اذهب إلى المحتوى

الصورة والارتباطات الذهنية بالعلامة التجارية


Mohamed Lahlah

هل تساءلت يومًا لماذا تتبادر بعض العلامات التجارية إلى الذهن عند التفكير في كلمات أو أماكن أو أشخاص أو أوقات معينة؟ يبدو هذا الأمر طبيعيًا، أليس كذلك؟ ولكن في الحقيقة أمضت العلامات التجارية والشركات أعوامًا مديدة وأنفقت أموالًا عديدة في تأسيس هذه الارتباطات الذهنية من خلال تفاعل هذه العلامات التجارية مع المستهلكين في لحظاتهم اليومية والأوقات المهمة في حياتهم مع هذه العلامات التجارية.

في الواقع لم يكن الاهتمام بالعلامة التجارية في القرن الماضي مثل ما نراه اليوم، إذ كان ينظر للتسويق بحد ذاته على أنه هدرٌ للأموال وينظر للبيع على أنه الأداة الأقوى لنمو الشركة وجلب الأرباح ولكن مع اهتمام الباحثين بدراسة العلامات التجارية وكيفية بنائها تطورت رؤيتنا للعلامة التجارية ومكوناتها على مر السنوات الماضية تطورًا ملحوظًا وأصبح من المعروف على نطاق واسع بأن العلامة التجارية واحدة من أهم أصول الشركة، مما يجعل الإدارة الفعالة للعلامة التجارية عاملًا رئيسيًا في نجاح الشركة، وكل خطوة تؤدي إلى تطوير وتعزيز قوة العلامة التجارية على المدى الطويل يجب تطبيقها لأنها ستُعزز من وجود الشركة وتحافظُ على مركزها التنافسي في السوق، سواء السوق المحلي أو الوطني أو الإقليمي أو الدولي.

سنكمل في هذا المقال ما بدأنا به في التعرف على مكونات العلامة التجارية وسنطلّع على صورة العلامة التجارية والارتباطات الذهنية للعلامة التجارية.

صورة العلامة التجارية Brand Image

صورة العلامة التجارية هي وجهة النظر الحالية للعملاء حول العلامة التجارية. يمكن تعريفها على أنها "مجموعة فريدة من الارتباطات في أذهان العملاء المستهدفين". أي إنها مجموعة من المعتقدات المتعلقة بعلامة تجارية معينة، كما أنها الطريقة التي يُنظر للعلامة التجارية معينة في السوق، وغالبًا ما تمثل صورة العلامة التجارية قيمة عاطفية وليست مجرد صورة ذهنية.

صورة العلامة التجارية Brand Image

الفكرة الكامنة وراء صورة العلامة التجارية هي أن المستهلك لا يشتري المنتج أو الخدمة فحسب، بل يشتري أيضًا الصورة المرتبطة بها؛ لذلك يجب أن تكون صور العلامة التجارية إيجابية وفريدة ومميزة. يمكن تعزيز صور العلامة التجارية باستخدام اتصالات العلامات التجارية مثل الإعلان والتعبئة والتغليف والتسويق الشفهي والأدوات الترويجية الأخرى وما إلى ذلك، كما يجب أن تسليط الضوء على رؤية ومهمة الشركة أو العلامة التجارية.

الارتباطات الذهنية بالعلامة التجارية Brand Association

في الحقيقة تتألف صورة العلامة التجارية في جوهرها من الارتباطات الذهنية الخاصة بالعلامة التجارية لأنه عندما يرى المستهلك صورة أو فيديو عن العلامة التجارية فإنه يبني ارتباطات مختلفة مع العلامة التجارية، وبناءً على هذه الارتباطات فإنه يشكل صورة العلامة التجارية. ويمكننا تعريف الارتباطات الذهنية بالعلامة التجارية Brand Association بأنها أي شيء مرتبط في الذاكرة بالعلامة التجارية في الحقيقة لا يمكننا استنتاج القوة الحقيقة لهذه المكونات الخاصة بالعلامة التجارية من خلال التعريف فقط، ولفهم الأمر بطريقة صحيحة لا بد الغوص عميقًا في النظريات المختلفة لمعرفة درجة ارتباط كل عنصر من عناصر العلامة التجارية في أذهان المستهلكين.

علم النفس وراء الارتباطات الذهنية بالعلامات التجارية

لا بدّ لنا في التعمق في علم النفس Psychology لمعرفة كيف تبنى الارتباطات الذهنية بالعلامات التجارية. في الحقيقة إن معظم النظريات الحديثة بنيت على نظرية هببيان Hebbian Theory، التي طورها الأب الروحي لعلم النفس العصبي Neuropsychology دونالد هب Donald Hebb، والتي نُشرت عام 1949. يحاول هب في نظريته شرح كيفية يحدث التعلم داخل الدماغ. يستعرض هب في جزء من نظريته كيفية تطور المسارات العصبية بناءً على الخبرات وأنه عندما تُنشأ اتصالات معينة بصورة متكررة، فإنها تصبح أسرع وأقوى من مثيلاتها. كما افترض هب أنه من المرجح أن تسبب فكرة ما في استدعاء فكرة أخرى إذا استدعيت في نفس الوقت في مناسبات متعددة في الماضي.

غيرت نظرية هب طريقة رؤيتنا للدماغ وكيفية التعلم الخاصة به ومع صعود الحواسيب والأنظمة البرمجية توالت الأبحاث والاهتمامات في نقل طريقة هيكلة المعرفة في الدماغ إلى الحاسوب ومن بين الباحثين الذين عكفوا على نقل ذلك الباحث جون آر أندرسون John R. Anderson والذي نشر في عام 1983 كتابه في مجال "هيكلية المعرفة The Architecture of Cognition"، والتي ناقش فيه لأول مرة مفهوم "الارتباطات الذهنية Mental Associations" اعتمد جون في بحثه على مفهوم البنية المعرفية Cognitive Architecture أو هيكلية المعرفة وهي نظرية حول الهياكل الموجودة داخل العقل البشري وكيف تعمل معًا لإدارة السلوك الذكي في أي بيئة معقدة. الهدف من هذه النظرية هو استخدام البحث في علم النفس المعرفي لإنشاء نموذج حاسوبي كامل للإدراك البشري.

حاول جون بناء نموذج شامل ومعقد لعمل الذاكرة تحت مسمى نموذج شبكة الارتباطية الذهنية Associative Network Model والتي هي مجموعة من العقد المعرفية المخزنة في الذاكرة طويلة الأجل والمرتبطة بمفاهيم معينة. في الحقيقة كان هذا البحث الذي طرحه جون بوابة الباحثين للدخول إلى مفاهيم عميقة حول الارتباطات الذهنية وكيفية تشكيلها في الدماغ.

