchells المحلي للملابس في ولاية كونيتيكت الأمريكية مجرد قبض على أمل كاذب، خاصةً أن المحل كان سيقفل بعد ساعة واحدة، لكن صاحب المحل جاك لم يتوانَ في تجنيد كبير خياطيه دومينيك الذي صمم وخاط لوالد راي بنطلونًا وسترةً يناسبان حجمه تمامًا، وبالطبع فقد كسب المحل بهذه اللفتة راي ليكون زبونًا مدى الحياة.

هذا الموقف هو ما يسميه جاك ميتشل عناق العميل، لذا إذا ذهبت لشراء الملابس في ميتشلز أو ريتشاردز في ولاية كونيتيكت الأمريكية، فسوف تُعانَق، وقد لا يكون هذا بالمعنى الحرفي للكلمة، لكن من المؤكد أنك ستحصل على معاملة مميزة. وفي هذا يقول جاك ميتشل -الرئيس التنفيذي لشركة ميتشل/ريتشاردز ومؤلف كتاب "عانق عملاءك: الطريقة المثبتة لتخصيص المبيعات وتحقيق نتائج مذهلة" Hug Your customers: The Proven Way to Personalize Sales and Achieve Astounding -Results: "العناق هو طريقة تفكير في العملاء، وكلمة العناق بالنسبة لنا كناية عن الشغف والعلاقات، فهي طريقة للاقتراب من عملائك وفهمهم جيدًا".

من الشخصية إلى حل المشكلات

فكر في أفضل صديق لك. ذلك الصديق الذي تعرفه حق المعرفة، وتضحي بالغالي والنفيس في سبيل إسعاده إذا رأيته غارقًا في الهم والحزن. الصديق الذي تعرف مشروبه المفضل، والمأكولات التي يحب ويكره.

فكر الآن في آخر مرة ذهبت فيها إلى مطعمك المفضل. هل رحب بك المضيف بالاسم وأرشدك إلى طاولتك المفضلة؟ وهل تذكَّر النادل شرابك المعتاد؟ وهل أَعَدّ الطاهي طعامك المفضل بالطريقة التي تفضلها أنت؟ عندما تحدث هذه الأشياء، سيجعلك الأشخاص في المطعم تشعر بأنك مميز، فأنت -في النهاية- سبب وجودهم هناك، وعندما تكون لديك علاقة مثل هذه مع الأشخاص في المطعم، فستعود إليه مرارًا وتكرارًا؛ أما إذا لم تحدث هذه الأشياء، فمن الأسهل عليك اختيار مطعم مختلف في المرة القادمة التي تخرج فيها.

لذا يُعَد طريقك للنجاح في البيع -أيًا كان نوع البيع-، هو جعله شخصيًا؛ إذ يتعامل الناس مع الناس لا مع الشركات، وحتى في قناة البيع بين الشركات B2B، فإن الأشخاص هم الذين يتخذون القرارات نيابةً عن الشركة التي يعملون بها، إذ يبدأ كل بيع بعلاقة، لذا إذا كانت علاقتك قويةً، فهناك احتمال أكبر للبيع وكسب عميل مخلص متكرر، مما يعني أنه يجب عليك التعرف على عميلك شخصًا لشخص، وذلك لفهم ما يريده وما يحتاجه والموارد التي يملكها، ويسمى هذا المفهوم بيع العلاقة أو البيع الاستشاري، ويعرف على أنه العمل شخصيًا مع عميلك لفهم احتياجاته وإعطائها الأولوية، وتقديم الاستشارات لمساعدته على اتخاذ القرار الأفضل لنفسه أو لشركته.

قد تفكر في أن البيع يتعلق بالمنتج أو الخدمة لا العلاقات، لكن هذا ليس صحيحًا، فقد تطور البيع كثيرًا خلال الخمسين سنةً الماضية، وصار العمل أكثر تنافسيةً، وأدى استخدام التكنولوجيا والعدد المتزايد من عروض المنتجات والخدمات إلى تطوير الحاجة إلى البيع الاستشاري في المزيد من الصناعات أكثر من أي وقت مضى، وكان من المعتاد أن يكون مندوبو المبيعات يريدون ببساطة إجراء عملية بيع، مما يعني أن البيع يبدأ وينتهي بالمعاملة، لكن لا يكفي الآن مجرد إجراء عملية بيع، فما يهم في عالم اليوم التنافسي هو طريقة تفكيرك في العميل، لذا فما يحقق الفارق هو إعطاؤك العميل ما يحتاجه لا ما تريد أنت بيعه، ويُعَد البيع مجرد جزء صغير من العلاقة، أما جوهر عملية البيع فهو العلاقة.

لدى مندوب المبيعات دور جديد في معظم الشركات، فلقد ولت الأيام التي كان فيها دور مندوب المبيعات مقتصرًا على مجرد الترويج للمنتج الذي تريد الشركة بيعه، فقد صار العملاء في بيئات البيع بين الشركات B2B، وكذلك في بيئات البيع من الشركات إلى المستهلك B2C، يريدون ويطلبون المزيد، ولعل مرد ذلك تطور بعض الصناعات الرئيسية، لذا تحتفظ العديد من سلاسل الفنادق الرائدة مثلًا بتفضيلاتك في قاعدة بيانات، وذلك حتى يتمكن فريق مبيعات مكتب الاستقبال من التعرف عليك شخصيًا عند عودتك إليهم مجددًا لتسجيل دخولك، فيسهل بذلك إرضاؤك دون تكرار الأسئلة المملة عن نوع الغرفة وحجم السرير والتدخين من عدمه، كما تعمل المطاعم بجد للتعرف عليك وتحيتك باسمك، وتحافظ على مائدتك المفضلة، كما توظف الخطوط الجوية أدوات للتعرف عليك، وعلى نوع المقعد الذي تفضله.

