في الحقيقة، يشير مصطلح "المنتج" إلى أي شيء تقدمه الشركة لإرضاء الزبائن، سواء كان هذا الشيء محسوسًا، أو غير محسوس، وقد يكون هذا الشيء على شكل منتج منفرد، أو مجموعة من المنتجات، أو مزيج بين منتج، وخدمة، أو مجموعة من المنتجات، والخدمات المترابطة، ويحمل المنتج -عادةً- اسمًا عامًا (مثل الموز) و-كذلك- علامةً تجارية (مثل Chiquita). ورغم أن المنتج يُعرّف عادة من وجهة نظر الشركة المنتجة، فمع ذلك يجب ألا نَغْفَلَ -أيضًا- عن تعريف المنتج من وجهة نظر المستهلك، وغيره من شرائح الجمهور المعنيّة بالمنتج.
فمن وجهة نظر شركة كرافت مثلًا، تمثل وجبتها الجاهزة المكوّنة من المعكرونة، والجبنة، منتجًا غذائيًا يحتوي على مكوّنات معيّنة، وهو يُغلف، ويُوزّع، ويُسعّر، ويُروّج بطريقة فريدة، تحقق الأرباح للشركة، أمّا من وجهة نظر المستهلك، فيمثل المنتج وجبة طعام صحيّة سهلة الإعداد والتحضير، ويحبها جميع أفراد العائلة، وخصوصًا الأطفال، وأمّا بالنسبة إلى جمهور بعينه، مثل إدارة الغذاء، والعقاقير الأمريكيّة، فإن المنتج يمثل مجموعة من المكونات التي تلبي الحد الأدنى من المعايير المحددة للجودة، والتخزين، والتوزيع.
لذا لابدّ من فهم الفرق بين وجهات النظر الثلاثة، ومراعاتها، حتى يتسنى للمنتج النجاح، والاستمرار، فعلى سبيل المثال: قد تنتج شركةٌ دواءً لتخفيف الوزن، وقد يلقى هذا الدواء قبولًا كبيرًا لدى المستهلكين، ويحقق أرباحًا كبيرة للشركة، ولكنه لسوء الحظ لا يتوافق مع المعايير الطبيّة المحددة بواسطة الحكومة، وبالمثل قد تُحسّن شركة أغذيّة جودة الخضروات المجمّدة التي تقدمها، دون أن يؤدي ذلك إلى زيادة إقبال المستهلكين على شراء المنتج، وذلك لأن المستهلكين -ببساطة- لم يلاحظوا هذه التحسينات، وبالتالي، فإن قيمة المنتج ترتبط دومًا بحاجات، ورغبات كل من المسوّقين، والمستهلكين، وغيرهم من الشرائح المعنيّة، ويمكن تعريف المنتج على النحو التالي: أي شيء، ملموس أو غير ملموس، تقدّمه الشركة لإشباع حاجات المستهلك، ورغباته، على نحو يحقق الأرباح، ويتوافق مع المعايير الحكوميّة والمجتمعيّة.
يتضمن كل منتج أربعة مستويات أساسيّة وهي: المنتج الأساس، والمنتج الفعلي، والمنتج المعزز، والمنتج الموعود (انظر الشكل الآتي).
في البداية، يركز المنتج الأساس على مشاعر المستهلكين عند شراء المنتج، فعلى سبيل المثال: قد يُقْدِمُ مستهلكٌ مصاب بالسمنة -وفي الخامسة والأربعين من عمره- على شراء دراجة هوائيّة بعشرة غيارات، وبقيمة 250 دولار، لا بهدف استخدامها في التنقل، وإنما بهدف التمرّن، وتحسين حالته الصحيّة. وبالمثل: قد يبني المستهلك ذاته مسبحًا بقيمة 16.000 دولار في الباحة الخلفيّة من منزله، لا من أجل التمرّن على السباحة، وإنما ليعكس مكانته الاجتماعيّة، ووضعه المادي. يعبّر المثالان السابقان عن المنتج الأساس، الذي يتسم بكونه شخصيًا، ومبهمًا في أغلب الأحيان، وهو ما يملي على المسوّقين تخصيص كثير من الوقت، في محاولة للتعرّف على المنتج الأساس لدى الشريحة التسويقية المستهدفة.
