اذهب إلى المحتوى

يسعى كل مصمم تجربة المستخدم لأن يكون المستخدم سعيدًا باستخدام منتجه، وذلك من خلال محاولة استبعاد المشاعر السلبية وتحفيز المشاعر الإيجابية لدى المستخدمين. لذا فلنتعلم كيفية تجنُّب شعور المستخدم بالغضب أو الإحباط عند تصميم تجربة مستخدم مثالية للمنتج.

كيف يؤدي عدم توافق تجربة المستخدم إلى إعاقة اتخاذ القرار والشعور السلبي؟

بعد أن حلّت مواقع البث المتدفق مثل نتفليكس مكان شرائط الفيديو وأقراص DVD، هل شعرت بالحيرة الشديدة عند اختيار فيلم للمشاهدة بسبب كثرة الخيارات المتوفرة لديك؟ وبعد الاستعاضة عن مشغّلات الأقراص المضغوطة بمشغلات mp3 التي تتسع لأكثر من 40,000 أغنية، مثل الآيبود من آبل، هل أصبح يتعذر عليك الاستماع إلى الأغنية بأكملها دون التفكير بالأغنية التالية التي ستختارها؟ ربما أيضًا وجدت نفسك في كثير من الأحيان تغير الأغنية قبل انتهائها!

هناك أبحاث عديدة تشير إلى تأثير كثرة الخيارات على تثبيط اتخاذ القرار لدى الأفراد، فقد توصلت إحدى الدراسات الشائعة بعنوان "عندما تكون الخيارات مثبِّطة: هل يرغب المرء بكمية كبيرة جدًا من شيء يريده؟" والتي كتبها اختصاصيَّي علم النفس شينا إيينغار و مارك ليبر، إلى أنه عند وجود خيارات كثيرة يميل الناس إلى عدم اتخاذ أي قرار على الإطلاق، ولو اتخذوا قرارًا ما، فإنهم يشعرون بقلّة الرضا عن خيارهم.

01.png

تُعَد شاشة موقع البث المتدفق نتفليكس المليئة بعدد هائل من الخيارات، مثالًا على تأثير كثرة الخيارات على الشعور بالإحباط وخيبة الأمل بسبب الحيرة والتردد.

يحرص مصمم تجربة المستخدم أشدّ الحرص على تجنب إيصال شعور سلبي للمستخدمين. يقول دون نورمان اختصاصي علوم الإدراك الذي اشتُهر بكتابه الشائع "تصميم الأشياء اليومية"، في ورقته البحثية الشهيرة حول العلاقة بين المشاعر والتصميم:

اقتباس

المشاعر السلبية تصعّب أداء المهمات السهلة، والمشاعر الإيجابية تسهّل أداء المهمات الصعبة.

إن عرقلة عملية صنع القرار لدى المستخدم من خلال إتاحة عدد كبير من الخيارات هي مثال واحد فقط من أمثلة عديدة عن مسببات المشاعر السلبية لدى المستخدمين، من إحباط وذنب وغيرها. وإذا أردت أن يستمتع المستخدمون باستخدام منتجك، فساعدهم على اتخاذ القرارات، وسهّل انتقالهم عبر تدفُّق المستخدم الذي قد صممته، من خلال مساعدتهم على فهم فكرة الرسالة التي تحاول إيصالها، ليس فقط في كل نقرة؛ بل في كل نظرة على الواجهة التي صُممت أصلًا لتتوافق معهم.

يمكنك أيضًا البحث عن طرائق لتحفيز المشاعر الإيجابية لدى المستخدمين عند تصميم أي تجربة مستخدم. لقد أجرت الباحثة الأمريكية أليس إيسن -المختصة بعلم النفس والأستاذة الجامعية في جامعة كورنيل للعلاقة بين التسويق وعلم النفس-، عددًا من الأبحاث لاستقصاء كيفية تأثير المشاعر الإيجابية، مثل البهجة والحماس واليقظة، على اتخاذ القرارات. وفي إحدى الدراسات، طلبت أليس إيسن وباربارا مينز 1983 من المستهلكين إجراء اختيار واعٍ بين ستة أنواع افتراضية من السيارات، فتبين أن المستهلكين المتمتعين بمشاعر إيجابية مندفعون تجاه النوع المفضل حتى قبل اتخاذ القرار، وأن عملية اتخاذ القرار كانت أكثر كفاءةً لديهم عند معالجة تفاصيل المَهَمة. لهذه الناحية تطبيقات مهمة جدًا في تصميم الويب، خصوصًا في مجال التجارة الإلكترونية، فقد تكون إمكانية اختيار المستخدم منتجًا ما من بين خيارات واسعة ضروريةً جدًا لنجاح الأعمال التجارية.

