يتوسع انتشار الوسائل التقنية مع زيادة تطورها وسهولة الوصول إليها. فمثلًا، يقدر الخبراء أنه بحلول عام 2025 سيملك الفرد وسطيًا حوالي 15 جهازًا متصلًا بالإنترنت، وبحلول عام 2040 ستجرى 95% من عمليات الشراء على الإنترنت.
ازدادت المطالب بإغلاق المكاتب والعمل من المنزل مع حلول أزمة كوفيد 19، مما اضطر الكثير من الشركات والموظفين إلى التكيف مع التقنيات الجديدة أو إعلان الفشل في ذلك. وسعيًا لمواكبة التطور التقني في جميع مجالات الحياة، بدأت الشركات تزيد من اهتمامها بتطبيق ممارسات أفضل وأكثر تطورًا، مما أدى إلى زيادة الطلب على مصممي تجربة المستخدم.
يُعَد تقديم تصميم جيد لتجربة المستخدم حاجةً أساسية للمشاريع في جميع المجالات تقريبًا، من موقعها الإلكتروني إلى تطبيقها على الهاتف المحمول إلى أي برنامج آخر تصل من خلاله إلى العملاء. ولا يقتصر التصميم الجيد لتجربة المستخدم على جعل الأشياء تعمل جيدًا أو تبدو بمظهر ملائم، بل يتطلب إنشاء تجربة شاملة عملية وترحيبية ومبتكرة.
يواجه بعض مصممي تجربة المستخدم صعوبةً في التنقل عبر تقنيات معينة أو جذب الجمهور المطلوب أو تقديم تجارب فريدة ومشوقة أو مواكبة أحدث الاتجاهات، لذا يجب أن يطّلع مصمم تجربة المستخدم دائمًا على أحدث التقنيات، وأن يملك عقلًا مبدعًا قابلًا للتكيف مع جميع المجالات والإمكانيات المتاحة، هذا مع القدرة على التأثير على نفسية المستخدمين، وهي ليست بالمهمة السهلة، وهنا تتجلى أفضلية مصمم تجربة المستخدم المتميز.
يساعد اتباع الخطوات البسيطة التالية لرسم مخطط لتجربة المستخدم على تحسين خبرتك في هذا المجال.
المرحلة الأولى: تحديد المشكلة
لكي تصبح خبيرًا، عليك أن تكون مبتدئًا أولًا؛ فالتفكير خارج الصندوق يتطلب منك أولًا أن تدرك محتويات الصندوق وحدوده؛ لهذا السبب يجب أن يكون مصمم تجربة المستخدم خبيرًا وملمًا بالمجال والاتجاهات الرائجة، ولو كان ذلك من أجل كسر هذه المبادئ فقط. والجزء الأهم من التوصيف الوظيفي لمصمم تجربة المستخدم هو أن يكون بارعًا في حل المشاكل، لأن عليه التحري عن أية مشكلة تمنع تحوُّل زوار الموقع إلى عملاء، وتلافي هذا النوع من المشاكل.
عندما يطّلع مصمم تجربة المستخدم على الابتكارات وعناصر التصميم الجديدة، يجب أن يجرّب تأثير هذه الإصدارات ويقيّم أداءها عند تطبيقها للمرة الأولى. وتبدأ هذه العملية المعقدة بطرح مصمم تجربة المستخدم أسئلةً بسيطة مثل: ما الهدف المنشود؟ لماذا نفعل ذلك (ما الغرض من كل فعل)؟ ما الذي يجعل هذا التصميم العملي مثيرًا لاهتمام الناس؟
تساعد هذه الأسئلة على وضع تصورات للتصميم والبدء بتوجيهها في الاتجاه الصحيح.
المرحلة الثانية: البحث
يؤدي التصميم دون إدراك الهدف أو دون معرفة الجمهور المستهدف إلى الوقوع في أخطاء كثيرة، ولهذا السبب من الضروري دراسة السوق عند وضع التصورات الأولية، ويتضمن ذلك دراسة المنافسين وفهم الجمهور وإعادة تقييم الشركة نفسها.
ما الذي كان فعالًا سابقًا وما الذي لم يكن كذلك؟ ما الذي نال إعجاب العملاء وما الذي لم يعجبهم؟ ما هي الفئة المستهدفة من الناس وما هي احتياجاتهم ورغباتهم؟
قد يكون إجراء بحث بسيط على جوجل بدايةً موفقة، لكن يجب عدم الاكتفاء بهذه الطريقة في جمع المعلومات، فأهم مصدر على الإطلاق هو العملاء الحقيقيين الذين يمكن أن يقدموا معطيات حقيقية عن احتياجات العميل ورغباته وتطلعاته.
يمكن تحقيق ذلك من خلال البحث عن معلومات ذات صلة، أو من خلال إنشاء نموذج أولي واختباره عبر مجموعة اختبار للحصول على ملاحظات وتقييمات حقيقية، وهي الطريقة الأفضل. وإذا تعذر إجراء ذلك، فمن الممكن اللجوء إلى تحليل المنافسين لاكتشاف نقاط القوة ونقاط الضعف، كما يمكن أيضًا الحصول على مساعدة من خبير في هذا المجال.
