اذهب إلى المحتوى

لكل شيء دورة حياة، تبدأ بمرحلة نشوئه ثم نموه ونضجه، وتنتهي بتراجعه وعجزه، فالإنسان مثلًا يولد طفلًا ثم ينمو ليصبح شابًّا في أوج قوته، ثم يتقدم به العمر فيعجز وتتراجع قوته؛ وكذلك الأمر بالنسبة للمنتجات التي تمر بدورة حياة عبر عدة مراحل مختلفة. فما هي دورة حياة المنتج؟ وما هي مراحلها؟ وكيف يمكن إدارة دورة حياة المنتج؟

ما هي دورة حياة المنتج؟

يمكن تعريف دورة حياة المنتج على أنها محصلة المراحل المختلفة التي يمر بها المنتج، بدءًا من مرحلة تطويره واختباره لملائمته مع السوق المستهدف، ومن ثم إطلاقه في السوق ومتابعة تفاعل المستهلكين معه، مرورًا بمرحلة النمو وازدياد الطلب عليه، ومن ثم دخوله في مرحلة النضج والاستقرار. وتنتهي دورة حياة المنتج عند مرحلة تراجعه وسحبه من السوق.

تكمن أهمية دورة حياة المنتج في توجيه المسؤولين وأصحاب الشركات لاتخاذ القرارات المناسبة واعتماد الاستراتيجيات التي تتماشى مع المرحلة التي يمر فيها المنتج، ويشمل ذلك مقدار الميزانيات المخصصة للتسويق والإعلان، وتحديد أسعار المنتجات، مثل رفعها في مرحلة النمو وخفضها في مرحلة التراجع، إضافةً إلى تقديم العروض والخصوم المشجعة، وغيرها من الإستراتيجيات المختلفة التي تساعد على إدارة دورة حياة المنتج.

ماهي مراحل دورة حياة المنتج؟

يمكن تقسيم مراحل دورة حياة المنتج إلى 5 مراحل رئيسية، والتي تمر فيها معظم المنتجات، ولكنها ليست مراحل حتمية، فقد يتخطى منتج ما إحدى هذه المراحل دون المرور فيها، وإليك في ما يلي المراحل الخمسة.

مراحل دورة حياة المنتج

المصدر: Product Life-Cycle Strategies.

المرحلة الأولى من دورة حياة المنتج: مرحلة تطوير المنتج

تبدأ هذه المرحلة قبل إطلاق المنتج، إذ يبدأ فيها تصنيع المنتج وتطويره وإضافة المزايا المطلوبة وطرح حلول لمعالجة المشكلات المحتملة، إضافةً إلى دراسة السوق المستهدف، ومعرفة احتياجات ورغبات زبائنك لتوفيرها في خصائص المنتج.

تُشبه هذه المرحلة من دورة حياة المنتج عملية التنقيب في مناطق مجهولة، إذ لا شيء يضمن نجاح المنتج مستقبلًا، حيث تنفق الشركات المصنعة مبالغًا طائلةً على البحث والتطوير وتقديم المقترحات وإجراء الاختبارات دون أي عوائد لحظية، ومع ذلك، يعتمد نجاح المنتج مستقبلًا على هذه المرحلة بنسبة كبيرة، فكلما كان المنتج مُهَيئًا للسوق المستهدف، زادت نسبة نجاحه بعد إطلاقه.

المرحلة الثانية من دورة حياة المنتج: مرحلة إطلاق المنتج

بعد تطوير المنتج واختباره، أصبح بالإمكان إطلاق المنتج في السوق وإتاحته للمستخدمين، ومن المنطقي أن تكون المبيعات منخفضةً في هذه المرحلة من دورة حياة المنتج، فالناس لم يتعرفوا على المنتج ولم يعتادوا عليه بعد، لذا فإن العائدات ستكون منخفضةً بالمقارنة مع المبالغ المصروفة على التصنيع، والحملات الإعلانية، وتحسين المنتج، ونحو ذلك.

يعتمد نجاح المنتج في هذه المرحلة على مدى قدرتك على تسويقه وزيادة وعي الناس به، فإذا تمكنت من تسويقه بطريقة ناجحة، فستزداد المبيعات والأرباح تدريجيًا، كما سينتقل المنتج إلى المرحلة التالية من مراحل دورة حياة المنتج؛ وعلى النقيض من ذلك، إذا فشلت في تسويق منتجك وزيادة وعي الناس به، فستبقى المبيعات منخفضةً وسيموت المنتج.

