يُعتبر التصميم الجرافيكي مجالًا واسعًا جدًّا، ومهمّة الحصول على وظيفة مصمّم جرافيك ليست بالسّهلة. فعملية الحصول على وظيفة على شبكة الإنترنت تتطلب، بالإضافة إلى المهارات التي يجب أن تكتسبها، سِمات شخصية كمقاومة الإجهاد، الإبداع، والحافز الذاتي. لكنّ الجزء العملي يُعتبر، وبشكل واضح، هو الجزء الأهمّ، وهو الذي يتمّ الحكم من خلالهِ حتّى قبل تقييم مهاراتك الشخصيّة. لذلك سنبدأ اليوم بسلسلة من المقالات التي تدور حول أساسيات التصميم الجرافيكي، وسنستعرض في هذا الجزء العناصر الأكثر شيوعًا في هذا المجال.
إنّ وظيفة مصمّم الجرافيك الرئيسية هي تصميم عناصر مرئية يمكن استخدامها في شبكة الإنترنت أو لغرض الطباعة. كمثال على ذلك؛ مخططات المواقع (التي يتم تحويلها في أغلب الأحيان إلى مواقع حقيقية من قِبل مصممي المواقع)، الملصقات، الكُتيّبات، النشرات، أو الحملات الإعلانية (في كِلا من شبكة الإنترنت والواقع).
توجد في المجموع ستّة عناصر خاصّة بالتصميم يجب أن تكون مُلمًّا بها: الخط، الشكل، اللون، الخامة، القيمة والمساحة.
1. الخط
يتواجد الخط عادةً في كلّ تصميم، حتّى لو كان إطارًا مُصمَتًا بعرض 1 بكسل أو خطًّا منقّطًا بعرض 5 بكسل. تحتوي جميع مواقع الإنترنت على خطوط، لكن مع أسلوب التبسيط للحدّ الأدنى (يُعرف أيضًا بالتبسيطية أو التقليليةMinimalism ) الذي أصبح شائعًا في السنوات الأخيرة هنالك محاولة لمسح الخطوط من مخططات الصفحات، أو على الأقل تقليل استخدمها.
يمكن أن تكون الخطوط طويلة، حمراء، مستقيمة، رفيعة، زرقاء، متقطّعة، قصيرة، سوداء، أو منحنية، لكن تندرج جميعها تحت نفس الفئة. تستخدم الخطوط في أغلب الأحيان لرسم الحدود بين أقسام التصميم، أو لتوجيه نظر المشاهد نحو وجهة معيّنة.
تعمل الخطوط على خلق تأثيرات ووقوع بصريّة مختلفة. تجذب الخطوط السميكة، العريضة الانتباه بسبب قوّتها البصرّية، بينما يكون للخطوط الرفيعة تأثيرًا مختلفًا معاكسًا لذلك. كما إن الألوان لها وقعٌ أيضًا، فالألوان الداكنة تكون سهلة الرؤية وجذب الانتباه أكثر من الألوان الفاتحة أو الباهتة.
وهذا ليس كلّ ما في الأمر. فنمط الخط يمكن أن يؤثّر أيضًا في طريقة رؤية المستخدم له. هذا النمط يمكن تحديده بسهولة خلال CSS، ويمكن أن يكون، من بين الأنماط الأخرى، مصمتًا، منقّطًا، ومتقطّعًا. الخطوط المصمتة لها تأثير مختلف عن تأثير الخطوط المنقّطة، لأنّ الأولى تكون بارزة بشكل أكبر.
في أسلوب التبسيط للحد الأدنى الذي تحدّثنا عنه سابقًا يتمّ إما استخدام الخطوط المصمتة بشكل أقلّ أو استخدم الخطوط المنحنية بشكل أكبر لأنها تعطي مظهرًا حركيًّا وانسيابيًّا للتصميم، والذي يعتبر أيضًا هدف من أهداف هذا الأسلوب. وهذه الخطوط توحي بالطاقة، تُبقي المستخدم مهتمًّا، وإذا ما تمّ دمجها مع الرسوم الإيضاحية سيصبح لها قوة فعّالة أمام عين الإنسان.