باستخدام هذه المعلومات، يمكن أيضًا إنشاء شخصية المستخدم التي تساعد على اختبار الأفكار المطروحة حول العملاء وفهم طبيعتهم من خلال محاكاة سلوكيات المستخدمين.
من الأفضل إجراء مزيج من هذه الطرائق المذكورة للحصول على أساس معرفي دقيق، فكلما ازدادت المعلومات، كانت النتائج أفضل.
3. المرحلة الثالثة: رسم المخطط الأولي والتحليل
بمجرد بناء قاعدة من المعلومات، يمكنك البدء برسم الأفكار. اطلع على المعطيات المتوفرة عدة مرات من منظور مختلف كل مرة لتوليد أفكار جديدة، وتذكر أن المرونة والقدرة على التكيف والعقل المنفتح من سمات المصمم الجيد.
يمكنك الاطلاع على التصاميم المختلفة في السوق لتكون مصدرًا للإلهام، لكن يجب إعادة صياغة وتشكيل هذه التصورات للخروج بشيء جديد. هنا، سرعان ما يصبح الانفتاح الذهني محيرًا، فقد يكون من الصعب ابتكار شيء جديد لم يسبق لأحد تقديمه، لكنَّ هذا يفتح لك المجال للإبداع بلا قيود في الوقت نفسه، فحتى الأفكار الأكثر غرابةً وخروجًا عن المألوف تصبح معقولةً عندما يكون عنوان اللعبة هو الإبداع!
يجب أخذ جميع الأفكار على محمل الجد في هذه المرحلة من العملية، ولو بدت للوهلة الأولى أفكارًا جنونية، إذ يساعد هذا على استلهام أفكار جديدة أو صقل التصورات الأساسية التي ستقود أخيرًا إلى التصميم النهائي.
في هذه المرحلة يبدأ حل جميع المشاكل والاستفادة من الأبحاث والمعلومات المستمدة من المرحلة الثانية. وإذا كان السؤال المطروح في المرحلة الثانية "ما الذي يحتاجه المستخدمون أو ما المشاكل التي يعانون منها؟"، فإن المرحلة الثالثة تدور حول سؤال "ما الحل الممكن لهذه المشاكل؟". وسيساعد هذا على توصيف تجربة المستخدم وتحديد الاتجاه الذي سيتخذه التصميم.
عند وضع هذه التصورات، عد إلى المعلومات والأبحاث الأولية لتجد الحلول المناسبة مع مراعاة الميزانية والوقت والمعايير.
ما هي المعلومات المناسبة؟ مع تقليص هذه القائمة واقتصارها على الأفكار الأكثر واقعية، تُعرَض هذه الأفكار على الآخرين مثل الأطراف المعنية، وتطبَّق مقترحاتهم فيما بعد لتحسين هذه الأفكار.
المرحلة الرابعة: الإعادة والتكرار
بعد التوصل إلى المبادئ التي ستُعتمَد في التصميم، يأتي دور التصميم والإنشاء الفعلي، لكن هذه العملية ليست مجرد خطوة واحدة، إذ من النادر أن ينتقل المشروع مباشرةً من التصور الأولي إلى المنتج النهائي. وبما أن رسم مخطط لتصميم تجربة المستخدم سيتضمن أفكارًا جديدة لم يسبق تطبيقها، فهو غالبًا يحتمل الكثير من الأخطاء والتكرار.
يجب التأكد من ملاءمة الأفكار المطروحة قبل أن تصل إلى السوق، ففي بعض الأحيان تبدو الأفكار رائعةً نظريًا، لكن بعدها يتبين أنها غير فعالة عمليًا، مما يحتم ضرورة إلغائها.
من المفيد إنشاء نماذج أولية لاختبار عناصر التصميم والتأكد من أنها تعمل كما ينبغي، كما يمكن استخدام هذه النماذج لعرض الأفكار على الأطراف المعنية وأفراد الشركة الآخرين من أجل الحصول على ملاحظاتهم وآرائهم. قد تتراوح هذه النماذج من رسومات بسيطة إلى نظام برمجي متكامل قابل للاستخدام، ويعتمد ذلك على ما يجب اختباره. قد يتطلب الأمر أحيانًا إنشاء عدة نماذج أولية أو تكرار النموذج للحصول على النتائج المطلوبة.
أثناء التجريب، من الضروري أن تركز دائمًا على الهدف والجمهور لكي لا تتشتت أفكارك، كما أن رأي الأطراف المعنية في التصميم مهم بلا شك، لكن بالنسبة لقابلية الاستخدام فإن رأي المستخدم يرجح دائمًا.
قد لا يكون المنتج النهائي موافقًا لأهواء جميع الأطراف، ومن المستبعَد أن يكون المنتج النهائي مطابقًا للمخطط الأولي، لهذا فمن الضروري الانفتاح على الأفكار الجديدة والتحلي بالمرونة.