أمثلة عن تجارب سلبية في واجهة المستخدم

يمكن تحفيز المشاعر الإيجابية في مواضع مختلفة من تجربة المستخدم، لكن الخطوة التي يجب اتخاذها أولًا هي تعلُّم كيفية التعرف على الأجزاء التي قد تسبب مشاعر سلبية في واجهة المستخدم، وذلك من أجل إزالتها أو إصلاحها.

لنلقِ نظرةً على بعض الأمثلة:

تجنب إحداث تعارض بين المستخدم والواجهة

قد تحصل عرقلة في تدفق المستخدم لأسباب مختلفة، مما يؤدي إلى التعارض بين المستخدم وواجهة المستخدم. ومن الأمثلة على هذا النوع من العرقلة، إلزام البائع الإلكتروني مستخدميه على إنشاء حساب على موقعه وإضافة بريد إلكتروني من أجل شراء منتج. إذا كان الناس على أرض الواقع قادرين على شراء المنتجات من المحلات دون إعطاء بريد إلكتروني أو تقديم أية معلومات شخصية، فلماذا يتعين عليهم إنشاء حساب على موقعك عند الشراء الإلكتروني؟ ينصّ أحد الدلائل الإرشادية العشرة لواجهة المستخدم التي وضعها جاكوب نيلسن ورولف موليش على أنه يجب أن نتبع عند التصميم نظامًا يوافق أرض الواقع، وبالتالي يجب أن نسعى لعدم طرح الكثير من الأسئلة عن المستخدم. إذا نظرنا للأمر من زاوية تسويقية، قد يكون الهدف من هذا النوع من الطلبات الحصول على المزيد من عناوين البريد الإلكتروني لإنشاء قاعدة بيانات تسويقية، لكن مصمم تجربة المستخدم يجب أن يراعي دائمًا شعور المستخدم ويحرص على مصلحته ونيل رضاه.

02.png

عندما يقرر المستخدمون الشراء ويضغطون على زر الدفع في منصة متجر Topshop الإلكتروني، سيجري تحويلهم إلى هذه الصفحة التي تطلب إنشاء حساب أو تسجيل الدخول. قد يؤدي هذا الطلب الإضافي قبل تمكين المستخدم من الشراء إلى عرقلة تدفق المستخدم وشعوره بالانزعاج أو الإحباط، كما قد يُبطل قرار الشراء. وفي مثل هذه الحالة، المكان الأنسب لطلب إنشاء حساب من المستخدمين قد يكون ضمن الحملات التسويقية، أو أي نشاط آخر يشعر فيه المستخدم أنه هو المستفيد وليس العكس.

تجنب المصطلحات التقنية

يجب ألا يفترض المصممون أبدًا أن المستخدمين قادرون على فهم الأساليب أو المصطلحات التقنية، لذا ينبغي تجنب التحدث بلهجة تقنية، مثل تقنية NFC والنطاق الرباعي quad band وتعزيز الإشارة، واللجوء بدلًا من ذلك إلى لهجة بسيطة مفهومة لا تحيج المستخدم إلى البحث عن المصطلحات. اختر كلماتك بحرص عند التواصل مع المستخدمين، فالأسلوب التقني من أهم العوامل التي تؤدي إلى مشاعر سلبية مثل الغضب أو الإحباط لدى المستخدم، والتي قد تجعل المهمات السهلة أكثر تعقيدًا لديه، مما يقلل من احتمال اتخاذه قرار الشراء. قد يلجأ المستخدم في هذه الحالة إلى إلغاء العملية وإبطال قرار الشراء من الموقع، وهو بالتأكيد الاحتمال الأسوأ بالنسبة للمتجر الإلكتروني.

03.png

تلجأ الكثير من المتاجر الإلكترونية إلى استخدام لهجة تقنية، لذا لا تقع في الخطأ نفسه.

تجنب الهندسة الرديئة للمعلومات

يحدث إرباك عملية التنقل بسبب عدم ملاءمة موضع المحتوى في واجهة المستخدم، أو بسبب عدم تنظيم التراتبية الهرمية للمحتوى بطريقة جيدة من الأساس. احرص على إنشاء خرائط مناسبة للموقع واشتقاقها عبر جلسات التفكير المنظومي وفرز البطاقات عند الإمكان، وتذكر دائمًا أن نتائج البحث تُستمَد من تصنيف الصفحات وفقًا لعوامل عديدة، على رأسها محتوى الصفحات وبنية المحتوى. ينطبق ذلك على محركات البحث العملاقة ومواقع التجارة الإلكترونية أيضًا.