تُعَد كل هذه الأساليب منبعثةً من النظرية القائلة بأن العملاء يتخذون قرارات بشأن العلاقة التي تربطهم بالعلامات التجارية، لذا يكون مندوب المبيعات -في كل حالة من هذه المواقف- هو الاختلاف الذي يميز العلامة التجارية في لحظة الحقيقة، وهي اللحظة التي يتواصل فيها العميل مع العلامة التجارية.

تدرك بعض العلامات التجارية مدى أهمية كل لحظة حقيقة عند إنشاء علاقات مع العملاء، لذا تجعل شركة الخطوط الجوية ساوث ويست إيرلاينز Southwest Airlines مثلًا موقعها الإلكتروني سهل الاستخدام، وتوظف بشرًا فعليين للإجابة على الهاتف، ومضيفات طيران واستقبال يجعلن تجربة السفر ممتعةً.

بيع القوة: دروس في البيع من علامات تجارية ناجحة

مخيم التدريب

تعتقد شركة جونسون كونترولز Johnson Controls المصنعة لأنظمة التدفئة والمكيفات الهوائية أن البيع الاستشاري مهم جدًا، لذلك تعقد معسكر تدريب أساسي لمديري أراضي الشركة بمقرها الرئيسي في نورمان بولاية أوكلاهوما الأمريكية، وتركز في هذا المخيم على تعزيز العلاقات في البيع، كما يتضمن المعسكر التدريبي -على غرار الفصل الدراسي- تمارين تفاعليةً وتدريبًا على المنتجات وتدريبًا على دعم الأعمال، ولا يتوقف التزام الشركة بالبيع الاستشاري عند هذا الحد، بل يمكن للمشاركين -الذين حصلوا على 85 بالمائة على الأقل في درجتهم النهائية في المعسكر التدريبي الأساسي، والذين قضوا ستة أشهر في الميدان- أن يتأهلوا لدخول تدريب العمليات الخاصة، وهو التدريب المخصص للنخبة، ولا يتاح دخوله إلا بدعوات شخصية.

تُعَد العلاقات مهمةً للغاية في البيع لدرجة أن إحدى الدراسات استطلعت مائةً من كبار مندوبي المبيعات في بيئات البيع بين الشركات B2B، ووجدت أنهم ينسبون 79% من نجاحهم إلى علاقاتهم مع العملاء، ويرجع ذلك إلى أن العلاقة مع العميل هي التي تسمح لك بسد الفجوة بين مشكلة العميل والحل، كما أنها إطار البيع الاستشاري، إذ تسمح لك بإجراء حوار مفتوح وصادق، وطرح الأسئلة المناسبة، وفهم احتياجات عميلك، وتجاوز تقديم المشورة لمساعدة عميلك في اتخاذ القرار المناسب له.

أرضية مشتركة

تبدأ علاقات البيع في صورة علاقات شخصية، لذا يُعَد إنشاء ارتباط شخصي أمرًا حيويًا خلال مدة لقاء العميل القصيرة، وإذا أردت التأكد من ذلك، ففكّر في آخر مرة اشتريت فيها هاتفًا جديدًا، فإذا لم يكن البائع قد أظهر علاقةً وديةً، فلا بد أنك تركته واشتريت من مندوب مبيعات آخر، أو ربما حتى من متجر مختلف، وتتضمن العلاقة رابطًا صادقًا يتجاوز الأعمال التجارية، وتنطوي على المصالح والأهداف المشتركة.

إذا كنت تبيع معدات تصوير طبيةً للمستشفيات، فأنت بحاجة إلى بناء علاقات مع المسؤولين والأطباء والممرضات الذين سيستخدمون أجهزتك في كل مستشفى، وعندما تبني علاقةً تبدأ فيها بما هو مهم لكل شخص على حدة، يصبح من الأسهل توسيع هذه العلاقة لمشاركة المعلومات وحل المشكلات من منظور تجاري، فكما قال بوب فيتا (وهو ممثل الشركة المصنعة للعديد من شركات الأدوات) حول بول روبيشود الذي يكون مالك روبي تولز Robi Tools: "تعرفت عليه بوصفه رجل أعمال وشخصًا حقيقيًا، وقد استمرت هذه العلاقة".

لكن البيع الاستشاري أكثر من مجرد تجاوب بشري، إذ يتجاوز في الواقع المنتج أو الخدمة التي تبيعها، بل يتجاوز حتى عملية البيع، وذلك لأن فيه عاملًا سحريًا، أو مكونًا خاصًا، وهو العنصر غير الملموس الذي يجعل العميل يختار منتجك أو خدمتك حتى عندما تكون أسعار المنافسة أقل، كما يتعلق البيع الاستشاري بمشاركتك الشخصية، وتركيزك الصادق على حل المشكلات الذي يتجاوز البيع إلى شراكة حقيقية مع العميل.

لا يبدأ البيع الاستشاري ولا يتوقف في أوقات محددة خلال العلاقة، بل يعرف العلاقة قبل البيع وأثناء البيع وبعد البيع، ولتوضيح مفهوم بناء العلاقات المهنية، نضرب لك المثال التالي: إذا كنت تعمل في مجال التأمينات، فضع في حسبانك حقيقة أن عميلك قد يشتري في نهاية المطاف منزلًا، أو يكوّن له عائلةً، أو يشتري عقارًا آخر، لذا فإن العلاقة التي تطورها عندما تؤمِّن على سيارته وهو شابّ، يمكن بل ويجب رعايتها وتطويرها بمرور الوقت لتقديم حلول تلبي احتياجاته مع تغير أسلوب حياته، ويُطلق على امتلاك هذه النظرة طويلة المدى للعلاقات مع العملاء: التركيز على قيمة بقاء العميل، مما يعني أنك لا تفكر فقط في معاملة واحدة مع عميل، بل في المساعدة والرؤية التي يمكنك توفيرها أيضًا طوال الإطار الزمني بأكمله الذي تتعامل فيه معه، لذلك -على الرغم من أنك قد توفر له فقط تأمينًا أساسيًا على السيارة الآن، وذلك على مدار أكثر من خمسة وعشرين عامًا تتعامل معه- فقد تقدم له في النهاية آلاف الدولارات من خدمات التأمين والاستثمار التي تلبي احتياجاته المتغيرة، لكن هذا لن يحدث إذا لم تستمر في علاقتك وتبقى على اتصال، وذلك مع التركيز على الموضوعات والأحداث التي تهمه، وإذا ركزت فقط على البيع الفوري، فستفقد الكثير من الأعمال، ناهيك عن الإحالات المستقبلية.