المرحلة الخامسة: التحسين والتطوير
الآن وقد تم إنشاء إطار العمل، يجب إنشاء مظهر خارجي لافت للنظر لتعزيز جمالية التصميم وإضافة عناصر أخرى.
تعمل العناصر الفنية المرئية مع الأجزاء الوظيفية لتشكيل وحدة متكاملة. على سبيل المثال، يجب ألا يعتمد تحديد موضع العناصر على الجانب الجمالي فقط، بل من الضروري مراعاة توقعات المستخدمين حول آلية التنقل، لذا يجب أن تتضافر فعالية الواجهة الخلفية مع جمالية الواجهة الأمامية للوصول إلى أفضل النتائج.
وكما هو الحال في مرحلة التطوير، قد تحتاج العناصر المتعلقة بنمط التصميم إلى الاختبار وإعادة التقييم والتكييف مع المتطلبات، وهنا تلتقي تجربة المستخدم UX مع واجهة المستخدم UI.
بعض المصممين لديهم خبرة في كل من تجربة المستخدم وواجهة المستخدم، لكن بعضهم الآخر ليس كذلك، لذا فإن توظيف فريق من المصممين الملمّين بالجانبين يضمن خروج منتج نهائي ذي مظهر إبداعي وأداء احترافي.
تذكر أن التصميم الجميل الخالي من المضمون لن يجدي نفعًا، كما أن التصميم الممل الذي يؤدي العمل بالشكل المطلوب لن يحظى بالاهتمام.
المرحلة السادسة: التقييم النهائي
بمجرد الحصول على تصميم فعال وجميل، قد يبدو المشروع مكتملًا، لكن هناك مرحلة أخيرة يجب تنفيذها لضمان جاهزية التصميم لدخول السوق.
من الضروري إجراء تقييم نهائي لتجربة المستخدم وأدائها وجودتها، ولو كانت بعض العناصر قد خضعت لاختبار سابق، ففي هذه المرحلة يجري تقييم التصميم بصورة شاملة لضمان أن جميع العناصر تعمل معًا بانسجام لتقديم تجربة متكاملة ناجحة.
تُعَد هذه المرحلة نقطة التحقق الأخيرة في مراقبة الجودة، وذلك للتأكد من عدم وجود أخطاء أو مشاكل في التصميم وعدم حدوث أي تشويش أو تغيير عند إضافة العناصر جميعها معًا إلى التصميم.
يمكن إجراء هذه الخطوة من خلال الاختبار على المستخدمين أو العمل مع الفريق أو عرض التصميم على أشخاص آخرين في الشركة وأخذ آرائهم، وقد تكون هناك حاجة لإجراء إصلاحات في اللحظات الأخيرة للتأكد من إطلاق التصميم بأفضل شكل ممكن.
قد تكون هذه المرحلة من العملية سريعةً ومباشرةً أو تستغرق بعض الوقت، ويعتمد ذلك على آراء الآخرين وشكل التصميم، لذا يجب التحلي بالصبر والسعي نحو الأفضل دائمًا.
من الضروري التأكد من خروج التصميم بالشكل المطلوب قبل أن يستخدمه الناس للمرة الأولى، فالانطباع الأول له أهمية قصوى.
ما التوقيت المناسب الإطلاق؟
بعد الانتهاء من هذه المراحل الستة، يجب أن يكون التصميم جاهزًا لعرضه على الجمهور، لكن هذا لا يعني أنه العمل قد انتهى، فتصميم تجربة المستخدم عمل يتطور باستمرار؛ فحتى بعد إجراء اختبارات شاملة على يد أمهر فرق التصميم، لا بد أن يكون هناك تعديلات لاحقة أو أخطاء يجب إصلاحها أو أشياء يمكن تحسينها، والتي يتعذر كشفها حتى يصبح التصميم بين أيدي المستخدمين ويبدؤون بتجريبه.
مهما كان التخطيط دقيقًا في المراحل السابقة، كثيرًا ما تحمل هذه المرحلة المفاجآت، لكن يجب التعامل مع الأمر على أنه فرصة ثمينة لتحسين التحديثات والإصدارات اللاحقة.
ويُعَد الإنصات إلى العملاء هو الطريقة الأفضل للتعلم وملاءمة التصميم مع المطلوب، لذا يجب قراءة المراجعات والتعليقات والاستماع إلى الطلبات والاطلاع على انتقادات العملاء، كما يجب متابعة العمل من خلال جمع البيانات والاهتمام بالسوق لمعرفة الاتجاهات الرائجة وسبل التحسين.
سيكون العمل المنجز في المراحل الستة المذكورة لرسم مخطط لتصميم تجربة المستخدم عمادًا للنجاحات اللاحقة وطريقًا لتحقيق نتائج رائعة، وعندما يكون هذا الأساس مبنيًا بصورة سليمة، فلن يصعب إجراء تغييرات لاحقة وستكون مجرد تحسينات لما هو موجود أصلًا، طالما أن الهدف الأساسي ثابت ومأخوذ بالحسبان من البداية.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال UX Design Sketching in 6 Easy Steps.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.