صورة توضح مستويات المنتج
وبعد تحديد المنتج الأساس، يأتي دور التعرّف على المنتج الفعلي، والذي يعكس مستوى جودة المنتج، ومزاياه، وشكله، وغلافه، وعلامته التجاريّة، ويتضمن كل منتج بشكل، أو بآخر، جميع هذه الجوانب المتعددة، وما لم يكن المنتج فريدًا من نوعه مثل: لوحة زيتية نادرة، فإن المستهلك سوف يلجأ لهذه الصفات الملموسة لتقييم البدائل، والاختيار بينها، مع العلم أن أهميّة كل صفة من هذه الصفات تختلف بحسب المنتج، والحالة، وشخصية المستهلك، فعلى سبيل المثال: قد يرغب مستهلك -وهو في سن الخامسة والعشرين- بشراء سيارة (المنتج الأساسي = التنقل) وقد يختار السيارة بناءً على سمات ملموسة مثل: الشكل، والعلامة التجارية (الخيار = Corvette)، في المقابل، قد يقرر المستهلك ذاته شراء سيارة أخرى في سن الخامسة والأربعين، في هذه الحالة ما زال المنتج الأساس كما هو، ولكن المعايير الحسيّة قد تتغير، وقد تصبح معايير الجودة، والمزايا الإضافيّة أكثر أهميّة لدى المستهلك (الخيار = مرسيدس).
أما المستوى الآتي فهو المنتج المعزز، وهو المنتج الذي يتمتع بمجموعة من الخدمات الإضافية المكمّلة، وفي أغلب الأحيان، يرفض المستهلك شراء المنتج الأساس، أو الفعلي، ما لم تكن هذه الخدمات موجودة، على سبيل المثال: يجب أن تتوفر في أي متجر حمامات، ومصاعد، وسلالم، وإلّا فإن المستهلكين لن يزوروه، وبالمثل، قد يرغب المستهلكون بالحصول على ضمانة، والحق في إرجاع المنتج عند شراء ماكينة لجزّ العشب، لقد بات معروفًا عن شركة داو للكيماويات، أنها تفعل المستحيل من أجل تقديم الخدمات لزبائنها، فقد تكلّف الشركة مندوب مبيعات بزيارة مُزَارِعٍ، وقضاء ساعات معه لحل مشكلة يواجهها. إن هذه الخدمة الإضافيّة تمثل جزءًا لا يتجزأ من المنتج المعزز، بل هي مفتاح نجاحه، لقد بات المنتج المعزز يلعب دورًا متزايدًا في عالمنا الحالي، حيثُ يكثر المنافسون، وتقل المنتجات الفريدة.
وأمّا المستوى الأخير، فهو المنتج الموعود، إذ يحمل كل منتج في طياته وعدًا ضمنيًا، ويزداد ارتباط هذا الوعد بالمنتج بمرور الوقت، فعلى سبيل المثال: قد يُقدم مستهلك على شراء سيارة مرسيدس، وذلك بناء على وعد ضمني بأن تظل السيارة محتفظة بقيمتها التجاريّة عند بيعها، وقد يبني مستهلك آخر مسبحًا استنادًا إلى وعدٍ ضمنيٍ، بأن أبناءه سوف يقضون وقتًا أطول في المنزل.
الآن وبعد أن ناقشنا مكوّنات المنتج، حان الوقت لدراسة سُبل تصنيف المنتجات، وذلك لتسهيل تصميم الاستراتيجيّات الملائمة لها.
تصنيف المنتجات
لقد بات من الواضح لديك مدى صعوبة تطوير برامج تسويقيّة ناجحة للمنتجات، ولعلاج هذه الصعوبة فقد ظهر العديد من أساليب تصنيف المنتجات، وذلك على أمل الخروج باستراتيجيّات تسويق ملائمة، ولكن أبرز أسلوبين هما:
(1) تصنيف البضائع الاستهلاكيّة مقابل البضائع الصناعيّة.
(2) تصنيف منتجات البضائع مقابل المنتجات الخدميّة.
السلع الاستهلاكيّة مقابل السلع الصناعية
تعتمد الطريقة التقليدية في تصنيف المنتجات على تصنيفها إلى سلع استهلاكيّة، أو صناعيّة، فعندما نشتري المنتجات من أجل الاستهلاك الشخصي أو العائلي، دون وجود نيّة لبيعها للآخرين، فإننا نصف تلك المنتجات في هذه الحالة بأنها سلع استهلاكيّة، في المقابل، يعبّر مصطلح السلع الصناعيّة عن تلك المنتجات التي يشتريها فرد، أو شركة للتعديل عليها، أو إعادة توزيعها على المستهلكين النهائيين، وذلك بهدف تحصيل الربح، أو تحقيق مآرب أخرى.