هناك العديد من العناصر التي يمكن تضمينها في حساب قيمة بقاء العميل، لكن الصيغة البسيطة هي:

اقتباس

قيمة الشراء بالدولار × النسبة المئوية للربح الإجمالي × عدد المشتريات

لذا إذا تسوق عميل لدى بائع تجزئة، وأنفق 75 دولارًا أمريكيًا على عملية شراء واحدة حققت ربحًا إجماليًا بنسبة 30 بالمائة، فستكون قيمة بقاء ذلك العميل 22.50 دولار أمريكي محسوبةً على النحو التالي:

اقتباس

75 دولارًا × 30٪ × 1 = 22.50 دولارًا

وإذا أجرى العميل خمس عمليات شراء مقابل 75 دولارًا لكل منها على مدار الوقت الذي تسوق فيه مع بائع التجزئة، ولنفترض أنه 5 سنوات، وبأرباح إجمالية قدرها 30 في المائة، فستكون قيمة بقاء العميل هي 112.50 دولار محسوبةً على النحو التالي:

اقتباس

75 دولارًا × 30٪ × 5 = 112.50 دولارًا

لذلك يمكنك أن ترى أن مفهوم الاحتفاظ بالعميل لأكثر من عملية شراء يمكن أن يوفر أرباحًا ماليةً، كما يوفر العمل مع نفس العميل على مدار الوقت فرصةً لمعرفة المزيد عن احتياجات العميل، وتقديم الحلول التي تلبي تلك الاحتياجات تلبيةً أفضل.

أدوات إدارة علاقات العملاء CRM

قد يكون من السهل أحيانًا أن تنسى بعض العملاء، وتتوقف عن التواصل معهم بسبب كثرة عملائك ومشاغلك وتوزيع وقتك بوصفك مندوب مبيعات، مما يعني أنك قد تطور فقط علاقات قصيرة المدى، أو قد تدع علاقتك مع أحد العملاء تنهار عن غير قصد، ظنًّا منك أن تعاملكما الأول كفيل بإبقاء العلاقة حيةً، فلا ترى سببًا مُلِحًّا للتواصل، وتحسب كل شيء على ما يرام، لكن من الأفضل تجنب التراخي لأن العالم يتغير باستمرار، وبينما تستمتع بعلاقة مريحة وسهلة، ربما تكون هناك تحديات تجارية جديدة يجب أن تتعلمها من عميلك، أو قد تفتح الباب أمام منافس لأنك لم تقدّم أفكارًا جديدةً وذات صلة إلى عميلك، مما جعله يفكر فيك بوصفك مجرد شخص يعرفه أكثر من كونك مصدرًا للنصيحة والأفكار الجديدة والأعمال.

تستخدم العديد من الشركات أدوات إدارة علاقات العملاء Customer Relationship Management، أو اختصارًا CRM، وهي حلول تقنية تنظم جميع تعاملات العميل مع الشركة في مكان واحد، أي أنها -بمعنى آخر- قاعدة بيانات للعملاء تحتوي على جميع المعلومات المتعلقة بالمعاملة، سواءٌ التاريخ والمشتريات ومندوب المبيعات المسند إليه المهمة والاسم والعنوان ومعلومات الاتصال بالعميل، كما تسجل جميع الاتصالات التي أجراها العميل مع الشركة إلكترونيًا، بما في ذلك المكالمات التي أُجريت مع مركز اتصال الشركة، فضلًا عن المنشورات والمراجعات التي تركها على الموقع الإلكتروني للشركة، وتفاصيل كل مكالمة مبيعات صادرة من مندوب المبيعات.

تعمل أداة إدارة علاقات العملاء CRM بعدة طرق، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: عندما يتصل مقاول إنشاءات برقم مجاني لشركة توريد السباكة بعد رؤية إعلان في مجلة تجارية، ويُرسَل استفسار العميل المحتمل عبر البريد الإلكتروني إلى مندوب المبيعات المناسب، فيراجع مندوب المبيعات نظام إدارة علاقات العملاء CRM لمعرفة ما إذا كانت هناك أي اتصالات سابقة مع العميل، وما إذا كانت هناك أي معلومات حول العميل وأعماله، ثم يرد على المكالمة الهاتفية للعميل المحتمل، ويحدد موعدًا لمقابلته لمعرفة المزيد عن احتياجات عمله، ويكتب مندوب المبيعات ملاحظةً في نظام إدارة علاقات العملاء CRM حول المكالمة الهاتفية وتاريخ الاجتماع، كما ينشئ تذكيرًا بالاجتماع وتذكيرًا آخر لثلاثة أيام بعد الاجتماع، وعندما يلتقي مندوب المبيعات بالعميل المحتمل يعلم أن لديه خمسة مشاريع يديرها، فيدوّن مندوب المبيعات ملاحظةً بذلك في نظام إدارة علاقات العملاء CRM حتى يتاح لموظفي الشركة معرفة تلك المعلومات، وذلك تحسُّبًا لأي تواصل مع العميل المحتمل، من أمثال مندوبي المبيعات الآخرين أو خدمة العملاء.