كعادتهم علماء التسويق والباحثين فما إن يروا أي طريقة جديدة لاختراق دماغ المستهلك إلا واشبعوها بحثًا لمعرفة كيفية التأثير على المستهلك المسكين. ومن بين هؤلاء الباحثين كان هنالك باحثان شديدا الاهتمام في هذا الأمر وهما كيفن لين كيلير Kevin Lane Keller وديفيد آكر David A. Aaker، وسرعان ما استطاعوا تحديد مفهوم "الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية Brand Associations"، فعرفها كيفن بالتعريف التالي:

اقتباس

"العقد المعلوماتية المرتبطة بعقدة العلامة التجارية في الذاكرة، والتي تحتوي على معنى العلامة التجارية أو ما تعنيه العلامة التجارية بالنسبة للمستهلك"

أما ديفيد فرأى بأن الارتباطات الذهنية هي:

اقتباس

أي شيء مرتبط في الذاكرة بالعلامة التجارية

هنالك الكثير من التعاريف التي تحاول لم شمل هذا المفهوم المتوسع باستمرار، وعمومًا يمكن للارتباطات الذهنية أن تعكس مجموعة من الأفكار والمشاعر والإدراكات والصور والتجارب والمعتقدات والاتجاهات نحو العلامة التجارية، كما تتأثر عملية بناء الارتباطات الذهنية بالتجارب الاستهلاكية للفرد بالدرجة الأولى، إذ إن تكرار التجارب الإستهلاكية على نحو مستمر يساهم في تقوية الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية.

إن هذه الطروحات العلمية المتتالية لم تغير طريقة تفكيرنا حول كيفية عمل الدماغ فحسب وإنما غيرت تفكيرنا حول كيفية بناء العادات واكتسابها وأهمية التكرار، وبالتأكيد غيرت أيضًا مفهوم مدراء العلامات التجارية حول أهمية الاستثمار في بناء الارتباطات الذهنية والدخول إلى عقول العملاء من خلال بناء ارتباطات تتعلق بالجودة أو الأناقة أو التميز أو الفخامة …إلخ، لتتشكل من هذه الارتباطات في نهاية المطاف إلى صورة للعلامة التجارية.

نظرة معمقة على الارتباطات الذهنية

يختلط في بعض الأحيان على البعض بين مصطلحي الارتباطات الذهنية وصورة العلامة التجارية ويعتقدون بأن لهما نفس المعنى في الحقيقة أنهما مفهومان مكملان لبعضهما بعضًا والتمايز الرئيسي في أن الارتباط الذهني هو الدرجة التعرف على المنتج في إطار صنف المنتجات التي ينتمي لها، بينما تتضمن صورة العلامة التجارية إدراكات العلامة التجارية بصورة عامة، بعبارة أخرى أن الارتباطات الذهنية هي مجموعة من النقاط التي تشكل صورة العلامة التجارية. لنستكشف معًا ما يمكن أن تشير إليه الارتباطات الذهنية بالضبط.

يحاول الباحث كيفن لين كيلر Kevin Lane Keller في بحثه بعنوان "قياس قيمة العلامة التجارية Measuring Brand Equity" المنشور عام 2017 أن يحلل عناصر العلامة التجارية ويقدر أهمية كل مكون لتحديد طريقة منهجية لقياس قيمة العلامة التجارية، ولكن ما يهمنا في هذه الدراسة هي رؤيته لصورة العلامة التجارية والارتباطات الذهنية الخاصة بها وكيف يمكن فهم صورة العلامة التجارية في أعين العملاء. في الحقيقة يرى كيفين بأن الصورة الذهنية تتألف من:

  1. أنواع الارتباطات الذهنية، وتتألف من:
  • الارتباطات الذهنية بخصائص المنتج، وهي بدورها تتألف من:
    • الارتباطات الوظيفية
    • الارتباطات غير الوظيفية
  • الارتباطات الذهنية بالموقف تجاه المنتج
  • الارتباطات الذهنية بفوائد المنتج، وتتألف من:
    • الفوائد الوظيفية
    • الفوائد التجريبية
    • الفوائد الرمزية
  1. تفضيل الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية
  2. قوة الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية
  3. تميّز الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية

الارتباطات الذهنية مع العلامات التجارية

سنشرح كل واحدة منها بالتفصيل لنشكل صورة واضحة عن كيفية أخذ المستهلك صورة عن العلامة التجارية.

1. أنواع الارتباطات الذهنية

تتعدد أنواع الارتباطات الذهنية وكل نوع يتميز بطريقة اتصال معينة مع المستهلك وأسلوب محدد لتوصيل رسائل العلامة التجارية وسنتعرف عليها بالتفصيل.

1.1. الارتباطات الذهنية بخصائص المنتج

تعرف بأنها المكونات الأساسية التي تمكن المنتج أو الخدمة من تنفيذ الوظيفة التي يبحث عنها المستهلكون وبالتالي فهي ترتبط بالتركيبة الفيزيائية أو المادية للمنتج ومتطلبات الخدمة، وتختلف هذه الخصائص باختلاف صنف المنتج أو الخدمة وهي تعبر عن خصائص أو مزايا أو سمات المنتج التي يمكن التعرف عليها من تقييم المستهلك للمنتجات.

فمثلًا لنفترض بأن لدينا شركة تصنع شاشات ذكية فمن البديهي بالنسبة لهذه الشركة بأن تكون ميزتي الجودة وحجم الشاشة من أهم المميزات الفارقة لدى المستهلكين، ولكن هل هاتين الميزتين هما الوحيدتين اللتان يجب الاهتمام بهما؟

في الحقيقة تطوّر الشركات العديد من الميزات والخصائص وتتجمع تحت مسمى "الفضاء متعدد الأبعاد The Multiattribute Space، فعندما نأخذ مثال الشركة التي تبيع الشاشات ونفترض بأن لدينا خاصيتين فقط عندها يمكننا وضع هذه الخصائص في فضاء ثنائي البعد Two Dimensional Attributes، تتمثل في بعدي حجم الشاشة وجودة الصورة، ووفقًا لهذا الفضاء يوجد نوعين من خصائص المنتج تتمثل في كل من الخصائص الأفقية والخصائص العمودية، إذ تمثل الخصائص العمودية الخصائص التي يتفق عليها أغلب المستهلكين بشأن مزايا وعيوب المنتج.

أما الخصائص الأفقية فهي التي لا يتفق عليها المستهلكين وتختلف باختلاف المستهلكين، فعلى سبيل المثال فإن الأداء والجودة هما خاصيتين عموديتين للشاشة لأن معظم المستهلكين يؤمنون بضرورة ارتفاع جودة هاتين الخاصيتين، بينما يختلف المستهلكون في تقييم خاصية التصميم والألوان الطلاء ولذلك يمكننا اعتبارهما خاصيتين أفقيتين. 