تصنيف السلع الاستهلاكية
لطالما صنّف المسوقون المنتجات الموجهة إلى المستهلكين إلى ثلاث فئات: منتجات الراحة، ومنتجات التسوّق، والمنتجات المتخصصة.
أمّا منتج الراحة فهو ذاك المنتج الذي لا يتطلب بذل أي جهد يُذكر من المستهلك، وبالتالي، يُعد التوزيع المكثف استراتيجية التسويق الأساسيّة في هذه الحالة، وذلك يعني توفر المنتج، وإمكانيّة الوصول إليه بسهولة في جميع منافذ البيع الممكنة، وتُعد آلات البيع من الأمثلة على توزيع منتجات الراحة، وتتسم هذه المنتجات -عادةً- بأنها موحدة، ومنخفضة التكلفة، وتروّج في الغالب في جميع أنحاء البلاد، ولكن مفتاح نجاحها هو إقناع تجار الجملة، والتجزئة بالمنتج، إذ إن عدم توفر المنتج في الموعد، والمكان، والشكل الذي يرغب فيه المستهلك، يعني فشله.
ومن وجهة نظر المستهلك، يجب ألا تستغرق عملية شراء منتجات الراحة كثيرًا من الوقت، والجهد، والتخطيط، وهو ما يوجب على المسوّقين العمل من أجل زيادة شهرة العلامة التجاريّة، ووعي الجمهور بها، ويمكن تحقيق ذلك من خلال الإعلان الجماهيري المكثّف، واستخدام آليات ترويج المبيعات، مثل توفير الخصومات، وإقامة المعارض، والتغليف الفعّال، ومما يدل على نجاح هذه الاستراتيجيات أننا نتخذ قرارات الشراء في كثير من الأحيان بصورة عفويّة، وفوريّة، كما يُعد توفر المنتجات أمرًا مهمًّا، إذ يتوقع المستهلكون العثور على مجموعة واسعة للغاية من المنتجات في كل متجر، بدءًا من المنتجات اليوميّة، مثل الخبز، والمشروبات الغازيّة، وحتى المنتجات التي يندر شراؤها، وتُستعمل في حالات خاصّة، مثل: منظفات السجاد، والزهور.
في المقابل، يرغب المستهلكون بالموازنة بين منتجات التسوّق، وتقع السيارات، والأثاث، والأجهزة الكربائيّة، والمنازل، ضمن هذه الفئة من المنتجات، وبالتالي، لا حاجة لتوزيع هذه السلع على نطاق واسع، ورغم ترويج العديد من السلع الاستهلاكيّة في جميع أنحاء البلاد، إلا أن قدرة تاجر التجزئة على تمييز نفسه عن الآخرين، هي ما تحقق المبيعات، وقد يرتبط تميّز تاجر التجزئة بعوامل أخرى تساعد على البيع مثل: قوة العلامة التجاريّة، والترويج الفعّال، وتوفّر إمكانية الشراء ببطاقات الائتمان، كما يتميز العديد من منتجات التسوّق بتقديم الخصومات، وذلك بسبب رغبة تجار التجزئة في توفير تجربة تسوّق جذابة للزبائن، ومع ذلك، يتسم معدل بيع هذه المنتجات بأنه بطيء، أي أن جزءًا كبيرًا من رأس المال لدى تجار التجزئة، موجود في المخازن، يُضاف إلى ذلك ضرورة توفير الخصومات، وتقديم خدمات استثنائية من أجل جذب الزبائن، وهو ما يوجب على الشركات توفير الدعم لتجار التجزئة الذين يتولون بيع منتجاتها.
