نحن نعيش في عالم تتطور فيه الاتجاهات الرائجة باستمرار، ويُعَد تتبّعها تحديًا في الوضع الحالي، فالذي نجح بالأمس يمكن أن يكون غير ناجح اليوم، والذي نجح اليوم يمكن أن يكون غير ناجح غدًا، سواءً تعلق الأمر بمجال الأعمال أو التقنية أو أنماط العمل أو التسوق. هذا إلى جانب مجال العلامات التجارية التي ينطبق ذلك عليها أيضًا، والتي تهتم بها الشركات لمواكبة المتطلبات الحالية.
يمكن النجاح في مواكبة المتطلبات الحالية من خلال التركيز على جانبين هما: اتباع طريقة استراتيجية في العمل، وتطبيق التفكير المستقبلي في هذا النهج المتَّبع. تُعَد عملية إعادة بناء العلامة التجارية إحدى الطرق لمواكبة الاتجاهات الرائجة الناشئة، وهي ضرورية لزيادة قوة العلامة التجارية وبقائها في أذهان العملاء.
سنتطرق فيما يلي إلى معرفة الوقت والطريقة المناسبة لإعادة بناء العلامة التجارية، ولكننا سنتعرّف أولًا على معنى مصطلح إعادة بناء العلامة التجارية.
ما هو مصطلح إعادة بناء العلامة التجارية؟
إذا غيّرت الشركة استراتيجيتها التسويقية جذريًا من خلال تغيير اسمها أو تحسين وإصلاح علامتها التجارية بالكامل، وعدّلت أيّ عنصر من عناصر التصميم بهدف تعزيز هوية العلامة التجارية الجديدة، فيُعرَف ذلك باسم إعادة بناء العلامة التجارية.
أعادت شركات عملاقة في مجالات متعددة بناء علامتها التجارية على مر السنين لتجنب تباطؤ أعمالها ومنعها من التراجع، إذ أعادت هذه الشركات بناء علامتها التجارية مرتين وثلاث وأربع مرات، بل وأكثر من ذلك.
لا تُعَد جميع نتائج إعادة بناء العلامة التجارية ناجحة، إذ لم يتعرّف أكثر من 40% من الأشخاص على شعار شركة أوبر Uber الذي أعيد تصميمه، وحصل على تقييم ثلاث نجوم فقط، بينما حصل الشعار السابق على تقييم أربع نجوم.
أسباب تجعلك تفكر في إعادة بناء علامتك التجارية
يمكن أن تحتاج العلامات التجارية إلى إعادة بناء لأسباب مختلفة منها:
- تصحيح الوضع.
- لدفع عجلة نمو الشركة عالميًا.
- للتخلص من صورة العلامة التجارية السيئة.
- بيع الشركة أو الاندماج مع شركة أخرى.
إذا كانت إعادة بناء العلامة التجارية جزءًا من استراتيجية استهداف مناطق جغرافية مختلفة، فيجب استخدام اسم علامة تجارية يجذب عملاء وثقافات مختلفة. كما أن إعادة بناء العلامة التجارية لا يعني دائمًا تجديد استراتيجية العلامة التجارية بالكامل. لنلقِ نظرةً على الظروف المختلفة التي يمكن أن تحتاج فيها الشركات إلى إعادة بناء علامتها التجارية.
تصحيح الوضع
يمكن لإعادة تنظيم العلامة التجارية والتزاماتها أن يساعد في تمييزها عن المنافسين وتوضيح مشاكلها، وستشكّل طريقةً جديدةً لسرد قصص العلامة التجارية Brand Storytelling التي تلقى صدًى لدى العملاء المحتملين.
دفع عجلة نمو الشركة عالميا
يمكن أن تكون إعادة بناء العلامة التجارية ضروريةً إذا كان اسم العلامة التجارية محددًا جدًا لبلد ما، وتخطط الشركة لتوسيع نطاق أعمالها إلى الأسواق العالمية. ومن الأمثلة البارزة عن هذه الحالة، تغيير أسماء الشركات Smiths إلى Lay’s وPostbank إلى ING و Raider إلى Twix.
التخلص من صورة العلامة التجارية السيئة
يمكن أن تكون إعادة بناء العلامة التجارية ضروريةً إذا كانت الشركة تتمتع بسمعة سيئة وتحتاج إلى تحسين نظرة العملاء إليها.