كانت للخطوط المصمتة شعبية كبيرة قبل سنوات عديدة لأنها تحدد أسلوب التصميم؛ متين، متماسك، ومنظّم. لكنّ مواقع الإنترنت تغيّرت في السنوات الماضية ولم يعُد هذا النمط ذو شعبية بعد الآن، خاصّةً في معارض الأعمال Portfolio التابعة للمصمّمين والصفحات الأخرى ذات الحاجة الكبيرة إلى اللمسة الشخصية.
فصلت الخطوط بين العمودين، وهي ليست بالعريضة جدًّا.
استُخدمت الخطوط المصمتة للفصل بين أجزاء مختلفة من الموقع.
2. الشكل
الشكل، أو الهيئة، هو العنصر الثاني الأكثر استخدامًا في تصميم المواقع. وهو في الواقع عبارة عن خطوط مجموعة جنبًا إلى جنب بأشكال مختلفة. ما زالت الأشكال تحظى بشعبيّة، وسبب هذا يعود إلى الحاجة إلى إبراز شيء ما، والأشكال هي إحدى الطرق للقيام بذلك. قد تكون الأشكال دوائر، مربّعات، مستطيلات، مثلّثات، أو غيرها من الأشكال التجريدية، ومعظم التصاميم تحتوي على الأقل على واحد من هؤلاء. يتمّ استخدام العديد من هذه الأشكال في تصاميم التبسيط للحد الأدنى، لأنها في الغالب تقوم على أساس الرسوم الإيضاحية والمخطّطات. كما إنّ النمط القديم لتصميم المواقع تضمّن الأشكال أيضًا، لذلك بقيت ذات شعبيّة طوال الوقت، وعلى الأرجح ستستمرّ على هذا المنوال.
الأشكال، حالها كحال الخطوط، مرتبطة بذهن الإنسان بطرق مختلفة. على سبيل المثال؛ الدوائر مرتبطة بالحركة والطبيعة، بينما يتم النظر إلى المربّعات على أنها تصاميم أساسية هيكلية. وكما هو الحال في الخطوط فإن لون، نمط، خلفية أو خامة الشكل يمكن أن تغيّر كلّيًّا الإدراك الحسّي للمُشاهد.
في معرض الأعمال الخاصّ بفريد مايا أعلاه، تمّ استخدام الأشكال لإبراز الشعار والأعمال السابقة.
3. الخامات Textures
لم تكن الخامات ذات شعبيّة منذ بضع سنواتِ مضت، لكنّها تميل إلى أن تصبح أكثر وأكثر استخدامًا. وقد حلّت محل (أو نافست، إذا استطعنا تسميتها منافسة) الخلفيات ذات اللون المفرد. قد تبدو الخامات شبيهة بالخلفيات ذات الألوان المصمتة، لكن عند معاينتها عن قرب، يمكن ملاحظة اختلافات صغيرة ولكنّها فعّالة.
تتضمّن أنماط الخامات الورق، الحصى، الخرسانة، الطوب، الألياف، والعناصر الطبيعية، وما بين الألوان الباهتة أو الناعمة. ويمكن للخامات أيضًا أن تكون دقيقة أو بارزة، وأن تستخدم باعتدال أو بإسباغ؛ يمكنها أن تعمل مع أي شيء تقريبًا. من شأن الخامات أن تغيّر شكل الموقع كليّا حتّى وإن بدت غير مهمّة، فهي توفّر وقعًا بصَريًّا مختلفًا تمامًا.
في معرض الأعمال الخاص بجيسون جوليان أعلاه، تم استخدام خامة ذات النمط البالي grunge.
في هذه الصفحة تمّ استخدام خامة مختلفة عن الخامة في المثال الأول، تبدو هذه كدفتر رياضيات.
4. اللون
قد يكون اللون هو العنصر الأكثر أهميّةً في التصميم لأنه يعطي التأثير البصري الأقوى في لمحة واحدة. اللون واضح ولا يحتاج إلى مهارات رسم أساسية لملاحظتها. فبينما تعني الخطوط والأشكال الشيء نفسه كما في الواقع، عدا المستويات الأكثر عمقًا، تعني الألوان الشيء نفسه بالضبط كما في الطبيعة. الألوان تخلق الأحاسيس؛ الأحمر هو العاطفة، الأزرق هو الهدوء، والأخضر هو الطبيعة. للألوان تأثيرٌ واضحٌ على عقولنا حتّى وإن لم نُدرك ذلك.
