اذهب إلى المحتوى

من الشائع جدًا إضاعة الكثير من الوقت على شاشات هواتفنا المحمولة، ومن هنا تأتي أهمية تبسيط تصميم تجربة المستخدم، التي تساعد المستخدمين على تبنّي عادات صحية أكثر في الارتباط بهواتفهم الذكية.

كان الكثير منا يسعى إلى تخفيف إدمانه للهواتف الذكية حتى قبل جائحة كورونا، لكننا اليوم نستخدم هذه الهواتف أكثر من أي وقتٍ مضى.

وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب هي المتهم الأول، لكن السبب الأساسي هو دفع الإشعارات والشعارات التنبيهية والأصوات والاهتزازات التي تضفي شعورًا غير مبرر بالإلحاح والاستعجال. من ناحية أخرى فإن الإعلانات داخل التطبيق قد تصرف انتباه المستخدم عن غايته الأساسية، من خلال دعوته للتسوق بدلًا من أداء الأمر الذي فتح التطبيق من أجله. وإذا عممنا هذه التجربة على عشرات التطبيقات المتوفرة، فلا عجب في أن نرغب أحيانًا بالتخلص من الهاتف وإلقائه من أقرب نافذة!

اقتباس

على المصممين أن يكونوا أوعى بشأن حالة المستخدم وأن يفهموا الغاية التي يحاول إنجازها.

-- دوج كيم، المدير الرئيسي لتصميم المحتوى في مايكروسوفت أزور.

درجت العادة أن يعمل مصممو المنتج على جعل المستخدم يتكيف مع التكنولوجيا التي يقدمونها، لكن يفترض أن يحدث العكس، وفقًا لما يصرح به كيم.

هناك الكثير من الإعدادات البسيطة الموجودة أصلًا في الهاتف للمساعدة على ضبط الاستخدام، مثل إعدادات الإشعارات ووضع عدم الإزعاج، كما يمكن الاستعانة بأدوات خارجية لضبط الإنتاجية، مثل StayFocusd أو Freedom للمساعدة على تحديد وقت استخدام تطبيقات معينة. قد تجدي هذه الحلول نفعًا لدى البعض، لكنها تتطلب قدرًا كبيرًا من ضبط النفس، وهو ما تهدف الكثير من التطبيقات إلى تقويضه.

يسعى المستخدم إلى التحكم أكثر بتجاربه الرقمية، لذلك يعمل المصممون اليوم على تطوير إستراتيجيات بسيطة لتجربة المستخدم من أجل تحفيز الارتباط الصحي بالهواتف الذكية.

الارتباط يعادل القيمة، لكن ما التكلفة؟

تعمل معظم تطبيقات الهواتف المحمولة على تعزيز الارتباط بالمستخدم، وتدور نماذج عملها حول الفترة الزمنية التي يقضيها المستخدم على التطبيق وعدد مرات عودته لفتحه. السبب في ذلك أن الارتباط بالتطبيق يُعَد مقياسًا لقيمة هذا التطبيق أو الخدمة في نظر المستخدم. وقد تبين أن المستخدمين ذوي الارتباط الأعلى أكثر احتمالًا لأن يشتروا أو يعودوا أو يشاركوا التطبيق أو الخدمة مع الأصدقاء، وهو ما يعني المزيد من الربح للمشروع التجاري، فضلًا عن كسب ولاء المستخدمين.

لكي يلبي التطبيق أهداف العمل، يتعين على المصممين تشجيع المحافظة على تركيز المستخدم لأطول فترة ممكنة، ولتحقيق ذلك يجب أن يختبر المصمم كل النقاط التالية:

  • سهولة الاستخدام: هل المنتج سهل الاستخدام؟
  • الشكل والمظهر:هل المنتج جذاب وسهل الفهم؟
  • المشاعر: هل يقدّم المنتج معلومات مقنعة أو يحكي قصة مهمة؟
  • روح المسابقة: هل يثير المنتج الرغبة بإتمام مَهمة ما عبر استخدام أسلوب الألعاب مثل اكتساب النقاط أو الأوسمة؟
  • الاندماج في المجتمع: هل يمكّن التطبيق المستخدمين من التواصل مع أشخاص آخرين؟

لكن إلى جانب ذلك، يحتاج المصممون إلى مراعاة الجوانب الأخلاقية عند محاولة إقناع المستخدمين بمزيدٍ من الارتباط.، وتُعَد كل من العبارات التسويقية المضللة أو المتلاعبة، وطلبات الموافقة غير الواضحة، والإشعارات المستمرة، من الأمثلة على مطالبات الارتباط التي قد تلحِق الأذى بالمستخدم.