علاوةً على ذلك، يجب أن تأخذ في الحسبان أن منتجك سيدخل سوقًا مليئًا بالمنافسين الذين عملوا لسنوات طويلة على تسويق منتجاتهم وزيادة وعي الناس بها، إذ من البديهي أن يميل الناس لشراء منتجات المنافسين عوضًا عن منتجك المجهول بالنسبة لهم، ولهذا يجب أن تعطي الناس حافزًا لبدء تجربة منتجك، وذلك من خلال تقديم مزايا إضافية عن المنافسين، أو تخفيض سعره مؤقتًا، ومن ثم رفع السعر تدريجيًا مع زيادة شهرة المنتج.

المرحلة الثالثة من دورة حياة المنتج: نمو المنتج

في حال نجحت حملاتك التسويقية، وأصبح المنتج معروفًا لدى الناس واعتادوا على استخدامه، فستبدأ المبيعات بالازدياد وسيدخل المنتج مرحلة النمو، وإليك فيما يلي بعض النقاط التي يجب أن تركز عليها في هذه المرحلة من دورة حياة المنتج:

  • الاهتمام بخدمة العملاء: إحدى النقاط المهمة التي يجب أن تركز عليها في هذه المرحلة هي الاهتمام بخدمة العملاء المتزايد عددهم، فقد تضطر إلى زيادة عدد موظفي خدمة العملاء، وتخصيص ميزانية أكبر للخدمة. من المهم أن تتمكن من تلبية احتياجات المستهلكين المتزايدة، فأي تقصير في هذا المجال قد يدمر كل ما فعلته سابقًا، ويعرّضك لخسارة العملاء الجدد، وانتهاء دورة حياة المنتج.
  • الاستمرار في التسويق: احذر من أن تنخدع بتزايد أعداد المستهلكين فتلجأ إلى إيقاف الحملات التسويقية معتقدًا أن منتجك أصبح معروفًا ولا حاجة لتسويقه، فحتى أكبر الشركات العالمية تنفق جزءًا كبيرًا من ميزانياتها في التسويق والإعلان، وذلك بغرض البقاء في السوق وعدم تفوق المنافسين عليها؛ فعلى سبيل المثال، تنفق شركة بيبسي للمشروبات الغازية ما يتراوح بين 2.3 إلى 3.5 مليار دولار أمريكي سنويًا للتسويق لمنتجاتها والترويج لها.
  • زيادة الإنتاج: هناك قاعدة مهمة في الاقتصاد تنص على أنه يجب أن يتساوى الإنتاج مع مقدار الطلب على المنتج، لذا يجب أن تسعى إلى زيادة الإنتاج بما يوازي زيادة احتياجات السوق للمنتج.
  • تحسين المنتج: سيقدم لك المستهلكين بعض التعليقات على المنتج، وستلاحظ بنفسك بعض مكامن الضعف، لذلك اسعَ دائمًا إلى تطوير المنتج وتحسينه، وذلك من خلال معالجة سلبياته وإضافة مزايا جديدة له.

تمثّل هذه المرحلة الفترة الذهبية من مراحل دورة حياة المنتج، فكلما تمكنت من إبقاء منتجك في هذه المرحلة، فأنت تخطو على الطريق الصحيح. وعندما تشعر بأن المبيعات توقفت عن النمو، وأن المنتج بدأ يأخذ منحى الاستقرار، فقد يمثل ذلك جرس إنذار لتراجع المبيعات مستقبلًا وانتهاء دورة حياة المنتج؛ لذلك احرص دائمًا على إبقاء المنتج في مرحلة النمو، وذلك من خلال الاستماع إلى آراء العملاء وتحسين المنتج ومعالجة مشكلاته.

المرحلة الرابعة من دورة حياة المنتج: مرحلة النضج والاستقرار

في هذه المرحلة، يدخل المنتج مرحلة النضج، بحيث يحافظ على مستوى ثابت من المبيعات، دون زيادة أو نقصان، لذا فالمهمة الرئيسية في هذه المرحلة من دورة حياة المنتج هي الحفاظ على قوة المنتج في السوق، وعدم إتاحة الفرصة للمنافسين للتغلب عليه.

يجب أن تركز حملاتك التسويقية في هذه المرحلة على مزايا المنتج وقوته ومدى أهميته للمستهلكين، على عكس مرحلة إطلاق المنتج، إذ ركزت حملاتك التسويقية على زيادة الوعي بالعلامة التجارية وتعريف الناس بها؛ فالناس الآن يعرفون منتجك، لكنهم يريدون معرفة سبب تفوقه على منتجات المنافسين الآخرين.