تم إجراء الدّراسات حول هذا الموضوع، ووجِد أن الشخص الذي يعيش في بيئة حمراء يمتلك ضربات قلب ونبضًا أعلى من الشخص الذي يعيش في بيئة زرقاء. الدماغ البشري يرى ذلك ويؤثّر على بقية الجسد تِبَعًا لما يراه.
لذلك من المهم معرفة نظرية الألوان، حيث لا يمكن للعديد من المصممين أن يدعوا أنفسهم بالخبراء في هذا المجال. أن تكون خبيرًا في الألوان هو الذي يصنع الفرق بين التصميم الجيّد والتصميم المذهل.
لا نقول إنه يجب أن تعرف كل شيء، لكن معرفة كيفية عمل خصائص اللون معًا كالصبغة Hue، الإشباع Saturation، الظل Shade، المشيج Tint، الدرجة Tone، أو الصفاء Chroma لهو أمرٌ جوهريّ بالنسبة لمصمم الجرافيك.
في موقع Feed Fever تم استخدام ألوان مختلفة للنصوص في محاولة لإبراز أهمية كل خط باختلاف دقيق.
5. القيمة
لم نتحدّث عن القيمة Value في النقطة السابقة على الرغم من أنها مرتبطة بشكل وثيق بعنصر اللون، لأن القيمة هي أكثر عمومية وهي التي تحدّد كون التصميم داكِنًا أو فاتِحًا. كما أن القيمة لها تأثير على المزاج أيضًا، ولكن فقط في مستويات أعمق. إنّ فهمك لخصائص الألوان يأخذك إلى مستويات قريبة من الإتقان، ولكن معرفة عمل وتأثير القيمة يأخذك إلى مستويات أبعد من ذلك. التصاميم الفاتحة تعطي انطباعًا وشعورًا مختلفًا عن التصاميم الداكِنة، ولذلك تحتاج إلى عينيّ خبير لملاحظة الفرق واختيار الأفضل تبعًا لذلك.
6. المساحة
للمساحات وطريقة استخدامها تأثيرٌ مهمٌّ جدًّا في التصميم. أصبحت "المساحات البيضاء" (تسمّى أيضًا المساحات السلبية) تستخدم بشكل واسع في الآونة الأخيرة، لأنها تسمح للعين بالقراءة بشكل أسهل. ولمن لا يعرف مصطلح "المساحة البيضاء"؛ لا نقصد هنا أنها مملوءة باللون الأبيض على وجه التحديد، ولكن كل مساحة ضمن التصميم مملوءة فقط بلون الخلفية. يمكنك رؤية العديد من الأمثلة أدناه لفهم أفضل لهذا المفهوم.
إذا كان تصميم الصفحة يحتوي على العديد من المساحات السلبيّة فإن هذا يضفي إضاءةً وشعورًا منفتحًا. وبخلاف ذلك يصبح التصميم مبعثرًا وقديم الطراز. وبذلك يكون للمساحات تأثيرٌ مهمّ في الطريقة التي يُنظر بها إلى التصميم من قِبل العين البشريّة.
المساحات في مقدمة عناصر التصميم المهمّة، حتّى وإن قلنا إن اللون قد يكون العنصر الأهم، لأن المساحات من السهل ملاحظتها من قِبل العين المبتدئة. كما يمكنها أن تحوّل التصميم لصالحك والحصول على أفضل النتائج لمخطط صفحتك.
صفحة جوجل هي أبسط مثال على استخدام المساحات السلبيّة بكثرة.
في موقع Site Inspire تمّ استخدام المساحات السلبيّة على الجوانب وجُمع بينها وبين فنون الطباعة المناسبة.
الخلاصة
كانت هذه هي العناصر الأساسية التي يجب على كل مصمّم جرافيك مبتدئ أن يعرفها. وبالاطلاع على هذه العناصر يمكنك أن تفكّر أكثر من وجهة نظر المستخدم وبالتالي تستطيع التصميم بأسلوب أفضل. لكن هذا ليس كلّ شيء، هنالك المزيد عن مبادئ التصميم سنتحدث عنها في مقالات قادمة -إن شاء الله-.
ترجمة -وبتصرّف- للمقال: Graphic Design Basics Part 1: Elements لصاحبه: James Richman.
حقوق الصورة البارزة: Designed by Freepik.
أفضل التعليقات
انضم إلى النقاش
يمكنك أن تنشر الآن وتسجل لاحقًا. إذا كان لديك حساب، فسجل الدخول الآن لتنشر باسم حسابك.