أ. الارتباطات الوظيفية: إن أفضل استراتيجية لبناء مكانة للعلامة التجارية هي ربط شيء ما ذهنيًا بإحدى خصائص أو سمات المنتج لأن تطوير مثل هذه الارتباطات له فعالية كبيرة نظرًا لإمكانية ترجمة هذه الارتباطات الذهنية لأسباب لشراء أو حتى لعدم الشراء في بعض الأحيان، على سبيل المثال أصبحت العلامة التجارية كرست Crest رائدة في مجال معاجين الأسنان من خلال ارتباطها ارتباطًا قويًا بقدرتها على محاربة التسوس، بينما نجد شركة سنسوداين تربط علامتها بالحفاظ على اللثة. في الحقيقة تعتمد كل علامة تجارية على ربط نفسها بخاصية مختلفة عن العلامات التجارية الأخرى، فمثلًا ترتبط العلامة التجارية فولفو Volvo نفسها في أذهان المستهلكين بالمتانة بينما بي إم دبليو BMW بالأداء ونظام التعليق، أما جاكور Jaguar فربطت علامتها بالأداء والتصميم الأنيق والراقي، ويمكن للعلامات التجارية ربط نفسها بأكثر من ميزة ولكن يجب الانتباه لأنه يجب أن تكون الميزات متناسقة فيما بينها.

ب. الارتباطات غير الوظيفية: من ناحية أخرى، هنالك خصائص غير مرتبطة بالمنتج وهي الجوانب الخارجية للمنتج أو الخدمة ويمكن اعتبارها ارتباطات ثانوية لأنها لا ترتبط مباشرة بوظائف المنتجات الرئيسية في ذهن المستهلك ومن الأمثلة عليها ارتباطات السعر أو بلد المنشأ أو قنوات التوزيع أو نوعية المشاهير أو الأحداث التجارية.

1.2. الارتباطات الذهنية بفوائد المنتج

تمثل منافع العلامة التجارية القيمة الشخصية والمعاني التي يربطها المستهلك بالعلامة التجارية، وتكمن وراء هذه المنافع مجموعة من المعتقدات الوظيفيّة والعاطفية والرمزية ومن المهم فهم الاختلافات بين هذه المنافع لمعرفة كيفية تحسينها وزيادة تأثيرها في أذهان المستهلكين ولذلك سنشرح كل منفعة على حدة.

أ. المنفعة الوظيفيةهي المنفعة المدركة والمكتسبة نتيجة قدرة المنتج على أداء أهداف وظيفية، أو نفعية أو مادية، فالمنافع الوظيفية تمثل إشباع الحاجات الجوهرية من خلال خصائص المنتج أو الخدمة وتلبي هذه المنافع عمومًا الحاجات الأساسية مثل الحاجات الفيزيولوجية.

هناك مثلًا بعض المنافع الوظيفية المرتبطة ذهنيًا لدى المستهلكين بعلامات تجارية معينة مثل مشروب كوكاكولا بمنح الشعور بالانتعاش، ولكن ما يعاب على هذه المنافع الوظيفية أنها سهلة التقليد من طرف المنافسين الأمر الذي يجعل العلامة التجارية غير متميزة في أذهان مستهلكيها مما يفقدها خاصية التفرد عكس المنافع غير الوظيفية التي تساهم في خلق علامات تجارية قوية، وذلك بسبب صعوبة تقليدها من قبل المنافسين وكذلك بسبب تفاعل المستهلك بصورة أكبر مع الجوانب غير الملموسة بالموازنة مع الجوانب الملموسة للمنتج، لأنه في الحقيقة يرتبط المستهلك مع المنتج من خلال عقله بينما مع العلامة التجارية بواسطة قلبه الذي ينبع منه الولاء للعلامة التجارية والذي هو حلم كل علامة تجارية، ولذلك تستطيع العلامة التجارية أن تكسب ولاء المستهلك من خلال منحهم قيمًا أو صورًا ذهنية لا تُنسى.

ب. المنفعة العاطفية: هي المنفعة الناتجة عن قدرة المنتج على إثارة المشاعر وهي كل ما يتعلق بعواطف وأحاسيس المستهلكين حيث أن العلامة التجارية التي تجعل المستهلك يشعر بمشاعر إيجابية نحوها هي العلامة التي منحته قيمة عاطفية جراء شراءها أو استخدامها، ومن أمثلة ذلك الشعور بالإثارة داخل سيارة بي أم دبليو BMW.

ج. المنفعة الرمزية: يقف وراء إبراز الهوية الشخصية للفرد مجموعة من الأهداف، والقيم والمعتقدات التي تكون شعور متماسك بالذات عبر مجموعة من الأدوار الاجتماعية مثل العمل، والمنزل والأحداث الاجتماعية، ويسعى كل فرد منا إلى إنشاء هوية خاصة به بالاعتماد على خياراته الشرائية وتجاربه الاستهلاكية لذلك يستخدم العديد من المستهلكين العلامات التجارية للتعبير عن هويتهم في الحياة الاجتماعية وعن نموهم في الحياة والعمل، ولذلك يمكن أن يفضل المستهلكون تفرد العلامة التجارية بسبب ارتباطها بمفهوم الفخامة إذا ترقوا مثلًا في السلم الوظيفي في عملهم، في الحقيقة يمكن أن يكون السبب الرئيسي لشراء ساعة رولكس ROLEX ليس لمنع التأخر عن المواعيد أو الحفاظ على الوقت، وإنما لإظهار المشتري للناس بأنه يستطيع شراء مثل هكذا ساعة!

عادة ما تتوافق المنافع الرمزية مع الخصائص غير المرتبطة بالمنتج، وتتصل بالحاجات الأساسية للقبول الاجتماعي كما تعزز هذه الفوائد المكانة الإجتماعية للمستهلك وهذا بسبب إرتباط هذه المنافع بالصورة الذاتية. تدعم أدبيات التسويق فكرة تقديم العلامات التجارية لمنافع رمزية في شكل قيم ثقافية واجتماعية، باعتبار أن هذه الأخيرة تخلق جماعات اجتماعية مرجعية والتي تقدم للعلامة التجارية مصدرًا مهما لارتباطات المستخدم ذهنيًا بالعلامة التجارية، لأن التفاعلات الاجتماعية بين المستهلكين والتفاعل بينهم وبين العلامة التجارية يساهم في تطوير الولاء وتكوين مجتمعات حول تلك العلامات التجارية وفق علاقات اجتماعية منظمة بين معجبيها أو مستخدميها.

