في أكتوبر 2015، وجدت دراسة أجرتها شركة CA Technologies -التابعة حاليًا لمجموعة Broadcom والواقع مقرها في مدينة نيويورك الأمريكية- أن استغلال التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة لتحويل واحد أو أكثر من جوانب عمل المنظمات من أجل الوصول إلى حالة من الاستعداد الرقمي، أصبح الآن نشاطًا رئيسيًا لرفع العائد على الاستثمار.
ومع اكتساب مبادرات التحوّل الرقمي لدفعة قويّة، صارت العديد من منظمات الأعمال تعتمد على التقنيات الحديثة، وذلك في سعيها لزيادة الكفاءة والربحية على المدى الطويل، كما أصبحت برامج المعلوماتية بمثابة العمود الفقري تقريبًا لكل منظمة أعمال ناجحة، سواءً تعلق الأمر بمتجر المواد الغذائية البسيط أو بعمالقة التقنية متعددي المليارات مثل شركة جوجل.
ورغم من ذلك، يصعب للشركات تبرير قرار الاستثمار في تطوير البرامج. ومن أجل المساعدة في اتخاذ هذا القرار، يتعمق المقال في هذا الموضوع ليحدد الميزات الممكنة لشراكة تطوير البرامج، وطرق تحسين هذه العملية للوصول إلى نتائج أفضل.
التفصيل في التكاليف والمنافع
توجد عدة عوامل ينبغي أخذها في الحسبان عند تقدير تكاليف تطوير برنامج معين، ويندرج ضمن ذلك وظيفة هذا الأخير وهدفه، إذ يمكن أن تتطلب عملية التطوير أحجامًا مختلفةً من الجهد والاستثمار، وذلك تبعًا للدور الذي يؤديه البرنامج المعني في الشركة. كذلك، قد تقتصر تكلفة تطوير موقع بسيط على الإنترنت لشركة معينة على بضع آلاف الدولارات وشهر واحد للإطلاق، في حين يتطلب تطوير منصة كاملة للتجارة الإلكترونية لبائع تجزئة سنوات من العمل ومئات الآلاف من الدولارات.
يُعد اختيار فريق مهندسي البرنامج ونموذج التعاون أيضًا أحد أهم محددات التكلفة، فمن الممكن أن يكون تعيين موظفي تقنية المعلومات داخل الشركة هدرًا كبيرًا للأموال، إلا إذا كانت هذه الشركة تعتمد كليًّا على البرنامج المعني لوجودها، ولكن حتى في هذه الحالة، أثبت خيار التعاقد مع شريك تطوير برامج موثوق نفسه كبديل لفريق عمل داخلي، فبناءً على بحث مستقل أجرته مؤسسة ContractIQ الأمريكية سنة 2016، والتي استُحوذ عليها لاحقًا، فإن الفنيين المختصين العاملين من بلدان أوروبا الشرقية والناشطين عن بعد يمكن أن يكونوا أكثر فعاليةً مرّتين من مطوري البرامج الأمريكيين من ناحية التكلفة.
يُعد مهندسو أوروبا الشرقية أفضل المواهب التقنية من زاوية السعر مقابل القيمة، لهذا يمكن أن يكونوا أصولًا ممتازةً لأي شركة تسعى للحصول على مساعدة تخص الدورة الكاملة لعملية التطوير، وحسب الأرقام التي وضحتها دراسة ContratIQ، يمكن توفير أكثر من 50000 دولار أمريكي لكل 1000 ساعة عمل تطوير ويب Web Development لوحده، وهو ما يسمح بتخفيض التكلفة الكلية لعملية التطوير بنسبة 60%، وبالتالي ليس من المفاجئ أن 43% من شركات تقنية المعلومات و38% من شركات البحث والتطوير تستخدم شركاء في عملياتها.
زيادةً على تطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة وتطوير الويب وتصميم تجربة وواجهة المستخدم، يمكن أن يشمل نطاق مشروع الشراكة النمطي النشاطات التالية:
- إعداد البنية التحتية للبرامج.
- تحليل الأعمال.
- إدارة المشاريع.
- ضمان واختبار الجودة.
- أنشطة الدعم والصيانة.
يمكن أن تتطلب بعض المشاريع أيضًا أمورًا مثل بحوث التسويق والبحوث التنافسية واسعة النطاق، وتحليل البيانات وتطوير خوارزميات التعلّم الآلي، وتصميم هندسة قواعد البيانات والبرامج؛ بالإضافة إلى خدمات أخرى متنوعة. ويكون استخدام خبراء متخصصين للتعامل مع هذه المهام داخل الشركة قرارًا حكيمًا فقط إذا كان حجم العمل المطلوب كافيًا ليشغل كل خبير على المدى الطويل، وفي نفس الوقت لا يمكن العثور على مورِّد يقدّم نفس جودة الخدمة بتكلفة أقل للساعة.