يمكن أن تكون أدوات إدارة علاقات العملاء CRM مفيدةً للغاية في إدارة علاقات العملاء، خاصةً عندما يكون هناك العديد من الأشخاص في الشركة الذين يتواصلون مع العملاء والعملاء المحتملين، كما تعمل أدوات إدارة علاقات العملاء CRM على تسهيل فهم قيمة بقاء العميل نظرًا لتضمين جميع عمليات الشراء والاستفسارات وجهات الاتصال الأخرى في النظام، فالمعلومات التي تُجمَع في نظام إدارة علاقات العملاء CRM تساعد مندوب المبيعات على فهم سلوك العميل وأنماط الاتصال والاحتياجات قصيرة الأجل وطويلة الأجل فهمًا أفضل، لذا تقدم العديد من الشركات مثلًا برامج الولاء ليس فقط بوصفها وسيلةً لزيادة المبيعات، لكن أيضًا لجمع المعلومات حول تفضيلات العملاء لتقديم المزيد من الرسائل والعروض الموجهة.

المقابلة المباشرة

قد تعتقد أنه من السهل الحفاظ على علاقات العملاء من خلال الرسائل النصية والبريد الإلكتروني وطرق الاتصال الأخرى المبنية على التكنولوجيا، لكن في حين أن التكنولوجيا يمكن أن تعزز علاقةً راسخةً تتيح لك تقديم المعلومات والرؤى في أي لحظة، فإن الحقيقة هي أن أهم علاقات العملاء، خاصةً في البيع بين الشركات، تتطلب التواصل المباشر.

وفي عالم الاتصالات الفورية، وشبكات 5 جي 5G التي تحاكي الواقع، ومع الوباء العالمي الذي أجبر الناس من كافة الأطياف على تجنب الوجود في مكان واحد، يمكن أن تتعلق العلاقات بقشة التواصل الافتراضي، وتفقد أهم مميزاتها وهو العنصر البشري، لكن لقاء العملاء مباشرةً يُعَد جزءًا مهمًا من عملية البيع، إذ يساعدك على التعرف على العملاء في بيئة خارج جدية المكاتب والشركات، وفي مكان أكثر راحةً، مثل مطعم أو مقهى أو حتى في حدث رياضي، لهذا تخصص الكثير من شركات البيع في ميزانيتها قسمًا للترفيه، وذلك حتى يتمكن مندوبو المبيعات من اصطحاب عملائهم لتناول الطعام مثلًا خارج المكتب، ووفقًا لإحدى الدراسات، يستخدم 71% من مندوبي المبيعات المتفوقين الترفيه وسيلةً للاقتراب من عملائهم.

التجارة العلائقية R-commerce

ربما تكون قد سمعت عن التجارة الإلكترونية electronic commerce، أو اختصارًا e-commerce، وهي بيع المنتجات والخدمات على الإنترنت، والتجارة المحمولة mobile commerce، أو اختصارًا m-commerce، وهي بيع المنتجات والخدمات عبر الأجهزة المحمولة مثل الهواتف الذكية، لكن ربما لم تسمع عن التجارة العلائقية Relational commerce، أو اختصارًا r-commerce، وهو مصطلح يشير إلى التسويق عبر العلاقات، والذي ينشئ ويبني علاقات متبادلة المنفعة.

يقول مدرب التسويق الدولي تيري إل بروك إن مندوبي المبيعات لديهم الفرصة لإحداث فرق في علاقاتهم بفضل الأشياء الصغيرة، فإرسال ملاحظة شكر بعد الاجتماع، وإعادة توجيه مقال أو مقطع فيديو حول موضوع ناقشته، وتذكر أسماء أطفال عميلك، وحتى تقديم اقتراح شخصي لمكان عطلة، كلها أمثلة لأشياء صغيرة يمكن أن تميزك عن أي مندوب مبيعات آخر، وقد تعتقد أن هذه الأشياء الصغيرة ليست مهمةً عندما تدخل في عالم الأعمال الكبير، لكن هارفي ماكاي، المؤلف الشهير والمتحدث ومالك الأعمال، يؤكد على أهميتها قائلًا: "الأشياء الصغيرة لا تعني الكثير فقط، إنها تعني كل شيء".

لذا قد يساعدك تطوير إستراتيجيتك في التجارة العلائقية على التميز في المبيعات، إذ يُعَد الاتصال لمتابعة تطور عملية البيع بعد إغلاقها مثلًا، لمسةً شخصيةً إضافيةً تجعل عميلك يشعر بأنه مميز، وتساعد في إقامة علاقة قوية.

بناء الثقة

تتكرر على مسامعنا الكثير من الوعود، مثل: "سأتصل بك غدا" و"سيراك الطبيب في غضون دقيقتين" وعندما يقدم الناس وعودًا لا يفون بها، يؤثر ذلك على ثقة الآخرين بهم، ومن غير المحتمل أن تثق في شخص لا يفي بوعوده.

تُعَد الثقة عنصرًا حاسمًا في كل علاقة، لذا فكّر مرةً أخرى في أفضل صديق لك: هل هو شخص يمكنك الوثوق به؟ وإذا ائتمنته على سر، فهل سيحفظه؟ وإذا احتجته يومًا لأي سبب كان، فهل سيكون بجانبك؟ إذا أجبت بالإيجاب، فتلك من بين الأسباب التي تجعله أفضل أصدقائك، إذ تؤمن بأنه سيفعل ما يَعِد به، أو ربما أكثر مما وعد به حتى.

يمكنك أن ترى سبب أهمية الثقة في البيع، فإذا كان عميلك لا يعتقد أنك ستفعل ما تقول أنك ستفعله، فلن يكون لديك مستقبل في البيع، إذ تُبنَى الثقة على التواصل المفتوح والصادق، وهي أساس بناء الشراكات، لذا يبني مندوبو المبيعات الثقة من خلال الوفاء بوعودهم، وعندما يكونون متاحين في كل الأوقات، ويجتهدون في سبيل مساعدة عملائهم على النجاح، إذ لا يثق بك العملاء إلا عندما يعتقدون أن ما يدفعك هو مصلحتهم، وليس مجرد أرباحك الشخصية.