04.png

هندسة المعلومات لموقع معرض فني وهمي، والفكرة هنا أنه سواء كان الموقع أو النظام بسيطًا أم معقدًا، فإن إنشاء خريطة مناسبة للموقع في المراحل المبكرة يمكن أن يساعدك على تصميم تجربة تنقُّل أفضل للمستخدمين في نهاية المطاف.

3 طرائق لتجنب المشاعر السلبية في تجربة المستخدم لمنتجك

  • خفف من التعارض بين المستخدمين وواجهة المستخدم، وذلك من خلال تعزيز حالة "الانسجام" لديهم، وهي الحالة الذهنية التي يشعر بها الشخص عند الاندماج التام بأداء نشاط ما. غالبًا ما يترافق الاندماج مع تركيز عالٍ وتفاعل شامل، بالإضافة إلى الاستمتاع بأداء النشاط. وللوصول إلى هذه الحالة، حاول دائمًا التخفيف من عرقلة المستخدمين، وذلك عبر إزالة الأشياء غير المرغوبة، مثل الإعلانات المنبثقة أو عمليات تسجيل الدخول الإلزامية. قد يكون ذلك معاكسًا لمتطلبات العملية التسويقية، لكن دور مصمم تجربة المستخدم يحتم عليه دعم المستخدم والانحياز لمصلحته، مع إعطاء توضيحات لفريق التسويق حول أهمية إزالة العراقيل في تحسين تجربة المستخدم.
  • ضع المبررات من خلال توقُّع حاجات المستخدم ورغباته. فكر مليًا بكل نقرة، وضع نفسك مكان المستخدم، وانظر لجميع التفاعلات من منظوره وتجربته العملية. هناك العديد من الطرائق للتأكد من أنك تفكر في كيفية إدراك المستخدم ومعالجته لجميع العناصر المرئية والتفاعلات المعروضة عليه. إذا كان جمهورك المستهدف هو عامة الناس، فتجنب استخدام لهجة تقنية، وفي حال كنت تتوقع أن المستخدمين قد يحتاجون إلى مساعدات أو إرشادات إضافية، فزودهم بها وقدم إمكانية المساعدة. تأكد من وجود تباين مناسب في العناصر المرئية لضمان قابلية قراءتها. إذا كانت الواجهة الجميلة مفتاح لجذب انتباه الجمهور، فإن تجربة المستخدم الجيدة هي المفتاح للمحافظة على هذا الانتباه، وذلك من خلال وجود غاية لكل تفاعل وميزة على موقعك.
  • أنشئ أفضل هندسة ممكنة للمعلومات، فهذه الناحية لها أهمية قصوى، سواءً كان المنتج موقعًا للتسويق أم نظامًا كاملًا أم تطبيق جوال أم واجهة لسيارة. تُعَد هندسة المعلومات (وتدعى أيضًا عمارة المعلومات) هي الأساس البنيوي لتصميم أية واجهة، وبغيابها لا يستطيع المستخدم إيجاد ما يبحث عنه، مما يثبط من عزيمته ويجعلك تخسره من بين عملائك. يمكن إجراء هندسة المعلومات من خلال التفكير المنظومي وإعداد خرائط موقع مناسبة، بالإضافة إلى فرز البطاقات.

الخلاصة

يجب أن تهدف عملية التصميم إلى تعزيز المشاعر الإيجابية لدى المستخدم مثل البهجة والمتعة، وتجنب المشاعر السلبية مثل الغضب والإحباط، وإلا فسيستصعب المستخدم إجراء المهام البسيطة ويتعذر عليه اتخاذ القرار بشأنها، وقد يصل الأمر إلى إلغاء عمله ومغادرة الموقع، وهو بلا شك أسوأ احتمال بالنسبة لمشروعك التجاري. هناك العديد من الطرائق التي تساعد على تجنب هذه المشاعر السلبية وبث المشاعر الإيجابية في التصميم؛ لذا ابدأ بالبحث عن سبل تقليل التعارض، وتوضيح المبررات، وتركيز الاهتمام على بناء هندسة مناسبة للمعلومات.

ترجمة –وبتصرّف- للمقال How to Prevent Negative Emotions in the User Experience of Your Product لصاحبته Euphemia Wong.

اقرأ أيضًا


تفاعل الأعضاء

أفضل التعليقات

لا توجد أية تعليقات بعد



انضم إلى النقاش

يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.

زائر
أضف تعليق

×   لقد أضفت محتوى بخط أو تنسيق مختلف.   Restore formatting

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   جرى استعادة المحتوى السابق..   امسح المحرر

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.


×
×
  • أضف...