لا تقتصر ميزة فرق العمل الموزعة على إضافة القيمة للشركة من خلال تحسين العلاقة بين التكلفة والكفاءة، بل تمثل هذه الفرق أيضًا خطوةً عملاقةً في طريق الشركة لإكمال عملية التحول الرقمي، والتي تحمل معها دخلًا جديدًا وفرصًا أخرى لتوليد القيمة.
في هذا الإطار، أظهرت دراسة CA Technologies أن التحوّل الرقمي هو جزء من استراتيجية الأعمال لـ 55% من المنظمات التي شملتها الدراسة، ويمكن تفسير هذا التبني الواسع، بالزيادة الكبيرة في الاحتفاظ بالعملاء، والتي قدرت بـ 45%، إلى جانب النمو الإجمالي للإيرادات الذي قدّر بـ 44%؛ واللذان لاحظتهما هذه الشركات نتيجةً لمبادراتها الرقمية. علاوةً على ذلك، سجلت هذه المنظمات عددًا هامًا من المزايا الإضافية.
يتبيّن لنا من خلال الرسم البياني أن ميزات رقمنة الشركات من خلال تطوير البرامج تتجاوز مخاطرها وتبرر تكاليفها، ويمكن تصنيف ميزات تطوير المنتجات إلى كمية وكيفية على النحو الموضح في الجدول التالي:
الميزات الكيفية | الميزات الكمية |
---|---|
اتخاذ قرارات أحسن بفضل البيانات القيّمة التي يوفرها البرنامج، إذ يتيح استخدام البيانات المتراكمة لعدة سنوات والبيانات الضخمة والتحليل التنبئي بكشف التوجهات الخفية والفرص المتاحة ضمن نموذج الأعمال المعمول به. | تخفيض تكاليف عمليات الشركة، فإدارة شركة على الإنترنت لا تتطلب استئجار مكتب أو توفير مخزن مادي، ولا يتطلب حتى شراء خادم Server في ظل الحلول السحابية التي تسمح بتوفير ما يصل إلى 74% أخرى من تكاليف البنية التحتية. |
تخفيض تكلفة العمالة نتيجةً للأتمتة، ففي دراسة أجرتها مؤسسة Mckinsey تبيّن أن رقمنة خدمة العملاء يمكن أن يخفض الضغط على مركز الاتصال بنسب تتراوح بين 25-30%، مما يسمح بتخفيض التكلفة الكلية لخدمة العملاء بما يقارب النصف. | زيادة القدرة التنافسية للشركة، فمن خلال الاستثمار في تقنيات التنقل والذكاء الاصطناعي يمكن لبنك صغير أن يتغلب على كبرى الشركات ذات الوزن الثقيل في الصناعة حتى في مجال تخصصها ويجني حصة سنوية من عائدات التقنية المالية تقدر بمئات مليارات الدولارات. |
التأثير الإيجابي للابتكار على صورة العلامة التجارية، ففي ظل التحول الشامل نحو نموذج عمل يشبه مثال شركة Uber، من المهم ألا تفقد الشركات هويتها وتأثيرها لصالح مؤسسة ناشئة أخرى عالية الابتكار، ومن خلال قيادة الابتكار في مجال نشاط الشركة متقدمةً على منافسيها، تصبح قوة لا مثيل لها في السوق. | زيادة العوائد نتيجةً لارتفاع المبيعات، فاستخدام الشركة للحلول المحمولة mobile solutions هو فرصة ممتازة لزيادة عائداتها، وتمثل التجارة باستخدام الأجهزة المحمولة ثلث المبيعات الإجمالية على الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية ما يعادل 123.13مليار دولار. |
تحسين وصول الشركة والتفاعل معها، إذ تساعد القدرة على متابعة وتحليل سلوك العميل على التواصل مع الجمهور من خلال توصيات محركات البحث والإشعارات المخصصة وعناصر التلعيب وغيرها من أدوات التفاعل المماثلة. | تدفق إيرادات جديدة، فإذا بَنت الشركة نظام إدارة مخصص لنشاطها، فسيكون بإمكانها الاستثمار فيه أكثر وتحويله إلى منتج صفحات هبوط SaaS، وبالتالي الانفتاح على احتماليات أعمال جديدة ومصادر إيرادات إضافية. |
مثلما يوضح الجدول، ليست كل المكتسبات التي تتحصل عليها الشركات من خلال تطبيق حلول البرامج قابلة للقياس النقدي، ففي حين تظهر الميزات الكمية إما في شكل تخفيض للتكاليف أو زيادة في الدخل، وهو ما يمكن ملاحظته فورًا؛ فإن الميزات الكيفية تكون عادةً أقل قابليةً للملاحظة، ولكنها تحتل نفس درجة الأهمية على المدى البعيد.