في هذا الإطار يعد معنى مجتمع العلامة التجارية جانبًا مهمًا من القيمة الاجتماعية للعلامة التجارية، لأن العلاقة بين الارتباط بالعلامة التجارية والارتباط بالمجتمع يرتكز على العلامة التجارية في حد ذاتها، كما أن الأفراد ينجذبون إلى المجتمع الذي ينتمون إليه، ويمكن أن تتطور العلاقة العاطفية لهؤلاء الأفراد مع العلامة التجارية إذا ما كانوا يشعرون بأنهم جزء من ذلك المجتمع، وإذا كانت مبادئ وقيم وعادات المجتمع تتعلق ببعض العلامات التجارية لتصبح مهمة بالنسبة إليهم كونها رمزًا من رموز التفاعل الاجتماعي بينهم، وتسمى المنتجات التي تنمي انتماء الفرد لمجتمع معين بالمنتجات ذات العلامة التجارية المجتمعية Community Branded Products.

هرم المنافع للعلامة التجارية: في سياق متصل مع منافع العلامة التجارية لا بد من ذكر هرم منافع العلامة التجارية وطرق بنائها والذي يركز على كيفية انتقال العلامة التجارية عبر الوقت من إرتباطها ذهنيًا بخصائص المنتج التي من الممكن تقليدها بسهولة من قبل المنافسين إلى المنافع العاطفية ومن ثم إلى المنافع الرمزية التي من الصعب تقليدها، ومن العلامات التجارية التي تتربع على قمة هرم المنافع، ويتطلب منح المستهلك منافع عاطفية ورمزية جهدًا أكبر من الشركات المنافسة لأنه من الصعب تقليد هذه المنافع.

يمكن تلخيص هذا الهرم في الشكل التالي:

هرم المنافع للعلامة التجارية

الصورة مقتبسة من بحث بعنوان Implementing your BAM2 strategy: 11 steps to making your brand a more valuable business asset

في الحقيقة هذا الأمر يقودنا إلى الانتباه عند بناء العلامة التجارية الجديدة، وكما هو متعارف هناك نموذجين لتطوير العلامة التجارية وهما:

  1. الانطلاق من المنتج إلى العلامة التجارية.
  2. الانطلاق من الفكرة إلى العلامة التجارية ومن ثم المنتجات.

إذ يؤكد النموذج الأول الأول على تطور العلامة التجارية بتطور المنتج وذلك بتركيز الاتصال التسويقي (الإعلان) على المنافع الوظيفية للمنتج، ثم التحرك نحو المنافع العاطفية والتي هي عبارة عن قيم معنوية أو قيم غير ملموسة وغير ذلك من القيم والوظائف التي تخص المنتج والتي عادة ما تكون غير ملموسة لتطوير (سمات Features أو خصائص Attributes) المنتجات الأكثر ملموسية، يتعلق النموذج الأول بالعلامات التي تنطلق كمنتج وتتطور بتطور مكوناته وسماته وخصائصه، ومن ثم تعتمد الشركة على خلق شخصية للعلامة التجارية، ووضع تشكيلة من المنتجات مع رسالة وقيم للعلامة التجارية، وبذلك يصبح للمنتج قيم إضافية غير ملموسة في نظر المستهلكين وهي قيم العلامة التجارية.

أما النموذج الثاني فيبدأ بالعلامات التجارية التي تنطلق من كونها مفهوم أو فكرة خاصة بالنسبة للمنتجات التي تعبر عن الشخصية أو العلامات التي خلقت من فهم عميق للجانب النفسي من خلال آرائهم التي تميل إلى تقديم منافع عاطفية، ومع مرور الوقت تطور هذه العلامات سماتها ومنافعها الوظيفية وذلك بتوفير قيم ومنتجات إضافية ملموسة للمستهلكين مثل العلامة التجارية بالوما بيكاسو Paloma Picasso وهاري بوتر Harry Poter وديزني Disney والعديد من العلامات التجارية الأخرى.

إن عملية اختيار أسماء العلامات التجارية دقيق جدًا إذ لا ينبغي أن يكون اسم العلامة التجارية وصفًا للمنتج لأن الاسم الوصفي يصبح بعيد الصلة بنشاط العلامة التجارية في حال أرادت التوسع لمنتجات جديدة، لذلك يجب أن توحي الأسماء بأشياء غير ملموسة فمثلًا العلامة التجارية أمازون Amazon توحي بالقوة والغزارة كخصائص نهر الامازون، لكن هذا لا يعني ألّا تهتم إدارة العلامة التجارية بالأصول المادية بل يجب أن ترتكز العلامة التجارية على كلا الجانبين، فنجد أنه حتى بالنسبة للعلامات التجارية الفاخرة التي تشترى لغرض إشباع منفعة رمزية يجب عليها أن تمنح لمشتريها شعور بأنهم اشتروا منتجًا جيدًا حتى يكون للعلاوة السعرية تبرير منطقي.

1.3. الارتباطات الذهنية بالموقف تجاه المنتج

يعد الموقف تجاه العلامة التجارية بمثابة حالة ذهنية للعميل تسمح له بتصفية منتج أو خدمة من خلال جميع الخيارات المتاحة له. يحمل الموقف عنصران رئيسيان وهما:

  1. قوة الشعور الإيجابي أو السلبي لدى العميل بناءً على تجربته.
  2. نسبة ثقة المنتج في الشعور الإيجابي أو السلبي.

يمكن أن يؤدي إنشاء موقف إيجابي للعلامة التجارية في السوق إلى تحقيق فوائد قصيرة وطويلة الأجل للعلامة التجارية. لتحقيق موقف إيجابي للعلامة التجارية، يجب على الشركة تحديد توقعات العملاء التي لم تلبيها الشركات المنافسة في السوق المستهدفة وطرق تلبية هذه الاحتياجات. هناك العديد من الجوانب التي يجب على العلامة التجارية مراعاتها عند إنشاء موقف إيجابي للعلامة التجارية لمنتجاتها.

يوضح هذا مدى تفضيل العميل للعلامة التجارية على العلامات التجارية المنافسة الأخرى في الصناعة. يمكن أن يؤدي هذا الإعجاب أو عدم الإعجاب بالعميل إلى إدراكهم للعلامة التجارية، وكذلك استخدام العلامة التجارية كعادة. يعد مفهوم موقف العلامة التجارية مهمًا لكل من الشركات والمستهلكين، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تتوافق قيم المستهلكين الشخصية مع قضايا مجتمعية للعلامة التجارية مثل تعهد العلامة التجارية واربي باركر Warby Parker بالتبرع بزوج من النظارات للأطفال والمحتاجين مقابل كل زوج يشتريه العملاء هذه الأمور تعزز من موقف المستهلك تجاه العلامة التجارية.

2. تفضيل الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية

تختلف الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية باختلاف درجة تقييم المستهلك لها، وكلما كانت الارتباطات الذهنية إيجابية بنى المستهلك توجهًا إيجابيًا نحو العلامة التجارية، وإذا كانت الخاصية غير رئيسية في المنتج فغالبًا لن يهتم المستهلكين بها وبجودتها، وبالتالي من الصعب بناء ارتباط إيجابي لخاصية غير مهمة ويعود السبب في ذلك بأن المستهلك لا يستطيع تقييم جميع الارتباطات الذهنية الموجودة في ذاكرته عند شرائه لمنتج ما من العلامة التجارية، فمثلًا يكون غلاف المنتج غير مهم بالموازنة مع المتانة وقوة المنتج.