يتمثل أحد الحلول بإنشاء مخرج يساعد المستخدمين على التوقف، كما في رسالة “You’re All Caught Up” أو "وصلتَ إليه بالكامل" التي يعرضها إنستاجرام عندما تصل إلى نهاية المحتوى الجديد، وهي طريقة جميلة لتجنب استمرار المستخدم في التمرير للأسفل عند تصفحه آخر الأخبار، من خلال إشعاره بإتمام الأمر، ليتمكن من إغلاق التطبيق وهو مطمئن والانتقال إلى نشاط آخر.

يرغب بعض المصممين في مساعدة المستخدم على المزيد من التحكم، وفيما يلي بعض الطرائق المساعدة على ذلك.

ابدأ بواجهة مستخدم أهدأ

من أسهل الطرائق لجعل الارتباط بين المستخدم وهاتفه الذكي مقتصرًا على حاجات المستخدم المقصودة فقط (أي ما يسمى بالارتباط المقصود)؛ إنشاء واجهة أقل تطلُّبًا، من خلال حلول خارجية، مثل حزم توحيد لون الأيقونات التي يمكن شراؤها في هواتف أيفون، أو مشغلات التبسيط minimalist launchers المتوفرة لأجهزة الأندرويد.

من الأمثلة على هذه المشغلات؛ Minimalist Phone أو الهاتف المبسَّط، والذي لا يكتفي بتبسيط الناحية الجمالية، بل صُمم للمساعدة على تعزيز الارتباط المقصود بين المستخدم وهاتفه المحمول. يقول المصمم ومهندس الحلول لأداة Minimalist Phone مارتن مورافيك: "اعتمد قرار التصميم لدينا على كسر الأنماط القديمة التي تعزز فرط استخدام الهاتف الذكي، ومحاولة تعويد الناس على سلوكيات صحية أكثر، من خلال اعتماد أنماط استخدام صحية بديلة".

يعتمد هذا المشغّل اللون الأسود والأبيض، وواجهته نَصّية فقط، من أجل كبح جماح المستخدم وجعل نقره التلقائي على أيقونة التطبيقات التي تشد انتباهه أكثر صعوبة. الرمز الوحيد الذي يظهر في الواجهة هو رمز مستوى البطارية.

02(1).png

تتميز واجهة Minimalist Phone بأنها باللون الأسود والأبيض، ونَصّية فقط، وتتضمن مؤشرًا بسيطًا لمستوى البطارية على شكل دائرة تحيط بالتاريخ والوقت.

أثناء إعداد المشغل، فإنه يحاول منع المستخدم من وضع أي تطبيق مشتت للانتباه في قائمة المفضلة (انظر الصورة) على الشاشة الرئيسية، كما يستطيع المستخدم إخفاء التطبيقات التي تجذبه بشدة ضمن قوائم فرعية بعيدة الوصول، إذ يقول مورافيك أن وضع المزيد من الاحتكاك أمام المستخدم للوصول إلى هذه التطبيقات يمنحه وقتًا لتغيير رأيه بفتحها من الأساس.

يتوفر أيضًا مؤقت اختياري يمكن استخدامه ضمن التطبيق، وعند تفعيله يتعين على المستخدم تمديد المؤقت لمتابعة استخدام التطبيق كلما انتهى الوقت المحدد. بالإضافة لذلك، تتيح خاصية تجميع الإشعارات إمكانية كتم صوت هذه الإشعارات الصادرة عن التطبيقات المشتتة. وأخيرًا، يتوفر للمستخدم خيار عرض تطبيقات معينة بتدرج رمادي اللون لجعلها أقل جاذبية.

في استبيان لمستخدمي Minimalist Phone، قال 93% منهم أن هذا المشغل ساعدهم على الحد من مصادر التشتيت غير المرغوب بها.

تخلص تماما من هاتفك الذكي

لا شك بأن الحل الجذري هو التخلص من هاتفك الذكي ودخول عالم الهواتف البسيطة، التي قد تكون أبسط حتى من الهواتف المحمولة القديمة القابلة للطي التي ربما استعملتها يومًا ما في أيام مدرستك. تمكّنك هذه الهواتف فائقة البساطة من إجراء مكالمات وبضعة وظائف أخرى فقط، مثل إرسال رسائل نصية والتنقل عبر نظام تحديد المواقع العالمي GPS. من الأنواع الجديدة في السوق هواتف موديتا Mudita ووايزفون Wisephone ولايت Light.