تمثل المنتجات الخاصّة الفئة الثالثة من المنتجات، وهي من وجهة نظر المستهلك منتجات فريدة تستحق عناء البحث عنها، وشرائها، وبصفة عامّة -تقريبًا- لا يُعد السعر عاملًا مؤثرًا على مبيعات السلع الخاصّة، ورغم أن هذه المنتجات قد تكون مصنوعة خصيصًا، مثل: الباروكة، أو وصلة الشعر، أو فريدة من نوعها، مثل: تمثال، أو تحفة فنيّة، إلا أنها قد تكون منتجات عاديّة، ولكن المسوّق نجح في جعلها خاصّة في ذهن المستهلك، فعلى سبيل المثال: قد تُعد زبدة كريسكو -وهي زبدة شهيرة في الولايات المتحدة- منتجًا فريدًا في نظر المستهلك الذي قد يدفع أيّ ثمن لشرائها، وقد لا يقبل المستهلك بأي بديل عنها عند عدم توفرها، وقد يذهب إلى متجر آخر، أو حتى يؤجل تحضير الفطيرة التي يرغب بها إلى حين توفّر هذه الزبدة، وبالمثل -أيضًا- قد يشعر بعض الناس بارتباط شديد بحلاق معيّن، وقد ينتظرون وقتًا طويلًا من أجل الوصول إليه، وحتى عندما ينتقل هذا الحلاق إلى صالون حلاقة آخر، فإنهم قد ينتقلون معه. وبشكل عام، يجب على المسوّق أن يسعى لرفع منتجه من فئة منتجات التسوّق، إلى فئة المنتجات الخاصّة، وباستثناء العمل من أجل تخفيض السعر، يجب أن تسعى جميع الأنشطة التسويقيّة الأخرى إلى تحقيق هذه الغاية.
تصنيف السلع الصناعية
تُعرّف السلع الاستهلاكيّة بأنها منتجات موجهة إلى المستهلك النهائي.3 ورغم أن معرفة معظم القراء قد تقتصر على السلع الاستهلاكيّة، إلا أن السلع الصناعيّة تمثل فئة من المنتجات لا تقل أهميّة عنها، كما أن بعض الشركات لا تبيع سوى هذه الفئة من المنتجات، صحيح أن التسويق الصناعي أكثر تخصصية، ولكن مفاهيم هذا الكتاب تنطبق بصفة عامة على كل من التسويق الصناعي، والاستهلاكي.
ويمكن تصنيف المنتجات الصناعيّة إما من وجهة نظر الشركة المشتريّة، وكيفيّة شرائها للمنتج، أو من وجهة نظر الشركة المصنعة، وكيفية تصنيعها للمنتج، وتكاليف إنتاجه، فيما يمثل الخيار الثاني معيارًا أكثر دقة لتصنيف هذه المنتجات.
توفر المزارع، والغابات، والمناجم، والمحاجر منتجات استخراجيّة أوليّة للشركات المنتجة، ورغم أن بعض المنتجات تكون جاهزة للاستهلاك عند مغادرتها للمزرعة، إلا أن معظم منتجات المزارع، وغيرها من المنتجات الاستخراجيّة، تتطلب بعض المعالجة قبل بيعها إلى المستهلك، ويمكن تقسيم المنتجات الاستخراجيّة إلى منتجات زراعيّة، ومنتجات طبيعيّة، وذلك لأنها تُسوق بطرق مختلفة قليلًا.
أما المنتجات المصنعة، فهي تلك المنتجات التي خضعت للمعالجة بشكل أو بآخر، ويرتبط الطلب على السلع الصناعيّة المصنعة -عادةً- بالطلب على السلع الاستهلاكيّة، وتجدر الإشارة هنا إلى وجود أنواع متعددة من السلع الصناعيّة المصنعة.
وأمّا المنتجات شبه المصنعة، فهي عبارة عن مواد خام، خضعت لبعض المعالجة، ولكنها ما زالت بحاجة إلى مزيد من المعالجة حتى تتحوّل إلى منتجات مفيدة للمستهلك، ويُعد الخشب، والنفط من الأمثلة على هذه المنتجات، ولأن هذه المنتجات متشابهة، ولا تختلف عن بعضها في الغالب، فإن التركيز ينصب فيها على السعر، وسمعة البائع.
تمثل الأجزاء، والقطع منتجات مصنّعة تُستخدم في صناعة منتجات أخرى، مثل المحرّكات في آلات قطع العشب، وعجلات القيادة في السيارات الجديدة، ولأن هذه المنتجات تُطلب -عادةً- بشكل مسبق، وبكميّات كبيرة، فإن السعر، وجودة الخدمة، يُعدان أهم العوامل التسويقية فيها.
تمثل الآلات الصناعيّة المعدّات الأساسيّة المستخدمة في تصنيع السلع الأخرى، وتشمل هذه الفئة المراجل، وآلات الخراطة، وأفران الصهر، والمصاعد، وأنظمة الحزام الناقل، وتعتمد عملية تسويق هذه المنتجات على جهود مندوبي المبيعات المحترفين، والتي تستند إلى خبرات المهندسين، والفنيين، كما أنها تتطلب قدرًا كبيرًا من العلاقات الشخصيّة.