يجب على مدراء المنتجات والعلامات التجارية الاهتمام أولًا ببناء ارتباطات بالخواص الأساسية للمنتج والانتقال لبقية الخواص، ومن الجدير بالذكر أيضًا بأنه يمكن أن يكون تفضيل الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية وضعي أو ضمن إطار معين ويختلف وفقًا لأهداف المستهلك من الشراء، فيمكن تفضيل ارتباط ذهني ما في وضعية معينة ولا يمكن تفضيله في وضعية أخرى فمثلًا سيُفضل المستهلك سرعة تقديم الخدمة أو المنتج في حال كان على سفر أو طبيعة حياة المستهلك مزدحمة.

3. قوة الارتباطات الذهنية بالعلامة التجارية

يمكن تمييز أو وصف الارتباطات الذهنية انطلاقًا من قوة علاقتها بعقدة العلامة التجارية، إذ تعتمد قوة الارتباطات الذهنية على مدى عمق المعلومة في ذهن المستهلك وكيفية الحفاظ عليها كجزء من صورة العلامة التجارية، لأن الارتباط إذا كان قويًا سيحسن من كمية المعلومات المحفوظة في الذاكرة وكلما زادت الارتباطات التي تذكر المستهلكين بهذه العلامة التجارية إزداد تمسكه في هذه العلامة التجارية.

في الحقيقة يؤكد علم النفس المعرفي Cognitive Psychology على ثبات الذاكرة في حال تكرار التعرض المستمر للمُحفر الذي يذكر المستخدم بالعلامة التجارية وهذا ما تسعى إليه الشركات من خلال إعلاناتها الطرقية والتلفزيونية والتي يصعب قياس نتائجها ومدى نجاحها.

4. تفرد الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية

يشير هذا البعد إلى إمكانية وجود ارتباط ذهني لعلامة تجارية ما غير مشترك مع العلامات التجارية المنافسة، للمستهلك فجوهر تموضع العلامة التجارية Brand Positioning هو امتلاكها لميزة تنافسية حصرية ومتفردة مما يعطي سببًا أو دافعًا لشرائها. أما في حال تشارك مجموعة ارتباطات ذهنية بين عدة علامات تجارية فذلك يضعها في خانة المنافسة المحتدمة مما يجعل المستهلك يأخذ هذه العلامات التجارية بعين الاعتبار كبدائل معتبرة عند اتخاذه لقرار الشراء لذلك يجب على العلامات التجارية أن تنشئ لنفسها ارتباطات ذهنية تميزها عن منافسيها.

في الحقيقة هذا الأمر معروف في الإدارة الاستراتيجية للعلامة التجارية Brand Management Strategy إذ لا يمكن لأي شركة أن تكون ناجحة وخصيصًا إذا كانت شركة ناشئة عندما تكون عروضها تشبه عروض منافسيها، وإنما يجب أن يكون كل عرض عرضًا مقنعًا ومميزًا للقيمة المتصورة في ذهن السوق المستهدف.

الركيزة الأساسية لاستراتيجية دخول أي سوق جديد هو التجزئة Segmentation والاستهداف Targeting والتموضع Positioning. في البداية تكتشف الشركة احتياجات مجموعات مختلفة من المستهلكين في السوق، ثم تختار الأهداف التي يمكنها تحقيقها بطريقة تنافسية ثم تضع عروضها لتظهر بطريقة تنافسية في السوق المستهدف لتعكس الصورة المميزة للشركة أو العلامة التجارية. وتتموضع الشركة في هذه المكانة في السوق وتستمر في تطوير العروض التنافسية الخاصة بها لكي يستمر نجاحها ولتحقق في نهاية المطاف ميزة تنافسية مستدامة Sustained Competitive Advantage.

أشكال الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية

أشار ديفيد أكر إلى أن معظم إرتكاز تطوير استراتيجيات المتعلقة بالعلامة التجارية على ارتباطات نقاط الاختلاف، وذلك من أجل إعطاء المستهلك سببًا جيدًا لتفضيل علاماتهم التجارية. في الوقت نفسه تلعب نقاط التعادل دورا مهمًا في عملية المنافسة لكل الشركات في السوق.

  1. ارتباطات نقاط الاختلاف Points of Difference: ويشار إليها اختصارا POD وهي مجموعة من الخصائص والمنافع المتعلقة بالعلامة التجارية والمرتبطة بشكل قوي في ذهن المستهلك، إذ يقييم المستهلك العلامة بشكل إيجابي ويعتقد أنه لن يجد هذه الخصائص والمنافع نفسها في العلامات التجارية المنافسة.
  2. ارتباطات نقاط التعادل Point of Parity: ويشار إليها اختصارا POP مجموعة من الارتباطات التي ليس من الضرورة أن تكون نادرة أو مميزة، أي قد تكون هذه الارتباطات مشتركة مع العلامات التجارية الأخرى، وهذا النوع من الارتباطات له شكلان:
    • نقاط تعادل الصنف Category POPs: وهي مجموعة الارتباطات التي يرى المستهلك وجودها ضروريًا ضمن صنف المنتج.
    • نقاط التعادل التنافسية Competitive POPs: :وهي مجموعة الارتباطات التي تقوم بإلغاء ارتباطات نقاط الاختلاف للمنافسين.

أهمية بناء صورة العلامة التجارية

توفر صورة العلامة التجارية والارتباطات الذهنية عنصرًا مؤثرًا على قرارات الشراء، وتعد الارتباطات الذهنية جزءًا أساسيًا من بناء هوية العلامة التجارية. كما يمكن للارتباطات الذهنية أن تغير تجربة الاستخدام المنتج أو الخدمة، كما أنها تساعد في معالجة المعلومات واسترجاعها بطريقة معينة. فمثلًا، إذ يمكن لمنتجين متطابقين أن يُحدثا تأثيرًا مختلفًا في الاستخدام فقط بسبب اختلاف ارتباطات الذهنية.

كما تساعد الارتباطات الذهنية على زيادة الألفة بالعلامة التجارية مما يؤدي إلى زيادة احتمالية استدعاء العملاء للعلامة التجارية من خلال العروض والصفقات الفريدة التي تقدمها العلامة التجارية، كما أنه يساعد الشركات القائمة على إطلاق منتجات جديدة تحت نفس الاسم التجاري، وبالإضافة إلى ذلك يخلق ارتباط العلامة التجارية صورة إيجابية للعلامة التجارية والمنتجات أو الخدمات التي تقدمها الشركة وبالطبع يمكن أن تؤدي السمعة الإيجابية إلى المزيد من المبيعات.