بيع الشركة أو الاندماج مع شركة أخرى
يؤدي اندماج شركتين معًا إلى وجود علامتين تجاريتين، وبالتالي ستكون إعادة بناء العلامة التجارية ضروريةً لتوحيد الهويتين، وستساعد في بناء الثقة مع العملاء وتجنب الالتباس.
أسباب تجعلك تعيد التفكير في إعادة بناء علامتك التجارية
يمكن أن تكون الأسباب السابقة ضروريةً بما يكفي لتفكر الشركات في إعادة بناء علامتها التجارية، إلا أن الأسباب التالية ستجعلها تعيد التفكير في ذلك ويمكن أن تتراجع عن هذه الفكرة.
إحداث ضجة قصيرة الأمد
لا تُعَد إعادة بناء العلامة التجارية حلًا إن لم تؤتِ جهود علامة الشركة التجارية ثمارها بعد أو لم تكتسب القدر الكافي من العملاء. يمكن أن تكون إعادة بناء العلامة التجارية قادرةً في أحسن الأحوال على إثارة ضجة قصيرة الأمد من خلال العلاقات العامة وحملات وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنها لن تنقذ الموقف بدون وجود استراتيجية مبيعات وتسويق مستدامة.
الذكرى السنوية لتأسيس الشركة
لا يُعَد إبراز الذكرى السنوية الخامسة والعشرين أو الخمسين أو الخامسة والسبعين أو المئة لتأسيس الشركة من خلال إعادة بناء العلامة التجارية أمرًا ضروريًا، إلا في حالة تخطيط المنظمة مسبقًا لإعادة بنائها ورغبتها في نشر الهوية الجديدة في الذكرى السنوية.
اعتقاد مجلس الإدارة أن الوقت حان لذلك
يمكن أن يكون وضع الشركة سيئًا، بحيث يكون الموظفون غير راضين، والإيرادات منخفضة والشراكات غير واضحة، وبالتالي سيفكر مجلس الإدارة الشركة في إعادة بناء العلامة التجارية. لكن لا ينبغي التفكير في إعادة بناء العلامة التجارية إلا إذا احتاجت الشركة فعليًا إلى تحديث هوية علامتها التجارية أو خططت لاستهداف سوق أو جمهور جديد.
رغبة إدارة الشركة في ترك أثر يميزها
يرغب المديرون التنفيذيون وأعضاء مجلس الإدارة في وضع بصمتهم في كثير من الأحيان، لذا فإن أول خطوة لذلك هي إعادة بناء العلامة التجارية، إذ لا يُعَد ذلك قرارًا استراتيجيًا لمساعدة الشركة على النمو على المدى الطويل أو زيادة الإيرادات أو تحسين اكتساب العملاء. ويتمثل الخطر الأكبر في طلب الإدارة التالية تحديثًا آخر بمجرد انتهاء فترة الإدارة الحالية.
حجم إعادة بناء العلامة التجارية
لنفترض أن الشركة قررت أنه قد آن الأوان لإعادة بناء علامتها التجارية، ولكن يمكن أن تتساءل هل ستحتاج إلى إعادة بناء كاملة، أم أن إعادة البناء الجزئية كافية؟ لدى العلامات التجارية المستقرة والراسخة الكثير لتخسره من عملية إعادة البناء بالأخص إذا كانت إعادة بناء كاملة، بينما تساعد إعادة البناء الجزئية في تحديث صورة العلامة التجارية لمواكبة آخر الاتجاهات الرائجة مع الاحتفاظ بالولاء للعلامة التجارية.
لا يمكنك تجنب إعادة بناء العلامة التجارية بالكامل إذا تغيرت قيم الشركة ورؤيتها، وتطورت عروض منتجاتها وخدماتها، واندمجت مع علامة تجارية أخرى، إذ يجب في هذه الحالة تغيير هوية العلامة التجارية وتصميم الشعار والأهداف وكل شيء تقريبًا عن العلامة التجارية تغييرًا كاملًا. سيشكّل حجم إعادة بناء العلامة التجارية الطريقة التي يجب اتباعها في عملية إعادة البناء حتى اكتمالها.
كيفية إعادة بناء العلامة التجارية
فهمنا حتى الآن ما تتطلبه إعادة بناء العلامة التجارية، وسبب الحاجة إليها، وتعلّمنا كيفية تقييم ما إذا كانت العلامة التجارية بحاجة إلى إعادة بناء جزئية أو كاملة، وسنتعلّم الآن كيفية تطبيق هذه العملية بطريقة صحيحة.
تتضمن عملية إعادة بناء العلامة التجارية ست خطوات في أغلب الأحيان هي:
- إجراء بحث عن العملاء والسوق المستهدفة.