المرحلة الخامسة من دورة حياة المنتج: تراجع المنتج وانهياره

إذا بدأت المبيعات بالانخفاض، ولم يَعُد منتجك المنتج المفضل لدى المستهلكين، فسيدخل المنتج في مرحلة التراجع، والتي إذا استمرت طويلًا، فإنها ستأخذ المنتج إلى مرحلة الانهيار وإنهاء دورة حياته، وإليك فيما يلي بعض الأسباب التي تفسر سبب تراجع المنتج في السوق:

  • منتج قديم: الحياة تتغير باستمرار في كل الجوانب، فمعظم المنتجات التي كان يستخدمها آباؤنا سابقًا لم نَعُد نستخدمها في يومنا هذا، لذا يجب أن تسعى إلى تطوير منتجك دائمًا وإضافة مزايا جديدة ومواكبة اتجاهات السوق، وذلك لكيلا يصبح منتجك قديمًا وعديم الفائدة للمستخدمين.
  • سوء سمعة العلامة التجارية: يرتبط حجم المبيعات ارتباطًا وثيقًا بسمعة العلامة التجارية، وإن أي تأثير سلبي أو إيجابي في سمعة علامتك التجارية سينعكس على مبيعات منتجاتك. فعلى سبيل المثال، تراجعت مبيعات سلسلة مطاعم ماكدونالدز إلى حد كبير في الولايات المتحدة الأمريكية بعد عرض فيلم وثائقي يُظهر تأثير وجبات ماكدونالدز على الصحة العامة.
  • تفوق المنتجات المنافسة: تتمثل إحدى أشهر الأسباب لتراجع مبيعات المنتج في تفوق منتجات المنافسين، سواءً كان ذلك في المزايا التي يقدمونها، أو في السعر، أو حتى في حملاتهم الإعلانية؛ ويمكنك تجنب خسارة المستهلكين من خلال الحفاظ على جودة عالية للمنتج، ومحاولة كسب ولاء العملاء لإطالة دورة حياة المنتج.
  • تراجع وعي الناس بالعلامة التجارية: إذا أهملت الجانب التسويقي لعلامتك التجارية، فسينسى الناس شيئًا فشيئًا علامتك التجارية، وسيميلون إلى شراء منتجات المنافسين حتى وإن كنت تقدم لهم منتجات عالية الجودة؛ لذلك، ينبغي أن تهتم دائمًا بزيادة وعي الناس بعلامتك التجارية.

ليس من الصائب دائمًا ربط تراجع المبيعات بأسباب تتعلق بمنتجك أو بأخطاء ارتكبتها، فمن الطبيعي أحيانًا أن تنتهي دورة حياة المنتج، ويُعزى ذلك لأسباب مختلفة، منها انخفاض احتياج الناس للمنتج أو ظهور منتج بديل يُغني عن المنتج الآخر. فعلى سبيل المثال، تراجعت مبيعات أجهزة الراديو في ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بسبب انتشار أجهزة التلفاز.

أمثلة على دورة حياة بعض المنتجات

إذا نظرت من حولك، فستجد العديد من المنتجات التي تعيش مراحل مختلفة من دورة حياتها، فبعضها ما يزال في مرحلة الإطلاق، وبعضها في مرحلة النمو أو الاستقرار، كما ستلاحظ بعض المنتجات القديمة التي دخلت مرحلة التراجع والانهيار؛ وإليك فيما يلي بعض الأمثلة على منتجات في مراحل مختلفة من دورة حياة المنتج.

السيارات الكهربائية

بدأ اختبار السيارات الكهربائية وتطويرها منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، وقد بدأ إطلاقها بعد سنوات قليلة؛ لكن كحال أي منتج، لم يُقْدِم الناس على شراء تلك السيارات بقوة، ويعود ذلك إلى سعرها المرتفع وثقل بطارياتها وعدم قدرتها على قطع مسافات طويلة.

استمرت الشركات المصنعة في تطوير الحلول ومعالجة نقاط ضعف المنتج، فدخلت السيارات الكهربائية مرحلة النمو وزيادة المبيعات عام 2005 تقريبًا، وما تزال السيارات الكهربائية في مرحلة النمو حتى يومنا هذا. على الجانب الآخر، قد نشهد بعد أعوام قليلة دخول السيارات الميكانيكية مرحلة التراجع، إذا استطاعات السيارات الكهربائية توفير مزايا أفضل للمستهلكين.