يساعد الارتباط الإبداعي والإيجابي للعلامة التجارية المستهلكين على تصور شعار أو علامة تجارية معينة مع التفرقة عن منافسيها والتمايز عنهم مما يساعد في تطوير ولاء للعلامة التجارية. وتساعد الشركات ذات الارتباط الإيجابي للعلامة التجارية في طمأنة العملاء بجودة المنتجات أو الخدمات التي تقدمها الشركة وهذا يساهم أيضًا في زيادة المبيعات.

شركات احترفت بناء ارتباطات الذهنية قوية

استطاعت العديد من العلامات التجارية الرائدة في العالم أن تظل رائدة في ربط علاماتها التجارية مع القيم التي تريد إيصالها؛ لذلك يجب على العلامات التجارية التي تكافح لتصبح الأولى في أسواقها أن تبني ارتباطات ذهنية إيجابية وتحافظ عليها. ومن بعض الأمثلة لشركات استطاعت تحقيق ذلك باحترافية نذكر ما يلي.

الارتباطات الذهنية لشركة كوكاكولا Coca-Cola

الارتباطات الذهنية لشركة كوكاكولا Coca-Cola

حقوق الصورة لموقع: www.papirfly.com

سواء كنت تمضي عطلتك الصيفية أو في الحفلات العامة والأماكن المزدحمة مثل المطاعم والمولات ستجد برادات وعبوات كوكاكولا الزجاجية المميزة، وذلك لأن شركة كوكاكولا Coca-Cola اعتمدت على ربط علامتها التجارية بالفرح والسعادة واللحظات الجميلة ومن خلال وضع زجاجاتها في الأماكن الترفيهية فهي تعمق هذا الارتباط وتقوّيه لكي تبدو كما لو أنها تشاركك السعادة في كل أوقات حياتك. من خلال ترسيخ نفسها في هذه التجارب الإيجابية للغاية، ستجعل العلامة التجارية المستهلكين يصلون إلى منتجاتها في الأوقات الجيدة والسيئة لإعادة إحياء الذكريات الجميلة.

الارتباطات الذهنية لشركة آبل Apple

الارتباطات الذهنية لشركة آبل Apple

حقوق الصورة لموقع: www.papirfly.com

لم تكسب شركة آبل Apple عملاء فحسب، بل حصلت على مهووسين بها، ويمكن لقائل أن يقول بأن منتجاتهم ثورية ومتطورة عن السوق ولكن مهلًا ألا تتفق معي في أن الشركة تضخمَ من ذلك في بعض الأحيان؟ مع ذلك فهي في الغالب تنجح في ذلك من خلال احترافها لبعض التفاصيل مثل:

  • بناء تصميم أنيق لمنتجاتها والاعتناء الكبير بالتعبئة والتغليف لتقديمها للمستهلك لتبدو اختراع متطور.
  • تجهيز أحداث خاصة لإطلاق منتجاتها ودراسة كافة جوانب الحدث من سواء من خلال كيفية عرض المنتجات وطريقة الحديث عنها والصور المستخدمة وكل شيء حرفيًا مدروس ليعطي شعورًا بأن ما تشاهده هو منتج ثوري سيغير من قواعد اللعبة.
  • ربط العلامة التجارية بالمبتكرين والذين أنتجوا أعمال كبيرة ومميزة فمثلًا لاحظ سلسلة ما وراء الماك Behind The Mac نجد بأنهم جاؤوا بالأشخاص الذين غيّروا صناعتهم من خلال أجهزة آبل في رسالة بأن طريق النجاح يبدأ باقتناء أجهزة آبل.

إذا أردنا عرض كافة الأمور التي أقدمت عليها الشركة لتعزيز مكانتها كصاحبة منتجات ثورية سنحتاج إلى كتب وليس مقالات والأمثلة السابقة ليست سوى بعضًا من الطرق العديدة التي تواصل بها آبل في بناء علامة تجارية أسطورية على قدم المساواة مع الطبيعة التكنولوجية المستمرة في التطور.

الارتباطات الذهنية لشركة ستاربكس Starbucks

الارتباطات الذهنية لشركة ستاربكس Starbucks

حقوق الصورة لموقع: www.papirfly.com

عندما تفكر في ستاربكس هل تفكر في المجموعة الواسعة من أنواع القهوة المتوفرة لديها والحورية المميزة على شعارها، أم أن الشيء الذي يخطر ببالك هو كتابة أسماء العملاء على الأكواب. في حين أن هذا هذه الحركة لا تبدو وكأنها صفقة مميزة إلا أنها كافية لتشجيع الناس على مشاركة فنجان القهوة الخاص بهم على منصاتهم الاجتماعية. في الحقيقة هذه اللمسة الصغيرة لمشاركة العملاء سرعان ما جعلت من ستاربكس علامة تجارية مؤثرة وبارزة على منصات التواصل الاجتماعي مثل انستغرام وما تزال الشركة تحافظ على التواصل مع الملايين العملاء في جميع أنحاء العالم بهذه الطريقة.

الارتباطات الذهنية لشركة ماكدونالدز McDonald's

كانت تجربة ماكدونالدز معقدة قليلًا إذ أحاط بالعلامة التجارية نظرة السلبية بسبب وجباتها التي تسبب السمنة، كان لا بد لهم من إعادة التفكير في الاستراتيجية التسويقية وتغييرها بما يتناسب مع تغير اهتمامات المستهلكين فعكفت الإدارة على تغيير ما يلي:

  • تجديد قوائم الطعام لتضمين خيارات صحية، مع تضمين المعلومات الغذائية للوجبات فيها.
  • تغيير ألوان علامتهم التجارية بشكل جذري إلى اللون الأخضر وقدموا عبوات قابلة لإعادة التدوير لإظهار رسالة قوية بأن علامتهم صديقة للبيئة.
  • أعادوا استخدام زيوت الطهي الخاصة بهم لتزويد الشاحنات التي تعمل على الديزل الحيوي بالوقود.
  • أصلحوا التصميم وحسنوا الديكورات الداخلية لتشجيع المزيد من الناس على تناول الطعام في المطعم بدلًا من الالتزام بالوجبات السريعة كثيرة السعرات الحرارية.

ساعد هذا الإصلاح الشامل في تغيير الارتباطات السلبية التي تحدث مع مطاعم الوجبات السريعة، وساعدت في إعادة وضع ماكدونالدز كمطعم عصري صديق للعائلة مع قيم نبيلة وذات مسؤولية تجاه البيئة.

الارتباطات الذهنية لشركة نايك Nike

الارتباطات الذهنية لشركة نايك Nike

حقوق الصورة لموقع: www.papirfly.com

لطالما ارتبطت شركة نايك أو نايكي Nike بأفضل الرياضيين أداءً والأكثر شهرة في العالم. يتمتع الرياضيين الذين تختارهم شركة نايك ليكونوا سفراء للعلامة التجارية بسمات شخصية متشابهة مع طريقة تسويق نايك لنفسها مثل التنافسية والعمل الجماعي وتحسين الذات والطموح والتفاني والاندفاع الذي لا يمكن إيقافه ليكون الأفضل.