لذا فالثقة هي ما يعطي العلاقة قيمةً، فهي حجر الزاوية في البيع، وهي التي تخلق قيمةً، حتى وصف أحد العملاء (في بيئة البيع بين الشركات B2B) مندوب مبيعاته بأنه كان مثل موظف في الشركة، كما وصفت أخرى مندوب مبيعاتها من حيث اهتمامه بالمشكلة بقولها: "عندما تكون لدينا مشكلة، يكون لديه مشكلة".

لا تقل أهمية الثقة في بيئة البيع بين شركة وعميل B2C، ومن الأمثلة على ذلك صالون زن لايف ستايل Zen Lifestyle في إدنبرة Edinburgh بإسكتلندا، إذ يصف أصحابه نهج التعامل فيه مع العملاء على أنه بيع ناعم مع التركيز على تثقيف العملاء وتقديم المعلومات، لذا يشجعون العملاء على تجربة عينات من المنتجات بحجم صغير لتحديد ما يعجبهم، ثم يقترحون عليهم أحجامًا أكبر وأكثر اقتصاديةً بعد أن يختاروا ما يناسبهم من العينات، مما يساعد في تطوير علاقة بين العملاء والمعالجين مبنية على الثقة، والتي بدورها ستحقق مبيعات مستقبليةً من التوصيات.

أصحاب النفوذ: دروس في البيع من مندوبي مبيعات ناجحين

علامة ثقة

تخيل ألا تحضر معك منتجات أو مطبوعات في أول تواصل مع أحد العملاء. هذا ما تقترحه سوزان ماركوس بيوم، مديرة المبيعات في شركة تصنيع أدوات طب الأسنان المحمولة، إذ تقول: "أنا لا أذهب بوصفي مندوبة مبيعات، بل أذهب لأرى كيف يمكنني مساعدة العملاء، فعدم إحضار بضاعتي ومنتجاتي معي يوحي لهم بأني أتيت لمعرفة ما يحتاجونه، وهذا له تأثير كبير على نجاح البيع"، لذا فعندما يكون مندوبو المبيعات متلهفين جدًا لبدء الحديث عن الميزات والفوائد قبل الاستماع إلى العميل، فإنهم يجعلون الأمر أكثر صعوبةً في بناء الثقة.

يشتري الناس ممن يثقون بهم، ويضع العملاء ثقتهم في مندوبي المبيعات بأموالهم، وفي حالة البيع من شركة إلى أخرى، يكون محل الثقة هو أعمالهم وسمعتهم في نهاية المطاف، كما يصبح العملاء معتمدين عليك، وتستند قراراتهم الشرائية في الواقع إلى حقيقة أنهم يثقون بك ويصدقون ما تقوله، وبالتالي يمكن أن تكون العلاقة أكثر أهميةً من المنتج.

يقال إنه يمكنك منح العميل خيار شراء منتج من بائع يعرفه، أو شراء نفس المنتج مقابل 10 في المائة أقل من شخص لا يعرفه، وفي كل حالة تقريبًا سوف يشتري من البائع الذي يعرفه.

خفض توقعات الوعود وتجاوزها عند التسليم

يُعَد بناء الثقة وتحديد التوقعات أحد مبادئ البيع، لذا لا يَعِد أفضل مندوبي المبيعات عملاءهم بالكثير، ومع ذلك ينجزون للعميل طلبه وزيادةً عليه، بمعنى أنهم يقولون إنهم سيفعلون شيئًا ما في يوم معين، وبعد ذلك لا يفعلون ذلك فحسب، بل يقدمون أكثر مما وعدوا، وذلك قبل الموعد النهائي للتسليم، وإليك طريقةً للتفكير في قوة هذا الأسلوب: إذا طلبت زوجًا جديدًا من الأحذية عبر الإنترنت، وكان الموعد المتوقع للتسليم هو الثلاثاء، لكنك حصلت عليه يوم الإثنين، فستكون سعيدًا بالتسليم المبكر، لكن إذا تعهد الموقع بالتسليم يوم الثلاثاء، ولم يصلك حذاؤك حتى يوم الأربعاء، فستُصاب بخيبة أمل، وربما لن تثق في ذلك الموقع للتسليم في الوقت المناسب في المستقبل، ويمكنك أن تتخيل كيف تبني هذه الإستراتيجية الثقة مع العملاء، ‘ذ يمكنك الاعتماد على مندوب المبيعات ليس لتنفيذ ما وعد به وحسب، أو عدم خذلانك في التنفيذ، بل أن يسلمك في وقت أبكر مما وعد به في بعض الأحيان، فهذه هي الطريقة التي تُبنى بها الثقة بين مندوب المبيعات والعميل لتنتقل العلاقة إلى المستوى التالي وهو الشراكة.

عندما تكون الأوقات صعبة

لا أحد يحب إيصال الأخبار السيئة، لكنك مضطر أحيانًا إلى ذلك مع عملائك، ويُعَد أفضل علاج للأخبار السيئة هو العلاقة الجيدة، لذا إذا كنت قد عززت علاقتك مع العميل وبنيت الثقة، فسيكون من الأسهل بكثير توصيل الأخبار السيئة، وعندما يحين وقت تقديم أخبار سيئة، مثل تأخير التسليم أو زيادة التكلفة أو توقف خط الإنتاج، فلا تؤجل ذلك، بل استخدم نفس الممارسات التي تستخدمها لبناء علاقاتك، وهي التواصل المفتوح والصادق وفي الوقت المناسب.