أجهزة التلفاز

بدأ تطوير أجهزة التلفاز واختبارها مع نهاية الحرب العالمية الأولى تقريبا عام 1918، حيث أُطلقت أجهزة التلفاز الأولى في أوائل العشرينيات، وكانت الأجهزة حينها تعتمد على الأقراص الميكانيكية، واستمر تطوير المنتج حتى أُضيفت له الألوان عام 1953، فدخل بذلك مرحلة نمو متصاعدة. وفي السنوات المتتالية، شهد التلفاز تغيرات عديدة، ومن ثم دخل مرحلة النضج والاستقرار نتيجة تشبع السوق.

أجهزة الراديو

تعود بدايات أجهزة الراديو إلى أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت تنتشر ببطء تزامنًا مع مرحلة تحسينها وتطويرها، ودخلت أجهزة الراديو مرحلة النمو في عشرينيات القرن الماضي، إذ كانت تنتشر بسرعة رهيبة في مختلف دول العالم، واستمرت هذه المرحلة حتى ستينيات القرن الماضي، ومن ثم بدأت مرحلة النضج والاستقرار نتيجة انتشار أجهزة التلفاز؛ بعد ذلك تراجعت شيئًا فشيئًا، إلى أن انتهت دورة حياتها مع انتشار الحواسيب والهواتف الذكية وشبكة الإنترنت.

إدارة دورة حياة المنتج

تُعنى إدارة دورة حياة المنتج بتطبيق الاستراتيجيات المختلفة التي تناسب المرحلة التي يعيشها المنتج، إذ يتمثل نجاح المنتج أساسًا في مدى قدرتك على إدارة دورة حياته واتخاذ القرارات المناسبة حسب حالة المنتج في السوق، ويشمل ذلك عددًا من الأمور، نذكر منها:

  • ضبط كمية الإنتاج: من المهم أن تضبط العملية الإنتاجية، بحيث تحافظ على توازن مقبول بين مقدار الطلب ومقدار الإنتاج، وذلك لأن زيادة كميات المنتج في السوق أو نقصه سينعكس سلبًا على إيراداتك.
  • التسعير: تحتاج عملية التسعير إلى قدرٍ عالٍ من الدقة، وهي تختلف مع اختلاف مراحل دورة حياة المنتج، إذ تحتاج إلى خفض السعر في مرحلتي الإطلاق والتراجع للتغلب على المنافسين، في حين يمكنك رفع هامش الربح في مرحلة النمو وتحسن المبيعات.
  • الحملات التسويقية: سترافقك الحملات التسويقية في جميع مراحل دورة حياة المنتج، ففي مرحلة الإطلاق مثلًا، ستكون بحاجة إلى تعريف الناس بقيمة علامتك التجارية، بينما يجب أن تركز حملاتك التسويقية على مزايا المنتج وأهميته للمستهلكين في المراحل المتقدمة من دورة حياة المنتج.
  • سحب المنتج من السوق: إحدى الإستراتيجيات التي تتبعها الشركات أحيانًا هي إنهاء دورة حياة المنتج قبل دخوله مرحلة الانهيار، بحيث تسحب الشركة المنتج مع بداية تراجعه وتستبدله بمنتج آخر، وذلك بغية الحفاظ على قوة العلامة التجارية ومركزها في السوق.

في الختام

تعود أهمية دراسة مراحل دورة حياة المنتج إلى معرفة المرحلة التي يعيشها منتجك، مما يساعدك على اتباع إستراتيجيات تناسب تلك المرحلة، والتي تمكنك من إطالة عمر منتجك والتغلب على المنافسين، وإذا كنت مهتمًا بمجال تطوير المنتجات، فيمكنك متابعة دورة إدارة تطوير المنتجات التي تقدمها أكاديمية حسوب، إذ بإتمامك لهذه الدورة، سيكون بإمكانك إدارة تطوير منتجاتك وفتح آفاق عمل جديدة.

المصادر

  1. Product Life Cycle Explained: Stage and Examples
  2. What is a product life cycle? (Definiton, Stages and Examples)
  3. Exploit the Product Life Cycle
  4. The 6 Stages of the Product Life Cycle
  5. Everything About Different Stages of Product Life Cycle and Relevant Examples
  6. What Is the Product Life Cycle? Stages and Examples
  7. Product Life Cycle: What It Is, the 5 Stages, & Examples
  8. Product Life-Cycle Strategies

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...