آخر إصدار من لايت هو هاتف Light Phone II الرقيق بحجم البطاقة الائتمانية، والذي يحتوي على ميزات قليلة، شاشته باللون الأسود والأبيض من نوع شاشات الحبر الإلكتروني الموجودة في القارئات الإلكترونية. يتيح هذا الهاتف ميزات تبادل الرسائل النصية والمنبه والحاسبة وإعطاء التوجيهات خطوة بخطوة ورفع قائمة التشغيل يدويًا، ولا يتضمن قطعًا متصفح إنترنت، وليس هناك طريقة لإضافة تطبيقات خارجية.

03.jpg

هاتف Light Phone II صغير جدًا بالحجم، ويمكن إخفاؤه بسهولة عند عدم استخدامه.

يقول كايوي تانج الشريك المؤسس والمدير التنفيذي للايت أن الفكرة من هذا المنتج أنك لست مضطرًا دائمًا لاصطحاب حاسوبك المصغر إلى كل مكان تذهب إليه، حتى وإن اختصرت جهاز أيفون أو جالاكسي الخاص بك إلى الميزات الأساسية فقط. يقول تانج: "نحن نستخدم حاليًا أداةً واحدة لجميع الإجراءات، لكنّ هذا أسوأ تصميم ممكن، صحيح؟ إذا كنت مصممًا فلا بد أنك تعلم أن التصميم المُعَدّ لأداء جميع الوظائف لن يعمل جيدًا في أيٍّ من هذه الوظائف". ويؤكد تانج أنه إذا كان هدفك أخذ استراحة حقيقية من جميع التطبيقات، فإن ما تحتاج إليه فعليًا هو جهاز آخر مختلف كليًا.

لهذا السبب فإن جهاز Light Phone II مصمم ليبدو مختلفًا تمامًا عن الهواتف الذكية، فهو صغير وله إطار كامد (غير لامع)، ويؤكد تانج أن شاشة الحبر الإلكتروني ليست فقط تبدو مختلفة عن شاشة الهاتف الذكي، بل أيضًا تقيّد إمكانية عرض صور عالية الدقة، مما يعني أن الصور والنصوص يجب أن تكون بسيطة للغاية.

ما يحدّ من ميزات جهاز Light Phone II ليس فقط المكونات الداخلة في تركيبه، بل الفلسفة الجوهرية التي تتبعها شركة لايت، فهناك ثلاثة مبادئ تصميمية يجب أن تخضع لها أية ميزة أو أداة لكي يوافَق على تضمينها في الجهاز، وهي وفقًا لتانج: عدم إمكانية تضمين إعلانات، ووجود نقطة نهاية محددة لكل استعمال للأداة، وعدم السماح بالتمرير اللانهائي وقابلية الاكتشاف غير المحدودة.

يقول ناتج أن 40% من مستخدمي جهاز Light Phone II أشاروا إلى أنه الهاتف الوحيد الذي يستخدمونه، في حين يستخدمه الآخرون في أوقات معينة أو يستخدمونه إلى جانب هاتفهم الذكي.

مراعاة تفضيلات المستخدمين عند التصميم

نلاحظ أن بعض مستخدمي الهواتف الذكية يبحثون عن طرق للهروب من الخصائص التي تجعل هذه الهواتف أكثر أهمية، ويعود ذلك جزئيًا إلى الاختلاف بين البشر، إذ يختلف الناس بأولوياتهم واهتماماتهم ودرجة ارتباطهم بالتطبيقات على مدار الوقت، كما يقول كيم من مايكروسوفت.

إلى جانب عمل كيم في ميكروسوفت أزور، فقد شارك مع مارجاريت برايس في تأليف كتيّب بعنوان Respecting Focus أو احترام الأولويات، الذي يُعَد جزءًا من إطار عمل التصميم الشامل لدى مايكروسوفت. من أهداف كتيب Respecting Focus توجيه المصممين إلى الحرص على ملاءمة منتجاتهم للمستخدمين الذين ينزعجون من مقاطعة الهاتف لنشاطاتهم.

قد يكون دفع الإشعارات من أهم ما يقاطع نشاطاتك (في حال عدم وجود أطفال صغار ليحتلوا المركز الأول في مقاطعتك). يتلقى مستخدم الهاتف الذكي في الولايات المتحدة وسطيًا 46 إشعارًا مدفوعًا في اليوم، ووفقًا لاستبيان حديث فإن 47% من مستخدمي الهواتف الذكية في الولايات المتحدة يقولون أن الإشعارات التي تصلهم كثيرة جدًا.