في الحقيقة من كثرة ارتباط شركة نايك بالألبسة والأحذية الرياضية الخاصة بكرة السلة أصبح من الصعب وخصيصًا في الولايات المتحدة الأمريكية التفكير في شراء المنتجات الخاصة بكرة السلة بدون أن يخطر للمشتري أحذية شركة نايك أو بقية منتجاتها، ومن المثير للاهتمام البحث الذي أجرته شركة نيلسون بزميتريك Nielsen BuzzMetrics بالاعتماد على التعليقات عبر الإنترنت لمعرفة خريطة الارتباطات الذهنية للعلامة التجارية نايك Nike وكان هدفها اكتشاف الأنماط في آراء المستهلكين حول علامات تجارية معينة وكانت النتيجة في الشكل التالي

اكتشاف الأنماط في آراء المستهلكين حول علامات تجارية معينة

حقوق الصورة لموقع www.nytimes.com

طريقة بناء صورة قوية للعلامة التجارية

بغض النظر عن حجم أو عمر الشركة، من الضروري أن يربط المستهلكون علامتك التجارية بمنظور إيجابي، ويعد إنشاء ارتباط إيجابي للعلامة التجارية عملية مستمرة مع نمو الشركة وتطورها، وفيما يلي بعض الطرق لبناء ارتباط إيجابي بالعلامة التجارية.

بناء إستراتيجية متماسكة للعلامة التجارية

وجود استراتيجية ثابتة للعلامة التجارية أمر ضروري لتخطيط لما سيكون الارتباط الإيجابي للعلامة التجارية. ولبناء الاستراتيجية يجب إنشاء هوية قوية للعلامة التجارية من خلال استعراض مهمة ورسالة علامتك التجارية وقيمها وشخصيتها وصوتها ومكانتها الفريدة. تحكي هوية العلامة التجارية قصة عن علامتك التجارية من خلال شعارك وألوان علامتك التجارية (ننصح بقراءة مقال العلامة التجارية وأهميتها في قرار الشراء - الفرق بين العلامة التجارية والمنتج).

بالإضافة إلى ذلك تساعد رسائل علامتك التجارية على إيصال فوائد علامتك التجارية والقيم التي تقدمها وتوضح ما يميزك عن منافسيك. تحتاج علامتك التجارية أيضًا إلى نبرة معينة للتواصل يمكنك تطويرها من خلال التواصل مع جمهورك والانطباع الذي تتركه مع المستهلكين (مثل نبرة الاهتمام والتعاطف) مما يساعد ربط المشاعر التي يشعر بها جمهورك بشركتك أو علامتك التجارية.

تحليل مصطلحات البحث

عندما يبحث الأشخاص عن شيء ما على محرك البحث غوغل Google، سيحاولون غالبًا استخدام مجموعة من المصطلحات أو العبارات. يمكن العثور على هذه المعلومات من خلال الشركات المختصة وغالبًا ما تكون هذه النوعية من الخدمات مدفوعة. عند حصولك على هذه المعلومات ستُحلل هذه البيانات لاكتشاف الروابط الذهنية التي يقيمها الأشخاص بناءً على الموضوعات التي يبحثون عنها وربطها بالمنتجات أو خدماتك أو الحلول التي تقدمها، بالإضافة إلى الكشف عما إذا كان وضع علامتك التجارية يتوافق مع ما يبحث عنه الأشخاص حقًا، يمكن لتحليل بيانات البحث للمستهلكين إبراز الفرص لبناء ارتباطات جديدة بناءً على البيانات ومدى دقتها وموثوقيتها.

لا يقتصر الأمر على بيانات البحث إذ يوجد أيضًا الكثير من أدوات الاستماع على وسائل التواصل الاجتماعي يمكنك الاستثمار بها وتجربتها بالتزامن مع المعلومات المتاحة لك من خلال بيانات البحث لتجمع بذلك صورة أوضح لما يبحث الناس عنه وذلك في الوقت الفعلي. من خلال فحصك الدائم لنبض وسائل التواصل الاجتماعي يمكنك الإحساس بدقات قلوب الناس نحو ما يجذبهم وما يربطون علامتك التجارية به والموضوعات الساخنة التي يمكنك الاستفادة منها للمحتوى القادم أو المنتجات القادمة.

بناء خرائط ذهنية للارتباطات المحتملة

ستساعدك خريطة ارتباط العلامة التجارية في تحليل الارتباطات الإيجابية والسلبية التي يمتلكها المستهلكون حاليًا بعلامتك التجارية. سيُظهر لك المكان الذي تتميز فيه عن منافسيك وما الذي يجعل عملائك يختارون منتجاتك أو خدماتك. يمكنك استخدام هذه المعلومات للتركيز على المجالات التي يمكنك فيها غرس معنى جديد وتوليد المشاركة وإنشاء الاتصالات فريدة بين علامتك التجارية والمستهلكين. ستُغذي المناطق التي تختار إنشاؤها بعد ذلك كيفية تشكيل استراتيجية التسويق الخاصة بك في المستقبل، وكيفية توزيع المحتوى الخاص بما يضمن تعزيز هذه الارتباطات الذهنية.

تعزيز تفاعلات العملاء

تلعب كيفية تفاعلك مع عملائك عبر الإنترنت أو شخصيًا دورًا كبيرًا في الارتباط الإيجابي للعلامة التجارية. فكر جيدًا في التفاعل الذي يحصل عليه المستهلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وموقع الويب الخاص بك، بالإضافة إلى الاجتماعات الشخصية وأثناء المحادثات الهاتفية مع المستهلكين، كما تساهم الطريقة التي يستجيب بها فريقك للعملاء الغاضبين والمقالات الهجومية في تحديد منظور المستهلكين للعلامة التجارية. تؤثر الطريقة التي تغذي بها مجتمعك على نظرة المستهلكين لشركتك لذلك من المهم أن يكون لديك خدمة عملاء وأدوات إدارة علاقات ممتازة للحفاظ على صورة إيجابية لعلامتك التجارية.

بناء الشراكات الاستراتيجية

من المهم بناء علاقات استراتيجية مع العلامات التجارية والمؤثرين الآخرين للمساعدة في الحفاظ على صورة إيجابية لعلامتك التجارية. ضع في اعتبارك أن تكون انتقائيًا مع من يتعاون معك لأن هذا الشخص سيُمثل علامتك التجارية ويصبح الشخصية التي يربطها المستهلكون بشركتك (مثل مايكل جوردان وارتباطه بمنتجات نايك). من المفيد الشراكة مع المشاهير أو الشخصيات العامة أو المنظمات الأخرى التي لها اهتمامات مماثلة.