بمجرد أن تتعرف على المعلومات التي قد تكون أخبارًا سيئةً لعميلك، اتصل به عبر الهاتف لمناقشة الموقف، ويمكنك أن تقول له مثلًا: "أدرك أننا حددنا يوم الخميس ليكون تاريخ التثبيت للمرحلة الأولى، لكن كان هناك بعض التأخير في التطوير، فهل يمكننا إعادة جدولة يوم الثلاثاء المقبل؟ أنا واثق من أن كل شيء سيكتمل بحلول ذلك الوقت، وأعتذر عن أي إزعاج، فلنتحدث عن أي مشاكل قد يسببها هذا التأخير لك، إذ لدي بعض الأفكار حول كيفية التعامل معها"، ويمكن لصِدق صوتك وحوارك مع العميل أن يساعد في تجنب تحويل الأخبار السيئة إلى مشكلة خطيرة، لذلك إذا حرصت دائمًا على التقليل من الوعود والإفراط في التسليم، فهناك احتمال كبير أن يستجيب عميلك بإيجابية لاعترافك بالمشكلة، ومبادرتك باقتراح الحلول، ومن الأفضل دائمًا تضمين حل واقعي للمشكلة، وإذا لم يكن لديك حل، فأخبر العميل بالضبط متى ستُطلعه على التطورات.

الصفقة ثلاثية الربح أفضل علاقة

إذا كنت تشارك في عمل تطوعي لجمعية تُعنى بالمصابين بالتوحد، فإنك تشارك لأنك تؤمن بضرورة زيادة الوعي بالتوحد لجمع الأموال بقصد البحث عن العلاج، كما سيستفيد المصابون بالتوحد وأُسرهم من مشاركتك، ويُعَد هذا هو أول ربح، كما تستفيد لأنك تكتسب الرضا النفسي والأجر الأخروي عند مساعدة الناس، ويُعَد هذا هو الربح الثاني، كما تساعد في بناء قوة المنظمة، فكلما زاد عدد الأشخاص المشاركين زاد عدد الأشخاص الذين سيسمعون بالمنظمة، وعليه تزيد الأموال المجموعة للوصول إلى علاج، وهذا هو الربح الثالث.

يُعَد المثال أعلاه توضيحًا لمفهوم الربح الثلاثي في العلاقات، ففي هذه العلاقة يكون لدى جميع الأطراف ما يعطونه وما يكسبونه، ويحدث هذا الربح الثلاثي نفسه في علاقات البيع الناجحة، إذ يربح عميلك لأنه يحصل على نصيحتك وخبراتك لمساعدته في العثور على منتج أو خدمة تلبي احتياجاته، وتربح أنت لأنك عززت علاقتك ونجحت في البيع، وتربح شركتك لأن العلاقة والبيع والمبيعات المتكررة تساعدها في تحقيق أهدافها.

على الرغم من أن فكرة الربح للجميع قد تبدو مفهومًا بسيطًا، إلا أنه من الأهمية بمكان أن تضعها في حسبانك في أي منصب تجاري، وخاصةً في البيع، إذ يؤدي فن التعاون هذا في الواقع إلى المزيد من الأعمال مع عملائك الحاليين، وذلك لأنك أصبحت شريكًا في حل مشكلاتهم، كما يجلب لك أعمالًا جديدةً عبر الإحالات، هذا إلى جانب مساهمة الربح الثلاثي في عملية التفاوض، إذ تستند أفضل العلاقات التجارية والمفاوضات إلى نموذج الربح الثلاثي، وليس إلى نموذج رابح وخاسر، والذي يخسر فيه أحد الطرفين حتى يمكن للطرف الآخر الفوز.

مقعد على طاولة القرار

يُمنح مقعد القرار لمندوبي المبيعات الذين يقدمون قيمةً، لا الذين يبيعون منتجات أو خدمات، إذ يطورون العلاقة لمساعدة العملاء في تنفيذ إستراتيجيات أعمالهم، ويريد العملاء القيمة في شكل تفكير إستراتيجي حول القضايا التي تهمهم وأهداف شركاتهم، لذلك يجب أن يكون هدفك بوصفك مندوب مبيعات هو مساعدة عملائك على خلق الطلب وتأمين ميزة تنافسية وتحديد مكانة جديدة، وعندما تقدم هذا النوع من القيمة، فلن يراك عملاؤك على أنك مندوب مبيعات، بل سيرونك على أنك رجل أعمال يبيع، وهذا النوع من التفكير وخلق القيمة هو ما يكسبك مقعدًا على الطاولة. يساعدك هذا المقعد الافتراضي على توسيع نطاق عملك، إذ ستندمج في أعمال عميلك، كما يتيح لك ذلك تقديم منتجاتك أو خدماتك الأساسية وأن تكون جزءًا من تطوير الفرص الجديدة، كما يساعد على ترسيخ العلاقة وتكوين شراكة تقدّم قيمةً لجميع المعنيين.

يريد كل مندوبي المبيعات مقعدًا على الطاولة، إذ يريدون أن يكونوا جزءًا من عملية صنع القرار، وهذا هو أقصى درجات البيع الاستشاري، أي أن تصبح مشمولًا في العملية برمتها، وكأنما يَعُدّك عميلك شريكًا مهمًا في إدارة أعماله، فتساعده في مناقشة الأسئلة الإستراتيجية في شركته، مثل: "كيف سننمي أعمالنا في السنوات الثلاث المقبلة بينما تعمل التكنولوجيا على خفض متوسط سعر البيع لمنتجنا؟" و"كيف يمكننا تمديد علاقتنا مع عملائنا إلى ما بعد فترة العقد؟"، أو "كيف يمكننا التوسع في أسواق جديدة وتقليل مخاطرنا؟"، وهذه ليست أسئلة مبيعات تقليديةً، بل هي قضايا إستراتيجية تصارع الشركات معها.

عندما تكون شريكًا حقيقيًا مع عملائك، فستُمنَح مقعدًا على الطاولة عند مناقشة قضايا تحديد الاتجاه، مما يتيح لك المشاركة الكاملة، وذلك بوصفك مستشارًا موثوقًا به وأصلًا للعميل، ويغير علاقتك بجهة الاتصال والشركة من مندوب مبيعات إلى شريك، وعلى الرغم من أنه قد يبدو هدفًا نبيلًا، إلا أنك إذا كنت ترغب في الحصول على مقعد على الطاولة، فلن تحتاج إلى حل مشاكل عميلك وتوقع احتياجاته فقط، بل ستحتاج أيضًا إلى أن تكون مبدعًا في إنشاء المشكلات، مما يعني أنك ستسعى باستمرار لتحديد المشكلات التي لم يكن عميلك يعرف أنك تعاني منها، مما يعني أنه يجب عليك التفكير قبل عميلك، وليس فقط معه.