- إعادة النظر في قيم الشركة ورؤيتها وأهدافها.
- التفكير مليًا بما تريد الاحتفاظ به وما يجب تغييره.
- إعادة بناء هوية العلامة التجارية.
- فهم مشاعر العملاء.
- بناء خطة لإعادة الإطلاق.
1. إجراء بحث عن العملاء والسوق المستهدفة
تُعَد الخطوة الأولى وإحدى الخطوات الأساسية في عملية إعادة بناء العلامة التجارية، إذ يجب أن تفهم الشركات كل جانب من جوانب عملها بما في ذلك عروضها الحالية ورضا العملاء وتصوّر علامتها التجارية على سبيل المثال لا الحصر.
يجب أن تساعد عملية البحث هذه في فهم مَن هو الجمهور المستهدف، وما المشاكل التي يواجهونها، ومدى ملاءمة حلول الشركة لحل تلك المشاكل لعملائها، وما الحلول الحالية في السوق وفجواتها إن وجدت.
2. إعادة النظر في قيم الشركة ورؤيتها وأهدافها
يمكن أن تتغير أهداف الشركات ورؤيتها مع نموها من حيث عدد الموظفين والإيرادات وحصة السوق وعروض المنتجات وغير ذلك، إذ يجب أن يكون كل قرار مُتّخَذ مدفوعًا برؤية ورسالة وقيم الشركة، وإذا تغير نهجها في أيّ مرحلة، فيجب عليها إعادة النظر أو إعادة تقييم رسالتها وتحديد مكانة علامتها التجارية.
كما يجب على الشركة مراجعة رؤيتها وأهدافها وقيمها قبل إعادة بناء علامتها التجارية، ويمكن أن تحتاج استنادًا إلى حجم إعادة بناء العلامة التجارية إلى إنشاء رؤية وأهداف وقيم جديدة مُستسقاة من روح تلك العلامة التجارية.
3. التفكير مليا بما تريد الاحتفاظ به
يجب في هذه الخطوة فهم المشكلة الرئيسية التي تحاول الشركة حلها، من خلال عملية إعادة بناء العلامة التجارية.
تتضمن قائمة عناصر علامة الشركة التجارية العناصر التالية في أغلب الأحيان:
- اسم العلامة التجارية.
- شعار أو رمز Logo العلامة التجارية.
- سطر وصف Tagline العلامة التجارية أو شعارها النصي Slogan.
- الألوان.
- الخط.
- تصميم الموقع.
- تصميم التطبيق.
يجب قياس هذه العناصر لتحديد قيمة العلامة التجارية ومصداقيتها وعائدات استثماراتها وفعاليتها وتميّزها، حيث يمكنك التأكد من قياسها بمساعدة بيانات التسويق والمبيعات بما في ذلك أداء موقع الويب وعمليات البحث عن العلامة التجارية ومتابعي وسائل التواصل الاجتماعي؛ كما سيكون تواصل الشركة مع الفئة المستهدفة وجمع آراء العملاء للحصول على صورة واضحة عمّا هو ناجح وما يحتاج إلى تحسين أو إصلاح أمرًا مفيدًا.
4. إعادة بناء هوية العلامة التجارية
يشكّل تصميم شعار العلامة التجارية وألوانها والخط والعناصر الرسومية والصور المُستخدَمة هويةَ العلامة التجارية.
يمكن أن تكون هوية العلامة التجارية للشركة قديمةً وتحتاج إلى تحديث، لذلك تكون إعادة بناء الهوية البصرية جزءًا مهمًا من عملية إعادة بناء العلامة التجارية.
تصميم الشعار
يمكن أن يحتاج الشعار الذي يُعَد جزءًا أساسيًا من العلامة التجارية إلى تحديث فقط ليمثل العلامة التجارية للشركة المُعاد بناؤها دون تصميمه من الصفر، لكن يمكنك إنشاء الشعار بنفسك باستخدام أداة إنشاء شعارات عبر الإنترنت مثل الأداة Picmaker، حيث تُعَد مبادئ تصميم الشعار ثابتةً ولا تتغير، إذ يجب أن يكون الشعار سهل التذكر وبسيطًا وقابلًا للتكيّف ومناسبًا لكل زمان وفريدًا.
