يشير الناس عادةً لأي مجموعةٍ من مفاهيم الحوسبة المترابطة بمصطلح السحابة cloud، ولكن في الواقع السحابة هي مجموعةٌ من الأقراص والمعالجات والذواكر وغيرها من موارد عمليات المعالجة computing resources -سواءٌ كانت فيزيائية أو افتراضية- المستضافة عن بُعد remotely hosted والمُستخدمة في طرف العميل، سواء أكان هذا العميل صفحة ويب أو تطبيق للهاتف أو تطبيق سطح مكتب تقليدي، بهدف استثمار المساحات التخزينية وإمكانات الحوسبة العالية؛ ويُقصد بمصطلح الاستضافة عن بُعد remotely hosting طريقة توصيل التطبيقات وقواعد البيانات والملفات للمستخدمين من الخوادم البعيدة الموجودة خارج مراكز البيانات، إذ يمكن للمستخدم الوصول إلى التطبيق وبياناته من خلال تسجيل الدخول بأمان إلى الخادم البعيد عبر السحابة وذلك خلال متصفح الإنترنت عادةً)،
وليس من السهل التفريق تمامًا بين مفهوم الحوسبة السحابية والحوسبة التقليدية القائمة على نموذج خادم/عميل؛ ولكن تتميز الحوسبة السحابية عمومًا بالقدرة على التوسُّع، أي زيادة الموارد تلقائيًا حسب الحاجة أثناء التشغيل؛ كما تتميز بآلية التصميم أيضًا، إذ تكون مصادر الحوسبة في السحابة أكثر مرونةً ومتعددة الأغراض وقابلةً للاستخدام لأي وظيفة مطلوبة على نحوٍ أكبر موارنةً بحوسبة الخوادم التقليدية.
بعض الأمثلة على مفهوم السحابة
لا يخلو موقع إلكتروني في أيامنا من مكون سحابي سواءٌ كان ظاهرًا لنا عند زيارته أم لا؛ أمّا بالنسبة للمستخدم العادي، فلا تمثّل السحابة سوى واجهة عرض الخدمة التي يتعامل معها، سواءٌ كانت منصة تواصل اجتماعي، أو متجرًا إلكترونيًا، أو إحدى خدمات بث الموسيقى، أو موقع حجز تذاكر طيران، أو غيرها من الخدمات المختلفة.
يجب ألا ننسى أن واجهة المستخدم في موقع الويب ما هي إلا جزءٌ بسيطٌ من مجموعةٍ كبيرةٍ من العمليات الجارية في كواليس أيّ تطبيق ويب، إذ تعمل مكوناتٌ عديدة من قواعد بيانات وأدوات تسجيل الأحداث وصولًا إلى آليات التنقيب عن البيانات وأدوات الذكاء الاصطناعي وعدد من البرمجيات الموزعة الخاصة بتنفيذ المتطلبات أو الآلاف منها معًا لتشغّل خدمة ويب وتمكنَّك من استخدام أي أداة على الانترنت. وقد تتواجد المكونات المذكورة أعلاه على أي حاسوب في أي مكان، ولكن تتواجد غالبًا على السحابة.
كيفية عمل السحابة
صُممت مراكز البيانات لكي تحوي العديد من خوادم الأغراض العامة مع ما يلزم من إمكانات الحوسبة والتخزين، لمشاركة هذه الموارد بين التطبيقات المتعددة المُستضافة في هذه المراكز لتوفير البيانات الخاصة بها. وتُجمَّع في كثير من الحالات كافّة التطبيقات والمكتبات اللازمة لتشغيلها مع نظام التشغيل على أجهزة افتراضية virtual machines تعمل ضمن الجهاز الفيزيائي الفعلي بغض النظر عن نوع نظام تشغيله، وتدعى هذه التقنية باسم التقنية الافتراضية virtualization؛ وهي تجعل التطبيقات أكثر قابليةً للتنقل والعمل في بيئات مختلفة، شرط أن تكون قادرةً على تشغيل جهاز افتراضي ضمنها.
من هنا أتى مفهوم الحوسبة المرنة elastic computing أو السحابة المرنة elastic cloud؛ فعندما يُصمّم تطبيق ليتوسع أو يتقلص حسب حجم الطلبات عليه فمن الممكن استخدام عدد أكبر أو أقل من الأجهزة الافتراضية بمرونة حسب الحالة؛ كما تعمل الأجهزة الافتراضية بمرونة أيضًا من ناحية التخزين، فمن الممكن استخدام محركات الأقراص الثابتة المتصلة بالعديد من الأجهزة الفيزيائية المختلفة والتعامل معها كما لو كانت موردًا واحدًا، مما يقلل من هدر الموارد ويسهّل عملية تطوير التطبيقات التي تتطلب كميات بيانات كبيرة جدًا.
قد تكون مراكز البيانات التي تستضيف موارد الحوسبة السحابية عامّةً أو خاصّةً أو هجينة hybrid cloud؛ فمن الممكن استئجار موارد الحوسبة السحابية العامة من قبل مجموعة متنوعة من الشركات؛ وقد تقرر المؤسسة إنشاء سحابة خاصة مستضافة في مركز البيانات الخاص بها أو في جزء محجوز خصيصًا لها من مركز بيانات آخر من أجل الحصول على مستويات أعلى من الأمان والمرونة، أو حتى بهدف توفير التكاليف؛ أمّا السحب الهجينة فتتميز بقدرتها على الاستفادة من موارد السحب العامة والخاصة وذلك وفقًا لمتغيرات الطلب والأولوية.
مفهوم السحابة مفتوحة المصدر
إنّ أحد أهم التطورات التي حدثت مؤخرًا على أدوات وتقنيات التعامل مع السحابة هو الكم الكبير منها الذي غدا مفتوح المصدر، وقد أصبح ترخيص البرمجيات مفتوحة المصدر معيارًا لكيفية تطوير التقنيات الحديثة للتعامل مع السحابة، وفيما يلي بعض الأمثلة:
- OpenStack وهو مشروع مفتوح المصدر متخصص بإنشاء وإدارة البنية الأساسية للسحابة، بما يتضمن وسائط التخزين، وإمكانات الموارد الحاسوبية وإدارة الشبكات، كما يتضمّن العديد من المشاريع للمساعدة في التعامل مع كل ما يتعلّق بالسحابة بدءًا من إدارة حسابات المستخدمين وحتى استثمار قاعدة البيانات (المرحلة اللاحقة لتطويرها).
- حاويات Linux والتي ظهرت أصلًا بمثابة طريقة لتطوير تطبيقات السحابة، وتعتمد على الإجرائيات الخاصّة بالنواة Linux kernel مثل بديلٍ أسرع من الأجهزة الافتراضية التقليدية، كما أنّها تساعد المطورين على بناء الحاويات باستخدام مشاريع، مثل Docker و Kubernetes لتحقيق التناغم بين التطبيقات التي أُنشأت على عدّة حاويات.
- البيانات الضخمة و إنترنت الأشياء Internet of Things، وهما من أهم مستخدمي موارد الحوسبة السحابية، حيث تُطوَّر في كل منهما العديد من الأدوات لدعم التطبيقات لتكوت مفتوحة المصدر تمامًا.
- إضافةً للعديد من الأدوات الأخرى ابتداءً من حزم خوادم الويب Linux / Apache / MySQL / PHP وصولًا إلى تطبيقات التخزين السحابي ومحررات النصوص التشاركية.
ترجمة -وبتصرف- للمقال what is the cloud? من موقع opensource.com.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.