يتوقع المستهلكون في هذا العصر الرقمي بأن تكون العلامات التجارية أكثر صخبًا وأكثر تفاعلًا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك من المهم أن يكون لديك صلات مع المؤثرين الإيجابيين، وإذا فعل المؤثرون شيئًا غير مقبول اجتماعيًا أو يتعارض مع مبادئ العلامة التجارية، فمن المهم أيضًا إزالتهم من الحملات المستقبلية وتوضيح ذلك للمستهلكين. عندما تحاول الحفاظ على ارتباط إيجابي للعلامة التجارية فكن حذرًا عند الشراكة مع منظمات أو مؤثرين آخرين.

تجنب السلبيات قبل حدوثها

يفضل أن يتجنب مدير العلامة التجارية الأمور الحساسة والتي يمكن أن تسبب في بناء ارتباطات سلبية بالعلامة التجارية وفي بعض الأحيان تكون النية حسنة مع ذلك ينتج عن بعض الأمور ارتباطات سلبية ولذلك يفضل دومًا إلى بعض النقاط التي ستساعد على تجنب ذلك:

تجنب التناقضات

في حال كانت المنتجات عالية الجودة يجب أن تكون خدمة العملاء ممتازة أيضًا بل يجب أن يرى المستهلك الجودة في جميع تفاصيل المنتج أو الخدمة أو أي أصول للعلامة التجارية، إن الحفاظ على الاتساق هو أمر حيوي وحساس للبقاء على رأس توقعات العملاء والوصول إلى مستوى الخدمة التي يتوقعونها. عندما تكون هنالك فوارق بين ما يراه المستهلك من جودة وحرص في فريق خدمة المبيعات ومن إهمال وتسيب في فريق الدعم الفني ومعالجة المنتجات المرتجعة سيشكل هذا الأمر مشكلة وسيعتقدُ المستهلك أنك بعته المنتج ولم تساعده في حل مشكلته التي يواجهها، يجب ألا ننسَ بأن المشاعر السلبية لها تأثير كبير على المستهلكين ويفضل دائمًا تجنبها عوضًا عن معالجتها.

لا تتعارض مع قيم علامتك التجارية الخاصة

في حال كانت العلامة التجارية ملتزمة في أنها لا تستخدم مواد اللحوم في منتجاتها فيجب أن تحافظ على ذلك حتى وإن صعد نجم أحد أنواع اللحوم وازدادت شعبيته يجب ألا تضيفه إلى قائمة الطعام الخاصة بمطعمك. في الحقيقة تلجأ معظم العلامات التجارية في بعض الأحيان إلى بناء علامة تجارية فرعية للتوجهات والصيحات الجديدة بدلًا من مخاطرة تضمينها في العلامة التجارية الأصلية.

التفاعل مع الأحداث بما يتناسب مع قيم العلامة التجارية

من المهم أن تتفاعل العلامات التجارية مع ما يحدث في العالم هذا أمر لا مفر منه في وقتنا الحالي ولكن هل جميع المواضيع الشائعة يجب التفاعل معها؟ بالتأكيد لا، يجب أن تبقى العلامة التجارة في منأى عن المُجريات الروتينية اليومية والتحفظ عن المشاركة في المواضيع البعيدة عن مجال العلامة التجارية وبالتأكيد لا بأس في لعبة شد الحبل مع المنافسين وهذا النشاط متوقع ويجذب التفاعل لكلا الطرفين.

الخطط الاحتياطية مفيدة دوما

من المهم أن تكون استباقيًا وأن تستعد للمواقف التي يمكن أن تؤثر سلبًا على صورة علامتك التجارية وهويتها. فعلى سبيل المثال يمكن أن يساعدك وضع خطة احتياطية لإدارة الأزمات في الحفاظ على صورة إيجابية للعلامة التجارية مثل الخُطط التي تضعها شركات تصنيع السيارات في حال حصول عطب ما في السيارات الجديدة التي باعتها واضطروا بعد ذلك إلى سحب هذه السيارات من السوق في هذه الحالة يمكن للخطة الاحتياطية إنقاذ الشركة من مشاكل كبيرة في حال استطاعت السيطرة على غضب المستهلكين والرد عليهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. تفيد الخطة الطارئة في تحجيم المشكلات وتتيح إمكانية معالجتها وحلها بسرعة وإصلاح العلاقات مع المستهلكين وشركاء الأعمال.

الخاتمة

تعرفنا في هذا على صورة العلامة التجارية وعلاقتها مع الارتباطات الذهنية كما تعمقنا في فهم هذه الارتباطات من خلال الاطلاع على علم النفس وراء هذه الارتباطات الذهنية بالعلامات التجارية واطلعنا على مكونات الارتباطات الذهنية وأشكالها وأهميتها ثم استعرضنا بعدها مجموعة من الشركات التي احترفت بناء ارتباطات ذهنية قوية وختمنا المقال في التعرف على طريقة بناء صورة قوية للعلامة التجارية.

وختامًا إن بناء روابط إيجابية تصل إلى قلوب وعقول جمهورك هي عملية مستمرة، وهي واحدة من أقوى تقنيات التسويق فمن خلال فهم قوي لما يربطه المستهلكون بالفعل بعلامتك التجارية والتركيز الواضح على المكان الذي تحتاج إلى التميّز فيه عن منافسيك، يمكنك الاستفادة من الطبيعة البشرية والتأثير على السلوك وبناء هوية العلامة التجارية التي تظل في المقدمة لسنوات طويلة، ولا تنسَ أن الحفاظ على الاتصال بين علامتك التجارية والمستهلكين يعتمد على المحتوى المتسق والمستمر.

المصادر

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

بتاريخ On 26‏/11‏/2023 at 11:56 قال Houda Melouah:

السلام عليكم: مهتمة بموضوع العلامة التجارية والألوان ممكن مراجع فضلا

مرحبًا @Houda Melouah

يمكنك استخدام خاصية البحث على أكاديمية حسوب للحصول على المواضيع التي تهمك. على سبيل المثال: يمكنك الحصول على مواضيع العلامة التجارية والألوان، عبر البحث عن "العلامة التجارية" بتحديد المحتوى المبحوث عنه بقسمي "مقالات ريادة الأعمال" + "مقالات التسويق والمبيعات"؛ كما يمكنك البحث عن "الألوان" بقسم "مقالات التصميم"..

مع ذلك أنصح بالتأكد من فصلك ما بين مفهومي العلامة التجارية + الشعار، لذا إن كان مقصودك متداخلًا مع مفهوم الشعار بدل العلامة التجارية، فيمكنك استخدام خاصية البحث "في كل الموقع" عن الشعار والألوان، لتظهر لك مجموعة المواضيع المتاحة على كامل الأكاديمية مباشرةً.

رابط هذا التعليق
شارك على الشبكات الإجتماعية



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...