ألوان العلامة التجارية
استخدم البحث الذي أجريته على السوق وعلم نفس الألوان لإرشادك في اختيار ألوان العلامة التجارية عند إعادة بنائها. إن لم تتغير منتجات الشركة وخدماتها عند إعادة بناء العلامة التجارية، فيمكن ألّا تتغير ألوان العلامة التجارية، ولكن يُعَد استخدام نظام ألوان جديد ضروريًا للترويج لخط جديد من المنتجات والخدمات وزيادة المبيعات.
الخط
يعتمد اختيار الخط على المجال الذي تعمل فيه الشركة والجمهور الذي تهدف إلى تلبية احتياجاته. فإذا تضمّنت الفئة المستهدفة أشخاصًا تتراوح أعمارهم بين 35 و45 عامًا مثلًا، فإن الخط Sans Serif سيوفر مظهرًا وأسلوبًا احترافيًا، وستصل رسالتك إليهم بسهولة. بينما تمثّل الخطوط الفنية والإبداعية مثل الخط Melon العلاماتِ التجارية التي تلبي احتياجات الأطفال والمراهقين والشباب في عُمر أوائل العشرينات.
عناصر الرسوم والصور
تلعب الصور وعناصر التصميم التي تُعَد جزءًا من هوية العلامة التجارية للشركة، دورًا حيويًا في أسلوب ومظهر العلامة التجارية المعروضة للجمهور. وإذا تغيرت عناصر العلامة التجارية مثل الشعارات، فيجب تغيير الصور والعناصر الرسومية لإنشاء تصاميم متماسكة ومتناسقة.
5. فهم مشاعر العملاء
بما أن إعادة بناء العلامة التجارية بدأت في التبلور، فيجب أن تصل إلى العملاء وأصحاب المصلحة للحصول على آرائهم، إذ يجب التحقق مما إذا كانت عناصر العلامة التجارية المُعاد بناؤها والأهداف والرؤية واضحةً وتفي بتوقعات العملاء. وإن لم تكن الآراء إيجابية، فيجب ضبط رسالة الشركة لتصل الوضوح المطلوب.
6. بناء خطة لإعادة إطلاق العلامة التجارية
يجب على الشركات في هذه الخطوة أن تتماشى مع روح العلامة التجارية الجديدة وأن تستعد لإعادة إطلاقها، إذ يجب نشر ذلك باستخدام وسائل مختلفة، مثل التلفاز والإعلانات المطبوعة، وذلك باستخدام الملصقات أو المنشورات، ووسائل التواصل الاجتماعي.
تتمثل الخطوة التالية في نشر بيان صحفي يعلن عن إعادة بناء العلامة التجارية ومعناها بالنسبة للشركة وأصحاب المصلحة والعملاء، وبذلك تكتمل عملية إعادة بناء العلامة التجارية التي تؤدي إلى بداية جديدة.
الخلاصة
تكون إعادة بناء العلامة التجارية ضروريةً مع نمو الشركات وتطور الاتجاهات الرائجة وتغيير احتياجات العمل، إذ تحتاج الشركات إلى إعادة بناء علامتها التجارية بعد سبع إلى عشر سنوات وسطيًا للبقاء في الصدارة بين منافسيها، ولتلبية احتياجات عملائها، ودعم عملية نمو أعمالها. لكن يجب على الشركات تقييم الأسباب عندما تقرر إعادة بناء علامتها التجارية، لأنها تكلّف مالًا ووقتًا وموارد بشرية، ولا يوجد ضمان حقيقي بنجاحها حتى بعد مراجعة الرؤية والأهداف وتحديث روح العلامة التجارية وتجديد عناصرها أو إصلاحها.
إذا كانت الشركات متأكدةً من قرار إعادة بناء علامتها التجارية، فيجب عليها اتباع عملية من ست خطوات قبل إعادة الإطلاق. تبدأ العملية بإجراء بحث عن العملاء والسوق المستهدفة، ثم يجب إعادة النظر في قيمها الحالية وأهدافها ورؤيتها وتقييم ما يمكنها الاحتفاظ به وإعادة بناء هوية علامتها التجارية، كما يجب جمع الآراء للتحقق مما إذا كانت روح العلامة التجارية الجديدة واضحةً ومباشرةً وتعكس التغييرات التي أُجريت.
الخطوة الأخيرة هي إعادة الإطلاق، إذ يجب على الشركات الاستفادة من القنوات الإعلانية ووسائل الإعلام المختلفة لنشر الخبر، ويجب إجراء بيان صحفي يعلن عن إعادة بناء العلامة التجارية، مما يجعل العملية رسميةً أكثر.
ترجمة وبتصرف للمقال Rebranding: When And How To Do It The Right Way لصاحبه Suhith Kumar.
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.