على سبيل المثال، تُعَد منافع إنشاء موقع للتجارة الإلكترونية لشركة تختص في البيع بالتجزئة ظاهرةً للعيان، إذ تشكل قناة بيع جديدة تذر تقريبًا عوائدًا فوريةً، لكن منصة البيع الإلكتروني تزيد أيضًا من المنافسة السوقية ودرجة الوصول إلى العميل، لتثبت نفسها كأصل قيّم للشركة على المدى البعيد. وعلى ذات الشاكلة، إذا استخدمت شركة بيع بالتجزئة برنامجًا لإدارة المخزونات، فإن ذلك لن يؤثر مباشرةً على المبيعات، بل إن قيمة هذا الحل ستظهر في تحسين عمليات الشركة والاستخدام الكفء للموارد.
تحسين فرص نجاح تطوير البرنامج
في ظل كون العائد على الاستثمار في جهود تطوير البرامج واضح جدًا، فمن المغري للكثير من الشركات ركوب الموجة وجني ميزات هذه العملية قبل الشركات المنافسة؛ إلا أنه ورغم ميزاتها المحتملة، فإن عملية تطوير البرامج تُعد مشروعًا محفوفًا بالمخاطر، إذ ينتهي الأمر بـ 55% من مشاريع تقنية المعلومات عبر العالم بالفشل الجزئي أو الكلي. لذلك، ولتحقيق أقصى منفعة ممكنة من مشروع تطوير البرامج، ينبغي أن نأخذ في الحسبان الثماني ممارسات الأفضل التالية لتوظيفها عند العمل مع شريك استشاري تقني
1. تحديد الأهداف
بناء منتج برمجي فقط لأن أشهر مدونات المعلوماتية توصي به أو لأن الجميع في ذات قطاع النشاط أو الصناعة يفعلون ذلك لا يُعد أفضل استراتيجية، فقبل البدء في العمل، يجب التفكير في أهداف المشروع بعيدة المدى والمشكلات التي يمكن أن يساعد البرنامج على حلها. ولاختيار نوع البرنامج الذي يمكن أن يولّد أقصى منفعة ممكنة ينبغي استهداف مشكلات وعوائق محددة تريد الشركة معالجتها، لكن لا يجب أن تكون هذه النظرة عامةً أكثر من اللزوم، فزيادة الأرباح مثلًا هدف ممتاز لكنه جد مبهم. وعلى ذات النحو، كيف يمكن للشركة فهم مدى النمو الذي يُعد كافيًا؟
هنا، من الأفضل التريث في البداية ووضع خطوات محددة صغيرة، مثل أن ترغب الشركة في جذب حجم محدد من العملاء خلال فترة معينة من الزمن، وزيادة معدل الشراء بنسبة 10%.
2. الاهتمام بدورة التطوير كاملة
عند بناء منتج برمجي ينبغي أن تأخذ الشركة في الحسبان أنها ستحتاج إلى مهارات أخرى غير مهارات الهندسة، فنجاح البرنامج لا يتوقف فقط على سطور تعليمات البرمجة، لأن تجربة العميل البسيطة والأنيقة تعادلها أهميةً لتبني البرنامج من قِبل الجمهور المستهدف. ومن أجل تحقيق أفضل النتائج، ينبغي استخدام فريق تطوير لكامل دورة العمل، بحيث يتقاسم المسؤولية مع الشركة ويرشدها خلال كل مراحل العملية، انطلاقًا من تحليل المشروع، إلى تصميم تجربة وواجهة المستخدم UX/UI، إلى الهندسة وضمان الجودة؛ كما أن الدعم اللاحق والتحسين المستمر للمنتج هي أمور ذات أهمية بالغة.