يقول كيم: "معظم الإشعارات تهم العميل بشكل أو بآخر، لكن كثيرًا ما تصل إليه بطريقة تقلل من قيمتها أو بتوقيت غير ملائم على الإطلاق".

لا يعني ذلك أنك بحاجة إلى جعل إشعارات منتجك أعلى صوتًا أو أكثر ظهورًا، إذ يشير الاستبيان المذكور أعلاه إلى أن 39% من المستخدمين الذين يشعرون بالانزعاج سيلغون تفعيل جميع إشعارات التطبيق بدلًا من تعديل إعداداتها، و8% سيحذفون التطبيق بأكمله، وهذا ما سيعود بخسارة كبيرة على أي مشروع تجاري.

ينبغي على المصممين بدلًا من ذلك بناء منتجات تلتزم بخيارات المستخدم وتحترم تفضيلاته. فيما يلي بعض النقاط التي تجب مراعاتها في التصميم وفق Respecting Focus:

  • حدد الأولويات والبيئة المناسبة: انتبه إلى ما يحتاج المستخدم لمعرفته وادرس الطريقة الأنسب لتنبيهه، وما إذا كان هناك حاجة تستدعي مقاطعته بهذا التنبيه.
  • تكيف مع سلوك المستخدم: تعرف على تفضيلات المستخدم بحيث لا يضطر المستخدم إلى تغيير الإعدادات بصورة متكررة.
  • تكيف مع الحالة: تعرف على طريقة استخدام منتجك لدى مختلف المستخدمين الذين قد يستخدمونه بطرائق متعددة وفي ظروف مختلفة.
  • مكّن المستخدم من التكيف: اسمح للمستخدم بتخصيص تجربته وضبط الإشعارات التي يتلقاها بالطريقة التي تناسبه.
  • قلل من الانشغال الذهني: أنشئ تجربةً تقلل من التوتر لدى المستخدم المشغول أو كثير المهام.

يشير كيم إلى أننا نعيش اليوم بداية مرحلة تحول مفصلي بدأت فيها الشركات بمراعاة متطلبات المستخدم وحاجته لمزيد من التحكم بالطريقة التي يتفاعل بها مع المنتجات الرقمية، ويضيف: "نتجه جميعنا نحو المزيد من الوعي حول ما نحتاج إليه لنتمكن من النجاح، والشركات التي لا تدرك ذلك لن تتمكن من الصمود".

نظرًا لأن المستخدمين يتوقون إلى المزيد من التحكم، يجب على المصممين أن يلبوا ذلك من خلال تبسيط تجربة المستخدم وغيرها من الإستراتيجيات التي من شأنها أن تجعل المنتَج يحترم تفضيلات المستخدم وحاجاته.

أسئلة جوهرية

كيف يمكن أن يعزز تصميم الهاتف المحمول من الصحة النفسية؟

وجد الخبراء أن التنبيهات المتكررة والتعرض المطول لمحتوى مزعج يؤدي إلى زيادة الشعور بالإجهاد النفسي لدى المستخدم، في حين أن الأسلوب الصحي لتصميم المنتجات يمكّن المستخدم من السيطرة على الوضع، من خلال تسهيل ضبط إعدادات الإشعارات وإمكانية الابتعاد عن المنتج عن الحاجة.

هل هناك علاقة بين تصميم تجربة المستخدم وعلم النفس؟

يرتبط تصميم تجربة المستخدم ارتباطًا وثيقًا بعلم النفس، ويتعين على المصممين فهم السلوك البشري والأسس التي يقوم عليها، ويتضمن ذلك علم الأعصاب والانحيازات الشائعة والمغالطات المنطقية وعلم النفس الاجتماعي والتفاعل بين الإنسان والحاسوب وغيرها، كما يجب أن يكونوا على دراية كافية بأفضل أساليب إجراء الأبحاث.

ما الفرق بين تجربة المستخدم للهاتف المحمول وتجربة المستخدم لسطح المكتب؟

تختلف تجربة المستخدم للهاتف المحمول عن تجربة المستخدم لسطح المكتب في جوانب كثيرة، مثل أبعاد الشاشة والتوجه والتنقل وطرائق الإدخال والحالة التي يُستخدَم بها الهاتف المحمول. يساعد تبسيط تصميم تجربة المستخدم على تقليل الاحتكاك وتعزيز الارتباط الصحي لمستخدمي الهواتف المحمولة.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال Minimalist UX Design for Healthier Smartphone Engagement لصاحبته Florence Dairo.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...