أمّا المعدات، فهي تشمل الأدوات المتنقلة، المستخدمة في المصنع مثل: الرافعات الشوكيّة، ومعدات إطفاء الحريق، أو المكتب، مثل: الحواسيب، وآلات التصوير. ورغم أن هذه المعدّات لا تدخل مباشرة في تكوين المنتج، إلا أنها تساعد في عملية الإنتاج، وقد تُباع مباشرة من الشركة المصنّعة إلى المستخدم، أو من خلال وسيط، وخصوصًا في الأسواق المنتشرة جغرافيًا، وتتطلب استراتيجية تسويق هذه المنتجات أخذ العديد من العوامل التسويقيّة في الحسبان، مثل جودة المنتج، ومزاياه، وسعره، وتوفّر الخصومات، والعروض.
لا تدخل اللوازم، والخدمات في المنتج النهائي، ولكنها ضروريّة لعملية الإنتاج، وتشمل اللوازم: الورق، والأقلام، والوقود، والمكانس، والصابون، ونحو ذلك، وهي تُشترى -عادةً- على أنها منتجات راحة، ولا يتطلب شراؤها كثيرًا من الجهد والتقييم، أمّا الخدمات فتشمل الصيانة، مثل: تنظيف المكتب، والتصليح، مثل: السباكة، والاستشارات، مثل: الاستشارات القانونيّة، وبسبب صعوبة التنبؤ بالحاجة إلى الخدمات، تميل الشركات، والمصانع في أغلب الأحيان إلى الحصول عليها من خلال عقود طويلة نسبيًا.
السلع مقابل الخدمات
لطالما كان التفريق بين السلع، والخدمات، محل جدل كبير في عالم التسويق، إذ يؤكد معارضو التفريق بينهما أن السلع، والخدمات هي منتجات في النهاية، وأن وجود بعض الفروقات بينها لا يعني ضرورة وجود استراتيجيات تسويق خاصة بكل منهما، وفي المقابل، يشير مؤيدو التفريق بين السلع، والخدمات، إلى أن الفروقات بينهما كبيرة للغاية، والحقيقة أن الخدمات تختلف عن السلع، وأن المنتجات الخدماتيّة تمثل قطاعًا تسويقيًا كبيرًا لا يمكن تجاهله.
وتشمل المنتجات الخدماتيّة -على سبيل المثال لا الحصر- شركات الماء، والكهرباء، ومحلات الحلاقة، ووكالات السفر، والمنتجعات الصحيّة، وشركات الاستشارات، ومؤسسات الرعايّة الصحيّة، والمصارف، وتحظى الخدمات بحوالي 50% من إجمالي إنفاق المستهلكين، وتوفر 70% من الوظائف، وتمثل ثلثي الناتج القومي الإجمالي الأمريكي، ومن الواضح أن قطاع الخدمات بات كبيرًا للغاية، وهو يزداد نموًّا كل يوم، ورغم وجود العديد من القواسم المشتركة بين السلع، والخدمات، إلا أن المنتجات الخدماتيّة تختلف عن السلع من نواحٍ متعددة.
مميزات المنتجات الخدماتية
تتسم المنتجات الخدماتيّة بالتنوع الشديد، ومع ذلك، فثمة العديد من السمات التي تنطبق على جميع المنتجات الخدماتيّة، ومنها أنها:
غير ملموسة
السلعة - كما أشار بيري - "هي شيء أو جهاز، أمّا الخدمة فهي جهد أو فعل". فعندما تشتري سلعة، فإنك تحصل على شيء يمكن رؤيته، أو لمسه، أو تذوقه، أو ارتداؤه، كما يمكنك عرضه أمام الآخرين، وهذا الأمر لا ينطبق على الخدمة.
ورغم أنك تدفع مقابلًا ماديًّا للحصول على الخدمة، لكنك لا تحصل على شيء ملموس يمكن رؤيته، أو عرضه، فعلى سبيل المثال: عندما تحضر مباراة كرة قدم، فإنك تدفع ثمن التذكرة للدخول إلى الملعب، ورغم أنك تمضي ثلاث ساعات -تقريبًا- وأنت تستمتع في مشاهدة المباراة، لكنك في النهاية لا تحصل على أي شيء ملموس.