3. النظر أبعد من التكلفة
يمكن أن يكون تطوير البرامج مكلفًا، ومن المغري اختيار البديل الأرخص، لكن ينبغي الأخذ في الحسبان أننا عندما ندفع مالًا أقل، فنحن ندفع ثمنًا باهظًا، إذ أن الخبرة في المجال المطلوب والمهارات المتخصصة والتقنية الحديثة أثبتت أنها أكثر قيمةً من بضع آلاف الدولارات التي يمكن توفيرها كبديل، كما أن فريق تطوير برامج مُخلص سيمثل إضافةً ممتازةً للمنافع المذكورة، لتصبح البرامج المختارة يدويًا ومهندسو ضمان الجودة جزءًا جوهريًا من الشركة، بحيث يركز على المنتج فقط، وهو ما يسمح بجودة أفضل ووصول أسرع للسوق.
4. تحديد النطاق والمخرجات
على الرغم من أن تحديد نطاق المشروع مقدمًا يكاد يكون مستحيلًا، إلا أن إنشاء هيكل بسيط لتقسيم العمل يمكن أن يساهم في تحديد المتطلبات والمهام الرئيسية. تساعد مثل هذه المقاربة على التفاهم بين الشركة وفريق العمل، لذا ينبغي التأكد من أن الشركة تستوعب ما ستحصل عليه في نهاية كل مرحلة من مراحل المشروع بدايةً من الاستشارة إلى غاية مرحلة إطلاق المنتج.
5. التواصل
أثبتت التجربة أن التواصل يحتل أهميةً بالغةً عند العمل مع فريق هندسة موزع، ويتضمن التواصل القدرة على التحديد الواضح للأهداف والمتطلبات، والاتفاق على المنتجات القابلة للتسليم مسبقًا، وتكرار العمل بكفاءة طوال فترة العملية.
تُعد دعوة الفريق إلى زيارة مقر الشركة لإطلاق المشروع خيارًا حكيمًا أيضًا، ويزداد التواصل أهميةً خلال مراحل التحليل والتخصيص لعملية التطوير، إذ يسمح بحل كل المشكلات في أبكر وقت ممكن.
6. البدء بخطوات صغيرة
يمكن أن يكون الانخراط مباشرةً في مشروع برمجي كبير مع متعاقد جديد قرارًا محفوفًا بالمخاطر، فإذا حدث أمر من شأنه أن يدفع بالشركة لتغيير فريق المهندسين، فإنه يمكن أن تزيد عملية إعادة تعيين مهندسين جدد للبرنامج نصف المكتمل من تكلفة المشروع وتتسبب في تأخير هام، لهذا فإن بدأ شراكة جديدة للتطوير بمشروع تجريبي فكرة جيدة، وذلك لأنها تسمح للشركة بتخفيض المخاطر واختبار الشريك الجديد بتكلفة معقولة.
7. التكرار والتحسين
حتى في حالة المشاريع الكبرى التي يُقدّر أن تستغرق أكثر من سنة واحدة، لا داعي لمحاولة فعل كل شيء مرةً واحدةً. بدل ذلك، من الحكمة تقسيم نطاق المشروع إلى مهام أصغر وأسهل للإدارة وفقًا لأفضل ممارسات منهجية أجايل للتطوير.
يتيح ذلك للشركات القدرة على الحفاظ على المرونة، ويسمح لها بالتكيّف مع ظروف السوق المتغيرة، أضف إلى ذلك أن المنتج في ظل التقدم التقني لن يبلغ مرحلة الانتهاء إطلاقًا، فهناك دائمًا مساحة للتحسين.
8. اختيار الحزمة التقنية الصحيحة
تتوقف الحزمة التقنية أساسًا على نوع البرنامج الذي تريد الشركة بناءه والهدف منه، فصحيح أن الاختيار بين تطوير تطبيقات أصلية للأجهزة المحمولة وتطوير تطبيقات متعددة للمنصات لذات الأجهزة يُعد أحد أكثر الخيارات المثيرة للنزاعات، إلا أن تطوير الويب Web Development يوفر مجموعةً متنوعةً من الخيارات أيضًا، ولذلك ينبغي على الشركة دراسة كل الميزات والسلبيات والموازنة بينها، أو على الأقل طلب استشارة تقنية، مثل خدمة مستقلة من أجل اتخاذ قرارات حكيمة.
من خلال اتباع الممارسات المذكورة في هذا المقال، تبني شركات الاستشارة التقنية علاقات قوية مع عملاء متعددين، وتتمكن من إنتاج برامج ناجحة لصالح شركات موزعة عبر مختلف أنحاء العالم، وتتيح هذه الشراكات الجمع بين التحليل العميق للأعمال والتخطيط باستخدام الخبرة التقنية والمتخصصة في مجالات الصناعة المختلفة.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال 8 Best Practices Profitable Businesses Employ when Working with a Technology Consulting Partner.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.