التشبيك وبناء العلاقات التي تعمل من أجلك

ربما تستخدم فيسبوك أو واتساب كثيرًا للبقاء على اتصال بأصدقائك، وإذا كنت تريد معرفة الأشخاص الذين أخذوا دورةً تدريبيةً مع أستاذ معين، فيمكنك أن تسأل أصدقاءك على مواقع التواصل الاجتماعي، وإذا لم يحضر أي من أصدقائك الدورة، فربما يكون أحد أصدقائهم قد أخذها ويمكن أن يمنحك بعض الأفكار حول الدورة التدريبية والأستاذ، وسواءٌ كنت تدرك ذلك أم لا، فأنت تمارس التشبيك.

التشبيك هو فن بناء التحالفات أو العلاقات المفيدة للطرفين، ويُعَد محور التشبيك كله هو العلاقات والتبادل، فأثناء البحث -في المثال أعلاه- عن تعليقات على فصل دراسي من شخص تعرفه، قد يفكر شخص آخر في مشاهدة فيلم، ويريد معرفة ما إذا كنت قد شاهدته وما إذا كنت تعتقد أنه جيد، وهذا هو تبادل القيمة، وعلى الرغم من أن التشبيك ليس مقايضةً بمعناها التقليدي، إلا أنه يتضمن عنصر التبادل، لذلك إذا كان شخص يبحث عن شيء ما، فيمكن لشخص آخر تقديم المعلومات. وما يجعل التشبيك نافعًا، هو حقيقة أن الأشخاص في الشبكة يكونون في مرحلة ما بحاجة إلى شيء، كما يكونون في مرحلة أخرى قادرين على مساعدة غيرهم في تلبية حاجته، لذا يمكن القول إن التشبيك يعتمد على الكرم المتبادل.

يُعَد التشبيك جزءًا مهمًا من عالم الأعمال، وجزءًا أكثر حيويةً من المبيعات، فلم يَعُد التشبيك خيارًا يُفعَل عند الاستطاعة، بل أصبح ضرورةً مُلِحةً لتظل قادرًا على المنافسة، إذ يكاد يكون من المستحيل أداء عملك بمفردك، وكما هو الحال في الشبكات الاجتماعية، يتيح لك التشبيك الاحترافي القدرة على الاستفادة من الأشخاص الذين تعرفهم لتوسيع علاقتك بأشخاص لا تعرفهم، ويُعَد بناء علاقات قوية مع العملاء طريقةً ممتازةً لبناء شبكتك، وسيحيلك العملاء الراضون إلى أشخاص آخرين قد يصبحون عملاء محتملين.

من الأفضل طبعًا أن تمارس التشبيك من كلا جانبيه، لا أن تمارسه فقط عندما تحتاج شيئًا ما، إذ من السهل تكوين العلاقات وتوسيعها عندما لا تطلب شيئًا، كما يمنحك هذا الفرصة لمساعدة شخص آخر أولًا، مما يرفع احتمالية أن يبذل قصارى جهده في مساعدتك بالمقابل مستقبلًا.

نصائح التشبيك للتجارة

يمكن التشبيك في وقتنا هذا إما افتراضيًا عبر الإنترنت، أو واقعيًا وجهًا لوجه، لذا لا تَحُدّ نفسك بطريقة واحدة، بل اسعَ في كلتيهما حتى تضمن النجاح في التشبيك، وإليك بعض النصائح لتسهيل ذلك:

البدء بأشخاص تعرفهم

ضع قائمةً بجميع الأشخاص الذين تعرفهم، بدءًا من عملائك الحاليين وعائلتك وأصدقائك وعائلة أصدقائك وغيرهم، وأضف إليها أشخاصًا من أمثال حلاقك الشخصي وميكانيكي السيارات الذي تتعامل معه ونحو ذلك، وتعرف على الجميع في شبكتك الموسعة، إذ يمكن أن يكون كل منهم رائدًا في عملية بيع محتملة أو حتى وظيفة.

الانضمام والمشاركة في المنظمات المهنية

إذا كنت ترغب في مقابلة أشخاص يعملون في نفس العمل أو المهنة مثلك، فتُعَد النقابات ومفتشيات العمل والمنظمات المهنية أفضل الأماكن لبدء ذلك، لذا فالانضمام والمتابعة جيدان، لكن الانخراط الفعلي والمبادرة في إحدى اللجان أفضل، إذ يساعد هذا في إظهار مهاراتك، ويعرفك على أشخاص ناشطين في المنظمة.

حضور أحداث الصناعة

ابذل جهدًا لحضور الأحداث المهنية، واحضر مبكرًا مع الاختلاط بالحاضرين، إذ يرى بيتر هاندل، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة ديل كارنيجي وشركاؤه Dale Carnegie & Associates، أن الابتسامة قد تكون أعظم أدواتك عند التواصل شخصيًا، ويقترح دائمًا طرح أسئلة على الأشخاص الذين تقابلهم، إذ يساعد هذا على استمرار المحادثة، كما يمنحك مزيدًا من الأفكار حول خلفيتهم، وكيف يمكنك العمل معهم في المستقبل، لكن الجانب الآخر لطرح الأسئلة هو الاستماع، لذا امنح أيضًا بطاقة عملك لمن تتحدث إليهم، ولا تنس الحصول على بطاقات عملهم بالمقابل.