التزامن بين الإنتاج، والاستهلاك
تتسم المنتجات الخدماتيّة بأنها تُنتَجُ، وتُستَهلَكُ في اللحظة ذاتها، فعلى سبيل المثال: تنتج المواقع السياحيّة متعة لدى السياح عند زيارتها، وبالتالي فإن الإنتاج في هذه الحالة يتزامن مع الاستهلاك، أمّا السلع الاستهلاكيّة فهي تُنتج ثم تُخزّن ثم تُستهلك، ونتيجة لهذه الميزة -أي التزامن بين الإنتاج والاستهلاك- يجب أن يكون مزوّدُ الخدمة موجودًا عند استهلاكها، فالأطباء، والحلاقون، وراقصات الباليه، جميعهم يتواجدون عند استهلاك الخدمة.
غياب التماثل بين الخدمات
ترتبط المنتجات الخدماتيّة ارتباطًا وثيقًا بالأشخاص القائمين على توفيرها، وبالتالي فإن الحصول على المستوى ذاته من الرضا في كل مرّة قد يكون صعبًا للغاية، فعلى سبيل المثال: يمر أطباء الأسنان بأيام سيئة تؤثر على جودة الخدمات التي يقدّمونها، كذلك قد لا تكون جميع مباريات كرة القدم مثيرة بالضرورة، وقد لا تكون زيارتك الثانية إلى مدينة الملاهي ممتعة مثل الزيارة الأولى، وهكذا.
مشاركة المشتري في إنتاج الخدمة
يستطيع المشتري في العديد من المنتجات الخدماتيّة، إدخال كثير من التعديلات على الشكل النهائي للمنتج، فعلى سبيل المثال: إذا كنت ترغب بالخروج في رحلة بحريّة، فإن وكيل السفر سوف يمنحك مجموعة واسعة من الخيارات التي تشمل حجم القارب، ومسار الرحلة، والطعام، ووسائل الترفيه، والأسعار، ومواءمة الرحلة للأطفال، ورغم أن عملية الاختيار قد تكون شاقّة ومحيّرة، إلا أن الزبون يستطيع تصميم رحلته من بدايتها إلى نهايتها.
تجدر الإشارة إلى أن هذه السمات الأربعة المرتبطة بالمنتجات الخدماتيّة تختلف في حدتها من خدمة إلى أخرى، وذلك كما هو موضح في الشكل التالي:
صورة توضح الفرق بين السلع والخدمات
إننا من خلال هذه الملاحظة نرغب بالإشارة إلى الأمور التالية:
(1) المنتجات الخدماتيّة في يمين الخط البياني (ليست ملموسة) وتختلف عن السلع في يسار الخط.
(2) معظم التسويق يتركز -عادةً- في يسار الخط البياني.
(3) تتطلب المنتجات الخدماتيّة إدخال بعض التعديلات على استراتيجية التسويق، حتى تصبح ملائمة للفروقات التي ذكرناها آنفًا.
ورغم أن المنتجات الخدماتيّة تختلف في تسويقها عن السلع، فمع ذلك يجب أن نتذكر أن جميع المنتجات؛ سواءٌ كانت سلعًا، أو خدمات، أو بطانيات، أو حفاظات، أو صحونًا زجاجية، تمتلك مزاياها الخاصّة التي تتطلب إدخال بعض التعديلات على الجهود التسويقيّة، ولكن يمكن القول بصفة عامة أن السلع "المحضة" والخدمات "المحضة" تتطلب استراتيجيات تسويقية متناقضة، ومع ذلك، لا يستطيع أحد أن ينكر أن توفير منتج استثنائي بالسعر المناسب، ومن خلال قنوات توزيع يَسهُلُ الوصول إليها، مع ترويجه بطريقة مكثّفة وملائمة، يضمن نجاح أي منتج.
ترجمة -وبتصرف- لأجزاء من الفصل (Introducing and managing the product) من كتاب Core Concepts of Marketing
اقرأ أيضًا
- المقال التالي: التخطيط للمنتج واستراتيجيات الدخول إلى السوق
- المقال السابق: كيف تؤثر البيئة المحيطة على التسويق العالمي؟
- النسخة العربية الكاملة لكتاب مدخل إلى التسويق
- تطوير منتج جديد خطوة بخطوة
أفضل التعليقات
لا توجد أية تعليقات بعد
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.