البقاء على اتصال

يعتقد الكثير من الناس أن التشبيك يتعلق فقط بجمع بطاقات العمل، لكنه في الواقع أكثر من ذلك بكثير، إذ يتمحور حول إنشاء علاقات متبادلة المنفعة، ومن الأفضل استخدام إحدى الممارسات الأساسية لبناء العلاقات عند التواصل، مثل ممارسة البقاء على اتصال، ويعني هذا إرسال بريد إلكتروني إلى شخص ما كنت قد تواصلت معه لمجرد معرفة كيف يسير مشروعه الكبير، أو حتى لمجرد إلقاء التحية، لذلك تجاوز البريد الإلكتروني بدعوة شخص ما لتناول الغداء، فهذه هي الطريقة المثالية لبناء علاقة وبسط أرضية مشتركة ومعرفة المزيد عن الشخص، ويحسن الكثير من الناس التواصل والتعرف على الآخرين، لكنهم نادرًا ما يبقون على اتصال، وهذا يتعارض مع الغرض الأساسي من التشبيك.

التشبيك الاجتماعي المهني عبر الإنترنت

لا فرق واضح في عالم اليوم بين التشبيك الواقعي والتشبيك الافتراضي، إذ يمكنك بكليهما توسيع معارفك وجهات اتصالك، على ألا تتوقع أن التشبيك الافتراضي عبر الإنترنت سيوسع نفسه بنفسه، بل عليك العمل عليه تمامًا كما تعمل على التشبيك الاجتماعي في الواقع لضمان تطويره. هذا مع البقاء على اتصال للحفاظ عليه، وإليك هذا المثال: عندما كانت شركة رائد الأعمال والمستثمر الملائكي أوستن هيل تحاول الوصول إلى شخص معين في قسم ما لدى شركة كبيرة ما، استعصى عليهم الأمر لكبر الشركة، واستمروا في المحاولة دونما جدوى، لكن بالاستعانة بموقع لينكد إن LinkedIn والتعرف على الأشخاص المناسبين، تمكنوا في غضون يومين من بدء التعامل مع الشركة.

اقتباس

تواصل مع أناس تعرفهم ثم شبك شخصيا استثمر بعض الوقت للاتصال بجميع الأشخاص الذين تعرفهم، ثم ركّز على التشبيك داخل شبكاتهم، وإذا أضفت أشخاصًا فقط من أجل الحصول على الكثير من الاتصالات، فلن تعرف من يمكنه حقًا مساعدتك في شبكتك. وعندما تُجرِي اتصالًا، اجعله شخصيًا، ولا ترسل فقط دعوةً جماعيةً للانضمام إلى شبكتك، فمن الأفضل دائمًا أن تضع في حسبانك أن أساس شبكتك هو العلاقات.

المبادرة

اطلب من معارفك تقديمك للأشخاص الذين تريد التواصل معهم، واطلب من رئيسك وزملائك وعملائك كتابة توصيات لك، فمن الجيد استخدام الميزات المضمنة في مواقع الشبكات الاجتماعية الاحترافية، مثل المجموعات والمناقشات و"الإجابات" على لينكد إن LinkedIn، مما يسمح لك بطرح أسئلة على شبكتك.

التواصل المهذب

عليك أن تكون حذرًا عند تعاملك مع الشبكات الاجتماعية المهنية، لذا كن محترفًا في جميع اتصالاتك، فأنت تشارك في منتدى احترافي، لذا اعلم أن ما تقوله وتفعله ينعكس عليك وعلى شركتك.

دروس مستخلصة

  • البيع الاستشاري: هو العملية التي من خلالها تتعرف على العميل شخصيًا، وتفهم احتياجاته، وتضعها في المقام الأول في العلاقة، إذ تُعَد العلاقات ضرورةً للنجاح في معظم حالات البيع، فعندما تفهم ما يريده العميل ويحتاجه، يمكنك تقديم حلول لمساعدته على تحقيق أهدافه.
  • قيمة بقاء العميل: هو مصطلح يشير إلى مقدار العمل الذي تفعله مع عميل واحد على مدار العلاقة، وعندما تكون لديك نظرة طويلة الأمد لعلاقاتك مع العملاء، فإن لديك فرصةً لتحقيق نجاح أكبر.
  • التجارة العلائقية R-commerce (أو إنشاء علاقات مع العملاء وتطويرها): تعني أن تركز على الأشياء الصغيرة التي يمكنك فعلها للاستفادة من الفرص وتمييز نفسك عن الآخرين، فالثقة هي حجر الزاوية في كل علاقة، وإذا لم تكن لديك ثقة، فليس لديك علاقة، كما تُعَد العلاقة القوية ضروريةً، خاصةً عند تقديم الأخبار السيئة، لذا كن دائمًا صريحًا، وتواصل مع العميل في الوقت المناسب عندما يتعين عليك توصيل أخبار قد لا يريد سماعها، فعندها سوف يحترمك العميل ويثق بك لذلك.
  • الربح الثلاثي: هو موقف تربح فيه جميع الأطراف في علاقة ما: عميلك وأنت وشركتك.
  • التشبيك: فن بناء علاقات متبادلة المنفعة، وتُعَد أداة عمل لا غنى عنها.

تمارين

  • حدد الموقف الذي طور فيه مندوب المبيعات علاقةً معك. هل تثق به أكثر لأنك تعرفه أكثر؟ حدد طريقةً واحدةً على الأقل يضع بها احتياجاته أولًا في العلاقة.
  • اذكر حالةً قدم فيها مندوب المبيعات معلومات لك لاتخاذ قرار شراء. هل تثق به لتقديم هذه المعلومات؟ ولماذا تثق به؟
  • فكر في موقف يَعِد فيه مندوب المبيعات بأقل من المطلوب، ومع ذلك يسلم أكثر من المتوقع. كيف تغيرت نظرتك لمندوب المبيعات والشركة بسبب تجربتك؟

ترجمة -بتصرّف- لكتاب The Power of Selling الفصل الثالث The Power of Building Relationships: Putting Adaptive Selling to Work موضوع The Power of Relationship Selling

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...